تحبير التيسير في القراءات العشر

 (بَاب [ذكر] مذاهبهم فِي الْفَتْح والإسكان لياءات الْإِضَافَة)
[قَالَ أَبُو عَمْرو] : اعْلَم أَن جملَة [الْبَاب الْمُخْتَلف فِيهَا] من ذَلِك مِائَتَا يَاء [وَأَرْبع عشرَة] يَاء مِنْهُنَّ عِنْد الْهمزَة الْمَفْتُوحَة تسع وَتسْعُونَ وَعند الْمَكْسُورَة [اثْنَتَانِ] وَخَمْسُونَ وَعند المضمومة [عشر] وَعند ألف الْوَصْل الَّتِي مَعهَا اللَّام سِتّ عشرَة وَعند / الَّتِي لَا لَام مَعهَا سبع وَعند بَاقِي حُرُوف المعجم ثَلَاثُونَ وَسَنذكر مَا جَاءَ فِي كل سورةمن هَذِه الْجُمْلَة بالاختلاف فِيهِ مشروحا يَاء يَاء وَإِنَّمَا نجمل هَا هُنَا أصولهم وننبه على مَا شَذَّ من مذاهبهم ليحفظ [ذَلِك مُجملا] وَيُقَاس عَلَيْهِ مَا ورد مِنْهُ مفرقا إِن شَاءَ اللَّهِ تَعَالَى.

(1/268)


(فصل)
اعْلَم أَن كل يَاء بعْدهَا همزَة مَفْتُوحَة نَحْو قَوْله تَعَالَى: (إِنِّي أعلم وَإِنِّي أخلق ولي أَن أَقُول) وَشبهه فالحرميان وَأَبُو عَمْرو وَأَبُو جَعْفَر يفتحونها حَيْثُ وَقعت وَتفرد ابْن كثير بِفَتْح ثَلَاث ياءات: فِي الْبَقَرَة (فاذكروني أذكركم) وَفِي غَافِر (ذروني أقتل) و [فِيهَا] (ادْعُونِي أَسْتَجِب لكم) .
وَنقض أَصله فِي رِوَايَته بعد ذَلِك فِي عشرَة مَوَاضِع فسكن الْيَاء فِيهَا: فِي آل عمرَان وَمَرْيَم (اجْعَل لي آيَة) وَفِي هود (فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ) وَفِي يُوسُف (إِنِّي أَرَانِي) فِي الْمَوْضِعَيْنِ أَعنِي الْيَاء من إِنِّي دون أَرَانِي و (حَتَّى يَأْذَن لي أبي) أَعنِي الْيَاء من (لي) (وسبيلي أَدْعُو) وَفِي الْكَهْف {من دوني أَوْلِيَاء} وَفِي طه: {وَيسر لي أَمْرِي} وَفِي النَّمْل {لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ} وَزَاد قنبل عَنهُ سَبْعَة مَوَاضِع فسكن الْيَاء فِيهَا: فِي هود والأحقاف.

(1/269)


(وَلَكِنِّي أَرَاكُم) وفيهَا و (فطرني أَفلا) و (إِنِّي أَرَاكُم) وَفِي النَّمْل والأحقاف (أوزعني أَن) وَفِي الزخرف (من تحتي أَفلا) وروى أَبُو ربيعَة عَن قنبل [وَعَن البزي] فِي الْقَصَص (عِنْدِي أَو لم) بالإسكان وَالْفَتْح عَن قنبل والإسكان عَن البزي [هُوَ الَّذِي من] طَرِيق الْكتاب، وَتفرد [أَبُو جَعْفَر وَنَافِع] بِفَتْح ياءين: فِي يُوسُف (قل هَذِه سبيلي أَدْعُو) وَفِي النَّمْل {لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ} وروى ورش عَنهُ (أوزعني) فِي السورتين بِالْفَتْح وروى قالون عَنهُ الحرفين بالإسكان وَنقض أَبُو عَمْرو أَصله فِي تِسْعَة مَوَاضِع فسكن الْيَاء فِيهَا: فِي هود {فطرني أَفلا} وَفِي يُوسُف {ليحزنني أَن} و {سبيلي أَدْعُو} وَفِي طه {لم حشرتني أعمى} وَفِي النَّمْل {أوزعني أَن} و {لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ} وَفِي الزمر {تأمروني / أعبد} وَفِي الْأَحْقَاف: {أوزعني أَن} و {أتعدانني أَن} وَفتح ابْن عَامر فِي روايتيه ثَمَانِي ياءات (لعَلي) حَيْثُ وَقعت، وَفِي التَّوْبَة (معي

(1/270)


أبدا) وَفِي الْملك (وَمن معي أَو رحمنا) لَا غير وَزَاد ابْن ذكْوَان عَنهُ فِي هود (أرهطي أعز) وَزَاد هِشَام فِي غَافِر (مَالِي أدعوكم) وَفتح حَفْص ياءين فِي التَّوْبَة وَالْملك (معي) لَا غير وَالْبَاقُونَ يسكنون الْيَاء فِي جَمِيع الْقُرْآن.

(فصل)
وكل يَاء بعْدهَا همزَة مَكْسُورَة نَحْو قَوْله تَعَالَى: (مني إِلَّا ومني إِنَّك ويدي إِلَيْك وربي إِلَى صِرَاط) وَشبهه فنافع وَأَبُو عَمْرو وَأَبُو جَعْفَر يفتحونها فِي جَمِيع الْقُرْآن وَتفرد [أَبُو جَعْفَر وَنَافِع دونه] بِفَتْح ثَمَانِيَة مَوَاضِع فِي آل عمرَان والصف {من أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ} وَفِي الْحجر (بَنَاتِي إِن كُنْتُم) وَفِي الْكَهْف والقصص وَالصَّافَّات (ستجدني إِن شَاءَ اللَّهِ) وَفِي الشُّعَرَاء (بعبادي إِنَّكُم) وَفِي ص. (لَعْنَتِي إِلَى) وَزَاد ورش عَنهُ

(1/271)


وَأَبُو جَعْفَر فِي يُوسُف (وَبَين إخوتي إِن) وَفتح ابْن كثير من ذَلِك ياءين: فِي يُوسُف (آبَائِي إِبْرَاهِيم) وَفِي نوح (دعائي إِلَّا) لَا غير
وَفتح ابْن عَامر خمس عشرَة يَاء (أجري إِلَّا) حَيْثُ وَقعت، وَفِي الْمَائِدَة {وأمى ألهين} . (وَمَا توفيقي إِلَّا بِاللَّه) وَفِي يُوسُف (وحزني إِلَى اللَّهِ وآبائي إِبْرَاهِيم) وَفِي المجادلة (ورسلي إِن اللَّهِ) وَفِي نوح (دعائي إِلَّا) لَا غير وَفتح حَفْص يَاء (أجري إِلَّا) حَيْثُ وَقعت وَفِي الْمَائِدَة (يَدي إِلَيْك وَأمي إِلَهَيْنِ) لَا غير وَالْبَاقُونَ يسكنون الْيَاء فِي جَمِيع الْقُرْآن) .

(فصل)
وكل يَاء [بعْدهَا] همزَة مَضْمُومَة نَحْو قَوْله تَعَالَى: (وَإِنِّي أُعِيذهَا بك وَإِنِّي أُرِيد وَإِنِّي أمرت) وَشبهه فنافع وَأَبُو جَعْفَر [بِفَتْحِهَا] حَيْثُ وَقعت وَالْبَاقُونَ يسكنونها.

(1/272)


(فصل)
وكل يَاء بعْدهَا ألف وَلَام نَحْو قَوْله تَعَالَى: (رَبِّي الَّذِي وآتاني الْكتاب وعبادي الصالحون) وَشبهه / فحمزة يسكنهَا حَيْثُ وَقعت وَتَابعه الْكسَائي على الإسكان فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع فِي إِبْرَاهِيم (قل لعبادي الَّذين آمنُوا) وَفِي العنكبوت وَالزمر {يَا عبَادي الَّذين} وَتَابعه أَبُو عَمْرو و [يَعْقُوب وَخلف] فِي الْمَوْضِعَيْنِ فِي العنكبوت وَالزمر لَا غير [وَتَابعه حَفْص على قَوْله فِي الْبَقَرَة {عهدي الظَّالِمين} لَا غير] وَتَابعه ابْن عَامر فِي موضِعين أَيْضا فِي الْأَعْرَاف (عَن آياتي الَّذين) وَفِي إِبْرَاهِيم {قل لعبادي الَّذين} فَقَط. قلت: وَتَابعه روح فِي مَوضِع وَاحِد فِي إِبْرَاهِيم (قل لعبادي الَّذين) وَالله الْمُوفق.
وَفتح الْبَاقُونَ الْيَاء حَيْثُ وَقعت. وَتفرد أَبُو شُعَيْب بِفَتْح الْيَاء [فِي الْوَصْل] وإثباتها فِي الْوَقْف سَاكِنة فِي الزمر (فبشر عبَادي الَّذين} وحذفها الْبَاقُونَ فِي الْحَالين وَيَأْتِي الِاخْتِلَاف فِي قَوْله {فَمَا آتَانِي اللَّهِ خير} فِي مَوْضِعه إِن شَاءَ اللَّهِ تَعَالَى. وَكلهمْ فتح الْيَاء فِي ثَلَاثَة أصُول مطردَة وَتِسْعَة أحرف [مُتَفَرِّقَة] فالأصول قَوْله عز وَجل: (نعمتي الَّتِي وحسبي اللَّهِ وشركائي الَّذين} حَيْثُ وَقعت والحروف أَولهَا فِي آل عمرَان: (وَقد

(1/273)


بَلغنِي الْكبر) وَفِي الْأَعْرَاف (فَلَا تشمت بِي الْأَعْدَاء وَمَا مسني السوء إِن وَإِن وليي اللَّهِ) وَفِي الْحجر (مسني الْكبر} وَفِي سبأ {أروني الَّذين} وَفِي الْمُؤمن (رَبِّي اللَّهِ وَلما جَاءَنِي الْبَينَات) وَفِي التَّحْرِيم {نَبَّأَنِي الْعَلِيم الْخَبِير} .

(فصل)
وكل يَاء بعْدهَا ألف [مُنْفَرِدَة] نَحْو قَوْله تَعَالَى: (إِنِّي اصطفيتك وَأخي اشْدُد بِهِ) وَشبهه فسكن نَافِع وَأَبُو جَعْفَر من ذَلِك ثَلَاثًا (إِنِّي أصطفيك وَأخي اشْدُد بِهِ وَيَا لَيْتَني اتَّخذت) لَا غير. وَسكن ابْن كثير فِي روايتيه (يَا لَيْتَني اتَّخذت) لَا غير وَفِي رِوَايَة قنبل (إِن قومِي اتَّخذُوا) لَا غير [قلت: وَفتح روح (إِن قومِي اتَّخذُوا) وَالله الْمُوفق] .
وَفتح أَبُو عَمْرو الْيَاء حَيْثُ وَقعت وَفتح أَبُو بكر وَيَعْقُوب (من بعدِي اسْمه) / فَقَط وَسكن الْبَاقُونَ الْيَاء حَيْثُ وَقعت.

(1/274)


(فصل)
وَأما مَجِيء الْيَاء عِنْد بَاقِي حُرُوف المعجم نَحْو قَوْله تَعَالَى: (بَيْتِي ووجهي ومماتي ولي دين) وَشبههَا فنافع فِي روايتيه يفتح من ذَلِك سبعا (بَيْتِي) فِي الْبَقَرَة وَالْحج (ووجهي) فِي آل عمرَان والأنعام {ومماتي لله} فِيهَا {وَمَالِي لَا} فِي يس {ولي دين} فِي الْكَافرين] . قلت: وَافقه أَبُو جَعْفَر إِلَّا فِي {ولي دين} وَالله الْمُوفق.
وَزَاد ورش عَنهُ فَفتح أَرْبعا: فِي الْبَقَرَة {وليؤمنوا بِي} وَفِي طه {ولي فِيهَا} وَفِي الشُّعَرَاء {وَمن معي} وَفِي الدُّخان {وَإِن لم تؤمنوا لي فاعتزلون} . وَفتح ابْن كثير خمْسا: (ومحياي} فِي الْأَنْعَام (وَمن ورائي} فِي مَرْيَم {وَمَالِي} فِي النَّمْل وَيس {وَأَيْنَ شركائي} فِي فصلت وَزَاد البزي بِخِلَاف عَنهُ فِي الْكَافرين {ولي دين} وَفتح أَبُو عَمْرو ياءين: {ومحياي} [فِي الْأَنْعَام] {وَمَالِي} فِي يس لَا غير. وَفتح ابْن عَامر فِي

(1/275)


[روايتيه] سِتا: (وَجْهي) فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَفِي الْأَنْعَام {صِرَاطِي ومحياي} وَفِي العنكبوت {إِن أرضي} {وَمَالِي} فِي يس وَزَاد هِشَام [يَاء] بَيْتِي [حَيْثُ وَقع (وَمَالِي) فِي النَّمْل {ولي دين} فِي الْكَافرين وَفتح حَفْص يَاء بَيْتِي] ووجهي وَمَعِي فِي جَمِيع الْقُرْآن ومحياي فِي الْأَنْعَام {ولي} فِي إِبْرَاهِيم وطه والنمل وَيس وَفِي مكانين فِي [ص] وَفِي الْكَافرين فِي السَّبْعَة لَا غير.
وَفتح أَبُو بكر وَالْكسَائِيّ ثَلَاثًا {ومحياي} فِي الْأَنْعَام وَمَالِي فِي النَّمْل وَيس لَا غير وَفتح حَمْزَة وَيَعْقُوب وَخلف ومحياي [فِي الْأَنْعَام] وَحدهَا وَلم يفتح حَمْزَة من جملَة الياءات الْمُخْتَلف فِيهِنَّ غَيرهَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق.

(1/276)