لباب النقول في أسباب النزول سورة الأنعام
قوله تعالى قل أي شئ أكبر شهادة الآية أخرج ابن إسحق وابن جرير
من طريق سعيد أو عكرمة عن ابن عباس قال جاء النحام بن زيد
وقروم بن كعب وبحري بن عمرو فقالوا يا محمد ما نعلم مع الله
إلها غيره فقال لا إله إلا الله بذلك بعثت وإلي ذلك أدعو فأنزل
الله في قولهم قل أي شئ أكبر شهادة الآية قوله تعالى وهم يهنون
عنه وينأون عنه الآية روى الحاكم وغيره عن ابن عباس قال نزلت
هذه الآية في أبي طالب كان ينهى المشركين أن يؤذوا رسول الله
صلى الله عليه وسلم ويتباعد عما جاء به (ك) وأخرج ابن ابي حاتم
عن سعيد بن أبي هلال قال نزلت في عمومة النبي صلى الله عليه
وسلم وكانوا عشرة فكانوا أشد الناس معه في العلانية وأشد الناس
عليه في السر قوله تعالى قد نعلم إنه ليحزنك الآية روى الترمذي
والحاكم عن علي أن أبا جهل قال للنبي صلى الله عليه وسلم إنا
لا نكذبك ولكن نكذب بما جئت به فأنزل الله فإنهم لا يكذبوك
ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون قوله تعالى ولا تطرد الآية
روى ابن حبان والحاكم عن سعد ابن أبي وقاص قال لقد نزلت هذه
الآية في ستة أنا وعبد الله ابن مسعود وأربعة قالوا لرسول الله
صلى الله عليه وسلم اطردهم فإنا نستحي أن نكون تبعا لك كهؤلاء
فوقع في نفس النبي صلى الله عليه وسلم ما شاء الله فأنزل الله
ولا تطرد الذين يدعون ربهم إلى قوله أليس الله بأعلم بالشاكرين
وروى أحمد والطبراني وابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال مر الملأ
من قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده خباب بن الأرت
وصهيب وبلال وعمار فقالوا يا محمد أرضيت بهؤلاء وهؤلاء من الله
عليهم من بيننا لو طردت هؤلاء
(1/88)
لاتبعناك فأنزل الله فيهم القرآن وأنذر به
الذين يخافون أن يحشروا إلى
قوله سبيل المجرمين وأخرج ابن جرير عن عكرمة قال جاء عتيبة بن
ربيعة وشيبة بن ربيعة ومطعم بن عدي والحرث بن نوفل في أشراف
بني عبد مناف من أهل الكفر إلى أبي طالب فقالوا لو أن ابن أخيك
يطرد عنه هؤلاء الأعبد كان أعظم في صدورنا وأطوع له عندنا
وأدنى لاتباعنا إياه فكلم أبو طالب النبي صلى الله عليه وسلم
فقال عمر بن الخطاب لو فعلت ذلك حتى ننظر ما الذي يريدون فأنزل
الله وأنذر به الذين يخافون إلى قوله أليس الله بأعلم
بالشاكرين وكانوا بلالا وعمار بن ياسر وسالما مولى أبي حذيفة
وصالحا مولى أسيد وابن مسعود والمقداد بن عبد الله وواقد بن
عبد الله الحنظلي وأشباههم فأقبل عمر فاعتذر من مقالته فنزل
وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا الآية وأخرج ابن جرير وابن أبي
حاتم وغيرهما عن خباب قال جاء الأقرع ابن حابس وعيينة بن حصن
فوجدا رسول الله صلى الله عليه وسلم مع صهيب وبلال وعمار وخباب
قاعدا في ناس من الضعفاء من المؤمنين فلما رآوهم حول النبي صلى
الله عليه وسلم حقروهم فأتوه فخلوا به فقالوا إنا نريد أن تجعل
لنا منك مجلسا تعرف لنا به العرب فضلنا فإن وفود العرب تأتيك
فنستحي أن ترانا العرب مع هذه الأعبد فإذا نحن جئناك فأقمهم
عنا فإذا نحن فرغنا فاقعد معهم أن شئت قال نعم فنزلت ولا تطرد
الذين يدعون ربهم الآية ثم ذكر الأقرع وصاحبه فقال وكذلك فتنا
بعضهم بعض الآية وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس معنا
فإذا أراد أن يقوم قام وتركنا فنزل واصبر نفسك مع الذين يدعون
ربهم الآية قال ابن كثير هذا حديث غريب فإن الآية مكية والأقرع
وعيينة إنما أسلما بعد الهجرة بدهر وأخرج الفريابي وابن أبي
حاتم عن ماهان قال جاء ناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم
فقالوا
إنا أصبنا ذنوبا عظاما فما رد عليهم شيئا فأنزل الله وإذا جاءك
الذين يؤمنون بآياتنا الآية
(1/89)
(ك) قوله تعالى قل هو القادر الآيات أخرج
ابن أبي حاتم عن زيد ابن أسلم قال لما نزلت قل هو القادر على
أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم الآية قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض بالسيوف
قالوا ونحن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فقال بعض
الناس لا يكون هذا أبدا أن يقتل بعضنا بعضا ونحن مسلمون فنزلت
انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون وكذب به قومك وهو الحق قل
لست عليكم بوكيل لكل نبإ مستقر وسوف تعلمون (ك) قوله تعالى
الذين آمنوا الآية أخرج ابن أبي حاتم عن عبيد الله بن زحر عن
بكر بن سوادة قال حمل رجل من العدو على المسلمين فقتل رجلا ثم
حمل فقتل آخر ثم حمل فقتل آخر ثم قال أينفعني الإسلام بعد هذا
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم فضرب فرسه فدخل فيهم ثم
حمل على أصحابه فقتل رجلا ثم آخر ثم آخر ثم قتل قال فيرون أن
هذه الآية نزلت فيه الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم الآية
قوله تعالى وما قدروا الله الآية أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد
ابن جبير قال جاء رجل من اليهود يقال له مالك بن الصيف فخاصم
النبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي أنشدك بالذي أنزل
التوراة على موسى هل تجد في التوراة أن الله يبغض الحبر السمين
وكان حبرا سمينا فغضب وقال ما أنزل الله على بشر من شئ فقال
أصحابه ويحك ولا على موسى فأنزل الله وما قدروا الله حق قدره
الآية مرسل
وأخرج ابن جرير نحوه عن عكرمة وتقدم حديث آخر في سورة النساء
وأخرج ابن جرير من طريق ابن أبي طلحة عن ابن عباس قال قالت
اليهود والله ما أنزل الله من السماء كتابا فأنزلت قوله تعالى
ومن أظلم الآية أخرج ابن جرير عن عكرمة في قوله ومن أظلم ممن
افترى على الله كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه
(1/90)
شئ قال نزلت مسيلمة ومن قال سأنزل مثل ما
أنزل الله قال نزلت في عبد الله بن سعد بي أبي سرح كان يكتب
للنبي صلى الله عليه وسلم فيملي عليه عزيز حكيم فيكتب غفور
رحيم ثم يقرأ عليه فيقول نعم سواء فرجع عن الإسلام ولحق بقريش
وأخرج عن السدي نحوه وزاد قال إن كان محمد يوحى إليه فقد أوحي
إلي وإن كان الله ينزله فقد أنزلت مثل ما أنزل الله قال محمد
سميعا عليما فقلت أنا عليما حكيما قوله تعالى ولقد جئتمونا
فرادى الآية أخرج ابن جرير وغيره عن عكرمة قال قال النضر بن
الحرث سوف تشفع إلى اللات والعزي فنزلت هذه الآية ولقد جئتمونا
فرداى إلى قوله شركاء قوله تعالى ولا تسبوا الآية قال عبد
الرزاق أنبأنا معمر عن قتادة قال كان المسلمون يسبون أصنام
الكفار فيسب الكفار الله فأنزل الله ولا تسبوا الذين يدعون من
دون الله الآية قوله تعالى وأقسموا الآية أخرج ابن جرير عن
محمد بن كعب القرظي قال كلم رسول الله قريشا فقالوا يا محمد
تخبرنا أن موسى كان معه عصا يضرب به الحجر وأن عيسى كان يحيي
الموتى وأن ثمود لهم الناقة فأتنا من الآيات حتى نصدقك فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم أي شئ تحبون أن
آتيكم به قالوا تجعل لنا الصفا ذهبا قال فأن فعلت تصدقوني
قالوا نعم والله فقام رسول الله يدعو فجاءه جبريل فقال له إن
شئت أصبح ذهبا فإن لم يصدقوا عند ذلك لنعذبنهم وإن شئت فاتركهم
حتى يتوب تائبهم فأنزل الله وأقسموا بالله جهد أيمانهم إلى
قوله يجهلون قوله تعالى فكلوا الآية روى أبو داود والترمذي عن
ابن عباس قال أتى ناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا يا
رسول الله أنأكل ما نقتل ولا نأكل ما يقتل الله فأنزل الله
فكلوا مما ذكر اسم الله عليه إن كنتم بآياته مؤمنين إلى قوله
وإن أطعتموهم إنكم لمشركون
(1/91)
وأخرج ابو داود والحاكم وغيرهما عن ابن
عباس في قوله وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم قال
قالوا ما ذبح الله لا تأكلون وما ذبحتم انتم تأكلون فأنزل الله
الآية واخرج الطبراني وغيره عن ابن عباس قال لما نزلت ولا
تأكلوا مما لم يذكر اسم الله أرسلت فارس إلى قريش أن خاصموا
محمدا فقولوا له ما تذبح أنت بيدك بسكين فهو حلال وما ذبح الله
بشمشار من ذهب يعني الميتة فهو حرام فنزلت هذه الآية وإن
الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم قال الشياطين فارس
وأولياؤهم قريش قوله تعالى أو من كان ميتا الآية أخرج أبو
الشيخ عن ابن عباس في قوله أو من كان ميتا فأحييناه قال نزلت
في عمر وأبي جهل وأخرج ابن جرير عن الضحاك مثله قوله تعالى
وآتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا الآية أخرج ابن جرير عن أبي
العالية قال كانوا يعطون شيئا سوى الزكاة ثم تسارفوا ونزلت هذه
الآية وأخرج عن ابن جريج أنها نزلت في ثابت بن قيس بن شماس جد
نخلة فأطعم حتى أمسى وليست له ثمرة
سورة الأعراف
قوله تعالى خذوا زينتكم عند كل مسجد الآية روى مسلم عن ابن
عباس قال كانت المرأة تطوف بالبيت في الجاهلية وهي عريانة وعلى
فرجها خرقة وهي تقول اليوم يبدو بعضه أو كله وما بدا منه فلا
أحله فنزلت خذوا زينتكم عند كل مسجد ونزلت قل من حرم زينة الله
الآيتين (ك) قوله تعالى أو لم يفتكروا الآية أخرج ابن أبي حاتم
(1/92)
وأبو الشيخ عن قتادة قال ذكر لنا أن النبي
صلى الله عليه وسلم قام على الصفا فدعا قريشا فجعل يدعوهم فخذا
فخذا يا بني فلان يا بني فلان يحذرهم بأس الله ووقائعه فقال
قائلهم إن صاحبكم هذا لمجنون بات يهوت إلى الصباح فأنزل الله
أو لم يفتكروا ما بصاحبهم من جنة إن هو إلا نذير مبين قوله
تعالى يسألونك عن الساعة الخ اخرج ابن جرير وغيره عن ابن عباس
قال قال حمل بن أبي تشير وسموءل فلا بن زيد لرسول الله صلى
الله عليه وسلم أخبرنا متى الساعة إن كنت نبيا كما تقول فإنا
نعلم ما هي فأنزل الله يسألونك عن الساعة أيان مرساها الآية
وأخرج أيضا عن قتادة قال قالت قريش فذكر نحوه قوله تعالى وإذا
قرئ القرآن الآية أخرج ابن أبي حاتم وغيره عن أبي هريرة قال
نزلت وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا في رفع
الأصوات في الصلاة خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأخرج أيضا
عنه قال كانوا يتكلمون في الصلاة فنزلت وإذا قرئ القرآن الآية
وأخرج عن عبد الله بن مغفل نحوه وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود
مثله وأخرج عن الزهري قال نزلت هذه الآية في فتى من الأنصار
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما قرأ شيئا قرأه وقال
سعيد بن منصور في سننه حدثنا أبو معشر عن محمد بن كعب قال
كانوا يتلقفون من رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ شيئا
قرأوا معه حتى نزلت هذه الآية التي في الأعراف وإذا قرئ القرآن
فاستمعوا له وأنصتوا قلت ظاهر ذلك أن الآية مدنية
سورة الآنفال
روى أبو داود والنسائي وابن حبان والحاكم عن ابن عباس قال قال
النبي صلى الله عليه وسلم من قتل قتيلا فله كذا وكذا ومن أسر
أسيرا فله كذا وكذا فأما المشيخة فثبتوا تحت الرايات وأما
الشبان فسارعوا إلى القتل وألغنائم فقالت
(1/93)
المشيخة للشبان أشركونا معكم فإنا كنا لكم
ردءا ولو كان منكم شئ للجأتم إلينا فاختصموا إلى النبي صلى
الله عليه وسلم فنزلت يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله
والرسول وروى أحمد عن سعد بن أبي وقاص قال لما كان يوم بدر قتل
أخي عمير فقتلت به سعيد بن العاص وأخذت سيفه فأتيت به النبي
صلى الله عليه وسلم فقال أذهب فاطرحه في القبض فرجعت وبي ما لا
يعلمه إلا الله من قتل أخي وأخذ سلبي فما جاوزت إلا يسيرا حتى
نزلت سورة الأنفال فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم إذهب فخذ
سيفك وروى أبو داود والترمذي والنسائي عن سعد قال لما كان يوم
بدر جئت بسيف فقلت يا رسول الله قد شفى صدري من المشركين هب لي
هذا السيف فقال هذا ليس لي ولا لك فقلت عسى أن يعطي هذا من لا
يبلي بلائي فجاءني الرسول صلى الله عليه وسلم فقال إنك سألتني
وليس لي وإنه قد صار لي وهو لك قال فنزلت يسألونك عن الأنفال
الآية (ك) وأخرج ابن جرير عن مجاهد أنهم سألوا النبي صلى الله
عليه وسلم عن الخمس بعد الأربعة الأخماس فنزلت يسألونك عن
الأنفال الآية (ك) قوله تعالى كما أخرجك الآية أخرج ابن ابي
حاتم وابن مردويه عن أبي أيوب الأنصاري قال قال لنا رسول الله
صلى الله عليه وسلم ونحن بالمدينة وبلغه أن عير أبى سفيان قد
أقبلت ما ترون فيها لعل الله يغنمناها ويسلمنا فخرجنا فسرنا
يوما أو يومين فقال ما ترون فيهم فقلنا يا رسول الله ما لنا من
طاقة بقتال القوم إنما أخرجنا للعير فقال المقداد لا تقولوا
كما قال قوم موسى اذهب أنت وربك فقاتلا أنا ههنا قاعدون فانزل
الله كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين
لكارهون وأخرج ابن جرير عن ابن عباس نحوه (ك) قوله تعالى إذ
يستغيثون الآية روى الترمذي عن عمر بن
(1/94)
الخطاب قال نظر نبي الله صلى الله عليه
وسلم إلى المشركين وهم ألف وأصحابه ثلثمائة وبضعة عشر رجلا
فاستقبل القبلة ثم مد يديه وجعل يهتف بربه اللهم انجز لى ما
وعدتني اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في
الأرض فما زال يهتف بربه مادا يديه مستقبل القبلة حتى سقط
رداؤه فأتاه أبو بكر فأخذ رداؤه وألقاه على منكبيه ثم التزمه
من ورائه وقال يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما
وعدك فأنزل الله إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف
من الملائكة مردفين فأمدهم الله بالملائكة قوله تعالى وما رميت
وروى الحاكم عن سعيد بن المسيب عن أبيه قال أقبل أبي بن خلف
يوم أحد إلى النبي صلى الله عليه وسلم فخلوا سبيله فاستقبله
مصعب بن عمير ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ترقوه أبي من
فرجة بين سابغة الدرع والبيضة فطعنه بحربته فسقط عن فرسه ولم
يخرج من طعنته دم فكسر ضلعا من أضلاعه فأتاه أصحابه وهو يخور
خوار الثور فقالوا ما أعجزك أنما هو خدش فذكر لهم رسول الله
صلى الله عليه وسلم بل أنا أقتل أبيا ثم قال والذي نفسي بيده
لو كان هذا الذي بي بأهل ذي المجاز لماتوا أجمعون فمات أبي قبل
أن يقدم مكة فأنزل الله وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى الآية
صحيح الإسناد لكنه غريب وأخرج ابن جرير عن عبد الرحمن بن جبير
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر دعا بقوس فرمي الحصن
فأقبل السهم يهوي حتى قتل ابن أبي الحقيق وهو في فراشه فأنزل
الله وما رميت إذ رميت الآية مرسل جيد الإسناد لكنه غريب
والمشهور أنها نزلت في رمية يوم بدر بالقبضة من الحصباء روى
ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني عن حكيم بن حزام قال لما كان
يوم بدر سمعنا صوتا وقع من السماء إلى الأرض كأنه صوت حصاة
وقعت في طست ورمى رسول الله صلى الله عليه وسلم بتلك الحصباء
فانهزمنا فذلك قوله وما رميت إذ رميت الآية وأخرج أبو الشيخ
نحوه عن جابر وابن عباس ولابن جرير من وجه آخر مرسلا نحوه
(1/95)
قوله تعالى إن تستفتحوا الآية روى الحاكم
عن عبد الله بن ثعلبة ابن صغير قال كان المستفتح أبا جهل فإنه
قال حين التقى القوم اللهم أينا كان أقطع لرحم وأتى بما لا
يعرف فاحنه الغداة وكان ذلك استفتاحا فأنزل الله إن تستفتحوا
فقد جاءكم الفتح إلى قوله وأن الله مع المؤمنين [19] أخرج ابن
أبي حاتم عن عطية قال قال أبو جهل اللهم انصر أعز الفئتين
وأكرم الفرقتين فنزلت قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا
تخونوا الله روى سعيد بن منصور وغيره عن عبد الله بن أبي قتادة
قال نزلت هذه الآية لا تخونوا الله والرسول في أبي لبابة بن
عبد المنذر سأله بنو قريظة يوم قريظة ما هذا الأمر فأشار إلى
حلقة يقول الذبح فنزلت قال أبو لبابة ما زالت قدماي حتى علمت
أني خنت الله ورسوله (ك) وروى ابن جرير وغيره عن جابر بن عبد
الله أن أبا سفيان خرج من مكة فأتى جبريل النبي صلى الله عليه
وسلم فقال إن أبا سفيان بمكان كذا وكذا فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم إن أبا سفيان في مكان كذا وكذا فاخرجوا إليه
واكتموا فكتب رجل من المنافقين إلى أبي سفيان إن محمد يريدكم
فخذوا حذركم فأنزل الله لا تخونوا الله والرسول الآية غريب جدا
في سنده وسياقه نظر وأخرج ابن جرير عن السدي قال كانوا يسمعون
من النبي صلى الله عليه وسلم الحديث فيفشونه حتى يبلغ المشركين
فنزلت (ك) قوله تعالى وإذ يمكر الآية أخرج ابن أبي حاتم عن ابن
عباس أن نفرا من قريش ومن أشراف كل قبيلة اجتمعوا ليدخلوا دار
الندوة فاعترضهم إبليس في صورة شيخ جليل فلما رأوه قالوا من
أنت قال شيخ من أهل نجد سمعت بما اجتمعتم له فأردت أن أحضركم
ولن يعدمكم مني رأي ونصح قالوا أجل فادخل فدخل معهم فقال
انظروا في شان هذا الرجل فقال قائل احبسوه في وثاق تم تربصوا
به المنون حتى يهلك كما هلك من كان قبله
(1/96)
من الشعراء زهير والنابغة فإنما هو كأحدهم
فقال عدو الله الشيخ النجدي لا والله ما هذا لكم برأي والله
ليخرجن رائد من محبسه إلى أصحابه فليوشكن أن يثبوا عليه حتى
يأخذوه من أيديكم ثم يمنعوه منكم فما آمن عليكم أن يخرجوكم من
بلادكم فانظروا غير هذا الرأي فقال قائل أخرجوه من بين أظهركم
واستريحوا منه فإنه إذا خرج لن يضركم ما صنع فقال الشيخ النجدي
والله ما هذا لكم برأي ألم تروا حلاوة قوله وطلاقة لسانه وأخذه
للقلوب بما يستمع من حديثه والله لئن فعلتم ثم استعرض العرب
ليجتمعن عليه ثم ليسيرن إليكم حتى يخرجكم من بلادكم ويقتل
أشرافكم قالوا صدق والله فانظروا رأيا غير هذا فقال أبو جهل
والله لأشيرن عليكم برأي ما أراكم أبصرتموه بعد ما رأي غيره
قالوا وما هذا قال تأخذوا من كل قبيلة وسيطا شابا جلدا ثم يعطي
كل غلام منهم سيفا صارما ثم يضربونه ضربة رجل واحد فإذا
قتلتموه تفرق دمه في القبائل كلها فلا أظن هذا الحي من بني
هاشم يقدرون على حرب قريش كلهم وأنهم إذا رأوا ذلك قبلوا العقل
واسترحنا وقطعنا عنا أذاه فقال النجدي هذا والله هو الرأي
القول ما قال الفتى لا أرى غيره فتفرقوا على ذلك وهم مجمعون له
فأتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فأمره أن لا يبيت في
مضجعه الذي كان يبيت وأخبره بمكر القوم فلم يبت رسول الله صلى
الله عليه وسلم في بيته تلك الليلة وأذن الله له عند ذلك في
الخروج وأنزل عليه بعد قدومه المدينة يذكره نعمته عليه وإذ
يمكر بك الذين كفروا الآية وأخرج ابن جرير من طريق عبيد بن
عمير عن المطلب بن أبي وداعة أن أبا طالب قال للنبي صلى الله
عليه وسلم ما يأتمر بك قومك قال يريدون أن يسجنوني أو يقتلوني
أو يخرجوني قال من حدثك بهذا قال ربي قال نعم الرب ربك فاستوص
به خيرا قال أستوصي به بل هو يستوصي بي فنزلت وإذ يمكر بك
الذين كفروا الآية قال ابن كثير ذكر أبي طالب فيه غريب بل منكر
لأن القصة ليلة الهجرة وذلك بعد موت أبي طالب بثلاث سنين (ك)
قوله تعالى وإذا تتلى الآية أخرج ابن جرير عن سعيد
(1/97)
بن جبير قال قتل النبي صلى الله عليه وسلم
يوم بدر صبرا عقبة بن أبي معيط وطعيمة ابن عدي والنضر بن الحرث
وكان المقداد أسر النضر فلما أمر بقتله قال المقداد يا رسول
الله أسيري فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه كان يقول في
كتاب الله ما يقول قال وفيه أنزلت هذه الآية وإذا تتلى عليهم
آياتنا قالوا قد سمعنا الآية قوله تعالى وإذ قالوا اللهم الآية
(ك) أخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير في قوله وإذ قالوا اللهم إن
كان هذا هو الحق الآية قال نزلت في النضر بن الحرث وروى
البخاري عن أنس قال قال أبو جهل بن هشام اللهم إن كان هذا هو
الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم
فنزلت وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم الآية (ك) وأخرج ابن أبي
حاتم عن ابن عباس قال كان المشركون يطوفون بالبيت ويقولون
غفرانك غفرانك فأنزل الله وما كان الله ليعذبهم الآية وأخرج
ابن جرير عن يزيد بن رومان ومحمد بن قيس قال قالت قريش بعضها
لبعض محمد أكرمه الله من بيننا اللهم إن كان هذا هو الحق من
عندك فأمطر علينا حجارة من السماء الآية فلما آمسوا منه ندموا
على ما قالوا فقالوا غفرانك اللهم فأنزل الله وما كان الله
معذبهم وهم يستغفرون إلى قوله لا يعلمون
(ك) وأخرج ابن جرير ايضا عن ابن أبزى قال كان رسول الله صلى
الله عليه وسلم بمكة فأنزل الله وما كان الله ليعذبهم وأنت
فيهم فخرج إلى المدينة فأنزل الله كان الله معذبهم وهم
يستغفرون وكان أولئك البقية من المسلمين الذين بقوا فيها
يستغفرون فلما خرجوا أنزل الله وما لهم أن لا يعذبهم الله
الآية فأذن في فتح مكة فهو العذاب الذي وعدهم قوله تعالى وما
كان صلاتهم الآية اخرج الواحدي عن ابن عمر قال كانوا يطوفون
بالبيت ويصفقون ويصفرون فنزلت هذه الآية
(1/98)
وأخرج ابن جرير عن سعيد قال كانت قريش
يعارضون النبي صلى الله عليه وسلم في الطواف يستهزئون به
يصفرون ويصفقون فنزلت قوله تعالى إن الذين كفروا الآية قال ابن
أسحق حدثني الزهري ومحمد بن يحيى بن حبان وعاصم بن عمير بن
قتادة والحصين بن عبد الرحمن قالوا لما أصيبت قريش يوم بدر
ورجعوا إلى مكة مشى عبد الله بن أبي ربيعة وعكرمة بن أبي جهل
وصفوان بن أبي أمية في رجال من قريش أصيب آباؤهم وأبناؤهم
فكلموا أبا سفيان ومن كان له في ذلك العير من قريش تجارة
فقالوا يا معشر قريش ان محمدا قد وتركم وقتل خياركم فأعينونا
بهذا المال على حربه فلعلنا ان ندرك منه ثأرا ففعلوا ففيهم كما
ذكر عن ابن عباس أنزل الله إن الذين كفروا ينفقون أموالهم إلى
قوله يحشرون وأخرج ابن أبي حاتم عن الحكم بن عتيبة قال نزلت في
أبي سفيان أنفق على المشركين أربعين أوقية من ذهب وأخرج ابن
جرير عن ابن أبزي وسعيد بن جبير قال نزلت في أبي سفيان استأجر
يوم أحد ألفين من الأحابيش ليقاتل بهم رسول الله صلى الله عليه
وسلم
(ك) قوله تعالى ولا تكونوا الآية أخرج ابن جرير عن محمد ابن
كعب القرظي قال لما خرجت قريش من مكة إلى بدر خرجوا بالقيان
والدفوف فأنزل الله ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرا
الآية قوله تعالى إذ يقول المنافقون الآية روى الطبراني في
الأوسط بسند ضعيف عن أبي هريرة قال لما أنزل الله على نبيه
بمكة سيهزم الجمع ويولون الدبر قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه
يا رسول أي جمع وذلك قبل بدر فلما كان يوم بدر وانهزمت قريش
نظرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في آثارهم مصلتا بالسيف
يقول سيهزم الجمع ويولون الدبر فكانت ليوم بدر فأنزل ألله فيهم
حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب [المؤمنون: 64] الآية وأنزل ألم
تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا [إبراهيم: 28]
(1/99)
رماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم
فوسعتهم الرمية وملأت أعينهم وأفواههم حتى إن الرجل ليقتل وهو
يقذي عينيه وفاه فأنزل الله وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى
وأنزل في إبليس فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه [48] الآية
وقال عتبة ابن ربيعة وناس معه من المشركين يوم بدر غر هؤلاء
دينهم فأنزل الله إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر
هؤلاء دينهم (ك) قوله تعالى إن شر الدواب عند الله الذين كفروا
الآية أخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير قال نزلت إن شر الدواب
عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون في ستة رهط من اليهود فيهم
ابن التابوت قوله تعالى وإما تخافن الآية روى أبو الشيخ عن ابن
شهاب قال دخل جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال قد
وضعت السلاح وما زلت في طلب القوم فاخرج فان الله قد أذن لك في
قريظة وأنزل فيهم وإما تخافن من قوم خيانة الآية قوله تعالى يا
أيها النبي حسبك الله الآية ك روى البزار بسند ضعيف من طريق
عكرمة عن ابن عباس قال لما أسلم عمر قال المشركون قد انتصف
القوم منا اليوم وانزل الله يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك
من المؤمنين وله شواهد (ك) وأخرج الطبراني وغيره من طريق سعيد
بن جبير عن أبن عباس قال لما أسلم مع النبي صلى الله عليه وسلم
تسعة وثلاثين رجلا وامرأة ثم أن عمر أسلم فكانوا أربعين نزل يا
أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين الآية (ك) وأخرج
ابن أبي حاتم بسند صحيح عن سعيد بن جبير قال لما أسلم مع النبي
صلى الله عليه وسلم ثلاثة وثلاثين رجلا وست نسوة ثم اسلم عمر
نزلت يا أيها النبي حسبك الله وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن
المسيب قال لما أسلم عمر أنزل الله في إسلامه يا أيها النبي
حسبك الله الآية
(1/100)
قوله تعالى إن يكن منكم عشرون صابرون الآية
أخرج إسحق بن راهوية في مسنده عن ابن عباس قال لما افترض الله
عليهم أن يقاتل الواحد عشرة ثقل ذلك عليهم وشق فوضع الله عنهم
إلى أن يقاتل الواحد الرجلين فأنزل الله إن يكن منكم عشرون
صابرون يغلبوا مائتين إلى آخر الآية قوله تعالى ما كان لنبي
الآية وروى أحمد وغيره عن أنس قال استشار النبي صلى الله عليه
وسلم الناس في الأسارى يوم بدر فقال إن الله قد أمكنكم منهم
فقام عمر بن الخطاب فقال يا رسول الله اضرب أعناقهم فأعرض عنه
فقام أبو بكر نري أن تعفو عنهم وأن تقبل منهم الفداء فعفا عنهم
وقبل منهم الفداء فأنزل الله لولا كتاب من الله سبق الآية وروى
أحمد والترمذي والحاكم وابن مسعود قال لما كان يوم بدر وجئ
بالأسارى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تقولون في هؤلاء
الأسارى الحديث وفيه فنزل القرآن بقول عمر ما كان لنبي أن يكون
له أسرى إلى آخر الآيات وأخرج الترمذي عن أبي هريرة عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال لم تحل الغنائم لم تحل لأحد سود الرؤوس
من قبلكم كانت تنزل نار من السماء فتأكلها فلما كان يوم بدر
وقعوا في الغنائم قبل أن تحل لهم فأنزل الله لولا كتاب من الله
سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم قوله تعالى يا أيها النبي قل
لمن في أيديكم الآية روى الطبراني في الأوسط عن ابن عباس قال
قال العباس في والله نزلت حين أخبرت رسول الله صلى الله عليه
وسلم بإسلامي وسألته أن يحاسبني بالعشرين أوقية التي وجدت معي
فأعطاني بها عشرين عبدا كلهم تاجر بمالي في يده مع ما أرجو من
مغفرة الله ك قوله تعالى والذين كفروا الآية أخرج ابن جرير
وأبو الشيخ عن السدي عن أبي مالك قال قال رجل نورث أرحامنا
المشركين فنزلت والذين كفروا بعضهم أولياء بعض
(1/101)
ك قوله تعالى وأولوا الأرحام الآية أخرج ابن جرير عن ابن
الزبير قال كان الرجل يعاقد الرجل ترثني وأرثك فنزلت وأولو
الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله الآية واخرج ابن سعد من
طريق هاشم أبن عروة عن أبيه قال آخي رسول الله صلى الله عليه
وسلم بين الزبير بن العوام وبين كعب بن مالك قال الزبير لقد
رأيت كعبا أصابته الجراحة بأحد فقلت لو مات فانقطع عن الدنيا
وأهلها لورثته فنزلت هذه الآية وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض
في كتاب الله فصارت المواريث بعد للأرحام والقرابات وانقطعت
تلك المواريث في المؤاخاة |