لباب النقول في أسباب النزول سورة الرعد
أخرج الطبراني وغيره عن ابن عباس أن أربد بن قيس وعامر بن
الطفيل قدما المدينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال
عامر يا محمد ما تجعل لي إن أسلمت قال لك ما للمسلمين وعليك ما
عليهم قال أتجعل لي الأمر من بعدك قال ليس ذلك لك ولا لقومك
فخرجا فقال عامر لأربد إني أشغل عنك
(1/116)
وجه محمد بالحديث فاضربه بالسيف فرجعا فقال
عامر يا محمد قم معي أكلمك فقام معه ووقف يكلمه وسل أربد السيف
فلما وضع يده على قائم السيف يبست والتفت رسول الله صلى الله
عليه وسلم فرآه فانصرف عنهما فخرجا حتى إذا كانا بالرقم أرسل
الله على أربد صاعقة فقتلته فأنزل الله الله يعلم ما تحمل كل
أنثى إلى قوله شديد المحال وأخرج النسائي والبزار عن أنس قال
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من أصحابه إلى رجل من
عظماء الجاهلية يدعوه إلى الله فقال ايش ربك الذي تدعوني إليه
أمن حديد أو من نحاس أو من فضة أو ذهب فأتي النبي صلى الله
عليه وسلم فأخبره فأعاد الثانية والثالثة فأرسل الله عليه
صاعقة فأحرقته ونزلت هذه الآية ويرسل الصواعق فيصيب بها من
يشاء إلى أخرها وأخرج الطبراني وغيره عن ابن عباس قال قالوا
للنبي صلى الله عليه وسلم إن كان كما
تقول فأرنا أشياخنا الأول نكلمهم من الموتى وافسح لنا هذه
الجبال جبال مكة التي قد ضمتنا فنزلت ولو أن قرآنا سيرت به
الجبال الآية (ك) وأخرج بن أبي حاتم وابن مردويه عن عطية
العوفي قال قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم لو سيرت لنا جبال
مكة حتى تتسع فنحرث فيها أو قطعت لنا الأرض كما كان سليمان
يقطع لقومه بالريح أو أحييت لنا الموتى كما كان عيسى يحيي
الموتى لقومه فأنزل الله ولو أن قرآنا الآية ك وأخرج ابن أبي
حاتم عن مجاهد قال قالت قريش حين أنزل وما كان لرسول أن يأتي
بآية إلا بإذن الله ما نراك يا محمد تملك من شئ لقد فرغ من
الأمر فأنزل الله يمحو الله ما يشاء ويثبت
سورة إبراهيم
وأخرج ابن جرير عن عطاء بن يسار قال نزلت هذه الآية في الذين
قتلوا يوم بدر ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا الآية
(1/117)
سورة الحجر
قوله تعالى ولقد علمنا الآية روى الترمذي والنسائي والحاكم
وغيرهم عن ابن عباس قال كانت امرأة تصلي خلف رسول الله صلى
الله عليه وسلم حسناء من أحسن الناس فكان بعض القوم يتقدم حتى
يكون في الصف الأول لئلا يراها ويستأخر بعضهم حتى يكون في الصف
المؤخر فإذا ركع نظر من تحت إبطيه فأنزل الله ولقد علمنا
المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين (ك) وأخرج ابن مردويه
عن داود بن صالح أنه سأل سهل بن حنيف الأنصاري ولقد علمنا
المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين أنزلت في سبيل الله قال
لا ولكنها في صفوف الصلاة
قوله تعالى إن المتقين الآية أخرج الثعلبي عن سلمان الفارسي
لما سمع قوله تعالى وان جهنم لموعد هم أجمعين فر ثلاثة أيام
هاربا من الخوف لا يعقل فجئ به النبي صلى الله عليه وسلم فسأله
فقال يا رسول الله أنزلت هذه الآية وإن جهنم لموعدهم أجمعين
فوالذي بعثك بالحق لقد قطعت قلبي فأنزل الله إن المتقين في
جنات وعيون قوله تعالى ونزعنا ما في صدورهم من غل الآية أخرج
ابن أبي حاتم عن علي بن الحسين أن هذه الآية نزلت في أبي بكر
وعمر ونزعنا ما في صدورهم من غل قيل وأي غل قال غل الجاهلية إن
بني تميم وبني عدي وبني هاشم كان بينهم في الجاهلية عداوة فلما
أسلم هؤلاء القوم تحابوا فأخذت أبا بكر الخاصرة فجعل علي يسخن
يده فيكمد بها خاصرة أبي بكر فنزلت هذه الآية قوله تعالى نبئ
عبادي الآية (ك) أخرج الطبراني عن عبد الله ابن الزبير قال مر
رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفر من أصحابه يضحكوا فقال
أتضحكون وذكر الجنة والنار بين أيديكم فنزلت هذه الآية نبئ
عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم وقد
(1/118)
وأخرج ابن مردويه من وجه آخر عن رجل من
أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال اطلع علينا رسول الله صلى
الله عليه وسلم من الباب الذي يدخل منه بنو شيبة فقال لا أركم
تضحكون ثم أدبر ثم رجع القهقري فقال إني خرجت حتى إذا كنت عند
الحجر جاء جبريل فقال يا محمد إن الله يقول لك لم تقنط عبادي
نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم
قوله تعالى إنا كفيناك المستهزئين الآية (ك) أخرج البزار
والطبراني عن أنس بن مالك قال مر النبي صلى الله عليه وسلم على
أناس بمكة فجعلوا يغمزون في قفاه ويقولون هذا الذي يزعم أنه
نبي ومعه جبريل فغمز جبريل بإصبعه فوقع مثل الظفر في أجسادهم
فصارت قروحا حتى نتنوا فلم يستطع أحد أن يدنو منهم فأنزل الله
إنا كفيناك المستهزئين
سورة النحل
(ك) أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال لما نزلت أتى أمر الله
[1] وغر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلت فلا
تستعجلوه فسكتوا وأخرج عبد الله بن الأمام أحمد في زوائد الزهد
وابن جرير وابن أبي حاتم عن أبى بكر بن أبي حفص قال لما نزلت
أتى أمر الله قاموا فنزلت فلا تستعجلوه قوله تعالى وأقسموا
الآية أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبى العالية قال كان
لرجل من المسلمين على رجل من المشركين دين فأتاه يتقاضاه فكان
فيما تكلم به والذي أرجوه بعد الموت إنه كذا وكذا فقال له
المشرك إنك لتزعم أنك تبعث من بعد الموت فاقسم بالله جهد يمينه
لا يبعث الله من يموت فنزلت الآية قوله تعالى والذين هاجروا
الآية أخرج ابن جرير عن داود
(1/119)
بن أبي هند قال نزلت والذين هاجروا في الله
من بعد ما ظلموا إلى قوله وعلى ربهم يتوكلون في أبي جندل بن
سهيل قوله تعالى ضرب الله مثلا الآية أخرج ابن جرير عن ابن
عباس في قوله ضرب الله مثلا عبدا مملوكا قال نزلت في رجل من
قريش وعبده وفي قوله رجلين أحدهما أبكم قال نزلت في عثمان
ومولى له كان يكره الإسلام ويأباه وينهاه عن الصدقة والمعروف
فنزلت فيهما قوله تعالي يعرفون نعمة الله الآية أخرج ابن أبي
حاتم عن مجاهد أن أعرابيا أتي النبي صلى الله عليه وسلم فسأله
فقرأ عليه والله جعل لكم من بيوتكم سكنا قال الأعرابي نعم ثم
قرأ عليه وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم طعنكم
ويوم إقامتكم قال نعم ثم قرأ عليه كل ذلك يقول نعم حتى بلغ
كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون فولي الأعرابي فأنزل الله
يعرفون نعمة الله ثم ينكروها وأكثرهم الكافرون قوله تعالى
وأوفوا الآية (ك) أخرج ابن جرير عن بريدة قال نزلت هذه الآية
في بيعة النبي صلى الله عليه وسلم قوله تعالى ولا تكونوا الآية
(ك) أخرج ابن أبي حاتم عن أبي بكر بن أبي حفص قال كانت سعيدة
الأسدية مجنونة تجمع الشعر والليف فنزلت هذه الآية ولا تكونوا
كالتي نقضت غزلها قوله تعالى ولقد نعلم الآية (ك) أخرج ابن
جرير بسند ضعيف عن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه
وسلم يعلم قينا بمكة اسمه بلعام وكان أعجمي اللسان وكان
المشركون يرون رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل عليه ويخرج
من عنده فقالوا إنما يعلمه بلعام فأنزل الله ولقد نعلم أنهم
يقولون إنما يعلمه بشر الآية وأخرج ابن أبي حاتم من طريق حصين
عن عبد الله بن مسلم الحضرمي قال
(1/120)
كان لنا عبدان أحدهما يقال له يسار والآخر
جبر وكانا صقليين علي فكانا
يقرآن كتابهما ويعلمان علمهما وكان رسول الله صلى الله عليه
وسلم يمر بهما فيستمع قراءتهما فقالوا إنما يعلم منهما فنزلت
قوله تعالى إلا من أكره أخرج الآيه ابن أبي حاتم عن ابن عباس
قال لما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يهاجر إلى المدينة
أخذ المشركون بلالا وخبابا وعمار بن ياسر فأما عمار فقال لهم
كلمة أعجبتهم تقية فلما رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
حدثه فقال كيف كان قلبك حين قلت أكان منشرحا بالذي قلت قال لا
فانزل الله إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان وأخرج عن مجاهد
قال نزلت هذه الآية في أناس من أهل مكة آمنوا فكتب اليهم بعض
الصحابة بالمدينة أن هاجروا فخرجوا يريدون المدينة فأدركتهم
قريش بالطريق ففتنوهم فكفروا مكرهين ففيهم نزلت هذه الآية (ك)
وأخرج ابن سعد في الطبقات عن عمر بن الحكم قال كان عمار بن
ياسر يعذب حتى لا يدري ما يقول وكان صهيب يعذب حتى لا يدري ما
يقول وكان أبو فكيهة يعذب حتى لا يدري ما يقول وبلال وعامر بن
فهيرة وقوم من المسلمين وفيهم نزلت هذه الآية ثم إن ربك للذين
هاجروا من بعد ما فتنوا قوله تعالى وإن عاقبتم أخرج الحاكم
والبيهقي في الدلائل والبزار عن أبي ريرة أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم وقف على حمزة حين استشهد وقد مثل به فقال
لأمثلن بسبعين منهم مكانك فنزل جبريل والنبي صلى الله عليه
وسلم واقف بخواتيم سورة النحل وإن عاقبتم فعاقوا حتى بمثل ما
عوقبتم به إلى آخر السورة فكف رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأمسك عما أراد وأخرج الترمذي وحسنه والحاكم عن أبي بن كعب قال
لما كان يوم أحد أصيب من الأنصار أربعة وستون ومن المهاجرين
ستة منهم حمزة فمثلوا بهم
فقالت الأنصار لئن أصبنا منهم يوما مثل هذا لنربين عليهم فلما
كان يوم فتح
(1/121)
مكة أنزل الله وإن عاقبتم فعاقبوا الآية
وظاهر هذا تأخر نزولها إلى الفتح وفي الحديث الذي قبله نزولها
بأحد وجمع ابن الحصار بأنها نزلت أولا بمكة ثم ثانيا بأحد ثم
ثالثا يوم الفتح تذكيرا من الله لعباده
سورة الإسراء أو بني إسرائيل
قوله تعالي ولا تزر وازرة وزر أخرى الآية أخرج ابن عبد البر
بسند ضعيف عن عائشة قالت سألت خديجة رسول الله صلى الله عليه
وسلم عن أولاد المشركين فقال هم من آبائهم ثم سألته بعد ذلك
فقال الله أعلم بما كانوا عاملين ثم سألته بعدما استحكم
الإسلام فنزلت ولا تزر وازرة وزر أخرى وقال هم على الفطرة أو
قال في الجنة قوله تعالى وإما تعرضن الآية أخرج سعيد بن منصور
عن عطاء الخراساني قال جاء ناس من مزينة يستحملون رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقال لا أجد ما أحملكم عليه فتولوا وأعينهم
تفيض من الدمع حزنا ظنوا ذلك من غضب رسول الله صلى الله عليه
وسلم فأنزل الله وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة الآية وأخرج ابن
جرير عن الضحاك قال نزلت فيمن كان يسأل النبي صلى الله عليه
وسلم من المساكين قوله تعالى ولا تجعل يدك الآية (ك) أخرج سعيد
بن منصور عن سيار أبي الحكم قال أتى رسول الله صلى الله عليه
وسلم بر وكان معطيا كريما فقسمه بين الناس فأتاه قوم فوجدوه قد
فرغ منه فأنزل الله ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها
الآية وأخرج ابن مردويه وغيره عن ابن مسعود قال جاء غلام إلى
النبي صلى الله عليه وسلم
فقال إن أمي تسألك كذا وكذا قال ما عندنا شئ اليوم قال فتقول
لك اكسني قميصك فخلع قميصه فدفعه إليه فجلس في البيت حاسرا
فأنزل الله
(1/122)
ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها
كل البسط فتقعد ملوما محسورا (ك) وأخرج أيضا عن أبي أمامة أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة أنفق ما على ظهر كفي قالت
إذن لا يبقى شئ فأنزل الله ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك الآية
وظاهر ذلك أنها مدنية قوله تعالى وآت ذا القربى الآية أخرج
الطبراني وغيره عن أبي سعيد الخدري قال لما أنزلت وآت ذا
القربى حقه دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة فأعطاها
فدك قال ابن كثير هذا مشكل فانه يشعر بأن الآية مدنية والمشهور
خلافه وروى مردويه عن ابن عباس مثله قوله تعالى وإذا قرأت
القرآن الآية أخرج ابن المنذر عن ابن شهاب قال كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم إذا تلا القرآن على مشركي قريش ودعاهم إلى
الكتاب قالوا يهزؤون به قلوبنا في أكنة مما تدعونا الله وفي
آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب فأنزل الله في ذلك من قولهم
وإذا قرأت القرآن الآيات (ك) قوله تعالى قل ادعوا الآية أخرج
البخاري وغيره عن ابن مسعود قال كان ناس من الأنس يعبدون ناسا
من الجن فأسلم الجنيون واستمسك الآخرون بعبادتهم فأنزل الله قل
ادعوا الذين زعمتم من دونه الآية قوله تعالى وما منعنا الآية
أخرج الحاكم والطبراني وغيرهما عن
ابن عباس قال سأل أهل مكة النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل
لهم الصفا ذهبا وأن ينحي عنهم الجبال فيزرعوا فقيل له إن شئت
أن تستأني بهم وإن شئت تؤتهم تعالى الذي سألوا فإن كفروا
أهلكوا كما أهلكت من قبلهم قال بل أستأني بهم فأنزل الله وما
منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون الآية وأخرج
الطبراني وابن مردويه منها عن الزبير نحوه أبسط منه
(1/123)
قوله تعالى وما جعلنا الآية أخرج ابو يعلي
عن أم هانئ أنه صلى الله عليه وسلم لما أسري به أصبح يحدث نفرا
من قريش يستهزؤون به فطلبوا منه آية فوصف لهم بيت المقدس وذكر
لهم قصة العير فقال الوليد بن المغيرة هذا ساحر فأنزل الله وما
جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس وأخرج ابن المنذر عن
الحسن نحوه وأخرج ابن مردويه عن الحسين بن علي أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم أصبح يوما مهموما فقيل له مالك يا رسول
الله لا تهتم فإن رؤياك فتنة لهم فأنزل الله وما جعلنا الرؤيا
التي أريناك إلا فتنة للناس وأخرج ابن جرير من حديث سهل بن سعد
نحوه وأخرج ابن أبي حاتم من حديث عمرو بن العاص ومن حديث يعلي
بن مرة ومن مرسل سعيد بن المسيب نحوها وأسانيدها ضعيفة قوله
تعالى والشجرة الملعونة في القرآن الآية أخرج ابن أبي حاتم
والبيهقي في البعث عن ابن عباس قال ذكر الله الزقوم خوف به هذا
الحي من قريش قال أبو جهل هل تدرون ما هذا الزقوم الذي يخوفكم
به محمد قالوا لا قال الثريد بالزبد أما لئن أمكننا منها
لنزقمنها زقما فإن فأنزل الله والشجرة الملعونة في القرآن
ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا وأنزل إن شجرة الزقوم
طعام الأثيم
قوله تعالى وإن كادوا ليفتنونك الآية أخرج ابن مردويه وابن أبي
حاتم من طريق أسحق عن محمد عن عكرمة عن ابن عباس قال خرج أمية
ابن خلف وأبو جهل بن هشام ورجال من قريش فأتوا رسول الله صلى
الله عليه وسلم فقالوا يا محمد تعال تمسح بآلهتنا وندخل معك في
دينك وكان يحب إسلام قومه فرق لهم فأنزل الله وإن كادوا
ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك إلى نصيرا قلت هذا أصح ما ورد في
سبب نزولها وهو اسناد جيد وله شاهد أخرج أبو الشيخ عن سعيد بن
جبير قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلم الحجر فقالوا
لا ندعك تستلم حتى تلم بآلهتنا فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم وما علي
(1/124)
لو فعلت والله يعلم مني خلافة فنزلت وأخرج
نحوه عن ابن شهاب وأخرج عن جبير بن نفير أن قريشا أتوا النبي
صلى الله عليه وسلم فقالوا إن كنت أرسلت إلينا فاطرد الذين
اتبعوك من سقاط الناس ومواليهم فنكون نحن أصحابك فركن إليهم
فنزلت وأخرج عن محمد بن كعب القرظي أنه صلى الله عليه وسلم قرأ
والنجم إلى أفرأيتم اللات والعزى فألقى عليه الشيطان تلك
الغرانيق العلا وإن شفاعتهن لترتجي فنزلت فما زال مهموما حتى
أنزل الله وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى
ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم
الله الآية وفي هذا دليل على أن هذه الآيات مكية ومن جعلها
مدنية استدل بما أخرجه ابن مردويه من طريق العوفي عن ابن عباس
أن شعبا قال للنبي صلى الله عليه وسلم أجلنا سنة حتى يهدي إلى
آلهتنا فإن قبضنا الذي يهدي للآلهة أحرزناه ثم أسلمنا فهم أن
يؤجلهم فنزلت وإسناده ضعيف قوله تعالى وإن كادوا ليستفزونك
الآية أخرج ابن أبي حاتم
والبيهقي في الدلائل من حديث شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم
أن اليهود أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا إن كنت نبيا
فالحق بالشام فإن الشام أرض المحشر وأرض الأنبياء فصدق رسول
الله صلى الله عليه وسلم ما قالوا فغزا غزوة تبوك يريد الشام
فلما بلغ تبوك أنزل الله آيات من سورة بني إسرائيل بعد ما ختمت
السورة وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها وأمره
بالرجوع إلى المدينة وقال له جبريل سل ربك فإن لكل نبي مسألة
فقال ما تأمرني أن أسأل قال قل ربي أدخلني مدخل صدق وأخرجني
مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا فهؤلاء نزلن في رجعته
من تبوك هذا مرسل ضعيف الإسناد وله شاهد من مرسل سعيد بن جبير
عند ابن أبي حاتم ولفظه قالت المشركون للنبي صلى الله عليه
وسلم كانت الأنبياء تسكن الشام فمالك والمدينة فهم أن يشخص
فنزلت وله طريق أخري مرسلة عند ابن جرير أن بعض اليهود قاله له
(1/125)
قوله تعالى وقل ربي أدخلني الآية أخرج
الترمذي عن ابن عباس قال كان النبي صلى الله عليه وسلم بمكة ثم
أمر بالهجرة فنزلت عليه وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج
صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا وهذا صريح في أن الآية مكية
وأخرجه ابن مردويه بلفظ أصرح منه قوله تعالى يسألونك عن الروح
الآية أخرج البخاري عن ابن مسعود قال كنت أمشي مع النبي صلى
الله عليه وسلم بالمدينة وهو متوكئ على عسيب فمر بنفر من قريش
فقال بعضهم لو سألتموه فقالوا حدثنا عن الروح فقام ساعة ورفع
رأسه فعرفت أنه يوحي أليه حتى صعد الوحي ثم قال الروح من أمر
ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا
وأخرج الترمذي عن ابن عباس قال قالت قريش لليهود علمونا شيئا
نسأل هذا الرجل فقالوا سلوه عن الروح فسألوه فأنزل الله
ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي قال ابن كثير يجمع بين
الحديثين بتعدد النزول وكذا الحافظ ابن حجر أو يحمل سكوته حين
سؤال اليهود على توقع مزيد بيان في ذلك وافما في الصحيح أصح
قلت ويرجح ما في الصحيح بأن راوية حاضر القصة بخلاف ابن عباس
قوله تعالى قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا الآية أخرج
ابن إسحق وابن جرير من طريق سعيد أو عكرمة عن ابن عباس قال أتى
النبي صلى الله عليه وسلم ابن مشكم في عامة من يهود سماهم
فقالوا كيف نتبعك قد تركت قبلتنا وإن هذا الذي جئت به لا نراه
متناسقا كما تناسق التوراة فأنزل علينا كتابا نعرفه وإلا جئناك
بمثل ما تأتي به فأنزل الله قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن
يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله الآية قوله تعالى وقالوا
لن نؤمن لك الآية أخرج ابن جرير من طريق ابن إسحق عن شيخ من
أهل مصر عن عكرمة عن ابن عباس أن عتبة وشيبة ابني ربيعة وأبا
سفيان بن حرب ورجلا من بني عبد الدار وأبا البحتري
(1/126)
والأسود بن المطلب وربيعة بن الأسود
والوليد بن المغيرة وأبا جهل وعبد الله بن أمية وأمية بن خلف
والعاصي بن وائل ونبيها ومنبها ابني الحجاج اجتمعوا فقالوا يا
محمد ما نعلم رجلا من العرب أدخل على قومه ما أدخلت على قومك
لقد سببت الآباء وعبت الدين وسفهت الأحلام وشتمت الآلهة وفرقت
الجماعة فما من قبيح إلا وقد جئته فيما بيينا وبينك فإن كنت
إنما جئت بهذا الحديث تريد مالا جمعنا لك من اموالنا حتى تكون
أكثر مالا وإن كنت إنما تطلب الشرف
فينا سودناك علينا وإن كان هذا الذي يأتيك بما يأتيك رئيا تراه
قد غلب بذلنا أموالنا في طلب العلم حتى نبرئك منه فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم ما بي ما تقولون ولكن الله بعثني
إليكم رسولا وأنزل علي كتابا وأمرني أن أكون لكم مبشرا ونذيرا
قالوا فإن كنت غير قابل منه ما عرضنا عليك فقد علمت أنه ليس
أحد من الناس أضيق بلادا ولا أقل مالا وأشد عيشا منا فلتسأل
لنا ربك الذي بعثك فليسير عنا هذه الجبال التي ضيقت علينا
وليبسط لنا بلادنا وليجر فيها أنهارا كأنهار الشام والعراق
وليبعث لنا من قد مضى من آبائنا فإن لم تفعل فسل ربك ملكا
يصدقك بما تقول وأن يجعل لنا جنانا وكنوزا وقصورا من ذهب وفضة
نعينك بها على ما نراك تبتغي فأنك تقوم بالآسواق عمر وتلتمس
المعاش فإن لم تفعل فأسقط السماء كما زعمت أن ربك إن شاء فعل
فإنا لن نؤمن لك إلا أن تفعل فقام رسول الله صلى الله عليه
وسلم عنهم وقام معه عبد الله بن أبي أمية فقال يا محمد عرض
عليك قومك ما عرضوا فلم تقبله منهم ثم سألوك لأنفسهم أمورا
ليعرفوا بها منزلتك من الله فلم تفعل ذلك ثم سألوك أن تعجل ما
تخوفهم به من العذاب فو الله لا أو من بك أبدا حتى تتخذ إلى
السماء سلما ثم ترقي فيه وأنا أنظر حتى تأتيها وتأتي معك بنسخة
منشورة ومعك أربعة من الملائكة فيشهدوا لك أنك كما تقول فانصرف
رسول الله صلى الله عليه وسلم حزينا فأنزل عليه ما قاله عبد
الله بن أبي أمية وقالوا لن نؤمن لك إلى قوله بشرا رسولا وأخرج
سعيد بن منصور في سننه عن سعيد بن جبير في قوله وقالوا لن
(1/127)
نؤمن لك قال نزلت في أخي أم سلمة عبد الله
بن أبي أمية مرسل صحيح شاهد لما قبله يجبر المبهم في إسناده
قوله تعالى قل ادعوا الله الآية أخرج ابن مردويه وغيره عن ابن
عباس قال صلى الله عليه وسلم بمكة ذات يوم فدعا فقال في دعائه
يا الله يا رحمن فقال المشركون انظروا إلى هذا الصابئ ينهانا
أن ندعو الهين وهو يدعو ألهين فأنزل الله قل ادعوا الله أو
ادعو الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى قوله تعالى ولا
تجهر الآية أخرج البخاري وغيره عن ابن عباس في قوله ولا تجهر
بصلاتك ولا تخافت بها قال نزلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم
مختف بمكة وكان إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن فكان
المشركون إذا سمعوا القرآن سبوه ومن أنزله ومن جاء به فنزلت
وأخرج البخاري أيضا عن عائشة أنها نزلت في الدعاء وأخرج ابن
جرير من طريق ابن عباس مثله ثم رجح الأولى لكونها أصح سندا
وكذا رجحها النووي وغيره وقال الحافظ ابن حجر لكن يحتمل الجمع
بينهما بأنها نزلت في الدعاء داخل الصلاة وقد أخرج ابن مردويه
من حديث أبي هريرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا
صلى عند البيت رفع صوته بالدعاء فنزلنا وأخرج ابن جرير والحاكم
عن عائشة قالت نزلت هذه الآية في التشهد وهي مبينة لمرادها في
الرواية السابقة ولابن منيع في مسنده عن ابن عباس كانوا يجهرون
بالدعاء اللهم ارحمني فنزلت فأمروا أن لا يخافتوا ولا يجهروا
قوله تعالي وقل الحمد لله الآية أخرج ابن جرير عن محمد بن كعب
القرظي قال إن اليهود والنصاري قالوا أتخذ الله ولدا وقالت
العرب لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك وقال
الصابئون والمجوس لولا أولياء الله لذل فأنزل الله وقل الحمد
لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك
(1/128)
سورة الكهف
أخرج ابن جرير من طريق ابن اسحق عن شيخ من أهل مصر عن عكرمة عن
ابن عباس قال بعثت قريش النضر بن الحرث وعقبة بن أبي معيط إلى
أحبار اليهود بالمدينة فقالوا لهم سلوهم عن محمد وصفوا لهم
صفته وأخبروهم بقوله فإنهم أهل الكتاب الأول وعندهم ما ليس
عندنا من علم الأنبياء فخرجا حتى أتيا المدينة فسألوا أحبار
اليهود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصفوا لهم أمره وبعض
قوله فقالوا لهم سلوه عن ثلاث فإن أخبركم بهن فهو نبي مرسل وإن
لم يفعل فالرجل متقول سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ما
كان أمرهم فإنه كان لهم أمر عجيب وسلوه عن رجل طواف بلغ مشارق
الأرض ومغاربها ما كان نبؤه وسلوه عن الروح ما هو فأقبلا حتى
قدما على قريش فقالا قد جئناكم بفصل ما بينكم وبين محمد فجاءوا
رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه فقال أخبركم غدا بما
سألتم عنه ولم يستئن فانصرفوا ومكث رسول الله صلى الله عليه
وسلم خمس عشرة ليلة لا يحدث الله في ذلك إليه وحيا ولا يأتيه
جبريل حتى ارجف أهل مكة وحتى أحزن رسول الله صلى الله عليه
وسلم مكث الوحي عنه وشق عليه ما يتكلم به أهل مكة ثم جاءه
جبريل من الله بسورة أصحاب الكهف فيها معاتبته إياه على حزنه
عليهم وخبر ما سألوه عنه من أمر الفتية والرجل الطواف وقول
الله ويسألونك عن الروح وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال
اجتمع عتبة بن ربيعة وشيبة ابن ربيعة وأبو جهل بن هشام والنضر
بن الحرث وأمية بن خلف والعاصي بن وائل والأسود بن المطلب وأبو
البحتري في نفر من قريش وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد
كبر عليه ما يرى من خلاف قومه إياه وإنكارهم ما جاء به من
النصيحة فأحزنه حزنا شديدا فأنزل الله فلعلك باخع نفسك على
آثارهم الآية
وأخرج ابن مردويه أيضا عن ابن عباس قال أنزلت ولبثوا في كهفهم
ثلثمائة فقيل يا رسول الله سنين أو شهورا فأنزل الله سنين
(1/129)
وازدادوا تسعا وأخرجه ابن جرير عن الضحاك
وأخرجه ابن مردويه أيضا عن ابن عباس قال حلف النبي صلى الله
عليه وسلم على يمين فمضى له أربعون ليلة فأنزل الله ولا تقولن
لشئ إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله [23] قوله تعالى واصبر
نفسك الآية تقدم سبب النزول في سورة الأنعام في حديث خباب قوله
تعالى ولا تطع الآية أخرج ابن مردويه من طريق جويبر عن الضحاك
عن ابن عباس في قوله ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا قال نزلت
في أمية بن خلف الجمحي وذلك أنه دعا النبي صلى الله عليه وسلم
إلى أمر كرهه الله من طرد الفقراء عنه وتقريب صناديد أهل مكة
فنزلت وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع قال حدثنا أن النبي صلى
الله عليه وسلم تصدى لأمية بن خلف وهو ساه غافل عما يقال له
فنزلت وأخرج عن أبي هريرة قال دخل عيينة بن حصن على النبي صلى
الله عليه وسلم وعنده سلمان فقال عيينة إذا نحن أتيناك فأخرج
هذا وأدخلنا فنزلت قوله تعالى قل لو كان البحر الآية أخرج
الحاكم وغيره عن ابن عباس قال قالت قريش لليهود أعطونا شيئا
نسأل عنه هذا الرجل فقالوا سلوه عن الروح فسألوه فنزلت
ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم
إلا قليلا وقال اليهود أوتينا علما كثيرا أوتينا التوراة ومن
أوتي التوراة فقد أوتي خيرا كثيرا فنزلت قل لو
كان البحر مدادا لكلمات ربي الآية قوله تعالى فمن كان يرجو
لقاء ربه الآية أخرج ابن أبي حاتم وابن أبي الدنيا في كتاب
الإخلاص عن طاوس قال قال رجل يا رسول الله إني أقف أريد وجه
الله وأحب أن يرى موطني فلم يرد عليه شيئا حتى نزلت هذه الآية
فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك
(1/130)
بعبادة ربه أحدا وأخرجه الحاكم في المستدرك موصولا عن طاوس عن
ابن عباس صححه على شرط الشيخين وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد
كان رجل من المسلمين يقاتل وهو يحب أن يرى مكانه فأنزل الله
فمن كان يرجو لقاء ربه الآية وأخرج أبو نعيم وابن عساكر في
تاريخه من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن
عباس قال قال جندب بن زهير إذا صلى الرجل أو صام أو تصدق فذكر
بخير ارتاح له فزاد في ذلك لمقالة الناس له فنزلت في ذلك فمن
كان يرجو لقاء ربه الآية |