نواسخ القرآن ناسخ القرآن ومنسوخه ت آل زهوي مقدمة المحقق
بسم الله الرّحمن الرحيم وبه أستعين إن الحمد لله، نحمده
ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات
أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا
عبده ورسوله.
أما بعد؛ فهذا مصنّف ماتع هام، في مسألة أصولية عظيمة؛ مسألة
النسخ في القرآن الكريم، صنفه الإمام الحافظ المفسّر الواعظ
جمال الدين أبو الفرج ابن الجوزي- رحمه الله-.
ويعتبر هذا الكتاب من أهم المصنفات التي صنفت في هذا الباب،
حيث اعتمد فيه المصنف على الآثار وأقوال الأئمة العلماء
الواردة في هذا الباب، وأبدى رأيه في ما ادّعي أنه نسخ وهو ليس
كذلك، مما تجده مفصلا في ثنايا هذا الكتاب.
وقد تجلّى عملي في الكتاب، بأن ضبطت النص عن أصل مطبوع.
وصحّحت ما فيه من الأخطاء بالمقارنة مع الأصول والمراجع.
- خرجت أحاديثه وآثاره بشيء من الاختصار في أكثر الأحيان.
- عزوت النصوص إلى قائليها بذكر المصادر والمراجع.
- صنفت فهارس علمية للكتاب.
هذا؛ وعلى الله قصد السبيل؛ فإن وفّقت فمنه سبحانه وتعالى
التوفيق، وإن كانت الأخرى فلا حول ولا قوة إلا به.
اللهم صلّ على محمد وعلى آله وصحبه وسلّم، وآخر دعوانا أن
الحمد لله رب العالمين.
وكتبه:
أبو عبد الله العاملي السّلفي الداني بن منير آل زهوي الجية؛
منطقة جبل لبنان الموافق للسابع من شهر شوال عام: إحدى وعشرين
وأربعمائة وألف
(1/5)
- المصنفات التي ألّفت في هذا الموضوع
قبل أن أذكر ترجمة المصنف، أود أن أطلع القارئ الكريم على أهم
ما صنّف في هذا الموضوع، مع التنبيه؛ أن المصنفات في الناسخ
والمنسوخ، منها ما صنّف في نواسخ القرآن فقط، ومنها ما صنف في
نواسخ الحديث، ومنها بالجمع بين الأمرين.
1 - «الناسخ والمنسوخ في القرآن العزيز وما فيه من الفرائض
والسنن» لأبي عبيد القاسم بن سلام الهروي (ت: 224). وقد قام
على تحقيقه: محمد بن صالح المديفر، وطبع بمكتبة الرشد بالرياض
سنة (1411).
2 - «الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم» لأبي جعفر محمد بن
أحمد بن إسماعيل الصفار المرادي النحوي المصري المعروف بأبي
جعفر النحاس (ت: 338).
وقد طبع بمؤسسة الكتب الثقافية ببيروت، عن نسخة مصحّحة ومقروءة
على العلامة أحمد بن الأمين الشنقيطي.
وطبع بتحقيق: سليمان اللاحم في كلية أصول الدين في الرياض.
3 - «الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه ومعرفة أصوله واختلاف الناس
فيه» للعلامة أبي محمد مكي بن أبي طالب القيسي (ت: 437). طبع
بتحقيق: الدكتور أحمد حسن فرحات، بدار المنارة بجدة سنة 1406.
4 - «الناسخ والمنسوخ في القرآن» لعبد القاهر بن طاهر البغدادي
(ت: 429) نشر بمكتبة نزار مصطفى الباز بمكة المكرمة سنة
(1418).
5 - «الناسخ والمنسوخ» لقتادة (ت: 117).
6 - «ناسخ القرآن العزيز ومنسوخه» لابن البارزي (ت: 738).
7 - «الناسخ والمنسوخ» للزهري (ت: 124).
وهي ضمن كتاب «أربعة كتب في الناسخ والمنسوخ» طبعت بمؤسسة
الرسالة، بتحقيق الدكتور حاتم صالح الضامن.
8 - «صفوة الراسخ في علم المنسوخ والناسخ» لشمس الدين محمد بن
أحمد الموصلي (ت: 656) نشر بدار الجوزي بتحقيق: محمد بن صالح
البراك.
وغير ذلك مما صنف في هذا الباب، أتى عليها محقق كتاب «البرهان»
الدكتور يوسف عبد الرحمن المرعشلي (2/ 153 - 158).
(1/6)
ومن المعاصرين من ألّف في هذا، ولعل أهمها:
1 - «النسخ في القرآن الكريم» للدكتور مصطفى زيد، طبع بمصر سنة
1963 م.
2 - «نظرية النسخ في الشرائع السماوية» للدكتور شعبان محمد
إسماعيل القاهرة، سنة 1977 م.
3 - «فتح المنان في نسخ القرآن» لعلي حسن العريض. مكتبة
الخانجي بمصر 1973 م.
(1/7)
ترجمة مختصرة للمصنف
-
اسمه ونسبه
: هو جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي
بن عبيد الله بن عبد الله بن حمادي بن أحمد بن محمد بن جعفر بن
عبد الله بن القاسم بن النضر بن القاسم بن محمد بن عبد الله بن
عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق القرشي،
البغدادي.
-
مولده
: ولد ببغداد سنة 508، وقيل: سنة 510.
واختلف في سبب تسميته بابن الجوزي:
فقيل: إن جده جعفر نسب إلى فرضة من فرض البصرة، يقال لها:
جوزة.
وقيل: منسوب إلى محلة بالبصرة، تسمى محلة الجوز.
وقيل: كانت بداره في واسط جوزة، لم يكن بواسط جوزة سواها.
وقال ابن خلكان: «الجوزي؛ بفتح الجيم، وسكون الواو بعدها زاي،
نسبته إلى فرضة الجوز، وهو موضع مشهور، ورأيت أن جده كان من
مشرعة الجوز، إحدى محال بغداد بالجانب الغربي».
-
نشأته وطلبه للعلم
: كان والده رحمه الله يعمل الصّفر (صناعة النحاس) بنهر
القلابين، وقد توفي وهو صغير لم يتجاوز الثالثة من عمره،
فكفلته أمه وعمته.
فلما ترعرع حملته عمته إلى مجلس أبي الفضل بن ناصر، فاعتنى به
وأسمعه الحديث. وحفظ القرآن الكريم، وقرأه على جماعة من أئمة
القراء.
وسمع الكتب الكبار؛ كالمسند وجامع الترمذي وصحيح البخاري وصحيح
مسلم وتاريخ البغدادي وغيرها.
وقرأ الفقه والخلاف والجدل والأصول على أبي بكر الدينوري
والقاضي أبي يعلى وأبي حكيم النهرواني.
وقرأ الأدب على أبي منصور الجواليقي، وتتبع مشايخ الحديث وحمل
عنهم.
(1/8)
ولما توفي شيخه ابن الزاغوني سنة سبع
وعشرين وخمسمائة كان قد احتلم؛ فطلب حلقة شيخه فلم يعطها لصغر
سنه، وأخذها أبو علي الراذاني، فحضر ابن الجوزي بين يدي
الوزير، وأورد فصلا في المواعظ، فأذن له في الجلوس في جامع
المنصور.
قال ابن الجوزي: «فتكلمت فيه، فحضر مجلسي أول يوم جماعة من
أصحابنا الكبار من الفقهاء، منهم عبد الواحد بن سيف، وأبو علي
القاضي، وأبو بكر بن عيسى وابن قثامى، وغيرهم. ثم تكلمت: في
مسجد معروف وفي باب البصرة وبنهر المعسلي، فاتصلت المجالس،
وقوي الزحام، وقوي اشتغالي بفنون العلوم».
ومن ذلك الوقت اشتهر أمر أبي الفرج ابن الجوزي، وأخذ في
التصنيف والجمع. وبورك له في عمره وعلمه، فروى الكثير، وسمع
الناس منه أكثر من ستين سنة، وحدث بمصنفاته مرارا، وكانت أكثر
علومه يستفيدها من الكتب.
-
وفاته
: توفي ابن الجوزي في الثالث عشر من شهر رمضان سنة سبع وتسعين
وخمسمائة (597).
مصادر الترجمة
: «ذيل تاريخ بغداد» لابن الدبيثي (15/ 238) و «سير أعلام
النبلاء» (21/ 365) و «العبر» (4/ 297) و «تذكرة الحفاظ» (4/
1342) و «البداية والنهاية» (8/ 531) و «ذيل طبقات الحنابلة»
لابن رجب (1/ 399) ومقدمة تحقيق «صيد الخاطر» للشيخ عامر علي
ياسين، ففيه بحث نفيس عن عقيدة المصنف فارجع إليه لزاما.
(1/9)
|