قال اللّه تعالى: النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ (١) .
أى أزواجه- صلى اللّه عليه وسلم- أمهات المؤمنين، سواء من مات عنها أو ماتت عنه وهى تحته. وذلك فى تحريم نكاحهن، ووجوب احترامهن، لا فى نظر وخلوة.
ولا يقال بناتهن أخوات المؤمنين، ولا آباؤهن وأمهاتهن أجداد وجدات، ولا إخوانهن ولا أخواتهن أخوال وخالات. قال البغوى: كن أمهات المؤمنين دون النساء، روى ذلك عن عائشة- رضى اللّه عنها- ولفظها- كما فى البيضاوى-:
(لسنا أمهات النساء) وهو جار على الصحيح عند أصحابنا وغيرهم من أهل الأصول: أن النساء لا يدخلن فى خطاب الرجال.
قال: وكان- صلى اللّه عليه وسلم- أبا للرجال والنساء. ويجوز أن يقال أبو المؤمنين فى الحرمة. وفضلت زوجاته صلى اللّه عليه وسلم- على النساء، وثوابهن وعقابهن مضاعفان، ولا يحل سؤالهن إلا من وراء حجاب. وأفضلهن خديجة وعائشة- رضى اللّه عنهما-، وفى أفضلهما خلاف يأتى تحقيقه- إن شاء اللّه تعالى- قريبا.
واختلف فى عدة أزواجه- صلى اللّه عليه وسلم- وترتيبهن، وعدة من مات منهن قبله، ومن مات عنهن ومن دخل بها ومن لم يدخل بها، ومن خطبها ولم ينكحها، ومن عرضت نفسها عليه.
والمتفق عليه: أنهن إحدى عشرة امرأة، ست من قريش:
خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصى بن كلاب بن مرة ابن كعب بن لؤى.
__________
(١) سورة الأحزاب: ٦.
وعائشة بنت أبى بكر بن أبى قحافة بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤى.
وحفصة بنت عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد اللّه بن قرط بن رزاح بن عدى بن كعب بن لؤى.
وأم حبيبة بنت أبى سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤى.
وأم سلمة بنت أبى أمية بن المغيرة بن عبد اللّه بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤى.
وسودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك ابن حسل بن عامر بن لؤى.
وأربع عربيات:
زينب بنت جحش بن رباب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم ابن دودان بن أسد بن خزيمة.
وميمونة بنت الحارث الهلالية.
وزينب بنت خزيمة الهلالية أم المساكين.
وجويرية بنت الحارث الخزاعية المصطلقية.
وواحدة غير عربية من بنى إسرائيل وهى صفية بنت حيى من بنى النضير.
ومات عنده- صلى اللّه عليه وسلم- منهن اثنتان: خديجة وزينب أم المساكين، ومات صلى اللّه عليه وسلم- عن تسع، ذكر أسماءهن الحافظ أبو الحسن بن الفضل المقدسى نظما ف
قال:
توفى رسول اللّه عن تسع نسوة ... إليهن تعزى المكرمات وتنسب
فعائشة ميمونة وصفية ... وحفصة تتلوهن هند وزينب
جويرية مع رملة ثم سودة ... ثلاث وست ذكرهن مهذب
ولا خلاف فى أن أول امرأة تزوج بها منهن خديجة بنت خويلد، وأنه صلى اللّه عليه وسلم- لم يتزوج عليها حتى ماتت.
وهذا حين الشروع فى ذكرهن على الترتيب.
فأما أم المؤمنين خديجة- وأمها فاطمة بنت زائدة بن الأصم- فكانت تدعى فى الجاهلية (الطاهرة) ، وكانت تحت أبى هالة النباش بن أبى زرارة فولدت له هندا وهالة وهما ذكران.
ثم تزوجها عتيق بن عائذ المخزومى، فولدت له جارية اسمها هند، وبعضهم يقدم عتيقا على أبى هالة.
ثم تزوجها رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم-، ولها يومئذ من العمر أربعون سنة وبعض أخرى، وكان سنه- صلى اللّه عليه وسلم- إحدى وعشرين سنة، وقيل خمسا وعشرين، وعليه الأكثر، وقيل ثلاثين.
وكانت عرضت نفسها عليه، فذكر ذلك لأعمامه، فخرج معه منهم حمزة، حتى دخل على خويلد بن أسد، فخطبها إليه فتزوجها- صلى اللّه عليه وسلم- وأصدقها عشرين بكرة. وزاد ابن إسحاق من طريق آخر: وحضر أبو طالب ورؤساء مضر: فخطب أبو طالب. وقد قدمت خطبته فى المقصد الأول عند ذكر تزويجها له- صلى اللّه عليه وسلم-. وذكر الدولابى وغيره أن النبى- صلى اللّه عليه وسلم- أصدق خديجة اثنتى عشرة أوقية ذهبا.
وقد كانت خديجة- كما قدمته- أول من آمن من الناس، وفى الصحيحين من حديث أبى هريرة: (أن جبريل قال للنبى- صلى اللّه عليه وسلم- يا محمد، هذه خديجة قد أتتك بإناء فيه طعام- أو إدام أو شراب- فإذا هى أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومنى، وبشرها ببيت فى الجنة من قصب، لا صخب فيه ولا نصب) (١) والقصب: اللؤلؤ المجوف.
__________
(١) صحيح: أخرجه البخارى (٣٨٢١) فى المناقب، باب: تزويج النبى- صلى اللّه عليه وسلم- خديجة وفضلها- رضى اللّه عنها-، ومسلم (٢٤٣٢) فى فضائل الصحابة، باب: فضائل خديجة أم المؤمنين- رضى اللّه تعالى عنها-، من حديث أبى هريرة- رضى اللّه عنه-.
قال ابن إسحاق: كان- صلى اللّه عليه وسلم- لا يسمع شيئا يكرهه من رد عليه وتكذيب له- عليه السّلام-، فيحزنه ذلك إلا فرج اللّه عنه بخديجة إذا رجع إليها تثبته وتخفف عنه، وتصدقه وتهون عليه أمر الناس حتى ماتت.
وعن عبد الرحمن بن زيد
قال: قال آدم- عليه السّلام-: إنى لسيد البشر يوم القيامة، إلا رجلا من ذريتى نبيّا من الأنبياء، يقال له أحمد، فضل على باثنتين: زوجته عاونته فكانت له عونا، وكانت زوجتى على عونا، وأعانه اللّه على شيطانه فأسلم، وكفر شيطانى. خرجه الدولابى، كما ذكره الطبرى.
وخرج الإمام أحمد عن ابن عباس أنه- صلى اللّه عليه وسلم-
قال: (أفضل نساء أهل الجنة: خديجة بنت خويلد، وفاطمة ابنة محمد، ومريم ابنة عمران، وآسية امرأة فرعون) (١) .
قال الشيخ ولى الدين العراقى: خديجة أفضل أمهات المؤمنين على الصحيح المختار،
وقيل: عائشة. انتهى.
وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصارى فى شرح بهجة الحاوى، عند ذكر أزواجه- صلى اللّه عليه وسلم-: وأفضلهن خديجة وعائشة وفى أفضلهما خلاف، صحح ابن العماد تفضيل خديجة لما ثبت أنه- صلى اللّه عليه وسلم- قال لعائشة، حين قالت له: قد رزقك اللّه خيرا منها ف
قال: (لا واللّه ما رزقنى اللّه خيرا منها، آمنت بى حين كفر بى الناس، وصدقتنى حين كذبنى الناس، وأعطتنى مالها حين حرمنى الناس) (٢) .
وسئل ابن داود [بن على الظاهرى] أيهما أفضل؟ ف
قال: عائشة أقرأها النبى- صلى اللّه عليه وسلم- السلام من جبريل، وخديجة أقرأها جبريل من ربها السلام على لسان محمد، فهى أفضل. قيل له: فمن أفضل خديجة أم فاطمة؟ ف
قال: إن رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم-
قال: (فاطمة بضعة منى) (٣) فلا أعدل ببضعة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم- أحدا.
__________
(١) أخرجه أحمد فى (المسند) (١/ ٢٩٣) ، وقد تقدم قريبا.
(٢) حسن: أخرجه أحمد فى (المسند) (٦/ ١١٧) بسند حسن.
(٣) صحيح: وقد تقدم قريبا.
ويشهد له قوله- صلى اللّه عليه وسلم- لها: (أما ترضين أن تكونى سيدة نساء أهل الجنة إلا مريم) (١) .
واحتج من فضل عائشة بما احتجت به من أنها فى الآخرة مع النبى صلى اللّه عليه وسلم- فى الدرجة، وفاطمة مع على فيها.
وسئل السبكى عن ذلك
فقال: الذى نختاره، وندين اللّه به، أن فاطمة بنت محمد أفضل من أمها خديجة، ثم أمها خديجة، ثم عائشة، ثم استدل لذلك بما تقدم بعضه.
وأما خبر الطبرانى: خير نساء العالمين مريم بنت عمران ثم خديجة بنت خويلد، ثم فاطمة بنت محمد، ثم آسية امرأة فرعون (٢) . فأجاب عنه ابن العماد: بأن خديجة إنما فضلت فاطمة باعتبار الأمومة، لا باعتبار السيادة.
واختار السبكى: أن مريم أفضل من خديجة لهذا الخبر، وللاختلاف فى نبوتها، انتهى.
وقال أبو أمامة بن النقاش: إن سبق خديجة، وتأثيرها فى أول الإسلام ومؤازرتها ونصرها وقيامها فى الدين للّه بمالها ونفسها، لم يشركها فيه أحد، لا عائشة ولا غيرها من أمهات المؤمنين. وتأثير عائشة فى آخر الإسلام، وحمل الدين وتبليغه إلى الأمة وإدراكها من الأحاديث ما لم تشركها فيه خديجة ولا غيرها، مما تميزت به عن غيرها، انتهى.
وماتت خديجة بمكة قبل الهجرة بثلاث سنين، وقيل بأربع، وقيل بخمس، ودفنت فى الحجون، وهى ابنة خمس وستين سنة، ولم يكن يومئذ يصلى على الجنازة، وكانت مدة مقامها مع النبى- صلى اللّه عليه وسلم- خمسا وعشرين سنة، وقيل أربعا وعشرين سنة.
__________
(١) صحيح إلا جملة مريم، وقد تقدم قريبا.
(٢) قلت: هو عند الطبرانى فى (الكبير) (٢٢/ ٤٠٢) بحرف العطف (واو) وليس (ثم) الذى يفيد الترتيب والتراخى.
وأما سودة بنت زمعة- وأمها الشموس بنت قيس- فأسلمت قديما وكانت تحت ابن عم لها يقال له السكران بن عمرو- أخو سهيل بن عمرو- أسلم معها قديما، وهاجرا جميعا إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية، فلما قدما مكة مات زوجها، وقيل إنه مات بالحبشة.
وتزوجها- صلى اللّه عليه وسلم- بمكة بعد موت خديجة قبل أن يعقد على عائشة، هذا قول قتادة وأبى عبيدة، ولم يذكر ابن قتيبة غيره، ويقال تزوجها بعد عائشة ويجمع بين القولين: بأنه- صلى اللّه عليه وسلم- عقد على عائشة قبل سودة، ودخل بسودة قبل عائشة، والتزويج يطلق على كل منهما، وإن كان المتبادر إلى الفهم العقد دون الدخول.
ولما كبرت سودة أراد- صلى اللّه عليه وسلم- طلاقها، فسألته ألايفعل وجعلت يومها لعائشة فأمسكها.
وتوفيت بالمدينة فى شوال سنة أربع وخمسين. وروى البخارى فى تاريخه بإسناد صحيح إلى سعيد بن أبى هلال: أنها ماتت فى خلافة عمر، وجزم الذهبى فى التاريخ الكبير بأنها ماتت فى آخر خلافة عمر، وقال ابن سيد الناس: إنه المشهور.
وأما أم المؤمنين عائشة- رضى اللّه عنها- وأمها أم رومان ابنة عامر بن عويمر بن عبد شمس، من بنى مالك بن كنانة- فكانت مسماة على جبير بن مطعم، فخطبها النبى- صلى اللّه عليه وسلم- وأصدقها- فيما قاله ابن إسحاق- أربعمائة درهم، وتزوجها بمكة فى شوال سنة عشر من النبوة قبل الهجرة بثلاث سنين، ولها ست سنين، وأعرس بالمدينة فى شوال سنة اثنتين من الهجرة على رأس ثمانية عشر شهرا، ولها تسع سنين. وقيل بعد سبعة أشهر من مقدمه- عليه الصلاة والسلام-.
وخرج الشيخان عن عائشة أنها
قالت: (تزوجنى رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- وأنا ابنة ست سنين فقدمنا المدينة، فنزلنا فى بنى الحارث بن الخزرج، فوعكت فتمزق شعرى، فأتتنى أمى- أم رومان- وإنى لفى أرجوحة مع صواحب لى،
فصرخت بى فأتيتها، ما أدرى ما تريد منى، فأخذت بيدى حتى أوقفتنى على باب الدار، وأنا أنهج، حتى سكن بعض نفسى، ثم أخذت شيئا من ماء فمسحت به وجهى ورأسى ثم أدخلتنى الدار، فإذا نسوة من الأنصار فى البيت فقلن: على الخير والبركة، فأسلمتنى إليهن فأصلحن من شأنى، فلم يرعنى إلا رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- ضحى، فأسلمتنى إليه، وأنا يومئذ بنت تسع سنين (١) .
وأخرجه أبو حاتم بتغيير بعض ألفاظه.
قال أبو عمر: كان نكاحه- صلى اللّه عليه وسلم- لعائشة فى شوال، وابتنى بها فى شوال، وكانت تحب أن يدخل النساء من أهلها وأحبتها فى شوال على أزواجهن.
وكانت أحب نساء رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- إليه، وكانت إذا هويت الشىء تابعها عليه، وفقدها- عليه السّلام- فى بعض أسفاره ف
قال: (واعروساه) (٢) .أخرجه أحمد.
وقال لها- صلى اللّه عليه وسلم-- كما فى الصحيحين-: (رأيتك فى المنام ثلاث ليال، جاءنى بك الملك فى سرقة من حرير، فيقول: هذه امرأتك، فأكشف عن وجهك فأقول: إن يكن من عند اللّه يمضه) (٣) والسرقة: شقة الحرير أو البيضاء.
وفى الترمذى أن جبريل جاءه- عليه الصلاة والسلام- بصورتها فى
__________
(١) صحيح: أخرجه البخارى (٣٨٩٤) فى المناقب، باب: تزويج النبى- صلى اللّه عليه وسلم- عائشة وقدومها المدينة وبنائه بها، ومسلم (١٤٢٢) فى النكاح، باب: تزويج الأب البكر الصغيرة.
(٢) أخرجه أحمد فى (المسند) (٦/ ٢٤٨) ، من حديث عائشة- رضى اللّه عنها-.
(٣) صحيح: أخرجه البخارى (٣٨٩٥) فى المناقب، باب: تزويج النبى- صلى اللّه عليه وسلم- عائشة وقدومها المدينة وبنائه بها، ومسلم (٢٤٣٨) فى فضائل الصحابة، باب: فى فضل عائشة رضى اللّه تعالى عنها-، واللفظ لمسلم.
خرقة حرير خضراء وقال هذه زوجتك فى الدنيا والآخرة. وفى رواية عنده:
قال جبريل: إن اللّه قد زوجك بابنة أبى بكر، ومعه صورتها (١) .
وكانت مدة مقامها معه- صلى اللّه عليه وسلم- تسع سنين، ومات عنها- صلى اللّه عليه وسلم- ولها ثمانى عشرة سنة ولم يتزوج بكرا غيرها، وكانت فقيهة عالمة فصيحة، كثيرة الحديث عن رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم-، عارفة بأيام العرب وأشعارها، روى عنها جماعة كثيرة من الصحابة والتابعين، وكان- صلى اللّه عليه وسلم- يقسم لها ليلتين، ليلتها وليلة سودة بنت زمعة، لأنها وهبت ليلتها لما كبرت لها- كما تقدم- ولنسائه ليلة ليلة، وكان يدور على نسائه ويختم بعائشة.
وماتت بالمدينة سنة سبع وخمسين. وقال الواقدى: ليلة الثلاثاء لسبع عشرة خلت من رمضان سنة ثمان وخمسين، وهى ابنة ست وستين سنة، وأوصت أن تدفن بالبقيع ليلا، وصلى عليها أبو هريرة، وكان يومئذ خليفة مروان على المدينة فى أيام معاوية بن أبى سفيان.
وكانت عائشة تكنى أم عبد اللّه، يروى أنها أسقطت من النبى- صلى اللّه عليه وسلم- سقطا، ولم يثبت والصحيح أنها كانت تكنى بعبد اللّه بن الزبير، ابن أختها، فإنه- عليه الصلاة والسلام- تفل فى فيه لما ولد، وقال لعائشة: (هو عبد اللّه وأنت أم عبد اللّه)
قالت: فما زلت أكنى بها وما ولدت قط. خرجه أبو حاتم.
وأما أم المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخطاب- رضى اللّه عنهما- وأمها زينب بنت مظعون- فأسلمت وهاجرت. وكانت قبل رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- تحت خنيس- بضم المعجمة وفتح النون وبالسين المهملة- ابن حذافة السهمى، هاجرت معه، ومات عنها بعد غزوة بدر.
فلما تأيمت ذكرها عمر على أبى بكر وعثمان فلم يجبه واحد منهما إلى زواجها، فخطبها رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- فأنكحه إياها فى سنة ثلاث من
__________
(١) صحيح: أخرجه الترمذى (٣٨٨٠) فى المناقب، باب: من فضل عائشة- رضى اللّه عنها-، من حديث عائشة- رضى اللّه عنها- .
الهجرة (١) ، وطلقها تطليقة واحدة، ثم راجعها (٢) ، نزل عليه الوحى: راجع حفصة فإنها صوامة قوامة وإنها زوجتك فى الجنة (٣) .
وروى عنها جماعة من الصحابة والتابعين. وماتت فى شعبان سنة خمس وأربعين فى خلافة معاوية، وقيل سنة إحدى وأربعين، وهى ابنة ستين سنة، وقيل إنها ماتت فى خلافة عثمان.
وأما أم المؤمنين أم سلمة هند، وقيل رملة والأول أصح- وأمها عاتكة بنت عامر بن ربيعة، وليست عاتكة بنت عبد المطلب- فكانت قبل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم- تحت أبى سلمة بن عبد الأسد، وكانت هى وزوجها أول من هاجر إلى أرض الحبشة، فولدت له بها زينب، وولدت له بعد ذلك سلمة وعمر ودرة، وقيل هى أول ظعينة دخلت المدينة مهاجرة، وقيل غيرها، ومات أبو سلمة سنة أربع وقيل سنة ثلاث من الهجرة.
وكانت أم سلمة سمعته- صلى اللّه عليه وسلم- يقول: (ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول:
اللّهم آجرنى فى مصيبتى واخلف لى خيرا منها، إلا أخلف اللّه له خيرا منها)
قالت: فلما مات أبو سلمة قلت أى المسلمين خير من أبى سلمة، ثم إنى قلتها، فأخلف اللّه لى رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- فأرسل إلى رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- حاطب بن أبى بلتعة يخطبنى له.
وفى رواية: فخطبها أبو بكر فأبت، وخطبها عمر فأبت، ثم أرسل إليها رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم-
فقالت: مرحبا برسول اللّه، إن فى خلالا ثلاثا: أنا امرأة
__________
(١) صحيح: أخرجه البخارى (٥١٢٢) فى النكاح، باب: عرض الإنسان ابنته أو أخته على أهل الخير.
(٢) صحيح: أخرجه أبو داود (٢٢٨٣) فى الطلاق، باب: فى المراجعة، وابن ماجه (٢٠١٦) فى الطلاق، باب: رقم (١) من حديث عمر- رضى اللّه عنه-.
(٣) حسن: أخرجه الحاكم فى (المستدرك) (٤/ ١٦) من حديث قيس بن زيد- رضى اللّه عنه-، و (٤/ ١٧) من حديث أنس- رضى اللّه عنه- .
شديدة الغيرة، وأنا امرأة مصبية (١) وأنا امرأة ليس لى ها هنا أحد من أوليائى فيزوجنى. فغضب عمر لرسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- أشد مما غضب لنفسه حين ردته، فأتاها رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم-
فقال: (أما ما ذكرت من غيرتك فإنى أدعو اللّه أن يذهبها عنك، وأما ما ذكرت من صبيتك فإن اللّه سيكفيهم، وأما ما ذكرت من أوليائك فليس أحد من أوليائك يكرهنى) فقالت لابنها: زوج رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- فزوجه (٢) . قال صاحب (السمط الثمين) رواه بهذا السياق هدبة بن خالد (وصاحب الصفوة) وخرج أحمد والنسائى طرفا منه، ومعناه فى الصحيح.
وفيه دلالة على أن الابن يلى العقد على أمه، وعندنا أنه إنما زوجها بالعصوبة لأنه ابن ابن عمها، لأن أبا سلمة عبد اللّه بن عبد الأسد بن هلال ابن عبد اللّه، وأم سلمة هند بنت سهيل بن المغيرة بن عبد اللّه، ولم يكن أحد من عصبتها حاضرا غيره.
وكانت أم سلمة من أجمل النساء، وتزوجها رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- فى ليال بقين من شوال من السنة التى مات فيها أبو سلمة.
وماتت سنة تسع وخمسين وقيل سنة اثنتين وستين، والأول أصح، ودفنت بالبقيع وصلى عليها أبو هريرة، وقيل سعيد بن زيد، وكان عمرها أربعا وثمانين سنة.
وأما أم المؤمنين أم حبيبة، رملة بنت أبى سفيان صخر بن حرب، وقيل اسمها هند، والأول أصح- وأمها صفية بنت أبى العاصى بن أمية عمة عثمان بن عفان- فكانت تحت عبيد اللّه بن جحش وهاجر بها إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية، ثم تنصر وارتد عن الإسلام ومات هناك، وثبتت أم حبيبة على الإسلام.
__________
(١) مصيبة: أى عندى صبيان.
(٢) صحيح: أخرجه مسلم (٩١٨) فى الجنائز، باب: ما يقال عند المصيبة، من حديث أم سلمة- رضى اللّه عنها-.
واختلف فى وقت نكاح رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- إياها، وموضع العقد، فقيل: إنه عقد عليها بأرض الحبشة سنة ست، فروى أنه- صلى اللّه عليه وسلم- بعث عمرو ابن أمية الضمرى إلى النجاشى ليخطبها عليه، فزوجها إياه، وأصدقها عنه أربعمائة دينار، وبعث بها إليه مع شرحبيل بن حسنة.
وروى أن النجاشى أرسل إليها جاريته (أبرهة)
فقالت: إن الملك يقول لك إن رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- كتب إلى أن أزوجك منه، وأنها أرسلت إلى خالد ابن سعيد بن العاصى فوكلته وأعطت أبرهة سوارين وخواتم من فضة سرورا بما بشرتها به، فلما كان العشى أمر النجاشى جعفر بن أبى طالب ومن هناك من المسلمين فحضروا، فخطب النجاشى
فقال: الحمد للّه الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار، أشهد ألاإله إلا اللّه وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، أما بعد: فقد أجبت إلى ما دعا إليه رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- وقد أصدقتها عنه أربعمائة دينار ذهبا، ثم سكب الدنانير بين يدى القوم. فتكلم خالد بن سعيد
فقال: الحمد للّه أحمده وأستعينه وأستغفره، وأشهد ألاإله إلا اللّه وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون. أما بعد: فقد أجبت إلى ما دعا إليه رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- وزوجته أم حبيبة بنت أبى سفيان، فبارك اللّه لرسوله- صلى اللّه عليه وسلم- فيها. ودفع الدنانير إلى خالد بن سعيد بن العاصى فقبضها، ثم أرادوا أن يقوموا
فقال: اجلسوا فإن سنة الأنبياء إذا تزوجوا أن يؤكل طعام على التزويج، فدعا بطعام فأكلوا ثم تفرقوا. خرجه صاحب الصفوة كما قال الطبرى. وكان ذلك سنة سبع من الهجرة.
قال أبو عمر: واختلف فيمن زوجها، فروى أنه سعيد بن العاصى، وروى عثمان بن عفان وهى ابنة عمته. وذكر البيهقى أن الذى زوجها خالد ابن سعيد بن العاصى وهو ابن ابن عم أبيها، لكن إن صح التاريخ المذكور فلا يصح أن يكون عثمان هو الذى زوجها، فإنه كان مقدمه من الحبشة قبل وقعة بدر فى السنة الثانية من الهجرة.
وكان أبو سفيان أبوها حال نكاحها بمكة مشركا محاربا لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم-. وقد قيل إن عقد النكاح عليها كان بالمدينة بعد رجوعها من أرض الحبشة والمشهور الأول. وماتت بالمدينة سنة أربع وأربعين
وقيل: سنة اثنتين وأربعين.
وأما أم المؤمنين زينب بنت جحش- وأما أميمة بنت عبد المطلب بن هاشم- فكان رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- زوجها من زيد بن حارثة، فمكثت عنده مدة ثم طلقها- كما سيأتى- إن شاء اللّه تعالى- فى الخصائص- فلما انقضت عدتها منه قال- صلى اللّه عليه وسلم- لزيد بن حارثة (اذهب فاذكرنى لها)
قال: فذهبت إليها، فجعلت ظهرى إلى الباب فقلت يا زينب بعث رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- يذكرك،
فقالت: ما كنت لأحدث شيئا حتى أؤامر ربى عز وجل، فقامت إلى مسجد لها، فأنزل اللّه تعالى: فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها (١) .
فجاء رسول اللّه فدخل عليها بغير إذن (٢) . أخرجه مسلم.
وقال المنافقون: حرم محمد نساء الولد، وقد تزوج امرأة ابنه، فأنزل اللّه تعالى: ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ (٣) .
وكانت زينب تفخر على أزواج النبى- صلى اللّه عليه وسلم- تقول: زوجكن آباؤكن، وزوجنى اللّه من فوق سبع سماوات (٤) ، رواه الترمذى وصححه.
وكان اسمها (برة) فحوّله- صلى اللّه عليه وسلم- إلى زينب. وعن أنس: لما تزوج صلى اللّه عليه وسلم- زينب بنت جحش دعا القوم فطعموا ثم جلسوا يتحدثون، فإذا هو صلى اللّه عليه وسلم- يتهيأ للقيام فلم يقوموا، فلما رأى ذلك قام وقام من قام، وقعد ثلاثة نفر، فجاء النبى- صلى اللّه عليه وسلم- ليدخل فإذا القوم جلوس، ثم إنهم قاموا، فانطلقت
__________
(١) سورة الأحزاب: ٣٧.
(٢) صحيح: أخرجه مسلم (١٤٢٨) فى النكاح، باب: زواج زينب بنت جحش- رضى اللّه عنها-، من حديث أنس- رضى اللّه عنه-.
(٣) سورة الأحزاب: ٤٠.
(٤) صحيح: أخرجه البخارى (٧٤٢١) فى التوحيد، باب: وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ، والترمذى (٣٢١٣) فى التفسير، باب: ومن سورة الأحزاب، واللفظ للترمذى.
فجئت فأخبرت النبى- صلى اللّه عليه وسلم- أنهم انطلقوا. فجاء حتى دخل فذهبت لأدخل فألقى الحجاب بينى وبينه، فأنزل اللّه تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ (١) الآية.
وكان تزويجها له- صلى اللّه عليه وسلم- فى سنة خمس من الهجرة، وقيل سنة ثلاث. وهى أول من مات من أزواجه بعده. وقالت عائشة فى شأنها: ولم تكن امرأة خيرا منها فى الدين، وأتقى للّه وأصدق حديثا، وأوصل للرحم، وأعظم صدقة وأشد ابتذالا لنفسها فى العمل الذى تتصدق به وتتقرب به إلى اللّه. رواه مسلم.
وماتت بالمدينة سنة عشرين، وقيل سنة إحدى وعشرين، ولها ثلاث وخمسون سنة، وصلى عليها عمر بن الخطاب، وهى أول من جعل على جنازتها نعش.
وأما أم المؤمنين زينب بنت خزيمة بن الحارث الهلالية، وكانت تدعى فى الجاهلية أم المساكين لإطعامها إياهم، فكانت تحت عبد اللّه بن جحش فى قول ابن شهاب، قتل عنها يوم أحد فتزوجها رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- سنة ثلاث، ولم تلبث عنده إلا شهرين أو ثلاثة وتوفيت فى حياته- صلى اللّه عليه وسلم-، وقيل مكثت عنده ثمانية أشهر، ذكره الفضائلى.
وقيل كانت قبله- صلى اللّه عليه وسلم- تحت الطفيل بن الحارث، ثم خلف عليها أخوه عبيدة بن الحارث وقتل عنها يوم أحد شهيدا، فخلف عليها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم-، والأول أصح.
وتوفيت فى ربيع الآخر سنة أربع ودفنت بالبقيع على الطريق قال الطبرى: كذا ذكره الفضائلى، وإنما يكون هذا على ما حكاه من أنها مكثت عنده- عليه السّلام- ثمانية أشهر، أما على ما حكاه أبو عمر فلا يصح، إذ العقد كان فى سنة ثلاث، ومدتها عنده- صلى اللّه عليه وسلم- شهران أو ثلاثة فلا يصح أن تكون وفاتها فى ربيع الآخر، انتهى، فليتأمل.
__________
(١) سورة الأحزاب: ٥٣.
وأما أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث الهلالية- وأمها هند بنت عوف بن زهير بن الحارث بن حماطة بن حمير- فتزوجها- صلى اللّه عليه وسلم- لما كان بمكة معتمرا سنة سبع بعد غزوة خيبر، وكانت أختها أم الفضل لبابة الكبرى تحت العباس ابن عبد المطلب، وأختها لأمها أسماء بنت عميس تحت جعفر، وسلمى بنت عميس تحت حمزة، وكانت جعلت أمرها إلى العباس فأنكحها النبى- صلى اللّه عليه وسلم- وهو محرم، فلما رجع بنى بها بسرف حلالا (١) ، ذكره أبو عمر. وفى الصحيح من أفراد مسلم، عنها أنه- صلى اللّه عليه وسلم- تزوجها وهو حلال، زاد البرقانى بعد قوله تزوجها حلالا: وبنى بها حلالا وماتت بسرف (٢) . فيحمل قوله:
وهو محرم، أى داخل فى الحرم، ويكون العقد وقع بعد انقضاء العمرة، ثم خرج بها إلى سرف وابتنى بها فيه، وهو على عشرة أميال من مكة، كذا قاله الطبرى. وسيأتى فى مقصد المعجزات فى ذكر الخصائص مزيد بيان لذلك إن شاء اللّه تعالى-.
وكانت ميمونة قبل عند أبى رهم بن عبد العزى، وي
قال: بل عبد اللّه ابن أبى رهم،
وقيل: بل عند حويطب بن عبد العزى،
وقيل: بل فروة بن عبد العزى.
قال ابن إسحاق. وي
قال: إنها وهبت نفسها للنبى- صلى اللّه عليه وسلم- وذلك أن خطبته- صلى اللّه عليه وسلم- انتهت إليها وهى على بعيرها
فقالت: البعير وما عليه للّه ولرسوله.
وقيل: الواهبة نفسها غيرها.
وتوفيت ميمونة بسرف فى الموضع الذى بنى بها فيه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم-، وذلك سنة إحدى وخمسين، وقيل ست وخمسين وقيل ثلاث وستين، وصلى عليها ابن عباس ودخل قبرها.
وأما أم المؤمنين جويرية بنت الحارث بن أبى ضرار- بكسر الضاد المعجمة وتخفيف الراء- فكانت تحت مسافح- بالسين المهملة والفاء- ابن صفوان المصطلقى.
__________
(١) تقدمت الأحاديث الدالة على ذلك.
(٢) تقدمت الأحاديث الدالة على ذلك.
وكانت قد وقعت فى سهم ثابت بن قيس بن شماس الأنصارى، فى غزوة المريسيع، وهى غزوة بنى المصطلق، فى سنة خمس وقيل سنة ست، فكاتبته على نفسها، ثم جاءت رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- فقالت يا رسول اللّه، أنا جويرية بنت الحارث وكان من أمرى ما لا يخفى عليك، ووقعت فى سهم ثابت بن قيس بن شماس وإنى كاتبت نفسى، فجئت أسألك فى كتابتى، فقال رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- (فهل لك إلى ما هو خير)
قالت: وما هو يا رسول اللّه؟
قال: (أؤدى عنك كتابتك وأتزوجك)
قالت: قد فعلت. فتسامع الناس أن رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- قد تزوج جويرية فأرسلوا ما فى أيديهم من السبى، فأعتقوهم وقالوا أصهار رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم-.
قالت عائشة: فما رأينا امرأة كانت أعظم بركة على قومها منها، أعتق فى سببها مائة أهل بيت بنى المصطلق (١) خرجه أبو داود من حديث عائشة.
وقال ابن هشام: ويقال اشتراها- صلى اللّه عليه وسلم- من ثابت بن قيس وأعتقها وتزوجها وأصدقها أربعمائة درهم.
وعن ابن شهاب: سبى- صلى اللّه عليه وسلم- جويرية بنت الحارث يوم المريسيع فحجبها وقسم لها، وكانت ابنة عشرين سنة، وكان اسمها (برة) فحوله صلى اللّه عليه وسلم- وسماها جويرية. وقد تقدم مثل ذلك فى زينب بنت جحش.
وتوفيت وعمرها خمس وستون سنة فى ربيع الأول سنة خمسين، وقيل سنة ست وخمسين.
وأما أم المؤمنين صفية بنت حيى بن أخطب بن سعية- بفتح السين وسكون العين المهملتين وبالياء المثناة التحتية- ابن ثعلبة بن عبيد من بنى إسرائيل من سبط هارون بن عمران- عليه الصلاة والسلام-. وأمها ضرة بفتح الضاد المعجمة وتشديد الراء- بنت سموأل- بفتح السين المهملة وفتح الميم وسكون الواو وفتح الهمزة وباللام-. فكانت تحت كنانة بن أبى الحقيق
__________
(١) حسن: أخرجه أبو داود (٣٩٣١) فى العتق، باب: فى بيع المكاتب إذا نسخت الكتابة، وأحمد فى (مسنده) (٦/ ٢٧٧) ، وابن حبان فى (صحيحه) (٤٠٥٤ و ٤٠٥٥) .
- بضم الحاء المهملة وفتح القاف الأولى وسكون المثناة التحتية- فقتل يوم خيبر فى المحرم سنة سبع من الهجرة.
قال أنس: لما افتتح- صلى اللّه عليه وسلم- خيبر وجمع السبى، جاءه دحية ف
قال: يا رسول اللّه أعطنى جارية من السبى،
فقال: (اذهب فخذ جارية) فأخذ صفية بنت حيى فجاء رجل إلى النبى- صلى اللّه عليه وسلم-
فقال: يا رسول اللّه، أعطيت دحية صفية بنت حيى سيدة قريظة والنضير، ما تصلح إلا لك،
قال: (ادعوه بها) فجاء بها،
قال: فلما نظر إليها النبى- صلى اللّه عليه وسلم-
قال: (خذ جارية من السبى غيرها)
قال: وأعتقها وتزوجها. قال له ثابت: يا أبا حمزة ما أصدقها؟
قال: نفسها، أعتقها وتزوجها. حتى إذا كان الطريق جهزتها له أم سليم فأهدتها له من الليل، فأصبح- صلى اللّه عليه وسلم- عروسا، ف
قال: (من كان عنده شىء فليجىء به)
قال: فبسط نطعا،
قال: فجعل الرجل يجىء بالأقط، وجعل الرجل يجىء بالتمر، وجعل الرجل يجىء بالسمن، فحاسوا حيسا فكانت وليمة رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- (١) .
وفى رواية: فقال الناس لا ندرى أتزوجها أم اتخذها أم ولد، قالوا: إن حجبها فهى امرأته وإن لم يحجبها فهى أم ولد، فلما أراد أن يركب حجبها.
وفى رواية: فانطلقنا حتى إذا رأينا جدر المدينة هششنا إليها، فدفعنا مطايانا، ودفع رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- مطيته،
قال: وصفية خلفه قد أردفها،
قال: فعثرت مطية رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- فصرع وصرعت، فليس أحد من الناس ينظر إليه ولا إليها حتى قام رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- فسترها.
قال: فدخلنا المدينة، فخرج جوارى نسائه يتراءينها ويشمتن بصرعتها (٢) رواه الشيخان وهذا لفظ مسلم.
وروى عن جابر أنه- صلى اللّه عليه وسلم- أتى بصفية يوم خيبر، وأنه قتل أباها
__________
(١) صحيح: أخرجه البخارى (٣٧١) فى الصلاة، باب: ما يذكر فى الفخذ، ومسلم (١٣٦٥) فى النكاح، باب: فضيلة إعتاق أمة ثم يتزوجها.
(٢) صحيح: أخرجه مسلم (١٣٦٥) (٨٨) فيما تقدم.
وأخاها، وأن بلالا مر بها بين المقتولين، وأنه- صلى اللّه عليه وسلم- خيرها بين أن يعتقها فترجع إلى من بقى من أهلها، أو تسلم فيتخذها لنفسه،
فقالت: أختار اللّه ورسوله. خرجه فى الصفوة.
وأخرج تمام فى فوائده من حديث أنس أن رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- قال لها:
(هل لك فىّ)
قالت: يا رسول اللّه لقد كنت أتمنى ذلك فى الشرك، فكيف إذ أمكننى اللّه فى الإسلام.
وأخرج أبو حاتم من حديث ابن عمر: رأى- صلى اللّه عليه وسلم- بعين صفية خضرة ف
قال: (ما هذه الخضرة؟)
فقالت: كان رأسى فى حجر ابن الحقيق وأنا نائمة، فرأيت قمرا وقع فى حجرى فأخبرته بذلك فلطمنى
و قال: تمنين ملك يثرب.
وبنى بها- صلى اللّه عليه وسلم- بالصهباء.
وماتت فى رمضان سنة خمسين فى زمن معاوية، وقيل غير ذلك.
فهؤلاء أزواجه اللاتى دخل بهن لا خلاف فى ذلك بين أهل السير والعلم بالأثر.
وقد ذكر أنه- صلى اللّه عليه وسلم- تزوج نسوة غير من ذكر، وجملتهن اثنتا عشرة امرأة:
الأولى: الواهبة نفسها له- صلى اللّه عليه وسلم-، واختلف من هى، فقيل أم شريك القرشية العامرية، واسمها: غزية- بضم الغين المعجمة وفتح الزاى وتشديد المثناة التحتية- بنت جابر بن عوف، من بنى عامر بن لؤى. وقيل بنت دودان ابن عوف، وطلقها النبى- صلى اللّه عليه وسلم- واختلف فى دخوله بها.
وقيل هى أم شريك غزية الأنصارية من بنى النجار، وفى الصفوة: هى أم شريك غزية بنت جابر الدوسية
قال: والأكثرون على أنها التى وهبت نفسها للنبى- صلى اللّه عليه وسلم- فلم يقبلها فلم تتزوج حتى ماتت.
وذكر ابن قتيبة فى المعارف عن أبى اليقظان، أن الواهبة نفسها خولة بنت حكيم السلمى، ويجوز أن يكونا وهبتا أنفسهما من غير تضاد.
وقال عروة بن الزبير: كانت خولة بنت حكيم، من اللاتى وهبن أنفسهن للنبى- صلى اللّه عليه وسلم-، فقالت عائشة: أما تستحى المرأة أن تهب نفسها للرجل، فلما نزلت: تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ (١) قالت عائشة: يا رسول اللّه، ما أرى ربك إلا يسارع لك فى هواك (٢) رواه الشيخان. وهذه خولة هى زوجة عثمان بن مظعون، ولعل ذلك وقع منها قبل عثمان.
الثانية: خولة بنت الهذيل بن هبيرة. تزوجها- صلى اللّه عليه وسلم- فهلكت قبل أن تصل إليه.
الثالثة: عمرة بنت يزيد بن الجون- بفتح الجيم- الكلابية، وقيل بنت يزيد بن عبيد بن أوس بن كلاب الكلابية. قال أبو عمر: وهذا أصح.
تزوجها- صلى اللّه عليه وسلم- فتعوذت منه حين أدخلت عليه، فقال لها: (لقد عذت بمعاذ) فطلقها وأمر أسامة بن زيد فمتعها بثلاثة أثواب (٣) ، قال أبو عمر: هكذا روى عن عائشة.
وقال قتادة: كان ذلك فى امرأة من سليم. وقال أبو عبيدة: إنما ذلك لأسماء بنت النعمان بن الجون، وهكذا ذكره ابن قتيبة. وسيأتى وقال فى عمرة هذه: إن أباها وصفها للنبى- صلى اللّه عليه وسلم- ثم قال وأزيدك: أنها لم تمرض قط فقال- صلى اللّه عليه وسلم-: (ما لهذه عند اللّه من خير فطلقها) .
الرابعة: أسماء بنت النعمان بن الجون- بفتح الجيم- ابن الحارث الكندية وهى الجونية. قال أبو عمر: أجمعوا أن رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- تزوجها واختلفوا فى سبب فراقة لها، فقال قتادة وأبو عبيدة: إنه- صلى اللّه عليه وسلم- لما دعاها
قالت: تعال أنت وأبت أن تجىء،
وقال بعضهم: قالت: أعوذ باللّه منك،
فقال: (عذت بمعاذ ولقد أعاذك اللّه منى)
__________
(١) سورة الأحزاب: ٥١.
(٢) صحيح: أخرجه البخارى (٤٧٨٨) فى التفسير، باب: قوله: تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ الآية، ومسلم (١٤٦٤) فى الرضاع، باب: جواز هبتها نوبتها لضرتها.
(٣) صحيح: أخرجه البخارى (٥٢٥٤) فى الطلاق، باب: من طلق وهل يواجه الرجل امرأته بالطلاق، وابن ماجه (٢٠٣٧) فى الطلاق، باب: متعة الطلاق، واللفظ له.
وقيل: إن نساءه- صلى اللّه عليه وسلم- علمنها ذلك فإنها كانت أجمل الناس فخفن أن تغلبهن عليه، فقلن لها إنه يحب إذا دنا منك إن تقولى: أعوذ باللّه منك، ف
قال: (قد عذت بمعاذ) وطلقها، ثم سرحها إلى أهلها وكانت تسمى نفسها الشقية.
وقال الجرجانى: قلن لها: إن أردت أن تحظى عنده فتعوذى باللّه منه، فقالت ذلك فولى وجهه عنها. وقيل المتعوذة غيرها، قال أبو عبيدة: ويجوز أن تكونا تعوذتا،
وقال آخرون: كان بأسماء وضح فقال لها (ألحقى بأهلك) (١) وقد قيل فى اسمها أميمة،
وقيل: أمامة.
الخامسة: مليكة بنت كعب الليثية، قال بعضهم: هى التى استعاذت من النبى- صلى اللّه عليه وسلم- وقيل دخل بها، وماتت عنده، والأول أصح، ومنهم من ينكر تزويجه بها أصلا.
والسادسة: فاطمة بنت الضحاك بن سفيان الكلابى، تزوجها بعد وفاة ابنته زينب وخيرها حين نزلت آية التخيير، [الأحزاب ٢٨ و ٢٩] فاختارت الدنيا ففارقها- عليه الصلاة والسلام- فكانت بعد ذلك تلقط البعر وتقول هى الشقية اختارت الدنيا، هكذا رواه ابن إسحاق.
لكن قال أبو عمر: هذا عندنا غير صحيح، لأن ابن شهاب يروى عن عروة عن عائشة، أنه- صلى اللّه عليه وسلم- حين خير أزواجه بدأ بها فاختارت اللّه ورسوله، وتابع أزواج النبى- صلى اللّه عليه وسلم- على ذلك.
وقال قتادة وعكرمة: كان عنده- صلى اللّه عليه وسلم- عند التخيير تسع نسوة وهن اللاتى توفى عنهن.
وقيل إنه- صلى اللّه عليه وسلم- تزوجها سنة ثمان، وقيل إن أباها
قال: إنها لم تصدع قط، فقال- عليه الصلاة والسلام-: (لا حاجة لى بها) .
السابعة: عالية بنت ظبيان بن عمرو بن عوف، تزوجها- صلى اللّه عليه وسلم- وكانت
__________
(١) انظر ما قبله، وكذلك ما قاله الحافظ ابن حجر فى (الفتح) (٩/ ٣٥٧- ٣٥٩) .
عنده ما شاء اللّه، ثم طلقها، وقل من ذكرها، وقال أبو سعد: طلقها حين أدخلت عليه- صلى اللّه عليه وسلم-.
الثامنة: قتيلة- بضم القاف وفتح المثناة الفوقية وسكون المثناة التحتية- بنت قيس أخت الأشعث بن قيس الكندى، زوجه إياها أخوها فى سنة عشر، ثم انصرف إلى حضر موت فحملها فقبض- صلى اللّه عليه وسلم- سنة إحدى عشرة قبل قدومها عليه، وقيل تزوجها- عليه السّلام- قبل وفاته بشهرين، وقال قائلون: إن رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- أوصى بأن تخير، فإن شاءت ضرب عليها الحجاب، وكانت من أمهات المؤمنين، وإن شاءت الفراق فلتنكح من شاءت، فاختارت النكاح فتزوجها عكرمة بن أبى جهل بحضر موت، فبلغ ذلك أبا بكر
فقال:
هممت أن أحرق عليها بيتها، فقال له عمر- رضى اللّه عنه-: ما هى من أمهات المؤمنين، ما دخل بها رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- ولا ضرب عليها الحجاب.
وقال بعضهم: لم يوص فيها- عليه السّلام- بشىء، ولكنها ارتدت حين ارتد أخوها.
وبذلك احتج عمر على أبى بكر- رضى اللّه عنهما-: أنها ليست من أمهات المؤمنين بارتدادها.
التاسعة: سنا بنت أسماء بن الصلت السلمية، تزوجها- صلى اللّه عليه وسلم- ومات قبل أن يدخل بها، وعند ابن إسحاق: طلقها قبل أن يدخل بها.
العاشرة: شرف- بفتح الشين المعجمة وتخفيف الراء وبالفاء- بنت خليفة الكلبية، أخت دحية بن خليفة الكلبى، تزوجها رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- فماتت قبل دخوله- عليه السّلام- بها.
الحادية عشرة: ليلى بنت الخطيم- بفتح الخاء المعجمة وكسر الطاء المهملة- أخت قيس تزوجها- صلى اللّه عليه وسلم- وكانت غيورا فاستقالته فأقالها فأكلها الذئب، وقيل هى التى وهبت نفسها له- صلى اللّه عليه وسلم-.
الثانية عشرة: امرأة من غفار تزوجها- صلى اللّه عليه وسلم- فأمرها فنزعت ثيابها فرأى
بكشحها بياضا
فقال: (ألحقى بأهلك) ولم يأخذ مما آتاها شيئا (١) ، أخرجه أحمد.
فهؤلاء جملة من ذكر من أزواجه- صلى اللّه عليه وسلم-، وفارقهن فى حياته، بعضهن قبل الدخول وبعضهن بعده- كما ذكرناه- فيكون جملة من عقد عليهن ثلاثا وعشرين امرأة دخل ببعضهن دون بعض. مات منهن عنده بعد الدخول خديجة وزينب بنت خزيمة، ومات منهن قبل الدخول اثنتان: أخت دحية وبنت الهذيل باتفاق.
واختلف فى مليكة وسنا، هل ماتتا أو طلقهما، مع الاتفاق على أنه صلى اللّه عليه وسلم- لم يدخل بهما.
وفارق بعد الدخول باتفاق بنت الضحاك، وبنت ظبيان، وقبله باتفاق:
عمرة وأسماء والغفارية.
واختلف فى أم شريك: هل دخل بها؟ مع الاتفاق على الفرقة.
والمستقيلة التى جهل حالها. فالمفارقات بالاتفاق سبع، واثنتان على خلاف.
الميتات فى حياته باتفاق أربع، ومات- صلى اللّه عليه وسلم- من عشر، واحدة لم يدخل بها.
وروى أنه- صلى اللّه عليه وسلم- خطب عدة نسوة:
الأولى منهن: امرأة من بنى مرة بن عوف بن سعد، خطبها- صلى اللّه عليه وسلم- إلى أبيها ف
قال: إن بها برصا، وهو كاذب، فرجع فوجد البرص بها، وي
قال: إن ابنها شبيب بن البرصاء بن الحارث بن عوف. ذكره ابن قتيبة، كما قاله الطبرى، وعند ابن الأثير فى جامع الأصول: جمرة بنت الحارث بن عوف خطبها- صلى اللّه عليه وسلم- فقال أبوها: إن بها سوآ، ولم يكن بها شىء، فرجع إليها أبوها وقد برصت،
قال: وهى أم شبيب بن البرصاء الشاعر.
__________
(١) ذكره الهيثمى فى (المجمع) (٤/ ٣٠٠) عن كعب بن زيد أو زيد بن كعب و
قال: رواه أحمد، وجميل [أحد رواته] ......
الثانية: امرأة قرشية يقال لها سودة، خطبها- صلى اللّه عليه وسلم- وكانت مصبية،
فقالت: أخاف أن تضغو صبيتى- أى يصيحوا ويبكوا- عند رأسك، فدعا لها وتركها.
الثالثة: صفية بنت بشامة- بفتح الموحدة وتخفيف الشين المعجمة- كان أصابها فى سبى فخيرها بين نفسه الكريمة وبين زوجها، فاختارت زوجها.
الرابعة: ولم يذكر اسمها، قيل إنه- صلى اللّه عليه وسلم- خطبها،
فقالت: أستأمر أبى، فلقيت أباها فأذن لها، فعادت إلى النبى- صلى اللّه عليه وسلم- فقال لها: (قد التحفنا لحافا غيرك) .
الخامسة: أم هانىء فاختة بنت أبى طالب أخت على، خطبها- صلى اللّه عليه وسلم-
فقالت: إنى امرأة مصبية واعتذرت إليه، فعذرها.
السادسة: ضباعة- بضم الضاد المعجمة وتخفيف الموحدة وبالعين المهملة- بنت عامر بن قرط- بضم القاف وسكون الراء وبالطاء المهملة- خطبها- صلى اللّه عليه وسلم- إلى ابنها سلمة بن هشام ف
قال: حتى أستأمرها، فقيل للنبى صلى اللّه عليه وسلم-: إنها قد كبرت، فلما عاد ابنها- وقد أذنت له- سكت عنها- صلى اللّه عليه وسلم- فلم ينكحها.
السابعة: أمامة بنت حمزة بن عبد المطلب، عرضت عليه- صلى اللّه عليه وسلم-
فقال: (هى ابنة أخى من الرضاعة) (١) .
الثامنة: عزة بنت أبى سفيان، عرضتها أختها أم حبيبة عليه- صلى اللّه عليه وسلم- فقال (إنها لا تحل لى) (٢) لمكان أختها أم حبيبة تحت النبى- صلى اللّه عليه وسلم-.
وقيل: تزوج- صلى اللّه عليه وسلم- الجندعية- بضم الجيم وسكون النون وضم الدال وبالعين المهملة- امرأة من جندع، وهى ابنة جندب بن ضمرة، ولم يدخل
__________
(١) صحيح: أخرجه البخارى (٢٦٤٥) فى الشهادات، باب: الشهادة على الأنساب، ومسلم (١٤٤٧) فى الرضاع، باب: تحريم ابنة الأخ من الرضاعة، من حديث ابن عباس رضى اللّه عنهما-.
(٢) صحيح: أخرجه مسلم (١٤٤٩) فى الرضاع، باب: تحريم الربيبة وأخت المرأة.
بها. وأنكره بعض الرواة. فهؤلاء النساء اللاتى ذكر أنه- صلى اللّه عليه وسلم- تزوجهن أو خطبهن أو دخل بهن، أو لم يدخل بهن أو عرضن عليه.
وأما سرارية فقيل إنهن أربعة:
مارية القبطية بنت شمعون- بفتح الشين المعجمة- أهداها له المقوقس القبطى صاحب مصر والإسكندرية، وأهدى معها أختها سيرين- بكسر السين المهملة وسكون المثناة التحتية وكسر الراء وبالنون آخرها-، وخصيا يقال له:
مأبور، وألف مثقال ذهبا وعشرين ثوبا لينا من قباطى مصر، وبغلة شهباء وهى دلدل، وحمارا أشهب وهو عفير
ويقال: يعفور، وعسلا من عسل بنها، فأعجب النبى- صلى اللّه عليه وسلم- العسل ودعا فى عسل بنها بالبركة. قال ابن الأثير:
وبنها- بكسر الباء وسكون النون- قرية من قرى مصر، بارك النبى- صلى اللّه عليه وسلم- فى عسلها، والناس اليوم يفتحون الباء، انتهى.
ووهب- صلى اللّه عليه وسلم- سيرين لحسان بن ثابت وهى أم عبد الرحمن بن حسان، ومارية أم إبراهيم ابن النبى- صلى اللّه عليه وسلم-. وماتت مارية فى خلافة عمر سنة ست عشرة ودفنت بالبقيع.
وريحانة بنت شمعون من بنى قريظة، وقيل من بنى النضير، والأول أظهر، وماتت قبل وفاته- صلى اللّه عليه وسلم- مرجعه من حجة الوداع سنة عشر، ودفنت بالبقيع، وكان- صلى اللّه عليه وسلم- وطئها بملك اليمين، وقيل أعتقها وتزوجها ولم يذكر ابن الأثير غيره.
وأخرى: وهبتها له زينب بنت جحش.
الرابعة: أصابها فى بعض السبى.