قال صاحب (ذخائر العقبى فى مناقب ذوى القربى) : كان له- صلى اللّه عليه وسلم- اثنا عشر عمّا بنو عبد المطلب، أبوه- عبد اللّه- ثالث عشرهم: الحارث، وأبو طالب واسمه عبد مناف، والزبير ويكنى أبا الحارث، وحمزة، وأبو لهب واسمه عبد العزى، والغيداق، والمقوم، وضرار، والعباس، وقثم، وعبد الكعبة، وجحل- بتقديم الجيم، وهو السقاء الضخم، وقال الدار قطنى بتقديم الحاء وهو القيد والخلخال- ويسمى المغيرة.

وقيل كانوا أحد عشر فأسقط: المقوم، وقال هو عبد الكعبة، وقيل عشرة، فأسقط الغيداق وجحلا، وقيل تسعة فأسقط قثم.

فأما حمزة، فأمه هالة بنت وهيب بن عبد مناف بن زهرة، ويكنى أبا عمارة وأبا يعلى، كنيتان له بابنيه عمارة ويعلى، وكان يدعى أسد اللّه وأسد رسوله وفى معجم البغوى أنه- صلى اللّه عليه وسلم-

قال: (والذى نفسى بيده إنه لمكتوب عند اللّه عز وجل فى السماء السابعة: حمزة أسد اللّه وأسد رسوله) (١) .

وكان إسلامه فى السنة الثانية من المبعث، وقيل فى السادسة بعد دخوله صلى اللّه عليه وسلم- دار الأرقم، وقيل قبل إسلام عمر بثلاثة أيام.

وشهد بدرا، وقتل بها عتبة بن ربيعة مبارزة، قاله موسى بن عقبة،

وقيل: بل قتل شيبة بن ربيعة مبارزة، قاله ابن إسحاق.

وأول راية عقدها- صلى اللّه عليه وسلم- لأحد من المسلمين كانت لحمزة، وأول سرية بعثها، وقال- صلى اللّه عليه وسلم-: (خير أعمامى حمزة) (٢) رواه الحافظ الدمشقى.

__________

(١) أخرجه الحاكم فى (المستدرك) (٣/ ٢١٤ و ٢١٩) ، والطبرانى فى (الكبير) (٣/ ١٤٩) .

(٢) أخرجه الديلمى فى مسند الفردوس عن عباس بن ربيعة، كما فى (الجامع الصغير) (٤٠٤٩).

وروى ابن السرى مرفوعا: (سيد الشهداء يوم القيامة حمزة بن عبد المطلب) (١) .

وذكر السلفى عن بريدة فى

قوله تعالى: يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (٢)

قال: حمزة بن عبد المطلب، وعن ابن عباس فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ (٣)

قال: حمزة.

واستشهد فى وقعة أحد، قتله وحشى. وعن سعيد بن المسيب كان يقول: كنت أعجب لقاتل حمزة كيف ينجو، حتى إنه مات غريقا فى الخمر.

رواه الدار قطنى على شرط الشيخين. وقال ابن هشام: بلغنى أن وحشيّا لم يزل يحد فى الخمر حتى خلع من الديوان، فكان عمر يقول: لقد علمت أن اللّه لم يكن ليدع قاتل حمزة.

ولما رأى النبى- صلى اللّه عليه وسلم- حمزة قتيلا بكى، فلما رأى ما مثل به شهق (٤) .

وعن أبى هريرة: وقف- صلى اللّه عليه وسلم- على حمزة- وقد قتل ومثل به- فلم ير منظرا كان أوجع لقلبه منه. رواه أبو عمر، والمخلص (٥) ، وصاحب الصفوة.

وعند ابن هشام أنه- صلى اللّه عليه وسلم-

قال: (لن أصاب بمثلك أبدا، ما وقفت موقفا قط أغيظ لى من هذا) .

وعند ابن شاذان من حديث ابن مسعود: ما رأينا رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم-

__________

(١) صحيح: أخرجه الحاكم فى (المستدرك) (٣/ ٢١٢) من حديث على- رضى اللّه عنه-، و (٣/ ٢١٥) من حديث جابر- رضى اللّه عنه-.

(٢) سورة الفجر: ٢٧.

(٣) سورة الأحزاب: ٢٣.

(٤) ذكره الهيثمى فى (المجمع) (٦/ ١١٨) عن جابر و

قال: رواه البزار وفيه عبد اللّه بن محمد ابن عقيل، وهو حسن الحديث على ضعفه، وفى (٦/ ١١٩) عن جابر أيضا و

قال: رواه الطبرانى، وفيه المفضل بن صدقة وهو متروك.

(٥) هو: الشيخ المحدث، أبو طاهر، محمد بن عبد الرحمن بن العباس البغدادى الذهبى، مخلّص الذهب من الغش، كان ثقة، مات سنة (٣٩٣ هـ) .

باكيا قط أشد من بكائه على حمزة بن عبد المطلب، وضعه فى القبلة ثم وقف على جنازته وانتحب حتى نشغ من البكاء يقول: (يا حمزة يا عم رسول اللّه وأسد اللّه وأسد رسوله، يا حمزة يا فاعل الخيرات، يا حمزة يا كاشف الكربات، يا حمزة يا ذابّا عن وجه رسول اللّه) (١) .

والنشغ: الشهيق حتى يبلغ به الغشى.

وكان- صلى اللّه عليه وسلم- إذا صلى على جنازة كبر عليها أربعا، وكبر على حمزة سبعين تكبيرة، رواه البغوى فى معجمه. وقد روى أنس بن مالك أن شهداء أحد لم يغسلوا ودفنوا بدمائهم ولم يصل عليهم (٢) . خرجه أحمد وأبو داود.

فيحمل أمر حمزة على التخصيص، ومن صلى عليه عليه أنه جرح حال الحرب ولم يمت حتى انقضت الحرب. وكان سن حمزة يوم قتل تسعا وخمسين سنة، ودفن هو وابن أخته عبد اللّه بن جحش فى قبر واحد.

وأما العباس وكنيته أبو الفضل، فأمه نتلة، ويقال نتيلة بنت جناب بن كلب بن النمر بن قاسط، وي

قال: إنها أول عربية كست البيت الحرام الديباج وأصناف الكسوة، لأن العباس ضل وهو صبى، فنذرت إن وجدته أن تكسو البيت.

وكان العباس جميلا وسيما أبيض، له ضفيرتان، معتدلا وقيل كان طوالا، وولد قبل الفيل بثلاث سنين، وكان أسن من النبى- صلى اللّه عليه وسلم- بسنتين أو ثلاث، وكان رئيسا فى قريش وإليه عمارة المسجد الحرام.

وكان مع النبى- صلى اللّه عليه وسلم- يوم العقبة يعقد له البيعة على الأنصار، وكان عليه السّلام- يثق به فى أمره كله. ولما شدوا وثاقه فى أسرى بدر سهر- صلى اللّه عليه وسلم- تلك الليلة، فقيل: ما يسهرك يا رسول اللّه؟

قال: (لأنين العباس) فقام رجل

__________

(١) لم أقف عليه، ولا أظنه يثبت عن رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم-.

(٢) صحيح: أخرجه أبو داود (٣١٣٥- ٣١٣٧) فى الجنائز، باب: فى الشهيد يغسل، وهو عند البخارى (١٣٤٣) فى الجنائز، باب: الصلاة على الشهيد، ولكن من حديث جابر ابن عبد اللّه- رضى اللّه عنهما-.

فأرخى وثاقه، وفعل ذلك بالأسرى كلهم، ذكره أبو عمر، وصاحب الصفوة.

وقيل: كان يكتم إسلامه وخرج مع المشركين يوم بدر فقال- صلى اللّه عليه وسلم- (من لقى العباس فلا يقتله فإنه خرج مستكرها) (١) فأسره كعب بن عمرو، ففادى نفسه ورجع إلى مكة.

وقيل: إنه أسلم يوم بدر ثم أقبل إلى المدينة مهاجرا، فاستقبل النبى صلى اللّه عليه وسلم- يوم الفتح بالأبواء وكان معه فى فتح مكة، وبه ختمت الهجرة. وقال أبو عمر: أسلم قبل فتح خيبر وكان يكتم إسلامه ويسره ما يفتح اللّه على المسلمين، وأظهر إسلامه يوم فتح مكة، وشهد حنينا والطائف وتبوك.

ويقال: إن إسلامه كان قبل بدر، وكان يكتب بأخبار المشركين إلى رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم-، وكان المسلمون بمكة يثقون به، وكان يحب القدوم على رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم-، فيكتب إليه- صلى اللّه عليه وسلم- (إن مقامك بمكة خير لك) وقال أبو مصعب إسماعيل بن قيس بن سعد بن زيد بن ثابت حدثنا أبو حازم سلمة ابن دينار عن سهل بن سعد- رضى اللّه عنه-

قال: استأذن العباس- رضى اللّه عنه- النبى صلى اللّه عليه وسلم- فى الهجرة فكتب إليه: (يا عم أقم مكانك الذى أنت فيه، فإن اللّه عز وجل يختم بك الهجرة كما ختم بى النبوة) (٢) رواه أبو يعلى والهيثم بن كليب- فى مسنديهما- والطبرانى فى الكبير.

وأبو مصعب متروك، لكن يعتضد بقول عروة بن الزبير: كان العباس قد أسلم وأقام على سقايته ولم يهاجر (٣) ، رواه الحاكم فى مستدركه. وذكر السهمى فى الفضائل أن أبا رافع لما بشر النبى- صلى اللّه عليه وسلم- بإسلام العباس أعتقه.

__________

(١) ذكره الحافظ ابن كثير فى (تفسيره) (٢/ ٣٢٧) وعزاه لمحمد بن إسحاق عن العباس بن عبد اللّه بن مغافل عن بعض أهله عن عبد اللّه بن عباس- رضى اللّه عنهما- فذكره.

(٢) أخرجه الطبرانى فى (الكبير) (٦/ ١٥٤) ، وأبو يعلى فى (مسنده) (٢٦٤٦) ، بسند فيه أبو مصعب، إسماعيل بن قيس.

(٣) أخرجه الحاكم فى (مستدركه) (٣/ ٣٦٤) ، والبيهقى فى (السنن الكبرى) (٩/ ١٥) .

وكان- صلى اللّه عليه وسلم- يكرم العباس بعد إسلامه ويعظمه، ووصفه- عليه السّلام- ف

قال: (أجود الناس كفّا، وأحناه عليهم) رواه الفضائلى وفى معجم البغوى:

(العباس عمى وصنو أبى، من آذاه فقد آذانى) (١) وفى الترمذى نحوه، و قال: حسن صحيح.

وذكر السهمى فى الفضائل: أن العباس أتى النبى- صلى اللّه عليه وسلم- فلما رآه قام إليه، وقبل ما بين عينيه، ثم أقعده عن يمينه ثم

قال: (هذا عمى فمن شاء فليباه بعمه) فقال العباس: نعم القول يا رسول اللّه، قال (ولم لا أقول هذا، أنت عمى وصنو أبى وبقية آبائى ووارثى وخير من أخلف من أهلى) وقال له صلى اللّه عليه وسلم- (يا عم لا ترم منزلك أنت وبنوك غدا حتى أتيكم فإن لى فيكم حاجة) فلما أتاهم اشتمل عليهم بملاءة ثم

قال: (يا رب، هذا عمى وصنو أبى وهؤلاء أهل بيتى فاسترهم من النار كسترى إياهم بملاءتى هذه)

قال: فأمنت أسكفة الباب وحوائط البيت

فقالت: آمين آمين آمين. رواه ابن غيلان، وأبو القاسم حمزة، والسهمى، ورواه ابن السرى وفيه: فما بقى فى البيت مدرة ولا باب إلا أمن. ورواه الترمذى من حديث ابن عباس بلفظ (فألبسنا كساء) ثم

قال:

(اللّهم اغفر للعباس وولده مغفرة ظاهرة وباطنة لا تغادر ذنبا،

اللّهم احفظه فى ولده) (٢) ، وقال حسن غريب.

وعند ابن عبد الباقى من حديث أبى هريرة:

(اللّهم اغفر للعباس ولولد العباس ولمن أحبهم) (٣) .

وفى تاريخ دمشق من حديث ابن عباس عن أبيه أن رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- قال له فى فتح مكة

(اللّهم انصر العباس وولد العباس) قالها ثلاثا ثم

قال:

__________

(١) أخرجه الترمذى (٣٧٥٨) فى المناقب، باب: مناقب العباس بن عبد المطلب- رضى اللّه عنه-، وأحمد فى (مسنده) ، (٤/ ١٦٥) وقال الترمذى فى نسختنا: حسن غريب.

(٢) حسن: أخرجه الترمذى (٣٧٦٢) فى المناقب، باب: مناقب العباس بن عبد المطلب رضى اللّه عنه-، والطبرانى فى (مسند الشاميين) (١/ ٢٦٥) ، و

قال: حديث حسن غريب، وهو كما قال.

(٣) أخرجه الخطيب البغدادى وابن عساكر عن أبى هريرة كما فى (كنز العمال) (٣٣٤٤٦) .

(يا عم أما علمت أن المهدى من ولدك) (١) . وروى الحاكم فى مستدركه والبغوى فى معجمه عن سعيد بن المسيب أنه

قال: (العباس حبر هذه الأمة، ووارث النبى- صلى اللّه عليه وسلم- وعمه) قال الذهبى سنده صحيح.

قال: ويتكلف لتأويله إن كان قوله خير- بالمعجمة والتحتية-.

وفى الأفراد للدار قطنى عن جابر الأنصارى- رضى اللّه عنه-. قال سمعت:

رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- يقول (من لم يحب العباس بن عبد المطلب وأهل بيته فقد برىء من اللّه ورسوله) وفى سنده عمر بن راشد الحارثى. وهو ..... جدّا.

لكن يشهد له ما رواه محمد بن حسين الأشنانى ثم أبو بكر بن عبد الباقى فى أماليه ومن طريقهما المنذرى من طريق منصور عن مسلم بن صبيح بن الضحى عن مسروق عن ابن عباس- رضى اللّه عنه-

قال: قال رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- (من لم يحب عمى) هذا- وأخذ بيد العباس فرفعها (للّه عز وجل ولقرابته لى فليس بمؤمن) (٢) .

وللترمذى و

قال: حسن، عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب أن رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- قال للعباس (والذى نفسى بيده لا يدخل قلب رجل الإيمان ما لم يحبكم للّه ولرسوله) ثم قال (يا أيها الناس من آذى عمى فقد آذانى فإنما عم الرجل صنو أبيه) (٣) .

وروى البغوى أنه- عليه الصلاة والسلام- قال له: (لك يا عم من اللّه حتى ترضى) (٤) .

وروى السهمى فى الفضائل أنه- عليه السّلام- قال للعباس: (إن اللّه عز وجل غير معذبك ولا أحد من ولدك) .

وفى المعجم الكبير للطبرانى عن سهل بن سعد

قال: قال رسول اللّه

__________

(١) أخرجه الحاكم فى (المستدرك) (٣/ ٣٧٦) عن سعيد بن المسيب مرسلا.

(٢) أخرجه العقيلى فى (الضعفاء) له (٤/ ١٤٩) .

(٣) تقدم قبل قليل.

(٤) ذكره ابن عساكر كما فى (تهذيب تاريخ دمشق) (٧/ ٢٤٣) .

- صلى اللّه عليه وسلم-:

(اللّهم اغفر للعباس، وأبناء العباس وأبناء أبناء العباس) (١) . وفى سنده عبد الرحمن بن حاتم المرادى المصرى وهو متروك.

وفى تاريخ دمشق- مما هو شديد الوهى- عن أبى هريرة مرفوعا:

(اللّهم اغفر للعباس ولولد العباس ولمحبى ولد العباس وشيعتهم) (٢) .

وفى المناقب للإمام أحمد بسند لا بأس به، أن العباس

قال: كنت عند النبى- صلى اللّه عليه وسلم- ذات ليلة ف

قال: (انظر هل ترى فى السماء نجما) قلت: نعم

قال: (ما ترى) قلت: الثريا،

قال: (أما إنه يلى هذه الأمة بعددها من صلبك) (٣) .

وروى السهمى من حديث ابن عباس أنه- صلى اللّه عليه وسلم- قال له: (ألا أبشرك يا عم)

قال: بلى بأبى أنت وأمى فقال- عليه السّلام-: (إن من ذريتك الأصفياء ومن عترتك الخلفاء) (٤) .

ومن حديث أبى هريرة: (فيكم النبوة والمملكة) (٥) .

ومن حديث ابن عباس عن أبيه: (هذا عمى أبو الخلفاء أجود قريش كفّا وأجملها وإن من ولده السفاح والمنصور والمهدى) (٦) .

__________

(١) أخرجه الطبرانى فى (الكبير) (٦/ ٢٠٥) ، وذكره الهيثمى فى (المجمع) (٩/ ٢٦٩) و

قال: رواه الطبرانى عن شيخه عبد الرحمن بن حاتم المرادى.

(٢) تقدم قبل قليل من حديث أبى هريرة- رضى اللّه عنه-.

(٣) أخرجه أحمد فى (المسند) (١/ ٢٠٩) ، والحاكم فى (المستدرك) (٣/ ٣٦٨) ، وذكره الهيثمى فى (المجمع) (٥/ ١٨٦) و

قال: رواه أحمد والطبرانى، وفيه أبو ميسرة مولى العباس ولم أعرفه إلا فى ترجمة أبى قبيل وبقية رجال أحمد ثقات.

(٤) أخرجه الرافعى عن ابن عباس، كما فى (كنز العمال) (٣٣٤٢٠) .

(٥) أخرجه ابن عساكر عن أبى هريرة كما فى (كنز العمال) (٥٣٣٤٣٤ و ٣٨٧١٨٥) ، وذكره الهيثمى فى (المجمع) (٥/ ١٩٢) و

قال: رواه البزار وفيه محمد بن عبد الرحمن العامرى، وهو ......

(٦) انظر (ال.......ات) لابن الجوزى (٢/ ٣٧) ، و (اللآلىء المصنوعة) للسيوطى (١/ ٢٢٦) .

وذكر ابن حبان والملاء من حديث ابن عباس أن رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم-

قال: (يا أبا بكر هذا العباس قد أقبل وعليه ثياب بيض وسيلبس ولده من بعده السواد) .

وعن جابر بن عبد اللّه سمعت رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- يقول (ليكونن فى ولده- يعنى العباس- ملوك يكونون أمراء أمتى، يعز اللّه بهم الدين) (١) قال الحافظ أبو الحسن الدار قطنى: هذا حديث غريب من حديث عمرو بن دينار عن جابر، خرجه الأصفهانى.

وتوفى العباس- رضى اللّه عنه- فى خلافة عثمان- رضى اللّه عنه- قبل مقتله بسنتين بالمدينة، يوم الجمعة لاثنتى عشرة- وقيل لأربع عشرة- خلت من رجب، وقيل من رمضان سنة اثنتين وقيل ثلاث وثلاثين، وهو ابن ثمان وثمانين سنة، وقيل سبع وثمانين سنة، أدرك منها فى الإسلام اثنتين وثلاثين سنة ودفن بالبقيع، ودخل قبره ابنه عبد اللّه.

وكان عظيما جليلا، وكان يسمى ترجمان القرآن، وهو أبو الخلفاء.

ويروى أن أمه أم الفضل لما وضعته أتت به النبى- صلى اللّه عليه وسلم- فأذن فى أذنه اليمنى، وأقام فى اليسرى، و

قال: (اذهبى بأبى الخلفاء) (٢) رواه ابن حبان وغيره. وقد ملأ عقبه الأرض حتى قيل إنهم بلغوا فى زمن المأمون ستمائة ألف. واستبعد واللّه أعلم. وكان العباس أصغر أعمامه- صلى اللّه عليه وسلم- ولم يسلم منهم إلا هو وحمزة. وأسنهم الحارث.

وأما عماته- صلى اللّه عليه وسلم- بنات عبد المطلب بن هاشم، فجملتهن ست:

عاتكة، وأميمة، والبيضاء وهى أم حكيم، وبرة، وصفية، وأروى، ولم يسلم منهن إلا صفية أم الزبير بلا خلاف.

__________

(١) انظر (العلل المتناهية) لابن الجوزى (١/ ٢٨٨) .

(٢) أخرجه الخطيب عن ابن عباس عن أمه أم الفضل كما فى (كنز العمال) (٣٣٤٣٢ و ٣٣٥٨٧) ، وذكره الهيثمى فى (المجمع) (٥/ ١٨٧) و

قال: رواه الطبرانى فى الأوسط، وفيه أحمد بن راشد الهلالى، وقد اتهم بهذا الحديث.

واختلف فى أروى وعاتكة، فذهب أبو جعفر العقيلى إلى إسلامهما، وعدهما فى الصحابة، وذكر الدار قطنى: عاتكة فى جملة الإخوة والأخوات، ولم يذكر أروى. وأما ابن إسحاق فذكر أنه لم يسلم منهن غير صفية.

فأما صفية فأسلمت باتفاق، كما ذكرته، وشهدت الخندق، وقتلت رجلا من اليهود، وضرب لها- صلى اللّه عليه وسلم- بسهم، وأمها هالة بنت وهيب بن عبد مناف بن زهرة، شقيقة حمزة والمقوم وحجل، وكانت فى الجاهلية تحت الحارث بن حرب بن أمية بن عبد شمس، ثم هلك فخلفه عليها العوام بن خويلد أخو خديجة أم المؤمنين، فولدت له الزبير والسائب وعبد الكعبة، وتوفيت بالمدينة فى خلافة عمر- رضى اللّه عنه- سنة عشرين، ولها ثلاث وسبعون سنة، ودفنت بالبقيع.

وأما عاتكة المختلف فى إسلامها فأمها فاطمة بنت عمرو بن عائد، فتكون شقيقة عبد اللّه أبى النبى- صلى اللّه عليه وسلم- وأبى طالب والزبير وعبد الكعبة، وهى صاحبة الرؤيا فى قصة بدر (١) .

وأما أروى المختلف أيضا فى إسلامها، فأمها صفية بنت جندب، فهى شقيقة الحارث بن عبد المطلب، وكانت تحت عمير بن وهب بن عبد الدار بن قصى، فولدت له طليبا، ثم خلفه عليها كلدة بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصى. وأسلم طليب وكان سببا فى إسلام أمه، كما ذكره الواقدى. وأما أم حكيم، البيضاء، فهى شقيقة عبد اللّه أبى النبى- صلى اللّه عليه وسلم-. وأما برة فأمها فاطمة أيضا، وكانت عند أبى رهم بن عبد العزى العامرى، ثم خلفه عليها عبد الأسد بن هلال المخزومى، فولدت له أبا سلمة بن عبد الأسد الذى كانت عنده أم سلمة قبل النبى- صلى اللّه عليه وسلم-. وأما أميمة فأمها فاطمة، وكانت تحت جحش بن رئاب، فولدت له عبد اللّه وعبيد اللّه وأبا أحمد وزينب وأم حبيبة وحمنة، أولاد جحش بن رئاب.

وأما جداته- عليه الصلاة والسلام- من أبيه:

__________

(١) انظر خبر رؤيتها فى (دلائل النبوة) للبيهقى (٣/ ٢٩- ٣١) .

فأم عبد اللّه- أبيه- هى فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم.

وأم عبد المطلب، سلمى ابنة عمرو من بنى النجار، وكانت قبل هاشم تحت أحيحة بن الجلاح فولدت له عمرو بن أحيحة، وهو أخو عبد المطلب لأمه.

وأم هاشم عاتكة بنت مرة بن هلال بن فالج بن ذكوان من بنى سليم.

وأم عبد مناف عاتكة بنت فالج بن مليك بن ذكوان من بنى سليم.

وأم قصى فاطمة بنت سعد من أزد الشراة.

وأم كلاب، نعم بنت سرير بن ثعلبة بن مالك بن كنانة.

وأم مرة وحشية بنت شيبان بن محارب بن فهم.

وأم كعب، سلمى بنت محارب من فهم.

وأم لؤى، وحشية بنت مدلج بن مرة بن عبد مناف من كنانة.

وأم غالب، سلمى بنت سعد من هذيل.

وأم فهر، جندلة بنت الحارث الجرهمى.

وأم مالك: هند بنت عدوان بن عمرو بن قيس بن غيلان.

وأم النضر، برة بنت مرة، أخت تميم بن مرة.

ذكره ابن قتيبة فى كتاب المعارف كما حكاه الطبرى عنه و

قال: فالجدة الأولى قرشية مخزومية، والثانية نجارية، والثالثة سليمية والرابعة سليمية أيضا، وقيل خزاعية والخامسة أزدية، والسادسة كنانية، والسابعة فهمية والثامنة فهمية أيضا أو فهرية- والخط فى الأصل يوهم- والتاسعة كنانية، والعاشرة هذلية، والحادية عشرة جرهمية، والثانية عشرة قيسية، والثالثة عشرة مرية.

وأما جداته- عليه الصلاة والسلام- من أمه (١) :

فأم آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب، برة بنت عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصى بن كلاب بن مرة وأم أبيها وهب:

__________

(١) انظر (الطبقات الكبرى) لابن سعد (١/ ٤٩) .

عاتكة بنت الأوقص بن مرة بن هلال بن فالج بن ذكوان من بنى سليم، ذكره ابن قتيبة.

وقال أبو عمر: ويعرف أبوها بأبى كبشة الذى ينسب إليه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم- في

قال: ابن أبى كبشة، ونسب إليه لأنه كان يعبد (الشعرى) ولم يكن أحد من العرب يعبدها غيره، فلما جاءهم- صلى اللّه عليه وسلم- بخلاف ما كانت عليه العرب قالوا: هذا ابن أبى كبشة، ولم يقصدوا ذمه- صلى اللّه عليه وسلم- بذلك.

وقيل: بل نسب إلى وهب أخى أمه كان يدعى بها،

وقيل: كان يدعى بها أبوه من الرضاعة: الحارث بن عبد العزى زوج حليمة فنسب إليه.

وأم برة هى أم حبيب، قاله ابن قتيبة وقال أبو سعد: أم سفيان بنت أسد بن عبد العزى بن قصى بن كلاب بن مرة بن كعب.

وأم أم حبيب هى برة بنت عوف بن عبيد بن عدى بن كعب بن لؤى بن غالب.

وأم برة بنت عوف، قلابة بنت الحارث بن صعصعة بن عائذ بن لحيان ابن هذيل.

وأم قلابة، هند بنت يربوع من ثقيف. قاله ابن قتيبة، وقال ابن سعد:

أمها بنت مالك بن عثمان من بنى لحيان.

فالجدة الأولى والثانية والثالثة من أمهات أمه- صلى اللّه عليه وسلم- قرشيات، وأم أبى أمه سلمية والرابعة لحيانية هذلية، والخامسة ثقفية، ففى كل قبيلة من قبائل العرب له- صلى اللّه عليه وسلم- علقة نسب.

وأما إخوته- عليه الصلاة والسلام- من الرضاعة (١) :

فحمزة وأبو سلمة بن عبد الأسد، أرضعتهما معه- صلى اللّه عليه وسلم- ثويبة جارية أبى لهب بلبن ابنها مسروح بن ثويبة.

وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب أرضعته ورسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم-

__________

(١) انظر (الطبقات الكبرى) لابن سعد (١/ ٨٧) .

حليمة السعدية، وعبد اللّه وآسية وجدامة- وتعرف بالشيماء- الثلاثة أولاد حليمة.

وقد روى أن خيلا له- صلى اللّه عليه وسلم- أغارت على هوازن، فأخذوها فى جملة السبى،

فقالت: أنا أخت صاحبكم، فلما قدموا على رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- قالت له: يا محمد، أنا أختك، فرحب بها وبسط لها رداءه، وأجلسها عليه ودمعت عيناه، وقال- صلى اللّه عليه وسلم-: (إن أحببت فأقيمى عندى مكرمة محببة، وإن أحببت أن ترجعى إلى قومك وصلتك)

قالت: بل أرجع إلى قومى، فأسلمت، وأعطاها رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم- ثلاثة أعبد وجارية ونعما وشاء (١) ذكره أبو عمر وابن قتيبة.

وأما أمه من الرضاعة، فحليمة بنت أبى ذؤيب من هوازن، وهى التى أرضعته حتى أكملت رضاعه، وجاءته- صلى اللّه عليه وسلم- يوم حنين فقام إليها وبسط رداءه لها، فجلست عليه. وكذا ثويبة جارية أبى لهب أيضا، واختلف فى إسلامها كما اختلف فى إسلام حليمة وزوجها، فاللّه أعلم.

وكانت ثويبة تدخل عليه- صلى اللّه عليه وسلم- بعد أن تزوج خديجة، فكانت تكرمها. وأعتقها أبو لهب، وكان- صلى اللّه عليه وسلم- يبعث إليها من المدينة بكسوة وصلة حتى ماتت بعد فتح خيبر. ذكره أبو عمر.

وكانت حاضنته- صلى اللّه عليه وسلم- أم أيمن، بركة بنت ثعلبة بن حصن بن مالك، غلبت عليها كنيتها، وكنيت باسم ابنها أيمن الحبشى، وهى أم أسامة بن زيد، تزوجها زيد بعد عبيد، فولدت له أسامة، وي

قال: إنها مولاة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم-. هاجرت الهجرتين إلى أرض الحبشة وإلى المدينة. وكانت لعبد اللّه ابن عبد المطلب، فورثها النبى- صلى اللّه عليه وسلم-. وقيل كانت لأمه- عليه السّلام-. وكان صلى اللّه عليه وسلم- يقول: (أم أيمن أمى بعد أمى) (٢) .

وكانت الشيماء بنت حليمة السعدية تحضنه أيضا مع أمها حليمة السعدية.

__________

(١) انظر قصتها فى (الإصابة) لابن حجر العسقلانى (٧/ ٧٣٢) .

(٢) أخرجه ابن عساكر عن سليمان بن أبى شيخ معضلا، كما فى (..... الجامع) (١٢٧٦) .