المستنصر باللّه أحمد

المستنصر باللّه: أحمد أبو القاسم بن الظاهر بأمر اللّه أبي نصر محمد بن الناصر لدين اللّه أحمد.

قال الشيخ قطب الدين: كان محبوساً ببغداد فلما أخذت التتار بغداد أطلق فهرب وصار إلى عرب العراق فلما تسلطن الملك الظاهر بيبرس وفد عليه في رجب ومعه عشرة من بني مهارش فركب السلطان للقائه ومعه القضاة والدولة فشق القاهرة ثم أثبت نسبه على يد قاضي القضاة تاج الدين ابن بنت الأعز ثم بويع له بالخلافة فأول من بايعه السلطان ثم قاضي القضاة تاج الدين ثم الشيخ عز الدين بن عبد السلام ثم الكبار على مراتبهم وذلك في الثالث عشر رجب ونقش اسمه على السكة وخطب له ولقب بلقب أخيه وفرح الناس وركب يوم الجمعة وعليه السواد إلى جامع القلعة وصعد المنبر وخطب خطبة ذكر فيها شرف بني العباس ودعا فيها للسلطان والمسلمين ثم صلى بالناس ثم رسم بعمل خلعة خليفة السلطان وبكتابة تقليد له ثم نصب خيمة بظاهر القاهرة وركب المستنصر باللّه والسلطان يوم الاثنين رابع شعبان إلى الخيمة وحضر القضاة والأمراء والوزير فألبس الخليفة السلطان الخلعة بيده وطوقه ونصب منبر فصعد عليه فخر الدين ابن لقمان فقرأ التقليد ثم ركب السلطان بالخلعة ودخل من باب النصر وزينت القاهرة وحمل الصاحب التقليد على رأسه راكباً والأمراء مشاة.

ورتب السلطان للخليفة أتابكاً واستاداراً وشرابياً وخازنداراً وحاجباً وكاتباً وعين له خزانة وجملة مماليك ومائة فرس وثلاثين بغلاً وعشرة قطارات جمال إلى أمثال ذلك.

قال الذهبي: ولم يل الخلافة أحد بعد ابن أخيه إلا هذا والمقتفي.

وأما صاحب حلب الأمير شمس الدين أقوش فأنه أقام بحلب خليفة ولقبه الحاكم بأمر اللّه وخطب له ونقش اسمه على الدراهم.

ثم إن المستنصر هذا عزم على التوجه إلى العراق فخرج معه السلطان يشيعه إلى أن دخلوا دمشق ثم جهز السلطان الخليفة وأولاد صاحب الموصل وغرم عليه وعليهم من الذهب ألف ألف دينار وستين ألف درهم فسار الخليفة ومعه ملوك الشرق وصاحب سنجار فاجتمع به الخليفة الحلبي الحاكم ودان له ودخل تحت طاعته ثم سار ففتح الحديثة ثم هيت فجاءه عسكر من التتار فتصافوا له فقتل من المسلمين جماعة وعدم الخليفة المستنصر فقيل: قتل وهو والظاهر وقيل: سلم وهرب فأضمرته البلاد وذلك في الثالث من المحرم سنة ستين فكانت خلافته دون ستة أشهر وتولى بعد بسنة الحاكم الذي كان بويع بحلب في حياته.