المستنجد باللّه خليفة العصر: أبو المحاسن يوسف بن المتوكل على اللّه ولي الخلافة بعد خلع أخيه والسلطان يومئذ الأشرف إينال فمات في سنة خمس وستين فقلد ابنه أحمد ولقب المؤيد ثم وثب خشقدم على المؤيد فقبضه في رمضان من عامه فقلده ولقب الظاهر واستمر إلى أن مات في ربيع الأول سنة اثنتين وسبعين فقلد بلباي ولقب الظاهر فوثب عليه الجند بعد شهرين وقبضوه فقلد تمربغا ولقب الظاهر فوثبوا عليه أيضاً بعد شهرين فقلد سلطان العصر قايتباي ولقب الأشرف فاستقر له الملك وسار في المملكة بشهامة وصرامة ما سار بها قبله ملك من عهد الناصر محمد بن قلاوون بحيث إنه سافر من مصر إلى الفرات في طائفة يسيرة جداً من الجند ليس فيهم أحد من المقدمين الألوف.

ومن سيرته الجميلة: أنه لم يول بمصر صاحب وظيفة دينية كالقضاة والمشايخ والمدرسين إلا أصلح الموجودين لها بعد طول تروية وتمهلة بحيث تستمر الوظيفة شاغرة الأشهر العديدة ولم يول قاضياً ولا شيخاً بمال قط.

وكان الظاهر خشقد أول من قلد قدم النائب الشام حاتم لموافقة كانت بينه وبين العسكر في سلطنته فأمر الظاهر حين بلغه قدومه بطلوع الخليفة والقضاة الأربعة والعسكر إلى القلعة وأرسل إلى نائب الشام يأمره بالانصراف فانصرف بعد شروط شرطها وعاد القضاة والعسكر إلى منازلهم واستمر الخليفة ساكناً بالقلعة ولم يمكنه الظاهر من عوده إلى سكنه المعتاد فاستمر بها إلى أن مات يوم السبت رابع عشري المحرم سنة أربع وثمانين وثمانمائة بعد تمرضه نحو عامين بالفالج وصلي عليه بالقلعة ثم أنزل مدفن الخلفاء بجوار المشهد النفيسي وقد بلغ التسعين أو جاوزها.