المتوكل على اللّه: أبو العز عبد العزيز بن يعقوب بن المتوكل على اللّه.
ولد سنة تسع عشرة وثمانمائة وأمه بنت جندي اسمها حاج ملك ولم يل والده
بالخلافة ونشأ معظماً مشاراً إليه محبوباً للخاصة والعامة بخصاله الجميلة ومناقبه
الحميدة وتواضعه وحسن سمعته وبشاشته لكل أحد وكثرة أدبه وله اشتغال بالعلم قرأ على
والدي وغيره وزوجه عمه المستكفي بابنته فأولدها ولداً صالحاً فهو ابن هاشمي بين
هاشميين ولما طال مرض عمه المستنجد عهد إليه بالخلافة فلما مات بويع بها يوم
الاثنين سادس عشر المحرم بحضرة السلطان والقضاة
والأعيان وكان أراد أولاً التلقيب بالمستعين باللّه ثم وقع التردد بين المستعين
والمتوكل واستقر الأمر على المتوكل ثم ركب من القلعة إلى منزله المعتاد والقضاة
والمباشرون والأعيان بين يديه وكان يوماً مشهوداً ثم عاد من آخر يومه إلى القلعة
حيث كان المستنجد ساكناً بها.
ففي هذه السنة سافر السلطان الملك الأشرف قايتباي إلى الحجاز برسم الحج وذلك
أمر لم يعهد الملك أكثر من مائة سنة فبدأ بزيارة المدينة الشريفة وفرق بها ستة
آلاف دينار ثم قدم مكة وفرق بها خمسة آلاف دينار وقرر بمدرسته التي أنشأها بمكة
شيخاً وصوفية وحج وعاد وزينت البلد لقدومه أياماً.
وفي سنة خمس وثمانين خرج عسكر من مصر عليهم الدوادار يشبك إلى جهة العراق
فالتقوا مع عسكر يعقوب شاه بن حسن بقرب الرها فكسر المصريون وقتل منهم من قتل وأسر
الباقون وأسر الدوادار وضرب عنقه وذلك في النصف الثاني
من رمضان والعجب أن الدوادار هذا بينه وبين قاضي الحنفية شمس الدين الأمشاطي بمصر
وقعة كبيرة وكل منهما يود زوال الآخر فكان قتل الدوادار بشاطئ الفرات وموت
الأمشاطي بمصر في يوم واحد.
وفي سنة ست وثمانين زلزلت الأرض يوم الأحد
بعد العصر سابع عشر المحرم زلزلة صعبة ماجت منها
الأرض والجبال والأبنية موجاً ودامت لحظة لطيفة ثم سكنت فالحمد للّه على سكونها
وسقط بسببها شرافة من المدرسة الصالحية على قاضي القضاة الحنفي شرف الدين بن عيد
فمات فإنا للّه وإنا إليه راجعون.
وفي هذه السنة في ربيع الأول قدم إلى مصر من
الهند رجل يسمى خاكي زعم أن عمره مائتان وخمسون سنة فاجتمعت به فإذا هو رجل قوي
لحيته كلها سوداء لا يجوز العقل أن عمره سبعون سنة فضلاً عن أكثر من ذلك ولم يأت
بحجة على ما يدعيه والذي أقطع به أنه كذاب ومما سمعته منه أنه قال: إنه حج وعمره ثمان عشرة سنة ثم رجع إلى الهند فسمع
بذهاب التتار إلى بغداد ليأخذوها وإنه قدم إلى مصر زمن السلطان حسن قبل أن يبني
مدرسته ولم يذكر شيئاً يستوضح به على قوله.
وفيها ورد الخبر بموت السلطان محمد بن عثمان ملك الروم وأن ولديه اقتتلا على
الملك فغلب أحدهما واستقر في المملكة وقدم الآخر إلى مصر فأكرمه السلطان غاية
الإكرام وأنزله ثم توجه من الشام إلى الحجاز برسم الحج.
وفي شوال قدمت كتب من المدينة الشريفة تتضمن أن في ليلة الثالث عشر رمضان نزلت
صاعقة من السماء على المئذنة فأحرقتها وأحرقت سقوف المسجد الشريف وما فيه من خزائن
وكتب ولم يبق سوى الجدران وكان أمراً مهولاً.
مات يوم الأربعاء سلخ المحرم سنة ثلاث وتسعمائة وعهد بالخلافة لابنه يعقوب
ولقبه المستمسك باللّه.
وهذا آخر ما تيسر في هذا التاريخ وقد اعتمدت في الحوادث على تاريخ الذهبي وانتهى إلى سنة سبعمائة ثم على تاريخ ابن كثير وانتهى إلى سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة ثم
على المسالك وذيله إلى سنة ثلاث وسبعين ثم على أنباء الغمر لابن حجر إلى سنة خمسين وثمانمائة.
وأما غير الحوادث فطالعت عليه
تاريخ بغداد للخطيب عشر مجلدات وتاريخ دمشق لابن عساكر سبعة وخمسين مجلداً والأوراق للصولي سبع
مجلدات والطيوريات ثلاث مجلدات والحلية لأبي نعيم تسع مجلدات والمجالسة للدينوري
والكامل للمبرد مجلدين وأمالي ثعلب مجلد وغير
ذلك.
وقد عمل بعض الأقدمين أرجوزة في أسماء الخلفاء ووفياتهم انتهى فيها إلى أيام
المعتمد وقد عملت قصيدة أحسن منها ورأيت أن أختم بها هذا الكتاب وهي هذه:
الحمد للّه حمداً لا نفاد له ... وإنما الحمد حقاً رأس من شكرا
ثم الصلاة على الهادي النبي ومن ... سادت بنسبته الأشراف والكبرا
إن الأمين رسول اللّه مبعثه ... لأربعين مضت فيما رووا عمرا
وكان هجرته فيها لطيبته ... بعد الثلاثة أعواماً تلي عشرا
ومات في إحدى بعد عشرتها ... فيا مصيبة أهل الأرض حين سرى
وقام من بعده الصديق مجتهدا ... وفي ثلاثة عشر بعده قبرا
وهو الذي جمع القرآن في صحف ... وأول الناس من سمى المصحف الزبرا
وقام من بعده الفاروق ثمت في ... عشرين بعد ثلاث غيبوا عمرا
وهو الذي اتخذ الديوان وافترض ال ... عطاء قيل وبيت المال والدررا
سن التراويح والتاريخ وافتتح ال ... فتوح جماً وزاد الحد من سكرا
وهو المسمى أمير المؤمنين ولم ... يدع من قبله شخص من الأمرا
وقام عثمان حتى جاء مقتله ... بعد الثلاثين في ست وقد حصرا
وهو الذي زاد في التأذين أوله ... في جمعة وبه رزق الأذان جرى
وأول الناس ولى صحب شرطته ... حمى الحمى أقطع الإقطاع إذ كثرا
وبعد قام علي ثم مقتله ... لأربعين فمن أرداه قد خسرا
ثم ابنه السبط نصف العام ثم أتى ... بنو أمية يبغون الوغى زمرا
فسلم الأمر في إحدى لرغبته ... عن دار دنيا بلا ضير ولا ضررا
وكان أول ذي ملك معاوية ... في النصف من عام ستين الحمام عرا
وهو الذي اتخذ الخصيان من خدم ... كذا البريد ولم يسبقه من أمرا
واستحلف الناس لما أن يبايعهم ... والعهد قبل وفاة لابنه ابتكرا
ثم اليزيد ابنه أخبث به ولداً ... في أربع بعدها ستون قد قبرا
وابن الزبير وفي سبعين مقتله ... بعد الثلاث وكم بالبيت قد حصرا
وفي ثمانين مع ست تليه قضى ... عبد المليك له الأمر الذي اشتهرا
ضرب الدنانير في الإسلام معلمة ... وكسوة الكعبة الديباج مؤتجرا
وهو الذي منع الناس التراجع في ... وجه الخليفة مهما قال أو أمرا
وأول الناس هذا الاسم سميه ... وأول الناس في الإسلام قد غدرا
ثم الوليد ابنه قبل ما رجب ... في الست من بعد تسعين انقضى عمرا
وهو الذي منع الناس النداء له ... باسم وكانت تنادي باسمها الأمرا
وقام بعد سليمان الخيار وفي ... تسع وتسعين جاء الموت في صفرا
وبعده عمر ذاك النجيب وفي ... إحدى تلي مائة قد ألحدوا عمرا
وهو الذي أمر الزهري خوف ذها ... ب العلم أن يجمع الأخبار والأثرا
ثم اليزيد وفي خمس قضى وتلا ... هشام في الخمس والعشرين قد سطرا
ثم الوليد وبعد العام مقتله ... من بعده ما جاء بالفسق الذي اشتهرا
ثم اليزيد وفي ذا العام مات وقد ... أقام ست شهور مثل ما أثرا
وبعده قام إبراهيم ثم مضى ... بالخلع سبعين يوماً قد أقام ترى
وبعده قام مروان الحمار وفي ... اثنتين بعد ثلاثين الدماء جرى
وقام بعده السفاح ثم قضى ... بعد الثلاثين في ست وقد جدرا
وقام من بعده المنصور ثمت في ... خمسين بعد ثمان محرماً قبرا
وهو الذي خص أعمالا مواليه ... وأهمل العرب حتى أمرهم دثرا
ثم ابنه وهو المهدي مات لدى ... تسع وستين مسموماً كما ذكرا
ثم ابنه وهو الهادي وموتته ... في عام سبعين لما هم أن غدرا
ثم الرشيد وفي تسعين تالية ... ثلاثة مات في الغزو الرفيع ذرا
ثم الأمين وفي تسعين تالية ... ثمانيا جاءه قتل كما قدرا
وقام من بعده المأمون ثمت في ... ثمان عشرة كان الموت فاعتبرا
وقام معتصم من بعده وقضى ... في عام سبع وعشرين الذي أثرا
وهو الذي أدخل الأتراك منفردا ... ديوانه واقتناهم جالباً وشراً
ثم ابنه الواثق المالي الورى رعباً ... وفي الثلاثين مع اثنتين قد غبرا
وذو المتوكل ما أزكاه من خلف ... ومظهر السنة الغراء إذ نصرا
في عام سبع يليها أربعون قضى ... قتلا حباه ابنه المدعو منتصرا
فلم يقم بعده إلا اليسير كما ... قد سنه اللّه فيمن بعضه غدرا
ولمستعين وفي عام اثنتين تلى ... خمسين خلع وقتل جاءه زمرا
وهو الذي أحدث الأكمام واسعة ... وفي القلانس عن طول أتى قصرا
وقام من بعده المعتر ثمت في ... خمس وخمسين حقاً قتله أثرا
والمهتدي الصالح الميمون مقتله ... من بعد عام وقفى قبله عمرا
وقام من بعده بالأمر معتمد ... في عام تسع وسبعين الحمام عرا
وذاك أول ذي أمر له حجروا ... وأول الناس موكولا به قهرا
وقام من بعده بالأمر معتضد ... وفي ثمانين مع تسع مضت قبرا
ثم ابنه المكتفي باللّه أحمد في ... خمس وتسعين سبحان الذي قدرا
في عام عشرين في شوال بعد مئي ... ثلاث مقتل المدعو مقتدرا
وبعده القاهر الجبار نخلعه ... في اثنتين وعشرين وقد سمرا
وقام بعده الراضي ومات لدى ... تسع وعشرين وانسب عنده أجرا
والمتقي ومضى بالخلع منسملا ... من بعد أربعة الأعوام في صفرا
وقام بالأمر مستكفيهم وقفا ... من بعد عام لأمر المتقي أثرا
ثم المطيع وفي ستين يتبعها ... ثلاثة في أخير العام قد عبرا
ثم ابنه الطائع المقهور مخلعه ... عام الثمانين مع إحدى كما أثرا
ثم الإمام أبو العباس قادرهم ... في اثنين بعد عشرين مضت قبرا
ثم ابنه قائم باللّه مات لدى ... سبع وستين من شعبان قد سطرا
والمقتدي مات في سبع بأولها ... بعد الثمانين جد الملك واقتدرا
وقام من بعده مستظهر وقضى ... في سادس القرن اثنتين تلي عشرا
وقام من بعده مسترشد ولدى ... تسع وعشرين فيه القتل حل عرا
ثم ابنه الراشد المقهور مخلعه ... من بعد عام فلا عين ولا أثرا
والمقتفي مات من بعد التمكن في ... خمس وخمسين وانقادت له النصرا
وقام من بعده المستنجد وقضى ... من بعد ستين في ست وقد شعرا
والمستضيء بأمر اللّه مات لدى ... خمس وسبعين بالإحسان قد بهرا
وقام من بعده بالأمر ناصرهم ... ومات اثنتين مع عشرين إذ كبرا
وقام من بعده بالأمر ظاهرهم ... تسعاً شهوراً فأقلل مدة قصرا
وقام من بعده مستنصر وقضى ... لأربعين وكم يرثيه من شعرا
وقام من بعده مستعصم ولدى ... ست وخمسين كان الفتنة الكبرا
جاء التتار فأردوه وبلدته ... فيلعن اللّه والمخلوقة التترا
مرت ثلاث سنين بعده ويلي ... نصف ودهر الورى من قائم شغرا
وقام من بعد ذا مستنصر وثوى ... في آخر العام قتلا منهم وسرى
أقام ست شهور ثم راح لدى ... مهل ستين لم يبلغ به وطرا
وقام من بعده في مصر حاكمهم ... على وهى لا كمن من قبله غبرا
ومات في عام إحدى بعد سبع مئي ... وقام من بعده مستكفيهم وجرى
في أربعين قضى إذ قام واثقهم ... ففي اثنتين مضى خلعاً من الأمرا
وقام حاكمهم من بعده وقضى ... عام الثلاث مع الخمسين معتبرا
وقام من بعده بالأمر معتضد ... وفي الثلاثة والستين قد عبرا
وذو المتوكل يتلوه أقام إلى ... بعد الثمانين في خمس وقد حصرا
وبايعوا واثقاً باللّه ثمت في ... عام الثمان قضى وسمه عمرا
وبايعوا بعده باللّه معتصماً ... لعام إحدى وتسعين أزيل ورا
وذو التوكل ردوه أقام إلى ... ذا القرن عام ثمان منه قد قبرا
في عهده زيد من بعد الأذان على ... خير النبيين تسليم كما أمرا
وأحدث السمة الخضراء للشرفا ... يا حسنها من سمات بوركت خضرا
أولاده منهم خمس مبجلة ... جاءوا الخلافة إذ كانت لهم قدرا
فالمستعين وآل الأمر أن خلعوا ... في شهر شعبان في خمس تلي عشرا
وقام من بعده بالأمر معتضد ... لأربعين تليها الخمسة احتضرا
وقام بالأمر مستكفيهم وقضى ... في عام الأربع والخمسين مصطبرا
وقام قائمهم من بعد ثمت في ... تسع وخمسين بعد الخلع قد حصرا
وقام من بعده مستنجد دهرا ... خليفة العصر رقاه الإله ذرى
وليس يعرف في الأعصار قبلهم ... خمس ولو أخوة بل أربع أمرا
ولا شقيقان إلا غير خامسهم ... كذا الرشيد مع الهادي كما ذكرا
كذا سليمان من بعد الوليد كذا ... نجلا الوليد يزيد والذي أثرا
وما تكرر في بغداد من لقب ... ولا تلا ابن أخ عم خلا نفر
اثنان فالمقتفي عن راشد وكذا ... مستنصر بعد مقتول التتار عرا
أولئك القوم أرباب الخلافة خذ ... سبعين من غير نقص عدها حصرا
من الصحابة سبع كالنجوم ومن ... بني أمية اثنان تلي عشرا
ولم أعد أبا عبد المليك فذا ... باغ كما قاله من أرخ السيرا
وعدة من بني العباس شامخة ... إحدى وخمسون لا قلت لهم نصرا
تبقى الخلافة فيهم كي يسلمها ال ... مهدي منهم إلى عيسى كما أثرا
وبعد نظمي هذا النظم في مدد ... قضى خليفتنا المذكور مصطبرا
في عام الأربع في شهر المحرم من ... بعد الثمانين يوم السبت قد قبرا
وبويع ابن أخيه بعده ودعى ... بذي التوكل كالجد الذي شهرا
ولم يسم إمام في الأولى سبقوا ... عبد العزيز سواه فاسمه ابتكرا
فاللّه يبقيه ذا عز ويحفظه ... ويجعل الملك في أعقابه زمرا
ومات عام ثلاث بعد تسع مئي ... سلخ المحرم عن عهد لمن سطرا
لنجله البر يعقوب الشريف وقد ... لقب مستمسكاً باللّه في صفرا
أولهم عبد الرحمن بن معاوية بن هشام به عبد الملك بن مروان بويع بالخلافة لما
دخل الأندلس هارباً وذلك في سنة ثمان وثلاثين ومائة وكان من أهل العلم والعدل مات
سنة سبعين ومائة في ربيع الآخر.
وقام بعده ابنه هشام أبو الوليد ومات في شهر صفر سنة ثمانين ومائة.
وقام بعده ابنه الحكم أبو المظفر الملقب بالمرتضى ومات في ذي الحجة سنة ست
ومائتين.
وقام بعده ابنه عبد الرحمن وهو أول من فخم الملك بالأندلس من الأموية وكساه
أبهة الخلافة والجلالة وفي أيامه أحدث بالأندلس لبس المطرز وضرب الدراهم ولم يكن
بها دار ضرب منذ فتحها العرب وإنما كانوا يتعاملون بما يحمل إليهم من دراهم أهل
المشرق وكان شبيهاً بالوليد بن عبد الملك في جبروتيته بالمأمون العباسي في طلب
الكتب الفلسفية وهو أول من أدخل الفلسفة الأندلس ومات سنة تسع وثلاثين ومائتين.
وقام بعده ابنه محمد مات في صفر سنة ثلاث وسبعين ومائتين.
وقام ابنه المنذر ومات في صفر سنة خمس وسبعين.
وقام أخوه عبد اللّه وهو أصلح خلفاء الأندلس علماً وديناً مات في ربيع الأول سنة ثلاثمائة.
وقام حفيده عبد الرحمن بن محمد الملقب بالناصر وهو أول من تسمى بالأندلس
بالخلافة وبأمير المؤمنين وذلك لما وهت الدولة العباسية في أيام المقتدر وكان
الذين قبله إنما يتسمون بالأمير فقط مات في رمضان سنة خمسين وثلاثمائة.
وقام ابنه الحكم المستنصر ومات في صفر سنة ست وستين.
وقام ابنه هشام المؤيد ثم خلع وحبس سنة تسع وتسعين.
وقام محمد بن هشام بن عبد الحبار بن الناصر عبد الرحمن ولقب المهدي سنة عشر شهراً ثم خرج عليه ابن أخيه هشام بن سليمان بن
الناصر عبد الرحمن وبويع وتلقب بالرشيد فحاربه عمه وقتله واتفق الناس على خلع عمه
فاختفى ثم قتل وبايعوا ابن أخي هشام المقتول سليمان بن الحكم المستنصر ولقب
بالمستعين ثم قاتلوه وأسر سنة ست وأربعمائة.
وقام عبد الرحمن بن عبد الملك بن الناصر ولقب المرتضى وقتل في آخر العام ثم
وهت الدولة الأموية.
وقامت الدولة العلوية الحسنية فولى الناصر علي بن حمود في المحرم سنة سبع
وأربعمائة ثم قتل في ذي القعدة سنة ثمان وأربعمائة.
وقام أخوه المأمون القاسم وخلع سنة إحدى عشرة.
وقام ابن أخيه يحيى بن الناصر علي بن حمود ولقب المستعلي وقتل بعد سنة وسبعة
أشهر.
ثم عادت الدولة الأموية فولى المستظهر عبد الرحمن بن هشام بن عبد الجبار ثم
قتل بعد خمسين يوماً.
وقام محمد بن عبد الرحمن بن عبيد اللّه بن الناصر عبد الرحمن ولقب المستكفي
وخلع بعد سنة وأربعة أشهر.
وقام هشام بن محمد بن عبد الملك بن الناصر عبد الرحمن ولقب المعتمد فأقام مدة
ثم خلع وسجن إلى أن مات في صفر سنة ثمان وعشرين وأربعمائة وماتت بموته الدولة
الأموية بالأندلس.
أول من قام منهم بالمغرب المهدي عبيد اللّه سنة ست وتسعين ومائتين ومات في سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة.
وقام ابنه القائم بأمر اللّه محمد ومات سنة ثلاث وثلاثين.
وقام ابنه المنصور إسماعيل ومات سنة إحدى وأربعين.
وقام ابنه المعز لدين اللّه معد ودخل القاهرة سنة اثنتين وستين ومات سنة خمس وستين.
وقام ابنه العزيز نزار ومات سنة ست وثمانين.
وقام ابنه الحاكم بأمر اللّه منصور وقتل في سنة إحدى عشرة وأربعمائة.
وقام ابنه الظاهر لإعزاز دين اللّه علي ومات سنة ثمان وعشرين.
وقام ابنه المستنصر معد ومات سنة سبع وثمانين فأقام في الخلافة ستين سنة وأربعة أشهر.
قال الذهبي: ولا أعلم أحداً في الإسلام لا خليفة ولا سلطاناً أقام هذه المدة.
وقام بعده ابنه المستعلي باللّه أحمد ومات سنة خمس وتسعين.
وأقيم بعده ابنه الآمر بأحكام اللّه منصور طفل له خمس سنين وقتل في سنة أربع وعشرين وخمسمائة عن غير عقب.
وقام بعده ابن عمه الحافظ لدين اللّه عبد المجيد بن محمد بن المستنصر ومات سنة أربع وأربعين.
وقام ابنه الظافر باللّه إسماعيل وقتل سنة تسع وأربعين.
وقام ابنه الفائز بنصر اللّه عيسى ومات سنة خمس وخمسين.
وقام العاضد لدين اللّه عبد اللّه بن يوسف بن الحافظ لدين اللّه وخلع سنة سبع وستين ومات بها وأقيمت الدعوة العباسية بمصر وانقرضت الدولة العبيدية.
قال الذهبي: فكانوا أربعة عشر متخلفاً لا مستخلفاً.
قام منهم بالخلافة أبو عبد اللّه محمد بن إبراهيم طباطبا في جمادى الأولى سنة تسع وتسعين ومائة وقام باليمن في هذا العصر
الهادي يحيى بن الحسين بن القاسم بن طباطبا ودعي له بإمرة المؤمنين ومات في ذي
الحجة سنة ثمان وتسعين ومائتين.
وقام ابنه المرتضى محمد ومات سنة عشر
وثلاثمائة.
وقام أخوه الناصر أحمد ومات في صفر سنة
ثلاث وعشرين.
وقام ابنه المنتخب الحسين ومات سنة تسع وعشرين.
وقام أخوه المختار القاسم وقتل في شهر شوال سنة أربع وأربعين.
وقام أخوه الهادي محمد ثم الرشيد العباس ثم انقرضت دولتهم.
تداولها ستة رجال: ثلاثة من بني الحسن ثم ثلاثة من بني الحسين: هشام الداعي
إلى الحق الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن الحسن بن زيد الجواد بن الحسن بن علي
بن أبي طالب رضي اللّه عنه سنة خمسين ومائتين بالري والديلم ثم قام أخوه القائم
بالحق محمد وقتل سنة ثمان وثمانين فقام حفيده المهدي الحسن بن زيد بن القائم بالحق
وقام بعده الناصر الأطروش وهو الحسن بن علي بن الحسن بن علي بن عمر الأشرف بن علي
زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنهم ولم يزل قائماً بالأمر
إلى أن قبض سنة ٣٠٤ ثم قام بعده بالأمر ابنه الإمام محمد الهادي
ثم اعتزل الأمر فقام به أخوه الناصر أحمد ثم
قام من بعده الثائر لدين اللّه جعفر بن محمد بن الحسن بن عمر الأشرف وهو الذي ملك
طبرستان بأسرها ومات بها سنة ٣٤٥ وانقرضت دولته.
قال ابن أبي حاتم في تفسيره: حدثنا يحيى بن عبدك القزويني حدثنا خلف ابن الوليد حدثنا المبارك بن فضالة عن علي بن يزيد عن عبد الرحمن بن أبي بكر عن العرباض بن الهيثم عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص قال: ما كان منذ كانت الدنيا رأس مائة سنة إلا كان عند رأس المائة أمر.
قلت: كان عند رأس المائة الأولى من هذه الملة فتنة الحجاج وما أدراك ما الحجاج؟.
وفي المائة الثانية: فتنة المأمون وحروبه مع أخيه حتى درست محاسن بغداد وباد أهلها ثم قتله إياه شر قتلة ثم امتحانه الناس بخلق القرآن وهي أعظم الفتن في هذه الأمة وأولها بالنسبة إلى الدعوة إلى البدعة ولم يدع خليفة قبله إلى شي من البدع.
وفي المائة الثالثة: خروج القرمطي وناهيك به ثم فتنة المقتدر لما خلع وبويع ابن المعتز وأعيد المقتدر ثاني يوم وذبح القاضي وخلقاً من العلماء ولم يقتل قاض قبله في ملة الإسلام ثم فتنه تفرق الكلمة وتغلب المتغلبين على البلاد واستمر ذلك إلى الآن ومن جملة ذلك ابتداء الدولة العبيدية وناهيك بهم إفساداً وكفراً وقتلا للعلماء والصلحاء.
وفي المائة الرابعة: كانت فتنة الحاكم بأمر إبليس لا بأمر اللّه وناهيك بما فعل.
وفي المائة الخامسة: أخذ الفرنج الشام وبيت المقدس.
وفي المائة السادسة: كان الغلاء الذي لم يسمع بمثله منذ زمن يوسف صلى اللّه عليه وسلم وكان ابتداء أمر التتار.
وفي المائة السابعة: كانت فتنة التتار العظمى التي لم يسمع بمثلها أسالت من دماء أهل الإسلام بحاراً.
وفي المائة الثامنة: كانت فتنة تمرلنك التي استصغرت بالنسبة إليها فتنة التتار على عظمها. وأسأل اللّه تعالى أن يقبضنا إلى رحمته قبل وقوع فتنة المائة التاسعة بجاه محمد صلى اللّه عليه وآله وصحبه أجمعين آمين.