التجريد لنفع العبيد = حاشية البجيرمي على شرح المنهج

(كِتَابُ الْجَنَائِزِ) بِالْفَتْحِ جَمْعُ جِنَازَةٍ بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحُ اسْمٌ لِلْمَيِّتِ فِي النَّعْشِ، وَقِيلَ بِالْفَتْحِ اسْمٌ لِذَلِكَ وَبِالْكَسْرِ اسْمٌ لِلنَّعْشِ وَعَلَيْهِ الْمَيِّتُ وَقِيلَ عَكْسُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: وَطَرِيقُهُ) أَيْ: الْقَتْلِ وَهَذَا جَوَابٌ عَنْ إشْكَالٍ وَهُوَ أَنَّ الْمَقْضِيَّةَ لَا يُقْتَلُ بِهَا وَقَدْ قُلْتُمْ: لَا يُقْتَلُ إلَّا إنْ أَخْرَجَهَا عَنْ جَمِيعِ أَوْقَاتِهَا فَتَصِيرُ مَقْضِيَّةً وَمُحَصَّلُ الْجَوَابِ أَنَّ قَوْلَهُمْ: الْمَقْضِيَّةُ لَا يُقْتَلُ بِهَا مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يُؤْمَرْ بِأَدَائِهَا فِي الْوَقْتِ وَيَتَوَعَّدْ بِالْقَتْلِ عَلَيْهَا كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: أَنْ يُطَالَبَ) الْمُطَالِبُ لَهُ الْحَاكِمُ حَتَّى لَا يُعْتَبَرَ مُطَالَبَةُ الْآحَادِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: إذَا ضَاقَ وَقْتُهَا) أَيْ: بِحَيْثُ يَبْقَى مِنْ الْوَقْتِ زَمَنٌ يَسَعُ مِقْدَارَ الْفَرِيضَةِ وَالطَّهَارَةِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ عِنْدَ سَعَةِ الْوَقْتِ فَإِذَا وَقَعَ حِينَئِذٍ لَا الْتِفَاتَ إلَيْهِ فَلْيُحَرَّرْ ح ل، وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ: إذَا ضَاقَ وَقْتُهَا مُتَعَلِّقٌ بِأَدَائِهَا فَتَكْفِي الْمُطَالَبَةُ وَلَوْ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ إلَى أَنْ يَبْقَى بَعْدَ الْأَمْرِ مَا يَسَعُهَا وَطُهْرَهَا انْتَهَتْ وَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف، وَفِي شَرْحِ م ر مَا نَصُّهُ: وَاعْلَمْ أَنَّ الْوَقْتَ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ وَقْتَانِ أَحَدُهُمَا وَقْتُ أَمْرٍ وَالْآخَرُ وَقْتُ قَتْلٍ فَوَقْتُ الْأَمْرِ هُوَ إذَا ضَاقَ وَقْتُ الصَّلَاةِ عَنْ فِعْلِهَا يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَأْمُرَ التَّارِكَ فَنَقُولُ لَهُ صَلِّ فَإِنْ صَلَّيْت تَرَكْنَاك وَإِنْ أَخَّرْتهَا عَنْ الْوَقْتِ قَتَلْنَاك، وَفِي هَذَا الْوَقْتِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا إذَا بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ زَمَنٌ يَسَعُ مِقْدَارَ الطَّهَارَةِ وَالْفَرِيضَةِ، وَالثَّانِي إذَا بَقِيَ زَمَنٌ يَسَعُ رَكْعَةً وَطَهَارَةً كَامِلَةً. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَصَرَّ) أَيْ: لَمْ يَفْعَلْ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ وَخَرَجَ بِالتَّوَعُّدِ الْمَذْكُورِ مَا تَرَكَهُ قَبْلَهُ وَلَوْ غَالِبَ عُمْرِهِ فَلَا قَتْلَ بِهِ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ) وَكَذَا كُلُّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ) أَيْ: فِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ اسْتِتَابَةٍ لَهُ) أَيْ: طَلَبِ قَضَاءِ تِلْكَ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ صَحَّحَ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ فَرَّقَ) أَيْ: بِأَنَّ الرِّدَّةَ تُخْلِدُ فِي النَّارِ فَوَجَبَ إنْقَاذُهُ مِنْهَا بِخِلَافِ تَرْكِ الصَّلَاةِ وَهَذَا الْفَرْقُ هُوَ الرَّاجِحُ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يُمْهَلُ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُسْتَتَابُ فِي الْحَالِ، وَقَوْلُهُ: وَالْقَوْلَانِ أَيْ: كَوْنُهُ يُسْتَتَابُ فِي الْحَالِ أَوْ يُمْهَلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَتُبْ إلَخْ) وَتَوْبَتُهُ بِفِعْلِ الصَّلَاةِ ح ل. (قَوْلُهُ: كَسَائِرِ أَصْحَابِ الْكَبَائِرِ) أَيْ: قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ أَصْحَابِ الْكَبَائِرِ فَإِنَّهُمْ لَا تُطْمَسُ قُبُورُهُمْ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُقْتَلُ إنْ قَالَ: صَلَّيْت) أَيْ: وَلَوْ ظَنَنَّا كَذِبَهُ فَإِنْ قُطِعَ بِكَذِبِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَذَلِكَ؛ لِاحْتِمَالِ طُرُوُّ حَالَّةٍ عَلَيْهِ تَجُوزُ لَهُ الصَّلَاةُ بِالْإِيمَاءِ ح ل. (قَوْلُهُ: إنْسَانٌ) أَيْ: إذَا كَانَ بَعْدَ أَمْرِ الْإِمَامِ أَمَّا إذَا قَتَلَهُ قَبْلَ أَمْرِ الْإِمَامِ بِهَا فَيَضْمَنُهُ لِأَنَّهُ مَعْصُومٌ عَلَى قَاتِلِهِ ع ش. (قَوْلُهُ: وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ) هَذَا وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ الِاسْتِتَابَةَ مَنْدُوبَةٌ وَهُوَ خِلَافُ مُعْتَقَدِ الشَّارِحِ مِنْ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ؛ إذْ عَلَيْهِ لَا يَنْبَغِي إلَّا الضَّمَانُ ح ل. (قَوْلُهُ: تَارِكُ شَرْطٍ) عِبَارَةُ حَجّ وَيُقْتَلُ أَيْضًا بِكُلِّ رُكْنٍ أَوْ شَرْطٍ أُجْمِعَ عَلَى رُكْنِيَّتِهِ أَوْ شَرْطِيَّتِهِ أَوْ كَانَ الْخِلَافُ فِيهِ وَاهِيًا جِدًّا دُونَ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ اهـ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. .

[كِتَابُ الْجَنَائِزِ]
قِيلَ كَانَ حَقُّ هَذَا الْكِتَابِ أَنْ يُذْكَرَ بَيْنَ الْفَرَائِضِ وَالْوَصَايَا، لَكِنْ لَمَّا كَانَ أَهَمَّ مَا يُفْعَلُ بِالْمَيِّتِ الصَّلَاةُ ذَكَرَهُ إثْرَهَا. وَهَذَا الْكِتَابُ يَشْتَمِلُ عَلَى مُقَدِّمَاتٍ وَمَقَاصِدَ وَبَدَأَ بِالْأَوَّلِ فَقَالَ: لِيَسْتَعِدَّ لِلْمَوْتِ إلَخْ، وَالْمُقَدِّمَاتُ مِنْ هُنَا إلَى قَوْلِهِ وَتَجْهِيزُهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَالْمَقَاصِدُ مِنْهُ إلَى آخِرِ الْكِتَابِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: بِالْفَتْحِ) أَيْ: لَا غَيْرَ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَبِالْكَسْرِ اسْمٌ لِلنَّعْشِ) وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ الْأَعْلَى لِلْأَعْلَى وَالْأَسْفَلُ لِلْأَسْفَلِ أَيْ: الْجِنَازَةُ بِالْحَرَكَةِ الْعُلْيَا وَهِيَ الْفَتْحَةُ لِلْأَعْلَى وَهُوَ الْمَيِّتُ فِي النَّعْشِ، وَالْجِنَازَةُ بِالْكَسْرِ السُّفْلِيِّ لِلنَّعْشِ وَعَلَيْهِ الْمَيِّتُ وَهُوَ أَسْفَلُ. (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ الْمَيِّتُ) أَيْ: مُكَفَّنًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ الْمَيِّتُ فَهُوَ سَرِيرٌ وَنَعْشٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِيهِ:
اُنْظُرْ إلَيَّ بِعَقْلِك أَنَا الْمُهَيَّأُ لِنَقْلِك ... أَنَا سَرِيرُ الْمَنَايَا كَمْ سَارَ مِثْلِي بِمِثْلِك
اهـ. سم ع ش، وَفُهِمَ مِنْ الْأَقْوَالِ أَنَّ الْمَيِّتَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِي النَّعْشِ لَا تُطْلَقُ عَلَيْهِ الْجِنَازَةُ لَا بِالْفَتْحِ وَلَا بِالْكَسْرِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الظَّرْفَ قَيْدٌ فِي الْأَوَّلِ وَالْمَظْرُوفَ قَيْدٌ فِي الثَّانِي شَوْبَرِيٌّ عَلَى التَّحْرِيرِ.

(1/446)


وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ جَنْزِهِ أَيْ سَتْرِهِ (لِيَسْتَعِدَّ لِلْمَوْتِ) كُلُّ مُكَلَّفٍ (بِتَوْبَةٍ) بِأَنْ يُبَادِرَ إلَيْهَا لِئَلَّا يَفْجَأَهُ الْمَوْتُ الْمُفَوِّتُ لَهَا. (وَسُنَّ أَنْ يُكْثِرَ ذِكْرَهُ) لِخَبَرِ: «أَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ يَعْنِي الْمَوْتَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَاهُ زَادَ النَّسَائِيّ «فَإِنَّهُ مَا ذُكِرَ فِي كَثِيرٍ إلَّا قَلَّلَهُ وَلَا قَلِيلٍ إلَّا كَثَّرَهُ» أَيْ كَثِيرٍ مِنْ الْأَمَلِ وَالدُّنْيَا وَقَلِيلٍ مِنْ الْعَمَلِ، وَهَاذِمُ بِالْمُعْجَمَةِ أَيْ قَاطِعُ وَالتَّصْرِيحُ ب (سُنَّ) ذَلِكَ مِنْ زِيَادَتِي (وَمَرِيضٌ آكَدُ) بِمَا ذُكِرَ أَيْ أَشَدُّ طَلَبًا بِهِ مِنْ غَيْرِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
قَالَ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ: لَوْ قَالَ أُصَلِّي عَلَى هَذِهِ الْجِنَازَةِ بِالْكَسْرِ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ الْمَكْسُورَ اسْمٌ لِلنَّعْشِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيُتَّجَهُ الصِّحَّةُ إذَا أَرَادَ الْمَيِّتَ وَغَايَتُهُ أَنَّهُ عَبَّرَ بِلَفْظٍ مَجَازِيٍّ لِعَلَاقَةِ الْمُجَاوَرَةِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ) وَهُوَ أَنَّهُمَا لُغَتَانِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: مِنْ جَنْزِهِ) بَابُهُ ضَرَبَ يَضْرِبُ فَمُضَارِعُهُ بِالْكَسْرِ ع ش (قَوْلُهُ: أَيْ: سَتْرُهُ) فَالْمُنَاسَبَةُ مَوْجُودَةٌ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْأَقْوَالِ الْأَرْبَعَةِ لِأَنَّ الْمُسَمَّى إمَّا سَاتِرٌ أَوْ مَسْتُورٌ فَالسَّتْرُ مَوْجُودٌ عَلَى كُلٍّ فَيَكُونُ مَعْنَاهَا لُغَةً: السَّتْرُ، فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ هَذَا الْمَعْنَى غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ مَسْتُورٌ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: لِيَسْتَعِدَّ) أَيْ: وُجُوبًا إنْ كَانَ عَلَيْهِ ذَنْبٌ وَنَدْبًا إنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ، فَالْأَمْرُ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ وَهَذَا أَفْيَدُ مِنْ حَمْلِ كَلَامِهِ عَلَى الْأَوَّلِ فَقَطْ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: بِتَوْبَةٍ) وَمُحَلُّ تَوَقُّفِ التَّوْبَةِ عَلَى رَدِّ الْمَظَالِمِ حَيْثُ قَدَرَ عَلَيْهِ وَإِلَّا كَفَاهُ الْعَزْمُ عَلَى رَدِّهَا وَمَحَلُّهُ أَيْضًا حَيْثُ عَرَفَ الْمَظْلُومَ وَإِلَّا فَيَتَصَدَّقُ بِمَا ظَلَمَ بِهِ عَنْ الْمَظْلُومِ كَذَا قِيلَ. وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ: هُوَ مَالٌ ضَائِعٌ يَرُدُّهُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ فَلَعَلَّ مَنْ قَالَ: يَتَصَدَّقُ بِهِ مُرَادُهُ حَيْثُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ بَيْتَ الْمَالِ لَا يَصْرِفُ مَا يَأْخُذُهُ عَلَى مُسْتَحِقِّيهِ، ثُمَّ لَوْ كَانَ الظَّالِمُ مُسْتَحِقًّا فِي بَيْتِ الْمَالِ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ الِاسْتِقْلَالُ بِهِ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ لِكَوْنِهِ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ أَوْ لَا؛ لِاتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضِ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَمَحَلُّ التَّوَقُّفِ عَلَى الِاسْتِحْلَالِ أَيْضًا حَيْثُ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ ضَرَرٌ فَمَنْ زَنَى بِامْرَأَةٍ وَلَمْ يُبْلِغْ الْإِمَامَ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَطْلُبَ مِنْ زَوْجِهَا وَأَهْلِهَا الِاسْتِحْلَالَ لِمَا فِيهِ مِنْ هَتْكِ عِرْضِهِمْ فَيَكْفِي النَّدَمُ وَالْعَزْمُ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ وَسَيَأْتِي لِهَذَا الْكَلَامِ بَسْطٌ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ ع ش عَلَى م ر.
قَالَ حَجّ فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تَوَقُّفُ التَّوْبَةِ عَلَى تَمَامِ حِفْظِ مَا نَسِيَهُ مِنْ الْقُرْآنِ وَتَمَامِ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ وَإِنْ كَثُرَتْ حَيْثُ قَالَ: وَخُرُوجٌ مِنْ الْمَظَالِمِ بِرَدِّهَا أَوْ بِرَدِّ بَدَلِهَا إنْ تَلِفَتْ لِمُسْتَحِقِّهَا مَا لَمْ يُبْرِئْهُ مِنْهَا، وَمِنْهَا قَضَاءُ نَحْوِ صَلَاةٍ وَإِنْ كَثُرَتْ وَيَجِبُ عَلَيْهِ صَرْفُ سَائِرِ زَمَنِهِ لِذَلِكَ مَا عَدَا الْوَقْتَ الَّذِي يَحْتَاجُهُ لِصَرْفِ مَا عَلَيْهِ مِنْ مُؤْنَةِ نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ وَكَذَا يُقَالُ فِي نِسْيَانِ الْقُرْآنِ أَوْ بَعْضِهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ اهـ أَقُولُ وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ قَدَرَ عَلَى قَضَائِهَا فِي زَمَنٍ يَسِيرٍ، أَمَّا لَوْ كَانَتْ عَلَيْهِ فَوَائِتُ كَثِيرَةٌ جِدًّا وَكَانَ يَسْتَغْرِقُ قَضَاؤُهَا زَمَنًا طَوِيلًا فَيَكْفِي فِي صِحَّةِ تَوْبَتِهِ عَزْمُهُ عَلَى قَضَائِهَا مَعَ الشُّرُوعِ فِيهِ. وَكَذَا يُقَالُ بِمِثْلِهِ فِي حِفْظِ الْقُرْآنِ حَتَّى لَوْ مَاتَ زَمَنَ الْقَضَاءِ لَمْ يَمُتْ عَاصِيًا لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا فِي مَقْدُورِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ م ر: وَخُرُوجٌ مِنْ مَظْلِمَةٍ قَدَرَ عَلَيْهَا أَمَّا إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا فَيَكْفِي الْعَزْمُ كَمَا تَقَدَّمَ ع ش (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُبَادِرَ) تَفْسِيرٌ لِلِاسْتِعْدَادِ لِلْمَوْتِ بِتَوْبَةٍ.
(قَوْلُهُ: وَسُنَّ أَنْ يُكْثِرَ ذِكْرَهُ) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ صَحِيحًا أَوْ مَرِيضًا بِقَلْبِهِ وَلِسَانِهِ بِحَيْثُ يَجْعَلُهُ نُصْبَ عَيْنَيْهِ لِأَنَّهُ أَزْجَرُ عَنْ الْمَعْصِيَةِ وَأَدْعَى إلَى الطَّاعَةِ ح ل. وَقَوْلُهُ: نُصْبَ بِضَمِّ النُّونِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذِكْرَهُ بِقَلْبِهِ وَلِسَانِهِ أَفْضَلُ كَمَا فِي الشَّوْبَرِيِّ وَيُسْتَثْنَى طَالِبُ الْعِلْمِ فَلَا يُسَنُّ لَهُ ذِكْرُ الْمَوْتِ لِأَنَّهُ قَدْ يَقْطَعُهُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: يَعْنِي الْمَوْتَ) ظَاهِرُهُ أَنَّ لَفْظَ الْمَوْتِ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ وَهُوَ ثَابِتٌ فِي الرِّوَايَةِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ شُرَّاحُهُ: هُوَ بِالْحَرَكَاتِ الثَّلَاثِ بِتَقْدِيرِ هُوَ أَوْ أَعْنِي أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ أَوْ بَدَلٌ مِنْ هَاذِمٍ شَوْبَرِيٌّ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ ثَابِتًا فِي رِوَايَةٍ وَغَيْرَ ثَابِتٍ فِي أُخْرَى كَرِوَايَةِ الشَّارِحِ ح ف (قَوْلُهُ: مَا يُذْكَرُ فِي كَثِيرٍ) أَيْ: مَعَ كَثِيرٍ إلَّا قَلَّلَهُ أَيْ: كَانَ سَبَبًا لِتَقْلِيلِهِ بِأَنْ يَتَصَدَّقَ بِالدُّنْيَا الَّتِي عِنْدَهُ. (قَوْلُهُ: وَهَاذِمُ بِالْمُعْجَمَةِ) وَأَمَّا بِالْمُهْمَلَةِ فَهُوَ الْمُزِيلُ لِلشَّيْءِ مِنْ أَصْلِهِ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: أَيْ: قَاطِعٌ) لِقَطْعِهِ مَادَّةَ الْحَيَاةِ (قَوْلُهُ: بِمَا ذَكَرَ) أَيْ: مِنْ الِاسْتِعْدَادِ وَالذِّكْرِ. (قَوْلُهُ: أَيْ: أَشَدُّ طَلَبًا بِهِ مِنْ غَيْرِهِ) لِأَنَّهُ إلَى الْمَوْتِ أَقْرَبُ وَيُسَنُّ لَهُ الصَّبْرُ عَلَى الْمَرَضِ أَيْ: تَرْكُ التَّضَجُّرِ مِنْهُ وَيُكْرَهُ كَثْرَةُ الشَّكْوَى، نَعْمَ إنْ سَأَلَهُ نَحْوُ طَبِيبٍ أَوْ قَرِيبٍ أَوْ صَدِيقٍ عَنْ حَالِهِ فَأَخْبَرَهُ بِمَا هُوَ فِيهِ مِنْ الشِّدَّةِ لَا عَلَى صُورَةِ الْجَزَعِ فَلَا بَأْسَ وَلَا يُكْرَهُ الْأَنِينُ لَكِنَّ اشْتِغَالَهُ بِنَحْوِ التَّسْبِيحِ أَوْلَى مِنْهُ فَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى وَيُسَنُّ أَنْ يَتَعَهَّدَ نَفْسَهُ بِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ وَحِكَايَةِ الصَّالِحِينَ وَأَحْوَالِهِمْ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَأَنْ يُوصِيَ أَهْلَهُ بِالصَّبْرِ عَلَيْهِ وَتَرْكِ النَّوْحِ وَنَحْوِهِ مِمَّا.

(1/447)


وَ) أَنْ (يَتَدَاوَى) الْمَرِيضُ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ: «مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إلَّا وَأَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً» ، وَخَبَرِ: «إنَّ الْأَعْرَابَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَتَدَاوَى؟ فَقَالَ تَدَاوَوْا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَضَعْ دَاءً إلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً إلَّا الْهَرَمَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فَإِنْ تَرَكَ التَّدَاوِيَ تَوَكُّلًا فَهُوَ فَضِيلَةٌ (وَكُرِهَ إكْرَاهُهُ عَلَيْهِ) لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشْوِيشِ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَخَبَرُ «لَا تُكْرِهُوا مَرَضَاكُمْ عَلَى الطَّعَامِ فَإِنَّ اللَّهَ يُطْعِمُهُمْ وَيَسْقِيهِمْ» ضَعِيفٌ ضَعَّفَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ وَادَّعَى التِّرْمِذِيُّ أَنَّهُ حَسَنٌ

(وَ) كُرِهَ (تَمَنِّي مَوْتٍ لِضُرٍّ) فِي بَدَنِهِ أَوْ دُنْيَاهُ، (وَسُنَّ) تَمَنِّيهِ (لِفِتْنَةِ دِينٍ) لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ فِي الْأَوَّلِ: «لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمْ الْمَوْتَ لِضُرٍّ أَصَابَهُ فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ فَاعِلًا فَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتْ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي وَتَوَفَّنِي إذَا كَانَتْ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي» وَاتِّبَاعًا فِي الثَّانِي لِكَثِيرٍ مِنْ السَّلَفِ: وَذِكْرُ السَّنِّ مِنْ زِيَادَتِي وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّ النَّوَوِيَّ أَفْتَى بِهِ

(وَأَنْ يُلَقَّنَ مُحْتَضَرٌ) أَيْ مَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ (الشَّهَادَةَ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
اُعْتِيدَ فِي الْجَنَائِزِ وَغَيْرِهَا، وَأَنْ يَجْتَنِبَ الْمُنَازَعَةَ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا وَأَنْ يَسْتَرْضِيَ مَنْ لَهُ بِهِ عُلْقَةٌ كَخَادِمٍ وَزَوْجَةٍ وَوَلَدٍ وَجَارٍ وَمُعَامِلٍ وَصَدِيقٍ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَأَنْ يَتَدَاوَى) وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ وَإِسَاغَةِ اللُّقْمَةِ بِالْخَمْرِ لِعَدَمِ الْقَطْعِ بِإِفَادَتِهِ بِخِلَافِهِمَا. وَيَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَى طَلَبِ الْكَافِرِ وَوَصْفِهِ مَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى ذَلِكَ تَرْكُ عِبَادَةٍ أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا لَا يُعْتَمَدُ فِيهِ شَرْحُ م ر.
قَالَ ع ش: وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الْقَطْعِ بِإِفَادَتِهِ أَنَّهُ لَوْ قُطِعَ بِإِفَادَتِهِ كَعَصْبِ مَحَلِّ الْفَصْدِ وَجَبَ وَهُوَ قَرِيبٌ (قَوْلُهُ: مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً) أَيْ: مَا وَضَعَ اللَّهُ مَرَضًا فِي جِسْمِ شَخْصٍ إلَخْ. وَقَوْلُهُ: إلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً زَادَ فِي رِوَايَةٍ (جَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ وَعَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ) بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: إنَّ الْأَعْرَابَ) ذَكَرَهُ بَعْدَ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ مُخَصِّصٌ لَهُ كَمَا قَالَهُ ع ش.
(قَوْلُهُ: فَهُوَ فَضِيلَةٌ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ التَّدَاوِيَ أَفْضَلُ مِنْهُ لِمَنْ كَانَ فِي شِفَائِهِ نَفْعٌ عَامٌّ لِلْمُسْلِمِينَ، أَوْ خَشِيَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ التَّضَجُّرِ بِدَوَامِ الْمَرَضِ وَإِنْ تَرَكَهُ تَوَكُّلًا أَفْضَلُ حَيْثُ انْتَفَى ذَلِكَ وَرُزِقَ الرِّضَا بِهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: وَأَفْتَى النَّوَوِيُّ بِأَنَّ مَنْ قَوِيَ تَوَكُّلُهُ فَالتَّرْكُ لَهُ أَوْلَى، وَمَنْ ضَعُفَ يَقِينُهُ وَقَلَّ صَبْرُهُ فَالْمُدَاوَاةُ لَهُ أَفْضَلُ وَهُوَ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: حَسَنٌ. (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ إكْرَاهُهُ عَلَيْهِ) أَيْ: الْإِلْحَاحُ عَلَيْهِ وَإِنْ عُلِمَ نَفْعُهُ لَهُ بِمَعْرِفَةِ طَبِيبٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْإِكْرَاهَ الشَّرْعِيَّ الَّذِي هُوَ التَّهْدِيدُ بِعُقُوبَةٍ عَاجِلَةٍ ظُلْمًا إلَى آخِرِ شُرُوطِهِ كَمَا ذَكَرَهُ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ) وَارِدٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَكُرِهَ إكْرَاهُهُ عَلَيْهِ، وَوَجْهُ الْوُرُودِ أَنَّ الْحَدِيثَ يَدُلُّ حُرْمَةً عَلَى الْإِكْرَاهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّهْيِ التَّحْرِيمُ فَلِذَلِكَ أَجَابَ عَنْهُ بِأَنَّهُ ضَعِيفٌ وَعَلَى تَحْسِينِ التِّرْمِذِيِّ لَهُ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ النَّهْيُ لِلتَّنْزِيهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا وَفِي ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: لِمَ اسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشْوِيشِ وَلَمْ يَسْتَدِلَّ بِالْحَدِيثِ؟ وَقَوْلُهُ: وَضَعَّفَهُ الْبَيْهَقِيُّ أَيْ: فَيُقَدَّمُ عَلَى مَنْ قَالَ: إنَّهُ حَسَنٌ لِأَنَّ مَعَ مَنْ ضَعَّفَهُ زِيَادَةَ عِلْمٍ بِالْجَرْحِ لِلرَّاوِي (قَوْلُهُ: فَإِنَّ اللَّهَ يُطْعِمُهُمْ وَيَسْقِيهِمْ) أَيْ: يُعْطِيهِمْ قُوَّةَ الطَّاعِمِ وَالشَّارِبِ ع ش. (قَوْلُهُ: وَادَّعَى التِّرْمِذِيُّ أَنَّهُ حَسَنٌ) وَعَلَيْهِ فَيُحْمَلُ النَّهْيُ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَفِيهِ أَنَّ الْمُدَّعَى كَرَاهَةُ إكْرَاهِهِ عَلَى التَّدَاوِي وَالْحَدِيثُ قَالَ: «لَا تُكْرِهُوا مَرْضَاكُمْ عَلَى الطَّعَامِ» وَلَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِلتَّدَاوِي حَتَّى يَكُونَ وَارِدًا وَأُجِيبَ بِأَنَّ الطَّعَامَ فِيهِ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ التَّدَاوِي بَلْ مِثْلُ الْإِكْرَاهِ عَلَى التَّدَاوِي الْإِكْرَاهُ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ ح ف.

(قَوْلُهُ: لِضُرٍّ) خَرَجَ بِالضُّرِّ التَّمَنِّي بِلَا ضُرٍّ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ وَلَا يُقَالُ: إنَّ هَذَا يُفْهَمُ مِنْ الْأَوَّلِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يُشْبِهُ التَّظَلُّمَ بِخِلَافِ الثَّانِي ز ي ع ش (قَوْلُهُ: أَوْ دُنْيَاهُ) وَمِنْهُ ضِيقُ الْعَيْشِ (قَوْلُهُ: وَسُنَّ لِفِتْنَةِ دِينٍ) أَيْ: لِخَوْفِهَا أَوْ خَوْفِ زِيَادَتِهَا وَالْمُرَادُ بِهَا الْمَعَاصِي وَالْخُرُوجُ عَنْ الشَّرْعِ، وَيُسَنُّ أَيْضًا تَمَنِّيهِ لِغَرَضٍ أُخْرَوِيٍّ كَتَمَنِّي الشَّهَادَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمْ يَتَمَنَّ نَبِيٌّ الْمَوْتَ غَيْرَ يُوسُفَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَقَالَ غَيْرُهُ: إنَّمَا تَمَنَّى الْمَوْتَ عَلَى الْإِسْلَامِ لَا الْمَوْتَ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: فَلْيَقُلْ) أَيْ: مَعَ الْكَرَاهَةِ ع ش (قَوْلُهُ: مَا كَانَتْ) ثُمَّ قَوْلُهُ: إذَا كَانَتْ يُنْظَرُ وَجْهُ مُغَايَرَةِ التَّعْبِيرِ فِيهِمَا، وَعِبَارَةُ الْإِيعَابِ: وَإِنَّمَا أَتَى بِمَا فِي الْأَوَّلِ وَإِذَا فِي الثَّانِي لِمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِلْمُتَأَمِّلِ شَوْبَرِيٌّ أَيْ: لِأَنَّهُ لَوْ أَتَى فِي الثَّانِي بِمَا كَانَ الْمَعْنَى وَتَوَفَّنِي مُدَّةَ كَوْنِ الْوَفَاةِ خَيْرًا لِي فَيَقْتَضِي أَنَّ زَمَنَ الْوَفَاةِ بَعْضُهُ خَيْرٌ وَبَعْضُهُ غَيْرُ خَيْرٍ وَيَقْتَضِي أَنَّهُ إنْ لَمْ تَكُنْ الْوَفَاةُ خَيْرًا لَهُ يُحْيِيهِ لِأَنَّ الْوَفَاةَ حِينَئِذٍ مُقَدَّرَةٌ بِمُدَّةٍ مَعَ أَنَّهُ ظَاهِرُ الْفَسَادِ شَيْخُنَا. وَقَالَ شَيْخُنَا ح ف: عَبَّرَ بِإِذَا فِي الثَّانِي لِأَنَّ زَمَنَ الْوَفَاةِ مُسْتَقْبَلٌ وَعِبَارَةُ ع ش لَعَلَّهُ إنَّمَا عَبَّرَ فِي الْأَوَّلِ بِمَا وَفِي الثَّانِي بِإِذَا؛ لِأَنَّ الْحَيَاةَ لِامْتِدَادِهَا وَطُولِ زَمَنِهَا تُقَدَّرُ بِمُدَّةٍ فَعَبَّرَ فِيهَا بِمَا الدَّالَّةِ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ الزَّمَانِيَّةِ بِخِلَافِ الْوَفَاةِ فَإِنَّهَا عِبَارَةٌ عَنْ خُرُوجِ الرُّوحِ وَلَيْسَ فِيهِ زَمَنٌ مُقَدَّرٌ.

(قَوْلُهُ: أَيْ: مَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ) عِبَارَةُ م ر: مَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ وَلَوْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ حَيْثُ كَانَ مُمَيِّزًا.

(1/448)


أَيْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ: «لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» أَيْ ذَكِّرُوا مَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ وَهُوَ مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الشَّيْءِ بِمَا يَصِيرُ إلَيْهِ، وَرَوَى الْحَاكِمُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ: «مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ» (بِلَا إلْحَاحٍ) عَلَيْهِ لِئَلَّا يَضْجَرَ، وَلَا يُقَالُ لَهُ: قُلْ بَلْ يَتَشَهَّدُ عِنْدَهُ وَلْيَكُنْ غَيْرَ مُتَّهَمٍ كَحَاسِدٍ وَعَدُوٍّ وَوَارِثٍ فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ غَيْرُهُمْ لَقَّنَهُ مَنْ حَضَرَ مِنْهُمْ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ فَإِنْ حَضَرَ الْجَمِيعُ لَقَّنَ الْوَارِثُ فِيمَا يَظْهَرُ أَوْ وَرَثَةٌ لَقَّنَهُ أَشْفَقَهُمْ عَلَيْهِ وَإِذَا قَالَهَا مَرَّةً لَا تُعَادُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَتَكَلَّمَ بَعْدَهَا.
(ثُمَّ يُوَجَّهُ) إلَى الْقِبْلَةِ بِاضْطِجَاعٍ (لِجَنْبٍ أَيْمَنَ) فَإِنْ تَعَذَّرَ (فَ) لِجَنْبٍ (أَيْسَرَ) كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لِأَنَّ ذَلِكَ أَبْلَغُ فِي التَّوَجُّهِ مِنْ اسْتِلْقَائِهِ وَذِكْرُ الْأَيْسَرِ مِنْ زِيَادَتِي (فَ) إنْ تَعَذَّرَ وُجِّهَ بِ (اسْتِلْقَاءٍ) بِأَنْ يُلْقَى عَلَى قَفَاهُ وَوَجْهِهِ وَأَخْمَصَاهُ لِلْقِبْلَةِ بِأَنْ يُرْفَعَ رَأْسُهُ قَلِيلًا وَالْأَخْمَصَانِ هُنَا هُمَا أَسْفَلُ الرِّجْلَيْنِ وَحَقِيقَتُهُمَا الْمُنْخَفِضُ مِنْ أَسْفَلِهِمَا وَالتَّرْتِيبُ بَيْنَ التَّلْقِينِ، وَالتَّوْجِيهِ مِنْ زِيَادَتِي وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَقَالَ التَّاجُ ابْنُ الْفِرْكَاحِ إنْ أَمْكَنَ الْجَمْعُ فُعِلَا مَعًا وَإِلَّا بُدِئَ بِالتَّلْقِينِ (وَ) أَنْ (يَقْرَأَ عِنْدَهُ) سُورَةَ (يس) لِخَبَرِ: «اقْرَءُوا عَلَى مَوْتَاكُمْ يس» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ الْمُرَادُ بِهِ مَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَا يُقْرَأُ عَلَيْهِ، وَالْحِكْمَةُ فِي قِرَاءَتِهَا أَنَّ أَحْوَالَ الْقِيَامَةِ وَالْبَعْثِ مَذْكُورَةٌ فِيهَا فَإِذَا قُرِئَتْ عِنْدَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
وَفَرْقٌ بَيْنَ هَذَا وَعَدَمِ نَدْبِ تَلْقِينِهِ بَعْدَ الدَّفْنِ؛ لِأَنَّ هَذَا
لِلْمَصْلَحَةِ
وَهُوَ دُخُولُ الْجَنَّةِ مَعَ السَّابِقِينَ وَثَمَّ لِئَلَّا يُفْتَنَ الْمَيِّتُ فِي قَبْرِهِ وَهَذَا لَا يُفْتَنُ. (قَوْلُهُ: أَيْ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ) وَلَا تُسَنُّ زِيَادَةُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ فَإِنْ كَانَ كَافِرًا وَجَبَ تَلْقِينُهُ لَفْظَ الشَّهَادَتَيْنِ وَأَمْرُهُ بِهِ حَيْثُ رُجِيَ إسْلَامُهُ وَإِلَّا نُدِبَ ذَلِكَ ح ل وَقَوْلُهُ: وَلَا تُسَنُّ زِيَادَةُ مُحَمَّدٌ إلَخْ أَيْ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ أَنْ لَا يَأْتِيَ بَعْدَهَا بِكَلَامٍ أَصْلًا وَلَوْ قُرْآنًا وَذِكْرًا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف لَكِنْ قَالَ ع ش عَلَى م ر: وَلَا يَضُرُّ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ لِأَنَّهَا مِنْ تَمَامِهَا وَإِنْ كَانَتْ لَا تُسَنُّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَمَا قَالَهُ م ر، وَعِبَارَةُ الْجَلَالِ وَشَرْحِ م ر: وَنَقَلَ فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يُلَقَّنُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ أَيْضًا قَالَ: وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ أَيْ: فَلَا تُسَنُّ زِيَادَةُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ وَقَوْلُ الطَّبَرِيِّ كَجَمْعٍ: إنَّ زِيَادَتَهَا أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَوْتُهُ عَلَى الْإِسْلَامِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ هَذَا مُسْلِمٌ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ مِنْ بَابِ إلَخْ) الْأَوْلَى التَّفْرِيعُ وَقَوْلُهُ: بِمَا يَصِيرُ إلَخْ أَيْ: فَهُوَ مِنْ مَجَازِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ) بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ وَالْأَوَّلُ أَفْصَحُ أَيْ: وَلَوْ النَّفْسِيَّ فَيَشْمَلُ مَا لَوْ اسْتَحْضَرَ ذَلِكَ بِقَلْبِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْخَادِمِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْإِيعَابِ عَنْ الزَّرْكَشِيّ. (قَوْلُهُ: دَخَلَ الْجَنَّةَ) أَيْ: مَعَ الْفَائِزِينَ وَإِلَّا فَكُلُّ مُسْلِمٍ وَلَوْ فَاسِقًا يَدْخُلُهَا وَلَوْ بَعْدَ عَذَابٍ وَإِنْ طَالَ. (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَضْجَرَ) الضَّجَرُ الْقَلَقُ مِنْ الْغَمِّ وَبَابُهُ طَرِبَ اهـ مُخْتَارٌ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُقَالُ) أَيْ: يُكْرَهُ ذَلِكَ ع ش (قَوْلُهُ: بَلْ يَتَشَهَّدُ عِنْدَهُ) أَيْ: يُقَالُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَلَا يُقَالُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ إلَّا إنْ كَانَ كَافِرًا وَرُجِيَ إسْلَامُهُ ح ف. (قَوْلُهُ: وَلْيَكُنْ) أَيْ: الْمُلَقِّنُ أَيْ: يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ م ر (قَوْلُهُ: وَوَارِثٍ) لَوْ كَانَ الْمَيِّتُ فَقِيرًا لَا شَيْءَ لَهُ فَالْوَجْهُ أَنَّ الْوَارِثَ كَغَيْرِهِ فِي أَنَّهُ يُلَقِّنُهُ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ حِينَئِذٍ. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ غَيْرُهُمْ) أَيْ: غَيْرُ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورِينَ وَقَوْلُهُ: لَقَّنَهُ مَنْ حَضَرَ مِنْهُمْ أَيْ: وَإِنْ اتَّهَمَهُ الْمَيِّتُ كَمَا فِي شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ: أَشْفَقُهُمْ) إنْ وُجِدَ وَإِلَّا تُرِكَ ق ل (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَتَكَلَّمَ بَعْدَهَا) وَلَوْ بِذِكْرٍ وَنَحْوِهِ كَمُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، أَوْ بِكَلَامٍ نَفْسِيٍّ دَلَّتْ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ أَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ وَلِيٌّ اهـ خَادِمٌ شَوْبَرِيٌّ ح ل وَح ف (قَوْلُهُ: ثُمَّ يُوَجَّهُ بِاضْطِجَاعٍ) أَيْ: نَدْبًا (قَوْلُهُ: لِجَنْبٍ) اللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَذَّرَ) أَيْ: تَعَسَّرَ لِضِيقِ مَكَان أَوْ نَحْوِهِ كَعِلَّةٍ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَأَخْمَصَاهُ لِلْقِبْلَةِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ أَشْهَرُ مِنْ كَسْرِهَا وَضَمِّهَا وَنَقَلَ بِالدَّرْسِ عَنْ الْإِيعَابِ أَنَّهُ بِتَثْلِيثِ الْهَمْزَةِ أَيْضًا ع ش.
(قَوْلُهُ: إنْ أَمْكَنَ الْجَمْعُ فُعِلَا) أَيْ: التَّلْقِينُ وَالتَّوْجِيهُ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يُقْرَأَ عِنْدَهُ يس) أَيْ: بِتَمَامِهَا. رَوَى الْحَارِثُ بْنُ أُسَامَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ قَرَأَهَا وَهُوَ خَائِفٌ أَمِنَ أَوْ جَائِعٌ شَبِعَ أَوْ عَطْشَانُ سُقِيَ أَوْ عَارٍ كُسِيَ أَوْ مَرِيضٌ شُفِيَ» دَمِيرِيٌّ وَصَحَّ فِي حَدِيثٍ غَرِيبٍ «مَا مِنْ مَرِيضٍ يُقْرَأُ عَلَيْهِ يس إلَّا مَاتَ رَيَّانَ وَأُدْخِلَ قَبْرَهُ رَيَّانَ» ع ش عَلَى م ر وَيُنْدَبُ قِرَاءَةُ الرَّعْدِ عِنْدَهُ لِأَنَّهَا تُسَهِّلُ طُلُوعَ الرُّوحِ وَالْمُرَادُ أَنْ يَقْرَأَهَا بِتَمَامِهَا إنْ اتَّفَقَ لَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَمَا تَيَسَّرَ لَهُ مِنْهَا وَلَوْ تَعَارَضَ عَلَيْهِ قِرَاءَتُهُمَا فَهَلْ يُقَدِّمُ يس لِصِحَّةِ حَدِيثِهَا أَوْ الرَّعْدَ فِيهِ نَظَرٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ بِمُرَاعَاةِ حَالِ الْمُحْتَضَرِ، فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ شُعُورٌ وَتَذَكُّرٌ لِلْقَبْرِ وَالْبَعْثِ قَرَأَ سُورَةَ يس وَإِلَّا قَرَأَ سُورَةَ الرَّعْدِ ع ش عَلَى م ر، وَيُجَرَّعُ الْمَاءَ نَدْبًا بَلْ وُجُوبًا فِيمَا يَظْهَرُ إنْ ظَهَرَتْ أَمَارَةٌ تَدُلُّ عَلَى احْتِيَاجِهِ لَهُ كَأَنْ يَهَشَّ إذَا فُعِلَ بِهِ وَقَدْ قِيلَ: إنَّ الشَّيْطَانَ يَأْتِيهِ بِمَاءٍ وَيَقُولُ لَهُ قُلْ لَا إلَهَ إلَّا أَنَا حَتَّى أَسْقِيَك فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ مَاتَ عَلَى غَيْرِ إيمَانٍ. اهـ. حَجّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَا يُقْرَأُ عَلَيْهِ) أَيْ: لِأَنَّ عَلَى تُشْعِرُ بِإِصْغَائِهِ وَسَمَاعِهِ وَالْمَيِّتُ لَا يَسْمَعُ فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْمَيِّتِ فِي الْخَبَرِ حَقِيقَتَهُ لَقَالَ: عِنْدَهُ بَدَلَ قَوْلِهِ عَلَيْهِ هَذَا مُرَادُهُ، وَفِيهِ أَنَّ الْمَيِّتَ يَسْمَعُ كَالْحَيِّ فَيَحْسُنُ أَنْ يُقْرَأَ عَلَيْهِ فَالْأَوْلَى إبْقَاؤُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ اهـ شَيْخُنَا وَعِبَارَةُ ح ل؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَا يُقْرَأُ عَلَيْهِ خِلَافًا.

(1/449)


تَجَدَّدَ لَهُ ذِكْرُ تِلْكَ الْأَحْوَالِ (وَ) أَنْ (يُحْسِنَ ظَنَّهُ بِرَبِّهِ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: سَمِعْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَقُولُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلَاثٍ لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاَللَّهِ تَعَالَى» أَيْ يَظُنُّ أَنْ يَرْحَمَهُ وَيَعْفُوَ عَنْهُ وَلِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «قَالَ اللَّهُ أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي» وَيُسَنُّ لِمَنْ عِنْدَهُ تَحْسِينُ ظَنِّهِ وَتَطْمِيعُهُ فِي رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى.

(فَإِذَا مَاتَ غُمِّضَ) لِئَلَّا يَقْبُحَ مَنْظَرُهُ وَرَوَى مُسْلِمٌ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ شَقَّ بَصَرُهُ فَأَغْمَضَهُ ثُمَّ قَالَ: إنَّ الرُّوحَ إذَا قُبِضَ تَبِعَهُ الْبَصَرُ» وَشَقَّ بَصَرُهُ بِفَتْحِ الشِّينِ وَضَمِّ الرَّاءِ شَخَصَ بِفَتْحِ الشِّينِ وَالْخَاءِ، (وَشُدَّ لَحْيَاهُ بِعِصَابَةٍ) عَرِيضَةٍ تُرْبَطُ فَوْقَ رَأْسِهِ لِئَلَّا يَبْقَى فَمُهُ مُنْفَتِحًا فَتَدْخُلُهُ الْهَوَامُّ. (وَلُيِّنَتْ مَفَاصِلُهُ) فَيُرَدُّ سَاعِدُهُ إلَى عَضُدِهِ وَسَاقُهُ إلَى فَخِذِهِ وَفَخِذُهُ إلَى بَطْنِهِ ثُمَّ تُمَدُّ وَتُلَيَّنُ أَصَابِعُهُ تَسْهِيلًا لِغُسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ فَإِنَّ فِي الْبَدَنِ بَعْدَ مُفَارَقَةِ الرُّوحِ بَقِيَّةَ حَرَارَةٍ فَإِذَا لُيِّنَتْ الْمَفَاصِلُ حِينَئِذٍ لَانَتْ وَإِلَّا فَلَا يُمْكِنُ تَلْيِينُهَا بَعْدُ.
(وَنُزِعَتْ ثِيَابُهُ) الَّتِي مَاتَ فِيهَا لِأَنَّهَا تُسْرِعُ إلَيْهِ الْفَسَادَ (ثُمَّ سُتِرَ) كُلُّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا (بِثَوْبٍ خَفِيفٍ) وَيُجْعَلُ طَرَفَاهُ تَحْتَ رَأْسِهِ وَرِجْلَيْهِ لِئَلَّا يَنْكَشِفَ وَخَرَجَ بِالْخَفِيفِ الثَّقِيلُ فَإِنَّهُ يُحْمِيهِ فَيُغَيِّرُهُ وَذِكْرُ التَّرْتِيبِ بَيْنَ النَّزْعِ وَالسَّتْرِ مِنْ زِيَادَتِي، (وَثُقِلَ بَطْنُهُ بِغَيْرِ مُصْحَفٍ) كَمِرْآةٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
لِابْنِ الرِّفْعَةِ حَيْثُ مَنَعَ التَّأْوِيلَ وَأَبْقَى الْحَدِيثَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَمَنَعَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمَيِّتَ فِي سَمَاعِ الْقُرْآنِ كَالْحَيِّ لِأَنَّهُ إذَا صَحَّ السَّلَامُ عَلَيْهِ فَالْقُرْآنُ أَوْلَى اهـ وَكَلَامُهُ ظَاهِرٌ، قَالَ م ر: وَكَأَنَّ مَعْنَى لَا يُقْرَأُ عَلَى الْمَيِّتِ أَيْ: قَبْلَ دَفْنِهِ لِاشْتِغَالِ أَهْلِهِ بِتَجْهِيزِهِ الَّذِي هُوَ أَهَمُّ وَيُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يَشْتَغِلُوا بِتَجْهِيزِهِ كَأَنْ كَانَ الْوَقْتُ لَيْلًا سُنَّتْ الْقِرَاءَةُ عَلَيْهِ. اهـ. ع ش وَقَرَّرَهُ الْعَلَّامَةُ ح ف (قَوْلُهُ: تَجَدَّدَ لَهُ ذِكْرُ تِلْكَ الْأَحْوَالِ) أَيْ: فَيَعْمَلُ بِمُقْتَضَى ذَلِكَ وَهَذَا لَا يَأْتِي فِي الْمَيِّتِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يُسَنُّ قِرَاءَتُهَا عِنْدَهُ جَهْرًا بِخِلَافِ الرَّعْدِ فَتُقْرَأُ سِرًّا وَإِنْ طَلَبَ الْمَيِّتُ الْجَهْرَ بِهَا كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَأَنْ يُحْسِنَ) هُوَ بِضَمِّ الْيَاءِ وَسُكُونِ الْحَاءِ وَكَسْرِ السِّينِ مُخَفَّفَةً وَبِضَمِّهَا أَيْضًا وَفَتْحِ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ السِّينِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْقَامُوسِ وَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْمَرِيضِ وَلَوْ غَيْرَ مُحْتَضَرٍ.
(قَوْلُهُ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي) أَيْ: جَزَائِي مُرْتَبِطٌ بِظَنِّهِ فَحَذَفَ الْمُضَافَ وَهُوَ لَفْظُ جَزَاءٍ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَقَامَهُ فَانْفَصَلَ. (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ لِمَنْ عِنْدَهُ) أَيْ: الْحَاضِرِينَ عِنْدَ الْمَيِّتِ مِنْ النَّاسِ أَيْ: مَا لَمْ يَرَ مِنْهُ أَمَارَاتِ الْيَأْسِ وَالْقُنُوطِ وَإِلَّا وَجَبَ؛ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مِنْ بَذْلِ النَّصِيحَةِ ح ل.
وَآدَابُ الْعِيَادَةِ عَشَرَةُ أَشْيَاءَ: وَمِنْهَا مَا لَا يَخْتَصُّ بِالْعِيَادَةِ أَنْ لَا يُقَابِلَ الْبَابَ عِنْدَ الِاسْتِئْذَانِ، وَأَنْ يَدُقَّ الْبَابَ بِرِفْقٍ، وَلَا يُبْهِمُ نَفْسَهُ بِأَنْ يَقُولَ أَنَا، وَأَنْ لَا يَحْضُرَ فِي وَقْتٍ يَكُونُ غَيْرَ لَائِقٍ بِالْعِيَادَةِ كَوَقْتِ شُرْبِ الْمَرِيضِ الدَّوَاءَ، وَأَنْ يُخَفِّفَ الْجُلُوسَ، وَأَنْ يَغُضَّ الْبَصَرَ، وَأَنْ يُقَلِّلَ السُّؤَالَ، وَأَنْ يُظْهِرَ الرِّقَةَ، وَأَنْ يُخْلِصَ الدُّعَاءَ، وَأَنْ يُوَسِّعَ لِلْمَرِيضِ فِي الْأَمَلِ، وَيُعِينَهُ عَلَيْهِ بِالصَّبْرِ لِمَا فِيهِ مِنْ جَزِيلِ الْأَجْرِ، وَيُحَذِّرَهُ مِنْ الْجَزَعِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْوِزْرِ اهـ فَتْحُ الْبَارِي عَلَى الْبُخَارِيِّ لحج شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: فَإِذَا مَاتَ غُمِّضَ) أَيْ: نَدْبًا هَذَا شَامِلٌ لِلْأَعْمَى وَيُسَنُّ أَنْ يَقُولَ حَالَ تَغْمِيضِهِ بِاسْمِ اللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَعِنْدَ حَمْلِهِ بِاسْمِ اللَّهِ ثُمَّ يُسَبِّحُ مَا دَامَ يَحْمِلُهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمَرِيضَ لَا يُسَنُّ لَهُ تَغْمِيضُ عَيْنِ نَفْسِهِ قُبَيْلَ مَوْتِهِ وَإِنْ أَمْكَنَ بِلَا مَشَقَّةٍ لَكِنْ بَحَثَ بَعْضُهُمْ نَدْبَهُ إنْ لَمْ يَحْضُرْ عِنْدَهُ مَنْ يَتَوَلَّاهُ كَمَا ذَكَرَهُ ع ش عَلَى م ر. وَفِي كَلَامِ ابْنِ شُهْبَةَ أَنَّ الْعَيْنَ آخِرُ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ الرُّوحُ وَأَوَّلُ شَيْءٍ يُسْرِعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ. (قَوْلُهُ: تَبِعَهُ الْبَصَرُ) أَيْ: ذَهَبَ وَشَخَصَ نَاظِرًا إلَى الرُّوحِ أَيْنَ تَذْهَبُ؟ قَالَ الشِّهَابُ الْبُرُلُّسِيُّ: كَأَنَّ الْمَعْنَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ سَبَبَ انْفِتَاحِ الْعَيْنِ أَنَّ الشَّخْصَ إذَا أَحَسَّ بِقَبْضِ الرُّوحِ وَانْتِزَاعِهَا يَفْتَحُ بَصَرَهُ نَاظِرًا إلَى مَا يُنْزَعُ مِنْهُ، وَلَيْسَ الْمَعْنَى أَنَّ الْقُوَّةَ الْبَاصِرَةَ تُفَارِقُهُ وَتَذْهَبُ مَعَهَا بَعْدَ قَبْضِهَا، وَيَحْتَمِلُ الْتِزَامَ ذَلِكَ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَنْتَقِلُ إلَى الرُّوحِ وَيَعْلَقُ بِهَا ذَاهِبًا مَعَهُمَا يَنْظُرُ أَيْنَ تَذْهَبُ؟ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ بَلْ مُتَعَيِّنٌ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ قُبِضَ فِي الْحَدِيثِ يَلْزَمُ أَنْ يُؤَوَّلَ حِينَئِذٍ بِمَعْنَى أُرِيدَ قَبْضُهُ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى حَقِيقَتِهِ ذَكَرَهُ الشَّوْبَرِيُّ قَالَ الشَّيْخُ س ل: لَا يُقَالُ كَيْفَ يَنْظُرُ بَعْدَهَا؟ لِأَنَّا نَقُولُ: يَبْقَى فِيهِ مِنْ أَثَرِ الْحَرَارَةِ الْغَرِيزِيَّةِ بَعْدَ مُفَارَقَتِهَا مَا يَقْوَى بِهِ عَلَى نَوْعِ تَطَلُّعٍ لَهَا كَمَا يَدُلُّ لَهُ مَا يَأْتِي اهـ. (قَوْلُهُ: وَشُدَّ) أَيْ: نَدْبًا لَحْيَاهُ بِفَتْحِ اللَّامِ كَمَا ضَبَطَهُ الشَّارِحُ فِي بَابِ الْوُضُوءِ، فَمَا وَقَعَ لِلْبِرْمَاوِيِّ هُنَا سَهْوٌ. (قَوْلُهُ: وَلُيِّنَتْ مَفَاصِلُهُ) وَلَوْ بِنَحْوِ دُهْنٍ تُوُقِّفَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُغَسَّلْ وَالْعِلَّةُ لِلْأَغْلَبِ. (قَوْلُهُ: وَنُزِعَتْ ثِيَابُهُ) أَيْ: الْمَيِّتِ نَدْبًا سَوَاءٌ كَانَ الثَّوْبُ طَاهِرًا أَوْ نَجِسًا مِمَّا يُغَسَّلُ فِيهِ أَمْ لَا أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ، وَظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ وَلَوْ نَبِيًّا وَشَهِيدًا وَتُعَادُ إلَيْهِ عِنْدَ التَّكْفِينِ بِحَيْثُ لَا يُرَى شَيْءٌ مِنْ بَدَنِهِ عِنْدَ النَّزْعِ وَاللُّبْسِ وَالتَّعْلِيلُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا لَمْ يُرِدْ تَغْسِيلَهُ حَالًا فِي ثِيَابِهِ الَّتِي مَاتَ فِيهَا.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ سُتِرَ) أَيْ: نَدْبًا (قَوْلُهُ: يُحْمِيهِ) بِضَمِّ الْيَاءِ قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: حَمِيَ النَّارُ بِالْكَسْرِ وَالتَّنُّورُ أَيْضًا اشْتَدَّ حَرُّهُ وَأُحْمِيَ الْحَدِيدُ فِي النَّارِ فَهُوَ مَحْمِيٌّ وَلَا تَقُلْ حَمَاهُ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَثُقِلَ بَطْنُهُ) أَيْ: نَدْبًا وَالْمُرَادُ أَنْ يُوضَعَ ذَلِكَ فَوْقَ مَا يُسْتَرُ بِهِ بَدَنُهُ، فَإِنْ قُلْت: هَذَا الْوَضْعُ إنَّمَا يَتَأَتَّى عِنْدَ الِاسْتِلْقَاءِ لَا عِنْدَ كَوْنِهِ عَلَى جَنْبِهِ مَعَ أَنَّ كَلَامَهُمْ صَرِيحٌ فِي وَضْعِهِ هُنَا عَلَى جَنْبِهِ كَالْمُحْتَضَرِ. قُلْت: يَحْتَمِلُ أَنَّهُ هُنَا تَعَارَضَ.

(1/450)


وَنَحْوِهَا مِنْ أَنْوَاعِ الْحَدِيدِ لِئَلَّا يَنْتَفِخَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَدِيدٌ فَطِينٌ رَطْبٌ وَقُدِّرَ ذَلِكَ بِنَحْوِ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، أَمَّا الْمُصْحَفُ وَذِكْرُهُ مِنْ زِيَادَتِي فَيُصَانُ عَنْهُ احْتِرَامًا لَهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِهِ كُتُبُ الْحَدِيثِ وَالْعِلْمِ الْمُحْتَرَمِ (وَرُفِعَ عَنْ أَرْضٍ) عَلَى سَرِيرٍ أَوَنَحْوِهِ لِئَلَّا يَتَغَيَّرَ بِنَدَاوَتِهَا (وَوُجِّهَ) إلَى الْقِبْلَةِ (كَمُتَحَضِّرٍ) وَقَدْ تَقَدَّمَ كَيْفِيَّةُ تَوْجِيهِهِ. (وَسُنَّ أَنْ يَتَوَلَّى ذَلِكَ) كُلَّهُ (أَرْفَقُ مَحَارِمِهِ) بِهِ الرَّجُلُ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةُ مِنْ الْمَرْأَةِ بِأَسْهَلَ مَا يُمْكِنُهُ فَإِنْ تَوَلَّاهُ الرَّجُلُ مِنْ الْمَرْأَةِ الْمُحْرِمِ أَوْ بِالْعَكْسِ جَازَ (وَ) أَنْ (يُبَادَرَ) بِفَتْحِ الدَّالّ بِغَسْلِهِ وَقَضَاءِ دَيْنِهِ وَتَنْفِيذِ وَصِيَّتِهِ إنْ تَيَسَّرَ وَإِلَّا سَأَلَ وَلِيُّهُ غُرَمَاءَهُ أَنْ يُحَلِّلُوهُ وَيَحْتَالُوا بِهِ عَلَيْهِ إكْرَامًا لَهُ وَتَعْجِيلًا لِلْخَيْرِ وَلِخَبَرِ: «نَفْسُ الْمُؤْمِنِ أَيْ رُوحُهُ مُعَلَّقَةٌ أَيْ مَحْبُوسَةٌ عَنْ مَقَامِهَا الْكَرِيمِ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
مَنْدُوبَانِ الْوَضْعُ عَلَى الْجَنْبِ وَوَضْعُ الثَّقِيلِ عَلَى الْبَطْنِ فَقُدِّمَ هَذَا؛ لِأَنَّ
مَصْلَحَةَ
الْمَيِّتِ بِهِ أَكْثَرُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَا تَعَارَضَ لِإِمْكَانِ وَضْعِ الثَّقِيلِ عَلَى بَطْنِهِ وَهُوَ عَلَى جَنْبِهِ لِشَدِّهِ عَلَيْهِ بِنَحْوِ عِصَابَةٍ وَهَذَا هُوَ الْأَقْرَبُ لِكَلَامِهِمْ، وَإِنْ مَالَ الْأَذْرَعِيُّ لِلْأَوَّلِ حَيْثُ قَالَ: الظَّاهِرُ هُنَا إلْقَاؤُهُ عَلَى قَفَاهُ لِقَوْلِهِمْ يُوضَعُ عَلَى بَطْنِهِ ثَقِيلٌ. (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَنْتَفِخَ) أَيْ: الْبَطْنُ ع ش (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَدِيدٌ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا التَّرْتِيبَ لِكَمَالِ السُّنَّةِ لِأَصْلِهَا س ل (قَوْلُهُ: وَقُدِّرَ ذَلِكَ بِنَحْوِ عِشْرِينَ دِرْهَمًا) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا ضَابِطًا لِأَقَلَّ مَا تَحْصُلُ بِهِ السُّنَّةُ وَإِلَّا فَتَجُوزُ الزِّيَادَةُ إنْ لَمْ يَحْصُلْ بِهَا أَذًى كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ: عِشْرِينَ دِرْهَمًا فَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ زَادَ قَدْرًا لَوْ وُضِعَ عَلَيْهِ حَيًّا آذَاهُ حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا فَلْيُرَاجَعْ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَيُصَانُ عَنْهُ) أَيْ: نَدْبًا إنْ لَمْ يَخْشَ تَنَجُّسَهُ وَإِلَّا فَيُصَانُ وُجُوبًا كَمَا فِي ق ل وع ش (قَوْلُهُ: وَرُفِعَ) أَيْ: نَدْبًا (قَوْلُهُ: عَلَى سَرِيرٍ) وَلَا يُوضَعُ عَلَى السَّرِيرِ فِرَاشٌ لِئَلَّا يُحْمَى فَيَتَغَيَّرُ بِهِ، بَلْ يُلْصَقُ جِلْدُهُ بِالسَّرِيرِ شَوْبَرِيٌّ وم ر (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَتَغَيَّرَ بِنَدَاوَتِهَا) هَذَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الرَّخْوَةِ وَأَنَّ وَضْعَهُ عَلَى الصُّلْبَةِ لَيْسَ بِخِلَافِ الْأَوْلَى كَمَا فِي الْكِفَايَةِ لَكِنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ وَابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ يُسَنُّ وَضْعُهُ عَلَى مُرْتَفَعٍ مُطْلَقًا ذَكَرَهُ الشَّوْبَرِيُّ وع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ كَيْفِيَّةُ تَوْجِيهِهِ) خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ حَيْثُ قَالَ: إنَّ الْمُرَادَ بِتَوْجِيهِهِ هُنَا إلْقَاؤُهُ عَلَى قَفَاهُ وَوَجْهُهُ وَأَخْمَصَاهُ لِلْقِبْلَةِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ يُوضَعُ عَلَى بَطْنِهِ. كَذَا وَلَا يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ لِأَنَّ وَضْعَهُ عَلَى جَنْبِهِ لَا يُنَافِي وَضْعَ الثَّقِيلِ عَلَى بَطْنِهِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يُوضَعُ طُولًا وَيُشَدُّ بِنَحْوِ خِرْقَةٍ ح ل.
(قَوْلُهُ: أَنْ يَتَوَلَّى ذَلِكَ كُلَّهُ) أَيْ: الْمَذْكُورَ مِنْ قَوْلِهِ غُمِّضَ إلَى هُنَا كَمَا فِي الْبِرْمَاوِيِّ وَهُوَ ثَمَانِ مَسَائِلَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَوَلَّاهُ الرَّجُلُ إلَخْ) وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ جَوَازَهُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ لِلْأَجْنَبِيَّةِ وَعَكْسَهُ مَعَ الْغَضِّ وَعَدَمِ الْمَسِّ وَهُوَ بَعِيدٌ فَيَحْرُمُ لِأَنَّهُ مَظِنَّةٌ لِرُؤْيَةِ شَيْءٍ مِنْ الْبَدَنِ شَرْحُ م ر وع ش عَلَيْهِ وَكَالْمَحْرَمِ فِيمَا ذَكَرَ الزَّوْجَانِ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: وَأَنْ يُبَادَرَ) أَيْ: وُجُوبًا إنْ خِيفَ تَغَيُّرُهُ بِالتَّأْخِيرِ وَإِلَّا فَنَدْبًا ق ل عَلَى الْجَلَالِ، وَعَطَفَ الْمُصَنِّفُ الثَّلَاثَةَ بِالْوَاوِ وَانْظُرْ مَا الْمُقَدَّمُ مِنْهَا وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر. يُبَادَرُ بِقَضَاءِ دَيْنِ الْمَيِّتِ قَالُوا وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَبْلَ الِاشْتِغَالِ بِغُسْلِهِ وَغَيْرِهِ مِنْ أُمُورِهِ مُسَارَعَةً إلَى فَكِّ نَفْسِهِ اهـ قَالَ الرَّشِيدِيُّ عَلَيْهِ: أَشَارَ بِلَفْظِ الِاشْتِغَالِ إلَى أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ مَا ذَكَرُوهُ هُنَا وَمَا ذَكَرُوهُ فِي الْفَرَائِضِ مِنْ تَقْدِيمِ مُؤَنِ التَّجْهِيزِ عَلَى أَدَاءِ الدَّيْنِ إذْ مَا هُنَا فِي مُجَرَّدِ تَقْدِيمِ فِعْلِ مَا ذَكَرَ عَلَى الِاشْتِغَالِ بِالْغُسْلِ وَنَحْوِهِ فَالصُّورَةُ أَنَّ الْمَالَ يَسَعُ جَمِيعَ ذَلِكَ، فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَفْرِزُ مَا يَفِي بِالتَّجْهِيزِ ثُمَّ يَفْعَلُ مَا ذَكَرَ ثُمَّ يَشْتَغِلُ بِالْغُسْلِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: وَقَضَاءِ دَيْنِهِ) وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُبَادَرَةَ تَجِبُ عِنْدَ طَلَبِ الْمُسْتَحِقِّ حَقَّهُ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْ التَّرِكَةِ أَوْ كَانَ قَدْ عَصَى بِتَأْخِيرِهِ لِمَطْلٍ أَوْ غَيْرِهِ كَضَمَانِ الْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ وَغَيْرِهِمَا، وَقَوْلُهُ: وَتَنْفِيذُ وَصِيَّتِهِ وَيَجِبُ التَّنْفِيذُ عِنْدَ طَلَبِ الْمُوصَى لَهُ الْمُعَيَّنِ، وَكَذَا عِنْدَ التَّمَكُّنِ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْفُقَرَاءِ أَوْ نَحْوِهِمْ مِنْ ذَوِي الْحَاجَاتِ أَوْ كَانَ قَدْ أَوْصَى بِتَعْجِيلِهَا كَمَا فِي شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ: أَنْ يُحَلِّلُوهُ) فَإِنْ قِيلَ لَا مَعْنَى لِلِاحْتِيَالِ عَلَى الْوَلِيِّ بَعْدَ التَّحْلِيلِ لِلْمَيِّتِ إذْ بِمُجَرَّدِ تَحْلِيلِهِ تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ مِنْ الدَّيْنِ، قُلْت: أُجِيبَ بِأَنَّ الْجُمْلَةَ الْأُولَى وَهِيَ أَنْ يُحَلِّلُوهُ بِمَعْنَى الثَّانِيَةِ وَهِيَ وَيَحْتَالُوا بِهِ وَحِينَئِذٍ فَبِمُجَرَّدِ التَّحْلِيلِ تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ مِنْ دَيْنِهِمْ وَيَنْتَقِلُ حَقُّهُ إلَى الْوَرَثَةِ أَوْ يُقَالُ الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ فَلَا إشْكَالَ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَيَحْتَالُوا بِهِ) أَيْ: بِالدَّيْنِ وَهَذِهِ صُورَةُ حَوَالَةٍ جُوِّزَتْ لِلْحَاجَةِ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ دَفْعُ ذَلِكَ دُونَ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ تَرِكَةٌ ح ل (قَوْلُهُ: وَتَعْجِيلًا لِلْخَيْرِ) أَيْ: لِلْمَيِّتِ وَلِلْمُوصَى لَهُ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: نَفْسُ الْمُؤْمِنِ إلَخْ) هَذَا فِي حَقِّ غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ أَوْ هُوَ فِيمَنْ عَصَى بِدَيْنِهِ أَوْ تَأْخِيرِهِ بِنَحْوِ مَطْلٍ ح ل وَمَحَلُّهُ أَيْضًا فِيمَنْ لَمْ يَخْلُفْ وَفَاءً وَكَانَ قَادِرًا عَلَى وَفَائِهِ فِي حَيَاتِهِ (قَوْلُهُ: حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ) وَمِنْ ذَلِكَ مَا أُخِذَ بِالْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ كَالْمُعَاطَاةِ حَيْثُ لَمْ يُوَفِّ الْعَاقِدُ بَدَلَ الْمُعَوَّضِ عَنْهُ كَأَنْ اشْتَرَى بِشِرَاءٍ فَاسِدٍ أَوْ قَبَضَ الْمَبِيعَ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ وَلَمْ يُوَفِّ بَدَلَهُ أَمَّا مَا قُبِضَ.

(1/451)


هَذَا (إذَا تَيَقَّنَ مَوْتَهُ) بِظُهُورِ أَمَارَاتِهِ كَاسْتِرْخَاءِ قَدَمٍ وَامْتِدَادِ جِلْدَةِ وَجْهٍ، وَمَيْلِ أَنْفٍ وَانْخِلَاعِ كَفٍّ فَإِنْ شَكَّ فِي مَوْتِهِ أَخَّرَ ذَلِكَ حَتَّى يَتَيَقَّنَ بِتَغْيِيرِ رَائِحَةٍ أَوْ غَيْرِهِ.

(وَتَجْهِيزُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ غَيْرِ الشَّهِيدِ بِغَسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ وَحَمْلِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَدَفْنِهِ وَلَوْ قَاتِلَ نَفْسَهُ (فَرْضُ كِفَايَةٍ) بِالْإِجْمَاعِ فِي غَيْرِ الْقَاتِلِ، وَبِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ فِي الْقَاتِلِ أَمَّا الْكَافِرُ فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ وَأَمَّا الشَّهِيدُ فَكَغَيْرِهِ إلَّا فِي الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ وَسَيَأْتِي حُكْمُهُمَا.

(وَأَقَلُّ غُسْلِهِ) وَلَوْ جُنُبًا أَوْ نَحْوَهُ (تَعْمِيمُ بَدَنِهِ) بِالْمَاءِ مَرَّةً فَلَا يُشْتَرَطُ تَقَدُّمُ إزَالَةِ نَجَسٍ عَنْهُ كَمَا يُلَوِّحُ بِهِ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ وَقَوْلُ الْأَصْلِ بَعْدَ إزَالَةِ النَّجَسِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْحَيِّ أَنَّ الْغَسْلَةَ لَا تَكْفِيهِ عَنْ النَّجَسِ وَالْحَدَثِ لَكِنْ صَحَّحَ النَّوَوِيُّ أَنَّهَا تَكْفِيهِ وَكَأَنَّهُ تَرَكَ الِاسْتِدْرَاكَ هُنَا لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ ذَاكَ أَوْ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْمَاءَ لَا يَصِلُ إلَى مَحَلِّ النَّجَسِ مِنْ الْمَيِّتِ إلَّا بَعْدَ إزَالَتِهِ وَبِمَا ذُكِرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا تَجِبُ نِيَّةُ الْغَاسِلِ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِغُسْلِ الْمَيِّتِ النَّظَافَةُ وَهِيَ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةٍ (فَيَكْفِي غُسْلُ كَافِرٍ) بِنَاءً عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهَا (لَا غَرَقٌ) لِأَنَّا مَأْمُورُونَ بِغُسْلِهِ فَلَا يَسْقُطُ الْفَرْضُ عَنَّا إلَّا بِفِعْلِنَا حَتَّى لَوْ شَاهَدْنَا الْمَلَائِكَةَ تُغَسِّلُهُ لَمْ يَسْقُطْ عَنَّا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
بِالْمُعَامَلَةِ الْفَاسِدَةِ وَقَبَضَ كُلٌّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ مِنْ الْعَقْدِ، فَفِي الدُّنْيَا يَجِبُ عَلَى كُلٍّ أَنْ يَرُدَّ مَا قَبَضَهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَبَدَلَهُ إنْ كَانَ تَالِفًا وَلَا مُطَالَبَةَ لِأَحَدٍ مِنْهُمَا فِي الْآخِرَةِ لِحُصُولِ الْقَبْضِ بِالتَّرَاضِي، نَعَمْ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا إثْمُ الْإِقْدَامِ عَلَى الْعَقْدِ الْفَاسِدِ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ: قَوْلُهُ: غُمِّضَ إلَى هُنَا وَهِيَ إحْدَى عَشْرَةَ مَسْأَلَةً فَقَوْلُهُ: إذَا تَيَقَّنَ رَاجِعٌ لِجَمِيعِهَا. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَامْتِدَادِ جِلْدَةِ وَجْهٍ) عِبَارَةُ م ر وَانْخِفَاضُ صُدْغِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ شَكَّ فِي مَوْتِهِ أَخَّرَ ذَلِكَ) أَيْ: وُجُوبًا لِاحْتِمَالِ إغْمَاءٍ وَنَحْوِهِ وَيَنْبَغِي أَنَّ الَّذِي يَجِبُ تَأْخِيرُهُ هُوَ الدَّفْنُ دُونَ الْغُسْلِ وَالتَّكْفِينِ فَإِنَّهُمَا بِتَقْدِيرِ حَيَاتِهِ لَا ضَرَرَ فِيهِمَا نَعَمْ إنْ خِيفَ مِنْهُمَا ضَرَرٌ بِتَقْدِيرِ حَيَاتِهِ حَقِيقَةً اُمْتُنِعَ فِعْلُهُمَا ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَاتِلَ نَفْسِهِ) هِيَ لِلرَّدِّ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ الْقَائِلِ بِعَدَمِ وُجُوبِ تَجْهِيزِ قَاتِلِ نَفْسِهِ بَلْ يَقُولُ إنَّهُ سُنَّةٌ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا وَهِيَ لِلرَّدِّ أَيْضًا عَلَى الْإِمَامِ أَحْمَدَ الْقَائِلِ بِأَنَّ هَذَا لَا يَجِبُ فِيهِ غُسْلٌ وَلَا صَلَاةٌ وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ: وَقَاتِلُ نَفْسِهِ كَغَيْرِهِ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ اهـ. (قَوْلُهُ: فَرْضُ كِفَايَةٍ) وَإِنْ تَكَرَّرَ مَوْتُهُ بَعْدَ حَيَاتِهِ حَقِيقَةً وَيَحْرُمُ تَرْكُهُ عَلَى مَنْ عَلِمَ بِهِ وَلَوْ غَيْرَ قَرِيبٍ وَإِنْ جَارًا قَصَّرَ فِي عِلْمِهِ بِعَدَمِ الْبَحْثِ قَالَ فِي بَسْطِ الْأَنْوَارِ: لَوْ وُلِدَ شَخْصَانِ مَعًا مُلْتَصِقَانِ وَمَاتَ أَحَدُهُمَا فَإِنْ أَمْكَنَ فَصْلُهُ مِنْ الْحَيِّ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ يَلْحَقُ الْحَيَّ وَجَبَ غُسْلُهُ، وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَدَفْنُهُ وَإِلَّا وَجَبَ أَنْ يُفْعَلَ بِالْمَيِّتِ الْمُمْكِنُ مِنْ الْغُسْلِ وَالتَّكْفِينِ وَالصَّلَاةِ وَامْتَنَعَ دَفْنُهُ لِعَدَمِ إمْكَانِهِ وَيُنْتَظَرُ سُقُوطُهُ فَإِنْ سَقَطَ وَجَبَ دَفْنُهُ وَإِنْ مَاتَا مَعًا وَكَانَ أَحَدُهُمَا ذَكَرًا وَالْآخَرُ أُنْثَى وَأَمْكَنَ فَصْلُهُمَا فَالظَّاهِرُ وُجُوبُ الْفَصْلِ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَعَلْنَا مَا أَمْكَنَ فِعْلُهُ وَيُرَاعَى الذَّكَرُ فِي اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ اهـ شَوْبَرِيٌّ بِاخْتِصَارٍ.
(قَوْلُهُ: بِالْإِجْمَاعِ) أَيْ: فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْغُسْلَ فِيهِ قَوْلٌ بِالسُّنِّيَّةِ وَهُوَ قَوْلٌ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ شَيْخِنَا.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ جُنُبًا) غَايَةٌ لِلرَّدِّ عَلَى الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ بِأَنَّهُ يَجِبُ غُسْلَانِ أَحَدُهُمَا لِلْجَنَابَةِ، وَالْآخَرُ لِلْمَوْتِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: تَعْمِيمُ بَدَنِهِ) أَيْ: حَتَّى مَا يَظْهَرُ مِنْ فَرْجِ الثَّيِّبِ عِنْدَ جُلُوسِهَا عَلَى قَدَمَيْهَا وَمَا تَحْتَ قُلْفَةِ الْأَقْلَفِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ غَسْلُهُ فَإِنْ كَانَ مَا تَحْتَهَا طَاهِرًا يَمَّمَ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ نَجِسًا كَانَ كَفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ أَيْ: فَيُدْفَنُ بَعْدَ غَسْلِ بَقِيَّةِ بَدَنِهِ بِلَا صَلَاةٍ عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي ح ل.
(قَوْلُهُ: وَكَأَنَّهُ) أَيْ النَّوَوِيَّ تَرَكَ الِاسْتِدْرَاكَ أَيْ: عَلَى الرَّافِعِيِّ أَيْ: تَعَقَّبَهُ بِأَنْ يَقُولَ قُلْت الْأَصَحُّ أَنَّ الْغَسْلَةَ تَكْفِي لَهُمَا أَيْ: لِلْحَدَثِ وَالنَّجَسِ كَمَا قَالَهُ فِي الْغُسْلِ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ ذَاكَ أَيْ: فَالْحُكْمَانِ مُتَّحِدَانِ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: أَوْ لِأَنَّ الْغَالِبَ إلَخْ) لِأَنَّ النَّجَسَ يَيْبَسُ عَلَى الْمَيِّتِ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْمَيِّتَ يُخَالِفُ الْحَيَّ فَلَوْ فُرِضَ زَوَالُ النَّجَسِ بِالْغَسْلَةِ الْأُولَى لَا يَكْتَفِي بِهَا عَنْ الْحَدَثِ تَأَمَّلْ ح ل (قَوْلُهُ: وَبِمَا ذَكَرَ) أَيْ: بِقَوْلِهِ وَأَقَلُّ غُسْلِهِ تَعْمِيمُ بَدَنِهِ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ بِنِيَّةٍ. اهـ. ح ف. وَقَوْلُهُ: عُلِمَ أَنَّهُ لَا تَجِبُ نِيَّةُ الْغَاسِلِ أَيْ: عَلَى الْأَصَحِّ وَمُقَابِلُهُ تَجِبُ لِأَنَّهُ غُسْلٌ وَاجِبٌ فَافْتَقَرَ إلَى نِيَّةٍ كَغُسْلِ الْجَنَابَةِ كَمَا ذَكَرَهُ م ر فِي شَرْحِهِ قَالَ الشَّوْبَرِيُّ: وَانْظُرْ حُكْمَ نِيَّةِ تَيَمُّمِهِ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ وُجُوبُهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا كَانَ بَدَلًا عَمَّا لَا نِيَّةَ لَهُ أُعْطِيَ حُكْمَهُ اهـ وَجَزَمَ حَجّ بِعَدَمِ وُجُوبِ النِّيَّةِ فِيهِ وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: نِيَّةُ الْغَاسِلِ وَلَا مَنْ يُيَمِّمُ (قَوْلُهُ: وَهِيَ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةٍ) قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ الْأَغْسَالُ الْمَسْنُونَةُ كَغُسْلًا الْجُمُعَةِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا النَّظَافَةُ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ مُتَعَاطِيَ الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ لِتَتَمَيَّزَ عِبَادَتُهُ عَنْ عَادَتِهِ وَالْمَيِّتُ لَا عَادَةَ لَهُ يُطْلَبُ التَّمَيُّزُ عَنْهَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَ مُتَعَاطِي الْغُسْلِ بِنَفْسِهِ وَمُتَعَاطِيهِ عَنْ غَيْرِهِ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فَيَكْفِي غُسْلُ كَافِرٍ) مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَسْقُطُ الْفَرْضُ عَنَّا إلَّا بِفِعْلِنَا) أَيْ: مُعَاشِرِ الْمُكَلَّفِينَ فَدَخَلَ الْجِنُّ فَيُكْتَفَى بِتَغْسِيلِهِمْ، وَالْمُرَادُ جِنْسُ الْمُكَلَّفِينَ فَيَدْخُلُ الصِّبْيَانُ وَالْمَجَانِينُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ نَوْعُ تَمْيِيزٍ فَلَوْ غَسَّلَ الْمَيِّتُ نَفْسَهُ كَرَامَةً اكْتَفَى بِذَلِكَ وَلَا يُقَالُ الْمُخَاطَبُ بِالْفَرْضِ غَيْرُهُ لِجَوَازِ أَنَّهُ إنَّمَا خُوطِبَ غَيْرُهُ بِذَلِكَ لِعَجْزِهِ فَإِنْ أَتَى بِذَلِكَ كَرَامَةً كَفَى. اهـ. ح ل وع ش عَلَى م ر.

(1/452)


بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْكَفَنِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ السَّتْرُ وَقَدْ حَصَلَ وَمِنْ الْغُسْلِ التَّعَبُّدُ بِفِعْلِنَا لَهُ وَلِهَذَا يُنْبَشُ لِلْغُسْلِ لَا لِلتَّكْفِينِ (وَأَكْمَلُهُ أَنْ يُغَسَّلَ فِي خَلْوَةٍ) لَا يَدْخُلُهَا إلَّا الْغَاسِلُ وَمَنْ يُعِينُهُ وَالْوَلِيُّ فَيُسْتَرُ كَمَا كَانَ يَسْتَتِرُ حَيًّا عِنْدَ اغْتِسَالِهِ، وَقَدْ يَكُونُ بِبَدَنِهِ مَا يَكْرَهُ ظُهُورَهُ وَقَدْ «تَوَلَّى غُسْلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِيٌّ وَالْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ يُنَاوِلُ الْمَاءَ وَالْعَبَّاسُ وَاقِفٌ» ثَمَّ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ تَحْتَ سَقْفٍ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ. (وَ) فِي (قَمِيصٍ) بَالٍ أَوْ سَخِيفٍ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ لَهُ وَأَلْيَقُ وَقَدْ «غُسِّلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَمِيصٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَيُدْخِلُ الْغَاسِلُ يَدَهُ فِي كُمِّهِ إنْ كَانَ وَاسِعًا وَيُغَسِّلُهُ مِنْ تَحْتِهِ وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا فَتَقَ رُءُوسَ الدَّخَارِيصِ وَأَدْخَلَ يَدَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْكَفَنِ) أَيْ: فَإِنَّا لَمْ نَتَعَبَّدْ بِهِ بَلْ وَجَبَ لِمَصْلَحَةِ الْمَيِّتِ وَهُوَ سُتْرَةٌ، وَأَمَّا الْغُسْلُ فَلَيْسَ لِمَصْلَحَةِ الْمَيِّتِ فَقَطْ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ عَقِبَ اغْتِسَالِهِ بِالْمَاءِ يَجِبُ غُسْلُهُ وَأَنَّا لَوْ عَجَزْنَا عَنْ طَهَارَتِهِ بِالْمَاءِ وَجَبَ تَيَمُّمُهُ مَعَ أَنَّهُ لَا نَظَافَةَ فِيهِ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ السِّتْرُ) أَيْ: مَعَ كَوْنِهِ لَيْسَ صُورَةَ عِبَادَةٍ فَلَا يُقَالُ الْمَقْصُودُ مِنْ الْغُسْلِ النَّظَافَةُ أَيْضًا بِدَلِيلِ عَدَمِ وُجُوبِ نِيَّتِهِ وَيَنْبَغِي أَنَّ الصَّلَاةَ كَالْغُسْلِ وَالْحَمْلَ كَالدَّفْنِ، وَأَنَّهُ لَوْ حَفَرَ لِنَفْسِهِ كَرَامَةً سَقَطَ مِنْ غَيْرِهِ وَلَا يُقَالُ الْمُخَاطَبُ غَيْرُهُ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ غَيْرُهُ إنَّمَا خُوطِبَ لِعَدَمِ تَأَتِّيه مِنْهُ فَإِذَا فَعَلَهُ بِنَفْسِهِ سَقَطَ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَأَكْمَلُهُ أَنْ يُغَسَّلَ إلَخْ) قَدْ يُشْعِرُ بِأَنَّ غَيْرَ هَذِهِ الْحَالَةِ فِيهَا كَمَالٌ وَهُوَ مُشْكِلٌ بِأَنَّ تَغْسِيلَهُ بِحَضْرَةِ النَّاسِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يُخَالِفُ مَا ذَكَرَهُ مَكْرُوهٌ، وَيُجَابُ بِأَنَّ أَكْمَلَ بِمَعْنَى كَامِلٍ أَوْ بِأَنَّ الْمُرَادَ مَا عَدَاهُ كَامِلٌ مِنْ حَيْثُ أَدَاءُ الْوَاجِبِ بِهِ ع ش (قَوْلُهُ: وَالْوَلِيُّ) أَيْ: فَيُسَنُّ لِلْوَلِيِّ الدُّخُولُ وَإِنْ لَمْ يُغَسِّلْ وَلَمْ يَعْنِ لِحِرْصِهِ عَلَى مَصْلَحَتِهِ وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَيِّتِ عَدَاوَةٌ وَإِلَّا فَكَالْأَجْنَبِيِّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْقَرِيبُ بِدَلِيلِ الْحَدِيثِ شَوْبَرِيٌّ مَعَ زِيَادَةٍ وَقَالَ م ر: وَالْمُرَادُ بِالْوَلِيِّ أَقْرَبُ الْوَرَثَةِ اهـ وَعَلَيْهِ فَهَلْ يُقَدَّمُ الِابْنُ عَلَى الْأَبِ وَالْجَدُّ عَلَى الْعَمِّ أَوْ يَسْتَوِيَانِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَدْلَى بِوَاسِطَةٍ وَاحِدَةٍ الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَمِنْ الْأَقْرَبِ هُنَا مَنْ أَدْلَى بِجِهَتَيْنِ كَالْأَخِ الشَّقِيقِ فَيُقَدَّمُ عَلَى مَنْ أَدْلَى بِجِهَةٍ. اهـ. ع ش مُلَخَّصًا.
(قَوْلُهُ: وَالْفَضْلُ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْفَضْلَ كَانَ مُبَاشِرًا لِلْغُسْلِ لَكِنْ ذَكَرَ حَجّ فِي شَرْحِ الشَّمَائِلِ فِي آخِرِ بَابِ وَفَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ الَّذِي بَاشَرَ غُسْلَهُ عَلِيٌّ وَحْدَهُ وَأَمَّا بَقِيَّةُ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ فَكَانَ يَصُبُّ الْمَاءَ وَأَعْيُنُهُمْ مَعْصُوبَةٌ، وَعِبَارَتُهُ عَنْ «عَلِيٍّ: أَوْصَانِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ لَا يُغَسِّلَهُ أَحَدٌ غَيْرِي قَالَ: فَإِنَّهُ لَا يَرَى أَحَدٌ عَوْرَتِي إلَّا طُمِسَتْ عَيْنَاهُ» ع ش إطْفِيحِيٌّ وَقَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ لَا يَرَى أَحَدٌ عَوْرَتِي) لَعَلَّ الْمُرَادَ لَا يَرَى أَحَدٌ غَيْرَك أَوْ أَنَّهُ لَا يَرَى أَحَدٌ عَوْرَتِي إلَّا طُمِسَتْ عَيْنَاهُ أَيْ: وَأَنْتَ تُحَافِظُ عَلَى عَدَمِ الرُّؤْيَةِ بِخِلَافِ غَيْرِك كَمَا ذَكَرَهُ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَأُسَامَةُ يُنَاوِلُ الْمَاءَ) وَكَذَا شُقْرَانُ مَوْلَاهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُمْ خَمْسَةٌ: عَلِيٌّ وَالْفَضْلُ وَشُقْرَانُ وَأُسَامَةُ وَالْعَبَّاسُ وَكَانَتْ أَعْيُنُهُمْ مَعْصُوبَةً وَقَدْ جَمَعَهُمْ بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِهِ
: عَلِيٌّ وَعَبَّاسٌ وَفَضْلٌ أُسَامَةُ ... وَشُقْرَانُ قَدْ فَازُوا بِغَسْلِ نَبِيِّنَا
وَكَانَ مَوْتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَحْوَةَ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ وَدُفِنَ لَيْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ وَكَانَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ بِالْكَيْفِيَّةِ الْمَعْرُوفَةِ، وَصَلُّوا عَلَيْهِ فُرَادَى خِلَافًا لِمَا فِي الْمَجْمُوعِ لِأَنَّهُ الْإِمَامُ وَلَمْ يَكُنْ خَلِيفَةٌ بَعْدَهُ يُجْعَلُ إمَامًا، وَجُمْلَةُ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ سِتُّونَ أَلْفًا وَمِنْ غَيْرِهِمْ ثَلَاثُونَ أَلْفًا، وَأَوَّلُ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ عَمُّهُ الْعَبَّاسُ ثُمَّ بَنُو هَاشِمٍ ثُمَّ الْمُهَاجِرُونَ ثُمَّ الْأَنْصَارُ ثُمَّ أَهْلُ الْقُرَى. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَوَّلُ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ الْأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الْمَلَائِكَةُ ثُمَّ الرِّجَالُ ثُمَّ الصِّبْيَانُ وَمَاتَ عَنْ مِائَةِ أَلْفٍ وَأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ أَلْفًا كُلُّهُمْ لَهُمْ بِهِ صُحْبَةٌ خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ. وَمَنْ قَالَ: إنَّهُمْ صَلُّوا عَلَيْهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ سَمَّى اللَّيْلَةَ يَوْمًا بِالتَّغْلِيبِ أَوْ عَلَى أَنَّ الْمَرَادَ بِلَيْلَةِ الْأَرْبِعَاءِ الَّتِي تَلِيهِ وَفِيهِ نَظَرٌ ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ النَّظَرِ. (قَوْلُهُ: أَوْ سَخِيفٍ) بِالْخَاءِ وَالْفَاءِ مُهَلْهَلُ النَّسْجِ وَالْبَالِي الْخَلَقِ، وَالْمُرَادُ بِهِ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ وُصُولَ الْمَاءِ إلَيْهِ لِأَنَّ الْقَوِيَّ يَحْبِسُ الْمَاءَ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ غُسِّلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَمِيصٍ) أَيْ: قَمِيصِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ فِي تَجْرِيدِهِ فَغَشِيَهُمْ جَمِيعًا النُّعَاسُ فَسَمِعُوا هَاتِفًا مِنْ دَاخِلِ الْبَيْتِ لَا تُجَرِّدُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي رِوَايَةٍ: «غَسِّلُوهُ فِي قَمِيصِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ» . فَإِنْ قُلْت الْهَاتِفُ بِمُجَرَّدِهِ لَا يَثْبُتُ بِهِ حُكْمٌ. قُلْت: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ انْضَمَّ إلَى ذَلِكَ اجْتِهَادٌ مِنْهُمْ بَعْدَ سَمَاعِ الْهَاتِفِ فَاسْتَحْسَنُوا هَذَا الْفِعْلَ وَأَجْمَعُوا عَلَيْهِ فَالِاسْتِدْلَالُ إنَّمَا هُوَ بِإِجْمَاعِهِمْ لَا بِسَمَاعِ الْهَاتِفِ شَرْحُ م ر وع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَتَقَ رُءُوسَ الدَّخَارِيصِ) جَمْعُ دِخْرِيصٍ بِالْكَسْرِ وَهِيَ الْمُسَمَّاةُ بِالنَّيَافِقِ، وَرُءُوسُهَا هِيَ الْخِيَاطَةُ الَّتِي فِي أَسْفَلِ الْكُمِّ وَلَا يَحْتَاجُ.

(1/453)


فِي مَوْضِعِ الْفَتْقِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ قَمِيصٌ أَوْ لَمْ يَتَأَتَّ غُسْلُهُ فِيهِ سَتَرَ مِنْهُ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ (عَلَى مُرْتَفِعٍ) كَلَوْحٍ لِئَلَّا يُصِيبَهُ رَشَاشٌ، وَلْيَكُنْ مَحَلُّ رَأْسِهِ أَعْلَى لِيَنْحَدِرَ الْمَاءُ عَنْهُ وَتَعْبِيرِي بِمُرْتَفِعٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِلَوْحٍ.
(بِمَاءٍ بَارِدٍ) لِأَنَّهُ يَشُدُّ الْبَدَنَ بِخِلَافِ الْمُسَخَّنِ لِأَنَّهُ يُرْخِيهِ (إلَّا لِحَاجَةٍ) إلَيْهِ كَوَسَخٍ وَبَرْدٍ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي، وَأَنْ يَكُونَ الْمَاءُ فِي إنَاءٍ كَبِيرٍ وَيَبْعُدَ عَنْ الْمُغْتَسِلُ بِحَيْثُ لَا يُصِيبُهُ رَشَاشُهُ (وَ) أَنْ (يُجْلِسَهُ الْغَاسِلُ) عَلَى الْمُرْتَفِعِ بِرِفْقٍ (مَائِلًا إلَى وَرَائِهِ وَيَضَعَ يَمِينَهُ عَلَى كَتِفِهِ وَإِبْهَامَهُ بِنُقْرَةِ قَفَاهُ) لِئَلَّا يَمِيلَ رَأْسُهُ. (وَيُسْنِدَ ظَهْرَهُ لِرُكْبَتِهِ الْيُمْنَى وَيُمِرَّ يَسَارَهُ عَلَى بَطْنِهِ بِمُبَالَغَةٍ) لِيُخْرِجَ مَا فِيهِ مِنْ الْفَضَلَاتِ وَيَكُونَ عِنْدَهُ حِينَئِذٍ مِجْمَرَةٌ مُتَّقِدَةٌ فَائِحَةٌ بِالطِّيبِ، وَالْمُعِينُ يَصُبُّ عَلَيْهِ مَاءً كَثِيرًا لِئَلَّا تَظْهَرَ رَائِحَةٌ مِمَّا يَخْرُجُ (ثُمَّ يُضْجِعَهُ لِقَفَاهُ وَيَغْسِلَ بِخِرْقَةٍ) مَلْفُوفَةٍ (عَلَى يَسَارِهِ سَوْأَتَيْهِ) أَيْ دُبُرَهُ وَقُبُلَهُ وَمَا حَوْلَهُمَا كَمَا يَسْتَنْجِي الْحَيُّ، وَيَغْسِلَ مَا عَلَى بَدَنِهِ مِنْ قَذَرٍ وَنَحْوِهِ (ثُمَّ) بَعْدَ إلْقَاءِ الْخِرْقَةِ وَغَسْلِ يَدَيْهِ بِمَاءٍ وَأُشْنَانٍ (يَلُفَّ) خِرْقَةً (أُخْرَى) عَلَى الْيَدِ (وَيُنَظِّفَ أَسْنَانَهُ وَمَنْخَرَيْهِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْخَاءِ وَكَسْرِهِمَا وَضَمِّهِمَا وَفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْخَاءِ وَهِيَ أَشْهَرُ، بِأَنْ يُزِيلَ مَا بِهِمَا مِنْ أَذًى بِأُصْبُعِهِ مَعَ شَيْءٍ مِنْ الْمَاءِ كَمَا فِي مَضْمَضَةِ الْحَيِّ وَاسْتِنْشَاقِهِ وَلَا يَفْتَحَ فَاهُ (ثُمَّ يُوَضِّئَهُ) كَحَيٍّ ثَلَاثًا ثَلَاثًا بِمَضْمَضَةٍ وَاسْتِنْشَاقٍ وَلَا يُغْنِي عَنْهُمَا مَا مَرَّ بَلْ ذَاكَ سِوَاكٌ وَتَنْظِيفٌ وَيُمِيلَ رَأْسَهُ فِيهِمَا لِئَلَّا يَصِلَ الْمَاءُ بَاطِنَهُ، وَذِكْرُ التَّرْتِيبِ بَيْنَ هَذَا وَمَا قَبْلَهُ مِنْ زِيَادَتِي.
(ثُمَّ يَغْسِلَ رَأْسَهُ فَلِحْيَتَهُ بِنَحْوِ سِدْرٍ) كَخِطْمِيٍّ وَالسِّدْرُ أَوْلَى مِنْهُ لِلنَّصِّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
لِإِذْنِ الْوَارِثِ اكْتِفَاءً بِإِذْنِ الشَّارِعِ وَلِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ لِلْمَيِّتِ مِنْ عَدَمِ كَشْفِ عَوْرَتِهِ ع ش.
(قَوْلُهُ: عَلَى مُرْتَفَعٍ) وَيَكُونُ عَلَيْهِ مُسْتَلْقِيًا كَاسْتِلْقَاءِ الْمُحْتَضَرِ لِكَوْنِهِ أَمْكَنَ لِغُسْلِهِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: بِمَاءٍ بَارِدٍ) وَأَوْلَاهُ الْمَالِحُ وَيُقَدَّمُ غَيْرُ مَاءِ زَمْزَمَ عَلَيْهِ ق ل وَقَوْلُهُ: وَأَوْلَاهُ إلَخْ أَيْ: لِأَنَّ الْعَذْبَ يُرْخِي الْبَدَنَ. (قَوْلُهُ: وَبَرْدٍ) وَلَوْ لِلْغَاسِلِ بِأَنْ كَانَ يَتَأَذَّى بِشِدَّةِ بَرْدِهِ وَلَا يُبَالِغُ فِي تَسْخِينِهِ لِئَلَّا يُسْرِعَ إلَى الْفَسَادِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُغَسَّلَ بِمَاءِ زَمْزَمَ نَظَرًا لِلْقَوْلِ بِنَجَاسَةِ الْمَيِّتِ ح ل فَالْغُسْلُ بِهِ خِلَافُ الْأَوْلَى ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: فِي إنَاءٍ كَبِيرٍ) يَغْرِفُ مِنْهُ بِصَغِيرٍ إلَى مُتَوَسِّطٍ يَصُبُّ بِهِ فَالْآنِيَةُ ثَلَاثَةٌ ق ل. (قَوْلُهُ: بِمُبَالَغَةٍ) أَيْ: تَكْرِيرٍ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ مَعَ نَوْعِ تَحَامُلٍ لَا مَعَ شِدَّتِهِ لِأَنَّ احْتِرَامَ الْمَيِّتِ وَاجِبٌ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ عِنْدَهُ مِجْمَرَةٌ) بِكَسْرِ الْمِيمِ الْأُولَى أَيْ: مِبْخَرَةٌ مُتَّقِدَةٌ وَيُنْدَبُ التَّبْخِيرُ عِنْدَهُ مِنْ وَقْتِ مَوْتِهِ وَمَا بَعْدَهُ وَإِنْ كَانَ مُحَرَّمًا لِاحْتِمَالِ ظُهُورِ شَيْءٍ كَمَا فِي ق ل وَشَرْحِ م ر.
وَقَالَ ع ش عَلَيْهِ: وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي مَحَلٍّ وَحْدَهُ لَا يُسَنُّ ذَلِكَ مَا دَامَ وَحْدَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمَلَائِكَةُ تَحْضُرُ عِنْدَ الْمَيِّتِ فَتَنْزِلُ الرَّحْمَةُ عِنْدَهُمْ وَهْم يَتَأَذَّوْنَ بِالرَّائِحَةِ الْخَبِيثَةِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ خَالِيًا أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: يُضْجِعَهُ لِقَفَاهُ) فِي تَعْبِيرِهِ بِالْإِضْجَاعِ تَجَوُّزٌ وَحَقِيقَتُهُ أَنْ يُلْقِيَهُ عَلَى غَيْرِ قَفَاهُ فَفِي الْمُخْتَارِ: ضَجَعَ الرَّجُلُ وَضَعَ جَنْبَهُ بِالْأَرْضِ وَبَابُهُ قَطَعَ وَخَضَعَ فَهُوَ ضَاجِعٌ وَأَضْجَعَهُ مِثْلُهُ وَأَضْجَعَهُ غَيْرُهُ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَيَغْسِلُ بِخِرْقَةٍ مَلْفُوفَةٍ عَلَى يَسَارِهِ) أَيْ: وُجُوبًا فِي غَيْرِ الزَّوْجَيْنِ م ر وَعِبَارَةُ حَجّ: وَلَفُّ الْخِرْقَةِ وَاجِبٌ حَتَّى بِالنِّسْبَةِ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ وَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا خَشِيَ الْفِتْنَةَ وَكَلَامُ م ر عَلَى مَا إذَا أَمِنَهَا فَلَا مُخَالَفَةَ شَوْبَرِيٌّ بِالْمَعْنَى. (قَوْلُهُ: سَوْأَتَيْهِ) أَيْ: وَبَاقِيَ عَوْرَتِهِ ح ل. (قَوْلُهُ: وَغَسْلِ يَدِهِ) أَيْ: إنْ تَلَوَّثَتْ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا م ر ق ل (قَوْلُهُ: وَأُشْنَانٍ) وَهُوَ بَزْرُ الْغَاسُولِ مَعْرُوفٌ بِالشَّامِ وَقِيلَ هُوَ الْغَاسُولُ نَفْسُهُ، وَقَوْلُهُ: يَلُفَّ مِنْ بَابِ رَدَّ كَمَا فِي ع ش م ر. (قَوْلُهُ: عَلَى الْيَدِ) أَيْ: الْيُسْرَى بِالسَّبَّابَةِ مِنْهَا وَكَانَ قِيَاسُ اسْتِيَاكِ الْحَيِّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِالْيَمِينِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْأُصْبُعَ هُنَا مُبَاشِرَةٌ لِلْأَذَى مِنْ وَرَاءِ الْخِرْقَةِ وَلَا كَذَلِكَ الْحَيُّ، وَقَضِيَّةُ هَذِهِ الْعِلَّةِ أَنَّهُ لَوْ سَوَّكَ الْمَيِّتَ بِنَحْوِ عُودٍ كَانَ بِالْيُمْنَى وَلَوْ اسْتَاكَ الْحَيُّ بِخِرْقَةٍ كَانَ بِالْيُسْرَى ح ل (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُزِيلَ مَا بِهِمَا) أَيْ: الْمَنْخِرَيْنِ وَالْأَسْنَانِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي مَضْمَضَةِ الْحَيِّ وَاسْتِنْشَاقِهِ) الْأَوْلَى كَمَا فِي سِوَاكِ الْحَيِّ كَمَا تَقْتَضِيهِ عِبَارَةُ م ر؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ السِّوَاكِ فَهُوَ تَنْظِيفٌ لَا غُسْلٌ وَعَلَى هَذَا فَإِنَّمَا قَالَ: وَاسْتِنْشَاقِهِ لِأَجْلِ الْمُبَالَغَةِ فِي التَّنْظِيفِ وَإِلَّا فَمُقْتَضَى كَوْنِهِ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِيَاكِ أَنْ يَكُونَ خَاصًّا بِالْفَمِ، وَأَمَّا الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ فَسَيَأْتِيَانِ فِي كَلَامِهِ عَلَى الْوُضُوءِ أَوْ يُقَالُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ كَمَا فِي مَضْمَضَةِ الْحَيِّ وَاسْتِنْشَاقِهِ أَيْ: فِي أَنَّهُ يُقَدِّمُ عَلَيْهِمَا تَنْظِيفَ الْفَمِ بِالسِّوَاكِ وَالْأَنْفِ بِإِزَالَةِ مَا فِيهِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَفْتَحْ فَاهُ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَا يُفْتَحُ أَسْنَانُهُ لِئَلَّا يَسْبِقَ الْمَاءُ لِجَوْفِهِ فَيُسْرِعُ فَسَادَهُ اهـ قَالَ ع ش عَلَيْهِ أَيْ: يُسَنُّ أَنْ لَا يَفْتَحَ أَسْنَانُهُ فَلَوْ خَالَفَ وَفَتَحَ فَإِنْ عُدَّ إزْرَاءً بِهِ أَوْ وَصَلَ الْمَاءُ إلَى جَوْفِهِ حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا، نَعَمْ لَوْ تَنَجَّسَ فَمُهُ وَكَانَ يَلْزَمُهُ طُهْرُهُ لَوْ كَانَ حَيًّا وَتَوَقَّفَ عَلَى فَتْحِ أَسْنَانِهِ اُتُّجِهَ فَتْحُهَا وَإِنْ عَلِمَ سَبْقَ الْمَاءِ إلَى جَوْفِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ يُوَضِّئَهُ) وَيَنْوِيَ الْوُضُوءَ وُجُوبًا بِخِلَافِ نِيَّةِ الْغُسْلِ كَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا فَلْيُحَرَّرْ. وَقَرَّرَ بَعْدَ هَذَا اسْتِحْبَابَ النِّيَّةِ شَوْبَرِيٌّ وَجَرَى ز ي عَلَى الْوُجُوبِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ) أَيْ: فِي قَوْلِهِ وَيُنَظَّفَ أَسْنَانُهُ وَمَنْخِرَيْهِ وَقَوْلُهُ: بَلْ ذَاكَ أَيْ: مَا مَرَّ سِوَاكٌ فِي الْأَسْنَانِ وَتَنْظِيفٌ فِي الْمَنْخِرَيْنِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ سِدْرٍ) .

(1/454)


عَلَيْهِ فِي الْحَدِيثِ وَلِأَنَّهُ أَمْسَكُ لِلْبَدَنِ (وَيُسَرِّحَهُمَا) أَيْ شَعْرَهُمَا إنْ تَلَبَّدَ (بِمُشْطٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا مَعَ إسْكَانِ الشِّينِ وَبِضَمِّهِمَا (وَاسِعِ الْأَسْنَانِ بِرِفْقٍ) لِيَقِلَّ الِانْتِتَافُ (وَيَرُدَّ السَّاقِطَ) مِنْ شَعْرِهِمَا وَكَذَا مِنْ شَعْرِ غَيْرِهِمَا (إلَيْهِ) بِوَضْعِهِ مَعَهُ فِي كَفَنِهِ وَتَعْبِيرِي بِالسَّاقِطِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْمُنْتَتَفِ (ثُمَّ يَغْسِلَ) هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَيَغْسِلَ (شِقَّهُ الْأَيْمَنَ ثُمَّ الْأَيْسَرَ) الْمُقْبِلَيْنِ مِنْ عُنُقِهِ إلَى قَدَمِهِ (ثُمَّ يُحَرِّفَهُ) بِالتَّشْدِيدِ (إلَيْهِ) أَيْ إلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ (فَيَغْسِلَ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ مِمَّا يَلِي قَفَاهُ) وَظَهْرَهُ إلَى قَدَمِهِ (ثُمَّ) يُحَرِّفَهُ (إلَى) شِقِّهِ (الْأَيْمَنِ فَيَغْسِلَ الْأَيْسَرَ كَذَلِكَ) أَيْ مِمَّا يَلِي قَفَاهُ وَظَهْرَهُ إلَى قَدَمِهِ (مُسْتَعِينًا فِي ذَلِكَ) كُلِّهِ (بِنَحْوِ سِدْرٍ ثُمَّ يُزِيلَهُ بِمَاءٍ مِنْ فَرْقِهِ إلَى قَدَمِهِ ثُمَّ يَعُمَّهُ) كَذَلِكَ (بِمَاءٍ قَرَاحٍ) أَيْ خَالِصٍ (فِيهِ قَلِيلُ كَافُورٍ) بِحَيْثُ لَا يَضُرُّ الْمَاءَ؛ لِأَنَّ رَائِحَتَهُ تَطْرُدُ الْهَوَامَّ وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَخَرَجَ بِقَلِيلِهِ كَثِيرُهُ فَقَدْ يُغَيِّرُ الْمَاءَ تَغَيُّرًا كَثِيرًا إلَّا أَنْ يَكُونَ صُلْبًا فَلَا يَضُرُّ مُطْلَقًا (فَهَذِهِ) الْأَغْسَالُ الْمَذْكُورَةُ (غَسْلَةٌ وَسُنَّ ثَانِيَةٌ وَثَالِثَةٌ كَذَلِكَ) أَيْ أُولَى كُلٍّ مِنْهُمَا بِسِدْرٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَالثَّانِيَةُ مُزِيلَةٌ لَهُ وَالثَّالِثَةُ بِمَاءٍ قَرَاحٍ فِيهِ قَلِيلُ كَافُورٍ وَهُوَ فِي الْأَخِيرَةِ آكَدُ فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ التَّنْظِيفُ بِالْغَسَلَاتِ الْمَذْكُورَةِ زِيدَ عَلَيْهَا؛ حَتَّى يَحْصُلَ فَإِنْ حَصَلَ بِشَفْعٍ سُنَّ الْإِيتَارُ بِوَاحِدَةٍ وَلَا تُحْسَبُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ مِنْ كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثِ لِتَغَيُّرِ الْمَاءِ بِمَا مَعَهُ تَغَيُّرًا كَثِيرًا وَإِنَّمَا تُحْسَبُ مِنْهَا غَسْلَةُ الْمَاءِ الْقَرَاحِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
السِّدْرُ وَرَقُ النَّبْقِ وَالْخِطْمِيُّ بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَضَمِّهَا وَحُكِيَ فَتْحُهَا بَزْرُ وَرَقٍ يُشْبِهُ الْخَبِيزَ. وَقَالَ ع ش: هُوَ نَبَاتٌ مُحَلِّلٌ مُنْضِجٌ مُلَيِّنٌ نَافِعٌ لِعُسْرِ الْبَوْلِ وَالْحَصَا (قَوْلُهُ: وَيُسَرِّحَهُمَا بِمُشْطٍ) أَيْ: لِأَجْلِ إزَالَةِ مَا فِيهِمَا مِنْ سِدْرٍ وَوَسَخٍ كَمَا فِي الْحَيِّ وَالْأَوْجَهُ تَقْدِيمُ تَسْرِيحِ الرَّأْسِ عَلَى اللِّحْيَةِ تَبَعًا لِلْغُسْلِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر، وَالْمُرَادُ يُسَرِّحُهُمَا بَعْدَ غَسْلِهِمَا جَمِيعًا وَيَظْهَرُ أَنَّ هَذَا هُوَ الْأَكْمَلُ فَلَوْ غَسَلَ رَأْسَهُ ثُمَّ سَرَّحَهَا وَفَعَلَ هَكَذَا فِي اللِّحْيَةِ حَصَلَ أَصْلُ السُّنَّةِ كَمَا قَالَهُ ع ش عَلَيْهِ وَمَحَلُّ التَّسْرِيحِ فِي غَيْرِ الْمُحْرِمِ كَمَا اعْتَمَدَهُ م ر وق ل.
(قَوْلُهُ: إنْ تَلَبَّدَ) قَيْدٌ مُعْتَبَرٌ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا ح ف خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ: لَيْسَ قَيْدًا لِلْحُكْمِ وَقَالَ شَيْخُنَا م ر قَيْدٌ فِي طَلَبِ التَّسْرِيحِ مُطْلَقًا وَقَالَ: شَيْخُنَا قَيْدٌ فِي كَوْنِ الْمُشْطِ وَاسِعَ الْأَسْنَانِ اهـ. قَالَ ع ش عَلَى م ر: وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَبَلَّدْ لَا يُسَنُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُبَاحًا (قَوْلُهُ: بِوَضْعِهِ مَعَهُ فِي كَفَنِهِ) وَضْعُهُ مَعَهُ فِي كَفَنِهِ سُنَّةٌ وَأَمَّا أَصْلُ دَفْنِهِ فَوَاجِبٌ؛ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي أَنَّهُ إذَا وُجِدَ جُزْءُ مَيِّتٍ يَجِبُ دَفْنُهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا انْفَصَلَ مِنْ الْمَيِّتِ أَوْ مِنْ الْحَيِّ وَمَاتَ عَقِبَ انْفِصَالِهِ مِنْ شَعْرٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ يَسِيرًا يَجِبُ دَفْنُهُ لَكِنَّ الْأَفْضَلَ صَرُّهُ فِي كَفَنِهِ وَدَفْنُهُ مَعَهُ كَمَا أَفَادَهُ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: الْمُقْبِلَيْنِ مِنْ عُنُقِهِ إلَى قَدَمِهِ) وَقِيلَ يَغْسِلُ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ مِنْ مُقَدَّمِهِ ثُمَّ مِنْ ظَهْرِهِ ثُمَّ يَغْسِلُ شِقَّهُ الْأَيْسَرَ مِنْ مُقَدَّمِهِ ثُمَّ مِنْ ظَهْرِهِ وَكُلٌّ سَائِغٌ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِقِلَّةِ الْحَرَكَةِ فِيهِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْأَكْثَرُونَ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: مِنْ عُنُقِهِ) أَيْ: أَعْلَاهُ وَسَكَتَ عَنْ الْوَجْهِ وَلَوْ قَالَ: مِنْ مَنْبَتِ شَعْرِ رَأْسِهِ لَدَخَلَ وَلَعَلَّهُ إنَّمَا سَكَتَ عَنْهُ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ غَسْلِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ عَادَةً غَسْلُهُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يُحَرِّفُهُ) أَيْ: عَنْ ظَهْرِهِ لِأَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ وَيَحْرُمُ كَبُّهُ عَلَى وَجْهِهِ احْتِرَامًا لَهُ بِخِلَافِهِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فِي الْحَيَاةِ حَيْثُ كُرِهَ وَلَمْ يَحْرُمْ إذْ الْحَقُّ لَهُ فَلَهُ فِعْلُهُ م ر ق ل (قَوْلُهُ: مِمَّا يَلِي قَفَاهُ) يَقْتَضِي خُرُوجَ الْقَفَا فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ تَكْرِيرُ غَسْلِهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: مِنْ أَوَّلِ قَفَاهُ لِيَدْخُلَ الْقَفَا. (قَوْلُهُ: وَظَهْرُهُ إلَى قَدَمِهِ) لَا حَاجَةَ لَهُ مَعَ قَوْلِهِ إلَى قَدَمِهِ لِشُمُولِ قَوْلِهِ مِمَّا يَلِي قَفَاهُ إلَى قَدَمِهِ لِلظَّهْرِ عَلَى أَنَّهُ مُضِرٌّ؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ مِمَّا يَلِي قَفَاهُ وَيَلِي ظَهْرَهُ فَيَقْتَضِي خُرُوجَ الظَّهْرِ نَعَمْ يُمْكِنُ جَعْلُ الْوَاوِ لِلْمَعِيَّةِ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: مِنْ فَرْقِهِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ أَيْ: وَسَطِ رَأْسِهِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ فَرْقِ الشَّعْرِ وَيُقَالُ لَهُ مَفْرَقٌ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَعُمُّهُ بِمَاءٍ قَرَاحٍ) وَهَلْ يُحَرِّفُهُ أَيْضًا فِي الْمُزِيلَةِ وَمَا بَعْدَهَا أَوْ هُوَ خَاصٌّ بِغَسْلَةِ السِّدْرِ؟ اُنْظُرْهُ ثُمَّ رَأَيْت حَجّ تَرَدَّدَ وَقَالَ: الْأَوْلَى التَّحْرِيفُ ح ل (قَوْلُهُ: قَرَاحٍ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ وِزَانُ سَلَامٍ أَيْ: الَّذِي لَمْ يُخَالِطْهُ كَافُورٌ وَلَا حَنُوطٌ وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ (قَوْلُهُ: فِيهِ قَلِيلُ كَافُورٍ) وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمُحْرِمِ أَمَّا هُوَ فَيَحْرُمُ وَضْعُ الْكَافُورِ فِي مَاءِ غُسْلِهِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ صُلْبًا) بِضَمِّ الصَّادِ أَيْ: لَا يَتَحَلَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ وَإِنَّمَا تَحْصُلُ مِنْهُ الرَّائِحَةُ ح ل. (قَوْلُهُ: فَهَذِهِ الْأَغْسَالُ) أَيْ: مِنْ عِنْدِ قَوْلِهِ ثُمَّ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ إلَخْ لَا مَا يَشْمَلُ غَسْلَ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ فَلَا يُنْدَبُ تَكْرَارُهُ كَذَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ ثُمَّ رَأَيْتُهُ صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ ح ل (قَوْلُهُ: زِيدَ عَلَيْهَا حَتَّى يَحْصُلَ إلَخْ) هَذِهِ الزِّيَادَةُ فِي غَسْلَةِ السِّدْرِ وَمُزِيلَتِهِ بِأَنْ يُكَرَّرَا مَعًا وَيَكُونَ وِتْرًا صَرَّحَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ زي زَادَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذَكَرَ بِخِلَافِ طَهَارَةِ الْحَيِّ لَا يَزِيدُ فِيهَا عَلَى الثَّلَاثِ وَالْفَرْقُ أَنَّ طَهَارَةَ الْحَيِّ مَحْضُ تَعَبُّدٍ وَهُنَا الْمَقْصُودُ النَّظَافَةُ وَلَا فَرْقَ فِي طَلَبِ الزِّيَادَةِ لِلنَّظَافَةِ بَيْنَ الْمَاءِ الْمَمْلُوكِ وَالْمُسَبَّلِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَلَا تُحْسَبُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ) أَيْ: فِي سُقُوطِ الطَّلَبِ وُجُوبًا وَنَدْبًا إذْ لَوْ حُسِبَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا لَمَا اُحْتِيجَ لِلزِّيَادَةِ عَلَى الْمَحْسُوبَةِ، وَقَوْلُهُ: وَإِنَّمَا تُحْسَبُ مِنْهَا أَيْ: الثَّلَاثَةِ وَكَانَ الْأَظْهَرُ أَنْ يَقُولَ مِنْهُ أَيْ: مِنْ كُلٍّ وَقَوْلُهُ: بِهِ أَيْ: بِالْمَاءِ الْقَرَاحِ.

(1/455)


فَتَكُونُ الْأُولَى مِنْ الثَّلَاثِ بِهِ هِيَ الْمُسْقِطَةُ لِلْوَاجِبِ وَيُلَيِّنُ مَفَاصِلَهُ بَعْدَ الْغُسْلِ ثُمَّ يُنَشِّفُ تَنْشِيفًا بَلِيغًا لِئَلَّا تَبْتَلَّ أَكْفَانُهُ فَيُسْرِعَ إلَيْهِ الْفَسَادُ.
وَالْأَصْلُ فِيمَا ذُكِرَ خَبَرُ الشَّيْخَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِغَاسِلَاتِ ابْنَتِهِ زَيْنَبَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهَا وَاغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَاجْعَلْنَ فِي الْأَخِيرَةِ كَافُورًا أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ، وَقَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ مِنْهُنَّ فَمَشَطْنَاهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ وَفِي رِوَايَةٍ فَضَفَرْنَا شَعْرَهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ وَأَلْقَيْنَاهَا خَلْفَهَا» وَقَوْلُهُ أَوْ خَمْسًا إلَى آخِرِهِ هُوَ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ فِي النَّظَافَةِ إلَى زِيَادَةٍ عَلَى الثَّلَاثِ مَعَ رِعَايَةِ الْوِتْرِ لَا لِلتَّخْيِيرِ وَقَوْلُهُ إنْ رَأَيْتُنَّ أَيْ احْتَجْتُنَّ فَمَشَطْنَا وَضَفَرْنَا بِالتَّخْفِيفِ، وَقُرُونٍ أَيْ ضَفَائِرُ وَقَوْلِي كَذَلِكَ مِنْ زِيَادَتِي مَعَ أَنَّ عِبَارَتِي أَوْضَحُ مِنْ عِبَارَتِهِ فِي إفَادَةِ الْغَرَضِ كَمَا لَا يَخْفَى.

(وَلَوْ خَرَجَ بَعْدَهُ) أَيْ الْغُسْلِ (نَجَسٌ وَجَبَ إزَالَتُهُ فَقَطْ) وَإِنْ خَرَجَ مِنْ الْفَرْجِ لِسُقُوطِ الْفَرْضِ بِمَا وُجِدَ

(وَ) أَنْ (لَا يَنْظُرَ غَاسِلٌ مِنْ غَيْرِ عَوْرَتِهِ إلَّا قَدْرَ حَاجَةٍ) بِأَنْ يُرِيدَ مَعْرِفَةَ الْمَغْسُولِ مِنْ غَيْرِهِ وَلَا يَنْظُرَ الْمُعِينُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا لِضَرُورَةٍ أَمَّا عَوْرَتُهُ فَيَحْرُمُ النَّظَرُ إلَيْهَا وَسُنَّ أَنْ يُغَطِّيَ وَجْهَهُ بِخِرْقَةٍ مِنْ أَوَّلِ وَضْعِهِ عَلَى الْمُغْتَسَلِ، وَأَنْ لَا يَمَسَّ شَيْئًا مِنْ عَوْرَتِهِ إلَّا بِخِرْقَةٍ (وَ) أَنْ (يَكُونَ أَمِينًا) ؛ لِيُوثَقَ بِهِ فِي تَكْمِيلِ الْغُسْلِ وَغَيْرِهِ (فَإِنْ رَأَى خَيْرًا سُنَّ ذِكْرُهُ) لِيَكُونَ أَدْعَى لِكَثْرَةِ الْمُصَلِّينَ عَلَيْهِ وَالدُّعَاءِ لَهُ، وَلِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ وَالْحَاكِمِ «اُذْكُرُوا مَحَاسِنَ مَوْتَاكُمْ وَكُفُّوا عَنْ مَسَاوِيهِمْ» (أَوْ ضِدَّهُ حَرُمَ) ذِكْرُهُ لِأَنَّهُ غِيبَةٌ وَلِلْخَبَرِ السَّابِقِ (إلَّا لِمَصْلَحَةٍ) كَبِدْعَةٍ ظَاهِرَةٍ فَيَذْكُرُهُ لِيَنْزَجِرَ النَّاسُ عَنْهُ وَالتَّصْرِيحُ بِسَنِّ ذِكْرِ الْخَيْرِ مِنْ زِيَادَتِي.

(وَمَنْ تَعَذَّرَ غُسْلُهُ) لِفَقْدِ مَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ كَاحْتِرَاقٍ وَلَوْ غُسِّلَ تَهَرَّى (يُمِّمَ) كَمَا فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ وَلَوْ كَانَ بِهِ قُرُوحٌ وَخِيفَ مِنْ غُسْلِهِ تَسَارُعُ الْبِلَى إلَيْهِ بَعْدَ الدَّفْنِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: فَتَكُونُ الْأُولَى مِنْ الثَّلَاثِ) أَيْ: الْأُولَى الْكَائِنَةُ مِنْ الثَّلَاثِ الَّتِي بِالْمَاءِ الْقَرَاحِ هِيَ الْمُسْقِطَةُ لِلْوَاجِبِ لِأَنَّ الْغَسَلَاتِ ثَلَاثَةٌ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى ثَلَاثِ غَسَلَاتٍ، وَأَخِيرَةُ كُلٍّ مِنْهَا بِمَاءٍ قَرَاحٍ فَغَسَلَاتُ الْمَاءِ الْقَرَاحِ ثَلَاثَةٌ وَالْأُولَى مِنْهَا أَيْ: مِنْ ثَلَاثَةِ الْمَاءِ الْقَرَاحِ هِيَ الْمُسْقِطَةُ لِلْوَاجِبِ فَالْمَجْمُوعُ تِسْعُ غَسَلَاتٍ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: لِئَلَّا تَبْتَلَّ أَكْفَانُهُ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْأَرْضَ الَّتِي لَا تَبْلَى أَصْلًا أَوْ لَا تَبْلَى سَرِيعًا أَفْضَلُ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الشَّارِعَ نَظَرَ إلَى عَدَمِ الْإِسْرَاعِ إلَى الْبِلَى لِأَنَّ تَنَعُّمَ الرُّوحِ مَعَ الْبَدَنِ أَكْمَلُ مِنْ تَنَعُّمِهَا دُونَهُ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: ابْنَتِهِ زَيْنَبَ) هِيَ أَكْبَرُ أَوْلَادِهِ عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا فِي الْبِرْمَاوِيِّ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكِ) بِكَسْرِ الْكَافِ؛ لِأَنَّهُ خِطَابٌ لِأُمِّ عَطِيَّةَ وَاسْمُ الْإِشَارَةِ فِي قَوْلِهِ ذَلِكِ عَائِدٌ إلَى الْمَذْكُورِ مِنْ الثَّلَاثَةِ أَوْ الْخَمْسَةِ أَوْ السَّبْعَةِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: إنْ رَأَيْتُنَّ) بِضَمِّ التَّاءِ خِطَابٌ لِلْغَاسِلَاتِ وَلِأُمِّ عَطِيَّةَ وَخَاطَبَهَا بِصِيغَةِ الْجَمْعِ تَعْظِيمًا لَهَا وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ ابْدَأْنَ ح ل وَيَصِحُّ كَسْرُ التَّاءِ خِطَابًا لِأُمِّ عَطِيَّةَ وَحِينَئِذٍ يُنَاسِبُ قَوْلَهُ: ذَلِكِ وَإِنَّمَا خَصَّ أُمَّ عَطِيَّةَ بِالْخِطَابِ لِأَنَّهَا الْقَيِّمَةُ عَلَيْهِنَّ أَيْ: فَغَيْرُهَا تَبَعٌ لَهَا فَلَمْ يَحْتَجْ لِخِطَابِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ شَيْئًا) شَكٌّ مِنْ الرَّاوِي ز ي (قَوْلُهُ: وَضَفَرْنَا بِالتَّخْفِيفِ) لَعَلَّ حِكْمَةَ التَّعْبِيرِ بِالتَّخْفِيفِ أَنَّهُ الْوَاقِعُ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَا يَنْبَغِي الْمُبَالَغَةُ فِي تَسْرِيحِهِ وَإِلَّا فَيَجُوزُ التَّشْدِيدُ فِيهِ لِلْمُبَالَغَةِ ع ش عَلَى م ر.

. (قَوْلُهُ: وَلَوْ خَرَجَ بَعْدَهُ نَجَسٌ) أَيْ: وَلَوْ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَقَبْلَ الدَّفْنِ وَخَرَجَ مَنِيُّهُ الطَّاهِرُ لَمْ يَجِبْ الْغُسْلُ وَلَمْ تَجِبْ إزَالَتُهُ وَلَا يَصِيرُ الْمَيِّتُ جُنُبًا بِوَطْءٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَا مُحْدِثًا بِمَسٍّ أَوْ غَيْرِهِ لِانْتِفَاءِ تَكْلِيفِهِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَجَبَ إزَالَتُهُ) أَيْ: قَبْلَ الصَّلَاةِ لِمَنْعِهِ مِنْ صِحَّتِهَا عَلَيْهِ وَعَنْ شَيْخِنَا م ر وُجُوبُهُ بَعْدَ الصَّلَاةِ أَيْضًا وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا وَلَوْ لَمْ يُمْكِنْ قَطْعُ الْخَارِجِ صَلَّى عَلَيْهِ بَعْدَ حَشْوِهِ وَعَصْبِهِ كَالْحَيِّ السَّلِسِ ق ل، وَالضَّابِطُ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ تَجِبُ إزَالَتُهُ مَا لَمْ يُدْفَنْ م ر فَتَجِبُ إذَا خَرَجَ بَعْدَ الصَّلَاةِ ح ف وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر: فَرْعٌ لَوْ لَمْ يُمْكِنْ قَطْعُ الدَّمِ الْخَارِجِ مِنْ الْمَيِّتِ بِغُسْلِهِ صَحَّ غُسْلُهُ وَصَحَّتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ كَالْحَيِّ السَّلِسِ وَهُوَ تَصِحُّ صَلَاتُهُ فَكَذَا الصَّلَاةُ عَلَيْهِ م ر سم.
وَقَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ بِالسَّلِسِ وُجُوبُ حَشْوِ مَحَلِّ الدَّمِ بِنَحْوِ قُطْنٍ وَعَصْبِهِ عَقِبَ الْغُسْلِ وَالْمُبَادَرَةِ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ بَعْدَهُ حَتَّى لَوْ أُخِّرَ لَا لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ وَجَبَ إعَادَةُ مَا ذَكَرَ وَيَنْبَغِي أَنَّ مِنْ الْمَصْلَحَةِ كَثْرَةَ الْمُصَلِّينَ كَمَا فِي تَأْخِيرِ السَّلِسِ بِإِجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ وَانْتِظَارِ الْجَمَاعَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ خَرَجَ مِنْ الْفَرْجِ) أَيْ: لِعَدَمِ نَقْضِ الْوُضُوءِ بِهِ كَمَا لَا يَجْنُبُ بِالْوَطْءِ ق ل.

. (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَنْظُرَ غَاسِلٌ) فَإِنْ نَظَرَ كَانَ مَكْرُوهًا كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْكِفَايَةِ وَالْمُصَنِّفُ فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ وَإِنْ صَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: مِنْ أَوَّلِ وَضْعِهِ عَلَى الْمُغْتَسَلِ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ تَقْتَضِي أَنَّهُ يُسْتَدَامُ تَغْطِيَتُهُ إلَى آخِرِ الْغُسْلِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر أَوَّلُ وَضْعِهِ عَلَى الْمُغْتَسَلِ بِإِسْقَاطِ مِنْ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ فِي أَنَّ التَّغْطِيَةَ فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ رَأَى خَيْرًا) كَاسْتِنَارَةِ وَجْهِهِ وَطِيبِ رَائِحَتِهِ وَقَوْلُهُ: أَوْ ضِدُّهُ كَسَوَادٍ وَتَغَيُّرِ رَائِحَةٍ وَانْقِلَابِ صُورَةٍ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: سُنَّ ذِكْرُهُ) هَذَا وَاضِحٌ إنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالْخَيْرِ فَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالْفِسْقِ لَمْ يَذْكُرْهُ فَقَوْلُهُ: إلَّا لِمَصْلَحَةٍ رَاجِعٌ لِلصُّورَتَيْنِ كَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ز ي، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الشَّارِحَ لَا يُسَاعِدُ عَلَيْهِ. اهـ. ح ل وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ م ر هُوَ مَا قَرَّرَهُ ز ي (قَوْلُهُ: إلَّا لِمَصْلَحَةٍ كَبِدْعَةٍ ظَاهِرَةٍ فَيَذْكُرُهُ) لَوْ قَالَ: عَقِبَهُ أَوْ يَسْكُتُ كَانَ أَوْلَى لِيَكُونَ الِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعًا لِلْأَمْرَيْنِ مَعًا.

. (قَوْلُهُ: يُمِّمَ) وَلَا يَجِبُ فِي هَذَا التَّيَمُّمِ نِيَّةٌ إلْحَاقًا بِأَصْلِهِ، وَمُحَلُّ.

(1/456)


غُسِّلَ وَلَا مُبَالَاةَ بِمَا يَكُونُ بَعْدَهُ فَالْكُلُّ صَائِرٌ إلَى الْبِلَى

(وَلَا يُكْرَهُ لِنَحْوِ جُنُبٍ) كَحَائِضٍ (غُسْلُهُ) لِأَنَّهُمَا طَاهِرَانِ كَغَيْرِهِمَا وَتَعْبِيرِي بِنَحْوِ جُنُبٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْجُنُبِ وَالْحَائِضِ.

(وَالرَّجُلُ أَوْلَى بِ) غَسْلِ (الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةُ) أَوْلَى (بِالْمَرْأَةِ وَلَهُ غَسْلُ حَلِيلَتِهِ) مِنْ زَوْجَةٍ غَيْرِ رَجْعِيَّةٍ وَلَوْ نَكَحَ غَيْرَهَا وَأَمَةً وَلَوْ كِتَابِيَّةً إلَّا إنْ كَانَتْ مُزَوَّجَةً أَوْ مُعْتَدَّةً أَوْ مُسْتَبْرَأَةً
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
وُجُوبِ التَّيَمُّمِ حَيْثُ خَلَا بَدَنُهُ عَنْ نَجَاسَةٍ غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهَا وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ إزَالَتِهَا قَبْلَ التَّيَمُّمِ ح ل وَلَوْ يَمَّمَهُ لِفَقْدِ الْمَاءِ ثُمَّ وَجَدَهُ قَبْلَ دَفْنِهِ وَجَبَ غُسْلُهُ كَمَا فِي شَرْحِ م ر قَالَ: ع ش عَلَيْهِ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ بَعْدَ الدَّفْنِ لَا يُنْبَشُ لِلْغُسْلِ سَوَاءٌ كَانَ فِي مَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرٌ لِفِعْلِنَا مَا كُلِّفْنَا بِهِ وَهُوَ التَّيَمُّمُ اهـ. (قَوْلُهُ: فَالْكُلُّ صَائِرٌ إلَى الْبِلَى) أَيْ: كُلُّ أَجْزَاءِ الْمَيِّتِ لَكِنَّ عِبَارَةَ الْمَحَلِّيِّ فَالْكُلُّ صَائِرُونَ وَفَهِمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكُلِّ النَّاسُ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ لَوْ أُرِيدَ الْأَجْزَاءُ لِأَنَّ هَذَا الْجَمْعَ إنَّمَا هُوَ لِلْعُقَلَاءِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: نَزَّلَ الْجُزْءَ مَنْزِلَةَ كُلِّهِ أَوْ إنَّ هَذَا مِمَّا فُقِدَ فِيهِ الشَّرْطُ شَوْبَرِيٌّ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر لِأَنَّ مَصِيرَ جَمِيعِهِ إلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُكْرَهُ لِنَحْوِ جُنُبٍ غُسْلُهُ) أَيْ: وَلَوْ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ ع ش عَلَى م ر.

. (قَوْلُهُ: وَالرَّجُلُ) الْمُرَادُ بِهِ الذَّكَرُ الْوَاضِحُ الَّذِي بَلَغَ حَدَّ الشَّهْوَةِ أَخْذًا مِنْ الْفَرْعِ الْآتِي فَهُوَ تَقْيِيدٌ لِهَذَا وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ، وَالْمَرْأَةُ أَوْلَى بِالرَّجُلِ أَيْ: وُجُوبًا بِالنَّظَرِ لِلنِّسَاءِ الْأَجَانِبِ، وَنَدْبًا بِالنَّظَرِ لِلنِّسَاءِ الْمَحَارِمِ وَقَوْلُهُ: أَوْلَى بِالْمَرْأَةِ أَيْ: وُجُوبًا بِالنَّظَرِ لِلرِّجَالِ الْأَجَانِبِ، وَنَدْبًا بِالنَّظَرِ لِلرِّجَالِ الْمَحَارِمِ وَالْقِيَاسُ امْتِنَاعُ غَسْلِ الرَّجُلِ لِلْأَمْرَدِ إذَا حَرَّمْنَا النَّظَرَ لَهُ إلْحَاقًا لَهُ بِالْمَرْأَةِ م ر. وَقَالَ: حَجّ تَنْبِيهٌ قَالَ: بَعْضُهُمْ لَوْ كَانَ الْمَيِّتُ أَمْرَدَ حَسَنَ الْوَجْهِ وَلَمْ يَحْضُرْهُ مَحْرَمٌ لَهُ يُمِّمَ أَيْضًا بِنَاءً عَلَى حُرْمَةِ النَّظَرِ إلَيْهِ اهـ وَوَافَقَهُ م ر لَكِنْ قَيَّدَهُ بِمَا إذَا خَشِيَ الْفِتْنَةَ؛ لِأَنَّهُ اعْتَمَدَ مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ النَّظَرُ لِلْأَمْرَدِ إلَّا عِنْدَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ وَهَذَا مِمَّا يُبْتَلَى بِهِ فَإِنَّ الْغَالِبَ أَنَّ مُغَسِّلَ الْمُرْدِ الْحِسَانِ هُمْ الْأَجَانِبُ فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى الْمَنْهَجِ. وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا هُوَ جَازَ لَهُ وَيَكُفُّ نَفْسَهُ مَا أَمْكَنَ قِيَاسًا عَلَى مَا قَالُوهُ فِي الشَّهَادَةِ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْأَجْنَبِيِّ النَّظَرُ لِلشَّهَادَةِ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ وَإِنْ خَافَ الْفِتْنَةَ إنْ تَعَيَّنَ، وَيَكُفُّ نَفْسَهُ مَا أَمْكَنَ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْغُسْلَ هُنَا بَدَلًا بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ فَإِنَّهُ رُبَّمَا يَضِيعُ الْحَقُّ بِالِامْتِنَاعِ وَلَا بَدَلَ لَهَا وَهُوَ الْأَقْرَبُ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: أَوْلَى) أَيْ: الْأَحَقُّ ذَلِكَ فَيُقَدَّمُ حَتَّى عَلَى الْحَلِيلَةِ ح ل. (قَوْلُهُ: وَلَهُ غُسْلُ حَلِيلَتِهِ) وَسَيَأْتِي أَنَّ مَرْتَبَتَهُ بَعْدَ الْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ اط ف وَهَذَا كَالِاسْتِدْرَاكِ عَلَى قَوْلِهِ وَالْمَرْأَةُ أَوْلَى بِالْمَرْأَةِ وَقَوْلُهُ بَعْدُ: وَلِزَوْجَةِ إلَخْ كَالِاسْتِدْرَاكِ عَلَى قَوْلِهِ وَالرَّجُلُ أَوْلَى بِالرَّجُلِ وَمَذْهَبُنَا أَنَّ الْمَوْتَ مُحَرِّمٌ لِلنَّظَرِ بِشَهْوَةٍ فِي حَقِّ الزَّوْجَيْنِ دُونَ النَّظَرِ بِغَيْرِ شَهْوَةِ ز ي وع ش. (قَوْلُهُ: مِنْ زَوْجَةٍ غَيْرِ رَجْعِيَّةٍ) أَيْ: وَغَيْرِ مُعْتَدَّةٍ عَنْ شُبْهَةٍ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ دَاخِلَةٌ فِي الْحَلِيلَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ غَيْرِ رَجْعِيَّةٍ وَقَدْ يُقَالُ بَلْ لِلتَّقْيِيدِ وَجْهٌ لِأَنَّهُ لَمَّا بَيَّنَ الْحَلِيلَةَ بِالزَّوْجَةِ دَخَلَتْ الرَّجْعِيَّةُ لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ فَاحْتَاجَ إلَى إخْرَاجِهَا فَتَأَمَّلَ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ نَكَحَ غَيْرَهَا) كَانَ الْأَوْلَى فِي الْغَايَةِ أَنْ يَقُولَ وَلَوْ نَكَحَ مَنْ يَحْرُمُ جَمْعُهَا مَعَهَا كَأُخْتِهَا لِأَنَّ نِكَاحَ غَيْرِهَا لَا يُخِلُّ بِنِكَاحِهَا اهـ ع ش وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ غَيْرَهَا صَادِقٌ بِمَنْ يَحْرُمُ جَمْعُهَا مَعَهَا وَغَيْرِهَا فَالْغَايَةُ ظَاهِرَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِصِدْقِهَا بِالْأَوَّلِ وَصِدْقُهَا بِالثَّانِي لَا يَقْدَحُ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَأَمَةً) الْمُرَادُ بِهَا الْأَمَةُ الَّتِي يَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا قَبْلَ الْمَوْتِ فَيَخْرُجُ بِذَلِكَ مَا لَوْ وَطِئَ إحْدَى أُخْتَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي مِلْكِهِ ثُمَّ مَاتَتْ مَنْ لَمْ يَطَأْهَا قَبْلَ تَحْرِيمِ الْأُخْرَى فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُغَسِّلَهَا ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كِتَابِيَّةً) رَاجِعٌ لِلزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ كَانَتْ مُزَوَّجَةً إلَخْ) لَا حَاجَةَ لِهَذَا الِاسْتِثْنَاءِ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ فِي الْأَمَةِ الْحَلِيلَةِ وَهِيَ حِينَئِذٍ غَيْرُ حَلِيلَةٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ: هِيَ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ حَلِيلَةٌ فِي الْجُمْلَةِ فَصَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ أَوْ يُقَالُ: الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ تَأَمَّلْ. لَا يُقَالُ إنَّ الْمُسْتَبْرَأَةَ إنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً بِالسَّبْيِ فَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ حِلَّ التَّمَتُّعَاتِ بِهَا مَا عَدَا الْوَطْءَ فَغُسْلُهَا أَوْلَى، أَوْ بِغَيْرِهِ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْخَلْوَةُ بِهَا وَلَا لَمْسُهَا وَلَا النَّظَرُ إلَيْهَا بِغَيْرِ شَهْوَةٍ فَلَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ غُسْلُهَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ تَحْرِيمُ غُسْلِهَا لَيْسَ لِمَا ذَكَرَ بَلْ لِتَحْرِيمِ بِضْعِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ فَأَشْبَهَتْ الْمُعْتَدَّةَ بِجَامِعِ الْبِضْعِ وَتَعَلَّقَ الْحَقُّ بِأَجْنَبِيٍّ اهـ شَرْحُ م ر.
وَالضَّابِطُ فِي جَوَازِ الْغُسْلِ فِي الزَّوْجِ.

(1/457)


(وَلِزَوْجَةٍ) غَيْرِ رَجْعِيَّةٍ (غَسْلُ زَوْجِهَا) وَلَوْ نَكَحَتْ غَيْرَهُ بِخِلَافِ الْأَمَةِ لَا تُغَسِّلُ سَيِّدَهَا لِانْتِقَالِهَا عَنْهُ، وَالزَّوْجِيَّةُ لَا تَنْقَطِعُ حُقُوقُهَا بِالْمَوْتِ بِدَلِيلِ التَّوَارُثِ وَقَدْ «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَائِشَةَ لَوْ مِتَّ قَبْلِي لَغَسَّلْتُك وَكَفَّنْتُك» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ وَقَالَتْ عَائِشَةُ: - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - لَوْ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا غَسَّلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا نِسَاؤُهُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ (بِلَا مَسٍّ) مِنْهَا لَهُ وَلَا مِنْ الزَّوْجِ أَوْ السَّيِّدِ لَهَا كَأَنْ كَانَ الْغُسْلُ مِنْ كُلٍّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
وَزَوْجَتِهِ وَالسَّيِّدِ وَأَمَتِهِ حِلُّ الْبِضْعِ قَبْلَ الْمَوْتِ لِأَحَدِهِمَا إلَّا فِي أَمَتِهِ الْمُكَاتَبَةِ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ تَرْتَفِعُ بِالْمَوْتِ كَمَا فِي ق ل (قَوْلُهُ: وَلِزَوْجَةٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ أَمَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا يَأْتِي لَهُ مِنْ أَنَّهَا لَا حَقَّ لَهَا فِي وِلَايَةِ الْغُسْلِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي الْجَوَازِ ع ش عَلَى م ر فَبَطَلَ تَقْيِيدُ الشَّوْبَرِيِّ الزَّوْجَةَ بِالْحُرَّةِ قَالَ: لِبُعْدِ مَنْصِبِ الْأَمَةِ عَنْ الْوِلَايَاتِ. (قَوْلُهُ: غَيْرِ رَجْعِيَّةٍ) أَمَّا الرَّجْعِيَّةُ فَلَا تُغَسِّلُ زَوْجَهَا؛ لِحُرْمَةِ الْمَسِّ وَالنَّظَرِ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَتْ كَالزَّوْجَةِ فِي النَّفَقَةِ وَنَحْوِهَا، وَأَلْحَقَ الْأَذْرَعِيُّ بِالرَّجْعِيَّةِ الْمُعْتَدَّةَ عَنْ شُبْهَةٍ فَلَا تُغَسِّلُ زَوْجَهَا وَلَا عَكْسُهُ كَمَا لَا يُغَسِّلُ أَمَتَهُ الْمُعْتَدَّةَ وَفَارَقَتْ الْمُكَاتَبَةَ وَإِنْ اسْتَوَيَا فِي جَوَازِ النَّظَرِ لِمَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ بِأَنَّ الْحَقَّ فِيهَا تَعَلَّقَ بِأَجْنَبِيٍّ بِخِلَافِهِ فِي الْمُكَاتَبَةُ فَانْدَفَعَ رَدُّ الزَّرْكَشِيّ لَهُ بِقِيَاسِهَا عَلَيْهَا شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ نَكَحَتْ غَيْرَهُ) بِأَنْ وَضَعَتْ حَمْلَهَا عَقِبَ مَوْتِ الزَّوْجِ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ فَلَهَا أَنْ تُغَسِّلَ زَوْجَهَا لِبَقَاءِ حُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ ز ي وَلِأَنَّهُ حَقٌّ ثَبَتَ لَهَا فَلَا يَسْقُطُ كَالْإِرْثِ (قَوْلُهُ: لِانْتِقَالِهَا عَنْهُ) أَيْ: إلَى مِلْكِ غَيْرِهِ أَوْ إلَى الْحُرِّيَّةِ كَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرَةِ فَإِنَّهَا تَنْتَقِلُ عَنْهُ لِلْحُرِّيَّةِ ح ل. (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ التَّوَارُثِ) أَيْ: فِي الْجُمْلَةِ لِتَدْخُلَ الذِّمِّيَّةُ فَإِنَّهَا تُغَسِّلُ زَوْجَهَا الْمُسْلِمَ لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ م ر فِي شَرْحِهِ وَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْكَافِرَ لَا يُغَسِّلُ مُسْلِمًا أَنَّ الذِّمِّيَّةَ لَا تُغَسِّلُ زَوْجَهَا الْمُسْلِمَ اهـ أَيْ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهَا بِحَيْثُ تُقَدَّمُ بِهِ عَلَى غَيْرِهَا أَيْ: فَغَيْرُهَا أَوْلَى مِنْهَا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ أَوْلَوِيَّةِ غَيْرِهَا عَدَمُ الْجَوَازِ لَهَا. اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَصَحَّ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ لِعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - مَا ضَرَّكِ لَوْ مِتِّ قَبْلِي لَغَسَّلْتُك وَكَفَّنْتُك وَصَلَّيْت عَلَيْك وَدَفَنْتُك» رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْنُ حِبَّانَ قَالَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: تَتِمَّةُ الْخَبَرِ إذًا كُنْت تُصْبِحُ عَرُوسًا أَيْ: قَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ إذَا مِتَّ تَزَوَّجْتَ غَيْرِي وَهَذَا دَلِيلٌ لِقَوْلِهِ وَلَهُ غُسْلَ حَلِيلَتِهِ وَمَا بَعْدَهُ لِقَوْلِهِ وَلَهَا إلَخْ وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ لَوْ مِتَّ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَا يُغَسِّلُ عَائِشَةَ؛ لِأَنَّهَا لَا تَمُوتُ قَبْلَهُ لِأَنَّ لَوْ حَرْفُ امْتِنَاعٍ لِامْتِنَاعٍ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَقَالَتْ عَائِشَةُ) هَذَا دَلِيلٌ عَلَى مُطْلَقِ الْجَوَازِ وَإِلَّا فَهِيَ لَوْ أَدْرَكَتْ غُسْلَهُ لَمْ تُمَكَّنْ مِنْهُ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ مُؤَخَّرَةٌ عَنْ الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ كَمَا يَأْتِي إلَّا أَنْ يُقَالَ: مُرَادُهَا بِقَوْلِهَا إلَّا نِسَاؤُهُ بَعْدَ اسْتِئْذَانِ رِجَالِ الْعَصَبَةِ أَوْ أَنَّهَا قَالَتْ هَذَا بِحَسَبِ اجْتِهَادِهَا، وَانْظُرْ هَلْ يَرِدُ أَنَّ هَذَا قَوْلُ صَحَابِيٍّ فَلَا يُسْتَدَلُّ بِهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ اشْتَهَرَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ فَهُوَ حِينَئِذٍ يُسْتَدَلُّ بِهِ لِكَوْنِهِ صَارَ إجْمَاعًا سُكُوتِيًّا ع ش مَعَ زِيَادَةٍ لِشَيْخِنَا. (قَوْلُهُ: لَوْ اسْتَقْبَلْت مِنْ أَمْرِي إلَخْ) أَيْ: لَوْ ظَهَرَ لَهَا قَوْلُهُ الْمَذْكُورُ وَقْتَ غُسْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا غَسَّلَهُ إلَّا نِسَاؤُهُ لِمَصْلَحَتِهِنَّ بِالْقِيَامِ بِهَذَا الْغَرَضِ الْعَظِيمِ؛ وَلِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَوْصَى بِأَنْ تُغَسِّلَهُ زَوْجَتُهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ فَفَعَلَتْ وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ ح ل. وَقَوْلُهُ: مَا اسْتَدْبَرْت أَيْ: مِنْ مَوْتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ مَوْتِهِ تَرَى مَنْعَ الْغُسْلِ ثُمَّ ظَهَرَ لَهَا جَوَازُهُ فَقَالَتْ: لَوْ اسْتَقْبَلْت مَوْتَهُ بَعْدَمَا ظَهَرَ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْت مِنْ مَوْتِهِ أَيْ: لَوْ حَصَلَ الْمَوْتُ الْمُسْتَدْبَرُ أَيْ: الَّذِي وَقَعَ فِي الْمَاضِي فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَيْ: بَعْدَمَا ظَهَرَ لَهَا مِنْ أَنَّ لِلْمَرْأَةِ غُسْلَ زَوْجِهَا مَا غَسَّلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ شَوْبَرِيٌّ بِإِيضَاحٍ وَزِيَادَةٍ قَرَّرَهُ ح ف، وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ لَوْ اسْتَقْبَلْت إلَخْ الظَّاهِرُ أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ قَلْبًا وَالْأَصْلَ لَوْ اسْتَدْبَرْت مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَقْبَلْت أَيْ: مَا ظَهَرَ لِي فِي الْمُسْتَقْبَلِ مِنْ عِلْمِي جَوَازَ غُسْلِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا أَيْ: لَوْ حَصَلَ لِي هَذَا الْعِلْمُ فِي الْمُسْتَدْبَرِ أَيْ: الْمَاضِي وَهُوَ وَقْتُ مَوْتِ النَّبِيِّ فَمَا وَاقِعَةٌ عَلَى الْعِلْمِ وَمِنْ أَمْرِي بَيَانٌ لِمَا وَإِضَافَتُهُ لِلْعَهْدِ اهـ وَهُوَ عِلْمُهَا الْمَذْكُورُ وَعَلَى كَلَامِ الشَّوْبَرِيِّ تَكُونُ مَا وَاقِعَةً عَلَى مَوْتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا قَلْبَ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: بِلَا مَسٍّ) أَيْ: نَدْبًا فِي الشِّقَّيْنِ حَتَّى فِي الْعَوْرَةِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ جَوَازُ النَّظَرِ لِلْحَلِيلَةِ وَالْحَلِيلِ بَعْدَ الْمَوْتِ حَتَّى لِعَوْرَتِهِ وَكَذَا يَجُوزُ الْمَسُّ أَيْضًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَالنَّدْبُ يُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ لِئَلَّا يُنْتَقَضَ وُضُوءُهُ أَيْ: وَالْمَطْلُوبُ مِنْ الْغَاسِلِ أَنْ يَكُونَ عَلَى طَهَارَةٍ شَيْخُنَا. وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ: بِلَا مَسٍّ أَيْ: نَدْبًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ قَالَهُ فِي الْإِيعَابِ وَقَدْ وَافَقَ م ر عَلَى جَوَازِ كُلٍّ مِنْ.

(1/458)


وَعَلَى يَدِهِ خِرْقَةٌ لِئَلَّا يُنْتَقَضَ وُضُوءُهُ (فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ إلَّا أَجْنَبِيٌّ) فِي الْمَيِّتِ الْمَرْأَةِ (أَوْ أَجْنَبِيَّةٌ) فِي الرَّجُلِ (يُمِّمَ) أَيْ الْمَيِّتُ إلْحَاقًا لِفَقْدِ الْغَاسِلِ بِفَقْدِ الْمَاءِ. (فَرْعٌ) .
الصَّغِيرُ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الشَّهْوَةِ يُغَسِّلُهُ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ وَمِثْلُهُ الْخُنْثَى الْكَبِيرُ عِنْدَ فَقْدِ الْمَحْرَمِ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَنَقَلَهُ عَنْ اتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ قَالَ، وَيُغَسَّلُ فَوْقَ ثَوْبٍ وَيَحْتَاطُ الْغَاسِلُ فِي غَضِّ الْبَصَرِ وَالْمَسِّ (وَالْأَوْلَى بِهِ) أَيْ بِالرَّجُلِ فِي غُسْلِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
النَّظَرِ وَالْمَسِّ بِلَا شَهْوَةٍ وَلَوْ لِمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَمَنْعُهُمَا بِشَهْوَةٍ وَلَوْ لِمَا فَوْقَهُمَا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَى يَدِهِ خِرْقَةٌ) أَيْ: نَدْبًا شَرْحُ م ر وَلَوْ بِالنِّسْبَةِ لَمَسِّ الْعَوْرَةِ وَهُوَ مَا نَقَلَهُ عَنْهُ سم فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يُنْتَقَضَ وُضُوءُهُ) أَيْ: وَالْمَطْلُوبُ مِنْ الْغَاسِلِ أَنْ يَكُونَ عَلَى طَهَارَةٍ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ لِئَلَّا يُنْتَقَضَ وُضُوءُهُ أَيْ: الْغَاسِلِ، وَأَمَّا الْمَيِّتُ فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ فَالْمَسُّ مَكْرُوهٌ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُكْرَهُ مِنْ حَيْثُ كَرَاهَةُ الْمَسِّ لِبَدَنِ الْمَيِّتِ مُطْلَقًا فَلَا يَتَكَرَّرُ مَا هُنَا مَعَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يُسَنُّ لِكُلِّ غَاسِلٍ لَفُّ خِرْقَةٍ عَلَى يَدِهِ فِي سَائِرِ غُسْلِهِ لِأَنَّ مَا هُنَاكَ بِالنَّظَرِ لِكَرَاهَةِ الْمَسِّ وَمَا هُنَا بِالنَّظَرِ لِانْتِقَاضِ الطُّهْرِ بِهِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر، وَقَالَ الشَّوْبَرِيُّ: لِئَلَّا يُنْتَقَضَ وُضُوءُهُ إنْ كَانَ مُتَوَضِّئًا وَفِرَارًا مِنْ كَرَاهَةِ الْمَسِّ إنْ لَمْ يَكُنْ اهـ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ إلَخْ) قَالَ: ع ش عَلَى م ر ضَابِطُ فَقْدِ الْغَاسِلِ أَنْ يَكُونَ فِي مَحَلٍّ لَا يَجِبُ طَلَبُ الْمَاءِ مِنْهُ، وَقَوْلُهُ: الْأَجْنَبِيُّ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَالْمَرْأَةُ أَوْلَى بِالْمَرْأَةِ وَقَوْلُهُ: أَوْ أَجْنَبِيَّةٌ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَالرَّجُلُ أَوْلَى بِالرَّجُلِ.
(قَوْلُهُ: فِي الْمَيِّتِ الْمَرْأَةِ) وَمِثْلُهَا الْأَمْرَدُ الْجَمِيلُ عِنْدَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ فَلَا يُغَسِّلُهُ إلَّا مَحَارِمَهُ فَإِنْ فُقِدَ الْمَحْرَمُ وَجَبَ تَيَمُّمُهُ ز ي وَقَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ إلَّا أَجْنَبِيٌّ قَيَّدَهُ حَجّ بِوَاضِحٍ. قَالَ الشَّيْخُ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ إلَّا خُنْثَى جَازَ لَهُ أَنْ يُغَسِّلَ كُلًّا مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَهُوَ قِيَاسٌ عَلَى حَالِهِ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: يَمَّمَ) أَيْ: بِحَائِلٍ بَعْدَ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ إنْ كَانَتْ إذْ ذَاكَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ التَّيَمُّمِ وَأَيْضًا لَا بَدَلَ لَهَا بِخِلَافِ الْغُسْلِ؛ فَلِهَذَا جَازَ لِلْأَجْنَبِيِّ إزَالَتُهَا بِخِلَافِ الْغُسْلِ وَهَذَا مَا جَرَى عَلَيْهِ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ وَإِنْ جَرَى حَجّ عَلَى صِحَّةِ التَّيَمُّمِ مَعَ وُجُودِهَا لِلضَّرُورَةِ أَيْ: إذَا تَعَذَّرَتْ إزَالَتُهَا وَعَلَيْهِ فَتَصِحُّ الصَّلَاةُ مَعَ وُجُودِ النَّجَاسَةِ الْمُتَعَذِّرَةِ الْإِزَالَةِ وَلَوْ حَضَرَ مَنْ لَهُ غُسْلُهُ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَجَبَ الْغُسْلُ كَمَا لَوْ تَيَمَّمَ لِفَقْدِ الْمَاءِ ثُمَّ وَجَدَهُ فَتَجِبُ إعَادَةُ الصَّلَاةِ هَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ شَوْبَرِيٌّ.
وَخَرَجَ مَا لَوْ حَضَرَ بَعْدَ وَضْعِهِ فِي الْقَبْرِ وَإِنْ لَمْ يُهِلْ عَلَيْهِ التُّرَابَ لِأَنَّ فِي عَوْدِهِ إزْرَاءٌ بِهِ وَمِثْلُ الْوَضْعِ إدْلَاؤُهُ فِي الْقَبْرِ فَتَنَبَّهْ لَهُ ع ش، وَتَنْدُبُ النِّيَّةُ فِي التَّيَمُّمِ وَفِي ع ش عَلَى م ر وَلَوْ صَرَفَ الْغَاسِلُ عَنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ بِأَنْ قَصَدَ بِهِ الْغُسْلَ عَنْ الْجَنَابَةِ مَثَلًا إذَا كَانَ جُنُبًا يَنْبَغِي وِفَاقًا ل م ر أَنَّهُ يَكْفِي بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ النِّيَّةُ وَأَنَّ الْمَقْصُودَ النَّظَافَةُ وَهُوَ حَاصِلٌ. فَإِنْ قُلْنَا بِاشْتِرَاطِ النِّيَّةِ وَكَانَ جُنُبًا فَقَصَدَ الْغَاسِلُ الْغُسْلَ عَنْ الْجَنَابَةِ يَنْبَغِي وِفَاقًا ل م ر أَنَّهُ يَكْفِي أَيْضًا كَمَا لَوْ اجْتَمَعَ عَلَى الْحَيِّ غُسْلَانِ وَاجِبَانِ فَنَوَى أَحَدَهُمَا فَإِنَّهُ يَكْفِي أَيْضًا سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: إلْحَاقًا لِفَقْدِ الْغَاسِلِ بِفَقْدِ الْمَاءِ) بِأَنْ يَكُونَ الْغَاسِلُ بِمَحَلٍّ لَا يَجِبُ طَلَبُ الْمَاءِ مِنْهُ كَمَا فِي التَّيَمُّمِ وَلَوْ قِيلَ بِتَأْخِيرِهِ إلَى وَقْتٍ لَا يُخْشَى عَلَيْهِ فِيهِ التَّغَيُّرُ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا اهـ اط ف قَالَ: ع ش وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي ثِيَابٍ سَابِغَةٍ أَيْ: سَاتِرَةٍ لِجَمِيعِ بَدَنِهِ وَبِحَضْرَةِ نَهْرٍ مَثَلًا وَأَمْكَنَ غَمْسُهُ بِهِ لِيَصِلَ الْمَاءُ إلَى كُلِّ بَدَنِهِ مِنْ غَيْرِ مَسٍّ وَلَا نَظَرٍ وَجَبَ وَهُوَ ظَاهِرٌ.
(قَوْلُهُ: فَرْعٌ إلَخْ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بَدَلَ قَوْلِهِ: فَرْعٌ وَخَرَجَ بِالرَّجُلِ؛ لِأَنَّ هَذَا مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِهِ لِرَجُلٍ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ هُوَ الذَّكَرُ الْبَالِغُ مِنْ بَنِي آدَمَ فَخَرَجَ بِذَلِكَ الصَّبِيُّ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَظَاهِرُ تَعْبِيرِهِ بِفَرْعٍ أَنَّ هَذَا قَدْرٌ زَائِدٌ عَلَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَإِنْ كَانَ كَلَامُهُ لَا يَشْمَلُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ نَقَلَهُ الشَّيْخُ خَضِرٌ الشَّوْبَرِيُّ عَنْ تَقْرِيرِ ز ي. (قَوْلُهُ: الصَّغِيرُ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ) أَيْ: ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَقَوْلُهُ: يُغَسِّلُهُ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ أَيْ: يَجُوزُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا تَغْسِيلُهُ لَا أَنَّهُمَا يَجْتَمِعَانِ عَلَى غُسْلِهِ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ الْخُنْثَى الْكَبِيرُ) أَيْ: وَكَذَا مِنْ جُهِلَ حَالُهُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى كَأَنْ أَكَلَ سَبُعٌ مَا بِهِ يَتَمَيَّزُ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ وَيَنْبَغِي الِاقْتِصَارُ عَلَى الْغُسْلِ الْوَاجِبِ دُونَ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ ع ش وَقِ ل. (قَوْلُهُ: وَيُغَسَّلُ) أَيْ: الْخُنْثَى فَوْقَ ثَوْبٍ أَيْ: فِي ثَوْبٍ أَيْ: وُجُوبًا، وَقَوْلُهُ: وَيَحْتَاطُ الْغَاسِلُ أَيْ: نَدْبًا ع ش عَلَى م ر وَقَوْلُهُ: فِي غَضِّ الْبَصَرِ وَيَجِبُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى غَسْلَةٍ وَاحِدَةٍ ح ل.
(قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى بِهِ الْأَوْلَى إلَخْ) هَذِهِ الْأَوْلَوِيَّةُ لِلنَّدَبِ وَهَذَا تَفْصِيلٌ.

(1/459)


الْأَوْلَى بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ دَرَجَةً) وَهُمْ رِجَالُ الْعَصَبَةِ مِنْ النَّسَبِ ثُمَّ الْوَلَاءُ، ثُمَّ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ إنْ انْتَظَمَ بَيْتُ الْمَالِ ثُمَّ ذَوُو الْأَرْحَامِ وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْجُرْجَانِيِّ مِنْ تَقْدِيمِهِمْ عَلَى الْإِمَامِ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَنْتَظِمْ بَيْتُ الْمَالِ، ثُمَّ الرِّجَالُ الْأَجَانِبُ ثُمَّ الزَّوْجَةُ ثُمَّ النِّسَاءُ الْمَحَارِمُ وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي دَرَجَةً أَخْذًا مِمَّا ذَكَرُوهُ فِي إدْخَالِهِ الْقَبْرَ الْأَوْلَى بِالصَّلَاةِ صِفَةً إذْ الْأَفْقَهُ أَوْلَى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
لِلْأَوْلَوِيَّةِ السَّابِقَةِ فِي قَوْلِهِ وَالرَّجُلُ أَوْلَى بِالرَّجُلِ وَفِيهِ إحَالَةٌ عَلَى مَجْهُولٍ لِأَنَّ حُكْمَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ لَمْ يَتَقَدَّمْ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ مَعْلُومٌ فَلَمَّا بَيَّنَ أَنَّ الرَّجُلَ يَلِي غُسْلَ الرَّجُلِ لَا غَيْرِهِ مِنْ النِّسَاءِ غَيْرِ الْمَحَارِمِ أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ مَرْتَبَةَ الرِّجَالِ بَعْضِهِمْ مَعَ بَعْضٍ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: الْأَوْلَى بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ دَرَجَةً) فَالْعَصَبَةُ كُلُّهُمْ دَرَجَةٌ وَاحِدَةٌ، وَالْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُقَدَّمُ هُنَا بِالصِّفَةِ الَّتِي يُقَدَّمُ بِهَا فِي الصَّلَاةِ وَهِيَ الْأَسَنِّيَّةُ مَعَ وُجُودِ الْفِقْهِيَّةِ، وَالْأَقْرَبِيَّةُ مَعَ وُجُودِ الْفِقْهِ بَلْ يُقَدَّمُ هُنَا بِالْأَفْقَهِيَّةِ وَالْفِقْهِ ح ل وَقَالَ بَعْضُهُمْ: دَرَجَةً أَيْ: رُتْبَةً وَالْمُرَادُ بِهَا مَرَاتِبُ الْمُقَدَّمِينَ فِي الصَّلَاةِ عَصَبَةً كَانُوا أَوْ لَا بِدَلِيلِ إدْخَالِ ذَوِي الْأَرْحَامِ فِي التَّفْسِيرِ وَتَفْسِيرُهَا بِرِجَالِ الْعَصَبَةِ فِيهِ تَسَمُّحٌ لِقُصُورِهِ هَذَا، وَلَا بُدَّ أَنْ يُزَادَ عَلَيْهَا لَفْظَةُ فَقَطْ إذْ الْخَارِجُ بِهَا فِيمَا يَأْتِي بَعْضُهُ فِيهِ الدَّرَجَةُ أَيْضًا وَفِي حَجّ بَدَلُ قَوْلِهِ: دَرَجَةً غَالِبًا وَهِيَ أَسْهَلُ، وَفِي عِبَارَةِ بَعْضِهِمْ بَدَلُ قَوْلِهِ وَخَرَجَ وَيُسْتَثْنَى وَهِيَ أَحْسَنُ أَيْضًا وَأَسْهَلُ شَيْخُنَا، وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَخَرَجَ إلَخْ تَقْيِيدُ الْمَتْنِ بِأَنَّ مَحَلَّ التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ إذَا اسْتَوَوْا فِي الصِّفَاتِ فَلَوْ قَيَّدَ الْمَتْنَ بِمَا ذَكَرَ لَاسْتَغْنَى عَنْ قَوْلِهِ: دَرَجَةً وَمَا خَرَجَ بِهِ كَمَا تَرَكَهُ الْأَصْلُ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَهْم رِجَالُ الْعَصَبَةِ مِنْ النَّسَبِ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِأَصْحَابِ الدَّرَجَةِ أَوْ لِقَوْلِهِ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ فِي الْمَعْنَى جَمْعٌ أَوْ جَمَعَ الضَّمِيرَ مُرَاعَاةً لِلْخَبَرِ فَيُقَدَّمُ الْأَبُ ثُمَّ أَبُوهُ وَإِنْ عَلَا ثُمَّ الِابْنُ ثُمَّ ابْنُهُ وَإِنْ سَفَلَ ثُمَّ الْأَخُ الشَّقِيقُ ثُمَّ لِأَبٍ ثُمَّ ابْنُ الْأَخِ الشَّقِيقِ ثُمَّ لِأَبٍ ثُمَّ عَمٌّ شَقِيقٌ ثُمَّ لِأَبٍ ثُمَّ ابْنُ عَمٍّ شَقِيقٍ ثُمَّ لِأَبٍ هَذَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِهِ ح ل (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْوَلَاءُ) إلَى قَوْلِهِ ثُمَّ ذَوُو الْأَرْحَامِ وَقَوْلُهُ: وَأَوْلَاهُنَّ ذَاتُ مَحْرَمِيَّةٍ فَذَاتُ وَلَاءٍ اُسْتُفِيدَ مِنْ مَجْمُوعِ الْكَلَامَيْنِ أَنَّ الْوَلَاءَ فِي الذُّكُورِ مُقَدَّمٌ عَلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ وَفِي الْإِنَاثِ بِالْعَكْسِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَإِنَّمَا جُعِلَ الْوَلَاءُ فِي الذُّكُورِ وَسْطًا أَيْ: بَيْنَ الْأَقَارِبِ حَيْثُ قُدِّمَ عَلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ وَأَخَّرُوهُ فِي الْإِنَاثِ بِأَنْ قَدَّمُوا ذَوَاتَ الْأَرْحَامِ عَلَى ذَوَاتِ الْوَلَاءِ؛ لِأَنَّهُ فِي الذُّكُورِ مِنْ قَضَاءِ حَقِّ الْمَيِّتِ كَالتَّكْفِينِ وَالدَّفْنِ وَالصَّلَاةِ وَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْهُمْ لِقُوَّتِهِمْ وَلِهَذَا يَرِثُونَ بِالِاتِّفَاقِ وَيُؤَدُّونَ دُيُونَهُ وَيُنَفِّذُونَ وَصَايَاهُ وَلَا شَيْءَ مِنْهَا لِذَوِي الْأَرْحَامِ مَعَ وُجُودِهِمْ وَقُدِّمَتْ ذَوَاتُ الْأَرْحَامِ عَلَى ذَوَاتِ الْوَلَاءِ فِي الْإِنَاثِ لِأَنَّهُنَّ أَشْفَقُ مِنْهُنَّ وَلِضَعْفِ الْوَلَاءِ فِي الْإِنَاثِ وَلِهَذَا لَا تَرِثُ امْرَأَةٌ بِوَلَاءٍ إلَّا عَتِيقَهَا أَوْ مُنْتَمِيًا إلَيْهِ بِنَسَبٍ أَوْ وَلَاءٍ. وَقَالَ الشَّوْبَرِيُّ: قُدِّمَ الْوَلَاءُ عَلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ هُنَا دُونَ مَا سَيَأْتِي فِي الْإِنَاثِ؛ لِقُوَّةِ الْعُصُوبَةِ بِالْوَلَاءِ فِي الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَرِثُ إلَّا عَتِيقَهَا أَوْ مُنْتَمِيًا إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ ذَوُو الْأَرْحَامِ) أَيْ: الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ فَيُقَدَّمُ أَبُو الْأُمِّ ثُمَّ الْأَخُ لِلْأُمِّ ثُمَّ بَنُو الْبَنَاتِ كَمَا فِي الذَّخَائِرِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ ثُمَّ الْخَالُ ثُمَّ الْعَمُّ لِلْأُمِّ، وَجَعْلُهُمْ هُنَا وَفِي الصَّلَاةِ الْأَخَ لِلْأُمِّ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْإِرْثِ ح ل.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ الزَّوْجَةُ) أَيْ: الْحُرَّةُ عَلَى الْأَوْجَهِ مِنْ احْتِمَالَيْنِ لِبُعْدِ الْأَمَةِ عَنْ الْمَنَاصِبِ وَالْوِلَايَاتِ شَوْبَرِيٌّ وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر لَكِنَّهُ قَدْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا تَقْدِيمُ زَوْجِهَا الْعَبْدِ عَلَى رِجَالِ الْقَرَابَةِ، وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى الرَّقِيقَيْنِ حَتَّى يُقَالَ: إنَّ الزَّوْجَةَ الْأَمَةَ لَا حَقَّ لَهَا لِبُعْدِهَا عَنْ الْمَنَاصِبِ وَالْوِلَايَاتِ؟ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْعَبْدَ مِنْ جِنْسِ الرِّجَالِ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَاتِ فِي الْجُمْلَةِ وَلَا كَذَلِكَ الْأَمَةُ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: الْأَوْلَى بِالصَّلَاةِ صِفَةً) فَإِنَّا لَا نُقَدِّمُ هُنَا بِالصِّفَةِ الَّتِي نُقَدِّمُ بِهَا فِي الصَّلَاةِ وَهِيَ السِّنُّ وَالْأَقْرَبِيَّةُ فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ دَرَجَةً الْعُصُوبَةُ مِنْ النَّسَبِ أَوْ مِنْ الْوَلَاءِ وَلَا نَظَرَ لِتَفَاوُتِ دَرَجَاتِهَا فَمَتَى وُجِدَتْ الْعُصُوبَةُ مِنْ النَّسَبِ مَثَلًا قَدَّمْنَا فِيهَا الْأَبَ ثُمَّ أَبَاهُ إلَخْ إلَّا أَنَّنَا لَا نَنْظُرُ لِلْأَسَنِّ مَعَ وُجُودِ الْأَفْقَهِ وَلَا لِلْأَقْرَبِ مَعَ وُجُودِ الْفَقِيهِ ح ل (قَوْلُهُ: إذْ الْأَفْقَهُ أَيْ: الْبَعِيدُ كَالْعَمِّ أَوْلَى إلَخْ) خُرُوجُهُ بِقَوْلِهِ دَرَجَةً ظَاهِرٌ، وَأَمَّا تَقْدِيمُهُ عَلَى الْأَقْرَبِ فَلَا يَخْرُجُ بِقَوْلِهِ دَرَجَةً إذْ الْمُتَبَادِرُ مِنْ الْخُرُوجِ بِالدَّرَجَةِ أَنَّ الْمُسْتَوِيَيْنِ فِي دَرَجَةٍ إذَا قُدِّمَ أَحَدُهُمَا فِي الصَّلَاةِ بِصِفَةٍ لَا يَلْزَمُ أَنْ يُقَدَّمَ بِهَا هُنَا فَالْأَسَنُّ فِي الصَّلَاةِ مُقَدَّمٌ، وَالْأَفْقَهُ هُنَا مُقَدَّمٌ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ التَّقْدِيمَ بِالصِّفَةِ مَعْمُولٌ بِهِ هُنَا حَتَّى مَعَ اخْتِلَافِ الدَّرَجَةِ وَلَيْسَ خَاصًّا.

(1/460)


مِنْ الْأَسَنِّ، وَالْأَقْرَبُ وَالْبَعِيدُ الْفَقِيهُ أَوْلَى مِنْ الْأَقْرَبِ غَيْرِ الْفَقِيهِ هُنَا عَكْسُ مَا فِي الصَّلَاةِ وَالْمُرَادُ بِالْأَفْقَهِ الْأَعْلَمُ بِذَلِكَ الْبَابِ.

(وَ) الْأَوْلَى (بِهَا) أَيْ بِالْمَرْأَةِ فِي غُسْلِهَا (قَرِيبَاتُهَا) فَيُقَدَّمْنَ حَتَّى عَلَى الزَّوْجِ (وَأَوْلَاهُنَّ ذَاتُ مَحْرَمِيَّةٍ) وَهِيَ مَنْ لَوْ قُدِّرَتْ ذَكَرًا لَمْ يَحِلَّ لَهُ نِكَاحُهَا، فَإِنْ اسْتَوَتْ اثْنَتَانِ فِي الْمَحْرَمِيَّةِ فَالَّتِي فِي مَحَلِّ الْعُصُوبَةِ أَوْلَى كَالْعَمَّةِ مَعَ الْخَالَةِ وَاَللَّوَاتِي لَا مَحْرَمِيَّةَ لَهُنَّ يُقَدَّمُ مِنْهُنَّ الْقُرْبَى فَالْقُرْبَى (فَ) بَعْدَ الْقَرِيبَاتِ (ذَاتُ وَلَاءٍ) كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي (فَأَجْنَبِيَّةٌ) لِأَنَّهَا أَلْيَقُ (فَزَوْجٌ) لِأَنَّ مَنْظُورَهُ أَكْثَرُ (فَرِجَالٌ مَحَارِمُ كَتَرْتِيبِ صَلَاتِهِمْ) إلَّا مَا مَرَّ وَشَرْطُ الْمُقَدَّمِ إسْلَامٌ إنْ كَانَ الْمَيِّتُ مُسْلِمًا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
بِاتِّحَادِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ ع ش. وَقَالَ: شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ الْمُرَادُ بِالدَّرَجَةِ الْجِهَةُ وَإِنْ تَفَاوَتَتْ فَرِجَالُ الْعُصُوبَةِ مِنْ النَّسَبِ دَرَجَةٌ وَمِنْ الْوَلَاءِ دَرَجَةٌ وَالْإِمَامُ دَرَجَةٌ لَكِنَّ كَلَامَهُ الْآتِيَ خَاصٌّ بِاسْتِوَاءِ الدَّرَجَةِ وَعِبَارَتُهُ: فَلَوْ اسْتَوَيَا قُدِّمَ الْأَسَنُّ الْعَدْلُ عَلَى الْأَفْقَهِ إلَخْ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: مِنْ الْأَسَنِّ) كَالْأَخَوَيْنِ أَحَدُهُمَا الصَّغِيرُ أَفْقَهُ وَالْكَبِيرُ فَقِيهٌ، وَقَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ كَأَخٍ فَقِيهٍ وَابْنِ أَخٍ أَفْقَهَ. (قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ) لَوْ أَسْقَطَ الْوَاوَ لَكَانَ أَعَمَّ وَأَخْصَرَ فَلْيُتَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ؛ لِشُمُولِهِ الْأَسَنَّ الْأَقْرَبَ وَالْأَسَنَّ غَيْرَ الْأَقْرَبِ بِالْأَوْلَى. (قَوْلُهُ: وَالْبَعِيدُ الْفَقِيهُ) أَيْ: الْأَفْقَهُ، وَقَوْلُهُ بَعْدُ: غَيْرِ الْفَقِيهِ أَيْ: غَيْرِ الْأَفْقَهِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ غَيْرَ فَقِيهٍ أَصْلًا فَلَا حَقَّ لَهُ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْبَعِيدَ إذَا كَانَ ذَا قَرَابَةٍ كَانَ مُكَرَّرًا مَعَ قَوْلِهِ: وَالْأَقْرَبُ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الشَّوْبَرِيُّ: الْأَوْلَى حَذْفُ الْوَاوِ مِنْ قَوْلِهِ وَالْأَقْرَبُ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْبَعِيدَ شَامِلٌ لِلْأَجْنَبِيِّ كَمَا قَالَهُ حَجّ وَيَكُونُ أَفْعَلُ التَّفْضِيلِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ لَيْسَ عَلَى بَابِهِ، وَتَأَمَّلْ وَجْهَ خُرُوجِ هَذِهِ بِالدَّرَجَةِ إذْ هِيَ دَاخِلَةٌ فِيهَا فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ: وَيُسْتَثْنَى مِنْ التَّقْدِيمِ بِالدَّرَجَةِ الْبَعِيدَةِ الْفَقِيهُ إلَخْ، وَكَذَا قَوْلُهُ: وَالْأَفْقَهُ أَوْلَى مِنْ الْأَقْرَبِ س ل وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ: قَضِيَّةُ صَنِيعِهِ أَنَّ هَذَا مِنْ التَّقْدِيمِ بِالصِّفَةِ مَعَ دُخُولِهِ فِي تَقْدِيمِ الصَّلَاةِ بِالدَّرَجَةِ فَانْظُرْ وَجْهَ إخْرَاجِهِ بِهِ.
وَقَدْ عَبَّرَ فِي التُّحْفَةِ بَدَلَ قَوْلِهِ: دَرَجَةً بِقَوْلِهِ: غَالِبًا فَسَلِمَ مِنْ هَذَا وَقَالَ: لَا يَرِدُ أَنَّ الْأَفْقَهَ إلَخْ فَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ نَعَمْ الْأَفْقَهُ إلَخْ كَمَا عَبَّرَ بِهِ م ر، وَقَالَ: بَعْضُهُمْ قَوْلُهُ: إذْ الْأَفْقَهُ إلَخْ فِيهِ أَنَّ مَا هُنَا مُصَوَّرٌ بِاخْتِلَافِ الدَّرَجَةِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الصَّلَاةِ مَفْرُوضٌ عِنْدَ اسْتِوَاءِ الدَّرَجَةِ فَلَا يَحْسُنُ قَوْلُهُ: عَكْسُ مَا فِي الصَّلَاةِ إذْ لَا يَتِمُّ هَذَا إلَّا عِنْدَ اتِّحَادِ الدَّرَجَةِ فَالْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ دَرَجَةً كَمَا صَنَعَ الْأَصْلُ، وَتَقْيِيدُ الْمَتْنِ بِالِاسْتِوَاءِ فِي الصِّفَاتِ كَالْأَفْقَهِيَّةِ وَالسِّنِّ. (قَوْلُهُ: عَكْسُ مَا فِي الصَّلَاةِ) أَيْ: عَلَى الْمَيِّتِ لِأَنَّ الْقَصْدَ هُنَا إحْسَانُ الْغُسْلِ وَالْأَفْقَهَ وَالْفَقِيهَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْأَفْقَهُ أَوْ الْفَقِيهُ فِي بَابِ الْغُسْلِ وَثَمَّ الدُّعَاءُ وَنَحْوُ الْأَسَنِّ وَالْأَقْرَبِ أَرَقُّ قَلْبًا فَدُعَاؤُهُ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ س ل.

(قَوْلُهُ: قَرِيبَاتُهَا) عَدَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْ التَّعْبِيرِ بِالْقَرَابَاتِ إلَى الْقَرِيبَاتِ؛ لِأَنَّ الْإِسْنَوِيَّ نَظَرَ فِيهِ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَوَهَّمَ أَنَّ الْقَرَابَةَ خَاصَّةٌ بِالْأُنْثَى، الثَّانِي أَنَّ الْقَرَابَاتِ مِنْ كَلَامِ الْعَوَامّ كَمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَسَبَبُهُ أَنَّ الْمَصْدَرَ لَا يُجْمَعُ إلَّا إذَا اخْتَلَفَ نَوْعُهُ وَأَيْضًا فَهِيَ مَصْدَرٌ وَقَدْ أَطْلَقَهَا عَلَى الْأَشْخَاصِ، وَقَالَ: قَبْلَ ذَلِكَ إنَّهَا مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الرَّحِمِ تَقُولُ: بَيْنِي وَبَيْنَهُ قَرَابَةٌ وَقُرْبٌ وَتَقُولُ: ذَوُو قَرَابَتِي وَلَا تَقُولُ هُمْ قَرَابَتِي وَلَا هُمْ قَرَابَاتِي، وَالْعَامَّةُ تَقُولُ ذَلِكَ وَلَكِنْ قُلْ: هُوَ قَرِيبِي قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ ز ي. وَقَوْلُهُ: إلَّا إذَا اخْتَلَفَ نَوْعُهُ رَدَّهُ م ر بِأَنَّ أَنْوَاعَ الْقَرَابَةِ مُخْتَلِفَةٌ. (قَوْلُهُ: ذَاتُ مَحْرَمِيَّةٍ) وَإِنْ كَانَتْ حَائِضًا أَوْ نَحْوَهَا قَالَ: الْعَلَّامَةُ ز ي وَرُبَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ عُمُومِهِ أَنَّ بِنْتَ الْعَمِّ الْبَعِيدَةَ إذَا كَانَتْ إمَّا مِنْ الرَّضَاعِ أَوْ أُخْتًا تُقَدَّمُ عَلَى بِنْتِ الْعَمِّ الْقَرِيبَةِ، لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُرَادَ الْمَحْرَمِيَّةُ مِنْ حَيْثُ النَّسَبُ وَلِذَا لَمْ يُعَبِّرْ الْمُصَنِّفُ بِالرَّضَاعِ هُنَا بِالْكُلِّيَّةِ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ مَنْ لَوْ قُدِّرَتْ ذَكَرًا إلَخْ) كَالْبِنْتِ بِخِلَافِ بِنْتِ الْعَمِّ ح ل. (قَوْلُهُ: لَمْ يَحِلَّ لَهُ) أَيْ: الذَّكَرِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ ذَكَرًا وَقَوْلُهُ: نِكَاحُهَا أَيْ: الْمَيِّتَةِ. (قَوْلُهُ: وَاَللَّوَاتِي لَا مَحْرَمِيَّةَ لَهُنَّ) كَبِنْتِ ابْنِ ابْنِ عَمٍّ وَبِنْتِ خَالَةٍ فَتُقَدَّمُ بِنْتُ الْخَالَةِ مَعَ أَنَّ أَبَا الْأُولَى فِي مَحَلِّ الْعُصُوبَةِ فَلْيُحَرَّرْ اط ف.
وَكَبِنْتِ عَمٍّ وَبِنْتِ عَمِّ أَبٍ وَبِنْتِ عَمِّ جَدٍّ فَتُقَدَّمُ الْأُولَى (قَوْلُهُ: فَذَاتُ وَلَاءٍ) أَيْ: صَاحِبَةُ وَلَاءٍ بِأَنْ كَانَتْ مُعْتَقَةً أَمَّا الْعَتِيقَةُ فَلَا حَقَّ لَهَا فِي الْغُسْلِ، وَانْظُرْ هَلْ الْأَوْلَى بِالْمَيِّتِ الرَّقِيقِ قَرِيبُهُ الْحُرُّ أَوْ سَيِّدُهُ؟ . اهـ. سم وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّهُ لَمْ تَنْقَطِعْ الْعَلَقَةُ بَيْنَهُمَا بِدَلِيلِ لُزُومِ مَئُونَةِ تَجْهِيزِهِ عَلَيْهِ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: فَأَجْنَبِيَّةٌ) فَلَوْ تَوَلَّتْ امْرَأَةٌ الْإِمَامَةَ بِالشَّوْكَةِ هَلْ تُقَدَّمُ عَلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ إنْ انْتَظَمَ أَمْرُهَا أَمْ لَا؟ ح ل (قَوْلُهُ: إلَّا مَا مَرَّ) كَأَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى مَا خَرَجَ بِقَوْلِهِ السَّابِقِ دَرَجَةً حَرَّرَهُ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَشَرْطُ الْمُقَدَّمِ إلَخْ) أَيْ: شَرْطُ كَوْنِهِ أَوْلَى بِالتَّقْدِيمِ عَلَى غَيْرِهِ وَعَلَيْهِ فَلَا يَمْتَنِعُ عَلَى الْكَافِرِ تَغْسِيلُ الْمُسْلِمِ وَلَا عَلَى الْقَاتِلِ وَنَحْوِهِ لَكِنْ يَنْبَغِي كَرَاهَةُ ذَلِكَ مَعَ وُجُودِ مِنْ اجْتَمَعَتْ فِيهِ الشُّرُوطُ وَتَقَدَّمَ عَنْ الْمَحَلِّيِّ أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلذِّمِّيَّةِ.

(1/461)


وَعَدَمُ قَتْلٍ، أَمَّا غَيْرُ الْمَحَارِمِ كَابْنِ الْعَمِّ فَكَالْأَجْنَبِيِّ لَا حَقَّ لَهُ فِي ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ لَهُ حَقٌّ فِي الصَّلَاةِ (فَإِنْ تَنَازَعَ مُسْتَوِيَانِ) هُنَا وَفِي نَظَائِرِهِ الْآتِيَةِ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ تَنَازَعَ أَخَوَانِ أَوْ زَوْجَتَانِ (أُقْرِعَ) بَيْنَهُمَا.

(وَالْكَافِرُ أَحَقُّ بِقَرِيبِهِ الْكَافِرِ) مِنْ قَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ فِي غُسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ وَدَفْنِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: 73]

(وَتُطَيَّبُ) جَوَازًا (مُحِدَّةٌ) لِزَوَالِ الْمَعْنَى الْمُرَتَّبِ عَلَيْهِ تَحْرِيمُ التَّطَيُّبِ وَهُوَ التَّفَجُّعُ عَلَى زَوْجِهَا وَالتَّحَرُّزُ عَنْ الرِّجَالِ. (وَكُرِهَ أَخْذُ شَعْرِ غَيْرِ مُحْرِمٍ وَظُفْرِهِ) لِأَنَّ أَجْزَاءَ الْمَيِّتِ مُحْتَرَمَةٌ فَلَا تُنْتَهَكُ بِذَلِكَ (وَوَجَبَ إبْقَاءُ أَثَرِ إحْرَامٍ) فِي مُحْرِمٍ فَلَا يُؤْخَذُ شَعْرُهُ وَظُفْرُهُ وَلَا يُطَيَّبُ وَلَا يُلْبِسُ الْمُحْرِمُ الذَّكَرُ مَخِيطًا وَلَا يُسْتَرُ رَأْسُهُ وَلَا وَجْهُ مُحْرِمَةٍ وَلَا كَفَّاهَا بِقُفَّازَيْنِ «، قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمُحْرِمِ الَّذِي مَاتَ وَهُوَ وَاقِفٌ مَعَهُ بِعَرَفَةَ: لَا تَمَسُّوهُ بِطِيبٍ وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَقَدْ اُسْتُفِيدَ مِنْ التَّعْلِيلِ الْوَاقِعِ فِيهِ حُرْمَةُ الْإِلْبَاسِ وَالسَّتْرِ الْمَذْكُورَيْنِ فَلَا تُنْتَهَكُ بِذَلِكَ. (وَلِنَحْوِ أَهْلِ مَيِّتٍ) كَأَصْدِقَائِهِ (تَقْبِيلُ وَجْهِهِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
تَغْسِيلُ زَوْجِهَا الْمُسْلِمِ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَعَدَمُ قَتْلٍ) وَلَوْ بِحَقٍّ كَمَا فِي إرْثِهِ مِنْهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْ الْقَاتِلِ بِحَقٍّ وَعَدَمُ الْفِسْقِ وَالصِّبَا وَالرِّقِّ ح ل. (قَوْلُهُ: لَا حَقَّ لَهُ فِي ذَلِكَ) لِحُرْمَةِ نَظَرِهِ لَهَا وَخَلْوَتِهِ بِهَا وَاخْتَلَفَ النَّاسُ: هَلْ هَذَا التَّرْتِيبُ الْوَاقِعُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَاجِبٌ أَوْ مَنْدُوبٌ؟ ذَهَبَ جَمْعٌ إلَى الْأَوَّلِ وَوَافَقَهُمْ حَجّ، وَالْمُعْتَمَدُ الثَّانِي، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَا يَجُوزُ إيثَارُ غَيْرِ جِنْسِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْمَيِّتِ فَلَا يَجُوزُ تَفْوِيتُهُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَيَجُوزُ إذَا كَانَ مِنْ الْجِنْسِ وَفِيهِ أَنَّ الْجِنْسَ الَّذِي يَسْقُطُ لَهُ حَقُّهُ إنْ كَانَ فِي غَيْرِ مَرْتَبَتِهِ بِحَيْثُ يُقَدَّمُ هُوَ عَلَيْهِ فَفِي إيثَارِهِ إسْقَاطُ حَقِّ الْمَيِّتِ بِغَيْرِ إذْنِهِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ إسْقَاطَ حَقِّ الْمَيِّتِ لِلْجِنْسِ أَهْوَنُ لِلْمُجَانَسَةِ فَجَوَّزْنَاهُ، وَفِي كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ فَوَّضَ الْأَبُ مَثَلًا إلَى رَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ مَعَ وُجُودِ رِجَالِ الْقَرَابَةِ وَالْوَلَاءِ أَوْ لِمَنْ هُوَ أَبْعَدُ مَعَ وُجُودِ الْمُقَدَّمِ عَلَيْهِ جَازَ قَالَهُ ح ل. وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ التَّرْتِيبَ مَنْدُوبٌ فِي اتِّحَادِ الْجِنْسِ وَوَاجِبٌ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَ الْجِنْسُ فَإِذَا كَانَ الْحَقُّ لِرَجُلٍ وَغَسَّلَتْ امْرَأَةٌ أَوْ بِالْعَكْسِ حَرُمَ ح ف.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ تَنَازَعَ مُسْتَوِيَانِ) كَأَخَوَيْنِ أَوْ عَمَّيْنِ أَوْ أُخْتَيْنِ أَوْ مُعْتَقَيْنِ، وَقَوْلُهُ: هُنَا وَفِي نَظَائِرِهِ الْآتِيَةِ لَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ: الْآتِيَةِ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِيَشْمَلَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّغْمِيضِ وَتَلْيِينِ الْأَعْضَاءِ مِنْ كُلِّ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَيَتَوَلَّى كُلَّ ذَلِكَ أَرْفَقُ مَحَارِمِهِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا كَانَ الِاسْتِوَاءُ فِي الْأَرْفَقِيَّةِ قَدْ لَا يُتَصَوَّرُ لِنُدُورِهِ لَمْ يُعَمِّمْهُ فِيمَا تَقَدَّمَ بَابِلِيٌّ اط ف. (قَوْلُهُ: أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا) أَيْ: حَتْمًا فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ غَسَّلَهُ لِأَنَّ تَقْدِيمَ أَحَدِهِمَا تَرْجِيحٌ مِنْ غَيْرِ مُرَجِّحٍ شَرْحُ م ر. وَقَالَ حَجّ: أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا أَيْ: قَطْعًا لِلنِّزَاعِ وَقَضِيَّتُهُ وُجُوبُ الْإِقْرَاعِ عَلَى نَحْوِ قَاضٍ إنْ رُفِعَ إلَيْهِ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الْإِقْرَاعُ فِيمَا بَيْنَهُمْ فَهُوَ مَنْدُوبٌ وَهُوَ مُتَّجَهٌ ع ش عَلَى م ر.

. (قَوْلُهُ: مِنْ قَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ) أَيْ: وَلَوْ كَانَ أَقْرَبَ مِنْ الْكَافِرِ ح ل فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَرِيبٌ كَافِرٌ تَوَلَّاهُ الْمُسْلِمُ اط ف.

(قَوْلُهُ: وَتُطَيَّبُ جَوَازًا مُحِدَّةٌ) وَيَنْبَغِي كَرَاهَتُهُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ حَرَّمَهُ ع ش. (قَوْلُهُ: غَيْرِ مَحْرَمٍ) وَلَا فِدْيَةَ عَلَى مَنْ أَخَذَ ظُفْرَهُ أَوْ شَعْرَهُ أَوْ طَيَّبَهُ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: مُحْتَرَمَةٌ) وَيَحْرُمُ قَطْعُ قُلْفَتِهِ وَإِنْ عَصَى بِتَأْخِيرِهِ وَإِذَا تَعَذَّرَ إزَالَةُ مَا تَحْتَهَا أَوْ غَسْلُهُ دُفِنَ بَعْدَ غَسْلِ بَقِيَّةِ بَدَنِهِ بِلَا صَلَاةٍ خِلَافًا لِلْعَلَّامَةِ حَجّ حَيْثُ قَالَ: يُصَلَّى عَلَيْهِ بَعْدَ تَيَمُّمِهِ عَمَّا تَحْتَهَا أَوْ تُزَالُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَوَجَبَ إبْقَاءُ أَثَرِ إحْرَامٍ) أَيْ: قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ بَعْدَهُ كَغَيْرِهِ فَلَا يَحْلِقُ رَأْسَهُ وَإِنْ مَاتَ وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ الْحَقُّ لِانْقِطَاعِ تَكْلِيفِهِ فَلَا يَقُومُ غَيْرُهُ بِهِ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ طَوَافٌ أَوْ سَعْيٌ فَلَوْ تَعَذَّرَ غَسْلُهُ إلَّا بِحَلْقِهِ لِتَلَبُّدِ شَعْرِ رَأْسِهِ وَجَبَ حَلْقُهُ وَكَذَا لَوْ تَعَذَّرَ غَسْلُ مَا تَحْتَ ظُفْرِهِ إلَّا بِقَلْمِهِ وَجَبَ قَلْمُهُ وَلَا فِدْيَةَ عَلَى حَالِقِهِ وَمُقَلِّمِهِ وَمُطَيِّبِهِ وَذَهَبَ الْبُلْقِينِيُّ إلَى أَنَّ الَّذِي نَعْتَقِدُهُ إيجَابُهَا عَلَى الْفَاعِلِ كَمَا لَوْ حَلَقَ شَعْرَ نَائِمٍ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ النَّائِمَ بِصَدَدِ عَوْدِهِ إلَى الْفَهْمِ وَلِهَذَا ذَهَبَ جَمَاعَةٌ إلَى تَكْلِيفِهِ بِخِلَافِ الْمَيِّتِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر. (قَوْلُهُ: وَلَا تَمَسُّوهُ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ، وَفَتْحِ الْمِيمِ مِنْ مَسَّ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ} [الأنعام: 17] وَضَبَطَهُ الشَّوْبَرِيُّ بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ مِنْ أَمَسَّ قَالَ: ع ش وَالظَّاهِرُ عَدَمُ تَعَيُّنِهِ فَعُلِمَ مِنْ الضَّبْطَيْنِ جَوَازُ الْوَجْهَيْنِ حَيْثُ لَمْ تُعْلَمْ الرِّوَايَةُ وَإِلَّا تَعَيَّنَتْ اط ف. وَالْبَاءُ أَصْلِيَّةٌ عَلَى الْأَوَّلِ وَزَائِدَةٌ عَلَى الثَّانِي سم عَلَى بَهْجَةٍ.
قَوْلُهُ: «فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا» فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحَجَّ لَا يَبْطُلُ بِالْمَوْتِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ، وَأَمَّا الصَّوْمُ فَفِيهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْبُطْلَانُ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَقَدْ اُسْتُفِيدَ مِنْ التَّعْلِيلِ) فِيهِ أَنَّ حُرْمَةَ السِّتْرِ مَعْلُومَةٌ مِنْ قَوْلِهِ «وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ» فَلَا حَاجَةَ إلَى اسْتِفَادَتِهَا مِنْ التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ: فَلَا تُنْتَهَكُ) أَيْ: بِالْحُرْمَةِ أَيْ: لَا تُرْتَكَبُ قَالَ فِي الصِّحَاحِ: انْتِهَاكُ الْحُرْمَةِ تَنَاوُلُهَا أَيْ: ارْتِكَابُهَا وَقَوْلُهُ: بِذَلِكَ أَيْ: بِالْإِلْبَاسِ وَالسَّتْرِ ح ل (قَوْلُهُ: تَقْبِيلُ وَجْهِهِ) بَلْ يُنْدَبُ إنْ كَانَ صَالِحًا أَوْ عَالِمًا. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ كَانَ صَالِحًا نُدِبَ تَقْبِيلُهُ مُطْلَقًا وَإِلَّا فَيَجُوزُ بِلَا كَرَاهَةٍ لِنَحْوِ أَهْلِهِ وَبِهَا لِغَيْرِهِمْ وَهَذَا مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ.

(1/462)


«لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبَّلَ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ بَعْدَ مَوْتِهِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ وَلِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَبَّلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ مَوْتِهِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

(وَلَا بَأْس بِإِعْلَامٍ بِمَوْتِهِ) لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَغَيْرِهَا لِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَالَ فِي إنْسَانٍ كَانَ يَقُمُّ الْمَسْجِدَ أَيْ يَكْنُسُهُ فَمَاتَ فَدُفِنَ لَيْلًا: أَفَلَا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي بِهِ» ، وَفِي رِوَايَةٍ: «مَا مَنَعَكُمْ أَنْ تُعْلِمُونِي» وَصَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ إذَا قَصَدَ الْإِعْلَامَ لِكَثْرَةِ الْمُصَلِّينَ (بِخِلَافِ نَعِيِّ الْجَاهِلِيَّةِ) وَهُوَ النِّدَاءُ بِمَوْتِ الشَّخْصِ وَذِكْرِ مَآثِرِهِ وَمَفَاخِرِهِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ النَّعْيِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْمُرَادُ نَعِيُّ الْجَاهِلِيَّة.

(فَصْلٌ) .
فِي تَكْفِينِ الْمَيِّتِ وَحَمْلِهِ (يُكَفَّنُ) بَعْدَ غُسْلِهِ (بِمَا لَهُ لُبْسُهُ) حَيًّا مِنْ حَرِيرٍ أَوْ غَيْرُهُ فَيَحِلُّ تَكْفِينُ أُنْثَى بِحَرِيرٍ وَمُزَعْفَرٍ وَمُعَصْفَرٍ بِخِلَافِ الرَّجُلِ وَالْخُنْثَى إذَا وُجِدَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
مَنْ يَحْمِلُهُ التَّقْبِيلُ عَلَى جَزَعٍ أَوْ سُخْطٍ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ مِنْ أَحْوَالِ النِّسَاءِ وَإِلَّا حَرُمَ هَذَا حَاصِلُ مَا فِي الْإِيعَابِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ وَانْتِفَاءِ الْمُرُودَةِ، أَوْ يَكُونُ ثَمَّ نَحْوُ مَحْرَمِيَّةٍ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) إنَّمَا قَدَّمَ حَدِيثَ التِّرْمِذِيِّ عَلَى حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ مَعَ أَنَّ حَدِيثَ الْبُخَارِيِّ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ حَدِيثَ التِّرْمِذِيِّ فِيهِ فِعْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحَدِيثَ الْبُخَارِيِّ فِيهِ فِعْلُ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ح ف. (قَوْلُهُ: قَبَّلَ عُثْمَانَ) أَيْ: وَجْهَهُ لِيُطَابِقَ الْمُدَّعَى لِأَنَّ التَّقْبِيلَ شَامِلٌ لِتَقْبِيلِ يَدِهِ وَتَقْبِيلِ رَأْسِهِ، وَكَذَا يُقَدَّرُ فِي قَوْلِهِ الْآتِي قَبَّلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ح ف وح ل.
(قَوْلُهُ: ابْنَ مَظْعُونٍ) وَكَانَ أَخَاهُ مِنْ الرَّضَاعِ انْتَهَى ع ش.

(قَوْلُهُ: لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَغَيْرِهَا) مِنْ دُعَاءٍ وَتَرَحُّمٍ وَمُحَالَلَةٍ أَيْ: بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ مِنْ دَيْنٍ أَوْ غِيبَةٍ ح ف وح ل. (قَوْلُهُ: قَالَ فِي إنْسَانٍ) وَتَرَدَّدَ فِي الْبُخَارِيِّ هَلْ هَذَا الْإِنْسَانُ كَانَ رَجُلًا أَوْ أُنْثَى وَقَرَّرَ شَيْخُنَا أَنَّهُ كَانَ جَارِيَةً سَوْدَاءَ وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الْبَرِّ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: آذَنْتُمُونِي) بِالْمَدِّ أَيْ: أَعْلَمْتُمُونِي كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ) وَلَوْ مَعَ ذِكْرِ مَآثِرِهِ وَمَفَاخِرِهِ حَيْثُ كَانَ قَصْدُهُ مِنْ ذِكْرِ ذَلِكَ تَرْغِيبَ النَّاسِ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ لَا التَّفَاخُرَ كَمَا هُوَ عَادَةُ الْجَاهِلِيَّةِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِنَعِيِّ الْجَاهِلِيَّةِ النِّدَاءُ بِذِكْرِ الْمَآثِرِ وَالْمَفَاخِرِ لِأَجْلِ التَّفَاخُرِ وَالتَّعَاظُمِ ح ل مَعَ تَغْيِيرٍ، وَنَعِيُّ الْجَاهِلِيَّةِ بِسُكُونِ الْعَيْنِ وَبِكَسْرِهَا مَعَ تَشْدِيدِ الْيَاءِ مَصْدَرُ نَعَاهُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ النِّدَاءُ إلَخْ) صَرِيحٌ هَذَا أَنَّ النَّعِيَّ اسْمٌ لِمَجْمُوعِ مَا ذُكِرَ وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الْبُرُلُّسِيُّ: إنَّهُ اسْمٌ لِلْأَوَّلِ فَقَطْ، وَضَمُّ مَا بَعْدَهُ إلَيْهِ إنَّمَا هُوَ عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ وَلَعَلَّ الشَّارِحَ إنَّمَا فَسَّرَهُ بِذَلِكَ لِأَجْلِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ بِرْمَاوِيٌّ، وَالْمَآثِرُ ذِكْرُ أَوْصَافِهِ وَالْمَفَاخِرُ ذِكْرُ نَسَبِهِ أَوْ أَوْصَافِ آبَائِهِ. (قَوْلُهُ: وَذِكْرُ مَآثِرِهِ وَمَفَاخِرِهِ) أَيْ: تَفَاخُرًا وَتَعَاظُمًا وَقَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ نَعِيُّ الْجَاهِلِيَّةِ أَيْ: النِّدَاءُ بِذِكْرِ الْمَآثِرِ وَالْمَفَاخِرِ لِأَجْلِ التَّفَاخُرِ وَالتَّعَاظُمِ ح ل وَقَوْلُهُ: تَفَاخُرًا وَتَعَاظُمًا لَعَلَّهُ تَحْرِيفٌ مِنْ قَلَمِ النَّاسِخِ وَذَلِكَ لِأَنَّ ذِكْرَ الْمَفَاخِرِ إذَا كَانَ عَلَى سَبِيلِ التَّفَاخُرِ وَالتَّعَاظُمِ فَهُوَ النَّدْبُ الْمُحَرَّمُ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، وَكَلَامِ ح ل نَفْسِهِ وَالْكَلَامُ هُنَا فِي النَّعِيِّ الْمَكْرُوهِ فَلَعَلَّ أَصْلَ الْعِبَارَةِ مَا لَمْ يَكُنْ تَفَاخُرًا وَتَعَاظُمًا وَإِلَّا فَيَحْرُمُ شَيْخُنَا وَقَالَ: بَعْضُهُمْ قَوْلُهُ: وَذِكْرُ مَآثِرِهِ أَيْ بِغَيْرِ صِيغَةِ نُدْبَةٍ فَلَا يُنَافِي تَحْرِيمَ النَّدْبِ الْآتِيَ لِأَنَّهُ ذِكْرُ الْمَحَاسِنِ مَعَ صِيغَةِ نُدْبَةٍ كَوَاكَهْفَاهُ، وَالْمَآثِرُ جَمْعُ مَأْثَرَةٍ بِالْفَتْحِ وَهِيَ الْمَكْرُمَةُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُكْرَهُ) أَيْ: إذَا كَانَ صَادِقًا فِيمَا يَقُولُهُ أَمَّا مَا يَقَعُ الْآنَ مِنْ الْمُبَالَغَةِ فِي وَصْفِهِ مِنْ الْمُعْلِمِ بِمَوْتِهِ بِالْأَوْصَافِ الْكَاذِبَةِ فَحَرَامٌ يَجِبُ إنْكَارُهُ ع ش.

[فَصْلٌ فِي تَكْفِينِ الْمَيِّتِ وَحَمْلِهِ]
(فَصْلٌ: فِي تَكْفِينِ الْمَيِّتِ) أَيْ: كَيْفِيَّتِهِ وَمَا يُكَفَّنُ بِهِ وَحَمْلِهِ أَيْ: وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ وَمُحَلُّ تَجْهِيزِهِ تَرِكَةٌ وَكَقَوْلِهِ وَالْمَشْيُ وَبِأَمَامِهَا وَقُرْبِهَا أَفْضَلُ إلَى آخِرِ الْفَصْلِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ غُسْلِهِ) أَيْ: طُهْرِهِ فَيَشْمَلُ التَّيَمُّمَ فَالتَّعْبِيرُ بِالْغُسْلِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ. قَالَ: ع ش عَلَى م ر مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ كُفِّنَ قَبْلَ طُهْرِهِ ثُمَّ صُبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ لِغُسْلِهِ لَمْ يَجُزْ وَلَكِنَّهُ يُعْتَدُّ بِهِ وَيَحْتَمِلُ كَوْنُهُ بَعْدَ طُهْرِهِ أَوْلَى فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: بِمَا لَهُ لُبْسُهُ) أَيْ: مِمَّا يَجُوزُ لَهُ لُبْسُهُ لَا لِحَاجَةٍ فَلَا يُكَفَّنُ بِالْحَرِيرِ مَنْ لَبِسَهُ لِحَكَّةٍ أَوْ قَمْلٍ بِخِلَافِ مَنْ لَبِسَهُ لِضَرُورَةِ الْقِتَالِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِهِ م ر. وَيُقَدَّمُ الْحَرِيرُ عَلَى الْجِلْدِ وَهُوَ عَلَى الْحَشِيشِ وَهُوَ عَلَى الطِّينِ، وَكُلُّ كَفَنٍ نَقَصَ عَنْ جَمِيعِ الْبَدَنِ تُمِّمَ مِمَّا بَعْدَهُ وَيُكَفَّنُ بِالنَّجِسِ بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ عَارِيًّا إنْ لَمْ يُوجَدْ نَحْوُ طِينٍ وَسِتْرُ التَّابُوتِ كَالتَّكْفِينِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَنَقَلَ ح ل عَنْ شَيْخِهِ تَقْدِيمَ الْحِنَّاءِ الْمَعْجُونَةِ عَلَى الطِّينِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الرَّجُلِ إلَخْ) أَيْ: فَلَا يَجُوزُ تَكْفِينُهُمَا فِي وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ أَمَّا فِي الْحَرِيرِ وَالْمُزَعْفَرِ فَمُسَلَّمٌ وَأَمَّا فِي الْمُعَصْفَرِ فَمَمْنُوعٌ لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ كَرَاهَتُهُ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ تَبِعَ فِيهِ الْبَيْهَقِيَّ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ الشَّهِيدُ إذَا لَبِسَ الْحَرِيرَ لِحَكَّةٍ أَوْ جَرَبٍ ثُمَّ مَاتَ فَإِنَّهُ يُكَفَّنُ فِيهِ بِخِلَافِ غَيْرِ الشَّهِيدِ إذَا لَبِسَ.

(1/463)


غَيْرُهَا وَيُعْتَبَرُ فِيهِ حَالُ الْمَيِّتِ فَإِنْ كَانَ مُكْثِرًا فَمِنْ جِيَادِ الثِّيَابِ، أَوْ مُتَوَسِّطًا فَمِنْ مُتَوَسِّطِهَا أَوْ مُقِلًّا فَمِنْ خَشِنِهَا، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ جَوَازُ تَكْفِينِ الصَّبِيِّ بِالْحَرِيرِ وَجَوَازُ التَّكْفِينِ بِالْمُتَنَجِّسِ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ مَنْعُ الثَّانِي مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الطَّاهِرِ وَإِنْ جَوَّزْنَا لُبْسَهُ لِلْحَيِّ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا. (وَكُرِهَ مُغَالَاةٌ فِيهِ) لِخَبَرِ «لَا تُغَالُوا فِي الْكَفَنِ فَإِنَّهُ يُسْلَبُ سَرِيعًا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ (وَ) كُرِهَ (لِأُنْثَى نَحْوُ مُعَصْفَرٍ) مِنْ حَرِيرٍ وَمُزَعْفَرٍ لِمَا فِيهِ مِنْ الزِّينَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
الْحَرِيرَ لِحَكَّةٍ أَوْ جَرَبٍ ثُمَّ مَاتَ فَإِنَّهُ يُنْزَعُ مِنْهُ لِانْتِهَاءِ حَاجَتِهِ بِمَوْتِهِ وَلَمْ يَخْلُفْهَا شَيْءٌ آخَرُ بِخِلَافِ الشَّهِيدِ فَإِنَّهُ وَإِنْ انْتَهَتْ حَاجَتُهُ بِمَوْتِهِ لَكِنْ خَلَفَهَا شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ اسْتِحْبَابُ تَكْفِينِهِ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي مَاتَ فِيهَا وَبَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ عَدَمَ الِاكْتِفَاءِ بِالطِّينِ عِنْدَ وُجُودِ غَيْرِهِ وَلَوْ حَشِيشًا وَإِنْ اكْتَفَى بِهِ فِي الْحَيَاةِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِزْرَاءِ بِالْمَيِّتِ ح ل وَمَا يَقَعُ مِنْ جَعْلِ الْحِنَّاءِ فِي يَدَيْ الْمَيِّتِ وَرِجْلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْرُمَ ذَلِكَ فِي الرِّجَالِ لِحُرْمَتِهِ عَلَيْهِمْ فِي الْحَيَاةِ وَيُكْرَهُ فِي النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَيُعْتَبَرُ فِيهِ حَالُ الْمَيِّتِ) فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ وَقَالَ الْعَنَانِيُّ قَوْلُهُ: وَيُعْتَبَرُ أَيْ: وُجُوبًا وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ تَكْفِينُهُ فِي غَيْرِ اللَّائِقِ بِهِ لِأَنَّهُ إزْرَاءٌ بِهِ وَهُوَ حَرَامٌ قَالَهُ الشَّيْخُ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا هُوَ أَظْهَرُ فِي خِلَافِهِ وَلَا وَجْهَ فَلْيُتَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: فَمِنْ جِيَادِ الثِّيَابِ) وَإِنْ كَانَ مُقَتِّرًا عَلَى نَفْسِهِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظِيرِهِ فِي الْمُفْلِسِ بِأَنَّ ذَاكَ يُنَاسِبُهُ إلْحَاقُ الْعَارِ بِهِ الَّذِي رَضِيَهُ لِنَفْسِهِ لَعَلَّهُ يَنْزَجِرُ عَنْ مِثْلِ فِعْلِهِ بِخِلَافِ الْمَيِّتِ ح ل (قَوْلُهُ: فَمِنْ خَشِنِهَا) أَيْ: قَلِيلِ الْقِيمَةِ أَيْ: وَإِنْ اعْتَادَ الْجِيَادَ فِي حَيَاتِهِ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: تَكْفِينِ الصَّبِيِّ) أَيْ: وَالْمَجْنُونِ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: مُنِعَ الثَّانِي مَعَ الْقُدْرَةِ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ: مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الطَّاهِرِ أَيْ: وَلَوْ حَرِيرًا فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَيَقْتَصِرُ فِيهِ عَلَى ثَوْبٍ وَاحِدٍ كَمَا قَالَهُ سم وَإِذَا عَجَزَ عَنْ الطَّاهِرِ كُفِّنَ بِالْمُتَنَجِّسِ وَيُنْزَعُ مِنْهُ حَالَ الصَّلَاةِ.
(قَوْلُهُ: وَكُرِهَ مُغَالَاةٌ فِيهِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْوَارِثُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ أَوْ غَائِبًا أَوْ كَانَ الْمَيِّتُ مُفْلِسًا حَرُمَتْ الْمُغَالَاةُ مِنْ التَّرِكَةِ شَرْحُ م ر شَوْبَرِيٌّ، وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ الْبَغَوِيّ: وَلَوْ كَفَّنَهُ أَحَدُ الْوَرَثَةِ مِنْ التَّرِكَةِ وَأَسْرَفَ فَعَلَيْهِ غُرْمُ حِصَّةِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ فَلَوْ قَالَ: أَخْرِجُوا الْمَيِّتَ مِنْ الْقَبْرِ وَخُذُوهُ أَيْ: الْكَفَنَ لَمْ يَلْزَمْهُمْ ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُمْ نَبْشُ الْمَيِّتِ إذَا كَانَ الْكَفَنُ مُرْتَفِعَ الْقِيمَةِ وَإِنْ زَادَ فِي الْعَدَدِ فَلَهُمْ النَّبْشُ وَإِخْرَاجُ الزَّائِدِ قَالَ: الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الزَّائِدُ عَلَى الثَّلَاثِ فَإِنْ قُلْت: مَا الْفَرْقُ بَيْنَ مُرْتَفِعِ الْقِيمَةِ وَالزِّيَادَةِ عَلَى الثَّلَاثِ حَتَّى جَازَ النَّبْشُ فِي الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ؟ قُلْت الزِّيَادَةُ فِي الثَّانِي أَصْلٌ مُتَمَيِّزَةٌ فِي نَفْسِهَا بِخِلَافِ الْأُولَى فَهِيَ تَابِعَةٌ وَغَيْرُ مُتَمَيِّزَةٍ، وَاحْتُرِزَ بِالْمُغَالَاةِ عَنْ تَحْسِينِهِ فِي بَيَاضِهِ وَنَظَافَتِهِ وَسُبُوغَتِهِ فَإِنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا كَفَّنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُحْسِنْ كَفَنَهُ» أَيْ: يَتَّخِذُهُ أَبْيَضَ نَظِيفًا سَابِغًا وَلِخَبَرِ «حَسِّنُوا أَكْفَانَ مَوْتَاكُمْ فَإِنَّهُمْ يَتَزَاوَرُونَ بِهَا فِي قُبُورِهِمْ» فَإِنْ قِيلَ ظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ اسْتِمْرَارُ الْأَكْفَانِ حَالَ تَزَاوُرِهِمْ، وَقَدْ يُنَافِي ذَلِكَ مَا مَرَّ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ يُسْلَبُ سَرِيعًا قُلْت: يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ يُسْلَبُ سَلْبًا سَرِيعًا بِاعْتِبَارِ الْحَالَةِ الَّتِي نُشَاهِدُهَا كَتَغَيُّرِ الْمَيِّتِ، وَأَنَّهُمْ إذَا تَزَاوَرُوا يَكُونُ عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي دُفِنُوا بِهَا وَأُمُورُ الْآخِرَةِ لَا يُقَاسُ عَلَيْهَا ع ش عَلَى م ر.
وَقَالَ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُسْلَبُ سَرِيعًا اُنْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «حَسِّنُوا أَكْفَانَ مَوْتَاكُمْ فَإِنَّ الْمَوْتَى تَتَبَاهَى بِأَكْفَانِهِمْ» وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُبَاهَاةَ إمَّا قَبْلَ الْبِلَى أَوْ بَعْدَ إعَادَتِهَا فَقَدْ وَرَدَ أَنَّهَا تَعُودُ لَهُمْ بَعْدَ قِيَامِهِمْ مِنْ قُبُورِهِمْ ثُمَّ تُسْلَبُ عَنْهُمْ عِنْدَ الْمَحْشَرِ، وَنُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ س ل وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَجُوزُ تَكْفِينُ الْمَرْأَةِ وَدَفْنُهَا فِي ثِيَابِهَا الْمُثَمَّنَةِ وَلَوْ بِمَا يُسَاوِي أُلُوفًا مِنْ الذَّهَبِ كَالْبِشْتِ الْمُزَرْكَشِ بِالذَّهَبِ وَفِي صِيغَتِهَا كَذَلِكَ وَلَا يَحْرُمُ مِنْ جِهَةِ إضَاعَةِ الْمَالِ لِأَنَّ مَحَلَّ الْحُرْمَةِ إذَا لَمْ تَكُنْ لِغَرَضٍ وَهُوَ هُنَا إكْرَامُ الْمَيِّتِ وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ الْمَوْتَى تَتَبَاهَى بِأَكْفَانِهِمْ وَأَيْضًا فَفِي هَذَا تَسْكِينٌ لِلْحُزْنِ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ مَثَلًا إذَا رَأَتْ مَتَاعَ بِنْتِهَا بَعْدَ مَوْتِهَا يَشْتَدُّ حُزْنُهَا، وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ فِي الْوَرَثَةِ قَاصِرٌ وَأَنْ تَتَّفِقَ الْوَرَثَةُ عَلَى ذَلِكَ وَأَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهَا دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُسْلَبُ) أَيْ: يَبْلَى فِي الْقَبْرِ كَمَا تَبْلَى الْأَجْسَادُ فَإِذَا أُعِيدَتْ الْأَجْسَادُ عَادَتْ الْأَكْفَانُ عِنْدَ الْقِيَامِ مِنْ الْقُبُورِ وَالذَّهَابِ إلَى الْمَحْشَرِ فَيَحْصُلُ التَّبَاهِي بِالْأَكْفَانِ فَإِذَا وَصَلُوا إلَى الْمَحْشَرِ تَسَاقَطَتْ الْأَكْفَانُ وَحُشِرُوا حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا أَيْ: غَيْرَ مَخْتُونِينَ ثُمَّ عِنْدَ السَّوْقِ إلَى الْجَنَّةِ يُكْسَوْنَ بِحُلَلِ الْجَنَّةِ وَأَوَّلُ مَنْ يُكْسَى.

(1/464)


وَالتَّقْيِيدُ بِالْأُنْثَى مَعَ ذِكْرِ نَحْوُ مِنْ زِيَادَتِي.

(وَأَقَلُّهُ) أَيْ الْكَفَنِ (ثَوْبٌ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ) كَالْحَيِّ فَيَخْتَلِفُ قَدْرُهُ بِالذُّكُورَةِ وَغَيْرِهَا (وَلَوْ أَوْصَى بِإِسْقَاطِهِ) لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى بِخِلَافِ الزَّائِدِ عَلَيْهِ الْآتِي ذِكْرُهُ فَإِنَّهُ حَقٌّ لِلْمَيِّتِ بِمَثَابَةِ مَا يُجَمَّلُ بِهِ الْحَيُّ فَلَهُ مَنْعُهُ، فَإِذَا أَوْصَى بِسَاتِرِ الْعَوْرَةِ كُفِّنَ بِسَاتِرِهَا لَا بِسَاتِرِ كُلِّ الْبَدَنِ عَلَى الْأَصَحِّ فَإِنَّ ذَلِكَ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ فِي التَّكْفِينِ سَتْرُ كُلِّ الْبَدَنِ لَا سَتْرُ الْعَوْرَةِ وَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى وُجُوبِ سَاتِرِ كُلِّ الْبَدَنِ فِيمَا لَوْ قَالَ الْوَرَثَةُ يُكَفَّنُ بِهِ وَالْغُرَمَاءُ بِسَاتِرِ الْعَوْرَةِ لَيْسَ لِكَوْنِهِ وَاجِبًا فِي التَّكْفِينِ بَلْ لِكَوْنِهِ حَقًّا لِلْمَيِّتِ فَيُقَدَّمُ بِهِ عَلَى الْغُرَمَاءُ وَلَمْ يُسْقِطْهُ عَلَى أَنَّ فِي هَذَا الِاتِّفَاقِ نِزَاعًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَبِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ فَهُوَ مَعَ حَمْلِهِ عَلَى مَا قُلْنَا مُسْتَثْنًى لِتَأَكُّدِ أَمْرِهِ، وَإِلَّا فَقَدْ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنَّ لِلْغُرَمَاءِ مَنْعَ مَا يُصْرَفُ فِي الْمُسْتَحَبِّ وَلَوْ لَمْ يُوصِ بِمَا ذُكِرَ وَاخْتَلَفَ الْوَرَثَةُ فِي تَكْفِينِهِ بِثَوْبٍ أَوْ ثَلَاثَةٍ أَوَاتَّفَقُوا عَلَى ثَوْبٍ أَوْ كَانَ فِيهِمْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ كُفِّنَ بِثَلَاثَةٍ. (وَأَكْمَلُهُ لِذَكَرٍ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
إبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَمَا فِي حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ ز ي بِتَصَرُّفٍ

(قَوْلُهُ: أَيْ: الْكَفَنِ) لِرَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ سَاتِرِ جَمِيعِ الْبَدَنِ إلَّا رَأْسَ الْمُحْرِمِ وَوَجْهَ الْمُحْرِمَةِ ح ل. (تَنْبِيهٌ) .
حُكْمُ الذِّمِّيِّ فِي الْكَفَنِ حُكْمُ الْمُسْلِمِ حَتَّى لَوْ مَاتَ وَلَا وَارِثَ لَهُ يُكَفَّنُ بِثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ وَإِنْ كَانَ مَالُهُ فَيْئًا أَيْ: حَيْثُ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَلَا وَصِيَّةَ بِإِسْقَاطِ شَيْءٍ مِنْهَا شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ) أَيْ: فِي الصَّلَاةِ فَإِذَا سُتِرَتْ الْعَوْرَةُ سَقَطَ الْحَرَجُ حِينَئِذٍ عَنْ الْمُسْلِمِينَ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَبَقِيَ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ مُتَعَلِّقًا بِالْوَرَثَةِ إنْ كَانَ هُنَاكَ تَرِكَةٌ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى رَأْيِهِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَجِبُ سَتْرُ جَمِيعِ الْبَدَنِ وَمَحَلُّهُ إنْ كُفِّنَ مِنْ غَيْرِ التَّرِكَةِ أَوْ مِنْهَا وَهُنَاكَ دَيْنٌ وَلَمْ تُجِزْ الْغُرَمَاءُ وَإِلَّا وَجَبَ ثَلَاثٌ ز ي (قَوْلُهُ: بِالذُّكُورَةِ إلَخْ) أَيْ: لَا بِالرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ، فَيَجِبُ فِي الْمَرْأَةِ مَا يَسْتُرُ بَدَنَهَا إلَّا وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً لِزَوَالِ الرِّقِّ بِالْمَوْتِ وَوُجُوبِ سَتْرِ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ لَيْسَ لِكَوْنِهِمَا عَوْرَةً بَلْ لِكَوْنِ النَّظَرِ إلَيْهِمَا يُوقِعُ فِي الْفِتْنَةِ غَالِبًا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَوْصَى بِإِسْقَاطِهِ) أَيْ: فَإِنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِإِيصَائِهِ وَقَوْلُهُ: لَا بِسَاتِرِ كُلِّ الْبَدَنِ أَيْ: لَا يَجِبُ ذَلِكَ وَيَسْقُطُ الْحَرَجُ عَنْ الْوَرَثَةِ كَبَاقِي الْأُمَّةِ عَلَى كَلَامِهِ وَقَوْلُهُ: فَإِنَّ ذَلِكَ أَيْ: الْقَوْلَ بِأَنَّهُ يُكَفَّنُ بِسَاتِرِ كُلِّ الْبَدَنِ حِينَئِذٍ أَيْ: حِينَ إذْ أَوْصَى بِسَاتِرِ الْعَوْرَةِ هَذَا وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا أَنَّ أَقَلَّ الْكَفَنِ ثَوْبٌ يَسْتُرُ جَمِيعَ الْبَدَنِ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَإِنْ أَوْصَى بِالِاقْتِصَارِ عَلَى سَاتِرِ الْعَوْرَةِ لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى سَتْرِ الْعَوْرَةِ لَيْسَ مَحْضَ حَقِّ الْمَيِّتِ بَلْ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى أَيْضًا فَلَمْ يَمْلِكْ إسْقَاطَهُ كَمَا أَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ مَحْضُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَمَا زَادَ عَلَى الثَّوْبِ مِنْ الثَّانِي وَالثَّالِثِ مَحْضُ حَقِّ الْمَيِّتِ فَلَهُ إسْقَاطُهُ ح ل وم ر (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى) أَيْ: فَقَطْ وَلَا حَقَّ لِلْمَيِّتِ فِيهِ بِاتِّفَاقٍ وَقَوْلُهُ: فَإِنَّهُ حَقٌّ لِلْمَيِّتِ فَقَطْ وَلَا حَقَّ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى وَهَذَا عَلَى طَرِيقَتِهِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَلِلْمَيِّتِ مَعًا م ر (قَوْلُهُ: وَمَا فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ) هَذَا وَارِدٌ عَلَى مَا تَضَمَّنَهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّ الزَّائِدَ عَلَى الْعَوْرَةِ مَنْدُوبٌ أَيْ: وَالْقَاعِدَةُ إجَابَةُ الْغُرَمَاءِ فِي مَنْعِ الْمَنْدُوبِ وَكُلٌّ مِنْ الْمَبْنِيِّ وَالْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ ضَعِيفٌ، وَقَدْ أَجَابَ بِقَوْلِهِ لَيْسَ لِكَوْنِهِ إلَخْ وَهَذَا الْجَوَابُ لَا يُعْقَلُ إلَّا بِمُلَاحَظَةِ الِاسْتِثْنَاءِ الْآتِي فَجَعْلُهُمَا جَوَابَيْنِ فِيهِ تَسَمُّحٌ قَالَ: اط ف وَغَرَضُهُ مِنْ قَوْلِهِ وَمَا فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ تَأْيِيدُ طَرِيقَتِهِ مِنْ وُجُوبِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ فَقَطْ فِي التَّكْفِينِ اهـ.
(قَوْلُهُ: لَيْسَ لِكَوْنِهِ) أَيْ: سَاتِرِ كُلِّ الْبَدَنِ وَاجِبًا فِي التَّكْفِينِ أَيْ: لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بَلْ لِكَوْنِهِ حَقًّا لِلْمَيِّتِ أَيْ: مُتَمَحَّضًا لَحِقَهُ عِنْدَ الشَّارِحِ وَيَتَوَقَّفُ سُقُوطُهُ عَلَى إسْقَاطِهِ عِنْدَ الشَّارِحِ لِكَوْنِهِ مَحْضَ حَقِّهِ ح ل. (قَوْلُهُ: مَعَ حَمْلِهِ عَلَى مَا قُلْنَا) أَيْ: مِنْ أَنَّهُ حَقُّهُ لَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَإِيضَاحُ هَذَا أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْعَوْرَةِ صَارَ بِمَثَابَةِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا وَاجِبٌ لِحَقِّهِ وَلِلْغُرَمَاءِ مَنْعُهُمَا فَكَانَ الْقِيَاسُ أَنَّ لَهُمْ مَنْعَ هَذَا أَيْضًا فَيُقَالُ فِي جَوَابِهِ هُوَ مُسْتَثْنًى لِتَأَكُّدِ أَمْرِهِ ح ل (قَوْلُهُ: مُسْتَثْنًى) أَيْ: مِنْ قَاعِدَةِ إجَابَةِ الْغُرَمَاءِ فِي مَنْعِ الْمَنْدُوبِ وَهَذَا مِنْهُ عَلَى طَرِيقَتِهِ فَيُسْتَثْنَى مِنْ الْمَنْدُوبِ سَاتِرُ بَقِيَّةِ الْبَدَنِ فَتُجَابُ فِيهِ الْوَرَثَةُ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا أَيْ: وَإِلَّا يَكُنْ مُسْتَثْنًى فَلَا يَصِحُّ دَعْوَى الِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّهُ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ أَيْ: لِأَنَّ مَا جَزَمَ بِهِ يُنَافِي هَذَا الِاتِّفَاقَ الْمَفْرُوضَ صِحَّتُهُ تَأَمَّلْ، فَجَوَابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ وَأُقِيمَتْ عِلَّتُهُ مَقَامَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يُوصِ بِمَا ذَكَرَ) أَيْ: بِسَاتِرِ الْعَوْرَةِ فَقَطْ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ فَإِذَا أَوْصَى بِسَاتِرِ الْعَوْرَةِ أَيْ: وَلَوْ انْتَفَتْ وَصِيَّتُهُ بِالِاقْتِصَارِ عَلَى سَاتِرِ الْعَوْرَةِ وَلَوْ هُنَا لَيْسَتْ امْتِنَاعِيَّةً بَلْ هِيَ لِمُجَرَّدِ التَّعْلِيقِ وَهَذَا أَعْنِي قَوْلَهُ وَلَوْ لَمْ يُوصِ إلَى قَوْلِهِ كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةٍ تَقْيِيدٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ: يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ بِمَا إذَا أَوْصَى بِمَنْعِ الزَّائِدِ عَلَى سَتْرِ الْعَوْرَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ وَإِذَا أَوْصَى بِسَاتِرِ الْعَوْرَةِ أَيْ: فَقَطْ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يُوصِ بِذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ أَوْ كَانَ وَأَجَازَتْ الْغُرَمَاءُ الثَّانِيَ وَالثَّالِثَ وَجَبَ ثَلَاثَةٌ وَإِلَّا وَجَبَ وَاحِدٌ فَقَطْ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَمَا زَادَ عَلَى الثَّوْبِ مَحْضُ حَقِّ الْمَيِّتِ فَلَهُ إسْقَاطُهُ فَلَوْ مَاتَ وَلَمْ يُوصِ بِذَلِكَ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ وَهِيَ أَوْضَحُ اهـ (قَوْلُهُ: وَأَكْمَلُهُ لِذَكَرٍ ثَلَاثَةٌ) إنْ قُلْت الثَّلَاثَةُ وَاجِبَةٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ سَابِقًا.

(1/465)


وَلَوْ صَغِيرًا (ثَلَاثَةٌ) يَعُمُّ كُلٌّ مِنْهَا الْبَدَنَ غَيْرَ رَأْسِ الْمُحْرِمِ لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ: قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - «كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ يَمَانِيَةٍ بِيضٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ» (وَجَازَ أَنْ يُزَادَ تَحْتَهَا قَمِيصٌ وَعِمَامَةٌ) كَمَا فَعَلَهُ ابْنُ عُمَرَ بِابْنٍ لَهُ، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ (وَ) أَكْمَلُهُ (لِغَيْرِهِ) أَيْ لِغَيْرِ الذَّكَرِ مِنْ الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى الْمَزِيدِ عَلَى الْأَصْلِ خَمْسَةٌ. (إزَارٌ فَقَمِيصٌ فَخِمَارٌ فَلِفَافَتَانِ) «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَفَّنَ فِيهَا ابْنَتَهُ أُمَّ كُلْثُومٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْإِزَارُ وَالْمِئْزَرُ مَا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ وَالْخِمَارُ مَا يُغَطَّى بِهِ الرَّأْسُ، وَلَيْسَتْ الْخَمْسَةُ فِي حَقِّ غَيْرِ الذَّكَرِ كَالثَّلَاثَةِ فِي حَقِّ الذَّكَرِ حَتَّى تُجْبَرَ الْوَرَثَةُ عَلَيْهَا كَمَا تُجْبَرَ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْخَمْسَةِ فِي الذَّكَرِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّهَا سَرَفٌ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَوْ قِيلَ بِتَحْرِيمِهَا لَمْ يَبْعُدْ وَبِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الْأَصَحُّ الْمُخْتَارُ وَذِكْرُ التَّرْتِيبِ فِي الْمَذْكُورَاتِ مِنْ زِيَادَتِي (وَمَنْ كُفِّنَ) مِنْ ذَكَرٍ أَوْ غَيْرِهِ (بِثَلَاثَةٍ فَهِيَ لَفَائِفُ) بِوَصْفِهَا السَّابِقِ.

(وَسُنَّ) كَفَنٌ (أَبْيَضُ) لِخَبَرِ: «الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمْ الْبَيَاضَ فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ (وَمَغْسُولٌ) لِأَنَّهُ لِلصَّدِيدِ وَالْحَيُّ أَحَقُّ بِالْجَدِيدِ كَمَا قَالَهُ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (وَأَنْ يَبْسُطَ أَحْسَنَ اللَّفَائِفِ وَأَوْسَعَهَا) إنْ تَفَاوَتَتْ حُسْنًا وَسَعَةً كَمَا يُظْهِرُ الْحَيُّ أَحْسَنَ ثِيَابه وَأَوْسَعَهَا (وَالْبَاقِي) مِنْ لِفَافَتَيْنِ أَوْ لِفَافَةٍ (فَوْقَهَا وَ) أَنْ (يُذَرَّ) بِمُعْجَمَةٍ فِي غَيْرِ الْمُحْرِمِ (عَلَى كُلٍّ) مِنْ اللَّفَائِفِ قَبْلَ وَضْعِ الْأُخْرَى عَلَيْهَا (وَ) عَلَى (الْمَيِّتِ حَنُوطٌ) بِفَتْحِ الْحَاءِ نَوْعٌ مِنْ الطِّيبِ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْكَافُورُ، وَذَرِيرَةُ الْقَصَبِ وَالصَّنْدَلُ الْأَحْمَرُ وَالْأَبْيَضُ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ الْهَوَامَّ وَيَشُدُّ الْبَدَنَ وَيُقَوِّيَهُ، وَيُسَنُّ تَبْخِيرُ الْكَفَنِ بِالْعُودِ أَوَّلًا (وَ) أَنْ (يُوضَعَ) الْمَيِّتُ (فَوْقَهَا) بِرِفْقٍ (مُسْتَلْقِيًا) عَلَى ظَهْرِهِ (وَ) أَنْ (تُشَدَّ أَلْيَاهُ) بِخِرْقَةٍ بَعْدَ أَنْ يُدَسَّ بَيْنَهُمَا قُطْنٌ عَلَيْهِ حَنُوطٌ. (وَأَنْ يُجْعَلَ عَلَى مَنَافِذِهِ) كَعَيْنَيْهِ وَمَنْخَرَيْهِ وَأُذُنَيْهِ وَعَلَى مَسَاجِدِهِ كَجَبْهَتِهِ (قُطْنٌ) عَلَيْهِ حَنُوطٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
وَلَوْ لَمْ يُوصِ بِمَا ذَكَرَ إلَخْ فَكَيْفَ يَجْعَلُهَا هُنَا أَكْمَلَ؟ فَالْجَوَابُ أَنَّهَا أَكْمَلُ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا الْمَذْكُورَةِ بِقَوْلِهِ وَجَازَ أَنْ يُزَادَ تَحْتَهَا قَمِيصٌ وَعِمَامَةٌ وَإِلَّا فَهِيَ وَاجِبَةٌ فِي نَفْسِهَا مِنْ التَّرِكَةِ وَتُجْبَرُ الْوَرَثَةُ عَلَيْهَا وَلَا يُعْتَبَرُ رِضَاهُمْ وَلَوْ كَانَ فِيهِمْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ صَغِيرًا) أَيْ: أَوْ مَحْرَمًا اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: يَمَانِيَةٍ) بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ أَيْ: مِنْ قَرْيَةٍ مِنْ الْيَمِينِ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ) أَيْ: أَنَّهُمَا لَيْسَا فِي كَفَنِهِ أَصْلًا كَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ اج عَلَى التَّحْرِيرِ (قَوْلُهُ: وَجَازَ أَنْ يُزَادَ تَحْتَهَا إلَخْ) مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْوَرَثَةُ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ وَرَضُوا بِهِ فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ صَغِيرٌ أَوْ مَجْنُونٌ فَلَا يَجُوزُ (قَوْلُهُ: فَلِفَافَتَانِ) لَا يُنَافِي مَا يَأْتِي أَنَّهُ إذَا كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ لَفَائِفَ؛ لِأَنَّ ذَاكَ إذَا اقْتَصَرَ عَلَى الثَّلَاثَةِ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ لَفَائِفَ ح ل. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَتْ الْخَمْسَةُ فِي حَقِّ غَيْرِ الذَّكَرِ كَالثَّلَاثَةِ فِي حَقِّ الذَّكَرِ) أَيْ: فَلَا تُجْبَرُ الْوَرَثَةُ عَلَيْهَا وَلَا تَجُوزُ إذَا كَانَ فِيهِمْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فَقَوْلُهُ: حَتَّى تُجْبَرَ الْوَرَثَةُ عَلَيْهَا مُفَرَّعٌ عَلَى الْمَنْفِيِّ فَتَلَخَّصَ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ وَمِنْ عِبَارَةِ م ر أَنَّ الْخَمْسَةَ فِي حَقِّ الرَّجُلِ وَغَيْرِهِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ فَلَا تَجُوزُ إلَّا بِرِضَا الْوَرَثَةِ وَلَا تَجُوزُ إذَا كَانَ فِيهِمْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ وَأَنَّ الثَّلَاثَةَ فِي حَقِّ الرَّجُلِ وَغَيْرِهِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ فَتُجْبَرُ الْوَرَثَةُ عَلَيْهَا وَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى رُشْدِهِمْ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْخَمْسَةِ) إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْوَرَثَةِ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ وَإِلَّا حَرُمَتْ وَقَوْلُهُ: وَلَوْ قِيلَ بِتَحْرِيمِهَا مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ رِضَا الْوَرَثَةِ أَوْ عَلَى مَا إذَا كَانَ فِيهِمْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ: وَلَوْ قِيلَ إلَخْ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ لَا حُرْمَةَ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى الْخَمْسَةِ لِأَنَّهُ لِغَرَضٍ شَرْعِيٍّ وَهُوَ إكْرَامُ الْمَيِّتِ. (قَوْلُهُ: بِوَصْفِهَا السَّابِقِ) أَيْ: يَعُمُّ كُلٌّ مِنْهَا الْبَدَنَ.

(قَوْلُهُ: وَسُنَّ أَبْيَضُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ ذِمِّيًّا وَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِ الْأَبْيَضِ الْآنَ لَمْ يَبْعُدْ لِمَا فِي التَّكْفِينِ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْإِزْرَاءِ لَكِنَّ إطْلَاقَهُمْ يُخَالِفُهُ وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنَّ ذَلِكَ جَارٍ وَلَوْ أَوْصَى بِغَيْرِ الْأَبْيَضِ لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَالْوَصِيَّةُ بِهِ لَا تُنَفَّذُ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَمَغْسُولٌ) أَيْ: قَدِيمُ مَغْسُولٍ أَيْ: فَيُسَنُّ أَنْ يَكُونَ الْكَفَنُ مَلْبُوسًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَالْحَيُّ أَحَقُّ بِالْجَدِيدِ (قَوْلُهُ: حُسْنًا وَسَعَةً) لَوْ تَعَارَضَا الْحُسْنُ وَالسَّعَةُ يَنْبَغِي تَقْدِيمُ الثَّانِي ع ش وس ل. (قَوْلُهُ: مِنْ لِفَافَتَيْنِ) أَيْ: فِي تَكْفِينِ الذَّكَرِ وَقَوْلُهُ: أَوْ لِفَافَةٍ أَيْ: فِي تَكْفِينِ غَيْرِ الذَّكَرِ مِنْ الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَيَدْخُلُ فِيهِ) أَيْ: فِي الْحَنُوطِ أَيْ: فِي تَرْكِيبِهِ إذْ هُوَ شَيْءٌ مُرَكَّبٌ مِنْ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ وَغَيْرِهَا وَالْمُرَادُ بِذَرِيرَةِ الْقَصَبِ وَالصَّنْدَلِ بِنَوْعَيْهِ أَنْوَاعٌ مِنْ الطِّيبِ اهـ (قَوْلُهُ: بِالْعُودِ أَوَّلًا) أَيْ: ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ع ش (قَوْلُهُ: مُسْتَلْقِيًا عَلَى ظَهْرِهِ) وَتُجْعَلُ يَدَاهُ عَلَى صَدْرِهِ وَيُمْنَاهُ عَلَى يُسْرَاهُ أَوْ يُرْسَلَانِ فِي جَنْبَيْهِ أَيُّهُمَا فَعَلَ فَحَسَنٌ أَيْ: فَهُمَا فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُصَلِّي حَيْثُ كَانَ جَعْلُهُمَا عَلَى صَدْرِهِ أَفْضَلَ مِنْ إرْسَالِهِمَا بِأَنْ جَعَلَهُمَا عَلَى صَدْرِهِ ثَمَّ أَبْعَدُ عَنْ الْعَبَثِ بِهِمَا؛ وَلِمَا قِيلَ إنَّهُ إشَارَةٌ إلَى حِفْظِ الْإِيمَانِ وَالْقَبْضِ عَلَيْهِ وَكِلَاهُمَا لَا يَتَأَتَّى هُنَا شَرْحُ م ر وع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَأَنْ تُشَدَّ أَلْيَاهُ) أَيْ: قَبْلَ لَفِّ اللَّفَائِفِ عَلَيْهِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَيُجْعَلُ عَلَى مَنَافِذِهِ قُطْنٌ) أَيْ: دَفْعًا لِلْهَوَامِّ وَعَنْ الْمَنَافِذِ وَقَوْلُهُ: وَعَلَى مَسَاجِدِهِ أَيْ: مَوَاضِعِ سُجُودِهِ إكْرَامًا لَهَا وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ. (قَوْلُهُ: كَجَبْهَتِهِ) أَيْ: وَأَنْفِهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَبَاطِنِ كَفَّيْهِ وَأَصَابِعِ قَدَمَيْهِ.
وَهَلْ يَشْمَلُ

(1/466)


وَتُلَفَّ عَلَيْهِ اللَّفَائِفُ) بِأَنْ يَثْنِيَ أَوَّلًا الَّذِي يَلِي شِقَّهُ الْأَيْسَرَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ يَعْكِسَ ذَلِكَ وَيَجْمَعَ الْفَاضِلَ عِنْدَ رَأْسِهِ وَرِجْلَيْهِ وَيَكُونَ الَّذِي عِنْدَ رَأْسِهِ أَكْثَرَ (وَتُشَدَّ) اللَّفَائِفُ بِشِدَادٍ خَوْفَ الِانْتِشَارِ عِنْدَ الْحَمْلِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُحْرِمًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْجُرْجَانِيُّ (ثُمَّ يُحَلَّ الشِّدَادُ فِي الْقَبْرِ) إذْ يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ فِي الْقَبْرِ شَيْءٌ مَعْقُودٌ وَالتَّصْرِيحُ بِسَنِّ الْبَسْطِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ مَا عَدَا الْحَنُوطَ مِنْ زِيَادَتِي.

(وَمَحَلُّ تَجْهِيزِهِ) مِنْ تَكْفِينٍ وَغَيْرِهِ (تَرِكَةٌ) لَهُ يَبْدَأُ بِهِ مِنْهَا لَكِنْ بَعْدَ الِابْتِدَاءِ بِحَقٍّ تَعَلَّقَ بِعَيْنِهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْفَرَائِضِ (إلَّا زَوْجَةً وَخَادِمَهَا فَ) تَجْهِيزُهُمَا (عَلَى زَوْجٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
الطِّفْلَ الَّذِي لَمْ يُمَيِّزْ نَظَرًا لِمَا فِيهِ مِنْ شَأْنِ النَّوْعِ وَانْظُرْ أَيْضًا عَلَى قِيَاسِهِ الْكَافِرَ إذَا أَسْلَمَ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ سُجُودٌ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الشُّمُولُ لَهُمَا إكْرَامًا لِتِلْكَ الْمَوَاضِعِ سم اط ف وَمِثْلُهُ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَتُلَفُّ عَلَيْهِ اللَّفَائِفُ) هَلْ الْمُرَادُ دَفْعَةً وَاحِدَةً أَوْ وَاحِدَةً وَاحِدَةً؟ قُلْت ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الْحُصُولُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَيُجْمَعُ الْفَاضِلُ عِنْدَ رَأْسِهِ مَا لَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا ح ل (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ مُحْرِمًا) أَيْ: فَيُتْرَكُ الشَّدُّ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ شَدًّا يَمْتَنِعُ فِي حَقِّ الْمُحْرِمِ كَالْعَقْدِ إذْ لَا يَمْتَنِعُ عَلَى الْمُحْرِمِ مُطْلَقُ الشَّدِّ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ بَحْثِ الْإِحْرَامِ فَحَرِّرْهُ سم (قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْجُرْجَانِيُّ) أَيْ: لِأَنَّ شَدَّهَا شَبِيهٌ بِعَقْدِ الْإِزَارِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: ثُمَّ يُحَلُّ الشِّدَادُ) أَيْ: تَفَاؤُلًا بِحِلِّ الشَّدَائِدِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر، وَالْأَوْلَى بِحِلِّ الشِّدَادِ عَنْهُ هُوَ الَّذِي يُلْحِدُهُ إنْ كَانَ مِنْ الْجِنْسِ فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ امْرَأَةً فَالْأَوْلَى أَنَّ الَّذِي يَلِي ذَلِكَ مِنْهَا النِّسَاءُ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِهِ، وَأَنْ يُدْخِلَهُ الْقَبْرَ الْأَحَقُّ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ إلَخْ اط ف.

(قَوْلُهُ: يَبْدَأُ بِهِ مِنْهَا) وَيُقَدَّمُ بِهِ مِنْهَا عَلَى مَالِ الْوَارِثِ أَوْ الْأَجْنَبِيِّ وَإِنْ طَلَبَاهُ، نَعَمْ إنْ رَضِيَ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ بِتَكْفِينِهِ مِنْ مَالِ الْأَجْنَبِيِّ جَازَ وَلَا يَجُوزُ لِلْوَرَثَةِ إبْدَالُهُ وَيَلْزَمُهُمْ رَدُّهُ إنْ أَبْدَلُوهُ إلَّا إنْ عَلِمُوا جَوَازَهُ مِنْ دَافِعِهِ، وَلَوْ سُرِقَ الْكَفَنُ قَبْلَ قِسْمَةِ التَّرِكَةِ وَجَبَ إبْدَالُهُ مِنْهَا أَوْ بَعْدَهَا فَكَذَلِكَ إنْ كُفِّنَ فِي دُونِ ثَلَاثٍ لِأَنَّهُ لَمْ يُوَفِّ حَقَّهُ وَهُوَ الثَّلَاثُ مِنْ التَّرِكَةِ وَإِلَّا فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ لَوْ كَانَ حَيًّا أَوْ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ أَوْ الْمُسْلِمِينَ قَالَهُ شَيْخُنَا م ر. وَظَاهِرٌ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي مِنْ عَدَمِ النَّبْشِ لِلْكَفَنِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ بِسَتْرِهِ بِالتُّرَابِ فَلَا تُنْتَهَكُ حُرْمَتُهُ أَنَّ الصُّورَةَ هُنَا أَنَّ السَّارِقَ أَخَذَ الْكَفَنَ وَلَمْ يَطُمَّ التُّرَابَ أَوْ طَمَّهُ فَنَبَشَ لِغَرَضٍ آخَرَ فَرُئِيَ بِلَا كَفَنٍ حَجّ.
وَفَنَاءُ الْكَفَنِ كَسَرِقَتِهِ إنْ ظَهَرَ مِنْ الْمَيِّتِ شَيْءٌ فَلَوْ فُتِحَ قَبْرٌ فَوُجِدَ الْكَفَنُ قَدْ بَلِيَ وَجَبَ إبْدَالُهُ قَبْلَ سَدِّ الْقَبْرِ وَيَكْفِي وَضْعُهُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ لَفٍّ فِيهِ إنْ لَزِمَ عَلَى لَفِّهِ تَمَزُّقُ الْمَيِّتِ وَإِلَّا لُفَّ فِيهِ، وَلَوْ أَكَلَ الْمَيِّتَ سَبُعٌ مَثَلًا قَبْلَ بِلَى الْكَفَنِ عَادَ لِلْوَرَثَةِ وَإِنْ كَانَ قَدْ كَفَّنَهُ أَجْنَبِيٌّ ق ل عَلَى الْجَلَالِ، وَقَالَ حَجّ: وَلَوْ أَكَلَ الْمَيِّتَ سَبُعٌ فَهُوَ لِلْوَرَثَةِ إلَّا إنْ كَانَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ لَمْ يَنْوِ بِهِ رِفْقَهُمْ بِأَدَاءِ الْوَاجِبِ عَنْهُمْ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ عَارِيَّةٌ لَازِمَةٌ أَيْ: فَيَكُونُ لِصَاحِبِهِ اهـ. وَلَعَلَّ كَلَامَ ق ل مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا نَوَى بِهِ الْإِرْفَاقَ بِهِمْ (قَوْلُهُ: إلَّا زَوْجَةً إلَخْ) وَبَحَثَ جَمْعٌ أَنَّهُ يَكْفِي مَلْبُوسٌ فِيهِ قُوَّةٌ وَقَالَ: بَعْضُهُمْ لَا بُدَّ مِنْ الْجَدِيدِ كَمَا فِي الْحَيَاةِ، وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ إجْزَاءُ قَوِيٍّ يُقَارِبُ الْجَدِيدَ بَلْ إطْلَاقُهُمْ أَوْلَوِيَّةَ الْمَغْسُولِ عَلَى الْجَدِيدِ يُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ، وَهَلْ يَجْرِي ذَلِكَ فِي الْكَفَنِ مِنْ حَيْثُ هُوَ أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ مَا لِلزَّوْجَةِ مُعَاوَضَةٌ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ كَمَا فِي الْحَيَاةِ وَهِيَ فِيهَا إنَّمَا يَجِبُ لَهَا فِي الْجَدِيدِ بِخِلَافِ كِسْوَةِ الْقَرِيبِ لَا يَجِبُ فِيهَا جَدِيدٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِلنَّظَرِ فِيهِ مَجَالٌ، وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُمْ: إنَّ مَنْ لَزِمَهُ تَكْفِينُ غَيْرِهِ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ وَإِنَّهَا إمْتَاعٌ لَا تَمْلِيكٌ وَأَنَّهَا لَا تَصِيرُ دَيْنًا عَلَى الْمُعْسِرِ وَأَنَّ الْعِبْرَةَ بِحَالِ الزَّوْجِ دُونَهَا بِخِلَافِ الْحَيَاةِ فِي الْكُلِّ حَجّ وَقَوْلُهُ: وَإِمْتَاعٌ لَا تَمْلِيكٌ أَيْ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ بَعْدَ الْمَوْتِ مُتَعَذِّرٌ وَتَمْلِيكُ الْوَرَثَةِ لَا يَجِبُ فَتَعَيَّنَ الْإِمْتَاعُ وَمَا هُوَ إمْتَاعٌ لَا يَسْتَقِرُّ فِي الذِّمَّةِ وَيَنْبَنِي عَلَى كَوْنِهِ إمْتَاعًا أَنَّهُ لَوْ أَكَلَهَا سَبُعٌ مَثَلًا وَالْكَفَنُ بَاقٍ رَجَعَ لِلزَّوْجِ لَا لِلْوَرَثَةِ اهـ.
وَلَوْ امْتَنَعَ الزَّوْجُ الْمُوسِرُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ كَانَ غَائِبًا فَجَهَّزَ الزَّوْجَةَ الْوَرَثَةُ مِنْ مَالِهَا أَوْ غَيْرِهِ رَجَعُوا عَلَيْهِ بِمَا ذَكَرَ إنْ فَعَلُوهُ بِإِذْنِ حَاكِمٍ يَرَاهُ وَإِلَّا فَلَا، وَقِيَاسُ نَظَائِرِهِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُوجَدْ حَاكِمٌ كَفَى الْمُجَهِّزَ الْإِشْهَادُ عَلَى أَنَّهُ جَهَّزَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لِيَرْجِعَ بِهِ شَرْحُ م ر وَمِثْلُ غَيْبَةِ الزَّوْجِ غَيْبَةُ الْقَرِيبِ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ الْمَيِّتِ فَكَفَّنَهُ شَخْصٌ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَخَادِمَهَا) أَيْ: الْمَمْلُوكَ لَهَا فَإِنْ كَانَ مُكْتَرًى لَهَا لَمْ يَلْزَمْهُ تَجْهِيزُهُ إلَّا إنْ كَانَ مُكْتَرًى بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ يُقَالُ لَنَا شَخْصٌ تَجِبُ مُؤْنَةُ تَجْهِيزِهِ وَلَيْسَ قَرِيبًا وَلَا زَوْجَةً وَلَوْ مَمْلُوكًا ح ل وَلَوْ مَاتَتْ الزَّوْجَةُ وَخَادِمُهَا مَعًا، وَلَمْ يَجِدْ إلَّا تَجْهِيزَ أَحَدِهِمَا فَالْأَوْجَهُ تَقْدِيمُ مَنْ خُشِيَ مِنْ فَسَادِهِ وَإِلَّا فَالزَّوْجَةُ؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ وَالْمَتْبُوعَةُ اهـ. (قَوْلُهُ: فَعَلَى زَوْجٍ) خَرَجَ بِالزَّوْجِ ابْنُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ تَجْهِيزُ زَوْجَةِ أَبِيهِ وَإِنْ لَزِمَتْهُ نَفَقَتُهَا فِي الْحَيَاةِ حَجّ.

(1/467)


غَنِيٍّ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُمَا) بِخِلَافِ الْفَقِيرِ وَمَنْ لَمْ تَلْزَمْهُ نَفَقَتُهُمَا لِنُشُوزٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَكَالزَّوْجَةِ الْبَائِنِ الْحَامِلُ وَالتَّقْيِيدُ بِالْغَنِيِّ مَعَ ذِكْرِ الْخَادِمِ مِنْ زِيَادَتِي. (فَ) إنْ لَمْ تَكُنْ تَرِكَةٌ وَلَا زَوْجٌ غَنِيٌّ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ فَتَجْهِيزُهُ (عَلَى مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ) حَيًّا فِي الْجُمْلَةِ (مِنْ قَرِيبٍ وَسَيِّدٍ) لِلْمَيِّتِ سَوَاءٌ فِيهِ الْأَصْلُ وَالْفَرْعُ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ لِعَجْزِهِ بِالْمَوْتِ وَالْقِنُّ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبُ لِانْفِسَاخِ كِتَابَتِهِ بِمَوْتِهِ (فَ) إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ فَتَجْهِيزُهُ عَلَى (بَيْتِ الْمَالِ) كَنَفَقَتِهِ فِي الْحَيَاةِ (فَ) إنْ تَعَذَّرَ بَيْتُ الْمَالِ فَهُوَ عَلَى (مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ) وَلَا يَلْزَمُهُمْ التَّكْفِينُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَوْبٍ، وَكَذَا إذَا كُفِّنَ مِنْ مَالِ مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ أَوْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ مِنْ مَوْقُوفٍ عَلَى التَّكْفِينِ أَوْ مَنَعَ الْغُرَمَاءُ الْمُسْتَغْرِقُونَ ذَلِكَ، وَذِكْرُ بَيْتِ الْمَالِ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ زِيَادَتِي وَتَعْبِيرِي بِالتَّجْهِيزِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالتَّكْفِينِ

(وَحَمْلُ جِنَازَةٍ) بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ (بِأَنْ يَضَعَهُمَا) رَجُلٌ (عَلَى عَاتِقَيْهِ) وَرَأْسَهُ بَيْنَهُمَا (وَيَحْمِلَ الْمُؤَخَّرَيْنِ رَجُلَانِ) أَحَدُهُمَا مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ وَالْآخَرُ مِنْ الْأَيْسَرِ إذْ لَوْ تَوَسَّطَهُمَا وَاحِدٌ كَالْمُقَدَّمَيْنِ لَمْ يَرَ مَا بَيْنَ قَدَمَيْهِ (أَفْضَلُ مِنْ التَّرْبِيعِ بِأَنْ يَتَقَدَّمَ رَجُلَانِ) يَضَعُ أَحَدُهُمَا الْعَمُودَ الْأَيْمَنَ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ وَالْآخَرُ عَكْسُهُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: غَنِيٌّ) وَيُعْتَبَرُ فِيهِ حَالُ الزَّوْجِ دُونَ الْمَرْأَةِ فَحَالُهَا بَعْدَ الْمَوْتِ مُخَالِفٌ لِحَالِهَا فِي حَيَاتِهَا فِي هَذِهِ وَقَوْلُهُ: غَنِيٌّ وَلَوْ بِمَا خَصَّهُ مِنْ تَرِكَتِهَا، أَوْ بِمَالٍ حَصَلَ لَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ الدَّفْنِ وَالْمُرَادُ بِالْغِنَى غِنَى الْفِطْرَةِ بِأَنْ يَمْلِكَ زِيَادَةً عَلَى كِفَايَةِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ يَصْرِفُهَا فِي التَّجْهِيزِ قَالَهُ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: لِنُشُوزٍ) أَيْ: وَلَوْ حَامِلًا كَمَا فِي اط ف قَالَ: ح ل وَفِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الْمَوْتَ لَا يَقْطَعُ أَثَرَ النُّشُوزِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ نَحْوِهِ كَصِغَرٍ لَا يُحْتَمَلُ مَعَهُ الْوَطْءُ اهـ فَتَجْهِيزُهَا مِنْ مَالِهَا أَوْ مَنْ عَلَيْهَا نَفَقَتُهَا وَكَذَا إنْ أَعْسَرَ عَنْ تَجْهِيزِ الزَّوْجَةِ الْمُوسِرَةِ أَوْ عَنْ تَمَامِهِ جُهِّزَتْ أَوْ تَمَّمَ تَجْهِيزَهَا مِنْ مَالِهَا، وَهَلْ يَشْمَلُ الْقَرْنَاءَ وَالرَّتْقَاءَ وَالْمَرِيضَةَ الَّتِي لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّ نَفَقَةَ مَنْ ذَكَرَ وَاجِبَةٌ عَلَى الزَّوْجِ صَرَّحَ بِهِ ع ش عَلَى م ر. وَلَوْ أَوْصَتْ بِأَنْ تُكَفَّنَ مِنْ مَالِهَا وَهُوَ مُوسِرٌ كَانَتْ وَصِيَّةً لِوَارِثٍ لِأَنَّهَا أَسْقَطَتْ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ حَجّ أَيْ: فَتَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ، وَلَا يَجِبُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ مِنْ تَرِكَةِ الزَّوْجَةِ إذَا كَفَّنَهَا الزَّوْجُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا فِي ع ن وز ي. (قَوْلُهُ: وَكَالزَّوْجَةِ الْبَائِنِ الْحَامِلُ) لِوُجُوبِ نَفَقَتِهَا عَلَيْهِ فِي الْحَيَاةِ وَمِثْلُهَا الرَّجْعِيَّةُ ح ل وَبِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فِي الْجُمْلَةِ) قَيَّدَ بِهِ لِيُدْخِلَ الْوَلَدَ الْكَبِيرَ وَالْمُكَاتَبَ فَتَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ فِيهِ) أَيْ: فِي الْمَيِّتِ الَّذِي وَجَبَ تَجْهِيزُهُ عَلَى قَرِيبِهِ أَوْ سَيِّدِهِ (قَوْلُهُ: وَالْكَبِيرُ) أَيْ: وَإِنْ كَانَ مُكْتَسِبًا وَامْتَنَعَ مِنْ الْكَسْبِ م ر سم (قَوْلُهُ: عَلَى بَيْتِ الْمَالِ) وَتَحْرُمُ الزِّيَادَةُ عَلَى الثَّوْبِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَمِنْ الْمَوْقُوفِ وَالْحَرِيرِ ح ل قَالَ الشَّوْبَرِيُّ وَيُجَهَّزُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَلَوْ ذِمِّيًّا اهـ (قَوْلُهُ: عَلَى مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مَحْجُورِينَ فَعَلَى أَوْلِيَائِهِمْ الْإِخْرَاجُ سم، وَالْمُرَادُ بِالْمُوسِرِ مَنْ يَمْلِكُ كِفَايَةَ سَنَةٍ لِمُمَوِّنِهِ وَإِنْ طَلَبَ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ لِئَلَّا يَتَوَاكَلُوا ع ش (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ كُفِّنَ مِنْ مَالِ إلَخْ) وَمِنْ هَذَا الزَّوْجَةُ فِي حَقِّ الزَّوْجِ الْغَنِيِّ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي تَكْفِينِهَا إلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ وَإِنْ أَيْسَرَ بِالثَّلَاثَةِ وَلَا يَجِبُ بَقِيَّةُ الثَّلَاثَةِ فِي تَرِكَتِهَا، بَلْ يَجُوزُ دَفْنُهَا بِهَذَا الثَّوْبِ نَعَمْ لَوْ أَوْصَتْ بِالثَّوْبِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ فَالْقِيَاسُ صِحَّةُ الْوَصِيَّةِ، وَاعْتِبَارُهَا مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ وَلَيْسَتْ وَصِيَّةً لِوَارِثٍ لِعَدَمِ وُجُوبِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ عَلَى الزَّوْجِ وَإِنَّمَا لَمْ تَكُنْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِعَدَمِ تَعَلُّقِ الْكَفَنِ مُطْلَقًا بِالتَّرِكَةِ مَعَ وُجُودِ الزَّوْجِ الْمُوسِرِ. اهـ. م ر سم عَلَى حَجّ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَيْسَرَ الزَّوْجُ بِبَعْضِ الثَّوْبِ أَوْ لَمْ يُوسِرْ بِشَيْءٍ تَجِبُ بَقِيَّةُ الثَّلَاثَةِ أَوْ كُلُّهَا فِي تَرِكَتِهَا إنْ كَانَتْ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَتَعْبِيرِي بِالتَّجْهِيزِ أَعَمُّ إلَخْ) أَيْ: لِشُمُولِهِ الْكَفَنَ وَالْغُسْلَ وَالْحَنُوطَ وَالْحَمْلَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ بَيْتَ الْمَالِ الْأُمُورُ الْمُسْتَحَبَّةُ مِنْ نَحْوِ حَنُوطٍ وَسِدْرٍ وَغَيْرِهِمَا لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ الْأُمُورُ الْوَاجِبَةُ وَكَذَا لَا يَجِبُ ذَلِكَ عَلَى أَغْنِيَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا عَلَى مَنْ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ. اهـ. اط ف.

(قَوْلُهُ: وَحَمْلُ جِنَازَةٍ إلَخْ) وَلَيْسَ فِي الْحَمْلِ دَنَاءَةٌ وَلَا سُقُوطُ مُرُوءَةٍ بَلْ هُوَ بِرٌّ وَإِكْرَامٌ لِلْمَيِّتِ فَقَدْ فَعَلَهُ بَعْضُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَضَعَهُمَا) أَيْ: الْمُقَدَّمَيْنِ وَقَوْلُهُ: عَلَى عَاتِقَيْهِ تَثْنِيَةُ عَاتِقٍ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبِ وَالْعُنُقِ وَهُوَ مُذَكَّرٌ وَقِيلَ مُؤَنَّثٌ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: إذْ لَوْ تَوَسَّطَهُمَا وَاحِدٌ إلَخْ) أَيْ: وَلَوْ حَمَلَهُ عَلَى رَأْسِهِ خَرَجَ عَنْ الْحَمْلِ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ وَأَدَّى إلَى تَنْكِيسِ رَأْسِ الْمَيِّتِ كَمَا فِي ز ي (قَوْلُهُ: أَفْضَلُ مِنْ التَّرْبِيعِ) قَدْ يُقَالُ إنَّ التَّرْبِيعَ أَسْهَلُ عَلَى الْحَامِلَيْنِ كَمَا عَلَيْهِ الْعَمَلُ الْآنَ. وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ رُبَّمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ اخْتِلَافُ الْحَامِلِينَ مِنْ الْأَمَامِ بِأَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَسْرَعَ مَشْيًا مِنْ الْآخَرِ أَوْ يَذْهَبَ أَحَدُهُمَا إلَى جِهَةِ

(1/468)


وَيَتَأَخَّرَ آخَرَانِ) يَحْمِلَانِ كَذَلِكَ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَمَلَ جِنَازَةَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ» (وَلَا يَحْمِلُهَا) وَلَوْ أُنْثَى (إلَّا رِجَالٌ) لِضَعْفِ النِّسَاءِ عَنْ حَمْلِهَا غَالِبًا وَقَدْ يَنْكَشِفُ مِنْهُنَّ شَيْءٌ لَوْ حَمَلْنَ فَيُكْرَهُ لَهُنَّ حَمْلُهَا وَفِي مَعْنَاهُنَّ الْخَنَاثَى فِيمَا يَظْهَرُ.

(وَحَرُمَ حَمْلُهَا بِهَيْئَةٍ مُزْرِيَةٍ) كَحَمْلِهَا فِي غِرَارَةٍ أَوْ قُفَّةٍ (أَوْ) هَيْئَةٍ (يُخَافُ مِنْهَا سُقُوطُهَا) بَلْ تُحْمَلُ عَلَى سَرِيرٍ أَوْ لَوْحٍ أَوْ نَحْوِهِ فَإِنْ خِيفَ تَغَيُّرُهُ قَبْلَ حُصُولِ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْأَيْدِي وَالرِّقَابِ

(وَالْمَشْيُ وَبِأَمَامِهَا وَقُرْبِهَا) بِحَيْثُ لَوْ الْتَفَتَ لَرَآهَا (أَفْضَلُ) مِنْ الرُّكُوبِ مُطْلَقًا، وَمِنْ الْمَشْيِ بِغَيْرِ أَمَامِهَا وَبِبَعْدِهَا رَوَى ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ «رَأَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَمْشُونَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ» وَرَوَى الْحَاكِمُ خَبَرَ: «الرَّاكِبُ يَسِيرُ خَلْفَ الْجِنَازَةِ وَالْمَاشِي عَنْ يَمِينِهَا وَشِمَالِهَا قَرِيبًا مِنْهَا، وَالسِّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْعَى لِوَالِدَيْهِ بِالْعَافِيَةِ وَالرَّحْمَةِ» ، وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَفِي الْمَجْمُوعِ يُكْرَهُ الرُّكُوبُ فِي الذَّهَابِ مَعَهَا لِغَيْرِ عُذْرٍ وَالْوَاوُ فِي وَبِأَمَامِهَا وَقُرْبِهَا مِنْ زِيَادَتِي.

(وَسُنَّ إسْرَاعٌ بِهَا) لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ: «أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا إلَيْهِ وَإِنْ تَكُ سِوَى ذَلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
الْيَمِينِ وَالْآخَرُ جِهَةَ الشِّمَالِ فَيَحْصُلُ ضَرَرٌ لِلْمَيِّتِ.
(قَوْلُهُ: رَوَى الْبَيْهَقِيُّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَمَلَ جِنَازَةَ إلَخْ) الْمُتَبَادِرُ مِنْهُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَاشَرَ حَمْلَهَا وَلَا مَانِعَ مِنْهُ وَيَجُوزُ أَنَّهُ أَمَرَ بِحَمْلِهَا فَنُسِبَ إلَيْهِ وَقَرَّرَ شَيْخُنَا ح ف الثَّانِيَ، وَقَالَ: لَمْ يَثْبُتْ مُبَاشَرَتُهُ لِحَمْلِهَا بِحَدِيثٍ صَحِيحٍ (قَوْلُهُ: سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ) الَّذِي اهْتَزَّ عَرْشُ اللَّهِ لِمَوْتِهِ كَمَا قَالَ الْقَائِلُ:
وَمَا اهْتَزَّ عَرْشُ اللَّهِ مِنْ أَجْلِ هَالِكِ ... سَمِعْنَا بِهِ إلَّا لِسَعْدٍ أَبِي عَمْرِو
وَفِي الْحَدِيثِ «أَنَّهُ شَيَّعَ جِنَازَتَهُ سَبْعُونَ أَلْفًا مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يَنْجُ مِنْ ضَغْطَةِ الْقَبْرِ» كَمَا فِي الْبِرْمَاوِيِّ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَحْمِلُهَا إلَّا رِجَالٌ) أَيْ: نَدْبًا كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ قَوْلُهُ: فَيُكْرَهُ لَهُنَّ حَمْلُهَا ح ل (قَوْلُهُ: فَيُكْرَهُ لَهُنَّ حَمْلُهَا) فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُنَّ تَعَيَّنَ حَمْلُهُنَّ م ر.

(قَوْلُهُ: وَحَرُمَ حَمْلُهَا إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ لِلذِّمِّيِّ وَجَزَمَ بِهِ سم (فَائِدَةٌ) .
سُئِلَ أَبُو عَلِيٍّ النَّجَّارُ عَنْ وُقُوفِ الْجِنَازَةِ وَرُجُوعِهَا فَقَالَ: يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مَتَى كَثُرَتْ الْمَلَائِكَةُ بَيْنَ يَدَيْهَا رَجَعَتْ أَوْ وَقَفَتْ وَمَتَى كَثُرَتْ خَلْفَهَا أَسْرَعَتْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِلَوْمِ النَّفْسِ لِلْجَسَدِ وَلَوْمِ الْجَسَدِ لِلنَّفْسِ يَخْتَلِفُ حَالُهَا تَارَةً تَتَقَدَّمُ وَتَارَةً تَتَأَخَّرُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بَقَاؤُهَا فِي حَالِ رُجُوعِهَا لِيُتِمَّ أَجَلَ بَقَائِهَا فِي الدُّنْيَا. وَسُئِلَ عَنْ خِفَّةِ الْجِنَازَةِ وَثِقَلِهَا فَقَالَ: إنْ خَفَّتْ فَصَاحِبُهَا شَهِيدٌ لِأَنَّ الشَّهِيدَ حَيٌّ وَالْحَيَّ أَخَفُّ مِنْ الْمَيِّتِ قَالَ تَعَالَى {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ} [آل عمران: 169] الْآيَةَ ع ش عَلَى م ر. وَفِيهِ أَنَّ الْآيَةَ فِي شَهِيدِ الْمَعْرَكَةِ وَالْجَوَابَ عَامٌّ اهـ اط ف.

(قَوْلُهُ: وَبِأَمَامِهَا) وَلَوْ لِلرَّاكِبِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّهُ شَافِعٌ وَحَقُّ الشَّافِعِ التَّقَدُّمُ وَأَمَّا خَبَرُ «امْشُوا خَلْفَ الْجِنَازَةِ» فَضَعِيفٌ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَوْ الْتَفَتَ لَرَآهَا) أَيْ: رُؤْيَةً كَامِلَةً قَالَ: حَجّ وَضَابِطُهُ أَنْ لَا يَبْعُدَ عَنْهَا بُعْدًا يَقْطَعُ عُرْفًا نِسْبَتَهُ إلَيْهَا. وَبَقِيَ مَا لَوْ تَعَارَضَ عَلَيْهِ الرُّكُوبُ أَمَامَهَا مَعَ الْقُرْبِ وَالْمَشْيِ أَمَامَهَا مَعَ الْبُعْدِ هَلْ يُقَدَّمُ الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِوُرُودِ النَّهْيِ عَنْ الرُّكُوبِ. (قَوْلُهُ: أَفْضَلُ مِنْ الرُّكُوبِ) بَلْ يُكْرَهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ كَضَعْفٍ وَهَلْ مُجَرَّدُ الْمَنْصِبِ هُنَا عُذْرٌ قِيَاسًا عَلَى مَا يَأْتِي فِي رَدِّ الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ أَوْ يُفَرَّقُ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَالْفَرْقُ أَوْجَهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ أَهْلَ الْعُرْفِ يَعُدُّونَ الْمَشْيَ هُنَا حَتَّى مِنْ ذَوِي الْمَنَاصِبِ تَوَاضُعًا وَامْتِثَالًا لِلسُّنَّةِ فَلَا تَنْخَرِمُ بِهِ مُرُوءَتُهُمْ بَلْ تَزِيدُ وَلَا كَذَلِكَ الْمَشْيُ لِرَدِّ الْمَبِيعِ حَجّ.
(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: خَلْفَهَا وَأَمَامَهَا وَلَوْ مَشَى خَلْفَهَا حَصَلَ فَضِيلَةُ أَصْلِ الْمُتَابَعَةِ دُونَ كَمَالِهَا (قَوْلُهُ: وَرَوَى الْحَاكِمُ) هَذَا دَلِيلٌ عَلَى الْمَفْهُومِ الَّذِي أَفْهَمَهُ الْمَتْنُ مِنْ الرُّكُوبِ مُطْلَقًا وَمِنْ الْمَشْيِ بِغَيْرِ أَمَامِهَا بَيَّنَ بِهِ أَنَّ الرَّاكِبَ يَسِيرُ خَلْفَهَا اط ف. (قَوْلُهُ: وَالْمَاشِي عَنْ يَمِينِهَا وَشِمَالِهَا إلَخْ) فِيهِ تَأَمُّلٌ فَإِنَّ الْمُدَّعَى كَوْنُ الْمَشْيِ أَمَامَهَا وَقُرْبَهَا وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى الْمَشْيِ عَنْ يَمِينِهَا وَشِمَالِهَا فَلَا مُطَابَقَةَ بَيْنَ الدَّلِيلِ وَالْمُدَّعَى إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِالْأَمَامِ مَا لَيْسَ بِخَلْفٍ فَيَشْمَلُ يَمِينَهَا وَشِمَالَهَا عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ إنَّمَا هُوَ الِاسْتِدْلَال عَلَى أَفْضَلِيَّةِ الْقُرْبِ؛ لِأَنَّ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ دَلَّ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ الْمَشْيِ وَكَوْنِهِ أَمَامَهَا، وَأَجَابَ شَيْخُنَا ح ف بِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ دَلَّ عَلَى الْمَفْضُولِ وَهُوَ كَوْنُهُ عَنْ يَمِينِهَا أَوْ شِمَالِهَا كَمَا دَلَّ الْأَوَّلُ عَلَى الْأَفْضَلِ (قَوْلُهُ: وَالسِّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْهِ) ذَكَرَهُ لِكَوْنِهِ مِنْ تَمَامِ الْحَدِيثِ وَإِلَّا فَلَا دَلِيلَ فِيهِ لِمَا نَحْنُ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَفِي الْمَجْمُوعِ يُكْرَهُ الرُّكُوبُ فِي الذَّهَابِ إلَخْ) أَيْ «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى أُنَاسًا رَاكِبِينَ فِي جِنَازَةٍ فَقَالَ: أَفَلَا تَسْتَحْيُونَ أَنَّ مَلَائِكَةَ اللَّهِ عَلَى أَقْدَامِهِمْ وَأَنْتُمْ عَلَى ظُهُورِ الدَّوَابِّ» شَرْحُ م ر، وَكَلَامُ الْمَتْنِ يَقْتَضِي أَنَّهُ خِلَافُ الْأَفْضَلِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَالْوَاوُ فِي وَبِأَمَامِهَا إلَخْ) أَيْ: لِإِفَادَتِهَا أَنَّ كُلًّا سُنَّةٌ، وَالْحَاصِلُ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمَشْيَ وَلَوْ خَلْفَهَا أَوْ بَعِيدًا أَفْضَلُ مِنْ الرُّكُوبِ وَلَوْ أَمَامَهَا أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا، وَأَنَّهُ أَمَامَهَا أَفْضَلُ مِنْهُ خَلْفَهَا وَأَنَّهُ بِالْقُرْبِ مِنْهَا أَفْضَلُ وَبِهَذَا سَقَطَ مَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ وُقُوعِ التَّعَارُضِ بَيْنَ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ فَتَأَمَّلْ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

(قَوْلُهُ: عَنْ رِقَابِكُمْ) مَعْنَاهُ أَنَّهَا بَعِيدَةٌ عَنْ الرَّحْمَةِ فَلَا مَصْلَحَةَ لَكُمْ فِي مُصَاحَبَتِهَا وَمِنْهُ يُؤْخَذُ تَرْكُ صُحْبَةِ

(1/469)


(إنْ أُمِنَ تَغَيُّرُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ بِالْإِسْرَاعِ وَإِلَّا فَيَتَأَتَّى بِهِ وَالْإِسْرَاعُ فَوْقَ الْمَشْيِ الْمُعْتَادِ وَدُونَ الْخَبَبِ لِئَلَّا يَنْقَطِعَ الضُّعَفَاءُ فَإِنْ خِيفَ تَغَيُّرُهُ بِالتَّأَنِّي أَيْضًا زِيدَ فِي الْإِسْرَاعِ وَالتَّصْرِيحُ بِسَنِّ الْإِسْرَاعِ مِنْ زِيَادَتِي (وَ) سُنَّ (لِغَيْرِ ذَكَرٍ مَا يَسْتُرُهُ كَقُبَّةٍ) لِأَنَّهُ أَسْتَرُ لَهُ وَتَعْبِيرِي بِغَيْرِ ذَكَرٍ الشَّامِلُ لِلْأُنْثَى وَالْخُنْثَى أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْأُنْثَى.

(وَكُرِهَ لَغْطٌ فِيهَا) أَيْ فِي الْجِنَازَةِ أَيْ فِي السَّيْرِ مَعَهَا، وَالْحَدِيثُ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا بَلْ الْمُسْتَحَبُّ التَّفَكُّرُ فِي أُمُورِ الْمَوْتِ وَمَا بَعْدَهُ (وَإِتْبَاعُهَا) بِإِسْكَانِ التَّاءِ (بِنَارٍ) فِي مِجْمَرَةٍ أَوْ غَيْرِهَا لِأَنَّهُ يُتَفَاءَلُ بِذَلِكَ فَأْلُ السُّوءِ (لَا رُكُوبٌ فِي رُجُوعٍ مِنْهَا) فَلَا يُكْرَهُ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَكِبَ فِيهِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ

(وَلَا اتِّبَاعُ مُسْلِمٍ جِنَازَةَ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ) لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ عَلِيٍّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَوَقَعَ فِي الْمَجْمُوعِ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ قَالَ: «لَمَّا مَاتَ أَبُو طَالِبٍ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْت إنَّ عَمَّك الشَّيْخَ الضَّالَّ قَدْ مَاتَ قَالَ انْطَلِقْ فَوَارِهِ.» قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَا يَبْعُدُ إلْحَاقُ الزَّوْجَةِ وَالْمَمْلُوكِ بِالْقَرِيبِ قَالَ وَهَلْ يَلْحَقُ بِهِ الْجَارُ كَمَا فِي الْعِيَادَةِ فِيهِ نَظَرٌ.

(فَصْلٌ) فِي صَلَاةِ الْمَيِّتِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
أَهْلِ الْبَطَالَةِ وَغَيْرِ الصَّالِحِينَ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: إنْ أَمِنَ تَغْيِيرَهُ بِالْإِسْرَاعِ) أَيْ: بِأَنْ كَانَ الْإِسْرَاعُ لَا يُغَيِّرُهُ دُونَ التَّأَنِّي (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَيَتَأَنَّى) أَيْ: وَإِلَّا بِأَنْ خِيفَ تَغَيُّرُهُ بِالْإِسْرَاعِ بِأَنْ كَانَ يُتَهَرَّى بِسَبَبِ تَحَرُّكِهِ بِالْإِسْرَاعِ. (قَوْلُهُ: وَدُونَ الْخَبَبِ) بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ فَمُوَحَّدَتَيْنِ الْمَشْيُ فَوْقَ التَّأَنِّي وَدُونَ الْإِسْرَاعِ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَنْقَطِعَ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَالْإِسْرَاعُ إلَخْ وَإِنَّمَا فَسَّرَ بِذَلِكَ وَلَمْ يَبْقَ عَلَى حَقِيقَتِهِ لِئَلَّا يَنْقَطِعَ أَوْ أَنَّهُ عِلَّةٌ لِهَذَا الْمُقَدَّرِ. (قَوْلُهُ: زِيدَ فِي الْإِسْرَاعِ) أَيْ: وُجُوبًا شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلِغَيْرِ ذِكْرٍ مَا يَسْتُرُهُ كَقُبَّةٍ) وَأَوَّلُ مَنْ غُطِّيَ نَعْشُهَا فِي الْإِسْلَامِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ بَعْدَهَا زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ وَكَانَتْ رَأَتْهُ بِالْحَبَشَةِ لَمَّا هَاجَرَتْ وَأَوْصَتْ بِهِ فَقَالَ: عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حُبًّا وَكَرَامَةً نِعْمَ خِبَاءُ الظَّعِينَةِ، وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِحُرْمَةِ سَتْرِ تِلْكَ الْقُبَّةِ بِحَرِيرٍ وَكُلُّ مَا الْمَقْصُودُ مِنْهُ الزِّينَةُ وَلَوْ مِنْ حُلِيٍّ وَخَالَفَهُ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ فَجَوَّزَ الْحَرِيرَ فِي الْمَرْأَةِ وَالطِّفْلِ وَاسْتَوْجَهَهُ شَيْخُنَا. اهـ. ح ل وَاعْتَمَدَهُ ز ي.

(قَوْلُهُ: وَكُرِهَ لَغْطٌ) اللَّغْطُ بِسُكُونِ الْغَيْنِ وَفَتْحِهَا الْأَصْوَاتُ الْمُرْتَفِعَةُ وَلَوْ بِالذِّكْرِ وَالْقِرَاءَةِ قَالَ: الشَّيْخُ فَرَضُوا كَرَاهَةَ رَفْعِ الصَّوْتِ بِهَا فِي حَالِ السَّيْرِ وَسَكَتُوا عَنْ ذَلِكَ فِي الْحُضُورِ عِنْدَ غُسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ وَوَضْعِهِ فِي الْقَبْرِ وَبَعْدَ الْوُصُولِ إلَى الْمَقْبَرَةِ إلَى دَفْنِهِ، وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ شَوْبَرِيٌّ وَلَوْ قِيلَ بِنَدْبِ مَا يُفْعَلُ الْآنَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ مِنْ الْيَمَانِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ لَمْ يَبْعُدُ لِأَنَّ فِي تَرْكِهِ إزْرَاءً بِالْمَيِّتِ وَتَعَرُّضًا لِلتَّكَلُّمِ فِيهِ وَفِي وَرَثَتِهِ ع ش. (قَوْلُهُ: وَإِتْبَاعُهَا بِنَارٍ) أَيْ: جَعْلُ النَّارِ مُصَاحِبَةً لَهَا وَلَوْ أَمَامَهَا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَافِرًا وَلَا مَانِعَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ مَوْجُودَةٌ فِيهِ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُخْتَمَ لَهُ بِالْإِيمَانِ نَعَمْ لَوْ اُحْتِيجَ لِلدَّفْنِ لَيْلًا فِي اللَّيَالِي الْمُظْلِمَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ حَمْلُ السِّرَاجِ وَالشَّمْعَةِ وَنَحْوِهَا وَلَا سِيَّمَا حَالَةُ الدَّفْنِ لِأَجْلِ إحْسَانِ الدَّفْنِ وَإِحْكَامِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ م ر فِي شَرْحِهِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا اتِّبَاعُ إلَخْ) بِتَشْدِيدِ التَّاءِ شَرْحُ م ر لِأَنَّهُ التَّابِعُ لَا بِإِسْكَانِهَا الْمُوهِمِ أَنَّ التَّابِعَ غَيْرُهُ بِأَمْرِهِ قَالَ: ع ش إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى التَّشْدِيدِ لِأَنَّ فِي الْإِتْبَاعِ بِسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ بِمَعْنَى الْمَشْيِ خِلَافًا فِي اللُّغَةِ وَبَعْضُهُمْ ضَبَطَهُ بِالسُّكُونِ كَسَابِقِهِ. (قَوْلُهُ: قَرِيبُهُ) وَأَمَّا غَيْرُ قَرِيبِهِ فَالرَّاجِحُ فِيهِ الْكَرَاهَةُ كَمَا يَقْتَضِيهِ شَرْحُ م ر وَنَقَلَ سم اعْتِمَادَهُ عَنْهُ اط ف (قَوْلُهُ: الضَّالَّ) دَلِيلٌ عَلَى مَوْتِهِ كَافِرًا وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ أَخَفُّ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ أُحْيِيَ بَعْدَ مَوْتِهِ وَأَسْلَمَ لَا أَصْلَ لَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَثْبُتْ إلَّا فِي أَبَوَيْهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف وَمِمَّا يَدُلُّ أَيْضًا عَلَى مَوْتِهِ كَافِرًا آيَةُ {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا} [التوبة: 113] إلَخْ فَإِنَّهَا نَزَلَتْ فِيهِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ وَحَدِيثُ «أَخَفُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ لَهُ نَعْلَانِ مِنْ نَارٍ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ» فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَبُو طَالِبٍ. (قَوْلُهُ: انْطَلِقْ فَوَارِهِ) نَازَعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ عَلِيًّا كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيَامُ بِكِفَايَتِهِ فِي حَالِ حَيَاتِهِ فَلَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى مُطْلَقِ الْقَرَابَةِ ح ل، وَأُجِيبَ بِأَنَّ أَمْرَ عَلِيٍّ بِذَلِكَ مَعَ أَنَّ لَهُ أَوْلَادًا غَيْرَهُ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، وَأَيْضًا قَوْلُهُ: انْطَلِقْ فَوَارِهِ وَلَمْ يَقُلْ فَأَمَرَ بِمُوَارَاتِهِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: الزَّوْجَةِ) أَيْ: الذِّمِّيَّةِ (قَوْلُهُ: وَهَلْ يَلْحَقُ بِهِ الْجَارُ) أَيْ: الذِّمِّيُّ؟ الَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا يَلْحَقُ وَقَالَ: فِي الْإِيعَابِ وَالْإِلْحَاقُ غَيْرُ بَعِيدٍ شَوْبَرِيٌّ وَاعْتَمَدَ ح ف الْإِلْحَاقَ قِيَاسًا عَلَى الْعِيَادَةِ.

[فَصْلٌ فِي صَلَاةِ الْمَيِّتِ]
(فَصْلٌ: فِي صَلَاةِ الْمَيِّتِ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ)
كَعَدَمِ وُجُوبِ طُهْرِ الْكَافِرِ وَتَكْفِينِ الشَّهِيدِ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي مَاتَ فِيهَا وَهِيَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَالْإِيصَاءِ بِالثُّلُثِ كَمَا قَالَهُ الْفَاكِهَانِيُّ الْمَالِكِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ وَلَا يُنَافِيهِ «مَا وَرَدَ مِنْ تَغْسِيلِ الْمَلَائِكَةِ آدَمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُمْ: يَا بَنِي آدَمَ هَذِهِ سُنَّتُكُمْ فِي مَوْتَاكُمْ» لِجَوَازِ حَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى أَنَّ الْخُصُوصِيَّةَ بِالنَّظَرِ لِهَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ وَالثَّانِي عَلَى أَصْلِ الْفِعْلِ ع ش وَقَوْلُهُ: بِهَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ أَيْ: لِأَنَّ مِنْ

(1/470)


(لِصَلَاتِهِ أَرْكَانٌ) سَبْعَةٌ أَحَدُهَا (نِيَّةٌ كَغَيْرِهَا) أَيْ كَنِيَّةِ غَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ فِي حَقِيقَتِهَا وَوَقْتِهَا وَالِاكْتِفَاءِ بِنِيَّةِ الْفَرْضِ بِدُونِ تَعَرُّضٍ لِلْكِفَايَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. (وَلَا يَجِبُ) فِي الْحَاضِرِ (تَعْيِينُهُ) بِاسْمِهِ أَوْ نَحْوِهِ وَلَا مَعْرِفَتُهُ بَلْ يَكْفِي تَمْيِيزُهُ نَوْعَ تَمْيِيزٍ كَنِيَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى هَذَا الْمَيِّتِ أَوْ عَلَى مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ الْإِمَامُ. (فَإِنْ عَيَّنَهُ) كَزَيْدٍ أَوْ رَجُلٍ (وَلَمْ يُشِرْ) إلَيْهِ (فَأَخْطَأَ) فِي تَعْيِينِهِ فَبَانَ عَمْرًا أَوْ امْرَأَةً (لَمْ تَصِحَّ) صَلَاتُهُ لِأَنَّ مَا نَوَاهُ لَمْ يَقَعْ بِخِلَافِ مَا إذَا أَشَارَ إلَيْهِ وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي فَصْلِ لِلِاقْتِدَاءِ شُرُوطٌ، وَقَوْلِي وَلَمْ يُشِرْ مِنْ زِيَادَتِي. (وَإِنْ حَضَرَ مَوْتَى نَوَاهُمْ) أَيْ نَوَى الصَّلَاةَ عَلَيْهِمْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
جُمْلَتِهَا الْفَاتِحَةُ وَالصَّلَاةُ عَلَى مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُمَا مِنْ شَرِيعَتِنَا وَفُرِضَتْ بِالْمَدِينَةِ فِي السَّنَةِ الْأُولَى مِنْ الْهِجْرَةِ وَلَمْ تُفْرَضْ بِمَكَّةَ وَلِذَلِكَ «دُفِنَتْ خَدِيجَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - مِنْ غَيْرِ صَلَاةٍ» شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: لِصَلَاتِهِ) أَيْ: الْمَيِّتِ الْمَحْكُومِ بِإِسْلَامِهِ غَيْرِ الشَّهِيدِ حَجّ، فَخَرَجَ أَطْفَالُ الْكُفَّارِ وَإِنْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ سم. (قَوْلُهُ: مِنْ الصَّلَوَاتِ) أَيْ: الْمَفْرُوضَاتِ بِقَرِينَةِ أَنَّ الْمُشَبَّهَ فَرْضٌ فَحِينَئِذٍ يَتِمُّ قَوْلُهُ: وَالِاكْتِفَاءُ بِنِيَّةِ الْفَرْضِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا، وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ: أَيْ كَنِيَّةِ غَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ أَيْ: الْوَاجِبَةِ وَالْقَرِينَةُ عَلَيْهِ كَوْنُ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَاجِبَةً فِي نَفْسِهَا فَلَا يَرِدُ أَنَّ التَّشْبِيهَ فِي قَوْلِهِ: كَنِيَّةِ غَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ يَشْمَلُ مَا يَكْفِي فِيهِ الْقَصْدُ فَقَطْ وَهُوَ النَّفَلُ الْمُطْلَقُ بَلْ وَيَشْمَلُ مَا يَجِبُ فِيهِ الْقَصْدُ وَالتَّعْيِينُ أَيْ: فَالْأَلِفُ وَاللَّامُ لِلْعَهْدِ فَلَيْسَ التَّشْبِيهُ فِي قَوْلِهِ كَنِيَّةِ غَيْرِهَا فِي أَصْلِ النِّيَّةِ وَتَرْكُ الِاسْتِدْلَالِ هُنَا عَلَى وُجُوبِهَا لِعِلْمِهِ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ اهـ.
(قَوْلُهُ: فِي حَقِيقَتِهَا) وَهِيَ الْقَصْدُ وَقَوْلُهُ: وَوَقْتِهَا وَهُوَ مُقَارَنَتُهَا لِلتَّكْبِيرِ (قَوْلُهُ: بِدُونِ تَعَرُّضٍ لِلْكِفَايَةِ) لَا يَبْعُدُ صِحَّةُ فَرْضِ الْكِفَايَةِ وَإِنْ تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ نَظَرًا لِأَصْلِهَا وَالتَّعْيِينُ عَارِضٌ، وَوُجُوبُ نِيَّةِ الْفَرْضِ عَلَى الْمَرْأَةِ إذَا صَلَّتْ مَعَ الرِّجَالِ نَظَرًا لِأَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ تُفْرَضُ فِي نَفْسِهَا عَلَى الْمُكَلَّفِ وَالرَّاجِحُ الْوُجُوبُ عَلَى الصَّبِيِّ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ الْمَكْتُوبَةِ حَيْثُ كَانَ الْمُعْتَمَدُ فِيهَا عَدَمُ الْوُجُوبِ عَلَيْهِ بِأَنَّ صَلَاةَ الصَّبِيِّ هُنَا تُسْقِطُ الْفَرْضَ عَنْ الْمُكَلَّفِينَ مَعَ وُجُودِهِمْ فَيَجُوزُ أَنْ تَنْزِلَ مَنْزِلَةَ الْفَرْضِ فَيُشْتَرَطُ فِيهَا نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ وَإِنْ قُلْنَا لَا تَجِبُ فِي الْمَكْتُوبَةِ لِأَنَّ الْمَكْتُوبَةَ مِنْهُ لَا تُسْقِطُ الْحَرَجَ عَنْ غَيْرِهِ وَلَا هِيَ فَرْضٌ فِي حَقِّهِ فَقَوِيَتْ جِهَةُ النَّفْلِيَّةِ فِيهَا فَلَمْ تُشْتَرَطْ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ بِخِلَافِ صَلَاتِهِ عَلَى الْجِنَازَةِ فَإِنَّهَا لَمَّا أَسْقَطَتْ الْفَرْضَ عَنْ غَيْرِهِ قَوِيَتْ مُشَابَهَتُهَا لِلْفَرْضِ. اهـ. م ر. (قَوْلُهُ: وَغَيْرِ ذَلِكَ) كَالْإِضَافَةِ إلَى اللَّهِ لَكِنَّهَا لَا تَجِبُ بَلْ تُسَنُّ كَمَا يُسَنُّ قَوْلُهُ مُسْتَقْبَلًا: وَلَا يُتَصَوَّرُ هُنَا نِيَّةُ الْأَدَاءِ وَضِدُّهَا وَلَا نِيَّةُ عَدَدٍ قَالَ شَيْخُنَا: وَقَدْ يُقَالُ مَا الْمَانِعُ مِنْ نَدْبِ نِيَّةِ عَدَدِ التَّكْبِيرَاتِ لِمَا يَأْتِي أَنَّهَا بِمَثَابَةِ الرَّكَعَاتِ ح ل.
(قَوْلُهُ: فِي الْحَاضِرِ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْغَالِبِ مِنْ تَعْيِينِهِ بِاسْمِهِ وَنَحْوِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَكْفِي فِيهِ أَيْضًا الصَّلَاةُ عَلَى مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ الْإِمَامُ ح ل وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ فِي الْغَائِبِ لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهِ إلَّا إذَا قَالَ: أُصَلِّي عَلَى مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَكَذَا لَوْ قَالَ: آخِرَ النَّهَارِ أُصَلِّي عَلَى مَنْ مَاتَ بِأَقْطَارِ الْأَرْضِ وَغُسِّلَ فَإِنَّهَا تَصِحُّ نَظَرًا لِلْعُمُومِ، وَالْمَفْهُومُ فِيهِ تَفْصِيلٌ فَلَا يُعْتَرَضُ بِهِ (قَوْلُهُ: بِاسْمِهِ وَنَحْوِهِ) كَاسْمِ جِنْسِهِ وَالْإِشَارَةِ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُشِرْ إلَيْهِ) أَيْ: وَلَمْ يَكُنْ التَّعْيِينُ بِالْإِشَارَةِ إلَيْهِ فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْإِشَارَةَ مِنْ جُمْلَةِ الْمُعَيَّنَاتِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا أَشَارَ إلَيْهِ) وَلَوْ إشَارَةً قَلْبِيَّةً ح ف أَيْ: بِخِلَافِ مَا إذَا عَيَّنَهُ بِالْإِشَارَةِ إلَيْهِ بِقَلْبِهِ بِأَنْ لَاحَظَ بِقَلْبِهِ خُصُوصَ شَخْصٍ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ اسْمِهِ وَنَسَبِهِ شَوْبَرِيٌّ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ حَضَرَ مَوْتَى نَوَاهُمْ) قَالَ حَجّ: وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ نَوَاهُمْ أَنَّهُ إذَا حَضَرَتْ جِنَازَةٌ أَثْنَاءَ الصَّلَاةِ لَمْ تَكْفِ نِيَّتُهَا حِينَئِذٍ فَبَعْدَ سَلَامِهِ تَجِبُ صَلَاةٌ أُخْرَى عَلَيْهِ أَيْ: الْمَيِّتِ الْحَاضِرِ فِي الْأَثْنَاءِ، قَالَ الشَّيْخُ: قَدْ تُفِيدُ صِحَّةُ الصَّلَاةِ عَدَمَ تَأَثُّرِهَا بِتِلْكَ النِّيَّةِ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ إذَا تَعَمَّدَهَا مَعَ الْعِلْمِ بِعَدَمِ كِفَايَتِهَا كَانَ مُتَلَاعِبًا فَالْوَجْهُ الْبُطْلَانُ بِنِيَّتِهَا شَوْبَرِيٌّ قَالَ: شَيْخُنَا وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُكَرَّرَةً مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي وَتَجُوزُ عَلَى جَنَائِزَ صَلَاةٌ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي صِحَّةِ النِّيَّةِ وَثَمَّ فِي الْجَوَازِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ صِحَّةِ النِّيَّةِ الْجَوَازُ.
(قَوْلُهُ: أَيْ نَوَى الصَّلَاةَ عَلَيْهِمْ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ عَدَدَهُمْ قَالَ الرُّويَانِيُّ: فَلَوْ صَلَّى عَلَى بَعْضِهِمْ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ ثُمَّ صَلَّى عَلَى الْبَاقِي كَذَلِكَ لَمْ تَصِحَّ قَالَ: وَلَوْ اعْتَقَدَ أَنَّهُمْ عَشَرَةٌ فَبَانُوا أَحَدَ عَشَرَ أَعَادَ الصَّلَاةَ عَلَى الْجَمِيعِ لِأَنَّ فِيهِمْ مَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ وَهُوَ غَيْرُ مُعَيَّنٍ قَالَ: وَإِنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُمْ أَحَدَ عَشَرَ فَبَانُوا عَشَرَةً فَالْأَظْهَرُ الصِّحَّةُ، قَالَ: وَلَوْ صَلَّى عَلَى حَيٍّ وَمَيِّتٍ صَحَّتْ عَلَى الْمَيِّتِ إنْ جَهِلَ الْحَالَ وَإِلَّا فَلَا كَمَنْ صَلَّى الظُّهْرَ قَبْلَ الزَّوَالِ أَوْ عَلَى مَيِّتَيْنِ ثُمَّ نَوَى قَطْعَهَا عَنْ أَحَدِهِمَا بَطَلَتْ م ر.
وَقَوْلُهُ: أَعَادَ الصَّلَاةَ عَلَى الْجَمِيعِ قَيَّدَهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ

(1/471)


(وَ) ثَانِيهَا (قِيَامُ قَادِرٍ) عَلَيْهِ كَغَيْرِهَا مِنْ الْفَرَائِضِ (وَ) ثَالِثُهَا (أَرْبَعُ تَكْبِيرَاتٍ) لِلِاتِّبَاعِ. رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (فَلَوْ زَادَ عَلَيْهَا لَمْ تَبْطُلْ) صَلَاته لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلِأَنَّهُ إنَّمَا زَادَ ذِكْرًا (أَوْ زَادَ إمَامُهُ) عَلَيْهَا (لَمْ يُتَابِعْهُ) أَيْ: لَا تُسَنُّ لَهُ مُتَابَعَتُهُ فِي الزَّائِدِ لِعَدَمِ سَنِّهِ لِلْإِمَامِ (بَلْ يُسَلِّمُ أَوْ يَنْتَظِرُهُ) لِيُسَلِّمَ مَعَهُ وَهُوَ الْأَفْضَلُ لِتَأْكِيدِ الْمُتَابَعَةِ وَتَعْبِيرِي بِزَادَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِخَمْسٍ. (وَ) رَابِعُهَا (قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ) كَغَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ؛ وَلِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَرَأَ بِهَا فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَقَالَ: لِتَعْلَمُوا أَنَّهَا سُنَّةٌ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (عَقِبَ) التَّكْبِيرَةِ (الْأُولَى) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ فِي التِّبْيَانِ تَبَعًا لِلْجُمْهُورِ وَلِظَاهِرِ نَصَّيْنِ لِلشَّافِعِيِّ وَهُوَ الْمُفْتَى بِهِ لَا بِمَا فِي الْأَصْلِ مِنْ أَنَّهَا بَعْدَ الْأُولَى أَوْ غَيْرِهَا وَلَا بِمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا مِنْ أَنَّهَا بَعْدَهَا أَوْ بَعْدَ الثَّانِيَةِ (وَ) خَامِسُهَا (صَلَاةٌ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) لِخَبَرِ أَبِي أُمَامَةَ: «أَنَّ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
فَقَالَ: وَلَوْ ذَكَرَ عَدَدًا فَبَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُ بَطَلَتْ الصَّلَاةُ عَلَى الْجَمِيعِ نَعَمْ لَوْ أَشَارَ إلَيْهِمْ لَمْ تَبْطُلْ كَمَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ سم وَمَشَى عَلَيْهِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَقِيَامُ قَادِرٍ) شَمِلَ ذَلِكَ الصَّبِيَّ وَالْمَرْأَةَ إذَا صَلَّيَا مَعَ الرِّجَالِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ خِلَافًا لِلنَّاشِرِيِّ شَرْحُ م ر وَيَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْقَطْعُ وَيُمْنَعُ مِنْهُ الصَّبِيُّ ع ش.
(قَوْلُهُ: لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ لِلِاتِّبَاعِ) رَوَى زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَبَّرَ خَمْسًا» فَالْمُرَادُ الِاتِّبَاعُ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يُتَابِعْهُ) مَا لَمْ يَكُنْ مَسْبُوقًا فَلَوْ كَانَ الْمَأْمُومُ مَسْبُوقًا وَتَابَعَهُ فِي الزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَةِ وَأَتَى بِوَاجِبِهِ مِنْ نَحْوِ الْقِرَاءَةِ عَقِبَ التَّكْبِيرَاتِ حُسِبَ لَهُ ذَلِكَ، وَتَصِحُّ صَلَاتُهُ سَوَاءٌ أَعَلِمَ أَنَّهَا زَائِدَةٌ أَوْ جَهِلَ ذَلِكَ لِأَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ جَائِزَةٌ لِلْإِمَامِ وَبِهَذَا فَارَقَ الْمَسْبُوقُ الْمُتَابِعَ لِإِمَامِهِ فِي الْخَامِسَةِ حَيْثُ فَصَلَ فِيهِ بَيْنَ الْجَهْلِ فَتَصِحُّ أَوْ الْعِلْمِ بِالزِّيَادَةِ فَتَبْطُلُ، وَإِذَا اعْتَقَدَ أَنَّ الزَّائِدَ يُبْطِلُ وَأَتَى بِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ وَالَى رَفْعَ يَدَيْهِ فِي الزِّيَادَةِ فَالْوَجْهُ الْبُطْلَانُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَطْلُوبٍ هُنَا بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْعِيدِ قَالَهُ الشَّيْخُ كَغَيْرِهِ شَوْبَرِيٌّ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَوْ وَالَى بَيْنَ الرَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ وَرَفَعَ يَدَيْهِ فِيهِمَا الْبُطْلَانُ لِأَنَّ رَفْعَ كُلِّ يَدٍ فِي الْمَرَّةِ الْخَامِسَةِ يُعَدُّ مُرَّةً وَبِهِمَا حَصَلَتْ الْمُوَالَاةُ بَيْنَ أَرْبَعَةِ أَفْعَالٍ ع ش عَلَى م ر وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ رَفْعَ الْيَدَيْنِ بِالتَّكْبِيرَةِ الرَّابِعَةِ مَطْلُوبٌ.
(قَوْلُهُ: أَيْ: لَا تُسَنُّ لَهُ مُتَابَعَتُهُ) أَيْ: بَلْ تُكْرَهُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَبْطَلَ بِهَا ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: بَلْ يُسَلِّمُ) أَيْ: بِنِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ سَلَامٌ فِي أَثْنَاءِ الْقُدْوَةِ فَتَبْطُلُ بِهِ كَالسَّلَامِ قَبْلَ تَمَامِ الصَّلَاةِ سم ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَفْضَلُ) سَوَاءٌ كَانَ الْإِمَامُ سَاهِيًا أَوْ عَامِدًا ق ل. (قَوْلُهُ: قَرَأَ بِهَا) الْبَاءُ زَائِدَةٌ (قَوْلُهُ: لِتَعْلَمُوا أَنَّهَا سُنَّةٌ) أَيْ: طَرِيقَةٌ وَاجِبَةٌ وَهُوَ كَقَوْلِ الصَّحَابِيِّ مِنْ السُّنَّةِ كَذَا فَيَكُونُ مَرْفُوعًا. (قَوْلُهُ: لَا بِمَا فِي الْأَصْلِ) الْمُعْتَمَدُ مَا فِي الْأَصْلِ فَيَجُوزُ إخْلَاءُ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى عَنْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ وَجَمْعُهَا مَعَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الثَّانِيَةِ وَمَعَ الدُّعَاءِ فِي الثَّالِثَةِ وَالْإِتْيَانُ بِهَا فِي الرَّابِعَةِ، وَلَا يَجُوزُ قِرَاءَةُ بَعْضِ الْفَاتِحَةِ فِي تَكْبِيرَةٍ وَبَاقِيهَا فِي أُخْرَى لِعَدَمِ وُرُودِهِ شَرْحُ م ر وَعَلَى الْمُعْتَمَدِ إذَا نَقَلَهَا لِغَيْرِ الْأُولَى هَلْ يَجِبُ التَّرْتِيبُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ وَاجِبِ التَّكْبِيرَةِ الْمَنْقُولِ إلَيْهَا أَمْ لَا؟ أَقُولُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَإِذَا لَمْ يَجِبْ فَلَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَثَلًا أَوْ بَعْدَهَا بِتَمَامِهَا لَا أَنَّهُ يَأْتِي بِبَعْضِهَا قَبْلُ وَبِبَعْضِهَا بَعْدُ فِيمَا يَظْهَرُ لِاشْتِرَاطِ الْمُوَالَاةِ ع ش، فَإِنْ قُلْت لِمَ لَمْ تَتَعَيَّنْ الْفَاتِحَةُ فِي مَحَلِّهَا الَّذِي هُوَ الْأُولَى مَعَ أَنَّ غَيْرَهَا مُتَعَيِّنٌ فِي مَحَلِّهِ بَلْ رُبَّمَا يُقَالُ تَعَيُّنُهَا فِي الْأُولَى إمَّا أَوْلَوِيٌّ أَوْ مُسَاوٍ لِتَعَيُّنِ الصَّلَاةِ فِي الثَّانِيَةِ وَالدُّعَاءِ فِي الثَّالِثَةِ فَمَا الْفَرْقُ؟ قُلْت قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْقَصْدَ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ الشَّفَاعَةُ وَالدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ، وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ وَسِيلَةٌ لِقَبُولِهَا فَتَعَيَّنَ مَحَلُّهُمَا الْوَارِدُ أَنَّ فِيهِ عَنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ إشْعَارًا بِذَلِكَ بِخِلَافِ الْفَاتِحَةِ فَلَمْ يَتَعَيَّنْ لَهَا مَحَلٌّ بَلْ يَجُوزُ خُلُوُّ الْأُولَى عَنْهَا وَعَنْ الذِّكْرِ أَصْلًا وَانْضِمَامُهَا إلَى وَاحِدَةٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ إشْعَارًا بِأَنَّ الْقِرَاءَةَ دَخِيلَةٌ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ تُسَنَّ السُّورَةُ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَا بُدَّ مِنْهَا إمَّا بَعْدَ الْأُولَى أَوْ غَيْرِهَا مُلَخَّصًا مِنْ حَجّ وَالشَّوْبَرِيُّ، لَكِنْ نَاقَشَ سم فِي هَذَا الْفَرْقِ بِأَنَّ الْقُرْآنَ مِنْ أَعْظَمِ الْوَسَائِلِ وَلِذَا سُنَّ لِزَائِرِ الْمَيِّتِ أَنْ يَقْرَأَ وَيَدْعُوَ وَعَدَمُ سَنِّ السُّورَةِ تَخْفِيفٌ لَائِقٌ لِطَلَبِ الْإِسْرَاعِ بِالْجِنَازَةِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهَا) أَيْ: مَا لَمْ يَشْرَعْ فِيهَا وَإِلَّا تَعَيَّنَتْ فَلَيْسَ لَهُ قَطْعُهَا وَتَأْخِيرُهَا إلَى غَيْرِهَا م ر شَوْبَرِيٌّ وَقَالَ أَيْضًا قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهَا أَيْ: وَلَوْ غَيْرَ الرَّابِعَةِ كَأَنْ زَادَ خَامِسَةً وَقَرَأَ فِيهَا شَوْبَرِيٌّ وسم.
(قَوْلُهُ: وَصَلَاةٌ) وَأَقَلُّهَا وَأَكْمَلُهَا كَمَا فِي التَّشَهُّدِ فَيَجِبُ فِيهَا مَا يَجِبُ فِي التَّشَهُّدِ فِيمَا يَظْهَرُ وَلَا يُجْزِئُ هُنَا مَا يُجْزِئُ فِي الْخُطْبَةِ مِنْ الْحَاشِرِ وَالْمَاحِي وَنَحْوِهِمَا وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ ضَمُّ التَّسْلِيمِ عَلَى النَّبِيِّ إلَيْهَا وَلَا يُكْرَهُ إفْرَادُ الصَّلَاةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَيُحْمَلُ كَلَامُهُمْ بِكَرَاهَةِ الْإِفْرَادِ فِي غَيْرِ مَا وَرَدَ النَّصُّ بِإِفْرَادِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ م ر شَوْبَرِيٌّ وَعِبَارَةُ ح ل هَلْ يُتْرَكُ السَّلَامُ وَلَا يُكْرَهُ الْإِفْرَادُ

(1/472)


أَخْبَرُوهُ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ مِنْ السُّنَّةِ» . رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ (عَقِبَ الثَّانِيَةِ) لِفِعْلِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَتُسَنُّ الصَّلَاةُ عَلَى الْآلِ فِيهَا وَالدُّعَاءُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ عَقِبَهَا وَالْحَمْدُ قَبْلَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ. - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَ) سَادِسُهَا (دُعَاءٌ لِلْمَيِّتِ) كَاَللَّهُمِ ارْحَمْهُ (عَقِبَ الثَّالِثَةِ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَا يُجْزِئُ فِي غَيْرِهَا بِلَا خِلَافٍ قَالَ وَلَيْسَ لِتَخْصِيصِهِ بِهَا دَلِيلٌ وَاضِحٌ (وَ) سَابِعُهَا (سَلَامٌ كَغَيْرِهَا) أَيْ كَسَلَامِ غَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ فِي كَيْفِيَّتِهِ وَتَعَدُّدِهِ وَغَيْرِهِمَا.

(وَسُنَّ رَفْعُ يَدَيْهِ فِي تَكْبِيرَاتِهَا) حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، وَيَضَعُ يَدَيْهِ بَعْدَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ تَحْتَ صَدْرِهِ كَغَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ (وَتَعَوُّذٌ) لِأَنَّهُ لِلْقِرَاءَةِ (وَإِسْرَارٌ بِهِ وَبِقِرَاءَةٍ وَبِدُعَاءٍ) لَيْلًا أَوْ نَهَارًا رَوَى النَّسَائِيّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ: أَنَّهُ قَالَ «مِنْ السُّنَّةِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ أَنْ يُكَبِّرَ ثُمَّ يَقْرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ مُخَافَتَةً ثُمَّ يُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ يَخُصَّ الدُّعَاءَ لِلْمَيِّتِ وَيُسَلِّمَ» وَيُقَاسُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ الْبَاقِي (وَتَرْكُ افْتِتَاحٍ وَسُورَةٍ) لِطُولِهِمَا وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى التَّخْفِيفِ، وَذِكْرُ سَنِّ الْإِسْرَارِ بِالتَّعَوُّذِ وَالدُّعَاءِ مَعَ سَنِّ تَرْكِ الِافْتِتَاحِ وَالسُّوَرِ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَأَنْ يَقُولَ فِي الثَّالِثَةِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا إلَى آخِرِهِ) تَتِمَّتُهُ كَمَا فِي الْأَصْلِ «وَمَيِّتِنَا وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
لِطَلَبِ التَّخْفِيفِ اُنْظُرْهُ فِي كَلَامِ حَجّ اسْتِحْبَابُ ذَلِكَ أَيْ: السَّلَامِ (قَوْلُهُ: أَخْبَرُوهُ) أَيْ: أَبَا أُمَامَةَ ع ش (قَوْلُهُ: مِنْ السُّنَّةِ) أَيْ: الطَّرِيقَةِ الْوَاجِبَةِ (قَوْلُهُ: وَتُسَنُّ الصَّلَاةُ عَلَى الْآلِ) أَيْ: مَعَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ وَالْأَوْلَى التَّرْتِيبُ بَيْنَ مَا ذَكَرَ فَيَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ إلَخْ ح ل وَقَوْلُهُ عَقِبَهَا أَيْ: عَقِبَ الصَّلَاةِ عَلَى الْآلِ وَهَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ. (قَوْلُهُ: وَدُعَاءٌ لِلْمَيِّتِ) أَيْ: بِخُصُوصِهِ وَلَوْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ وَمَنْ بَلَغَ مَجْنُونًا وَاسْتَمَرَّ إلَى الْمَوْتِ كَذَلِكَ إلَّا فِي الصَّغِيرِ فَإِنَّهُ يَأْتِي فِيهِ بِمَا ثَبَتَ عَنْ الشَّارِعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ دُعَاءٌ بِخُصُوصِهِ كَمَا سَيَأْتِي وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لحج وَيَدْعُو لِلْمَيِّتِ بِخُصُوصِهِ وَلَوْ طِفْلًا فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ إطْلَاقِهِمْ ح ل قَالَ فِي التُّحْفَةِ: لِأَنَّهُ وَإِنْ قُطِعَ لَهُ بِالْجَنَّةِ تَزِيدُ مَرْتَبَتُهُ فِيهَا بِالدُّعَاءِ كَالْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ وَالظَّاهِرُ تَعَيُّنُ الدُّعَاءِ لَهُ بِالْأُخْرَوِيِّ لَا بِنَحْوِ اللَّهُمَّ احْفَظْ تَرِكَتَهُ مِنْ الظَّلَمَةِ وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِمْ الدُّعَاءُ لَهُ بِخُصُوصِهِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي الدُّعَاءُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَيَكْفِي اللَّهُمَّ اقْضِ دَيْنَهُ لِأَنَّ بِهِ يَنْفَكُّ حَبْسُ نَفَسِهِ ح ل. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِتَخْصِيصِهِ إلَخْ) يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: بَلْ لِتَخْصِيصِهِ بِهَا دَلِيلٌ وَاضِحٌ وَهُوَ الْخَبَرُ الْآتِي عَنْ أَبِي أُمَامَةَ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْهُ أَنَّهُ أَرَادَ بِكُلِّ جُمْلَةٍ ذَكَرَهَا أَنْ تَكُونَ بَعْدَ تَكْبِيرَةٍ عَلَى التَّرْتِيبِ الَّذِي ذَكَرَهُ لَا أَنَّ تِلْكَ الْجُمَلَ تَتَوَالَى قَبْلَ التَّكْبِيرَاتِ أَوْ بَعْدَهَا أَوْ بَعْدَ وَاحِدَةٍ مَثَلًا فَقَطْ فَقَوْلُهُ فِيهِ: ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ مَعْنَاهُ بَعْدَ الثَّانِيَةِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ: ثُمَّ يَخُصُّ الدُّعَاءَ لِلْمَيِّتِ مَعْنَاهُ بَعْدَ الثَّالِثَةِ تَأَمَّلْ سم عَلَى حَجّ وَفِيهِ أَنَّ قَوْلَهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ إلَخْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ لَيْسَ نَصًّا فِي ذَلِكَ فَلَا يَكُونُ دَلِيلًا وَاضِحًا لِأَنَّهُ يَصْدُقُ بِجَمْعِ الْجُمَلِ فِي تَكْبِيرَةٍ، قَالَ: فِي الْمَجْمُوعِ وَلَيْسَ لِتَخْصِيصِ ذَلِكَ إلَّا مُجَرَّدُ الِاتِّبَاعِ اهـ وَلَمْ يَقُلْ الشَّارِحُ فِيهِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ لِفِعْلِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَقَدْ قَالَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ ح ل.
(قَوْلُهُ: فِي كَيْفِيَّتِهِ) فَلَا يَزِيدُ وَبَرَكَاتُهُ م ر ع ش وَقَوْلُهُ: وَتَعَدُّدُهُ أَيْ: خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: يَقْتَصِرُ عَلَى تَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ يَجْعَلُهَا تِلْقَاءَ وَجْهِهِ وَإِنْ قَالَ: فِي الْمَجْمُوعِ إنَّهُ الْأَشْهَرُ فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى وَاحِدَةٍ أَتَى بِهَا مِنْ جِهَةِ يَمِينِهِ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَغَيْرِهِمَا) مِنْ أَنَّهُ يَرَى خَدَّهُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَسُنَّ رَفْعُ يَدَيْهِ فِي تَكْبِيرَاتِهَا) أَيْ: وَإِنْ اقْتَدَى بِمَنْ لَا يَرَى الرَّفْعَ كَالْحَنَفِيِّ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّ مَا كَانَ مَسْنُونًا عِنْدَنَا لَا يُتْرَكُ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ وَكَذَا لَوْ اقْتَدَى بِهِ الْحَنَفِيُّ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَيْ: فَلَوْ تَرَكَ الرَّفْعَ كَانَ خِلَافَ الْأَوْلَى عَلَى مَا هُوَ الْأَصْلُ فِي تَرْكِ السُّنَّةِ إلَّا مَا نَصُّوا فِيهِ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَأَمَّا تَرْكُ الْإِسْرَارِ فَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الصَّلَاةِ مِنْ كَرَاهَةِ الْجَهْرِ فِي مَوْضِعِ الْإِسْرَارِ الْكَرَاهَةُ هُنَا ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَبِقِرَاءَةٍ بِدُعَاءٍ) خَرَجَ بِهَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ التَّكْبِيرُ، وَالسَّلَامُ فَيَجْهَرُ بِهِمَا اتِّفَاقًا الْإِمَامُ وَالْمُبَلِّغُ لَا غَيْرُهُمَا كَمَا فِي شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَخُصُّ) وَفِي نُسْخَةٍ يُخْلِصُ وَهِيَ الْأَوْفَقُ بِقَوْلِهِ لِلْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: وَيُقَاسُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ الْبَاقِي) أَيْ: فِي الْمُخَافَتَةِ. (قَوْلُهُ: وَتَرْكُ افْتِتَاحٍ وَسُورَةٍ) وَحِينَئِذٍ يُقَالُ لَنَا صَلَاةٌ وَاجِبَةٌ يُسْتَحَبُّ فِيهَا تَرْكُ السُّورَةِ أَوْ قِرَاءَةِ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ ح ل قَالَ: الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمَأْمُومَ إذَا فَرَغَ مِنْ الْفَاتِحَةِ قَبْلَ إمَامِهِ تُسَنُّ لَهُ السُّورَةُ؛ لِأَنَّهَا أَوْلَى مِنْ وُقُوفِهِ سَاكِتًا قَالَهُ فِي الْإِيعَابِ سم، وَقَالَ ع ش: يَنْبَغِي أَنَّ الْأَقْرَبَ خِلَافُهُ بَلْ يَدْعُو لِلْمَيِّتِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ الدُّعَاءُ لَهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْأُولَى مَحَلُّهُ وَكَذَا لَوْ فَرَغَ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ قَبْلَ تَكْبِيرِ الْإِمَامِ مَا بَعْدَهَا مِنْ أَنَّهُ يَنْبَغِي اشْتِغَالُهُ بِالدُّعَاءِ الْمَذْكُورِ أَوْ يُكَرِّرُ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهَا وَسِيلَةٌ لِقَبُولِ الدُّعَاءِ الَّذِي هُوَ الْمَقْصُودُ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَقَوْلُهُ: بَلْ يَدْعُو لِلْمَيِّتِ كَأَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ وَيُكَرِّرَهُ أَوْ يَأْتِيَ بِالدُّعَاءِ الَّذِي يُقَالُ بَعْدَ الثَّالِثَةِ لَكِنَّهُ لَا يُجْزِئُ عَمَّا يُقَالُ بَعْدَهَا اهـ.
(قَوْلُهُ: مَبْنِيَّةٌ عَلَى التَّخْفِيفِ) أَيْ: وَإِنْ صَلَّى عَلَى غَائِبٍ وَقَبْرٍ يَتْرُكُهُمَا أَيْضًا لِأَنَّ شَأْنَهَا الْبِنَاءُ عَلَى التَّخْفِيفِ م ر وزي خِلَافٌ لحج. (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَقُولَ فِي الثَّالِثَةِ) أَيْ: نَدْبًا حَيْثُ لَمْ يُخْشَ تَغَيُّرَ الْمَيِّتِ وَإِلَّا وَجَبَ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْأَرْكَانِ تُحْفَةٌ شَوْبَرِيٌّ.

(1/473)


وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِيمَانِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَزَادَ غَيْرُ التِّرْمِذِيِّ «اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُ» (ثُمَّ اللَّهُمَّ هَذَا عَبْدُكَ إلَى آخِرِهِ) تَتِمَّتُهُ وَابْنُ عَبْدَيْك خَرَجَ مِنْ رَوْحِ الدُّنْيَا وَسَعَتِهَا أَيْ نَسِيمِ رِيحِهَا وَاتِّسَاعِهَا وَمَحْبُوبِهِ وَأَحِبَّائِهِ فِيهَا أَيْ مَا يُحِبُّهُ وَمَنْ يُحِبُّهُ إلَى ظُلْمَةِ الْقَبْرِ وَمَا هُوَ لَاقِيهِ أَيْ مِنْ الْأَهْوَالِ كَانَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُك وَرَسُولُك وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ اللَّهُمَّ إنَّهُ نَزَلَ بِكَ وَأَنْتَ خَيْرُ مَنْزُولٍ بِهِ وَأَصْبَحَ فَقِيرًا إلَى رَحْمَتِك وَأَنْتَ غَنِيٌّ عَنْ عَذَابِهِ وَقَدْ جِئْنَاكَ رَاغِبِينَ إلَيْك
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: وَصَغِيرِنَا) أَيْ: إذَا بَلَغَ وَاقْتَرَفَ الذَّنْبَ أَوْ الْمُرَادُ الصَّغِيرُ فِي الصِّفَاتِ أَوْ الْمُرَادُ الصَّغِيرُ حَقِيقَةً وَالدُّعَاءُ بِالْمَغْفِرَةِ لَا يَسْتَلْزِمُ وُجُودَ ذَنْبٍ، بَلْ قَدْ يَكُونُ بِزِيَادَةِ دَرَجَاتِ الْقُرْبِ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ «اسْتِغْفَارُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ مِائَةَ مَرَّةٍ» حَجّ فِي الدُّرِّ الْمَنْضُودِ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ (قَوْلُهُ: فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ) لَا يَخْفَى مُنَاسَبَةُ الْإِسْلَامِ لِلْحَيَاةِ وَالْإِيمَانِ لِلْوَفَاةِ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ كِنَايَةٌ عَنْ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَغَيْرِهِمَا وَهِيَ فِي الْحَيَاةِ وَالْمُرَادُ الْإِسْلَامُ الْكَامِلُ الَّذِي يَزِيدُ بِزِيَادَةِ الْأَعْمَالِ وَالْإِيمَانُ هُوَ التَّصْدِيقُ الْقَلْبِيُّ وَالْمَقْصُودُ أَنْ يَكُونَ مُتَلَبِّسًا بِهِ عِنْدَ الْوَفَاةِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: ثُمَّ اللَّهُمَّ هَذَا عَبْدُكَ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا إلَخْ لَمْ يَكْفِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ الدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ بِخُصُوصِهِ وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي الدُّعَاءُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: عَبْدُكَ) مَرْفُوعٌ أَوْ مَنْصُوبٌ بِارْحَمْ. (قَوْلُهُ: وَابْنُ عَبْدَيْك) يَعْنِي أَبَاهُ وَأُمَّهُ قَالَ: م ر فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ بِأَنْ كَانَ وَلَدَ زِنًا فَالْقِيَاسُ أَنْ يَقُولَ وَابْنُ أَمَتِك. (قَوْلُهُ: مِنْ رَوْحِ الدُّنْيَا وَسَعَتِهَا) بِفَتْحِ أَوَّلِهِمَا كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَلَعَلَّهُ إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ الْأَفْصَحَ وَإِلَّا فَيَجُوزُ فِي الرَّوْحِ الضَّمُّ كَمَا قُرِئَ بِهِ فِي قَوْله تَعَالَى {فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ} [الواقعة: 89] وَفِي السَّعَةِ الْكَسْرُ وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ الدَّنَوْشَرِيُّ فَقَالَ:
وَسَعَةٌ بِالْفَتْحِ فِي الْأَوْزَانِ ... وَالْكَسْرُ مَحْكِيٌّ عَنْ الصَّاغَانِيِّ
ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: أَيْ: نَسِيمِ رِيحِهَا) مِنْ إضَافَةِ الْأَخَصِّ إلَى الْأَعَمِّ إذْ النَّسِيمُ نَوْعٌ مِنْ الرِّيحِ فَهُوَ تَفْسِيرٌ لِلرَّوْحِ وَمَا بَعْدَهُ تَفْسِيرٌ لِلسَّعَةِ فَهُوَ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ.
(قَوْلُهُ: وَمَحْبُوبِهِ وَأَحِبَّائِهِ) الْمَشْهُورُ فِي مَحْبُوبِهِ وَأَحِبَّائِهِ الْجَرُّ وَيَجُوزُ رَفْعُهُ بِجَعْلِ الْوَاوِ لِلْحَالِ ح ل (قَوْلُهُ: أَيْ: مَا يُحِبُّهُ) هُوَ بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْحَاءِ مِنْ أَحَبَّ وَيَجُوزُ فَتْحُ الْيَاءِ وَكَسْرُ الْحَاءِ مِنْ حَبَّ لُغَةً فِي أَحَبَّ فَهُوَ تَفْسِيرٌ لِلْأَوَّلِ أَيْ: الشَّيْءِ الَّذِي يُحِبُّهُ عَاقِلًا كَانَ أَوْ غَيْرَ عَاقِلٍ فَلِذَا عَبَّرَ فِيهِ بِمَا وَقَوْلُهُ: وَمَنْ يُحِبُّهُ تَفْسِيرٌ لِلثَّانِي وَلَا يَكُونُ إلَّا عَاقِلًا فَعَبَّرَ فِيهِ بِمَنْ كَمَا قَالَهُ اط ف وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: أَيْ: مَا يُحِبُّهُ الضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ لِلْمَيِّتِ وَالْبَارِزُ لِمَحْبُوبِ الْمَيِّتِ مِنْ عَاقِلٍ وَغَيْرِهِ فَكَانَ عَلَيْهِ الْإِبْرَازُ وَالضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ فِي قَوْلِهِ وَمَنْ يُحِبُّهُ رَاجِعٌ لِمَنْ الْوَاقِعَةِ عَلَى الشَّخْصِ الْمُحِبِّ، وَالْبَارِزُ رَاجِعٌ لِلْمَيِّتِ. (قَوْلُهُ: وَمَا هُوَ لَاقِيهِ) قَالَ: حَجّ أَيْ: مِنْ جَزَاءِ عَمَلِهِ إنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ، وَإِنْ شَرًّا فَشَرٌّ وَهِيَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَيْ: مِنْ الْأَهْوَالِ. (قَوْلُهُ: كَانَ يَشْهَدُ) فِي مَعْنَى التَّعْلِيلِ لِمَا قَبْلَهُ أَيْ: دَعَوْنَاك لَهُ لِأَنَّهُ كَانَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ أَيْ: بِحَسَبِ مَا تَعَلَّمَ مِنْهُ وَقَوْلُهُ: وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ أَيْ: مِنَّا وَهُوَ تَفْوِيضُ الْأَمْرِ إلَيْهِ تَعَالَى خَوْفًا مِنْ كَذِبِ الشَّهَادَةِ فِي الْوَاقِعِ وَقِيلَ إنَّهُ تَبَرُّؤٌ مِنْ عُهْدَةِ الْجَزْمِ قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: اللَّهُمَّ إنَّهُ نَزَلَ بِكَ) أَيْ: صَارَ ضَيْفًا عِنْدَك وَأَنْتَ أَكْرَمُ الْأَكْرَمِينَ وَضَيْفُ الْكِرَامِ لَا يُضَامُ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَأَنْتَ خَيْرُ مَنْزُولٍ بِهِ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَيَجِبُ إفْرَادُهُ وَتَذْكِيرُهُ مُطْلَقًا أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ الْمَيِّتُ ذَكَرًا أَمْ أُنْثَى وَسَوَاءٌ كَانَ مُثَنًّى أَوْ مَجْمُوعًا وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَغْلَطُ فِي ذَلِكَ فَيُذَكِّرُ مَعَ الْمُذَكَّرِ وَيُؤَنِّثُ مَعَ الْمُؤَنَّثِ فَإِنْ تَعَمَّدَهُ وَعَرَفَ مَعْنَاهُ كَفَرَ قَالَهُ الْعَلَّامَةُ ز ي وَغَيْرُهُ، وَاعْتَرَضَ بِأَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى مَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرَ خَيْرُ كَرِيمٍ مَنْزُولٍ بِهِ أَيْ: تَنْزِلُ بِذَلِكَ الْكَرِيمِ الضِّيفَانُ فَإِنْ قَدَّرْتَ ذَلِكَ الْمَحْذُوفَ جَمْعًا كَانَ الضَّمِيرُ جَمْعًا كَأَنْ تَقُولَ خَيْرُ كُرَمَاءَ مَنْزُولٍ بِهِمْ أَيْ: بِتِلْكَ الْكُرَمَاءِ فَالْمَدَارُ عَلَى الْمُقَدَّرِ وَلَا يُنْظَرُ لِلْمَيِّتِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ وَقَالَ: شَيْخُنَا ح ف وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ وَمَا وَقَعَ فِي كَلَامِ الْحَوَاشِي مِنْ رُجُوعِهِ لِلَّهِ لَا يَظْهَرُ أَصْلًا وَيَجُوزُ تَقْدِيرُ الْمَوْصُوفِ مُؤَنَّثًا بِأَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ وَأَنْتَ خَيْرُ ذَاتٍ يَنْزِلُ بِهَا الضِّيفَانُ وَقَوْلُهُ: لَا يَظْهَرُ لِأَنَّهُ يَصِيرُ التَّقْدِيرُ عَلَيْهِ وَأَنْتَ يَا أَللَّهُ خَيْرُ مَنْزُولٍ بِاَللَّهِ وَهَذَا لَا مَعْنَى لَهُ. (قَوْلُهُ: وَأَصْبَحَ فَقِيرًا) أَيْ: صَارَ شَدِيدَ الْفَقْرِ إلَى رَحْمَتِك وَإِلَّا فَهُوَ فَقِيرٌ فِي حَالِ الْحَيَاةِ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ جِئْنَاك) هَلْ ذَلِكَ مَخْصُوصٌ بِالْإِمَامِ كَالْقُنُوتِ وَأَنَّ غَيْرَهُ يَقُولُ جِئْتُك شَافِعًا أَوْ هُوَ عَامٌّ فِي الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ فَيَقُولُ الْمُنْفَرِدُ بِلَفْظِ الْجَمْعِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي إتْبَاعًا لِلْوَارِدِ وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا يُشَارِكُهُ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ مَلَائِكَةٌ وَقَدْ يُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ

(1/474)


شُفَعَاءَ لَهُ اللَّهُمَّ إنْ كَانَ مُحْسِنًا فَزِدْ فِي إحْسَانِهِ، وَإِنْ كَانَ مُسِيئًا فَتَجَاوَزْ عَنْهُ وَلَقِّهِ بِرَحْمَتِكَ رِضَاكَ وَقِه فِتْنَةَ الْقَبْرِ وَعَذَابَهُ وَأَفْسِحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ وَجَافِ الْأَرْضَ عَنْ جَنْبَيْهِ وَلَقِّهِ بِرَحْمَتِك الْأَمْنَ مِنْ عَذَابِك حَتَّى تَبْعَثَهُ آمِنًا إلَى جَنَّتِك يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. جَمَعَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ذَلِكَ مِنْ الْأَحَادِيثِ وَاسْتَحْسَنَهُ الْأَصْحَابُ، وَهَذَا فِي الْبَالِغِ الذَّكَرِ، أَمَّا الصَّغِيرُ فَسَيَأْتِي مَا يَقُولُ فِيهِ. وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَيَقُولُ فِيهَا: هَذِهِ أَمَتُكَ وَبِنْتُ عَبْدَيْك وَيُؤَنِّثُ ضَمَائِرَهَا أَوْ يَقُولُ مِثْلَ مَا مَرَّ عَلَى إرَادَةِ الشَّخْصِ أَوْ الْمَيِّتِ وَأَمَّا الْخُنْثَى فَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ الْمُتَّجَهُ التَّعْبِيرُ فِيهِ بِالْمَمْلُوكِ وَنَحْوِهِ (وَ) أَنْ (يَقُولَ فِي صَغِيرٍ مَعَ) الدُّعَاءِ الْأَوَّلِ: «اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ أَيْ الصَّغِيرَ فَرَطًا لِأَبَوَيْهِ» أَيْ سَابِقًا مُهَيِّئًا مَصَالِحَهُمَا فِي الْآخِرَةِ (إلَى آخِرِهِ) تَتِمَّتُهُ كَمَا فِي الْأَصْلِ: وَسَلَفًا وَذُخْرًا بِذَالِ مُعْجَمَةٍ وَعِظَةً أَيْ مَوْعِظَةً وَاعْتِبَارًا وَشَفِيعًا وَثَقِّلْ بِهِ مَوَازِينَهُمَا وَأَفْرِغْ الصَّبْرَ عَلَى قُلُوبِهِمَا، زَادَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
أَنَّهُ حَصَرَ الَّذِينَ صَلُّوا عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا هُمْ ثَلَاثُونَ أَلْفًا يَعْنِي مِنْ الْإِنْسِ وَمِنْ الْمَلَائِكَةِ سِتُّونَ أَلْفًا؛ لِأَنَّ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مَلَكَيْنِ وَمَعْنَى جِئْنَاك تَوَجَّهْنَا إلَيْك أَوْ قَصَدْنَاك. اهـ. ع ش وَبِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مُحْسِنًا) وَقَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مُسِيئًا هَذَا يَقُولُهُ فِي غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَيَأْتِي فِيهِمْ بِمَا يُنَاسِبُهُمْ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا وَقَالَ: الْبِرْمَاوِيُّ بَلْ يُقَالُ فِي حَقِّ الْأَنْبِيَاءِ أَيْضًا وَيَكُونُ مِنْ بَابِ حَسَنَاتُ الْأَبْرَارِ سَيِّئَاتُ الْمُقَرَّبِينَ وَفِي اط ف مَا نَصُّهُ: هَلْ يَأْتِي بِهَذَا الدُّعَاءِ وَإِنْ كَانَ الْمُصَلَّى عَلَيْهِ نَبِيًّا كَعِيسَى وَالْخَضِرِ - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - نَظَرًا لِلْوَارِدِ أَمْ لَا بَلْ يَأْتِي بِمَا هُوَ لَائِقٌ بِالْحَالِ كَاَللَّهُمِ أَكْرِمْ نُزُلَهُ إلَخْ، فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ نَظَرًا لِوُرُودِهِ وَتَكُونُ إنَّ فِيهِ لِمُجَرَّدِ التَّعْلِيقِ وَهِيَ لَا تَسْتَلْزِمُ الْوُقُوعَ وَبِتَسْلِيمِ بَقَائِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ فَتُحْمَلُ السَّيِّئَةُ فِي حَقِّهِمْ عَلَى مَا يُعَدُّ مِثْلُهُ ذَنْبًا فِي حَقِّهِمْ كَخِلَافِ الْأَوْلَى. (قَوْلُهُ: وَلَقِّهِ) أَيْ: أَعْطِهِ تَكَرُّمًا وَيَجُوزُ فِيهَا كَسْرُ الْهَاءِ مَعَ الْإِشْبَاعِ وَدُونِهِ وَسُكُونُهَا وَكَذَا فِي قَوْلِهِ وَقِه. اهـ. م ر شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: فِتْنَةَ الْقَبْرِ) هِيَ سُؤَالُ الْمَلَكَيْنِ أَيْ: الْفِتْنَةُ الْمُرَتَّبَةُ عَلَى السُّؤَالِ وَقِيلَ الْعَذَابُ وَقِيلَ فِتْنَةُ الشَّيْطَانِ. (قَوْلُهُ: وَجَافِ الْأَرْضَ) أَيْ: بَاعِدْ بِمَعْنَى أَنَّ ضَمَّةَ الْقَبْرِ تَكُونُ عَلَيْهِ سَهْلَةً لَا بِمَعْنَى أَنَّهُ يَكُونُ مُرْتَفِعًا عَلَى الْأَرْضِ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: عَنْ جَنْبَيْهِ) بِنُونٍ فَمُوَحَّدَةٍ مُثَنَّى جَنْبٍ وَبِمُثَلَّثَةٍ فَمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ مَعَ ضَمِّ الْجِيمِ وَهِيَ أَوْلَى لِعُمُومِهَا لِجَمِيعِ الْبَدَنِ. (قَوْلُهُ: مِنْ عَذَابِك) هُوَ شَامِلٌ لِعَذَابِ الْقَبْرِ وَلِمَا فِي الْقِيَامَةِ وَأُعِيدَ بِإِطْلَاقِهِ بَعْدَ تَقْيِيدِهِ بِمَا تَقَدَّمَ اهْتِمَامًا بِشَأْنِهِ إذْ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ هَذِهِ الشَّفَاعَةِ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: إلَى جَنَّتِك يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ) وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «قَامَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي عَلَى جِنَازَةٍ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ وَاعْفُ عَنْهُ وَعَافِهِ وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ وَاغْسِلْهُ بِمَاءٍ وَثَلْجٍ وَبَرَدٍ وَنَقِّهِ مِنْ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ، وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ، وَقِه فِتْنَةَ الْقَبْرِ وَعَذَابَهُ قَالَ عَوْفٌ: فَتَمَنَّيْتُ أَنْ أَكُونَ أَنَا الْمَيِّتَ» وَالْمُرَادُ بِإِبْدَالِ الزَّوْجِ وَلَوْ تَقْدِيرًا أَوْ صِفَةً فَيَدْخُلُ فِيهِ مَنْ لَمْ يَتَزَوَّجْ وَمَنْ يَتَزَوَّجُ مِنْ الْحُورِ الْعِينِ؛ لِأَنَّ بَنَاتَ آدَمَ أَفْضَلُ مِنْهُنَّ وَلِكُلِّ إنْسَانٍ مِنْ بَنَاتِ آدَمَ ثِنْتَانِ فَقَطْ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: جَمَعَ الشَّافِعِيُّ) قَالَ: الشَّيْخُ عَمِيرَةُ يُرِيدُ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ هَكَذَا سم ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَهَذَا فِي الْبَالِغِ الذَّكَرِ) أَيْ: وَكَذَا لَوْ صَلَّى عَلَى جَمَاعَةٍ لِأَنَّهُ قَدْ يُشَارُ بِمَا لِلْوَاحِدِ لِلْجَمْعِ، وَلَفْظُ الْعَبْدِ مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ أَفْرَادَ مَنْ أُشِيرَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: عَلَى إرَادَةِ الشَّخْصِ) هَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُلَاحِظُ ذَلِكَ أَوْ أَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يُلَاحِظْ يُحْمَلُ عَلَى الْإِرَادَةِ الْمَذْكُورَةِ؟ الْوَجْهُ وِفَاقًا لِشَيْخِنَا الْأَوَّلِ شَوْبَرِيٍّ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْخُنْثَى) وَكَذَا مَنْ لَمْ تُعْرَفْ ذُكُورَتُهُ وَلَا أُنُوثَتُهُ ح ل. (قَوْلُهُ: بِالْمَمْلُوكِ) وَنَحْوِهِ كَالنَّسَمَةِ وَالْمَخْلُوقِ وَالشَّخْصِ وَالنَّسَمَةُ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ تُطْلَقُ عَلَى الْإِنْسَانِ وَعَلَى الرُّوحِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَأَنْ يَقُولَ فِي صَغِيرٍ) أَيْ: سَوَاءٌ مَاتَ فِي حَيَاةِ أَبَوَيْهِ أَوْ بَعْدَهُمَا أَمْ بَيْنَهُمَا وَقَالَ: الزَّرْكَشِيُّ مَحَلُّهُ فِي الْأَبَوَيْنِ الْحَيَّيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا كَذَلِكَ أَتَى بِمَا يَقْتَضِيهِ الْحَالُ وَهَذَا أَوْلَى شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: مُهَيِّئًا مَصَالِحَهُمَا) مِنْ الشَّفَاعَةِ وَالْحَوْضِ. (قَوْلُهُ: وَسَلَفًا) السَّلَفُ هُوَ السَّابِقُ مُطْلَقًا أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ مُهَيِّئًا لِلْمَصَالِحِ أَمْ لَا فَعَطْفُهُ عَلَى فَرَطًا مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ. (قَوْلُهُ: وَذُخْرًا) شَبَّهَ تَقَدُّمَهُ لَهُمَا بِشَيْءٍ نَفِيسٍ يَكُونُ أَمَامَهُمَا مُدَّخَرًا إلَى وَقْتِ حَاجَتِهِمَا لَهُ بِشَفَاعَتِهِ لَهُمَا حَجّ.
(قَوْلُهُ: بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ) هُوَ كَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِأُمُورِ الْآخِرَةِ كَمَا هُنَا وَأَمَّا فِي أُمُورِ الدُّنْيَا فَبِالْمُهْمَلَةِ. (قَوْلُهُ: وَعِظَةً) اسْمُ مَصْدَرٍ بِمَعْنَى الْوَعْظِ أَوْ اسْمُ فَاعِلٍ أَيْ: وَاعِظًا وَالْمُرَادُ بِهِ وَبِمَا بَعْدَهُ غَايَتُهُ وَهُوَ الظَّفَرُ بِالْمَطْلُوبِ مِنْ الْخَيْرِ وَثَوَابِهِ فَسَقَطَ التَّنْظِيرُ فِي ذَلِكَ بِأَنَّ الْوَعْظَ التَّذْكِيرُ بِالْعَوَاقِبِ وَهَذَا قَدْ انْقَطَعَ بِالْمَوْتِ أَيْ: فَلَا يَتَأَتَّى فِيمَا إذَا كَانَ أَبَوَاهُ مَيِّتَيْنِ شَرْحُ م ر وَشَوْبَرِيٌّ هَذَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَصْدَرٌ كَعِدَةٍ؛ لِأَنَّهُ عِوَضٌ مِنْ الْمَحْذُوفِ التَّاءِ (قَوْلُهُ: وَاعْتِبَارًا) أَيْ: يَعْتَبِرَانِ بِمَوْتِهِ وَفَقْدِهِ حَتَّى يَحْمِلَهُمَا ذَلِكَ عَلَى صَالِحِ الْعَمَلِ وَقَوْلُهُ: وَثَقِّلْ بِهِ أَيْ: بِثَوَابِ الصَّبْرِ عَلَى فَقْدِهِ أَوْ الرِّضَا بِهِ وَهَذَا لَا يَتَأَتَّى فِي الْكَافِرِ وَقَوْلُهُ: وَأَفْرِغْ لَا يَتَأَتَّى فِي الْمَيِّتِينَ.

(1/475)


وَلَا تَفْتِنْهُمَا بَعْدَهُ وَلَا تَحْرِمْهُمَا أَجْرَهُ، وَتَقَدَّمَ فِي خَبَرِ الْحَاكِمِ «أَنَّ السِّقْطَ يُدْعَى لِوَالِدَيْهِ بِالْعَافِيَةِ وَالرَّحْمَةِ» (وَ) أَنْ يَقُولَ (فِي الرَّابِعَةِ اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا) بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّهَا (أَجْرَهُ) أَيْ أَجْرَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ أَوْ أَجْرَ الْمُصِيبَةِ (وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُ) أَيْ بِالِابْتِلَاءِ بِالْمَعَاصِي لِفِعْلِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَلِأَنَّ ذَلِكَ مُنَاسِبٌ لِلْحَالِ.

(وَلَوْ تَخَلَّفَ) عَنْ إمَامِهِ (بِلَا عُذْرٍ بِتَكْبِيرَةٍ حَتَّى شَرَعَ إمَامُهُ فِي أُخْرَى بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) إذْ الِاقْتِدَاءُ هُنَا إنَّمَا يَظْهَرُ فِي التَّكْبِيرَاتِ وَهُوَ تَخَلُّفٌ فَاحِشٌ يُشْبِهُ التَّخَلُّفَ بِرَكْعَةٍ، فَإِنْ كَانَ ثَمَّ عُذْرٌ كَنِسْيَانٍ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ بِتَخَلُّفِهِ بِتَكْبِيرَةٍ بَلْ بِتَكْبِيرَتَيْنِ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ بِتَكْبِيرَةٍ لَمْ تَبْطُلْ وَإِنْ نَزَّلُوهَا مَنْزِلَةَ الرَّكْعَةِ، وَلِهَذَا لَمْ تَبْطُلْ بِزِيَادَةِ خَامِسَةٍ فَأَكْثَرَ كَمَا مَرَّ وَقَوْلِي شَرَعَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ كَبَّرَ

(وَيُكَبِّرُ مَسْبُوقٌ وَيَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: وَلَا تَفْتِنْهُمَا بَعْدَهُ) وَإِتْيَانُ هَذَا فِي الْمَيِّتِينَ صَحِيحٌ إذْ الْفِتْنَةُ يُكْنَى بِهَا عَنْ الْعَذَابِ. اهـ. حَجّ. (قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ فِي خَبَرِ الْحَاكِمِ إلَخْ) أَيْ: فَالصَّغِيرُ فِي كَلَامِهِ شَامِلٌ لِلسِّقْطِ وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى الدُّعَاءِ لِوَالِدَيْهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ عِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ شَيْخُنَا، وَمِثْلُهُ فِي ح ل وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيَشْهَدُ لِلدُّعَاءِ لَهُمَا مَا فِي خَبَرِ الْمُغِيرَةِ «السِّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْعَى لِوَالِدَيْهِ بِالْعَافِيَةِ وَالرَّحْمَةِ» فَيَكْفِي فِي الطِّفْلِ هَذَا الدُّعَاءُ وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُمْ لَا بُدَّ مِنْ الدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ بِخُصُوصِهِ أَيْ: لِثُبُوتِ هَذَا بِالنَّصِّ اهـ وَلَوْ شَكَّ فِي بُلُوغِهِ فَالْأَحْسَنُ الْجَمْعُ بَيْنَ هَذَا وَالدُّعَاءِ لَهُ بِخُصُوصِهِ احْتِيَاطًا ح ل. (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَقُولَ فِي الرَّابِعَةِ) أَيْ: نَدْبًا لِأَنَّهُ لَمْ يَجِبْ بَعْدَ الرَّابِعَةِ شَيْءٌ فَلَوْ سَلَّمَ عَقِبَهَا جَازَ ح ف. (قَوْلُهُ: أَوْ أَجِرْ الْمُصِيبَةَ) أَيْ: لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمُصِيبَةِ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: فِي أُخْرَى) بِأَنْ شَرَعَ الْإِمَامُ فِي الثَّالِثَةِ وَالْمَأْمُومُ فِي الْأُولَى أَوْ شَرَعَ الْإِمَامُ فِي الرَّابِعَةِ وَالْمَأْمُومُ فِي الثَّانِيَةِ، وَلَا يُتَصَوَّرُ غَيْرُ هَذَيْنِ كَمَا ذَكَرَهُ الْبِرْمَاوِيُّ وع ش عَلَى م ر وَفِي حَاشِيَتِهِ عَلَى هَذَا الشَّرْحِ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْأُخْرَى لَا تَتَحَقَّقُ إذَا كَانَ مَعَهُ فِي الْأُولَى إلَّا بِالتَّكْبِيرَةِ الثَّالِثَةِ فَإِنَّ الْمَأْمُومَ يُطْلَبُ مِنْهُ أَنْ يَتَأَخَّرَ عَنْ تَكْبِيرِ الْإِمَامِ فَإِذَا قَرَأَ الْفَاتِحَةَ مَعَهُ وَكَبَّرَ الْإِمَامُ الثَّانِيَةَ لَا يُقَالُ سَبَقَهُ بِشَيْءٍ اهـ. (قَوْلُهُ: كَنِسْيَانٍ) أَيْ: لِلْقِرَاءَةِ ثُمَّ تَذَكَّرَهَا لَا لِلصَّلَاةِ أَوْ الِاقْتِدَاءِ لِأَنَّ الْوَجْهَ فِي هَذَا أَنَّهُ لَا يَضُرُّ التَّخَلُّفُ بِجَمِيعِ التَّكْبِيرَاتِ كَمَا لَوْ نَسِيَ فِي غَيْرِهَا فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ ثُمَّ وَلَوْ بِجَمِيعِ الرَّكَعَاتِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ شَوْبَرِيٌّ، وَمِثْلُهُ ح ل وَحِينَئِذٍ فَكَلَامُ الشَّارِحِ لَا ضَعْفَ فِيهِ فَانْدَفَعَ قَوْلُ ز ي نَقْلًا عَنْ حَجّ الْوَجْهُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ بِالتَّأَخُّرِ لِعُذْرٍ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ التَّخَلُّفُ بِتَكْبِيرَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ لِأَنَّهُ لَوْ نَسِيَ فَتَأَخَّرَ عَنْ إمَامِهِ بِجَمِيعِ الرَّكَعَاتِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ فَهَذَا أَوْلَى اهـ، وَهَذَا أَيْ: كَلَامُ ز ي مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِ الشَّارِحِ كَنِسْيَانٍ نِسْيَانٌ لِلصَّلَاةِ لَا لِلْقِرَاءَةِ ح ل، وَنَحْنُ نَقُولُ الْمُرَادُ بِالنِّسْيَانِ فِي كَلَامِهِ نِسْيَانُ الْقِرَاءَةِ ثُمَّ تَذَكَّرَهَا وَاشْتَغَلَ بِقِرَاءَتِهَا حَتَّى كَبَّرَ إمَامُهُ تَكْبِيرَتَيْنِ بِأَنْ شَرَعَ فِي الرَّابِعَةِ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ: بَلْ بِتَكْبِيرَتَيْنِ غَيْرَ ضَعِيفٍ كَذَا ذَكَرَهُ ع ش عَلَى م ر وَتَخَلُّفُهُ لِلْقِرَاءَةِ إنَّمَا هُوَ عَلَى طَرِيقَةِ مَنْ يُعَيِّنُهَا عَقِبَ الْأُولَى.
(قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ تَقَدَّمَ إلَخْ) أَيْ: تَقَدَّمَ عَمْدًا وَفِي هَذَا الْبَحْثِ نَظَرٌ وَزِيَادَةُ الْخَامِسَةِ فِي غَيْرِ مَا نَحْنُ فِيهِ مَحْضُ ذِكْرٍ لَا يَلْزَمُهُ مَحْذُورٌ بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مَحْذُورٌ وَهُوَ فُحْشُ الْمُخَالَفَةِ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ تَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ التَّقَدُّمَ أَفْحَشُ مِنْ التَّخَلُّفِ وَقَدْ نَصُّوا فِي التَّخَلُّفِ بِتَكْبِيرَةٍ عَلَى الْبُطْلَانِ فَالتَّقَدُّمُ بِهَا كَذَلِكَ بِالْأَوْلَى حَجّ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ ز ي وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: وَلَوْ تَقَدَّمَ عَلَى إمَامِهِ بِتَكْبِيرَةٍ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا لَا تَبْطُلُ بِزِيَادَةِ خَامِسَةٍ) أَيْ: تَكْبِيرَةٍ خَامِسَةٍ عَمْدًا وَالْإِشَارَةُ رَاجِعَةٌ لِلْمَعْنَى الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ الْغَايَةِ وَهُوَ عَدَمُ اعْتِبَارِ التَّنْزِيلِ فَقَوْلُهُ: وَإِنْ نَزَّلُوهَا إلَخْ فِي قُوَّةِ قَوْلِهِ وَلَا يُنْظَرُ لِتَنْزِيلِهَا مَنْزِلَةَ الرَّكْعَةِ وَلِهَذَا أَيْ: وَلِعَدَمِ اعْتِبَارِ التَّنْزِيلِ لَا تَبْطُلُ إلَخْ وَلَوْ اعْتَبَرَ التَّنْزِيلَ لَبَطَلَتْ الْخَامِسَةُ وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ وَلِهَذَا لَا تَبْطُلُ إلَخْ حُجَّةٌ عِنْدَ التَّأَمُّلِ لِأَنَّ الْخَامِسَةَ مَحْضُ ذِكْرٍ بِخِلَافِ التَّقَدُّمِ فَإِنَّ فِيهِ مُخَالَفَةً (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ كَبَّرَ) لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ صَلَاتَهُ لَا تَبْطُلُ إلَّا بِتَمَامِ التَّكْبِيرَةِ مَعَ أَنَّهَا تَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ الشُّرُوعِ فِيهَا شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: وَيُكَبِّرُ مَسْبُوقٌ) الْمُرَادُ بِهِ مَنْ تَأَخَّرَ إحْرَامُهُ عَنْ إحْرَامُ الْإِمَامِ فِي الْأُولَى أَوْ عَنْ تَكْبِيرِهِ فِيمَا بَعْدَهَا وَإِنْ أَدْرَكَ مِنْ الْقِيَامِ قَدْرَ الْفَاتِحَةِ أَوْ أَكْثَرَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَيَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ وَقَوْلُهُ: فَلَوْ كَبَّرَ إلَخْ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَيَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ) أَيْ: جَوَازًا كَذَا قَالَهُ سم عَلَى حَجّ وَالْمُعْتَمَدُ الْوُجُوبُ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي الْمُوَافِقِ وَأَمَّا الْمَسْبُوقُ فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ قِرَاءَتُهَا كَذَا أَلْحَقَهُ مُؤَلِّفُهُ آخِرًا زي لَكِنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ الْآتِيَ يُخَالِفُهُ وَبَعْضُهُمْ ضَعَّفَ كَلَامَ الشَّارِحِ الْآتِيَ وَيُؤَيِّدُهُ كَلَامُ ز ي وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ اعْتَمَدَ شَيْخُنَا م ر الْوُجُوبَ وَأَنَّ

(1/476)


وَإِنْ كَانَ إمَامُهُ فِي غَيْرِهَا) رِعَايَةً لِتَرْتِيبِ صَلَاةِ نَفْسِهِ وَهَذَا ظَاهِرٌ عَلَى الْقَوْلِ بِتَعَيُّنِ الْفَاتِحَةِ عَقِبَ الْأُولَى لَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا تُجْزِئُ عَقِبَ غَيْرِهَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ. (فَلَوْ كَبَّرَ إمَامُهُ) أُخْرَى (قَبْلَ قِرَاءَتِهِ لَهَا) سَوَاءٌ أَشَرَعَ فِيهَا أَمْ لَا (تَابَعَهُ) فِي تَكْبِيرِهِ وَسَقَطَتْ الْقِرَاءَةُ عَنْهُ (وَتَدَارَكَ الْبَاقِيَ) مِنْ تَكْبِيرٍ وَذِكْرٍ (بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ) كَمَا فِي غَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ وَسُنَّ أَنْ لَا تُرْفَعَ الْجِنَازَةُ حَتَّى يُتِمَّ الْمَسْبُوقُ وَلَا يَضُرُّ رَفْعُهَا قَبْلَ إتْمَامِهِ.

(وَشُرِطَ) لِصِحَّتِهَا (شُرُوطُ غَيْرِهَا) مِنْ الصَّلَوَاتِ كَطُهْرٍ وَسِتْرٍ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا يَتَأَتَّى مَجِيئُهُ هُنَا (وَتَقَدُّمُ طُهْرِهِ) بِمَاءٍ أَوْ تُرَابٍ عَلَيْهَا كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَلِأَنَّهُ الْمَنْقُولُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فَلَوْ تَعَذَّرَ) كَأَنْ وَقَعَ بِحُفْرَةٍ وَتَعَذَّرَ إخْرَاجُهُ وَطُهْرُهُ (لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ) لِفَقْدِ الشَّرْطِ وَتَعْبِيرِي بِالطُّهْرِ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْغُسْلِ وَإِنْ وَافَقْتُهُ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ (وَأَنْ لَا يَتَقَدَّمَ عَلَيْهِ) حَالَةَ كَوْنِهِ (حَاضِرًا وَلَوْ فِي قَبْرٍ) وَأَنْ يَجْمَعَهُمَا مَكَانٌ وَاحِدٌ وَأَنْ لَا يَزِيدَ مَا بَيْنَهُمَا فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ عَلَى ثَلَثِمِائَةِ ذِرَاعٍ تَقْرِيبًا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
هَذَا مُسْتَثْنًى مِمَّا تَقَدَّمَ آنِفًا نَظَرًا لِسُقُوطِهَا هُنَا فَلَا يُكَبِّرُ حَتَّى يَقْرَأَهَا أَوْ يَقْرَأَ قَدْرَ مَا أَدْرَكَهُ مِنْهَا قَبْلَ تَكْبِيرِ الْإِمَامِ حَتَّى لَوْ قَصَدَ تَأْخِيرَهَا لَمْ يُعْتَدَّ بِقَصْدِهِ وَكَذَا لَا يُعْتَدُّ بِتَكْبِيرِهِ لَوْ كَبَّرَ فِي غَيْرِ قِرَاءَتِهَا مَعَ إمْكَانِهَا وَقَدْ يُقَالُ إنَّمَا سَقَطَتْ هُنَا عَنْ الْمَسْبُوقِ نَظَرًا إلَى أَنَّ هَذَا مَحَلُّهَا الْأَصْلِيُّ وَإِنْ لَمْ تَتَعَيَّنْ فِيهِ فَلَا حَاجَةَ لِلِاسْتِثْنَاءِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا ظَاهِرٌ) أَيْ: مَحَلُّ كَوْنِهِ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ وُجُوبًا ح ل. (قَوْلُهُ: لَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا تُجْزِئُ عَقِبَ غَيْرِهَا) كَذَا قِيلَ وَقَدْ يُقَالُ بَلْ يَأْتِي عَلَى مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ لَمْ تَتَعَيَّنْ لَهَا هِيَ مُنْصَرِفَةٌ إلَيْهَا إلَّا أَنْ يَصْرِفَهَا عَنْهَا بِتَأْخِيرِهَا فَجَرَى السُّقُوطُ نَظَرًا لِذَلِكَ الْأَصْلِ، نَعَمْ قَوْلُهُ: وَيَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ إنْ أَرَادَ بِهِ الْوُجُوبَ لَا يَأْتِي إلَّا عَلَى الضَّعِيفِ فَلَعَلَّهُ تَرَكَ التَّنْبِيهَ عَلَيْهِ لِلْعِلْمِ بِهِ. اهـ. حَجّ ز ي.
(قَوْلُهُ: كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ إلَخْ) قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَحَلَّهَا الْأَصْلِيَّ عَقِبَ الْأُولَى فَيُرَاعَى شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: تَابَعَهُ فِي تَكْبِيرِهِ) أَيْ: مَا لَمْ يَشْتَغِلْ بِتَعَوُّذٍ وَإِلَّا تَخَلَّفَ وَقَرَأَهُ بِقَدْرِهِ قَالَ: شَيْخُنَا وَتَحْرِيرُهُ أَنَّهُ إذَا اشْتَغَلَ بِالتَّعَوُّذِ فَلَمْ يَفْرُغْ مِنْ الْفَاتِحَةِ حَتَّى كَبَّرَ الْإِمَامُ الثَّانِيَةَ لَزِمَهُ التَّخَفُّفُ لِلْقِرَاءَةِ بِقَدْرِ التَّعَوُّذِ، وَيَكُونُ مُتَخَلِّفًا بِعُذْرٍ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يُدْرِكُ الْفَاتِحَةَ بَعْدَ التَّعَوُّذِ وَإِلَّا فَغَيْرُ مَعْذُورٍ فَإِنْ لَمْ يُتِمَّهَا حَتَّى كَبَّرَ الْإِمَامُ الثَّالِثَةَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ ح ل وم ر، قَالَ ع ش عَلَيْهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ الْعُذْرِ مَا لَوْ تَرَكَ الْمَأْمُومُ الْمُوَافِقُ الْقِرَاءَةَ فِي الْأُولَى وَجَمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الثَّانِيَةِ فَكَبَّرَ الْإِمَامُ قَبْلَ فَرَاغِهِ مِنْهَا فَتَخَلَّفَ لِإِتْمَامِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَسَقَطَتْ الْقِرَاءَةُ عَنْهُ) أَيْ: مَا لَمْ يَقْصِدْ تَأْخِيرَهَا لِغَيْرِ الْأُولَى ح ل وَقَالَ الشَّوْبَرِيُّ: بَلْ وَإِنْ قَصَدَ تَأْخِيرَهَا لِغَيْرِهَا خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ. (قَوْلُهُ: مِنْ تَكْبِيرٍ وَذِكْرٍ) أَيْ: وُجُوبًا فِي الْوَاجِبِ وَنَدْبًا فِي الْمَنْدُوبِ وَخَالَفَتْ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ حَيْثُ لَا يَأْتِي بِمَا فَاتَهُ مِنْهَا فَإِنَّ التَّكْبِيرَاتِ هُنَا بِمَنْزِلَةِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ فَلَا يُمْكِنُ الْإِخْلَالُ بِهَا وَفِي الْعِيدِ سُنَّةٌ فَسَقَطَتْ بِفَوَاتِ مَحَلِّهَا شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَسُنَّ أَنْ لَا تُرْفَعَ الْجِنَازَةُ) أَيْ: وَالْمُخَاطَبُ بِذَلِكَ هُوَ الْوَلِيُّ فَيَأْمُرُهُمْ بِتَأْخِيرِ الْحَمْلِ فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقْ مِنْ الْوَلِيِّ أَمْرٌ وَلَا نَهْيٌ اُسْتُحِبَّ التَّأْخِيرُ مِنْ الْمُبَاشِرِينَ لِلْحَمْلِ، فَإِنْ أَرَادُوا الْحَمْلَ اُسْتُحِبَّ لِلْآحَادِ أَمْرُهُمْ بِعَدَمِ الْحَمْلِ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَضُرُّ رَفْعُهَا قَبْلَ إتْمَامِهِ) أَيْ: وَإِنْ حُوِّلَتْ عَنْ الْقِبْلَةِ لِأَنَّهُ دَوَامٌ وَإِنْ زَادَ مَا بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَثِمِائَةِ ذِرَاعٍ وَإِنْ حَالَ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ أَيْ: دَوَامًا ح ل، وَلَوْ أَحْرَمَ عَلَى جِنَازَةٍ وَهِيَ سَائِرَةٌ صَحَّ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ لِجِهَةِ الْقِبْلَةِ عِنْدَ التَّحَرُّمِ فَقَطْ وَعَدَمِ الْحَائِلِ ابْتِدَاءً وَأَنْ لَا يَزِيدَ مَا بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَثِمِائَةِ ذِرَاعٍ إلَى تَمَامِ الصَّلَاةِ وَلَا يَضُرُّ الْحَائِلُ بَيْنَهُمَا فِي الْأَثْنَاءِ وَلَا تُشْتَرَطُ الْمُحَاذَاةُ أَيْ: عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِلشَّارِحِ فَإِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ ز ي.

(قَوْلُهُ: شُرُوطُ غَيْرِهَا) أَيْ: الشُّرُوطُ الْعَامَّةُ فَلَا يُقَالُ مِنْ جُمْلَةِ الصَّلَوَاتِ الْجُمُعَةُ وَالْجَمَاعَةُ فِيهَا شَرْطٌ أَيْ: فَلَا تَجِبُ الْجُمُعَةُ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ بَلْ تُسْتَحَبُّ كَمَا فِي ح ل وَشَرْحِ م ر (قَوْلُهُ: مِمَّا يَتَأَتَّى مَجِيئُهُ هُنَا) كَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ بِخِلَافِ دُخُولِ الْوَقْتِ الشَّرْعِيِّ شَوْبَرِيٌّ ح ف (قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ طُهْرُهُ) أَيْ: وَطُهْرُ مَا اتَّصَلَ بِهِ مِمَّا يَضُرُّ فِي الْحَيِّ فَتَضُرُّ نَجَاسَةٌ عَلَى رِجْلِ تَابُوتٍ وَالْمَيِّتُ مَرْبُوطٌ عَلَيْهِ نَعَمْ لَا يَضُرُّ اتِّصَالُ نَجَاسَةٍ بِهِ فِي الْقَبْرِ لِأَنَّهُ كَانْفِجَارِهِ وَهُوَ لَا يَمْنَعُ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ ق ل (قَوْلُهُ: كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ كَالصَّلَاةِ مِنْهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ كَسَائِرِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ شُرُوطُ غَيْرِهَا وَلِقَوْلِهِ وَتَقَدَّمَ طُهْرُهُ (قَوْلُهُ: لِفَقْدِ الشَّرْطِ) وَهُوَ تَقَدُّمَ طُهْرِهِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَتَقَدَّمَ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْمَحَلِّ الَّذِي يَتَيَقَّنُ كَوْنَ الْمَيِّتِ فِيهِ إنْ عَلِمَ بِذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا يَتَقَدَّمُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْقَبْرِ لِأَنَّ الْمَيِّتَ كَالْإِمَامِ وَانْظُرْ بِمَاذَا يُعْتَبَرُ التَّقَدُّمُ هُنَا وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْعِبْرَةَ هُنَا بِالتَّقَدُّمِ بِالْعَقِبِ عَلَى رَأْسِ الْمَيِّتِ فَلْيُرَاجَعْ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَأَنْ يَجْمَعَهُمَا مَكَانٌ وَاحِدٌ) تَقَدَّمَ فِي الْجَمَاعَةِ تَفْسِيرُ هَذَا الشَّرْطِ بِعَدَمِ طُولِ الْمَسَافَةِ بَيْنَهُمَا فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ وَبِعَدَمِ حَائِلٍ يَمْنَعُ مُرُورًا أَوْ رُؤْيَةً فَقَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَزِيدَ إلَخْ عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ أَوْ عَطْفُ لَازِمٍ عَلَى مَلْزُومٍ وَقِيلَ عَطْفُ

(1/477)


تَنْزِيلًا لِلْمَيِّتِ مَنْزِلَةَ الْإِمَامِ

(وَتُكْرَهُ) الصَّلَاةُ (قَبْلَ تَكْفِينِهِ) لِمَا فِيهَا مِنْ الْإِزْرَاءِ بِالْمَيِّتِ فَتَكْفِينُهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي صِحَّتِهَا، وَالْقَوْلُ بِهِ مَعَ اشْتِرَاطِ تَقَدُّمِ غُسْلِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ مَعَ أَنَّ الْمَعْنَيَيْنِ السَّابِقَيْنِ مَوْجُودَانِ فِيهِ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ اعْتِنَاءَ الشَّارِعِ بِالطُّهْرِ أَقْوَى مِنْهُ بِالسِّتْرِ بِدَلِيلِ جَوَازِ نَبْشِ الْقَبْرِ لِلطُّهْرِ لَا لِلتَّكْفِينِ وَصِحَّةِ صَلَاةِ الْعَارِي الْعَاجِزِ عَنْ السِّتْرِ بِلَا إعَادَةٍ بِخِلَافِ صَلَاةِ الْمُحْدِثِ.

(وَيَكْفِي) فِي إسْقَاطِ فَرْضِهَا (ذَكَرٌ) وَلَوْ صَبِيًّا مُمَيِّزًا لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ وَلِأَنَّ الصَّبِيَّ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ إمَامًا لِلرَّجُلِ. (لَا غَيْرُهُ) مِنْ خُنْثَى وَأُنْثَى (مَعَ وُجُودِهِ) أَيْ الذَّكَرِ لِأَنَّ الذَّكَرَ أَكْمَلُ مِنْ غَيْرِهِ فَدُعَاؤُهُ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ وَفِي عَدَمِ سُقُوطِهَا بِغَيْرِ ذَكَرٍ مَعَ وُجُودِ الصَّبِيِّ كَلَامٌ ذَكَرْتُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَقَوْلِي لَا غَيْرُهُ مَعَ وُجُودِهِ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا تَسْقُطُ بِالنِّسَاءِ وَهُنَاكَ رِجَالٌ

(وَيَجِبُ تَقْدِيمُهَا عَلَى دَفْنٍ) فَإِنْ دُفِنَ قَبْلَهَا أَثِمَ الدَّافِنُونَ وَصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ

(وَتَصِحُّ عَلَى قَبْرِ غَيْرِ نَبِيٍّ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ سَوَاءٌ أَدُفِنَ قَبْلَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ أَمْ بَعْدَهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
تَفْسِيرٍ وَيُزَادُ عَلَيْهِ وَأَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الِاقْتِدَاءِ وَمُحَلُّ ذَلِكَ فِي الِابْتِدَاءِ وَأَمَّا فِي الدَّوَامِ بِأَنْ رُفِعَتْ الْجِنَازَةُ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ وَزَادَ مَا بَيْنَهُمَا عَلَى مَا ذُكِرَ أَوْ حَالَ حَائِلٌ بَيْنَهُمَا فَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ وَلَا يَضُرُّ وَضْعُ الْخَشَبَةِ الْمَعْرُوفَةِ عَلَى الْجِنَازَةِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ فِي حَالَ الصَّلَاةِ خِلَافًا لِمَا يُفْهَمُ مِنْ ظَاهِرِ عِبَارَةِ م ر وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ الِاقْتِدَاءِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ فَيَضُرُّ الْبَابُ الْمُغْلَقُ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْإِمَامِ الظُّهُورَ وَمِنْ شَأْنِ الْمَيِّتِ السَّتْرَ ح ف وَحَاصِلُ الْمُعْتَمَدِ فِي غِطَاءِ النَّعْشِ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ فِي الْمَسْجِدِ مُطْلَقًا وَإِنْ سَمُرَ وَفِي غَيْرِهِ لَا يَضُرُّ إلَّا إنْ سَمُرَ فَلَا يَضُرُّ الرَّبْطُ بِالْحِزَامِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: تَنْزِيلًا لِلْمَيِّتِ مَنْزِلَةَ الْإِمَامِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ كَرَاهَةُ مُسَاوَاةِ الْمُصَلِّي لَهُ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: وَتُكْرَهُ قَبْلَ تَكْفِينِهِ) أَيْ: فَلَا تَحْرُمُ وَلَوْ بِدُونِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ وَالْأَوْلَى الْمُبَادَرَةُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ إنْ خِيفَ مِنْ تَأْخِيرِهَا إلَى تَمَامِ التَّكْفِينِ خُرُوجُ نَجَسٍ كَدَمٍ أَوْ نَحْوِهِ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَالْقَوْلُ بِهِ) أَيْ: بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ تَقَدُّمِ التَّكْفِينِ عَلَى الصَّلَاةِ مَعَ اشْتِرَاطِ تَقَدُّمِ الْغُسْلِ وَحَاصِلُهُ أَنْ يُقَالَ: لِمَ اُشْتُرِطَ تَقَدُّمُ الْغُسْلِ عَلَى الصَّلَاةِ وَلَمْ يُشْتَرَطْ تَقَدُّمُ التَّكْفِينِ مَعَ أَنَّ الْعِلَّتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ فِي الْغُسْلِ مَوْجُودَتَانِ فِي التَّكْفِينِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا وَقَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ الْمَعْنَيَيْنِ السَّابِقَيْنِ وَهُمَا قِيَاسُهُ عَلَى سَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَكَوْنُهُ الْمَنْقُولَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

(قَوْلُهُ: وَيَكْفِي فِي إسْقَاطِ فَرْضِهَا ذَكَرٌ) أَيْ: وَلَوْ وَاحِدًا وَإِنْ لَمْ يَحْفَظْ الْفَاتِحَةَ وَلَا غَيْرَهَا وَوَقَفَ بِقَدْرِهَا وَلَوْ مَعَ وُجُودِ مَنْ يَحْفَظُهَا فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ وُجُودُ صَلَاةٍ صَحِيحَةٍ مِنْ جِنْسِ الْمُخَاطَبِينَ وَقَدْ وُجِدَتْ حَجّ، وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَ لَا يُحْسِنُ إلَّا الْفَاتِحَةَ فَقَطْ هَلْ الْأَوْلَى أَنْ يُكَرِّرَهَا أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ بَلْ الْمُتَعَيَّنُ الْأَوَّلُ لِقِيَامِهَا مَقَامَ الْأَدْعِيَةِ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَلَوْ صَبِيًّا مُمَيِّزًا) وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الرِّجَالِ وَفَارَقَ ذَلِكَ عَدَمُ سُقُوطِ الْفَرْضِ بِهِ فِي رَدِّ السَّلَامِ بِأَنَّ السَّلَامَ شُرِعَ فِي الْأَصْلِ لِلْإِعْلَامِ بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا سَالِمٌ مِنْ الْآخَرِ وَآمِنٌ مِنْهُ، وَأَمَانُ الصَّبِيِّ لَا يَصِحُّ بِخِلَافِ صَلَاتِهِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الصَّبِيَّ) لَعَلَّ وَجْهَ تَطْبِيقِ هَذَا عَلَى الْمُدَّعِي أَنَّ الصَّبِيَّ لَمَّا صَلَحَ أَنْ يَكُونَ إمَامًا لِلرِّجَالِ أَيْ: وَالْمَرْأَةُ لَا تَصْلُحُ لِذَلِكَ كَانَ الصَّبِيُّ أَرْفَعَ رُتْبَةً مِنْهَا فَلِهَذَا سَقَطَ بِهِ الْفَرْضُ دُونَهَا.
(قَوْلُهُ: مَعَ وُجُودِهِ) أَيْ: بِمَحَلِّ الصَّلَاةِ وَمَا نُسِبَ إلَيْهِ كَخَارِجِ السُّورِ الْقَرِيبِ مِنْهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي عَنْ الْوَافِي حَجّ كَذَا فِي ع ش وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَنَّ الْمُرَادَ بِوُجُودِهِ وُجُودُهُ فِي مَحَلٍّ يَجِبُ السَّعْيُ مِنْهُ لِلْجُمُعَةِ بِسَمَاعِ النِّدَاءِ (قَوْلُهُ: ذَكَرْتُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ كَيْفَ يُقَالُ بِعَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِالْمَرْأَةِ مَعَ وُجُودِ الصَّبِيِّ مَعَ أَنَّهَا الْمُخَاطَبَةُ بِالصَّلَاةِ دُونَهُ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ قَدْ يُخَاطِبُ الشَّخْصَ بِشَيْءٍ وَيَتَوَقَّفُ فِعْلُهُ عَلَى شَيْءٍ آخَرَ وَهُوَ هُنَا فَقْدُ الذَّكَرِ وَلَمْ يُوجَدْ فَالْوَاجِبُ عَلَيْهَا حِينَئِذٍ أَمْرُ الصَّبِيِّ بِالصَّلَاةِ فَإِنْ امْتَنَعَ بَعْدَ الْأَمْرِ وَالضَّرْبِ صَلَّتْ النِّسَاءُ وَسَقَطَ الْفَرْضُ شَرْحُ م ر وس ل، فَإِنْ حَضَرَ بَعْدَ صَلَاتِهِنَّ أَوْ بَعْدَ صَلَاةِ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ رَجُلٌ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ لِسُقُوطِ الْفَرْضِ بِهِنَّ وَلَوْ حَضَرَ بَعْدَ الشُّرُوعِ وَقَبْلَ فَرَاغِهَا فَهَلْ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ لِأَنَّ الْفَرْضَ لَمْ يَسْقُطْ بَعْدُ أَوْ لَا مَحَلُّ تَرَدُّدٍ وَلَا يَبْعُدُ الْقَوْلُ بِاللُّزُومِ شَوْبَرِيٌّ وَتُسَنُّ الْجَمَاعَةُ لِلنِّسَاءِ وَحْدَهُنَّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَتَقَعُ صَلَاتُهُنَّ مَعَ الِاكْتِفَاءِ بِغَيْرِهِنَّ نَافِلَةً كَمَا فِي ق ل وَلَوْ اجْتَمَعَ خُنْثَى وَامْرَأَةٌ لَمْ تَسْقُطْ بِهَا عَنْهُ لِاحْتِمَالِ ذُكُورَتِهِ وَإِذَا اجْتَمَعَ خَنَاثَى لَا بُدَّ مِنْ صَلَاةِ الْجَمِيعِ وَلَا يَكْفِي وَاحِدٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أُنْثَى وَمَنْ لَمْ يُصَلِّ ذَكَرًا كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ س ل

(قَوْلُهُ: أَثِمَ الدَّافِنُونَ) أَيْ: وَالرَّاضُونَ بِذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ ح ل.

(قَوْلُهُ: وَتَصِحُّ عَلَى قَبْرِ غَيْرِ نَبِيٍّ إلَخْ) أَيْ: وَلَوْ بَعْدَ بِلَى الْمَيِّتِ شَوْبَرِيٌّ وَسَقَطَ بِهَا الْفَرْضُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ شَرْحُ م ر وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَقْبَرَةِ الْمَنْبُوشَةِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ فِي الْمَنْبُوشَةِ مُشْكِلٌ لِلْعِلْمِ بِنَجَاسَةِ مَا تَحْتَ الْمَيِّتِ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ غَيْرُ الْمَنْبُوشَةِ فَلْيُرَاجَعْ ع ش عَلَى م ر وَتَقَدَّمَ عَنْ ق ل خِلَافُهُ حَيْثُ قَالَ: نَعَمْ لَا يَضُرُّ اتِّصَالُ نَجَاسَةٍ بِهِ فِي الْقَبْرِ لِأَنَّهُ كَانْفِجَارِهِ وَهُوَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ صِحَّتِهَا عَلَى الْقَبْرِ وَعَدَمِ صِحَّتِهَا

(1/478)


بِخِلَافِهَا عَلَى قَبْرِ نَبِيٍّ لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» وَلِأَنَّا لَمْ نَكُنْ أَهْلًا لِلْفَرْضِ وَقْتَ مَوْتِهِمْ وَتَعْبِيرِي بِنَبِيٍّ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِرَسُولِ اللَّهِ.

(وَ) تَصِحُّ (عَلَى غَائِبٍ عَنْ الْبَلَدِ) وَلَوْ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَفِي غَيْرِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ وَالْمُصَلِّي مُسْتَقْبِلُهَا «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرَهُمْ بِمَوْتِ النَّجَاشِيِّ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ ثُمَّ خَرَجَ بِهِمْ إلَى الْمُصَلَّى فَصَلَّى عَلَيْهِ وَكَبَّرَ أَرْبَعًا.» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَذَلِكَ فِي رَجَبَ سَنَةَ تِسْعٍ لَكِنَّهَا لَا تُسْقِطُ الْفَرْضَ أَمَّا الْحَاضِرُ بِالْبَلَدِ فَلَا يُصَلِّي عَلَيْهِ إلَّا مَنْ حَضَرَهُ وَإِنَّمَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَى الْقَبْرِ وَالْغَائِبِ عَنْ الْبَلَدِ مِمَّنْ كَانَ (مِنْ أَهْلِ فَرْضِهَا وَقْتَ مَوْتِهِ) قَالُوا لِأَنَّ غَيْرَهُ مُتَنَفِّلٌ وَهَذِهِ لَا يُتَنَفَّلُ بِهَا وَنَازَعَ الْإِسْنَوِيُّ فِي اعْتِبَارِ وَقْتِ الْمَوْتِ قَالَ:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
عَلَى الْجِنَازَةِ الْمُسَمَّرَةِ عَلَيْهَا الْقُبَّةُ بِوُرُودِ النَّصِّ فِي الْقَبْرِ دُونَهَا ح ل مُلَخَّصًا. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهَا عَلَى قَبْرِ نَبِيٍّ) أَيْ: بِخِلَافِهَا عَلَى نَبِيٍّ فِي قَبْرِهِ فَلَا تَصِحُّ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ إلَخْ) دَلَالَةُ هَذَا عَلَى الْمُدَّعَى إنَّمَا هِيَ بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ؛ لِأَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى كَانُوا يُصَلُّونَ الْمَكْتُوبَةَ لِقُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُدَّعَى هُنَا صَلَاةُ الْجِنَازَةِ فَتُقَاسُ عَلَى الْمَكْتُوبَةِ الَّتِي وَرَدَ اللَّعْنُ فِيهَا وَقَوْلُهُ: اتَّخَذُوا يُشْعِرُ بِالتَّكَرُّرِ وَالْمُدَّعَى هُنَا أَعَمُّ وَقَوْلُهُ: مَسَاجِدَ أَيْ: قِبَلًا يُصَلُّونَ إلَيْهَا قَالَ: السُّيُوطِيّ هَذَا فِي الْيَهُودِ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ نَبِيَّهُمْ وَهُوَ مُوسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَاتَ وَفِي النَّصَارَى مُشْكِلٌ لِأَنَّ نَبِيَّهُمْ عِيسَى لَمْ تُقْبَضْ رُوحُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ لَهُمْ أَنْبِيَاءَ بِزَعْمِهِمْ كَالْحَوَارِيِّينَ وَمَرْيَمَ اهـ أَوْ الْمُرَادُ بِالْأَنْبِيَاءِ مَا يَشْمَلُ الصُّلَحَاءَ شَيْخُنَا ح ف. (قَوْلُهُ: اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ) أَيْ: بِصَلَاتِهِمْ إلَيْهَا كَذَا قَالُوا وَحِينَئِذٍ فَفِي الْمُطَابَقَةِ بَيْنَ الدَّلِيلِ وَالْمُدَّعَى نَظَرٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْمُدَّعَى الصَّلَاةُ عَلَيْهِ لَا إلَيْهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إذَا حَرُمَتْ الصَّلَاةُ إلَيْهِ حَرُمَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ نَعَمْ قَدْ يُقَالُ الِاتِّخَاذُ لَا يَشْمَلُ اتِّفَاقَ الْفِعْلِ مَرَّةً مَثَلًا شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّا لَمْ نَكُنْ أَهْلًا لِلْفَرْضِ إلَخْ) وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذِهِ الْعِلَّةِ جَوَازُ الصَّلَاةِ عَلَى قَبْرِ عِيسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ مَوْتِهِ وَدَفْنِهِ لِمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ فَرْضِهَا ذَلِكَ الْوَقْتِ وَجَرَى عَلَيْهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَكَذَلِكَ تَقْتَضِي جَوَازَ صَلَاةِ الصَّحَابَةِ عَلَى قَبْرِ نَبِيِّنَا إذَا كَانُوا أَهْلًا لِلْفَرْضِ وَقْتَ مَوْتِهِ وَالْأَوْجَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ الْمَنْعُ فِيهِمَا كَغَيْرِهِمَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ النَّهْيُ فَالصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ قَبْلَ دَفْنِهِمْ دَاخِلَةٌ فِي عُمُومِ الْأَمْرِ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ وَعَلَى قُبُورِهِمْ خَارِجَةٌ بِالنَّهْيِ وَلِهَذَا قَالَ: الزَّرْكَشِيُّ فِي خَادِمِهِ وَالصَّوَابُ أَنَّ عِلَّةَ مَنْعِ الصَّلَاةِ النَّهْيُ عَنْ الصَّلَاةِ فِي قَوْلِهِ لَعَنَ إلَخْ شَرْحُ م ر بِزِيَادَةٍ.

(قَوْلُهُ: وَتَصِحُّ عَلَى غَائِبٍ عَنْ الْبَلَدِ) خِلَافًا لِمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَمَحَلُّهُ إنْ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ طُهْرَهُ وَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ يَشُقُّ الْحُضُورُ إلَيْهِ مَشَقَّةً لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً وَلَوْ فِي الْبَلَدِ. (قَوْلُهُ: فَصَلَّى عَلَيْهِ) هُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهَا صَلَاةٌ عَلَى غَائِبٍ وَمَا قِيلَ مِنْ رَفْعِ الْمَيِّتِ إلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَحْمُولٌ عَلَى رَفْعِ الْحَاجِبِ لِرُؤْيَتِهِ مَثَلًا وَمَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ حَجّ فِي هَذَا الْمَحَلِّ غَيْرُ صَحِيحٍ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَنَصُّهُ وَجَاءَ أَنَّ سَرِيرَهُ رُفِعَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى شَاهَدَهُ وَهَذَا بِفَرْضِ صِحَّتِهِ لَا يَنْبَغِي الِاسْتِدْلَال بِهِ؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ صَلَاةَ حَاضِرٍ بِالنِّسْبَةِ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هِيَ صَلَاةُ غَائِبٍ بِالنِّسْبَةِ لِأَصْحَابِهِ اهـ وَعِبَارَةُ م ر فِي شَرْحِهِ فَإِنْ قِيلَ لَعَلَّ الْأَرْضَ طُوِيَتْ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى رَآهُ أُجِيبُ عَنْهُ بِجَوَابَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَنُقِلَ وَكَانَ أَوْلَى بِالنَّقْلِ مِنْ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ مُعْجِزَةٌ وَالثَّانِي أَنَّ رُؤْيَتَهُ إنْ كَانَتْ لِأَنَّ أَجْزَاءَ الْأَرْضِ تَدَاخَلَتْ حَتَّى صَارَتْ الْحَبَشَةُ بِبَابِ الْمَدِينَةِ لَوَجَبَ أَنْ تَرَاهُ الصَّحَابَةُ أَيْضًا وَلَمْ يُنْقَلْ اهـ.
(قَوْلُهُ: فِي رَجَبَ) بِمَنْعِ الصَّرْفِ لِأَنَّهُ مِنْ سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ ع ش وَالْمَانِعُ لَهُ الْعَلَمِيَّةُ وَالْعَدْلُ؛ لِأَنَّهُ مَعْدُولٌ عَنْ الرَّجَبِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهَا لَا تُسْقِطُ الْفَرْضَ) أَيْ: عَنْ أَهْلِ بَلَدِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا بِصَلَاةِ غَيْرِهِمْ فَإِنْ عَلِمُوا سَقَطَ عَنْهُمْ الْفَرْضُ وَإِنْ أَثِمُوا بِتَأْخِيرِهَا ع ش مَعَ زِيَادَةٍ. (قَوْلُهُ: أَمَّا الْحَاضِرُ بِالْبَلَدِ) وَإِنْ كَبِرَتْ وَعَلَّلَ ذَلِكَ بِتَيَسُّرِ الْحُضُورِ غَالِبًا وَمِنْ ثَمَّ لَوْ تَعَذَّرَ الْحُضُورُ عِنْدَهُ لِنَحْوِ حَبْسٍ أَوْ مَرَضٍ جَازَتْ عَلَى الْأَوْجَهِ وَالْخَارِجُ عَنْ السُّورِ قَرِيبًا مِنْهُ كَدَاخِلِهِ أَيْ: لِعَدَمِ مَشَقَّةِ الْحُضُورِ فَلَا نَظَرَ لِجَوَازِ الْقَصْرِ فِيهِ زي قَالَ: حَجّ الْمُتَّجَهُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْمَشَقَّةُ وَعَدَمُهَا فَحَيْثُ شَقَّ الْحُضُورُ وَلَوْ فِي الْبَلَدِ لِكِبَرِهَا وَنَحْوِهِ كَمَرَضٍ وَحَبْسٍ صَحَّتْ الصَّلَاةُ وَحَيْثُ لَا وَلَوْ خَارِجَ السُّورِ لَمْ تَصِحَّ وَالْأَوْجَهُ فِي الْقُرَى الْمُتَقَارِبَةِ جِدًّا أَنَّهَا كَالْقَرْيَةِ الْوَاحِدَةِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ: مِمَّنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ فَرْضِهَا وَقْتَ مَوْتِهِ) بِأَنْ يَكُونَ حِينَئِذٍ مُسْلِمًا مُكَلَّفًا طَاهِرًا فَلَا تَصِحُّ مِنْ الْحَائِضِ وَالْكَافِرِ يَوْمَئِذٍ وَتَلَخَّصَ مِنْ هَذَا: أَنَّ صَلَاةَ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ صَحِيحَةٌ مُسْقِطَةٌ لِلْفَرْضِ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الرِّجَالِ فِي الْمَيِّتِ الْحَاضِرِ دُونَ الْغَائِبِ وَالْقَبْرِ وَهُوَ مُشْكِلٌ فَلْيُحَرَّرْ فَرْقٌ وَاضِحٌ سم.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ غَيْرَهُ مُتَنَفِّلٌ) قَدْ يَرِدُ عَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ صِحَّتُهَا مِنْ الْمُمَيِّزِ مَعَ الرِّجَالِ وَسُقُوطُ الْفَرْضِ

(1/479)


وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ بَلَغَ أَوْ أَفَاقَ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْغُسْلِ لَمْ يُؤَثِّرْ وَالصَّوَابُ خِلَافُهُ بَلْ لَوْ زَالَ بَعْدَ الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ وَأَدْرَكَ زَمَنًا يُمْكِنُهُ فِعْلُهَا فِيهِ فَكَذَلِكَ.

(وَتَحْرُمُ) الصَّلَاةُ (عَلَى كَافِرٍ) وَلَوْ ذِمِّيًّا قَالَ تَعَالَى {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا} [التوبة: 84] (وَلَا يَجِبُ طُهْرُهُ) ؛ لِأَنَّهُ كَرَامَةٌ وَتَطْهِيرٌ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِهِمَا لَكِنَّهُ يَجُوزُ فَقَدْ «غَسَّلَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَبَاهُ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ لَكِنَّهُ يَنْفَعُهُ.

(وَيَجِبُ) عَلَيْنَا (تَكْفِينُ ذِمِّيٍّ وَدَفْنُهُ) حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَلَا مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَفَاءً بِذِمَّتِهِ بِخِلَافِ الْحَرْبِيِّ

(وَلَوْ اخْتَلَطَ مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ بِغَيْرِهِ) وَلَمْ يَتَمَيَّزْ كَمُسْلِمٍ بِكَافِرٍ وَغَيْرِ شَهِيدٍ بِشَهِيدٍ (وَجَبَ تَجْهِيزُ كُلٍّ) بِطُهْرِهِ وَتَكْفِينُهُ وَصَلَاةٌ عَلَيْهِ وَدَفْنُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
بِفِعْلِهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ هَذَا وَجْهُ التَّبَرِّي بِقَالُوا ابْنُ شَوْبَرِيٍّ وَأُجِيبُ بِأَنَّ مَعْنَى لَا يَتَنَفَّلُ بِهَا أَيْ: لَا يُؤْتَى بِهَا ابْتِدَاءً عَلَى صُورَةِ النَّفْلِيَّةِ أَيْ: مِنْ غَيْرِ جِنَازَةٍ بِأَنْ يُصَلِّيَهَا بِلَا سَبَبٍ أَوْ الْمَعْنَى لَا يَطْلُبُ تَكْرِيرُهَا مِمَّنْ فَعَلَهَا أَوَّلًا ح ف. (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَاهُ إلَخْ) أَيْ: مُقْتَضَى كَوْنِ اعْتِبَارِهِ وَقْتَ الْمَوْتِ يُؤَثِّرُ فِي كَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ فَرْضِهَا. (قَوْلُهُ: لَمْ يُؤَثِّرْ) أَيْ: فِي كَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ فَرْضِهَا فَالْمُعْتَمَدُ اعْتِبَارُهُ قَبْلَ الدَّفْنِ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ فَرْضِهَا قَبْلَ الدَّفْنِ بِزَمَنٍ يُمْكِنُ فِعْلُهَا فِيهِ لِئَلَّا يَرِدَ مَا قِيلَ هـ م ر وَعِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: لَمْ يُعْتَبَرْ ذَلِكَ اهـ. (قَوْلُهُ: وَالصَّوَابُ خِلَافُهُ) اعْتَمَدَهُ م ر فَقَالَ: حَيْثُ صَارَ مِنْ أَهْلِ الْفَرْضِ قَبْلَ الدَّفْنِ بِزَمَنٍ يَتَمَكَّنُ فِيهِ مِنْ الصَّلَاةُ بِأَنْ بَلَغَ أَوْ أَفَاقَ أَوْ أَسْلَمَ أَوْ طَهُرَتْ مِنْ الْحَيْضِ أَوْ النِّفَاسِ حِينَئِذٍ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْفَرْضِ وَصَحَّتْ مِنْهُ سم. (قَوْلُهُ: بَلْ لَوْ زَالَ) أَيْ: الْمَانِعُ الْمَعْلُومُ مِنْ الْمَقَامِ كَالصِّبَا وَالْجُنُونِ.

(قَوْلُهُ: وَتَحْرُمُ الصَّلَاةُ عَلَى كَافِرٍ) وَلَوْ صَغِيرًا وَصَفَ الْإِسْلَامَ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ إسْلَامِهِ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ لِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّهُ يُعَامَلُ بِأَحْكَامِ الدُّنْيَا كَإِرْثِ كَافِرٍ لَهُ وَعَدَمِ قَتْلِ أَبِيهِ بِقَتْلِهِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ مِنْ أَحْكَامِ الدُّنْيَا الْوَاجِبَةِ عَلَيْنَا إكْرَامًا لِلْمُسْلِمِينَ وَهَذَا لَيْسَ مِنْهُمْ فَإِفْتَاءُ بَعْضِهِمْ بِجَوَازِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ حَجّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ شَوْبَرِيٌّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصَّلَاةَ تَحْرُمُ عَلَى الْكَافِرِ مُطْلَقًا حَرْبِيًّا أَوْ ذِمِّيًّا وَطُهْرَهُ جَائِزٌ مُطْلَقًا وَيَجِبُ تَكْفِينُ وَدَفْنُ الذِّمِّيِّ بِخِلَافِ الْحَرْبِيِّ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ ح ف (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ يَجُوزُ) أَرَادَ بِالْجَوَازِ مَا قَابَلَ الْحُرْمَةَ وَالْمُتَبَادِرُ مِنْهُ أَنَّهُ مُبَاحٌ وَيَحْتَمِلُ الْكَرَاهَةَ وَخِلَافَ الْأَوْلَى وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْغُسْلِ الْغُسْلُ الْمُتَقَدِّمُ وَمِنْهُ الْوُضُوءُ الشَّرْعِيُّ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ تَكْفِينُ ذِمِّيٍّ) وَمِثْلُهُ الْمُعَاهِدُ وَالْمُسْتَأْمِنُ شَيْخُنَا ح ف. (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا التَّقْيِيدَ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْفِعْلِ وَنَحْنُ مُخَاطَبُونَ بِهِ عَلَى سَبِيلِ الْكِفَايَةِ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ مَالٌ أَوْ لَا، وَأَمَّا مُؤَنُ التَّجْهِيزِ فَمَعْلُومٌ أَنَّهَا فِي تَرِكَتِهِ أَوْ غَيْرِهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَفَاءً بِذِمَّتِهِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَيَجِبُ عَلَيْنَا قَالَ: حَجّ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الذِّمِّيِّ مِنْ الْحَيْثِيَّةِ الَّتِي لِأَجْلِهَا لَزِمَنَا ذَلِكَ وَهِيَ الْوَفَاءُ بِذِمَّتِهِ فَلَا يُنَافِي كَمَا هُوَ وَاضِحٌ وُجُوبَهَا عَلَيْهِمْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُمْ مُكَلَّفُونَ بِالْفُرُوعِ وَفِيمَا إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ أَوْ مُنْفَقٌ الْمُخَاطَبُ بِهِ وَارِثُهُ أَوْ الْمُنْفِقُ ثُمَّ مَنْ عَلِمَ بِمَوْتِهِ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْمُسْلِمِ اهـ بِالْحَرْفِ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْحَرْبِيِّ) أَيْ: وَالْمُرْتَدِّ وَالزِّنْدِيقِ ع ب وَانْظُرْ حُكْمَ أَوْلَادِ الْحَرْبِيِّينَ وَالْمُرْتَدِّينَ وَعُمُومُ كَلَامِهِمْ يَشْمَلُهُمْ، وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ احْتِرَامَهُمْ كَانَ لِمَعْنًى قَدْ انْتَفَى بِمَوْتِهِمْ فَلْيُحَرَّرْ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَلَطَ) أَيْ: اشْتَبَهَ وَدَامَ اشْتِبَاهُهُ ع ش (قَوْلُهُ: كَمُسْلِمٍ بِكَافِرٍ) وَيُدْفَنَانِ بَيْنَ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ وَيُوَجَّهَانِ لِلْقِبْلَةِ ع ش أَيْ: أَوْ سِقْطٌ يُصَلَّى عَلَيْهِ بِسِقْطٍ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ أَوْ جُزْءُ مُسْلِمٍ بِغَيْرِهِ وَفِي شُمُولِهِ لِهَذَا الْأَخِيرِ نَظَرٌ لِأَنَّ مَنْ فِي كَلَامِهِ لِلْعَاقِلِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَعَ التَّغْلِيبِ تُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِهِ أَوْ تَنْزِيلًا لِلْجُزْءِ مَنْزِلَةَ أَصْلِهِ وَانْظُرْ لَوْ اخْتَلَطَ الْمُحْرِمُ بِغَيْرِهِ هَلْ يُغَطَّى الْجَمِيعُ احْتِيَاطًا لِلسَّتْرِ أَوْ لَا احْتِيَاطًا لِلْإِحْرَامِ وَقَدْ يُتَّجَهُ الثَّانِي لِأَنَّ التَّغْطِيَةَ مُحَرَّمَةٌ جَزْمًا بِخِلَافِ سَتْرِ مَا زَادَ عَلَى الْعَوْرَةِ أَيْ: فَفِيهِ خِلَافٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ التَّغْطِيَةَ حَقٌّ لِلْمَيِّتِ فَلَا تُتْرَكُ لِلْفَرِيقِ الْآخَرِ ثُمَّ رَأَيْتُ فِي كَلَامِ سم مَا يُصَرِّحُ بِوُجُوبِ تَغْطِيَةِ الْجَمِيعِ بِغَيْرِ الْمَخِيطِ ع ش عَلَى م ر بِزِيَادَةٍ، وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ وَلَوْ اخْتَلَطَ مُحْرِمٌ بِغَيْرِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُغَطَّى رَأْسُ كُلٍّ رِعَايَةً لِحَقِّ الْإِحْرَامِ مَعَ أَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إلَى ذَلِكَ كَمَا فِي غُسْلِ نَحْوِ الشَّهِيدِ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَتَكْفِينِهِ) وَمُؤْنَةُ التَّجْهِيزِ وَالْكَفَنِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَالْأَغْنِيَاءُ حَيْثُ لَا تَرِكَةَ وَإِلَّا أُخْرِجَ مِنْ تَرِكَةِ كُلٍّ تَجْهِيزُ وَاحِدٍ بِالْقُرْعَةِ فِيمَا يَظْهَرُ وَيُغْتَفَرُ تَفَاوُتُ مُؤَنِ تَجْهِيزِهِمْ لِلضَّرُورَةِ حَجّ وَقَدْ يُقَالُ يُخْرِجُ مِنْ تَرِكَةِ كُلٍّ أَقَلُّ كِفَايَةِ وَاحِدٍ وَمَا زَادَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّ الْقُرْعَةَ لَا تُؤَثِّرُ فِي الْأَمْوَالِ، وَمَا بَقِيَ مَا لَوْ كَانَ الْمُشْتَبَهُ بِهِ مُرْتَدًّا أَوْ حَرْبِيًّا فَكَيْفَ يَكُونُ الْحَالُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُجَهَّزَانِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ بَلْ يَجُوزُ إغْرَاءُ الْكِلَابِ عَلَى جِيفَتِهِمَا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ

(1/480)


إذْ لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِذَلِكَ وَعُورِضَ بِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْفَرِيقِ الْآخَرِ مُحَرَّمَةٌ، وَلَا يَتِمُّ تَرْكُ الْمُحَرَّمِ إلَّا بِتَرْكِ الْوَاجِبِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَتْ عَلَى الْفَرِيقِ الْآخَرِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلِي كَالْأَصْلِ (وَيُصَلِّي عَلَى الْجَمِيعِ وَهُوَ أَفْضَلُ أَوْ عَلَى وَاحِدٍ فَوَاحِدٍ بِقَصْدِ مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْكَيْفِيَّتَيْنِ وَيُغْتَفَرُ التَّرَدُّدُ فِي النِّيَّةِ لِلضَّرُورَةِ (وَيَقُولُ) فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِ مِنْهُمْ) فِي الْكَيْفِيَّةِ الْأُولَى (أَوْ) يَقُولُ فِيهِ اللَّهُمَّ (اغْفِرْ لَهُ إنْ كَانَ مُسْلِمًا) فِي الثَّانِيَةِ وَالدُّعَاءُ الْمَذْكُورُ فِي الْأُولَى مِنْ زِيَادَتِي، وَقَوْلِي وَلَوْ اخْتَلَطَ إلَى الْآخِرِ أَعَمُّ مِمَّا ذَكَرَهُ.

(وَتُسَنُّ) أَيْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ (بِمَسْجِدٍ) «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِيهِ عَلَى سُهَيْلِ بْنِ بَيْضَاءَ وَأَخِيهِ سَهْلٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ بِدُونِ تَسْمِيَةِ الْأَخِ (وَبِثَلَاثَةِ صُفُوفٍ فَأَكْثَرَ) لِخَبَرِ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيُصَلِّي عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ صُفُوفٍ إلَّا غُفِرَ لَهُ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ (وَ) يُسَنُّ (تَكْرِيرُهَا) أَيْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى بَعْدَ الدَّفْنِ» وَمَعْلُومٌ أَنَّ الدَّفْنَ إنَّمَا كَانَ بَعْدَ صَلَاةٍ، وَتَقَعُ الصَّلَاةُ الثَّانِيَةُ فَرْضًا كَالْأُولَى سَوَاءٌ أَكَانَتْ قَبْلَ الدَّفْنِ أَمْ بَعْدَهُ فَيُنْوَى بِهَا الْفَرْضُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي، وَذِكْرُ السَّنِّ فِي الْأُولَى وَهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِي (لَا إعَادَتُهَا) فَلَا تُسَنُّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
يُجَهَّزَانِ هُنَا مِنْهُ وَيُغْتَفَرُ ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ لِتَجْهِيزِ الْمُسْلِمِ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: إذْ لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ) وَهُوَ تَجْهِيزُ الْمُسْلِمِ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ إلَّا بِذَلِكَ أَيْ: بِتَجْهِيزِ كُلٍّ أَيْ: وَمَا يَتِمُّ بِهِ الْوَاجِبُ فَهُوَ وَاجِبٌ (قَوْلُهُ: وَعُورِضَ) أَيْ: هَذَا الِاسْتِدْلَال وَالْمُعَارَضَةُ إقَامَةُ دَلِيلٍ يُنْتِجُ نَقِيضَ مَا أَنْتَجَهُ دَلِيلُ الْمُسْتَدِلِّ وَقَوْلُهُ: بِأَنَّ الصَّلَاةَ إلَخْ أَيْ: وَبِأَنَّ غُسْلَ الْفَرِيقِ الْآخَرِ أَيْ: الشَّهِيدِ مُحَرَّمٌ وَلَا يَتِمُّ تَرْكُ الْمُحَرَّمِ إلَّا بِتَرْكِ الْوَاجِبِ وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ مَحَلَّ تَحْرِيمِ الْغُسْلِ إذَا تَحَقَّقْنَا الشَّهَادَةَ وَوَجْهُ إيرَادِ الصَّلَاةِ دُونَهُ لِأَنَّهَا وَارِدَةٌ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمِثَالَيْنِ بِخِلَافِ هَذَا شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْفَرِيقِ الْآخَرِ) أَيْ: الْكَافِرِ وَالشَّهِيدِ (قَوْلُهُ: إلَّا بِتَرْكِ الْوَاجِبِ) وَهُوَ الصَّلَاةُ عَلَى الْمُسْلِمِ وَغَيْرِ الشَّهِيدِ، وَأَيْضًا دَرْءُ الْمَفَاسِدِ مُقَدَّمٌ عَلَى جَلْبِ الْمَصَالِحِ (قَوْلُهُ: وَيُغْتَفَرُ التَّرَدُّدُ) أَيْ: فِي الْكَيْفِيَّةِ الثَّانِيَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ تَعْلِيقِ النِّيَّةِ لِأَنَّ قَصْدَ مَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ مِنْهُمَا تَعْلِيقٌ لَهَا فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَيُغْتَفَرُ تَعْلِيقُ النِّيَّةِ اط ف وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّرَدُّدِ التَّعْلِيقُ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ التَّرَدُّدُ (قَوْلُهُ: لِلضَّرُورَةِ) إنْ قُلْت لَا ضَرُورَةَ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ تُفْعَلَ الْكَيْفِيَّةُ الْأُولَى وَلَا تَرَدُّدَ مَعَهَا قُلْت يُمْكِنُ أَنَّ ذَاكَ مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا شَقَّ فِعْلُهَا بِأَنْ كَانُوا جَمْعًا وَجَهَّزُوا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُصَلِّيَ عَلَى الْجَمِيعِ خِيفَ تَغَيُّرُ الْمُتَقَدِّمِ فِي التَّجْهِيزِ فَيَجِبُ أَنْ تُفْعَلَ الْكَيْفِيَّةُ الثَّانِيَةُ فَعَلَى هَذَا يُغْتَفَرُ التَّرَدُّدُ لِلضَّرُورَةِ حَجّ بِإِيضَاحٍ، وَكَذَا تَتَعَيَّنُ الْكَيْفِيَّةُ الْأُولَى إذَا تَمَّ غُسْلُ الْجَمِيعِ وَكَانَ الْإِفْرَادُ يُؤَدِّي إلَى تَغَيُّرِ الْمُتَأَخِّرِ كَمَا فِي حَجّ (قَوْلُهُ: وَيَقُولُ فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ) وَهُوَ قَوْلُهُ: كَمُسْلِمٍ بِكَافِرٍ وَأَمَّا فِي الْمِثَالِ الثَّانِي فَيَدْعُو لِلْجَمِيعِ فِي الْأُولَى وَيَدْعُو لَهُ بِعَيْنِهِ مِنْ غَيْرِ تَعْلِيقٍ فِي الثَّانِيَةِ إذْ لَا مَانِعَ مِنْ الدُّعَاءِ لِلشَّهِيدِ فَيَكُونُ تَأْكِيدًا فِي حَقِّهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: فِي الْكَيْفِيَّةِ الْأُولَى) وَهُوَ مَا لَوْ صَلَّى عَلَى الْجَمِيعِ وَقَوْلُهُ: أَوْ يَقُولُ أَوْ لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلتَّخْيِيرِ.

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِيهِ عَلَى سُهَيْلٍ إلَخْ) لَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُمَا كَانَا فِي الْمَسْجِدِ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُمَا كَانَا فِيهِ وَدَعْوَى أَنَّهُمَا كَانَا خَارِجَهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ م ر اط ف. (قَوْلُهُ: بَيْضَاءَ) لَقَبُ أُمِّهِمَا وَاسْمُهَا هِنْدُ وَقِيلَ دَعْدُ وَلُقِّبَتْ بِهَذَا اللَّقَبِ لِسَلَامَتِهَا مِنْ الدَّنَسِ (قَوْلُهُ: وَبِثَلَاثَةِ صُفُوفٍ) أَيْ: حَيْثُ كَانَ الْمُصَلُّونَ سِتَّةً فَأَكْثَرَ كَمَا فِي حَجّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَالثَّلَاثَةُ بِمَنْزِلَةِ الصَّفِّ الْوَاحِدِ فِي الْأَفْضَلِيَّةِ وَإِنَّمَا لَمْ يُجْعَلْ الْأَوَّلُ أَفْضَلَ مُحَافَظَةً عَلَى مَقْصُودِ الشَّارِعِ شَرْحُ الرَّوْضِ قَالَ حَجّ: وَهُوَ ظَاهِرٌ إلَّا فِي حَقِّ مَنْ جَاءَ وَقَدْ اصْطَفَّ الثَّلَاثَةُ، فَالْأَفْضَلُ لَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَنْ يَتَحَرَّى الْأَوَّلَ أَنَّا إنَّمَا سَوَّيْنَا بَيْنَ الثَّلَاثَةِ لِئَلَّا يَتْرُكُوهَا بِتَقَدُّمِهِمْ كُلِّهِمْ لِلْأَوَّلِ وَهَذَا مُنْتَفٍ هُنَا وَالصَّفُّ الْأَوَّلُ مِمَّا بَعْدَ الثَّلَاثَةِ أَفْضَلُ مِمَّا بَعْدَهُ وَلَوْ لَمْ يَحْضُرْ إلَّا سِتَّةٌ بِالْإِمَامِ وَقَفَ وَاحِدٌ مَعَهُ وَاثْنَانِ صَفًّا وَاثْنَانِ صَفًّا اهـ بِالْحَرْفِ بَقِيَ مَا لَوْ كَانَ الْحَاضِرُونَ ثَلَاثَةً فَقَطْ بِالْإِمَامِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَقِفَ وَاحِدٌ خَلْفَ الْإِمَامِ وَالْآخَرُ وَرَاءَ مَنْ هُوَ خَلْفَ الْإِمَامِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَقِفَ اثْنَانِ خَلْفَ الْإِمَامِ فَيَكُونُ الْإِمَامُ صَفًّا وَالِاثْنَانِ صَفًّا لِأَنَّ أَقَلَّ الصَّفِّ اثْنَانِ وَسَقَطَ الصَّفُّ الثَّالِثُ لِتَعَذُّرِهِ حَجّ ع ش م ر.
وَقَالَ ح ل وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَكْفِي فِي الِاصْطِفَافِ وُجُودُ اثْنَيْنِ فِي كُلِّ صَفٍّ فَاصْطِفَافُ الرَّابِعِ غَيْرُ مَكْرُوهٍ وَإِنْ لَمْ تَتِمَّ الصُّفُوفُ بَلْ كَانَ فِي كُلِّ صَفٍّ اثْنَانِ مَعَ السَّعَةِ وَلَوْ كَانَ مَعَ الْإِمَامِ ثَلَاثَةٌ هَلْ يَصْطَفُّ مَعَهُ وَاحِدٌ وَيَقِفُ كُلُّ وَاحِدٍ خَلْفَ الْآخَرِ حَرِّرْ (قَوْلُهُ: وَتَكْرِيرُهَا) أَيْ: بِأَنْ تَفْعَلَهَا طَائِفَةٌ بَعْدَ طَائِفَةٍ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ لَا إعَادَتُهَا إلَخْ أَوْ وَاحِدٌ بَعْدَ أَنْ صَلَّى غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَمَعْلُومٌ أَنَّ الدَّفْنَ إلَخْ) أَيْ: لِأَنَّهُ يَجِبُ تَقْدِيمُ الصَّلَاةِ عَلَى الدَّفْنِ ح ل. (قَوْلُهُ: وَتَقَعُ الصَّلَاةُ الثَّانِيَةُ فَرْضًا) وَيُثَابُ عَلَيْهَا ثَوَابَ الْفَرْضِ وَإِنْ سَقَطَ الْحَرَجُ بِالْأَوَّلَيْنِ لِبَقَاءِ الْخِطَابِ بِهَا نَدْبًا وَقَدْ يَكُونُ ابْتِدَاءُ الشَّيْءِ سُنَّةً وَإِذَا وَقَعَ وَاجِبًا كَحَجِّ فِرْقَةٍ تَأَخَّرَتْ عَمَّنْ وَقَعَ بِإِحْرَامِهِمْ الْإِحْيَاءُ الْآتِي اهـ تُحْفَةٌ شَوْبَرِيٌّ فَانْدَفَعَ الِاعْتِرَاضُ بِأَنَّهُ سَقَطَ الْحَرَجُ بِالْأَوَّلَيْنِ فَكَيْفَ تَكُونُ الثَّانِيَةُ فَرْضًا؟ (قَوْلُهُ: لَا إعَادَتُهَا فَلَا تُسَنُّ)

(1/481)


قَالُوا لِأَنَّهُ لَا يُتَنَفَّلُ بِهَا وَمَعَ ذَلِكَ تَقَعُ نَفْلًا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ

(وَلَا تُؤَخَّرُ لِغَيْرِ وَلِيٍّ) لِلْأَمْرِ بِالْإِسْرَاعِ بِهَا فِي خَبَرِ الشَّيْخَيْنِ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ لِزِيَادَةِ مُصَلِّينَ، أَمَّا الْوَلِيُّ فَتُؤَخَّرُ لَهُ مَا لَمْ يُخَفْ تَغَيُّرٌ.

(وَلَوْ نَوَى إمَامٌ مَيِّتًا) حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا (وَمَأْمُومٌ آخَرَ) كَذَلِكَ (جَازَ) لِأَنَّ اخْتِلَافَ نِيَّتِهِمَا لَا يَضُرُّ كَمَا لَوْ اقْتَدَى فِي ظُهْرٍ بِعَصْرٍ وَهَذَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ نَوَى الْإِمَامُ صَلَاةَ غَائِبٍ وَالْمَأْمُومُ صَلَاةَ حَاضِرٍ أَوْ عُكِسَ جَازَ

(وَالْأَوْلَى بِإِمَامَتِهَا) أَيْ صَلَاةِ الْمَيِّتِ مَنْ يَأْتِي وَإِنْ أَوْصَى بِهَا لِغَيْرِهِ لِأَنَّهَا حَقُّهُ فَلَا تَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ بِإِسْقَاطِهَا كَالْإِرْثِ وَمَا وَرَدَ مِمَّا يُخَالِفُهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الْوَلِيَّ أَجَازَ الْوَصِيَّةَ فَالْأَوْلَى (أَبٌ فَأَبُوهُ) وَإِنْ عَلَا (فَابْنٌ فَابْنُهُ) وَإِنْ سَفَلَ (فَبَاقِي الْعَصَبَةِ) مِنْ النَّسَبِ وَالْوَلَاءِ وَالْإِمَامَةِ (بِتَرْتِيبِ الْإِرْثِ) فِي غَيْرِ نَحْوِ ابْنَيْ عَمٍّ أَحَدُهُمَا أَخٌ لِأُمٍّ كَمَا سَيَأْتِي فَيُقَدَّمُ الْأَخُ الشَّقِيقُ ثُمَّ ابْنُ الْأَخِ الشَّقِيقِ ثُمَّ ابْنُ الْأَخِ لِلْأَبِ وَهَكَذَا ثُمَّ الْمُعْتِقُ ثُمَّ عَصَبَتُهُ ثُمَّ مُعْتِقُ الْمُعْتِقِ ثُمَّ عَصَبَتُهُ وَهَكَذَا ثُمَّ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ عِنْدَ انْتِظَامِ بَيْتِ الْمَالِ (فَذُو رَحِمٍ) وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا يَشْمَلُ الْأَخَ لِلْأُمِّ فَيُقَدَّمُ مِنْهُمْ أَبُو الْأُمِّ ثُمَّ الْأَخُ لِلْأُمِّ ثُمَّ الْخَالُ ثُمَّ الْعَمُّ لِلْأُمِّ وَقَوْلِي فَأَبُوهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
أَيْ: لَا جَمَاعَةً وَلَا فُرَادَى فَلَوْ أَعَادَهَا وَقَعَتْ نَفْلًا وَلَا تَتَقَيَّدُ الْإِعَادَةُ بِمَرَّةٍ وَلَا بِجَمَاعَةٍ وَلَا فُرَادَى، وَوُقُوعُهَا نَفْلًا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِمْ إنَّ الصَّلَاةَ إذَا لَمْ تُطْلَبْ لَمْ تَنْعَقِدْ وَلَعَلَّ وَجْهَ الِاسْتِثْنَاءِ أَنَّ الْغَرَضَ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ الشَّفَاعَةُ وَالدُّعَاءُ وَكَثْرَةُ الثَّوَابِ لَهُ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: لَا يُتَنَفَّلُ بِهَا) أَيْ: لَا يُطْلَبُ التَّنَفُّلُ بِهَا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ وَمَعَ ذَلِكَ إلَخْ وَقَالَ م ر أَيْ: لَا يُعِيدُهَا مُرَّةً ثَانِيَةً. (قَوْلُهُ: وَمَعَ ذَلِكَ) أَيْ: مَعَ كَوْنِهَا لَا تُسَنُّ وَقَوْلُهُ: تَقَعُ نَفْلًا عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا تَجِبُ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ وَيَجُوزُ الْخُرُوجُ مِنْهَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ.

(قَوْلُهُ: وَلَا تُؤَخَّرُ) أَيْ: لَا يُنْدَبُ ذَلِكَ وَلَوْ رُجِيَ حُضُورُهُمْ عَنْ قُرْبٍ لِتَمَكُّنِهِمْ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَهَذَا أَوْلَى) لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهَا لَا تُؤَخَّرُ لِلْوَلِيِّ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْوَلِيُّ فَتُؤَخَّرُ لَهُ) أَيْ: نَدْبًا مَا لَمْ يُخَفْ تَغَيُّرُهُ أَيْ: وَرُجِيَ حُضُورُهُ عَنْ قُرْبٍ م ر.

(قَوْلُهُ: مَيِّتًا حَاضِرًا) أَيْ: فَقَطْ أَوْ غَائِبًا فَقَطْ أَوْ غَائِبًا وَحَاضِرًا فَأَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ فَمَجْمُوعُ ذَلِكَ ثَلَاثُ صُوَرٍ فِي الْإِمَامِ وَفِي الْمَأْمُومِ مِثْلُ ذَلِكَ فَتُضْرَبُ ثَلَاثَةُ الْإِمَامِ فِي ثَلَاثَةِ الْمَأْمُومِ فَالْمَجْمُوعُ تِسْعُ صُوَرٍ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى بِإِمَامَتِهَا) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ: أَبٌ لَكِنَّ صَنِيعَهُ فِي الشَّرْحِ خِلَافُهُ لِأَنَّهُ جَعَلَ خَبَرَهُ مَنْ يَأْتِي وَجَعَلَ أَبٌ خَبَرَ الْمَحْذُوفِ وَهَذَا يَقَعُ لَهُ كَثِيرًا وَلَعَلَّ وَجْهَهُ الْإِتْيَانُ بِالْغَايَةِ أَعْنِي قَوْلَهُ وَإِنْ أَوْصَى إلَخْ وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُهُ تَأْخِيرُهَا عَنْ قَوْلِهِ أَبٌ فَأَبُوهُ إلَخْ إلَّا أَنَّ تَقْدِيمَهَا أَظْهَرُ لِيَعُمَّ جَمِيعَ مَنْ يَأْتِي تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَوْصَى) أَيْ: الْمَيِّتُ وَقَوْلُهُ: بِهَا أَيْ: بِالْإِمَامَةِ وَقَوْلُهُ: حَقُّهُ أَيْ: حَقُّ مَنْ يَأْتِي وَهُوَ قَوْلُهُ: أَبٌ فَأَبُوهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَلَا تَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ) أَيْ: لَا يَجِبُ تَنْفِيذُهَا وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى تَنْفِيذَهَا مُرَاعَاةً لِغَرَضِ الْمَيِّتِ، وَقَوْلُهُ: كَالْإِرْثِ التَّشْبِيهُ فِي مُطْلَقِ عَدَمِ التَّنْفِيذِ وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى هُنَا التَّنْفِيذُ وَالْوَصِيَّةُ بِإِسْقَاطِ الْإِرْثِ لَا يَجُوزُ تَنْفِيذُهَا أَصْلًا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف كَأَنْ أَوْصَى بِأَنَّ أَخَاهُ أَوْ ابْنَهُ لَا يَرِثُهُ (قَوْلُهُ: وَمَا وَرَدَ مِمَّا يُخَالِفُهُ) مِنْ ذَلِكَ وَصِيَّةُ أَبِي بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ عُمَرُ فَصَلَّى، وَوَصِيَّةُ عُمَرَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ صُهَيْبٌ فَصَلَّى، وَوَصِيَّةُ عَائِشَةَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهَا أَبُو هُرَيْرَةَ فَصَلَّى، وَوَصِيَّةُ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ الزُّبَيْرُ فَصَلَّى ح ل. فَلَوْ تَقَدَّمَ غَيْرُ الْأَحَقِّ كُرِهَ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ أَجْنَبِيًّا فِيمَا يَظْهَرُ إلَّا أَنْ يُخَافَ فِتْنَةً فَيَحْرُمُ شَوْبَرِيٌّ فَيَكُونُ التَّرْتِيبُ مُسْتَحَبًّا كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ سَفُلَ) بِتَثْلِيثِ الْفَاءِ كَمَا فِي م ر. (قَوْلُهُ: مِنْ النَّسَبِ) مِنْ تَعْلِيلِهِ أَيْ: الْعَصَبَةِ مِنْ أَجْلِ النَّسَبِ وَمِنْ أَجْلِ الْوَلَاءِ وَمِنْ أَجْلِ الْإِمَامَةِ فَهِيَ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى النَّسَبِ وَالْمُرَادُ بِهَا الْعُظْمَى (قَوْلُهُ: نَحْوِ ابْنَيْ عَمٍّ) كَابْنَيْ مُعْتَقٍ وَقَوْلُهُ: كَمَا سَيَأْتِي أَيْ: فِي قَوْلِهِ نَعَمْ لَوْ كَانَ أَحَدُ الْمُسْتَوِيَيْنِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْإِمَامُ) وَإِنَّمَا قُدِّمَ عَلَيْهِ الْقَرِيبُ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الصَّلَاةِ الدُّعَاءُ وَهُوَ مِنْهُ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ لِانْكِسَارِ قَلْبِهِ فَإِنْ قُلْت هَذَا الْمَعْنَى يَحْصُلُ بِصَلَاتِهِ مَأْمُومًا قُلْت: مَمْنُوعٌ لِأَنَّ الْإِمَامَ يَجْتَهِدُ فِي الدُّعَاءِ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ لِأَنَّ الْخِيرَةَ إلَيْهِ فِي تَطْوِيلِهِ وَتَقْصِيرِهِ اهـ إيعَابٌ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَذُو رَحِمٍ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر ثُمَّ ذَوُو الْأَرْحَامِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ فَيُقَدَّمُ أَبُو الْأُمِّ إلَخْ، قَالَ: الرَّاغِبُ فِي مُفْرَدَاتِهِ الرَّحِمُ رَحِمُ الْمَرْأَةِ وَامْرَأَةٌ رَحُومٌ تَشْكُو رَحِمَهَا وَمِنْهُ اُسْتُعِيرَ الرَّحِمُ لِلْقَرَابَةِ لِكَوْنِهِمْ خَارِجِينَ مِنْ رَحِمٍ وَاحِدٍ اهـ أَيْ: بِالنَّظَرِ لِأَصْلِهِمْ أَيْ: فَإِطْلَاقُ الرَّحِمِ عَلَى الْقَرَابَةِ مَجَازٌ لُغَوِيٌّ لَكِنَّهُ صَارَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً كَمَا ذَكَرَهُ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ الْأَخُ لِلْأُمِّ) يُوَجَّهُ بِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ وَارِثًا لَكِنَّهُ يُدْلِي بِالْأُمِّ فَقَطْ فَقُدِّمَ عَلَيْهِ مَنْ هُوَ أَقْوَى فِي الْإِدْلَاءِ بِهَا وَهُوَ أَبُو الْأُمِّ وَقَدَّمَ فِي الذَّخَائِرِ عَلَى الْأَخِ لِلْأُمِّ بَنِي الْبَنَاتِ وَلَهُ وَجْهٌ لِأَنَّ الْإِدْلَاءَ بِالْبُنُوَّةِ أَقْوَى مِنْهُ بِالْأُخُوَّةِ حَجّ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْعَمُّ لِلْأُمِّ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ بَقِيَّةَ ذَوِي الْأَرْحَامِ يَتَرَتَّبُونَ بِالْقُرْبِ إلَى الْمَيِّتِ سم عَلَى حَجّ وَدَخَلَ فِي بَقِيَّةِ ذَوِي الْأَرْحَامِ أَوْلَادُ الْأَخَوَاتِ وَأَوْلَادُ بَنَاتِ الْعَمِّ وَأَوْلَادُ الْخَالِ وَالْخَالَةِ وَلْيُنْظَرْ مَنْ يُقَدَّمُ مِنْهُمْ عَلَى غَيْرِهِ وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ: يُقَدَّمُ أَوْلَادُ الْأَخَوَاتِ ثُمَّ أَوْلَادُ بَنَاتِ الْعَمِّ ثُمَّ أَوْلَادُ الْخَالِ ثُمَّ أَوْلَادُ الْخَالَةِ لِأَنَّ بَنَاتَ الْعَمِّ بِفَرْضِهِنَّ ذُكُورًا يَكُونُونَ فِي مَحَلِّ الْعُصُوبَةِ، وَبَنَاتَ الْأَخَوَاتِ لَوْ فُرِضَتْ أُصُولُهُنَّ

(1/482)


أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ ثُمَّ الْجَدُّ (وَقُدِّمَ حُرٌّ) عَدْلٌ (عَلَى عَبْدٍ أَقْرَبَ) مِنْهُ وَلَوْ أَفْقَهَ وَأَسَنَّ أَوْ فَقِيهًا لِأَنَّهُ أَلْيَقُ بِالْإِمَامَةِ لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا حَقَّ فِيهَا لِلزَّوْجِ وَلَا لِلْمَرْأَةِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا وُجِدَ مَعَ الزَّوْجِ غَيْرُ الْأَجَانِبِ وَمَعَ الْمَرْأَةِ ذَكَرٌ أَوْ خُنْثَى فِيمَا يَظْهَرُ وَإِلَّا فَالزَّوْجُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَجَانِبِ وَالْمَرْأَةُ تُصَلِّي وَتُقَدَّمُ بِتَرْتِيبِ الذَّكَرِ، وَيُقَدَّمُ الْعَبْدُ الْقَرِيبُ عَلَى الْحُرِّ الْأَجْنَبِيِّ كَمَا أَفْهَمَهُ التَّقْيِيدُ بِالْأَقْرَبِ وَالْعَبْدُ الْبَالِغُ عَلَى الْحُرِّ الصَّبِيِّ وَشَرْطُ الْمُقَدَّمِ أَنْ لَا يَكُونَ قَاتِلًا كَمَا فِي الْغُسْلِ (فَلَوْ اسْتَوَيَا) أَيْ اثْنَانِ فِي دَرَجَةٍ كَابْنَيْنِ أَوْ أَخَوَيْنِ (قُدِّمَ الْأَسَنُّ) فِي الْإِسْلَامِ (الْعَدْلُ عَلَى الْأَفْقَهِ) مِنْهُ عَكْسُ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ لِأَنَّ الْغَرَضَ هُنَا الدُّعَاءُ وَدُعَاءَ الْأَسَنِّ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ وَسَائِرُ الصَّلَوَاتِ مُحْتَاجَةٌ إلَى الْفِقْهِ لِكَثْرَةِ وُقُوعِ الْحَوَادِثِ فِيهَا نَعَمْ لَوْ كَانَ أَحَدُ الْمُسْتَوِيَيْنِ ذَا رَحِمٍ كَابْنَيْ عَمٍّ أَحَدُهُمَا أَخٌ لِأُمٍّ قُدِّمَ وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ أَسَنَّ كَمَا اقْتَضَاهُ نَصُّ الْبُوَيْطِيِّ وَكَلَامُ الرَّوْضَةِ وَالْحَقُّ أَنَّ هَذَيْنِ لَمْ يَسْتَوِيَا أَمَّا غَيْرُ الْعَدْلِ مِنْ فَاسِقٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
ذُكُورًا قُدِّمُوا عَلَى غَيْرِهِمْ فَتُنَزَّلُ بَنَاتُهُنَّ مَنْزِلَتَهُنَّ بِتَقْدِيرِ الذُّكُورَةِ، وَبَنَاتَ الْخَالِ لِلذُّكُورَةِ مَنْ أُدْلِينَ بِهِ الْمُقْتَضِي لِتَقْدِيمِهِ عَلَى أُخْتِهِ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ ثُمَّ الْجَدُّ) أَيْ: لِأَنَّ الْجَدَّ يَشْمَلُ لِلْأُمِّ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى الِابْنِ مَعَ أَنَّهُ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ عَلَى قَوْلِهِ فَذُو رَحِمٍ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَقُدِّمَ حُرٌّ) أَيْ: قَرِيبٌ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ عَلَى عَبْدٍ أَقْرَبَ وَهَذَا تَقْيِيدٌ لِلْمَتْنِ أَيْ: مَحَلُّ التَّقْدِيمِ بِتَرْتِيبِ الْإِرْثِ عِنْدَ الِاتِّحَادِ فِي الْحُرِّيَّةِ وَعَدَمِهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ فَقِيهًا) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْحُرَّ غَيْرُ فَقِيهٍ أَصْلًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَدَّمُ إلَّا إذَا كَانَ عِنْدَهُ فِقْهٌ فَإِنَّ حَمْلَ الْفَقِيهِ عَلَى الْأَفْقَهِ أَغْنَى عَنْهُ قَوْلُهُ: وَلَوْ أَفْقَهَ فَالْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ أَوْ فَقِيهًا اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا حَقَّ فِيهَا لِلزَّوْجِ) أَيْ: مِنْ اقْتِصَارِهِمْ فِي الْعَدِّ عَلَى مَا ذَكَرَ كَمَا قَالَهُ الشَّوْبَرِيُّ وَقَالَ: ع ش أَيْ: عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ فَبَاقِي الْعَصَبَةِ بِتَرْتِيبِ الْإِرْثِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: وَأَشْعَرَ سُكُوتُ الْمُصَنِّفِ عَنْ الزَّوْجِ أَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَرْأَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ اهـ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا حَقَّ فِيهَا لِلزَّوْجِ) أَيْ: الذَّكَرِ وَقَوْلُهُ: وَلَا لِلْمَرْأَةِ أَيْ: مُطْلَقُ الْمَرْأَةِ لَا خُصُوصُ الزَّوْجَةِ خِلَافًا لِزَيِّ فَالزَّوْجَةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْأَجْنَبِيَّاتِ وَمُؤَخَّرَةٌ عَنْ نِسَاءِ الْقَرَابَةِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَالرَّشِيدِيِّ وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ ح ل هُنَا فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَلَا لِلْمَرْأَةِ) أَيْ: مُطْلَقًا مِنْ الْأَقَارِبِ وَالزَّوْجَةِ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي وَلَك أَنْ تَخُصَّ الْمَرْأَةَ بِالْأُنْثَى مِنْ الْأَقَارِبِ وَتُعَمِّمَ فِي الزَّوْجِ أَيْ: الشَّامِلِ لِلْأُنْثَى وَتُعَمِّمَ فِي قَوْلِهِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَجَانِبِ أَيْ: مِنْ الذُّكُورِ فِي الذَّكَرِ وَالْإِنَاثِ فِي الْأُنْثَى فَكِلَا الْمَسْلَكَيْنِ صَحِيحٌ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَالْمَرْأَةُ تُصَلِّي) أَيْ: الزَّوْجَةُ. اهـ. ز ي. وَأَقُولُ تَفْسِيرُ الْمَرْأَةِ بِمَا ذَكَرَ يُنَافِيهِ قَوْلُ الشَّارِحِ: وَتُقَدَّمُ بِتَرْتِيبِ الذَّكَرِ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْمَرْأَةِ الْقَرِيبَةُ مِنْ النَّسَبِ ثُمَّ ذَاتُ الْوَلَاءِ إلَخْ، لَكِنَّ الْمُحَشِّيَ حَمَلَ الضَّمِيرَ فِي تُقَدَّمَ عَلَى النِّسَاءِ الْمَحَارِمِ وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُنَّ مَرْجِعٌ وَعَلَيْهِ فَلَا مُنَافَاةَ ع ش وَالْأَوْلَى حَمْلُ الْمَرْأَةِ عَلَى الْمَعْنَى الْأَعَمِّ الَّذِي هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ سِيَاقِ كَلَامِهِ فَقَوْلُهُ: وَتُقَدَّمُ أَيْ: مُطْلَقُ الْمَرْأَةِ بِتَرْتِيبِ الذَّكَرِ فَتُقَدَّمُ نِسَاءُ الْعَصَبَاتِ ثُمَّ الْمَحَارِمُ ثُمَّ الزَّوْجَةُ شَيْخُنَا وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَتُقَدَّمُ نِسَاءُ الْمَحَارِمِ كَتَرْتِيبِ الذَّكَرِ فَتُقَدَّمُ الْأُمُّ ثُمَّ أُمُّهَا ثُمَّ الْبِنْتُ ثُمَّ الْأُخْتُ الشَّقِيقَةُ ثُمَّ الْأُخْتُ لِلْأَبِ ز ي. (قَوْلُهُ: وَيُقَدَّمُ الْعَبْدُ الْقَرِيبُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ غَيْرَ فَقِيهٍ وَقَوْلُهُ: عَلَى الْحُرِّ الْأَجْنَبِيِّ وَلَوْ فَقِيهًا وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَا بَالِغَيْنِ أَوْ صَبِيَّيْنِ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ ح ل وَالْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِهِ فَعُلِمَ فَقَوْلُهُ: وَالْعَبْدُ الْبَالِغُ تَقْيِيدٌ لِقَوْلِهِ وَقُدِّمَ حُرٌّ عَلَى عَبْدٍ أَقْرَبَ أَيْ: مَحَلُّهُ إنْ اسْتَوَيَا بُلُوغًا أَوْ عَدَمَهُ فَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ بَالِغًا دُونَ الْحُرِّ فَهُوَ مُقَدَّمٌ وَيُؤْخَذُ تَقْيِيدُ الْحُرِّ بِالْبُلُوغِ مِنْ قَوْلِهِ سَابِقًا: عَدْلٌ لِأَنَّ الْعَدَالَةَ يَلْزَمُهَا الْبُلُوغُ.
(قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَكُونَ قَاتِلًا) وَلَوْ خَطَأً أَوْ بِحَقٍّ قِيَاسًا عَلَى عَدَمِ إرْثِهِ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْغُسْلِ) وَقِيَاسُهُ أَنْ يَأْتِيَ هُنَا مَا مَرَّ ثُمَّ مِنْ اشْتِرَاطِ انْتِفَاءِ الْعَدَاوَةِ وَالصِّبَا نَعَمْ يُقَدَّمُ مُمَيِّزٌ أَجْنَبِيٌّ عَلَى امْرَأَةٍ قَرِيبَةٍ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ اسْتَوَيَا إلَخْ) وَلَوْ تَنَازَعَ مُسْتَوِيَانِ أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا وُجُوبًا إنْ كَانَ عِنْدَ الْحَاكِمِ قَطْعًا لِلنِّزَاعِ وَنَدْبًا فِيمَا بَيْنَهُمْ لِأَنَّهُ لَوْ تَقَدَّمَ غَيْرُ مَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَلَا مَعْنَى لِلْوُجُوبِ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَدُعَاءُ الْأَسَنِّ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ) لَا يُقَالُ الْأَقْرَبِيَّةُ حَاصِلَةٌ مَعَ كَوْنِ الْأَسَنِّ مَأْمُومًا لِأَنَّ الْإِمَامَ رُبَّمَا يُعَجِّلُهُ عَمَّا يَفْرُغُ وُسْعُهُ فِيهِ مِنْ الدُّعَاءِ لِقَرِيبِهِ بِمَجَامِعِ الْخَيْرِ وَمُهِمَّاتِهِ. اهـ. حَجّ. (قَوْلُهُ: ذَا رَحِمٍ) أَيْ: أَوْ زَوْجًا فَيُقَدَّمُ وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ أَسَنَّ مِنْهُ كَمَا اقْتَضَاهُ نَصُّ الْبُوَيْطِيِّ فَقَوْلُهُمْ لَا مَدْخَلَ لِلزَّوْجِ مَعَ الْأَقَارِبِ مَحَلُّهُ عِنْدَ عَدَمِ مُشَارَكَتِهِ لَهُمْ فِي الْقَرَابَةِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: كَابْنَيْ عَمٍّ) أَيْ: أَوْ ابْنَيْ مُعْتَقٍ.
(قَوْلُهُ: أَخٌ لِأُمٍّ قُدِّمَ) لِأَنَّ قَرَابَةَ الْأُمِّ مُرَجِّحَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْأَقْرَبِيَّةِ الْمُوجِبَةِ لِأَقْرَبِيَّةِ الدُّعَاءِ لِلْإِجَابَةِ لِحُنُوِّ الْقَرِيبِ وَشَفَقَتِهِ. اهـ. حَجّ. (قَوْلُهُ: وَالْحَقُّ أَنَّ هَذَيْنِ لَمْ يَسْتَوِيَا) أَيْ: فَلَا اسْتِثْنَاءَ وَعِبَارَةُ حَجّ أَمَّا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا أَخًا لِأُمٍّ فَيُقَدَّمُ وَلَا يَرِدُ عَلَى الْمَتْنِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَسْتَوِيَا حِينَئِذٍ لِمَا مَرَّ أَنَّ قَرَابَةَ الْأُمِّ مُرَجِّحَةٌ اهـ.

(1/483)


وَمُبْتَدَعٍ فَلَا حَقَّ لَهُ فِي الْإِمَامَةِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي السِّنِّ قُدِّمَ الْأَفْقَهُ وَالْأَقْرَأُ وَالْأَوْرَعُ بِالتَّرْتِيبِ السَّابِقِ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ.
(وَيَقِفُ) نَدْبًا (غَيْرُ مَأْمُومٍ) مِنْ إمَامٍ وَمُنْفَرِدٍ (عِنْدَ رَأْسِ ذَكَرٍ وَعَجُزِ غَيْرِهِ) مِنْ أُنْثَى وَخُنْثَى لِلِاتِّبَاعِ فِي غَيْرِ الْخُنْثَى رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ فِي الذَّكَرِ وَالشَّيْخَانِ فِي الْأُنْثَى وَقِيَاسًا عَلَى الْأُنْثَى فِي الْخُنْثَى، وَحِكْمَةُ الْمُخَالَفَةِ الْمُبَالَغَةُ فِي سَتْرِ غَيْرِ الذَّكَرِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَيَقِفُ عِنْدَ رَأْسِ الرَّجُلِ وَعَجُزِهَا

(وَتَجُوزُ عَلَى جَنَائِزَ صَلَاةٌ) وَاحِدَةٌ بِرِضَا أَوْلِيَائِهَا لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهَا الدُّعَاءُ، وَالْجَمْعُ فِيهِ مُمْكِنٌ وَالْأَوْلَى إفْرَادُ كُلٍّ بِصَلَاةٍ إنْ أَمْكَنَ وَعَلَى الْجَمْعِ إنْ حَضَرَتْ دَفْعَةً أُقْرِعَ بَيْنَ الْأَوْلِيَاءِ وَقُدِّمَ إلَى الْإِمَامِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: وَمُبْتَدَعٌ) إنْ كَانَ لَا تَأْوِيلَ لَهُ فَكَيْفَ عَطَفَهُ عَلَى الْفَاسِقِ وَهُوَ فَاسِقٌ وَإِنْ كَانَ لَهُ تَأْوِيلٌ فَكَيْفَ أَخْرَجَهُ بِالْعَدْلِ مَعَ قَبُولِ شَهَادَتِهِ فَلْيُحَرَّرْ ز ي وَقَدْ أَشَارَ الْمَحَلِّيُّ إلَى إخْرَاجِهِ بِقَيْدٍ وَهُوَ جَهْلُ حَالِهِ شَوْبَرِيٌّ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: يُخْتَارُ الشِّقُّ الْأَوَّلُ وَهُوَ كَوْنُهُ لَا تَأْوِيلَ لَهُ وَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ: وَمُبْتَدِعٍ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُبْتَدِعَ فَاسِقٌ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِمَا قَالُوهُ فِي بَابِ الشَّهَادَةِ مِنْ أَنَّ الْمُبْتَدِعَةَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ حَيْثُ كَانَ لَهُمْ تَأْوِيلٌ سَائِغٌ وَهُوَ مُقْتَضَى أَنَّهُمْ لَيْسُوا فَسَقَةً إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ مَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى بِدْعَةٍ مُفَسِّقَةٍ بِأَنْ كَانَ لَهُمْ تَأْوِيلٌ بَعِيدٌ وَمَا فِي بَابِ الشَّهَادَةِ بِعَكْسِ ذَلِكَ اهـ.
(قَوْلُهُ: فَلَا حَقَّ لَهُ فِي الْإِمَامَةِ) أَيْ: مَعَ وُجُودِ عَدْلٍ غَيْرِهِ. أَمَّا لَوْ عَمَّ الْفِسْقُ الْجَمِيعَ قُدِّمَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ عَلَى تَرْتِيبِ الْإِرْثِ ع ش. (قَوْلُهُ: وَيَقِفُ غَيْرُ مَأْمُومٍ إلَخْ) وَيُوضَعُ رَأْسُ الذَّكَرِ لِجِهَةِ يَسَارِ الْإِمَامِ وَيَكُونُ غَالِبُهُ لِجِهَةِ يَمِينِهِ خِلَافًا لِمَا عَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ الْآنَ أَمَّا الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى فَيَقِفُ الْإِمَامُ عِنْدَ عَجِيزَتِهِمَا وَيَكُونُ رَأْسُهُمَا لِجِهَةِ يَمِينِهِ عَلَى عَادَةِ النَّاسِ الْآنَ ع ش، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجْعَلُ مُعْظَمَ الْمَيِّتِ عَنْ يَمِينِ الْمُصَلِّي، فَحِينَئِذٍ يَكُونُ رَأْسُ الذَّكَرِ جِهَةَ يَسَارِ الْمُصَلِّي، وَالْأُنْثَى بِالْعَكْسِ إذَا لَمْ تَكُنْ عِنْدَ الْقَبْرِ الشَّرِيفِ أَمَّا إنْ كَانَتْ هُنَاكَ، فَالْأَفْضَلُ جَعْلُ رَأْسِهَا عَلَى الْيَسَارِ كَرَأْسِ الذَّكَرِ لِيَكُونَ رَأْسُهَا جِهَةَ الْقَبْرِ الشَّرِيفِ سُلُوكًا لِلْأَدَبِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ. (قَوْلُهُ عِنْدَ رَأْسِ ذَكَرٍ) أَيْ: وَلَوْ صَغِيرًا، وَقَوْلُهُ وَعَجُزِ غَيْرِهِ أَيْ: وَلَوْ صَغِيرَةً وَيَجْرِي هَذَا التَّفْضِيلُ فِي الْوُقُوفِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ نَظَرًا لِمَا كَانَ قَبْلُ وَهُوَ حَسَنٌ عَمَلًا بِالسُّنَّةِ وَإِنْ اسْتَبْعَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ شَرْحُ م ر وَلَوْ حَضَرَ رَجُلٌ وَأُنْثَى فِي تَابُوتٍ وَاحِدٍ فَهَلْ يُرَاعَى فِي الْمَوْقِفِ الرَّجُلُ لِأَنَّهُ أَشْرَفُ أَوْ هِيَ لِأَنَّهَا أَحَقُّ بِالسَّتْرِ أَوْ الْأَفْضَلُ لِقُرْبِهِ لِلرَّحْمَةِ لِأَنَّهُ الْأَشْرَفُ حَقِيقَةً؟ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَلَعَلَّ الثَّانِيَ أَقْرَبُ، أَمَّا الْمَأْمُومُ فَيَقِفُ حَيْثُ تَيَسَّرَ حَجّ وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ عِنْدَ رَأْسِ الرَّجُلِ أَيْ: الذَّكَرِ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ أُنْثَى فِي نَعْشٍ وَاحِدٍ أَوْ صَلَّى عَلَى قَبْرِهِ مَثَلًا انْتَهَى. (قَوْله أَوْلَى إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقَيِّدْ بِغَيْرِ الْمَأْمُومِ.

(قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ عَلَى جَنَائِزَ صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ) فَإِنْ قُلْت هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ حَضَرَ مَوْتَى نَوَاهُمْ قُلْت: الْغَرَضُ مُخْتَلِفٌ؛ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ فِي صِحَّةِ النِّيَّةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ صِحَّتِهَا الْجَوَازُ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْأَصْلُ بِدَلِيلِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ فِي الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ وَمَا هُنَا فِي الْجَوَازِ مَعَ الصِّحَّةِ أَوْ أَنَّهُ ذَكَرَهُ هُنَا تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ مِنْ الْإِقْرَاعِ وَعَدَمِهِ كَمَا نَقَلَهُ الْعَلَّامَةُ الْبَابِلِيُّ عَنْ ع ش عَلَى م ر، وَفِيهِ أَنَّ الْإِقْرَاعَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ فَالِاعْتِرَاضُ بَاقٍ عَلَى الْمَتْنِ؛ لِأَنَّ هَذَا يُغْنِي عَنْ ذَاكَ فَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مُنَافٍ لِلِاخْتِصَارِ الْمَقْصُودِ لَهُ وَهَلْ يَتَعَدَّدُ الثَّوَابُ لَهُمْ وَلَهُ بِعَدَدِهِمْ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي التَّشْيِيعِ لَهُمْ قَالَهُ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى إفْرَادُ كُلٍّ إلَخْ) أَيْ: كَمَا فُهِمَ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالْجَوَازِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: وَعُلِمَ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْجَوَازِ أَنَّ الْأَفْضَلَ إفْرَادُ كُلِّ جِنَازَةٍ بِصَلَاةٍ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ عَمَلًا وَأَرْجَى قَبُولًا وَالتَّأْخِيرُ لِذَلِكَ يَسِيرُ خِلَافًا لِلْمُتَوَلِّي اهـ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَى الْجَمْعِ) أَيْ: وَإِذَا بَنَيْنَا عَلَى جَوَازِ الصَّلَاةِ عَلَى الْكُلِّ وَقَوْلُهُ: إنْ حَضَرَتْ أَيْ: إلَى مَوْضِعِ الصَّلَاةِ وَقَوْلُهُ: أُقْرِعَ أَيْ: لِيَؤُمَّ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِالْقَوْمِ وَكَتَبَ أَيْضًا: قَوْلُهُ: أُقْرِعَ أَيْ: نَدْبًا لِتَمَكُّنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ صَلَاتِهِ لِنَفْسِهِ وَلَمْ يُقَدَّمُوا بِالصِّفَاتِ قَبْلَ الْإِقْرَاعِ كَمَا يَأْتِي نَظِيرُهُ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ أَنَّ التَّقْدِيمَ هُنَا وِلَايَةٌ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ إلَّا الْإِقْرَاعُ بِخِلَافِهِ ثَمَّ فَإِنَّهُ مُجَرَّدُ فَضِيلَةِ الْقُرْبِ مِنْ الْإِمَامِ فَأَثَّرَتْ فِيهِ الصِّفَاتُ الْفَاضِلَةُ، وَأَيْضًا فَالتَّقْدِيمُ هُنَا يُفَوِّتُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ حَقَّهُ مِنْ الْإِمَامَةِ بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ فَإِنَّهُ لَا يُفَوِّتُ حَقَّ الْبَاقِينَ مِنْ الصَّلَاةِ لِأَنَّهَا عَلَى الْكُلِّ وَإِنَّمَا فَوَّتَ عَلَيْهِ الْقُرْبَ مِنْ الْإِمَامِ فَقَطْ فَسُومِحَ بِهِ هُنَا وَهَذَا نَظِيرُ مَا سَيَأْتِي مِنْ عَدَمِ تَقْدِيمِ الْأَفْضَلِ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ شَرْحُ م ر اهـ شَوْبَرِيٌّ مَعَ زِيَادَةٍ.
(قَوْلُهُ: وَقُدِّمَ إلَى الْإِمَامِ) أَيْ: مِنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ أَوْ مِنْ جِهَةِ الْيَمِينِ فَشَمِلَ صُورَةَ الْخَنَاثَى. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ عِنْدَ اخْتِلَافِ النَّوْعِ تُقَدَّمُ الرِّجَالُ ثُمَّ الصِّبْيَانُ ثُمَّ الْخَنَاثَى ثُمَّ النِّسَاءُ مُطْلَقًا فِي الْمَعِيَّةِ

(1/484)


الرَّجُلُ ثُمَّ الصَّبِيُّ ثُمَّ الْخُنْثَى ثُمَّ الْمَرْأَةُ، فَإِنْ كَانُوا ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا أَوْ خَنَاثَى قُدِّمَ إلَيْهِ أَفْضَلُهُمْ بِالْوَرَعِ وَنَحْوُهُ مِمَّا يَرْغَبُ فِي الصَّلَاةِ لَا بِالْحُرِّيَّةِ لِانْقِطَاعِ الرِّقِّ بِالْمَوْتِ أَوْ مُرَتَّبَةً قُدِّمَ وَلِيُّ السَّابِقَةِ ذَكَرًا كَانَ مَيِّتُهُ أَوْ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى وَقُدِّمَ إلَيْهِ الْأَسْبَقُ مِنْ الذُّكُورِ أَوْ الْإِنَاثِ أَوْ الْخَنَاثَى، وَإِنْ كَانَ الْمُتَأَخِّرُ أَفْضَلَ فَلَوْ سَبَقَتْ أُنْثَى ثُمَّ حَضَرَ رَجُلٌ أَوْ صَبِيٌّ أُخِّرَتْ عَنْهُ وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى، وَلَوْ حَضَرَ خَنَاثَى مَعًا أَوْ مُرَتَّبِينَ جُعِلُوا صَفًّا وَاحِدًا عَنْ يَمِينِهِ رَأْسُ كُلٍّ مِنْهُمْ عِنْدَ رِجْلِ الْآخَرِ لِئَلَّا يَتَقَدَّمَ أُنْثَى عَلَى ذَكَرٍ

(وَلَوْ وُجِدَ جُزْءُ مَيِّتٍ مُسْلِمٍ) غَيْرِ شَهِيدٍ (صَلَّى عَلَيْهِ) بَعْدَ غَسْلِهِ وَسَتْرِهِ بِخِرْقَةٍ وَدُفِنَ كَالْمَيِّتِ الْحَاضِرِ وَإِنْ كَانَ الْجُزْءُ ظُفُرًا أَوْ شَعْرًا فَقَدْ صَلَّى الصَّحَابَةُ عَلَى يَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَتَّابِ بْنِ أُسَيْدَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
وَغَيْرِهَا وَفِي اتِّحَادِهِ يُقَدَّمُ فِي الْمَعِيَّةِ بِالْفَضْلِ وَفِي غَيْرِهَا بِالسَّبْقِ وَيُقْرَعُ بَيْنَ الْأَوْلِيَاءِ فِي الْمَعِيَّةِ وَيُقَدَّمُ فِي غَيْرِهَا بِالسَّبْقِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: الرَّجُلُ) أَيْ: مِنْ الْأَمْوَاتِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْمَرْأَةُ) أَيْ: الْبَالِغَةُ ثُمَّ الصَّبِيَّةُ قِيَاسًا عَلَى الذَّكَرِ ح ف (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانُوا ذُكُورًا) أَيْ: تَمَحَّضُوا ذُكُورًا أَوْ تَمَحَّضُوا إنَاثًا زَادَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَوْ خَنَاثَى وَالصَّوَابُ إسْقَاطُهُ لِأَنَّهُ لَا تَقْدِيمَ فِيهِمْ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ وَالتَّقْدِيمُ الْمَذْكُورُ هُوَ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ كَمَا قَالَهُ السَّنْبَاطِيُّ (قَوْلُهُ: قُدِّمَ إلَيْهِ أَفْضَلُهُمْ) أَيْ: فَيَكُونُونَ مَصْفُوفِينَ مِنْ الْإِمَامِ إلَى جِهَةِ الْقِبْلَةِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر جُعِلُوا بَيْنَ يَدَيْهِ وَاحِدًا خَلْفَ وَاحِدٍ إلَى جِهَةِ الْقِبْلَةِ لِيُحَاذِيَ الْجَمِيعَ وَقُدِّمَ إلَيْهِ أَفْضَلُهُمْ إلَخْ قَالَ: الشَّوْبَرِيُّ فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الصِّفَاتِ فَإِنْ رَضِيَ الْأَوْلِيَاءُ بِتَقْدِيمِ أَحَدِهِمْ فَذَاكَ وَإِلَّا أَقْرَعَ. لَا يُقَالُ التَّقْدِيمُ حَقٌّ لِلْمَيِّتِ فَلَا يَسْقُطُ بِالتَّرَاضِي لِأَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يُسَاوِهِ غَيْرُهُ وَإِلَّا فَلَا حَقَّ لَهُ فِيهِ قَالَهُ فِي الْإِيعَابِ.
(قَوْلُهُ: وَقُدِّمَ إلَيْهِ الْأَسْبَقُ) أَيْ: إنْ كَانُوا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ فَلَوْ سَبَقَتْ أُنْثَى ثُمَّ حَضَرَ رَجُلٌ أَوْ صَبِيٌّ أُخِّرَتْ عَنْهُ لِأَنَّ ذَاكَ مَفْرُوضٌ فِي اخْتِلَافِ الْجِنْسِ تَأَمَّلْ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: فَلَوْ سَبَقَتْ أُنْثَى) مُقَابِلٌ لِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ هَذَا إنْ اتَّحَدَ الْجِنْسُ فَلَوْ اخْتَلَفَ وَسَبَقَتْ أُنْثَى إلَخْ وَقَالَ: بَعْضُهُمْ الْأَوْلَى تَقْدِيمُ قَوْلِهِ: فَلَوْ سَبَقَتْ أُنْثَى عَقِبَ قَوْلِهِ وَقُدِّمَ إلَى الْإِمَامِ الرَّجُلُ إلَخْ لِأَنَّ الْحُكْمَ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ لَا يَخْتَلِفُ بِالتَّرْتِيبِ وَالْمَعِيَّةِ، فَذِكْرُهُ بَعْدَ التَّرْتِيبِ أَيْ: بَعْدَ قَوْلِهِ مَرْتَبَةً لَا يَظْهَرُ لِأَنَّ تَقْدِيمَ الْأَسْبَقِ فِي التَّرْتِيبِ خَاصٌّ بِاتِّحَادِ الْجِنْسِ وَالْجِنْسُ فِي هَذَا مُخْتَلِفٌ اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَضَرَ خَنَاثَى) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ أَوْ خَنَاثَى قُدِّمَ إلَيْهِ أَفْضَلُهُمْ إلَّا أَنْ يُقَالَ: هَذَا بَيَانٌ لِلتَّقْدِيمِ فِيهِمْ اهـ شَوْبَرِيٌّ أَيْ: أَنَّ التَّقْدِيمَ فِي غَيْرِ الْخَنَاثَى أَنْ يَكُونَ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ إلَى جِهَةِ الْقِبْلَةِ وَأَمَّا فِي الْخَنَاثَى فَبِأَنْ يَجْعَلَهُمْ صَفًّا طَوِيلًا عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ وَيُقَدِّمُ إلَى يَمِينِ الْإِمَامِ أَسْبَقَهُمْ إنْ تَرَتَّبُوا وَأَفْضَلَهُمْ إنْ لَمْ يَتَرَتَّبُوا. (قَوْلُهُ: رَأْسُ كُلٍّ) أَيْ: فَيَكُونُونَ صَفًّا طَوِيلًا عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ: عِنْدَ رِجْلِ الْآخَرِ) فَتَكُونُ رِجْلُ الثَّانِي عِنْدَ رَأْسِ الْأَوَّلِ وَهَكَذَا اهـ عَمِيرَةُ وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ تَصْدُقُ بِمَا إذَا جُعِلَ رِجْلُ الْأَوَّلِ لِلْإِمَامِ ح ل.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ وُجِدَ جُزْءُ مَيِّتٍ مُسْلِمٍ إلَخْ) وَلَوْ وُجِدَ مَيِّتٌ أَوْ بَعْضُهُ وَلَمْ يُعْلَمْ أَمُسْلِمٌ هُوَ أَمْ كَافِرٌ فَحُكْمُهُ كَاللَّقِيطِ فَإِنْ وُجِدَ فِي دَارِ كُفَّارٍ وَلَا مُسْلِمَ فِيهَا فَكَافِرٌ وَإِلَّا فَمُسْلِمٌ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَوْ قُطِعَ رَأْسُ إنْسَانٍ وَحُمِلَ إلَى بَلَدٍ وَالْجُثَّةُ فِي غَيْرِهَا صُلِّيَ عَلَى الْجُثَّةِ حَيْثُ هِيَ وَعَلَى الرَّأْسِ حَيْثُ هُوَ وَلَا تَكْفِي الصَّلَاةُ عَلَى أَحَدِهِمَا قَالَهُ فِي الْكَافِي ز ي وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: بِقَصْدِ الْجُمْلَةِ أَيْ: وُجُوبًا إنْ كَانَتْ بَقِيَّتُهُ قَدْ غُسِّلَتْ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهَا، وَنَدْبًا إنْ كَانَتْ قَدْ صُلِّيَ عَلَيْهَا فَإِنْ لَمْ تُغَسَّلْ الْبَقِيَّةُ وَجَبَتْ الصَّلَاةُ عَلَى الْعُضْوِ بِنِيَّتِهِ فَقَطْ فَإِنْ نَوَى الْجُمْلَةَ لَمْ تَصِحَّ فَإِنْ شَكَّ فِي غَسْلِ الْبَقِيَّةِ لَمْ تَجُزْ نِيَّتُهَا إلَّا إنْ عَلَّقَ كَمَا قَالَهُ حَجّ، وَأَمَّا الْمَشِيمَةُ الْمُسَمَّاةُ بِالْخَلَاصِ فَكَالْجُزْءِ؛ لِأَنَّهَا تُقْطَعُ مِنْ الْوَلَدِ فَهِيَ جُزْءٌ مِنْهُ وَأَمَّا الْمَشِيمَةُ الَّتِي فِيهَا الْوَلَدُ فَلَيْسَتْ جُزْءًا مِنْ الْأُمِّ وَلَا مِنْ الْوَلَدِ ق ل وَبِرْمَاوِيٌّ وَلَوْ كَانَ الْجُزْءُ الْمَوْجُودُ شَعْرًا فَهَلْ يَجِبُ أَنْ يُدْفَنَ فِيمَا يَمْنَعُ الرَّائِحَةَ أَوْ لَا لِأَنَّ الشَّعْرَ لَا رَائِحَةَ لَهُ فَيُكْتَفَى بِمَا يَصُونَهُ عَنْ الِانْتِهَاكِ عَادَةً، وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ الرَّائِحَةَ لَوْ بَانَ هُنَاكَ رَائِحَةٌ فِيهِ نَظَرٌ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُشْتَرَطَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مُسَمًّى الدَّفْنُ شَرْعًا وَمَا دُونَ ذَلِكَ لَيْسَ دَفْنًا شَرْعِيًّا وَهَلْ يَجِبُ تَوْجِيهُ الْجُزْءِ لِلْقِبْلَةِ بِأَنْ يُجْعَلَ عَلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يَكُونُ عَلَيْهِ لَوْ كَانَ مُتَّصِلًا بِالْجُمْلَةِ وَوُجِّهَتْ لِلْقِبْلَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الْوُجُوبُ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: بَعْدَ غَسْلِهِ إلَخْ) تَعْبِيرُهُمْ بِالْغَسْلِ فِي الْعُضْوِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَأْتِي فِيهِ التَّيَمُّمُ وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ وَيُدْفَنُ بَعْدَ لَفِّهِ فِي خِرْقَةٍ بِلَا طَهَارَةٍ وَلَا صَلَاةٍ وَإِلَّا وَجَبَ تَيَمُّمُهُ، وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَتَعْبِيرُهُمْ بِسَتْرِهِ بِخِرْقَةٍ يُفْهِمُ عَدَمَ اعْتِبَارِ اللَّفَائِفِ فِيهِ وَلَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ مَثَلًا قَالَ: شَيْخُنَا وَيَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ سُمِّيَ رَجُلًا

(1/485)


وَقَدْ أَلْقَاهَا طَائِرُ نَسْرٍ بِمَكَّةَ فِي وَقْعَةِ الْجَمَلِ وَعَرَفُوهَا بِخَاتَمِهِ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ بَلَاغًا لَكِنْ قَالَ فِي الْعُدَّةِ: لَا يُصَلَّى عَلَى الشَّعْرَةِ الْوَاحِدَةِ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ.
(بِقَصْدِ الْجُمْلَةِ) مِنْ زِيَادَتِي فَلَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ إلَّا بِقَصْدِ الْجُمْلَةِ لِأَنَّهَا فِي الْحَقِيقَةِ صَلَاةٌ عَلَى غَائِبٍ وَإِنْ اُشْتُرِطَ هُنَا حُضُورُ الْجُزْءِ وَبَقِيَّةُ مَا يُشْتَرَطُ فِي صَلَاةِ الْمَيِّتِ الْحَاضِرِ وَيُشْتَرَطُ انْفِصَالُهُ مِنْ مَيِّتٍ لِيَخْرُجَ الْمُنْفَصِلُ مِنْ حَيٍّ إذَا وُجِدَ بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَتُسَنُّ مُوَارَاتُهُ بِخِرْقَةٍ وَدَفْنُهُ نَعَمْ لَوْ أُبِينَ مِنْهُ فَمَاتَ حَالًا كَانَ حُكْمُ الْكُلِّ وَاحِدًا يَجِبُ غَسْلُهُ وَتَكْفِينُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَدَفْنُهُ وَتَعْبِيرِي بِالْجُزْءِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْعُضْوِ.

(وَالسِّقْطُ) بِتَثْلِيثِ السِّينِ (إنْ عُلِمَتْ حَيَاتُهُ) بِصِيَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ ظَهَرَتْ أَمَارَاتُهَا) كَاخْتِلَاجٍ أَوْ تَحَرُّكٍ (كَكَبِيرٍ) فَيُغَسَّلُ وَيُكَفَّنُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْفَنُ لِتَيَقُّنِ حَيَاتِهِ وَمَوْتِهِ بَعْدَهَا فِي الْأُولَى وَظُهُورِ أَمَارَاتِهَا فِي الثَّانِيَةِ وَلِخَبَرِ: «الطِّفْلُ يُصَلَّى عَلَيْهِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَتَعْبِيرِي بِعُلِمَتْ حَيَاتُهُ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ اسْتَهَلَّ أَوْ بَكَى (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُعْلَمْ حَيَاتُهُ وَلَمْ تَظْهَرْ أَمَارَاتُهَا (وَجَبَ تَجْهِيزُهُ بِلَا صَلَاةٍ) عَلَيْهِ (إنْ ظَهَرَ خَلْقُهُ) وَفَارَقَتْ الصَّلَاةُ غَيْرَهَا بِأَنَّهُ أَوْسَعُ بَابًا مِنْهَا بِدَلِيلِ أَنَّ الذِّمِّيَّ يُغَسَّلُ وَيُكَفَّنُ وَيُدْفَنُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَذِكْرُ حُكْمِ غَيْرِ الصَّلَاةِ فِي هَذِهِ وَفِي ثَانِيَةِ الَّتِي قَبْلَهَا مِنْ زِيَادَتِي. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ خَلْقُهُ (سُنَّ سَتْرُهُ بِخِرْقَةٍ وَدَفْنُهُ) دُونَ غَيْرِهِمَا وَذِكْرُ هَذَا مِنْ زِيَادَتِي وَالْعِبْرَةُ فِيمَا ذُكِرَ بِظُهُورِ خَلْقِ الْآدَمِيِّ وَعَدَمِ ظُهُورِهِ فَتَعْبِيرُ الْأَصْلِ بِبُلُوغِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَدَمِ بُلُوغِهَا جَرَى عَلَى الْغَالِبِ مِنْ ظُهُورِ خَلْقِ الْآدَمِيِّ عِنْدَهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
أَوْ امْرَأَةً فَكَالْكَامِلِ وَإِلَّا فَلَا اعْتِبَارَ بِمَا يَنْقُضُ لَمْسُهُ الْوُضُوءَ، وَعَدَمِهِ وَيَقِفُ الْمُصَلِّي عِنْدَ رَأْسِهِ إنْ كَانَ ذَكَرًا وَعَجُزِهِ إنْ كَانَ أُنْثَى فَإِنْ لَمْ يُوجَدَا وَقَفَ حَيْثُ شَاءَ وَيَجِبُ فِي دَفْنِ الْجُزْءِ مَا يَجِبُ فِي الْجُمْلَةِ وَيُنْدَبُ دَفْنُ جُزْءِ الْحَيِّ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَفِي ع ش عَلَى م ر أَنَّ الْجُزْءَ يُلَفُّ عَلَيْهِ ثَلَاثُ لَفَائِفَ إنْ كُفِّنَ مِنْ مَالِ صَاحِبِهِ (قَوْلُهُ: فِي وَقْعَةِ الْجَمَلِ) أَيْ: فِي مُقَاتَلَةِ عَلِيٍّ مُعَاوِيَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - مِنْ جِهَةِ الْخِلَافَةِ وَكَانَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - مَعَ مُعَاوِيَةَ عَلَى جَمَلٍ؛ لِمَا حَصَلَ لَهَا مِنْ عَلِيٍّ فِي حَقِّهَا يَوْمَ الْإِفْكِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ الشَّهِيدَ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ فَجُزْؤُهُ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يُقْتَلْ فِي مَعْرَكَةِ الْكُفَّارِ وَسُمِّيَتْ وَقْعَةَ الْجَمَلِ؛ لِأَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ عَلَى جَمَلٍ مَعَ مُعَاوِيَةَ فَظَفَرَ بِهَا جَيْشُ عَلِيٍّ فَعَقَرُوا الْجَمَلَ وَهِيَ عَلَيْهِ حَتَّى وَقَعَ الْجَمَلُ فَأَخَذُوا عَائِشَةَ وَذَهَبُوا بِهَا إلَى عَلِيٍّ فَبَكَى وَبَكَتْ وَاعْتَذَرَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ وَمَكَثَتْ مُدَّةً عِنْدَهُ فِي الْبَصْرَةِ ثُمَّ جَهَّزَهَا وَأَرْسَلَهَا رَضِيَ اللَّه تَعَالَى عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ.
(قَوْلُهُ: وَعَرَفُوهَا بِخَاتَمِهِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُمْ كَانُوا عَرَفُوا مَوْتَهُ بِنَحْوِ اسْتِفَاضَةٍ. اهـ. حَجّ وَيَبْعُدُ كَوْنُ خَاتَمِهِ أَخَذَهُ آخَرُ وَلَبِسَهُ ح ل. (قَوْلُهُ: لَا يُصَلَّى عَلَى الشَّعْرَةِ الْوَاحِدَةِ) أَيْ: وَلَوْ طَالَتْ جِدًّا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ م ر لِأَنَّهَا لَا تَصْلُحُ لِلِاسْتِتْبَاعِ وَلَا تُغَسَّلُ كَمَا نَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ عَنْ صَاحِبِ الْعِدَّةِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَعَلَى قِيَاسِ ذَلِكَ التَّكْفِينُ وَالدَّفْنُ فَلَا يَجِبُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا. اهـ. ح ل وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا كَلَامَ الْعُدَّةِ، وَوَجَّهَهُ بِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ صَلَاةً عَلَى غَائِبٍ إلَّا أَنَّ بَقِيَّةَ الْبَدَنِ تَابِعٌ لِمَا يُصَلَّى عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَقْعٌ حَتَّى يَسْتَتْبِعَ، وَالشَّعْرَةَ لَيْسَتْ كَذَلِكَ ح ل، قَالَ شَيْخُنَا. وَهَلْ الظُّفْرُ كَالشَّعْرَةِ أَوْ يُفَرَّقُ؟ مَحَلُّ نَظَرٍ وَكَلَامُهُمْ إلَى الْفَرْقِ أَمْيَلُ وَنَقَلَ عَنْهُ أَنَّ جُزْءَ الظُّفْرِ الْيَسِيرَ كَالشَّعْرَةِ الْوَاحِدَةِ ح ل. (قَوْلُهُ: بِقَصْدِ الْجُمْلَةِ) فَيَقُولُ نَوَيْت أُصَلِّي عَلَى جُمْلَةِ مَا انْفَصَلَ مِنْهُ هَذَا الْجُزْءُ فَلَوْ ظَفَرَ بِصَاحِبِ الْجُزْءِ لَمْ تَجِبْ إعَادَتُهَا عَلَيْهِ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ قَدْ غُسِّلَ قَبْلَ الصَّلَاةِ حَجّ. (قَوْلُهُ: صَلَاةٌ عَلَى غَائِبٍ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْمُصَلِّي أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ فَرْضِهَا عِنْدَ الْمَوْتِ كَمَا تَقَدَّمَ وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: فَلَا يُصَلِّي عَلَيْهِ) أَيْ: لَا يَجُوزُ.

(قَوْلُهُ: وَالسِّقْطُ إلَخْ) وَقَدْ نَظَمَ بَعْضُهُمْ حَاصِلَ مَا ذَكَرَهُ الْمَاتِنُ بِقَوْلِهِ:
السِّقْطُ كَالْكَبِيرِ فِي الْوَفَاةِ ... إنْ ظَهَرَتْ أَمَارَةُ الْحَيَاةِ
أَوْ خَفِيَتْ وَخَلْقُهُ قَدْ ظَهَرَا ... فَامْنَعْ صَلَاةً وَسِوَاهَا اُعْتُبِرَا
أَوْ اخْتَفَى أَيْضًا فَفِيهِ لَمْ يَجِبْ ... شَيْءٌ وَسَتْرٌ ثُمَّ دَفْنٌ قَدْ نُدِبْ
. (قَوْلُهُ: بِصِيَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ) كَسُعَالٍ أَوْ عُطَاسٍ وَالْوَلَدُ إذَا انْفَصَلَ بَعْضُهُ لَا يُعْطَى حُكْمَ الْمُنْفَصِلِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ إحْدَاهُمَا فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ إذَا صَاحَ وَاسْتَهَلَّ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَنْفَصِلَ، وَالثَّانِيَةُ إذَا حَزَّ جَانٍ رَقَبَتَهُ فَيَجِبُ الْقِصَاصُ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: كَاخْتِلَاجٍ) الِاخْتِلَاجُ تَحَرُّكُ عُضْوٍ مِنْ الْأَعْضَاءِ قَالَ: فِي الْمِصْبَاحِ اخْتَلَجَ الْعُضْوُ أَيْ: اضْطَرَبَ وَالتَّحَرُّكُ أَعَمُّ مِنْ تَحَرُّكِ عُضْوٍ أَوْ تَحَرُّكِ جُمْلَةِ أَجْزَائِهِ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ اهـ شَيْخُنَا، وَانْظُرْ لِمَ كَانَ الِاخْتِلَاجُ وَالتَّحَرُّكُ مِنْ قَبِيلِ الْأَمَارَةِ الْمُفِيدَةِ لِلظَّنِّ وَكَانَ الصِّيَاحُ مُفِيدًا لِلْعِلْمِ حَرِّرْ. وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ أَقْوَى. (قَوْلُهُ: اسْتَهَلَّ إلَخْ) الِاسْتِهْلَالُ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالْبُكَاءِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: إنْ ظَهَرَ خَلْقُهُ) وَلَوْ لِلْقَوَابِلِ فَقَطْ وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَالْعِبْرَةُ فِيمَا ذُكِرَ) أَيْ: فِي وُجُوبِ التَّجْهِيزِ بِلَا صَلَاةٍ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ وَسُنَّ السَّتْرُ وَالدَّفْنُ فِي الثَّانِيَةِ.
(قَوْلُهُ: بِظُهُورِ خَلْقِ الْآدَمِيِّ) أَيْ: وَلَوْ فِي دُونِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرَ، وَقَوْلُهُ: وَعَدَمُ ظُهُورِهِ أَيْ: وَلَوْ مَعَ بُلُوغِ الْأَرْبَعَةِ

(1/486)


وَعَبَّرَ عَنْهُ بَعْضُهُمْ بِزَمَنِ إمْكَانِ نَفْخِ الرُّوحِ وَعَدَمِهِ، وَبَعْضُهُمْ بِالتَّخْطِيطِ وَعَدَمِهِ وَكُلُّهَا وَإِنْ تَقَارَبَتْ فَالْعِبْرَةُ بِمَا قُلْنَا.

(وَحَرُمَ غُسْلُ شَهِيدٍ) وَلَوْ جُنُبًا أَوْ نَحْوَهُ (وَصَلَاةٌ عَلَيْهِ) لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ عَنْ جَابِرٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ فِي قَتْلَى أُحُدٍ بِدَفْنِهِمْ بِدِمَائِهِمْ وَلَمْ يُغَسَّلُوا وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ» وَفِي لَفْظٍ «وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ» بِفَتْحِ اللَّامِ وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ إبْقَاءُ أَثَرِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِمْ وَأَمَّا خَبَرُ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ فَصَلَّى عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ» فَالْمُرَادُ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ دَعَا لَهُمْ كَدُعَائِهِ لِلْمَيِّتِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 103] وَسُمِّيَ شَهِيدًا لِشَهَادَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ لَهُ بِالْجَنَّةِ وَقِيلَ لِأَنَّهُ يَشْهَدُ الْجَنَّةَ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ.
(وَهُوَ) أَيْ الشَّهِيدُ الَّذِي لَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ (مِنْ لَمْ يَبْقَ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٍ) الصَّادِقُ بِمَنْ مَاتَ وَلَوْ امْرَأَةً أَوْ رَقِيقًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا (قَبْلَ انْقِضَاءِ حَرْبِ كَافِرٍ بِسَبَبِهَا) أَيْ: الْحَرْبِ كَأَنْ قَتَلَهُ كَافِرٌ أَوْ أَصَابَهُ سِلَاحُ مُسْلِمٍ خَطَأً، أَوْ عَادَ إلَيْهِ سِلَاحُهُ أَوْ رَمَحَتْهُ دَابَّتُهُ أَوْ سَقَطَ عَنْهَا أَوْ تَرَدَّى حَالَ قِتَالِهِ فِي بِئْرٍ أَوْ انْكَشَفَ عَنْهُ الْحَرْبُ وَلَمْ يُعْلَمْ سَبَبُ قَتْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَثَرُ دَمٍ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَوْتَهُ بِسَبَبِ الْحَرْبِ بِخِلَافِ مَنْ مَاتَ بَعْدَ انْقِضَائِهَا وَفِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ بِجِرَاحَةٍ فِيهِ وَإِنْ قُطِعَ بِمَوْتِهِ مِنْهَا أَوْ قَبْلَ انْقِضَائِهَا لَا بِسَبَبِ حَرْبِ الْكَافِرِ كَأَنْ مَاتَ بِمَرَضٍ أَوْ فَجْأَةً أَوْ فِي قِتَالِ بُغَاةٍ فَلَيْسَ بِشَهِيدٍ وَيُعْتَبَرُ فِي قِتَالِ الْكَافِرِ كَوْنُهُ مُبَاحًا وَهُوَ ظَاهِرٌ أَمَّا الشَّهِيدُ الْعَارِي عَمَّا ذُكِرَ كَالْغَرِيقِ وَالْمَبْطُونِ وَالْمَطْعُونِ وَالْمَيِّتِ عِشْقًا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
أَشْهُرِ بِرْمَاوِيٌّ وَهَذَا كُلُّهُ كَمَا عَلِمْت فِي النَّازِلِ قَبْلَ تَمَامِ أَشْهُرِهِ السِّتَّةِ وَأَمَّا لَوْ نَزَلَ بَعْدَهَا مَيِّتًا وَلَمْ يُعْلَمْ لَهُ سَبْقُ الْحَيَاةِ فَكَالْكَبِيرِ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ خَلْقُهُ وَبِهِ أَفْتَى وَالِدُ شَيْخِنَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّهُ كَمَا عَلِمْت لَا يُسَمَّى سِقْطًا خِلَافًا لِمَا أَفْتَى بِهِ الْمُؤَلِّفُ ح ل وم ر (قَوْلُهُ: وَعَبَّرَ عَنْهُ) أَيْ: عَمَّا ذَكَرَ.

(قَوْلُهُ: وَحَرُمَ غُسْلُ شَهِيدٍ) وَالشَّهِيدُ إمَّا شَهِيدُ الدُّنْيَا فَقَطْ أَوْ الْآخِرَةِ فَقَطْ أَوْ شَهِيدُهُمَا أَمَّا شَهِيدُ الْآخِرَةِ فَقَطْ فَهُوَ كُلُّ مَقْتُولٍ ظُلْمًا وَمَيِّتٍ بِنَحْوِ بَطْنٍ أَوْ طَعْنٍ أَوْ غُرْبَةٍ أَوْ غَرَقٍ وَإِنْ عَصَى بِرُكُوبِهِ الْبَحْرَ أَوْ غُرْبَتِهِ خِلَافًا لِمَنْ قَيَّدَهُمَا بِالْإِبَاحَةِ، وَأَمَّا شَهِيدُ الدُّنْيَا فَقَطْ فَهُوَ مَنْ قُتِلَ فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ بِسَبَبِهِ وَقَدْ غَلَّ مِنْ الْغَنِيمَةِ أَوْ قُتِلَ مُدْبِرًا أَوْ قَاتَلَ رِيَاءً أَوْ لِأَجْلِ أَخْذِ الْغَنِيمَةِ، وَأَمَّا شَهِيدُهُمَا فَهُوَ مَنْ قُتِلَ كَذَلِكَ لَكِنْ قَاتَلَ لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ وَحَيْثُ أَطْلَقَ الْفُقَهَاءُ الشَّهِيدَ انْصَرَفَ لِأَحَدِ الْأَخِيرَيْنِ وَحُكْمُهُمَا مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ وَحَرُمَ غَسْلُ شَهِيدٍ وَصَلَاةٌ عَلَيْهِ شَرْحُ م ر مُلَخَّصًا لَكِنْ ذَكَرَ الْبِرْمَاوِيُّ أَنَّ شَهِيدَ الدُّنْيَا يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ فَلْيُحَرَّرْ وَالْمُعْتَمَدُ كَلَامُ م ر. (قَوْلُهُ: وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ) عِبَارَتُهُ كَغَيْرِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ إبْقَاءُ أَثَرِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِمْ وَالتَّعْظِيمُ لَهُمْ وَاسْتِغْنَاؤُهُمْ عَنْ دُعَاءِ الْقَوْمِ اهـ وَهِيَ الْأَوْضَحُ؛ لِمَا فِيهَا مِنْ الْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ تَرْكَ الْغُسْلِ مُعَلَّلٌ بِإِبْقَاءِ أَثَرِ الشَّهَادَةِ وَتَرْكَ الصَّلَاةِ بِالِاسْتِغْنَاءِ إلَخْ شَوْبَرِيٌّ وَحَيْثُ كَانَتْ الْحِكْمَةُ مَا ذَكَرَ فَلَا يَرِدُ مَا يُقَالُ: إنَّ الْأَنْبِيَاءَ وَالْمُرْسَلِينَ أَفْضَلُ مِنْ الشُّهَدَاءِ مَعَ أَنَّهُمْ يُغَسَّلُونَ وَيُصَلَّى عَلَيْهِمْ حَتَّى يُجَابَ بِأَنَّ الشَّهَادَةَ فَضِيلَةٌ تُنَالُ بِالِاكْتِسَابِ فَرَغَّبَ الشَّارِعُ فِيهَا وَلَا كَذَلِكَ النُّبُوَّةُ وَالرِّسَالَةُ وَقَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ أَيْ: فِي حُرْمَةِ غُسْلِ الشَّهِيدِ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ حِكْمَةَ حُرْمَةِ الصَّلَاةِ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا لَا يَشْمَلُ الشَّهِيدَ الَّذِي لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ دَمٌ وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْحِكْمَةَ لَا يَلْزَمُ إطْرَادُهَا اهـ.
(قَوْلُهُ: إبْقَاءُ أَثَرِ الشَّهَادَةِ) أَيْ لِأَنَّهَا فَضِيلَةٌ مُكْتَسَبَةٌ تُعْلَمُ بِأَثَرِهَا وَبِهَذَا فَارَقَ الْأَنْبِيَاءَ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَقَالَ: بَعْضُهُمْ الْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ التَّرْكَ عَلَامَةٌ؛ لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ فَضْلَهُ إلَّا بِعَدَمِ الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ بِخِلَافِ الْأَنْبِيَاءِ فَإِنَّ فَضْلَهُمْ مَعْلُومٌ قَبْلَ الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ، فَلَوْ غَسَّلْنَاهُ وَصَلَّيْنَا عَلَيْهِ لَسَاوَى غَيْرَهُ وَهَذَا أَظْهَرُ وَإِنْ كَانَ يَرْجِعُ لِلْأَوَّلِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: لِشَهَادَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) أَيْ: فَهُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ أَيْ: مَشْهُودٍ لَهُ، وَقَوْلُهُ: وَقِيلَ لِأَنَّهُ أَيْ: فَهُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: غَيْرُ ذَلِكَ) وَهُوَ أَنَّ دَمَهُ يَشْهَدُ لَهُ بِالْجَنَّةِ وَقِيلَ لِأَنَّ رُوحَهُ تَشْهَدُ الْجَنَّةَ قَبْلَ غَيْرِهِ وَقِيلَ؛ لِأَنَّهُ يَشْهَدُ الْجَنَّةَ أَيْ: حَالَ مَوْتِهِ (قَوْلُهُ: الصَّادِقُ بِمَنْ مَاتَ) لِأَنَّ السَّالِبَةَ تَصْدُقُ بِنَفْيِ الْمَوْضُوعِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ انْقِضَاءِ) ظَرْفٌ لِلنَّفْيِ وَكَذَا قَوْلُهُ: بِسَبَبِهَا (قَوْلُهُ: سِلَاحُ مُسْلِمٍ خَطَأً) أَيْ: لَمْ يَسْتَعِينُوا بِهِ عَلَى قِتَالِنَا وَإِلَّا فَتَعَمُّدُهُ كَخَطَئِهِ فَيَكُونُ مَقْتُولُهُ شَهِيدًا اهـ خَضِرٌ عَلَى التَّحْرِيرِ وح ف وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ: فِي مُحَارَبَةِ كَافِرٍ وَلَوْ وَاحِدًا أَوْ مُرْتَدًّا أَوْ فِي قَطْعِ طَرِيقٍ أَوْ صِيَالٍ أَوْ قَتَلَهُ كَافِرٌ اسْتَعَانَ بِهِ الْبُغَاةُ وَكَذَا عَكْسُهُ بِأَنْ قَتَلَهُ بَاغٍ اسْتَعَانَ بِهِ كَافِرٌ وَتَوَقَّفَ شَيْخُنَا م ر فِي الْمَقْتُولِ مِنْ الْبُغَاةِ بِكَافِرٍ اسْتَعَانَ بِهِ أَهْلُ الْعَدْلِ عَلَيْهِمْ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوْ رَمَحَتْهُ) أَيْ: رَفَسَتْهُ بِالسِّينِ وَفِي الْمُخْتَارِ رَمَحَهُ الْفَرَسُ وَالْحِمَارُ وَالْبَغْلُ ضَرَبَهُ بِرِجْلِهِ مِنْ بَابِ قَطَعَ وَضَرَبَ اهـ، فَالرُّمْحُ بِمَعْنَى الرَّفْسِ بِالسِّينِ (قَوْلُهُ: كَوْنُهُ مُبَاحًا) أَيْ: غَيْرَ مُمْتَنِعٍ فَيَصْدُقُ بِالْوَاجِبِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: قِتَالُ الْكُفَّارِ وَاجِبٌ فَكَيْفَ يَكُونُ مُبَاحًا بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُبَاحِ كَقِتَالِ الذِّمِّيِّينَ الَّذِينَ لَمْ يَنْقُضُوا الْعَهْدَ (قَوْلُهُ: كَالْغَرِيقِ) أَيْ: وَإِنْ عَصَى فِيهِ بِنَحْوِ شُرْبِ خَمْرٍ نَعَمْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَنْ غَرِقَ بِسَيْرِ سَفِينَةٍ فِي وَقْتِ هَيَجَانِ الرِّيَاحِ ق ل. (قَوْلُهُ: وَالْمَطْعُونِ) أَيْ: الْمَيِّتِ بِالطَّاعُونِ وَلَوْ فِي غَيْرِ زَمَنِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ فِي زَمَنِهِ أَوْ بَعْدَ زَمَنِهِ حَيْثُ كَانَ فِيهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا وَيَحْرُمُ دُخُولُ بَلَدِ الطَّاعُونِ وَالْخُرُوجُ مِنْهَا بِلَا حَاجَةٍ لِوُجُودِ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَالْمَيِّتِ عِشْقًا) أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ يُتَصَوَّرُ نِكَاحُهُ شَرْعًا أَوْ لَا كَالْأَمْرَدِ حَيْثُ عَفَّ وَكَتَمَ إذْ الْمَحَبَّةُ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى دَفْعِهَا

(1/487)


وَالْمَيِّتَةِ طَلْقًا وَالْمَقْتُولِ فِي غَيْرِ الْقِتَالِ ظُلْمًا فَيُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ، وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ مَنْ مَاتَ فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ (وَيَجِبُ غَسْلُ نَجَسٍ) أَصَابَهُ (غَيْرُ دَمِ شَهَادَةٍ) وَإِنْ أَدَّى ذَلِكَ إلَى زَوَالِ دَمِهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَثَرِ عِبَادَةٍ بِخِلَافِ دَمِهَا فَتَحْرُمُ إزَالَتُهُ لِإِطْلَاقِ النَّهْيِ عَنْ غُسْلِ الشَّهِيدِ وَلِأَنَّهُ أَثَرُ عِبَادَةٍ

(وَسُنَّ تَكْفِينُهُ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي مَاتَ فِيهَا) لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «رُمِيَ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فِي صَدْرِهِ أَوْ فِي حَلْقِهِ فَمَاتَ فَأُدْرِجَ فِي ثِيَابِهِ كَمَا هُوَ وَنَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ ثِيَابُهُ الْمُلَطَّخَةُ بِالدَّمِ وَغَيْرُهَا لَكِنْ الْمُلَطَّخَةُ أَوْلَى، ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فَتَقْيِيدُ الْأَصْلِ كَكَثِيرٍ بِالْمُلَطَّخَةِ بَيَانٌ لِلْأَكْمَلِ وَهَذَا فِي ثِيَابٍ اُعْتِيدَ لُبْسُهَا غَالِبًا أَمَّا ثِيَابُ الْحَرْبِ كَدِرْعٍ وَنَحْوِهَا مِمَّا لَا يُعْتَادُ لُبْسُهَ غَالِبًا كَخُفٍّ وَجِلْدٍ وَفَرْوَةٍ وَجُبَّةٍ مَحْشُوَّةٍ فَيُنْدَبُ نَزْعُهَا كَسَائِرِ الْمَوْتَى، وَذِكْرُ السَّنِّ فِي هَذِهِ وَالْوُجُوبِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا مِنْ زِيَادَتِي (فَإِنْ لَمْ تَكْفِهِ) أَيْ ثِيَابُهُ (تُمِّمَتْ) نَدْبًا إنْ سَتَرَتْ الْعَوْرَةَ وَإِلَّا فَوُجُوبًا.

(فَصْلٌ) فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ (أَقَلُّ الْقَبْرِ حُفْرَةٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
وَقَدْ يَكُونُ الصَّبْرُ عَلَى الثَّانِي أَشَدَّ إذْ لَا وَسِيلَةَ لَهُ بِقَضَاءِ وَطَرِهِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا بِهَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ وَعَفَّ: هَلْ الْمُرَادُ عَنْ فِعْلٍ مُحَرَّمٍ مِنْ نَحْوِ نَظَرٍ بِشَهْوَةٍ أَوْ الْمُرَادُ عَنْ الْوَطْءِ؟ يُحَرَّرُ شَوْبَرِيٌّ قَالَ: ع ش عَلَى م ر مَعْنَى الْعِفَّةِ أَنْ لَا يَكُونَ فِي نَفْسِهِ إذَا اخْتَلَى بِهِ يَحْصُلُ بَيْنَهُمَا فَاحِشَةٌ بَلْ عَزَمَ عَلَى أَنَّهُ وَإِنْ خَلَا بِهِ لَا يَقَعُ مِنْهُ ذَلِكَ وَالْكِتْمَانُ أَنْ لَا يَذْكُرَ مَا بِهِ لِأَحَدٍ وَلَوْ مَحْبُوبَهُ اهـ بِالْحَرْفِ وَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يَتَشَبَّبَ بِهِ أَوْ لَا كَمَا قَالَهُ ز ي خِلَافًا لِلْعَلَّامَةِ م ر ق ل. (قَوْلُهُ: وَالْمَيِّتَةِ طَلْقًا) وَلَوْ مِنْ زِنًا مَا لَمْ تَتَسَبَّبْ فِي الْإِجْهَاضِ ق ل.
(قَوْلُهُ: وَالْمَقْتُولِ فِي غَيْرِ الْقِتَالِ ظُلْمًا) أَيْ: وَلَوْ بِحَسَبِ الْهَيْئَةِ كَمَنْ اسْتَحَقَّ الْقَتْلَ بِقَطْعِ الرَّأْسِ فَقُتِلَ بِالتَّوَسُّطِ مَثَلًا وَمِنْ هَذَا الْقِسْمِ مَنْ مَاتَ بِهَدْمٍ أَوْ فِي غُرْبَةٍ وَإِنْ عَصَا بِغُرْبَتِهِ كَآبِقٍ وَنَاشِزَةٍ أَوْ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ، وَالْحَاصِلُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا م ر أَنَّهُ إنْ كَانَ سَبَبُ الْمَوْتِ مَعْصِيَةً كَأَنْ شَرِقَ بِشُرْبِ خَمْرٍ، أَوْ كَانَتْ بِرُكُوبِ بَحْرٍ لِشُرْبِهِ أَوْ بِسَيْرِ سَفِينَةٍ فِي وَقْتِ رِيحٍ كَمَا مَرَّ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَغَيْرُ شَهِيدٍ وَإِلَّا فَشَهِيدٌ وَلَا يَضُرُّ مُقَارَنَةُ مَعْصِيَةٍ لَيْسَتْ سَبَبًا كَزِنًا وَنُشُوزٍ وَإِبَاقٍ وَشُرْبِ خَمْرٍ لِرَاكِبِ سَفِينَةِ لِغَيْرِ شُرْبِهِ فَتَأَمَّلْ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ غُسْلُ نَجَسٍ) أَيْ: وَإِنْ حَصَلَ بِسَبَبِ الشَّهَادَةِ كَبَوْلٍ خَرَجَ بِسَبَبِ الْقَتْلِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الدَّمِ وَغَيْرِهِ مِنْ النَّجَاسَاتِ الْخَارِجَةِ بِسَبَبِ الْقَتْلِ بِأَنَّ نَجَاسَةَ الدَّمِ أَخَفُّ مِنْ غَيْرِهَا بِدَلِيلِ الْعَفْوِ عَنْ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَارِّ فِيهِ وَبِأَنَّ الْمَشْهُودَ لَهُ بِالْفَضْلِ هُوَ الدَّمُ شَرْحُ م ر وَلَا تَحْرُمُ إزَالَةُ دَمِ الشَّهِيدِ بِغَيْرِ الْمَاءِ بَلْ تُكْرَهُ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ لَا يُزِيلُ الْأَثَرَ بِخِلَافِ الْمَاءِ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ دَمِهَا) أَيْ: الْخَارِجِ مِنْ الْمَقْتُولِ نَفْسِهِ بِخِلَافِ الْحَاصِلِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُزَالُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ فِي حِكْمَةِ تَسْمِيَتِهِ شَهِيدًا؛ لِأَنَّ لَهُ شَاهِدًا بِقَتْلِهِ وَهُوَ دَمُهُ؛ لِأَنَّهُ يُبْعَثُ وَجُرْحُهُ يَتَفَجَّرُ دَمًا وَقَوْلُهُ: تَحْرُمُ إزَالَتُهُ أَيْ: بِالْمَاءِ لَا بِغَيْرِهِ وَمِنْ غَيْرِهِ لَا مِنْ نَفْسِهِ فَلَوْ أَزَالَهُ بِنَفْسِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ كَمَا فِي ع ش وق ل.
(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ أَثَرُ عِبَادَةٍ) وَإِنَّمَا لَمْ تَحْرُمْ إزَالَةُ الْخُلُوفِ مِنْ الصَّائِمِ مَعَ أَنَّهُ أَثَرُ عِبَادَةٍ لِأَنَّهُ الْمُفَوِّتُ لَهَا عَلَى نَفْسِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا حَتَّى لَوْ فُرِضَ أَنَّ غَيْرَهُ أَزَالَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ حَرُمَ عَلَيْهِ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: فِي ثِيَابِهِ الَّتِي مَاتَ فِيهَا) وَلَوْ أَرَادَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ نَزْعَهَا وَامْتَنَعَ الْبَاقُونَ أُجِيبَ الْمُمْتَنِعُونَ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ (قَوْلُهُ: اُعْتِيدَ لُبْسُهَا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيْضَاءَ إبْقَاءً لِأَثَرِ الشَّهَادَةِ وَعَلَيْهِ فَمَحَلُّ سَنِّ التَّكْفِينِ فِي الْأَبْيَضِ حَيْثُ لَمْ يُعَارِضْهُ مَا يَقْتَضِي خِلَافَهُ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهَا) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الدِّرْعَ مُؤَنِّثٌ. (قَوْلُهُ: مِمَّا لَا يُعْتَادُ لُبْسُهُ) الْمُرَادُ بِهِ مَا لَا يُعْتَادُ التَّكْفِينُ فِيهِ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: فَيُنْدَبُ نَزْعُهَا) حَيْثُ كَانَتْ مَمْلُوكَةً لَهُ وَرَضِيَ بِهَا الْوَارِثُ الْمُطْلَقُ التَّصَرُّفُ وَإِلَّا وَجَبَ نَزْعُهَا شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: تُمِّمَتْ نَدْبًا إنْ سَتَرَتْ الْعَوْرَةَ) هَذَا مَمْنُوعٌ بَلْ يَجِبُ التَّتْمِيمُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلْمَيِّتِ بَلْ يَجِبُ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ إذَا كُفِّنَ مِنْ مَالِهِ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ ز ي.

[فَصْلٌ فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ]
(فَصْلٌ: فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ)
(قَوْلُهُ: مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) أَيْ بِالْمَيِّتِ كَالتَّعْزِيَةِ ع ش، وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ: وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ أَيْ بِالدَّفْنِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ تَرْجِيعِ الضَّمِيرِ لِلْمَيِّتِ، وَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُتَعَلِّقَ بِالْمَيِّتِ يُقَدَّمُ كَالصَّلَاةِ وَالْكَفَنِ وَغَيْرِهِمَا وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ مَذْكُورًا فِي الْفَصْلِ وَأَيْضًا رُجُوعُ الضَّمِيرِ لِلْمُضَافِ هُوَ الْأَكْثَرُ وَتَرْجَمَ حَجّ بِقَوْلِهِ: فَصْلٌ فِي الدَّفْنِ وَمَا يَتْبَعُهُ فَالضَّمِيرُ فِي كَلَامِهِ رَاجِعٌ لِلدَّفْنِ وَعَلَيْهِ فَيُرَادُ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مَا ذَكَرَهُ الْمَتْنُ بِقَوْلِهِ: وَسُنَّ لِمَنْ دَنَا ثَلَاثُ حَثَيَاتِ تُرَابٍ إلَى آخِرِ الْفَصْلِ. (قَوْلُهُ أَقَلُّ الْقَبْرِ حُفْرَةٌ) أَيْ أَقَلُّ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْوَاجِبُ فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ حُفْرَةٌ وَخَرَجَ بِالْحُفْرَةِ مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَلَوْ مَاتَ فِي سَفِينَةٍ فَإِنْ كَانَ بِقُرْبِ السَّاحِلِ انْتَظَرُوا وُصُولَهُ إلَيْهِ لِيَدْفِنُوهُ بِالْبَرِّ وَإِلَّا فَالْمَشْهُورُ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ: شَدُّهُ بَيْنَ لَوْحَيْنِ لِئَلَّا يَنْتَفِخَ وَيُلْقَى فِي الْبَحْرِ لِيُلْقِيَهُ إلَى السَّاحِلِ وَإِنْ كَانَ أَهْلُهُ كُفَّارًا فَقَدْ يَجِدُهُ مُسْلِمٌ فَيَدْفِنُهُ إلَى الْقِبْلَةِ فَإِنْ أُلْقِيَ فِيهِ بِدُونِ جَعْلِهِ بَيْنَ لَوْحَيْنِ وَثُقِّلَ

(1/488)


تَمْنَعُ) بَعْدَ رَدْمِهَا (رَائِحَةً) أَيْ ظُهُورَهَا مِنْهُ فَتُؤْذِي الْحَيَّ (وَسَبُعًا) أَيْ نَبْشَهُ لَهَا فَيَأْكُلُ الْمَيِّتَ فَتُنْتَهَكُ حُرْمَتُهُ. قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَالْغَرَضُ مِنْ ذِكْرِهِمَا إنْ كَانَا مُتَلَازِمَيْنِ بَيَانُ فَائِدَةِ الدَّفْنِ وَإِلَّا فَبَيَانُ وُجُوبِ رِعَايَتِهِمَا فَلَا يَكْفِي أَحَدُهُمَا وَخَرَجَ بِالْحُفْرَةِ مَا لَوْ وَضَعَ الْمَيِّتَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَجَعَلَ عَلَيْهِ مَا يَمْنَعُ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَتَعَذَّرْ الْحَفْرُ (وَسُنَّ أَنْ يُوَسَّعَ وَيُعَمَّقَ قَامَةً وَبَسْطَةً) بِأَنْ يَقُومَ رَجُلٌ مُعْتَدِلٌ بَاسِطًا يَدَيْهِ مَرْفُوعَتَيْنِ لِقَوْلِهِ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَتْلَى أُحُدٍ: احْفِرُوا وَأَوْسِعُوا وَأَعْمِقُوا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَأَوْصَى عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنْ يُعَمَّقَ قَبْرُهُ قَامَةً وَبَسْطَةً وَهُمَا أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ وَنِصْفٍ خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِ: إنَّهُمَا ثَلَاثَةٌ وَنِصْفٌ (وَلَحْدٌ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَضَمِّهَا وَهُوَ أَنْ يَحْفِرَ فِي أَسْفَلِ جَانِبِ الْقَبْرِ الْقِبْلِيِّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
بِحَجَرٍ أَيْ وَنَزَلَ إلَى الْقَرَارِ لَمْ يَأْثَمُوا. اهـ. ز ي.
(قَوْلُهُ تَمْنَعُ رَائِحَةً) الْمُرَادُ مَنْعُهَا عَمَّنْ عِنْدَ الْقَبْرِ بِحَيْثُ لَا يَتَأَذَّى بِهَا تَأَذِّيًا لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً لِأَنَّ مَلْحَظَ اشْتِرَاطِ مَنْعِ الْقَبْرِ لَهَا دَفْعُ الْأَذَى عَنْ النَّاسِ، وَالْأَذَى إنَّمَا يَتَحَقَّقُ مِمَّا ذَكَرْتُهُ مِنْ أَنْ تَفُوحَ مِنْهُ رَائِحَةٌ تُؤْذِي مَنْ قَرُبَ مِنْهُ عُرْفًا إيذَاءً لَا يُصْبَرُ عَلَيْهِ عَادَةً شَوْبَرِيٌّ وَقَوْلُهُ: رَائِحَةً وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ فِي مَحَلٍّ لَا يَدْخُلُهُ مَنْ يَتَأَذَّى بِالرَّائِحَةِ بَلْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَائِحَةٌ أَصْلًا كَأَنْ جَفَّ. (قَوْلُهُ أَيْ ظُهُورُهَا) إشَارَةً إلَى تَقْدِيرٍ مُضَافٍ وَكَذَا قَوْلُهُ أَيْ: نَبْشَهُ. (قَوْلُهُ: فَتُؤْذِي الْحَيَّ) قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ مَنْصُوبٌ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ ظُهُورُهَا عَلَى حَدِّ:
وَلُبْسُ عَبَاءَةٍ وَتَقَرُّ عَيْنِي
وَكَذَا قَوْلُهُ: فَيَأْكُلُهُ. (قَوْلُهُ: وَسَبُعًا) وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ فِي مَحِلٍّ لَا تَصِلُ إلَيْهِ السِّبَاعُ أَصْلًا. اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: بَيَانُ فَائِدَةِ الدَّفْنِ) أَيْ بَيَانُ مَا أَرَادَهُ الشَّارِعُ مِنْ الدَّفْنِ وَقَدْ عُلِمَ عَدَمُ اللُّزُومِ بِنَحْوِ الْفَسَاقِي فَإِنَّهَا قَدْ لَا تَمْنَعُ الرَّائِحَةَ وَبِنَحْوِ رَدْمِ تُرَابٍ بِلَا بِنَاءٍ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ السَّبُعَ ق ل وَعِبَارَةُ م ر: وَظَاهِرٌ أَنَّهُمَا غَيْرُ مُتَلَازِمَيْنِ كَالْفَسَاقِيِ الَّتِي لَا تَمْنَعُ الرَّائِحَةَ مَعَ مَنْعِهَا السَّبُعَ فَلَا يَكْفِي الدَّفْنُ فِيهَا (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَتَعَذَّرْ الْحَفْرُ) فَإِنْ تَعَذَّرَ كَفَى ذَلِكَ إطْفِيحِيٌّ. (قَوْلُهُ وَسُنَّ أَنْ يُوَسَّعَ) التَّوْسِيعُ زِيَادَةٌ فِي الطُّولِ وَالْعَرْضِ وَالتَّعْمِيقُ زِيَادَةٌ فِي النُّزُولِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِقَدْرِ مَا يَسَعُ مَنْ يُنْزِلُهُ الْقَبْرَ وَمَنْ يُعِينُهُ لَا أَزْيَدَ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ فِيهِ تَحْجِيرًا عَلَى النَّاسِ فَإِنْ قُلْت مَا حِكْمَةُ التَّوْسِيعِ وَالتَّعْمِيقِ قُلْت التَّوْسِيعُ فِيهِ إكْرَامٌ لِلْمَيِّتِ فَإِنَّ فِي إنْزَالِ الشَّخْصِ فِي الْمَكَانِ الْوَاسِعِ إكْرَامًا لَهُ وَفِيهِ رِفْقٌ بِالْمَيِّتِ وَفِي إنْزَالِهِ فِي الْمَكَانِ الضَّيِّقِ نَوْعُ إهَانَةٍ لَهُ وَبِمَنْ يُنْزِلُهُ الْقَبْرَ لِأَنَّهُ إذَا اتَّسَعَ أَمْكَنَ أَنْ يَقِفَ فِيهِ الْمُنْزِلُ إذَا تَعَدَّدَ لِلْحَاجَةِ وَأَمِنَ مِنْ انْصِدَامِ الْمَيِّتِ لِجُدْرَانِهِ حَالَ إنْزَالِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَالْغَرَضُ كَتْمُ الرَّائِحَةِ وَالتَّوْسِيعُ وَالتَّعْمِيقُ أَبْلَغُ فِي حُصُولِ ذَلِكَ فَإِنْ قُلْت: هَلَّا طَلَبَ زِيَادَةً عَلَى قَامَةٍ وَبَسْطَةٍ. قُلْت الْقَامَةُ وَالْبَسْطَةُ أَرْفَقُ بِالْمَيِّتِ وَالْمُنْزِلِ لِأَنَّهُ يَتَمَكَّنُ مَعَ ذَلِكَ مِنْ تَنَاوُلِهِ بِسُهُولَةٍ مِنْ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ بِخِلَافِهِ مَعَ الزِّيَادَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: قَامَةً وَبَسْطَةً) أَشَارَ حَجّ إلَى أَنَّهُمَا مَنْصُوبَانِ خَبَرًا لِيَكُونَ الْمَحْذُوفَةِ أَيْ وَأَنْ يَكُونَ التَّعْمِيقُ قَامَةً وَبَسْطَةً وَلَا يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَا مَنْصُوبَيْنِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ وَإِقَامَةِ هَذَا مَقَامَهُ وَالتَّقْدِيرُ وَيُعَمَّقُ تَعْمِيقًا قَدْرَ قَامَةٍ كَمَا يُرْشِدُ إلَى ذَلِكَ حَلُّ شَيْخِنَا كَلَامَ الْأَصْلِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: بَاسِطًا يَدَيْهِ) أَيْ غَيْرَ قَابِضٍ لِأَصَابِعِهِمَا ع ش (قَوْلُهُ: مَرْفُوعَتَيْنِ) لَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: بَاسِطًا لِأَنَّهُ يَصْدُقُ بِبَسْطِهِمَا أَمَامَهُ (قَوْلُهُ: فِي قَتْلَى أُحُدٍ) وَكَانُوا سِتَّةً وَسَبْعِينَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ فِي الِاحْتِجَاجِ بِهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى تَعْمِيقِ الْقَبْرِ وَتَوْسِيعِهِ لَا عَلَى كَوْنِهِ قَدْرَ قَامَةٍ وَبَسْطَةٍ اهـ وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ هُنَا بِوَصِيَّةِ عُمَرَ إلَى بَيَانِ الْمُرَادِ مِنْهُ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ احْفِرُوا) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَالْفَاءِ مِنْ حَفَرَ وَالْمُرَادُ احْفِرُوا وُجُوبًا وَهَمْزَتُهُ هَمْزَةُ وَصْلٍ وَأَوْسِعُوا نَدْبًا وَأَعْمِقُوا كَذَلِكَ وَهَمْزَتُهُمَا هَمْزَةُ قَطْعٍ (قَوْلُهُ: وَأَوْصَى عُمَرُ) أَيْ وَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ فَهُوَ إجْمَاعٌ وَذَكَرَهُ بَعْدَ الْحَدِيثِ لِبَيَانِ قَدْرِ التَّعْمِيقِ ق ل. (قَوْلُهُ: أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ) أَيْ بِذِرَاعِ الْآدَمِيِّ شَوْبَرِيٌّ فَلَا يُنَافِي كَلَامَ الرَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ فِي ذِرَاعِ الْعَمَلِ السَّابِقِ بَيَانُهُ أَوَّلَ الطَّهَارَةِ وَهُوَ ذِرَاعٌ وَرُبْعٌ بِذَارِعِ الْيَدِ وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَهُمَا ثُمُنُ ذِرَاعٍ لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ وَنِصْفًا بِأَرْبَعَةٍ وَنِصْفٍ إلَّا ثُمُنًا وَعِبَارَةُ ع ش وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ هُوَ الْمُعْتَمَدُ أَيْ بِذِرَاعِ الْيَدِ وَهُوَ شِبْرَانِ وَقَوْلُهُ: وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَنِصْفٌ أَيْ بِذِرَاعِ الْعَمَلِ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا ز ي وَذِرَاعُ الْعَمَلِ ذِرَاعٌ وَرُبُعٌ بِذِرَاعِ الْيَدِ وَقَوْلُهُ: فَلَا مُخَالَفَةَ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الزَّائِدَ فِي ذِرَاعِ الْعَمَلِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ وَنِصْفُ رُبْعٍ وَذَلِكَ لَا يَبْلُغُ ذِرَاعًا لِأَنَّهُ نَاقِصٌ نِصْفَ رُبُعٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُ مَنْ عَبَّرَ بِأَرْبَعَةِ أَذْرُعٍ وَنِصْفٍ أَنَّهَا عَلَى التَّقْرِيبِ فَلَا يَضُرُّ نَقْصُ رُبُعِ ذِرَاعٍ فَلَا مُخَالَفَةَ عَلَى هَذَا فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَلِحَدٍّ) أَصْلُهُ الْمِيلُ (قَوْلُهُ الْقِبْلِيُّ)

(1/489)


قَدْرَ مَا يَسَعُ الْمَيِّتَ (فِي) أَرْضٍ (صُلْبَةٍ أَفْضَلُ مِنْ شَقٍّ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ أَنْ يَحْفِرَ فِي وَسَطِ أَرْضِ الْقَبْرِ كَالنَّهْرِ وَتُبْنَى حَافَّتَاهُ بِاللَّبِنِ أَوْ غَيْرِهِ وَيُوضَعُ الْمَيِّتُ بَيْنَهُمَا وَيُسَقَّفُ عَلَيْهِ بِاللَّبِنِ أَوْ غَيْرِهِ رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّهُ قَالَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ أَلْحِدُوا لِي لَحْدًا وَانْصِبُوا عَلَيَّ اللَّبِنَ نَصْبًا كَمَا صُنِعَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخَرَجَ بِالصُّلْبَةِ الرَّخْوَةُ فَالشَّقُّ فِيهَا أَفْضَلُ؛ خَشْيَةَ الِانْهِيَارِ، وَسُنَّ أَنْ يُوَسَّعَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَيُتَأَكَّدُ ذَلِكَ عِنْدَ رَأْسِهِ وَرِجْلَيْهِ وَأَنْ يُرْفَعَ السَّقْفُ قَلِيلًا بِحَيْثُ لَا يَمَسُّ الْمَيِّتَ (وَ) أَنْ (يُوضَعَ رَأْسُهُ عِنْدَ رِجْلِ الْقَبْرِ) أَيْ مُؤَخَّرِهِ الَّذِي سَيَصِيرُ عِنْدَ سُفْلِهِ رِجْلُ الْمَيِّتِ.

(وَ) أَنْ (يُسَلَّ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ بِرِفْقٍ) لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ الْخِطْمِيَّ الصَّحَابِيَّ صَلَّى عَلَى جِنَازَةِ الْحَارِثِ ثُمَّ أَدْخَلَهُ الْقَبْرَ مِنْ قِبَلِ رِجْلِ الْقَبْرِ، وَقَالَ هَذَا مِنْ السُّنَّةِ» وَلِمَا رَوَى الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُلَّ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ» (وَ) أَنْ (يُدْخِلَهُ) الْقَبْرَ (الْأَحَقُّ بِالصَّلَاةِ) عَلَيْهِ (دَرَجَةً) فَلَا يُدْخِلُهُ وَلَوْ أُنْثَى إلَّا الرِّجَالُ مَتَى وُجِدُوا؛ لِضَعْفِ غَيْرِهِمْ عَنْ ذَلِكَ غَالِبًا وَلِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ أَبَا طَلْحَةَ أَنْ يَنْزِلَ فِي قَبْرِ بِنْتٍ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وَاسْمُهَا أُمُّ كُلْثُومٍ وَوَقَعَ فِي الْمَجْمُوعِ تَبَعًا وَلِلْخَبَرِ أَنَّهَا رُقَيَّةُ وَرَدَّهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ الْأَوْسَطِ بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَشْهَدْ مَوْتَ رُقَيَّةَ وَلَا دَفْنَهَا أَيْ لِأَنَّهُ كَانَ بِبَدْرٍ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ كَانَ لَهَا مَحَارِمُ مِنْ النِّسَاءِ كَفَاطِمَةَ نَعَمْ يُسَنُّ لَهُنَّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنْ يَلِينَ حَمْلَ الْمَرْأَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
فَإِنْ حَفَرَ فِي الْجِهَةِ الْمُقَابِلَةِ لَهَا كُرِهَ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: صُلْبَةٍ) بِضَمِّ الصَّادِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَمَعْنَاهُ الشَّدِيدُ الَّذِي لَا سُهُولَةَ فِيهِ فَتُسْمَعُ فِيهِ الْأَصْوَاتُ ع ش (قَوْلُهُ: وَيُوضَعُ الْمَيِّتُ بَيْنَهُمَا) (تَنْبِيهٌ) .
لَوْ كَانَ بِأَرْضِ اللَّحْدِ أَوْ الشِّقِّ نَجَاسَةٌ فَهَلْ يَجُوزُ وَضْعُ الْمَيِّتِ عَلَيْهَا مُطْلَقًا أَوْ يُفْصَلُ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ النَّجَاسَةُ بِوَاسِطَةِ صَدِيدٍ مِنْ مَيِّتٍ كَمَا فِي الْمَقْبَرَةِ الْمَنْبُوشَةِ فَيَجُوزُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ كَنَحْوِ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ فَيَمْتَنِعُ لِلْإِزْرَاءِ بِهِ حِينَئِذٍ؟ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَالْوَجْهُ هُوَ الْأَوَّلُ وَحَيْثُ قِيلَ بِالْجَوَازِ تَظْهَرُ صِحَّةُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَيُسْقَفُ عَلَيْهِ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَسُكُونِ السِّينِ وَفَتْحِ الْقَافِ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ الْحَدُوا لِي) بِوَصْلِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْحَاءِ وَبِقَطْعِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْحَاءِ يُقَالُ لَحَدَ يَلْحَدُ كَذَهَبَ يَذْهَبُ وَأَلْحَدَ يُلْحِدُ، وَقَوْلُهُ: لَحْدًا بِفَتْحِ اللَّامِ وَضَمِّهَا وَيُقَالُ لَحَدْتُهُ وَأَلْحَدْت لَهُ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ الرِّخْوَةُ) بِتَثْلِيثِ الرَّاءِ وَالْكَسْرُ أَفْصَحُ وَأَشْهَرُ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَسُنَّ أَنْ يُوَسَّعَ كُلٌّ مِنْهُمَا) فِيهِ أَنَّ هَذَا قَدْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْمُتَقَدِّمِ وَسُنَّ أَنْ يُوَسَّعَ إلَخْ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ ذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ ع ش وَقَدْ يُقَالُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الْقَبْرِ وَكَلَامُهُ هُنَا فِي اللَّحْدِ وَالشَّقِّ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يُرْفَعَ السَّقْفُ) أَيْ الَّذِي فِي الشَّقِّ فَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ وَهَلْ ذَلِكَ وُجُوبًا لِئَلَّا يَزْرِي بِهِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ كَذَلِكَ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ ع ش عَلَى م ر وق ل.
(قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَا يَمَسُّ الْمَيِّتَ) أَيْ وُجُوبًا. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ وَأَنْ يُوضَعَ رَأْسُهُ) أَيْ قَبْلَ دُخُولِهِ الْقَبْرَ. (قَوْلُهُ: الَّذِي سَيَصِيرُ عِنْدَ سُفْلِهِ) أَيْ فَهُوَ مَجَازُ مُجَاوَرَةٍ مَبْنِيٌّ عَلَى مَجَازِ الْأَوَّلِ فَسَمَّى مُؤَخِّرَ الْقَبْرِ رِجْلًا؛ لِأَنَّهُ مُجَاوِرٌ لَهَا أَوْ الْحَالِيَّةُ وَالْمَحَلِّيَّةُ لِكَوْنِ الرِّجْلِ حَالَّةً فِي الْقَبْرِ وَعِنْدَ خَبَرُ يَصِيرُ مُقَدَّمٌ وَرِجْلٌ اسْمُهَا مُؤَخَّرٌ.

(قَوْلُهُ: وَيُسَلُّ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ) أَيْ يُخْرَجُ مِنْ النَّعْشِ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ وَفِي الْمُخْتَارِ سَلَّ الشَّيْءَ مِنْ بَابِ رَدَّ وَسَلَّ السَّيْفَ وَأَسَلَّهُ بِمَعْنَى وَانْسَلَّ مِنْ بَيْنِهِمْ خَرَجَ وَفِي الْمِصْبَاحِ سَلَلْت الشَّيْءَ أَخَذْته إلَى الْقَبْرِ وَهَذَا الْمَعْنَى هُوَ الْمُلَائِمُ لِقَوْلِ الشَّارِحِ: «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُلَّ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ» أَيْ أُخِذَ وَلَيْسَ الْمَعْنَى أُخْرِجَ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي شَيْءٍ أُخْرِجَ مِنْهُ إذْ ذَاكَ لِأَنَّهُ دُفِنَ بِمَحِلِّ مَوْتِهِ (قَوْلُهُ: لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد) اسْتِدْلَالٌ عَلَى قَوْلِهِ وَيُوضَعُ رَأْسُهُ عِنْدَ رِجْلِ الْقَبْرِ لَكِنْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ وَجْهُ الدَّلَالَةِ إذْ غَايَةُ مَا فِيهِ أَنَّهُ أَدْخَلَهُ مِنْ جِهَةِ رِجْلِ الْقَبْرِ وَلَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِلْوَضْعِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: أَمَّا الْوَضْعُ كَذَلِكَ فَلِمَا صَحَّ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ مِنْ السُّنَّةِ وَأَمَّا السَّلُّ فَلِمَا صَحَّ أَنَّهُ فُعِلَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ أَظْهَرُ اهـ (قَوْلُهُ: الْخِطْمِيَّ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الطَّاءِ نِسْبَةٌ لِبَنِي خَطْمَةَ بَطْنٌ مِنْ الْأَنْصَارِ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ ثُمَّ أَدْخَلَهُ) دَلِيلٌ لِقَوْلِهِ وَأَنْ يُوضَعَ وَقَوْلُهُ: لِمَا رَوَى إلَخْ دَلِيلٌ لِقَوْلِهِ وَأَنْ يُسَلَّ إلَخْ وَقَدْ يُقَالُ إدْخَالُهُ مِنْ قِبَلِ رِجْلِ الْقَبْرِ لَا يَدُلُّ عَلَى سَنِّ وَضْعِ رَأْسِهِ عِنْدَ رِجْلِ الْقَبْرِ الَّذِي هُوَ الْمُدَّعَى.
(قَوْلُهُ وَأَنْ يُدْخِلَهُ) أَيْ نَدْبًا كَمَا قَالَهُ م ر وحج كَمَا يُفْهَمُ مِنْ عَطْفِهِ عَلَى الْمَنْدُوبِ فَلَوْ فَعَلَهُ غَيْرُهُ كَانَ مَكْرُوهًا خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ حَرَّمَهُ كَالْأَذْرَعِيِّ وَتَبِعَهُ خ ط ع ش (قَوْلُهُ: الْأَحَقُّ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ دَرَجَةً) بِخِلَافِهِ صِفَةً فَالْأَفْقَهُ يُقَدَّمُ عَلَى الْأَسَنِّ كَمَا فِي الْغُسْلِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: فَلَا يُدْخِلُهُ وَلَوْ أُنْثَى) أَيْ نَدْبًا فَإِذَا أَدْخَلَهُ الْإِنَاثُ كَانَ خِلَافَ الْأَوْلَى، وَمَنْ عَبَّرَ بِالْوُجُوبِ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا حَصَلَ إزْرَاءٌ لِلْمَيِّتِ بِإِدْخَالِ غَيْرِ الرِّجَالِ ع ش (قَوْلُهُ: إلَّا الرِّجَالَ) يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمْ مَا يَشْمَلُ الصِّبْيَانَ حَيْثُ كَانَ فِيهِمْ قُوَّةٌ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إلَخْ) دَفَعَ بِهِ مَا يُقَالُ إنَّمَا أَمَرَ أَبَا طَلْحَةَ بِالنُّزُولِ لِفَقْدِ مَحَارِمِهَا إطْفِيحِيٌّ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُسَنُّ) اسْتِدْرَاكٌ صُورِيٌّ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِيمَا قَبْلَهُ قَالَ الشَّوْبَرِيُّ وَظَاهِرُهُ أَنَّ النِّسَاءَ وَلَوْ أَجْنَبِيَّاتٍ يُقَدَّمْنَ فِيمَا ذَكَرَ عَلَى الرِّجَالِ الْمَحَارِمِ مَعَ اسْتِوَائِهِمْ نَظَرًا وَغَيْرَهُ، وَانْفِرَادِ الْمَحَارِمِ بِزِيَادَةِ الْقُوَّةِ فَلْيُحَرَّرْ وَجْهُ ذَلِكَ وَقَدْ يُقَالُ: وَجْهُ ذَلِكَ وُجُودُ الشَّهْوَةِ فِي الْمَحَارِمِ مَعَ الْمُخَالَطَةِ بِالْمَسِّ وَنَحْوِهِ وَذَلِكَ مَظِنَّةٌ لِثَوَرَانِهَا وَانْتِفَائِهَا فِي النِّسَاءِ

(1/490)


مِنْ مُغْتَسَلِهَا إلَى النَّعْشِ، وَتَسْلِيمُهَا إلَى مَنْ فِي الْقَبْرِ وَحَلُّ ثِيَابِهَا فِيهِ وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي دَرَجَةً الْأَحَقُّ بِالصَّلَاةِ صِفَةً وَقَدْ عُرِفَ فِي الْغُسْلِ (لَكِنَّ الْأَحَقَّ فِي أُنْثَى زَوْجٌ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقٌّ فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّ مَنْظُورَهُ أَكْثَرُ (فَمَحْرَمٌ) الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ (فَعَبْدُهَا) لِأَنَّهُ كَالْمَحْرَمِ فِي النَّظَرِ وَنَحْوِهِ (فَمَمْسُوحٌ فَمَجْبُوبٌ فَخَصِيٌّ) لِضَعْفِ شَهْوَتِهِمْ وَرُتِّبُوا كَذَلِكَ لِتَفَاوُتِهِمْ فِيهَا (فَعَصَبَةٌ) لَا مَحْرَمِيَّةٌ لَهُمْ كَبَنِي عَمٍّ وَمُعْتِقٍ وَعَصَبَتِهِ كَتَرَتُّبِهِمْ فِي الصَّلَاةِ فَذُو رَحِمٍ كَذَلِكَ كَبَنِي خَالٍ وَبَنِي عَمَّةٍ (فَالْأَجْنَبِيُّ صَالِحٌ) فَإِنْ اسْتَوَى اثْنَانِ فِي الدَّرَجَةِ وَالْفَضِيلَةِ وَتَنَازَعَا أُقْرِعَ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ وَقَوْلِي فَمَحْرَمٌ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي.

(وَ) سُنَّ (كَوْنُهُ) أَيْ الْمُدْخِلُ لَهُ الْقَبْرَ (وِتْرًا) وَاحِدًا فَأَكْثَرَ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ كَمَا فُعِلَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَدْ رَوَى ابْنُ حِبَّانَ أَنَّ الدَّافِنِينَ لَهُ كَانُوا ثَلَاثَةً وَأَبُو دَاوُد أَنَّهُمْ كَانُوا خَمْسَةً

(وَ) سُنَّ (سَتْرُ الْقَبْرِ بِثَوْبٍ) عِنْدَ الدَّفْنِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَنْكَشِفُ مِنْ الْمَيِّتِ شَيْءٌ فَيَظْهَرُ مَا يُطْلَبُ إخْفَاؤُهُ (وَهُوَ لِغَيْرِ ذَكَرٍ) مِنْ أُنْثَى وَخُنْثَى (آكَدُ) احْتِيَاطًا وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِي

(وَ) أَنْ (يَقُولَ) مُدْخِلُهُ (بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) لِلِاتِّبَاعِ وَلِلْأَمْرِ بِهِ رَوَاهُمَا التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُمَا، وَفِي رِوَايَةٍ وَعَلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَ) أَنْ (يُوضَعَ فِي الْقَبْرِ عَلَى يَمِينِهِ) كَمَا فِي الِاضْطِجَاعِ عِنْدَ النَّوْمِ وَتَعْبِيرِي كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ بِالْقَبْرِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِاللَّحْدِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَحَلُّ ثِيَابِهَا) أَيْ شِدَادِهَا أَيْ وَمِنْ مَحَلِّ مَوْتِهَا إلَى الْمُغْتَسَلِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ مَوَاضِعَ تَتَوَلَّاهَا النِّسْوَةُ ع ش (قَوْلُهُ: الْأَحَقُّ بِالصَّلَاةِ صِفَةً) الْمُرَادُ بِالصِّفَةِ هُنَا خُصُوصُ الْفِقْهِ لَا مُطْلَقُ الصِّفَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ عُرِفَ فِي الْغُسْلِ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْأَفْقَهَ هُنَا أَوْلَى مِنْ الْأَسَنِّ الْأَقْرَبِ، وَالْبَعِيدَ الْفَقِيهَ أَوْلَى مِنْ الْأَقْرَبِ غَيْرِ الْفَقِيهِ عَكْسُ مَا فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: لَكِنَّ الْأَحَقَّ إلَخْ أَتَى بِهِ لِأَنَّهُ عُلِمَ أَنَّهُ لَا حَقَّ فِي الصَّلَاةِ لِلزَّوْجِ حَيْثُ وُجِدَ مَعَهُ غَيْرُ الْأَجَانِبِ وَالسَّيِّدُ فِي الْأَمَةِ الَّتِي تَحِلُّ لَهُ كَالزَّوْجِ وَفِي الَّتِي لَا تَحِلُّ لَهُ كَأَنْ كَانَتْ مُكَاتَبَةً كَالْمَحْرَمِ فَيُقَدَّمُ عَلَى عَبْدِهَا؛ لِأَنَّ الْمَالِكِيَّةَ أَقْوَى مِنْ الْمَمْلُوكِيَّةِ. اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: زَوْجٌ) قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ تَقْدِيمُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا طَلْحَةَ وَهُوَ أَجْنَبِيٌّ مَفْضُولٌ عَلَى عُثْمَانَ مَعَ أَنَّهُ الزَّوْجُ الْأَفْضَلُ وَالْعُذْرُ الَّذِي أُشِيرُ إلَيْهِ فِي الْخَبَرِ عَلَى رَأْيٍ وَهُوَ أَنَّهُ كَانَ وَطِئَ سُرِّيَّةً لَهُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ دُونَ أَبِي طَلْحَةَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَئِمَّتِنَا أَنَّهُمْ لَا يَعْتَبِرُونَهُ لَكِنْ سَهَّلَ ذَلِكَ أَنَّهَا وَاقِعَةُ حَالٍ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ عُثْمَانَ لِفَرْطِ الْحُزْنِ وَالْأَسَفِ لَمْ يَثِقْ مِنْ نَفْسِهِ بِأَحْكَامِ الدَّفْنِ أَوْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى عَلَيْهِ آثَارَ الْعَجْزِ عَنْ ذَلِكَ فَقَدَّمَ أَبَا طَلْحَةَ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ وَخَصَّهُ لِكَوْنِهِ لَمْ يُقَارِفْ أَيْ: لَمْ يُجَامِعْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ نَعَمْ يُؤْخَذُ مِنْ الْخَبَرِ أَنَّ الْأَجَانِبَ الْمُسْتَوِينَ فِي الصِّفَاتِ يُقَدَّمُ مِنْهُمْ مَنْ بَعُدَ عَهْدُهُ عَنْ الْجِمَاعِ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ مُذَكِّرٍ يَحْصُلُ لَهُ لَوْ مَاسَّ الْمَرْأَةَ اهـ حَجّ وَلَا يُرَدُّ أَنَّهُمْ قَالُوا فِي الْجُمُعَةِ: إنَّهُ يُسَنُّ أَنْ يُجَامِعَ لَيْلَتَهَا لِيَكُونَ أَبْعَدَ عَنْ الْمَيْلِ إلَى مَا يُرَادُ مِنْ النِّسَاءِ لِأَنَّا نَقُولُ الْغَرَضُ ثَمَّ كَسْرُ الشَّهْوَةِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِالْجِمَاعِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَالْغَرَضُ هُنَا أَنَّهُ يَكُونُ أَبْعَدَ عَنْ تَذَكُّرِ النِّسَاءِ وَبُعْدَ الْعَهْدِ بِهِنَّ أَقْوَى فِي عَدَمِ التَّذَكُّرِ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقٌّ فِي الصَّلَاةِ) أَيْ عِنْدَ وُجُودِ الْأَقَارِبِ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ) فَيُقَدَّمُ الْأَبُ ثُمَّ أَبُوهُ وَإِنْ عَلَا ثُمَّ الِابْنُ ثُمَّ ابْنُهُ وَإِنْ نَزَلَ ثُمَّ الْأَخُ الشَّقِيقُ ثُمَّ الْأَخُ لِلْأَبِ ثُمَّ ابْنُ الْأَخِ الشَّقِيقِ ثُمَّ ابْنُ الْأَخِ لِلْأَبِ ثُمَّ الْعَمُّ الشَّقِيقُ ثُمَّ الْعَمُّ لِلْأَبِ ثُمَّ أَبُو الْأُمِّ ثُمَّ الْأَخُ مِنْهَا ثُمَّ الْخَالُ ثُمَّ الْعَمُّ مِنْهَا وَالتَّرْتِيبُ الْمَذْكُورُ مَنْدُوبٌ ز ي.
(قَوْلُهُ فَعَبْدُهَا) اُسْتُشْكِلَ بِأَنَّ الْأَمَةَ لَا تُغَسِّلُ سَيِّدَهَا لِانْقِطَاعِ الْمِلْكِ بِالْمَوْتِ وَهُوَ بِعَيْنِهِ مَوْجُودٌ هُنَا. وَأُجِيبَ بِاخْتِلَافِ الْبَابَيْنِ إذْ الرَّجُلُ ثَمَّ يَتَأَخَّرُ عَنْ النِّسَاءِ وَهُنَا يَتَقَدَّمُ حَتَّى أَنَّ الرَّجُلَ الْأَجْنَبِيَّ يَتَقَدَّمُ هُنَا عَلَى الْمَرْأَةِ وَعَبْدَ الْمَيِّتَةِ أَوْلَى مِنْهُ ز ي (قَوْلُهُ: لِتَفَاوُتِهِمْ فِيهَا) أَيْ الشَّهْوَةِ إذْ الْمَقْطُوعُ أَضْعَفُ مِنْ الْمَجْبُوبِ وَالْخَصِيِّ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْآلَتَيْنِ وَالْمَجْبُوبُ أَضْعَفُ مِنْ الْخَصِيِّ لِجَبِّ ذَكَرِهِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: فَذُو رَحِمٍ إلَخْ) وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ التَّرْتِيبَ مُسْتَحَبٌّ لَا وَاجِبٌ م ر (قَوْلُهُ: فَأَجْنَبِيٌّ صَالِحٌ) الْأَفْضَلُ فَالْأَفْضَلُ ثُمَّ النِّسَاءُ بَعْدَ الْأَجْنَبِيِّ كَتَرْتِيبِهِنَّ فِي الْغُسْلِ وَالْخَنَاثَى كَالنِّسَاءِ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا ح ل.
(قَوْلُهُ: أُقْرِعَ) أَيْ نَدْبًا ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ) أَيْ فِي الْغُسْلِ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ تَنَازَعَا فِي هَذَا وَنَظَائِرِهِ الْآتِيَةِ أُقْرِعَ ز ي

(قَوْلُهُ: وَسُنَّ كَوْنُهُ وِتْرًا) عَطْفُ مَصْدَرٍ صَرِيحٍ عَلَى مَصْدَرٍ مُؤَوَّلٍ شَوْبَرِيٌّ قَالَ م ر وَأَمَّا الْوَاجِبُ فِي الْمُدْخِلِ لَهُ فَهُوَ مَا تَحْصُلُ بِهِ الْكِفَايَةُ (قَوْلُهُ: بِحَسَبِ الْحَاجَةِ) فَلَوْ انْتَهَتْ الْحَاجَةُ بِاثْنَيْنِ مَثَلًا زِيدَ عَلَيْهِمَا ثَالِثٌ مُرَاعَاةً لِلْوَتْرِيَّةِ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: كَانُوا ثَلَاثَةً) وَهْم عَلِيٌّ وَالْعَبَّاسُ وَابْنُهُ الْفَضْلُ وَفِي رِوَايَةٍ أَرْبَعَةٌ عَلِيٌّ وَالْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ وَأُسَامَةُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَقَوْلُهُ: خَمْسَةٌ وَهْم عَلِيٌّ وَعَبَّاسٌ وَابْنُهُ الْفَضْلُ وَقُثَمُ وَشُقْرَانَ مَوْلَاهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِرْمَاوِيٌّ

(قَوْلُهُ: وَسَتْرُ الْقَبْرِ بِثَوْبٍ عِنْدَ الدَّفْنِ) عِبَارَةُ شَيْخِنَا عِنْدَ إدْخَالِ الْمَيِّتِ فِيهِ أَيْ الْقَبْرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَبْرِ اللَّحْدُ وَالشَّقُّ وَيُؤَيِّدُهُ تَعْبِيرُ الشَّارِحِ بِالدَّفْنِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْهُ إدْخَالُ الْمَيِّتِ ذَلِكَ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَبْرِ الْحُفْرَةُ فَيُسْتَحَبُّ سَتْرُ الْقَبْرِ قَبْلَ إدْخَالِ الْمَيِّتِ فِي الْحُفْرَةِ ح ل (قَوْلُهُ: عِنْدَ الدَّفْنِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا يُنْدَبُ ذَلِكَ عِنْدَ وَضْعِهِ عَلَى النَّعْشِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُبَاحًا ع ش عَلَى م ر أَيْ سَتْرُهُ حَالَ وَضْعِهِ عَلَى النَّعْشِ مُبَاحٌ وَإِنْ كَانَ يُنْدَبُ سَتْرُهُ بَعْدَ ذَلِكَ

(قَوْلُهُ وَأَنْ يَقُولَ مُدْخِلُهُ) أَيْ وَإِنْ تَعَدَّدَ ع ش (قَوْلُهُ: بِسْمِ اللَّهِ)

(1/491)


 (وَيُوَجَّهُ) لِلْقِبْلَةِ (وُجُوبًا) تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ الْمُصَلِّي فَلَوْ وُجِّهَ لِغَيْرِهَا نُبِشَ كَمَا سَيَأْتِي أَوْ لَهَا عَلَى يَسَارِهِ كُرِهَ وَلَمْ يُنْبَشْ وَالتَّصْرِيحُ بِالْوُجُوبِ مِنْ زِيَادَتِي

(وَ) أَنْ (يُسْنَدَ وَجْهُهُ) وَرِجْلَاهُ (إلَى جِدَارِهِ) أَيْ الْقَبْرِ (وَظَهْرُهُ بِنَحْوِ لَبِنَةٍ) كَحَجَرٍ حَتَّى لَا يَنْكَبَّ وَلَا يَسْتَلْقِيَ وَيُرْفَعُ رَأْسُهُ بِنَحْوِ لَبِنَةٍ وَيُفْضَى بِخَدِّهِ الْأَيْمَنِ إلَيْهِ وَإِلَى التُّرَابِ (وَ) أَنْ (يُسَدَّ فَتْحُهُ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ التَّاءِ (بِنَحْوِ لَبِنٍ) كَطِينٍ بِأَنْ يُبْنَى بِذَلِكَ ثُمَّ تَسُدُّ فُرَجُهُ بِكِسَرِ لَبِنٍ وَطِينٍ أَوْ نَحْوِهِمَا لِأَنَّ ذَلِكَ أَبْلَغَ فِي صِيَانَةِ الْمَيِّتِ مِنْ النَّبْشِ وَمِنْ مَنْعِ التُّرَابِ وَالْهَوَامِّ، وَنَحْوُ مِنْ زِيَادَتِي

(وَكُرِهَ) أَنْ يُجْعَلَ لَهُ (فُرُشٌ وَمِخَدَّةٌ) بِكَسْرِ الْمِيمِ (وَصُنْدُوقٌ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ) لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إضَاعَةَ مَالٍ أَمَّا إذَا اُحْتِيجَ إلَى صُنْدُوقٍ لِنَدَاوَةٍ وَنَحْوِهَا كَرَخَاوَةٍ فِي الْأَرْضِ فَلَا يُكْرَهُ وَلَا تَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ بِهِ إلَّا حِينَئِذٍ.

(وَجَازَ) بِلَا كَرَاهَةٍ (دَفْنُهُ لَيْلًا) مُطْلَقًا (وَوَقْتَ كَرَاهَةِ صَلَاةٍ لَمْ يَتَحَرَّهُ) بِالْإِجْمَاعِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَحَرَّاهُ فَلَا يَجُوزُ وَعَلَيْهِ حُمِلَ خَبَرُ مُسْلِمٍ عَنْ «عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ ثَلَاثُ سَاعَاتٍ نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الصَّلَاةِ فِيهِنَّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
أَيْ أُدْخِلُهُ مُسْتَعِينًا بِاسْمِ اللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْ وَمَاتَ عَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ أَوْ أَدْفِنُهُ عَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ وَسُنَّ زِيَادَةُ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كَمَا فِي الْمُنَاوِيِّ لِأَنَّ الرَّحْمَةَ مُنَاسِبَةٌ لِلْمَقَامِ وَيُسَنُّ أَنْ يَزِيدَ مِنْ الدُّعَاءِ مَا يَلِيقُ بِالْحَالِ كَاللَّهُمَّ افْتَحْ أَبْوَابَ السَّمَاءِ لِرُوحِهِ وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ وَوَسِّعْ لَهُ فِي قَبْرِهِ فَقَدْ وَرَدَ أَنَّ مَنْ قِيلَ ذَلِكَ عِنْدَ دَفْنِهِ رَفَعَ اللَّهُ عَنْهُ الْعَذَابَ أَرْبَعِينَ سَنَةً ح ف.

(قَوْلُهُ: وَيُوَجَّهُ لِلْقِبْلَةِ وُجُوبًا) أَيْ فِي الْمُسْلِمِ وَيُوَجَّهُ الْكَافِرُ لِأَيِّ جِهَةٍ كَانَتْ وَقَوْلُهُ: وَيُوَجَّهُ بِالرَّفْعِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ وُجُوبًا إذْ لَوْ قُرِئَ بِالنَّصْبِ لَكَانَ التَّقْدِيرُ وَسُنَّ أَنْ يُوَجَّهَ وُجُوبًا وَهُوَ فَاسِدٌ وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ حِكْمَةُ حَذْفِ أَنْ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةُ الْمُصَلِّي) يُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ وُجُوبِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ بِالْكُفَّارِ عَلَيْنَا وَهُوَ كَذَلِكَ فَيَجُوزُ اسْتِقْبَالُهُمْ وَاسْتِدْبَارُهُمْ نَعَمْ لَوْ مَاتَتْ ذِمِّيَّةٌ وَفِي جَوْفِهَا جَنِينٌ مُسْلِمٌ بَلَغَ أَوَانَ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ جُعِلَ ظَهْرُهَا لِلْقِبْلَةِ وُجُوبًا لِيَتَوَجَّهَ الْجَنِينُ لِلْقِبْلَةِ حَيْثُ وَجَبَ دَفْنُهُ لَوْ كَانَ مُنْفَصِلًا إذْ وَجْهُ الْجَنِينِ لِظَهْرِ أُمِّهِ وَتُدْفَنُ هَذِهِ الْمَرْأَةُ بَيْنَ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ شَرْحُ م ر، أَمَّا الْمُسْلِمَةُ فَتُرَاعَى هِيَ لَا مَا فِي بَطْنِهَا ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: فَلَوْ وُجِّهَ لِغَيْرِهَا) أَيْ وَلَوْ إلَى السَّمَاءِ فَيَشْمَلُ الْمُسْتَلْقِيَ وَلَوْ رُفِعَتْ رَأْسُهُ فَلَا قُصُورَ فِي عِبَارَتِهِ شَيْخُنَا وَعِبَارَةُ م ر فَإِنْ دُفِنَ مُسْتَدْبَرًا أَوْ مُسْتَلْقِيًا نُبِشَ حَتْمًا إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ وَإِلَّا فَلَا

(قَوْلُهُ: حَتَّى لَا يَنْكَبَّ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ وَأَنْ يُسْنَدَ وَجْهُهُ إلَخْ وَقَوْلُهُ: وَلَا يَسْتَلْقِيَ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ وَظَهْرُهُ إلَخْ وَلَا يَجِبُ نَبْشُهُ لَوْ انْكَبَّ أَوْ اسْتَلْقَى بَعْدَ الدَّفْنِ وَكَذَا لَوْ انْهَارَ الْقَبْرُ أَوْ التُّرَابُ عَلَيْهِ كَذَلِكَ وَيَجُوزُ نَبْشُهُ وَإِصْلَاحُهُ أَوْ نَقْلُهُ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ نَعَمْ لَوْ انْهَارَ عَلَيْهِ التُّرَابُ قَبْلَ تَسْوِيَةِ الْقَبْرِ وَقَبْلَ سَدِّهِ وَجَبَ إصْلَاحُهُ ق ل وَبِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: بِخَدِّهِ الْأَيْمَنِ) أَيْ بَعْدَ إزَالَةِ الْكَفَنِ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي إظْهَارِ الذُّلِّ وَقَوْلُهُ: إلَيْهِ أَيْ إلَى نَحْوِ اللَّبِنَةِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَسُدَّ فَتْحَهُ) ظَاهِرُ صَنِيعِهِ مِنْ اسْتِحْبَابِ السَّدِّ جَوَازُ إهَالَةِ التُّرَابِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ سَدٍّ وَذَهَبَ جَمْعٌ إلَى وُجُوبِ السَّدِّ وَحُرْمَةِ إهَالَةِ التُّرَابِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْإِزْرَاءِ بِالْمَيِّتِ وَقَرَّرَ شَيْخُنَا ز ي أَنَّ السَّدَّ إنْ لَزِمَ عَلَى عَدَمِهِ إهَالَةُ التُّرَابِ عَلَى الْمَيِّتِ وَجَبَ وَإِلَّا نُدِبَ وَعَلَى كُلٍّ يُحْمَلُ كَلَامُ جَمْعٍ ح ل وَم ر. (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ لَبِنٍ) أَيْ نَدْبًا وَكَانَ عَدَدُ لَبِنَاتِ لَحْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تِسْعُ لَبِنَاتٍ كَمَا فِي مُسْلِمٍ ق ل. (قَوْلُهُ: بِكِسَرِ لَبِنٍ) بِكَسْرِ الْكَافِ وَفَتْحِ السِّينِ وَسُكُونِهَا شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَطِينٍ) نَبَّهَ بِهِ عَلَى أَنَّ اللَّبِنَ وَحْدَهُ لَا يَكْفِي وَلَا يُنْدَبُ الْأَذَانُ عِنْدَ سَدِّهِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَمِخَدَّةٌ بِكَسْرِ الْمِيمِ) وَجَمْعُهَا مَخَادُّ بِفَتْحِ الْمِيمِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِوَضْعِ الْخَدِّ عَلَيْهَا شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: لَمْ يُحْتَجْ إلَيْهِ) أَيْ الصُّنْدُوقِ فَالتَّفْصِيلُ إنَّمَا هُوَ فِيهِ وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُ الشَّارِحِ، أَمَّا إذَا اُحْتِيجَ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إضَاعَةَ مَالٍ) أَيْ لِغَرَضٍ شَرْعِيٍّ وَهُوَ تَعْظِيمُ الْمَيِّتِ فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ الْعِلَّةِ وَالْمَعْلُولِ لِأَنَّ الْإِضَاعَةَ إنَّمَا تَكُونُ مُحَرَّمَةً إذَا لَمْ تَكُنْ لِغَرَضٍ شَرْعِيٍّ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا اُحْتِيجَ إلَى صُنْدُوقٍ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ بَقَاءَ الْمَيِّتِ مَطْلُوبٌ وَأَنَّ الْأَرْضَ الَّتِي لَا تَبْلِيهِ سَرِيعًا أَوْلَى مِنْ الْأَرْضِ الَّتِي تَبْلِيهِ سَرِيعًا عَكْسُ مَا يُتَوَهَّمُ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ مَطْلُوبٌ لِأَنَّ تَنَعُّمَ الرُّوحِ مَعَ الْبَدَنِ أَلَذُّ مِنْ تَنَعُّمِهَا وَحْدَهَا

(قَوْلُهُ: وَجَازَ دَفْنُهُ لَيْلًا) أَيْ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُفِنَ لَيْلًا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ كَذَلِكَ بَلْ فَعَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْضًا نَعَمْ يُنْدَبُ لِلْإِمَامِ مَنْعُ الْكُفَّارِ مِنْ الدَّفْنِ نَهَارًا إنْ أَظْهَرُوهُ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ تَحَرَّاهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ) أَيْ جَوَازُ مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ إذْ الْمُعْتَمَدُ الْكَرَاهَةُ تَنْزِيهًا وَهَذَا فِي غَيْرِ حَرَمِ مَكَّةَ، أَمَّا فِيهِ فَلَا حُرْمَةَ وَلَا كَرَاهَةَ قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ فِيهِ ح ل وَز ي قَالَ الشَّوْبَرِيُّ رَأَيْت بِخَطِّ شَيْخِنَا بِهَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّ الْأَوْجَهَ تَحْرِيمُ الدَّفْنِ عِنْدَ تَحَرِّي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ فِي الْحَرَمِ الْمَكِّيِّ وَإِنْ لَمْ تَحْرُمْ الصَّلَاةُ فِيهِ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ اهـ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الصَّلَاةَ يُضَاعَفُ ثَوَابُهَا فَاغْتُفِرَ فِعْلُهَا بِذَلِكَ وَلَا كَذَلِكَ الدَّفْنُ وَأَيْضًا لِلنَّصِّ عَلَيْهَا فِي حَدِيثِ " يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ " إلَخْ اهـ بِحُرُوفِهِ.

(1/492)


وَأَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا، وَذَكَرَ وَقْتَ الِاسْتِوَاءِ وَالطُّلُوعِ وَالْغُرُوبِ» (وَالسُّنَّةُ) لِلدَّفْنِ (غَيْرُهُمَا) أَيْ غَيْرُ اللَّيْلِ وَغَيْرُ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ وَتَعْبِيرِي بِهَذَا الْمُوَافِقِ لِعِبَارَةِ الرَّوْضَةِ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَغَيْرُهُمَا أَفْضَلُ وَإِنْ أُوِّلَ أَفْضَلُ بِمَعْنَى فَاضِلٍ

(وَدَفْنٌ بِمَقْبَرَةٍ أَفْضَلُ) مِنْهُ بِغَيْرِهَا لِيَنَالَ الْمَيِّتُ دُعَاءَ الْمَارِّينَ وَالزَّائِرِينَ (وَكُرِهَ مَبِيتٌ بِهَا) لِمَا فِيهِ مِنْ الْوَحْشَةِ

(وَدَفْنُ اثْنَيْنِ مِنْ جِنْسٍ) ذَكَرَيْنِ أَوْ أُنْثَيَيْنِ ابْتِدَاءً (بِقَبْرٍ) بِمَحَلٍّ وَاحِدٍ (إلَّا لِضَرُورَةٍ) كَكَثْرَةِ الْمَوْتَى لِوَبَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَيُقَدَّمُ) فِي دَفْنِهِمَا إلَى جِدَارِ الْقَبْرِ (أَفْضَلُهُمَا) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ يَقُولُ أَيُّهُمَا أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ فَإِذَا أُشِيرَ إلَى أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ» (لَا فَرْعٌ) فَلَا يُقَدَّمُ (عَلَى أَصْلٍ) مِنْ جِنْسِهِ فَيُقَدَّمُ الْأَبُ عَلَى الِابْنِ وَإِنْ كَانَ أَفْضَلَ مِنْهُ لِحُرْمَةِ الْأُبُوَّةِ وَالْأُمُّ عَلَى الْبِنْتِ وَإِنْ كَانَتْ أَفْضَلَ مِنْهَا لِحُرْمَةِ الْأُمُومَةِ مَعَ التَّسَاوِي فِي الْأُنُوثَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ فَيُقَدَّمُ الِابْنُ عَلَى أُمِّهِ لِفَضِيلَةِ الذُّكُورَةِ (وَلَا صَبِيٌّ عَلَى رَجُلٍ) بَلْ يُقَدَّمُ الرَّجُلُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ أَفْضَلَ مِنْهُ وَالتَّصْرِيحُ بِكَرَاهَةِ الدَّفْنِ مَعَ قَوْلِي مِنْ جِنْسٍ وَقَوْلِي لَا فَرْعٌ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي وَخَرَجَ بِالْجِنْسِ مَا لَوْ كَانَا مِنْ جِنْسَيْنِ حَقِيقَةً كَذَكَرٍ وَأُنْثَى أَوْ احْتِمَالًا كَخُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مَحْرَمِيَّةٌ أَوْ زَوْجِيَّةٌ أَوْ سَيِّدِيَّةٌ كُرِهَ دَفْنُهُمَا بِقَبْرٍ وَإِلَّا حَرُمَ بِلَا تَأَكُّدِ ضَرُورَةٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: وَأَنْ نَقْبُرَ) بَابُهُ ضَرَبَ وَنَصَرَ أَيْ نَدْفِنَ وَأَمَّا ضَبْطُهُ بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْبَاءِ مِنْ أَقْبَرَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ} [عبس: 21] فَغَلَطٌ لِأَنَّ مَعْنَى أَقْبَرَهُ فِي الْآيَةِ صَيَّرَ لَهُ قَبْرًا وَأَمَّا الَّذِي فِي الْحَدِيثِ فَمَاضِيهِ قَبَرَ بِمَعْنَى دَفَنَ (قَوْلُهُ وَذَكَرَ وَقْتَ إلَخْ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَفْظُ ذَكَرَ إمَّا مِنْ الرَّاوِي أَوْ مِنْ الشَّارِحِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَقْتَ الِاسْتِوَاءِ) هِيَ الْأَوْقَاتُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالزَّمَنِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْوَقْتَ الْمُتَعَلِّقَ بِالْفِعْلِ كَوَقْتَيْ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ لَيْسَ كَذَلِكَ وَبِهِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ لَهُ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الصَّوَابُ التَّعْمِيمُ وَهُوَ كَمَا قَالَ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَغَيْرُهُمَا أَفْضَلُ) أَيْ لِأَنَّ عِبَارَةَ الْأَصْلِ تَقْتَضِي أَنَّ غَيْرَهُمَا فِيهِ فَضْلٌ إنْ جُعِلَ عَلَى بَابِهِ وَإِنْ أُوِّلَ فَمَا لَا تَأْوِيلَ فِيهِ أَوْلَى

(قَوْلُهُ: وَدَفْنٌ بِمَقْبَرَةٍ أَفْضَلُ) وَفِي أَفْضَلِ مَقْبَرَةٍ بِالْبَلَدِ أَوْلَى وَيُكْرَهُ الدَّفْنُ بِالْبَيْتِ إلَّا أَنْ تَدْعُوَ إلَيْهِ حَاجَةٌ أَوْ مَصْلَحَةٌ عَلَى أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى لَا مَكْرُوهٌ وَإِنَّمَا دُفِنَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي بَيْتِهِ لِاخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ فِي مَدْفِنِهِ لِخَوْفِهِمْ مِنْ دَفْنِهِ بِالْمَقَابِرِ مِنْ التَّنَازُعِ وَلِأَنَّ مِنْ خَوَاصِّ الْأَنْبِيَاءِ دَفْنُهُمْ بِمَحَلِّ مَوْتِهِمْ أَيْ حَيْثُ أَمْكَنَ الدَّفْنُ فِيهِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ نُقِلُوا كَأَنْ مَاتُوا عَلَى سَقْفٍ لَا يَتَأَتَّى الدَّفْنُ فِيهِ فَالظَّاهِرُ دَفْنُهُمْ تَحْتَ الْمَوْضِعِ الَّذِي مَاتُوا فِيهِ بِحَيْثُ يُحَاذِيهِ كَمَا فِي حَجّ وَع ش (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ مَبِيتٌ بِهَا) فِي كَلَامِهِ إشْعَارٌ بِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ عِنْدَ الْقَبْرِ الْمُنْفَرِدِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَفِيهِ احْتِمَالٌ وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بِصَحْرَاءَ أَوْ فِي بَيْتٍ مَسْكُونٍ اهـ وَالتَّفْرِقَةُ أَوْجَهُ بَلْ كَثِيرٌ مِنْ التُّرَبِ مَسْكُونَةٌ كَالْبُيُوتِ فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ فِيهَا وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ مَحَلَّ الْكَرَاهَةِ حَيْثُ كَانَ مُنْفَرِدًا فَإِنْ كَانُوا جَمَاعَةً كَمَا يَقَعُ كَثِيرًا فِي زَمَنِنَا فِي الْمَبِيتِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ أَوْ زِيَارَةٍ لَمْ يُكْرَهْ شَرْحُ م ر

(قَوْلُهُ: وَدَفْنُ اثْنَيْنِ مِنْ جِنْسٍ) أَيْ أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسٍ وَهُنَاكَ مَحْرَمِيَّةٌ فَمَدَارُ الْجَوَازِ عِنْدَهُ مَعَ الْكَرَاهَةِ عَلَى اتِّحَادِ الْجِنْسِ أَوْ اخْتِلَافِهِ مَعَ الْمَحْرَمِيَّةِ وَنَحْوِهَا كَمَا سَيَأْتِي وَقَوْلُهُ: ابْتِدَاءً، أَمَّا دَوَامًا بِأَنْ يُفْتَحَ عَلَى الْمَيِّتِ وَيُوضَعَ عِنْدَهُ مَيِّتٌ آخَرُ فَيَحْرُمُ وَلَوْ مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ أَوْ مَعَ مَحْرَمِيَّةٍ وَالْمُعْتَمَدُ التَّحْرِيمُ حَيْثُ لَا ضَرُورَةَ مُطْلَقًا ابْتِدَاءً وَدَوَامًا وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ مَحْرَمِيَّةٌ وَاتَّحَدَ الْجِنْسُ لِأَنَّ الْعِلَّةَ التَّأَذِّي م ر وع ش وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِالِاثْنَيْنِ وَاحِدٌ وَبَعْضُ بَدَنِ آخَرَ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَا صَغِيرَيْنِ (قَوْلُهُ: كَكَثْرَةِ الْمَوْتَى) أَيْ وَعُسْرِ إفْرَادِ كُلِّ وَاحِدٍ بِقَبْرٍ. اهـ. م ر فَمَتَى سَهُلَ إفْرَادُ كُلِّ وَاحِدٍ بِقَبْرٍ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَلَا يَخْتَصُّ الْحُكْمُ بِمَا اُعْتِيدَ الدَّفْنُ فِيهِ بَلْ حَيْثُ أَمْكَنَ وَلَوْ فِي غَيْرِهِ وَلَوْ كَانَ بَعِيدًا وَجَبَ حَيْثُ كَانَ يُعَدُّ مَقْبَرَةً لِلْبَلَدِ وَسَهُلَ زِيَارَتُهُ ع ش (قَوْلُهُ: فَيُقَدَّمُ أَفْضَلُهُمَا) وَهُوَ الْأَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ) قِيلَ الْمُرَادُ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ إذْ لَا يَجُوزُ تَجْرِيدُهُمَا بِحَيْثُ تَتَلَاقَى بَشَرَتُهُمَا بَلْ الْمُرَادُ أَنْ يَكُونَ عَلَى كُلٍّ ثِيَابُهُ وَلَكِنَّهُ يُضْجَعُ بِجَنْبِ الْآخَرِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ وَهَذَا تَأْوِيلٌ بَعِيدٌ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّ ذَلِكَ الْوَقْتَ كَانَ وَقْتَ عَجْزٍ وَحِينَئِذٍ فَبَعْضُ الثِّيَابِ الَّتِي وُجِدَتْ كَانَ فِيهِ سَعَةٌ بِحَيْثُ يَسَعُ اثْنَيْنِ يُدْرَجَانِ فِيهِ فَفَعَلَ فِيهِمَا ذَلِكَ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ تَمَاسُّ عَوْرَتَيْهِمَا لِإِمْكَانِ أَنْ يَحْجِزَ بَيْنَهُمَا بِإِذْخِرٍ وَنَحْوِهِ شَرْحُ الْمِشْكَاةِ شَوْبَرِيٌّ وَلَوْ حَفَرَ قَبْرًا فَوَجَدَ فِيهِ عَظْمَ مَيِّتٍ قَبْلَ فَرَاغِ الْحَفْرِ أَعَادَهُ وَلَمْ يَتِمَّ الْحَفْرُ وَإِنْ ظَهَرَ ذَلِكَ بَعْدَ تَمَامِهِ جَعَلَهُ فِي جَانِبٍ بَعْدَ حَفْرِهِ وَدَفَنَ الْمَيِّتَ بِجَانِبٍ آخَرَ فَإِنْ كَانَ لِلْقَبْرِ لَحْدَانِ وَدُفِنَ بِأَحَدِهِمَا مَيِّتٌ ثُمَّ أُرِيدَ دَفْنُ آخَرَ بِاللَّحْدِ الْآخَرِ لَمْ يَحْرُمْ نَبْشُ الْقَبْرِ حِينَئِذٍ حَيْثُ لَمْ تَظْهَرْ رَائِحَةٌ مِنْ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ ح ل وَز ي (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ) كَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَ هَذِهِ إلَى الْمَفْهُومِ الْآتِي لِأَنَّهَا مِنْ صُورَةِ لَا مِنْ صُوَرِ الْمَنْطُوقِ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِالْجِنْسِ إلَخْ) هَلْ يُقَدَّمُ الْخُنْثَى عَلَى أُمِّهِ احْتِيَاطًا أَوْ هِيَ؟ قَالَ الشَّيْخُ فِيهِ نَظَرٌ. أَقُولُ وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُهَا لِأَنَّ جِهَةَ تَقْدِيمِهَا مُحَقَّقَةٌ بِخِلَافِ الْخُنْثَى شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: كُرِهَ) الْمُعْتَمَدُ تَحْرِيمُ الْجَمْعِ مُطْلَقًا إلَّا لِضَرُورَةٍ

(1/493)


وَحَيْثُ جُمِعَ بَيْنَ اثْنَيْنِ جُعِلَ بَيْنَهُمَا حَاجِزُ تُرَابٍ وَقُدِّمَ مِنْ جِنْسَيْنِ الذَّكَرُ ثُمَّ الْخُنْثَى ثُمَّ الْمَرْأَةُ وَتَقَدَّمَ بَعْضُ ذَلِكَ

(وَسُنَّ لِمَنْ دَنَا) مِنْ الْقَبْرِ بِأَنْ كَانَ عَلَى شَفِيرِهِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (ثَلَاثُ حَثَيَاتِ تُرَابٍ) بِيَدَيْهِ جَمِيعًا «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَثَا مِنْ قِبَلِ رَأْسِ الْمَيِّتِ ثَلَاثًا» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ وَيُسَنُّ أَنْ يَقُولَ مَعَ الْأُولَى {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ} [طه: 55] وَمَعَ الثَّانِيَةِ {وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ} [طه: 55] وَمَعَ الثَّالِثَةِ {وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} [طه: 55]

(وَ) سُنَّ (أَنْ يُهَالَ) عَلَيْهِ (بِمَسَاحٍ) أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا إسْرَاعًا لِتَكْمِيلِ الدَّفْنِ وَيُسَنُّ أَنْ لَا يُزَادَ عَلَى تُرَابِ الْقَبْرِ لِئَلَّا يَعْظُمَ شَخْصُهُ (فَتَمْكُثُ جَمَاعَةٌ) عِنْدَهُ سَاعَةً (يَسْأَلُونَ لَهُ التَّثْبِيتَ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ جُمِعَ بَيْنَ اثْنَيْنِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْجَمْعُ مُحَرَّمًا بِأَنْ لَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ إلَيْهِ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: جُعِلَ بَيْنَهُمَا) أَيْ نَدْبًا إنْ لَمْ يَكُنْ مَسٌّ وَإِلَّا وَجَبَ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَقُدِّمَ مِنْ جِنْسَيْنِ الذَّكَرُ) أَيْ قُدِّمَ وَضْعُهُ إلَى جِدَارِ الْقَبْرِ وَهَذَا قَبْلَ وَضْعِ الْمَفْضُولِ فِي اللَّحْدِ وَلَوْ عَلَى شَفِيرِهِ وَإِلَّا فَلَا يُنَحَّى عَنْ مَكَانِهِ لِأَنَّهُ إزْرَاءٌ بِهِ وَيُقَدَّمُ فِي الْكَافِرِينَ أَخَفُّهُمَا كُفْرًا أَوْ عِصْيَانًا بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَ بَعْضُ ذَلِكَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَيُقَدَّمُ الِابْنُ عَلَى أُمِّهِ.

(قَوْلُهُ: وَسُنَّ لِمَنْ دَنَا) أَيْ حَضَرَ الدَّفْنَ وَلَوْ بَعُدَ شَوْبَرِيٌّ أَيْ وَلَوْ امْرَأَةً وَمَحَلُّهُ حَيْثُ لَمْ يُؤَدِّ قُرْبُهَا مِنْ الْقَبْرِ إلَى الِاخْتِلَاطِ بِالرِّجَالِ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ عَلَى شَفِيرِهِ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَضَابِطُ الدُّنُوِّ مَا لَا يَحْصُلُ مَعَهُ مَشَقَّةٌ لَهَا وَقْعٌ فِيمَا يَظْهَرُ فَمَنْ لَمْ يَدْنُ لَا يُسَنُّ لَهُ ذَلِكَ لِلْمَشَقَّةِ فِي الذَّهَابِ إلَيْهِ لَكِنْ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ إنَّهُ يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ لِكُلِّ مَنْ حَضَرَ الدَّفْنَ وَهُوَ شَامِلٌ لِلْبَعِيدِ أَيْضًا وَاسْتَظْهَرَهُ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى التَّأْكِيدِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ دَنَا لَيْسَ بِقَيْدٍ (قَوْلُهُ: ثَلَاثُ حَثَيَاتٍ) أَيْ حَثْوُ ثَلَاثِ حَثَيَاتٍ فَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ لِأَنَّ الْحَثَيَاتِ اسْمٌ لِلْعَيْنِ مِنْ التُّرَابِ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهَا حُكْمٌ، وَالْحَثْوُ الْأَخْذُ بِالْكَفَّيْنِ مَعًا أَوْ أَحَدِهِمَا وَمُحَلُّ طَلَبِ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ بِهِ نَجَاسَةٌ وَهُوَ رَطْبٌ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضَمُّخِ بِالنَّجَاسَةِ، وَكَوْنِ التُّرَابِ مِنْ تُرَابِ الْقَبْرِ وَمِنْ جِهَةِ رَأْسِهِ أَوْلَى وَلَوْ فُقِدَ التُّرَابُ هَلْ يُشِيرُ إلَيْهِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي كَمَا فِي الْبِرْمَاوِيِّ وَانْظُرْ مَاذَا يَفْعَلُ بِهَا أَعْنِي الْحَثَيَاتِ هَلْ يَرُدُّهَا لِلْقَبْرِ أَوْ لَا وَمَا حِكْمَةُ ذَلِكَ، وَعِبَارَةُ سم قَوْلُهُ: ثَلَاثُ حَثَيَاتٍ أَيْ مِنْ تُرَابِ الْقَبْرِ عَلَى مَا قَيَّدَ بِهِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَع ب وَغَيْرِهِمَا وَلَعَلَّ أَصْلَ السُّنَّةِ يَحْصُلُ بِغَيْرِ تُرَابِهِ أَيْضًا أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ بِأَنَّ ذَلِكَ لِلرِّضَا بِمَا صَارَ إلَيْهِ الْمَيِّتُ اهـ وَعِبَارَةُ م ر لِمَا فِيهِ مِنْ إسْرَاعِ الدَّفْنِ وَالْمُشَارَكَةِ فِي هَذَا الْغَرَضِ وَإِظْهَارِ الرِّضَا بِمَا صَارَ إلَيْهِ الْمَيِّتُ. اهـ وَهِيَ تُفِيدُ أَنَّهَا تُرَدُّ لِلْقَبْرِ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَلِيقَ بِهِ ذَلِكَ أَوْ لَا أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ الثَّانِي فَرَاجِعْهُ (فَائِدَةٌ) .
وَرَدَ أَنَّ مَنْ أَخَذَ مِنْ تُرَابِ الْقَبْرِ بِيَدِهِ حَالَ إرَادَةِ الدَّفْنِ وَقَرَأَ عَلَيْهِ {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ} [القدر: 1] سَبْعَ مَرَّاتٍ وَجَعَلَهُ مَعَ الْمَيِّتِ فِي كَفَنِهِ أَوْ قَبْرِهِ لَمْ يُعَذَّبْ ذَلِكَ الْمَيِّتُ فِي الْقَبْرِ عَلْقَمِيٌّ ع ش عَلَى م ر وَق ل وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ مَرَّةً وَاحِدَةً إنْ تَعَدَّدَ الْمَدْفُونُ. (قَوْلُهُ وَيُسَنُّ أَنْ يَقُولَ مَعَ الْأُولَى إلَخْ) وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ مَعَ ذَلِكَ فِي الْأُولَى: اللَّهُمَّ لَقِّنْهُ عِنْدَ الْمَسْأَلَةِ حُجَّتَهُ وَفِي الثَّانِيَةِ اللَّهُمَّ افْتَحْ أَبْوَابَ السَّمَاءِ لِرُوحِهِ وَفِي الثَّالِثَةِ اللَّهُمَّ جَافِ الْأَرْضَ عَنْ جَنْبَيْهِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر. قَوْلُهُ: وَاَللَّهُمَّ افْتَحْ أَبْوَابَ السَّمَاءِ لِرُوحِهِ لَا يُنَافِي هَذَا أَنَّ رُوحَهُ يُصْعَدُ بِهَا عَقِبَ الْمَوْتِ لِأَنَّا نَقُولُ: ذَلِكَ الصُّعُودُ لِلْعَرْضِ ثُمَّ يُرْجَعُ بِهَا فَتَكُونُ مَعَ الْمَيِّتِ إلَى أَنْ يَنْزِلَ قَبْرَهُ فَتَلْبَسُهُ لِلسُّؤَالِ ثُمَّ تُفَارِقُهُ وَتَذْهَبُ إلَى حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ ع ش عَلَى م ر

(قَوْلُهُ: وَأَنْ يُهَالَ بِمَسَاحٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ جَمْعُ مِسْحَاةٍ بِكَسْرِهَا وَهِيَ آلَةٌ تُمْسَحُ بِهَا الْأَرْضُ وَلَا تَكُونُ إلَّا مِنْ حَدِيدٍ بِخِلَافِ الْمِجْرَفَةِ فَإِنَّهَا تَكُونُ مِنْ الْحَدِيدِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ أَنْ لَا يُزَادَ عَلَى تُرَابِ الْقَبْرِ) أَيْ مَا لَمْ يَحْتَجْ لِذَلِكَ لِأَجْلِ ارْتِفَاعِهِ وَإِلَّا زِيدَ عَلَيْهِ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ ح ف. (قَوْلُهُ: فَتَمْكُثُ جَمَاعَةٌ) أَيْ بِقَدْرِ مَا يُنْحَرُ جَزُورٌ وَيُفَرَّقُ لَحْمُهُ. اهـ. حَجّ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: يَسْأَلُونَ لَهُ التَّثْبِيتَ) كَأَنْ يَقُولُوا: اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ عَلَى الْحَقِّ اللَّهُمَّ لَقِّنْهُ حُجَّتَهُ فَلَوْ أَتَوْا بِغَيْرِ ذَلِكَ كَالذِّكْرِ عَلَى الْقَبْرِ لَمْ يَكُونُوا آتِينَ بِالسُّنَّةِ وَإِنْ حَصَلَ لَهُمْ ثَوَابٌ عَلَى ذِكْرِهِمْ وَبَقِيَ إتْيَانُهُمْ بِهِ بَعْدَ سُؤَالِ التَّثْبِيتِ لَهُ هَلْ هُوَ مَطْلُوبٌ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، وَمِثْلُ الذِّكْرِ بِالْأَوْلَى الْأَذَانُ فَلَوْ أَتَوْا بِهِ كَانُوا آتِينَ بِغَيْرِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُمْ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر وَالْمُرَادُ أَنَّهُمْ يَسْأَلُونَ لَهُ التَّثْبِيتَ إنْ كَانَ مُكَلَّفًا غَيْرَ شَهِيدٍ وَغَيْرَ نَبِيٍّ لِأَنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ فَيُلَقَّنُ خَوْفَ الْفِتْنَةِ قَالَ فِي الْإِيعَابِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا هُنَا غَيْرُ حَقِيقَتِهَا لِاسْتِحَالَتِهَا مِمَّنْ مَاتَ عَلَى الْإِسْلَامِ بَلْ نَحْوُ التَّلَجْلُجِ فِي الْجَوَابِ أَوْ عَدَمِ الْمُبَادَرَةِ إلَيْهِ أَوْ مَجِيءِ الْمَلَكَيْنِ لَهُ فِي صُورَةٍ غَيْرِ حَسَنَةِ

(1/494)


لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ.

(وَ) أَنْ (يُرْفَعَ الْقَبْرُ شِبْرًا) تَقْرِيبًا لِيُعْرَفَ فَيُزَارَ وَيُحْتَرَمَ وَلِأَنَّ قَبْرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رُفِعَ نَحْوُ شِبْرٍ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ فَإِنْ لَمْ يَرْتَفِعْ تُرَابُهُ شِبْرًا فَالْأَوْجَهُ أَنْ يُزَادَ وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي (بِدَارِنَا) مَا لَوْ مَاتَ مُسْلِمٌ بِدَارِ الْكُفَّارِ فَلَا يُرْفَعُ قَبْرُهُ بَلْ يُخْفَى لِئَلَّا يَتَعَرَّضُوا لَهُ إذَا رَجَعَ الْمُسْلِمُونَ وَأَلْحَقَ بِهَا الْأَذْرَعِيُّ الْأَمْكِنَةَ الَّتِي يُخَافُ نَبْشُهَا لِسَرِقَةِ كَفَنِهِ أَوْ لِعَدَاوَةٍ أَوْ لِنَحْوِهِمَا

(وَتَسْطِيحُهُ أَوْلَى مِنْ تَسْنِيمِهِ) كَمَا فُعِلَ بِقَبْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَبْرَيْ صَاحِبَيْهِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ

(وَكُرِهَ جُلُوسٌ وَوَطْءٌ عَلَيْهِ) لِلنَّهْيِ عَنْهُمَا رَوَاهُ فِي الْأَوَّلِ مُسْلِمٌ وَفِي الثَّانِي التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَفِي مَعْنَاهُمَا الِاتِّكَاءُ عَلَيْهِ وَالِاسْتِنَادُ إلَيْهِ وَبِهِمَا صَرَّحَ فِي الرَّوْضَةِ (بِلَا حَاجَةٍ) مِنْ زِيَادَتِي مَعَ التَّصْرِيحِ بِالْكَرَاهَةِ فَإِنْ كَانَ لِحَاجَةٍ بِأَنْ لَا يَصِلَ إلَى مَيِّتِهِ أَوْ لَا يَتَمَكَّنَ مِنْ الْحَفْرِ إلَّا بِوَطْئِهِ فَلَا كَرَاهَةَ

(وَ) كُرِهَ (تَجْصِيصُهُ) أَيْ تَبْيِيضُهُ بِالْجِصِّ وَهُوَ الْجِبْسُ وَقِيلَ الْجِيرُ وَالْمُرَادُ هُنَا هُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا (وَكِتَابَةٌ) عَلَيْهِ سَوَاءٌ أَكَتَبَ عَلَيْهِ اسْمَ صَاحِبِهِ أَمْ غَيْرَهُ فِي لَوْحٍ عِنْدَ رَأْسِهِ أَمْ فِي غَيْرِهِ (وَبِنَاءٌ عَلَيْهِ) كَقُبَّةٍ أَوْ بَيْتٍ لِلنَّهْيِ عَنْ الثَّلَاثَةِ رَوَاهُ فِيهَا التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَفِي الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ مُسْلِمٌ وَخَرَجَ بِتَجْصِيصِهِ تَطْيِينُهُ خِلَافًا لِلْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ.

(وَحَرُمَ) أَيْ الْبِنَاءُ (بِ) مَقْبَرَةٍ (مُسَبَّلَةٍ) بِأَنْ جَرَتْ عَادَةُ أَهْلِ الْبَلَدِ بِالدَّفْنِ فِيهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
الْمَنْظَرِ شَوْبَرِيٌّ وَالصَّحِيحُ أَنَّ السُّؤَالَ فِي الْقَبْرِ خَاصٌّ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ تَشْرِيفًا لِنَبِيِّنَا بِسَبَبِ سُؤَالِ الْمَلَكَيْنِ عَنْهُ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ قَالَ السُّيُوطِيّ: وَلَمْ يَكُنْ لِأُمَّةٍ مِنْ الْأُمَمِ مِنْ قَبْلِنَا قَطُّ سُؤَالٌ يُلْتَزَمُ وَقَالَ أَيْضًا وَالسُّؤَالُ سَبْعُ مَرَّاتٍ فِي سَبْعَةِ أَيَّامٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُؤْمِنِ إظْهَارًا لِشَرَفِهِ وَأَرْبَعُونَ مَرَّةً بِالنِّسْبَةِ لِلْمُنَافِقِ تَوْبِيخًا لَهُ. (قَوْلُهُ لِلِاتِّبَاعِ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ إذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ وَقَفَ عَلَيْهِ، وَقَالَ «اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ وَاسْأَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ» اهـ.

(قَوْلُهُ: وَأَنْ يُرْفَعَ الْقَبْرُ شِبْرًا) فَلَوْ زِيدَ عَلَى الشِّبْرِ كَانَ مَكْرُوهًا وَقِيلَ: خِلَافُ الْأَوْلَى بِرْمَاوِيٌّ وَع ش (قَوْلُهُ: فَلَا يُرْفَعُ قَبْرُهُ بَلْ يُخْفَى) وَهَلْ ذَلِكَ وَاجِبٌ أَوْ مَنْدُوبٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ وَاجِبًا إذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ فِعْلُهُمْ بِهِ ذَلِكَ ع ش عَلَى م ر

(قَوْلُهُ: وَتَسْطِيحُهُ) بِأَنْ يُعْرَضَ فَيُجْعَلُ كَالسَّطْحِ، وَالتَّسْنِيمُ أَنْ يُجْعَلَ كَسَنَامِ الْبَعِيرِ (قَوْلُهُ: كَمَا فُعِلَ بِقَبْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) وَأَمَّا مَا فِي الْبُخَارِيِّ عَنْ سُفْيَانَ رَأَيْت قَبْرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُسَنَّمًا فَإِنَّمَا سُنِّمَ بَعْدَ سُقُوطِ الْجِدَارِ عَلَيْهِ فِي زَمَنِ الْوَلِيدِ وَقِيلَ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَلَا يُؤَثِّرُ فِي ذَلِكَ كَوْنُ التَّسْطِيحِ صَارَ شِعَارًا لِلرَّوَافِضِ إذْ السُّنَّةُ لَا تُتْرَكُ بِمُوَافَقَةِ أَهْلِ الْبِدَعِ فِيهَا «وَقَوْلُ عَلِيٍّ أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ لَا أَدَعَ قَبْرًا مُشْرِفًا إلَّا سَوَّيْتُهُ» لَمْ يُرِدْ بِهِ تَسْوِيَتَهُ بِالْأَرْضِ بَلْ تَسْطِيحُهُ جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَكُرِهَ جُلُوسٌ) أَيْ إنْ كَانَ مُحْتَرَمًا، أَمَّا غَيْرُ الْمُحْتَرَمِ كَقَبْرِ مُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا حُرْمَةَ لِقَبْرِ الذِّمِّيِّ فِي نَفْسِهِ لَكِنْ يَنْبَغِي اجْتِنَابُهُ لِأَجْلِ كَفِّ الْأَذَى عَنْ أَحْيَائِهِمْ إذَا وُجِدُوا وَلَا شَكَّ فِي كَرَاهَةِ الْمُكْثِ فِي مَقَابِرِهِمْ وَمَحَلُّ مَا ذَكَرَ مِنْ كَرَاهَةِ الْجُلُوسِ وَالْوَطْءِ فِي الْمُحْتَرَمِ عِنْدَ عَدَمِ مُضِيِّ مُدَّةٍ يَتَيَقَّنُ فِيهَا أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ الْمَيِّتِ شَيْءٌ فِي الْقَبْرِ سِوَى عَجْبِ الذَّنَبِ فَإِنْ مَضَتْ فَلَا بَأْسَ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ وَلَا كَرَاهَةَ فِي مَشْيِهِ بَيْنَ الْمَقَابِرِ بِنَعْلٍ عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَقَوْلُهُ: فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ أَيْ فِي الْجُلُوسِ وَالْوَطْءِ وَيَنْبَغِي عَدَمُ حُرْمَةِ الْبَوْلِ وَالتَّغَوُّطِ عَلَى قُبُورِهِمَا أَيْ الْمُرْتَدِّ وَالْحَرْبِيِّ لِعَدَمِ حُرْمَتِهِمَا وَلَا عِبْرَةَ بِتَأَذِّي الْأَحْيَاءِ وَقَوْلُهُ: لَكِنْ يَنْبَغِي اجْتِنَابُهُ أَيْ وُجُوبًا فِي الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَنَدْبًا فِي نَحْوِ الْجُلُوسِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: وَلَا كَرَاهَةَ فِي مَشْيِهِ بَيْنَ الْمَقَابِرِ بِنَعْلٍ أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ مُتَنَجِّسًا بِنَجَاسَةِ رَطْبَةٍ وَإِلَّا فَيَحْرُمُ إنْ مَشَى بِهِ عَلَى الْقَبْرِ، أَمَّا غَيْرُ الرَّطْبَةِ فَلَا ع ش (قَوْلُهُ وَوَطْءٌ عَلَيْهِ) أَيْ الْقَبْرِ الَّذِي لِمُسْلِمٍ وَلَوْ مُهْدَرًا فِيمَا يَظْهَرُ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مُحَاذِي الْمَيِّتِ لَا مَا اُعْتِيدَ التَّحْوِيطُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ غَيْرَ مُحَاذٍ لَهُ لَا سِيَّمَا فِي اللَّحْدِ وَيُحْتَمَلُ إلْحَاقُ مَا قَرُبَ مِنْهُ جِدًّا بِهِ لِأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُحَاذٍ لَهُ. اهـ. حَجّ شَوْبَرِيُّ (قَوْلُهُ لِلنَّهْيِ عَنْهُمَا) وَالْحِكْمَةُ فِيهِ تَوْقِيرُ الْمَيِّتِ وَاحْتِرَامُهُ وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَأَنْ يَجْلِسَ أَحَدُكُمْ عَلَى جَمْرَةٍ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى قَبْرٍ» فَفُسِّرَ الْجُلُوسُ عَلَيْهِ بِالْجُلُوسِ لِلْبَوْلِ أَوْ الْغَائِطِ وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ أَيْضًا بِلَفْظِ «مَنْ جَلَسَ عَلَى قَبْرٍ يَبُولُ عَلَيْهِ أَوْ يَتَغَوَّطُ» إلَخْ وَهُوَ حَرَامٌ بِالْإِجْمَاعِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَفِي مَعْنَاهُمَا الِاتِّكَاءُ عَلَيْهِ) أَيْ بِجَنْبِهِ وَالِاسْتِنَادُ إلَيْهِ أَيْ بِظَهْرِهِ فَهُمَا مُتَغَايِرَانِ ح ف وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا فِي مَعْنَى الْجُلُوسِ فَقَطْ وَفِي شَرْحِ م ر مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِلَا حَاجَةٍ) لَمْ يُبَيِّنْ الشَّارِحُ مَفْهُومَهُ إلَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْوَطْءِ وَكَذَلِكَ صَنَعَ م ر (قَوْلُهُ: إلَى مَيِّتِهِ) أَيْ مَنْ يُرِيدُ زِيَارَتَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَيِّتَهُ.

(قَوْلُهُ: وَكُرِهَ تَجْصِيصُهُ) أَيْ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا (قَوْلُهُ: بِالْجَصِّ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ وَكِتَابَةٌ عَلَيْهِ) أَيْ إلَّا إذَا كَانَ وَلِيًّا أَوْ عَالِمًا وَكُتِبَ اسْمُهُ لِيُزَارَ وَيُحْتَرَمَ. (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِتَجْصِيصِهِ تَطْيِينُهُ) أَيْ فَلَا يُكْرَهُ بَلْ يُبَاحُ وَيُكْرَهُ أَنْ يُجْعَلَ عَلَى الْقَبْرِ مِظَلَّةٌ وَأَنْ يُقَبَّلَ التَّابُوتُ الَّذِي يُجْعَلُ فَوْقَ الْقَبْرِ كَمَا يُكْرَهُ تَقْبِيلُ الْقَبْرِ وَاسْتِلَامُهُ وَتَقْبِيلُ الْأَعْتَابِ عِنْدَ الدُّخُولِ لِزِيَارَةِ الْأَوْلِيَاءِ نَعَمْ إنْ قَصَدَ بِتَقْبِيلِ أَضْرِحَتِهِمْ أَيْ وَأَعْتَابِهِمْ التَّبَرُّكَ لَمْ يُكْرَهْ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ بِرْمَاوِيٌّ

(قَوْلُهُ: وَحَرُمَ أَيْ الْبِنَاءُ)

(1/495)


كَمَا لَوْ كَانَتْ مَوْقُوفَةً وَلِأَنَّ الْبِنَاءَ يَتَأَبَّدُ بَعْدَ انْمِحَاقِ الْمَيِّتِ فَلَوْ بُنِيَ فِيهَا هُدِمَ الْبِنَاءُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأَصْلِ بِخِلَافِ مَا لَوْ بُنِيَ فِي مِلْكِهِ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّحْرِيمِ مِنْ زِيَادَتِي وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ

(وَسُنَّ رَشُّهُ) أَيْ الْقَبْرِ (بِمَاءٍ) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَ ذَلِكَ بِقَبْرِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَأَمَرَ بِهِ فِي قَبْرِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَالْمَعْنَى فِيهِ التَّفَاؤُلُ بِتَبْرِيدِ الْمَضْجَعِ وَحِفْظِ التُّرَابِ وَيُكْرَهُ رَشُّهُ بِمَاءِ الْوَرْدِ (وَوَضْعُ حَصًى عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَ ذَلِكَ بِقَبْرِ ابْنِهِ إبْرَاهِيمَ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَسُنَّ أَيْضًا وَضْعُ الْجَرِيدِ وَالرَّيْحَانِ وَنَحْوِهِمَا عَلَيْهِ (وَ) وَضْعُ (حَجَرٍ أَوْ خَشَبَةٍ عِنْدَ رَأْسِهِ وَجَمْعُ أَهْلِهِ بِمَوْضِعٍ) وَاحِدٍ مِنْ الْمَقْبَرَةِ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَضَعَ حَجَرًا أَيْ صَخْرَةً عِنْدَ رَأْسِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ، وَقَالَ أَتَعَلَّمُ بِهَا قَبْرَ أَخِي وَأَدْفِنُ إلَيْهِ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِي» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ وَتَعْبِيرِي بِأَهْلِهِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِأَقَارِبِهِ

(وَزِيَارَةُ قُبُورٍ) أَيْ قُبُورِ الْمُسْلِمِينَ (لِرَجُلٍ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ: «كُنْت نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
ظَاهِرًا وَبَاطِنًا إنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ وَقْفُهَا وَمُحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ الْمَيِّتُ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ وَمِنْ ثَمَّ جَازَتْ الْوَصِيَّةُ بِعِمَارَةِ قُبُورِ الصَّالِحِينَ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ إحْيَاءِ الزِّيَارَةِ أَوْ التَّبَرُّكِ ح ل وَمِنْ الْبِنَاءِ مَا اُعْتِيدَ مِنْ جَعْلِ أَرْبَعَةِ أَحْجَارٍ مُرَبَّعَةٍ مُحِيطَةً بِالْقَبْرِ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ بِقَوْلِهِ وَلِأَنَّ الْبِنَاءَ إلَخْ كَمَا فِي حَجّ قَالَ سم إلَّا إذَا كَانَتْ الْأَحْجَارُ الْمَذْكُورَةُ لِحِفْظِهِ مِنْ النَّبْشِ وَالدَّفْنِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ كَانَتْ مَوْقُوفَةً) أَيْ قِيَاسًا عَلَى الْمَوْقُوفَةِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَمِثْلُهَا الْمَوْقُوفَةُ بِالْأَوْلَى وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْمَوْقُوفَةَ هِيَ الْمُسَبَّلَةُ وَعَكْسُهُ وَيُرَدُّ بِأَنَّ تَعْرِيفَ الْمُسَبَّلَةِ يُدْخِلُ مَوَاتًا اعْتَادُوا الدَّفْنَ فِيهِ فَهَذَا يُسَمَّى مُسَبَّلًا لَا مَوْقُوفًا فَاتَّضَحَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فَالْمُسَبَّلَةُ أَعَمُّ شَوْبَرِيٌّ وَبِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: بَعْدَ انْمِحَاقِ الْمَيِّتِ) أَيْ فَيُحْرِمُ النَّاسَ مِنْ تِلْكَ الْبُقْعَةِ حَجّ (قَوْلُهُ: فَلَوْ بُنِيَ فِيهَا هُدِمَ الْبِنَاءُ) وَلَوْ مَسْجِدًا أَوْ مَأْوًى لِلزَّائِرِينَ إلَّا إنْ اُحْتِيجَ إلَى الْبِنَاءِ فِيهَا لِخَوْفِ نَبْشِ سَارِقٍ أَوْ سَبُعٍ أَوْ تَخَرُّقِهِ بِسَيْلٍ فَلَا يُهْدَمُ إلَّا مَا حَرُمَ وَضْعُهُ، وَمِنْ الْمُسَبَّلِ قَرَافَةُ مِصْرَ فَيُهْدَمُ مَا بِهَا مِنْ الْبِنَاءِ إنْ عُرِفَ حَالُهُ فِي الْوَضْعِ فَإِنْ جُهِلَ حَالُهُ تُرِكَ حَمْلًا عَلَى وَضْعِهِ بِحَقٍّ كَمَا فِي الْبِنَاءِ الَّذِي عَلَى حَافَّةِ الْأَنْهَارِ وَالشَّوَارِعِ اهـ ع ش عَلَى م ر وَقَوْلُهُ: فَيُهْدَمُ مَا بِهَا أَيْ مَا عَدَا قُبَّةَ إمَامِنَا الشَّافِعِيِّ لِأَنَّهَا كَانَتْ قَبْلَ الْوَقْفِ دَارًا لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ ع ش وَلَا يَجُوزُ زَرْعُ شَيْءٍ فِي الْمُسَبَّلَةِ وَإِنْ تُيُقِّنَ بَلَاءُ مَنْ بِهَا لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهَا بِغَيْرِ الدَّفْنِ فَيُقْلَعُ وَقَوْلُ الْمُتَوَلِّي يَجُوزُ بَعْدَ الْبَلَاءِ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَمْلُوكَةِ حَجّ ع ش عَلَى م ر

(قَوْلُهُ: وَسُنَّ رَشُّهُ) أَيْ الْقَبْرِ أَيْ بَعْدَ الدَّفْنِ مَا لَمْ يَنْزِلْ مَطَرٌ يَكْفِي حَجّ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ نَبَتَ عَلَيْهِ حَشِيشٌ اُكْتُفِيَ بِهِ عَنْ وَضْعِ الْجَرِيدِ الْأَخْضَرِ الْآتِي قِيَاسًا عَلَى نُزُولِ الْمَطَرِ وَيَحْتَمِلُ خِلَافَهُ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ زِيَادَةَ الْمَاءِ بَعْدَ نُزُولِ الْمَطَرِ الْمَكَانَ لَا مَعْنَى لَهَا لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ تَمْهِيدِ التُّرَابِ بِخِلَافِ وَضْعِ الْجَرِيدِ زِيَادَةً عَلَى الْحَشِيشِ فَإِنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ زِيَادَةُ رَحْمَةٍ لِلْمَيِّتِ بِتَسْبِيحِ الْجَرِيدِ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: بِمَاءٍ) أَيْ طَاهِرٍ كَوْنُهُ بَارِدًا أَوْلَى وَيَحْرُمُ بِالنَّجَسِ لِأَنَّ فِيهِ إزْرَاءً بِهِ وَمَنْ قَالَ وَيُكْرَهُ يُحْمَلُ عَلَى كَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: بِتَبْرِيدِ الْمَضْجَعِ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ الْمَضْجَعُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْجِيمِ مَوْضِعُ الضُّجُوعِ وَالْجَمْعُ مَضَاجِعُ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ رَشُّهُ بِمَاءِ الْوَرْدِ) أَيْ لِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ إنَّمَا لَمْ يَحْرُمْ لِأَنَّهُ يُفْعَلُ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ مِنْ إكْرَامِ الْمَيِّتِ وَإِقْبَالِ الزُّوَّارِ عَلَيْهِ لِطِيبِ رِيحِ الْبُقْعَةِ بِهِ فَسَقَطَ قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ وَلَوْ قِيلَ بِتَحْرِيمِهِ لَمْ يَبْعُدْ وَيُؤَيِّدُ مَا ذَكَرَهُ قَوْلُ السُّبْكِيّ لَا بَأْسَ بِالْيَسِيرِ مِنْهُ إذَا قَصَدَ بِهِ حُضُورَ الْمَلَائِكَةِ لِأَنَّهَا تُحِبُّ الرَّائِحَةَ الطَّيِّبَةَ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَوَضْعُ حَصًى) أَيْ صِغَارٍ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِمَا) أَيْ مِنْ الْأَشْيَاءِ الرَّطْبَةِ فَيَدْخُلُ فِيهِ الْبِرْسِيمُ وَنَحْوُهُ مِنْ جَمِيعِ النَّبَاتَاتِ الرَّطْبَةِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: وَيُسْتَحَبُّ وَضْعُ الْجَرِيدِ الْأَخْضَرِ عَلَى الْقَبْرِ لِلِاتِّبَاعِ وَكَذَا الرَّيْحَانُ وَنَحْوُهُ مِنْ الْأَشْيَاءِ الرَّطْبَةِ وَيَمْتَنِعُ عَلَى غَيْرِ مَالِكِهِ أَخْذُهُ مِنْ الْقَبْرِ قَبْلَ يُبْسِهِ لِعَدَمِ الْإِعْرَاضِ عَنْهُ فَإِنْ يَبِسَ جَازَ لِزَوَالِ نَفْعِهِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ حَالَ رُطُوبَتِهِ وَهُوَ الِاسْتِغْفَارُ اهـ قَالَ ع ش عَلَيْهِ، أَمَّا مَالِكُهُ فَإِنْ كَانَ الْمَوْضُوعُ مِمَّا يُعْرَضُ عَنْهُ عَادَةً حَرُمَ عَلَيْهِ أَخْذُهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ حَقًّا لِلْمَيِّتِ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا لَا يُعْرَضُ عَنْ مِثْلِهِ عَادَةً لَمْ يَحْرُمْ وَيَظْهَرُ أَنَّ مِثْلَ الْجَرِيدِ مَا اُعْتِيدَ مِنْ وَضْعِ الشَّمْعِ فِي لَيَالِي الْأَعْيَادِ وَنَحْوِهَا عَلَى الْقُبُورِ فَيَحْرُمُ أَخْذُهُ لِعَدَمِ إعْرَاضِ مَالِكِهِ عَنْهُ وَعَدَمُ رِضَاهُ بِأَخْذِهِ مِنْ مَوْضِعِهِ اهـ (قَوْلُهُ: عِنْدَ رَأْسِهِ) ذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ اسْتِحْبَابَهُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ أَيْضًا شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَجَمْعُ أَهْلِهِ) الْمُرَادُ بِهِمْ مَا يَشْمَلُ الزَّوْجَةَ وَالْعَبْدَ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَمِنْهُمْ الْأَزْوَاجُ وَالْعُتَقَاءُ وَالْمَحَارِمُ مِنْ الرَّضَاعِ وَالْمُصَاهَرَةِ وَمِثْلُهُمْ الْأَصْدِقَاءُ اهـ وَقَوْلُهُ: بِمَوْضِعٍ أَيْ سَاحَةٍ مِنْ الْمَقْبَرَةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِقَبْرِ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: أَتَعَلَّمُ) أَيْ أَجْعَلُهَا عَلَامَةً عَلَى قَبْرِ أَخِي أَعْرِفُهُ بِهَا فَهُوَ مِنْ تَعَلَّمَ بِمَعْنَى جَعَلَ لَهُ عَلَامَةً وَقَوْلُهُ: قَبْرَ أَخِي أَيْ مِنْ الرَّضَاعِ (قَوْلُهُ: وَتَعْبِيرِي بِأَهْلِهِ أَعَمُّ) أَيْ لِشُمُولِهِ لِلْأَزْوَاجِ وَالْعُتَقَاءِ وَالْمَحَارِمِ مِنْ الرَّضَاعِ وَالْمُصَاهَرَةِ وَمِثْلُهُمْ الْأَصْدِقَاءُ ح ل وَشَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَزِيَارَةُ قُبُورِ إلَخْ)

(1/496)


أَمَّا زِيَارَةُ قُبُورِ الْكُفَّارِ فَمُبَاحَةٌ وَقِيلَ مُحَرَّمَةٌ (وَلِغَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الرَّجُلِ مِنْ أُنْثَى وَخُنْثَى (مَكْرُوهَةٌ) لِقِلَّةِ صَبْرِ الْأُنْثَى وَكَثْرَةِ جَزَعِهَا وَأُلْحِقَ بِهَا الْخُنْثَى احْتِيَاطًا وَذِكْرُ حُكْمِهِ مِنْ زِيَادَتِي وَهَذَا فِي زِيَارَةِ قَبْرِ غَيْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. أَمَّا زِيَارَةُ قَبْرِهِ فَتُسَنُّ لَهُمَا كَالرَّجُلِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ فِي الْحَجِّ وَمِثْلُهُ قُبُورُ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْعُلَمَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ (وَأَنْ يُسَلِّمَ زَائِرٌ) فَيَقُولَ «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ زَادَ أَبُو دَاوُد «اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُمْ وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُمْ» وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْك السَّلَامُ تَحِيَّةُ الْمَوْتَى فَنَظَرًا لِعُرْفِ الْعَرَبِ حَيْثُ كَانَ مِنْ عَادَتِهِمْ إذَا سَلَّمُوا عَلَى قَبْرٍ يَقُولُونَ عَلَيْك السَّلَامُ (وَ) أَنْ (يَقْرَأَ) مِنْ الْقُرْآنِ مَا تَيَسَّرَ (وَيَدْعُوَ) لَهُ بَعْدَ تَوَجُّهِهِ إلَى الْقِبْلَةِ لِأَنَّ الدُّعَاءَ يَنْفَعُ الْمَيِّتَ وَهُوَ عَقِبَ الْقِرَاءَةِ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ (وَ) أَنْ (يَقْرُبَ) مِنْ قَبْرِهِ (كَقُرْبِهِ مِنْهُ) فِي زِيَارَتِهِ (حَيًّا)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
وَرَدَ «مَنْ زَارَ قَبْرَ وَالِدَيْهِ أَوْ أَحَدِهِمَا كُتِبَ لَهُ ثَوَابُ عُمْرَةٍ مَقْبُولَةٍ وَكُتِبَ لَهُ بَرَاءَةٌ مِنْ النَّارِ» وَيَتَأَكَّدُ ذَلِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِخَبَرِ أَبِي نُعَيْمٍ «مَنْ زَارَ قَبْرَ وَالِدَيْهِ أَوْ أَحَدِهِمَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ كَانَ كَحَجَّةٍ» (فَائِدَةٌ) .
رُوحُ الْمَيِّتِ لَهَا ارْتِبَاطٌ بِقَبْرِهِ وَلَا تُفَارِقُهُ أَبَدًا لَكِنَّهَا أَشَدُّ ارْتِبَاطًا بِهِ مِنْ عَصْرِ الْخَمِيسِ إلَى شَمْسِ السَّبْتِ وَلِذَلِكَ اعْتَادَ النَّاسُ الزِّيَارَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَفِي عَصْرِ الْخَمِيسِ وَأَمَّا زِيَارَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِشُهَدَاءِ أُحُدٍ يَوْمَ السَّبْتِ؛ فَلِضِيقِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ عَمَّا يُطْلَبُ فِيهِ مِنْ الْأَعْمَالِ مَعَ بُعْدِهِمْ عَنْ الْمَدِينَةِ ق ل وَبِرْمَاوِيٌّ وَع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: فَمُبَاحَةٌ) عَلَى الْمُعْتَمَدِ نَعَمْ إنْ كَانَتْ الزِّيَارَةُ بِقَصْدِ الِاعْتِبَارِ وَتَذَكُّرِ الْمَوْتِ كَانَتْ مَنْدُوبَةً مُطْلَقًا اط ف (قَوْلُهُ وَلِغَيْرِهِ مَكْرُوهَةً) وَقِيلَ حَرَامٌ لِخَبَرِ «لَعَنَ اللَّهُ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ» وَحُمِلَ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ زِيَارَتُهُنَّ لِلتَّعْدِيدِ وَالْبُكَاءِ وَالنَّوْحِ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُنَّ أَوْ كَانَ فِيهَا خُرُوجٌ مُحَرَّمٌ وَقِيلَ تُبَاحُ إذَا أُمِنَ مِنْ الِافْتِتَانِ عَمَلًا بِالْأَصْلِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: فَتُسَنُّ لَهُمَا) وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ أَذِنَ الزَّوْجُ أَوْ السَّيِّدُ أَوْ الْوَالِي ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ قُبُورُ سَائِرِ إلَخْ) وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ إلْحَاقِ قَبْرِ أَبَوَيْهَا وَإِخْوَتِهَا وَبَقِيَّةِ أَقَارِبِهَا بِذَلِكَ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ وَإِنْ بَحَثَ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ الْإِلْحَاقَ شَرْحُ م ر وَمَحَلُّ عَدَمِ الْإِلْحَاقِ مَا لَمْ يَكُونُوا عُلَمَاءَ أَوْ أَوْلِيَاءَ كَمَا فِي ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَأَنْ يُسَلِّمَ زَائِرٌ) أَيْ لِقُبُورِ الْمُسْلِمِينَ، أَمَّا قُبُورُ الْكُفَّارِ فَالْقِيَاسُ عَدَمُ جَوَازِ السَّلَامِ عَلَيْهَا كَمَا فِي حَالِ الْحَيَاةِ بَلْ أَوْلَى كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَالزَّائِرُ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ يُنْدَبُ لِكُلِّ مَنْ مَرَّ عَلَى الْقَبْرِ السَّلَامُ عَلَى مَنْ فِيهِ وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْأَوْقَاتِ الَّتِي اُعْتِيدَتْ الزِّيَارَةُ فِيهَا وَيُسَنُّ أَنْ يَكُونَ الزَّائِرُ مُسْتَقْبِلًا وَجْهَ الْمَيِّتِ وَأَنْ يَكُونَ عَلَى طَهَارَةٍ وَيَتَأَكَّدُ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْأَقَارِبِ خُصُوصًا الْأَبَوَيْنِ وَلَوْ كَانُوا بِبَلَدٍ آخَرَ غَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي هُوَ فِيهِ وَقَدْ وَرَدَ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ «مَا مِنْ أَحَدٍ يَمُرُّ بِقَبْرِ أَخِيهِ الْمُؤْمِنِ كَانَ يَعْرِفُهُ فِي الدُّنْيَا فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ إلَّا عَرَفَهُ وَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ» كَمَا ذَكَرَهُ م ر فِي شَرْحِهِ وَقَوْلُهُ: كَانَ يَعْرِفُهُ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا مَرَّ عَلَى مَنْ لَا يَعْرِفُهُ وَسَلَّمَ لَا يَرُدُّ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ إذَا مَرَّ عَلَى مَا كَانَ يَعْرِفُهُ فِي الدُّنْيَا وَلَمْ يُسَلِّمْ عَلَيْهِ لَمْ يَعْرِفْهُ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ فِيهِمَا وَقَوْلُهُ إلَّا عَرَفَهُ وَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَام فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ يُؤَدَّى لِلْمُسْلِمِ حَقَّهُ وَلَوْ بَعْدَ الْمَوْتِ وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُعْطِيهِ قُوَّةً بِحَيْثُ يَعْلَمُ الْمُسْلِمَ عَلَيْهِ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ وَمَعَ ذَلِكَ لَا ثَوَابَ فِيهِ لِلْمَيِّتِ عَلَى الرَّدِّ لِأَنَّ تَكْلِيفَهُ قَدْ انْقَطَعَ بِالْمَوْتِ كَمَا فِي ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ دَارَ) بِالنَّصْبِ عَلَى الِاخْتِصَاصِ وَهُوَ أَفْصَحُ أَوْ النِّدَاءُ وَبِالْجَرِّ بَدَلٌ مِنْ كُمْ شَوْبَرِيٌّ فَيَكُونُ بَدَلَ كُلٍّ مِنْ كُلٍّ وَيَكُونُ هُنَاكَ مُضَافٌ مَحْذُوفٌ أَيْ أَهْلُ دَارٍ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَإِنَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ) فَإِنْ قِيلَ مَا فَائِدَةُ الْمَشِيئَةِ مَعَ أَنَّ اللُّحُوقَ مَقْطُوعٌ بِهِ. قُلْت أَجَابَ حَجّ بِأَنَّ الْمَشِيئَةَ لِلتَّبَرُّكِ أَوْ هِيَ لِلُّحُوقِ فِي الْوَفَاةِ عَلَى الْإِسْلَامِ أَوْ لِلُّحُوقِ بِهِمْ فِي هَذِهِ الْبُقْعَةِ اهـ وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُمْ) وَيُسَنُّ أَنْ يَزِيدَ اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الْأَجْسَادِ الْبَالِيَةِ وَالْعِظَامِ النَّخِرَةِ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْ الدُّنْيَا وَهِيَ بِك مُؤْمِنَةٌ أَنْزِلْ عَلَيْهَا رَحْمَةً مِنْك وَسَلَامًا مِنِّي بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: فَنَظَرًا لِعُرْفِ الْعَرَبِ) وَهُوَ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ ع ش (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَقْرَأَ) وَالْأَجْرُ لَهُ وَلِلْمَيِّتِ قَالَ شَيْخُنَا وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْقِرَاءَةَ تَنْفَعُ الْمَيِّتِ بِشَرْطٍ وَاحِدٍ مِنْ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ إمَّا حُضُورُهُ عِنْده أَوْ قَصْدُهُ لَهُ وَلَوْ مَعَ بُعْدٍ أَوْ دُعَاؤُهُ لَهُ وَلَوْ مَعَ بُعْدٍ أَيْضًا اهـ. (قَوْلُهُ بَعْدَ تَوَجُّهِهِ إلَى الْقِبْلَةِ) أَيْ حَالَ الْقِرَاءَةِ وَالدُّعَاءِ وَإِنْ لَمْ يَرْفَعْ يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ وَكَوْنُهُ وَاقِفًا أَفْضَلُ بِرْمَاوِيٌّ وَشَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ كَقُرْبِهِ مِنْهُ حَيًّا) أَيْ بِحَيْثُ لَوْ كَانَ حَيًّا لَسَمِعَهُ وَلَوْ قِيلَ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا لِأَنَّ أُمُورَ الْآخِرَةِ لَا يُقَاسُ عَلَيْهَا، وَقَدْ يَشْهَدُ لَهُ إطْلَاقُهُمْ سَنَّ السَّلَامِ عَلَى أَهْلِ الْمَقْبَرَةِ مَعَ أَنَّ صَوْتَ الْمُسْلِمِ لَا يَصِلُ إلَى جُمْلَتِهِمْ لَوْ كَانُوا أَحْيَاءً ع ش عَلَى م ر.
وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ كَقُرْبِهِ مِنْهُ بِاعْتِبَارِ عَادَتِهِ مَعَهُ بِالْفِعْلِ لَا بِاعْتِبَارِ مَقَامِ الْمَيِّتِ وَمِقْدَارِهِ حَتَّى لَوْ كَانَ عَظِيمًا جِدًّا بِحَيْثُ يَقْتَضِي مِقْدَارُهُ الْبُعْدَ عَنْهُ جِدًّا لَكِنَّ عَادَتَهُ مَعَ الزَّائِرِ التَّنَزُّلُ وَالتَّبَرُّكُ وَالتَّوَاضُعُ وَتَقْرِيبُهُ مِنْهُ وَقَفَ عِنْدَ زِيَارَتِهِ عَلَى عَادَتِهِ مَعَهُ عَلَى الْحَدِّ الَّذِي كَانَ يُقَرِّبُ مِنْهُ فِي الْحَيَاةِ وَأَنَّهُ لَوْ كَانَتْ عَظَمَةُ

(1/497)


احْتِرَامًا لَهُ

(وَحَرُمَ نَقْلُهُ) قَبْلَ دَفْنِهِ مِنْ مَحَلِّ مَوْتِهِ (إلَى) مَحَلٍّ (أَبْعَدَ مِنْ مَقْبَرَةِ مَحَلِّ مَوْتِهِ) لِيُدْفَنَ فِيهِ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَيَحْرُمُ نَقْلُهُ إلَى بَلَدٍ آخَرَ (إلَّا مَنْ بِقُرْبِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَإِيلِيَاءَ) أَيْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَلَا يَحْرُمُ نَقْلُهُ إلَيْهَا بَلْ يُخْتَارُ لِفَضْلِ الدَّفْنِ فِيهَا.

(وَ) حَرُمَ (نَبْشُهُ) قَبْلَ الْبَلَاءِ عِنْدَ أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِتِلْكَ الْأَرْضِ (بَعْدَ دَفْنِهِ) لِنَقْلٍ وَغَيْرِهِ كَتَكْفِينٍ وَصَلَاةٍ عَلَيْهِ لِأَنَّ فِيهِ هَتْكًا لِحُرْمَتِهِ (إلَّا لِضَرُورَةٍ كَدَفْنٍ بِلَا طُهْرٍ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
الْمَيِّتِ مِنْ جِهَةِ السُّلْطَانِ فَإِنْ كَانَ مُجَرَّدُ التَّجَبُّرِ وَالظُّلْمِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا خَيْرَ فِيهِ لَمْ يُحْتَرَمْ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَمْ يُطْلَبْ الْإِبْعَادُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَوْعُ خَيْرٍ وَعَدْلٍ اُحْتُرِمَ وَطَلَبُ الْإِبْعَادِ بِحَسَبِ الْحَالِ م ر قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ نَعَمْ لَوْ كَانَتْ عَادَتُهُ مَعَهُ الْبُعْدَ وَقَدْ أَوْصَى بِالْقُرْبِ مِنْهُ قَرُبَ مِنْهُ لِأَنَّهُ حَقُّهُ كَمَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الْحَيَاةِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ سم (قَوْلُهُ: احْتِرَامًا لَهُ) وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا كَرَاهَةُ مَا عَلَيْهِ عَامَّةُ زُوَّارِ الْأَوْلِيَاءِ مِنْ دَقِّهِمْ التَّوَابِيتَ وَتَعَلُّقِهِمْ بِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ وَالسُّنَّةُ فِي حَقِّهِمْ التَّأَدُّبُ فِي زِيَارَتِهِمْ وَعَدَمُ رَفْعِ الصَّوْتِ عِنْدَهُمْ وَالْبَعْدُ عَنْهُمْ قَدْرَ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي زِيَارَتِهِمْ فِي الْحَيَاةِ تَعْظِيمًا لَهُمْ وَإِكْرَامًا قَالَ حَجّ وَالْتِزَامُ الْقَبْرِ أَوْ مَا عَلَيْهِ مِنْ نَحْوِ تَابُوتٍ وَلَوْ قَبَرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِنَحْوِ يَدِهِ وَتَقْبِيلُهُ بِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ قَبِيحَةٌ وَأَفْتَى م ر بِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ حَيْثُ قَصَدَ بِتَقْبِيلِهِمَا التَّبَرُّكَ ز ي.

(قَوْلُهُ: وَحَرُمَ نَقْلُهُ) أَيْ وَإِنْ أَمِنَ التَّغَيُّرَ لِمَا فِيهِ مِنْ تَأْخِيرِ دَفْنِهِ الْمَأْمُورِ بِتَعْجِيلِهِ وَتَعْرِيضِهِ لِهَتْكِ حُرْمَتِهِ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: قَبْلَ دَفْنِهِ، أَمَّا بَعْدَ دَفْنِهِ فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَحَرُمَ نَبْشُهُ (قَوْلُهُ: مِنْ مَقْبَرَةِ مَحَلِّ مَوْتِهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ دَفْنَ أَهْلِ أُنْبَابَةَ مَوْتَاهُمْ فِي الْقَرَافَةِ لَيْسَ مِنْ النَّقْلِ الْمُحَرَّمِ لِأَنَّ الْقَرَافَةَ صَارَتْ مَقْبَرَةً لِأَهْلِ أُنْبَابَةَ فَالنَّقْلُ إلَيْهَا لَيْسَ نَقْلًا مِنْ مَقْبَرَةِ مَحَلِّ مَوْتِهِ وَهُوَ أُنْبَابَةُ م ر أَيْ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ مَنْ اعْتَادَ الدَّفْنَ فِيهَا أَوْ فِي أُنْبَابَةَ فِيمَا يَظْهَرُ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِيمَا إذَا كَانَ فِي الْبَلَدِ الْوَاحِدِ مَقَابِرُ مُتَعَدِّدَةٌ كَبَابِ النَّصْرِ وَالْقَرَافَةِ وَالْأَزْبَكِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِأَهْلِ مِصْرَ فَلَهُ الدَّفْنُ فِي أَيُّهَا شَاءَ لِأَنَّهَا مَقْبَرَةُ بَلَدِهِ بَلْ لَهُ ذَلِكَ إنْ كَانَ سَاكِنًا بِقُرْبِ أَحَدِهَا جِدًّا لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: إلَّا مَنْ بِقُرْبِ مَكَّةَ) الْمُرَادُ بِالْقُرْبِ مَسَافَةٌ لَا يَتَغَيَّرُ الْمَيِّتُ فِيهَا قَبْلَ وُصُولِهِ إلَيْهَا وَالْمُرَادُ بِمَكَّةَ جَمِيعُ الْحَرَمِ لَا نَفْسُ الْبَلَدِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ وَغَيْرِهِ: وَلَا يَنْبَغِي التَّخْصِيصُ بِالثَّلَاثَةِ بَلْ لَوْ كَانَ بِقُرْبِ أَهْلِ الصَّلَاحِ وَالْخَيْرِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ لِأَنَّ الشَّخْصَ يَقْصِدُ الْجَارَ الْحَسَنَ وَلَوْ أَوْصَى بِنَقْلِهِ مِنْ مَحَلِّ مَوْتِهِ إلَى مَحَلٍّ مِنْ الْأَمَاكِنِ الثَّلَاثَةِ نَفَذَتْ وَصِيَّتُهُ حَيْثُ قَرُبَ وَأُمِنَ التَّغَيُّرُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، أَمَّا لَوْ أَوْصَى بِنَقْلِهِ مِنْ مَحَلِّ مَوْتِهِ إلَى مَحَلٍّ غَيْرِ الْأَمَاكِنِ الثَّلَاثَةِ فَيَحْرُمُ تَنْفِيذُهَا وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ بِجَوَازِهِ لِأَحَدِ الثَّلَاثَةِ بَعْدَ دَفْنِهِ إذَا أَوْصَى بِهِ وَوَافَقَهُ غَيْرُهُ فَقَالَ هُوَ قَبْلَ التَّغَيُّرِ وَاجِبٌ هَذَا، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ نَقْلِهِ بَعْدَ دَفْنِهِ مُطْلَقًا كَمَا قَالَهُ فِي ع ب وَلَا أَثَرَ لِوَصِيَّتِهِ وَلَوْ تَعَارَضَ الْقُرْبُ مِنْ الْأَمَاكِنِ الْمَذْكُورَةِ وَدَفْنُهُ بَيْنَ أَهْلِهِ فَالْأَوَّلُ أَوْلَى كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَإِيلِيَاءَ) بِوَزْنِ كِبْرِيَاءَ وَحُكِيَ قَصْرُ أَلِفِهِ وَتَشْدِيدُ الْيَاءِ أَيْضًا، وَقَالَ فِي الْمَطَالِعِ بِحَذْفِ الْيَاءِ الْأُولَى وَكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَبِالْمَدِّ وَيُقَالُ الْإِلْيَاءُ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ وَهُوَ غَرِيبٌ وَمَعْنَاهُ بَيْتُ اللَّهِ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فَلَا يَحْرُمُ نَقْلُهُ إلَيْهَا) مَحَلُّ جَوَازِهِ نَقْلُهُ بَعْدَ غُسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ لِتَوَجُّهِ فَرْضِ ذَلِكَ عَلَى أَهْلِ مَحَلِّ مَوْتِهِ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُمْ بِجَوَازِ نَقْلِهِ قَالَهُ ابْنُ شُهْبَةَ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ نَحْوُ السَّيْلِ يَعُمُّ مَقْبَرَةَ الْبَلَدِ وَيُفْسِدُهَا جَازَ لَهُمْ النَّقْلُ إلَى مَا لَيْسَ كَذَلِكَ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: يَعُمُّ مَقْبَرَةَ الْبَلَدِ وَيُفْسِدُهَا أَيْ وَلَوْ فِي بَعْضِ فُصُولِ السَّنَةِ كَأَنْ كَانَ الْمَاءُ يُفْسِدُهَا زَمَنَ النِّيلِ دُونَ غَيْرِهِ فَيَجُوزُ نَقْلُهُ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ وَقَوْلُهُ: جَازَ لَهُمْ النَّقْلُ إلَى مَا لَيْسَ كَذَلِكَ أَيْ وَلَوْ لِبَلَدٍ آخَرَ لِيَسْلَمَ الْمَيِّتُ مِنْ الْفَسَادِ وَهَذَا إذَا كَانَ غَيْرَ شَهِيدٍ، أَمَّا هُوَ فَلَا يُنْقَلُ أَيْ وَإِنْ كَانَ بِقُرْبِ أَحَدِ الْأَمَاكِنِ الثَّلَاثَةِ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ فِي قَتْلَى أُحُدٍ أَنْ يُرَدُّوا إلَى مَصَارِعِهِمْ وَكَانُوا نُقِلُوا إلَى الْمَدِينَةِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَالرَّشِيدِيِّ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: قَبْلَ الْبَلَاءِ) بِكَسْرِ الْبَاءِ مَعَ الْقَصْرِ وَبِفَتْحِهَا مَعَ الْمَدِّ ح ف (قَوْلُهُ: إلَّا لِضَرُورَةٍ) وَلَيْسَ مِنْهَا مَا لَوْ كُفِّنَ فِي حَرِيرٍ فَلَا يَجُوزُ نَبْشُهُ لِتَجْرِيدِهِ عَنْهُ لِأَنَّ الْكَفَنَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُسَامَحَةِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: كَدَفْنٍ بِلَا طُهْرٍ) وَكَمَا لَوْ دُفِنَتْ امْرَأَةٌ حَامِلٌ بِجَنِينٍ تُرْجَى حَيَاتُهُ بِأَنْ يَكُونَ لَهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ فَيُشَقُّ جَوْفُهَا وَيُخْرَجُ إذْ شَقُّهُ لَازِمٌ قَبْلَ دَفْنِهَا أَيْضًا فَإِنْ لَمْ تُرْجَ حَيَاتُهُ فَلَا لَكِنْ يُتْرَكُ دَفْنُهَا إلَى مَوْتِهِ ثُمَّ تُدْفَنُ م ر وَقَوْلُهُ لَكِنْ يُتْرَكُ دَفْنُهَا إلَى مَوْتِهِ أَيْ لَوْ تَغَيَّرَتْ لِئَلَّا يُدْفَنَ الْحَمْلُ حَيًّا ع ش

(1/498)


مِنْ غُسْلٍ أَوْ تَيَمُّمٍ وَهُوَ مِمَّنْ يَجِبُ طُهْرُهُ (أَوْ) بِلَا (تَوْجِيهٍ) لَهُ إلَى الْقِبْلَةِ (وَلَمْ يَتَغَيَّرْ) فِيهِمَا فَيَجِبُ نَبْشُهُ تَدَارُكًا لِطُهْرِهِ الْوَاجِبِ وَلِيُوَجَّهَ إلَى الْقِبْلَةِ وَقَوْلِي وَلَمْ يَتَغَيَّرْ مِنْ زِيَادَتِي (أَوْ) كَدَفْنٍ (فِي مَغْصُوبٍ) مِنْ أَرْضٍ أَوْ ثَوْبٍ وَوُجِدَ مَا يُدْفَنُ أَوْ يُكَفَّنُ فِيهِ الْمَيِّتُ فَيَجِبُ نَبْشُهُ وَإِنْ تَغَيَّرَ لِيُرَدَّ كُلٌّ لِصَاحِبِهِ مَا لَمْ يَرْضَ بِبَقَائِهِ.
(أَوْ وَقَعَ فِيهِ مَالٌ) خَاتَمٌ أَوْ غَيْرُهُ فَيَجِبُ نَبْشُهُ وَإِنْ تَغَيَّرَ لِأَخْذِهِ سَوَاءٌ أَطَلَبَهُ مَالِكُهُ أَمْ لَا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ وَقَيَّدَهُ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَمَنْ تَبِعَهُ بِالطَّلَبِ كَمَا قَيَّدَ بِهِ الْأَصْحَابُ مَسْأَلَةَ الِابْتِلَاعِ الْآتِيَةِ وَقَدْ فَرَّقْت بَيْنَهُمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَوْ بَلَعَ مَالًا لِنَفْسِهِ وَمَاتَ لَمْ يُنْبَشْ أَوْ مَالَ غَيْرِهِ وَطَلَبَهُ مَالِكُهُ نُبِشَ وَشُقَّ جَوْفُهُ وَأُخْرِجَ مِنْهُ وَرُدَّ لِصَاحِبِهِ وَلَوْ ضَمِنَهُ الْوَرَثَةُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ رَادًّا بِهِ عَلَى مَا فِي الْعُدَّةِ مِنْ أَنَّ الْوَرَثَةَ إذَا ضَمِنُوا لَمْ يُشَقَّ وَيُؤَيِّدُهُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهَا مِنْ أَنَّهُ يُشَقُّ حَيْثُ لَا ضَمَانَ وَلَهُ تَرْكُهُ وَفِي نَقْلِ الرُّويَانِيِّ عَنْ الْأَصْحَابِ مَا يُوَافِقُ مَا فِيهَا تَجَوُّزٌ أَمَّا بَعْدَ الْبِلَا فَلَا يَحْرُمُ نَبْشُهُ بَلْ تَحْرُمُ عِمَارَتُهُ وَتَسْوِيَةُ التُّرَابِ عَلَيْهِ لِئَلَّا يَمْتَنِعَ النَّاسُ مِنْ الدَّفْنِ فِيهِ لِظَنِّهِمْ عَدَمَ الْبِلَا وَاسْتَثْنَى قُبُورَ الصَّحَابَةِ وَالْعُلَمَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ

(وَسُنَّ تَعْزِيَةُ نَحْوِ أَهْلِهِ) كَصِهْرٍ وَصَدِيقٍ وَهِيَ الْأَمْرُ بِالصَّبْرِ وَالْحَمْلُ عَلَيْهِ بِوَعْدِ الْأَجْرِ وَالتَّحْذِيرُ مِنْ الْوِزْرِ بِالْجَزَعِ وَالدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ بِالْمَغْفِرَةِ وَلِلْمُصَابِ بِجَبْرِ الْمُصِيبَةِ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ عَلَى امْرَأَةٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ يُوضَعُ عَلَى بَطْنِهَا شَيْءٌ لِيَمُوتَ غَلَطٌ فَاحِشٌ فَلْيُحْذَرْ حَجّ. (قَوْلُهُ: أَوْ تَيَمُّمٌ) أَفْهَمَ أَنَّهُ إذَا يُمِّمَ قَبْلَ الدَّفْنِ لَا يَجُوزُ نَبْشُهُ لِلْغُسْلِ وَإِنْ كَانَ تَيَمُّمُهُ فِي الْأَصْلِ لِفَقْدِ الْغَاسِلِ أَوْ لِفَقْدِ الْمَاءِ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتَغَيَّرْ) الْمُرَادُ بِالتَّغَيُّرِ النَّتِنُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ التَّقَطُّعُ كَمَا قَالَ بِهِ بَعْضُهُمْ شَيْخُنَا وَاعْتَمَدَهُ ز ي (قَوْلُهُ: أَوْ فِي مَغْصُوبٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِلَا طُهْرٍ فِي قَوْلِهِ كَدَفْنٍ بِلَا طُهْرٍ وَمِنْ الْمَغْصُوبِ الْمَسْجِدُ وَإِنْ لَمْ يُضَيَّقْ عَلَى الْمُصَلِّينَ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَوُجِدَ مَا يَدْفِنُ إلَخْ) أَمَّا إذَا لَمْ يُوجَدْ فَلَا يُنْبَشُ بَلْ يُدْفَعُ لِلْمَالِكِ ثَمَنُ ذَلِكَ وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ وَيُدْفَعُ الثَّمَنُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ إنْ كَانَتْ وَإِلَّا فَمِنْ مُنْفِقِهِ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَمَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ إنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ أَيْ الْمَالِكُ مِنْهُمْ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَع ش.
(قَوْلُهُ: أَوْ وَقَعَ فِيهِ مَالٌ) مَعْطُوفٌ عَلَى دَفْنٍ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ أَوْ وُقُوعِ مَالٍ فِيهِ لِيُنَاسِبَ الْمَعْطُوفَاتِ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ أَطَلَبَهُ مَالِكُهُ أَمْ لَا) الْمُتَبَادِرُ مِنْ عَدَمِ الطَّلَبِ السُّكُوتُ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ نَهَى عَنْهُ لَمْ يُنْبَشْ وَهُوَ ظَاهِرٌ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: بِالطَّلَبِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَقَدْ فَرَّقْتُ بَيْنَهُمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ) وَهُوَ أَنَّ مَسْأَلَةَ الِابْتِلَاعِ فِيهَا انْتِهَاكُ حُرْمَةِ الْمَيِّتِ بِشَقِّ جَوْفِهِ فَقُيِّدَتْ بِطَلَبِ الْمَالِكِ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَلِعَ) بِكَسْرِ اللَّامِ مِنْ بَابِ عَلِمَ اط ف (قَوْلُهُ: مَالًا لِنَفْسِهِ) أَيْ وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ وَلَوْ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: لَمْ يُنْبَشْ) أَيْ لِاسْتِهْلَاكِهِ لَهُ حَالَ حَيَاتِهِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر، وَقَالَ ع ش عَلَيْهِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُشَقُّ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِإِهْلَاكِهِ قَبْلَ تَعَلُّقِ الْغُرَمَاءِ بِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ اهـ.
(قَوْلُهُ: نُبِشَ وَشُقَّ جَوْفُهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ تَغَيَّرَ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: رَادًّا بِهِ عَلَى مَا فِي الْعِدَّةِ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ مَا فِي الْعِدَّةِ فَمَتَى ضَمِنَهُ أَحَدٌ مِنْ الْوَرَثَةِ أَوْ غَيْرِهِمْ حَرُمَ نَبْشُهُ وَشَقُّ جَوْفِهِ لِقِيَامِ بَدَلِهِ مَقَامَهُ وَصَوْنَا لِلْمَيِّتِ مِنْ انْتِهَاكِ حُرْمَتِهِ شَرْحُ م ر وَع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ) أَيْ مَا فِي الْمَجْمُوعِ وَوَجْهُ التَّأْيِيدِ أَنَّهُ إذَا شُقَّ جَوْفُهُ مَعَ وُجُودِ التَّرِكَةِ فَكَذَلِكَ يُشَقُّ مَعَ ضَمَانِ الْوَرَثَةِ وَقَدْ يُقَالُ: لَا تَأْيِيدَ لِأَنَّ الضَّمَانَ أَثْبَتُ مِنْ التَّرِكَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهَا مُعَرَّضَةٌ لِلتَّلَفِ بِخِلَافِ مَا فِي الذِّمَّةِ الْحَاصِلُ بِالضَّمَانِ شَبْشِيرِيٌّ وَز ي (قَوْلُهُ: كَلَامُهَا) أَيْ الْعِدَّةُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَقَوْلُهُ: مَا يُوَافِقُ مَا فِيهَا أَيْ الْعِبَارَةِ الْأُولَى الْمَرْدُودَةِ (قَوْلُهُ تَجَوُّزٌ) أَيْ تَسَاهُلٌ فِي النَّقْلِ فَالتَّحْقِيقُ فِي النَّقْلِ عَنْهُمْ مَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ الْإِطْلَاقِ مِنْ أَنَّهُ يُنْبَشُ وَيُشَقُّ جَوْفُهُ وَلَوْ ضَمِنَهُ الْوَرَثَةُ وَإِنْ كَانَتْ الْغَايَةُ ضَعِيفَةً شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: بَلْ تَحْرُمُ عِمَارَتُهُ) أَيْ فِي الْمُسَبَّلَةِ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَتَسْوِيَةُ التُّرَابِ عَلَيْهِ) جُمْلَةٌ مُفَسِّرَةٌ لِمَا قَبْلَهَا أَيْ عِمَارَتُهُ بِتَسْوِيَةِ التُّرَابِ إلَخْ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى) أَيْ مِنْ حُرْمَةِ الْعِمَارَةِ وَهَذَا كُلُّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ بَلَاؤُهُمْ وَإِلَّا فَهَؤُلَاءِ لَا تَبْلَى أَجْسَادُهُمْ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ عَدَمِ تَحْرِيمِ النَّبْشِ لَا مِنْ تَحْرِيمِ الْعِمَارَةِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.

(قَوْلُهُ: وَسُنَّ تَعْزِيَةُ نَحْوِ أَهْلِهِ) أَيْ التَّعْزِيَةُ مِنْ الْأَجَانِبِ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُسَنَّ ذَلِكَ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ بَعْضِهِمْ مَعَ بَعْضٍ وَتُسَنُّ التَّعْزِيَةُ أَيْضًا لِفَقْدِ الْمَالِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَقِيقًا أَيْ وَإِنْ قَلَّ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يَتَأَثَّرُ بِهِ وَيَدْعُو لَهُ بِمَا يُنَاسِبُ وَتُسَنُّ الْمُصَافَحَةُ هُنَا أَيْضًا لِأَنَّ فِيهَا جَبْرًا لِأَهْلِ الْمَيِّتِ وَكَسْرًا لِسَوْرَةِ الْحُزْنِ أَيْ شِدَّتِهِ بَلْ هَذَا أَوْلَى مِنْ الْمُصَافَحَةِ فِي الْعِيدِ وَتَحْصُلُ سُنَّةُ التَّعْزِيَةِ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ، فَلَوْ كَرَّرَهَا هَلْ يَكُونُ مَكْرُوهًا لِمَا فِيهِ مِنْ تَجْدِيدِ الْحُزْنِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَقَدْ يُقَالُ مُقْتَضَى الِاقْتِصَارِ فِي الْكَرَاهَةِ عَلَى مَا بَعْدَ الثَّلَاثَةِ عَدَمُ كَرَاهَةِ التَّكْرِيرِ فِي الثَّلَاثِ سِيَّمَا إذَا وَجَدَ عِنْدَ أَهْلِ الْمَيِّتِ جَزَعًا عَلَيْهِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَع ش (قَوْلُهُ كَصِهْرٍ) فِي الْمُخْتَارِ الْأَصْهَارُ أَهْلُ بَيْتِ الْمَرْأَةِ اهـ (قَوْلُهُ: وَهِيَ الْأَمْرُ بِالصَّبْرِ) أَيْ اصْطِلَاحًا وَأَمَّا لُغَةً فَهِيَ التَّسْلِيَةُ لِمَنْ أُصِيبَ بِمَنْ يَعِزُّ عَلَيْهِ وَلَوْ مَالًا (قَوْلُهُ: بِوَعْدِ الْأَجْرِ) أَيْ إنْ كَانَ الْمُعَزَّى بِفَتْحِ الزَّايِ مُسْلِمًا وَقَوْلُهُ: وَالدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ بِالْمَغْفِرَةِ أَيْ إنْ كَانَ مُسْلِمًا كَمَا هُوَ

(1/499)


تَبْكِي عَلَى صَبِيٍّ لَهَا فَقَالَ لَهَا اتَّقِي اللَّهَ وَاصْبِرِي ثُمَّ قَالَ: إنَّمَا الصَّبْرُ أَيْ الْكَامِلُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَى رَوَاهُ» الشَّيْخَانِ وَلِأَنَّ «أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ قَالَ أَرْسَلَتْ إحْدَى بَنَاتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَدْعُوهُ وَتُخْبِرُهُ أَنَّ ابْنًا لَهَا فِي الْمَوْتِ فَقَالَ لِلرَّسُولِ ارْجِعْ إلَيْهَا فَأَخْبِرْهَا أَنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَلَهُ مَا أَعْطَى وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى فَمُرْهَا فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ» وَتَقْيِيدِي بِنَحْوِ أَهْلِهِ مِنْ زِيَادَتِي وَسُنَّ أَنْ يَعُمَّهُمْ بِهَا حَتَّى الصِّغَارِ وَالنِّسَاءِ إلَّا الشَّابَّةَ فَلَا يُعَزِّيهَا إلَّا مَحَارِمُهَا وَنَحْوُهُمْ (وَ) هِيَ (بَعْدَ دَفْنِهِ أَوْلَى) مِنْهَا قَبْلَهُ لِاشْتِغَالِ أَهْلِ الْمَيِّتِ بِتَجْهِيزِهِ قَبْلَهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ إلَّا أَنْ يَرَى مِنْ أَهْلِهِ جَزَعًا شَدِيدًا فَيُخْتَارُ تَقْدِيمُهَا لِيُصَبِّرَهُمْ وَذِكْرُ الْأَوْلَوِيَّةِ مِنْ زِيَادَتِي. (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ تَقْرِيبًا) مِنْ الْمَوْتِ لِحَاضِرٍ وَمِنْ الْقُدُومِ أَوْ بُلُوغِ الْخَبَرِ لِغَائِبٍ فَتُكْرَهُ التَّعْزِيَةُ بَعْدَهَا إذْ الْغَرَضُ مِنْهَا تَسْكِينُ قَلْبِ الْمُصَابِ وَالْغَالِبُ سُكُونُهُ فِيهَا فَلَا يُجَدِّدُ حُزْنَهُ.
(فَيُعَزَّى مُسْلِمٌ بِمُسْلِمٍ) بِأَنْ يُقَالَ لَهُ (أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَك) أَيْ جَعَلَهُ عَظِيمًا (وَأَحْسَنَ عَزَاءَك) بِالْمَدِّ أَيْ جَعَلَهُ حَسَنًا (وَغَفَرَ لِمَيِّتِك وَبِكَافِرٍ أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَك) مَعَ قَوْلِهِ (وَصَبَّرَك) أَوْ أَخْلَفَ عَلَيْك أَوْ جَبَرَ مُصِيبَتَك أَوْ نَحْوَهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا نَعَمْ لَوْ كَانَ الْمَيِّتُ مِمَّنْ لَا يُخْلَفُ بَدَلُهُ كَأَبٍ فَلْيَقُلْ بَدَلَ أَخْلَفَ اللَّهُ عَلَيْك: خَلَفَ اللَّهُ عَلَيْك أَيْ كَانَ اللَّهُ خَلِيفَةً عَلَيْك نَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَنْ الشَّافِعِيِّ (وَ) يُعَزَّى (كَافِرٌ مُحْتَرَمٌ بِمُسْلِمٍ) بِأَنْ يُقَالَ لَهُ (غَفَرَ اللَّهُ لِمَيِّتِك وَأَحْسَنَ عَزَاءَك)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
ظَاهِرٌ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: تَبْكِي عَلَى صَبِيٍّ لَهَا) أَيْ مَعَ جَزَعٍ مِنْهَا فَلِذَلِكَ أَمَرَهَا بِالتَّقْوَى (قَوْلُهُ: إنَّمَا الصَّبْرُ) الصَّبْرُ حَبْسُ النَّفْسِ عَلَى كَرِيهٍ تَتَحَمَّلُهُ أَوْ لَذِيذٍ تُفَارِقُهُ وَهُوَ مَمْدُوحٌ وَمَطْلُوبٌ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَى) الْمَعْنَى إنَّمَا يُحْمَدُ الصَّبْرُ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ الْأُولَى وَالْمُرَادُ ابْتِدَاؤُهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَوْلَى فَالْمُرَادُ عِنْدَ أَوَّلِ كُلِّ مُصِيبَةٍ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا، وَقَالَ الشَّوْبَرِيُّ أَيْ إنَّمَا يُحْمَدُ الصَّبْرُ عِنْدَ مُفَاجَأَةِ الْمُصِيبَةِ وَأَمَّا بَعْدَهُ فَيَقَعُ السَّلْوُ طَبْعًا اهـ (قَوْلُهُ: إحْدَى بَنَاتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) هِيَ زَيْنَبُ كَمَا فِي رِوَايَةٍ وَقِيلَ فَاطِمَةُ وَقِيلَ رُقَيََّةَ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: إنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَلَهُ مَا أَعْطَى) مَا مَصْدَرِيَّةٌ أَيْ لِلَّهِ الْأَخْذُ وَالْإِعْطَاءُ، أَوْ مَوْصُولَةٌ وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ لَكِنْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ إطْلَاقُ مَا عَلَى الْعَاقِلِ إلَّا أَنْ يُقَالَ فِيهِ تَغْلِيبُ غَيْرِ الْعَاقِلِ عَلَى الْعَاقِلِ لِأَنَّ مَا أَخَذَهُ شَامِلٌ لِلْعَاقِلِ وَغَيْرِهِ وَقُدِّمَ ذِكْرُ الْأَخْذِ عَلَى الْإِعْطَاءِ وَإِنْ كَانَ مُتَأَخِّرًا فِي الْوَاقِعِ لِاقْتِضَاءِ الْمَقَامِ لَهُ وَالْمَعْنَى: أَنَّ الَّذِي أَخَذَهُ اللَّهُ هُوَ الَّذِي كَانَ أَعْطَاهُ فَقَدْ أَخَذَ مَا هُوَ لَهُ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَكُلُّ شَيْءٍ) أَيْ مِنْ الْأَخْذِ وَالْإِعْطَاءِ أَوْ مِنْ الْأَنْفُسِ أَوْ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ وَهِيَ جُمْلَةٌ ابْتِدَائِيَّةٌ مَعْطُوفَةٌ عَلَى الْجُمْلَةِ الْمُؤَكَّدَةِ وَيَجُوزُ فِي كُلٍّ النَّصْبُ عَطْفًا عَلَى اسْمِ إنَّ فَيَنْسَحِبُ التَّأْكِيدُ أَيْضًا عَلَيْهِ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: عِنْدَهُ) الْمُرَادُ بِالْعِنْدِيَّةِ الْعِلْمُ فَهُوَ مِنْ مَجَازِ الْمُلَازَمَةِ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: بِأَجَلٍ) يُطْلَقُ الْأَجَلُ عَلَى الْجُزْءِ الْأَخِيرِ وَعَلَى مَجْمُوعِ الْعُمْرِ وَقَوْلُهُ: مُسَمًّى أَيْ مَعْلُومٍ أَوْ مُقَدَّرٍ (قَوْلُهُ: حَتَّى الصِّغَارِ) أَيْ الَّذِينَ لَهُمْ نَوْعُ تَمْيِيزٍ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: إلَّا الشَّابَّةَ فَلَا يُعَزِّيهَا إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَا يُعَزِّي الشَّابَّةَ إلَّا مَحَارِمُهَا أَوْ زَوْجُهَا كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ وَكَذَا مَنْ أُلْحِقَ بِهِمْ فِي جَوَازِ النَّظَرِ فِيمَا يَظْهَرُ كَعَبْدِهَا وَأَمَّا الْأَجْنَبِيُّ فَيُكْرَهُ لَهُ ابْتِدَاؤُهَا بِالتَّعْزِيَةِ وَالرَّدِّ عَلَيْهَا وَيَحْرُمَانِ مِنْهَا قِيَاسًا عَلَى سَلَامِهَا لِأَنَّ كَلَامَهَا لَهُمْ يُطْعِمُهُمْ فِيهَا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: تَقْرِيبًا) فَلَا تَضُرُّ الزِّيَادَةُ بِنَحْوِ نِصْفِ يَوْمٍ مَثَلًا ح ل (قَوْلُهُ: مِنْ الْمَوْتِ) أَيْ لَا مِنْ الدَّفْنِ هَلْ وَإِنْ تَأَخَّرَ دَفْنُهُ عَنْهَا الْمُعْتَمَدُ نَعَمْ ح ل (قَوْلُهُ: لِحَاضِرٍ) أَيْ وَإِنْ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ بَيْنَهُمَا فِي الْبَلَدِ وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الْبَلَدِ مُجَاوِرُهَا ع ش (قَوْلُهُ: وَمِنْ الْقُدُومِ) أَيْ قُدُومِ الْمُعَزِّي أَوْ الْمُعَزَّى وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر، أَمَّا عِنْدَ غَيْبَةِ الْمُعَزَّى أَوْ الْمُعَزِّي أَوْ مَرَضِهِ أَوْ حَبْسِهِ أَوْ عَدَمِ عِلْمِهِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي تَمْشِيَتِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِهَا كُلُّ مَا يُشْبِهُهَا مِنْ أَعْذَارِ الْجَمَاعَةِ فَتَبْقَى إلَى الْقُدُومِ وَالْعِلْمِ وَزَوَالِ الْمَانِعِ.
(قَوْلُهُ بِمُسْلِمٍ) أَيْ وَلَوْ زَانِيًا مُحْصَنًا وَتَارِكَ صَلَاةٍ وَإِنْ قُتِلَ حَدًّا أَيْ وَلَوْ رَقِيقًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ الَّتِي فِي الْمَقَامِ أَرْبَعَةٌ: تَعْزِيَةُ مُسْلِمٍ بِمُسْلِمٍ وَبِكَافِرٍ وَتَعْزِيَةُ كَافِرٍ بِمُسْلِمٍ وَبِكَافِرٍ وَالْحُكْمُ أَنَّهَا سُنَّةٌ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَمُبَاحَةٌ فِي الْأَخِيرَيْنِ إنْ لَمْ يُرْجَ إسْلَامُ الْكَافِرِ الْمُعَزَّى بِفَتْحِ الزَّايِ وَإِلَّا سُنَّتْ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَقُولَ لَهُ أَعْظَمَ) هُوَ أَفْصَحُ مِنْ عَظَّمَ خِلَافًا لِثَعْلَبٍ وَقَدَّمَ الدُّعَاءَ لِلْمُعَزَّى هُنَا لِأَنَّهُ الْمُخَاطَبُ (قَوْلُهُ: أَيْ جَعَلَهُ عَظِيمًا) وَلَيْسَ فِيهِ دُعَاءٌ بِكَثْرَةِ مَصَائِبِهِ فَقَدْ قَالَ تَعَالَى {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا} [الطلاق: 5] بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: أَيْ جَعَلَهُ حَسَنًا) يَعْنِي بِالصَّبْرِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَغَفَرَ لِمَيِّتِك) قَدَّمَ الْمُعَزَّى لِأَنَّهُ الْمُخَاطَبُ وَقِيلَ يُقَدَّمُ الْمَيِّتُ لِأَنَّهُ أَحْوَجُ وَتُكْرَهُ لِنَحْوِ تَارِكِ صَلَاةٍ وَمُبْتَدِعٍ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: مَعَ قَوْلِهِ وَصَبَّرَكَ) وَلَا يُقَالُ وَغُفِرَ لِمَيِّتِك؛ لِأَنَّهُ حَرَامٌ ز ي وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا لَكِنْ فِي حَجّ قَبْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَلَا يَجِبُ غُسْلُ كَافِرٍ مَا نَصُّهُ وَيَظْهَرُ حِلُّ الدُّعَاءِ لِأَطْفَالِ الْكُفَّارِ بِالْمَغْفِرَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَحْكَامِ الدِّينِ بِخِلَافِ صُورَةِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ ع ش عَلَى م ر وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ تَعْزِيَةُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ لِمُخَالَفَتِهِ الْمَعْنَى وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ حَجّ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَيُعَزِّي كَافِرٌ) وَالْمُعَزَّى كَافِرٌ أَوْ مُسْلِمٌ ح ل (قَوْلُهُ: غَفَرَ اللَّهُ لِمَيِّتِك) وَقَدَّمَ هُنَا الدُّعَاءَ لِلْمَيِّتِ مَعَ أَنَّ الْمُخَاطَبَ أَوْلَى بِالتَّقْدِيمِ لِشَرَفِ الْمُسْلِمِ ح ل (قَوْلُهُ: وَأَحْسَنَ عَزَاءَك) وَلَا يَقُولُ وَأَعْظَمَ أَجْرَكَ لِكُفْرِهِ

(1/500)


وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي مُحْتَرَمٌ الْحَرْبِيُّ وَالْمُرْتَدُّ فَلَا يُعَزَّيَانِ إلَّا أَنْ يُرْجَى إسْلَامُهُمَا وَلِلْمُسْلِمِ تَعْزِيَةُ كَافِرٍ مُحْتَرَمٍ بِمِثْلِهِ فَيَقُولُ أَخْلَفَ اللَّهُ عَلَيْك وَلَا نَقَصَ عَدَدَك

(وَجَازَ بُكَاءٌ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمَيِّتِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَبَعْدَهُ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «بَكَى عَلَى وَلَدِهِ إبْرَاهِيمَ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَقَالَ: إنَّ الْعَيْنَ تَدْمَعُ وَالْقَلْبَ يَحْزَنُ وَلَا نَقُولُ إلَّا مَا يُرْضِي رَبَّنَا وَإِنَّا بِفِرَاقِك يَا إبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ» . «وَبَكَى عَلَى قَبْرِ بِنْتٍ لَهُ» . «وَزَارَ قَبْرَ أُمِّهِ فَبَكَى وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ» رَوَى الْأَوَّلَ الشَّيْخَانِ وَالثَّانِيَ الْبُخَارِيُّ وَالثَّالِثَ مُسْلِمٌ وَالْبُكَاءُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْمَوْتِ خِلَافُ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ يَكُونُ حِينَئِذٍ أَسَفًا عَلَى مَا فَاتَ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْجُمْهُورِ بَلْ نَقَلَ فِي الْأَذْكَارِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ لِخَبَرِ: «فَإِذَا وَجَبَتْ فَلَا تَبْكِيَنَّ بَاكِيَةٌ قَالُوا وَمَا الْوُجُوبُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ الْمَوْتُ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
وَيَنْبَغِي لِلْمُعَزَّى إجَابَةُ التَّعْزِيَةِ بِنَحْوِ جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا وَلَعَلَّهُمْ حَذَفُوهُ لِوُضُوحِهِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: عَزَاءَكَ) الْعَزَاءُ بِالْمَدِّ الصَّبْرُ أَوْ السَّلْوُ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي مُحْتَرَمٌ إلَخْ) وَلَا يُعَزَّى الْمُسْلِمُ أَيْضًا بِالْمُرْتَدِّ وَالْحَرْبِيِّ إذَا مَاتَا شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ فَلَا يُعَزَّيَانِ) أَيْ تُكْرَهُ تَعْزِيَتُهُمَا نَعَمْ لَوْ كَانَ فِيهَا تَوْقِيرُهُمَا حَرُمَتْ وَقَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُرْجَى إسْلَامُهُمَا أَيْ فَإِنْ رُجِيَ فَهِيَ سُنَّةٌ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ وَلِلْمُسْلِمِ تَعْزِيَةُ كَافِرٍ) أَيْ جَوَازًا لَا نَدْبًا إنْ لَمْ يُرْجَ إسْلَامُهُ وَإِلَّا فَنَدْبًا شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَلَا نَقَصَ عَدَدَكَ) بِتَخْفِيفِ الْقَافِ كَمَا سَمِعْته مِنْ شَيْخِنَا ح ف، وَنَصْبُ عَدَدَ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ أَوْ رَفْعُهُ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ لِأَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا وَمِثْلُهُ فِي ق ل عَلَى خ ط وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ: وَلَا نَقَصَ عَدَدُكَ بِنَصْبِهِ وَرَفْعِهِ مَعَ تَخْفِيفِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِهَا مَعَ النَّصْبِ اهـ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَهُوَ دُعَاءٌ بِدَوَامِ الْكُفْرِ أَيْ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ بِتَكْثِيرِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَمِنْ لَازِمِ ذَلِكَ دَوَامُ الْكُفْرِ وَمَنَعَهُ ابْنُ النَّقِيبِ فَقَالَ لَيْسَ فِيهِ مَا يَقْتَضِي الْبَقَاءَ عَلَى الْكُفْرِ أَيْ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَثْرَةِ عَدَدِهِمْ مَعَ كَوْنِهِمْ أَهْلَ ذِمَّةٍ بَقَاؤُهُمْ عَلَى الْكُفْرِ كَذَا ذَكَرَ شَيْخُنَا وَأَطَالَ فِي بَيَانِهِ ح ل.

(قَوْلُهُ: وَجَازَ بُكَاءٌ عَلَيْهِ) وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْبُكَاءُ عَلَى الْمَيِّتِ لِخَوْفٍ عَلَيْهِ مِنْ هَوْلِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَنَحْوِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ أَوْ لِمَحَبَّةٍ وَرِقَّةٍ كَطِفْلٍ فَكَذَلِكَ لَكِنَّ الصَّبْرَ أَجْمَلُ أَوْ لِصَلَاحٍ وَبَرَكَةٍ وَشَجَاعَةٍ وَفَقْدِ نَحْوِ عِلْمٍ فَمَنْدُوبٌ أَوْ لِفَقْدِ صِلَةٍ وَبِرٍّ وَقِيَامٍ بِمَصْلَحَةٍ فَمَكْرُوهٌ أَوْ لِعَدَمِ تَسْلِيمٍ لِلْقَضَاءِ وَعَدَمِ الرِّضَا بِهِ فَحَرَامٌ كَمَا ذَكَرَهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ، وَقَالَ الْعُلَمَاءُ الْبُكَاءُ عَشْرَةُ أَنْوَاعٍ: بُكَاءُ فَرَحٍ، وَبُكَاءُ حُزْنٍ عَلَى مَا فَاتَ، وَبُكَاءُ رَحْمَةٍ، وَبُكَاءُ خَوْفٍ مِمَّا يَحْصُلُ، وَبُكَاءُ كَذِبٍ كَبُكَاءِ النَّائِحَةِ فَإِنَّهَا تَبْكِي لِشَجْوِ غَيْرِهَا، وَبُكَاءُ مُوَافَقَةٍ بِأَنْ يَرَى جَمَاعَةً يَبْكُونَ فَيَبْكِي مَعَ عَدَمِ عِلْمِهِ بِالسَّبَبِ، وَبُكَاءُ الْمَحَبَّةِ وَالشَّوْقِ، وَبُكَاءُ الْجَزَعِ مِنْ حُصُولِ أَلَمٍ لَا يَحْتَمِلُهُ، وَبُكَاءُ الْجُوعِ وَالضَّعْفِ، وَبُكَاءُ النِّفَاقِ وَهُوَ أَنْ تَدْمَعَ الْعَيْنُ وَالْقَلْبُ قَاسٍ، فَالْبُكَى بِالْقَصْرِ دَمْعُ الْعَيْنِ مِنْ غَيْرِ صَوْتٍ وَالْمَمْدُودُ مَا كَانَ مَعَهُ صَوْتٌ وَأَمَّا التَّبَاكِي فَهُوَ تَكَلُّفُ الْبُكَاءِ وَهُوَ نَوْعَانِ: مَحْمُودٌ وَمَذْمُومٌ فَالْأَوَّلُ مَا يَكُونُ لِاسْتِجْلَابِ رِقَّةِ الْقَلْبِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ «سَيِّدِنَا عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَّا رَأَى الْمُصْطَفَى وَأَبَا بَكْرٍ يَبْكِيَانِ فِي شَأْنِ أَسَارَى: أَخْبِرْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يُبْكِيَك فَإِنْ وَجَدْت أَيْ سَبَبًا لِبُكَائِي بَكَيْت وَإِلَّا تَبَاكَيْت وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» ، وَالثَّانِي مَا يَكُونُ لِأَجْلِ الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ أَسْبَابِ الْبُكَاءِ الْعَشَرَةِ قَدْ يَرْجِعُ إلَى اثْنَيْنِ السُّرُورُ وَالْحُزْنُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا ع ش عَلَى الْمَوَاهِبِ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ مَوْتِهِ وَبَعْدَهُ) لَكِنَّ الْأَوْلَى تَرْكُهُ عِنْدَ الْمُخْتَضِرِ ح ل.
(قَوْلُهُ: عَلَى وَلَدِهِ إبْرَاهِيمَ) وَمَاتَ وَهُوَ صَغِيرٌ وَكَانَ عُمْرُهُ إذْ ذَاكَ سَنَةً وَأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ وَقِيلَ سَبْعُونَ يَوْمًا وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقِيلَ سَنَةٌ وَعَشْرَةُ أَشْهُرٍ وَسِتَّةُ أَيَّامٍ وَحِينَ سَمَّاهُ قَالَ سَمَّيْتُهُ عَلَى اسْمِ أَبِي إبْرَاهِيمَ وَكَانَ مَعَهُ يَوْمَئِذٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَقَالَ لَهُ أَتَبْكِي يَا رَسُولَ اللَّهِ وَقَدْ نَهَيْتنَا عَنْ الْبُكَاءِ فَقَالَ وَيْحَك يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ إنَّهُ رَحْمَةٌ وَكَنَاهُ بِهِ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - حِينَ حَمَلَتْ بِهِ أُمُّهُ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْك يَا أَبَا إبْرَاهِيمَ وَمَاتَ فِي السَّنَةِ التَّاسِعَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ بِرْمَاوِيٌّ وَق ل. (قَوْلُهُ: عَلَى قَبْرِ بِنْتٍ لَهُ) لَعَلَّهَا أُمُّ كُلْثُومَ ثُمَّ رَأَيْت فِي الْمَوَاهِبِ وَأَمَّا أُمُّ كُلْثُومَ وَلَا يُعْرَفُ لَهَا اسْمٌ وَإِنَّمَا تُعْرَفُ بِكُنْيَتِهَا فَمَاتَتْ سَنَةَ تِسْعٍ مِنْ الْهِجْرَةِ وَصَلَّى عَلَيْهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَزَلَ فِي حُفْرَتِهَا عَلِيٌّ وَالْفَضْلُ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَفِي الْبُخَارِيِّ «جَلَسَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْقَبْرِ وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ فَقَالَ هَلْ فِيكُمْ مَنْ لَمْ يُقَارِفْ اللَّيْلَةَ» ، وَقَوْلُهُ: عَلَى الْقَبْرِ أَيْ قَبْرِ أُمِّ كُلْثُومَ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهَا ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: فَإِذَا وَجَبَتْ) أَيْ الْمُصِيبَةُ يَعْنِي الْمَوْتَ أَيْ حَصَلَتْ وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا مِنْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَكَى عَلَى قَبْرِ بِنْتٍ لَهُ إلَخْ لِأَنَّ ذَاكَ دَلِيلُ الْجَوَازِ وَهُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَفْعَلُ خِلَافَ الْأُولَى، وَالْمَكْرُوهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَيُثَابُ عَلَيْهِ ثَوَابَ الْوَاجِبِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْمَوْتُ) فِي الْمُخْتَارِ وَوَجَبَ الْمَيِّتُ إذَا سَقَطَ وَمَاتَ

(1/501)


رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ.
(لَا نَدْبٌ) وَهُوَ عَدُّ مَحَاسِنِهِ فَلَا يَجُوزُ كَأَنْ يُقَالَ: وَا كَهْفَاهْ وَا جَمَلَاهْ وَا سَنَدَاهْ وَقِيلَ عَدُّهَا مَعَ الْبُكَاءِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ (وَ) لَا (نَوْحٌ) وَهُوَ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالنَّدْبِ (وَ) لَا (جَزَعٌ بِنَحْوِ ضَرْبِ صَدْرٍ) كَضَرْبِ خَدٍّ وَشَقِّ جَيْبٍ. قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «النَّائِحَةُ إذَا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِهَا تُقَامُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَيْهَا سِرْبَالٌ مِنْ قَطِرَانٍ وَدِرْعٌ مِنْ جَرَبٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ وَشَقَّ الْجُيُوبَ وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ» وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ بِلَفْظِ أَوْ بَدَلِ الْوَاوِ وَالسِّرْبَالُ الْقَمِيصُ كَالدِّرْعِ وَالْقَطِرَانُ بِفَتْحِ الْقَافِ مَعَ كَسْرِ الطَّاءِ وَسُكُونِهَا وَبِكَسْرِهَا مَعَ سُكُونِ الطَّاءِ دُهْنُ شَجَرٍ يُطْلَى بِهِ الْإِبِلُ الْجُرْبُ وَيُسْرَجُ بِهِ وَهُوَ أَبْلَغُ فِي اشْتِعَالِ النَّارِ بِالنَّائِحَةِ (وَسُنَّ لِنَحْوِ جِيرَانِ أَهْلِهِ) كَأَقَارِبِهِ الْبُعَدَاءِ وَلَوْ كَانُوا بِبَلَدٍ وَهُوَ بِآخَرَ (تَهْيِئَةُ طَعَامٍ يُشْبِعُهُمْ يَوْمًا وَلَيْلَةً) لِشُغْلِهِمْ بِالْحُزْنِ عَنْهُ (وَأَنْ يُلَحَّ عَلَيْهِمْ فِي كُلٍّ) لِئَلَّا يَضْعُفُوا بِتَرْكِهِ وَنَحْوُ هُنَا وَفِيمَا بَعْدَهُ مِنْ زِيَادَتِي (وَحَرُمَتْ) أَيْ تَهْيِئَتُهُ (لِنَحْوِ نَائِحَةٍ) كَنَادِبَةٍ لِأَنَّهَا إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ وَالْأَصْلُ فِيمَا قَبْلَهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَمَّا جَاءَ خَبَرُ قَتْلِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ اصْنَعُوا لِآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا فَقَدْ جَاءَهُمْ مَا يَشْغَلُهُمْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
وَيُقَالُ لِلْقَتِيلِ وَاجِبٌ فَقَوْلُهُ قَالَ الْمَوْتُ أَيْ حُلُولُ الْمَوْتِ لِأَنَّ الْوُجُوبَ لَيْسَ نَفْسَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: لَا نَدْبٌ وَنَوْحٌ) كُلٌّ مِنْ النَّدْبِ وَالنَّوْحِ صَغِيرَةٌ لَا كَبِيرَةٌ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ فِي بَابِ الشَّهَادَاتِ، وَفِي حَجّ هُنَا أَنَّ النَّوْحَ وَالْجَزَعَ كَبِيرَةٌ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَهُوَ عَدُّ مَحَاسِنِهِ) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي مَثَّلَ بِهِ مِنْ الْإِتْيَانِ بِحَرْفِ النُّدْبَةِ فَلَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ فِيمَا مَرَّ بِخِلَافِ نَعِيِّ الْجَاهِلِيَّةِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ عَدُّ الْمَحَاسِنِ لَكِنْ لَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. (قَوْلُهُ: وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ) الْمُعْتَمَدُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ فَالْبُكَاءُ وَحْدَهُ لَا يَحْرُمُ وَعَدُّ الشَّمَائِلِ مِنْ غَيْرِ بُكَاءٍ لَا يَحْرُمُ وَهُوَ نَعِيُّ الْجَاهِلِيَّةِ فَلَا يَحْرُمُ تَعْدَادُ الشَّمَائِلِ إلَّا إنْ قَارَنَهُ الْبُكَاءُ وَرَفْعُ الصَّوْتِ ح ل وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ نَعِيَّ الْجَاهِلِيَّةِ مَكْرُوهٌ وَالشَّمَائِلُ جَمْعُ شِمَالٍ بِكَسْرِ الشِّينِ وَهُوَ مَا اتَّصَفَ بِهِ الشَّخْصُ. اهـ. ز ي وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَهُوَ كَمَا حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ فِي أَذْكَارِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ عَدُّهَا مَعَ الْبُكَاءِ كَوَاكَهْفَاهُ وَاجَبَلَاه لِمَا سَيَأْتِي وَلِلْإِجْمَاعِ وَفِي الْحَقِيقَةِ الْمُحَرَّمُ النَّدْبُ لَا الْبُكَاءُ لِأَنَّ اقْتِرَانَ الْمُحَرَّمِ بِجَائِزٍ لَا يُصَيِّرُهُ أَيْ الْجَائِزَ حَرَامًا خِلَافًا لِجَمْعٍ وَمِنْ ثَمَّ رَدَّ أَبُو زُرْعَةَ قَوْلَ مَنْ قَالَ يَحْرُمُ الْبُكَاءُ عِنْدَ نَدْبٍ أَوْ نِيَاحَةٍ أَوْ شَقُّ جَيْبٍ أَوْ نَشْرُ شَعْرٍ أَوْ ضَرْبُ خَدٍّ فَإِنَّ الْبُكَاءَ جَائِزٌ مُطْلَقًا وَهَذِهِ الْأُمُورُ مُحَرَّمَةٌ مُطْلَقًا.
اهـ وَلَا بَأْسَ بِالرِّثَاءِ بِالْقَصَائِدِ كَقَوْلِ السَّيِّدَةِ فَاطِمَةَ بِنْتَهُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -
مَاذَا عَلَى مَنْ شَمَّ تُرْبَةَ أَحْمَدَ ... أَنْ لَا يَشُمَّ مَدَى الزَّمَانِ غَوَالِيَا
صُبَّتْ عَلَيَّ مَصَائِبُ لَوْ أَنَّهَا ... صُبَّتْ عَلَى الْأَيَّامِ عُدْنَ لَيَالِيَا
وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَشْتَمِلْ عَلَى تَجْدِيدِ حُزْنٍ أَوْ تَأَسُّفٍ أَوْ مُجَاوَزَةِ حَدٍّ وَلَا يُعَذَّبُ الْمَيِّتُ إلَّا بِمَا أَوْصَى بِهِ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلَا جَزَعٌ) فِي الْمُخْتَارِ الْجَزَعُ ضِدُّ الصَّبْرِ وَبَابُهُ ضَرَبَ (قَوْلُهُ: كَضَرْبِ خَدٍّ) وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِاللَّطْمِ وَكَذَا التَّضَمُّخُ بِنَحْوِ رَمَادٍ، وَصَبْغٌ بِسَوَادٍ فِي مَلْبُوسٍ، وَفِعْلُ كُلُّ مَا يُنَافِي الِانْقِيَادَ وَالِاسْتِسْلَامَ لِقَضَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَكَضَرْبِ يَدٍ عَلَى أُخْرَى عَلَى وَجْهٍ يَدُلُّ عَلَى إظْهَارِ الْجَزَعِ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ وَشَقُّ جَيْبٍ) أَيْ جَيْبِ الثَّوْبِ وَهُوَ الْقَدْرُ الَّذِي يَدْخُلُ فِيهِ الرَّأْسُ كَمَا فِي الْقَسْطَلَّانِيِّ عَلَى الْبُخَارِيِّ وَمَتَى حَصَلَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَإِثْمُهُ عَلَى فَاعِلِهِ أَوْ قَائِلِهِ وَلَا يَلْحَقُ الْمَيِّتَ مِنْهُ شَيْءٌ إلَّا إذَا كَانَ لَهُ فِيهِ مَدْخَلٌ كَأَنْ أَوْصَى بِهِ وَهُوَ مَحْمَلُ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبَ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ» فَإِنْ لَمْ يَمْتَثِلْ أَمْرَهُ بِذَلِكَ كَانَ عَلَيْهِ إثْمُ الْأَمْرِ فَقَطْ كَمَا قَالَهُ ح ل (قَوْلُهُ: لَيْسَ مِنَّا) أَيْ مِنْ أَهْلِ مِلَّتِنَا أَوْ طَرِيقَتِنَا شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ) أَيْ ذَكَرَ فِي تَأَسُّفِهِ مَا تَذْكُرُهُ الْجَاهِلِيَّةُ فِي تَأَسُّفِهَا عَلَى مَا فَاتَ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: جِيرَانِ أَهْلِهِ) أَضَافَ الْجِيرَانَ إلَى أَهْلِهِ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْمُرَادَ جِيرَانُ أَهْلِهِ لَا جِيرَانُ الْمَيِّتِ حَتَّى لَوْ كَانَ بِبَلَدٍ وَأَهْلُهُ بِآخَرَ اُعْتُبِرَ جِيرَانُ أَهْلِهِ سم. (قَوْلُهُ: كَأَقَارِبِهِ الْبُعَدَاءِ) وَكَذَا مَعَارِفُهُ وَلَوْ غَيْرَ جِيرَانٍ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ تَهْيِئَةُ طَعَامٍ إلَخْ) وَيَجْرِي فِي هَذَا الْخِلَافُ الْآتِي فِي النُّقُوطِ فَمَنْ فَعَلَ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ شَيْئًا يَفْعَلُونَهُ لَهُ وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا حَجّ (قَوْلُهُ: يَوْمًا وَلَيْلَةً) أَيْ مِقْدَارَ ذَلِكَ فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْجِيرَانُ بِمَوْتِهِ إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ يَقْضِي الْعُرْفُ بِتَنَاوُلِ أَهْلِهِ مَا يَكْفِيهِمْ لَا يُسَنُّ لَهُمْ فِعْلُ ذَلِكَ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّعْزِيَةِ حَيْثُ تُشْرَعُ بَعْدَ الْعِلْمِ وَلَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ يَسْكُنُ فِيهَا الْحُزْنُ بِأَنَّ الْقَصْدَ هُنَا جَبْرُ خَلَلِ الْبِنْيَةِ وَقَدْ زَالَ وَثَمَّ بَقَاءُ الْوُدِّ بِالتَّعْزِيَةِ وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ ح ل (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَلِحَّ عَلَيْهِمْ فِي أَكْلٍ) وَلَا بَأْسَ بِالْقَسَمِ عَلَيْهِمْ إذَا عَرَفَ أَنَّهُمْ يَبَرُّونَ قَسَمَهُ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: لِنَحْوِ نَائِحَةٍ) أَيْ وَلَوْ مِنْ أَهْلِهِ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: مَا يَشْغَلُهُمْ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّهِ شَاذٌّ شَوْبَرِيٌّ.

(1/502)


وَمُؤْتَةُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْهَمْزَةِ مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ عِنْدَ الْكَرْكِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ وَسُكُونُ الْهَمْزَةِ) وَيَجُوزُ قَلْبُهَا وَاوًا كَمَا فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّوْبَرِيُّ (قَوْلُهُ مَوْضِعٌ) أَيْ قَرْيَةٌ أَوْ قَلْعَةٌ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: الْكُرْكِ) بِضَمِّ الْكَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ ع ش اط ف وَضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ بِفَتْحِهَا وَمِنْ الْبِدَعِ الْمُنْكَرَةِ مَا يَفْعَلُهُ النَّاسُ مِمَّا يُسَمَّى بِالْكَفَّارَةِ، وَمِنْ صُنْعِ طَعَامٍ إلَى الْأَرْبَعِينَ لِاجْتِمَاعٍ عَلَيْهِ قَبْلَ الْمَوْتِ وَبَعْدَهُ، وَمِنْ الذَّبْحِ عَلَى الْقَبْرِ، وَمِنْ الْوَحْشَةِ وَالْجَمْعِ وَالْأَرْبَعِينَ وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ بَلْ كُلُّ ذَلِكَ حَرَامٌ إنْ كَانَ مِنْ مَالٍ مَحْجُورٍ وَلَوْ مِنْ التَّرِكَةِ أَوْ مِنْ مَالِ مَيِّتٍ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ ضَرَرٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(1/503)