التجريد
لنفع العبيد = حاشية البجيرمي على شرح المنهج كِتَابُ الزَّكَاةِ)
هِيَ لُغَةً: التَّطْهِيرُ وَالنَّمَاءُ وَغَيْرُهُمَا. وَشَرْعًا: اسْمٌ
لِمَا يُخْرَجُ عَنْ مَالٍ أَوْ بَدَنٍ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ.
وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتٌ كَقَوْلِهِ
تَعَالَى {وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] وَقَوْلِهِ {خُذْ مِنْ
أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ} [التوبة: 103]
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
[كِتَابُ الزَّكَاةِ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (كِتَابُ الزَّكَاةِ)
أَصْلُهَا زَكَوَةٌ بِفَتْحِ الْوَاوِ قُلِبَتْ أَلِفًا لِتَحَرُّكِهَا
وَانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا وَفُرِضَتْ فِي شَعْبَانَ فِي السَّنَةِ
الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ مَعَ زَكَاةِ الْفِطْرِ وَقِيلَ: قَبْلَ
الْهِجْرَةِ وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ أَنَّ زَكَاةَ
الْأَمْوَالِ فُرِضَتْ فِي شَوَّالٍ مِنْ السَّنَةِ الْمَذْكُورَةِ
وَزَكَاةَ الْفِطْرِ قَبْلَ الْعِيدِ بِيَوْمَيْنِ بَعْدَ فَرْضِ رَمَضَانَ
قِيلَ وَهِيَ مِنْ الشَّرَائِعِ الْقَدِيمَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِ عِيسَى -
عَلَيْهِ السَّلَامُ - {وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ} [مريم: 31]
.
وَقَدْ يُدْفَعُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا غَيْرُ الزَّكَاةِ
الْمَعْرُوفَةِ كَالتَّطْهِيرِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ
بِالصَّلَاةِ الْمَعْرُوفَةَ عِنْدَنَا، وَقَدْ صَرَّحَ الْجَلَالُ
السُّيُوطِيّ فِي خَصَائِصِهِ الصُّغْرَى أَنَّ الشَّيْخَ تَاجَ الدِّينِ
بْنَ عَطَاءِ اللَّهِ السَّكَنْدَرِيَّ ذَكَرَ فِي كِتَابِ التَّنْوِيرِ
أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ الزَّكَاةُ لِأَنَّهُمْ لَا
مِلْكَ لَهُمْ مَعَ اللَّهِ إنَّمَا كَانُوا يَشْهَدُونَ أَنَّ مَا فِي
أَيْدِيهمْ مِنْ وَدَائِعِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُمْ يَبْذُلُونَهَا فِي
أَوَانِ بَذْلِهَا وَيَمْنَعُونَهَا فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا وَأَنَّ
الزَّكَاةَ إنَّمَا هِيَ طُهْرَةٌ لِمَا عَسَاهُ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ
وَجَبَتْ عَلَيْهِ وَالْأَنْبِيَاءُ مُبَرَّءُونَ مِنْ الدَّنَسِ
لِعِصْمَتِهِمْ.
قَالَ الْعَلَّامَةُ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْخَصَائِصِ
الْمَذْكُورَةِ: وَهَذَا كَمَا تَرَى مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ إمَامِهِ
مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَا
يَمْلِكُونَ، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
خِلَافُهُ. وَنَقَلَ شَيْخُنَا ع ش كَشَيْخِنَا س ل عَنْ الشِّهَابِ م ر
أَنَّهُ أَفْتَى بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ عَلَيْهِمْ وَأَقَرَّهُ شَيْخُنَا
الشَّوْبَرِيُّ اط ف وَقَدَّمَ الزَّكَاةَ عَلَى الصَّوْمِ وَالْحَجِّ مَعَ
أَنَّهُمَا أَفْضَلُ مِنْهَا مُرَاعَاةً لِلْحَدِيثِ النَّاظِرِ إلَى
كَثْرَةِ أَفْرَادِ مَنْ تَلْزَمُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمَا ق ل عَلَى
التَّحْرِيرِ، وَهِيَ إمَّا اسْمٌ لِلْإِخْرَاجِ فَتَكُونُ بِمَعْنَى
التَّزْكِيَةِ، أَوْ الْمَالِ الْمُخْرَجِ فَتَكُونُ بِمَعْنَى الْمُزَكَّى
شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: التَّطْهِيرُ) أَيْ لِأَنَّهَا تُطَهِّرُ الْمُخْرِجَ عَنْ
الْإِثْمِ وَالْمُخْرَجَ عَنْهُ عَنْ تَدَنُّسِهِ بِحَقِّ
الْمُسْتَحَقِّينَ وَتُصْلِحُهُ وَتُنَمِّيهِ وَتَقِيهِ مِنْ الْآفَاتِ.
شَرْحُ م ر قَالَ تَعَالَى {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} [الشمس: 9] أَيْ
طَهَّرَهَا. (قَوْلُهُ: وَالنَّمَاءُ) بِالْمَدِّ أَيْ التَّنْمِيَةُ
يُقَالُ زَكَا الزَّرْعُ إذَا نَمَا وَزَادَ وَزَكَتْ النَّفَقَةُ إذَا
بُورِكَ فِيهَا وَفُلَانٌ زَاكٍ أَيْ كَثِيرُ الْخَيْرِ وَأَمَّا النَّمَا
بِالْقَصْرِ فَهُوَ اسْمٌ لِلنَّمْلِ الصَّغِيرِ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ:
وَغَيْرُهُمَا) كَالْإِصْلَاحِ وَالْمَدْحِ قَالَ تَعَالَى {فَلا تُزَكُّوا
أَنْفُسَكُمْ} [النجم: 32] أَيْ لَا تَمْدَحُوهَا (قَوْلُهُ: كَقَوْلِهِ
تَعَالَى {وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] الْأَصَحُّ أَنَّهَا
مُجْمَلَةٌ لَمْ تَتَّضِحْ دَلَالَتُهَا لَا عَامَّةً وَلَا مُطْلَقَةً
وَكَذَا قَوْله تَعَالَى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: 103]
الْآيَةُ ز ي قَالَ حَجّ: وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ آيَةُ الْبَيْعِ فَإِنَّ
الْأَظْهَرَ فِيهَا مِنْ أَقْوَالٍ أَرْبَعَةٍ أَنَّهَا عَامَّةٌ
مَخْصُوصَةٌ مَعَ اسْتِوَاءِ كُلٍّ مِنْ الْآيَتَيْنِ لَفْظًا فَتَرْجِيحُ
عُمُومِ تِلْكَ وَإِجْمَالُ هَذِهِ دَقِيقٌ.
(2/2)
وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ «بُنِيَ الْإِسْلَامُ
عَلَى خَمْسٍ» وَهِيَ أَنْوَاعٌ تَأْتِي فِي أَبْوَابٍ.
(بَابُ زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ) بَدَءُوا بِهَا وَبِالْإِبِلِ مِنْهَا
لِلْبُدَاءَةِ بِالْإِبِلِ فِي خَبَرِ أَنَسٍ الْآتِي لِأَنَّهَا أَكْثَرُ
أَمْوَالِ الْعَرَبِ (تَجِبُ) أَيْ الزَّكَاةُ (فِيهَا) أَيْ فِي
الْمَاشِيَةِ (بِشُرُوطٍ) أَرْبَعَةٍ أَحَدُهَا (كَوْنُهَا نَعَمًا) قَالَ
الْفُقَهَاءُ وَاللُّغَوِيُّونَ:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ حِلَّ الْبَيْعِ الَّذِي هُوَ مَنْطُوقُ الْآيَةِ
مُوَافِقٌ لِأَصْلِ الْحِلِّ مُطْلَقًا أَوْ بِشَرْطِ أَنَّ فِيهِ
مَنْفَعَةً مُتَمَحِّضَةً فَمَا حَرَّمَهُ الشَّرْعُ خَارِجٌ عَنْ
الْأَصْلِ وَمَا لَمْ يُحَرِّمْهُ مُوَافِقٌ لَهُ فَعَلِمْنَا بِهِ وَمَعَ
هَذَيْنِ يَتَعَذَّرُ الْقَوْلُ بِالْإِجْمَالِ لِأَنَّهُ الَّذِي لَمْ
تَتَّضِحْ دَلَالَتُهُ عَلَى شَيْءٍ مُعَيَّنٍ وَالْحِلُّ قَدْ عُلِمَتْ
دَلَالَتُهُ مِنْ غَيْرِ إبْهَامٍ فَوَجَبَ كَوْنُهُ مِنْ بَابِ الْعَامِّ
الْمَعْمُولِ بِهِ قَبْلَ وُرُودِ الْمُخَصِّصِ لِاتِّضَاحِ دَلَالَتِهِ
عَلَى مَعْنَاهُ.
وَأَمَّا إيجَابُ الزَّكَاةِ الَّذِي هُوَ مَنْطُوقُ اللَّفْظِ فَهُوَ
خَارِجٌ عَنْ الْأَصْلِ لِتَضَمُّنِهِ أَخْذَ مَالِ الْغَيْرِ قَهْرًا
عَلَيْهِ وَهَذَا لَا يُمْكِنُ الْعَمَلُ بِهِ قَبْلَ وُرُودِ بَيَانِهِ
مَعَ إجْمَالِهِ فَصَدَقَ عَلَيْهِ حَدُّ الْمُجْمَلِ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ
فِيهِمَا أَحَادِيثُ الْبَابَيْنِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - اعْتَنَى بِأَحَادِيثِ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ الرِّبَا
وَغَيْرِهِ فَأَكْثَرَ مِنْهَا، لِأَنَّهُ يُحْتَاجُ لِبَيَانِهَا
لِكَوْنِهَا عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ لَا لِبَيَانِ الْبُيُوعَاتِ
الصَّحِيحَةِ اكْتِفَاءً بِالْعَمَلِ فِيهَا بِالْأَصْلِ وَفِي الزَّكَاةِ
عَكْسُ ذَلِكَ فَاعْتَنَى بِبَيَانِ مَا تَجِبُ فِيهِ لِأَنَّهُ خَارِجٌ
عَنْ الْأَصْلِ فَيَحْتَاجُ إلَى بَيَانِهِ لَا بَيَانِ مَا لَا تَجِبُ
فِيهِ اكْتِفَاءً بِأَصْلِ عَدَمِ الْوُجُوبِ وَمِنْ ثَمَّ طُولِبَ مَنْ
ادَّعَى الزَّكَاةَ فِي نَحْوِ خَيْلٍ وَرَقِيقٍ بِالدَّلِيلِ اهـ.
وَأَتَى بِالْآيَةِ الثَّانِيَةِ لِبَيَانِ أَنَّ الْإِمَامَ يَأْخُذُ
الزَّكَاةَ مِنْ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِمْ. قَوْلُهُ «بُنِيَ الْإِسْلَامُ
عَلَى خَمْسٍ» فِيهِ أَنَّ الْخَمْسَ هِيَ نَفْسُ الْإِسْلَامِ فَيَلْزَمُ
بِنَاءُ الشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ بُنِيَ بِمَعْنَى
اشْتَمَلَ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْإِسْلَامَ مُشْتَمِلٌ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ
مِنْ الْخَمْسِ، لِأَنَّ الْكُلَّ يَشْتَمِلُ عَلَى أَجْزَائِهِ أَوْ
يُقَالُ عَلَى بِمَعْنَى مِنْ وَبُنِيَ بِمَعْنَى تَرَكَّبَ وَالتَّقْدِيرُ
تَرَكَّبَ الْإِسْلَامُ مِنْ خَمْسٍ أَوْ أَنَّهُ شَبَّهَ الْإِسْلَامَ
بِقَصْرٍ مَشِيدٍ عَلَى دَعَائِمَ خَمْسٍ تَشْبِيهًا مُضْمَرًا فِي
النَّفْسِ وَذَكَرَ شَيْئًا مِنْ خَوَاصِّ الْمُشَبَّهِ بِهِ وَهُوَ بُنِيَ
فَيَكُونُ تَخْيِيلًا وَعَلَى تَرْشِيحٌ.
(قَوْلُهُ: وَهِيَ أَنْوَاعٌ) أَيْ تَتَعَلَّقُ بِأَنْوَاعٍ وَلَوْ قَالَ
بِأَجْنَاسٍ لَكَانَ أَوْلَى. وَهَذِهِ الْأَنْوَاعُ فِي الْحَقِيقَةِ
ثَلَاثَةٌ: حَيَوَانٌ وَنَبَاتٌ وَجَوْهَرٌ وَتَرْجِعُ إلَى ثَمَانِيَةٍ،
لِأَنَّ الْحَيَوَانَ ثَلَاثَةٌ وَكَذَا النَّبَاتُ حَبٌّ وَتَمْرٌ
وَزَبِيبٌ وَالْجَوْهَرُ اثْنَانِ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ. وَهَذَا أَنْسَبُ
بِقَوْلِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَتُدْفَعُ لِثَمَانِيَةٍ
وَيَدْخُلُ فِي النَّقْدِ التِّجَارَةُ، لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهَا
الْقِيمَةُ وَعَدَّهَا بَعْضُهُمْ خَمْسَةً فَجَعَلَ الْحَيَوَانَ
ثَلَاثَةً: إبِلٌ وَبَقَرٌ وَغَنَمٌ وَالنَّبَاتَ وَالنَّقْدَ.
وَبَعْضُهُمْ: سِتَّةً النَّعَمُ وَالْمُعَشَّرَاتُ أَيْ مَا فِيهِ
الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُهُ وَالنَّقْدُ وَالتِّجَارَةُ وَالْمَعْدِنُ
وَالْفِطْرُ. وَبَعْضُهُمْ سَبْعَةً: بِجَعْلِ الْحَيَوَانِ ثَلَاثَةً
إبِلًا وَبَقَرًا وَغَنَمًا وَبِجَعْلِ النَّبَاتِ ثَلَاثَةً حَبًّا
وَنَخْلًا وَعِنَبًا وَالنَّقْدِ وَاحِدًا وَبَعْضُهُمْ ثَمَانِيَةً
بِجَعْلِ النَّقْدِ ذَهَبًا وَفِضَّةً وَهَذَا أَنْسَبُ بِقَوْلِهِمْ
تُؤْخَذُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَتُدْفَعُ لِثَمَانِيَةٍ وَكُلُّ وَاحِدٍ
مِنْهَا دَاخِلٌ فِي عُمُومِ جِنْسٍ وَهُوَ حَيَوَانٌ وَاخْتَصَّتْ
بِالنَّعَمِ مِنْهُ لِكَثْرَةِ نَفْعِهِ وَنَبَاتٌ وَاخْتَصَّتْ
بِالْمُقْتَاتِ مِنْهُ، لِأَنَّ بِهِ قِوَامَ الْبَدَنِ.
وَجَوْهَرٌ وَاخْتَصَّتْ بِالنَّقْدِ مِنْهُ لِكَثْرَةِ فَوَائِدِهِ
وَثَمَرٌ وَاخْتَصَّتْ بِالنَّخْلِ وَالْعِنَبِ مِنْهُ لِلِاغْتِنَاءِ
بِهِمَا عَنْ الْقُوتِ وَيَدْخُلُ فِي النَّقْدِ التِّجَارَةُ، لِأَنَّ
الْمُعْتَبَرَ قِيمَتُهَا وَإِنَّمَا وَجَبَتْ فِيهَا لِمَا فِيهَا مِنْ
الْفَوَائِدِ وَالْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ لِمَا فِيهِمَا مِنْ النَّمَاءِ
الْمَحْضِ.
(بَابُ زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ) .
أَيْ بَعْضِ الْمَاشِيَةِ، وَهِيَ النَّعَمُ مِنْهَا أَخْذًا مِمَّا
بَعْدَهُ أَوْ الْمَعْنَى بَابُ الزَّكَاةِ الَّتِي فِي الْمَاشِيَةِ
وَهَذَا لَا يَقْتَضِي وُجُوبَهَا فِي كُلِّ فَرْدٍ مِنْهَا فَالْإِضَافَةُ
عَلَى مَعْنَى فِي. وَلَفْظُهَا مُفْرَدٌ. وَجَمْعُهَا مَوَاشٍ. سُمِّيَتْ
بِذَلِكَ لِمَشْيِهَا وَهِيَ تَرْعَى، وَالنَّعَمُ أَخَصُّ مِنْ
الْحَيَوَانِ وَالْمَاشِيَةُ أَخَصُّ مِنْهَا لِأَنَّهَا اسْمٌ لِلْإِبِلِ
وَالْغَنَمِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ قَالَ شَيْخُنَا: لَكِنَّ الْمَعْرُوفَ
مُسَاوَاتُهَا لِلْحَيَوَانِ فَلَعَلَّ هَذَا الْمَعْنَى قَدْ هُجِرَ فِي
الْعُرْفِ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: بَدَءُوا) أَيْ الْأَصْحَابُ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ:
لِلْبُدَاءَةِ بِالْإِبِلِ إلَخْ) هُوَ تَعْلِيلٌ لِلدَّعْوَى
الثَّانِيَةِ. وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهَا عِلَّةٌ لِلْعِلَّةِ، وَقِيلَ:
إنَّهَا عِلَّةٌ لِلْأُولَى، وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ لِعَدَمِ الْوَاوِ
وَأَيْضًا أَكْثَرُ أَمْوَالِ االْعَرَبِ إنَّمَا هِيَ الْإِبِلُ فَيَكُونُ
تَرَكَ دَلِيلَ الدَّعْوَى الْأُولَى وَقَرَّرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ
الْعِلَّةَ الْأُولَى تُنْتِجُ الدَّعْوَتَيْنِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ
الْبُدَاءَةِ بِالْإِبِلِ الْبُدَاءَةُ بِالْمَاشِيَةِ لِأَنَّهَا مِنْهَا.
(قَوْلُهُ: أَحَدُهَا كَوْنُهَا نَعَمًا) فِي هَذَا تَصْرِيحٌ مِنْ
الْمُؤَلِّفِ بِأَنَّ الْمَاشِيَةَ أَعَمُّ مِنْ النَّعَمِ. وَنَقَلَ حَجّ
عَنْ الْقَامُوسِ أَنَّهَا أَخَصُّ مِنْ النَّعَمِ حَيْثُ قَالَ: الَّذِي
فِي الْقَامُوسِ أَنَّ الْمَاشِيَةَ الْإِبِلُ وَالْغَنَمُ.
(2/3)
أَيْ إبِلًا وَبَقَرًا وَغَنَمًا ذُكُورًا
كَانَتْ أَوْ إنَاثًا فَلَا زَكَاةَ فِي غَيْرِهَا مِنْ الْحَيَوَانَاتِ
كَخَيْلٍ وَرَقِيقٍ وَمُتَوَلِّدٍ بَيْنَ زَكَوِيٍّ وَغَيْرِهِ لِخَبَرِ
الشَّيْخَيْنِ «لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فَرَسِهِ
صَدَقَةٌ» وَغَيْرُهُمَا مِمَّا ذُكِرَ مِثْلُهُمَا، مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ
عَدَمُ الْوُجُوبِ
(وَ) ثَانِيهَا كَوْنُهَا (نِصَابًا) وَقَدْرُهُ يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي
(وَأَوَّلُهُ فِي إبِلٍ خَمْسٌ، فَفِي كُلِّ خَمْسٍ) مِنْهَا (إلَى
عِشْرِينَ شَاةٌ وَلَوْ ذَكَرًا) لِصِدْقِ الشَّاةِ بِهِ (وَيُجْزِئُ)
عَنْهَا وَعَمَّا فَوْقَهَا (بَعِيرُ الزَّكَاةِ) وَإِنْ لَمْ يُسَاوِ
قِيمَةَ الشَّاةِ لِأَنَّهُ يُجْزِئُ عَنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ فَعَمَّا
دُونَهَا أَوْلَى. وَأَفَادَتْ إضَافَتُهُ إلَى الزَّكَاةِ اعْتِبَارَ
كَوْنِهِ أُنْثَى بِنْتَ مَخَاضٍ فَمَا فَوْقَهَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ
(وَ) فِي (خَمْسٍ وَعِشْرِينَ بِنْتُ مَخَاضٍ لَهَا سَنَةٌ وَ) فِي (سِتٍّ
وَثَلَاثِينَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
وَفِي النِّهَايَةِ أَنَّهَا الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ سُمِّيَتْ
بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ نِعَمِ اللَّهِ فِيهَا عَلَى خَلْقِهِ مِنْ الدَّرِّ
وَالنَّسْلِ وَنَحْوِهِمَا. وَالنَّعَمُ اسْمُ جَمْعٍ لَا وَاحِدَ لَهُ
مِنْ لَفْظِهِ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ وَجَمْعُهُ أَنْعَامُ وَجَمْعُ
أَنْعَامٍ أَنَاعِمُ ح ل مَعَ زِيَادَةٍ. (قَوْلُهُ: أَيْ إبِلًا)
وَالْإِبِلُ اسْمُ جَمْعٍ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ. وَمَدْلُولُهُ
جَمْعٌ وَكَذَا الْغَنَمُ وَالْخَيْلُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِاخْتِيَالِهَا
فِي مَشْيِهَا. (قَوْلُهُ: وَبَقَرًا) اسْمُ جِنْسٍ وَاحِدُهُ بَقَرَةٌ،
وَغَنَمًا اسْمُ جِنْسٍ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ. وَالصَّحِيحُ
أَنَّ الْغَنَمَ اسْمُ جَمْعٍ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ ع ش.
(قَوْلُهُ: كَخَيْلٍ) خِلَافًا لِلْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ - حَيْثُ أَوْجَبَهَا فِي الْإِنَاثِ وَحْدَهَا أَوْ مَعَ
الذُّكُورِ وَأَبْدَى بَعْضُهُمْ حِكْمَةً لِعَدَمِ الْوُجُوبِ فِيهَا
وَهِيَ كَوْنُهَا تُتَّخَذُ لِلزِّينَةِ وَالْجِهَادِ وَالْخَيْلُ
مُؤَنَّثٌ يُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى. وَقَوْلُهُ: وَرَقِيقٍ
يُطْلَقُ عَلَى الْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَمَحَلُّ
عَدَمِ وُجُوبِهَا فِيمَا إذَا لَمْ يَكُونَا لِلتِّجَارَةِ شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ: وَمُتَوَلِّدٍ بَيْنَ زَكَوِيٍّ وَغَيْرِهِ) كَالْمُتَوَلِّدِ
بَيْنَ بَقَرٍ أَهْلِيٍّ وَبَقَرٍ وَحْشِيٍّ وَبَيْنَ غَنَمٍ وَظِبَاءٍ
أَيْ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُجُوبِ وَلِبِنَائِهَا عَلَى الرِّفْقِ
لِكَوْنِهَا مُوَاسَاةً وَبِهِ فَارَقَ ضَمَانَ الْمُحْرِمِ لِتَعَدِّيهِ
كَمَا فِي الشَّوْبَرِيِّ قَالَ ح ل وَعَمَلًا بِالْقَاعِدَةِ أَنَّ
الْوَلَدَ يَتْبَعُ أَخَسَّ أَصْلَيْهِ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ
كَمَا يَتْبَعُهُ فِي أَقَلِّهَا قَدْرًا اهـ. وَخَرَجَ بِهِ
الْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ زَكَوِيَّيْنِ كَبَقَرٍ وَغَنَمٍ فَتَجِبُ فِيهِ
الزَّكَاةُ وَيَلْحَقُ بِالْأَخَفِّ. قَالَ: حَجّ مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ
لَا السِّنُّ فَيَجِبُ فِي أَرْبَعِينَ بَيْنَ ضَأْنٍ وَبَقَرٍ مَا لَهُ
سَنَتَانِ ق ل.
(قَوْلُهُ: وَثَانِيهَا كَوْنُهَا نِصَابًا) أَيْ وَثَالِثُهَا مُضِيُّ
حَوْلٍ فِي مِلْكِهِ، وَرَابِعُهَا إسَامَةُ مَالِكٍ لَهَا كُلَّ الْحَوْلِ
كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا وَالنِّصَابُ بِكَسْرِ النُّونِ قَدْرٌ
مَعْلُومٌ مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ قَالَ: الْأَزْهَرِيُّ نِصَابُ
كُلِّ شَيْءٍ أَصْلُهُ وَمِنْهُ نِصَابُ الزَّكَاةِ لِلْقَدْرِ
الْمُعْتَبَرِ لِوُجُوبِهَا.
(قَوْلُهُ: فَفِي كُلِّ خَمْسٍ إلَى عِشْرِينَ شَاةٌ) وَيَجِبُ أَنْ
تَكُونَ سَلِيمَةً وَإِنْ كَانَتْ إبِلُهُ مَعِيبَةً، لِأَنَّ مَحَلَّ
إجْزَاءِ الْمَعِيبِ إذَا كَانَ مِنْ الْجِنْسِ كَمَا قَرَّرَهُ ح ف قَالَ
م ر وَهَلْ الشَّاةُ الْمُخْرَجَةُ عَنْ الْإِبِلِ أَصْلٌ أَوْ بَدَلٌ
ظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ الثَّانِي وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَيَظْهَرُ
أَثَرُ ذَلِكَ فِي مُطَالَبَةِ السَّاعِي فَعَلَى الْأَصَحِّ يُطَالَبُ
بِالشَّاةِ فَإِنْ دَفَعَهَا الْمَالِكُ فَذَاكَ أَوْ بَعِيرَ الزَّكَاةِ
قَبِلَهُ وَكَانَ بَدَلًا.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ ذَكَرًا) غَايَةٌ لِلرَّدِّ فَالتَّاءُ فِيهَا
لِلْوَحْدَةِ (قَوْلُهُ: وَيُجْزِئُ عَنْهَا) أَيْ عَنْ الْخَمْسِ بَعِيرُ
زَكَاةٍ وَيَقَعُ كُلُّهُ فَرْضًا، لِأَنَّ كُلَّ مَا لَا يُمْكِنُ
تَجَزُّؤُهُ يَقَعُ كُلُّهُ فَرْضًا بِخِلَافِ مَا يُمْكِنُ تَجَزُّؤُهُ
كَمَسْحِ جَمِيعِ الرَّأْسِ وَإِطَالَةِ الرُّكُوعِ فَإِنَّهُ يَقَعُ
قَدْرُ الْوَاجِبِ فَرْضًا وَالْبَاقِي نَفْلًا، وَظَاهِرُ التَّعْبِيرِ
بِالْإِجْزَاءِ أَنَّ الشَّاةَ أَفْضَلُ مِنْهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ
بِأَفْضَلِيَّتِهِ لِأَنَّهُ مِنْ الْجِنْسِ وَقَالَ: شَيْخُنَا ح ف
إنَّمَا عَبَّرَ بِالْإِجْزَاءِ لِكَوْنِ الشَّاةِ هِيَ الْأَصْلُ
فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ غَيْرَهَا لَا يُجْزِئُ وَإِنَّمَا أَجْزَأَ
غَيْرُهُ رِفْقًا بِالْمَالِكِ وَمَحَلُّ أَفْضَلِيَّتِهِ عَلَى الشَّاةِ
إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الشَّاةِ فَإِنْ تَسَاوَيَا
مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَهَلْ يُقَدَّمُ الْبَعِيرُ، لِأَنَّهُ مِنْ الْجِنْسِ
أَوْ الشَّاةُ، لِأَنَّهَا الْمَنْصُوصُ عَلَيْهَا أَوْ يَتَخَيَّرُ
بَيْنَهُمَا كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّالِثُ ع ش عَلَى م ر.
وَلَوْ تَكَرَّرَتْ السِّنِينُ وَعِنْدَهُ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ وَلَمْ
يُخْرِجْ شَيْئًا فَهَلْ الْوَاجِبُ شَاةٌ وَاحِدَةٌ أَوْ أَكْثَرُ فِيهِ
وَجْهَانِ الصَّحِيحُ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ لِأَنَّ قِيمَتَهَا
مُتَعَلِّقَةٌ بَيْنَ النِّصَابِ فَتَنْقُصُ عَيْنُ النِّصَابِ فَإِذَا
جَاءَ الْحَوْلُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَيْسَ
عِنْدَهُ تَمَامُ النِّصَابِ فَوَجَبَ عَلَيْهِ زَكَاةُ الْحَوْلِ
الْأَوَّلِ فَقَطْ شَيْخُنَا بَابِلِيٌّ اط ف وَقَرَّرَهُ ح ف (قَوْلُهُ:
فَعَمَّا دُونَهَا أَوْلَى) وَفِي إيجَابِ عَيْنِهِ إجْحَافٌ بِالْمَالِكِ
وَفِي إيجَابِ بَعْضِهِ ضَرَرُ الْمُشَارَكَةِ فَأَوْجَبْنَا الشَّاةَ
بَدَلًا لِخَبَرِ أَنَسٍ فَصَارَ الْوَاجِبُ أَحَدَهُمَا لَا بِعَيْنِهِ
وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ الشَّاةَ وَقَدْ حَكَى
الْأَصْلُ وَجْهَيْنِ فِي أَنَّ الشَّاةَ أَصْلٌ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ أَوْ
بَدَلٌ لِأَنَّ الْأَصْلَ وُجُوبُ جِنْسِ الْمَالِ وَاقْتَضَى كَلَامُهُ
تَرْجِيحَ الْأَوَّلِ ز ي وَاعْتَمَدَهُ م ر وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ
الْقَوْلَيْنِ بِأَنَّ الْقَائِلَ بِالْأَصَالَةِ نَظَرَ لِكَوْنِهَا
مَنْصُوصًا عَلَيْهَا وَمَنْ قَالَ بِالْبَدَلِ نَظَرَ إلَى أَنَّ
الْأَصْلَ وُجُوبُ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ مِمَّا تَعَلَّقَتْ بِهِ فَلَمَّا
أَخْرَجَهَا مِنْ غَيْرِهِ كَانَتْ بَدَلًا ع ش.
(قَوْلُهُ: اعْتِبَارَ كَوْنِهِ أُنْثَى) أَيْ إذَا كَانَ فِي إبِلِهِ
إنَاثٌ ح ل (قَوْلُهُ: فَمَا فَوْقَهَا) أَيْ وَلَوْ ابْنَ لَبُونٍ وَلَوْ
مَعَ وُجُودِهَا كَمَا جَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ شَوْبَرِيٌّ
(قَوْلُهُ: بِنْتُ مَخَاضٍ لَهَا سَنَةٌ) أَيْ كَامِلَةٌ وَلَا تَتَحَقَّقُ
إلَّا بِالشُّرُوعِ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ، لِأَنَّ أَسْنَانَ
الزَّكَاةِ تَحْدِيدِيَّةٌ بِمَعْنَى
(2/4)
بِنْتُ لَبُونٍ لَهَا سَنَتَانِ وَ) فِي
(سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ حِقَّةٌ لَهَا ثَلَاثٌ) مِنْ السِّنِينَ (وَ) فِي
(إحْدَى وَسِتِّينَ جَذَعَةٌ لَهَا أَرْبَعٌ) مِنْ السِّنِينَ (وَ) فِي
(سِتٍّ وَسَبْعِينَ بِنْتَا لَبُونٍ وَ) فِي (إحْدَى وَتِسْعِينَ
حِقَّتَانِ وَ) فِي (مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ ثَلَاثُ بَنَاتِ
لَبُونٍ وَبِتِسْعٍ، ثُمَّ كُلِّ عَشْرٍ يَتَغَيَّرُ الْوَاجِبُ فَفِي
كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٌ وَ) فِي (كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ)
وَذَلِكَ لِخَبَرِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِذَلِكَ فِي
كِتَابِهِ لِأَنَسٍ بِالصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَهَا رَسُولُ اللَّهِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمُسْلِمِينَ رَوَاهُ
الْبُخَارِيُّ عَنْ أَنَسٍ وَمِنْ لَفْظِهِ «فَإِذَا زَادَتْ عَلَى
عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَفِي كُلِّ
خَمْسِينَ حِقَّةٌ» وَالْمُرَادُ زَادَتْ وَاحِدَةً لَا أَقَلَّ كَمَا
صَرَّحَ بِهَا فِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد بِلَفْظِ «فَإِذَا كَانَتْ
إحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَةً فَفِيهَا ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ» فَهِيَ
مُقَيِّدَةٌ لِخَبَرِ أَنَسٍ وَبِهَا مَعَ كَوْنِ الْمُتَبَادِرِ مِنْ
الزِّيَادَةِ فِيهِ وَاحِدَةً أَخَذَ أَئِمَّتُنَا فِي عَدَمِ اعْتِبَارِ
بَعْضِهَا لَكِنَّهَا مُعَارِضَةٌ لَهُ لِدَلَالَتِهَا عَلَى أَنَّ
الْوَاحِدَةَ يَتَعَلَّقُ بِهَا الْوَاجِبُ وَدَلَالَتُهُ عَلَى خِلَافِهِ.
فَالْمُتَّجَهُ لِصِحَّةِ مَا فِيهِ وَلِدَفْعِ الْمُعَارَضَةِ حَمْلُ
قَوْلِهِ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ عَلَى أَنَّ مَعَهَا فِي صُورَةِ مِائَةٍ
وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
أَنَّهُ لَا يُغْتَفَرُ النَّقْصُ فِيهَا إلَّا فِي ضَأْنٍ أَجْذَعَ
مُقَدَّمُ أَسْنَانِهِ فَيُجْزِئُ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ ق ل عَلَى
الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ: وَفِي سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ حِقَّةٌ) وَيُجْزِئُ عَنْهَا بِنْتَا
لَبُونٍ ح ل (قَوْلُهُ: وَفِي إحْدَى وَسِتِّينَ جَذَعَةٌ) وَيُجْزِئُ
عَنْهَا حِقَّتَانِ أَوْ بِنْتَا لَبُونٍ ح ل (قَوْلُهُ: وَبِتِسْعٍ)
مُتَعَلِّقٌ بِيَتَغَيَّرُ وَكُلِّ عَشْرٍ مَعْطُوفٌ عَلَيْهَا أَيْ
يَتَغَيَّرُ الْوَاجِبُ أَوَّلًا بِتِسْعٍ زِيَادَةً عَلَى الْمِائَةِ
وَالْإِحْدَى وَالْعِشْرِينَ ثُمَّ بِكُلِّ عَشْرٍ بَعْدَ الْمِائَةِ
وَالثَّلَاثِينَ يَتَغَيَّرُ الْوَاجِبُ بِزِيَادَةِ كُلِّ عَشْرَةٍ أَيْ
بِزِيَادَةِ عَشْرَةٍ عَشْرَةٍ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ وَأَوَّلُهُ
فِي إبِلٍ إلَى قَوْلِهِ وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ: فِي كِتَابِهِ لِأَنَسٍ) لَمَّا وَجَّهَهُ عَامِلًا عَلَى
الزَّكَاةِ إلَى الْبَحْرَيْنِ بِلَفْظِ التَّثْنِيَةِ اسْمٌ لِإِقْلِيمٍ
مَخْصُوصٍ بِالْيَمَنِ وَصُورَةُ الْكِتَابِ مَذْكُورَةٌ فِي شَرْحِ م ر
فَرَاجِعْهُ إنْ شِئْت (قَوْلُهُ: وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ) أَيْ إنْ
كَانَتْ الزِّيَادَةُ عَشْرَةً فَأَكْثَرَ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ زَادَتْ
وَاحِدَةً) أَيْ فَأَكْثَرَ، لِأَنَّ الْمُرَادَ نَفْيُ الْأَقَلِّ فَقَطْ
كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ لَا أَقَلَّ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ
الْمُرَادَ وَاحِدَةٌ فَأَكْثَرُ، قَوْلُهُ: فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ
إلَخْ، وَالْمُرَادُ زَادَتْ بَعْدَ هَذِهِ الْوَاحِدَةِ تِسْعًا ثُمَّ
عَشْرًا كَمَا اسْتَنْبَطَهُ الْعُلَمَاءُ مِنْ قَوْلِهِ فَفِي كُلِّ
أَرْبَعِينَ شَيْخُنَا وَعِبَارَةُ ز ي قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ زَادَتْ
وَاحِدَةً أَيْ فَأَكْثَرَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ
حِقَّةٌ لِأَنَّهَا إذَا زَادَتْ وَاحِدَةً فَقَطْ لَا يَكُونُ فِيهَا
حِقَّةٌ بَلْ ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ كَمَا مَرَّ، فَقَوْلُهُ: فَفِي
كُلِّ أَرْبَعِينَ أَيْ وَثُلُثٍ أَيْ فِي زِيَادَةِ الْوَاحِدَةِ
وَقَوْلُهُ: وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ أَيْ فِيمَا بَعْدَهَا وَهُوَ التُّسْعُ
ثُمَّ الْعُشْرُ.
(قَوْلُهُ: فَهِيَ مُقَيِّدَةٌ لِخَبَرِ أَنَسٍ) أَيْ الَّذِي أَطْلَقَ
فِيهِ الزِّيَادَةَ، وَقَوْلُهُ: وَدَلَالَتُهُ عَلَى خِلَافِهِ أَيْ
لِأَنَّ قَوْلَهُ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا
يَتَعَلَّقُ بِالزَّائِدِ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الْوَاحِدَةَ
يَتَعَلَّقُ بِهَا الْوَاجِبُ) أَيْ، لِأَنَّ لَفْظَهَا «فَإِذَا كَانَتْ
إحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَةً فَفِيهَا ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ» وَضَمِيرُ
فَفِيهَا عَائِدٌ لِقَوْلِهِ إحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَةً وَإِذَا
دَخَلَتْ الْوَاحِدَةُ فِي مَرْجِعِ الضَّمِيرِ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى
تَعَلُّقِ الْوَاجِبِ بِهَا بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: يَتَعَلَّقُ بِهَا
الْوَاجِبُ) أَيْ الَّذِي هُوَ ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ وَمَعْنَى
تَعَلُّقِهِ بِهَا أَنْ يَخُصَّهَا جُزْءٌ مِنْهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي
كَلَامِهِ بِخِلَافِ الزَّائِدِ عَلَيْهَا إلَى تِسْعٍ لَا يَتَعَلَّقُ
بِهِ الْوَاجِبُ، لِأَنَّهُ وَقَصٌ وَمَحَلُّ كَوْنِهِ وَقَصًا إنْ
اتَّحَدَ الْمِلْكُ فَإِنْ تَعَدَّدَ كَأَنْ اشْتَرَكَ اثْنَانِ فِي
عِشْرِينَ شَاةً وَلِأَحَدِهِمَا ثَلَاثُونَ فَالشَّاةُ بَيْنَهُمَا
أَخْمَاسًا فَيَجِبُ عَلَى مَالِكِ الْعَشَرَةِ خُمُسُهَا مَعَ أَنَّهَا
زَائِدَةٌ عَلَى النِّصَابِ فَكَذَا إذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا أَرْبَعُونَ
وَلِلْآخَرِ عَشْرَةٌ مُشْتَرَكَةٌ فَعَلَى صَاحِبِ الْعَشَرَةِ خُمُسُ
الشَّاةِ اهـ شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ.
(قَوْلُهُ: عَلَى خِلَافِهِ) أَيْ خِلَافِ أَنَّ الْوَاحِدَةَ يَتَعَلَّقُ
بِهَا الْوَاجِبُ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَالَ فِيهِ فَإِنْ زَادَتْ عَلَى
عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ إلَخْ وَهَذَا
يَقْتَضِي أَنَّ فِي صُورَةِ مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ تَكُونُ
الثَّلَاثُ بَنَاتَ لَبُونٍ وَاجِبَ الْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ الَّتِي
هِيَ ثَلَاثُ أَرْبَعِينَاتِ عَمَلًا بِقَوْلِهِ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ
إلَخْ فَإِنَّهُ دَلَّ عَلَى أَنَّ الثَّلَاثَ بَنَاتِ لَبُونٍ وَاجِبُ
الثَّلَاثِ الْأَرْبَعِينَاتِ وَأَنَّ الْوَاحِدَةَ خَارِجَةٌ عَنْ ذَلِكَ
فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهَا بِخِلَافِ رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد كَمَا تَقَدَّمَ
بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَلِدَفْعِ الْمُعَارَضَةِ) أَيْ بَيْنَ الْخَبَرَيْنِ حَيْثُ
دَلَّتْ رِوَايَةُ أَبِي دَاوُد عَلَى التَّعَلُّقِ بِالْوَاحِدَةِ وَدَلَّ
هُوَ عَلَى عَدَمِ التَّعَلُّقِ بِهَا كَمَا فِي الْبِرْمَاوِيِّ وَهُوَ
مِنْ عَطْفِ الْمَلْزُومِ عَلَى اللَّازِمِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ رِوَايَةَ
أَبِي دَاوُد تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوَاحِدَةَ الزَّائِدَةَ عَلَى
الْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ يَتَعَلَّقُ بِهَا الْوَاجِبُ أَيْ يَخُصُّهَا
قِسْطٌ مِنْ الْمُخْرَجِ فِي الزَّكَاةِ وَهُوَ الثَّلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ
وَخَبَرُ أَنَسٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْوَاحِدَةَ لَا يَتَعَلَّقُ
بِهَا شَيْءٌ مِنْ الزَّكَاةِ لِأَنَّهُ قَالَ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ
إلَخْ وَسَكَتَ عَنْ الْوَاحِدَةِ وَحَاصِلُ الدَّفْعِ أَنْ يُزَادَ ثُلُثٌ
فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ فَكَأَنَّهُ قَالَ فِي خَبَرِ أَنَسٍ فَفِي كُلِّ
أَرْبَعِينَ وَثُلُثٍ وَالْحَاصِلُ ثَلَاثُ أَثْلَاثٍ وَهِيَ وَاحِدَةٌ
وَبِهَذَا التَّأْوِيلِ تَعَلَّقَ الْوَاجِبُ بِهَذِهِ الْوَاحِدَةِ
وَسَاوَتْ الرِّوَايَةَ الْأُخْرَى شَيْخُنَا وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ
عَلَى التَّحْرِيرِ، قَوْلُهُ: فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ أَيْ وَثُلُثٍ
فِيمَا إذَا كَانَتْ عِشْرِينَ وَوَاحِدَةً وَأَرْبَعِينَ بِلَا ثُلُثٍ
فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ وَلَمَّا لَمْ تَكُنْ زِيَادَةُ الثُّلُثِ
مُعْتَبَرَةً فِي غَيْرِ الْحَالَةِ الْأُولَى لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ فِي
الْحَدِيثِ وَذَكَرَهُ الشَّارِحُ بَعْدُ اهـ وَقَوْلُهُ: وَحَاصِلُ
الدَّفْعِ أَنْ يُزَادَ إلَخْ لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ
قَوْلُهُ: وَفِي كُلِّ
(2/5)
ثُلُثًا، وَإِنَّمَا تُرِكَ ذَلِكَ
تَغْلِيبًا لِبَقِيَّةِ الصُّوَرِ عَلَيْهَا مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ مَا
يَتَغَيَّرُ بِهِ الْوَاجِبُ يَتَعَلَّقُ بِهِ كَالْعَاشِرَةِ. فَفِي
مِائَةٍ وَثَلَاثِينَ بِنْتَا لَبُونٍ وَحِقَّةٌ وَفِي مِائَةٍ
وَأَرْبَعِينَ حِقَّتَانِ وَبِنْتُ لَبُونٍ وَفِي مِائَةٍ وَخَمْسِينَ
ثَلَاثُ حِقَاقٍ وَهَكَذَا، وَلِلْوَاحِدَةِ الزَّائِدَةِ عَلَى الْمِائَةِ
وَالْعِشْرِينَ قِسْطٌ مِنْ الْوَاجِبِ فَيَسْقُطُ بِمَوْتِهَا بَيْنَ
تَمَامِ الْحَوْلِ وَالتَّمَكُّنِ مِنْ الْإِخْرَاجِ جُزْءٌ مِنْ مِائَةٍ
وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنْ ثَلَاثِ بَنَاتِ لَبُونٍ وَمَا بَيْنَ
النُّصُبِ عَفْوٌ وَيُسَمَّى وَقَصًا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْوَاجِبُ
عَلَى الْأَصَحِّ فَلَوْ كَانَ لَهُ تِسْعٌ مِنْ الْإِبِلِ فَتَلِفَ
مِنْهَا أَرْبَعٌ بَعْدَ الْحَوْلِ وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ وَجَبَتْ شَاةٌ
وَسُمِّيَتْ الْأُولَى مِنْ الْمُخْرَجَاتِ مِنْ الْإِبِلِ بِنْتَ مَخَاضٍ،
لِأَنَّ أُمَّهَا آنَ لَهَا أَنْ تَحْمِلَ مَرَّةً ثَانِيَةً فَتَكُونَ
مِنْ الْمَخَاضِ أَيْ الْحَوَامِلِ وَالثَّانِيَةُ بِنْتَ لَبُونٍ، لِأَنَّ
أُمَّهَا آنَ لَهَا أَنْ تَلِدَ ثَانِيًا فَتَكُونَ ذَاتَ لَبَنٍ
وَالثَّالِثَةُ حِقَّةً لِأَنَّهَا اُسْتُحِقَّتْ أَنْ يَطْرُقَهَا
الْفَحْلُ أَوْ أَنْ تُرْكَبَ وَيُحْمَلَ عَلَيْهَا وَالرَّابِعَةُ
جَذَعَةً لِأَنَّهَا أَجْذَعَتْ مُقَدَّمَ أَسْنَانِهَا أَيْ أَسْقَطَتْهُ
وَاعْتُبِرَ فِي الْجَمِيعِ الْأُنُوثَةُ لِمَا فِيهَا مِنْ رِفْقِ
الدَّرِّ وَالنَّسْلِ وَزِدْت وَبِتِسْعٍ ثُمَّ كُلِّ عَشْرٍ يَتَغَيَّرُ
الْوَاجِبُ لِدَفْعِ مَا اقْتَضَتْهُ عِبَارَةُ الْأَصْلِ مِنْ أَنَّهُ
يَتَغَيَّرُ بِمَا دُونَهُمَا وَلَيْسَ مُرَادًا
(وَ) أَوَّلُهُ (فِي بَقَرٍ ثَلَاثُونَ فَفِي كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيعٌ
لَهُ سَنَةٌ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي الْمَرْعَى
(وَ) فِي (كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
خَمْسِينَ حِقَّةٌ، لِأَنَّهُ لَا يَأْتِي فِي الْمِائَةِ وَالْإِحْدَى
وَالْعِشْرِينَ فَلَا بُدَّ أَنْ يُزَادَ فِي التَّقْدِيرِ فَإِذَا زَادَتْ
وَاحِدَةً ثُمَّ تِسْعًا ثُمَّ كُلَّ عَشْرَةٍ وَيَكُونُ فِي الْحَدِيثِ
تَوْزِيعٌ فَقَوْلُهُ: فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ أَيْ وَثُلُثٍ أَيْ فِي
الصُّورَةِ الْأُولَى مِنْ الزِّيَادَةِ وَهِيَ الْوَاحِدَةُ وَقَوْلُهُ:
وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ أَيْ فِيمَا بَعْدَهَا وَهُوَ التُّسْعُ وَالْعُشْرُ
كَمَا فِي ز ي.
(قَوْلُهُ: ثُلُثًا) أَيْ كُلُّ أَرْبَعِينَ مِنْ الْمِائَةِ
وَالْعِشْرِينَ مَعَهَا ثُلُثٌ مِنْ الْوَاحِدَةِ الزَّائِدَةِ وَهَذَا
التَّقْدِيرُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ فَقَطْ لِأَجْلِ
صِحَّةِ رِوَايَةِ أَنَسٍ فَلَا تُقَدَّرُ زِيَادَةُ الثُّلُثِ عَلَى
الْأَرْبَعِينَ فِي غَيْرِ الْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ ع ش (قَوْلُهُ:
وَإِنَّمَا تَرَكَ ذَلِكَ) أَيْ التَّعْبِيرَ بِالثُّلُثِ وَقَوْلُهُ:
لِبَقِيَّةِ الصُّوَرِ أَيْ الَّتِي لَا ثُلُثَ فِيهَا كَمِائَةٍ
وَثَلَاثِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ أَيْ وَإِنَّمَا تَرَكَ التَّعْبِيرَ
بِالثُّلُثِ مَعَ الْأَرْبَعِينَ فِي خَبَرِ أَنَسٍ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ
فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ وَثُلُثٍ تَغْلِيبًا لِبَقِيَّةِ الصُّوَرِ
فَغَلَّبْنَا الصُّوَرَ الَّتِي لَا ثُلُثَ فِيهَا عَلَى الصُّوَرِ الَّتِي
فِيهَا الثُّلُثُ فِي خَبَرِ أَنَسٍ وَجَعَلْنَا كَأَنَّ جَمِيعَ الصُّوَرِ
فِيهَا أَرْبَعُونَ فَقَطْ ح ل مَعَ زِيَادَةٍ وَإِيضَاحٍ.
(قَوْلُهُ: كَالْعَاشِرَةِ) أَيْ مِنْ الْإِبِلِ (قَوْلُهُ: فَفِي مِائَةٍ
وَثَلَاثِينَ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَلِلْوَاحِدَةِ
الزَّائِدَةِ إلَخْ) هَذَا تَوْطِئَةٌ لِمَا بَعْدَهُ وَإِلَّا فَقَدْ
عُرِفَ مِمَّا سَبَقَ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَدِّمَهُ عَلَى قَوْلِهِ
فَفِي مِائَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَا بَيْنَ النُّصُبِ عَفْوٌ) أَيْ لَا
يَتَعَلَّقُ بِهِ الْوَاجِبُ أَيْ لَا وُجُودًا وَلَا عَدَمًا بِمَعْنَى
أَنَّهُ لَا يَزِيدُ الْوَاجِبُ بِوُجُودِهِ وَلَا يَنْقُصُ بِعَدَمِهِ
وَلَوْ بَعْدَ وُجُودِهِ وَمَحَلُّ كَوْنِهِ عَفْوًا إنْ اتَّحَدَ
الْمَالِكُ كَمَا تَقَدَّمَ كَمَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَهَلْ هُوَ
مَعْقُولُ الْمَعْنَى أَوْ تَعَبُّدِيٌّ؟ الظَّاهِرُ: أَنَّهُ تَعَبُّدِيٌّ
بِرْمَاوِيٌّ قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ حَجَرٍ: وَغَايَةُ مَا يُتَصَوَّرُ
مِنْ الْوَقَصِ أَيْ الْعَفْوِ فِي الْإِبِلِ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ مَا
بَيْنَ إحْدَى وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ وَفِي
الْبَقَرِ تِسْعَ عَشْرَةَ مَا بَيْنَ أَرْبَعِينَ وَسِتِّينَ وَفِي
الْغَنَمِ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَتِسْعُونَ مَا بَيْنَ مِائَتَيْنِ
وَوَاحِدَةٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ
(قَوْلُهُ: وَقَصًا) بِسُكُونِ الْقَافِ وَفَتْحِهَا كَمَا فِي
الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَ لَهُ تِسْعٌ مِنْ الْإِبِلِ)
تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْوَاجِبُ إذْ لَوْ كَانَ
الْوَاجِبُ يَتَعَلَّقُ بِالْأَرْبَعَةِ الزَّائِدَةِ عَلَى الْخَمْسَةِ
لَكَانَ الْوَاجِبُ خَمْسَةَ أَتْسَاعِ شَاةٍ كَمَا فِي صُورَةِ الْمِائَةِ
وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ، لِأَنَّهُ يَسْقُطُ مِنْ الشَّاةِ أَرْبَعَةُ
أَتْسَاعِهَا بِتَلَفِ الْأَرْبَعَةِ (قَوْلُهُ: وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ)
يُتَأَمَّلُ مَفْهُومُهُ مَعَ قَوْلِهِ وَيُسَمَّى وَقَصًا لَا يَتَعَلَّقُ
بِهِ الْوَاجِبُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إذَا وَجَبَتْ قَبْلَ التَّمَكُّنِ
فَبَعْدَهُ أَوْلَى، لِأَنَّهُ مَحَلُّ اتِّفَاقٍ شَوْبَرِيٌّ وَفِي
الْجَوَابِ شَيْءٌ.
وَقَالَ شَيْخُنَا ح ف قَيَّدَ بِقَوْلِهِ وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ لِلرَّدِّ
عَلَى الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِأَنَّ الشَّاةَ تَتَعَلَّقُ بِالتِّسْعَةِ
فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: آنَ لَهَا) بِمَدِّ الْهَمْزَةِ مِنْ الْأَوَانِ
أَيْ الزَّمَانِ أَيْ جَاءَ أَوَانُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ الْمُعْتَبَرُ لَا
وُجُودُ الْحَمْلِ بِالْفِعْلِ اهـ
(قَوْلُهُ: مِنْ الْمَخَاضِ) أَيْ الْحَوَامِلِ وَعَلَيْهِ فَالْمَخَاضُ
فِي قَوْلِهِمْ بِنْتُ مَخَاضٍ إمَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ الْجِنْسُ أَوْ فِي
الْكَلَامِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ بِنْتُ نَاقَةٍ مِنْ الْمَخَاضِ وَإِلَّا
فَالْقِيَاسُ بِنْتُ مَاخِضٍ أَيْ حَامِلٍ وَفِي الْمُخْتَارِ الْمَخَاضُ
بِفَتْحِ الْمِيمِ وَجَعُ الْوِلَادَةِ وَقَدْ مَخِضَتْ الْحَامِلُ
بِالْكَسْرِ مَخَاضًا أَيْ مَرَّ بِهَا الطَّلْقُ فَهِيَ مَاخِضٌ
وَالْمَخَاضُ أَيْضًا الْحَوَامِلُ مِنْ النُّوقِ ع ش عَلَى م ر وَهُوَ
يُفِيدُ أَنَّ الْمَخَاضَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ وَجَعِ الْوِلَادَةِ وَبَيْنَ
الْحَوَامِلِ وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ الْمَخَاضُ كَمَا يَكُونُ
مَصْدَرًا وَهُوَ وَجَعُ الْوِلَادَةِ يُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الْجَمْعِ
وَهِيَ الْحَوَامِلُ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا أَجْذَعَتْ مُقَدَّمَ أَسْنَانِهَا) ظَاهِرُ
كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ هُنَا بِالْإِجْذَاعِ قَبْلَ تَمَامِ
الْأَرْبَعِ وَحِينَئِذٍ فَيُشْكِلُ بِمَا يَأْتِي فِي جَذَعَةِ الضَّأْنِ
وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْقَصْدَ ثَمَّ بُلُوغُهَا وَهُوَ يَحْصُلُ
بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ الْإِجْذَاعُ أَوْ بُلُوغُ السَّنَةِ وَهَذَا
غَايَةُ كَمَالِهَا وَهُوَ لَا يَتِمُّ هُنَا إلَّا بِتَمَامِ الْأَرْبَعِ
كَمَا هُوَ الْغَالِبُ وَالْجَذَعَةُ آخِرُ أَسْنَانِ زَكَاةِ الْإِبِلِ
يَعْنِي أَسْنَانَ إبِلِ الزَّكَاةِ ع ش عَلَى م ر مَعَ زِيَادَةٍ.
(قَوْلُهُ: وَاعْتُبِرَ فِي الْجَمِيعِ الْأُنُوثَةُ) أَيْ إذَا كَانَ
الْجَمِيعُ إنَاثًا أَوْ بَعْضُهَا إنَاثًا وَبَعْضُهَا ذُكُورًا أَخْذًا
مِمَّا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ع ش
(قَوْلُهُ: تَبِيعٌ لَهُ سَنَةٌ) وَلَوْ أَخْرَجَ تَبِيعَةً أَجْزَأَتْ
لِأَنَّهُ زَادَ خَيْرًا بِالْأُنُوثَةِ أَيْ وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ
قِيمَةً مِنْ التَّبِيعِ لِرَغْبَةِ الْمُشْتَرِينَ فِي الذَّكَرِ لِغَرَضٍ
تَعَلَّقَ بِهِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَع ش عَلَيْهِ
(2/6)
لَهَا سَنَتَانِ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ
لِتَكَامُلِ أَسْنَانِهَا وَذَلِكَ لِمَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ
عَنْ «مُعَاذٍ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - إلَى الْيَمَنِ فَأَمَرَنِي أَنْ آخُذَ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ
بَقَرَةً مُسِنَّةً وَمِنْ كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيعًا» وَصَحَّحَهُ
الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ. وَالْبَقَرَةُ تُقَالُ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى
(وَ) أَوَّلُهُ (فِي غَنَمٍ أَرْبَعُونَ) شَاةً (فَفِيهَا شَاةٌ وَفِي
مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ شَاتَانِ وَ) فِي (مِائَتَيْنِ وَوَاحِدَةٍ
ثَلَاثٌ) مِنْ الشِّيَاهِ (وَ) فِي (أَرْبَعِمِائَةٍ أَرْبَعٌ ثُمَّ) فِي
(كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ) رَوَى الْبُخَارِيُّ ذَلِكَ عَنْ أَنَسٍ فِي كِتَابِ
أَبِي بَكْرٍ السَّابِقِ (وَالشَّاةُ) الْمُخْرَجَةُ عَمَّا ذُكِرَ
(جَذَعَةُ ضَأْنٍ لَهَا سَنَةٌ) وَإِنْ لَمْ تَجْذَعْ (أَوْ أَجْذَعَتْ)
مِنْ زِيَادَتِي وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ لَهَا سَنَةٌ كَمَا ذَكَرَهُ
الرَّافِعِيُّ فِي الْأُضْحِيَّةِ (أَوْ ثَنِيَّةُ مَعْزٍ لَهَا سَنَتَانِ)
فَيُخَيَّرُ بَيْنَهُمَا وَمِنْ ذَلِكَ يُؤْخَذُ أَنَّ شَرْطَ إجْزَاءِ
الذَّكَرِ فِي الْإِبِلِ وَفِيمَا يَأْتِي أَنْ يَكُونَ جَذَعًا أَوْ
ثَنِيًّا وَيُعْتَبَرُ فِي الْمُخْرَجِ عَنْ الْإِبِلِ مِنْ الشِّيَاهِ
كَوْنُهُ صَحِيحًا كَامِلًا وَإِنْ كَانَتْ الْإِبِلُ مَعِيبَةً وَالشَّاةُ
الْمُخْرَجَةُ عَمَّا ذُكِرَ تَكُونُ (مِنْ غَنَمِ الْبَلَدِ أَوْ
مِثْلِهَا) أَوْ خَيْرٍ مِنْهَا قِيمَةً كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى
وَشُمُولُ كَلَامِي لِشَاةِ الْغَنَمِ مَعَ التَّقْيِيدِ بِالْمِثْلِيَّةِ
فِي غَيْرِ غَنَمِ الْبَلَدِ مِنْ زِيَادَتِي
(فَإِنْ عُدِمَ بِنْتُ مَخَاضٍ) وَلَوْ شَرْعًا كَأَنْ كَانَتْ مَغْصُوبَةً
أَوْ مَرْهُونَةً (أَوْ تَعَيَّبَتْ فَابْنُ لَبُونٍ أَوْ حِقٌّ)
يُخْرِجُهُ عَنْهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: لَهَا سَنَتَانِ) أَيْ تَحْدِيدًا وَلَا يَتَحَقَّقُ إلَّا
بِالثَّالِثَةِ أَيْ بِالدُّخُولِ فِيهَا ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ.
(قَوْلُهُ: بَقَرَةً) تَمْيِيزٌ وَقَوْلُهُ: مُسِنَّةً مَفْعُولٌ
لِقَوْلِهِ آخُذَ (قَوْلُهُ: وَالْبَقَرَةُ تُقَالُ إلَخْ) نَصَّ عَلَى
هَذَا دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّ التَّاءَ فِي الْبَقَرَةِ فِي
الْخَبَرِ لِلتَّأْنِيثِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (فَائِدَةٌ) .
خَلَقَ اللَّهُ الضَّأْنَ مِنْ مِسْكِ الْجَنَّةِ، وَالْمَعْزَ مِنْ
زَعْفَرَانِهَا، وَالْبَقَرَةَ مِنْ عَنْبَرِهَا، وَالْخَيْلَ مِنْ
رِيحِهَا، وَالْإِبِلَ مِنْ النُّورِ، وَالْحَمِيرَ مِنْ الْأَحْجَارِ،
وَانْظُرْ بَقِيَّةَ الْحَيَوَانَاتِ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خُلِقَتْ
بِرْمَاوِيٌّ وَقَرَّرَهُ ح ف اهـ.
(قَوْلُهُ: وَالْبَقَرَةُ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تَبْقُرُ
الْأَرْضَ أَيْ تَشُقُّهَا بِالْحَرْثِ وَيَتَغَيَّرُ الْوَاجِبُ فِيهَا
بِزِيَادَةِ عَشْرَةٍ عَشْرَةٍ فَفِي سَبْعِينَ تَبِيعٌ وَمُسِنَّةٌ وَفِي
ثَمَانِينَ مُسِنَّتَانِ وَفِي تِسْعِينَ ثَلَاثَةُ أَتْبِعَةٍ. اهـ. ز ي
(قَوْلُهُ: وَفِي أَرْبَعِمِائَةٍ أَرْبَعٌ) وَيَسْتَقِرُّ الْحِسَابُ
بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ ثُمَّ فِي كُلِّ
مِائَةٍ شَاةٌ (قَوْلُهُ: وَالشَّاةُ الْمُخْرَجَةُ) أَيْ أُنْثَى إنْ لَمْ
تَتَمَخَّضْ شِيَاهُهُ ذُكُورًا بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي وَقَوْلُهُ:
الْمُخْرَجَةُ عَمَّا ذُكِرَ أَيْ عَنْ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ وَقَوْلُهُ:
جَذَعَةُ ضَأْنٍ اُسْتُفِيدَ مِنْ كَلَامِهِ اشْتِرَاطُ كَوْنِهَا أُنْثَى
لَكِنَّهُ فِي الْمُخْرَجَةِ عَنْ الْغَنَمِ مُسَلَّمٌ دُونَ الْمُخْرَجَةِ
عَنْ الْإِبِلِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ يُجْزِئُ الذَّكَرُ لَكِنَّ
عُذْرَهُ التَّوَصُّلُ إلَى اشْتِرَاطِ كَوْنِهَا أُنْثَى فِي الْغَنَمِ
وَحُكْمُ الْإِبِلِ يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ وَقَوْلُهُ: فِيمَا يَأْتِي أَيْ
فِي الْجُبْرَانِ لِأَنَّهُ يُجْزِئُ فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى
(قَوْلُهُ: أَوْ أَجْذَعَتْ) أَيْ أَسْقَطَتْ مُقَدَّمُ أَسْنَانِهَا
بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بِخِلَافِ ثَنِيَّةِ الْمَعْزِ فَلَا بُدَّ فِيهَا
مِنْ تَمَامِ سَنَتَيْنِ وَإِنْ أَجْذَعَتْ قَبْلَهُمَا لِفَضِيلَةِ
الضَّأْنِ عَلَيْهِ وَالسِّنِينُ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذِهِ الْأَسْنَانِ
تَحْدِيدِيَّةٌ وَلَا تَتَحَقَّقُ إلَّا بِالدُّخُولِ فِيمَا بَعْدَهَا ق ل
عَلَى التَّحْرِيرِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ هُنَا
فِي الْأَسْنَانِ الْمَذْكُورَةِ فِي النَّعَمِ أَنَّهَا لِلتَّحْدِيدِ
وَتُفَارِقُ مَا سَيَأْتِي فِي السَّلَمِ أَنَّ السِّنَّ الْمَنْصُوصَ
عَلَيْهِ يَكُونُ عَلَى التَّقْرِيبِ بِأَنَّ الْغَالِبَ فِي السَّلَمِ
إنَّمَا يَكُونُ فِي غَيْرِ مَوْجُودٍ فَلَوْ كَلَّفْنَاهُ التَّحْدِيدَ
لَتَعَسَّرَ وَالزَّكَاةُ تَجِبُ فِي سِنٍّ اسْتَنْتَجَهُ.
وَقَوْلُهُ: اسْتَنْتَجَهُ أَيْ نَتَجَ عِنْدَهُ غَالِبًا وَهُوَ عَارِفٌ
بِسِنِّهِ فَلَا يَشُقُّ إيجَابُ ذَلِكَ عَلَيْهِ اهـ (قَوْلُهُ: فِي
الْأُضْحِيَّةِ) بِجَامِعِ أَنَّ فِي كُلٍّ شَاةً مَطْلُوبَةً شَرْعًا.
(قَوْلُهُ: وَمِنْ ذَلِكَ يُؤْخَذُ) وَجْهُ الْأَخْذِ أَنَّا إذَا
شَرَطْنَا فِي الْأُنْثَى أَنْ تَكُونَ ثَنِيَّةً أَوْ جَذَعَةً مَعَ
شَرَفِهَا فَالذَّكَرُ أَوْلَى شَوْبَرِيٌّ وَهَذَا أَيْ قَوْلُهُ: وَمِنْ
ذَلِكَ إلَخْ إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ إذَا جُعِلَتْ التَّاءُ فِي
الشَّاةِ لِلتَّأْنِيثِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِوَصْفِهَا بِالْمُخْرَجَةِ
فَإِنْ جُعِلَتْ لِلْوَاحِدَةِ فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ، لِأَنَّهَا
حِينَئِذٍ تَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى وَيَدُلُّ لِهَذَا قَوْلُ
الشَّارِحِ فِيمَا سَبَقَ شَاةٌ وَلَوْ ذَكَرًا ع ن بِالْمَعْنَى
(قَوْلُهُ: وَفِيمَا يَأْتِي) أَيْ فِي الْجُبْرَانِ (قَوْلُهُ:
وَيُعْتَبَرُ فِي الْمُخْرَجِ عَنْ الْإِبِلِ) بِخِلَافِ بَعِيرِ
الزَّكَاةِ الْمُخْرَجِ عَمَّا دُونَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ فَيُجْزِئُ وَلَوْ
مَرِيضًا إنْ كَانَتْ إبِلُهُ أَوْ أَكْثَرُهَا مِرَاضًا عَلَى
الْمُعْتَمَدِ شَوْبَرِيٌّ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَهَذَا بِخِلَافِ
نَظِيرِهِ مِنْ الْغَنَمِ، لِأَنَّ الْوَاجِبَ هُنَا فِي الذِّمَّةِ
وَثَمَّ فِي الْمَالِ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ
قَالَ ع ش قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَظِيرِهِ أَيْ فَإِنَّهُ يُخْرِجُ مِنْ
الْمِرَاضِ مَرِيضَةً وَمِنْ الصِّغَارِ صَغِيرَةً.
(قَوْلُهُ: صَحِيحًا) أَيْ لَا مَرِيضًا، وَقَوْلُهُ: كَامِلًا أَيْ بِلَا
عَيْبٍ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا مَعِيبًا شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَالشَّاةُ
الْمُخْرَجَةُ عَمَّا ذُكِرَ) أَيْ عَنْ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ نَظِيرُ مَا
تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: مِنْ غَنَمِ الْبَلَدِ) أَيْ بَلَدِ الْمَالِ وَلَا
يَتَعَيَّنُ غَالِبُ غَنَمِهِ بَلْ يُجْزِئُ أَيُّ غَنَمٍ فِيهِ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ عَدِمَ) أَيْ عَدِمَهَا بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ
وَالْمُرَادُ عَدِمَهَا حَالَ الْإِخْرَاجِ عَلَى الْأَصَحِّ لَا حَالَ
الْوُجُوبِ ع ش (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَرْعًا) أَيْ وَلَوْ كَانَ تَلَفُهَا
بِفِعْلِهِ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: كَأَنْ كَانَتْ مَغْصُوبَةً) أَيْ وَعَجَزَ عَنْ تَخْلِيصِهَا
بِأَنْ كَانَ فِيهِ كُلْفَةٌ لَهَا وَقْعٌ عُرْفًا فِيمَا يَظْهَرُ حَجّ
وَقَوْلُهُ: أَوْ مَرْهُونَةً أَيْ بِمُؤَجَّلٍ مُطْلَقًا أَوْ بِحَالٍّ
لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ حَجّ ز ي (قَوْلُهُ: أَوْ تَعَيَّبَتْ) لَا يُقَالُ
لَا حَاجَةَ لَهُ حَيْثُ كَانَ الْعَدَمُ وَلَوْ شَرْعًا إذْ الْمَعِيبُ
مَعْدُومٌ شَرْعًا. لِأَنَّا نَقُولُ مُرَادُهُ بِالْعَدَمِ الشَّرْعِيِّ
أَنْ يَقُومَ بِالْعَيْنِ مَا يَمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهَا كَغَصْبٍ
وَرَهْنٍ كَمَا هُوَ صَرِيحُ كَلَامِهِ شَوْبَرِيٌّ وَقَالَ: ح ل إنَّ
قَوْلَهُ أَوْ تَعَيَّبَتْ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ كَمَا أَشَارَ
إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ كَأَنْ كَانَتْ مَغْصُوبَةً لِأَنَّهُ
أَرَادَ بِالْعَدَمِ مَا يَشْمَلُ الشَّرْعِيَّ وَالْمَعِيبَةُ مَعْدُومَةٌ
(2/7)
وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ قِيمَةً مِنْهَا
وَلَا يُكَلَّفُ تَحْصِيلَهَا إنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ ابْنُ لَبُونٍ أَوْ
حِقٌّ بَلْ يُحَصِّلُ مَا شَاءَ مِنْهَا، وَكَابْنِ لَبُونٍ وَلَدُ لَبُونٍ
خُنْثَى أَوْ حِقٌّ خُنْثَى أَمَّا غَيْرُ بِنْتِ الْمَخَاضِ كَبِنْتِ
لَبُونٍ عَدَمَهَا فَلَا يُؤْخَذُ عَنْهَا حِقٌّ كَمَا لَا يُؤْخَذُ
عَنْهَا ابْنُ لَبُونٍ وَلِأَنَّ زِيَادَةَ السِّنِّ فِي ابْنِ اللَّبُونِ
فِيمَا ذُكِرَ تُوجِبُ اخْتِصَاصَهُ عَنْهَا بِقُوَّةِ وُرُودِ الْمَاءِ
وَالشَّجَرَ وَالِامْتِنَاعِ مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ بِخِلَافِهَا فِي
الْحِقِّ لَا تُوجِبُ اخْتِصَاصَهُ عَنْ بِنْتِ اللَّبُونِ بِهَذِهِ
الْقُوَّةِ بَلْ هِيَ مَوْجُودَةٌ فِيهِمَا فَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَبْرِهَا
ثَمَّ جَبْرُهَا هُنَا وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ الشَّرْطِ فِي الْحِقِّ
مِنْ زِيَادَتِي (وَلَا يُكَلَّفُ) حَيْثُ كَانَتْ إبِلُهُ مَهَازِيلَ أَنْ
يُخْرِجَ بِنْتَ مَخَاضٍ (كَرِيمَةً) «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمُعَاذٍ حِينَ بَعَثَهُ عَامِلًا إيَّاكَ
وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (لَكِنْ تَمْنَعُ)
الْكَرِيمَةُ عِنْدَهُ (ابْنَ لَبُونٍ وَحِقًّا) وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي
لِوُجُودِ بِنْتِ مَخَاضٍ عِنْدَهُ
(وَلَوْ اتَّفَقَ) فِي إبِلٍ أَوْ بَقَرٍ (فَرْضَانِ) فِي نِصَابٍ وَاحِدٍ
(وَجَبَ) فِيهِمَا (الْأَغْبَطُ) مِنْهُمَا أَيْ الْأَنْفَعُ
لِلْمُسْتَحِقِّينَ فَفِي مِائَتَيْ بَعِيرٍ أَوْ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ
بَقَرَةً يَجِبُ فِيهِمَا الْأَغْبَطُ مِنْ أَرْبَعِ حِقَاقٍ وَخَمْسِ
بَنَاتِ لَبُونٍ أَوْ ثَلَاثِ مُسِنَّاتٍ وَأَرْبَعَةِ أَتْبِعَةٍ (إنْ
وُجِدَا بِمَالِهِ) بِصِفَةِ الْإِجْزَاءِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا
فَرْضُهَا فَإِذَا اجْتَمَعَا رُوعِيَ مَا فِيهِ حَظُّ الْمُسْتَحِقِّينَ
إذْ لَا مَشَقَّةَ فِي تَحْصِيلِهِ (وَأَجْزَأَ غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ
الْأَغْبَطِ (بِلَا تَقْصِيرٍ) مِنْ الْمَالِكِ أَوْ السَّاعِي لِلْعُذْرِ
(وَجُبِرَ التَّفَاوُتُ) لِنَقْصِ حَقِّ الْمُسْتَحِقِّينَ (بِنَقْدٍ)
لِلْبَلَدِ (أَوْ جُزْءٍ مِنْ الْأَغْبَطِ) لَا مِنْ الْمَأْخُوذِ فَلَوْ
كَانَتْ قِيمَةُ الْحِقَاقِ أَرْبَعَمِائَةٍ وَقِيمَةُ بَنَاتِ اللَّبُونِ
أَرْبَعَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ وَقَدْ أُخِذَ الْحِقَاقُ فَالْجَبْرُ
بِخَمْسِينَ أَوْ بِخَمْسَةِ أَتْسَاعِ بِنْتِ لَبُونٍ لَا بِنِصْفِ
حِقَّةٍ، لِأَنَّ التَّفَاوُتَ خَمْسُونَ وَقِيمَةَ كُلِّ بِنْتِ لَبُونٍ
تِسْعُونَ، وَجَازَ دَفْعُ النَّقْدِ مَعَ كَوْنِهِ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ
الْوَاجِبِ وَتَمَكُّنِهِ مِنْ شِرَاءِ جُزْأَيْهِ لِدَفْعِ ضَرَرِ
الْمُشَارَكَةِ وَقَوْلِي مِنْ الْأَغْبَطِ مِنْ زِيَادَتِي أَمَّا مَعَ
التَّقْصِيرِ مِنْ الْمَالِكِ بِأَنْ دَلَّسَ أَوْ مِنْ السَّاعِي بِأَنْ
لَمْ يَجْتَهِدْ وَإِنْ ظَنَّ أَنَّهُ الْأَغْبَطُ فَلَا يُجْزِئُ (وَإِنْ
وُجِدَ أَحَدُهُمَا) بِمَالِهِ (أُخِذَ) وَإِنْ وُجِدَ شَيْءٌ مِنْ
الْآخَرِ إذْ النَّاقِصُ كَالْمَعْدُومِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ
يُوجَدَا أَوْ أَحَدُهُمَا بِمَالِهِ بِصِفَةِ الْإِجْزَاءِ بِأَنْ لَمْ
يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْهُمَا أَوْ وُجِدَ بَعْضُ كُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ بَعْضُ
أَحَدِهِمَا أَوْ وُجِدَا أَوْ أَحَدُهُمَا لَا بِصِفَةِ الْإِجْزَاءِ
(فَلَهُ تَحْصِيلُ مَا شَاءَ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
شَرْعًا اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ) أَيْ ابْنُ اللَّبُونِ أَوْ
الْحِقُّ وَقَوْلُهُ: مِنْهَا أَيْ مِنْ بِنْتِ الْمَخَاضِ (قَوْلُهُ: مَا
شَاءَ مِنْهَا) أَيْ مِنْ بِنْتِ الْمَخَاضِ وَالْحَقِّ وَابْنِ اللَّبُونِ
(قَوْلُهُ: كَمَا لَا يُؤْخَذُ عَنْهَا ابْنُ لَبُونٍ) هَذَا قِيَاسٌ مَعَ
الْفَارِقِ لِأَنَّ الْحِقَّ أَقْوَى مِنْ ابْنِ اللَّبُونِ وَأَزْيَدُ
عَلَيْهِ سِنًّا فَكَيْفَ يُقَاسُ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ زِيَادَةَ السِّنِّ) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ
كَمَا لَا يُؤْخَذُ عَنْهَا ابْنُ لَبُونٍ عَطْفَ دَلِيلٍ عَقْلِيٍّ عَلَى
دَلِيلٍ قِيَاسِيٍّ أَيْ لِقِيَاسِهِ عَلَى ابْنِ اللَّبُونِ وَلِأَنَّ
إلَخْ وَقَوْلُهُ: فِيمَا ذُكِرَ أَيْ فِي إخْرَاجِهِ عَنْ بِنْتِ
الْمَخَاضِ وَقَوْلُهُ: تُوجِبُ اخْتِصَاصَهُ أَيْ عَنْ بِنْتِ الْمَخَاضِ
وَقَوْلُهُ: بِخِلَافِهَا أَيْ الزِّيَادَةِ وَقَوْلُهُ: مِنْ جَبْرِهَا
ثَمَّ أَيْ جَبْرِهَا لِلنَّقْصِ الْحَاصِلِ بِالذُّكُورَةِ فَهُوَ
مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ، وَقَوْلُهُ: هُنَا أَيْ فِي أَخْذِ الْحِقِّ
عَنْ بِنْتِ اللَّبُونِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: حَيْثُ
كَانَتْ إبِلُهُ) أَيْ كُلُّهَا كَمَا فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ فَلَوْ
كَانَتْ كُلُّهَا كَرَائِمَ كُلِّفَ كَرِيمَةً وَكَذَا إنْ كَانَتْ
بَعْضُهَا كِرَامًا وَبَعْضُهَا مَهَازِيلَ اط ف أَيْ فَإِنَّهُ يُخْرِجُ
كَرِيمَةً بِالنِّسْبَةِ الْآتِيَةِ. قَوْلُهُ: «إيَّاكَ وَكَرَائِمَ
أَمْوَالِهِمْ» أَيْ بَاعِدْ نَفْسَك وَاتَّقِ كَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ
قَالَ الدَّمِيرِيُّ كَرَائِمُ الْأَمْوَالِ نَفَائِسُهَا الَّتِي
تَتَعَلَّقُ بِهَا نَفْسُ مَالِكِهَا لِعِزَّتِهَا عَلَيْهِ بِسَبَبِ مَا
جَمَعَتْ مِنْ جَمِيلِ الصِّفَاتِ شَوْبَرِيٌّ وَبِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: لَكِنْ تَمْنَعُ ابْنَ لَبُونٍ وَحِقًّا) أَيْ فَيُجْبَرُ عَلَى
إخْرَاجِهَا وَيُسَامَحُ بِصِفَتِهَا أَوْ يُحَصِّلُ بِنْتَ مَخَاضٍ
كَامِلَةً وَلَا تُجْزِئُهُ هَزِيلَةٌ لِوُجُودِ هَذِهِ الْكَرِيمَةِ
فَإِنَّهُ لَوْ انْقَسَمَتْ إبِلُهُ إلَى صِحَاحٍ وَمِرَاضٍ كُلِّفَ
كَامِلَةً بِالنِّسْبَةِ فَلَوْ كَانَ نِصْفُهَا صِحَاحًا وَنِصْفُهَا
مِرَاضًا فَالْوَاجِبُ كَامِلَةٌ تُسَاوِي نِصْفَ قِيمَةِ صَحِيحَةٍ
وَنِصْفَ قِيمَةِ مَرِيضَةٍ ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ اتَّفَقَ فَرْضَانِ) وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا فِي
الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ ح ف.
وَقَوْلُهُ: وَجَبَ فِيهِمَا أَيْ فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَقَوْلُهُ:
الْأَغْبَطُ وَإِنْ كَانَ الْمَالُ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ كَمَا فِي ع ش
وَالْمُرَادُ وُجُودُ الْأَغْبَطِ مِنْ حَيْثُ زِيَادَةُ الْقِيمَةِ أَوْ
مِنْ حَيْثُ الدَّرُّ وَالنَّسْلُ (قَوْلُهُ: أَيْ الْأَنْفَعُ
لِلْمُسْتَحِقِّينَ) اُنْظُرْ لَوْ اخْتَلَفَ الْأَغْبَطُ بِالنِّسْبَةِ
إلَيْهِمْ بِأَنْ كَانَتْ الْحِقَاقُ أَغْبَطَ بِالنِّسْبَةِ لِبَعْضِ
الْأَصْنَافِ وَبَنَاتُ اللَّبُونِ أَغْبَطَ لِبَعْضٍ آخَرَ مَا يَكُونُ
الْأَمْرُ؟ حَرِّرْ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا) أَيْ
الْفَرْضَيْنِ فَرْضُهَا أَيْ الْإِبِلِ أَوْ الْبَقَرِ.
(قَوْلُهُ: وَأَجْزَأَ غَيْرُهُ) أَيْ يُحْسَبُ مِنْ الزَّكَاةِ بِدَلِيلِ
قَوْلِهِ وَجُبِرَ التَّفَاوُتُ فَالْإِجْزَاءُ لَيْسَ عَلَى بَابِهِ
الَّذِي هُوَ الْكِفَايَةُ فِي سُقُوطِ الطَّلَبِ ز ي (قَوْلُهُ: بِلَا
تَقْصِيرٍ مِنْ الْمَالِكِ أَوْ السَّاعِي) أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ إذَا
وَقَعَتْ فِي حَيِّزِ نَفْيٍ كَمَا هُنَا أَوْ نَهْيٍ فَسَقَطَ اعْتِرَاضُ
بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْأَوْلَى الْوَاوُ وَيُصَدَّقُ كُلٌّ مِنْ الْمَالِكِ
وَالسَّاعِي فِي عَدَمِ التَّدْلِيسِ وَالتَّقْصِيرِ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ
دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى تَدْلِيسِ الْمَالِكِ أَوْ تَقْصِيرِ السَّاعِي
كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَجُبِرَ التَّفَاوُتُ) أَيْ إنَّ
اقْتَضَتْ الْأَغْبَطِيَّةُ زِيَادَةً فِي الْقِيمَةِ وَإِلَّا فَلَا
يَجِبُ شَيْءٌ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: بِنَقْدٍ
لِلْبَلَدِ) التَّعْبِيرُ بِهِ لِلْغَالِبِ فَيُجْزِئُ غَيْرُهُ حَيْثُ
كَانَ هُوَ نَقْدَ الْبَلَدِ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: لِأَنَّ
التَّفَاوُتَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ فَالْجَبْرُ بِخَمْسِينَ إلَخْ
وَقَوْلُهُ: وَقِيمَةُ كُلِّ بِنْتِ لَبُونٍ تِسْعُونَ أَيْ وَنِسْبَةُ
الْخَمْسِينَ لِلتِّسْعِينَ خَمْسَةُ أَتْسَاعٍ، لِأَنَّ تُسْعَ
التِّسْعِينَ عَشْرَةٌ.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ دَلَّسَ) أَيْ بِإِخْفَاءِ الْأَغْبَطِ (قَوْلُهُ: فَلَا
يُجْزِئُ) أَيْ فَيَلْزَمُ الْمَالِكَ إخْرَاجُ الْأَغْبَطِ وَيَرُدُّ
السَّاعِي مَا أَخَذَهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا أَوْ بَدَلَهُ إنْ كَانَ
تَالِفًا وَإِذَا
(2/8)
مِنْهُمَا كُلًّا أَوْ بَعْضًا مُتَمِّمًا
بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ غَيْرَ أَغْبَطَ لِمَا فِي تَعَيُّنِ
الْأَغْبَطِ مِنْ الْمَشَقَّةِ فِي تَحْصِيلِهِ.
وَلَهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَنْ يَصْعَدَ أَوْ يَنْزِلَ مَعَ
الْجُبْرَانِ فِي الْإِبِلِ فَلَهُ فِي الْمِائَتَيْ بَعِيرٍ فِيمَا إذَا
لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ الْحِقَاقِ وَبَنَاتِ اللَّبُونِ أَنْ يَجْعَلَ
الْحِقَاقَ أَصْلًا وَيَصْعَدَ إلَى أَرْبَعِ جِذَاعٍ فَيُخْرِجَهَا
وَيَأْخُذَ أَرْبَعَ جُبْرَانَاتٍ وَأَنْ يَجْعَلَ بَنَاتِ اللَّبُونِ
أَصْلًا وَيَنْزِلَ إلَى خَمْسِ بَنَاتِ مَخَاضٍ فَيُخْرِجَهَا مَعَ خَمْسِ
جُبْرَانَاتٍ وَفِيمَا إذَا وُجِدَ بَعْضُ كُلٍّ مِنْهُمَا كَثَلَاثِ
حِقَاقٍ وَأَرْبَعِ بَنَاتِ لَبُونٍ أَنْ يَجْعَلَ الْحِقَاقَ أَصْلًا
فَيَدْفَعَهَا مَعَ بِنْتِ لَبُونٍ وَجُبْرَانٍ أَوْ يَجْعَلَ بَنَاتِ
اللَّبُونِ أَصْلًا فَيَدْفَعَهَا مَعَ حِقَّةٍ وَيَأْخُذَ جُبْرَانًا
وَلَهُ دَفْعُ حِقَّةٍ مَعَ ثَلَاثِ بَنَاتِ لَبُونٍ وَثَلَاثِ
جُبْرَانَاتٍ وَلَهُ فِيمَا إذَا وُجِدَ بَعْضُ أَحَدِهِمَا كَحِقَّةٍ
دَفَعَهَا مَعَ ثَلَاثِ جَذَاعٍ وَأَخَذَ ثَلَاثَ جُبْرَانَاتٍ وَلَهُ
دَفْعُ خَمْسِ بَنَاتِ مَخَاضٍ مَعَ دَفْعِ خَمْسِ جُبْرَانَاتٍ
(وَلِمَنْ عَدِمَ وَاجِبًا مِنْ إبِلٍ) وَلَوْ جَذَعَةً فِي مَالِهِ (أَنْ
يَصْعَدَ) دَرَجَةً (وَيَأْخُذَ جُبْرَانًا وَإِبِلُهُ سَلِيمَةٌ أَوْ
يَنْزِلَ) دَرَجَةً (وَيُعْطِيَهُ) أَيْ الْجُبْرَانَ كَمَا جَاءَ ذَلِكَ
فِي خَبَرِ أَنَسٍ السَّابِقِ فَالْخِيرَةُ فِي الصُّعُودِ وَالنُّزُولِ
لِلْمَالِكِ لِأَنَّهُمَا شُرِعَا تَخْفِيفًا عَلَيْهِ وَخَرَجَ بِمِنْ
عَدِمَ الْوَاجِبَ مَنْ وَجَدَهُ فِي مَالِهِ فَلَيْسَ لَهُ نُزُولٌ
مُطْلَقًا وَلَا صُعُودٌ إلَّا أَنْ لَا يَطْلُبَ جُبْرَانًا لِأَنَّهُ
زَادَ خَيْرًا وَهُوَ مَعْلُومٌ مِمَّا يَأْتِي وَبِالْإِبِلِ غَيْرُهَا
فَلَا يَأْتِي فِيهِ ذَلِكَ وَبِالسَّلِيمَةِ الْمَعِيبَةُ فَلَا يَصْعَدُ
بِالْجُبْرَانِ، لِأَنَّ وَاجِبَهَا مَعِيبٌ، وَالْجُبْرَانُ لِلتَّفَاوُتِ
بَيْنَ السَّلِيمَيْنِ وَهُوَ فَرْقُ التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْمَعِيبَيْنِ
بِخِلَافِ نُزُولِهِ مَعَ إعْطَاءِ الْجُبْرَانِ فَجَائِزٌ لِتَبَرُّعِهِ
بِالزِّيَادَةِ (وَهُوَ) أَيْ الْجُبْرَانُ (شَاتَانِ) بِالصِّفَةِ
السَّابِقَةِ فِي الشَّاةِ الْمُخْرَجَةِ عَنْ خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
تَلِفَ فَهَلْ يَضْمَنُ ضَمَانَ الْغَصْبِ كَالْمَقْبُوضِ بِالْبَيْعِ
الْفَاسِدِ أَوْ كَالْمُسْتَامِ فَيَضْمَنُ بِالْقِيمَةِ وَلَوْ مِثْلِيًّا
حَرِّرْ شَوْبَرِيٌّ وَظَاهِرُهُ أَنَّ رَدَّ الْبَدَلِ مِنْ مَالِ
السَّاعِي فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لَا مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ وَهُوَ
كَذَلِكَ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ لِتَقْصِيرٍ مِنْهُ فَظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ
لِتَدْلِيسٍ مِنْ الْمَالِكِ فَهُوَ يُنْسَبُ إلَى نَوْعِ تَقْصِيرٍ ع ش.
(قَوْلُهُ: كُلًّا) أَيْ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى، وَالرَّابِعَةِ،
وَالْخَامِسَةِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ بَعْضًا أَيْ فِي الثَّانِيَةِ
وَالثَّالِثَةِ (قَوْلُهُ: مُتَمِّمًا) بِكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ حَالَ
كَوْنِهِ مُتَمِّمًا بِهِ مَا عِنْدَهُ وَقَوْلُهُ: بِشِرَاءٍ أَوْ
غَيْرِهِ مُتَعَلِّقٌ بِتَحْصِيلٍ وَيَجُوزُ فَتْحُ الْمِيمِ عَلَى أَنَّهُ
صِفَةٌ لِبَعْضًا (قَوْلُهُ: وَلَهُ كَمَا يُعْلَمُ إلَخْ) عِبَارَةُ
شَرْحِ م ر وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ فَلَهُ إلَى جَوَازِ تَرْكِهِمَا
وَالنُّزُولُ أَوْ الصُّعُودُ إلَخْ اهـ
وَقَوْلُهُ: مِمَّا يَأْتِي أَيْ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ وَلِمَنْ عَدِمَ
وَاجِبًا مِنْ إبِلٍ إلَخْ لِأَنَّ مَنْ صَادِقَةٌ بِاَلَّذِي فِي مَالِهِ
فَرْضَانِ وَشَامِلٌ أَيْضًا لِمَنْ عَدِمَ الْوَاجِبَ كُلَّهُ أَوْ
بَعْضَهُ (قَوْلُهُ: أَنْ يَجْعَلَ الْحِقَاقَ أَصْلًا) أَيْ يَخْتَارَ
كَوْنَهَا الْوَاجِبَ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ:
فَيَدْفَعَهَا مَعَ بِنْتِ لَبُونٍ) أَيْ فَقَدْ نَزَلَ إلَيْهَا
لِوُجُودِهَا (قَوْلُهُ: فَيَدْفَعَهَا مَعَ حِقَّةٍ) أَيْ فَقَدْ صَعِدَ
إلَيْهَا لِوُجُودِهَا (قَوْلُهُ: وَلَهُ دَفْعُ حِقَّةٍ إلَخْ) أَشَارَ
بِهِ إلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ دَفْعُ جَمِيعِ مَا وَجَدَ فِي
مَالِهِ بَلْ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى بَعْضِهِ أَوْ تَكُهُ
بِالْكُلِّيَّةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَلَهُ دَفْعُ خَمْسِ
بَنَاتِ مَخَاضٍ
(قَوْلُهُ: وَلِمَنْ عَدِمَ) أَيْ وَقْتَ الْإِخْرَاجِ وَالْمَعِيبُ
وَالْكَرِيمُ هُنَا كَالْمَعْدُومِ نَظِيرُ مَا مَرَّ. وَحَاصِلُ مَا
ذَكَرَهُ لِلصُّعُودِ ثَلَاثُ قُيُودٍ عَدَمُ الْوَاجِبِ وَأَنْ يَكُونَ
مِنْ إبِلٍ وَأَنْ تَكُونَ إبِلُهُ سَلِيمَةً إلَّا أَنَّ الْقَيْدَ
الْأَخِيرَ قَيْدٌ فِي الصُّعُودِ فَقَطْ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ تَقْدِيمُهُ عَلَى النُّزُولِ وَيُشْتَرَطُ فِي
النُّزُولِ الْقَيْدَانِ الْأَوَّلَانِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ جَذَعَةً)
رَدَّ بِهِ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ
عَلَيْهِ جَذَعَةٌ وَفَقَدَهَا لَا يَجُوزُ لَهُ إخْرَاجُ ثَنِيَّةٍ
عَنْهَا وَهِيَ مَا لَهَا خَمْسُ سِنِينَ وَطَعَنَتْ فِي السَّادِسَةِ
وَيَأْخُذَ جُبْرَانًا لِانْتِفَاءِ كَوْنِهَا مِنْ أَسْنَانِ الزَّكَاةِ
فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَخْرَجَ عَنْ بِنْتِ الْمَخَاضِ فَصِيلًا وَرُدَّ
بِأَنَّ الثَّنِيَّةَ أَعْلَى مِنْهَا بِعَامٍ فَجَازَ إخْرَاجُهَا عَنْهَا
كَالْجَذَعَةِ مَعَ الْحِقَّةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ م ر اط ف وَلَا
يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَصْعَدَ لِأَعْلَى مِنْ الثَّنِيَّةِ مَعَ أَخْذِ
الْجُبْرَانِ لِأَنَّ الشَّارِعَ اعْتَبَرَ الثَّنِيَّةَ فِي الْجُمْلَةِ
بِدَلِيلِ أَنَّهُ اعْتَبَرَهَا فِي الْأُضْحِيَّةِ كَمَا يَأْتِي وَلَمْ
يَعْتَبِرْ مَا فَوْقَهَا أَبَدًا وَلَا يَجُوزُ لَهُ النُّزُولُ لِغَيْرِ
سِنِّ الزَّكَاةِ أَصْلًا. اهـ. ح ف (قَوْلُهُ: وَإِبِلُهُ سَلِيمَةٌ)
الْوَاوُ لِلْحَالِ (قَوْلُهُ: كَمَا جَاءَ ذَلِكَ) أَيْ الصُّعُودُ
وَالنُّزُولُ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهُ نُزُولٌ مُطْلَقًا) أَيْ دَفَعَ
جُبْرَانًا أَوْ لَمْ يَدْفَعْهُ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَعْلُومٌ
مِمَّا يَأْتِي) لَعَلَّهُ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا خِيَارَ إلَّا بِرِضَا
مَالِكِهَا (قَوْلُهُ: وَبِالْإِبِلِ غَيْرُهَا) أَيْ مِنْ الْبَقَرِ
وَالْغَنَمِ، لِأَنَّ السُّنَّةَ لَمْ تَرِدْ إلَّا فِي الْإِبِلِ
وَالْقِيَاسُ مُمْتَنِعٌ ح ل.
(قَوْلُهُ: وَبِالسَّلِيمَةِ الْمَعِيبَةُ) أَيْ فَلَا يَصْعَدُ
لِمَعِيبَةٍ مَعَ أَخْذِهِ الْجُبْرَانَ وَلَهُ أَنْ يَصْعَدَ لِسَلِيمَةٍ
مَعَ أَخْذِ الْجُبْرَانِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمَتْنِ ح ل فَمَفْهُومُ
الْمَتْنِ فِيهِ تَفْصِيلٌ وَقَوْلُهُ: بِالْجُبْرَانِ الْبَاءُ بِمَعْنَى
مَعَ أَيْ مَعَ الْجُبْرَانِ أَيْ مَعَ أَخْذِ الْجُبْرَانِ (قَوْلُهُ:
فَوْقَ التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْمَعِيبَيْنِ) فِيهِ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ
التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْمَعِيبَيْنِ أَكْثَرَ مِنْ التَّفَاوُتِ بَيْنَ
السَّلِيمَيْنِ أَوْ مُسَاوِيًا لَهُ سم وَلَعَلَّهُ نَادِرٌ.
(قَوْلُهُ: لِتَبَرُّعِهِ بِالزِّيَادَةِ) فِيهِ أَنَّ الْجُبْرَانَ
حِينَئِذٍ وَاجِبٌ عَلَيْهِ فَلَا تَبَرُّعَ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا
كَانَ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْمَعِيبَيْنِ أَقَلَّ مِنْ التَّفَاوُتِ
بَيْنَ السَّلِيمَيْنِ كَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ مَعَ النُّزُولِ أَقَلَّ
مِنْ الْجُبْرَانِ فَلَمَّا أَعْطَى جَمِيعَ الْجُبْرَانِ كَانَ
مُتَبَرِّعًا بِالزِّيَادَةِ عَلَى الْوَاجِبِ أَيْ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ
بِالزِّيَادَةِ عَلَى الْوَاجِبِ عَلَيْهِ وَلَيْسَ مُتَبَرِّعًا بِأَصْلِ
الْجُبْرَانِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ شَاتَانِ)
(2/9)
أَوْ عِشْرُونَ دِرْهَمًا) نُقْرَةً
خَالِصَةً (بِخَيِّرَةِ الدَّافِعِ) سَاعِيًا كَانَ أَوْ مَالِكًا
لِظَاهِرِ خَبَرِ أَنَسٍ وَعَلَى السَّاعِي رِعَايَةُ مَصْلَحَةِ
الْمُسْتَحِقِّينَ فِي الدَّفْعِ وَالْأَخْذِ (وَلَهُ صُعُودُ)
دَرَجَتَيْنِ فَأَكْثَرَ (وَنُزُولُ دَرَجَتَيْنِ فَأَكْثَرَ مَعَ
تَعَدُّدِ الْجُبْرَانِ) كَأَنْ يُعْطِيَ بَدَلَ بِنْتِ مَخَاضٍ عَدِمَهَا
مَعَ بِنْتِ اللَّبُونِ حِقَّةً وَيَأْخُذَ جُبْرَانَيْنِ أَوْ يُعْطِيَ
بَدَلَ حِقَّةٍ عَدِمَهَا مَعَ بِنْتِ اللَّبُونِ بِنْتَ مَخَاضٍ
وَيَدْفَعَ جُبْرَانَيْنِ هَذَا (عِنْدَ عَدَمِ الْقُرْبَى فِي جِهَةِ
الْمُخْرَجَةِ) بِخِلَافِ مَا إذَا وَجَدَهَا لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْ
زِيَادَةِ الْجُبْرَانِ بِدَفْعِ الْوَاجِبِ مِنْ الْقُرْبَى فَإِنْ
كَانَتْ الْقُرْبَى فِي غَيْرِ جِهَةِ الْمُخْرَجَةِ كَأَنْ لَزِمَهُ
بِنْتُ لَبُونٍ عَدِمَهَا مَعَ الْحِقَّةِ وَوَجَدَ بِنْتَ مَخَاضٍ لَمْ
يَلْزَمْهُ إخْرَاجُهَا مَعَ جُبْرَانٍ بَلْ يَجُوزُ لَهُ إخْرَاجُ
جَذَعَةٍ مَعَ أَخْذِ جُبْرَانَيْنِ، لِأَنَّ بِنْتَ الْمَخَاضِ وَإِنْ
كَانَتْ أَقْرَبَ إلَى بِنْتِ اللَّبُونِ لَيْسَتْ فِي جِهَةِ الْجَذَعَةِ،
وَقَوْلِي فَأَكْثَرَ مَعَ التَّقْيِيدِ بِجِهَةِ الْمُخْرَجَةِ مِنْ
زِيَادَتِي
(وَلَا يُبَعَّضُ جُبْرَانٌ) فَلَا تُجْزِئُ شَاةٌ وَعَشَرَةُ دَرَاهِمَ
لِجُبْرَانٍ وَاحِدٍ، لِأَنَّ الْخَبَرَ يَقْتَضِي التَّخْيِيرَ بَيْنَ
شَاتَيْنِ وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا فَلَا تَجُوزُ خَصْلَةٌ ثَالِثَةٌ كَمَا
فِي الْكَفَّارَةِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُطْعِمَ خَمْسَةً وَيَكْسُوَ خَمْسَةً
(إلَّا لِمَالِكٍ رَضِيَ) بِذَلِكَ فَيُجْزِئُ، لِأَنَّ الْجُبْرَانَ
حَقُّهُ فَلَهُ إسْقَاطُهُ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي، أَمَّا
الْجُبْرَانَانِ فَيَجُوزُ تَبْعِيضُهُمَا فَيُجْزِئُ شَاتَانِ وَعِشْرُونَ
دِرْهَمًا، لِأَنَّ الْجُبْرَانَيْنِ كَالْكَفَّارَتَيْنِ. [دَرْسٌ]
(وَيُجْزِئُ) فِي إخْرَاجِ الزَّكَاةِ (نَوْعٌ عَنْ) نَوْعٍ (آخَرَ)
كَضَأْنٍ عَنْ مَعْزٍ وَعَكْسِهِ مِنْ الْغَنَمِ وَأَرْحَبِيَّةٍ عَنْ
مَهْرِيَّةٍ وَعَكْسِهِ مِنْ الْإِبِلِ وَعِرَابٍ عَنْ جَوَامِيسَ
وَعَكْسِهِ مِنْ الْبَقَرِ (بِرِعَايَةِ الْقِيمَةِ) كَأَنْ تُسَاوِيَ
ثَنِيَّةُ الْمَعْزِ فِي الْقِيمَةِ جَذَعَةَ الضَّأْنِ لِاتِّحَادِ
الْجِنْسِ سَوَاءٌ اتَّحَدَ نَوْعُ مَاشِيَتِهِ أَمْ اخْتَلَفَ (فَفِي
ثَلَاثِينَ عَنْزًا) وَهِيَ أُنْثَى الْمَعْزِ (وَعَشْرِ نَعَجَاتٍ) مِنْ
الضَّأْنِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
أَيْ وَلَوْ ذَكَرَيْنِ (قَوْلُهُ: دِرْهَمًا نُقْرَةً) الدِّرْهَمُ
النُّقْرَةُ يُسَاوِي نِصْفَ فِضَّةٍ وَجَدِيدًا كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ
أَوْ يُسَاوِي نِصْفَ فِضَّةٍ وَثُلُثًا كَمَا قَالَهُ ح ل لِتُنَاسِبَ
الدَّرَاهِمُ الْمَذْكُورَةُ قِيمَةَ الشَّاتَيْنِ، لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي
شَاةِ الْعَرَبِ وَهِيَ تُسَاوِي نَحْوَ أَحَدَ عَشَرَ نِصْفَ فِضَّةٍ بَلْ
أَقَلَّ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الدِّرْهَمَ الْمَشْهُورَ ح ف
وَالنُّقْرَةُ الْفِضَّةُ الْمَضْرُوبَةُ ع ش لَكِنْ فِي الْمُخْتَارِ
النُّقْرَةُ السَّبِيكَةُ اهـ وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الزَّكَاةَ
تُؤْخَذُ عِنْدَ الْمِيَاهِ غَالِبًا وَلَيْسَ هُنَاكَ حَاكِمٌ وَلَا
مُقَوِّمٌ فَضُبِطَ ذَلِكَ بِقِيمَةٍ شَرْعِيَّةٍ كَصَاعِ الْمُصَرَّاةِ
وَالْفِطْرِ وَنَحْوِهِمَا. اهـ. ز ي.
(قَوْلُهُ: خَالِصَةً) فَلَوْ لَمْ يَجِدْهَا أَوْ غَلَبَتْ الْمَغْشُوشَةُ
وَجَوَّزْنَا الْمُعَامَلَةَ بِهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ فَالظَّاهِرُ كَمَا
قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ مِنْهَا مَا يَكُونُ فِيهِ مِنْ
الْبَقَرَةِ قَدْرَ الْوَاجِبِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَعَلَى السَّاعِي
إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر نَعَمْ يَلْزَمُ السَّاعِيَ رِعَايَةُ
الْأَصْلَحِ لِلْمُسْتَحِقِّينَ كَمَا تَلْزَمُ نَائِبَ الْغَائِبِ
وَوَلِيَّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ رِعَايَةُ الْأَنْفَعِ لِلْمَنُوبِ
عَلَيْهِ وَيُسَنُّ لِلْمَالِكِ إذَا كَانَ دَافِعًا اخْتِيَارُ
الْأَنْفَعِ لَهُمْ وَمَعْنَى لُزُومِهِ مُرَاعَاةُ الْأَصْلَحِ لَهُمْ
مَعَ أَنَّ الْخِيرَةَ لِلْمَالِكِ أَنَّهُ يَطْلُبُ مِنْهُ ذَلِكَ فَإِنْ
أَجَابَهُ فَذَاكَ وَإِلَّا أَخَذَ مِنْهُ مَا يَدْفَعُ لَهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: فِي الدَّفْعِ وَالْأَخْذِ) أَيْ أَخْذِ الْأَغْبَطِ لَا أَخْذِ
الْجُبْرَانِ لِأَنَّ ذَلِكَ يُنَافِي تَخْيِيرَ الْمَالِكِ بَيْنَهُمَا
وَيُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ أَخْذُ الْجُبْرَانِ بِأَنْ خَيَّرَهُ الْمَالِكُ
بَيْنَهُمَا أَيْ بَيْنَ أَخْذِ الشَّاتَيْنِ وَالْعِشْرِينَ دِرْهَمًا
فَلَا تَنَافِيَ أَوْ الْمُرَادُ بِالْأَخْذِ طَلَبُهُ وَإِنْ كَانَ
الْمَالِكُ لَا تَلْزَمُهُ الْمُوَافَقَةُ شَوْبَرِيٌّ وَقَوْلُهُ: بِأَنْ
خَيَّرَهُ أَيْ فَوَّضَ الْخِيرَةَ إلَيْهِ فَيَلْزَمُهُ حِينَئِذٍ
رِعَايَةُ مَصْلَحَةِ الْمُسْتَحَقِّينَ (قَوْلُهُ: وَلَهُ صُعُودُ إلَخْ)
فَلَوْ صَعِدَ مِنْ بِنْتِ الْمَخَاضِ مَثَلًا إلَى بِنْتِ اللَّبُونِ
فَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَلْ تَقَعُ كُلُّهَا زَكَاةً أَوْ بَعْضُهَا؟
الظَّاهِرُ الثَّانِي لِأَنَّ زِيَادَةَ السِّنِّ فِيهَا قَدْ أَخَذَ
الْجُبْرَانَ فِي مُقَابَلَتِهَا فَيَكُونُ قَدْرُ الزَّكَاةِ فِيهَا
خَمْسَةً وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ جُزْءًا وَتَكُونُ
الْأَحَدَ عَشَرَ فِي مُقَابَلَةِ الْجُبْرَانِ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَنُزُولُ دَرَجَتَيْنِ) أَيْ بِشَرْطِ كَوْنِ السِّنِّ
الْمَنْزُولِ إلَيْهِ سِنَّ زَكَاةٍ فَلَيْسَ لِمَنْ لَزِمَهُ بِنْتُ
مَخَاضٍ الْعُدُولُ عِنْدَ فَقْدِهَا إلَى دُونِهَا وَيَدْفَعُ جُبْرَانًا
وَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِي الصُّعُودِ (قَوْلُهُ: فَأَكْثَرَ) غَايَةُ
الْكَثْرَةِ فِي الصُّعُودِ أَرْبَعُ دَرَجَاتٍ بِأَنْ يَصْعَدَ مِنْ
بِنْتِ الْمَخَاضِ إلَى الثَّنِيَّةِ فَيَأْخُذَ أَرْبَعَ جُبْرَانَاتٍ
وَغَايَةُ الْكَثْرَةِ فِي النُّزُولِ ثَلَاثُ دَرَجَاتٍ بِأَنْ يَنْزِلَ
مِنْ الْجَذَعَةِ إلَى بِنْتِ الْمَخَاضِ وَيَدْفَعَ ثَلَاثَ جُبْرَانَاتٍ
تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَيَأْخُذَ جُبْرَانَيْنِ) الْمُرَادُ بِذَلِكَ الطَّلَبُ
حَتَّى لَوْ امْتَنَعَ الْمَالِكُ مِنْ الْأَغْبَطِ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ
وَيَدْفَعُ مَا شَاءَ شَوْبَرِيُّ (قَوْلُهُ: عِنْدَ عَدَمِ الْقُرْبَى)
أَيْ فَلَا يَصْعَدُ لِلْحِقَّةِ عَنْ بِنْتِ الْمَخَاضِ إلَّا إذَا عَدِمَ
بِنْتَ اللَّبُونِ وَلَا يَنْزِلُ لِبِنْتِ الْمَخَاضِ عَنْ الْحِقَّةِ
إلَّا إذَا عَدِمَ بِنْتَ اللَّبُونِ بَلْ يُخْرِجُ بِنْتَ اللَّبُونِ فِي
الصُّورَتَيْنِ إذَا وَجَدَهَا مَعَ أَخْذِ أَوْ إعْطَاءِ جُبْرَانٍ
وَاحِدٍ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: فِي جِهَةِ الْمُخْرَجَةِ)
أَيْ الَّتِي يُرِيدُ إخْرَاجَهَا وَجِهَتُهَا هُوَ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ
الْوَاجِبِ الشَّرْعِيِّ (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ إخْرَاجُهَا) فِيهِ
أَنَّ الْمَتْنَ لَيْسَ فِيهِ دَعْوَى اللُّزُومِ
(قَوْلُهُ: إلَّا لِمَالِكٍ رَضِيَ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ هُوَ الْآخِذَ
الْجُبْرَانَ (قَوْلُهُ: فَلَهُ إسْقَاطُهُ) وَإِذَا كَانَ لَهُ إسْقَاطُهُ
فَلَهُ تَبْعِيضُهُ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: كَضَأْنٍ عَنْ مَعْزٍ)
الضَّأْنُ جَمْعُ ضَائِنٍ لِلذَّكَرِ وَضَائِنَةٍ لِلْأُنْثَى وَالْمَعْزُ
جَمْعُ مَاعِزٍ لِلذَّكَرِ وَمَاعِزَةٍ لِلْأُنْثَى. اهـ. ز ي.
(قَوْلُهُ: وَأَرْحَبِيَّةٍ) نِسْبَةً إلَى أَرْحَبَ قَبِيلَةٍ مِنْ
هَمْدَانَ وَالْمَهْرِيَّةُ بِسُكُونِ الْهَاءِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ
الْقَامُوسِ نِسْبَةً إلَى مَهْرَةَ بْنِ حَيْدَانَ أَبِي قَبِيلَةَ ز ي
(قَوْلُهُ: وَعِرَابٍ) هِيَ الْمُسَمَّاةُ بِالْبَقَرِ الْآنَ. اهـ. ح ف
(قَوْلُهُ: لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَيُجْزِئُ نَوْعٌ
عَنْ آخَرَ (قَوْلُهُ: فَفِي ثَلَاثِينَ عَنْزًا) مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ
أَمْ اخْتَلَفَ وَلَمْ يُفَرِّعْ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَهُوَ الِاتِّحَادُ
وَفَرَّعَ عَلَيْهِ م ر فَقَالَ فَيَجُوزُ أَخْذُ جَذَعَةَ ضَأْنٍ عَنْ
أَرْبَعِينَ مِنْ الْمَعْزِ
(2/10)
عَنْزٌ أَوْ نَعْجَةٌ بِقِيمَةِ ثَلَاثَةِ
أَرْبَاعِ عَنْزٍ وَرُبْعِ نَعْجَةٍ) فَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ عَنْزٍ
مُجْزِئَةٍ دِينَارًا وَنَعْجَةٍ مُجْزِئَةٍ دِينَارَيْنِ لَزِمَ عَنْزٌ
أَوْ نَعْجَةٌ قِيمَتُهَا دِينَارٌ وَرُبْعٌ.
(وَفِي عَكْسِهِ) أَيْ الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ (عَكْسُهُ) أَيْ الْوَاجِبِ
فَالْوَاجِبُ فِيهِ نَعْجَةٌ أَوْ عَنْزٌ بِقِيمَةِ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ
نَعْجَةٍ وَرُبْعِ عَنْزٍ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِي.
(وَلَا يُؤْخَذُ نَاقِصٌ) مِنْ ذَكَرٍ وَمَعِيبٍ وَصَغِيرٍ (فِي غَيْرِ مَا
مَرَّ) مِنْ جَوَازِ أَخْذِ ابْنِ اللَّبُونِ أَوْ الْحِقِّ أَوْ الذَّكَرِ
مِنْ الشِّيَاهِ فِي الْإِبِلِ أَوْ التَّبِيعِ فِي الْبَقَرِ أَوْ
النَّوْعِ الْأَرْدَإِ عَنْ الْأَجْوَدِ بِشَرْطِهِ (إلَّا مِنْ مِثْلِهِ)
بِأَنْ تَمَحَّضَتْ مَاشِيَتُهُ ذُكُورًا أَوْ كَانَتْ نَاقِصَةً لِعَيْبٍ
أَوْ صِغَرٍ فَيُؤْخَذُ فِي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ مِنْ الْإِبِلِ ابْنُ
لَبُونٍ أَكْثَرَ قِيمَةً مِنْ ابْنِ لَبُونٍ يُؤْخَذُ فِي خَمْسٍ
وَعِشْرِينَ مِنْهَا لِئَلَّا يُسَوَّى بَيْنَ النِّصَابَيْنِ وَيُعْرَفُ
ذَلِكَ بِالتَّقْوِيمِ وَالنِّسْبَةِ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْمَأْخُوذِ
فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ خَمْسِينَ دِرْهَمًا تَكُونُ قِيمَةُ الْمَأْخُوذِ
فِي سِتَّ وَثَلَاثِينَ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ دِرْهَمًا بِنِسْبَةِ
زِيَادَةِ الْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى الْجُمْلَةِ الْأُولَى وَهِيَ
خُمُسَانِ وَخُمُسُ خُمُسٍ وَيُؤْخَذُ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مَعِيبَةً
مِنْ الْإِبِلِ مَعِيبَةٌ مُتَوَسِّطَةٌ وَفِي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ فَصِيلًا
فَصِيلٌ فَوْقَ الْمَأْخُوذِ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَفِي سِتٍّ
وَأَرْبَعِينَ فَصِيلٌ فَوْقَ الْمَأْخُوذِ فِي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
أَوْ ثَنِيَّةِ مَعْزٍ عَنْ أَرْبَعِينَ مِنْ الضَّأْنِ بِاعْتِبَارِ
الْقِيمَةِ بِأَنْ تُسَاوِي قِيمَةُ الْمَعْزِ قِيمَةَ النَّعْجَةِ
لِاتِّفَاقِ الْجِنْسِ كَالْمَهْرِيَّةِ مَعَ الْأَرْحَبِيَّةِ اهـ ثُمَّ
قَالَ: وَلَوْ كَانَ لَهُ مِنْ الْإِبِلِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ خَمْسَ
عَشْرَةَ أَرْحَبِيَّةً وَعَشْرٌ مَهْرِيَّةً أُخِذَ مِنْهُ عَلَى
الْأَظْهَرِ بِنْتُ مَخَاضٍ أَرْحَبِيَّةً أَوْ مَهْرِيَّةً بِقِيمَةِ
ثَلَاثَةِ أَخْمَاسِ أَرْحَبِيَّةٍ وَخُمُسَيْ مَهْرِيَّةٍ (قَوْلُهُ:
عَنْزٌ أَوْ نَعْجَةٌ) وَالْخِيرَةُ لِلْمَالِكِ لَا لِلسَّاعِي
وَالنَّعْجَةُ خَيْرٌ مِنْ الْعَنْزِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ هُنَا إخْرَاجُ
الْكَامِلِ فَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي فَإِنْ اخْتَلَفَ
مَالُهُ نَقْصًا إلَخْ فَمَحَلُّ وُجُوبِ الْكَامِلِ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ
إذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ بِغَيْرِ رَدَاءَةِ النَّوْعِ أَمَّا بِهَا كَمَا
هُنَا فَلَا يَجِبُ الْكَامِلُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: بِقِيمَةِ) الْبَاءُ لِلْمُلَابَسَةِ أَيْ مُلْتَبِسٌ ذَلِكَ
الْعَنْزُ أَوْ النَّعْجَةُ بِقِيمَةِ إلَخْ وَقَوْلُهُ: بِقِيمَةِ
ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ نَعْجَةٍ إلَخْ وَذَلِكَ دِينَارَانِ إلَّا رُبْعًا
(قَوْلُهُ: وَصَغِيرٍ) الْمُرَادُ بِهِ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ سِنَّ
الْفَرْضِ ز ي وَعِبَارَتُهُ تَقْتَضِي حَصْرَ أَسْبَابِ النَّقْصِ فِي
الذُّكُورَةِ وَالْعَيْبِ وَالصِّغَرِ مَعَ أَنَّ مُقْتَضَى قَوْلِهِ أَوْ
النَّوْعِ الْأَرْدَإِ عَنْ الْأَجْوَدِ بِشَرْطِهِ أَنَّ رَدَاءَةَ
النَّوْعِ مِنْ جُمْلَةِ أَسْبَابِ النَّقْصِ فَتَكُونُ أَرْبَعَةً
وَسَكَتَ عَنْ الْمَرَضِ مَعَ أَنَّهُ مِنْهَا فَتَكُونُ خَمْسَةً كَمَا
فِي شَرْحِ م ر وَعِبَارَتُهُ فِي الدُّخُولِ عَلَى الْمَتْنِ ثُمَّ شَرَعَ
فِي أَسْبَابِ النَّقْصِ فِي الزَّكَاةِ وَهِيَ خَمْسَةٌ: الْمَرَضُ،
وَالْعَيْبُ، وَالذُّكُورَةُ، وَالصِّغَرُ، وَرَدَاءَةُ النَّوْعِ اهـ
وَيُمْكِنُ إدْخَالُ الْمَرَضِ فِي الْعَيْبِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ النَّوْعِ الْأَرْدَأِ) كَالْمَعْزِ وَقَوْلُهُ: عَنْ
الْأَجْوَدِ كَالضَّأْنِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَيُجْزِئُ نَوْعٌ
عَنْ آخَرَ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِهِ) وَهُوَ رِعَايَةُ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ:
إلَّا مِنْ مِثْلِهِ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُ ابْنِ مَخَاضٍ
عَنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ ذُكُورًا وَكَلَامُهُمْ يُفِيدُ أَنَّ الْوَاجِبَ
الْآنَ بِنْتُ مَخَاضٍ وَلَا يُجْزِئُ إخْرَاجُ ابْنِ الْمَخَاضِ إلَّا
بَدَلًا عَنْ الشَّاةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ ابْنُ الْمَخَاضِ لَيْسَ مِنْ
أَسْنَانِ الزَّكَاةِ فَلَمْ يَجُزْ بِحَالٍ وَقَدْ يُعَارِضُهُ قَوْلُهُ:
وَصَغِيرٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ الصَّغِيرُ عُهِدَ إخْرَاجُهُ وَذَلِكَ عَنْ
الصِّغَارِ ح ل وَفِي شَرْحِ ع ب صَرَّحَ كَثِيرُونَ بِأَنَّ وَاجِبَ
الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ الذُّكُورِ ابْنُ مَخَاضٍ (قَوْلُهُ: أَوْ
كَانَتْ نَاقِصَةً) هَلَّا قَالَ: أَوْ مَعِيبَةً أَوْ صَغِيرَةً
بِالْعَطْفِ عَلَى ذُكُورَةٍ مَعَ أَنَّهُ أَخْصَرُ.
(قَوْلُهُ: أَوْ صِغَرٍ) اُسْتُشْكِلَ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي الصِّغَارِ
مَعَ أَنَّ السَّوْمَ الَّذِي هُوَ شَرْطُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي
الْمَاشِيَةِ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا. وَأُجِيبَ بِفَرْضِ مَوْتِ
الْأُمَّهَاتِ قُبَيْلَ آخِرِ الْحَوْلِ بِزَمَنٍ لَا تَشْرَبُ الصِّغَارُ
فِيهِ لَبَنًا مَمْلُوكًا ز ي أَوْ بِزَمَنٍ تَعِيشُ بِدُونِهِ بِلَا
ضَرَرٍ بَيِّنٍ وَمَحَلُّ إجْزَاءِ الصَّغِيرِ إذَا كَانَ مِنْ الْجِنْسِ
فَلَوْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِ كَخَمْسَةِ أَبْعِرَةٍ صِغَارٍ وَأَخْرَجَ
الشَّاةَ لَمْ يُجْزِئْ إلَّا مَا أَجْزَأَ فِي الْكِبَارِ شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ: مِنْ الْإِبِلِ) أَيْ الذُّكُورِ وَقَوْلُهُ: يُؤْخَذُ أَيْ
بَدَلًا عَنْ بِنْتِ مَخَاضٍ (قَوْلُهُ: تَكُونُ قِيمَةُ الْمَأْخُوذِ فِي
سِتٍّ وَثَلَاثِينَ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْجُمْلَةَ
الثَّانِيَةَ تَزِيدُ عَلَى الْأُولَى أَحَدَ عَشَرَ فَإِذَا نَسَبْت
الْأَحَدَ عَشَرَ لِلْجُمْلَةِ الْأُولَى كَانَتْ خَمْسِينَ وَخُمُسَ
خَمْسٍ وَالِاثْنَانِ وَسَبْعُونَ تَزِيدُ عَلَى الْخَمْسِينَ بِاثْنَيْنِ
وَعِشْرِينَ وَنِسْبَتُهَا لِلْخَمْسِينَ خُمُسَانِ وَخُمُسُ خُمُسٍ.
(قَوْلُهُ: بِنِسْبَةِ زِيَادَةِ الْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ) أَيْ الَّتِي
هِيَ السِّتُّ وَالثَّلَاثُونَ عَلَى الْجُمْلَةِ الْأُولَى مُتَعَلِّقٌ
بِالزِّيَادَةِ وَهِيَ الْخَمْسُ وَالْعِشْرُونَ وَمُتَعَلَّقُ النِّسْبَةِ
مَحْذُوفٌ أَيْ إلَى الْجُمْلَةِ الْأُولَى أَيْ وَيُؤْخَذُ بِتِلْكَ
النِّسْبَةِ مِنْ قِيمَةِ الْمَأْخُوذِ عَنْ الْأُولَى وَيُزَادُ هَذَا
الْمَأْخُوذُ فِي قِيمَةِ الْمَأْخُوذِ عَنْ الثَّانِيَةِ كَمَا قَرَّرَهُ
شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: مَعِيبَةٌ مُتَوَسِّطَةٌ) أَيْ فِي الْعَيْبِ
بِاعْتِبَارِ عَيْبِ الْبَقِيَّةِ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: فَوْقَ
الْمَأْخُوذِ فِي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ) أَيْ بِتِسْعِينَ وَنِصْفِ تُسْعٍ،
لِأَنَّ هَذَا هُوَ التَّفَاوُتُ بَيْنَ
(2/11)
وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ (فَإِنْ
اخْتَلَفَ مَالُهُ نَقْصًا وَكَمَالًا) وَاتَّحَدَ نَوْعًا (فَكَامِلٌ)
يُخْرِجُهُ (بِرِعَايَةِ الْقِيمَةِ وَإِنْ لَمْ يُوَفِّ تَمَّمَ
بِنَاقِصٍ) .
وَقَوْلِي فَإِنْ اخْتَلَفَ إلَخْ مِنْ زِيَادَتِي وَالْمُرَادُ
بِالنَّقْصِ مَا يُثْبِتُ رَدَّ الْمَبِيعِ وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ
اخْتَلَفَ مَالُهُ صِفَةً فَقَطْ فَالْوَاجِبُ الْأَغْبَطُ. (وَلَا)
يُؤْخَذُ (خِيَارٌ) كَحَامِلٍ وَأَكُولَةٍ وَهِيَ الْمُسَمَّنَةُ
لِلْأَكْلِ وَرُبَّى وَهِيَ الْحَدِيثَةُ الْعَهْدِ بِالنِّتَاجِ بِأَنْ
يَمْضِيَ لَهَا مِنْ وِلَادَتِهَا نِصْفُ شَهْرٍ كَمَا قَالَهُ
الْأَزْهَرِيُّ أَوْ شَهْرَانِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
السِّتَّةِ وَالثَّلَاثِينَ وَالسِّتَّةِ وَالْأَرْبَعِينَ كَمَا قَرَّرَهُ
شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسُ) بِرَفْعِ الْقِيَاسُ عَلَى
كَوْنِهِ مُبْتَدَأً وَمَا قَبْلَهُ خَبَرُهُ وَبِجَرِّهِ بَدَلٌ مِنْ ذَا
أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ عَلَيْهِ أَيْ دَامَ وَاسْتَمَرَّ شَوْبَرِيٌّ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ اخْتَلَفَ مَالُهُ إلَخْ) هَذَا تَقْيِيدٌ لِقَوْلِهِ
إلَّا مِنْ مِثْلِهِ أَيْ فَمَحَلُّ إخْرَاجِ النَّاقِصِ إذَا اتَّفَقَ
مَالُهُ نَقْصًا فَإِنْ اخْتَلَفَ وَجَبَ الْكَامِلُ.
(قَوْلُهُ: وَاتَّحَدَ نَوْعًا) بِأَنْ انْقَسَمَتْ الْمَاشِيَةُ إلَى
صِحَاحٍ وَمِرَاضٍ أَوْ إلَى سَلِيمَةٍ وَمَعِيبَةٍ أَوْ إلَى ذُكُورٍ
وَإِنَاثٍ فَتُؤْخَذُ صَحِيحَةٌ أَوْ سَلِيمَةٌ بِالْقِسْطِ وَشَمِلَ
كَلَامُهُ أَيْضًا مَا لَوْ انْقَسَمَتْ إلَى صِغَارٍ وَكِبَارٍ فَتُؤْخَذُ
كَبِيرَةٌ بِالْقِسْطِ فِي الْجَدِيدِ ز ي، فَإِنْ لَمْ تَتَّحِدْ نَوْعًا
فَإِنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ بِغَيْرِ رَدَاءَةِ النَّوْعِ كَالِاخْتِلَافِ
بِالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ وَالصِّغَرِ وَالْكِبَرِ أُخْرِجَ
الْكَامِلُ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ بِرَدَاءَةِ النَّوْعِ كَالْمَعْزِ
وَالضَّأْنِ وَالْعِرَابِ وَالْجَوَامِيسِ جَازَ إخْرَاجُ الْكَامِلِ
وَالنَّاقِصِ كَإِخْرَاجِ الْمَعْزِ عَنْ الضَّأْنِ بِرِعَايَةِ الْقِيمَةِ
كَمَا تَقَدَّمَ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ فِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ وَهَذَا
أَوْلَى مِنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ إنَّ قَوْلَهُ وَاتَّحَدَا نَوْعًا لَيْسَ
بِقَيْدٍ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: فَكَامِلٌ بِرِعَايَةِ الْقِيمَةِ)
مِثَالُهُ سِتٌّ وَثَلَاثُونَ بَعِيرًا نِصْفُهَا صِحَاحٌ قِيمَةُ كُلِّ
وَاحِدٍ دِينَارَانِ وَنِصْفُهَا مِرَاضٌ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ دِينَارٌ
فَيُخْرِجُ صَحِيحَةً قِيمَتُهَا دِينَارٌ وَنِصْفُ دِينَارٍ وَهَكَذَا ق ل
وس ل.
لَكِنْ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ أَنَّ الْقِيمَةَ بِالنِّسْبَةِ الَّتِي
ذَكَرَهَا ع ن عَنْ ع ب وَذَلِكَ بِأَنْ تَنْسُبَ الْوَاجِبَ إلَى السِّتِّ
وَالثَّلَاثِينَ تَجِدْهُ رُبْعَ تُسْعٍ فَتَكُونَ الْكَامِلَةُ
الْمُخْرَجَةُ قِيمَتُهَا رُبْعَ تُسْعِ قِيمَةِ السِّتَّةِ
وَالثَّلَاثِينَ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ النِّصَابِ الْمُتَقَدِّمِ
خَمْسَةً وَأَرْبَعِينَ دِينَارًا كَانَتْ قِيمَةُ هَذِهِ الْكَامِلَةِ
دِينَارًا وَرُبْعًا، لِأَنَّ الدِّينَارَ وَالرُّبْعَ رُبْعُ تُسْعِ
الْخَمْسَةِ وَالْأَرْبَعِينَ إذْ تُسْعُهَا خَمْسَةٌ وَرُبْعُ الْخَمْسَةِ
وَاحِدٌ وَرُبْعٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُوَفِّ تَمَّمَ بِنَاقِصٍ)
كَأَنْ كَانَ يَمْلِكُ مِائَتَيْنِ نَوَاقِصَ إلَّا وَاحِدَةً كَامِلَةً
فَيُخْرِجُهَا وَنَاقِصَةً قَالَهُ الْمُحَشِّي شَوْبَرِيٌّ أَيْ
بِرِعَايَةِ الْقِيمَةِ فِيهِمَا كَمَا قَالَهُ حَجّ أَيْ بِحَيْثُ تَكُونُ
نِسْبَةُ قِيمَةِ الْمَأْخُوذِ إلَى قِيمَةِ النِّصَابِ كَنِسْبَةِ
الْمَأْخُوذِ إلَى النِّصَابِ سم.
(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالنَّقْصِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ هَذَا يُنَافِي
مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ فِي بَيَانِ النَّاقِصِ حَيْثُ قَالَ وَلَا
يُؤْخَذُ نَاقِصٌ مِنْ ذَكَرٍ وَمَعِيبٍ وَصَغِيرٍ فَكَلَامُهُ ثَمَّ
يَقْتَضِي أَنَّ النَّقْصَ شَامِلٌ لِلثَّلَاثَةِ وَكَلَامُهُ هُنَا
يَقْتَضِي أَنَّهُ خَاصٌّ بِالْعَيْبِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ
بِالنَّقْصِ هُنَا بَعْضُ أَفْرَادِهِ أَيْ وَهُوَ الْعَيْبُ أَيْ
وَالْمُرَادُ بِالْعَيْبِ الَّذِي هُوَ بَعْضُ أَفْرَادِ النَّقْصِ هَكَذَا
يُفْهَمُ وَإِلَّا فَالذُّكُورَةُ نَقْصٌ فِيمَا تَقَدَّمَ وَهِيَ لَا
تُثْبِتُ الرَّدَّ وَعِبَارَةُ ز ي وَالْمُرَادُ بِالنَّقْصِ أَيْ
الْعَيْبِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَالْوَاجِبُ الْأَغْبَطُ) لَا يُقَالُ
يُنَافِي وُجُوبَ الْأَغْبَطِ هُنَا مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ
الْخِيَارُ. لِأَنَّا نَقُولُ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ هَذَا عَلَى
مَا إذَا كَانَتْ جَمِيعُهَا خِيَارًا لَكِنْ تَعَدَّدَ وَجْهُ
الْخَيْرِيَّةِ أَوْ كُلُّهَا غَيْرَ خِيَارٍ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهَا
وَصْفُ الْخِيَارِ الْآتِي وَذَاكَ عَلَى مَا إذَا انْفَرَدَ بَعْضُهَا
بِوَصْفِ الْخِيَارِ دُونَ بَاقِيهَا فَهُوَ الَّذِي لَا يُؤْخَذُ شَرْحُ م
ر (قَوْلُهُ: وَلَا يُؤْخَذُ خِيَارٌ) وَيَظْهَرُ ضَبْطُهُ بِأَنْ تَزِيدَ
قِيمَةُ بَعْضِهَا بِوَصْفٍ آخَرَ غَيْرِ مَا ذُكِرَ عَلَى قِيمَةِ كُلٍّ
مِنْ الْبَاقِيَاتِ وَأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ هُنَا بِزِيَادَةٍ لِأَجْلِ
نَحْوِ نِطَاحٍ وَأَنَّهُ إذَا وُجِدَ وَصْفٌ مِنْ أَوْصَافِ الْخِيَارِ
الَّتِي ذَكَرُوهَا لَا تُعْتَبَرُ مَعَهُ زِيَادَةُ قِيمَةٍ وَلَا
عَدَمُهَا شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: كَحَامِلٍ) أَيْ وَلَوْ بِغَيْرِ مَأْكُولٍ سم وَظَاهِرُهُ
وَلَوْ كَانَ غَيْرُ الْمَأْكُولِ نَجِسًا كَمَا لَوْ نَزَا خِنْزِيرٌ
عَلَى بَقَرَةٍ فَحَمَلَتْ مِنْهُ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ فِي أَخْذِهَا
الِاخْتِصَاصَ بِمَا فِي جَوْفِهَا عِ ش عَلَى م ر وَأَلْحَقَ بِالْحَامِلِ
فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ الَّتِي طَرَقَهَا الْفَحْلُ
لِغَلَبَةِ حَمْلِ الْبَهَائِمِ مِنْ مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ بِخِلَافِ
الْآدَمِيَّاتِ وَإِنَّمَا لَمْ تُجْزِئْ فِي الْأُضْحِيَّةِ لِأَنَّ
مَقْصُودَهَا اللَّحْمُ وَلَحْمُهَا رَدِيءٌ وَهُنَا مُطْلَقُ
الِانْتِفَاعِ وَهُوَ بِالْحَامِلِ أَكْثَرُ لِزِيَادَةِ ثَمَنِهَا
غَالِبًا وَالْحَمْلُ إنَّمَا يَكُونُ عَيْبًا فِي الْآدَمِيَّاتِ شَرْحُ م
ر وَبَقِيَ مَا لَوْ دَفَعَ حَائِلًا فَتَبَيَّنَ حَمْلُهَا هَلْ يَثْبُتُ
لَهُ الْخِيَارُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ
فَيَسْتَرِدُّهَا ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَأَكُولَةٍ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ الْكَافِ مَعَ
التَّخْفِيفِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَرُبَّى) بِضَمِّ الرَّاءِ
وَتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ الْمَفْتُوحَةِ وَالْقَصْرِ وَيُطْلَقُ
عَلَيْهَا هَذَا الِاسْمُ إلَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا مِنْ وِلَادَتِهَا
قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ:
(2/12)
كَمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ (إلَّا
بِرِضَا مَالِكِهَا) بِأَخْذِهَا نَعَمْ إنْ كَانَتْ كُلُّهَا خِيَارًا
أُخِذَ الْخِيَارُ مِنْهَا إلَّا الْحَوَامِلَ فَلَا تُؤْخَذُ مِنْهَا
حَامِلٌ إلَّا بِرِضَا مَالِكِهَا كَمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ
وَاسْتَحْسَنَهُ
. (وَ) ثَالِثُهَا (مُضِيُّ حَوْلٍ فِي مِلْكِهِ) لِخَبَرِ «لَا زَكَاةَ
فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد
وَغَيْرُهُ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا مَجْبُورٌ بِآثَارٍ صَحِيحَةٍ
عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمْ - وَغَيْرِهِمْ (وَ) لَكِنْ (لِنِتَاجٍ نِصَابٍ) بِقَيْدٍ
زِدْتُهُ بِقَوْلِي (مَلَكَهُ بِمِلْكِهِ) أَيْ بِسَبَبِ مِلْكِ النِّصَابِ
(حَوْلُ النِّصَابِ) وَإِنْ مَاتَتْ الْأُمَّهَاتُ وَذَلِكَ بِأَنْ
بَلَغَتْ بِهِ نِصَابًا كَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ مِنْ الْغَنَمِ نِتَجَ
مِنْهَا وَاحِدَةٌ فَتَجِبُ شَاتَانِ فَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ بِهِ نِصَابًا
كَمِائَةٍ نَتَجَ مِنْهَا عِشْرُونَ فَلَا أَثَرَ لَهُ. وَالْأَصْلُ فِي
ذَلِكَ مَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ لِسَاعِيهِ: اعْتَدَّ عَلَيْهِمْ بِالسَّخْلَةِ
وَهِيَ تَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَأَيْضًا الْمَعْنَى فِي
اشْتِرَاطِ الْحَوْلِ أَنْ يَحْصُلَ النَّمَاءُ، وَالنَّتَاجُ نَمَاءٌ
عَظِيمٌ فَيَتْبَعُ الْأُصُولَ فِي الْحَوْلِ. أَمَّا مَا نَتَجَ مِنْ
دُونِ نِصَابٍ وَبَلَغَ بِهِ نِصَابًا فَيُبْتَدَأُ حَوْلُهُ مِنْ حِينِ
بُلُوغِهِ وَعُلِمَ بِمَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَوْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْ
النِّصَابِ أَوْ بَعْضُهُ ثُمَّ عَادَ بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ
بِمِثْلِهِ كَإِبِلٍ بِإِبِلٍ اُسْتُؤْنِفَ الْحَوْلُ بِمَا فَعَلَهُ
وَإِنْ قَصَدَ بِهِ الْفِرَارَ مِنْ الزَّكَاةِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ عِنْدَ
قَصْدِ الْفِرَارِ وَأَنَّهُ لَا يُضَمُّ إلَى مَا عِنْدَهُ فِي الْحَوْلِ
مَا مَلَكَهُ بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ كَهِبَةِ وَارِثٍ وَوَصِيَّةٍ،
لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى النِّتَاجِ الْمَذْكُورِ وَإِنَّمَا ضُمَّ
إلَيْهِ فِي النِّصَابِ لِأَنَّهُ بِالْكَثْرَةِ فِيهِ بَلَغَ حَدًّا
يَحْتَمِلُ الْمُوَاسَاةَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
إلَى شَهْرَيْنِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تُرَبِّي وَلَدَهَا شَرْحُ
م ر وَإِنَّمَا كَانَتْ خِيَارًا لِكَثْرَةِ لَبَنِهَا وَهِيَ أَظْهَرُ
مِنْ عِبَارَةِ الشَّارِحِ، لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْهَا أَنَّهَا
تُسَمَّى رُبَّى بَعْدَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ أَوْ بَعْدَ الشَّهْرَيْنِ
(قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ) قَالَ حَجّ: بَعْدَ مِثْلِ مَا
ذُكِرَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِكَوْنِهَا تُسَمَّى
حَدِيثَةً عُرْفًا لِأَنَّهُ الْمُنَاسِبُ لِنَظَرِ الْفُقَهَاءِ ع ش.
(قَوْلُهُ: إلَّا بِرِضَا مَالِكِهَا) يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ فِي
الرُّبَّى إذَا اسْتَغْنَى الْوَلَدُ عَنْهَا وَإِلَّا فَلَا لِحُرْمَةِ
التَّفْرِيقِ حِينَئِذٍ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: أَخَذَ الْخِيَارَ) أَيْ
وَلَوْ بِغَيْرِ رِضَا مَالِكِهَا كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ الِاسْتِثْنَاءِ.
(قَوْلُهُ: إلَّا الْحَوَامِلَ فَلَا تُؤْخَذُ إلَخْ) أَيْ بِغَيْرِ رِضَا
مَالِكِهَا
(قَوْلُهُ: وَمُضِيُّ حَوْلٍ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِتَحَوُّلِهِ أَيْ
ذَهَابِهِ وَمَجِيءِ غَيْرِهِ مِنْ حَالَ إذَا تَحَوَّلَ وَمَضَى.
(قَوْلُهُ: وَلَكِنْ لِنِتَاجٍ نِصَابٍ إلَخْ) لَا يُقَالُ شَرْطُ وُجُوبِ
الزَّكَاةِ السَّوْمُ فِي كَلَأٍ مُبَاحٍ فَكَيْفَ وَجَبَتْ فِي النِّتَاجِ
لِأَنَّا نَقُولُ إنَّ النِّتَاجَ لَمَّا أُعْطِيَ حُكْمَ أُمَّهَاتِهِ فِي
الْحَوْلِ فَأَوْلَى فِي السَّوْمِ فَمَحَلُّ اشْتِرَاطِهِمَا فِي غَيْرِ
ذَلِكَ التَّابِعِ الَّذِي لَا يُتَصَوَّرُ إسَامَتُهُ كَمَا فِي حَجّ وَم
ر وَيُشْتَرَطُ اتِّحَادُ الْجِنْسِ فَلَوْ حَمَلَتْ الْبَقَرُ بِإِبِلٍ
إنْ تُصَوِّرَ فَلَا ضَمَّ حَجّ وَشَوْبَرِيٌّ وَلَا بُدَّ مِنْ تَمَامِ
الِانْفِصَالِ قَبْلَ الْحَوْلِ كَمَا فِي م ر. (قَوْلُهُ: مَلَكَهُ
بِمِلْكِهِ) بِخِلَافِ مَا إذَا اخْتَلَفَ السَّبَبُ كَأَنْ أَوْصَى
مَالِكُ الْأُمَّهَاتِ بِالنِّتَاجِ لِآخَرَ وَمَاتَ فَقَبِلَ الْمُوصَى
لَهُ الْوَصِيَّةَ ثُمَّ أَوْصَى بِالنِّتَاجِ لِلْوَارِثِ فَلَا ضَمَّ
لِاخْتِلَافِ سَبَبِ مِلْكِهِمَا أَوْ وَرِثَهُ الْوَارِثُ مِنْ الْمُوصَى
لَهُ كَذَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ
كَوْنُ النِّتَاجِ لَهُ حَوْلُ النِّصَابِ وَقَوْلُهُ: بِأَنْ بَلَغَتْ
بِهِ نِصَابًا أَيْ نِصَابًا آخَرَ وَإِلَّا فَالْفَرْضُ أَنَّهَا نِصَابٌ.
وَقَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ بِهِ نِصَابًا أَيْ نِصَابًا آخَرَ
غَيْرَ نِصَابِ الْأُمَّهَاتِ. (قَوْلُهُ: نُتِجَ) بِضَمِّ النُّونِ
وَكَسْرِ التَّاءِ عَلَى صُورَةِ الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَقَوْلُهُ:
وَاحِدَةٌ فَاعِلُ نُتِجَ وَقَدْ يُقَالُ نَتَجَتْ النَّاقَةُ وَلَدًا
بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ عَلَى مَعْنَى وَلَدَتْ أَوْ حَمَلَتْ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ بِهِ نِصَابًا) أَيْ آخَرَ. (قَوْلُهُ:
اعْتَدَّ) بِفَتْحِ التَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ مُثْقَلًا أَمْرٌ مِنْ
الِاعْتِدَادِ وَهُوَ الْحِسَابُ أَيْ اُحْسُبْهَا عَلَيْهِمْ وَاجْعَلْهَا
مِنْ الْعَدَدِ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: بِالسَّخْلَةِ) أَيْ الَّتِي لَمْ
تَبْلُغْ سَنَةً وَجَمْعُهَا سَخْلٌ بِوَزْنِ فَلْسٍ وَسِخَالٌ بِالْكَسْرِ
ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: أَمَّا مَا نُتِجَ مِنْ دُونِ نِصَابٍ) هَذَا مُحْتَرَزُ
الْإِضَافَةِ فِي قَوْلِهِ وَلِنِتَاجٍ نِصَابٍ وَقَوْلُهُ: الْآتِي
وَأَنَّهُ لَا يَضُمُّ إلَى مَا عِنْدَهُ مُحْتَرَزُ التَّعْبِيرِ
بِالنِّتَاجِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ بِمَا ذُكِرَ) أَيْ
بِقَوْلِهِ مَضَى حَوْلٌ فِي مِلْكِهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ عَادَ بِشِرَاءٍ
أَوْ غَيْرِهِ) كَرَدٍّ بِعَيْبٍ كَمَا لَوْ بَاعَ النِّصَابَ قَبْلَ
تَمَامِ حَوْلِهِ ثُمَّ رُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ أَوْ إقَالَةٍ
اسْتَأْنَفَهُ مِنْ حِينِ الرَّدِّ. قَالَ سم: وَيُسْتَثْنَى مِنْ
انْقِطَاعِهِ بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ مَا إذَا كَانَ الْمَرْدُودُ مَالَ
تِجَارَةٍ وَقَدْ بَاعَهُ بِعَرْضِ تِجَارَةٍ فَلَا يَسْتَأْنِفُ لَهُ
حَوْلًا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِمِثْلِهِ) الْغَايَةُ لِلرَّدِّ أَيْ وَلَوْ
زَالَ مِلْكُهُ بِمِثْلِهِ أَيْ فِي غَيْرِ نَحْوِ قَرْضِ النَّقْدُ
كَعُرُوضِ التِّجَارَةِ فَلَوْ أَقْرَضَ نِصَابَ نَقْدٍ فِي الْحَوْلِ لَمْ
يَنْقَطِعْ حَوْلُهُ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَمْ يَزُلْ بِالْكُلِّيَّةِ
لِثُبُوتِ بَدَلِهِ فِي ذِمَّةِ الْمُقْتَرِضِ وَالدَّيْنُ تَجِبُ فِيهِ
الزَّكَاةُ كَمَا يَأْتِي حَجّ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ قَصَدَ بِهِ الْفِرَارَ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ
الصَّيْرَفِيَّ التَّاجِرَ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ لِانْقِطَاعِ حَوْلِهِ
بِإِبْدَالِ النَّقْدِ بِمِثْلِهِ وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ: بَشِّرْ
الصَّيَارِفَةَ بِأَنْ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِمْ ز ي (قَوْلُهُ: عِنْدَ
قَصْدِ الْفِرَارِ مِنْ الزَّكَاةِ) أَيْ فَقَطْ بِخِلَافِهِ لِحَاجَةٍ
أَوْ لَهَا وَلِلْفِرَارِ أَوْ مُطْلَقًا عَلَى مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُمْ
وَلَا يُنَافِي مَا قَرَّرْنَاهُ مِنْ عَدَمِ الْكَرَاهَةِ هُنَا فِيمَا
لَوْ قَصَدَ الْفِرَارَ مَعَ الْحَاجَةِ مَا مَرَّ مِنْ كَرَاهَةِ ضَبَّةٍ
صَغِيرَةٍ لِحَاجَةٍ وَزِينَةٍ، لِأَنَّ فِي الضَّبَّةِ اتِّخَاذًا
فَقَوِيَ الْمَنْعُ بِخِلَافِ الْفِرَارِ شَرْحُ م ر شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَا يَضُمُّ إلَخْ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ
وَلَكِنْ لِنِتَاجٍ نِصَابٍ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا ضَمَّ إلَخْ) أَيْ مَا
مَلَكَهُ بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فِي النِّصَابِ) أَيْ فِي
إكْمَالِ النِّصَابِ بِأَنْ كَانَ لَا يَبْلُغُ نِصَابًا أَوْ فِي مُطْلَقِ
نِصَابٍ الشَّامِلِ لِنِصَابٍ آخَرَ لَكِنَّ قَوْلَهُ يَحْتَمِلُ
الْمُوَاسَاةَ يُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمَعْنَى أَصْلُ
الْمُوَاسَاةِ
(2/13)
فَلَوْ مَلَكَ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً سِتَّةَ
أَشْهُرٍ ثُمَّ اشْتَرَى عَشْرًا فَعَلَيْهِ عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ
الْأَوَّلِ لِلثَّلَاثِينَ تَبِيعٌ وَلِكُلِّ حَوْلٍ بَعْدَهُ ثَلَاثَةُ
أَرْبَاعِ مُسِنَّةٍ وَعِنْدَ تَمَامِ كُلِّ حَوْلٍ لِلْعَشْرَةِ رُبْعُ
مُسِنَّةٍ وَأَنَّهُ لَوْ انْفَصَلَ النِّتَاجُ بَعْدَ الْحَوْلِ لَمْ
يَكُنْ حَوْلُ النِّصَابِ حَوْلَهُ لِتَقَرُّرِ وَاجِبِ أَصْلِهِ،
وَلِأَنَّ الْحَوْلَ الثَّانِيَ أَوْلَى بِهِ (فَلَوْ ادَّعَى) الْمَالِكُ
(النِّتَاجَ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْحَوْلِ (نَصَّاب الزَّكَاة)
(صُدِّقَ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُودِهِ قَبْلَهُ (فَإِنْ اُتُّهِمَ)
أَيْ اتَّهَمَهُ السَّاعِي (سُنَّ تَحْلِيفُهُ) وَالتَّصْرِيحُ بِسَنِّ
تَحْلِيفِهِ مِنْ زِيَادَتِي
(وَ) رَابِعُهَا (إسَامَةُ مَالِكٍ لَهَا كُلَّ الْحَوْلِ) لِقَوْلِهِ فِي
خَبَرِ أَنَسٍ «وَفِي صَدَقَةِ الْغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا إذَا كَانَتْ
أَرْبَعِينَ إلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ شَاةٌ» دَلَّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى
عَدَمِ الزَّكَاةِ فِي مَعْلُوفَةِ الْغَنَمِ وَقِيسَ بِهَا مَعْلُوفَةُ
الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَاخْتَصَّتْ السَّائِمَةُ بِالزَّكَاةِ لِتَوَفُّرِ
مُؤْنَتِهَا بِالرَّعْيِ فِي كَلَأٍ مُبَاحٍ أَوْ مَمْلُوكٍ قِيمَتُهُ
يَسِيرَةٌ لَا يُعَدُّ مِثْلُهَا كُلْفَةً فِي مُقَابَلَةِ نَمَائِهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
أَوْ زِيَادَتُهَا تَأَمَّلْ. وَالْمُرَادُ بِالْمُوَاسَاةِ الزَّكَاةُ
أَوْ الْإِحْسَانُ.
(قَوْلُهُ: فَلَوْ مَلَكَ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً) مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ
وَإِنَّمَا ضَمَّ إلَخْ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَعِنْدَ تَمَامِ كُلِّ
حَوْلٍ لِلْعَشْرِ رُبْعٌ مُسِنَّةٌ) هَذَا يُوهِمُ تَأْخِيرَ حَوْلِ
الْعَشَرَةِ مَعَ أَنَّهُ مُقَدَّمٌ كَمَا بَيَّنَهُ حَجّ وَعِبَارَتُهُ
فَإِذَا اشْتَرَى غُرَّةَ الْمُحَرَّمِ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً وَعَشْرَةً
أُخْرَى أَوَّلَ رَجَبٍ فَعَلَيْهِ فِي الثَّلَاثِينَ تَبِيعٌ عِنْدَ
الْمُحَرَّمِ، وَلِلْعَشْرَةِ رُبْعٌ مُسِنَّةٌ عِنْدَ رَجَبٍ، ثُمَّ
عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ فِي بَاقِي الْأَحْوَالِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ
مُسِنَّةٍ عِنْدَ الْمُحَرَّمِ وَرُبْعُهَا عِنْدَ رَجَبٍ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَوْ انْفَصَلَ إلَخْ) اُنْظُرْ مِنْ أَيْنَ عَلِمَ،
لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَامِ الْمَاتِنِ وَلَا الشَّارِحِ تَصْرِيحٌ
بِأَنَّ الِانْفِصَالَ قَبْلَ الْحَوْلِ ح ف وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَدَّرَ فِي
كَلَامِ الْمَتْنِ قَيْدٌ يُخْرِجُهُ وَالتَّقْدِيرُ وَلَكِنْ لِنِتَاجٍ
نِصَابٍ انْفَصَلَ قَبْلَ الْحَوْلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ م ر. (قَوْلُهُ:
بَعْدَ الْحَوْلِ) قَالَ سم: أَوْ مَعَهُ وَقَالَ م ر: أَوْ قَبْلَهُ
وَلَمْ يَتِمَّ انْفِصَالُهُ إلَّا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: سُنَّ
تَحْلِيفُهُ) أَيْ احْتِيَاطًا لِحَقِّ الْمُسْتَحَقِّينَ فَإِنْ نَكَلَ
تُرِكَ وَلَا يَجُوزُ تَحْلِيفُ السَّاعِي، لِأَنَّهُ وَكِيلٌ وَلَا
الْمُسْتَحَقِّينَ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهِمْ م ر اط ف، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ
سُنَّ تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ بِلَا بَيِّنَةٍ فِيمَا
ادَّعَى الْمَالِكُ أَنَّهَا عُلِفَتْ الْقَدْرَ الَّذِي يَقْطَعُ
السَّوْمَ وَأَنْكَرَ السَّاعِي قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ قَالَ كُنْت بِعْت
الْمَالَ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ ثُمَّ اشْتَرَيْتُهُ لَوْ اتَّهَمَهُ
السَّاعِي فِي ذَلِكَ مِنْ أَنَّهُ يَحْلِفُ نَدْبًا ع ش عَلَى م ر.
وَقَوْلُهُ: إنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ إلَخْ خَالَفَ سم فَقَالَ: لَا
بُدَّ مِنْ الْبَيِّنَةِ
(قَوْلُهُ: وَإِسَامَةُ مَالِكٍ) أَيْ عَالِمٍ بِأَنَّهَا مِلْكُهُ أَخْذًا
مِمَّا بَعْدَهُ أَيْ مُمَيِّزٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكَلَّفًا ح ل تَبَعًا
لِشَيْخِهِ ز ي وَاَلَّذِي قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ
يَكُونَ مُكَلَّفًا وَمِثْلُ الْمَالِكِ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ
وَكِيلٍ أَوْ وَلِيٍّ أَوْ حَاكِمٍ بِأَنْ غَصَبَ مَعْلُوفَةً وَرَدَّهَا
عِنْدَ غَيْبَةِ الْمَالِكِ لِلْحَاكِمِ فَأَسَامَهَا. قَالَ الْعَلَّامَةُ
الشَّوْبَرِيُّ: وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِمَا لَوْ كَانَ سَقْيُهَا الْمَاءَ
فِيهِ كُلْفَةٌ كَأَنْ كَانَ مَمْلُوكًا وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ
الْعَلَفِ حَرِّرْ. وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ شَأْنَ الْمَاءِ عَدَمُ
الْمُؤْنَةِ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَالْمِيَاهُ الَّتِي تُسْقِطُ
الْعُشْرَ وَتُوجِبُ نِصْفَهُ كَالْعَلَفِ هُنَا فَتُسْقِطُ أَيْضًا
زَكَاةَ الْمَاشِيَةِ، وَفَارَقَتْ الزُّرُوعَ كَمَا سَيَأْتِي بِأَنَّ
احْتِيَاجَ الْمَاشِيَةِ إلَى الْعَلَفِ وَالسَّقْيِ أَكْثَرُ غَالِبًا
وَلَمْ يَجْعَلُوا خَرَاجَ الْأَرْضِ كَالْعَلَفِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ
لِلْخَرَاجِ دَخْلٌ فِي تَنْمِيَةِ الزَّرْعِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَفِي
صَدَقَةِ الْغَنَمِ إلَى قَوْلِهِ شَاةٌ) يَلْزَمُ عَلَيْهِ ظَرْفِيَّةُ
الشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ، لِأَنَّ الشَّاةَ نَفْسُ صَدَقَةِ الْغَنَمِ إلَّا
أَنْ يُقَالَ فِي الْكَلَامِ مُضَافٌ مُقَدَّرٌ أَيْ فِي ذَاتِ صَدَقَةِ
الْغَنَمِ شَاةٌ تَأَمَّلْ. وَالْإِضَافَةُ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ
لِلْمَوْصُوفِ أَيْ فِي الْغَنَمِ ذَاتِ الصَّدَقَةِ شَاةٌ وَقِيلَ
الْمُرَادُ بِصَدَقَةِ الْغَنَمِ نَفْسُ الْغَنَمِ الْمُزَكَّاةِ
وَأَطْلَقَ عَلَيْهَا صَدَقَةً لِكَوْنِهَا جُزْءًا مِنْهَا فَهُوَ مِنْ
إطْلَاقِ الْجُزْءِ عَلَى الْكُلِّ اهـ.
(قَوْلُهُ: فِي سَائِمَتهَا) بَدَلٌ مِمَّا قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: دَلَّ
بِمَفْهُومِهِ إلَخْ) فَإِنْ قِيلَ لِمَ خَصَّ الْقِيَاسَ بِالْمَفْهُومِ
وَلَمْ يُعَمِّمْهُ فِيهِ وَفِي الْمَنْطُوقِ؟ قُلْت، لِأَنَّ غَيْرَ
الْغَنَمِ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ دَلَّ حَدِيثُ أَنَسٍ الْمُتَقَدِّمُ
عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهَا مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ. وَالْقَصْدُ إخْرَاجُ
الْمَعْلُوفَةِ مِنْهَا فَتَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ وَهُوَ الْقِيَاسُ عَلَى
مَعْلُوفَةِ الْغَنَمِ عَلَى أَنَّ إيرَادَ هَذَا الْحَدِيثِ إنَّمَا
قُصِدَ بِهِ إخْرَاجُ الْمَعْلُوفَةِ مِنْ الْغَنَمِ وَمِنْ ثَمَّ جَعَلَهُ
دَلِيلًا عَلَى اشْتِرَاطِ السَّوْمِ وَأَمَّا أَصْلُ الزَّكَاةِ فِي
الْغَنَمِ فَقَدْ عُلِمَ مِمَّا سَبَقَ أَيْضًا، فَإِنْ قُلْت: جَعْلُ
الْحَدِيثِ دَالًّا بِالْمَفْهُومِ مُشْكِلٌ فَإِنَّ شَرْطَ الْعَمَلِ
بِالْمَفْهُومِ أَنْ لَا يَكُونَ الْقَيْدُ مِمَّا يَغْلِبُ وُقُوعُهُ
وَالسَّوْمُ غَالِبٌ فِي غَنَمِ الْعَرَبِ. قُلْت أَجَابَ سم بِأَنَّ
ذَلِكَ مَحَلُّهُ حَيْثُ لَمْ يَظْهَرْ لِلْقَيْدِ مَعْنًى غَيْرَ كَوْنِهِ
لِمُجَرَّدِ الْغَالِبِ وَهُنَا يُمْكِنُ أَنَّهُ ذُكِرَ لِلتَّنْبِيهِ
عَلَى خِفَّةِ الْمَئُونَةِ وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ
أَيْضًا فِيمَا لَمْ يُفِدْ حُكْمًا عَامًّا أَمَّا هُوَ فَيُعْمَلُ
بِمَفْهُومِهِ وَإِنْ كَانَ غَالِبًا أَوْ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: بِالرَّعْيِ فِي كَلَأٍ مُبَاحٍ) وَلَوْ جَزَّهُ وَأَطْعَمَهَا
إيَّاهُ فِي الْمَرْعَى أَوْ فِي الْبَلَدِ فَمَعْلُوفَةٌ، وَلَوْ رَعَاهَا
وَرَقًا تَنَاثَرَ فَسَائِمَةٌ، فَلَوْ جَمَعَ وَقَدَّمَ لَهَا
فَمَعْلُوفَةٌ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا إذَا أَخَذَ كَلَأَ
الْحَرَمِ وَعَلَفَهَا بِهِ فَلَا يَنْقَطِعُ السَّوْمُ. لِأَنَّ كَلَأَ
الْحَرَمِ لَا يُمْلَكُ وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ أَخْذُهُ لِلْبَيْعِ
وَإِنَّمَا يَثْبُتُ بِهِ نَوْعُ اخْتِصَاصٍ م ر وَحَجّ وَقَرَّرَهُ ح ف
وَالْكَلَأُ بِالْهَمْزِ الْحَشِيشُ مُطْلَقًا رَطْبًا أَوْ يَابِسًا
وَالْهَشِيمُ هُوَ الْيَابِسُ وَالْعُشْبُ وَالْخَلَا بِالْقَصْرِ هُوَ
الرَّطْبُ.
(قَوْلُهُ: قِيمَتُهُ يَسِيرَةٌ) لَيْسَ بِقَيْدٍ وَكَذَا لَوْ كَانَتْ
كَثِيرَةً كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ م ر ع ش وَمِثْلُهُ سم وَضَعَّفَهُ
(2/14)
لَكِنْ لَوْ عَلَفهَا قَدْرًا تَعِيشُ
بِدُونِهِ بِلَا ضَرَرٍ بَيِّنٍ وَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ قَطْعَ سَوْمٍ لَمْ
يَضُرَّ) أَمَّا لَوْ سَامَتْ بِنَفْسِهَا أَوْ سَامَهَا غَيْرُ مَالِكِهَا
كَغَاصِبٍ أَوْ اعْتَلَفَتْ سَائِمَةٌ أَوْ عُلِفَتْ مُعْظَمَ الْحَوْلِ
أَوْ قَدْرًا لَا تَعِيشُ بِدُونِهِ أَوْ تَعِيشُ لَكِنْ بِضَرَرٍ بَيِّنٍ
أَوْ بِلَا ضَرَرٍ بَيِّنٍ لَكِنْ قَصَدَ بِهِ قَطْعَ السَّوْمِ أَوْ
وَرِثَهَا وَتَمَّ حَوْلُهَا وَلَمْ يَعْلَمْ فَلَا زَكَاةَ لِفَقْدِ
إسَامَةِ الْمَالِكِ الْمَذْكُورَةِ، وَالْمَاشِيَةُ تَصْبِرُ عَنْ
الْعَلَفِ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ لَا ثَلَاثَةً، وَتَعْبِيرِي
بِإِسَامَةِ الْمَالِكِ لَهَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَكَوْنُهَا سَائِمَةً
وَقَوْلِي وَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ قَطْعَ سَوْمٍ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَلَا زَكَاةَ فِي عَوَامِلَ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
شَيْخُنَا ح ف، لِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ كَثِيرَةً لَا يُقَالُ
لَهَا سَائِمَةً حِينَئِذٍ وَأَيْضًا يُنَافِيهِ قَوْلُ شَارِحٍ
لِتَوَفُّرِ مَئُونَتِهَا إلَخْ لِأَنَّهُ لَا تَوَفُّرَ حِينَئِذٍ وَقَدْ
يُقَالُ الْمَدَارُ عَلَى كَوْنِ الْقِيمَةِ لَا يُعَدُّ مِثْلُهَا
كُلْفَةً فِي مُقَابَلَةِ نَمَائِهَا كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَإِنْ
كَانَتْ كَثِيرَةً فِي نَفْسِهَا فَتَأَمَّلْ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر
وَلَوْ أُسِيمَتْ فِي كَلَأٍ مَمْلُوكٍ كَأَنْ نَبَتَ فِي أَرْضٍ
مَمْلُوكَةٍ لِشَخْصٍ أَوْ مَوْقُوفَةٍ عَلَيْهِ فَهَلْ هِيَ سَائِمَةٌ
أَوْ مَعْلُوفَةٌ؟ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ
وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي أَوَّلُهُمَا، لِأَنَّ قِيمَةَ الْكَلَأِ
تَافِهَةٌ غَالِبًا وَلَا كُلْفَةَ فِيهَا وَرَجَّحَ السُّبْكِيُّ أَنَّهَا
سَائِمَةٌ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْكَلَأِ قِيمَةٌ أَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ
يَسِيرَةً لَا يُعَدُّ مِثْلُهَا كُلْفَةً فِي مُقَابَلَةِ نَمَائِهَا
وَإِلَّا فَمَعْلُوفَةٌ وَالْمُنَاسِبُ لِمَا سَيَأْتِي فِي
الْمُعَشَّرَاتِ مِنْ أَنَّ فِيمَا سُقِيَ بِمَا اشْتَرَاهُ أَوْ
اتَّهَبَهُ نِصْفُ الْعُشْرِ كَمَا لَوْ سُقِيَ بِالنَّاضِحِ وَنَحْوِهِ
أَنَّ الْمَاشِيَةَ هُنَا مَعْلُوفَةٌ بِجَامِعِ كَثْرَةِ الْمُؤْنَةِ
قَالَ الشَّيْخُ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ.
وَالْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ سَائِمَةٍ وَمَعْلُوفَةٍ لَهُ حُكْمُ الْأُمِّ
فَإِنْ كَانَتْ سَائِمَةً ضُمَّ إلَيْهَا فِي الْحَوْلِ وَإِلَّا فَلَا
وَلَوْ كَانَ يُسَرِّحُهَا نَهَارًا وَيُلْقِي لَهَا شَيْئًا مِنْ
الْعَلَفِ لَيْلًا لَمْ تُؤَثِّرْ قَالَ ع ش: عَلَيْهِ وَبَقِيَ مَا لَوْ
كَانَتْ تَرْعَى فِي كَلَأٍ مُبَاحٍ جَمِيعَ السَّنَةِ لَكِنْ جَرَتْ
عَادَةُ مَالِكِهَا بِعَلَفِهَا إذَا رَجَعَتْ إلَى بُيُوتِ أَهْلِهَا
قَدْرًا لِزِيَادَةِ النَّمَاءِ أَوْ دَفْعِ ضَرَرٍ يَسِيرٍ لِلتَّحَفُّظِ
هَلْ ذَلِكَ يَقْطَعُ حُكْمَ السَّوْمِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَقَدْ
يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ وَلَوْ كَانَ يُسَرِّحُهَا نَهَارًا إلَخْ
أَنَّهَا سَائِمَةٌ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَوْ عَلَفَهَا قَدْرًا تَعِيشُ
إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَفْهُومِ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَضُرَّ)
أَيْ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ بَلْ تَجِبُ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ سَامَتْ
بِنَفْسِهَا إلَخْ) اُنْظُرْ عَدَمَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي هَذِهِ مَعَ
أَنَّ الْعِلَّةَ مَوْجُودَةٌ فِيهَا وَهِيَ تَوَفُّرُ الْمَئُونَةِ
بِالرَّعْيِ فِي كَلَأٍ مُبَاحٍ تَأَمَّلْ. وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ ثَمَانِ
صُوَرٍ فَقَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ سَامَتْ هَذِهِ وَمَا بَعْدَهَا مُحْتَرَزُ
قَوْلِهِ إسَامَةُ مَالِكٍ، وَقَوْلُهُ: أَوْ اُعْتُلِفَتْ مُحْتَرَزُ
كُلِّ الْحَ وْلِ (قَوْلُهُ: كَغَاصِبٍ) أَيْ وَكَمُشْتَرٍ شِرَاءً
فَاسِدًا (قَوْلُهُ: مُعْظَمَ الْحَوْلِ) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ
الْمَسْأَلَتَيْنِ.
(قَوْلُهُ: لَكِنْ قَصَدَ بِهِ قَطْعَ السَّوْمِ) وَيُشْتَرَطُ فِي
الْعَلَفِ الَّذِي قَصَدَ بِهِ قَطْعَ السَّوْمِ أَنْ يَكُونَ مُتَمَوَّلًا
كَمَا قَالَهُ م ر (قَوْلُهُ: أَوْ وَرِثَهَا) مَفْهُومُ قَيْدٍ مَلْحُوظٍ
فِي الْمَتْنِ أَيْ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهَا مِلْكُهُ وَعِبَارَةُ شَرْحِ
م ر لَوْ وَرِثَ سَائِمَةً وَدَامَتْ كَذَلِكَ سَنَةً ثُمَّ عَلِمَ
بِإِرْثِهَا لَمْ تَجِبْ زَكَاتُهَا لِمَا مَرَّ مِنْ اشْتِرَاطِ إسَامَةِ
الْمَالِكِ أَوْ نَائِبِهِ وَهُوَ مَفْقُودٌ هُنَا. فَيُفْهَمُ مِنْهَا
أَنَّ صُورَةَ الشَّارِحِ أَنْ تَسُومَ بِنَفْسِهَا أَوْ يُسِيمَهَا غَيْرُ
الْوَارِثِ الَّذِي هُوَ الْمَالِكُ لَهَا، وَحِينَئِذٍ تَكُونُ دَاخِلَةً
فِي قَوْلِهِ أَمَّا لَوْ سَامَتْ بِنَفْسِهَا أَوْ أَسَامَهَا غَيْرُ
الْمَالِكِ وَأَيْضًا قَوْلُهُ: وَلَمْ يَعْلَمْ لَيْسَ بِقَيْدٍ لِأَنَّهُ
حِينَئِذٍ لَا فَرْقَ بَيْنَ عِلْمِهِ وَعَدَمِهِ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ
الْمَالِكَ لَمْ يُسِمْهَا وَلَا يَصِحُّ تَصْوِيرُهَا بِمَا إذَا كَانَ
الْوَارِثُ يُسِيمُهَا جَاهِلًا بِأَنَّهَا مِلْكُهُ حَتَّى يَكُونَ عَدَمُ
الْعِلْمِ قَيْدًا مُعْتَبَرًا وَتَكُونَ غَيْرَ دَاخِلَةٍ فِيمَا
قَبْلَهُ، لِأَنَّهُ يُنَافِيهِ. تَرَدَّدَ الشَّوْبَرِيُّ وَغَيْرُهُ فِي
هَذِهِ الصُّورَةِ فَلَا يُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَيْهَا فَكَانَ الْأَوْلَى
لِلشَّارِحِ أَنْ يَذْكُرَهَا مَسْأَلَةً مُسْتَقِلَّةً كَمَا فَعَلَ م ر
وَلَا يَجْعَلَهَا مُحْتَرَزَ مَا تَقَدَّمَ، وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ
وَانْظُرْ لَوْ كَانَ الْوَارِثُ هُوَ الرَّاعِيَ أَوْ غَاصِبَهَا وَقَدْ
أَسَامَهَا غَيْرَ عَالِمٍ بِأَنَّهَا مِلْكُهُ فَهَلْ تُعْتَبَرُ هَذِهِ
الْإِسَامَةُ لِأَنَّهَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ إسَامَةُ الْمَالِكِ أَوْ
لَا؟ ، لِأَنَّهُ ظَاهِرًا نَائِبٌ عَنْ غَيْرِهِ فَكَأَنَّ الْغَيْرَ هُوَ
السَّائِمُ يُحَرَّرُ اهـ وَاعْتَمَدَ ع ش عَلَى م ر الثَّانِي، لِأَنَّ
الشَّرْطَ قَصْدُ إسَامَةِ الْمَالِكِ وَهُوَ لَمْ يَقْصِدْ إسَامَتَهَا
عَلَى أَنَّهَا مِلْكُهُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف.
وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا يَصِحُّ تَصْوِيرُهَا إلَخْ فِيهِ شَيْءٌ
فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: لِفَقْدِ إسَامَةِ الْمَالِكِ) وَإِنَّمَا
اعْتَبَرَ قَصْدَهُ دُونَ قَصْدِ الِاعْتِلَافِ لِأَنَّ السَّوْمَ
يُؤَثِّرُ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فَاعْتُبِرَ قَصْدُهُ، وَالِاعْتِلَافُ
يُؤَثِّرُ فِي سُقُوطِهَا فَلَا يُعْتَبَرُ قَصْدُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ
عَدَمُ وُجُوبِهَا شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: لَا ثَلَاثَةً) أَيْ بِلَا ضَرَرٍ
بَيِّنٍ فَلَا يُنَافِي أَنَّهَا تَعِيشُ حِينَئِذٍ لَكِنْ بِضَرَرٍ
بَيِّنٍ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف أَيْ فَيَضُرُّ عَدَمُ عَلْفِهَا
ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَوْ مُتَفَرِّقَةً كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ
شَوْبَرِيٌّ
(قَوْلُهُ: وَلَا زَكَاةَ فِي عَوَامِلَ) وَلَوْ كَانَ الِاسْتِعْمَالُ
مُحَرَّمًا كَحَمْلِ مُسْكِرٍ وَفَرَّقَ بَيْنَ الْمُسْتَعْمَلَةِ فِي
مُحَرَّمٍ وَبَيْنَ الْحُلِيِّ الْمُسْتَعْمَلِ فِيهِ بِأَنَّ الْأَصْلَ
فِيهَا الْحِلُّ، وَفِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ الْحُرْمَةُ إلَّا مَا
رُخِّصَ. فَإِذَا اُسْتُعْمِلَتْ الْمَاشِيَةُ فِي الْمُحَرَّمِ رَجَعَتْ
إلَى أَصْلِهَا وَلَا نَظَرَ إلَى الْفِعْلِ الْخَسِيسِ وَإِذَا
اُسْتُعْمِلَ الْحُلِيُّ فِي ذَلِكَ فَقَدْ اُسْتُعْمِلَ فِي أَصْلِهِ ز ي.
(2/15)
فِي حَرْثٍ أَوْ نَحْوِهِ لِاقْتِنَائِهَا
لِلِاسْتِعْمَالِ لَا لِلنَّمَاءِ كَثِيَابِ الْبَدَنِ وَمَتَاعِ الدَّارِ
(وَتُؤْخَذُ زَكَاةُ سَائِمَةٍ عِنْدَ وُرُودِهَا مَاءً) لِأَنَّهَا
أَقْرَبُ إلَى الضَّبْطِ حِينَئِذٍ فَلَا يُكَلِّفُهُمْ السَّاعِي رَدَّهَا
إلَى الْبَلَدِ كَمَا لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَتْبَعَ الْمُرَاعِي (وَإِلَّا)
أَيْ وَإِنْ لَمْ تَرِدْ الْمَاءَ بِأَنْ اكْتَفَتْ بِالْكَلَأِ فِي وَقْتِ
الرَّبِيعِ (فَ) عِنْدَ (بُيُوتِ أَهْلِهَا) وَأَفْنِيَتِهِمْ وَذَلِكَ
لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ «تُؤْخَذُ صَدَقَاتُ أَهْلِ الْبَادِيَةِ عَلَى
مِيَاهِهِمْ وَأَفْنِيَتِهِمْ» وَهُوَ مُنَزَّلٌ عَلَى مَا قُلْنَا
(وَيُصَدَّقُ مُخْرِجُهَا فِي عَدَدِهَا، إنْ كَانَ ثِقَةً، وَإِلَّا
فَتُعَدُّ. وَالْأَسْهَلُ) عَدُّهَا (عِنْد مَضِيقٍ) تَمُرُّ بِهِ
وَاحِدَةً وَاحِدَةً وَبِيَدِ كُلٍّ مِنْ الْمَالِكِ وَالسَّاعِي أَوْ
نَائِبِهِمَا قَضِيبٌ يُشِيرَانِ بِهِ إلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ أَوْ
يُصِيبَانِ بِهِ ظَهْرَهَا لِأَنَّ ذَلِكَ أَبْعَدُ عَنْ الْغَلَطِ فَإِنْ
اخْتَلَفَا بَعْدَ الْعَدَدِ وَكَانَ الْوَاجِبُ يَخْتَلِفُ بِهِ أَعَادَا
الْعَدَدَ وَتَعْبِيرِيّ بِالْمُخْرِجِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ
بِالْمَالِكِ، وَقَوْلِي وَالْأَسْهَلُ مِنْ زِيَادَتِي
(وَلَوْ اشْتَرَكَ اثْنَانِ) مَثَلًا (مِنْ أَهْلِ زَكَاةٍ فِي نِصَابٍ
أَوْ فِي أَقَلَّ) مِنْهُ (وَلِأَحَدِهِمَا نِصَابٌ) وَلَوْ فِي غَيْرِ
مَاشِيَةٍ مِنْ نَقْدٍ أَوْ غَيْرِهِ (زَكَّيَا كَوَاحِدٍ) لِقَوْلِهِ فِي
خَبَرِ أَنَسٍ «وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ
مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ» نُهِيَ الْمَالِكُ عَنْ التَّفْرِيقِ
وَعَنْ الْجَمْعِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوِهِ) كَنَضْحٍ وَحَمْلِ مَاءٍ لِلشُّرْبِ ز ي.
(قَوْلُهُ: لِلِاسْتِعْمَالِ) بِأَنْ يَسْتَعْمِلَهَا الْقَدْرَ الَّذِي
لَوْ عَلَفَهَا فِيهِ سَقَطَتْ الزَّكَاةُ كَمَا نَقَلَهُ
الْبَنْدَنِيجِيُّ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ
(قَوْلُهُ: عِنْدَ وُرُودِهَا مَاءً) هَذَا إنْ لَمْ يَعْلَمْ عَدَدَهَا قِ
ل. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَعِنْدَ بُيُوتِ أَهْلِهَا) وَيُكَلَّفُونَ
رَدَّهَا إلَيْهَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَمُقْتَضَاهُ تَجْوِيزُ
تَكْلِيفِهِمْ الرَّدَّ إلَى الْأَفْنِيَةِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَحَامِلِيُّ
وَغَيْرُهُ وَالْأَوْجَهُ فِي الَّتِي لَا تَرِدُ مَاءً وَلَا مُسْتَقَرَّ
لِأَهْلِهَا لِدَوَامِ انْتِجَاعِهِمْ تَكْلِيفُ السَّاعِي النُّجْعَةَ،
لِأَنَّ كُلْفَتَهُ أَهْوَنُ مِنْ كُلْفَةِ تَكْلِيفِهِمْ رَدَّهَا إلَى
مَحَلٍّ آخَرَ وَلَوْ كَانَتْ مُتَوَحِّشَةً يَعْسُرُ أَخْذُهَا
وَإِمْسَاكُهَا فَعَلَى رَبِّ الْمَاءِ تَسْلِيمُ السِّنِّ الْوَاجِبِ
لِلسَّاعِي وَلَوْ تَوَقَّفَ ذَلِكَ عَلَى عِقَالٍ لَزِمَهُ أَيْضًا وَهُوَ
مَحْمَلُ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَاَللَّهِ لَوْ
مَنَعُونِي عِقَالًا لَقَاتَلْتهمْ لِأَنَّهُ هُنَا مِنْ تَمَامِ
التَّسْلِيمِ اهـ وَيَتَصَرَّفُ فِيهِ السَّاعِي بِمَا يَتَعَلَّقُ بِمَالِ
الزَّكَاةِ وَيَبْرَأُ الْمَالِكُ بِتَسْلِيمِهَا لِلسَّاعِي عَلَى
الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى السَّاعِي أَيْضًا إذَا
تَلِفَتْ فِي يَدِهِ بِلَا تَقْصِيرٍ كَمَا فِي ع ش عَلَيْهِ.
وَقَوْلُهُ: وَأَفْنِيَتِهِمْ عَطْفُ مُرَادِفٍ. (قَوْلُهُ: وَيُصَدَّقُ
مُخْرِجُهَا) أَيْ مِنْ مَالِكٍ أَوْ وَكِيلٍ أَوْ وَلِيِّ مَحْجُورٍ
عَلَيْهِ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَتُعَدُّ) أَيْ وُجُوبًا كَمَا
فِي شَرْحِ م ر
(قَوْلُهُ: وَلَوْ اشْتَرَكَ اثْنَانِ) أَيْ شَرِكَةَ شُيُوعٍ، لِأَنَّ
شَرِكَةَ الْجِوَارِ سَتَأْتِي فِي كَلَامِهِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ
الِاسْتِدْلَال عَلَى هَذِهِ إنَّمَا هُوَ بِمَفْهُومِ الْحَدِيثِ
وَمَنْطُوقُهُ يَدُلُّ لِمَا يَأْتِي مِنْ شَرِكَةِ الْجِوَارِ فَكَانَ
عَلَيْهِ تَأْخِيرُهُ عَنْ الْقِسْمَيْنِ لِيَشْهَدَ لَهُمَا بِمَنْطُوقِهِ
وَمَفْهُومِهِ وَسَيَأْتِي لِلشَّارِحِ فِي بَابِ مَنْ تَلْزَمُهُ زَكَاةُ
الْمَالِ أَنَّهُ قَالَ وَعَدَمُ ثُبُوتِ الْخُلْطَةِ فِي السَّادِسَةِ
لِأَنَّهَا لَا تَثْبُتُ مَعَ أَهْلِ الْخُمْسِ إذْ لَا زَكَاةَ فِيهِ
لِأَنَّهُ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ اهـ، وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ شَرْطَ
ثُبُوتِ الْخُلْطَةِ أَنَّ الشَّرِيكَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا
فَحِينَئِذٍ لَوْ كَانَ عِنْدَهُ أَرْبَعُونَ شَاةً وَحَالَ عَلَيْهَا
الْحَوْلُ وَلَمْ يُخْرِجْ عَنْهَا ثُمَّ حَالَ عَلَيْهَا حَوْلٌ آخَرُ
أَوْ أَكْثَرُ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا زَكَاةُ عَامٍ وَاحِدٍ لِنَقْصِهَا
عَنْ النِّصَابِ فِي الْعَامِ الثَّانِي وَمَا بَعْدَهُ وَلَا يُقَالُ هِيَ
مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الْمَالِكِ وَالْفُقَرَاءِ لِمَا عَلِمْت أَنَّ هَذِهِ
الْخُلْطَةَ لَا أَثَرَ لَهَا وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر فِي الدُّخُولِ عَلَى
هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي الْخُلْطَةِ وَهِيَ نَوْعَانِ: خُلْطَةُ شَرِكَةٍ
وَيُعَبَّرُ عَنْهَا بِخُلْطَةِ الْأَعْيَانِ وَالشُّيُوعِ، وَخُلْطَةُ
جِوَارٍ وَتُسَمَّى خُلْطَةَ أَوْصَافٍ، وَقَدْ شَرَعَ فِي الْأَوَّلِ
فَقَالَ: وَلَوْ اشْتَرَكَ إلَخْ ثُمَّ قَالَ: وَهَذِهِ الشَّرِكَةُ قَدْ
تُفِيدُ تَخْفِيفًا كَالِاشْتِرَاكِ فِي ثَمَانِينَ عَلَى السَّوَاءِ أَوْ
تَثْقِيلًا كَالِاشْتِرَاكِ فِي أَرْبَعِينَ أَوْ تَخْفِيفًا عَلَى
أَحَدِهِمَا وَتَثْقِيلًا عَلَى الْآخَرِ كَأَنْ مَلَكَا سِتِّينَ
لِأَحَدِهِمَا ثُلُثَاهَا وَلِلْآخَرِ ثُلُثُهَا وَقَدْ لَا تُفِيدُ
شَيْئًا كَمِائَتَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ.
وَقَوْلُهُ: وَهَذِهِ الشَّرِكَةُ إلَخْ أَيْ الشَّرِكَةُ فِي الْمَاشِيَةِ
وَاحْتُرِزَ عَنْ الشَّرِكَةِ فِي غَيْرِهَا فَإِنَّهَا لَا تُفِيدُ
تَخْفِيفًا أَصْلًا إذْ لَا وَقَصَ فِي غَيْرِ الْمَاشِيَةِ بَلْ تَارَةً
تُفِيدُ الثَّقِيلَ وَتَارَةً لَا تُفِيدُ تَثْقِيلًا وَلَا تَخْفِيفًا
كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْبِرْمَاوِيُّ.
(قَوْلُهُ: وَلِأَحَدِهِمَا نِصَابٌ) أَيْ وَلَوْ بِضَمِّهِ لِلْمُشْتَرَكِ
فِيهِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي غَيْرِ مَاشِيَةٍ)
أَيْ وَلَوْ كَانَ الِاشْتِرَاكُ فِي غَيْرِ مَاشِيَةٍ. (قَوْلُهُ:
زَكَّيَا كَوَاحِدٍ) أَيْ كَزَكَاةِ مَالٍ وَاحِدٍ أَوْ كَزَكَاةِ شَخْصٍ
وَاحِدٍ ح ف قَالَ حَجّ: وَقَدْ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ زَكَّيَا كَوَاحِدٍ
أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِانْفِرَادُ بِالْإِخْرَاجِ بِلَا إذْنِ
الْآخَرِ، وَلَيْسَ بِمُرَادٍ بَلْ لَهُ ذَلِكَ وَالِانْفِرَادُ
بِالنِّيَّةِ عَنْهُ عَلَى الْمَقُولِ الْمُعْتَمَدِ فَيَرْجِعُ بِبَدَلِ
مَا أَخْرَجَهُ عَنْهُ لِإِذْنِ الشَّارِعِ لَهُ فِي ذَلِكَ وَلِأَنَّ
الْخُلْطَةَ تَجْعَلُ الْمَالَيْنِ مَالًا وَاحِدًا فَسَلَّطَهُ الشَّارِعُ
عَلَى الدَّفْعِ الْمُبْرِئِ الْمُوجِبِ لِلرُّجُوعِ وَبِهَذَا فَارَقَتْ
نَظَائِرَهَا وَنَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ مَحَلَّ الرُّجُوعِ حَيْثُ
لَمْ يَأْذَنْ الْآخَرُ إنْ أَدَّى مِنْ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ وَفِيهِ
نَظَرٌ بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَالْخَبَرِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ، ثُمَّ
رَأَيْت ابْنَ الْأُسْتَاذِ رَجَّحَ ذَلِكَ اط ف.
(قَوْلُهُ: وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ) أَيْ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ
فَهُوَ نَهْيُ تَنْزِيهٍ لِلْمَالِكِ وَالسَّاعِي بِرْمَاوِيٌّ فَهُوَ
خَبَرٌ مَعْنَاهُ النَّهْيُ (قَوْلُهُ: خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ) أَيْ
خَشْيَةَ وُجُوبِهَا أَوْ كَثْرَتِهَا أَوْ خَشْيَةَ سُقُوطِهَا أَوْ
قِلَّتِهَا أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ بِرْمَاوِيٌّ وَعَلَى هَذَا
فَيَخْتَلِفُ تَقْدِيرُ الْمُضَافِ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ
الْأَرْبَعَةِ الْآتِيَةِ كَمَا
(2/16)
خَشْيَةَ وُجُوبِهَا أَوْ كَثْرَتِهَا
وَنُهِيَ السَّاعِي عَنْهُمَا خَشْيَةَ سُقُوطِهَا أَوْ قِلَّتِهَا،
وَالْخَبَرُ ظَاهِرٌ فِي خُلْطَةِ الْجِوَارِ الْآتِيَةِ وَمِثْلُهَا
خُلْطَةُ الشُّيُوعِ بَلْ أَوْلَى. وَعُلِمَ مِنْ اعْتِبَارِ النِّصَابِ
اعْتِبَارُ اتِّحَادِ الْجِنْسِ وَإِنْ اخْتَلَفَ نَوْعُهُ وَمِنْ
التَّشْبِيهِ اعْتِبَارُ الْحَوْلِ مِنْ سَنَةٍ وَدُونَهَا كَمَا فِي
الثَّمَرِ وَالْحَبِّ، وَيُعْتَبَرُ ابْتِدَاءُ حَوْلِ الْخُلْطَةِ مِنْهَا
وَأَفَادَتْ زِيَادَتِي أَوْ فِي أَقَلَّ وَلِأَحَدِهِمَا نِصَابٌ أَنَّ
الشَّرِكَةَ فِيمَا دُونَ نِصَابٍ تُؤَثِّرُ إذَا مَلَكَ أَحَدُهُمَا
نِصَابًا كَأَنْ اشْتَرَكَا فِي عِشْرِينَ شَاةً مُنَاصَفَةً وَانْفَرَدَ
أَحَدُهُمَا بِثَلَاثِينَ فَيَلْزَمُهُ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ شَاةٍ
وَالْآخَرَ خُمْسُ شَاةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا
نِصَابٌ وَإِنْ بَلَغَهُ مَجْمُوعُ الْمَالَيْنِ كَأَنْ انْفَرَدَ كُلٌّ
مِنْهُمَا بِتِسْعَ عَشْرَةَ شَاةً وَاشْتَرَكَا فِي ثِنْتَيْنِ (كَمَا
لَوْ خُلِطَا جِوَارًا) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّهَا
(وَاتَّحَدَ مَشْرَبٌ) أَيْ مَوْضِعُ شُرْبِ الْمَاشِيَةِ (وَمَسْرَحٌ)
أَيْ الْمَوْضِعُ الَّذِي تَجْتَمِعُ فِيهِ ثُمَّ تُسَاقُ إلَى الْمَرْعَى
(وَمُرَاحٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ أَيْ مَأْوَاهَا لَيْلًا (وَرَاعٍ) لَهَا
(وَفَحْلُ نَوْعٍ) بِخِلَافِ فَحْلٍ أَكْثَرَ مِنْ نَوْعٍ فَلَا يَضُرُّ
اخْتِلَافُهُ لِلضَّرُورَةِ وَمَعْنَى اتِّحَادِهِ أَنْ يَكُونَ مُرْسَلًا
فِي الْمَاشِيَةِ وَإِنْ كَانَ مِلْكًا لِأَحَدِهِمَا أَوْ مُعَارًا لَهُ
أَوْ لَهُمَا وَتَقْيِيدُ اتِّحَادِ الْفَحْلِ بِنَوْعٍ مِنْ زِيَادَتِي
(وَمَحْلَبٌ) بِفَتْحِ الْمِيمِ أَيْ مَكَانُ الْحَلَبِ بِفَتْحِ اللَّامِ
يُقَالُ لِلَّبَنِ وَلِلْمَصْدَرِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَحُكِيَ
سُكُونُهَا (وَنَاطُورٌ) بِمُهْمَلَةٍ وَحُكِيَ إعْجَامُهَا أَيْ حَافِظُ
الزَّرْعِ وَالشَّجَرِ (وَجَرِينٌ) أَيْ مَوْضِعُ تَجْفِيفِ التَّمْرِ
وَتَخْلِيصِ الْحَبِّ (وَدُكَّانٌ وَمَكَانُ حِفْظٍ وَنَحْوُهُمَا)
كَمَرْعًى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية البجيرمي]
فِي الرَّشِيدِيِّ عَلَى م ر فَالنَّهْيُ لِهَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ يَدُلُّ
عَلَى أَنَّ الشَّرِكَةَ تُؤَثِّرُ وَأَنَّ الشَّرِيكَيْنِ يُزَكِّيَانِ
كَوَاحِدٍ.
(قَوْلُهُ: خَشْيَةَ وُجُوبِهَا أَوْ كَثْرَتِهَا) رَاجِعَانِ لِكُلٍّ مِنْ
التَّفْرِيقِ وَالْجَمْعِ. فَالْحَاصِلُ أَرْبَعُ صُوَرٍ وَاحِدَةٌ مِنْهَا
مُعَطَّلَةٌ أَيْ غَيْرُ مُصَوَّرَةٍ وَهِيَ مَعَ أَمْثِلَتِهَا: نَهْيُ
الْمَالِك عَنْ التَّفْرِيقِ خَشْيَةَ الْوُجُوبِ فِي حَالِ الْجَمْعِ
كَأَرْبَعِينَ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَإِنَّ الْوَاجِبَ فِي الْجَمْعِ دُونَ
التَّفْرِيقِ نَهْيُ الْمَالِكِ عَنْ التَّفْرِيقِ خَشْيَةَ الْكَثْرَةِ
فِي حَالِ الْجَمْعِ كَأَنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا مِائَةٌ وَوَاحِدَةٌ
وَلِلْآخَرِ مِائَةٌ فَلَوْ فَرَّقَا وَجَبَ اثْنَانِ وَلَوْ اسْتَمَرَّ
عَلَى الشَّرِكَةِ وَجَبَ ثَلَاثَةٌ نُهِيَ الْمَالِكُ عَنْ الْجَمْعِ
خَشْيَةَ الْوُجُوبِ فِي التَّفْرِيقِ هَذِهِ مُعَطَّلَةٌ لِأَنَّهُ
يَقْتَضِي أَنَّ الْوُجُوبَ فِي التَّفْرِيقِ لَا فِي الْجَمْعِ مَعَ
أَنَّهُ لَا يُعْقَلُ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ وُجُوبِهَا فِي حَالِ
التَّفْرِيقِ وُجُوبُهَا فِي حَالِ الْجَمْعِ بِالْأَوْلَى. نَهْيُ
الْمَالِكِ عَنْ الْجَمْعِ خَشْيَةَ الْكَثْرَةِ فِي التَّفْرِيقِ
كَثَمَانِينَ بَيْنَ اثْنَيْنِ لِكُلٍّ أَرْبَعُونَ فَإِنَّ الْكَثْرَةَ
فِي التَّفْرِيقِ فَقَطْ اهـ شَيْخُنَا ح ف.
(قَوْلُهُ: خَشْيَةَ سُقُوطِهَا أَوْ قِلَّتِهَا) رَاجِعَانِ لِكُلٍّ مِنْ
التَّفْرِيقِ وَالْجَمْعِ أَيْضًا. فَالْحَاصِلُ أَرْبَعُ صُوَرٍ أَيْضًا
وَاحِدَةٌ مُعَطَّلَةٌ وَإِيضَاحُهَا بِأَمْثِلَتِهَا أَنْ تَقُولَ نَهْيُ
السَّاعِي عَنْ التَّفْرِيقِ خَشْيَةَ السُّقُوطِ فِي الْجَمْعِ هَذِهِ
مُعَطَّلَةٌ، نَهْيُ السَّاعِي عَنْ التَّفْرِيقِ خَشْيَةَ الْقِلَّةِ فِي
الْجَمْعِ كَثَمَانِينَ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَإِنَّ الْقِلَّةَ فِي الْجَمْعِ
فَقَطْ، نَهْيُ السَّاعِي عَنْ الْجَمْعِ خَشْيَةَ السُّقُوطِ فِي
التَّفْرِيقِ كَأَرْبَعِينَ بَيْنَ اثْنَيْنِ بِالسَّوِيَّةِ فَإِنَّ
السُّقُوطَ فِي التَّفْرِيقِ فَقَطْ، نَهْيُ السَّاعِي عَنْ الْجَمْعِ
خَشْيَةَ الْقِلَّةِ فِي التَّفْرِيقِ كَمِائَتَيْنِ وَوَاحِدَةٍ بَيْنَ
اثْنَيْنِ لِأَحَدِهِمَا مِائَةٌ وَوَاحِدَةٌ وَلِلْآخَرِ مِائَةٌ فَإِنَّ
الْقِلَّةَ فِي التَّفْرِيقِ فَقَطْ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف
وَعَشْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: بَلْ أَوْلَى) أَيْ لِعَدَمِ تَمْيِيزِ الْمَالَيْنِ (قَوْلُهُ:
وَدُونَهَا) فِيهِ مُسَامَحَةٌ، لِأَنَّ هَذَا لَا يُقَالُ لَهُ حَوْلٌ،
وَقَوْلُهُ: فِي الثَّمَرِ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ. (قَوْلُهُ:
وَيُعْتَبَرُ ابْتِدَاءُ حَوْلِ الْخُلْطَةِ مِنْهَا) أَيْ مِنْ
الْخُلْطَةِ وَذَلِكَ إذَا لَمْ يَمْلِكَا النِّصَابَ إلَّا حِينَئِذٍ
فَلَوْ خَلَطَا فِي أَثْنَاءِ الْعَامِ مَا مَلَكَاهُ أَوَّلَهُ زَكَّيَا
ذَلِكَ زَكَاةَ الْعَامِ لَوْ لَمْ يَخْلِطَا فَيُخْرِجُ كُلُّ وَاحِدٍ
شَاةً لَوْ كَانَ لِكُلٍّ أَرْبَعُونَ ح ل وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر ثُمَّ
مَحَلُّ مَا تَقَدَّمَ حَيْثُ لَمْ يَتَقَدَّمْ لِلْخَلِيطَيْنِ حَالَةُ
انْفِرَادٍ فَإِنْ انْعَقَدَ الْحَوْلُ عَلَى الِانْفِرَادِ ثُمَّ طَرَأَتْ
الْخُلْطَةُ فَإِنْ اتَّفَقَ حَوْلَاهُمَا بِأَنْ مَلَكَ كُلُّ وَاحِدٍ
أَرْبَعِينَ شَاةً ثُمَّ خَلَطَاهَا فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ لَمْ تَثْبُتْ
الْخُلْطَةُ فِي السَّنَةِ الْأُولَى فَتَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ عِنْدَ
تَمَامِهَا شَاةٌ وَإِنْ اخْتَلَفَ حَوْلَاهُمَا بِأَنْ مَلَكَ هَذَا
غُرَّةَ الْمُحَرَّمِ وَهَذَا غُرَّةَ صَفَرٍ وَخَلَطَا غُرَّةَ شَهْرِ
رَبِيعٍ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ عِنْدَ انْقِضَاءِ حَوْلِهِ شَاةٌ وَإِذَا
طَرَأَ الِانْفِرَادُ عَلَى الْخُلْطَةِ فَمَنْ بَلَغَ مَالُهُ نِصَابًا
زَكَّاهُ وَإِلَّا فَلَا اهـ.
(قَوْلُهُ: وَانْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِثَلَاثِينَ) مِنْ هَذَا تَعْلَمُ
أَنَّ قَوْلَهُ إذَا مَلَكَ أَحَدُهُمَا نِصَابًا أَرَادَ بِهِ أَعَمَّ
مِنْ أَنْ يَمْلِكَ نِصَابًا خَارِجًا عَمَّا خَالَطَ بِهِ وَمِنْ أَنْ
يَمْلِكَ نِصَابًا يَتِمُّ بِمَا خَالَطَ بِهِ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ:
وَالْآخَرَ خُمُسُ شَاةٍ) يَقْتَضِي أَنَّ الشَّاةَ وَاجِبَةٌ فِي
الْخَمْسِينَ بِتَمَامِهَا لَا فِي الْأَرْبَعِينَ مِنْهَا وَهُوَ مُشْكِلٌ
مَعَ مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ مَا بَيْنَ النُّصُبِ وَقَصٌ لَا
يَتَعَلَّقُ بِهِ الْوَاجِبُ إلَّا أَنْ يَخُصَّ مَا تَقَدَّمَ بِكَوْنِ
الْمَالِكِ وَاحِدًا كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ الْعَزِيزِيُّ
(قَوْلُهُ: وَاشْتَرَكَا فِي ثِنْتَيْنِ) أَيْ وَمِثْلُهُ عَكْسُهُ كَمَا
لَوْ اشْتَرَكَا فِي ثَمَانِيَةٍ وَثَلَاثِينَ وَانْفَرَدَ كُلٌّ مِنْهُمَا
بِوَاحِدَةٍ ع ش (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ خَلَطَا) تَنْظِيرٌ لِمَا قَبْلَهُ
لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ خَاصٌّ بِالشُّيُوعِ (قَوْلُهُ: وَاتَّحَدَ مَشْرَبٌ)
أَيْ وَإِنْ كَانَ مَالُ كُلٍّ مُمَيَّزًا ح ف (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ
الْمِيمِ) أَمَّا بِكَسْرِهَا فَهُوَ الْإِنَاءُ الَّذِي يُحْلَبُ فِيهِ
شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَجَرِينٌ) صُورَتُهُ أَنْ يَكُونَ الزَّرْعَانِ
مُتَجَاوِرَيْنِ وَسُقِيَا مِنْ مَاءٍ وَاحِدٍ وَاتَّحَدَا حَصَادًا
وَحَرْثًا وَوُضِعَ زَرْعُ كُلٍّ بِجِوَارِ الْآخَرِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ
بِاتِّحَادِ الْجَرِينِ أَنْ يُوضَعَ زَرْعُ كُلٍّ عَلَى زَرْعِ الْآخَرِ
فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ، لِأَنَّهَا تَصِيرُ شَرِكَةَ شُيُوعٍ وَلَيْسَتْ
مُرَادَةً.
(قَوْلُهُ: وَدُكَّانٌ) بِضَمِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ الْحَانُوتُ
وَفِي الْمِصْبَاحِ أَنَّهُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ وَأَنَّهُ اُخْتُلِفَ
فِي نُونِهِ فَقِيلَ: أَصْلِيَّةٌ، وَقِيلَ: زَائِدَةٌ، فَعَلَى الْأَوَّلِ
وَزْنُهُ فُعْلَالٌ، وَعَلَى الثَّانِي فُعْلَانَ. (قَوْلُهُ: وَمَكَانُ
حِفْظٍ) صُورَتُهَا أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَخِيلٌ
(2/17)
وَطَرِيقٍ وَنَهْرٍ يُسْقَى مِنْهُ وَحِرَاثٍ وَمِيزَانٍ وَوَزَّانٍ
وَكَيَّالٍ وَمِكْيَالٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ مَا يُعْتَبَرُ
اتِّحَادُهُ يُعْتَبَرُ كَوْنُهُ وَاحِدًا بِالذَّاتِ بَلْ أَنْ لَا
يَخْتَصَّ مَالُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِهِ فَلَا يَضُرُّ التَّعَدُّدُ
حِينَئِذٍ (لَا حَالِبٌ) فَلَا يُشْتَرَطُ اتِّحَادُهُ كَجَازِّ الْغَنَمِ
(وَ) لَا (إنَاءٌ) يَحْلُبُ فِيهِ كَآلَةِ الْجَزِّ وَالتَّصْرِيحُ
بِهَذَيْنِ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَ) لَا (نِيَّةُ خُلْطَةٍ) ، لِأَنَّ خِفَّةَ الْمُؤْنَةِ بِاتِّحَادِ
الْمَرَافِقِ لَا تَخْتَلِفُ بِالْقَصْدِ وَعَدَمِهِ وَإِنَّمَا شُرِطَ
الِاتِّحَادُ فِيمَا مَرَّ لِيَجْتَمِعَ الْمَالَانِ كَالْمَالِ الْوَاحِدِ
وَلِتَخِفَّ الْمُؤْنَةُ عَلَى الْمُحْسِنِ بِالزَّكَاةِ فَلَوْ افْتَرَقَ
الْمَالَانِ فِيمَا شُرِطَ الِاتِّحَادُ فِيهِ زَمَنًا طَوِيلًا مُطْلَقًا
أَوْ يَسِيرًا بِقَصْدٍ مِنْ الْمَالِكَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا أَوْ
بِتَقْرِيرِ التَّفَرُّقِ ضَرَّ وَخَرَجَ بِأَهْلِ الزَّكَاةِ غَيْرُهُ
كَذِمِّيٍّ وَمُكَاتَبٍ. |