إرشاد
السالك إلى أشرف المسالك في فقه الإمام مالك كتاب الزكاة
(1)
- نِصَابُ الذَّهَبِ عِشْرُونَ مِثْقَالاً، وَالْوَرِقِ مائتَا دِرْهَمٍ.
فَيَجِبُ رُبْعُ عُشْرِهِ. وَالزَّائِدُ بِحِسَابِهِ. وَيُلَفَّقُ
بَيْنَهُمَا بِالأَجْزَاءِ وَشُرُوطُ وُجُوبِهَا الْحَوْلُ
_________
(1) الزكاة في اللغة النماء وزكا الزرع نما وفي الشرع قال ابن عرفة اسم
لجزء من المال شرط وجوبه لمستحقه بلوغ المال نصاباً ومصدراً إخراج جزء من
المال إلخ اهـ. قال الباجي ولما يخرج من المال على هذا الوجه أسماء منها
الزكاة (أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) ومنها الحق (وآتوا حقه يوم حصاده)
والنفقة (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله) نقله ابن
سحنون عن ابن نافع عن مالك والصدقة (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم) والعفو (خذ
العفو وأمر بالعرف) اهـ. ملخصاً وفي الموطأ قال مالك السنة التي لا خلاف
فيها عندنا أن الزكاة تجب في عشرين ديناراً عيناً كما تجب في مائتي درهم
اهـ. ولا خلاف في ذلك بين فقهاء الأمصار كما قال الباجي فالمثقال في كلام
المصنف معناه الدينار.
(1/32)
وَالنِّصَابُ فِي مِلْكٍ كَامِلٍ
مُتَّحَدٍ. وَيُكَمَّلُ النِّصَابُ بِرِبْحِهِ لِحَوْلِهِ، وَيَجبُ فِي
أَوَانِيهَا وَحُلِي التِّجَارَةِ. وَمَا لاَ يَجُوزُ تَحْلِيَتُهُ.
وَالْمتَّخَذِ ذَخِيرَةً لاَ لُبْسِ المبَاحِ جيِّد الْجنْسِ وَرَديئِهِ.
وتبرِه ومَضْرُوبهُ وَصَحِيحُهُ وَمَغْشُوشُهُ وَمَكْسُورُهُ سَوَاءٌ.
وَتَلَفُهُ قَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنَ الأَدَاءِ يُسْقِطُهَا وَبَعْدَهُ
يُوجبُ ضَمَانَهَا. فَإِنْ تَلِفَ الْبَعْضُ لَزِمَهُ مِنَ الْبَاقِي
وَبَعْدَ إِفْرَادِهَا يَلْزَمهُ دَفْعهَا. فَإِنْ أَتْلَفَهَا ضَمِنَ لاَ
إِنْ تَلِفَتْ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لاَ يُخْرِجُهَا قَبْلَ وُجُوبِهَا
وَيَنْوِيهَا زَكَاةً وَأَخْذُ الإِمَامِ الْعَادِلِ ينُوبُ عَنْهُ
وَغَيْرهِ إِنْ صَرَفَهَا فِي وُجُوهِهَا أَجْزَأَتْهُ وَإِلاَّ لَزِمَتْهُ
الإِعَادَةُ وَيُخْرِجُ الْوَلِيُّ عَن الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ
وَيُزْجِئُ أَحَدُ النَّقْديْنِ عَنِ الآَخَرِ بِقِيمَتِهِ مَا لَمْ
تَنْقُصْ عَنْ قَدْرِ الْوَاجِبِ. وَمَنِ ابْتَاعَ بِنَصَابٍ بَعْدَ
حَوْلِهِ وَقِبلَ تَزْكِيَتِهِ فَرَبِحَ زَكَاهُ لِلأَوَّلِ وَزَكَّاهُمَا
لِلْحَوْلِ الثَّانِي إِلاَّ جُزْءُ زَكَاةِ النِّصَاب إِلاَّ أَنْ تَكُونَ
لَهُ عرْضٌ يُسَاوِيهِ وَتُضَمُّ أُولَى الْفَائِدَتَيْنِ إِلَى
الثَّانِيَةِ كَانَتْ نِصَاباً أَوْ أَكْمَلَتْهُ فَإِنْ كَانَتِ الأُولَى
أَوْ كُلٌّ نِصَاباً اسْتَقَلَّتْ بِحَوْلِهَا، وَمَنْ مَكَثَ دَيْنُهُ
أَحْوَالاً فَلاَ زَكَاةَ عَلَيْهِ حتَّى يَقْبِضَهُ أَوْ نِصَاباً مِنْهُ
فَيُزَكِّيهِ إِمَامٌ وَاحِدٌ، فَإِنْ قَبَض دُونَهُ لَمْ يُزَكِّ حَتَّى
يَقْبضَ تَمَامَهُ أَبْقَى الأُولَى أَوْ أَتْلَفَهَا كَثَمَنِ عَرْضِ
التِّجَارَةِ، وَإِنِ اسْتَفَادَهُ فَلاَ
(1/33)
زَكَاةَ حَتَّى يَحُولَ الْحَوْلُ بَعْدَ
قَبْضِهِ، وَيُعْتَبَرُ فِي الْقَبْضِ مَا تَقَدَّمَ، وَيُعَيِّنُ
المُدِيرُ شَهْراً يُقَوِّمُ فِيهِ عُرُوضَهُ وَيَضُمُّ دَيْنَهُ
وَنَاضَّهُ، وَلَوْ دِرْهَماً، فَإِنْ كَانَ لاَ يَنِضُّ لَهُ شَيْءُ فَلاَ
زَكَاةَ وَالمُرَصَّعَ إِنْ عَلِمَ وَزْنَ نَقْدِهِ زَكَّاهُ وَانْتُظِرَ
بِجَوَاهِرِهِ الْبَيْعُ، وَإِنْ جَهِلَهُ وَلَمْ يُمْكنْ نَزْعُهُ
فَلأَظْهَرُ التَّحَرِّي، وَقِيلَ المَقْصُودَ مِنْهُمَا مَتْبُوعٌ،
وَيشْتَرَط فِي المَعَادِنِ اتِّصَالُ النِّيلِ، وَكَمَالُ النِّضَابِ لاَ
الْحَوْلُ، فَإِنْ أَخْرَجَ دُونَهُ فَلاَ زَكَاةَ حَتَّى يُخْرِجَ
تَمَامَهُ أَوْ يَكُونَ عِنْدَهُ مَا يُكَمِّلُهُ قَدْ حَانَ حَوْلُهُ،
وَتُضَمُّ المَعَادِنُ وَإِنْ تَنَاءَتْ مَحَالُّهَا كَالزَّرْعِ
وَغَيْرُهَا بِشَرْطِ اتِّصَالِ النِّيلِ وَإِلاَّ اسْتَقَلَّ كُلٌّ
بِحُكْمِهِ وَالأَظْهَرُ أَنَّ النُّذْرَةَ كَغَيْرِهَا وَقِيلَ بَلْ
تُخَمَّسُ، وَالأَصَحُّ تَخْمِيسُ قَلِيل الرِّكَازِ وَكَثِيرِهِ
وَعُرُوضِهِ، ثُمَّ أَرْبَعَةُ أَخُمَاسِهِ إِنْ كَانَ بِفَيْفَاءَ فِي
الْجَاهِليَّةِ فَلِوَاحِدِهِ وَأَمَّا فِي أَرْضِ الصُّلْحِ فَلأَهْلِهَا،
وَأَرْضُ الْعَنْوَةِ لِمُفْتَتِحِهَا وَمَا عُلِمَ أَنَّهُ لِمسْلِمٍ
فَهُوَ لُقَطَةٌ، وَالدَّيْنُ إِنِ اسْتَغْرَقَ أَوْ أَبْقَى مَا لاَ
زَكَاةَ فِيهِ أَسْقَطَهَا عَنِ النَّقْدِ الْحَوْلِيِّ لاَ المَعْدنِيِّ
وَالْمَاشِيَةِ وَالمُعَشَّرَاتِ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ عَرْضٌ
يُسَاوِيهِ وَيَجْعَلُ بِإِزَائِهِ مَا يُبَاعُ عَلَيْهِ فِي قَلْبِهِ،
كَدَيْنِهِ وَكِتَابَتِهِ وَخِدْمَةِ مُدَبَّرِهِ وَنَحْوُ ذلِكَ.
(فصل) زكاة الإبل
- لاَ زَكَاةَ فِيمَا دُونَ خَمْسٍ مِنَ الإِبِلِ (1) وَفِيهَا
_________
(1) في الموطأ عن ابن سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم "ليس فيما دون خمس ذود صدقة وليس فيما دون خمس أواق صدقة وليس فيما
دون خمسة أوسق صدقة" الذود بفتح الذال المعجمة جماعة الإبل، ولا يزكى مال
من غيره عند الجمهور ير أول مراتب الإبل المذكورة حيث يجب فيها إخراج
الشياه إلى خمس وعشرين ولو أخرج عن الشاة بعيراً فالأصح الإجزاء وقال
الباجي وابن العربي لا يجزئ، قال زروق والمزكي بالغنم من الابل يسمى مشنق -
بفتح الشين والنون - لأن المزكي يشنق صاحب الإبل فيما ليس عنده اهـ. وقيل
الشنق ما بين الفريضتين كالوقص بفتح الواو وسكون القاف. والصحيح أن الشنق
ما تقدم وأن الوقص هو ما بين النصابين.
(1/34)
شَاةٌ جَذَعَةٌ أَوْ ثَنِيَّة. وَفِي
الْعِشْرِين أَرْبَعٌ. وَفِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ بِنْتُ مَخَاضٍ فَإِنْ
عَدِمَهَا فَابْنُ لَبُونٍ، وَفِي سِتٍّ وَثَلاَثِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَفِي
سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ حِقَّةٌ وَفِي إِحْدَى وَسِتِّينَ جَذَعَةٌ وَفِي
سِتٍّ وَسَبْعِينَ بِنْتَا لَبُونَ وَإِحْدَى وَتِسْعِينَ حِقَّتَانِ وَفِي
مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ يخَيَّرُ السَّاعِي بَيْنَ حِقَّتَيْنِ أَوْ
ثَلاَثِ بَنَاتِ لَبُونٍ فَإِنْ وَجَدَ أَحَدَهُمَا تَعَيَّنَ وَمَا زَادَ
فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُون وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ مَا
بَيْنَ ذلِكَ أَوْقَاصٌ. وَنِصَابُ الْبَقَرِ ثَلاَثُونَ فِيَها تَبِيعٌ
وَفِي أرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ وَفِي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ يُخَيَّرُ السَّاعِي
بَيْنَ ثَلاَثِ مُسِنَّاتٍ وَأَرْبَعَةٍ وَالْجَوَامِيسُ نوعُها.
وَيُكَمَّلُ النِّصَابُ بِالْعَجَاجِيلِ كَالْفصلاَنِ وَيُؤْخَذُ السِّنُّ
الْوَاجِبُ فَلَوْ مَاتَتْ الأُمَّهَاتُ وَبَقِيَتْ الأَوْلاَدُ نِصَاباً
زُكِّيَتْ، وَتُزَكَّى الْعَوَامِلُ وَالْهَوَامِلُ (1) ، وَنِصَابُ
الْغَنَمِ أَرْبَعُونَ وَفِيهَا شَاةٌ كَالَّتِي فِي الإِبِلِ وَفِي
مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ شَاتَانِ وَفِي مِائَتَيْنِ وَشَاةٍ ثَلاَث،
ثُمَّ فِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ وَلاَ تُؤْخَذُ هَرِمَةٌ وَلاَ هَزِيلَةٌ
وَلاَ فَحُلٌ وَلاَ كَرِيمَةُ الضَّأْنِ، وَالْمَعْزُ جِنْسٌ حُكْمُ
الأَوْلاَدِ مَا تَقَدَّمَ وَتُزَكَّى السَّائِمَةُ وَالمَعْلُوفَةُ
وَمُبَدِّلٌ نِصَاباً بِجِنْسِهِ يَبْنِي وَبِخِلاَفِهِ المَشْهُورُ
الاسْتِئْنَافُ إِلاَّ أَنْ يَفْعَلَهُ فِرَاراً وَمُسْتَفِيدُ نِصَابٍ
أَوْ دُونَهُ مِنْ جِنْسِ
_________
(1) يعني المعلوفة والسائمة والمذهب أن الصدقة تجب في معلوفة الماشية
وسائمتها لقول مالك في الموطأ: إنه قرأ كتاب عمر بن الخطاب في الصدقة فوجد
فيه: في أربع وعشرين من الابل فما دونها الغنم في كل خمس شاة، وهذا عموم.
ولأن النماء في المعلوفة يوجد في الدر والنسل كالسائمة ولأن كثرة النفقات
وقلتها إذا أثرت فإنما تؤثر في تخفيف الزكاة وتثقيلها ولا تؤثر في إسقاطها
وإثباتها كالخلطة والتفرقة والسقي النضح والسيح. وقال الشافعية والحنفية
وجوب الزكاة في السائمة فقط لحديث (في سائمة الغنم الزكاة) فالشافعية
تمسكوا بدليل خطابه والحنفية النافون لدليل الخطاب تمسكوا بأن الأصل عدم
وجوب الزكاة وحيث وجبت في السائمة بالنص بقي ماعداها على الأصل، قال ابن
عبد السلام مذهب المخالف هو الذي تركن إليه النفس اهـ. وأقول: إن سلم مذهب
أن التقييد بالسائمة خرج للغالب فالتعيم هو الراجح وإلا فالقول ما قاله
الشافعية والحنفية.
(1/35)
مَاشِيَتِهِ يَبْنِهِ عَلَى حَوْلِهَا،
وَالْخُلَطَاءُ كَالْمَالِكِ الْوَاحِدِ بِشَرْطِ كَمَالِ النِّصَابِ فِي
مِلْكِ كُلٍّ وَاجْتِمَاعِهِمْ عَلَى وَصْغَيْنِ كَالرَّاعِي وَالْفَحْلِ
والدَّلْوِ المُرَاحِ والمَبِيتِ وَطَلَبِ المَصْلَحَةِ وَلَوْ آخِرَ
الْحَوْلِ وَلاَ يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ وَلاَ يُفَرِّقُ بَيْنَ
مُجْتَمَعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ وَتُؤَثِّرُ التَّخْفِيفَ كَمَالِكِي
مائَةٍ وَعِشْرِينَ أَوِ التَّثْقِيلَ كَمَالِكِي مائَتَيْنِ وشَاةَ فَإِنْ
ظَهَرَ قَصَدُ الْفِرَارِ أُخِذُوا بِحَالِ الاِنْفِرَادِ وَيُصَدَّقُونَ
فِي قَصْدِ الْمَصْلَحَةِ فَإِنِ اتُّهِمُوا حُلِّفُوا وَالنِّصَابُ
الْمُؤَلَّفُ إِنْ أَخَذَ مِنْهُ مُتَأَوِّلاً تَرَادُّوا بِحَسَبِ
أَمْلاَكِهِمْ كَمَا لَوْ زَادَ الْفَرْضُ بخَلْطِ دُونِهِ وَإِلاَّ فَهِيَ
مِنْ مَالِكِهَا كَالْمَأْخُوذَةِ مِنْ دُونِ النِّصَابِ وَلاَ خُلْطَةَ
فِي غَيْرِ الْمَاشِيَةِ وَلاَ زَكَاةَ فِي حَيَوَانٍ غَيْرِهَا، وَلاَ
ضَمَانَ لِتَلَفِهَا قَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي فَإِنْ نَقَصَهَا فِرَاراً
ضَمِنَ.
(فصل) زكاة الحبوب والثمار
- نِصَابُ الْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ (1) وَهيَ
ثَلاَثُمِائَةِ صَاعٍ بِالْمَدَنِّي فَيَجِبُ الْعُشْرُ فِيمَا سُقِيَ
سَيْحاً أَوْ بَعْلاً، وَنِصْفُهُ فِيمَا سُقِيَ نَضْحاً فَإِنْ اجْتَمَعَا
وَتَسَاوَيَا فَثَلاَثةُ أَرْبَاعِهِ فَإِنْ تَفَاوَتَا فَالْمَشْهُورُ
اعْتِبَارُ الْمَأْخُوذِ بِهِمَا وَقِيلَ الأَقَلُّ تَابِعٌ وَيُضَمُّ
إِلَى الْبُرِّ، الشَّعِيرُ وَالثُّلْتُ وَالْعَلَسُ وَيُخْرَجُ مِنْ كُلٍّ
بِحِسَابِهِ كَالْقَطانِي بِخِلاَفِ الذُّرَةِ وَالأُرْزِ وَالدُّخْن
فَيَجبُ فِي الْحَبِّ بِيُبْسِهِ وَفِي التَّمْرِ بِزَهْوِهَا
_________
(1) خمسة أوسق توازي بالكيل المصري أربعة أرادب وويبة حسبما حرر العلامة
الطحلاوي سنة 1165 هجرية وجملة ما تجب الزكاة فيه من الحبوب والثمار عشرون
نوعاً القطاني السبعة: الحمص والفول والوبيا والعدس والترمس والجلبان
والبسلة وذوات الزيت وهي الزيتون والسمسم والقرطم وحب الفجل الأحمر لا
الأبيض والقمح والشعير والسلت والعلس والذرة والدخن والأرز والزبيب والتمر.
(1/36)
وَتُؤْخَذُ بعد التصْفِيةِ والْجِذَادِ
مِنْ عَيْنِهِ لاَ تُجْزِي قِيمَتُهُ كَانَ جَيِّداً أَوْ رَدِيئاً فَإِنِ
اجْتَمَعا وَتَساوَيَا فَفِي كُلٍّ بِحِسَابِهِ وَإِنْ تَفَاوَتَا
فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَذلِكَ، وَقِيلَ الأَقَلُّ تَابِعٌ، وَمِنَ
الْمَتْبُوعِ الْوَسَطِ، وَيُخْرَصُ النَّخْلُ وَالْكَرْمُ إِذَا أَزْهَيَا
بِالْحَاصِلِ جَافّاً فَإِنْ أَكَلُوا أَوْ بَاعُوا ضَمِنُوا، وَإِنْ
تَرَكُوا وَتَبَيَّنَ خَطَؤُهُ وَهُوَ عَارِفٌ فَالظَّاهِرُ الأَخْذُ بِمَا
خَرَصَ، وَإِنِ خَرَصَ جَمَاعَةٌ وَاخْتَلَفُوا أُخِذَ بِقَوْلِ
أَعْرَفِهِمْ، وَإِنِ اسْتَوَوْا وُزِّعَ الْوَاجِبُ بِحَسَبِ
اخْتِلاَفِهِمْ فَإِنْ أُجِيحَتْ بَعْدَهُ فَلاَ ضَمَانَ فَإِنْ بَقِيَ
نِصَابُ لَزِمَ مِنْهُ وَمَنْ بَاعَ بَعْدَ الزَّهْوِ ضَمِنَ فَإِنْ
أَفْلَسَ فَهَلْ يُتْبَعُ أَوْ تُؤْخَذُ مِنْ يَدِ الْمُشْتَري قَوْلاَنِ،
وَهَلْ يُرْجَعُ بَقَدْرِ الثَّمَنِ أَوْ يُكَلَّفُ شِرَاءَ الْجِنْسِ
قَوْلاَنِ كَالَّذِي لاَ يَتَنَاهَى، وَمَا يُعْتَصَرُ يُوسَقُ حَبّاً
وَيُؤْخَذُ مِنْ دُهْنِهِ. وَلاَ زَكَاةَ فِي شَيْءٍ مِنَ النَّبَاتِ
غَيْرِ مَا ذَكَرْنَا.
(فصل) صَدَقَةُ الْفِطْرِ
- صَدَقَةُ الْفِطْرِ (1) تَلْزَمُ مَنْ فَضِلَ عَنْ قُوتِهِ وَدَيْنِهِ
وَمَؤُونَةِ عِيَالِهِ عَنْهُ وَعَنْ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ مِنَ
الْمُسْلِمِينَ قَدْرهَا وَهُوَ صَاعٌ وَزْنُهُ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ
وَثُلْثٍ بِالْبَغْدَادِيِّ حَبّاً، مِنْ غَالِبِ قُوتِ بَلَدِهِ،
وَتُجْزِئُ مِنَ الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ وَالسُّلْتِ وَالتَّمْرِ
وَالزَّبِيبِ وَالأَقَط وَعَنِ الْعَبْدِ المُشْتَرِكِ عَنْ كُلٍّ بِقَدْرِ
مِلْكِهِ
_________
(1) ويقال لها زكاة الفطر فرضت في السنة الثانية من الهجرة فرضها رسول الله
صَلى اللهُ عَليه وَسَلَم كما صح في الحديث قال العدوي حاشية الخرشي من
أنكر مشروعيتها يكفر ومن أنكر وجوبها لا يكفر اهـ. وروى أبو داود عن ابن
عباس قال فرض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صدقة الفطر طهرة للصائم من
اللغو والرفث للمساكين فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد
الصلاة فهي صدقة من الصدقات صححه الحاكم وروى ابن شاهين في فضائل رمضان عن
جرير قال قال رسول الله صَلى اللهُ عَليه وَسَلَم "صوم شهر رمضان معلق بين
السماء والأرض لا يرفع إلا بزكاة الفطر" قال ابن شاهين حديث غريب جيد
الاسناد اهـ. وقدرها بالكيل المصري قدح وثلث كما حققه العلامة الأجهوري
ويجوز إخراجها قبل يوم الفطر بيوم أو اثنين كما قال ابن القاسم في المدونة
ونقله عن فعل ابن عمر وأجاز الشافعية والحنفية إخراجها من أول رمضان.
(1/37)
كَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ، وَالمَشْهُورُ
تَعَلُّقُ الْوَاجِبِ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ، يَوْمَ الْفِطْرِ وَمَصْرَفُهَا
الْفُقَرَاءُ وَالمَسَاكِينُ بِالاِجْتِهَادِ فَيُدْفَعُ صَاعٌ لِجَمَاعَةٍ
وَآصُعٌ لِوَاحِدٍ.
(فصل) مَصَارِفُ الزَّكَاةِ
- مَصَارِفُ الزَّكَاةِ الأَصْنَافُ الثَّمَانِيَةُ التَّي ذَكَرَهَا اللهُ
تَعَالَى، وَقَدْ سَقَطَ نَصِيبُ المُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ
وَالْعَامِلِينَ (1) ، وَيَجُوز صَرْفُهَا إِلَى صِنْفٍ وَاحِدٍ مِنْهُ
بِقَدْرِ كِفَايَتِهِ، وَإِنْ زَادَ عَلَى النِّصَابِ. وَلاَ يُشْتَرَطُ
عَدَمُ قُدْرَتِهِ عَلَى الْكَسْبِ وَلاَ تُنْقَلُ عَنْ بَلَدِهَا مَعَ
وُجُودِ المُسْتَحَقِّ، فَمَنْ فَعَلَ كُرِهَ وَأَجْزَأَهُ خِلاَفُهُ
الأُجْرَةُ عَلَيْهِ وَلاَ تُصْرَفُ فِي شَيْءٍ مِنْ وُجُوهِ الْبِرِّ
غَيْرِ مَصَارِفِهَا وَتَبَيُّنُ الْخَطإِ يُوجِبُ الإِعَادَةَ إِلاَّ أَنْ
يَتَوَلاَّهَا الإِمَامُ الْعَادِلُ وَلاَ يَخُصُّ بِهَا أَقَارِبَهُ،
فَإِنْ كَانُوا فِي عِيَالِهِ لَمْ يُجْزِهِ وَاللهُ أَعْلَمُ.
كتاب الصيام
- صِيَامُ رَمَضَانَ فَرْضُ عَيْنٍ يَلْزَمُ بِرُؤْيَةٍ ظَاهِرَةٍ أَوْ
شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ، فَإِنْ غَمَّ فَبِكَمَالِ عِدَّةِ شَعْبَانَ.
وَتَجِبُ لَهث النِّيَّةُ وَتُجْزِئُ مِنَ اللَّيْلِ لاَ بَعْدَ طُلُوعِ
الْفَجْرِ. وَنِيَّةٌ لِكُلِّ مُتَتَابِعٍ (2) وَتُبَيَّتُ لِغَيْرِهِ
كُلَّ لَيْلَةٍ.
_________
(1) أما سقوط المؤلفة قلوبهم فمبني على أن المقصود باعطائهم الزكاة
استئلافهم وتحبيب الإيمان إليهم وكف أذيتهم عن المسلمين. وقد سقط هذا بفشوا
الإسلام وكثرته وقيل نصيبهم باق لم يسقط وعليه مشى خليل في المختصر. بناء
على أن المقصود إنقاذهم من النار وهو باق إلى نزول عيسى عليه السلام.
والأول رجحه الرماصي في حاشية التتائي، وأما العاملون عليها فهم الذين
يبعثهم الإمام لأن الصدقة من أصحاب الحبوب والمواشي. وقد فقدد هذا منذ زمان
فلم يبق إلا أن الانسان زكاته بنفسه على الموجوين من الأصناف الثمانية أو
بعضهم حسب اجتهاه فيمن يراه أحق والأفضل لمن يعطي الزكاة ألا يذكرها للفقير
بأن يقول خذ هذا الزكاة لئلا ينكسر خاطره بل ينوي الزكاة بقلبه من غير تلفظ
بلسانه.
(2) الصوم المتتابع هو الذي يجب تتابعه وموالاته بحيث لو فرق لم يجزئ
كرمضان وكفارة الإفطار العمد مع الجماع فيه مثلا وكفارة القتل والظهار
والنذر المتتابع فيكفي الصائم أن يقول مرة واحدة عند أول صومه نويت صوم
رمضان أو نويت صوم ستين يوماً أو نويت صوم كفارة القتل والظهار أو نحو ذلك
أما الصوم الذي لا يجب تتابعه ويجوز تفريقه كقضاء رمضان وكفارة اليمين
وفدية الأذى هم الحج ونحو ذلك فيلزم لكل يوم نية منفردة والقول بإجزاء نية
للمجتمع هو مشهور مذهب مالك وقال ابن عبد الحكم لا بد من نية لكل يوم نظراً
إلى أنه كالعبادات المتعددة من حيث عدم فساد بعض لأيام بفساد بعضها الآخر
والقول المشهور نظراً إلى أنه كالعبادة الواحدة من حيث ارتباطها ببعضها
ببعض وعدم جواز التفريق.
(1/38)
وَيَلْزَمُ الْمُنْفَرِدَ بِرُؤْيَتِهِ،
فَإِنْ أَفْطَرَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ، إِلاَّ أَنْ
يُعْذَرَ بِجَهْلٍ أَوْ تأْوِيلٍ، وَالشَّاكُّ يُمْسِكُ حَتَّى
يَتَبَيَّنَ. وَلاَ يُجْزِئُ صَوْمُهُ مُتَرَدِّدًاً بِخِلاَفِهِ
تَطَوُّعاً أَوْ يُصَادِفُ وَرْداً أَوْ نَذَراً أَوْ قَضَاءً،
وَرُؤْيَتُهُ نَهَاراً لِلْمُسْتَقْبَلِ وَلَوْ قَبْلَ الزّوَالِ،
وَثُبُوتُهُ يُوجِبُ إِمْسَاكَ بَقِيَّتِهِ وَعِيدٌ يُوجِبُ الْفِطْرَ.
(فصل) قضاء الصوم
- يَجِبُ الْقَضَاءُ بِالْفِطْرِ وَلَوْ سَهْواً (1) أَوْ جَهْلاً أَوْ
مُكْرَهاً أَوْ لِمَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ أَوْ سَفَرٍ أَوْ نَوْيَ رَمَضَانَ
تَطَوُّعاً أَوْ نَذْراً أَوْ قَضَاءً أَوْ ظَنَّ بَقَاءَ اللَّيْلِ أَوْ
دُخُولَهُ فَتَبَيَّنَ خِلاَفُهُ أَوِ ابْتَلَعَ مَا يُمْكِنُهُ طَرْحُهُ
أَوْ رُمِيَ إِلَى حَلْقِهِ بِذَوْقٍ أَوِ اكْتِحَالٍ أَوْ وُضُوءٍ أَوْ
سُقُوط أَوْ تَقْطِير فِي أُذُنٍ لاَ بِدُخُولِ ذُبَابٍ أَوْ غُبَارٍ أَوْ
حُقْنَةٍ (2) أَوِ احْتِلاَمٍ أَوْ تَصَبُّحٍ بِغُسْلِ جَنَابَةٍ أَوْ
حَيْضٍ إِنْ طَهُرَتْ وَنَوَتْ قَبْلَ فَجْرٍ وَيُكْرَهُ الْفَصْدُ
وَالْحِجَامَةُ وَالْقُبْلَةُ (3) وَالمُلاَعَبَةُ، وَالْكَفَّارَةُ (4)
بِتَعَمُّدِ الْفِطْرِ (5) أَوِ الْجِمَاعِ أَوْ اسْتِدْعَاءِ المَنِيِّ
بِدَوَامِ النَّظَرِ أَوْ تَذَكُّرٍ أَوْ تَحْريكِ دَابَّةٍ عَلَى
المَشْهُورِ والمَشْهُورُ تَنَوُّعُهَا وَأَنَّهَا عَلَى التَّخْيِيرِ
فَيُعْتِقُ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً كَامِلَةَ الرِّقِّ غَيْرِ مَعِيبَةٍ وَلاَ
مُسْتَحِقَّةِ الْعِتْقِ، أَوْ يَصُومُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، فَإِنْ
قَطَعَ لِعُذْرٍ بَنَى وَإِلاَّ اسْتَأْنَفَ أَوْ يُطْعِمُ سِتِّينَ
مِسْكِيناً مُدّاً مُدَاً، وَالْعَدَدُ شَرْطٌ، وَلاَ
_________
(1) وجوب القضاء على المفطر سهواً في رمضان قوله في مذهب مالك جعله بعضهم
مشهور المذهب والصحيح خلافه فلا يجب على الصحيح عند المالكية القضاء على من
أفطر سهواً وقال الشافعية والحنفية لا يقضي الناس لحديث الصحيحين (من نسي
وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه) وحالول ابن
العربي الجواب عن هذا الحديث بما لا يسلم من خدش. فما ذهب إليه الشافعية
أقوى.
(2) أطلق المؤلف عدم القضاء بدخول الحقنة والواقع أن في الحقنة تفصيلاً،
فإذا وصلت إلى الأمعاء بأن كانت من الدبر فإنها تفطر ويجب القضاء على
المحتقن، وأما إذا لم تصل إلى الأمعاء كحقنة في إحليل أي في ثقب الذكر فلا
تفطر ولا قضاء على المحتقن لأنها لا تصل إلى الأمعاء. واختلف في قبل المرأة
فقيل إن الحقنة فيه مفطرة ويجب بها القضاء كالدبر، وقيل لا قضاء لأن قبل
المرأة كاحليل الذكر لا يصل شيء منهما إلى الأمعاء، وقال بعضهم إن الإحليل
يطلق على ذكر الرجل وقبل المرأة وكلاهما لا قضاء بدخول الحقنة فيه، وقال
مالك في المدونة أكره الحقنة للصائم فإن احتقن في فرج بشيء يصل إلى جوفه
فالقضاء ولا يكفر من هذا أن المدار في الإفطار والقضاء عند مالك على الوصول
إلى الجوف وعدمه، وكلمة الجوف على معناها داخل الجسم سواء كان معدة أو
أمعاء أو غيرهما ولكن علماء المذهب حملوا الجوف على المعدة والأمعاء ولولا
ذلك لكان كلام مالك مقيداً للافطار والقضاء بالحقن في الإحليل والقبل لأن
الحقنة في كل منهما تصل إلى الجوف.
(3) محل كراهة القبلة إذا لم تؤد إلى الإنزال فإذا أدّت إليه فهي حرام
ومفطرة وعلى فاعلها القضاء والكفارة ومثل القبلة كل عمل من مقدمات الجماع
كالملاعبة والملامسة بالبشرة ونحوها إذا أدى إلى الإنزال وهذا قول مالك في
المدونة، وقال أشهب فيها القضاء فقط إلا أن يستمر فيها فيجب القضاء
والكفارة وقال ابن القاسم في المدونة يلزم القضاء والكفارة فيها. لا أن
يكون الانزال بسبب نظر وفكر غير مستدامين.
(4) تبنى الكفارة عند المالكية: على التعمد أي تعمد الفطر بأي نوع من أنواع
المفطرات سواء كان جماعاً أو أكلاً أو شرباً أو حقنة في منفذ موصل إلى
المعدة أو رفع نية الصوم مهاراً أو ليلاً أو غير ذلك قالوا لأن علة الوجوب
انتهاك حرمة الصوم الواجب في الشهر المعظم رمضان والشافعية خصوا وجوب
الكفارة بالجماع عمداً في نهار رمضان واستدلوا على ذلك بحديث الرجل الذي
وقع على امرأته في رمضان ثم ذهب إلى النبي صَلى اللهُ عَليه وَسَلَم فقال
له هلكت يا رسول الله فقال له ما أهلكك قال وقعت على امرأتي في رمضان وأنا
صائم فقال صَلى اللهُ عَليه وَسَلَم هل تجد ما تعتق به رقبة قال لا قال هل
تجد ما تطعم به ستين مسكيناً قال لا، قال تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين
قال لا، فمكث عند النبي صَلى اللهُ عَليه وَسَلَم فأتي صَلى اللهُ عَليه
وَسَلَم بعرق فيه تمر فقال خذ هذا فتصدق به فقال الرجل أعلى أفقر منا يا
رسول الله فوالله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر إليه منا فقال صَلى اللهُ
عَليه وَسَلَم قم فأطعمه أهلك فأخذه الرجل وانصرف والمالكية طردوا علة
الوجوب وهي انتهاك حرمة الشهر لما تقدم فأوجبوا الكفارة في كل إفطار متعمد.
(5) شروط وجوب الكفارة للمكلف خمسة:
-1 - العمد فلا كفارة على الناسي.
-2- الاختيار فلا كفارة على مكره أو من أفطر غلبة كمن غلب عليه القيء.
-3 - الانتهاك فلا كفارة على متأول تأولاً قريباً.
-4 - أن يكون عالماً بالحرية فجاهلها لا كفارة عليه كشخص حديث عهد بالاسلام
ظن أن الصوم لا يحرم معه الجماع فلا كفارة عليه.
-5 - أن يكون في رمضان لا في قضائه ولا في صيام كفارة أو نذر أو غيرهما،
ويشترط في وجوب الكفارة بالأكل والشرب أن يكون بالفم فقط وأن يصل إلى
المعدة.
(1/39)
يُلَفِّقُ مِنْ نَوْعَيْنِ، وَتَتَعَدَّدُ
بِتَعَدُّدِ الأَيَّامِ وَالأَظْهَرُ عَدَمُ تَعَدُّدِهَا فِي الْيَوْمِ
الْوَاحِدِ. وَعَدَمُ وُجُوبِهَا بِالْجِمَاعِ سَهْواً وَقِيلَ يَلْزَمُهُ
وَرَفْض نِيَّةٍ (1) وَتَعْجِيلِ فِطْرٍ لِتَوَقُّعٍ مُبَاح،
وَالمُكْرَهَةُ تَلْزَمُ المُكْرِهَ عَنْهَا.
(فصل) تَعْجِيلُ الْقَضَاءِ
- يُسْتَحَبُّ تَعْجِيلُ الْقَضَاءِ وَتَتَابُعُهُ فَإِنْ أَخَّرَهُ أَوْ
بَعْضَهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ مُتَّصِلٍ حَتَّى دَخَلَ رَمَضَانُ آخَرُ،
فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ مَعَ الْكَفَّارَةِ (2) إِطْعَامُ مَسَاكِينَ مُدّاً
عَنْ كُلِّ يَوْمٍ، وَيَلْزَمُ المُرْضِعَ تُفْطِرُ خَوْفاً عَلَى
الرَّضِيعِ لاَ الْحَامِلَ وَفِيهَا خِلاَفٌ، وَيُسْتَحَبُّ لِلْعَاجِزِ
لِكِبَرٍ أَوْ عَطَشٍ وَلاَ قَضَاءَ عَلَيْهِمَا، وَمَنْ جُنَّ أَوْ
أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَكْثَرَ يَوْمِهِ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ إِذَا جُنَّ مِنَ
اللَّيْلِ أَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ بَلَغَ مَجْنُوناً أَوْ صَحِيحاً لاَ
بِالْيَسِيرِ، وَيَلْزَمُ الْكَافِرَ إِمْسَاكُ بَقِيَّةِ يَوْمِ
إِسْلاَمِهِ، وَيُسْتَحَبُّ لِلصَّبِيِّ يَبْلُغُ الإِمْسَاكُ لاَ
بَقِيَّةَ يَوْمِ الشِّفَاءِ وَالطُّهْرِ وَقُدُومِ المُسَافِرِ مُفْطِراً.
ثُمَّ السَّفَرُ المُبِيحُ لِلْقَصْرِ وَالصَّوْمُ أَفْضَلُ، وَإِذَا
أَجْمَعَ إِقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ لَزِمَهُ، وَالْمُتَطَوِّعُ إِنْ
أَفْطَرَ سَاهِياً لَزِمَهُ إِمْسَاكُ بَقِيِّةِ يَوْمِهِ لاَ قَضَاؤُهُ،
وَيَحْرُمُ صِيَامُ الْعِيدِ، وَيُكْرَهُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ إِلاَّ
لِمُتَمَتِّعٍ وَنَحْوِهِ، وَيُسْتَحَبُّ صَوْمُ أَيَّامِ الْبِيضِ
وَيَوْمِ عَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ وَالإِثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ وَثَلاَثَةِ
أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَاللهُ أَعْلَمُ.
_________
(1) معنى رفض النية العزم على عدم الصيام، فإذا رفضها وأتبعها بالفطر وجبت
عليه الكفارة وإذا رفضها بقلبه أو بلسانه أو بهما معاً ولم يتبع الرفض
بالفطر كفارة عليه، فقول المؤلف "ورفض النية" أيلا تجب الكفارة برفض النية
لأنه عطفه على ما لا تجب فيه الكفارة وهو الجماع سهواً. يجب حمله على رفض
النية الذي لم يتبعه الفطر وإلا وجبت الكفارة.
(2) ودليل ذلك ما في الموطأ عن القاسم بن محمد أنه كان يقول: من كان عليه
قضاء رمضان فلم يقضه وهو قوي على صيامه حتى جاء رمضان آخر فإنه يطعم عن كل
يوم مسكيناً مداَ حنطة وعليه مع ذلك القضاء. قال مالك: وبلغني عن سعيد بن
جبير مثل ذلك.
(1/40)
باب الاعتكاف (1)
- الاِعْتِكَافُ مُلاَزَمَةُ المَسْجِدِ لَيْلاً وَنَهَاراً مَعَ
النِّيَّةِ وَالصَّوْمِ مُشْتَغِلاً بِالْعِبَادَاتِ، تَارِكاً
لِلأَسْبَابِ الدُّنْيَوِيَّةِ إِلاَّ لِضَرُورَةِ تَحْصِيلِ طَعَامِهِ،
وَاشْتِرَاطَهُ الْخُرُوجَ مُلْغًى، وَيَبْطُلُ بِالْخُرُوجِ إِلاَّ
لِحَاجَةِ الإِنْسَانِ أَوْ طَعَامِهِ وَلَوْ لِعِبَادَةٍ أَوْ صَلاَةِ
جَنَازَةٍ أَو جُمْعَةٍ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لاَ يَنْقُصَ عَنْ عَشَرَةِ
أَيَّامٍ (2) وَيَجُوزُ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ إِلاَّ مَنْ تَلْزَمُهُ
الْجُمْعَة (3) فَيَتَعَيَّنُ الْجَامِعُ وَيَدْخُلُ مُعْتَكَفَهُ قَبلَ
الْفَجْرِ فَإِنْ دَخَلَ بَعْدَهُ بَطَلَ، وَمُعْتَكِفُ الْعَشْرِ
الأَوَاخِرِ لاَ يَنْصَرِفُ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ بَعْدَ شُهُودِ
الْعِيدِ، وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ فَلاَ يَصِحُّ فِي بَيْتِهَا، وَمَنْ
عَرَضَ لَهُ مَا يَمْنَعُهُ مِنْ مَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ وَلَمْ يُمْكِنْهُ
المُقامُ خَرَجَ وَعَلَيْهِ حُرْمَةُ الاِعْتِكَافِ فَإِذَا زَالَ عُذْرُهُ
عَادَ فِي الْفَوْرِ، وَإِنْ شَرَطَ عَدَمَ الْقَضَاءِ لِمَرَضٍ أَوْ
غَيْرِهِ، لَمْ يُفِدْهُ عَلَى المَشْهُورِ، وَيَحْرُمُ عَلَى المُعْتَكِفِ
الاِسْتِمْتَاعُ لَيْلاً أَوْ نَهَاراً لاَ عَقْدُ نِكَاحٍ، وَاللهُ
أَعْلَمُ. |