إرشاد السالك إلى أشرف المسالك في فقه الإمام مالك

كتاب النِّكاح (1)
- يُبَاحُ النَّظَرُ لإِرَادَةِ النِّكَاحِ (2) وَخُطْبَةُ جَمَاعَةٍ امْرَأَةً، فَإِذَا رَكَنَتْ إِلَى أَحَدِهِم لَمْ يَجُزْ لِغَيْرِهِ إِلاَّ أَنْ يَرْغَبَ الأَوَّلُ عَنْهَا وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لاَيُفْسَخُ وَلكِنْ يَتَحَلَّلُ مِنْهُ فَإِنْ أَبَى عَلَيْهِ اسْتَغْفَرَ اللهَ، وَيَنْعَقِدُ بِكُلِّ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى تَأْيِيدِ مِلْكِ مَنَافِعِ الْبُضْعِ وَالاِسْتِيجَاب وَيَكْفِي الْقَابِلَ قَبِلْتُ، وَالْوَلِيُّ شَرْطٌ (3) ، وَهُوَ المُسْلِمُ الذَّكَرُ الْحُرُّ المُكَلَّفُ الرَّشِيدُ، وَاخْتُلِفَ فِي الْعَدَالَةِ، وَالأَشْهَرُ أَنَّهَا شَرْطُ كَمَالٍ، وَهِيَ قِسْمَانِ: نَسْبٌ وَهُمُ الْعَصَبَاتُ فَيُقَدَّمُ أَقْوَاهُمْ تَعْصِيباً وَلِلأَبِ إِجْبَارُ الْبكْرِ وَإِنْ بَلَغَتْ، وَالثَّيِّبِ الصَّغِيرَةِ وَفِي الْعَانِسِ قَوْلاَنِ، وَلاَ
_________
(1) النكاح لغة الضم والجمع ومن ذلك قولهم تناكحت الأشجار إذا انضم بعضها إلى بعض وشرعاً (غقد لحل تمتع بأنثى غير محرم مجوسية وغير أمة كتابية بصيغة لقادر محتاج أو راج نسلاً) والأصل فيه الندب لقوله صَلى اللهُ عَليه وَسَلَم (تناكحوا تناسلوا فاني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة) ولقوله صَلى اللهُ عَليه وَسَلَم (من استطاع الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يسنطع فعليه بالصوم فانه له وجاء) وغير ذلك من الآيات والأحاديث الواردة في الترغيب في النكاح وقد يجب إذا خشي المسلم على نفسه الزنا ولو أدى الزواج إلى إنفاق الزوج على زوجته من حرام أو أدى إلى عدم الانفاق عليها ارتكاباً لأخف الضررين وقد يحرم إذا لم يخش المتزوج الزنا وأدى الزواج إلى الانفاق من حرام أو إضرار بالزوجة أو ترك واجب.
(2) لحديث المغيرة بن شعبة أنه خطب امرأة فقال النبي صَلى اللهُ عَليه وَسَلَم "انظر إليها فانه أحرى أن يؤدم بينكما" متفق عليه.
ومعنى أن يؤدم تحصل الموافقة والملاءمة بينكما، وعن أبي حميدة قال: قال رسول الله صَلى اللهُ عَليه وَسَلَم "إذا خطب أحدكم امرأة فلا جناح عليه أن ينظر منها إذا كان إنما ينظر إليها لخطبة وإن كانت لاتعلم" رواه أحمد فقول خليل ونظر وجهها وكفيها فقط بعلم، مخالف للحديث.
(3) جعل المؤلف الولي شرطاً وجعله غيره ركناً والصحيح أنه ركن لأن النكاح عقد والعقد يكون بين اثنين أحدهما الزوج أو وكيله والثاني ولي الزوجة فالولي داخل في حقيقة النكاح وماهيته وهذه صفة الركن والصحيح أن المهر شرط لصحة النكاح وإن لم يذكر في العقد بدليل صحة نكاح التفويض وهو نكاح الذي لا يسمى فيه حال العقد صداق فالممنوع اشتراط عدم المهر فاذا شرط عدمه فلا يصح النكاح وغذا لم يذكر حال العقد وجب ذكره عند الدخول فاذا لم يذكر وجب مهر المثل.

(1/58)


تَمْنَعُهُ الثُّيُوبَة بِسَقْطَةٍ أَوْ زِناً، كَرُجُوعِ الْبِكْرِ قَبلَ المَسِيسِ وَغَيْرِهِ بِالإِذْنِ فِي الْبَالِغَةِ الْعَاقِلَةِ فَإِذْنُ الْبِكْرُ صِمَاتُهَا وَالثَّيِّبُ نُطْقٌ، وَالصَّحِيحُ بُطْلاَنُ الْعَقْدِ عَلَى الْيَتِيمَةِ الصَّغِيرَةِ إِلاَّ أَنْ يُخَافَ عَلَيْهَا، فَإِنْ عَقَدَ أَحَدُهُمْ أَرْشَدُهُمْ فَإِنِ اسْتَوَوْا فَأَحْسَنُهُمْ فَإِنِ اسْتَوَوْا عَقَدُوا جَمِيعاً فَإِنْ عَقَدَ أَحَدُهُمْ مَضَى كَعَقْدِ الأَبْعَدِ فَإِنْ تَنَازَعُوا فَالسُّلْطَانُ فَإِنْ عَضَلَ بَعْضُهُمْ عَقَد غَيْرُهُ كَغَيْبَةِ الأَحَقِّ، وَلَوْ أَذِنَتْ لِوَلِيَّيْنِ، فَزَوَّجَهَا كُلٌّ جَاهَلاً بِعَقْدِ الآخَرِ فَإِنْ ظَهَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَجُهِلَ السَّابِقُ فُسِخَا وَإِنْ عَلِمَ ثَبَتَ، فَإِنْ دَخَلَ الثَّانِي جَاهِلاً فَاتَتِ الأَوَّلَ.
الثَّانِي سَبَبٌ، فَوَصِيٌّ الأَبِ مُقَدَّمٌ فِي الْبِكْرِ وَفِي الثَّيِّبِ أَسْوَتُهُمْ وَذُو الْوَلاَءِ عِنْدَ عَدَمَ عَصَبَةَ النَّسَبِ، وَالمُوَالاَةُ تَسْتَخْلِفُ، ثُمَّ الْحَاكِمُ ثُمَّ الْعَامَّةُ وَهِيَ وِلاَيَةُ الدِّينِ فَإِنْ عَقَدَ مَعَ وُجُودِ المُجْبِرِ فَبَاطِلٌ وَمَعَ غَيْرِهِ يَمْضِي الدَّنِيَّة وَفِي غَيْرِهَا لِلأَخَصِّ الْخِيَارُ، وَلِلْوَلِيِّ فِيمَا يُبَاحُ لَهُ تَوَلِّي طَرَفَيِ الْعَقْدِ بِإِذْنِهَا وَرِضَاهَا، وَمُعَيَّنُ الْمَرْأَةِ كُفؤاً أَوْلَى مِنْ مُعَيَّنِ الْوَلِيِّ وَالْكَفَاءَةُ الدِّينُ فَالمَنْصُوصُ أَنَّ المَوْلَى وَالْعَبْدَ كفؤاً لِلْحُرِّةِ الْعَرَبِيِّةِ، وَهُوَ حَقٌّ لِلْمَرْأَةِ وَالْوَلِيِّ فَيَجُوزُ اتِّفَاقُهُمَا عَلَى تَرْكِهَا، لاَ وَلاَءَ لِمُسْلِمٍ عَلَى كَافِرَةٍ إِلاَّ لِلسَّيِّدِ فِي أَرِقَّائِهِ فَلَهُ إِجْبَارُهُمْ، وَلاَ يُجْبَرُ هُوَ

(1/59)


فَإِنْ تَزَوَّجَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ إِذْن سَيِّدِهِ فَلَهُ إِجَازَتُهُ لاَ الأَمَةُ ثُمَّ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ الرَّجْعَةَ، وَلاَ إِجْبَارُهُ عَلَى الْفُرْقَةِ وَلاَ يَفْسَخُ بَيْعَهُ.

(فصل) محرمات النكاح
- تَحْرُمُ الأُمُّ وَإِنْ عَلَتْ، وَالْبِنْتُ وَإِنْ نَزَلَتْ وَلَوْ مِنَ الزِّنَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَأَجَازَهُ ابْنُ المَاجِشُون (1) وَالأُخْتُ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأًخْتِ وَإِنْ بَعُدْنَ، وَالْعَمَّاتُ وَالْخَالاَتُ مِنْ جَمِيعِ الْجِهَاتِ، وَأُمُّ الزَّوْجَةِ بِالْعَقْدِ وَبَنَاتُهَا بِالدُّخُولِ، وَتَخْتَصُّ الْحُرْمَةُ بِعَيْنِهَا أَوْ كَوْنِهَا فِي حِجْرِهِ وَحَلاَئِلُ الآبَاءِ وَإِنْ عَلَوْا، وَالأَبْنَاءِ وَإِنْ نَزَلُوا، وَالنِّكَاحُ المُخْتَلَفُ فِيهِ كَالصَّحِيحِ وَالْجَمْعُ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ وَالمَرْأَةِ وَعَمَّتها أَوْ خَالَتِهَا بِمِلْكٍ أَوْ نِكَاحٍ وَالزِّيَادَةُ عَلَى أَرْبَعِ زَوْجَاتٍ، فَإِنْ طَلَّقَ وَاحِدَةً رَجْعِيِّاً لَمْ تَحِلَّ لَهُ غَيْرُهَا، حَتَّى تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِخِلاَفِ الْبَائِنِ وَمُعْتَدَّةِ الْغَيْرِ، وَالتَّصْرِيحُ بِخِطْبَتِهَا، لاَ التَّعْرِيضُ كَإِنِّي فِيكَ لَرَاغِبٌ، وَعَلَيْكَ لَحَرِيصٌ وَنَحْوهِ فَإِنْ دَخَلَ جَاهِلاً بِحُرْمَتِهَا حَرُمَتْ أَبَداً، وَهَلِ الْعَالِمُ مِثْلُهُ قَوْلاَنِ وَالمَشْهُورُ تَدَاخُلُ الْعِدَّتَيْنِ حَتَّى يَطَأَهَا زَوْجٌ غَيْرُهُ وَطْئاً مُبَاحاً فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ، وَقَصْدُ حِلِّهَا يَمْنَعُهَا لَهُمَا وَتَصَادُقُهُمَا بِالْوَطءِ يُحِلُّهَا لاَ إِنْكَارُهَا.

(فصل) النكاح الباطل: الشغار، والمتعة، والنهارية ...
- نِكَاحُ الشِّغَارِ، وَهُوَ أَنْ يُزَوِّجَ كُلٌّ وَلِيَّتَهُ
_________
(1) ومشهور المذهب خلافه قال سحنون قال ابن الماجشون خطأ صراح وما علمت من قاله من أصحابنا معه اه ويقول ابن الماجشون قال الشافعي قال ابن عبد السلام وهو الأقرب لأنها لو كانت بنتاًلحصلت لها أحكام البنت من الميراث وولاية الاجبار ووجوب النفقة وجواز الخلوة بها وحمل الجناية عنها إلى غير ذلك واللازم باطل وأطال تقرير المعنى أما البنت المنفية بلعان فتحرم اتفاقاً كما قال زروق.

(1/60)


مِنَ الآخَرِ عَلَى أَنْ لاَ مَهْرَ، وَالمُتْعَةُ وَهُوَ الْمُؤَقَّتُ وَالسِّرِّيَةُ وَهُوَ المُتَوَاصَى عَلَى كِتْمَانِهِ، وَالنَّهَارِيَّةُ وَهُوَ المُشْتَرَطُ إِتْيَانُهَا الزَّوْجُ نَهَاراً بَاطِلٌ، وَيَجِبُ بِدُخُولِهِ المَهْرُ وَيَسْقُطُ الْحَدُّ وَيُلْحَقُ الْوَلَدُ، وَيُشْتَرَطُ فِي نِكَاحِ الْحُرِّ الأَمَةَ عَدَمُ طَوْلِ الْحُرَّةِ، وَخَوْفُ الْعَنَتِ وَإِسْلاَمُهَا، وَعَدَمُ شُبْهَة مِلْكِهَا كَالْحُرَّةِ لِلْعَبْدِ، وَيُفْسَخُ بِتَمَلُّكِ أَحَدِهِمَا الآخَرَ لاَ وُجُودِ الْحُرَّةِ تَحْتَهُ فَإِنْ لَمْ تُغْنِهِ حَلَّ لَهُ المَزِيدُ وَلَوْ إِلَى أَرْبَعٍ وَإِنْ تَزَوَّجَ حُرَّةً عَلَى أَمَةٍ جَاهِلَةٍ ثَبَتَ لَهَا الْخِيَارُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالإِقَامَةِ لاَ عَالِمَةٍ، وَيُبَاحُ حَرَائِرُ الْكِتَابِيَّاتِ وَمَنْ بَلَغَ بِهِ الْمَرَضُ حَدَّ الْحَجْرِ مُنِعَ النّكَاحَ فَإِنْ صَحَّ قَبْلَ فَسْخِهِ ثَبَتَ، فَإِنْ فَسَخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلاَ مَهْرَ وَبَعْدَهُ يَلْزَمهُ فِي ثُلُثِهِ وَلاَ مِيرَاثَ لِلصَّحِيحِ فَلَوْ بَرِئَ لَوَرِثَ مِنَ الصَّحِيحِ، ثُمَّ كُلُّ نِكَاحٍ أَجْمَعَ المُسْلِمُونَ عَلَى بُطْلاَنِهِ فَالْفُرْقَةُ فِيهِ فَسْخٌ، وَمَا اخْتُلِفَ فِيهِ فَبِطَلاَقٍ.

(فصل) خيار العيب
- يَثْبُتُ لِكُلٍّ الْخِيَارُ بِجَهْلِهِ بِعَيْبِ الآخَرِ حَالَ الْعَقْدِ وَطُرُوؤُهُ بَعْدَهُ لَهَا دُونَهُ، وَهُوَ الْجُنُونُ وَالْجَذَامُ وَالْبَرَصُ وَالْجُبُّ وَالْخِصَاءُ وَالْحَصْرُ وَالْعُنَّةُ وَالاعْتِرَاضُ وَالْغَرَرُ وَالرَّتَقُ وَالْعَفَلُ وَالْبَخَرُ وَالإِفْضَاءُ، فَإِنْ أَمْكَنَتْهُ عَالِمَةً، أَوِ ابْتَنَى بِهَا عَالِماً فَلاَ خِيَارَ وَالْفِرَاقُ فِيهِ بِطَلاَقٍ وَلاَ مَهْرَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَفِي الاِعْتِرَاضِ لَهَا مُرَافَعَتُهُ،

(1/61)


وَليُؤَجَّلْ سَنَةً لِلْحُرِّ، وَنِصْفَهَا لِلْعَبْدِ، وَيُخَلَّي بَيْنَهُمَا، فَيُصَدَّقُ إِنِ ادَّعَى الْوَطْءَ إِنْ كَانَتْ ثَيِّباً، وَالْبِكْرُ يَنْظُرُهَا النِّسَاءُ، فَإِنْ انْقَضَى وَلَمْ يَطَأْ فَاخْتَارَتِ الْفِرَاقَ أُجْبِرَ عَلَى طَلْقَةٍ فَلَوْ عَادَتْ إِلَيْهِ لَعَادَ خِيَارُهَا بِخِلاَفِ غَيْرِهِ، وَلاَ رَدَّ بِغَيْرِ هذِهِ الْعُيُوبِ إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَ سَلاَمَةً فِي الْعَقْدِ، وَإِذَا غَرَّتِ الْكِتَابِيَّةُ بِإِسْلاَمِهَا أَوِ الأَمَةُ بِحُرِّيَّتِهَا ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ فَلَوِ ادَّعَاهُ وَأَنْكَرَهُ السَّيِّدُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ. وَلَوْ تَزَوَّجَ مُعَيَّنَةً مَجْهُولَةَ الصِّفَةِ فَإِذَا هِيَ أَمَةٌ ثَبَتَ خِيَارُهَا، وَيَثْبت لِلأَمَةِ بِتَحْرِيرِهَا تَحْتَ عَبْد لاَ بِعِتْقِهِ قَبْلَهَا أَوْ عِتْقِهِمَا مَعاً أَوْ تَمْكِينِهَا عَالِمَةً وَيَلْزَمُ بِاخْتِيَارِهَا طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ.

(فصل) أحكام من أسلم
- وَإِنْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَر مِنْ أَرْبَعٍ اخْتَارَ (1) أَرْبَعاً، فَإِنْ كَانَ تَحْتَهُ غَيْرُ كِتَابِيَّةٍ فَأَسْلَمَتْ بَعْدَ أَيَّامٍ أُقِرَّتْ: وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ كَانَ بَعْدَ شَهْرٍ وَإِلاَّ بَانَتْ، فَإِنْ سَبَقَتْهُ فَقَبْلَ الدُّخُولِ تَبِينُ، وَبَعْدَهُ إِنْ أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا ثَبَتَ عَلَيْهَا فَلَوْ كَانَتْ مَبْتُوتَةً لَحَلَّتْ بِغَيْرِ مُحَلِّل، وَلاَ نِكَاحَ بَيْنَ الْمَسْبِيِّين.

(فصل) الصداق
- لاَ حَدَّ لأَكْثَرِ الصِّدَاقِ، وَأَقَلُّهُ نِصَابُ الْقَطْعِ، وَيَجُوزُ عَرْضاً وَمَنْفَعَةً وَعَلَى عَبْدٍ مُطْلَقٍ
_________
(1) لحديث ابن عمر أسلم غيلان الثقفي وتحته عشر نسوة في الجاهلية فأسلمن معه فأمره النبي صَلى اللهُ عَليه وَسَلَم أن يختار منهن أربعاً رواه أحمد والترمذي وابن ماجه وعن قيس بن الحارث قال: أسلمت وعندي ثمان نسوة فأتيت النبي صَلى اللهُ عَليه وَسَلَم فذكرت ذلك له فقال اختر منهن أربعاً رواه أبو داود وابن ماجه والحديثان وإن كانا ضعيفين فقد انعقد الاجماع بمضمونهما إلا ما حكي عن بعض الشيعة وقوم مجاهيل وهو خلاف شاذ لايعتد به ولم يصح عن الظاهرية أنهم أجازوا الزيادة على أربع فحكاية الشوكاني ذلك عنهم غلط.

(1/62)


وَشُورَةٍ، وَيَلْزَمُ الْوَسَط مِنَ الرَّقِيقِ وَشَوْرَةِ مِثْلِهَا وَاشْتِرَاطُ عَدَمِهِ مُبْطِلٌ، وَبِمَا لاَ يَجُوزُ تَمَلُّكُهُ يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِمَهْرِ المِثْلِ وَهُوَ مُعْتَبَرٌ بِحَالِهَا وَيَسَارِهَا وَأَبَوَيْهَا وَأَتْرَابهَا لاَ بِأَقَارِبِهَا، وَلَوْ جَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا مَضَى الْعِتْقُ وَلَزِمَهُ مَهْرُ مِثْلِهَا وَلَوْ شَرَطَ زِيَادَةً عَلَى الصَّدَاقِ وَلاَ يُجْمَعُ الْبَيْعُ وَالنِّكَاحُ فِي عَقْدٍ، وَيُسْتَحَبُّ تَعْجِيلُهُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَهَا الاِمْتِنَاعُ حَتَّى تَقْبِضَ الْحَالَّ لاَ الْمُؤَجَّلَ وَلاَ بَعْدَ تَمْكِينِهِ فَإِنْ أَعْسَرَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَهَا الْفَسْخُ فَإِنِ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ أَوْ عَيْنِهِ فَإِنْ حَلَفَا تَفَاسَخَا وَأَيُّهُمَا نَكَلَ لَزِمَهُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ الآخَرُ، وَبَعْدَ الدُّخُولِ الْقَوْلُ قَوْلُه وَفِي قَبْضِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ قَوْلُهَا وَبَعْدَهُ قَوْلُ مَنْ شَهِدَ لَهُ الْعُرْفُ إِلاَّ يَكُون مَعَهَا كِتَابٌ ثَابِتٌ وَيُكَمَّلُ بِالْمَوْتِ وَالْبِنَاءِ وَيَتَشَطَّرُ بِالطَّلاَقِ قَبْلَهُ وَيَسْقُطُ بِكُلِّ فُرْقَةٍ تَكُونُ مِنْ جِهَتِهَا إِلاَّ التَّمْلِيكُ وَالتَّخْيِيرُ وَاخْتِيَارُهَا بِإِعْسَارِهِ فَلَوْ وَهَبَتْهُ بَعْضَهُ فَلَهَا نِصْفُ بَاقِيهِ، وَلَوْ وَضَعَتْ بَعْضَهُ فِي الْعَقْدِ لِشَرْط فَلَمْ يَفِ لَكَانَ لَهَا الرُّجُوعُ وَلَوِ اشْتَرَتْ مَا تَخْتَصُّ بِهِ ضَمِنَتْ نِصْفَهُ وَمَا لاَ يَصْلُحُ لَهُمَا فَهُوَ بَيْنَهُمَا كَزِيَادَتِهِ وَنُقْصَانِهِ وَتَلَفِهِ وَلَوْ دَخَلَ فَادَّعَتْ المَسِيسَ وَأَنْكَرَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا وَلَوْ خَلاَ بِهَا زَائِراً

(1/63)


فَفِي مَنْزِلِهِ قَوْلها وَفِي مَنْزِلِهَا قَوْلُهُ.

(فصل) التفويض، التوريث، النفقة
- يَجُوزُ نِكَاحُ التَّفْوِيضِ (1) وَهُوَ الْعَقْدُ الْمَسْكُوتُ فِيهِ عَنِ الصِّدَاقِ فَيَلْزَمُ بِرِضَاهَا بِمَا فَرَضَهُ إِنْ بَذَلَ مَهْرَ مِثْلِهَا أَوْ رِضَاهُ بِفَرْضِهَا أَوْ فَرْضِ وَلِيِّهَا فَإِنْ طَلَّقَ قَبْلَ الْفَرْضِ وَالْبِنَاءِ فَلاَ مَهْرَ. وَيَثْبُتُ التَّوْرِيثُ وَلَوْ دَخَلَ لَلَزِمَ مَهْرُ المِثْلِ وَالتَّحْكِيمُ كَالتَّفْوِيضِ فَإِنْ رَضِيَا بِمَا يَحْكُمُ وَإِلاَّ خُيِّرَ بَيْنَ الطَّلاَقِ وَمَهْرِ المِثْلِ، وَتَلْزَمُ النَّفَقَةُ بِالدُّخُولِ أَوِ الدُّعَاءِ إِلَيْهِ بِشَرْطِ الْبُلُوغِ وَإِطَاقَتِهَا الْوَطءَ وَهِيَ مُعْتَبَرَةٌ بِحَالِهَا فَيَجْتَهِدُ الْحَاكِمُ بِفَرْضِ كِفَايَتِهَا مِمَّا لاَ غِنَى لَهَا عَنْهُ إِنْ كَانَتْ مِمَّنْ تُخْدَمُ أَخْدَمَهَا وَتَسْقُطُ بِنُشُوزِهَا لاَ لِوُجُودِ عُذْرٍ شَرْعِيٍّ أَوْ حَبْسِهِ أَوْ سَفَرِهِ وَيَثْبُتُ خِيَارُهَا بِعُسْرِهِ لاَ إِنْ تَزَوَّجَتْهُ عَالِمَةً بِفَقْرِهِ فَإِنِ اخْتَارَتْ فِرَاقَهُ تُطَلَّقُ رَجْعِيَّةً وَوُقِفَتْ رَجْعَتَهُ عَلَى يُسْرِهِ أَوْ رِضَاهَا، وَعَلَيْهِ إِسْكَانُهَا مَسْكَناً يَلِيقُ بِهَا، وَعَلَيْهَا مِنْ خِدْمَتِهِ مَا يَخْدُمُ مِثْلَهَا وَحِفْظُهَا فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ وَلَهُ نَقْلُهَا وَالسَّفَرُ بِهَا إِذَا كَانَ مَأْمُوناً عَلَيْهَا مُحْسِناً.

(فصل) الْقَسْمُ بين الزوجات
- يَجِبُ الْقَسْمُ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ وَلَوْ أَمَةً أَوْ كِتَابِيَّةً أَوْ بِهَا عُذْرٌ يَمْنَعُ الْوَطْءَ لِكُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ مَا لَمْ يُعْجِزْهُ مَرَضً فَيُقِيمُ حَيْثُ صَارَ وَلَهُ تَفْضِيلُ بَعْضِهِنَّ
_________
(1) والأصل فيه قوله تعالى (لاجناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة) قال الباجي: والدليل على صحته الاجماع فلا خلاف بين المسلمين في جوازه وصحته اه. وروى أبو داود والحاكم عن عقبة بن عامر أن النبي صَلى اللهُ عَليه وَسَلَم زوج امرأة رجلاً فدخل بها ولم يفرض لها صداقها فحضرته الوفاة فقال أشهدكم أن سهمي بخيبر لها. قال ابن ناجي وأعلم أن نكاح التفريض أصل وقيست عليه هبة الثواب قال شفعة المدونة: وإنما جازت هبة الثواب على غير عوض مسمى لأنه على وجه التعويض في النكاح اه.

(1/64)


فِي الإِنْفَاقِ مَا لَمْ يَقْصِدْ إِضْرَاراً وَلاَ يَجْمَعُهُنَّ فِي بَيْتٍ إِلاَّ بِرِضَاهُنَّ فَإِنْ أَرَادَ سَفَراً قَرَعَ بَيْنَهُنَّ فَإِنْ تَزَوَّجَ عَلَيْهِنَّ بِكْراً سَبَّعَ عِنْدَهَا أَوْ ثَيِّباً ثَلَّثَ ثُمَّ اسْتَأْنَفَ وَلاَ قَضَاءَ، وَمَنْ وَهَبَتْهُ لَيْلَتَهَا لَمْ يَخْتَصَّ بِهَا غَيْرَهَا، وَلَوْ وَهَبَتْهَا ضُرَّتَهَا اخْتَصَّتْ بِهَا وَلاَ يَلْزَمُ الْوَطءُ بَلْ ذلِكَ بِحَسَبِ رَغْبَتِهِ مَا لَمْ يَقْصِدْ إِضْرَاراً وَلاَ قَسْمَ لِمِلْكِ الْيَمِينِ وَلاَ يَعْزِلُ عَنْ حُرَّةٍ إِلاَّ بِإِذْنِهَا وَالأَمَةُ بِإِذْنِ سَيِّدِهَا وَيَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ فَإِنِ ادَّعَتْ وِلادَتَهُ وَأدَّعَى الْتِقَاطَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا وَالسِّرِّيَّةُ تَلْزَمُهَا الْبَيِّنَةُ وَلَهُ الاِسْتِمْتَاعُ بِمَا شَاءَ إِلاَّ الإِتْيَانَ فِي الدُّبُرِ (1) وَيُؤَدَّبُ فَاعِلُهُ وَيَتَعَلَّقُ بِهِ جَمِيعُ أَحْكَامِ الْوَطْءِ إِلاَّ فَيْئَةَ المُوْلِي وَإِحْلاَلَ المَبْتُوتَةِ فَإِنْ نَشَزَتْ وَعَظَهَا فَإِنِ اسْتَمَرَّتْ هَجَرَهَا فَإِنْ تَمَادَتْ ضَرَبَهَا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، وَإِذَا قُبِحَ مَا بَيْنَهُمَا أُمِرَ المُتَعَدِّي بِإِزَالَتِهِ فَإِنْ جَهِلَ بَعَثَ الْحَاكِمُ حَكَمَيْنِ مِنْ أَهْلِهِ وَأَهْلِهَا يَحْكُمَانِ بالأَصْلَحِ مِنْ صُلْحٍ أَوْ فِرَاقٍ فَيَمْضِي مَا حَكَمَاهُ.

(فصل) زوجة الغائب
- إِذَا غَابَ الزَّوْجُ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً فَلَمْ تُعْلَمْ حَيَاتُهُ فَلَهَا رَفْعُ أَمْرِهَا إِلَى الْحَاكِمِ فَيُؤَجِّلهَا أَرْبَعَ سِنِينَ فَإِنْ عُلِمَ مَوْضِعُهُ كَاتَبَهُ بِالمَجِيءِ أَوْ نَقْلَهَا أَوِ الطَّلاَقِ وَإِلاَّ أَمَرَهَا بعِدَّةِ الْوَفَاةِ وَأُبِيحَتْ لِلأَزْوَاجِ فَإِنْ ظَهَرَ قَبْلَ نِكَاحِهَا فَهُوَ عَلَى نِكَاحِهِ وَبَعْدَهُ تَفُوتُ بِالدُّخُولِ
_________
(1) فإنه حرام لحديث ابن عباس: جاء عمر إلى النبي صَلى اللهُ عَليه وَسَلَم فقال يا رسول الله هلكت قال وما الذي أهلكك؟ قال حولت رحلي البارحة فلم يرد عليه بشيء. فأوحى الله إلى رسوله هذه الآية (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم) أقبل وأدبر واتقوا الدبر والحيضة. رواه أحمد والترمذي وحسنه. وعن أبي هريرة قال رسول الله صَلى اللهُ عَليه وَسَلَم ملعون من أتى امرأة في دبرها رواه أحمد وأبو داود. والأحاديث في التنفير عنه كثيرة ونقل عن مالك جوازه في السر وهو باطل.

(1/65)


لاَ بِالْعَقْدِ عَلَى الأَصَحِّ وَتَقَعُ بِهِ طَلْقَةٌ حُكْماً قَبْلَ الْعِدَّةِ، فَإِنْ كَانَ قَدْ بَنَى بِهَا فَلَهَا مَهْرُهَا وَإِلاَّ فَنِصْفُهُ فَإِذَا ثَبَتَ مَوْتُهُ كَمُلَ لَهَا وَلاَ تُقْسَمُ تَرِكَتُهُ إِلاَّ بِتَيَقُّن مَوْتِهِ أَوْ مُضِيِّ مَا لاَ يَعِيشُ إِلَى مِثْلِهِ غَالِباً، قِيلَ تَمَامُ سَبْعِينَ سَنَةً وَقِيلَ ثَمَانُونَ وَيَجْتَهِدُ الْحَاكِمُ فِي الأَسِيرِ وَالمَفْقُودِ فِي الْمُعْتَرَكِ مِنْ غَيْرِ تَأْجيلٍ، وَاللهُ أَعْلَمُ.

كتاب الطلاق
- الاثْنَانِ فِي الْعَبْدِ كَالثَّلاَثِ فِي الْحُرِّ، وَهُوَ بَائِنٌ فَتَبِينُ غَيْرُ المَدْخُولِ بِهَا بِوَاحِدَةٍ كَالْمُخْتَلِعَةِ إِلاَّ أَنْ يَزِيدَ أَوْ يُرْسِلَ أَكْثَرَ فِي الْفَوْرِ فَيَلْزَمُ، وَرَجْعِيٌّ وَهُوَ إِيقَاعُ مَا دُونَ نِهَايَتِهِ بِمَدْخُولٍ بِهَا بِغَيْرِ عِوَضٍ وَهِيَ زَوْجَتُهُ مَا دَامَتْ فِي عِدَّتِهَا فَلَهُ ارْتِجَاعُهَا، وَيَصِحُّ بِالْقَوْلِ كَرَاجَعْتُكِ، وَبِالْفِعْلِ كَقَصْدِهِ بِالاِسْتِمْتَاعِ، وَتَبِينُ بِانْقِضَائِهَا، وَيُقْبَلُ قَوْلُهَا فِيمَا يُمْكِنُ صِدْقُهَا فِيهِ، فَلَوْ تَزَوَّجَتْ فَأَقَامَ بَيِّنَهً بِرَجْعَتِهَا قَبْلَ انْقِضَائِهَا فَاتَتْ بِالدُّخُولِ لاَ بِالعَقْدِ، ثُمَّ السُّنِّيُّ مِنْهُ طَلْقَةٌ فِي طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّ فِيهِ، وَلاَ تَالِياً لِحَيْضٍ طَلَّقَ فِيهِ، ثُمَّ لاَ يَتْبَعُهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، وَالْبِدْعِيُّ إِرْسَالُ الثَّلاَث دَفْعَةً (1) وَالطَّلاَقُ فِي طُهْرِ المَسِيسِ أَوْ فِي الْحَيْضِ، فَيُجْبَرُ عَلَى ارْتِجَاعِهَا وَإِمْسَاكِهَا
_________
(1) ما ذكره المؤلف هو المذهب وقال الشافعي موقع الطلاق الثلاث دفعه مطلق السنة واستدل بحديث الملاعن زوجته فقد جاء فيه كذبت عليها يارسول الله إن أمسكتها فطلقها ثلاثاً قبل أن يأمره ثم مع كونه بدعة يلزم إن وقع وبه قال جماعة الفقهاء ونقل أبو الحسن المغربي في كتاب الحج عن ابن سيرين قال ما ذبحت قط ديكاً بيدي ولو وجدت من يرد المطلقة ثلاثاً لذبحته بيدي وهذا منه مبالغة كما قال ابن ناجي وقال ابن مغيث ومحمد ابن ناصر ومحمد عبد السلام وابن زناع وغيرهم يقع طلقة واحدة وأخذوا ذلك من مسائل متعددة من المدونة ونقل عن المازري أنه كان يقول نصرهم ابن مغيث لا أغاثه الله قال ابن ناجي في دعائه عليه نظر لأنه رحمه الله لم يذكر ما ذكره بالتشهي بل بما ظهر من الاجتهاد فهو مأجور أصاب أو أخطأ ثم أخذ ابن ناجي يرد كلام ابن مغيث بما يعلم من مراجعته في شرح الرسالة.

(1/66)


حَتَّى تَطْهُرَ مِنَ الثَّانِيَةِ وَلاَ إِجْبَارَ فِي الطُّهْرِ بَيْنَهُمَا كَطُهْرِ المَسِيسِ، وَعَارٍ عَنْهُمَا كَالصَّغِيرَةِ وَالْيَائِسَةِ وَظَاهِرَةِ الْحَمْلِ وَغَيْرِ المَدْخُولِ بِهَا، ثُمَّ صَرِيحُهُ مَا يَتَضَمَّنُهُ لَفْظُهُ وَإِطْلاقُهُ وَاحِدَةٌ إِلاَّ أَنْ يَنْوِي أَكْثَرَ فَإِنِ ادَّعَى إِرَادَةَ طَلاَقِ الْوِلاَدَةِ أَوْ مِنْ وِثَاقٍ وُقِفَ عَلَى قَرِينَةِ الْحَالِ، وَكِنَايَتُهُ ظَاهِرَةٌ كَخَلِيَّةٍ وَبَرِّيَّةٍ وَبَائِنٍ وَبَتَّةٍ وَبَتْلَةٍ وَحَرَامٍ وَحَبْلِكِ عَلَى غَارِبكِ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا ثَلاَثٌ فِي المَدْخُولِ بِهَا لاَ تَقْبَلُ إِرَادَةَ دُونِهَا وَلاَ عَدَمَ إِرَادَةِ الطَّلاَقِ، وَيَلْزَمُ فِي غَيْرِهَا مَا نَوَاهُ كَالْخُلْعِ وَقَوْلُهُ الْحَلاَلُ عَلَيْهِ حَرَامٌ يَلْزَمهُ بِهِ إِلاَّ أَنْ يُحَاشِيَهَا لَفْظاً أَوْ نِيَّةً، وَالْمَشْهُورُ أَنَّ السَّرَاحَ وَالْفِرَاقَ كِنَايَةٌ، وَقِيلَ صَرِيح، وَمُحْتَمِلَةٌ كَاذْهَبِي وَاعْزِبِي وَاخْرُجِي وَانْصَرِفي وَاعْتَدِّي وَالْحَقِي بِأَهْلِكِ. فَيُقْبَلُ مَا أَرَادَهُ وَلَوْ سَأَلَتْهُ الطَّلاَقَ فَأَجَابَهَا بِلَفْظٍ أَوْ إِشَارَةٍ مُفْهِمَةٍ لَزِمَهُ كَكَتْبِهِ وَإِنْفَاذِهِ وَيَسْرِي بِإِضَافَتِهِ إِلَى أَبْعَاضِهَا وَيُكَمَّلُ مُبَعِّضُهُ، وَالشَّكُّ فِي عَدَدِهِ يَلْزَمُ أَكْثَرُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَكُلَّمَا عَادَتْ إِلَيْهِ بَعْدَ زَوْجٍ وَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً لَمْ تَحِلَّ لَهُ إِلاَّ بِمُحَلِّلٍ إِلاَّ أَنْ يُرْسَلَ الثَّلاَثَ دَفْعَةً، وَقِيلَ تَحِلُّ بَعْدَ ثَلاَثِ أَنْكِحَهٍ وَلاَ يَهْدِمُ الثَّانِي مَا دُونَ الثَّلاَثِ فَمَنْ طَلَّق زَوْجَتَهُ مُبْهَمَةً لَزِمَهُ فِي الْجَمِيعِ فَلَوْ كَانَتْ أَجْنَبِيَّةً فَادَّعَى إِرَادَةَ الأَجْنَبِيَّةِ لَزِمَهُ فَلَوْ

(1/67)


نَادَى مُعَيَّنَةً فَأَجَابَتْهُ غَيْرُهَا فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ لَزِمَهُ فِيهِما، وَلاَ لَغْوَ فِي يَمِينِ الطَّلاَقِ وَلَوْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ وَطَلقَ قَبْلَهُ ثُمَّ عَادَتْ إِلَيْهِ عَادَ الْيَمِينُ مَا بَقَي طَلْقَةٌ مِنَ النِّكَاحِ الأَوَّلِ، ثُمَّ الْمُطَلِّقُ الْمُسْلِمُ الْمُكَلَّفُ المُخْتَارُ، وَإِشَارَةُ الأَخْرَسِ بِهِ كَالنُّطْقِ، وَلَوْ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ وَاخْتَلَفَا فِي عَدَدِهِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا ثَلاَثاً وَالآخَرُ اثْنَيْنِ أَوْ وَاحِدَةً لَزِمَ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ، وَلَوْ أَبَانَهَا مَرِيضاً لَزِمَهُ وَوَرِثَتْهُ وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الْعِدَّةِ أَوْ تَزَوَّجَتْ.

(فصل) تنجيز الطلاق وتعليقه
- يُنَجَّزُ بِتَعْلِيقِهِ عَلَى مُتَحَتِّمٍ كَطُلُوعِ الْفَجْرِ وَالشَّمْسِ وَرَأْسِ الشَّهْرِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي غَالِبِ الْوُقُوعِ كَطُهْرِ الْحَائِضِ وَعَكْسِهِ وَلَوْ عَلَّقَةُ عَلَى مَوْتِهِ فَرِوَايَتَانِ بِاللُّزُومِ مُنجِزاً أَوْ نَفْيِهِ كَتَعْلِيقِهِ عَلَى مَشِيئَةِ مَا لاَ مَشِيئَةَ لَهُ (1) وَيَتَنَجَّزُ بِمَشِيئَةِ اللهِ تَعَالَى، وَيَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ أَكْثَرِهِ وَأَقَلِّهِ لاَ المُسْتَغْرِقِ وَقَوْلُه أَنْتِ طَالِقٌ أَرْبَعاً إِلاَّ ثَلاَثاً مُسْتَغْرِقٌ، وَلَوْ عَلَّقَةُ فِي امْرَأَةٍ عَلَى نِكَاحِهَا لَلَزِمَ بِالْعَقْدِ وَلَهُ نِكَاحُهَا إِلاَّ أَنْ يَقُولَ كُلَّمَا، وَلَوْ عَمَّمَ لَمْ يَلْزَمْهُ بِخِلاَفِ تَعْلِيقِهِ بقَبِيلَةٍ أَوْ بَلَدٍ أَوْ نَوْعٍ بِعَيْنِهِ.

(فصل) الْخُلْعُ
- الْخُلْعُ طَلاَقٌ بِعِوَضٍ (2) تَبْذُلُهُ هِيَ أَوْ غَيْرُهَا فَيَلْزَمُ وَيَجِبُ دَفْعُ الْعِوَضِ إِلاَّ أَنْ تَبْذُلَهُ لِتَتَخَلَّصَ مِنْ شَرِّهِ فَيَحْرُمُ رَدُّهُ، وَيَصِحُّ عَلَى صَدَاقٍ وَأَكْثَرِ وَأَقَلِّ
_________
(1) وهو المشهور.
(2) الأصل فيه قوله تعالى (فان خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به) وحديث حبيبة بنت سهل الأنصاري فانها اختلعت من زوجها ثابت بن قيس بن شماس بكل ما صدقها وأقرها رسول الله صَلى اللهُ عَليه وَسَلَم كما في الموطأ والصحيحين وهو بائن لا رجعة فيه إلا بعقد جديد وفي قول للشافعي هو فسخ إذا لم يذكر طلاقاً فتنحل به اليمين المعلقة كما في الاكليل للأمير.

(1/68)


وَعَلَى الْمَجْهُولِ وَالْغَرَرِ فَإِنْ سَلِمَ فَهُوَ لَهُ وَإِلاَّ لَزِمَ الطَّلاَقُ دُونَهُ كَالمُحْرِمِ وَمِنَ المَرِيضَةِ قَدْرِ مِيرَاثِهِ، وَقِيلَ قَدْرُ ثُلُثِهَا.

(فصل) تفويض الطلاق
- يُفَوَّضُ إِلَى المَرْأَةِ طَلاَقُهَا تَمْلِيكاً (1) فَإِنْ أَجَابَتْ بِقَبُولٍ أَوْ رَدٍّ عُمِلَ عَلَيْهِ وَإِظْهَارُهَا بِالسُّرُورِ اخْتِيَارٌ وَتَمْكِينُهَا رَدٌّ فَإِنْ أَوْقَعَتْ وَاحِدَةً فَلاَ مَقَالَ لَهُ وَإِنْ طَلَّقَتْ ثَلاَثاً فَلَهُ إِنْكَارُهَا عَلَى الْفَوْرِ بِشَرْطِ إِرَادَةِ الطَّلاَقِ وَمَا دُونَ الثَّلاَثِ وَإِلاَّ لَزِمَ مَا أَوْقَعَتْ فَإِنْ تَفَارَقَا قَبْلَ إِجَابَتِهَا أَوْ أَبْهَمَتِ الجَوَابَ فَلَهُ مُرَافَعَتُهَا لِتُجْبَرَ عَلَى الطَّلاَقِ أَوِ الإِسْقَاطِ، فَإِنْ أَبَتْ أَسْقَطَهُ الْحَاكِمُ أَوْ تَخْيِيراً فَاخْتِيَارُهَا نَفْسَهَا مَدْخُولاً بِهَا ثَلاَثٌ وَلاَ مُنَاكَرَةً لَهُ، فَإِنْ أَوْقَعَتْ دُونَهَا لَمْ يَلْزَمْ، وَغَيْرُ المَدْخُولِ بِهَا اخْتِيَارُهَا وَاحِدَةٌ فَإِنْ زَادَتْ فَلَهُ مُنَاكَرَتُهَا وَلَوْ نَصَّ عَلَى عَدَدٍ لَغَا الزَّائِدُ أَوْ تَوْكِيلاً وَلَهُ عَزْلُهَا مَا لَمْ تُطَلَّقْ.

(فصل) الإِيلاَءُ
- الإِيلاَءُ (2) الشَّرْعِيُّ حَلِفٌ بِيَمِينٍ يَلْزَمُ بِالْحِنْثِ حُكْماً عَلَى تَرْكِ وَطْءِ زَوْجتِهِ زيَادَةً عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَلَهَا مُرَاجعَتُهُ لِيُؤَجِّلَ تَمَامَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ الْحِلفِ فَإِنْ فَاءَ وَإِلاَّ لَمْ يَلْزَمْهُ طَلاَقٌ بَلْ يُوَافِقُهُ لِيَأْمُرَهُ بِالْفَيْئَةِ أَوِ الطَّلاَق إِنِ اخْتَارَتْهُ فَإِنْ أَبَى طَلَّقَ عَلَيْهِ رَجْعِيَّةً فَإِنْ فَاءَ بَعْدُ ارْتَجَعَهَا وَإِلاَّ بَانَتْ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَفِي تَارِكِ
_________
(1) الأصل في التمليك ما رواه مالك في المؤطأ عن ابن عمر قال إذا ملك الرجل امرأته فالقضاء ما قضت به إلا أن ينكر عليها فيقول لم أرد إلا واحدة على ذلك ويكون أملك بها ما كانت في عدتها وآثار مرؤية في الموطأ أيضاً وأما التخيير فثابت بالقرآن في قصة تخيير أمهات المؤمنين.
(2) الإيلاء: اليمين، قال الأعشى يمدح النبي صَلى اللهُ عَليه وَسَلَم: فآليت لا أرثي لها من كلالة * ولا من نجي حتى تلاقي محمدا
نبي يرى ما لا يرون وذكره * أغارلعمري في البلاد وأنجدا
وخص في الشرع بما ذكره المصنف وعرفه ابن عرفة بقوله حلف زوج على عدم وطء زوجته يوجب خيارها في طلاقه وهو ثابت بالقرآن والسنة.

(1/69)


الْوَطْءِ ضِرَاراً رِوَايَتَانِ بِتَأْجِيلِهِ مُنْذُ المُرَاجَعَةِ وَأَمْرِهِ بِالْفُرْقَةِ (1) .

(فصل) الظِّهَارُ
- الظِّهَارُ تَشْبِيهُ مُبَاحَةٍ بِمُؤَبَّدَةِ التَّحْرِيمِ تَشْبِيهَ الْجُمْلَةِ بِالْجُمْلَةِ أَوِ الْبَعْضِ بِالْبَعْضِ أَوِ الْجُمْلَةِ بِالْبَعْضِ ذَكَرَ الظَّهْرَ أَوْ غَيْرَهُ، وَالتَّشْبِيهُ بِالأَجْنَبِيَّةِ ظِهَارٌ عِنْدَ مَالِكٍ طَلاَقٌ عِنْدَ غَيْرهِ، وَقَوْلُهُ ظَهْرُكِ كَظَهْرِ ابْنِي أَوْ غُلاَمِي ظِهَارٌ فَيَحْرُمُ بِهِ الاِسْتِمْتَاعُ حَتَّى يُكَفِّرَ، وَهِيَ مَشْرُوطَةٌ بِالْعَوْدِ وَهُوَ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ وَقِيلَ مَعَ الإِمْسَاكِ وَهِيَ مُرَتَّبَةُ فَيُعْتِقُ رَقَبَةً لَيْسَ لَهَا شِرْكَةٌ صِفَتُهَا مَا تَقَدَّمَ (2) فَإِنْ لَمْ يَجِدْ صَام شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فَإِنْ قَطَعَ وَلَوْ بِاسْتِمْتَاع لَيْلاً اسْتَأْنَفَ إِلاَّ أَنْ يَجد الرَّقَبَةَ فَيَلْزَمُهُ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعِ أَطْعَمَ سِتِّينَ مِسْكِيناً عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ وَلاَ يُجْزِئُ التَّلْفِيقُ وَلاَ يُكَفِّرُ الْعَبْدُ بِالْعِتْقِ وَيَصِحُّ تَعْلِيقُهُ عَلَى النِّكَاحِ فَإِذَا عَقَدَ لَمْ يَجُزْ لَهُ الاسْتِمْتَاعُ بِهَا حَتَّى يُكَفِّرَ.

(فصل) اللعَانُ
- اللعَانُ يَثْبُتُ بَيْنَ كُلِّ زَوْجَيْنِ مُسْلِمَيْنِ بِالْقَذْفِ بِرُؤْيَةِ الزِّنَا أَوْ بنَفْيِ النَّسَبِ فَيَبْدَأُ الرَّجُلُ أَرْبَعاً: أَشْهَدُ بِاللهِ لَقَدْ رَأَيْتُهَا تَزْنِي وَإِنِّي لَمِنَ الصَّادِقِينَ، وَهَلْ يَلْزَمُهُ الْوَصْفُ كَالشُّهُودِ قَوْلاَنِ وَيُخَمِّسُ بَأَنَّ لَعْنَةَ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ،
_________
(1) أرجحهما أنه لا يؤجل بل يؤمر بالفرقة أو الفيئة في الحال لأن المولى إنما ضرب له الأجل لأجل اليمين التي لزمه يمين فلم يكن لتأجيله معنى.
(2) في كفارة الأيمان.

(1/70)


فَيَنْتَفِي عَنْهُ الْحَدُّ وَالْوَلَدُ ثُمَّ تَشْهَدُ هِيَ أَرْبَع شَهَادَاتٍ بِاللهِ مَا زَنَيْتُ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ وَتُخَمِّسُ بَأَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ فَيَنْتَفِي الْحَدُّ وَتَثْبُتُ الْفُرْقَةُ وَتَحْرُمُ أَبَداً وَلاَ يُبَدِّلُ اللَّعْنَ بِالْغَضَبِ وَلْيَكُنْ بِمَشْهَدٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَوْضِعٍ يُعَظَّمُ وَأَيُّهُمَا نَكَلَ حُدَّ وَأُقِرَّ، لكنَّ حَدَّ الزَّوْجِ يَقِفُ عَلَى كَوْنِهَا يُحدُّ قَاذِفُهَا وَيُشْتَرَطُ لِلنَّفْيِ الاِسْتِبْرَاءُ وَعَدَمُ الْوَطْءِ بَعْدَهُ، وَيَلْتَعِنُ هُوَ دُونَهَا فَإِنْ وَطِئَ بَعْدَهُ حُدَّ لِلْقَذْفِ وَلَحِقَهُ كَاعْتِرَافِهِ بِهِ فِي ادِّعَاءِ رُؤْيَةِ الزِّنَا وَلَوْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ أَوِ اسْتَلْحَقَهُ لَحِقَ بِهِ وَحُدَّ، وَلَمْ تَحِلَّ، وَيُلاَعِنُ زَوْجَتَهُ الأَمَةَ وَالْكِتَابِيَّةَ لِنَفْيِ النَّسَبِ، وَفِي الْقَذْفِ بِالزِّنَا قَوْلاَنِ (1) وَيَصِحُّ مِنَ الأَعْمَى لِنَفْيِ النَّسَبِ وَمِنَ الأَخْرَسِ إِذَا فَهِمَ، وَالْمَشْهُورُ الاِلْتِعَانُ بِمُجَرَدِ الْقَذْفِ، وَاللهُ أَعْلَمُ.

كتاب الْعِدَّة والاستبراءِ
- الحَامِلُ يُبْرِئُهَا وَضْعُ الْحَمْلِ مَا كَانَ وَضَعَتْهُ مُخَلَّفاً، أَوْ غَيْرَ مُخَلَّقٍ وَتَعْتَدُّ الْحُرَّةُ غَيْرُ الْحَامِلِ لِلْوَفَاةِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً وَلَوْ بِكْراً أَوْ صَغِيرَةً أَوْ يَائِسَةً، وَعَلَى المَدْخُولِ بِهَا حَيْضَةٌ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ عَادَةُ طُهْرِهَا أَكْثَرَ مِنَ الشُّهُورِ فَتَقْتَصِرُ عَلَيْهَا، وَالأَمَةُ بِشَهْرَيْنِ وَخَمْسٍ، وَالْكِتَابِيَّةُ
_________
(1) يعني إذا قذف بالزنا الأمة أو الكتابية فهل يلاعنها أو لا قولان أظهرهما يلاعن وقوله الآتي والمشهور الالتعان بمجرد القذف محمول على ما إذا قذف زوجته الحرة بالزنا ولم يدع رؤية.

(1/71)


تَحْتَ الْمُسْلِمِ كَالْمُسْلِمَةِ، وَقِيلَ تُسْتَبْرَأُ بِثَلاَثِ حِيَضٍ إِنْ كَانَتْ مَدْخُولاً بِهَا وَإِلاَّ فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهَا، وَتُسْنَبْرَأُ أُمُّ الْوَلَدِ لِمَوْتِ سَيِّدِهَا بِحَيْضَةٍ، وَتَعْتَدُّ لِمَوْتِ زَوْجِهَا قَبْلَهُ كَالأَمَةِ وَبَعْدَهُ كَالْحُرَّةِ وَتَنْتَقِلُ الرَّجْعِيَّةُ لِمَوْتِ زَوْجِهَا إِلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ كَالأَمَةِ المُطَلَّقَةِ يَمُوتُ زَوْجُهَا بَعْدَ عِتْقِهَا فِي الْعِدَّةِ، وَعَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا الإِحْدَادُ مُدَّةَ الْعِدَّةِ وَهُوَ الاِمْتِنَاعُ مِنَ الطِّيبِ وَالتَّزْيُّنِ بِالْحُلِيِّ وَالثِّيَابِ وَالْكُحْلِ وَاَلْحِنَّاءِ وَلاَ تَنْتَقِلُ مِنْ مَنْزِلِ الْوَفَاةِ إلاَّ أَنْ تَخَافِ عَوْرةً فَتُلازِمَ الثَّانِيَ، وَهَيَ أَحقُّ بِالسُّكْنَى منَ الْوَرَثَةِ وَالْغُرَمَاءِ وَلاَ تَخْرُجُ إِلاَّ لِضَرُورَةٍ وَلاَ تَبِيتُ بِغَيْرِهِ، وَلاَ نَفَقَةَ لَهَا وَإِنْ كَانَتْ حَامِلاً، وَنَفَقَةُ الطِّفْلِ مِنْ مَالِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ، أَوْ لَمْ يَقْبَلْ ثَدْيَ غَيْرِهَا لَزِمَهَا إِرْضَاعهُ وَأَمَّا الْمُطَلَّقَةُ فَلاَ عِدَّةَ لَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَتَعْتَدُّ الْحُرُّةُ الَمدْخُولُ بِهَا بِثَلاَثَةِ أَطْهَارٍ، وَإِنْ طَلَّقَهَا فِي آخِرِ طُهْرٍ أَوْ مَسَّهَا فِيهِ وَلَوْ كِتَابِيَّةً، وَالأَمَةُ بِطُهْرَيْنِ، وَالْيَائِسَةُ وَالَّتِي لَمْ تَحِضْ بِثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ طَلَّقَهَا فِي بَعْضِ شَهْرٍ أَكْمَلَتْهُ ثَلاَثِينَ مِنَ الرَّابِعِ وَفِي بَعْضِ يَوْمٍ تُلْغِيهِ، وَالْمُرْتَابَةُ بِتِسْعَةِ أَشْهُرٍ، فَإِنْ حَاضَتْ فِي أَثْنَائِهَا انْتَظَرَتِ الثَّانِيَةِ كَذلِكَ وَإِلاَّ اسْتَأْنَفَتْ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ، فَإِنْ حَاضَتْ فَكَذلِكَ وَإِلاَّ حَلَّتْ، فَإِنِ ارْتَفَعَ بِرِضَاعٍ لَمْ تُسْتَبْرَأْ إِلاَّ بِأَقْراءٍ

(1/72)


وَبِمَرَضٍ كَالْمُرْضِعِ، وَقِيلَ كَالْمُرْتَابَةِ، وَالْمُسْتَحَاضَةُ إِنْ كَانَتْ مُمَيِّزَةً عَمِلَتْ عَلَيْهِ وَإِلاَّ فَسَنَةٌ، وَمَنْ بَلَغَهَا مَوْتُ زَوْجِهَا أَوْ طَلاَقُهُ فَعِدَّتُهَا مُنْا الْمَوْتِ وَالطَّلاَقِ لاَ الْبُلُوغ وَلِلْمَبْتُوتَةِ السُّكْنَى وَلِلْحَامِلِ نَفَقَتُهَا (1) حَتَّى تَضَعَ، وَلاَ يَثْبُتُ بِدَعْوَاهَا حَتَّى يَظْهَر فَتُجْمَلَ لَهَا الْنَّفَقَةُ فَإِنْ انْعَشَّ فَلَهُ الرُّجُوعٌ وَأَكْثَرُ مُدَّةِ الْحَمْلِ أَرْبَعُ سِنِينَ.

(فصل) تَجْدِيدُ الملْكِ، والاِسْتِبْرَاءَ
- تَجْدِيدُ الملْكِ يُوجبُ الاِسْتِبْرَاءَ، الْحَامِلُ بِالْوَضْعِ وَذَاتُ الْقُرْءِ بِالأَقْرَاءَ، وَالْيَائِسَةُ بِثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ وَالْمُرْتَابَةُ بِتِسْعَةٍ، وَالْمَمْلُوكَةُ فِي عِدَّةٍ بِانْقِضَائِهَا إِلاَّ مَنْ تَيَقَّنَ بَرَاءَتَهَا، وَمَنْ وَطِئَ أَمَةً لَمْ يَبِعْهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا، فَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى اسْتِبْرَاءٍ وَاحِدٍ جَازَ فَلَوْ رَدَّهَا لِفَسَادِ عَقْدٍ أَوْ خِيَارٍ اسْتُحِبَّ لِلْبَائِعِ اسْتِبْرَاؤُهَا، وَبِإِقَالَةٍ يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا فَإِنْ بَاعَهَا قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا فَوَطِئَهَا المُشْتَري كَذلِكَ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ حُكِمَ فِيهِ بِالْقَافَةِ، وَلِسَنَةٍ مِنْ وَطْءِ الأَوَّلِ يُلْحَقُ بِهِ. وَلاَ يُحْكَمُ بِالْقَائِفِ فِي وَلَدِ زَوْجَةٍ، وَلاَ مَيْتٍ وَلاَ اعْتِبَارَ بِشَبَهٍ غَيْرِ الأَبِ.

(فصل) النفقة
- تَلْزَمُ المُوسِرَ نَفَقَةُ أَبَوَيْهِ الْمُعْدِمَيْنِ الْعَاجِزَيْنِ عَنِ الْكَسْبِ وَلَوْ كَافِرَيْنِ، وَإِعْفَافُ الأَبِ، وَنَفَقَةُ زَوْجَتِهِ، وَزَوْجِ الأُمِّ إِنْ أَعْسَرَ لاَ إِنْ تَزَوَّجَتْهُ عَدِيماً،
_________
(1) مع السكنى والرجعية مثلها فيهما.

(1/73)


وَصِغَارِ الأَوْلاَدِ الْفُقَرَاءِ الذَّكَرُ حَتَّى يَبْلُغَ صَحِيحاً عَاقِلاً، وَالأُنْثَى حَتَّى تَلْزَمَ الزَّوْجَ وَلاَ تَعُودُ بِخُلُوِّهَا إِلاَّ أَنْ تَكُونَ صَغِيرَةً وَنَفَقَةُ الأَرِقَّاءِ كِفَايَتُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ أَوْ بَيْعُهُمْ أَوْ عِتْقُهُمْ، وَلاَ يُكَلَّفُونَ مِنَ الْعَمَلِ مَا لاَ يُطِيقُونَ، وَعُلُوفَةُ الدَّوَابِّ أَوْ رَعْيُهَا أَوْ بَيْعُهَا فَإِنْ أَبَى بِيعَ عَلَيْهِ، وَلاَ تَلْزَمُ الأُمَّ نَفَقَةُ وَلَدِهَا وَلَوْ يَتِيماً، وَعَلَيْهَا إِرْضَاعُهُ مَا دَامَتْ زَوْجَةَ أَبِيهِ، فَإِنْ كَانَتْ لاَ تُرْضِعُ لِشَرَفٍ أَوْ مَرَض أَوْ قِلَّةِ لَبَنٍ فَعَلَى الأَبِ إِلاَّ لِفَقْرهِ أَوْ لاَ يَقْبَلَ ثَدْيَ غَيْرِهَا فَيَلْزَمُهَا، أَمَّا الْمُطَلَّقَةُ فَلاَ يَلْزَمهَا إِلاَّ أَنْ لاَ يَجِدَ مَنْ يُرْضِعهُ أَوْ لاَ يَقْبَلُ ثَدْيَ غَيْرِهَا فَإِنِ اسْتَأْجَرَ لَهُ فَأُمُّهُ أَحَقُّ، وَهِيَ أَحَقُّ بِحِضَانَتِهِ مَا لَمْ تَنْكِحْ وَيَدْخُلْ بِهَا وَلَوْ أَمَةً أَوْ مُسْتَوْلَدَةً، وَاخْتُلِفَ فِي الْكِتَابِيَّةِ وَلاَ تَعُودُ لِخُلُوِّهَا كَتَرْكِهِ وَقْتاً لاَ لِضَرُورَةٍ. ثُمَّ أُمُّهَا، ثُمَّ أُمُّ الأَبِ، ثُمَّ الأُخْتُ، ثُمَّ الْعَمَّةُ ثُمَّ بِنْتُ الأَخِ فَإِنْ عُدِمنَ فَعَصَبَاتُهُ، وَيُشْتَرَطُ فِي الْحَاضِنَةِ خُلُوُّهَا أَوْ كَوْنُهَا زَوْجَةً لِوَلِيِّ السِّفْلِ أَوْ مَحْرَمِهِ، وَالْوَصِيُّ أَحَقُّ بِحَضَانَةِ الذَّكَرِ مِنْ عَصَبَتِهِ فَأَمَّا الأُنْثَى فَإِنْ كَانَ مَأْمُوناً وَلَهُ أَهْلٌ وَإِلاَّ فَلاَ وَلِوَلِيِّهِ الرِّحْلَةُ بِهِ فِي سَفَرِ النُّقْلَةِ لاَ غَيْرِهِ لاَ لَهَا، وَحَضَانَةُ الصَّبِيِّ الإِثْغَارِ وَالصَّبِيَّةِ حَتَّى يَدْخُلَ بِهَا الزَّوْجُ.

(1/74)


(فصل) الرِّضَاعُ
- الرِّضَاعُ مَا وَصَلَ مِنَ اللَّبَنِ إِلَى جَوْفِ الرَّضِيع فِي الْحَوْلَيْن قَبْلَ فِصَالِهِ، وَإِنْ قَلَّ مِنْ أَيِّ مَنْفَذ كَانَ وَإِنْ خُلِطَ بِمَا لاَ يَسْتَهْلِكُهُ نَشَرَ الْحُرْمَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الزَّوْجِ وَأُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ، وَالزَّوْجُ الثَّانِي مَعَ بَقَاءِ اللَّبَنِ كَالأَوَّلِ، وَلَوْ دَرَّ لِبِكْرٍ أَوْ يَائِسَةٍ لاَ لِرَجُلٍ أَوْ بَهِيمَةٍ وَلاَ مَا رَضَعَهُ بَعْدَ فِصَالِهِ، وَمَحَارِمُ الرِّضَاعِ كَالنَّسَبِ (1) ، وَاللهُ أَعْلَمُ.