إرشاد السالك إلى أشرف المسالك في فقه الإمام مالك

كتاب الأُضحية (5) والعقيقة (6) والصيد والذبائح
- الأُضْحِيَةُ سُنَّةٌ وَهِيَ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ جَذَعُ الضَّأْنِ
_________
(1) النذر لغة الالتزام ويجمع على نذور وعلى نذر بضمتين يقال نذرت بفتح الذال في الماضي وبكسرها وضمها في المضارع وشرعاً التزام مسلم مكلف قربة ولو بالتعليق على معصية أو عصيان نحو لله على ضحية أو صوم يوم إن حجبت أو إن شفى الله مريضي أو إن جاءني فلان فعلي صوم شهر.
(2) يعني إذا نذر الناذر أن يتصدق بجميع ماله فلا يمضي النذر في جميع المال وإنما يلزمه التصدق بثلث المال فقط.
(3) يعني إذا نذر التصدق بجزء من ماله لزمه التصدق بالجزء الذي عينه ولو كان أكثر من الثلث فإذا قال ربع مالي أو نصفه أو ثلثاه أو ثلاثة أرباعه لزمه الجزء الذي عينه ولو قال بستاني الفلاني أو عبدي فلان أو فرسي هذه في سبيل الله أو صدقة للفقراء لزمه التصدق بما عينه ولو لم يكن له مال غير ما عينه على المشهور في المذهب، وقد روي عن مالك أن الناذر إذا سمى معيناً وأتى على جميع ماله لايلزمه إلا ثلث ماله وحكي عن سحنون أنه يلزمه إلا الشيء الذي لا يجحف به ولكن هذه الرواية خلاف المشهور.
(4) أي إذا نذر الحج ماشياً حافياً لزمه المشي ولغا شروط الحفاء وكذلك إذا نذر الحج حبواً لزمه المشي ولغا التزام الحبو لأن الله لايرضى عن قربة يكون فيها هلاك لصاحبها أو شبه هلاك.
(5) الأضحية بضم الهمزة وكسرها وتشديد الياء فيهما فوزنها أفعولة كأضحوكة ويقال لها ضحية أيضاً وسميت بذلك لأنها يذبح يوم الأضحى ووقت الضحى وهي ما يذبح يوم النحر للتصدق به على الفقراء والمساكين وسيذكر المؤلف أحكامها.
(6) العقيقة: تطلق على مولود من الناس والبهائم وسميت الشاة التي تذبح عند حلاقة شعر المولود عقيقة باسم الشعر الذي يحلق، وسيذكر المؤلف أحكامها.

(1/54)


وَثَنِيُّ غَيْرِهَا، وَأَفْضَلُهَا الْغَنَمُ وَالذَّكَرُ، فَجَذَعُ الضَّأْنِ مَالَهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَصَاعِداً، وَثَنِيٍّ الْمَعِزِ مَادَخَلَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ، وَالْبَقَرِ فِي الثَّالِثَةِ، وَالإِبِلِ فِي السَّادِسَةِ، وَوَقْتُهَا الْمَعْلُومُ يَوْمُ النَّحْرِ بَعْدَ صَلاَةِ الإِمَامِ (1) وَذَبْحِهِ، وَثَانِيةِ وَثَالِثِهِ لاَ لَيْلاً يُجْتَنَبُ فِيهَا الْعُيُوبُ الْفَاحِشَةُ كَالْعَمَى وَالْعَوَرِ وَالْمَرَضِ وَالْعَجَفِ وَالْعَرَجِ وَقَطْعِ أَكْثَرش الأُذُنِ وَكَسْرِ الْقَرْنِ إِنْ كَانَ يَدْمِي، وَلاَ يَجُوزُ الاِشْتِرَاكُ فِيهَا بِخِلاَفِ رَبِّ الْمَنْزِلِ يُضَحِّي عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِهِ وَاحِدَةً غَيْر مُشْتَرِكِينَ فِي ثَمَنِهَا وَيُسْتَحَبُّ مُبَاشَرَةُ ذَبْحِهَا. وَيَأْكُلُ وَيَتَصَدَّقُ بِغَيْرِ حَدٍّ، وَلاَ يَجُوزُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْهَا وَلاَ يَسْتَأْجِرُ بِهِ جَزَّراً وَلاَ دَبَّاغاً.

(فصل) الْعَقِيقَةُ
- الْعَقِيقَةُ ذَبْحُ شَاةٍ عَنِ الْمَوْلُودِ سَابِعِ وِلاَدَتِهِ وَالأَفْضَلُ عَنِ الذَّكَرِ بِشَاتَيْنِ (2) وَيُسْتَحَبُّ حَلْقُ شَعْرِهِ، وَالتَّصَدُّقُ بِزِنَتِهِ ذَهَباً أَوْ فِضَّةً وَلاَ يُلَطَّخُ بِدَمِهَا، وَيَجُوزُ كَسرُ عِظَامِهَا، وَهِيَ كَالأُضْحِيَّةِ يَجُوزُ وَيَمْتَنِعُ.

(فصل) الصيد
- يُبَاحُ الاِصْطِيَادُ (3) بِالسِّلاَحِ الْمُحَدَّدِ وَالْجَوَارِحِ الْمُكَلَّبَةِ وَهِيَ الْمُطِيعَةُ بِالإِغْرَاءِ الْمُمْتَنِعَةُ بِالزَّجْرِ فَيُؤْكَلُ مَا أَنْفَذَتْ مَقَاتِلَهُ، وَإِنْ أَكَلَتْ مِنْهُ إِذَا كَانَتْ مُرْسَلَةً إِلَيْهِ. وَيُشْتَرَطُ التَّسْمِيَةُ عِنْدَ الرَّمْيِ وَالإِرْسَالِ فَإِنِ اسْتَرْسَلَ بِنَفْسِهِ فَأَنْفَذَ مَقَاتِلَهُ لَمْ يَجُزْ أَكْلُهُ إِلاَّ أَنْ
_________
(1) المراد بالإمام إمام صلاة العيد في البلد وقيل المراد به الخليفة أو نائبه والقول الأول هو الرجح، ومحل انتظار ذبح الإمام إذا أخرج أضحيته إلى المصلى وأعلن بها فاذا لم يخرج بأن ذبح في منزله أو أعلن أنه لايضحي انتظر بمقدار ذبحه لو كان يذبح في المصلى فإن ذبح قبل الإمام فلا تجزئ أضحية فان تحرى مقدار ذبح الامام فأخطأ وسبقه أجزأت الأضحية ومحل الاختلاف في الامام الذي يذبح المضحي بعد ذبحه هو إمام الصلاة أو الخليفة أو نائبه إذا لم يكن عادة الخليفة ونوابه في البلاد إخراج أضحياتهم إلى المصلى وذبحها فيه فإذا كان الأمر كذلك اعتبر الخليفة ونوابه ولم يعتبر إمام الصلاة لأنه حينئذ يجب عليه أن يتبع الخليفة ونوابه.
(2) لحديث أم كرز الكعبية أنها سألت النبي صَلى اللهُ عَليه وَسَلَم عن العقيقة فقال (نعم عن الغلام شاتان وعن الأنثى واحدة لايضركم ذكراناً كن أو إناثاً) رواه أحمد والترمذي وصححه.
وعن عائشة قالت قال رسول الله صَلى اللهُ عَليه وَسَلَم عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة رواه أحمد والترمذي وصححه وبهذا أخذ الشافعي وأحمد وداود والجمهور ومال اليه ابن حبيب وابن رشد ومشهور المذهب أن الغلام يعق عنه بشاة لحديث بريدة الأسلمي قال كنا في الجاهلية إذا ولد لأحدنا غلام ذبح شاة ولطخ رأسه بدمها فلما جاء الله بالإسلام كنا نذبح شاة ونحلق رأسه ونلطخه بزعفران رواه أبو داود والأول أصح.
(3) الاصطياد على خمسة أقسام واجب إذ تعين لإحياء نفسه أو غيره ولم يجد غيره وحرام إذا أدى إلى تضيع فرض كالصلاة أو كان يقتل الوحش لايزيد ذكائه لأنه من الفساد في الأرض ومندوب إذا كان لسد خلته والتوسيع على عياله ومباح إذا كان للمعاش بأكله أو الانتفاع بثمنه واختلف في الصيد للهو فقيل مكروه وهو مشهور المذهب وقال محمد بن عبد الحكم جائز وهو مذهب الليث بن سعد وروى مطرف وابن الماجشون عن مالك أنه استحل الصيد لأهل البادية لأنهم من أهله ولا غنى لهم عنه وكرهه لأهل الحاضرة ورأى خروجهم اليه من السفه والخفة.

(1/55)


يُدْرِكَهُ مُسْتَقِرَّ الْحَيَاةِ فَيُذَكِّيَهِ كَصَيْدِ الشَّرَكِ وَالْحِبَالَةِ وَالْبُنْدُقِ (1) ، وَقَبْضَةِ الْيَدِ، وَصَيْدِ مَجُوسِيٍّ أَوْ غَيْرِ مُعَلَّم أَوْ مَتْرُوك التَّسْمِيَةِ أَوْ مُرْسَلٍ عَلَى مُعَيَّنٍ صَادَ غَيْرَهُ أَوِ انْحَرَفَ عَنْهُ إِلَى مَيْتَةٍ ثُمَّ صَادَهُ وَمَا أَنْفَذَتِ الرَّمْيَةُ مَقَاتِلَهُ فَتَرَدَّى أَوْ سَقَطَ فِي مَاءٍ أَوْ غَابَ ثُمَّ وَجَدَهُ جَازَ أَكْلُهُ وَمُشَارَكَةِ كَلْب مَجُوسيٍّ أَوْ غَيْرهِ مُعَلَّم فَإِنْ تَيَقَّنَ انْفِرَادَ كَلْبِهِ بِقَتْلِهِ حَلَّ وَإِلاَّ فَلاَ، وَلَوْ أُرْسِلَ عَلَى صُيُودٍ فَقُتِلَ أَحَدُهَا أَوْ فِي غَارٍ لاَ مَنْفَذَ لَهُ لاَ يَعْلضمُ فِيهِ صَيْداً أَوْ عَلَى نَوْعٍ فَإِذَا هُوَ غَيْرُهُ جَازَ أَكْلُهُ. وَلَوْ ظَنَّهُ غَيْرَ مَأْكُولٍ فَإِذَا هُوَ مَأْكُولٌ لَمْ يَحِلْ وَمُشَارَكَةُ الْجَوَارِحِ تُوجِبُ شَرِكَةَ أَرْبَابهَا، وَإِذَا أَفْلَتَ صَيْدٌ وَلَحِقَ بِالصَّيْدِ فَصَادَهُ آخَرُ فَهُوَ لَهُ وَإِلاَّ فَهُوَ لِلأَوَّلِ.

(فصل) الذبائح
- يُنْحَرُ الإِبِلُ وَيُذْبَحُ مَا سِوَاهَا مُجهزاً عَلَيْهَا فَلَو رَفَعَ الْمُدْيَةَ قَبْلَ تَمَامِهَا ثُمَّ أَعَادَ فَاَتَمَّهَا لَمْ تُؤْكَلْ عَلَى الْمَشْهُورِ (2) وَلَوْ ذُبِحَ الْبَعِيرُ وَنُحِرَ غَيْرُهُ لِضَرُورَةٍ تُبِيحُهُ وَلِغَيْر ضَرُورَةٍ تُحَرِّمُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ كَتَعَمُّدِ تَرْكِ التَّسْمِيَةِ وَذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ بِشَرْطِ تَمَامِ خَلْقِهِ وَنَبَاتِ شَعْرِهِ وَعَدَمِ انْفِصَالِهِ حَيّاً وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوقُوذَةُ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُمَا إِنْ أُدْرِكَتْ مُسْتَقِرَّةَ الْحَيَاةِ فَذُكِّيَتْ أُكِلَتْ وَإِلاَّ فَالْمَشْهُور الْحُرْمَةُ وَنُدُودُ (3) الْمُسْتَأْنَسِ وَلُحُوقُهُ
_________
(1) شبه المؤلف صيد الشرك والحبالة والبندق بصيد الجارح الذي استرسل بنفسه في أنه وجد مستقر الحياة وذكي جاز أكله وإلا فلا والشرك كالشبكة التي ينصبها الصيادون لصيد الطير والحبالة حبال مشتبكة تنصب لصيد الحيوان من طير وغيره والفرق بين الحبالة والشبكة أن الشبكة خيوطها دقيقة وعيونها ضيقة وأما الحبالة فخيوطها غليظة وعيونها واسعة وأما البندق فهو نوعان بندق الطين وكان معروفاً قديماً يضرب به الحيوان من بعد فقده يقتله وقد لايقتله ولما كان البندق غير محدد فقد منع العلماء جواز أكل الصيد الذي رمي به إلا إذا وجدت به حياة مستقرة وذكي فيجوز أكله كصيد الشبكة والحبالة والنوع الآخر بندق الرصاص المعروف لنا الآن وقد حدث الرمي به بحدوث البارود في وسط المائة الثامنة وليس فيه نص للمتقدمين واختلف فيه المتأخرون فمنهم من قال بالمنع قياساً على بندق الطين ومنهم من قال بالجواز كأبي عبد الله القروي وابن غازي وسيدي عبد الرحمن الفاسي لما فيه من انهار الدم والاجهاز بسرعة وهذا الذي شرعت الذكاة لأجله.
(2) أطلق المؤلف أن رفع المدية قبل تمام الزكاة وإعادتها لاتمامها أكل الذبيحة وهذا الكلام ليس عى إطلاقه بل فيه تفصيل، فانما أن يكون الرفع اضطراراً أو اختيار وإما أن يطول الفصل بين الرفع والعودة أو يقصر وإما أن يكون المذكي أنفذ بعض مقاتل الذبيحة أولا فاذا كن لم ينفذ بعض مقاتلها قبل رفعه فلا يضر الرفع سواء طال الفصل أو قصر كان رفعه اختياراً أو اضطراراً لأن العودة حينئذ ذكاة مستقلة غير أنها تحتاج إلى نية وتسمية جديدتين وإن كان أنفذ بعض مقاتله نظر فان طال الفصل بين الرفع والعودة لم يجز أكل الذبيحة سواء رفع اختياراً واضطراراً وطول الفصل وقصره يرجع فيه إلى العرف أما إن قصر الفصل فلا يضر الرفع سواء كان اختياراً أو اضطراراً أو الاختيار كان يرفع يده لاستبدال سكين حادة أو لشحذ حد السكين بسرعة أو لرفع ثيابه عن مجرى الدم أو نحوذلك فلا يضر ويجوز أكل الذبيحة ولافرق في كل ما تقدم بين أن يكون العائد للذبح هو الذابح الأول أو غيره إلا في تأكد وجوزب النية والتسمية الجديدتين.
(3) ندود المستأنس نفاره وهربه ولحوقه بالحيوان الوحشي فحكم الحيوان والمستأنس المحرم كله نفر وتوحش كحكمه قبل نفارة فلو حمار أهلي ولحق بالحمر الوحشية وصار متوحشاً فأكله حرام ولا تعمل فيه الذكاة بل ذبيحته كميتته لا يجوز أكلها فهو باق على نته الأولى وهي التحريم وعدم عمل الزكاة فيه.

(1/56)


بِالصَّيْدِ لاَ يُخْرِجُهُ عَنْ سُنَّتِهِ، وَالمُذَكِّي كُلُّ مُسْلِمٍ يَتَعَقَّلُ وَتَصِحُّ النِّيَّةُ مِنْهُ، وَتَجُوزُ ذَكَاةُ الْكِتَابِيِّ مَا هُو مُبَاحُ لَهُمْ غَيْرَ مُحَرَّمٍ عَلَيْنَا، وَالآلَةُ كُلُّ مُحَدِّدٍ أَنْهَرَ الدَّمَ إِلاَّ الظُّفْرَ وَالسِّنَّ، وَيُسْتَحَبُّ تَوْجِيهُ الذَّبِيحَةِ وَتَرْكُهَا بَعْدَ الذَّبْحِ حَتَّى تَبْرُدَ، وَاللهُ أَعْلَمُ.

كتاب الأَطعمة والأَشربة
- مَيْتَهُ جَمِيعِ دَوَابِّ الْمَاء كَصَيْدِ المَجُوسِيِّ وَالطَّيْرِ كُلِّهِ، وَتُكْرَهُ سِبَاعُهُ وَرَوَى ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ تَحْريِمَهَا، وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ تَحْرِيم الْكِلاَبِ وَالسِّبَاعِ الْعَادِيَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُوطَإِ (1) ، وَالْبِغَالُ وَالْحَمِيرُ مُغَلَّظَةُ الْكَرَاهَةِ وَرُوِيَ حُرْمَتُهَا، وَالأَظْهَرُ فِي الْخَيْلِ الْكَرَاهَة كَحِمَارِ الْوَحْشِ يَتَأَنَّسُ وَيُحْمَلُ عَلَيْهِ وَالْخِنْزِيرُ حَرَامٌ وَلاَ يُؤْكَلُ الْفِيلُ وَالذِّئْبُ وَالْقِرْدُ وَالنَّمِرُ وَالْمُسْتَقْذَرَات مِنْ خُشَاشِ الأَرْضِ أَوْ مَا يُخَافُ ضَرَرُهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لاَ يُؤْكَلُ مَيْتَةُ الْجَرَادِ وَدُودُ الطَّعَامِ مُنْفَرِداً عَنْهُ، وَتَحْرُمُ النَّجَاسَاتُ وَالدِّمَاءُ الْمَسْفُوحَةُ وَحُبْس الْمَجُوسِيِّ وَمَا يُغَطَّي عَلَى الْعَقْلِ مِنَ النَّبَاتِ وَحَرَّمَ ابْنُ المَاجِشُونِ الطِّينَ وَكَرِهَهُ غَيْرُهُ، وَيُبَاحُ لِلْمُضْطَرِّ أَكْلُ مَا يَرُدُّ جُوعاً أَوْ عَطَشاً مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ، وَلاَ يُشْتَرَطُ صَبْرُهُ لِيُشْرِفَ فَإِنْ
_________
(1) في الموطأ عن أبي ثعلبة الخشني وعن أبي هريرة أن رسول الله صَلى اللهُ عَليه وَسَلَم قال "أكل كل ذي ناب من السباع حرام، قال مالك وهو الأمر عندنا اه. وهذا هو الراجح وأما البغال والحمير فهي محرمة على الراجح والخيل مكروهة عند مالك ليست محرمة ولا مباحة على الاطلاق وأباحها الشافعي لورود الحديث الصحيح بذلك والطير كله جائز عند مالك ما له مخلب وما لا مخلب له إلا الوطواط فرجح البناني فيه الحرمة وهو المعتمد وحرم الشافعية والحنفية كل ذي مخلب من الطير لصحة الحديث بتحريمه وكلام مالك يدل على أنه لم يبلغه حديث التحريم وفي شرح زروق على الرسالة (فرع مهم) سئل مالك عن جبن الروم فقال ما أحب أن أحرم حلالاً وأما أن يكرهه رجل في خاصة نفسه فلا أرى بذلك بأساً وأما أني أحرمه فلا أدري ما حقيقته وقال القرافي بتحريم قديد الروم وجبنهم وصنف فيه الطرطوشي مرجحاً تحريمه ووجد كرامة له في ذلك أن ن كانت له حاجة يأتي قبره زائراً ويعاهد الله ألا يأكل جبن الروم فإن الله يقضي حاجته وخصوصاً رفع الحى الدائمة كذا سمعته من بعض أهل العلم يحكيه عن تجربة أهل الإسكندرية، وصنف ابن العربي في إباحته وإباحة مذكي النصراني بغير وجه ذكائنا. قال خليل والمحققون على تحريه فلا ينبغي أن يشترى من حانوت هو فيه لأنه ينجس الميزان والبائع ويديه اه. قلت شذ ابن العربي بإباحة الدجاجة التي يلوي عنقها النصراني فتموت ولم يوافقه أهل المذهب على ذلك وليس جبن الروم حراماً كما فهم خليل والمحققون بل هو حلال لأنه لبن عادي يصنع صنعاً متقناً وليس لعدم اشتماله على شيء نجس.

(1/57)


وَجَدَ طَعَامَ الْغَيْرِ فَأَبَى بَيْعَهُ أَوْ مُوَاسَاتَهُ غَصَبَهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لاَ يَضْمَنُهُ وَالْمُحْرِمُ يَجْتَزِئُ بِالْمَيْتَةِ عَنِ الصَّيْدِ إِلاَّ أَنْ يَخَافَ ضَرَرَهَا كَخَوْفِ عُقُوبَةِ الْمَالِ وَلاَ يُتَدَاوَى بِنَجَسٍ شرْباً، وَفِي طِلاَءٍ قَوْلاَنِ بِخِلاَفِ إِسَاغَةِ الْغَصَّةِ بِخَمْرٍ وَنَحْوِهَا وَالْمَائِعَاتُ النَّجِسَةُ حَرَامٌ كَالْمُسْكِرَاتِ لاَ الْعَصِيرِ وَالسُّوبْيَا وَالْفُقَاع وَالْعَقِيدُ الْمَأْمُون سُكْرُهُ وَالْخَلُّ يَنْقَلِبُ عَنْ خَمْرٍ، وَالظَّاهِرُ كَرَاهَةُ الْمُخَلَّلِ كَالْخَلِيطَيْن وَلاَبَأْس بِمُخَلَّلِ الْكِتَابِيِّينَ، وَاللهُ أَعْلَمُ.