إرشاد السالك إلى أشرف المسالك في فقه الإمام مالك

كتاب العتق
- وَالْولاَءِ، وَالْكِتَابَةِ، وَالتَدْبِيرِ، وَالاْسْتِيلاَدِ
يَصِحُّ الْعِتْقُ مِنْ كُلِّ مُكَلَّفٍ جَائِزِ التَّصَرُّفِ ابْتَدَأَهُ أَوْ اخْتَارَ سَبَبَهُ أَوْ وَرِثَهُ، فَإِنْ أَعْتَقَ بَعْضَهُ سَرَى فِي جَمِيعِهِ فَإِنْ كَانَ مُشْتَرَكاً وَهُوَ مُوسِرٌ قُوِّمَ عَلَيْهِ بَاقِيةِ فِي رَأْسِ مَالِهِ صَحِيحاً وَفِي ثُلُثِهِ مَرِيضاً، وَإِنْ أَبَى الْعَبْدُ إِلاَّ
_________
(1) في الصحيحين عن ابن عباس أن النبي صَلى اللهُ عَليه وَسَلَم قال: "لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم ولكن اليمين على المدعى عليه" وللبيهقي باسناد صحيح "البينة على المدعي واليمين على من أنكر"

(1/123)


أَنْ يَشَاءَ الشَّرِيكُ عِتْقَ نَصِيبِهِ مُنَجَّراً لاَ كِتَابَةً أَوْ تَدْبِيراً إِلاَّ فِي إِعْسَارِ الأَوَّلِ إِذْ لاَ تَقْوِيمَ كَمَوْتِهِ قَبْلَهُ أَوْ يُسْرِهِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِعُسْرِهِ وَفِي يُسْرِهِ بِبَعْضِ قِيمَتِهِ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ بِقَدْرِهِ لاَ بِإِرْثِهِ، فَلَوْ أَعْتَقَ اثْنَانِ قُوِّمَ نَصِيبُ الثَّالِثِ عَلَى قَدْرِ نَصِيبِهِمَا، وَفِي تَعَاقُبِهِمَا يُقَوَّمُ عَلَى الأَوَّلِ كَإِعْسَارِ أَحَدِهِمَا وَالْحَمْلُ يَتْبَعُ أُمَّهُ، وَمَنْ أَعْتَقَ سِتَّةَ أَعْبُدٍ لاَ مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ أَوْ قَالَ ثُلث عَبِيدِي أَحْرَارٌ عُدِّلُوا بِالْقِيمَةِ وَعَتَقَ ثُلُثَهُمْ بِالْقُرْعَةِ (1) خَرَجَ وَاحِدٌ أَوْ أَكْثَرُ وَيَصِحُّ تَعْلِيقُهُ عَلَى شَرْطِ مِلْكِهِ أَوْ أَجَلٍ يَبْلُغُهُ وَلَيْسَ لَهُ وَطْءُ الْمَعَلَّقَةِ إِلَى أَجَلٍ وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ لَهُ مِنْ خِدْمَةِ نَفْسِهِ بِقِسْطِهَا وَلاَ يَنْتَزِعُ مَالَهُ، وَأَحْكَامُهُ كَالْقِنِّ وَمِيرَاثُهُ لِمَالِكِ بَاقِيهِ وَيَتْبَعُ الْمُعْتَقَ مَالهُ إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَهُ سَيِّدُهُ وَأَمَتُهُ الْحَامِلُ لاَ جَنِينُهَا وَأَوْلاَدُهُ، وَيَعْتِقُ بِالنَّسَبِ عَمُودَاهُ وَإِنْ بَعُدَا وَالإِخْوَةُ وَالأَخَوَاتُ لاَ غَيْرُ، وَمَنْ قَصَدَ مُثْلَةً بِعَبْدِهِ عَتَقَ بِالْفِعْلِ وَقِيلَ بِالْحُكْم.

(فصل) الولاء
- وَالْوَلاَءُ لِمنْ أَعْتَقَ (2) أَوْ أُعْتِقَ عَنْهُ ولَوْ بِغَيْر إِذْنِهِ، وَلاَ يصِحُّ نَقْلُهُ ولَيْس مِنَ النِّساءِ مِنْهُ إِلاَّ ما أَعْتَقَ أَوْ أَعْتَقَ منْ أَعْتَقْنَ أَوْ جرَّهُ إِلَيْهِنَّ والإِرْثُ بِهِ لِلْعَصَبَةِ فَيُقَدِّمُ الإِبْنُ علَى الأَبِ والأَخُ وابْنُهُ علَى الْجدِّ والْجدُّ علَى الْعِّم، ثُمَّ الأَقْوى فَالأَقْوى، وولاَءُ السَّائِبةِ والْمنْبُوذِ
_________
(1) لما في صحيح مسلم عن عمران بن حصين أن رجلاً أعتق ستة مملوكين له عند موته لم يكن له مال غيرهم فدعا بهم رسول الله صَلى اللهُ عَليه وَسَلَم فجزأهم أثلاثاُ ثم أقرع بينهم فأعتق.
(2) لفظ الحديث "إنما الولاء لمن أعتق" رواه الشيخان عن عائشة أثناء حديث طويل.

(1/124)


وَالْمُعْتَقِ فِي الزَّكَاةِ لِلْمُسْلِمِين، وَيرْجعُ ولاَءُ الْكَافِرِ يُسْلِمُ لِمَوْلاَهُ كَالْمُكَاتِبِ يُعْتَقُ ثُمَّ يعْتِقُ بِأَداءٍ بِخِلاَفِ الذَّمِّيِّ يُعْتِق مُسْلِماً ثُمَّ يُسْلِمُ، وَالْعبْدُ يُعْتِقُ والْمُوالاَةُ باطِلَةٌ، وَلاَ يجُرُّ الْولاَء إِلاَّ أَبٌ أَوْ جدٌّ كَمُعْتَقٍ ولَدُهُ عبْدٌ فَولاَءُ أَوْلاَدِهِ لِمُعْتَقِ أَبِيهِ فَإِذَا أُعْتِقَ جرَّهُ إِلَى موالِيهِ كَالْعبْدِ يتَزَوَّجُ عتِيقَةً فَولاَءُ أَوْلاَدِها لِموالِيها فَإِذَا عتَقَ أَبُوهُمْ جرَّهُ لِموالِيهِ.

(فصل) المكاتبة
- الْكِتَابَةُ بَيْعُ السَّيِّدِ عَبْدَهُ مِنْ نَفْسِهِ بِمَالٍ مُنَجِّمٍ يُؤَدِّيهِ عَلَى نَجْمِهِ، فَإِنْ عَجَّلَهُ لَزِمَهُ قَبُولُهُ، وَيُرَقُّ بِعَجْزِهِ وَلَوْ عَنْ دِرْهَمٍ (1) ، وَلاَ يُجْبَرُ السَّيِّدُ عَلَيْهَا وَهَلْ لَهُ إِجْبَارُ عَبْدِهِ فِيهِ خِلاَفٌ، وَيُكْرَهُ كِتَابَةُ أَمَة لاَ كَسْبَ لَهَا وَلِلْمكَاتَبِ كَسْبُهُ وَأَرْشُ جِنَايَاتِهِ وَلَيْسَ لَهُ انْتِزَاعُ مَالِهِ وَلاَ يُعْجِزُهُ وَلاَ يَطَأُ مُكَاتَبَةً فَإِنْ حَمَلَتْ خُيِّرَتْ بَيْنَ بَقَائِهَا مُكَاتَبَةً وَفَسْخِها وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَد وَلَهُ بَيْعُ الْكِتَابَةِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ، وَالنَّقْدِ بِعُرُوضٍ وَبِعَكْسِهِ مُعَجَّلاً وَمِنَ الْمُكَاتَبِ كَيْفَ شَاءَ وَهُوَ أَحَقُّ بِهَا لاَ بَيْعُ نَجْمٍ، وَفِي الْجُزْءِ خِلاَفٌ فَإِذَا أَدَّى إِلَى مُبْتَاعِهَا عَتَقَ وَوَلاَؤُهُ لِسَيِّدِهِ، وَإِلاَّ رُقَّ لِمُبْتَاعِهَا كَالْمَوْهُوبِ، وَالْمُوصَى لَهُ بِهَا، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَضَعَ عَنْهُ شَيْئاً مِنْ آخِرِهَا فَإِذَا عَتَقَ تَبِعَهُ مَالهُ وَوَلَدُهُ الْحَادِثُ وَاشْتَرَطَ فِيهَا وَأَمَتُهُ الْحَامِلُ
_________
(1) لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صَلى اللهُ عَليه وَسَلَم قال "المكاتب عبد مابقي عليه درهم" رواه أبو داود والترمذي والنسائي وصححه الحاكم.

(1/125)


دُونَ جَنِينِهَا فَإِذَا مَات وَتَرَكَ وَفَاءً عُجِّلَ وَعَتَقَ أَوْ وَرِثُوهُ فَإِنْ لَمْ يَفِ وَهُمْ أَقْوِيَاءُ سَعَوْا وَرَدُّوا وَعَتَقُوا وَإِلاَّ رُقُّوا، وَلاَ يُعْجِزُ نَفْسَهُ وَلاَ يَتَبَرَّعُ، وَلاَ يُحَابِي، وَلاَ يُعْتِقُ، وَلاَ يُنْكِحُ، وَلاَ يُسَافِرُ إِلاَّ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَلَهُ مُقَاطَعَتُهُ إِلَى شَيْءٍ مُعَجَّل، وَإِذَا أَسْلَمَ مُكاتَب الذِّمِّيِّ فَإِنْ نَجَّزَهُ وَإِلاَّ بِيعَتْ عَلَيْهِ مِنْ مُسْلِمٍ، وَمَنْ أَوْصَى لَهُ بِكِتَابَتِهِ جُعِلَ فِي الثُّلُثِ الأَقَلّ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ قِيْمَتِهَا وَأَحْكَامُهُ كَالْعَبْدِ.

(فصل) المدبَّر
- مَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ مُدَبَّرٌ أَوْ دَبَّرْتُكَ أَوْ أَنْتَ حُرٌّ عَنْ دُبُرٍ مِنِّي عَتَقَ بِمَوْتِهِ بِثُلُثِهِ أَوْ مَحْمِلِهِ، فَإِنْ لَمْ يَتْرُك غَيْرَهُ عَتِقَ ثُلُثُهُ، فَلَوْ بَعَّضَهُ سَرَى فِي جَمِيعِهِ وَلَوْ كَانَ مُشْتَرَكاً خُيِّرَ الشَّرِيكُ بَيْنَ التَّقْوِيمِ وَالْمُقَاوَاةِ، فَإِنْ صَارَ لَهُ رُقَّ وَإِنْ صَارَ لِلْمُدَبِّرِ سَرَى، وَلَيْسَ لَهُ نَقْضُهُ إِلاَّ أَنْ يَسْتَغْرِقَهُ أَوْ بَعْضَهُ دَيْنٌ يُبَاعُ مِنْهُ مَا يَقَابِلُهُ، وَلَهُ مُقَاطَعَتُهُ وَمُكَاتَبَتُهُ. فَإِنْ أَدَّى تَعَجَّلَ عِتْقُهُ وَإِلاَّ بَقِيَ مُدَبِّراً وَلَهُ اسْتِخْدَامُهُ وَانْتِزَاعُ مَالِهِ مَا لَمْ يَمْرَضْ مَرَضَ الْمَوْتِ، وَيَتْبَعُ الْحَامِلَ وَلَدُهَا وَيُؤَخَّرُ مُدَبَّرُ الذِّمِّيِّ يُسْلَمُ مِنْ مُسْلِمٍ وَقِيلَ يُبَاعُ.

(فصل) عتق المستولدة وأمة المدبَّر
- تُعْتَقُ الْمُسْتَوْلَدَةُ بِالْمَوْتِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ مَدِيناً وَلَمْ يَتْرُكْ غَيْرَهَا أَوِ اسْتَوْلَدَهَا بَعْدَ اسْتِدَانَتِهِ أَوْ وَضَعَتْ غَيْرَ مُخَلَّق، وَلاَ يَجُوزُ إِخْرَاجُهَا

(1/126)


عَنْ مِلْكِهِ بِغَيْرِ الْعِتْقِ، وَلَهُ الاسْتِمْتَاعُ بِهَا وَالاْسْتِخْدَامُ الْخَفِيفُ، وَلَوِ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ بَعْدَ وَضْعِهَا لَمْ تَكُنْ لَهُ أَمّ وَلَد، وَفِي أَمَةِ الْمُدَبَّرِ وَالْمُكَاتَبِ رِوَايَتَانِ، وَفِي إِسْلاَم مُسْتَوْلَدَة الذِّمِّيِّ يُعْرَضُ عَلَيْهِ الإِسْلاَمُ، فَإِنْ أَبَى فَهَلْ تُعْتَقُ أَوْ تُبَاعُ عَلَيْهِ رِوَايَتَانِ وَأَحْكَامُ الأَرِقَّاءِ مُدَّةَ حَيَاةِ السَّيِّدِ، وَاللهُ أَعْلَمُ.

كتاب الوصايا (1)
- تَثْبُتُ الْوَصِيَّةُ بِالْمَوْتِ مِنَ الثُّلُثِ، وَلَهُ الرُّجُوعُ وَشِرَاءُ وَلَدِهِ بِجَمِيعِهِ لِيُعْتِقَ وَيَرِثُهُ، وَيُوقَفُ الزَّائِدُ عَلَى إِجَازَةِ الْوَرَثَةِ، وَلِوَارِثٍ يُوقَفُ الجَمِيعُ، وَالزَّكَاةُ وَالْحَجُّ كَغَيْرِهِمَا إِلاَّ زَكَاةَ عَامِهِ يَمُوتُ قَبْلَ التَّمْكِينِ فَتَلْزَمُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ، فَلَوْ ضَاقَ عَنِ الْوَصَايَا قُسِمَ بِالْحِصَاصِ وَبِمُوَبَّدٍ مَعَهَا كَمِصْبَاحٍ فِي الْمَسْجِدِ، يُضْرَبُ لَهُ بِالثُّلُثِ، وَلِزَيْدِ بِنَفَقَةِ عُمْرِهِ يُعَمَّرُ تَمَامَ سَبْعِينَ وَيُعَدُّ لَهُ نَفَقَتُهُ فَيُنْفَقُ عَلَيْهِ فَإِنْ مَاتَ قَبْل اسْتِكْمَالِهِ فَفِي ضِيقِ الثُّلُثِ عَلَى الْوَصَايَا يُعَادُ الْباقِي عَلَيْهِمْ بِالْحِصَاصِ وَبِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنِهِ بِالْكُلِّ أَوْ أَحَدِ ابْنَيْهِ بِالنِّصْفِ وَقِيلَ يُجْعَلُ كَابْنٍ زَائِدٍ، وَبِمِثْلِ نَصِيبِ وَرَثَتِهِ وَهُمْ مُخْتَلِفُونَ يُقْسَمُ عَلَى عَدَدِ رُؤُوسِهِمْ فَيُعْطَى سَهْماً، وَبِسَهْمٍ
_________
(1) الوصايا جمع وصية تمليك مضاف للما بعد الموت بطريق التبرع وهي مندوبة مرغب فيها وقال البلوطي وغيره بوجوبها لحديث ابن عمر أن رسول الله صَلى اللهُ عَليه وَسَلَم قال "ماحق مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده" متفق عليه وحمل الجمهور صيغة "ما حق" في الحديث على الندب والارشاد قالوا: فكثيراً ما تأتي لذلك وتثبت الوصية من الثلث كما قال المصنف لحديث سعد بن أبي وقاص "الثلث والثلث كثير" الحديث متفق عليه ولحديث معاذ قال: قال النبي صَلى اللهُ عَليه وَسَلَم "إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم عند وفاتكم زيادة في حسناتكم" رواه الدارقطني.
وله طرق عن أبي الدرداء عند أحمد والبزار، وعن أبي هريرة عند ابن ماجه.

(1/127)


أَوْ جُزْءٍ مَجْهُولٍ أَوْ نَصِيبٍ فَقِيلَ الثُّمْنُ، وَقِيلَ السُّدُسُ وَقِيلَ سَهْمٌ مِنْ تَصْحِيحِهَا لاَ يَتَجَاوَزُ الثُّلُثَ، وَبِالْف فَتَلِفَ الْمَالُ سِوَاهَا لَهُ ثُلُثُهَا وَبِجُزْءٍ مُسَمّى لَهُ مُسَمَّاهُ مِنَ الْبَاقِي وَبِمُعَيَّن مَابَقِيَ مِنْهُ وَبِثِيَابِهِ مَا مَاتَ عَنْهَا وَبِثُلُثِهِ وَلَهُ مَالٌ لاَ يَعْلَمهُ ثُلُثُ الْمَعْلُومِ وَبِأَحَدِ عَبِيدِهِ أَوْ مَاشِيَتِهِ نِسبَتُهُ إِلَى نَوْعِهِ بِالْقِيمَةِ وَبِمُعَيَّن لِزَيْد ثُمَّ بِهِ لِعَمْرو فَهُوَ بَيْنَهُمَا مَا لَمْ تَدُلَّ أَمَارَةٌ عَلَى رُجُوعِهِ عَنْ زَيْدِ وَلِمَيِّتٍ يَعْلَمُهُ يُصْرَفُ فِي دُيُونِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلِوَرَثَتِهِ وَبِحَبْسٍ وَنَحْوِهِ في مَصَالِحِهِ وَتَصِحُّ لِقَاتِلِهِ، وَالْعَفْوِ عَنِ الْعَمُدِ لاَ الْخَطَإِ، إِلاَّ أَنْ يَحْمِلَ الثُّلُثُ الدِّيَةَ أَوْ يُجِيزَهَا الْوَرََثَة وَلِقَرَابَتِهِ يُؤْثَرُ الأَقْرَبُ لاَ أَوْلاَدَ بَنَاتِهِ، وَلأَهْلِهِ عَصَبَاتِهِ، قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّد: الصَّحِيحُ أَنَّ اسْمَ الأَهْلِ وَالْقَرَابَةِ لِكُلِّ مَنْ مَسَّهُ بِهِ رَحِمٌ، وَلِوَاحِدٍ بِمِقْدَارَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ مِنْ نَوْعَيْنِ وَلاَ قَرِينَةَ عَلَى اثْبَاتِهِمَا لَهُ أَحَدُهُمَا فَإِنْ تَفَاوَتَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الأَكْثَرُ، وَمُطَرِّفُ إِنْ كَانَتِ الأُولَى أُعْطِيهُمَا وَإِلاِّ أَكْثَرَهُمَا، وَبِعَبْدٍ مُعَيَّنٍ وَبِعُتْقِهِ يُؤْخَذُ بِالأَخِيرَةِ، وَأَشْهَبُ بِالْعِتْقِ، وَبِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ وَأَمْوَالُهُ مُخْتَلِفَةُ يُخَيَّرُ الْوَرَثَةُ بَيْنَ دَفْعِهِ وَمُشَارَكَتِهِ بِالثُّلُثِ وَلِوَاحِدٍ بِمائِةٍ وَآخَرَ بِخَمْسِينَ وَالثَّالِثُ أَحَدُهُمَا مُبْهَماً قِيلَ نِصْفَاهُمَا وَقِيلَ أَكْثَرَهُمَا، وَأَشْهَبُ أَقَلَّهُمَا وَفِي

(1/128)


ضِيقِ الثُّلُث يُبْدَأُ بِالآكَدِ فَيُقَدِّمُ مُدَبَّرُ الصِّحَّةِ عَلَى مُعْتِقِ الْمَرَضِ، وَالْمُبْتَلّ فِيهِ عَلَى الْمُوصَي بِعِتْقِهِ، وَالْمُعَيَّنُ عَلَى الْمُطلَقِ وَالزَّكَاةُ عَلَى الْكَفَّارَةِ وَتَصِحُّ مِنَ الصَّحِيحِ وَالسَّفِيهِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَالْمُمَيِّزِ (1) وَالْمَجْنُونِ فِي حَالِ إِفَاقَتِهِ وَإِلَى الْعَمَدِ وَالْمَرْأَةِ لاَ الْفَاسِق وَبِمَالِهِ إِلَى وَاحِدٍ وَوَلَدِهِ إِلَى آخَر، فَإِنِ اشْتَرَطَ اجْتِمَاعَهُمَا لَمْ يَجُزْ مُخَالَفَتُهُ وَالإِطْلاَقُ يَقْتَضِيهِ وَقَوْلُهُ فَلاَنٌ وَصِّيي تَفْوِيضٌ فَيَمْلِكُ أَنْ يُوصي إِلاَّ أَنْ يَمْنَعَ، وَقَبُولَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ يَمْنَعُ الرُّجُوعَ إِلاَّ لِعَجْزٍ أَوْ عُذْرٍ ظَاهِر، وَتَبْطُلُ بِالرُّجُوعِ وَمَوْتِ الْمُوصَّي لَهُ أَوْ رَدِّهِ وَتَلَفَ الْمُوصَّى بِهِ وَاللهُ أَعْلَمُ.