التلقين في الفقة المالكي

كتاب الصلاة
مدخل
...
كتاب الصلاة
...............................................

(1/34)


.................................................

(1/35)


الصلاة ركن من أركان الدين ومعالمه ومما بنى الإسلام عليه وهي في الشرع على خمسة أقسام فرض على الأعيان وفرض على الكفاية وسنة وفضيلة ونافلة فالفرض على الأعيان الصلوات الخمس وهي الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والفجر ووجوب الجمعة داخل في وجوب الظهر لأنها بدل منها إذ لا يجتمع وجوبهما لأنهما يتعاقبان.
والفرض على الكفاية الصلاة على الجنازة والسنة على ضربين سنة مبتدأة إما لأوقات وإما لأسباب تفعل عندها وسنة مشترطة في عبادة غيرها فالأول هي السنة المفردة وهي خمس صلاة الوتر وصلاة العيدين وصلاة كسوف الشمس والاستسقاء واختلف في ركعتي الفجر فقيل إنها سنة وقيل من الرغائب والضرب الثاني ركعتا الطواف والركوع عند الإحرام والفضيلة تحية المسجد وصلاة خسوف القمر وقيام شهر رمضان وقيام الليل وسجود القرآن والنافلة ركعتان بعد الظهر وقبل العصر ووقت الضحى وسائر ما يتنفل به إبتداء غير متعلق بسبب يقتضيه ولا وقت بعينه.
فإذا ثبت هذا فالصلوات الخمس التي هي فرض على الأعيان من جحد وجوبها فهو كافر ومن تركها أو واحدة منها معترفا بوجوبها غير جاحدا لهذا فليس

(1/36)


بكافر ويؤخذ بفعلها ولا يرخص له في تأخيرها عن وقتها فإن أتى بها وإلا قتل ولها أوقات مختلفة الأحكام منها أوقات لا يجوز تقديمها عليها ولا تأخيرها عنها.
وتنقسم إلى أوقات توسعة وتضييق ومنها ما يتعلق به الفوات ومنها ما لا يتعلق به ونحن نبين ذلك إن شاء الله.
فصل
الأوقات وقتان وقت أداء ووقت قضاء فأما القضاء فيذكر فيما بعد وأما وقت الأداء فعلى خمسة أضرب وقت اختيار وفضيلة ووقت إباحة وتوسعة ووقت عذر ورخصة ووقت سنة يأخذ شبها من وقت الفضيلة والعذر ووقت تضييق من ضرورة.
وفائدة الفرق بين وقت الاختيار والفضيلة وبين الإباحة والتوسعة إن وقت الاختيار والفضيلة يتعلق به من الثواب والفضل أكثر مما يتعلق بوقت الإباحة والتوسعة من غير مأثم يلحق بتأخير العبادة إلى وقت التوسعة وذلك كفضيلة أول الوقت على وسطه وفضيلة وسطه على آخره.
وفائدة الفرق بين وقت العذر والرخصة وبين وقت الإباحة والتوسعة أن له تأخير الصلاة عن وقت الفضيلة إلى وقت الإباحة والتوسعة ابتداء من غير عذر لولاه لم يكن له تأخيرها إما حظرا وإما ندبا كتأخير الصلاة عن أول الوقت إلى آخره وليس كذلك في العذر والرخصة لأنه إنما أبيح لوجد العذر أو لتوقعه على طريق الرفق مع صحة أدائه في الوقت المختار وإمكانه كترخيصنا للمسافر إذا أراد الرحيل وخاف أن يجد به السير أن يجمع بين الظهر والعصر عقيب الزوال وإذا كان راكبا أن يؤخر المغرب الميل ونحوه وكرخصة الجمع بين الصلاتين في المطر.
وأما الوقت الآخذ شبها من وقت الفضيلة والعذر فهو وقت سنة وفضيلة يؤتى بها في وقت العذر والرخصة وذلك كالجمع بين الصلاتين بعرفة والمزدلفة لأن هذا في صورة وقت العذر والتوسعة وهو مع ذلك فضيلة وسنة.
وأما وقت التضييق والضرورة فهو تقدم العبادة على الوقت المتعلق بالفضيلة الذي لا يجوز قبله لولا الضرورة لم تقدم عليه أو تأخيره إلى الوقت الذي يتعقبه الفوات لولا الضرورة لم يؤخر إليه وهذا الوقت لخمسة: للحائض تطهر،

(1/37)


والمغلوب يفيق، والكافر يسلم، والصبي يبلغ، والمسافر يقدم، والحاضر يسافر، ومن قد نسي صلاة. وكل قسم من هذه الأقسام يرد بيانه في موضعه إن شاء الله إلا أن البداية ها هنا بأوقات الوجوب التي يتعلق الأجزاء بها وفي امتدادها وضيقها ثم نعقب ذلك بفروض الصلاة وسننها ثم ما يقتضيه الحال من ترتيب الأبواب.
فصل في أوقات الصلاة
أما وقت الظهر الذي لا تجب قبله ولا يجوز تقديمها عليه فهو زوال الشمس ومعرفة ذلك في غالب الأحوال هو بأن تقيم عودا مستويا فترى ظله في أول النهار طويلا ممتدا ثم لا يزال في نقصان مع اتساع النهار كلما قرب من الزوال إلى أن ينتهي إلى حد يقف عنده ثم يعود في الطول فذلك هو الزوال ويستحب تأخيرها في مساجد الجماعات إلى أن يكون الفيء ذراعا والإبراد بها في الحر أفضل ثم لا يزال وقتها ممتدا إلى أن يكون زيادة الظل مثله ويعتبر ذلك وقت تناهي نقصانه وآخذه في الزيادة لا من أصله فإذا بلغ مثله فهو آخر وقت الظهر وهو بعينه أول وقت العصر وتكون وقتا لهما ممتزجا بينهما فإذا زاد على المثل زيادة بينة خرج وقت الظهر واختص الوقت بالعصر فلا يزال ممتدا إلى أن يصير كل شيء مثليه فذلك آخر وقت العصر.
ويستحب في العصر تأخيرها قليلا في مساجد الجماعات كنحو ما يستحب في الظهر لا زيادة على ذلك بل تعجيلها بعد هذا التأخير أفضل وتأخيرها زيادة على ذلك مكروه.

(1/38)


ووقت المغرب الذي لا تحل قبله غروب الشمس وهو وقت واحد مضيق غير ممتد يقدر آخره بالفراغ منها في حق كل مكلف ويرخص للمسافر أن يمد الميل ونحوه ثم يصلي وذلك داخل في باب الأعذار والرخص وهو خارج عن هذا الباب.
ووقت العشاء الآخرة مغيب الشفق وهو الحمرة لا البياض وآخر وقتها ثلث الليل الأول ويتسحب في مساجد الجماعات تأخيرها قليلا قدرا لا يضرب الناس ثم لا يزال وقتها ممتدا إلى أن ينقضي الثلث الأول ووقت صلاة الفجر طلوع الفجر الثاني ويسمى الصادق وهو الضياء المعترض في الأفق
الذاهب فيه عرضا يبتدىء من المشرق ومعترضا حتى يعم الأفق ثم لا يزال ممتدا ما لم تطلع الشمس وهي الصلاة الوسطى.
والتغليس بها أفضل فهذه أوقات الوجوب المبتدأة وهي على ضربين منها ما يكون ابتداؤها علما على الإجزاء في كل حال عموما لا خصوصا وذلك لثلاث صلوات وهي الزوال في الظهر وغروب الشمس في المغرب وطلوع الفجر في صلاة الفجر فهذه الأوقات هي أوقات الوجوب والإجزاء فلا يجوز تقديم هذه الصلوات عليها بوجه لا في حال عذره ولا غيره.
وأما المثل في العصر ومغيب الشفق في العشاء الآخره فهو في الرفاهية والاختيار لأن الإجزاء والرخصة قد يتعلقان بتقديمهما على هذه الأوقات في حال ضرورة على ما نبينه إن شاء الله.
فصل
فأما أوقات الضرورة والتضييق فهي لخمسة للحائض تطهر والمغلوب يفيق والصبي يبلغ والكافر يسلم والناسي يذكر ويتصور في أثنين من هؤلاء العكس وهو أن يكون في حق الطاهر تحيض والمفيق يغلب ولا يتصور في الصبي يبلغ لأنه لا يعود إلى الصغر.

(1/39)


ولا الكافر يسلم لأنه إذا ارتد ثم عاد إلى الإسلام لم يؤخذ بقضاء ما فات وأخذ في حال التضييق بما يؤخذ به الكافر الأصلي إذا أسلم ويمكن تصويره في الناسي يذكر وبسط ذلك يطول.
وبيان هذه الأوقات هو أن ابتداء الزوال وقت للظهر مختص به لا تشاركها فيه العصر بوجه ومنتهي هذا الاختصاص قدر أربع ركعات للحاضر وركعتين للمسافر ثم يصير الوقت مشتركا بينهما وبين العصر فلا يزال الاشتراك قائما إلى أن يصير قبل الغروب بقدر أربع ركعات للحاضر أو ركعتين للمسافر فيزول الاشتراك ويختص الوقت بالعصر وتفوت الظهر حينئذ على كل وجه وإدراك وقت الصلاة المعتد به هو إدراك ركعة منها وما قصر عن ذلك فليس بإدراك.
فإذا طهرت حائض أو أفاق مغمى عليه أو بلغ صبي أو أسلم كافر وقد بقي من النهار بعد فراغهم ما يمكنهم به أداء الصلاة من طهارة وستر عورة وغير ذلك قدر خمس ركعات في الحضر أو ثلاث في السفر فعليهم الظهر والعصر لإدراكهم وقتهما وذلك لقاء ركعة من وقت الظهر المشترك وإدراك جميع وقت العصر وإن كان الباقي أربعا أو أقل من الخمس فقد فات وقت الظهر فسقط عنهم ويخاطبون في بالعصر فقط لإدراكهم وقتها ولو أدركوا من وقت العصر قدر ركعة فقط كانوا مدركين لوقتها فإن أدركوا دون ذلك لم يدركوا ما يلزمهم به وكذلك لو أخرت امرأة الظهر والعصر إلى أن طرأ عليها الحيض وقد بقي من النهار قدر خمس ركعات أو ثلاثا على التفصيل الذي ذكرناه فلا قضاء عليها إذا طهرت لأنها حاضت في وقتهما وإن كان الباقي دون ذلك كان عليها قضاء الظهر لإدراك وقتها ولم يلزمها قضاء العصر لأنها حاضت في وقتها وكذلك الحكم في المغلوب وغيره ومثل ذلك في المغرب والعشاء وهو أن تطهر حائض أو يفيق مغلوب وقد بقي للفجر قدر خمس ركعات فتلزمه الصلاتان لإدراكه وقتهما فإن أدرك قدر ثلاث ركعات سقطت المغرب لفوات وقتها وأنه لو صلاها لم يبق للعشاء وقت وإن أدراك قدر أربع ركعات فقيل يصليهما لأنه تبقى ركعة لعشاء وقيل يصلي العشاء فقط لأنه لم يدرك شيئا من وقت المغرب.
وابن القاسم يرى في الكافر يسلم أن يعتبر الوقت من وقت إسلامه دون فراغه من أمره ويفرق بينه وبين غيره من أهل الضرورات لأنه لم يكن معذورا بتأخير الصلاة وغيره من أصحابنا يسوي بينهم وهو النظر لأن بالإسلام قد سقط عنه التغليظ.

(1/40)


فأما المسافر ينسى في سفره الظهر والعصر فيذكرهما بعد دخوله الحضر فإن كان قدومه بقدر خمس ركعات فأكثر صلاهما تامتين وإن كان دون ذلك صلى الظهر مقصورة لفوات وقتها والعصر تامة لبقاء وقتها وإن سافر وقد نسي الظهر والعصر وكان عليه وقت أن فارق الحضر من النهار قدر ثلاث ركعات صلاهما مقصورتين لإدراكه وقتها وهو مسافر فإن كان دون ذلك صلى الظهر تامة قضاء وصلى العصر مقصورة لبقاء وقتها وكذلك القول في المغرب والعشاء.

(1/41)


باب في ذكر الأذان والإقامة
هما سنتان غير واجبتين وسنة الأذان في الجماعة الراتبة دون الانفراد والإقامة أهبة للصلاة في الجماعة والانفراد والأذان في الصبح تسع عشرة كلمة وغيرها سبع عشرة كلمة وحكاية لفظ في غير الصبح الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح الله أكبر ألله أكبر لا إله إلا الله وفي الصبح يزيد بعد حي على الفلاح الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم ولفظ الإقامة الله أكبرالله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله اشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الفلاح قد قامت الصلاة الله أكبر الله أكبر لا اله ألا الله ولا يؤذن لصلاة قبل وقتها إلا الصبح والتوجه إلى القبلة في الأذان حسن والأفضل أن يوذن متطهرا ولا يؤذن لنافلة ويستحب لسامع الأذان أن يحكيه إلى آخر التشهدين وأن أتمه جاز.

(1/41)


باب العمل في الصلاة
والصلاة مشتملة على فروض وسنن وفضائل فالفروض ضربان منفصلة ومتصلة فالمنفصلة نوعان متقدم ومصاحب فمن فروضها الطهارة من الحدث وإزالة ألنجاسة وستر العورة فهذه هي المنفصلة وأما المتصلة فاستقبال القبلة والنية والترتيب في الأداء ونريد بالانفصال جواز تقديم فعلها وأنها مكتفية بنفسها وذلك يتم في الطهارة وستر العورة.
وأما إستقبال القبلة والنية فمصاحبان لا حكم لهما إلا بإضافتهما إلى الصلاة ومن هذه الفروض ما هو مفروض على الإطلاق ولا تصح الصلاة مع تركه على وجه وهو الطهارة من الحدث والصحيح من مذهبنا أنه إذا عدم الماء والصعيد لم يصل حتى يجد أحدهما وقد قيل: أنه يصلي إذا لم يجدهما.
ثم إذا وجده بعد إنقضاء الوقت فهل يلزمه القضاء أو لا يلزمه نظر آخر.

(1/41)


باب السهو وما يفسد الصلاة وما يتصل بذلك
السهو يقع على وجهين: بنقصان وبزيادة وله سجدتان كثر أم قل كان من أحد الوجهين أو كليهما ويؤخر سجوده إلى آخر الصلاة فيؤتى بهما في

(1/47)


النقصان قبل السلام وفي الزيادة بعده وفي اجتماعهما يغلب النقصان فيسجد قبل السلام ويكبر لهما في ابتدائهما والرفع منهما ويتشهد للتين بعد السلام ويسلم وأما اللتان قبل السلام فإن السلام من الصلاة يكفى منهما وفي التشهد لهما روايتان فإن سها عنهما سجد اللتين بعد السلام متى ما ذكر وأما اللتان قبله فيسجدهما ما لم يطل أو ينتقض وضوؤه وإن كان ذلك أعاد الصلاة.
فصل
والمتروك بالسهو أربعة أنواع فريضة وسنة وفضيلة وهيئة ولا يسجد لشيء من ذلك إلا للسنة وحدها فأما الفريضة فلا يجزئ منها إلا الإتيان بها وقد بينا السنن فيما تقدم ومن لم يدر كم صلى بنى على يقينه وسجد بعد السلام إلا أن يكون ممن لا يقين له لاستنكاح الشكوك له وغلبتها عليه فلا يلزمه إلا غالب الظن ويستحب له السجود بعد السلام ولا يسجد المأموم لسهوه والإمام يحمله ويسجد هو مع الإمام في سهو الإمام أدركه أو سبقه به فإن سبقه به سجد معه إن كان قبل السلام وإن كان بعده انتظر إلى أن يفرغ من القضاء ثم يسلم ويسجد.
ومن قام من اثنتين قبل الجلوس رجع ما لم يعتدل قائما فإن اعتدل قائما مضى وسجد قبل السلام لأنه نقص فإن أخطأ فرجع جالسا سجد بعد السلام لأنه زاد وقيل قبله لأنه زاد ونقص.
فصل
ويفسد الصلاة اثنتا عشرة خصلة قطع النية عنها جملة فأما تغييرها ونقلها فله تفصيل والردة وطروء الحدث على أي وجه كان من سهو أو عمد أو غلبة أو تعمد الكلام من غير إصلاحها ولا يفسدها سهو ولا عمده المقصود به إصلاحها ويفسدها ترك ركن من أركانها والعمل الكثير فيها من غير جنسها والقهقهة سهوا أو عمدا، وذكر صلاة يجب عليه ترتيبها وفساد صلاة الإمام لغير سهو وطروء النجاسة المقدور على إزالتها وانكشاف العورة المقدور على تغطيتها إذا تعمد ترك الإزالة أو لتغطيته في المجتمع عليه من ذلك فإن كان قدرا مختلفا فيه سهل الأمر.

(1/48)


باب الإمامة والجماعة وقضاء الفوائت والنوافل وأوقات النهي ومواضعه والجمع وما يتصل بذلك
ويقدم في الإمامة كل من كان أفضل والفقيه أولى من القاريء ولا تجوز إمامة الفاسق ولا المرأة ولا الصبي إلا في نافلة فتجوز دون المرأة ولا العبد

(1/48)


في الجمعة ومقامات المأموم مع الإمام أربعة أحدها عن يمين الإمام وذك الرجل وحده والثاني خلفه وذلك للرجلين فأكثر وللرجل والصبي العاقل يثبت والمرأة وحدها وجماعة النساء إذا لم يكن معهن رجل والثالث صفوف خلفه لا صف واحد وذلك للرجلين فأكثر وإن كان معها امرأة أو نساء فإن الرجال يقومون صفا واحدا خلف الإمام والنساء خلفهم والرابعة إلى جنبه أو خلفه وذلك لرجل واحد والمرأة أو جماعة النساء فإن الرجل يكون عن يمين الإمام والنساء خلفه.
فصل
والجماعة في غير الجمعة مندوب إليها متأكد الفضيلة ويستحب للمنفرد إعادة ما عدا المغرب في الجماعة والترتيب في الفوائت واجب بالذكر في الخمس فدون وهي أولى عند ضيق الوقت من الحاضرة ويقضيها على صفة أدائها ومن فاته بعض الصلاة قضى أولها كما فعل الإمام والنوافل ضربان منها ما له وقت مرتب وهو ما لا سبب له سوى وقته ومنها ما يتعلق بسبب فهو تابع له ولا يتعلق بالوقت ومنها مبتدأ لا سبب له.
المتعلق بالأوقات منها صلاة العيدين والوتر وركعتي الفجر والمتعلق بسبب فصلاة الكسوف والاستسقاء وسجود القرآن وتحية المسجد والركوع عند الإحرام وركوع الطواف ويلحق بالأول قيام رمضان وقيام الليل والركوع قبل العصر وبعد المغرب.
فصل
فأما صلاة العيدين والكسوف والاستسقاء فتذكر في مواضعها وأما الوتر فسنته بعد العشاء الآخرة وهو ركعة بعد شفع منفصلة عنه وأما سجود القرآن فعزائمه إحدى عشرة سجدة أولها خاتمة الأعراف وثانيها في الرعد عند قوله: {بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} [الأعراف: 15] وثالثها في النحل عند قوله: {وَيَفْعَلُونَ مَايُؤْمَرُونَ} [الرعد:50] ورابعها في بني إسرائيل عند قوله : {وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً} [الاسراء: الآية

(1/49)


109] وخامسها في مريم عند قوله: {خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً} [مريم الآية: 58] وسادسها في الحج عند قوله: {إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [الحج الآية: 18] وسابعها في الفرقان عند قوله: {وَزَادَهُمْ نُفُوراً} [الفقان الآية: 60] وثامنها في النمل عند قوله: {رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [النمل الآية: 26] وتاسعها في ألم تنزيل عند قوله: {وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ} [السجدة الاية: 15] وعاشرها في سورة ص عند قوله: {وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ} [ص الآية: 24] والحادية عشر في فصلت عند قوله: {إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [فصلت الآية: 37] وقيل: {وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ} [فصلت الآية: 38] وليس في المفصل منها شيء ويسجدها من قرأها في صلاة فرض أو نفل واختلف عنه في فعلها في الأوقات المنهى عنها.
والأوقات التي نهى عن التنفل فيها وقتان بعد العصر حتى تغرب الشمس وبعد الصبح حتى تطلع فأما الأحوال التي نهى عن التنفل فيها فنخص ولا نعم كحال خطبة الإمام وشروعه في الصلاة وغير ذلك والاختيار في التنفل مثنى مثنى والجهر بالقراءة فيها جائز ليلا ونهارا.
فصل
وتكره الصلاة في معاطن الإبل وفي البيع والكنائس والفرض داخل البيت عند مالك وعلى ظهره وتجوز الصلاة في مراح البقر والغنم ويجوز الجمع بين الصلاتين في السفر في وقت أيتهما شاء إذا جد به السير والاستحباب في آخر وقت الأولى وأول وقت الثانية، وذلك في الظهر والعصر وفي المغرب والعشاء ولا يتنفل بينهما ويجوز في الحضر لعذر المطر في المغرب والعشاء دون الظهر والعصر.
فصل
ومن رعف في صلاته فإن كان يسيرا فتله وتمادى وإن كان كثيرا نظر فإن كان قبل تمام الركعة بسجدتيها قطع ومضى فغسل الدم واستأنف وإن كان بعد

(1/50)


عقد ركعة واحدة بسجدتيها فهو مخير إن شاء قطع وإن شاء مضى فغسل الدم في أقرب موضع اليد وبنى وهذا للمأموم واختلف في المنفرد.
فصل
وصلاة المريض بحسب إمكانه ولا يسقط عنه ما يقدر عليه لعجزه عن غيره ويختار له أن يجلس متربعا ويثني رجليه في السجود فإن لم يقدر على السجود أومأ وجعله أخفض من الركوع فإن عجز عن الجلوس اضطجع على جنبه الأيمن مستقبل القبلة فإن لم يتمكن من ذلك فعلى ظهره ويقف المصلي خلف الصفوف وحده إذا لم يجد في الصف موضعا ولا يجبذ إليه أحد من الصف ولا ينتظر الإمام لمن سمع حسه ولا يقطع الصلاة مرور شيء بين يدي المصلي.
فصل
ويستحب للمصلي في الفضاء أن تكون بين يديه لديه سترة تحول بينه وبين المارين وقدرها عظم الذراع في غلظ الرمح.

(1/51)


باب في قصر الصلاة في السفر
القصر في الصلاة الرباعية، لأن المغرب لا تنصف والفجر لو قصرت لكانت ركعة وذلك ممنوع وأداؤها على صفة أداء التامة إلا في الإتمام وحد سفر القصر ثمانية وأربعون ميلا وفي البحر يوم تام.
والأظهر من المذهب أن القصر سنة والإتمام مكروه فإن كان خلف مقيم فليتسبقه وإن كان خلف مسافر فأتم فلا يتبعه ويستمر المسافر على القصر وإن عرضت له إقامة ما لم يبلغ بعزيمته أربعة أيام بلياليهن فإن بلغته أتم ولا يقصر حتى يفارق بلده ويخلفه وراء ظهره وفي عوده حتى ينتهي إلى الموضع الذي بدأ منه ولا يقصر العاصي بالسفر وإذا فرغ من صلاة مقصورة ثم عزم على الإقامة لم تلزمه إعادة وإن عزم على ذلك في الصلاة جعلها نافلة وابتدأها تامة.

(1/51)


باب الجمعة
وهي فرض على الأعيان وشروط وجوبها ستة: البلوغ والعقل والذكورية والحرية والإقامة وموضع يستوطن فيه ويكون محلا للإقامة به يمكن

(1/51)


باب صلاة الخوف
قولنا: صلاو الخوف عبارة عن صفة أداء الصلاة في حال الخوف، وهي الصلاة تحضر والمسلمون منصدون لحرب العدو فيقسم الإمام المعسكر فريقين فريق يصلي معه والآخر بإزاء العدو فيصليها بأذان وإقامة ويصلي بالطائفة التي معه نصف الصلاة فإن كان في حضر وكانت ظهرا أو عصرا أو عشاء صلى بهم ركعتين فإذا فرغ من تشهده قام إلى الثالثة وفي رواية أخرى

(1/52)


يشير إليهم فيتمون لأنفسهم ما بقى عليهم من الصلاة وإن كان في سفر فإذا رفع رأسه من سجود الركعة الأولى وقام إلى الثانية أخذوا في إتمام صلاتهم فإذا فرغوا مضوا وكانوا مقام الفرقة الأخرى ثم جاءت تلك فيصلي بهم ما بقى في تلك الصلاة من ركعة أو ركعتين ثم يسلم ثم يتمون بقية صلاتهم وفي المغرب يصلي بالأولى ركعتين ثم يشير إليهم بعد فراغه من تشهده في إحدى الروايتين وفي الرواية الأخرى يقوم إلى الثالثة ويصليها على حسب ما كان يصليها قبل ذلك من جهل أو أسرار وهذا مع التمكن.
وأما إن اشتد خوفهم ولم يمكنهم العدو أو كانوا في حال المسايفة صلوا بحسب الإمكان.

(1/53)


باب صلاة العيدين
وصلاة العيدين سنة واجبة وقتها إذا أشرقت الشمس وسنتها المصلي دون المسجد إلا في حالة العذر ووقت الغدو إليها بحسب قرب المسافة من المصلي وبعدها.
ويستحب في الفطر الأكل قبل الغدو إلى المصلى وفي الأضحى تأخيره إلى الرجوع من المصلى ومن سننها الغسل والطيب والزينة وإظهار التكبير في المشي والجلوس والتكبير بتكبير الإمام والرجوع من غير الطريق الذي مضى فيه.
وهي ركعتان يزاد في الأولى ست تكبيرات بعد الإحرام وفي الثانية خمس بعد تكبيرة القيام وهي فيما عدا ذلك ركعتان كسائر الصلوات يجهر فيهما بالقراءة بسبح والغاشية ونحوهما ولا إذان فيهما ولا إقامة والخطبة فيهما بعد الصلاة خطبتان كخطبتي الجمعة إلا أنه يكبر في تضاعيفهما ثم صفتهما في الأداء كصفة خطبتي الجمعة من جلوس متقدم ومتوسط وما يتوكأ عليه ويكبر خلف الصلوات يبدأ بالظهر من يوم النحر ويقطع إذا كبر عقيب الصبح من رابعه وهي خمس عشرة صلاة ولفظه الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد وإن شاء قال الله أكبر الله أكبر ثلاثا نسقا.

(1/53)


باب صلاة الكسوف
وصلاة كسوف الشمس سنة مؤكدة وصفتها أن يدخل المسجد بغير أذان ولا إقامة فيكبر للإحرام ثم يقرأ سرا بأم القرآن وسورة ويستحب له إطالتها ما لم يضر بمن خلفه إن كان إماما ثم يركع ويطيل ركوعه نحو من قراءته ثم يرفع رأسه قائلا سمع الله لمن حمده ثم يقرأ بأم القرآن وسورة طويلة دون ما تقدم في الطول ثم يركع بقدر قراءته ثم يرفع قائلا سمع الله لمن حمده ثم يسجد سجدتين كسائر الصلوات ثم يأتي بمثل ما أتى به في الأولى ثم يتشهد ويسلم فيذكر ويعظ ويخوف من غير خطبة مرتبة ولا اجتماع لخسوف القمر ويصلي له الناس أفذإذا ركعتين كسائر النوافل.

(1/54)


باب صلاة الاستسقاء
وصلاة الاستسقاء سنة تفعل عند تأخير المطر والحاجة إليه ومن سننها المصلى والخطبة ويخرج الإمام والناس معه متخشعين متواضعين غير مظهري زينة ويقدم الصلاة على الخطبة ويؤذن لها ولا يقام وهي ركعتان كسائر الصلوات يكبر فيها التكبير المعهود ويجهر بالقراءة بسبح ونحوها إذا فرغ صعد المنبر متوكئا على قوس أو عصى فيجلس فإذا أخذ الناس مجالسهم قام فخطب وأكثر من الاستغفار ثم يجلس ثم يقوم فيخطب الثانية فإذا فرغ استقبل القبلة وحول رداءه فيجعل ما على يمينه على شماله وما على شمال على يمينه ولا ينكسه ثم يدعو الله تعالى بما تيسر له وهو قائم والناس جلوس وإن احتج إلى تكرار الخروج لصلاة الاستسقاء لتأخير المطر جاز وفعل في كل مرة مثل ما ذكرناه وليس من سننها تقديم صوم أو صدقة على فعلها ولا يمنع من تطوع به.

(1/54)