التلقين
في الفقة المالكي
كتاب الزكاة
مدخل
...
كتاب الزكاة الزكاة
من فروض الدين وأركانه وهي من حقوق الأموال
تتعلق بثلاثة أشياء بمالك وملك ومملوك فصفة
المالك أن يكون من أهل الطهرة وهم المسلمون
كانوا كبارا أو صغارا ذكورا وإناثا وصفة الملك
أن يكون تاما غير ناقص وفائدة ذلك ألا يكون
لغير مالكه انتزاعه من مالكه في أصله وأن يكون
مالكه حرا لا رق فيه.
وأما صفة المملوك فكل عين جاز بيعها جاز تعلق
الزكاة بها فإذا ثبت هذا فالزكاة تتعلق بالمال
على وجهين زكاة عين وزكاة قيمة فزكاة العين في
ثلاثة أنواع وهي الذهب والورق والمواشي والحرث
ولا تجب فيما سوى ذلك
(1/58)
من لؤلؤ أو
جوهر أو طيب ولا في خيل ولا رقيق ولا عسل ولا
في لبن ولا في شيء سوى ما ذكرناه إلا أن يكون
للتجارة فتجب فيه زكاة القيمة دون زكاة العين
على ما نذكره.
فصل
فأما زكاة العين التي من الذهب والفضة فلها
شرطان نصاب وحول فالنصاب شرط في جميع أنواعها
والحول يخص ما سوى المعدن منها على ما نذكره
ونصاب الذهب عشرون دينارا وازنة وما يجوز
جوازها من النقصان الذي لا يتشاح الناس في
مثله عادة ونصاب الورق مئتا درهم وازنة أو
ناقصة على سبيل ما قدمناه وفي كل واحد ربع عشر
وهو نصف دينار من الذهب أو خمسة دراهم من
الورق وما زاد عليه فبحسابه في كل ممكن وتجب
في أنواع كل جنس من غير اعتبار بصفته من جودة
أو ردأة أو تبر أو مضروب أو غلة أو صحاح الإأن
يكون مصوغا.
والمصوغ على خمسة أوجه منها الأواني المنهى عن
أستعمالها واتخاذها ومنها الحلبي للتجارة
ومنها المصوغ لإحراز المال وحفظه ومنها الحلي
الملبوس على الوجه المباح ومنها المتخذ للكراء
وفي جميعها الزكاة الإ في الملبوس وفي حلي
الكراء خلاف.
(1/59)
ويجمع بين
الذهب والفضة على تعديل المثقال بعشرة دراهم
ويخرج عن كل جنس منه وله أن يخرج من أحد
الجنسين عن الآخر بالقيمة إلا أن ينقص عن
التعديل ولا يجوز تقديم زكاة قبل وجوبها.
والفوائد نوعان: نماء من نفس المال وفائدة
بوجه غير النماء فما كان من نماء المال فحكمه
حكم أصله يزكى لحوله كان الأصل نصابا أو دونه
إذا أتم نصابا بربحه وما سوى النماء كالميراث
والهبة لا يضم إلى النصاب الذي ليس منه فإن
كان الأول أقل من نصاب وإن ضم إلى الثاني كان
نصابا أو كان الثاني نصابا ضم الأول إلى
الثاني واستقبل بهما الحول.
وإذا وجبت الزكاة فلم يخرجها حتى تلف المال لم
يضمن إلا أن يكون أخرها مع الإمكان والدين
مسقط للزكاة على قدرها ما يقابله من العين إلا
أن يكون هناك عروض تباح فيه فتجعل بإزائه ولا
يسقطها في الحرث والماشية.
فصل
فأما زكاة القيمة فهي عرض ابتيع بنية التجارة
والعرض هو ما لا زكاة في عينه من الأمتعة
والعقار والمأكول والحيوان وغير ذلك فما ابتيع
بذلك
(1/60)
بنية القنية أو
بغير نية التجارة فلا شيء فيه ولا في ثمنه
إبيع وما اشترى بنية التجارة ففيه الزكاة إذا
بيع فإن أقام أعواما فلا شيء فيه ما دام عرضا
ولا يقوم في كل سنة فإذا بيع زكى ثمنه لسنة
واحدة ومن ملك عرضا بميراث أو بهبة أو بمعاضة
بعرض مثله لقنية فلا زكاة فيه ويستقبل بثمنة
حولا.
فصل
والديون على ثلاثة أضرب دين مدين يذكر فيما
بعد ودين غير مدين فلا زكاة فيه ما دام دينا
فإذا قبض فهو على ضربين منه ما يكون أصله عينا
فذلك يزكى لسنة واحدة وإن أقام أعواما ومنه ما
ملك دينا من غير أن يكون أصله عينا مثل
الميراث والهبة وابتياعه بغرض قنية فلا زكاة
فيه ويستقبل به حولا ولا زكاة فيما يقبض إلا
أن يكون نصابا أو يكون عنده مما حال عليه
الحول مما يتم مع ما قبضه نصابا أو يكون مما
يتم نصابا من معدن ثم يزكى عما قبض من بعد قل
أو كثر.
فصل
والمزكون ضربان عارف بحول أمواله وقد ذكرنا
حكمه ومدير لا يعرف حول ماله ولا ينضبط له
كسائر التجار الذين يريدون البيع والشراء فلا
يتحصل لهم حول يعولون عليه فالوجه في زكاة من
هذه صفته أن يكون له شهر من السنة يعرف فيه ما
معه من العين ويقوم ما عنده من العروض بحسب
ماله من دين يرتجيه فإذا عرف ذلك نظر فإن كان
عليه دين أسقط مقابله ثم زكى عما فضل عنه إن
كان نصابا.
فصل
وتجب الزكاة في معادن الذهب والفضة فقط ومن
شرطها النصاب وليس من شرطها الحول ويبني فيها
ما خرج من النيل الواحد بعضه على بعض ولكل نيل
حكمه وما خرج بغير كلفة ولا كبير مؤنة كالندرة
ففيه الخمس
(1/61)
ولا زكاة في
الركاز وفيه الخمس في عينه وعروضه في قليله
وكثيره وهو دفن الجاهلية.
(1/62)
باب زكاة المواشي
وتجب زكاة الماشية بثلاثة شروط وهي الحول
والنصاب أو مجيء الساعي ولا زكاة في الإبل حتى
يبلغ خمس ذود ففيها شاة فإذا بلغت عشرين ففيها
أربع شياه والغنم المأخوذة فيها من غالب أغنام
البلد ثم يزول فرض الغنم ويؤخذ عنهما من جنسها
ففي خمس وعشرين بنت مخاض وهى التي قد دخلت في
السنة الثانية إلى استكمالها فإن لم تكن فيها
فابن لبون ذكر فإن عدما لم يجزأه إلا بنت مخاض
فإذا بلغت ستا وثلاثين ففيها بنت لبون أو ولد
اللبون هو الذي قد دخل في السنة الثالثة إلى
استكمالها.
(1/62)
فإذا بلغت ستا
واربعين ففيها حقة وهي التي قد دخلت في السنة
الرابعة إلى استكمالها وسميت بذلك لاستحقاقها
أن يطرقها الفحل وصلحت للحمل فإذا بلغت إحدى
وستين ففيها جذعة وهي بنت خمس سنين إلى تمامها
وهي آخر سن تجب في الزكاة فإذا بلغت ستا
وسبعين ففيها ابنتا لبون إلى تسعين فإذا بلغت
إحدى وتسعين ففيها حقتان إلى مائة وعشرين فما
زاد ففي كل خمسين حقة وفي كل أربعين بنت لبون
ويتغير الفرض بزيادة عشر وفي تغييره بما دونها
خلاف فإذا قيل يتغير فالتخيير للساعي بين
حقتين وبين ثلاث بنات مالك رحمه الله وإلى
ثلاث بنات لبون قطعا عند ابن القاسم ثم هي على
هذا الحساب إلى مائتين فيخير الساعي في
السنين.
فصل
ولا زكاة في البقر حتى تبلغ ثلاثين فيكون فيها
تبيع جدع أو جذعه وسنه سنتان إلى أربعين فيكون
فيها مسنة ولا يؤخذ إلى الأنثى وسننها أربع
سنين ثم ما زاد ففي كل ثلاثين تبيع وفي كل
أربعين مسنة إلى مائة وعشرين فيكون الساعي
مخيرا في السنين.
(1/63)
فصل
ولا زكاة في الغنم حتى تبلغ أربعين ففيها شاة
جذعة أو ثنية من غالبها فإن تسأوت فمن واحدة
منهما ثم لا شيء فيها حتى تبلغ مائة وإحدى
وعشرين ففيها شاتان إلى مائتين وشاة ففيها
ثلاث شياه إلى ثلاثمائة وتسعة وتسعين فيؤخذ
منها فيما بعد عى حساب كل مائة شاة.
ويضم أنواع كل جنس من الماشية بعضها إلى بعض
كالبخت والعراب من الإبل والجواميس إلى البقر
والضأن والمعز في الغنم والعاملة والسائمة
سواء وتضم فصلان الإبل إلى أمهاتها وكذلك
عجاجيل البقر وسخال الغنم كانت الأمهات نصابا
أو دونه فإذا كملت بالسخال نصابا فتزكى بحول
الأمهات بقيت الأمهات أو ماتت جميعها أو بعضها
إذا كان الباقي منها نصابا من أيها كان.
ويضم ما استفاد اليها من غير نمائها إلى نصاب
إن كان عنده منها فيزكى بحوله ولا شيء في
الأوقاص والوقص ما بين النصابين ولا يؤخذ في
زكاة الماشية كرائمها إلا أن يتطوع بها
أربابها وهي المواخض واللوابن والأكولة
والفحولة المعدة للضراب ولا يؤخذ ألائمها وهي
التيس
(1/64)
والمريضة وذات
العيب إلا أن يكون نظرا ومن لم يكن عنده السن
الوسط كلف شراؤها.
فصل
وللخلطة في الماشية ثأثير في الزكاة وتأثيرها
هو أن المالكين يزكيان زكاة المالك الواحد إذا
كان لكل واحد نصاب كامل اختلطا في جميع الحول
أو في بعضه إذا بقيا على الخلطة إلى آخره وصفة
تأثيرها أن يكون للاثنين ثمانون شاة لكل واحدة
أربعون فيأخذ الساعي منها شاتين وإن كانت مائة
وعشرين لثلاثة فثلاث شياه هذا إذا كانوا
مفترقين فإن اختلطوا أخذ عن الثمانين شاة
واحدة وكذلك عن المائة والعشرين وتأثيرها في
هاذين الموضعين التخفيف وقد تؤثر التثقيل وهو
أن يكون للاثنين مائتان وشاة وفيؤخذ منها ثلاث
شياه ولا يجوز للمختلطين أن ينفردا ولا
للمنفردين أن يختلطا خيفة ذلك فإن علم ذلك
منهما أخذا بما كان عليه قبل ذلك.
وما به يكونان مختلطين هو أن يجتمعا في الراعي
والمرعى والفحل والدلو والمسرح والمبيت فقيل
يراعي اجتماعها في أكثرها وقيل في وصفين منها
وقيل في الراعي واحد وقيل في الراعي والمرعي
ولا خلطة في غير المواشي ومن أبدل جنسا من
أموال الزكاة بجنسه لم تسقط الزكاة عليه كان
بنوعه أو بخلافه وفي العين خاصة إبداله الذهب
بالورق والورق بالذهب كإبداله بجنسه ولا يخرج
في الزكاة قيمة ولا يجوز الا العين الواجبة.
(1/65)
باب زكاة الحرث
وشرطها النصاب دون الحول وهي واجبة في المقتات
والمدخر للعيش غالبا وما يجري مجراه وهو نوعان
حبوب وثمار فالحبوب البر ولاشعير والأرز
والذرة والدخن
(1/65)
والسلت وسائر
القطاني وهي الحمص واللوبيا والعدس والفول
والسمسم والترمس والجلبان والبسلة وحب الفجل
وما قارب ذلك والثمار ثلاثة أنواع التمر
والزبيب والزيتون وتجب الزكاة بطيب الثمر
ويبسي الزرع وفي كل جنس منفرد بنفسه لا يضم
إليه إلا أنواعه دون جنس غيره الا شيئين
الحنطة يضم اليها الشعير والسلت وضم بعض
القطاني إلى بعض مختلف فيه والمذهب وجوبه وإذا
كانت الثمرة نوعا واحدا أخذت الزكاة منها جيدا
كان أو رديئا وإن كانت نوعين أخذ من كل واحد
بقدره فإن كانت ثلاثة أنواع أخذ الوسط منها
وقيل من كل واحد بقدره والنصاب خمسة أوسق
والوسق ستون صاعا والصاع أربعة أمداد والمد
رطل وثلث بالعراقي ويعرف جملة ذلك من ضم فصيله
بعضه إلى بعض والواجب فيه معتبر بسقيه فإن كان
شربه سيحا أو بعلا أو ماء السماء أو العيون
ففيه العشر وإن كان نضحا أو بدالية فنصف العشر
وإن كان بهما فبأكثرها فإن استويا فثلاثة
أرباع العشر.
(1/66)
فصل
ويخرص الرطب والعنب فما بلغ نصابا ثمره وزبيبه
ففيه الزكاة وما قصر عن ذلك فلا شيء فيه ولا
تضر مخالفة الوجود للخرص وما لا يثمر من الرطب
أو لا يزبب من العنب فيخرص على تقدير لو تأتي
فيه ويخرج عنه من مثله ويجزئ من ثمنه ولا زكاة
فيما أنبتت الأرض من المقتات كالبقول
والخضروات وما لا يدخر من الفواكه وغيرها وإذا
لم تجب في غير المقتات فوجوبها في غير المأكول
أبعد.
(1/67)
باب زكاة الفطر
تلزم الرجل عن نفسه وعن من تلزمه نفقته من
المسلمين من ولد صغير لا مال له أو كبير زمن
فقير أو زوجته أو عبدة وعن والديه إذا لزمته
نفقاتهما ويلزم إخراجها عن العبد المشترك بقدر
الحصص وعن من بعضه حر وعلى من له فيه بقية رق
بقدرة ولا شيء على العبد في نصيبه الحر وقيل
عليه بقدره وقدرها صاع من غالب قوت البلد من
الأقوات العامة من الحبوب والثمار كالحنطة
والشعير والسلت والدخن والذرة والأرز وما أشبه
ذلك كالتمر والزبيب ولا ينقص عن صاع من أيها
أخرجت وتجب بغروب الشمس من آخر يوم من رمضان
وقيل بطلوع الفجر من يوم الفطر ووقت استحبابها
قبل الغدو إلى المصلى وتجب على من فضل عن قوته
وقوت عياله بقدرها.
(1/67)
باب في قسم الصدقات
مصرفها في الأصناف الثمانية وهم الفقراء
والمساكين والعاملون عليها والمؤلفة قلوبهم
وفي الرقاب والغارمون وفي سبيل الله وابن
السبيل فالفقير من له بلغة لا تكفيه لعيشه
والمسكين أحوج منه وهو الذي لا شيء له جملة
والعاملون عليها جباتها وسعاتها والمؤلفة
قلوبهم قوم كانوا في صدر الإسلام يتألفون بدفع
سهم من الصدقات إليهم ينكف بإسلامهم غيرهم وقد
أغنانا الله بحمده في هذا الوقت عنهم وفي
الرقاب وهو أن
(1/67)
|