التلقين
في الفقة المالكي
كتاب الحدود
الزنا موجب للحد والحد الواجب به مختلف
باختلاف أحوال الزناة والحد فيه نوعان رجم
وجلد ثم الجلد ضربان منفرد بنفسه ومضمون إليه
غيره وهو تغريب عام وهو من وجه آخر بتنوع إلى
تمام ونقصان.
والزناة ضربان ثيب وبكر فالثيب هو المحصن وحده
الرجم حتى يموت ولا يجلد قبله وشروط الحصانة
ستة وهي البلوغ والعقل والإسلام والحرية
والتزويج الصحيح والوطء المباح فيه وإذا حقق
ما يحصنه أو وجد ثلاثة منها وهي الحرية
والتزويج والوطء وما عدا ذلك مشترط في أصل
الزنا وليس من شرطه أن يجتمع الإحصان من
الطرفين.
وأما الجلدالكامل فهو جلد مائة بانفرادها أو
مع غيرها فحد الزاني البكر لا يخلو من ثلاثة
أقسام إما أن يكون رجلا حرا فحده مائة وتغريب
عام وهو نفيه إلى غير بلده وحبسه فيه سنة أو
أن تكون المرأة حرة فحدها مائة بانفرادها من
غير تغريب.
أو مملوكا ذكرا أو أنثى فحده خمسون من غير
تغريب والأسباب التي يثبت بها الزنا ثلاثة وهي
الإقرار والبينة وظهور الحمل فأما الإقرار
فيكفي منه مرة يقيم عليها فإن رجع عنه إلى
شبهة أو أمر يعذر به قبل منه وإن أكذب نفسه
ففيه روايتان.
وأما البينة فشهادة أربعة رجال عدول يشهدون
مجتمعين لا تراخي بين أوقات إقامتهم الشهادة
على معاينة الزنا الواحد ورؤية فرجه في فرجها
كالمرود
(2/197)
في المكحلة وما
جرى مجرى ذلك فإن قصر عددهم في الابتداء أو
بوقوف أحدهم على الشهادة أو برجوعه بعد
إقامتها وقبل الحكم بها لم يحد المشهود عليه
وحد الشهود كلهم وإن كان ذلك بعد إقامة جميعهم
الشهادة حد الراجع وحده.
وأما الحمل فإن يظهر من غير عقد ولا شبهة ولا
ظهور أمارة تدل على استكراه.
ويقام الحد على المشهور عليه حين تتم الشهادة
عليه تاب أو لم يتب ولا يؤخر إلا أن يعرض ما
يوجب التأخير والعوارض الموجبة بذلك ثلاثة:
منها: معنى في المحدود يختص به.
ومنها: معنى فيه يتعلق بغيره.
ومنها: معنى منفصل عنه.
فالأول: كالمرض الذي يخاف منه إن حد تلفه.
والثاني: الحمل الذي يخاف تلفه بحد الحامل.
والثالث: الزمن الذي يعلم الخطر فيه فيؤدي إلى
التلف ولا حد على الزاني بجارية ابنه ولا على
واطيء أمة له فيها شرك وتقوم عليه إن حملت
وفيه خلاف إن لم تحمل ويحد إن زنا بجارية
أبيه. ومن أكره امراة فزنا بها فذلك على ضروب:
أحدها: أن يكره حرة فعليه صداق مثلها بكرا
كانت أو ثيبا.
والثاني: أن يكره أمة فعليه ما نقص من قيمتها
دون الصداق.
والثالث: أن يستكره نصراني حرة مسلمة فيقتل.
والرابع: أن يستكره أمة مسلمة فعليه ما نقص من
ثمنها بكرا كانت أو ثيبا وعلى المسلم في كل
ذلك الحد.
وللسيد أن يقيم على عبده وأمته حد الزنا
بالبينة أو الإقرار أو ظهور الحمل وفي علمه
خلاف.
وذلك إذا لم تكن لها زوج أجنبي فإن كانت لها
زوج أجنبي فلا يكون للسيد حدها وله ذلك إن
كانت لا زوج لها أو كان زوجها عبدا له وله
حدهما في الشرب وليس له ذلك في السرقة.
(2/198)
وينبغي للإمام
إحضار طائفة من المؤمنين وأقلهم أربعة ممن
تجوز شهادتهم ويجب بالإيلاج في اللواط الرجم
عليها من غير مراعاة إحصان وطريقة إثباته طريق
إثبات الزنى.
ويؤدب من أتى بهيمة ولا يقتل هو ولا البهيمة.
فصل
القذف موجب للحد والمراعاة في ذلك تسع خصال
اثنتان في القاذف وخمس في المقذوف واثنتان في
الشيء المقذوف به وخمس في المقذوف واثنتان في
الشئ المقذوف به.
فما يراعى في القاذف البلوغ والعقل وما يراعى
في المقذوف فالعقل والبلوغ والإسلام والحرية
والعفة عما رمي به ويختلف حكم البلوغ في
المقذوف بالذكورية والأنوثية فيراعى في الذكر
بلوغ التكليف وفي الأنثى إطاقة الوطء.
وأما ما يراعى في الشيء المقذوف به فهو أن
يكون القذف بوطء يلزم به الحد وهو الزنا
واللواط أو نفي نسب المقذوف عن أبيه فقط.
ويلزم بالتعريض الذي يفهم منه القذف وحدالقذف
مختلف بالحرية والرق فهو على الحر ثمانون وعلى
العبد أربعون.
والحدود كلها سواء في الإيجاع والصفة وما كان
منها من جنس واحد وسببه واحد تداخل وأجزأ واحد
عن جميعه وذلك مثل أن يزني مرارا أو يشرب
مرارا أو يقذف مرارا واحدا أو جماعة فيجزئ من
كل سبب حد واحد عن جميع ما فعل منه ولو قذف
وشرب ألزم حدا واحدا.
ومن سب النبي صلي الله عليه وسلم قتل ولم تقبل
توبته وذلك إن كان مسلما فأما الكافر إذا قال
أنا أسلم ففيه روايتان.
(2/199)
|