التنبيه على مبادئ التوجيه - قسم العبادات

باب في أحكام الأموال المحبَّسة
(حكم النبات المحبَس)
وهي إما أن تكون نباتًا (1) أو [نعمًا] (2) أو عينًا؛ فإن كانت نباتًا (3) فلا يخلو أن يكون ربها يتولى التفرقة على المُحبَّس عليهم أو غيره؛ فإن تولاَّه بنفسه وجبت الزكاة عليه على أصل ملكه، ولا يراعى مقدار ما يصير لكل إنسان، فإن كان غيره فهل تجب الزكاة؟ لا يخلو من أن يكون المحبس عليهم ممن يستحق أخذ الزكاة أم لا؟ فإن كانوا ممن يستحق الأخذ فهل تجري فيها الزكاة أم لا؟ قولان: المشهور جريان الزكاة، والشاذ أنها لا تجري. فنظر (4) في المشهور إلى [أن] (5) أخذ الزكاة بطريق غير طريق التحبيس، فلم يسقطها وإن استحقوا الأخذ. ورأى في الشاذ أنه لا فائدة في أن تؤخذ منهم وهم ممن يستحق أن ترد عليهم.
وإن كانوا ممن لا يستحق الأخذ، أو كانوا ممن استحقه على المشهور؛ فلا يخلو من أن يكونوا مُعيّنين أو غيرَ مُعيّنين؛ فإن كانوا معيّنين فهل يراعى جزء كل إنسان في (6) نفسه، فإن بلغ حظه نصابًا وجبت الزكاة وإلا سقطت، أو لا يراعى ذلك وتجب الزكاة إذا كان في الجملة نصابًا، في المذهب قولان.
__________
(1) في (ق) تيابًا.
(2) ساقط من (ر).
(3) في (ق) تيابًا.
(4) في (ق) فينظر.
(5) ساقط من (ت).
(6) في (ر) في.

(2/929)


وسبب الخلاف هل ملك المعين ذلك بظهور (1) الثمرة، أو لا يملك إلا بالوصول إليه وإن قلنا بالظهور؟ وبالجملة قبل الوصول إليه روعي حظ كل إنسان في نفسه. وإن قلنا لا يملك إلا عندما يعطى نصيبه روعيت الجملة. وهذا ينظر فيه إلى قصد المُحبس أو المُعطي. وإن كانوا غير مُعَيَّنين روعيت الجملة بلا خلاف, لأنهم لا يملكون إلا بالوصول إليه.

(حكم الأنعام المحبسة)
وأما الإبل المُحبَّسة فلا تخلو من قسمين: إما أن تكون حبست لتُفرَّق فمرَّ بها الحول قبل التفريق، أو لتُفرَّق (2) منافعها وأولادها. فإن حُبست لتُفرَّق فمرَّ بها الحول؛ فإن كانت على مُعَيَّنين ففيها قولان كما ذكرناه في الثمار، وإن كانت على غير مُعيَّنين زُكيت إذا كان في الجميع نصابا. وإن كان المُعطى أولادها ومنافعها زُكيت الأصول بلا خلاف إذا كان فيها النصاب، وجرى حكم أولادها على الخلاف في الأصول. والتفصيل إذا كانت تُفرَّق (3).

(حكم العين المحبسة)
وأما العين الموقوف (4) فإن كان ليُفرَّق فلا زكاة فيه, لأنه قد خرج عن ملك ربه ولم يقبضه من هو له ولا تنمية فيه، وإنما تجب الزكاة إذا أمكن النماء. فإن أوقف ليسلفه من احتاج إليه زكي إذا كان فيه النصاب.
...
__________
(1) في (ر) يملك المعطين من ذلك بظهور.
(2) في (ت) لتفريق.
(3) في (ت) لتفرق.
(4) في (ر) الموقوفة.

(2/930)


باب في أحكام زكاة الفطر
(حكم زكاة الفطر)
ولا خلاف في الأمر بها, لكن اختلف الناس والمذهب هل هي فرض أو سنة؟ في المذهب قولان. وقد اختلف هل يتناوله قوله تعالى: [{وَءَاتُواْ الزَكَوةَ} (1)، ولا شك إن قلنا بتناولها أنها تكون فريضة، وقيل هي المراد بقوله تعالى] (2): {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (15)} (3)، والمُشار بالذكر والصلاة [إلى] (4) تكبير العيد وصلاته، وعلى هذا يُحتمل الوجوب والندب, لأنّ الفلاح يحصل بما فيه أجر، والأجر يكون بالفرض والنفل. ورُوي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر بالنداء أن زكاة الفطر واجبة على كل مسلم (5) وهذا كالنَّص في الفريضة. وقال ابن عمر رضي الله عنه: فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صدقة الفطر من رمضان (6).
وقد اختلف هل قوله فرض؛ محمول على ظاهره، أو معناه قدر. والتقدير يحتمل الوجوب والندب. لكن الظاهر حمله على ظاهره. وقد تأوَّل بعضهم ما وقع لمالك من أنها سُنة [على أنها مما] (7) عُلم كونه فرضًا بالسنة لا بالقرآن، كما وقع لابن سحنون أن الوضوء من البول سُنة معناه: أنه علم ثبوته بالسنة (8). وفي الحديث أنها إرفاق للمساكين، وطهارة للصائمين.
__________
(1) التوبة: 11.
(2) ساقط من (ر).
(3) الأعلى: 14 و15.
(4) ساقط من (ت).
(5) لعله يقصد ما أخرجه الترمذي في سننه في كتاب الزكاة 674 عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي- صلى الله عليه وسلم - بعث مناديًا في فجاج "مكة ألا إن صدقة الفطر واجبة على كل مسلم ذكر أو أنثى حر أو عبد صغير أو كبير".
(6) متفق عليه فقد أخرجه البخاري في كتاب الزكاة 1433 ومسلم 984 بلفظ قريب مما ذكره المصنف.
(7) ساقط من (ر).
(8) ساقط من (ر).

(2/931)


والمقصود الأول هاهنا (1) مشاركة الفقراء للأغنياء في عدم الحاجة زمن (2) العيد. ونبَّه عليه السلام بقوله: "أغنوهم عن السؤال في هذا اليوم" (3) فإنها من باب المواساة. ولا شك أن المواساة تجب متى تعيَّنت، وإن كان المقصود بها الزيادة (4) على مقدار القوت ليشاركوا الأغنياء في التوسع، فيكون بابها الندب قياسًا على الصدقة من لحم الأضاحي.
...

فصل (المقصود من هذا الباب)
وإذا تقررت هذه المقدمة قلنا بعدها: ينحصر المقصود من هذا الباب في ثلاثة أركان: أحدها: متى يقع [بها] (5) الخطاب، والثاني: من يؤمر بها، والثالث: في حكم القدر (6) الواجب منها صفة ومقدارًا.

(زمان الخطاب بها)
فأما زمان الخطاب بها ففي المذهب اضطراب يؤخذ من مسائل مفردة في المذهب. ويتحصل من ذلك أربعة أقوال: أحدها: أنها تجب بغروب الشمس من ليلة الفطر، [والثاني: من طلوع الفجر، والثالث: من طلوع الشمس، والرابع: أنها تجب بغروب الشمس من ليلة الفطر] (7)،
__________
(1) في (ق) و (ت) منها.
(2) في (ت) يوم.
(3) لم أقف عليه بهذا اللفظ. قال الشوكاني في نيل الأوطار 4/ 258: أخرجه البيهقي والدارقطني عن ابن عمر قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم زكاة الفطر وقال أغنوهم في هذا اليوم وفي رواية للبيهقي أغنوهم عن طواف هذا اليوم وأخرجه أيضًا ابن سعد في الطبقات من حديث عائشة وأبي سعيد.
(4) في (ر) الزكاة.
(5) ساقط من (ر).
(6) في (ر) الغداء.
(7) ساقط من (ر).

(2/932)


لكن وجوبًا مُوسَّعا آخره غروب الشمس من يوم الفطر.
وسبب الخلاف النظر إلى كونها طهرة من الرفث في الصوم يجب عند خاتمته، أو إلى كونها مضافة إلى اليوم. والقصد بها إرفاق المساكين فيه. فيختلف على هذا هل تجب بطلوع الفجر [من النهار أو بطلوع الشمس] (1) على القول بأن ما بعد الفجر إلى طلوع الشمس من الليل. وأما القول الرابع فنظر إلى جميع المعاني.
وفائدة هذا الخلاف فيمن ولد أو أسلم أو مات أو بيع [من العبيد] (2) في ما بين هذه الأزمان، هل تجب (3) فطرته؟ أو لا (4) تجب على المولود والداخل في الإسلام؟ وهل (5) تسقط عن الميت؟
والحكم فيمن هلك (6) يجري على هذه الأقوال التي قدمناها. وانفرد أشهب فقال: لا تجب على من لم يصم يومًا (7) من رمضان. وهذا باطل بغير المكلَّف، فإنما تجب عليه وإن لم يلزمه صيام. فإن علَّل أشهب بأنها طُهرة للصائمين، ومن أسلم أو ولد ولم يمض له زمن يصح صومه فلا طهرة عليه، وغير المكلَّف أيضًا لا يفتقر إلى تطهير إلا أن يقول تلزم من كان موجوداً تجري عليه أحكام المسلمين ولو يومًا. فهذه مراعاة لحكم الإسلام لا لحكم الصوم.
واختلف القول في العبد يباع بيعًا فاسداً فيمضي عليه يوم الفطر وهو عند المشتري ثم ينقض البيع فيه، هل تكون صدقة الفطر على البائع أو على
__________
(1) ساقط من (ت).
(2) في (ر) و (ق) العبد.
(3) في (ق) و (ت) على من تجب.
(4) في (ق) و (ت) هل.
(5) في (ت) ومتى.
(6) في (ق) و (ت) في ذلك.
(7) في (ت) ولو يوما.

(2/933)


المشتري؟ وهذا على الخلاف في البيع الفاسد إذا نقض هل هو نقض له الآن أو نقض من الأصل؟

(وقت الإخراج)
ومتى تخرج صدقة الفطر؟ لا خلاف أن المستحب إخراجها قبل الغدو إلى المُصلى وبعد الفجر. قال مالك وأصبغ: له أن يخرجها قبل الصلاة أو بعدها. وظن أبو الحسن اللخمي أن هذا خلاف (1). وليس كما ظنه، وإنما تكلم على المستحب فذكر ما قدمناه وإجزاء إخراجها قبل الصلاة أو بعدها على وجه التوسعة.
وهل يجوز إخراجها قبل يوم الفطر باليومين والثلاثة وتجزي من أخرجها كذلك؟ قولان. والخلاف في هذا (2) على ما قدمناه من الخلاف في إخراج الزكاة المالية قبل حلول الحول. وقد قدمنا أن ذلك على النظر إلى تغليب إرفاق المساكين أو تغليب العبادة.
...

فصل (من يؤمر بالإخراج)
وأما من يؤمر بالإخراج بها؟ فقد تقدم في زمان الوجوب متى يتوجه عليه الخطاب. وهل تجب على الفقير أم لا؟ لا خلاف في المذهب أنا لا نشترط في الخطاب بها ملك النصاب لأنها طهرة للأبدان وإرفاق بجزء يسير لا يشترط في وجوب الإرفاق به ملك النصاب.
وهل تجب على الفقير إذا وجد زائداً على قوت يومه؟ قولان: المشهور: وجوبها، وأنه إن قدر على السلف تسلَّف أيضًا، وهذا لأنّ المفهوم
__________
(1) التبصرة لوحة: 102.
(2) في (ق) و (ت) فيها.

(2/934)


من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أغنوهم عن السؤال في هذا اليوم" اشتراك (1) الكل في مقدار القوت. والثاني: أنها لا تجب على من هذه حالته, لأنه لا يحتمل حال (2) المواساة. ومن كان فقيرًا إلى هذا المقدار فابتداؤه بإغناء نفسه آكد عليه.
وإذا قلنا بهذا القول فما المُراعى في حاله؟ قولان: أحدهما: أن كل من تحلُّ له صدقة الفطر لا يجب عليه إخراجها، إذ لا فائدة في أن يأخذها ثم يخرجها. والثاني: أن من يجحف به في معيشته وحاله فلا يجب عليه إخراجها. ولعلَّ هذين القولين يرجعان إلى معنى واحد.

(من يحل له أخذها)
وقد اختلف في صفة من يحلُّ له أخذها على قولين: أحدهما: أنه من يحلُّ له أخذ الزكاة، والثاني: أنه الفقير الذي لم يأخذ منها في يومه ذلك. وعلى القول الأول يجوز أن يعطى أكثر من صدقة إنسان واحد، وعلى القول الثاني لا يجوز أن يأخذ أكثر من ذلك.
ولا شك في وجوبها على الإنسان في نفسه. وأما من تلزمه نفقته، فإن كان اللزوم لِحَقِّ القرابة كالأبوين والبنين لزمه ذلك.

(ما يلزم الإنسان الإنفاق عليه وما لا يلزمه)
وهل يلزمه الإنفاق على زوجة أبيه، فيه قولان: وعلى هذا يجري حكم إخراج الفطرة عنها على المشهور من المذهب.
وهل يلزمه الإنفاق على عبيد بنيه؟ أما من لا يحتاجون إلى خدمتهم فلا تلزمه. وأما من يحتاجون إليه ففيه قولان: أحدهما: إلزام الفطرة لأنّ الإخدام لابنه واجب عليه، وإن كان لهم من يخدمهم وجب عليه نفقة العبيد. والثاني: أنه لا يجب عليه لأنهم أملياء بالعبيد.
__________
(1) في (ر) اشتراط.
(2) في (ر) حالة.

(2/935)


وأما من تجب عليه النفقة لغير حق القرابة؛ فإن كانت النفقة للمعاوضة [المحضة] (1) كنفقة الأجير فلا يلزمه إخراج الفطرة عنه.
وأما الزوجة ففيها قولان: المشهور: أنه يجب عليه إخراج الفطرة عنها, لأنّ النفقة لها عليه واجبة على الدوام فأشبه القرابة. والثاني: أنه لا تجب الفطرة عليه عنها لأنّ نفقتها غير واجبة في الأصل، وإنما وجبت [طوعًا] (2) عوضًا عن الاستمتاع، فأشبهت نفقة الأجير. ويجب عليه إخدامها والنفقة على خادمها إذا تعيَّن عليه الإخدام.
وهل تجب [عليه] (3) النفقة والفطرة ونفقة الخادم قبل الدخول؟ أما إن كان ممنوعًا من الدخول فلا يجب ذلك عليه. وأما إن كان دُعي إليه وامتنع فيجب ذلك عليه إذا طلبته الزوجة. وأما مع المساكنة ففيه قولان: أحدهما: أنه كالمُدْعى للدخول فتجب عليه النفقة والفطرة. والثاني: أنه كالممنوع، فلا تجب عليه، وهو على النظر إلى الظاهر هل وجود العقد كالتمكين من الدخول أم لا؟ وذلك راجع إلى اختلاف العوائد.
ولا خلاف في لزومها عن المملوك الرقبة والخدمة إن كان مسلمًا، فإن كانت خدمته مملوكة فلا يخلو من أن يكون مرجع رقبته إلى حرية أو إلى رق؛ فإن كانت إلى حرية وجبت الزكاة على مالك الخدمة (4) لأنه محبوس بها، وإن كان مرجعها إلى الرق فهل تكون الفطرة والنفقة على من يملك الرقبة؟ (5) ثلاثة أقوال: أحدها: أنها على من يملك الرقبة، لأنها المقصود. والثاني: أنها على من يملك الخدمة, لأنه المنتفع بها فأجزأ. والثالث: أن زمن الخدمة إن طال كانت النفقة والفطرة على مالك الخدمة, لأنّ رجوع الرقبة مُترقب، وإن قصُر فهو كالعدم فيكون ذلك على مالك الرقبة.
__________
(1) ساقط من (ر).
(2) ساقط من (ر).
(3) ساقط من (ر).
(4) في (ر) الرقبة.
(5) في (ر) الخدمة.

(2/936)


فإن كان العبد بين الشركاء ففطرته على مالكيه. وهل (1) على التساوي أو على مقدار الإملاك؟ في المذهب قولان. والحكم بالتساوي لأنه محبوس على كل واحد منهم. والحكم بالنظر إلى الإملاك لأنّ الفطرة واجبة لحق الملك، فيُنظر إلى قدر ما يملكُ كل إنسان. فإن كان مملوك البعض والباقي حرّ فثلاثة أقوال: أحدها: أن الفطرة على المالك كاملة لأنه محبوس بسببه، والثاني: أنها على العبد والمالك كالخارج (2)، والثالث: أن على المالك نصيبه ولا شيء على العبد لأنه غير كامل (3) الحرية.
فإن كان في العبد عقدُ حريَّة وجبت على من هو محبوس لسببه إلا المُكاتب ففيه قولان: أحدهما: أن الفطرة عليه كالنفقة، والثاني: أنها على سيّده لأنّ مرجع الرقبة إليه.
...

فصل (قدر الفطرة وجنسها)
فأما قدر الفطرة وجنسها فإنه صاع من غير البُر. وأما البُر ففيه قولان: أحدهما: أنَّه كغيره وهو المشهور. وهذا لِمَا ورد في الحديث صاعًا من طعام (4). والعُرف أن الطعام محمول على البُر. والشاذ أن الواجب منه مُدان لأنه قيمة (5) الصالح من غيره، وهذا حمل لما ورد في الحديث على أن المقصود به ذكر الطعام على الجملة. ثم فسره بما بعده من الشعير والتمر والإقط (6). إلى غير ذلك مما ذُكر في الحديث.
__________
(1) في (ت) وهو.
(2) في (ر) و (ق) كالخراج.
(3) في (ت) مالك.
(4) لعله يشير إلى ما أخرجه البخاري 1435 وغيره من أن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه كان يقول: "كنا نخرج زكاة الفطر صاعًا من طعام أو صاعاً من شعير أو صاعًا من تمر أو صاعًا من أقط أو صاعًا من زبيب".
(5) في (ر) لأنه نصفه بقيمة، وفي (ت) لأنه بقيمة.
(6) جاء في لسان العرب 7/ 257: "الأَقِطُ والإقْطُ والأَقْطُ والأقطُ: شيء يتخذ من اللبن =

(2/937)


وأما جنسها فتجزي من المقتات غالباً. وإن كان اقتياته نادرً؛ فإن كان مقتاتًا في زمن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أجزأ بلا خلاف، وإن لم يكن مقتاتا في زمانه ففي إجزائه قولان. وعلى هذا اختلفوا في القطانى إذا اقتيتت والتين.
وسبب الخلاف مراعاة الصُور النادرة.
وهل يجزي الدقيق؟ أما إن أخرجه ناقصًا (1) عما يخرجه من القمح وما في معناه فلا يجزي، وأما إن أخرجه كاملًا ففيه قولان: الإجزاء لأنه نفع المساكين بالطحين، وعدم الإجزاء نظرًا إلى الاقتصار على ما في الحديث.
ويخرج كل إنسان من قوته إذا وافق قوت أهل البلد، أو كان أفضل ورضي بإخراج ذلك. فإن كان قوت أهل البلد أفضل من قوته؛ فإن تقوَّت بالأقل شُحّاً لم يُلتفت إلى قوته، فإن كان لغير ذلك فقولان: أحدهما: مراعاته في نفسه، والثاني: مُراعاة الأكثر. وهما على الخلاف في مُراعاة الصُور النادرة أو النظر إلى الجمهور.
...
__________
= المَخَيض يطبخ ثم يترك ثم يَمْصُل، والقِطعة منه أَقِطةْ؛ قال ابن الأَعرابي: هو من ألبان الإِبل خاصة".
(1) في (ق) صاعا.

(2/938)