التهذيب
في اختصار المدونة (كتاب
الجنائز)
382 - قال مالك: يجتهد للميت في الدعاء، وليس في ذلك حدّ، ولا يقرأ على
الجنازة، وكان أبو هريرة يتبع الجنازة من أهلها، فإذا وضعت كبّر وحمد الله
وصلى على نبيه، ثم قال: اللهم [إنه] عبدك، وابن عبدك، وابن أمتك، كان يشهد
أن لا إله إلا أنت، وأن محمداً عبدك ورسولك، وأنت أعلم به، اللهم إن كان
محسناً فزد في إحسانه، وإن كان مسيئاً فتجاوز عنه، اللهم لا تحرمنا أجره
ولا تفتنا بعده. (1)
383 - قال مالك - رحمه الله -: وهذا أحسن ما سمعت من الدعاء على الجنازة،
وليس فيه حدّ معلوم. (2)
_________
(1) رواه مسلم (963) ، ومالك في الموطأ (17) عن عوف بن مالك مرفوعاً.
(2) انظر: مواهب الجليل (2/214، 215) .
(1/335)
384 - وكان ابن مسعود - رضي الله عنه - يقف
عند وسط الرجل، وفي المرأة عند منكبيها.
385 - قال مالك: ويكبر على الجنازة أربعاً. مالك: ولا يرفع يديه إلا في
الأولى، قال عنه ابن وهب: ويعجبني أن يرفع [يديه] في الأربع.
386 - ولا بأس بحمل السرير من أي جانب [شئت] ، وإن شئت فاحمل أو فدع (1) ،
وقول من قال: يبدا باليمين بدعة. والمشي أمام الجنازة هو السنة (2) . وجائز
أن يسبق وينتظر.
_________
(1) رواه البيهقي في الكبرى (4/19) ، والصغرى (1048) عن ابن مسعود.
(2) رواه مالك في الموطأ (11) .
(1/336)
387 - ولا يصلي عليها في المسجد، إلا أن
توضع بقربه فيصلي من في المسجد عليها بصلاة الإمام، إذا ضاق خارج المسجد
بأهله. وجائز الجلوس عند القبر قبل أن توضع [الأرض] . (1)
388 - ويصلى على قاتل نفسه [وإثمه على نفسه، ويصلى] على أولاد الزنا كسائر
المسلمين.
389 - وكل من كان حده القتل فقتله الإمام أو الناس دونه، فإنه يغسل ويكفن
ويصلي عليه الناس دون الإمام، وكذلك [كل] محارب قتله الناس دون الإمام لأنه
حده. فأما من جلده الإمام في زنا فمات منه، فإن الإمام يصلي
_________
(1) انظر: البيان والتحصيل لابن رشد (2/229، 230) .
(1/337)
عليه. [وإذا قتل في قصاص صلى عليه الناس
دون الإمام] .
390 - ومن اشترى صغيراً من العدو أو وقع في سهمه من المغنم فمات صغيراً لم
يصلّ عليه. وإن نوى به سيده الإسلام، إلا أن يجيب إلى الإسلام بأمر يعرف
أنه عقله، وهذا إذا كان كبيراً يعرف ما أجاب إليه.
391 - ومن زوج عبده من أمته وهما نصرانيان فحدث لهما ولد فليس للسيد أن
يدخل الولد في الإسلام جبراً.
392 - ولا توطأ أمة من غير أهل الكتاب حتى تجيب إلى الإسلام، بأن تشهد أن
لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، [وتصلي] ، أو تجيب بأمر يعرف
أنها قد دخلت في الإسلام، وتستبرأ، وإن كانت من أهل الكتاب فحتى تستبرأ.
(1/338)
393 - والصبي إذا لم يستهل [صارخاً] ،
والسقط لا يرثان ولا يورثان ولا يسميان، ولا يغسلان ولا يحنطان ولا يدفنان
في الدور. ومن ارتد قبل البلوغ لم تؤكل ذبيحته ولا يصلى عليه.
394 - ولا يصلى على يد ولا على رأس مع الرِجْلين، وإنما يصلى على أكثر
البدن.
395 - ولا يتبع الميت بمجمرة، ولا يقلم ظفره، ولا تحلق عانته، وذلك بدعة
ممن فعله.
396 - ومن فاته بعض التكبير انتظر، فإذا كبر الإمام كبر معه ويقضي
متتابعاً، وإذا
(1/339)
اجتمعت جنائز صُلي على جميعها في موضع
واحد، وإذا أتى بجنازة والإمام يصلي على غيرها تمادى على الأولى ولا يدخل
الثانية معها، فإذا فرغ صلى على الثانية، ولو جيء بها بعد تمام الصلاة على
الأولى فلا بأس بتنحية الأولى والصلاة على الثانية.
397 - ومن أتى وقد فرغ الناس من الصلاة على الجنازة فلا يصلي عليها بعد
ذلك، ولا على القبر، وليس العمل على ما جاء من الحديث في ذلك. (1)
ويجعل الرجال والصبيان [في الصلاة] مما يلي الإمام والنساء مما يلي القبلة
(2) ،
_________
(1) رواه البخاري (458) ، ومسلم (956) من حديث أبي هريرة مرفوعاً.
(2) رواه مالك في الموطأ (24) .
(1/340)
فإن كانوا رجالاً كلهم [جعلوا واحداً خلف
واحد، ثم قال مالك] واسع أن يجعل بعضهم على بعض، وأفضلهم مما يلي الإمام أو
صفاً واحداً كلهم، ويقوم الإمام وسط ذلك وكذلك النساء.
398 - ولا يصلى على أحد من أهل الأهواء، ولا يعاد مرضاهم ولا على قتلى
الخوارج والإباضية. (1)
399 - ولا يصلى على الشهيد في المعترك ولا يكفن، ولا يغسل، ويدفن بثيابه،
ولا ينزع عنه شيء لا خف ولا فروة، إلا درع أو سلاح، ويحفر له ويلحد، وإن
عاش بعد ذلك حياة بينة، كان كالمجروح يموت بعد أيام، يغسل ويصلى عليه، وليس
كحال من به رمق وهو في غمرة الموت. ولا يزاد [على] الشهيد غير ما عليه،
وكذلك من قتله العدو، أي قتلة كانت في معترك أو غيره. (2)
400 - وأما من قتل مظلوماً أو قتله لصوص في معتركهم أو في دفعه إياهم عن
حريمه أو مات بغرق أو هدم، فإنه يغسل ويصلى عليه.
* * *
_________
(1) انظر: مواهب الجليل (2/249) .
(2) انظر: مواهب الجليل (2/248) .
(1/341)
في غسل الميت
401 - وليس في غُسل الميت حدّ ولكن ينقى [وينظف] ويعرى للغسل، وتستر عورته
ويجعل الغاسل على يده خرقة ويفضي به إلى فرجه، وإن احتاج إلى أن يباشر بيده
فعل، ويعصر بطنه عصراً رفيقاً، فإن وضئ فحسن. وأحسن ما جاء في الغسل ثلاث
أو خمس بماءٍ وسدر [ويجعل] في الآخر كافوراً إن تيسر. (1)
402 - ويغسل أحد الزوجين صاحبه، وإن أصاب غيره من الرجال والنساء، ويستر كل
واحد منهما عورة صاحبه، وإن وضعت الزوجة حملها بعد موته وقبل غسله فجائز
لها أن تغسله، وأم الولد في الغسل كالزوجة تغسل سيدها ويغسلها،
_________
(1) رواه البخاري (1253) ، ومسلم (939) ، ومالك (1) جنائز من حديث أم عطية.
(1/342)
والمطلقة واحدة لا تغسل زوجها إن مات قبل
انقضاء عدتها.
403 - ومن مات في سفر لا رجال معه، ومعه نساء فيهن ذات محرم منه فلتغسله
ولتستره، وإن لم يكن فيهن ذات محرم منه يممن وجهه ويديه إلى المرفقين، وإن
ماتت امرأة مع رجال لا نساء معها، فإن كان فيهم ذو محرم منها غسلها من فوق
الثوب، وإن لم يكن ذو محرم يمم وجهها ويديها إلى الكوعين. ولا بأس أن يغسل
النساء الصبي ابن سبع سنين وشبهه. (1)
404 - ويُصب الماء على المجروح والمجدور الذي يخاف أن يتزلع (2) ولا ييمم.
405 - ولا يغسل المسلم أباه الكافر، ولا يتبعه ولا يدخله قبره إلا أن يخاف
أن يضيع
_________
(1) انظر: البيان والتحصيل (2/248) .
(2) أي يتشقق وفسدت جراحته، الوسيط (1/412) .
(1/343)
فيواريه، وكذلك الكافر بين المسلمين إذا
مات، قال ربيعة: ولا يستقبل به قبلتنا ولا قبلتهم.
406 - ولا بأس بالمسك والعنبر في الحنوط، ويجعل ذلك على جسده و [بين]
أكفانه ومواضع السجود، ولا يجعل من فوق الأكفان، قال عطاء: أحب الحنوط إلي
الكافور، وجائز أن يحنط المحرم، ولا يلي ذلك منه محرم.
407 - ويستحب أن يكفن في ثلاثة أثواب إذا وجد.
408 - ويعمم الميت، وتجمر (1) ثيابه، ويكره في كفن الرجال والنساء الخز (2)
، والمعصفر (3) ، والحرير، ويكفن في العصب وهي الحبرة. (4)
_________
(1) جمر الكفن: بخره، الوسيط (1/138) .
(2) هو ما ينسج من صوف وإبْرَيسم، الوسيط (1/240) .
(3) هو المصبوغ بالعُصْفر، وهو نبات شديد الحمرة في صبغه.
(4) الحبرة: ثوب من قطن أو كتان مخطط، يصنع باليمن، الوسيط (1/158) .
(1/344)
409 - والأخ أولى بالصلاة على الميت من
الجد، وإنما ينظر في هذا إلى من هو أقعد بالميت فهو أولى بالصلاة، والعصبة
أولى بالصلاة من الزوج، والزوج أولى بإنزال المرأة في قبرها من عصبتها، ومن
كانت الصلاة إليه من قاض أو صاحب شرطة أو وال فهو أحق بالصلاة على الميت
إذا حضر من أوليائه، وكذلك كل بلدة كان ذلك عندهم.
410 - وتتبع المرأة جنازة زوجها ووالدها وولدها وأخيها إذا كان يعرف أن
مثلها تخرج على مثله، وإن كانت شابة، ويكره أن تخرج على غير هؤلاء ممن [لا]
ينكر لها الخروج عليهم من قراباتها.
411 - ومن مات وليس معه إلا نساء صلين عليه أفذاذاً واحدة واحدة ويكن
صفوفاً.
(1/345)
412 - ويسلم إمام الجنازة واحدة عن يمينه
يسمع نفسه ومن يليه، ويسلم المأموم واحدة يسمع بها نفسه فقط، وإن أسمع من
يليه فلا بأس.
413 - ويكره تجصيص القبور والبناء عليها. وإذا أحدث إمام الجنازة استخلف من
يتم بهم باقي التكبير، فإن توضأ وأدرك بعض التكبير، كان في سعة إن شاء رجع
أو ترك.
414 - ويصلى عليها بعد العصر ما لم تصفر الشمس، وبعد الصبح ما لم يسفر،
فإذا أسفر أو اصفرت [الشمس] فلا يصلوا حينئذ إلا أن يخافوا عليها.
415 - قال مالك: وإن غابت الشمس بدءوا بما أحبوا من المغرب أو الجنازة،
وقال عنه ابن وهب:
(1/346)
[إن صلوا عليها بعد الفريضة فهو أصوب] فإن
صلوا [عليها] قبل فلا بأس.
ولا يبقر على الميتة إذا كان جنينها يضطرب في بطنها.
* * *
(1/347)
|