التهذيب
في اختصار المدونة (كتاب
الضحايا) (1)
1080 - ولا يجزئ ما دون الثني من سائر الأنعام في الضحايا والهدايا، [إلا
الضأن] فإن جذعها يجزئ.
1081 - ويذبح الإمام أو ينحر أضحيته بالمصلى بعد الصلاة، ثم يذبح الناس
بعده، ومن ذبح قبل صلاة الإمام، أو بعد صلاته، وقبل ذبحه
_________
(1) انظر: كفاية الطالب (1/711) ، وحاشية الدسوقي (3/92) ، وشرح الزرقاني
(3/92) ، والتاج والإكليل (3/241) ، ومواهب الجليل (3/253) ، والذخيرة
(4/141) ، والمقدمات لابن رشد (1/235) .
(2/35)
أعاد، وليتحر أهل البوادي ومن لا إمام له
من أهل القرى صلاة أقرب الأئمة إليهم وذبحه فيذبحوا بعده، فإن تحروا وذبحوا
قبله أجزأهم.
1082 - ويجزئ في الضحايا والهدايا المكسورة القرن، إلا أن يكون يدمي، لأنه
مرض، ولا تجزئ المريضة البيّن مرضها، ولا الحَمِرة وهي: البشمة، لأن ذلك
مرض ولا الجربة إن كان ذلك لها مرضاً.
1083 - وله أن يبدل أضحيته، ولا يبدلها إلا بخير منها أو مثلها، قلت: فإن
باعها واشترى دونها ما يصنع بها وبفضلة الثمن؟ قال: قال مالك: لا يجوز أن
يستفضل من ثمنها شيئاً، وأنكر الحديث الذي جاء في مثل هذا (1) ، وإن
_________
(1) الذي رواه أبو داود (3386) ، والترمذي (1257) عن حكيم بن حزام. وقال
أبو عيسى: لا نعرفه إلا من هذا الوجه وحبيب بن أبي ثابت لم يسمع من حكيم.
(2/36)
لم يجد بالثمن مثلها فليزد من عنده حتى
يشتري مثلها.
1084 - ولا يدع أحد الأضحية ليتصدق بثمنها، ولا أحب تركها لمن قدر عليها.
ولا يشترك في الضحايا إلا أن يشتريها رجل فيذبحها عن نفسه، وعن أهل بيته،
وإن ضحى بشاة أو بعير أو بقرة عنه وعن أهل بيته أجزأهم، وإن كانوا أكثر من
سبعة أنفس، وأحب إلي [إن قدر] أن يذبح عن كل نفس شاة، واستحب مالك حديث ابن
عمر لمن قدر، دون حديث أبي أيوب الأنصاري، ولو اشترى أضحية عن نفسه، ثم نوى
أن يشرك فيها أهل بيته جاز ذلك،
(2/37)
بخلاف الهدي، ولو اراد أن يذبحها عن نفسه،
وعن أجنبيين على أن لا يأخذ منهم حصتهم من الثمن، لم يجز ذلك وإنما يجوز
ذلك في أهل البيت.
1085 - ولو كانوا رفقاء في سفر ونفقتهم واحدة، قد تخارجوها فأرادوا أن
يشتروا منها عن جميعهم كبشاً يضحون به، لم يجزهم. وليس على الرجل أن يضحي
عن زوجته، بخلاف النفقة.
1086 - قال مالك: وإذا ولدت الأضحية فحسن أن يذبح ولدها معها، وإن تركه لم
أر ذلك عليه واجباً، لأن عليه بدل أمه إن هلكت.
قال ابن القاسم: ثم عرضتها عليه فقال: أمحها واترك منها إن ذبحه معها فحسن.
قال ابن القاسم: ولا أرى ذلك واجباً عليه. (1)
_________
(1) انظر: المدونة الكبرى (3/144) ، ومنح الجليل (2/486) ، والشرح الكبير
(2/122) .
(2/38)
1087 - ولا يجوز أن يجزّ صوفها قبل الذبح،
ولا يبيع من أضحيته لحماً ولا [شحماً] ولا جلداً ولا شعراً ولا غيره، ولا
يشتري به ماعوناً ولا غيره، ولينتفع بذلك منها، أو يتصدق به، ولا يبدل منها
جلداً أو غيره بمثله، أو بخلافه، ولم أسمع من مالك في لبنها شيئاً، إلا أنه
كره لبن الهدي، وقد روي في الحديث: "لا بأس بالشرب منه بعد ريّ فصيلها".
(1)
1088 - فإن لم يكن لأضحيته ولد فأرى أن لا يشربه إلا أن يَضُرّ بها فيحلبه
_________
(1) رواه البيهقي في الكبرى (5/236) .
(2/39)
ويتصدق به، ولو أكله لم أر عليه شيئاً،
وإنما أنهاه عنه كما أنهاه عن جز صوفها قبل ذبحها.
1089 - ولا بأس في الضحايا والهدايا بالبياض وغيره في العين إن لم يكن على
الناظر، ولا بأس في الأذن بمثل السمة، أو قطع يسير، أو شق يسير، وأما جدع
الأذن أو قطع جُلّها فلا يجزئ، وما سمعت مالكاً يؤقت في الأذن نصفاً من
ثلث.
1090 - ولا تجزئ العرجاء البين ظلعها، إلا أن يكون الشيء الخفيف الذي لا
ينقص مشيها، ولا تعب عليها به في سيرها، وتسير بسير الغنم، فأراه خفيفاً.
1091 - ومن اشترى أضحية سمينة فعجفت عنده أو أصابها عمى أو عور، أو ابتاعها
بذلك لم يجزه، بخلاف ما يحدث بالهدي بعد التقليد من عيب، وقد ذكرناه في
كتاب الحج.
1091 - ومن ضلت [منه] أضحيته ثم وجدها في أيام النحر فليذبحها، إلا أن يكون
[قد] ضحى ببدلها فليصنع بها ما شاء، [وكذلك إن لم يضح ببدلها ثم
(2/40)
وجدها بعد أيام النحر فليصنع بها ما شاء] .
1092 - وليس على أحد أن يضحي بعد أيام النحر، وهو بمنزلة من ترك الأضحية،
وكذلك لو حبس أضحيته حية حتى مضت أيام [النحر] إلا أن هذا قد أثم.
1093 - ومن سرقت أضحيته أو ماتت أو ضلت، فعليه البدل.
1094 - ولو أضجعها للذبح فاضطربت فانكسرت رجلها أو أصابت السكين عينها
ففقأتها، لم تجزه. والشاة تخلق خلقاً ناقصاً لا تجزئ.
1095 - ولا بأس بالجلحاء، وهي الجمّاء، والسكاء: وهي الصغيرة الأذنين، قال
ابن القاسم: ونحن نسميها الصمعاء. ولو خلقت بغير أذنين لم تجز.
(2/41)
1096 - ومن ذبح أضحيتك بغير إذنك، فأما
ولدك، أو بعض عيالك، ممن فعله ليكفيك مؤنتها، فذلك مجزئ عنك، وأما على غير
ذلك فلا يجزيك.
1097 - وإن ذبحت أضحية صاحبك، وذبح هو أضحيتك غلطاً لم تجزئ واحداً منكما،
ويضمن كل واحد لصاحبه القيمة.
1098 - والأضحية [واجبة] على من استطاع، وهي على الناس كلهم الحاضر
والمسافر إلا الحاج، فليست عليه، وإن كان من سكان منى، ومن لم يشهد الموسم
من أهل مكة فهم في ضحاياهم كالأجنبيين، ولا تجب الأضحية على مملوك أو من
فيه بقية رِق، ولا يُضحى عن من في البطن.
(2/42)
1099 - وأيام النحر ثلاثة: يوم النحر،
ويومان بعده، وليس اليوم الرابع من أيام الذبح وإن كان الناس بمنى.
[ولا تذبح] الهدايا والضحايا ليلاً، فإن فعل لم يجزه وعليه البدل.
1100 - وكل من تجب عليهم الجمعة فعليهم أن يجمعوا في صلاة العيدين، وليس
على الحاج بمنى جمعة، ولا صلاة عيد.
1101 - ولا يصاد حمام الأبرجة، ومن صاد منها شيئاً رده أو عرّف به إن لم
يعرف ربه ولا يأكله، وإذا دخل حمام برج لرجل في برج لآخر ردّها إلى ربها إن
قدر، وإلا فلا شيء عليه. (1)
1102 - ومن وضع أجباحاً في جبل فله ما دخلها من النحل، ومن صاد طيراً في
_________
(1) انظر: التاج والإكليل (3/356") ، والفواكه الدواني (2/239) ، ومواهب
الجليل (5/153) ، (6/69) ، والمدونة الكبرى (3/77) ، والكافي في فقه مالك
لابن عبد البر (1/184) ، وحاشيةالعدوي (2/471) .
(2/43)
رجليه سباقان، أو ظبياً في أذنيه قرطان وفي
عنقه قلادة، عرف بذلك، ثم ينظر فإن كان هروبه ليس بهروب انقطاع ولا توحش
رده، وما وجد عليه لربه، وإن كان هروبه هروب انقطاع وتوحش فالصيد خاصة
لصائده دون ما عليه، فإن قال ربه: ندّ مني منذ يومين، وقال الصائد: لا أدري
متى ندّ منك، فعلى ربه البينة، والصائد مصدق.
1103 - وإذا قتل محرم بازياً لرجل معلماً فعليه جزاؤه غير معلم، كجزاء غيره
من الوحش، وعليه قيمته لربه معلماً.
1104 - ولا يجوز بيع كلب سلوقي أو غيره، ويجوز بيع الهر، ويجوز بيع الأسد
والسباع والفهود والنمور والذئاب، إن كان ذلك [لتُذَكّى] لأخذ جلودها. فإذا
ذُكيت جاز بيع جلودها ولباسها والصلاة عليها.
(2/44)
1105 - ومن قتل كلباً من كلاب الدور مما لم
يؤذن فيه، فلا شيء عليه، لأنها تقتل ولا تترك، وإن كان مما أذن في اتخاذه
لزرع أو ضرع، فعليه قيمته.
1106 - وإذا باع الذمي خمراً بدينار كرهت للمسلم أن يتسلفه منه، أو يبيعه
به شيئاً أو يأخذه هبة، أو يعطيه فيه دراهم، ويأخذه، أو يأكل من طعام
ابتاعه الذمي بذلك الدينار، وجائز أن يأخذه منه في قضاء دين، كما أباح الله
تعالى أخذ الجزية منهم.
1107 - ولا بأس بصيح حمام مكة فيالحل للحلال، وما صيد في الحل فإذا دخل
الحرم جاز أن يؤكل فيه، وإن كانت شجرة أصلها في الحرم، ولها غصن في الحل
فوقع عليه طائر فلا بأس بصيده، ويؤكل. ولم يجب مالك [رحمه الله] فيه بشيء.
* * *
(2/45)
|