التهذيب
في اختصار المدونة (كتاب العدة
وطلاق السنة)
1837 - وطلاق السنة أن يطلق طلقة في طهر لم يمس فيه، وإن كان في آخر ساعة
منه، ولا يتبعها في ذلك طلاقاً ثم يمهلها حتى تنقضي العدة برؤية أول دم
الحيضة الثالثة، ويُكره أن يطلقها في طهر قد جامع فيه، فإن فعل لزمه، وتعتد
بذلك الطهر، وإن لم يبق منه إلا يوم، ولا يؤمر برجعتها.
1838 - ويكره أن يطلقها ثلاثاً في مجلس واحد أو في كل طهر طلقة، فإن فعل
لزمه.
قال ابن مسعود رضي الله عنه: إن أراد أن يطلقها ثلاثاً فليطلقها في كل طهر
طلقة. (1)
_________
(1) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (4/58) ، والبيهقي (7/332) . وانظر:
المدونة (5/419) ، وبداية المجتهد (2/48) ، والاستذكار (18/49) ، والمحلي
(10/168) ، والدر المنثور (8/190) .
(2/409)
1839 - ويطلق الحامل [طلقة] واحدة متى شاء،
وتحل بالوضع لآخر ولد في بطنها، وله رجعتها ما لم تضع آخر ولد في بطنها،
ولا يطلقها ثلاثاً في مجلس واحد [أو مجالس] فإن فعل لزمه، والتي لم تبلغ
المحيض واليائسة منه يطلقهن واحدة متى شاء، وعدتهن ثلاثة أشهر، ويطلق
المستحاضة متى شاء وعدتها سنة، كان في ذلك يطؤها أم لا، وله رجعتها ما لم
تنقض السنة، فإذا مضت السنة حلت للأزواج، إلا أن ترتاب فتقيم إلى زوال
الريبة، وإن كان لها قرء يعرف تحراه فطلقها عنده، قال ربيعة وابن شهاب في
التي يئست من المحيض: إن طلقت قبل الأهلة أو بعدها اعتدت من حين طلقت ثلاثة
أشهر ثلاثين يوماً كل شهر.
(2/410)
1841 - ومن قال لامرأته وهي حائض: أنت طالق
للسنة، أو قال لها: إذا طهرت فأنت طالق، لزمته مكانه طلقة وجبر على الرجعة،
ولو قال ثلاثاً للسنة وقعن ساعتئذ، كانت طاهراً أو حائضاً، وبانت منه.
1842 - وله أن يطلقها قبل البناء واحدة متى شاء، وإن كانت حائضاً أو نفساء،
وإن دخل بها، فلا يطلقها وهي حائض أو نفساء حتى تطهر، فإن طلقها طلقة قبل
أن تطهر لزمه ذلك وأجبر على الرجعة، وإن لم يعلم بذلك حتى طهرت وحاضت [ثم
طهرت وحاضت] الثانية [وطهرت] ، فليجبر على الرجعة ما لم تنقض العدة فتحل،
وإذا أُجبر على الرجعة في دم حيض أو نفاس وشاء طلاقها أُمهل حتى تطهر، ثم
تحيض، ثم تطهر، ثم إن شاء حينئذ طلق أو أمسك، ويحسب عليها ما طلقها في دم
الحيض والنفاس، ولا يطلقها بعد طهرها من الدم الذي ارتجعها فيه بالقضاء،
فإن فعل لزمه، ولا يجبر على الرجعة.
(2/411)
قال سليمان بن يسار وغيره: إذا طلقت
النفساء لم تعتد بدم نفاسها واستقبلت ثلاثة قروء، قال ابن القاسم: ولا
تطلّق التي رأت القصة البيضاء حتى تغتسل بالماء، فإن فعل لزمه، ولا يجبر
على الرجعة.
وإن كانت مسافرة لا تجد الماء فتيممت فلا بأس أن يطلقها بعد التيمم لجواز
الصلاة لها.
1840 - ومن طلق زوجته طلاقاً يملك فيه الرجعة، فلا يتلذذ منها بنظرة أو
غيرها، ولا يأكل معها، ولا يرى شعرها ولا يخلو معها، وإن كان يريد رجعتها
حتى يراجعها، وكان مالك يقول: لا باس أن يدخل عليها ويأكل معها إن كان معها
من يتحفظ بها، ثم رجع فقال: لا يفعل ذلك حتى يراجعها، وإن كان معها فلينتقل
عنها.
(2/412)
1843 - وطلاق المسلم لزوجته الكتابية كطلاق
الحرة المسلمة وعدتها منه كعدة [الحرة] المسلمة. وتجبر هي على العدة [منه]
إذا بنى بها طلق أو مات.
1844 - وإن مات عنها ذمي بعد البناء فلا ينكحها مسلم إلا بعد ثلاث حيض
استبراء.
وإن مات عنها الذمي أو طلقها قبل البناء فلا عدة عليها وينكحها المسلم إن
أحب مكانه.
1845 - وعدة الأمة وأم الولد ومن فيها بقية رق في الطلاق إذا كانت ممن لا
تحيض من صغر أو كبر ومثلها يوطأ وقد دخل بها، ثلاثة أشهر، وإن كانت ممن
تحيض فحيضتان كان الزوج في ذلك حراً أو عبداً.
وطلاق العبد طلقتان كانت زوجته حرة أو أمة.
1846 - وإذا بلغت [المرأة] الحرة عشرين سنة أو ثلاثين فلم تحض، فعدتها في
الطلاق ثلاثة أشهر.
(2/413)
ولو تقدم لها حيضة مرة لطالبت الحيض، فإن
لم يأتها اعتدت سنة من يوم الطلاق تسعة أشهر براءة تأخير الحيض وثلاثة أشهر
عدة، فإن حاضت بعدما مضى من السنة عشرة أشهر رجعت إلى الحيض، فإن ارتفع
ائتنفت سنة من يوم انقطع الدم عنها، ثم إن عاودها الدم في السنة رجعت إلى
الحيض، هكذا تصنع حتى تتم ثلاث حيض أو سنة لا حيض فيها، وكذلك التي لم تحض
قط قبل الطلاق، أو اليائسة ترى الدم بعدما أخذت في عدة الأشهر فلترجع إلى
عدة الحيض، وتلغي الشهور، وتصنع كما وصفنا، هذا إن قلن النساء فيما رأته
اليائسة: إنه حيض، فإن قلن: ليس بحيض، أو كانت في سن من لا تحيض من بنات
السبعين أو الثمانين لم [يكن] ذلك حيضاً وتمادت بالأشهر، والعدة [في
الطلاق] بعد الريبة، وفي الوفاة قبل الريبة، فإذا أتمت المرأة أربعة أشهر
وعشراً في الوفاة ثم استرابت نفسها انتظرت حتى تزول الريبة عنها ثم تحل.
وذكرنا في كتاب الاستبراء تأخير حيضة الأمة في البيع.
1847 - وإذا اختلف الدم على المطلقة فرأته يومين أو ثلاثة، ثم رأت الطهر
مثل ذلك ثم رأت الدم كذلك، فهي كالمستحاضة إذا تمادى ذلك بها عدتها سنة،
إلا أن يكون بين الدمين من الطهر ما لا يضاف بعضه إلى بعض فيكون الثاني
حيضاً مؤتنفاً، قال مالك: وليس الأربعة أيام والخمسة وما قرب طهراً.
(2/414)
1848 - وإذا مات الزوج في عدة من طلاق
بائن، والطلاق في صحته أو في مرضه، لم تنتقل إلى عدة الوفاة، وتمادت على
عدة الطلاق وورثته في طلاق المرض لا في طلاق الصحة.
فإن مات بعد العدة، والطلاق بائن، أو غير بائن، فلا عدة عليها لوفاة، وإن
مات وهي في عدتها من طلاق غير بائن والطلاق في صحته أو في مرضه انتقلت إلى
عدة الوفاة وورثته، وقال ابن عباس وغيره: عليها أقصى الأجلين، فإذا بلغها
موت زوجها فعدتها من يوم مات، وإن لم يبلغها ذلك حتى انقضت عدتها فلا حداد
عليها وقد حلّت. (1)
وكذلك إن طلقها وهو غائب فعدتها من يوم ط لق إذا أقامت على الطلاق بينة،
وإن لم تكن على ذلك بينة إلا أنه لما قدم قال: [قد] كنت طلقتها، فالعدة من
يوم إقراره، ولا رجعة له فيما دون الثلاث إذا تمت العدة من يوم إقراره،
وترثه في العدة المؤتنفة ولا يرثها، وإن كان الطلاق بتاتاً لم يتوارثا
بحال، ولا يرجع عليها بما أنفقت من ماله بعد طلاقه قبل علمها، لأنه فرّط.
_________
(1) انظر: تفسير القرطبي (4/11) ، والمغني (8/93) ، ورواه البخاري (8/53) ،
والنسائي في الكبرى (3/390) ، والصغرى (6/195) ، وعبد الرزاق في المصنف
(2/117) .
(2/415)
1849 - ولا إحداد على مطلقة ببتات [أو
واحدة] ، وعلى كل معتدة في وفاة زوجها الإحداد، وإن كانت صغيرة أو ذمية تحت
مسلم، وابن نافع لا يرى على الكتابية إحداداً.
1850 - وعلى الأمة الإحداد، وتعتد حيث كانت [تبيت] ، وليس لسادتها منعها من
ذلك، ولهم أن يخرجوها نهاراً للبيع.
ولا يبيعونها إلا ممن لا يخرجها من الموضع الذي تعتد فيه حتى تتم العدة،
ولا يزينونها للبيع بما لا تلبسه الحاد.
1851 - ولا تلبس الحاد شيئاً من الصباغ، قال عروة: إلا أن يصبغ بسواد.
ولا تلبس رقيق عُصب اليمن، ووسع في غليطه.
وتلبس رقيق البياض كله وغليظه من الحرير والكتان والقطن.
(2/416)
1852 - ولا تلبس خزاً ولا ما صبغ من ثياب
أو جباب حرير أو كتان أو قطن أو صوف، وإن كان أخضر أو أدكن، إلا أن لا تجد
غيره وتكون بموضع لا تجد استبداله، فيجوز لها لبسه. وإن وجدت بدلاً ببيع
فليس لها لبسه.
1853 - ولا تلبس حلياً: لا قرطاً ولا خاتماً ولا خلخالاً ولا سواراً ولا
خرص ذهب أو فضة، ولا تمس طيباً، قال ابن عمر: ولا تختضب.
قال ربيعة: ولا تحنط ميتاً، ولا تدّهن بزنبق أو بنفسج أو خبر، وتدهن
بالشيرج والزيت، ولا تمشط بدهن مريب حناء ولا كتم، ولا ما يختمر في رأسها
[وتمشط في السدر وشبهه مما لا يختمر في رأسها، ولا تكتحل إلا من ضرورة فلا
بأس به، وإن كان فيه طيب، ودين الله يسر] .
وسبيل الأمة والصغيرة وأم الولد والمكاتبة والمدبرة، سبيل الحرة المسلمة
البالغة في الإحداد ولزوم العدة من الأزواج.
(2/417)
1854 - إلا أن عدة الأمة وأم الولد، ومن
فيها بقية رق في وفاة زوجها على النصف من عدة الحرة.
وإذا مات عن الأمة زوجها أو طلقها طلاقاً بائناً أو غير بائن، ثم عتقت وهي
في أثناء هذه العدة فلتبق على عدتها ولا انتقال إلى عدة الحرائر.
وأم الولد إذا مات زوجها وسيدها ولم يعلم أولهما موتاً، فلتعتد أربعة أشهر
وعشراً مع حيضة، قال سحنون: وهذا إذا كان بين الموتين أكثر من شهرين وخمس
ليال.
وإن كان بينهما أقل من شهرين وخمس ليال فعليها أربعة أشهر وعشر فقط، قال
مالك: ولا ميراث لها من زوجها حتى يعلم أن السيد مات قبل زوجها، وعدة أم
الولد من وفاة سيدها أو عتقه إياها حيضة، وإن كانت ممن لا تحيض فثلاثة
أشهر.
قال سليمان بن يسار: أو تكون حاملاً فحتى تضع، قال مالك: ولو مات السيد وهي
في أول [دم] حيضتها، أو غاب عنها فحاضت بعده حيضاً كثيرة،
(2/418)
ثم مات في غيبته، فلا بد من ائتناف حيضة
بعد موته، لأنها لها عدة بخلاف استبراء الملك.
ولقوة الاختلاف فيها قد قال بعض العلماء: عليها أربعة أشهر وعشر، وقال
بعضهم: [عليها] ثلاث حيض، قال مالك: ولا حداد عليها في عدتها من وفاة
سيدها، ولا أحب لها المواعدة فيها، ولا تبيت إلا في بيتها، وإن زوجها سيدها
ثم مات عنها لم يكن على زوجها استبراء.
1855 - وليس للرجل أن يزوج أم ولده أو أمة قد وطئها إلا بعد الاستبراء، ولا
يجوز نكاح إلا حيث يجوز الوطء، إلا في دم الحيض وما أشبهه من غير معتدة، أو
في دم
(2/419)
النفاس فإن النكاح يجوز في ذلك، ولا توطأ
حتى تطهر، ولو اعتدت أم الولد من وفاة زوجها وحلت، فلم يطأها السيد حتى
مات، أو كان غائباً ببلد يعلم أنه لم يقدم منذ وفاة الزوج فعليها حيضة، ألا
ترى أنها لو تمت عدتها من الزوج ثم أتت بولد لها يشبه أن يكون من سيدها،
فزعمت أنه من السيد، ألحق به في حياته وبعد موته، إلا أن يقول السيد قبل
موته لم أمسها بعد موت زوجها فلا يلحق به، وكل ولد جاءت به أم ولد أو أمة
لرجل أقر بوطئها لمثل ما يلد له النساء، فهو بالسيد لاحق وتكون به الأمة أم
ولد، أتت به في حياة السيد أو بعد وفاته، أو بعد أن أعتقها، إلا أن يدّعي
السيد في حياته الاستبراء فينتفي منه بغير لعان، لأن ملك اليمين لا لعان
فيه.
1856 - وكره مالك المواعدة للمرأة أو لوليها في عدة طلاق أو وفاة، كانت حرة
أو أمة.
(2/420)
قال بعض التابعين: ولا بأس بالتعريض مثل أن
يقول لها: إني بك لمعجب، ولك لمحب، أو فيك لراغب، وإن يقدّر أمر يكن، ونحو
ذلك.
وجائز أن يهدي لها، قال عطاء: وأكره مواعدة الولي، وغن كانت المرأة مالكة
أمرها، ومن جهل فواعد امرأة في العدة وسمى الصداق ونكح بعد العدة، فاستحب
له مالك الفراق بطلقة، دخل بها أم لا، ويخطبها إن شاء بعد عدتها منه إن كان
دخل بها، وروى عنه أشهب انه يفرّق بينهما دخل بها أم لا.
1857 - ومن طلقت بخلع فتزوجت في العدة ودخل بها الثاني، قال مالك: يفرق
بينهما وتأتنف ثلاث حيض من يوم فسخ نكاح الثاني، فتجزيها عن الزوجين، وإن
كانت عدتها بالشهور أجزأها منهما ثلاثة أشهر مستقبلة.
وإن كان قد جاء عن عمر - رضي الله عنه - أنها تتم عدة الأول، وتأتنف عدة
الثاني. (1)
وأما الحامل فالوضع يبرئها من الزوجين جميعاً، ولا يتزوجها الأول في عدة
الآخر
_________
(1) رواه مالك في الموطأ (2/536) .
(2/421)
ولدت أولاداً من الثاني، إذ لا حجة لها
باجتهاد إمام أو [بيقين] طلاق، ولا يقربها القادم إلا بعد العدة من ذلك
الماء بثلاث حيض أو ثلاثة أشهر أو وضع حمل إن كانت [حاملا]] ، فإن مات
القادم قبل وضعها اعتدت منه عدة الوفاة ولا تحل بالوضع دون تمامها ولا
بتمامها دون الوضع. (1)
1859 - قال غيره: ومن نكح أم ولد قد أعتقها سيدها أو مات عنها، أو أمة
أعتقها ربها وقد وطئها فدخل بها الزوج قبل أن تمضي الحيضة فذلك يحرم كالوطء
في العدة.
وروي ذلك عن مالك في أم الولد يموت سيدها فيتزوجها رجل قبل حيضة أنه متزوج
في عدة.
وروي عنه أيضاً أنه ليس كالناكح في العدة.
وإذا وطئ السيد أمته في عدة من زوج حر أو عبد حرمت عليه.
وكل وطء بملك أو بشبهة نكاح في عدة نكاح يُحرّم. ألا ترى أن من طلق امرأته
البتة ثم ابتاعها لم يحل له وطؤها بالملك حتى تنكح زوجاً غيره.
_________
(1) انظر: الأم (7/157) ، والتاج والإكليل (4/159) ، ومواهب الجليل (4/158)
، الشرح الكبير (2/501) ، والمعونة للبغدادي (2/793) ، والكافي (2/530) .
(2/424)
1860 - قال ابن وهب عن مالك: ومن وطئ أمة
بنكاح في عدة [نكاح] [ثم ابتاعها] ، لم تحل له أبداً.
1861 - وكل معتدة من وفاة أو طلاق بائن أو غير بائن تأتي بولد وقد أقرت
بانقضاء عدتها أو لم تقر، فإنه يلحق بالزوج ما بينها وبين خمس سنين فأدنى،
إلا أن ينفيه الحي بلعان ويدعي أنه استبرأ قبل طلاقه، ولا يضرها ما أقرت به
من انقضاء العدة، لأنها تقول: حضت وأنا حامل ولا علم لي بالحمل، وقد تهراق
المرأة الدم على الحمل، وكذلك إن طلقت فارتابت بتأخير حيض فاعتدت سنة فإنها
تحل، إلا أن تستراب بعد ذلك، فتنتظر حتى تذهب ريبتها فإن تمادت بها الريبة
جلست ما بينها وبين خمس سنين فما وضعت بعد ذلك لم يلحق بالزوج.
وإن أتت به بعد ذلك بشهرين أو ثلاثة، وتحد المرأة، وإن مضى لهذه المطلقة
خمس سنين غلا خمسة أشهر ولم تقر إلا بانقضاء العدة ثم تزوجت، فإن قالت:
إنما تزوجت بعد العدة وزوال الريبة صًدّقت، ولا تُنكح مسترابة البطن إلا
بهد زوال البطن أو بعد خمس سنين، فإن نكحت قبل الخمس سنين بأربعة أشهر فأتت
بولد لخمسة
(2/425)
أشهر من يوم نكحت، لم يلحق بأحد من الزوجين
وحُدّت وفسخ نكاح الثاني، لأنه نكح حاملاً.
1862 - وإذا كان الصبي لا يولد لمثله وهو يقوى على الجماع، فظهر بامرأته
حمل لم يلحق به، وتحد المرأة، فإن مات هذا الصبي لم تنقض عدتها من الوفاة
بوضع حملها، وعليها أربعة أشهر وعشر من يوم مات، وإنما الحمل الذي تنقضي به
العدة، الحمل الذي يثبت نسبه من أبيه خلا الملاعنة خاصة، فإنها تحل بالوضع
وإن لم تلحقه بالزوج.
وإن مات زوجها وهي في العدة لم تنتقل إلى عدة الوفاة.
1863 - وإذا دخل الصبي بزوجته وهو يقوى على الجماع ولا يولد لمثله، ثم صالح
عنه أبوه أو وصيه، فلا عدة على امرأته ولا صداق لها ولا غسل عليها من وطئه،
إلا أن تلتذ، يعني: تنزل.
والخصي لا يلزمه ولد إن أتت به امرأته، إلا أن يعلم أنه يولد لمثله.
1864 - ومن نكح امرأة ودخل في العدة بها قبل حيضة، ثم ظهر بها حمل فهو
(2/426)
للأول، وتحرم على الثاني، ولو نكحت بعد
حيضة فهو للثاني إن وضعته لستة أشهر من يوم دخل بها، فإن وضعته لأقل فهو
للأول، هذا حكم النكاح، وإن القافة في الأمة يطؤها السيدان في طهر، وكذلك
من نكح في عدة وفاة بعد حيضة أو قبل في لحوق الولد، وعدتها منهما وضع
الحمل، أحلقت الولد بالأول أو بالثاني وهو فيها أقصى الأجلين.
1865 - وإذا أسلمت ذمية تحت ذمي ثم مات وهي في عدتها، لم تنتقل إلى عدة
الوفاة وتمادت على عدتها ثلاث حيض.
وقال غيره: وناكحها في عدة منه ناكح في عدة، [قال مالك:] ولا شيء لها من
المهر إن لم يكن دخل بها، مات أو لم يمت.
(2/427)
1866 - وما فسخ من نكاح فاسد أو ذات محرم
أو المُنعى لها تنكح أو أمة بغير إذن السيد، فالعدة في ذلك كله كعدة النكاح
الصحيح، ويعتددن في بيوتهن.
1867 - وإذا تصادق الزوجان بعد الخلوة في النكاح الفاسد على نفي المسيس لم
تسقط بذلك العدة، لأنه لو كان ولد لثبت نسبه إلا أن ينفيه بلعان ولا يكون
لها صداق ولا نصفه، لأنها لم تطلبه، وتعاض من تلذذه بها إن كان تلذذ منها
بشيء، وقد قيل: [إنها] لا تعاض.
1868 - ولا يضرب السلطان لامرأة المفقود أجل أربع سنين إلا من يوم
(2/428)
ترفع إليه، وإن لم تقم إلا بعد سنين، ولا
تعتد أربع سنين بغير أمره، وإنما يضرب هذا بعد الكشف عنه، فإن علم إلى أي
جهة خرج كتب إليها في الكشف عنه، فإذا يئس من علم خبره ضرب من يومئذ للحر
أربع سنين وللعبد حولين، ثم تعتد هي بعد ذلك دون أمر الإمام كعدة الوفاة،
كان قد بنى بها أم لا، وعليها الإحداد.
فإن قدم أو صحت حياته قبل أن تنكح، منعت من النكاح وكانت له زوجة بحالها.
وكذلك لو تزوجت ولم يدخل لفسخ نكاح الثاني وردت إلى الأول.
وكذلك التي يبلغها الطلاق ولا تبلغها الرجعة، فإن لم تعلم هي أو لم يقدم هو
حتى دخل بها الثاني، فالثاني أحق بها، وأول قول مالك فيهما: إن عقد نكاح
الثاني دون البناء يفتيها عن الأول، وأخذ به المغيرة وغيره.
وأخذ ابن القاسم وأشهب فيما بقول مالك الآخر: أن الأول أحق بها
(2/429)
ما لم يدخل بها الثاني، وإذا رجعت إلى
الأول قبل بناء الثاني كانت عنده على الطلاق كله، وإنما يقع عليها طلقة
بدخول الثاني، فأما قبل ذلك فلا.
1869 - وإذا علم أن المفقود مات بعد نكاح الثاني وقبل دخوله، فموته هاهنا
كقدومه حينئذ، ويفسخ نكاح الثاني وترث الأول، وتعتد لوفاته من يوم صحة
موته، لأن عصمة الأول لم تسقط، وإنما تسقط بدخول الآخر بها.
ولو مات الثاني قبل البناء فورثته، ثم علم أن الأول مات بعد أن نكحت قبل
موت الثاني أو بعده، أو علم أن الأول حي ردت ميراثها من الثاني، ورجعت إلى
حكم عصمة الأول في حياته وموته.
وإن علم أنه مات بعد بناء الثاني فهو كمجيئه حينئذ فتثبت عصمة الثاني ولا
ترث الأول، ولو مات الأول بعد الأجل والعدة، ثم نكحت في وقت تكون فيه في
عدة من الأول في صحة موته فسخ نكاح الثاني.
(2/430)
فإن لم يكن دخل بها كان خاطباً إن أحب بعد
انقضاء عدة الأول.
وإن كان قد بنى بها في عدة الأول لم تحل له أبداً وترث الأول في الوجهين،
وإن صح أنها نكحت بعد تمام عدة الأول من يوم موته ورثته وثبتت مع الثاني.
واسلك بالتي تعلم بالطلاق ولا تعلم بالرجعة حتى تعتد وتنكح، هذا المسلك، في
فسخ النكاح والموت والميراث وجميع أحكامها.
1870 - وينفق على امرأة المفقود في التأجيل من ماله ولا نفقة لها في العدة،
ولولده النفقة ما كانوا صغاراً إن لم يكن لهم مال.
ولا يؤخذ حميل بهذه النفقات، وما أنفق عليهم بعد موته ولم يعلم توبع بذلك
الزوجة والولد.
1871 - ولا يقسم ورثة المفقود ماله حتى يأتي عليه من الزمان ما لا يحيا إلى
مثله، فيقسم بين ورثته يومئذ لا يوم فقد أو يصح وقت موته فيرثه ورثته يوم
(2/431)
صحة موته، وإن مات له ولد وقف ميراثه منه،
فإن أتى أخذه وإن مُوّت بالتعمير رُدّ ذلك إلى ورثة الابن يوم مات الابن،
ولا أورّث الأب بالشك.
وكذلك لا يتوارث بالشك من لا يعلم أولهما موتاً بغرق أو هدم. ويرث كل واحد
ورثته.
1872 - وإن فقد عبد فأعتقه سيده وله ولد أحرار لم يجز، ولا يتم حتى يعلم أن
العتق أصابه حياً.
1873 - ولا يوقف للعبد ميراث من مات من ولده الأحرار، وهو بخلاف الحر في
هذا، لأنه على أصل منع الوراثة بالرق حتى يصح عتقه.
وأحسن ذلك أن يدفع إلى ورثة الابن بحميل يعطونه، وينظر الإمام في مال
المفقود ويجمعه ويوقفه، كان بيد وارث أو غيره، ويوكل به من يرضاه، وإن كان
في ورثته من يراه لذلك أهلاً أقامه له، وينظر في ودائعه وقراضه، ويقبض
ديونه، ولا يبرأ من دفع من غرمائه إلى ورثته، لأن ورثته لم يرثوه بعد. (1)
1874 - وما أسكن أو أعار أو أجر إلى أجل أرجئ إليه، وإن قارض إلى أجل فسخ
وأخذ المال.
_________
(1) انظر: منح الجليل للشيخ عليش (3/464) .
(2/432)
وما لحقه من دين أو اعتراف أو عهدة ثمن أو
عيب قضي به عليه، ولا يقام له وكيل، وتباع عروضه في ذلك.
وإن أقام رجل البينة أنه أوصى له بشيء أو أسند إليه الوصية سمعت بينته،
فإذا قضي بموته بحقيقة أو تعمير، جعلت الوصي وصيه وأعطيت الموصى له وصيته
إن كان حياً وحملها الثلث، ولا أعيد البينة.
وكذلك إن أقامت امرأة بينة أنه زوجها قضيت له كقضيتي على الغائب.
1875 - وأما السر فلا تؤجل امرأته بخلاف المفقود، علمنا موضع الأسير أم لا،
لأنه معلوم أنه قد أسر، ولا يصل الإمام من كشف حاله إلى ما يفعله في
المفقود، ولا تنكح امرأته إلا أن يصح موته أو تنصره إما طائعاً، أو لا يعلم
أطائعاً أم مكرهاً؟ فيفرق بينهما، ويوقف ماله، فإن مات مرتداً كان
للمسلمين، وإن أسلم كان له، وإن تنصر مكرهاً كانت في عصمته وينفق عليها من
ماله.
1876 - ومن نكح امرأة في عدتها فلم يطأ، إلا أنه قبل أو باشر أو جسّ، حرمت
عليه للأبد وعلى آبائه وأبنائه.
1877 - وتعتد امرأة الخصي في الطلاق، قال أشهب: لأنه يصيب ببقية ذكره
ويتحاصنان بذلك، وإن كان المجبوب لا يمس امرأته فلا عدة عليها من طلاق.
وليس على التي لا يوطأ مثلها لصغر عدة الطلاق.
(2/433)
1878 - وعلى كل معتدة لوفاة زوج تربص أربعة
أشهر وعشر إن كانت حرة مسلمة أو كتابية، بنى بها أو لم يبن، صغيرة كانت أو
كبيرة، والزوج صغير أو كبير، حر أو عبد، مجبوب أو سليم.
وإذا علم بعد وفاة الزوج بفساد نكاحه وأنه مما لا يُقرّان عليه فلا عدة
عليها ولا إحداد، وعليها ثلاث حيض استبراء إن كان قد بنى بها، ويلحقه ولدها
ولا ترثه ولها الصداق المسمى كله مقدمة ومؤخره.
1879 - وتعتد المرأة في الطلاق والوفاة في بيتها ولا تنتقل منه إلا لضرر لا
قرار معه، من خوف سقوطه، أو خوف لصوص بقرية لا مسلمون فيها ونحوه، فإن كان
في مدينة فلا تنتقل لضرر جوار ولترفع ذلك إلى الإمام.
1880 - وإن انتقلت لعذر إلى منزل ثان أو ثالث لزمها المقام حيث انتقلت،
والكراء في ذلك على الزوج.
وإذا انتقلت لغير عذر ردها الإمام بالقضاء إلى بيتها حتى تتم عدتها فيه،
ولا كراء لها فيما أقامت في غيره، ولرب الدار إخراجها منها في عدتها إذا
انقضى أجل الكراء.
1881 - وإذا انهدم المسكن فدعت المرأة إلى سكنى موضع ودعا الزوج إلى غيره،
فذلك
(2/434)
لكثرة كراء [أو سكنى] فتمنع، ولو أسقطت
الكراء لسكنت حيث شاءت، وامرأة الأمير المعتدة لا يخرجها الأمير القادم من
موضعها حتى تنقضي العدة، وكذلك من حبست عليه دار وعلى آخر بعده، فهلك الأول
وترك زوجته، فلا يخرجها من صارت إليه الدار حتى تتم العدة.
1882 -[ومن] بنى بزوجته الصغيرة ومثلها يجامع ثم طلقها أو مات عنها، فليس
لأبويها أن ينقلاها إليهما في العدة، ولتعتد حيث كانت يوم مات الزوج أو
طلق، ولو خرج أبواها على الحج أو لسكنى بلد آخر فلا يخرجاها حتى تتم العدة.
وتنتوي البدوية مع أهلها حيث انتووا، لا حيث انتوى أهل الزوج، وتقيم هناك
بقية العدة ولا تنتوي من قرار.
وإن تبدى زوجها فمات رجعت للعدة في بيتها.
1883 - وتعتد الأمة في الموت والطلاق حيث كانت تبيت، فإذا انتجع سيدها إلى
بلد آخر كان له أن يخرجها كالبدوية.
1884 - وتجبر الذمية في العدة من مسلم على العدة في بيتها ولا تنتقل منه،
ولا تنكح حتى تنقضي عدتها، وهي في كل شيء من أمرها في العدة والإحداد مثل
الحرة المسلمة تجبر على ذلك.
(2/435)
1885 - ولا تبيت معتدة من وفاة أو طلاق
بائن أو غير بائن إلا في بيتها، ولها التصرف نهارها والخروج سحراً قرب
الفجر، وترجع ما بينها وبين العشاء الآخرة، والمطلقة واحدة أو اثنتين لا
إذن لزوجها في خروجها عن بيتها، ولا يسافر بها حتى يراجعها، ولا تحج هي في
عدتها من وفاة أو طلاق، حجة الفريضة حتى تتم العدة.
1886 - وتبيت المعتدة في دارها حيث كانت تبيت قبل ذلك في مشتاها ومصيفها،
[ولو كان في الدار بيوت في إحداها متاعها وسكناها فلتعتد فيه، وتبيت في
بيتها هذا واسطوانها وساحة حجرتها حيث شاءت] ، وإن كان في الدار مقاصير فلا
تبيت إلا في مقصورتها.
وينتقل الزوج من بيتها في طلاق بائن أو غير بائن ولا يقيم معها في حجرة.
ولا بأس أن ينتقل إلى أحد بيوت الدار الجامعة، ولا يدخل عليها فيما فيه
الرجعة حتى يرتجع.
1887 - وإذا خرجت المرأة مع زوجها في زيارة، أو إلى الحصاد، أو السواحل
والرباط،
(2/436)
لإقامة الأشهر والرجوع أو لحاجة من قبض دين
ونحوه، ولا يريد انتقالاً، فمات زوجها في الطريق، فلترجع إلى بيتها تعتد
فيه بعدت أو قربت أو قد وصلت، ولا ترجع إذا بعدت إلا مع ثقة وإلا قعدت حتى
تجد ثقة.
وإن خرج بها على رفض سكنى موضعه اعتدت بموضع نقلها إليه.
وإن مات في الطريق وهي أقرب إلى الموضع الأول أو الثاني فلها المسير إلى
أيهما شاءت إن كان قريباً، وإن بعد فلا تمض إلا مع ثقة.
ولها المقام بموضع موته أو تعدل إلى حيث شاءت فتتم هناك عدتها، لأنه مات
ولا قرار لها، وهي كمعتدة أخرجها أهل الدار، وبمنزلة التي أخرج زوجها من
منزل بكراء فانتقلت على أهلها لتكتري سواه فمات ولم يكتر منزلاً، أو اكتراه
ولم يسكنه حتى مات فلتعتد حيث شاءت، وإذا مات زوجها في خروجها إلى الحج وقد
سارت اليومين والثلاثة وما قرب، وهي تجد ثقة ترجع معهم فلترجع، وترجع من
مثل ذي الحليفة عن المدينة، وردهن عمر (1) من البيداء.
_________
(1) رواه مالك في الموطأ (2/592) .
(2/437)
1888 - ولا يفسخ كراء كريهاً، ولتكر الإبل
من مثل ما اكترت، ولو بعدت كإفريقية من الأندلس أو المدينة من مصر، نفذت.
وأما إذا أحرمت فلتنفذ قربت أو بعدت، ثم إن رجعت في بقية العدة أتمتها في
بيتها، وكل من أمرتها بالرجوع إلى بيتها فكانت لا تصل حتى تنقضي العدة فلا
ترجع ولتقم بموضعها أو حيث شاءت، إلا أن يعلم في التقدير أنه يبقى من عدتها
بعد وصولها فلترجع، وكذلك في الطلاق البائن وغيره.
1889 - وكل مطلقة لها السكنى، وكل بائنة [بطلاق] أو بتات أو خلع أو مبارأة
أو لعان ومحوه، فلها السكنى ولا نفقة لها ولا كسوة إلا في الحمل البين،
فذلك لها ما أقامت حاملاً، خلا الملاعنة فإنها لا نفقة لها في حملها. (1)
_________
(1) انظر: كفاية الطالب (2/163) ، وشرح الزرقاني (3/270) ، والفواكه
الدواني (2/64، 65) ، والشرح الكبير (2/484) .
(2/438)
1890 - وكل طلاق فيه الرجعة فلها النفقة
والكسوة والسكنى حتى تنقضي العدة، كانت حاملاً أو غير حامل.
وكذلك امرأة المولي إذا فرق بينهما، لأن فرقة الإمام فيها غير بائن، وهما
يتوارثان ما لم تنقض العدة، ويجب السكنى في فسخ النكاح الفاسد أو ذات محرم
لقرابة أو رضاع كانت حاملاً أم لا، لأنه نكاح يلحق فيه الولد، وتعتد فيه
حيث كانت تسكن ولا نفقة عليه ولا كسوة إلا أن تكون حاملاً فذلك عليه.
وللكتابية الحرة على الزوج المسلم من السكنى والنفقة إذا طلقها ما للمسلمة.
1891 - ومن خلا بصغيرة يجامع مثلها في بيت أهلها ثم طلقها فقال: لم أطأ
فصدقته أو كذبته فالقول قوله في طرح السكنى، كما أقبله في نصف الصداق
وعليها العدة.
وحيث يجب جميع الصداق يجب السكنى إلا أنه [إن] لم يعلم له بها خلوة، فلا
عدة عليها في طلاق وإن ادعى المسيس.
1892 - وإن دخل بها وهي لا يجامع مثلها لصغر فلا عدة عليها ولا سكنى لها في
الطلاق، وليس لها إلا نصف الصداق. وعليها في الوفاة العدة ولها السكنى إن
كان ضمها إليه، والمنزل له أو نقد كراه وإن لم يكن نقلها فلتعتد عند أهلها.
وكذلك الكبيرة يموت زوجها قبل البناء وهي في مسكنها، فلتعتد فيه ولا سكنى
لها [عليه] إلا أن يكون اسكنها داراً له أو اكتراها ونقد الكراء،
(2/439)
فتكون أحق بذلك المسكن حتى تنقضي عدتها،
وإذا أعتقت الأمة تحت عبد فاختارت نفسها، أو لم تعتق فطلقها طلاقاً بائناً،
فإن كانت بوئت مع زوجها بيتاً فلها السكنى عليه ما دامت في عدتها، وإن لم
تبوأ معه [بيتاً] فلتعتد عند سيدها، وإن أخرجها سيدها فسكنت في موضع آخر
فلا شيء لها [على الزوج] إذا لم تكن تبيت عنده، ويجبر سيدها على ردّها حتى
تنقضي عدتها.
1893 - ولو أعتق العبد أو انهدم المسكن في العدة ولم تبوأ معه بيتاً فلا
سكنى [لها] عليه، وليس للأمة الحامل نفقة على الزوج إذا طلقها إذ الولد رق
لغيره كان الزوج حراً أو عبداً.
وكذلك حرة طلقها عبد وهي حامل فلا نفقة لها إلا أن يعتق العبد قبل وضعها،
فينفق على الحرة من يومئذ، وإن كانت أمة فلا إلا أن تعتق هي أيضاً بعد عتقه
فينفق عليها في حملها، لن الولد ولده، ولا نفقة لحامل في الوفاة. وللمتوفى
عنها زوجها السكنى في العدة إن كانت دار الميت، أو بكراء وقد نقده، وهي أحق
بسكنى دار الميت من غرمائه، وتباع ويشترط سكناها وهي أحق منهم بما نقد
كراه، وإن كانت الدار بكراء ولم ينقد الزوج الكراء وهو موسر فلا سكنى لها
في ماله، وتؤدي الكراء من مالها، ولا تخرج إلا أن يخرجها رب الدار أو يطلب
ما لا يشبه من الكراء، فإن
(2/440)
أخرجت أقامت بموضع تنتقل إليه لا تخرج منه،
وأما إن طلقها طلاقاً بائناً فلزمه السكنى ثم مات في العدة فقد وجب [لها]
السكنى في مال الزوج قبل الوفاة ديناً، ولا يسقطه موته بخلاف المتوفى عنها
زوجها ولم يطلقها، [وقد] روى ابن نافع عن مالك أنهما سواء، ولو طلقها وهي
في بيت بكراء فأفلس قبل انقضاء العدة فلرب الدار إخراجها، لأنه أحق بمسكنه،
وإن كانت المعتدة في مسكن بكراء فلم تطلب به الزوج إلا بعد العدة [فلها
الكراء، ولذلك] لو لم يفارقها فطلبته به بعد تمام السكنى فذلك لها إن كان
موسراً حين سكنت، وإن كان عديماً فلا شيء عليه.
(2/441)
ولا سكنى على معدم في عدة ولا نفقة حمل إلا
أن يوسر في حملها فتأخذه بنفقة ما بقي وكذلك السكنى.
وإن وضعت قبل يسره فلا نفقة لها في شيء من حملها، ولأم الولد السكنى في
الحيضة إن مات السيد أو أعتقها ولا نفقة لها، وكل شيء تحبس عليه فيه من عدة
أو استبراء فلها فيه السكنى. (1)
وإن كانت حاملاً حين أعتقها فلها النفقة مع الكسنى، [قال غيره: إن كانت
حاملاً في الوفاة فلها السكنى ولا نفقة لها] ، وللمرتدة الحامل النفقة
والسكنى ما دامت حاملاً، فإن لم تكن حاملاً لم تؤخر واستتببت بولا نفقة لها
في هذه الاستتابة، لأنها قد بانت منه] ، فإما أن ترجع إلى الإسلام أو تقتل،
ويكون ذلك طلقة بائنة ويكون لها السكنى.
والمعترض عن امرأته إذا فرق بينهما عند انقضاء الأجل فلها عليه السكنى في
عدتها، وكذلك إن كانا مجوسيين فأسلم الزوج ووقعت الفرقة بينهما وقد بنى بها
فلها السكنى.
_________
(1) انظر: التاج والإكليل (4/166) ، ومنح الجليل (4/355) .
(2/442)
وللمستحاضة السكنى في عدتها ولا ينقطع ما
وجب من السكنى لمطلقة أو لمتوفى عنها وبها ريبة حتى تزول الريبة.
1894 - ومن مات عن أمة أو باعها أو أعتقها فاستبراؤها حيضة، وإن كانت
مستبرأة قبل ذلك، إلا المعتقة المستبرأة فذلك يجيزها وتنكح وتحل للزوج
مكانها، كما لو زوجها السيد وهي في ملكه حل للزوج وطؤها مكانه ويجزيه
استبراء السيد.
ولا يجوز للسيد أن يزوجها حتى يستبرئها.
1895 - ولو أعتق أم ولده بعد الاستبراء أو مات عنها لم يجزها حتى تأتنف
حيضة بعد عتقها بخلاف الأمة. (1)
1896 - وإن اشترى مكاتب زوجته بعد البناء فلم يطأها حتى مات، أو عجز فرجعت
إلى السيد فعدتها حيضة، قاله مالك، ثم رجع فقال: أحب إلي أن تكون حيضتين،
وبهذا أخذ ابن القاسم أن السيد لا يطؤها إلا بعد حيضتين من يوم الشراء.
_________
(1) انظر: حاشية الدسوقي (2/495) .
(2/443)
ولو وطئها المكاتب بعد الشراء انفسخت العدة
وحلت بحيضة استبراء.
1897 - ولو مات المكاتب أو عجز بعد ما مضى لها عنده حيضتان من يوم الشراء
فصارت الأمة لسيده لم ينبغ للسيد أن يطأها حتى تحيض حيضة.
وإن كان المكاتب قد قال: لم أطأها بعدهما فإن هي خرجت حرة ولم يكن المكاتب
وطئها بعد الشراء نكحت مكانها ولا استبراء عليها، لأنها خرجت من ملك إلى
حرية.
1898 - ومن اشترى زوجته قبل البناء وطئها بملك يمينه ولا استبراء عليه.
وقد بقى رسم من آخر هذا الكتاب وهو مذكور في كتاب أمهات الأولاد.
* * *
(2/444)
|