التهذيب
في اختصار المدونة كتاب السلم الثالث
2439 - وإن أسلم إليك رجل مائة درهم في مائة إردب حنطة قيمتها مائتا درهم،
فأقالك في مرضه ثم مات، ولا مال له غيرها فإما أجاز الورثة وأخذوا منك رأس
المال، وإلا قطعوا لك بثلث ما عليك من الطعام، وإن حمل الثلث جميع الطعام
جازت الوصية، وإن كانت قيمة الطعام مائة درهم جازت الإقالة، لأنه ليس فيها
محاباة.
وبيع المريض وشراؤه جائز، إلا أن تكون فيه محاباة فيكون ذلك في ثلثه.
2440 - وإن أسلمت رقيقاً أو حيواناً أو نخلاً أو دوراً أو ثوباً في طعام ثم
أقلته بعد شهرين أو ثلاثة، وقد استُغِل واستُخدِم وسُكِن وحالت الأسواق،
فذلك جائز ما لم يتغير البدن بنقص أو نماء، وإن كانت أمة فولدت فذلك يفيت
الإقالة، والولد بمنزلة النماء في البدن، ولا تجوز الإقالة فيها نفسها،
ويحبس مشتريها ولدها لما يدخله من التفرقة. ولو كان عبداً فأذن له في
التجارة فلحقه دين فذلك عيب يمنع الإقالة، علمت به أم لا، وحوالة سوق رأس
المال في ذلك كله لا يمنع الإقالة، إلا أن يتغير في بدنه
(3/63)
بنقص أو نماء فيصير كأنه ليس بعين شيئه
فيكون أشبه بالبيع من الإقالة.
2441 - ومن أسلم عرضاً في طعام ثم تقايلا على أن زاد أحدهما الآخر شيئاً لم
يجز، ودخله بيع الطعام قبل قبضه، وإن أسلم عيناً في طعام فأقاله، وأخذ برأس
ماله عرضاً بعد الإقالة لم يجز، لأن ذلك بيع طعام قبل قبضه بعرض، وذكر
الإقالة لغو.
2442 - وإن ابتعت من رجل سلعة بعينها ونقدته ثمنها ثم أقلته وافترقتما قبل
أن تقبض رأس مالك، وأخرته به إلى سنة جاز، لأنه بيع حادث، والإقالة تجري
مجرى البيع فيما يحل ويحرم. [قال مالك:] وإن أسلمت إلى رجل في حنطة أو عرض
ثم أقلته، أو وليت ذلك رجلاً أو بعته إن كان مما يجوز لك بيعه، [لم يجز لك]
أن تؤخر بالثمن من وليته أو أقلته أو بعته، يوماً أو ساعة، بشرط أو بغير
شرط، لأنه دين في دين، ولا تفارقه حتى تقبض الثمن كالصرف، ولا يجوز أن
تقيله من الطعام وتفارقه قبل أن تقبض رأس المال، أو يعطيك به حميلاً أو
رهناً، أو يحيلك به على أحد، أو يؤخرك به يوماً أو ساعة، لأنه يصير ديناً
في دين، وبيع الطعام قبل قبضه، وإن أخرك به حتى طال ذلك انفسخت الإقالة
وبقي البيع بينكما على حاله، وإن نقدك قبل [أن] يفارقك فلا بأس به.
(3/64)
2443 - ومن أسلم في طعام وأخر النقد حتى
يحل الأجل لم يجز، وهو دين بدين.
2444 - ومن أسلم إلى رجل دراهم في طعام أو عرض أو في جميع الأشياء فأقاله
بعد الأجل أو قبله من بعض وأخذ بعضاً لم يجز، ودخله فضة نقداً بفضة وعرض
إلى أجل وبيع وسلف مع ما في الطعام من بيعه قبل قبضه.
2445 - وإن أسلمت إلى رجل ثوباً في حيوان موصوف فقطعه جاز أن تقيله من نصف
الحيوان، بنصف ثوبك مقطوعاً حل الأجل أم لا، إذا قبضت ذلك كان القطع قد
زاده أو نقصه، ولو أخذت ثوباً غير ثوبك من صنفه وزيادة معه لم يجز، ودخله
سلف بزيادة. وإن أخذت ثوبك بعينه وقد دخله عيب وزادك معه ثوباً من صنفه أو
من غير صنفه، أو حيواناً أو دنانير أو دراهم إقالةً من جميع الحيوان الذي
لك عليه، حل الأجل أم لا، إلا أن يزيدك شيئاً من صنف ما أسلمت فيه، فيجوز
ذلك بعد الأجل لا قبله، ولا بأس أن تأخذ منه ثوبك بعينه ببعض ما أسلمت فيه،
وتترك بقيته إلى أجله ولا تقدمه قبل الأجل ولا تؤخره، كما لو بعت عبداً
بمائة دينار إلى أجل، ثم أخذت العبد بعينه بخمسين مما لك عليه وتركت ما بقي
إلى أجل فلا بأس به، فقس جميع العروض على هذا.
2446 - وإن ابتعت عبدين في صفقة، كل واحد بعشرة دراهم، جاز أن يقيلك من
أحدهما على أن يبقى الآخر عليك بأحد عشر درهماً، لأنه لا بأس أن تبيع منه
أحدهما بدرهم أو أقل أو أكثر.
(3/65)
2447 - وإن أسلمت إلى رجل في كُر حنطة ثم
تقايلتما قبل الأجل أو بعده فأحالك بالثمن على رجل، وتفرقتما قبل أن تقبض
ما أحالك به، لم يجز، لأنه دين بدين، وإن قبضت الثمن من الذي أحالك عليه
قبل أن تفارق الذي أحالك فلا بأس به. ولو وكل البائع من يدفع إليك رأس مالك
وذهب، أو وكلت أنت من يقبض [ذلك] وذهبت، فإن قبض وكيلك منه أو قبضت أنت من
وكيله مكانكما قبل التفرق جاز، وإن تأخر القبض لم يجز، وإن كان رأس مالك
عرضاً لم يجز تأخيره، وهو مثل العين في هذا. (1)
2448 - ومن اشترى سلعة بنقد فلم يقبضها حتى أشرك فيها أو ولى، وقد نقد أو
لم ينقد، فلا بأس بذلك، ومن ابتاع طعاماً كيلاً بثمن إلى أجل فلم يكتله حتى
ولاه رجلاً أو أشركه فيه، فإن كان لا ينتقد الثمن إلا إلى أجل فجائز، وإن
تعجله قبل أجله لم يجز. ولو أشركه أو ولاه بعد أن اكتال الطعام وقبضه وشرط
تعجيل الثمن جاز، لأنه بيع مؤتنف، وإن لم يشترط النقد لم يكن له أخذه به
إلا إلى الأجل الذي ابتاع إليه. ولو اشترى الطعام بثمن نقداً فنقد ثمنه ثم
أشرك فيه، أو ولاه قبل أن يكتاله فلا بأس به إذا انتقد مثل ما نقد قبل
التفرق، وإن اشترط تأخير الثمن إلى أجل لم يجز، وما ابتعت من العروض
_________
(1) انظر: المدونة (9/79، 91، 93) .
(3/66)
والحيوان مضموناً إلى أجل، ثم بعت ذلك
وانتقدت ثمنه ثم فلس من ذلك في ذمته، فليس للمبتاع منك رجوع عليك وله اتباع
بائعك ومحاصة غرمائه.
2449 - وإن ابتعت سلعة بعينها فلم تقبضها حتى أشركت فيها رجلاً، ثم هلكت
السلعة قبل قبض المُشْرَك، أو ابتعت طعاماً [فاكتلته] ثم أشركت فيه رجلاً
فلم تقاسمه حتى ذهب الطعام، فضمان ذلك منكما وترجع عليه بنصف الثمن.
2450 - وإذا ابتاع رجلان عبداً فسألهما رجل أن يشركاه فيه ففعلا فالعبد
بينهم أثلاثاً. وكل ما اشتريت من جميع العروض والطعام فلا يجوز أن تشرك فيه
رجلاً قبل قبضك [له] أو بعد، على أن ينقد عنك، لأنه بيع وسلف.
2451 - وإن أسلمت إلى رجل في طعام ثم سألك أن توليه ذلك ففعلت، جاز ذلك إذا
نقدك، وتكون إقالة، وإنما التولية لغير البائع.
وإن ابتعت طعاماً فاكتلته ثم أشركت فيه رجلاً، أو وليته على تصديقك في كيله
جاز، وله أو عليه المتعارف من زيادة الكيل أو نقصانه، وإن كثر ذلك رجع عليك
بحصة النقصان من الثمن ورد كثير الزيادة، وإذا أشركته فيه فضمانه منكما وإن
لم تكتالاه.
2452 - وإن أسلمت في حنطة أو عروض، جاز أن تولي بعضها قبل [الأجل] ،
(3/67)
ربعها بربع الثمن، وتجوز الشركة والتولية
والإقالة في السلم في الطعام وجميع الأشياء إذا انتقدت. وإن اشتريت سلعة ثم
وليتها لرجل ولم تسمها له ولا ثمنها، أو سميت أحدهما، فإن كنت ألزمته إياها
لم يجز، لأنه مخاطرة وقمار، وإن كان على غير الإلزام جاز، وله الخيار إذا
رآها وعلم الثمن، وإن أعلمته أنه عبد فرضي به، ثم سميت له الثمن فلم يرض
فذلك له، وهذا من ناحية المعروف يلزم المُوَلّي ولا يلزم المُوَلَّى إلا
برضاه، [وأما] إن ابتعت منه عبداً في بيتك بمائة دينار ولم تصفه له ولا رآه
قبل ذلك فالبيع فاسد، ولا يكون المبتاع فيه بالخيار إذا نظره، لأن البيع
وقع على الإيجاب والمكايسة، ولو كنت جعلته فيه بالخيار إذا نظره، جاز وإن
كان على المكايسة.
2453 - ويجوز بيع زريعة الفجل الأبيض والسلق والكراث والجزر والخربز (1)
وشبهه، قبل قبضه، لأنه ليس بطعام، وإن أنبت طعاماً، فالنوى ينبت طعاماً،
وذلك جائز فيه، وأما زريعة الفجل الذي يخرج منه الزيت فلا [يصلح أن تبيعه
قبل أن تستوفيه، لأن هذا طعام، ألا ترى أن الزيت فيه؟] . (2)
_________
(1) الخربز بخاء معجمة فراء مهملة فباء موحدة فزاي معجمة المهناوي، صنف من
البطيخ معروف شبيه بالحنظل أملس مدور الرأس رقيق الجلد قاله البوني.
(2) انظر: حاشية الدسوقي (3/337) ، والمدونة (2/294) .
(3/68)
2454 - وكل طعام اشتريته بعينه أو مضموناً
على كيل أو وزن أو عدد مما يدخر أو لا يدخر، فلا يجو بيعكه من بائعك أو
غيره حتى تقبضه، إلا أن تقيل منه أو تشرك فيه أو توليه، وكذلك الإدام
والشراب والملح والفلفل والكزبرة والقرنباذ والشونيز والتابل، كله داخل في
حكم الطعام، ولا يباع قبل قبضه، ولا يصلح منه اثنان بواحد، إلا أن تختلف
الأنواع منه، إلا الماء فإنه يجوز بيعه قبل قبضه أو متفاضلاً يداً بيد، أو
بطعام إلى أجل.
وكل ما أكريت به أو صالحت به من دم عمد، أو خالعت به من طعام بعينه أو
مضمون على كيل أو وزن، فلا تبعه حتى تقبضه، إلا أن يكون الذي بعينه مصبراً،
فيجوز بيعه قبل قبضه، ويجوز بيع ما أقرضته من الطعام قبل قبضه.
2455 - وإن كاتبت عبدك بطعام موصوف إلى أجل، جاز أن تبيعه من المكاتب خاصة
(3/69)
قبل الأجل بعرض أو بعين وإن لم تتعجله، ولا
تبع ذلك الطعام من أجنبي حتى تقبضه، وإنما جاز ذلك من المكاتب لأن الكتابة
ليست بدين ثابت ولا يحاص بها، وكما يجوز بيع الكتابة من العبد نفسه بدين
إلى أجل، فلا تباع من أجنبي بدين مؤجل، وقد تباع خدمة المدير منه، ولا تباع
من غيره، فأما أم تبيع من المكاتب نجماً مما عليه من الطعام فلا يجوز، لأنه
يصير بيع الطعام قبل قبضه، وإنما يجوز أن تبيعه جميع ما عليه فيعتق بذلك.
قال سحنون: إنما يجوز إذا تعجل المكاتب عتق نفسه.
2457 - وكل ما أسلمت فيه من سائر العروض على عدد أو كيل أو وزن إلى أجل،
فجائز بيع ذلك قبل قبضه من غير بائعك، بمثل رأس مالك أو أقل أو أكثر نقداً،
أو بما شئت من الأثمان، إلا أن تبيعه بمثل صنفه فلا خير فيه، [قال في كتاب
الهبات: إن كانت منفعة المبتاع لم يجز، وإن كانت للبائع خاصة جاز] ، وجائز
أن تبيع ذلك السلم من بائعك بمثل الثمن فأقل منه نقداً، قبل الأجل أو بعده،
إذ لا يتهم أحد في أخذ قليل من كثير واتقاه عبد العزيز. وأما بأكثر من
الثمن
(3/70)
فلا يجوز بحال، حلّ الأجل أم لا، وإن كان
الذي لك عليه ثياباً فَرْقَبيّة جاز أن تبيعها منه قبل الأجل بما يجوز أن
تسلف فيها من ثياب القطن المروية والهروية والحيوان والطعام، إذا انتقدت
ذلك ولم تؤخره. ولا تأخذ منه قبل الأجل ثياباً فرقبية، إلا مثل ثيابك صفة
وعدداً، فأما أفضل من ثيابك رقاعاً أو أشرّ فلا خير فيه، اتفق العدد أو
اختلف، إلا أن يحل الأجل، فيجوز ذلك كله.
وما ابتعته بعينه من الطعام أو الشراب جزافاً، أو اشتريته من سائر العروض
بعينه، أو مضموناً على كيل أو وزن أو جزافاً من عطر أو زنبق أو مسك أو حديد
أو بز وشبهه، فلا بأس ببيعه قبل قبضه، من بائعك أو من غيره، وتحيله عليه
إلا أن يكون ذلك بين أهل العينة، فلا يجوز بأكثر مما ابتعت.
2458 - وأهل العينة أن يأتي رجل إلى رجل فيقول [له] : أسلفني، فيقول: لا
أفعل ولكن أشتري لك سلعة من السوق فأبيعها منك بكذا وكذا، ثم أبتاعها منك
بكذا وكذا، أو يشتري من رجل سلعة ثم يبيعها منه [إلى أجل] بأكثر مما
ابتاعها به.
(3/71)
2459 - وما ابتعت من الطعام بعينه، أو بغير
عينه كيلاً أو وزناً فلا تواعد فيه أحداً قبل قبضه، ولا تبع طعاماً تنوي أن
تقبضه من هذا الطعام الذي اشتريت.
وإن اشتريت طعاماً فاكتلته لنفسك، ورجل واقف على غير موعد، فلا بأس أن
تبيعه منه على كيلك، أو على تصديقك في الكيل إن لم يكن حاضراً، أو لم يكن
بينكما في ذلك موعد، فإن قبضه منك ثم ادعى نقصاً فالقول فيه مذكور في الجزء
الثاني من السلم.
2460 - وإن أسلمت إلى رجل في طعام فحل، فلا ينبغي أن توكل على قبضه منه
عبده أو مدبره أو أم ولده أو زوجته أو صغار بنيه، وهو كتوكيلك إياه فلا
تبعه بذلك القبض، ولك بيعه بقبض الكبير البائن من ولده.
وإن كان لك على رجل طعام من سلم، وله عليك طعام مثله، لم يجز أن تتقاصّا،
حلت الآجال أم لا، لأنه بيع الطعام قبل قبضه، وهو بمنزلة ما لو كان على
رجلين، فإن كان أحدهما من قرض والآخر سلم وأجلهما واحد والصفة والمقدار
متفق، فلا بأس أن يتقاصّا إن حل الأجلان، ولا يجوز إن لم يحلا، وهو بمنزلة
ما لو كان على رجلين، فيدخله دين بدين، وبيع الطعام قبل قبضه.
(3/72)
2461 - وإذا أَحَلْت على ثمن الطعام لك من
له عليك مثل ذلك الثمن، من بيع سلعة أو قرض، لم يجز للمحال به أن يأخذ فيه
من الطعام إلا ما جاز لك، وإن ابتعت طعاماً فلم تقبضه حتى أسلفته لرجل،
فقبضه المستسلف، فلا يعجبني أن تبيعه منه قبل أن تقبضه، وإن كان لك عليه
طعام من سلم، فلما حلّ أحالك به على رجل [له] عليه طعام مثله من قرض، فإن
حلّ أجل القرض وأجل السلم جاز، وإن لم يحل لم يجز.
2462 - وإذا ابتاع ذمي طعاماً من ذمي فأراد بيعه قبل قبضه لم أحب لمسلم أن
يبتاعه، ولا يجوز أن يحيلك من طعام لك عليه من سلم على طعام ابتاعه ليقضيكه
حتى تقبضه، لأنه بيع الطعام قبل قبضه، ولو كان هو قد قبضه جاز لك أن تأخذه
منه على كيله وتصديقه، وكذلك إن قبضه بمحضرك إلا أن تواعده فتقول له: اشتر
هذا الطعام وأنا آخذه منك فيما لي عليك، فلا خير فيه، ويدخله مع بيعه قبل
قبضه، بيع ما ليس عنده.
(3/73)
2463 - وإن ابتعت صبرة طعام جزافاً فهلكت
بعد العقد فهي منك، فإن هلكت بتعدي أحد أتبعته بقيمتها من الذهب أو الفضة،
كان بائعك أو غيره، ولو ابتعتها على الكيل كل قفيز بكذا فهلكت قبل الكيل
بأمر من الله، كانت من البائع وانتقض البيع، وإن هلكت بتعدي البائع أو
أفاتها ببيع، فعليه أن يأتي بمثلها تحرياً، يوفيكها على الكيل، ولا خيار لك
في أخذ ثمنك أو الطعام، ولو استهلكها أجنبي غرم مكيلتها إن عُرفت وقبضه على
ما اشتريت، وإن لم يعرف كيلها أغرمناه للبائع قيمتها عيناً، ثم ابتعنا
بالقيمة طعاماً مثله، ووافيناكه على الكيل، وليس ذلك ببيع الطعام قبل قبضه،
لأن التعدي على البائع وقع، وأما التعدي بعد الكيل فمنك.
2464 - ومن لك عليه طعام من سلم فلا تقل له: بعه وجئني بالثمن، وهو من
ناحية بيعه قبل قبضه مع ما يدخله من ذهب بأكثر منها، إن كان رأس المال
ذهباً، وإن كان ورقاً دخله ورق بذهب إلى اجل، وإن أعطاك بعد الأجل عيناً أو
عرضاً فقال لك: اشترِ به طعاماً وكله، ثم اقبض حقك منه لم يجز، لأنه بيع
الطعام قبل قبضه، إلا أن يكون رأس مالك ذهباً أو ورقاً فيعطيك مثله صفة
ووزناً فيجوز بمعنى الإقالة، وإن كان رأس مالك لا يساوي الطعام الذي لك
عليه، لأنك
(3/74)
لو هضمت عنه بعض الطعام وأخذت بعضه جاز،
وإن أعطاك أكثر من رأس مالك أو أقل لم يجز، لأنه خرج عن الإقالة وصار بيع
الطعام قبل قبضه، ولو كان سلمك في عروض جاز أن يعطيك مثل رأس مالك أو أقل،
وأما أكثر منه فلا يجوز [بحال] .
2465 - وإن ابتعت من رجل سلعة بدنانير أو دراهم إلى أجل على أن توفيه الثمن
بإفريقية فله إذا حلّ الأجل أن يأخذك بالثمن حيث ما وجدك، وأما إن أسلمت
إليه في سلعة لا حمل لها ولا مؤنة، مثل: اللؤلؤة وشبهها، [أو قليل المسك] ،
فليس لك أن تأخذه بذلك إلا في البلد الذي اشترطت فيه أخذه، لأن سعر ذلك
مختلف في البلدان بخلاف العين.
2466 - وإن أسلمت إلى رجل في طعام ببلد على أن تأخذه في بلد آخر مسافة
ثلاثة أيام، جاز ذلك لاختلاف سعرهما بخلاف البلد الواحد، وإن ابتعت منه
طعاماً بعينه بالإسكندرية على أن يحمله لك إلى الفسطاط، فإن كان على أن
يوفيكه
(3/75)
بالفسطاط لم يصلح، لأنه شراء شيء بعينه إلى
أجل، واشتراط ضمانه عليه، وإن كنت تقبضه بالإسكندرية ويحمله لك إلى الفسطاط
جاز، لأنه بيع وكراء في صفقة، وذلك جائز.
2467 - وإن أسلمت إليه في طعام إلى أجل على أن تقبضه بإفريقية جاز، وليس لك
أخذه بعد الأجل إلا في إفريقية، بخلاف أن تقرضه طعاماً ببلد على أن يوفيكه
ببلد آخر، هذا لا يجوز، لأنه رَبَح الحملان، فإن أبى الذي لك عليه الطعام
من سلم أن يخرج إلى إفريقية لما حلّ الأجل أو عند حلوله، جبر على الخروج،
أو يوكل من يوفيك الطعام بإفريقية، وليس له أن يوفيك الطعام في غير
إفريقية، وإن فات الأجل.
2468 - ولك منع غريمك من بعيد السفر الذي يحل دينك قبل قدومه، ولا يمنع من
قريبه الذي يؤوب منه قبل محل دينك.
2469 - وإن بعت من رجل مائة أردب سمراء بمائة دينار إلى أجل، فلما حلّ
الأجل
(3/76)
أخذت منه بالثمن مائة إردب سمراء جاز، وإن
أخذت به خمسين لم يجز، وأخاف أن يكون الخمسون ثمناً للمائة، أو تكون مائة
إردب سمراء بخمسين إردب [سمراء] إلى أجل، ولا تأخذ خمسين إردب سمراء مع نصف
الثمن، فيصير بيعاً وسلفاً، ولا تأخذ بالمائة الدنانير محمولة أو شعيراً،
حل الأجل [أم لا، كما لو بعت برنياً فلا تأخذ في ثمنه عجوة أو صيحانياً،
ويجوز أن تأخذ برنياً مثل كيله وصفته] .
2470 - وإن بعت ثوباً بمائة درهم إلى شهر، جاز أن تشتريه بعرض أو طعام
نقداً، كان ثمن العرض أقل من المائة أو أكثر، وإن اشتريته بعرض مؤجل إلى
مثل أجل المائة أو دونه أو أبعد منه، لم يجز، لأنه دين بدين.
[ومن] له على رجل مائة إردب سمراء إلى أجل، فلما حلّ أخذ منه خمسين محمولة
وحط [عنه] ما بقي، فإن كان بمعنى الصلح والتبايع لم يجز، وإن كان ذلك
اقتضاء [من خمسين] منها، ثم حطه بعد ذلك بغير شرط جاز، وكذلك في أخذه خمسين
سمراء من مائة محمولة وحطه ما بقي، ولو صالحه بعد الأجل من المائة السمراء
على مائة محمولة إلى شهرين لم يجز، إلا أن يقضيها يداً بيد، فيجوز.
2471 - ولا بأس بشراء التمر والرطب والبسر في رؤوس النخل بحنطة نقداً، إن
جذّ ما في
(3/77)
النخل وتقابضا قبل التفرق وإلا لم يجز. ولو
اشتراه بعين أو عرض مؤجل وتفرقا قبل أن يجذّ ما في [رؤوس] النخل جاز، لأن
الثمار إذا طابت حل بيعها بنقد أو دين، ولا يمنع صاحبها منها، وأكره لمن
يبيع الزيت والخل بالحنطة أن يكيلها، ثم يدخل حانوته لإخراج ذلك، ولكن يدع
الحنطة عند صاحبها، ثم يخرج ذلك فيأخذ ويعطي كالصرف، ولا خير في بيع حنطة
حاضرة، بتمر أو شعير غائب في دار صاحبك يبعث فيه، أو هما جميعاً غائبان،
وإن تقابضتما قبل التفرق، إلا أن يحضر ذلك كله فيجوز.
2472 - ولا يجوز تمر برطب أو ببسر أو بكبير البلح، ولا كبير البلح برطب أو
بسر، ولا بسر برطب على حال، لا مثلاً بمثل ولا متفاضلاً، ولا يجوز التمر
بالتمر، ولا الرطب بالرطب، ولا البسر بالبسر، ولا البلح الكبار بالبلح
الكبار، إلا مثلاً بمثل يداً بيد، ولا يجوز متفاضلاً. ويجوز التفاضل في
صغير البلح بكبيره، أو ببسر
(3/78)
أو برطب أو بتمر يداً بيد، واختلف قول مالك
في النوى بالتمر، وأجازه ابن القاسم يداً بيد، وإلى أجل، لأن النوى ليس
بطعام، وأجاز مالك النوى بالحنطة وغيرها [يداً بيد وإلى أجلٍ] ، ولم يختلف
قوله فيه.
2473 - ومجمل النهي عن اللحم بالحيوان إنما ذلك من صنف واحد، لموضع التفاضل
فيه والمزابنة، فذوات الأربع الأنعام والوحش كلها صنف واحد، لا يجوز
التفاضل في لحومها، ولا حي منها بمذبوح. والطير كلها صغيرها وكبيرها،
وحشيها وإنسيها، صنف واحد لا يجوز التفاضل في لحومها ولا حيّ منها بمذبوح.
ولحم الحوت كله صغيره وكبيره صنف واحد لا يجوز التفاضل فيه.
ويجوز لحم الطير بحي من الأنعام والوحش، أو لحم الأنعام والوحش والحوت
بالطير كلها، أحياءً نقداً أو إلى أجل، وما كان من الطير والأنعام والوحش
لا يحيا وشأنه الذبح فلا خير فيه بالحوت ولا بلحم من غير صنفه إلا يداً
بيد.
وكل شيء من اللحم يجوز فيه التفاضل، فجائز فيه الحي بالمذبوح.
2474 - ومن أراد ذبح عناق كريمة (1) أو حمام أو دجاج، فأبدلها رجل [منه]
بكبش
_________
(1) انظر: مواهب الجليل (4/362) ، والتمهيد (5/147) .
(3/79)
وهو يعلم أنه أراد ذبح ذلك فجائز، وأما
المدقوقة العنق أو الصلب أو الشارف وشبه ذلك مما يصير إلى الذبح ولا منفعة
فيه إلا اللحم، فلا أحب شيئاً منها، وإن عاش بطعام إلى أجل، ولا بلحم من
صنفه يداً بيد، [وخالفه أشهب وجعل له حكم الحي] .
2475 - وكذلك من اشترى شاة يريد ذبحها بطعام إلى أجل، فإن كانت حية صحيحة،
مثلها يقتنى وليست بشاة لحم جاز، وإن كانت شاة لحم فلا خير فيه إلى أجل.
(3/80)
2476 - ولا بأس بلحم الأنعام بالخيل وسائر
الدواب نقداً أو مؤجلاً، لأنها لا تؤكل لحومها، وأما بالهر والثعلب والضبع
فمكروه، لاختلاف الصحابة في أكلها، ومالك يكره أكلها من غير تحريم.
ولا بأس بالجراد بالطير، وليس هو بلحم، ويجوز واحد من الجراد باثنين من
الحوت يداً بيد.
2477 - ويجوز لبن حليب فيه زبدة بلبن مضروب قد أخرج زبده، أو بلبن اللقاح
أو بلبن الإبل ولا زبد فيه مثلاً بمثل، كما جاز دقيق بقمح، وللقمح ريع بعد
طحنه، ولا يجوز التفاضل في شيء من ذلك.
ولبن الإبل والبقر والغنم صنف لا يجوز التفاضل فيه، ويجوز مثلاً بمثل يداً
بيد، كلحومها.
2478 - ويجوز السمن بلبن أخرج زبده، فأما بلبن فيه زبد فلا يجوز. (1) ولا
بأس بشاة لبون بلبن، أو بزبد أو بسمن أو بجبن أو بحالوم، يداً بيد، ولا
ينبغي إلى أجل أيهما عجلت، وكذلك إن كان مع السمن أو الجبن عرض أو دراهم.
_________
(1) انظر: مواهب الجليل (4/358) ، والتاج والإكليل (4/359) .
(3/81)
ولا بأس بشاة لا لبن فيها بلبن أو سمن إلى
أجل، وأما شاة لبون بطعام إلى أجل فجائز، لأنه لا يخرج منها.
2479 - ويجوز شراء شاة عليها جزة صوف كاملة بجزة صوف. ولا بأس بكتان بثوب
كتان، أو صوف بثوب صوف، أو نحاس بتور نحاس، كل ذلك نقداً، ولا خير في فلوس
بنحاس، إلا أن يتباعد ما بينهما، وتكون الفلوس عدداً، وإن كانت جزافاً فلا
خير في شرائها بذلك، ولا بعين أو عرض، لأن ذلك مخاطرة وقمار.
2480 - ومن اشترى قصيلاً ليقصله، أو تبناً بشعير نقداً جاز، وكذلك القرظ
الأخضر واليابس بالبرسيم يداً بيد، والقصب بزريعته يداً بيد، ويجوز قصيل
نقداً في شعير مؤجل، ولا خير في شعير نقداً بقصيل إلى أجل، إلا إلى أجل لا
يصير الشعير
(3/82)
فيه قصيلاً، ويكون مضموناً بصفة فيجوز.
وإن بعت حب قصب أو غيره إلى أجل، فلا أحب أن تقبض في ثمنه شيئاً مما ينبت
ذلك الحب، وهذا إذا تأخر إلى أجل ينبت من ذلك الحب، وإن كان شراؤه نقداً أو
إلى أمد قريب لا ينبت من [ذلك] الحب قصب، جاز.
2481 - ولا خير في زيت زيتون بزيتون مما يخرج الزيت أم لا (1) ، ولا في
الجلجلان بزيته، ولا في العصير بالعنب، ولا في النبيذ بالتمر، ولا خير في
رُبّ القصب بالقصب الحلو، أورُبّ التمر بالتمر، إلا أن يدخل ذلك إبزار
فيصير صنعة تبيح التفاضل فيه. وصنعة رُبّ التمر أن يطبخ فيخرج رُبّه فهو
إذاً منعقد.
ولا يجوز خل التمر بخل العنب، إلا مثلاً بمثل، وكذلك نبيذهما، ولا يجوز
متفاضلاً لاتفاق المنافع في ذلك، بخلاف زيت الزيتون وزيت الفجل وزيت
الجلجلان لاختلاف نفعهما، وأما التمر أو العنب بخلهما فجائز، لطول أمد الخل
وللحاجة إليه.
_________
(1) انظر: التمهيد لابن عبد البر (14/214) .
(3/83)
ولا بأس بالسويق بالدقيق أو بالحنطة
متفاضلاً، وكذلك سويق السلت والشعير لا بأس به بالحنطة متفاضلاً، ولا بأس
بالخبز بالعجين أو بالدقيق أو بالحنطة متفاضلاً، وأما عجين بحنطة أو بدقيق
فلا خير فيه، لأن الصنعة لم تغيره. ويجوز القمح بدقيقه أو بدقيق شعير أو
سلت مثلاً بمثل، ولا يجوز التفاضل في أحدهم بدقيق الآخر.
ويجوز مقلوّ الحنطة بيابسها ومبلولها أو دقيقها متفاضلاً، وقد غمزه مالك
حتى يطحن المقلوّ.
2482 - وتجوز الحنطة المبلولة بالسويق متفاضلاً، ومقلو الأرز بيابسه
ومبلوله مثلاً بمثل ومتفاضلاً، ولا يجوز فريك الحنطة الرطبة بالحنطة
اليابسة ولا السمن بالزبد، ولا الحنطة المبلولة بالحنطة اليابسة أو
المبلولة، أو الشعير أو السلت متساوياً ولا متفاضلاً، ويجوز مبلول الأرز
بغيره من سائر القطاني والحبوب متفاضلاً يداً بيد.
ولا يجوز الأرز المبلول بالأرز المبلول أو اليابس، ويجوز مبلول حنطة أو
شعير أو سلت بجميع يابس القطاني، أو بأرز أو دخن أو سمسم ما خلا الحنطة
والشعير والسلت، متساوياً أو متفاضلاً، فأما مبلول من القطاني بيابس من صنف
منها آخر، فجائز على
(3/84)
أول قولي مالك فيها أنها أصناف مختلفة في
البيع، ويجوز فيها التفاضل، وبه أقول.
ولا يجوز ذلك في قوله الآخر الذي رجع إليه فجعلهما صنفاً واحداً، وكره
التفاضل فيها.
ولا يجوز مبلول العدس بيابسه ولا مبلوله كالحنطة، لأن البلل يختلف.
2483 - ولا خير في اللحم النيّ الغريض بقديد يابس أو مشوي، لا متساوياً
(3/85)
ولا متفاضلاً وإن تحرى، إذ لا يحاط بتحريه،
وإلى هذا رجع مالك، وهو أحب قوليه إليّ بعد أن كان أجازه.
2484 - ولا يجوز لحم طري بلحم مالح أو بممقور أو بمكسود، وهو لحم مالح، ولا
طري السمك بمالحها لا متساوياً ولا متفاضلاً، ولا يُتحرى، ولا خير في يابس
القديد بمشوي اللحم، وإن تحرى لاختلاف اليبس، ولا بأس بلحم مطبوخ بقديد
يبسته الشمس، أو بلحم غريض أو بمشوي على النار بلا صنعة متفاضلاً، فأما
المشوي في المقلي مع خل وزيت وتابل، وربما كانت له مرقة، فله حكم المطبوخ
فلا يباع بمطبوخ، ولا بأس به بالنيّ على كل حال، والمطبوخ كله صنف [واحد] ،
وإن اختلفت صفة طبخه كقليه بعسل وآخر بلبن أو خل، فلا يجوز فيه التفاضل،
ولا خير في الصّير بلحم الحيتان متفاضلاً، وصغار الحيتان بكبارها متفاضلاً.
ولا خير في شاة مذبوحة بشاة مذبوحة إلا مثلاً بمثل تحرياً إن قدر على
تحريهما في جلودهما قبل السلخ.
(3/86)
وما أُضيف إلى اللحم من شحم وكبد وكرش وقلب
ورئة وطحال وكلى وحلقوم وخصي وكراع ورأس وشبهه فله حكم اللحم فيما ذكرنا،
ولا يجوز ذلك باللحم ولا بعضه ببعض إلا مثلاً بمثل، ولا بأس بأكل الطحال.
ولا يجوز رأس برأسين إلا أن تكون رأس كبيرة تساوي في التحري أو الوزن
صغيرين فيجوز.
2485 - وكل طعام أو إدام يدخر فلا يجوز فيه التفاضل بصنفه إن كان يداً بيد،
إلا ما لا يدخر من ذلك من رطب الفواكه، كالتفاح والرمان والموز والخوخ
ونحوه وإن ادخر، وكذلك جميع الخضر والبقول فلا بأس بصنف من ذلك كله بصنفه
أو بخلافه يداً بيد متفاضلاً. وأما ما لا يؤكل ولا يشرب فلا بأس بواحد منه
باثنين من صنفه يداً بيد، ما خلا الذهب بالذهب والفضة بالفضة فلا يجوز ذلك
إلا مثلاً بمثل يداً بيد، والفلوس بالفلوس عدداً مثلاً بمثل، ولا يجوز
السكر بالسكر متفاضلاً،
(3/87)
ولا صبرة حنطة بصبرة شعير إلا كيلاً مثلاً
بمثل، ولا إردب حنطة وإردب شعير بمثلهما، [ولا] مد حنطة ومد دقيق بمثلهما،
كانت الحنطتان بيضاء أو إحداهما سمراء والأخرى بيضاء، وهو ذريعة إلى أن
يأخذ فضل شعيره في حنطة صاحبه، ويأخذ صاحبه فضل حنطته في شعير صاحبه [وهو]
على الانفراد جائز، وكذلك لا يجوز مدان من طعام مدخر بمد من صنفه ودراهم أو
عرض، وذلك كالذهب بالذهب، والفضة بالفضة، لا ينبغي أن يكون معهما أو مع
أحدهما عرض أو خلافه، من ذهب أو فضة، وكذلك ما يدخر من الطعام ولا يصلح فيه
التفاضل، فإنه يجري مجرى الذهب بالذهب فيما ذكرنا.
2486 - ولا تصلح الفلوس بالفلوس جزافاً ولا وزناً ولا كيلاً مثلاً بمثل
يداً بيد، ولا إلى أجل، ولا تجوز إلا عدداً فلساً بفلس يداً بيد، ولا يصلح
فلس بفلسين يداً بيد ولا إلى جل، والفلوس في العدد بمنزلة الدنانير
والدراهم في الوزن، وإنما كره ذلك مالك في الفلوس ولم يحرمه كتحريم
الدنانير والدراهم. (1)
_________
(1) انظر: المدونة الكبرى (9/115) .
(3/88)
ولا خير في بيع رطل فلوس برطلي نحاس يداً
بيد، لأن الفلوس لا تباع إلا عدداً، وبيعها وزناً أو كيلاً أو جزافاً بعين
أو عرض من المخاطرة والقمار.
2487 - وكل شيء يجوز واحد باثنين من صنفه إذا كايله أو راطله أو عادّه فلا
يجوز الجزاف [فيه] بينهما، لا منهما ولا من أحدهما، ولا أن يكون أحدهما
كيلاً، ولا وزناً ولا عدداً، والآخر جزافاً إلا أن يعطي أحدهما أكثر مما
يأخذ بشيء كثير فلا باس به، وإن تقارب ما بينهما لم يجز، وكان من المزابنة
وإن كان تراباً.
2488 - ولا بأس ببيع الحديد بالحديد والنحاس بالنحاس والرصاص بالرصاص
متفاضلاً يداً بيد. وإن بعت من رجل رطل حديد بعينه في بيتك برطلين من حديد
بعينه في بيته، ثم افترقتما قبل قبضه ووزنه جاز ذلك، ولكل واحد منكما قبض
ما ابتاع، ولا يكون ذلك ديناً بدين، لأنه بعينه، فإن تلف الحديدان أو
أحدهما قبل الوزن انتقض البيع، ولا شيء لأحدكما على صاحبه، ولو قبض أحدكما
من الحديد شيئاً [من صاحبه] ردّه.
* * *
(3/89)
|