التهذيب في اختصار المدونة

 (كتاب بيوع الآجال)
2563 - ومن باع ثوباً [بثمن] إلى أجل، جاز أن يشتريه قبل الأجل بمثل الثمن فأكثر نقداً، أو إلى أجل دون أجله، ولا يجوز بدون الثمن نقداً، أو إلى أجل دون أجله، ولا بأس به بالثمن فأقل منه إلى أبعد من أجله، فأما بأكثر منه فلا يجوز إلا على المقاصة عند الأجل، فإذا نقده صارت ذهباً في أكثر منها إلى أجل، وأما إلى الأجل نفسه فجائز بالثمن، أو أقل منه أو أكثر، وإن بعت ثوباً بعشرة دراهم محمدية إلى شهر فلا تبتعه بعشرة يزيدية إلى ذلك الشهر، وإن بعت عبدين بعشرة [دنانير] إلى شهر، فلا تبع أحدهما بتسعة نقداً ولا بدينار نقداً

(3/135)


فيصير بيعاً وسلفاً، ولو كان قصاصاً جاز، ويجوز بعشرة نقداً.
2564 - وإن بعت ثوباً بعشرة دراهم إلى شهر، فاشتريته قبل الأجل بخمسة دراهم وبثوب نقداً من نوعه أو من غير نوعه لم يجز، لأنه بيع وسلف، ولو كانت الخمسة مقاصة عند الأجل جاز، وإن بعت ثوبين بعشرة إلى أجل لم يجز أن تبتاع منه أحدهما بخمسة، وبثوب نقداً، لأنه بيع وسلف وفضة وسلعة نقداً بفضة مؤجلة.
2565 - وإن بعت ثوباً بعشرة محمدية إلى شهر، فابتعته بخمسة يزيدية إلى شهر وبثوب نقداً لم يجز، لأن ثوبك الراجع لغو، وكأنك بعت الثاني بخمسة على أن يبدل لك عند الأجل خمسة بخمسة من سكة أخرى، ولا تبتعه بثوب أو بثوبين من صنفه [إلى] دون الأجل أو إلى أبعد منه، لأنه دين بدين والثوب الأول لغو.
وإن بعته بثلاثين درهماً إلى شهر فلا تبتعه بدينار نقداً فيصير صرفاً مؤخراً، ولو ابتعته بعشرين ديناراً نقداً جاز، لبعدكما من التهمة، وإن بعت بأربعين درهماً إلى شهر، جاز أن تبتاعه بثلاثة دنانير نقداً لبيان فضلهما، ولا يعجبني بدينارين وإن

(3/136)


تساويا في الصرف، ولا تبتعه بثوب ودينار نقداً، لأنه عرض وذهب بفضة مؤخرة. ولا يعجبني أن تبتاعه بعرض وفلوس [نقداً] .
2566 - وإن بعت من رجل مائة أردب محمولة بمائة دينار إلى أجل، ثم ابتعت منه قبل الأجل مائتي أردب محمولة كصفتها بمائة دينار نقداً لم يجز، لأنه رد إليك طعامك وزادك مائة أردب على أن أسلفته مائة دينار. ولا تشتر منه من صنف طعامك ككيله فأقل [بأقل] من الثمن نقداً، وإن كان مثل المكيلة بمثل الثمن فأكثر نقداً فجائز، وكذلك كل مكيل وموزون في هذا، وأما إن بعت منه ثوباً فرقبياً بدينارين إلى أجل فلا بأس أن تشتري منه قبل الأجل [ثوباً] من صنفه في

(3/137)


[صفته] وجنسه بأقل من الثمن أو أكثر نقداً أو إلى أجل، وليس كرجوع ثوبك إليك، وإنما على مستهلك الثوب قيمته بخلاف ما يكال ويوزن.
2567 - وإن بعت منه عبدين أو ثوبين [بثمن] إلى أجل، جاز أن تقيله من أحدهما وإن غاب عليهما ما لم تعجل ثمن الآخر قبل أجله، أو تؤخره إلى أبعد من أجله، وإن كان طعاماً لم يجز أن تقيله من بعضه إذا غاب عليه حل الأجل أم لا، وإن لم يغب عليه أو غاب [عليه] بمحضر بينة جاز ذلك، ما لم ينقدك الآن ثمن باقيه، أو يعجله لك قبل محله فيصير قد عجل لك ديناً على أن ابتعت منه بيعاً، ويدخله طعام وذهب نقداً بذهب مؤجلة.
2568 - وإن أسلمت إليه فرساً في عشرة أثواب إلى أجل، فأعطاك منها خمسة قبل

(3/138)


الأجل مع الفرس أو مع سلعة سواه على أن أبرأته من قيمة الثياب لم يجز، لأنه بيع وسلف ووضيعة على تعجيل حق، فوجه البيع والسلف أن الذي عليه الحق عجل لك الخمسة الأثواب سلفاً منه، يقبضها من نفسه إذا حلّ الأجل والفرس أو السلعة بيع بالخمسة الباقية، وأما ضع وتعجل فأن تكون السلعة المعجلة أو الفرس لا تسوى الخمسة الباقية ليجيز الوضيعة، ويدخله تعجل حقك وأزيدك دخولاً ضعيفاً.
ولو كانت قيمة السلعة المعجلة أضعاف قيمة الثياب المؤخرة لم يجز أيضاً، إذ لو أسلم ثوباً وسلعة أكثر ثمناً منه في ثوبين من صنفه لم يجز.
قال ربيعة: وما لا يجوز أن يسلم بعضه في بعض فلا تأخذه قضاء منه، مثل: أن تبيع تمراً فلا تأخذ في ثمنه قمحاً.

(3/139)


2569 - قال ربيعة: وإن بعت حماراً بعشرة دنانير إلى أجل، ثم أقلته على أن عجل [لك] ديناراً، أو بعته بنقد فأقلته على أن زادك ديناراً أخرته عليه، لم يجز.
2570 - وإن بعت سلعة بثمن إلى أجل، لم يجز أن يشتريها عبدك المأذون له بأقل من الثمن نقداً [إن اتجر بمالك، وإن اتجر بمال نفسه فجائز، ولا يعجبني أن تبتاعها لابنك الصغير بأقل من الثمن نقداً] ، وإن وكلك رجل على شرائها له بأقل من الثمن لم يعجبني ذلك، ولا تبعها أنت لمشتريها منك يسألك ذلك لجهله بالبيع، إلا بمثل ما يجوز لك شراؤها به.

(3/140)


2571 - وإن باع عبدك سلعة بثمن إلى أجل لم يعجبني أن يبتاعها بأقل منه نقداً إن كان العبد يتجر لك.
2572 - ولا بأس أن تبيع عبدك بعشرة [دنانير] من رجل، على أن يبيعك الرجل عبده بعشرة دنانير أو بعشرين ديناراً سكة واحدة [ولا يدخله بيع وسلف ولا سلعة وذهب بذهب] ، لأن المالين مقاصة.
وأما إن اشترطا إخراج المالين، أو أضمرا إضماراً يكون كالشرط عندهما لم يجز، ثم إن أراد بعد الشرط أن يدعا التناقد لم يجز، لوقوع البيع فاسداً، وإذ هما قادران بالشرط على فعل فاسد.

(3/141)


2573 - وإن بعته سلعة بعشرة دنانير [إلى شهر] على أن تأخذ بها عند الشهر مائة درهم أو حماراً أو ثوباً موصوفاً فجائز، وإنما يقع البيع على ما يقبض، واللفظ الأول لغو.
2574 - ومن له على رجل دين إلى أجل فلما حلّ [الأجل] أخذ ببعضه سلعة على أن أخره ببقية الثمن لم يجز، لأنه بيع وسلف، وإن أخذ ببعض الثمن سلعة وأرجأ عليه بقيته حالاً جاز ذلك.
2575 - ومن لك عليه دين حال أو إلى أجل، فلا تكتر [به] منه داره سنة، أو أرضه التي رويت أو عبده شهراً، أو تستعمله هو به عملاً يتأخر، ولا تبتاع به منه ثمرة حاضرة في رؤوس النخل قد أزهت أو أرطبت، أو زرعاً قد أفرك، لاستئخارهما، ولو اسْتُجذّت الثمرة واستُحصد الزرع ولا تأخير لهما جاز، ولا يبتاع به منه سلعة

(3/142)


بخيار أو أمة بتواضع، أو سلعة غائبة على صفة أو داراً غائبة على صفة، ولو بعت دينك من [غير] غريمك بما ذكرنا جاز، وليس كغريمك، لأنك انتفعت بتأخيره في ثمن ما فسخته فيه عليه بخلاف الأجنبي، مع أنه لا يجوز في خيار أو مواضعة أو شراء شيء غائب تعجيل النقد بشرط.
2576 - ومن لك عليه مائة أردب حنطة إلى أجل من بيع أو قرض، فوضعت عنه قبل الأجل خمسين على أن يعجل لك خمسين لم يصلح، لأنه ضع وتعجل.
2577 - وإن بعت عبدك بعروض مضمونة إلى أجل، فلما حل الأجل أخذت بذلك المضمون عبدين من صنف عبدك، لم يجز.
ولا تأخذ من ثمن عبدك إلا ما يجوز لك أن تسلم عبدك فيه.
2578 - وإن أسلمت إلى رجل في محمولة إلى أجل فلقيته قبل الأجل فقلت له: أحسن إليّ واجعلها لي في سمراء إلى أجلها، ففعل لم يجز، [لأنه فسخ محمولة في سمراء إلى

(3/143)


أجل] ، [فصار ذلك ديناً بدين] ، ولو حلّ الأجل جاز ذلك، أخذ سمراء من محمولة أو محمولة من سمراء، لأنه بدل.
2579 - ولا يجوز أن تبيع من رجل بيعاً على أن تسلفه أو يسلفك، فإن نزل فُسِخ، إلا أن يسقط مشترط السلف شرطه قبل فوات السلعة بيد المبتاع فيتم البيع، قال مالك: وهذا مخالف لبعض البيوع الفاسدة وإن لم يعلم بفساد البيع حتى فاتت السلعة بتغير سوق أو بدن، وكان السلف من البائع فله الأقل من الثمن أو من القيمة يوم القبض ويرد السلف، وإن كان السلف من المبتاع فعليه الأكثر منهما ما بلغ.
2580 - ومن ابتاع سلعة على أن البائع متى ما ردّ الثمن فالسلعة له لم يجز ذلك، لأنه سلف جرّ منفعة، وقرضك ثوباً في مثله، كسلمك ثوباً في مثله، فإن كان النفع للآخذ ولم تغتز أنت نفعاً فذلك جائز، وإن أردت به نفع نفسك وعلم بذلك

(3/144)


صاحبك، أو لم يعلم بذلك لم يجز. وكذلك لو أقرضته عيناً أردت كونه في ذمته إلى أجل لما كرهت من بقائه في بيتك، وكذلك في قرض جميع الأشياء، فإن نزل ذلك وعلم أنك اغتزيت به نفع نفسك، فلك تعجيل حقك [إن كان ما اغتزيت من النفع بنفسك ظاهراً] ، وإن لم يكن غير دعواك لم يكن لك تعجيله، وقد خرجت، والبيع الفاسد بثمن إلى أجل إذا فات عُجلت فيه القيمة وفسخ الأجل.
2581 - وكل ما أقرضته من طعام أو عرض أو حيوان أو غيره ببلد، على أن يوفيكه ببلد آخر لم يجز وإن ضربت أجلاً، بخلاف البيع، قال عمر: فأين الحِمال؟.
وأما إن أقرضته عيناً فلا حمال فيها، إذ لك أخذه بها حيث ما لقيته بعد الأجل، فإذا اشترطت أخذها ببلد آخر، فإنما يجوز ذلك إذا فعلته

(3/145)


رفقاً بصاحبك، لا تغتزي أنت به نفع نفسك من ضمان طريق غيره كما تفعل في السفاتج إذا ضربت أجلاً يبلغ البلد في مثله، وإن لم يخرج فلك أخذه بعد الأجل حيثما وجدته. (1)
ولا يعجبني إن لم يضربا مع ذكر البلد أجلاً، ولا يجوز للحاج قرض كعك أو سويق على أن يوفيه ببلد آخر، وليسلفه ولا يشترط. قال ابن عمر: "لا يشترط إلا القضاء".
ومن له إلى جانبك زرع فاستقرضته منه على أن تقضيه من زرع لك ببلد آخر، لم يجز.
_________
(1) انظر: التاج والإكليل (4/548) ، ومواهب الجليل (5/357) ، والكافي (1/359) ، والقوانين الفقهية (ص190) ، وأنيس الفقهاء (ص225) ، والتعريفات (ص157) ، والسفاتج: القرض.

(3/146)


2582 - وإن أقرضك فداناً من زرع مستحصد تحصده أنت وتدرسه لحاجتك وترد عليه مثل كيل ما فيه، فإن فعل ذلك رفقاً ونفعاً لك دونه، جاز إذا ليس فيما كفيته منه كبير مؤنة، لقلته في كثرة زرعه، ولو اغتزى بذلك نفع نفسه بكفايتك إياه ذلك، لم يجز.
2583 - ولا تقرض لرجل طعاماً على تصديقك في كيله، فإن كنت أنت قد استقرضته أيضاً فكأنه أخذه ليضمن نقصه. ولو حضر كيله حين قبضته جاز قبضه لذلك قبل غيبتك عليه.
ولو استقرضته [له] وأمرته بقبضه جاز ذلك، وكان ديناً لربه عليك وديناً لك أنت على قابضه. ولا بأس ببيع ما استقرضت على تصديق كيلك بثمن نقداً، ولا ينبغي إلى أجل، وفارق القرض أن للمبتاع ما وجد من المتعارف من زيادة الكيل أو نقصه فله وعليه، ويرد كثير الزيادة ويرجع بحصة كثير النقص من الثمن، والقرض يصير للتسمية ضامناً إلا أن يقول له: كِلْه وأنت مصدق، فيجوز، ويصدق فيما يذكره.

(3/147)


2584 - وإن أقرضت رجلاً طعاماً إلى أجل فلا بأس أن تبيعه منه أو من غيره قبل الأجل بكل شيء نقداً، عدا سائر الطعام والشراب والإدام كله، [لأنه بيع الطعام بالطعام إلى أجل] ، ولا بأس أن تبيعه من الذي هو عليه إذا حلّ الأجل بما شئت من الأثمان أو بطعام أكثر من كيل طعامك نقداً، أو بصيرة تمر أو زبيب، غلا أن يكون ذلك من صنف طعامك فلا تأخذ أكثر كيلاً [منه] .
2585 - وإن أقرضته حنطة فلا تأخذ منه إذا حلّ الأجل دقيقاً ولا شعيراً ولا سُلتاً إلا مثلاً بمثل، فأما قبل الأجل فلا تأخذ منه إلا مثل حنطتك صفة وكيلاً، ولا تأخذ منه شعيراً ولا سلتاً ولا دقيقاً ولا شيئاً من الطعام قبل الأجل، ويدخل ذلك: ضع وتعجل، وبيع الطعام بالطعام إلى أجل. (1)
2586 - وإن بعته طعاماً لك عليه حالاً من قرض بدنانير، لم يجز أن تفارقه حتى تنتقد، إلا مثل أن تذهب معه إلى السوق أو يأتيك بها من البيت، فأما أن [تصير] تطلبه بها فلا يجوز، لأنه فسخ دين في دين.
_________
(1) انظر: المدونة الكبرى (9/128) ، والتاج والإكليل (4/367) .

(3/148)


2587 - ولا بأس أن تأخذ من دين لك قد حلّ، ورقاً من ذهب، أو ذهباً من ورق، أو ما شئت من السلع نقداً.
ومن لك عليه ألف درهم حالّة فاشتريت منه بها سلعة بعينها حاضرة، فلا تفارقه حتى تقبضها، فإن دخلت [بيتك] قبل أن تقبضها فالبيع جائز، وتقبضها إذا خرجت، وإن أخذت منه بدينك طعاماً فكثر كيله فذهبت بعد وجوب البيع لتأتي بدواب تحمله، أو تكري له منزلاً أو سفناً وذلك يتأخر اليوم واليومين، أو شرعت في كيله فغابت الشمس وقد بقي من كيله شيء فتأخر إلى الغد، فلا بأس به، وليس هذا دين في دين، وأراه خفيفاً، لأنهما في عمل القبض، وإن أخذت منه بدينك ما لا مؤنة فيه من قليل الطعام والفواكه، في كيل أو وزن أو عدد، لم يجز تأخيره، إلا ما كان يجوز ذلك في مثله أن تأتي بحمال يحمله أو مكتل يجعله فيه، فعلى هذا فاحمل أمر الطعام.
2588 - والقرض في الخشب والبقول والرياحين وفي كل شيء جائز إذا كان معروفاً، إلا الجواري وتراب الفضة.

(3/149)


2589 - ولا ينبغي لك قبول هدية من ديانك، إلا من تعودت ذلك منه قبل أن تداينه وتعلم أن هديته إليك ليس لأجل دينك، فلا بأس بذلك.
قال عطاء: وإن قارضت رجلاً مالاً أو أسلفته إياه فلا تقبل منه هدية، إلا أن يكون من خاصة أهلك لا يهدي لك لما تظن، فخذ منه. (1)
2590 - ومن أقرضته خبز الفرن فلا تشترط عليه خبز تنور أو ملة، ويجوز قضاؤكه بغير شرط تحرياً، وكذلك سمراء من محمولة أو ديناراً دمشقياً من كوفي بهذا المعنى.
2591 - ومن له عليك طعام من سلم فأحلته على طعام لك من قرض، أو كان الذي له عليك من قرض فأحلته على طعام لك من بيع أو قرض قد حلّ، أو دفعت إليه دراهم يبتاع بها طعاماً يقبضه من حقه، فذلك كله جائز.
2592 - وإن كان لك عليه طعام من قرض وله عليك طعام من قرض ككيله وصفته حالّين أو مؤجلين، جاز أن تتقاصا، اتفق الأجلان أو اختلفا، ولم يحلا
_________
(1) انظر: التاج والإكليل (4/546) .

(3/150)


[أو حلا] ، أو حلّ أحدهما، إلا أن يكون الذي له عليك سمراء والذي لك [عليه] محمولة، فتجوز المقاصة إن حلا، لأنه بدل، وأما إن لم يحلا أو لم يحل إلا أحدهما لم يجز، إذ لا يجوز قضاء سمراء من بيضاء ولا بيضاء من سمراء قبل الأجل من بيع أو قرض.
وإن كان لك عليه طعام من سلم وله عليك مثله من سلم لم يجز أن تتقاصا، حلت الآجال أو لم تحل. وإن كان أحدهما من قرض والآخر من سلم، فإن حلا والصفة والمقدار متفقان جازت المقاصة، وإن لم يحلا أو لم يحل إلا أحدهما لم يجز، كان الحل منهما سلماً أو قرضاً، وإن كان لك عليه دين وله عليك مثله صفة ومقداراً، وهما ذهب جميعاً أو ورق أو عرض، فلا بأس أن تتقاصا في ذلك كله، كانا من بيع أو قرض، اختلفت الآجال أو اتفقت، وقد حلاّ أو لم يحلاّ أو حلّ أحدهما، وإن كان لك عليه ذهب وله عليك ورق جازت المقاصة إن حلا، ولا يجوز بحلول أحدهما، ولا إن لم يحلاّ وإن اتفق الأجلان، لأنه صرف مؤخر.
وإن كان لك عليه عرض وله عليك عرض وهما مختلفا الجنس والصفة، فإن كان أجلهما مختلفاً لم يجز أن يتقاصّا حتى يحلاّ أو يحلّ أحدهما، ولو اتفق أجلاهما ولم يحلاّ

(3/151)


جاز التقاصص فيهما قبل محلهما، ولو اتفقا في الصفة والجنس والقدر جازت المقاصة فيهما وإن اختلفت آجالهما، وليس كمن ابتاع عرضاً مؤجلاً في ذمة رجل بعرض مؤجل في ذمته، لأن الذمتين مشغولتان وفي المقاصة تبرآن.
وحكم أجناس التمر و [أجناس] الزبيب وسائر الحبوب في المقاصة على ما ذكرنا في الحنطة في القرض والسلم.
ومن لك عليه إردب حنطة من قرض إلى أجل بحميل وأقرضك مثله إلى أبعد من أجله بغير حميل فلا بأس أن يتقاصا. ومن له عليك طعام من سلم قد حلّ فلا باس أن تحيله على طعام استقرضته، ويكون بكيلٍ واحدٍ قرضاً عليك وأداءً من سلم.
* * *
تم كتاب بيوع الآجال بحمد الله وعونه سبحانه
* * *

(3/152)