التهذيب
في اختصار المدونة (كتاب
العرايا)
2727 - والعرايا في النخل وفي جميع الثمار كلها مما ييبس ويدخر، مثل العنب
والتين والجوز واللوز وشبهه، يهب ثمرها صاحبها لرجل فأرخص لمعريها أن يشتري
الثمرة إذا أزهت، وحل بيعها، لا قبل ذلك، بخرصها يابسة إلى الجذاذ إن كانت
(3/239)
خمسة أوسق فأقل، فإن كانت أكثر من خمسة
أوسق لم يجز بيعها بتمر نقداً، ولا إلى الجذاذ ولا بطعام يخالفها إلى أجل،
ويجوز له ولغيره شراء ما أزهى، وإن زاد على خمسة أوسق بعين أو عرض نقداً أو
إلى أجل أو بطعام يخالفها نقداً، ويتعجل جذاذها، فإن تفرقا في الطعام قبل
القبض والجذاذ لم يجز.
2728 - وأرخص النبي ÷ في بيع العرايا بخرصها تمراً ما دون خمسة أوسق أو
خمسة، - شكّ من حدّث مالكاً - وإنما يؤخذ تمراً عند الجذاذ.
وتجوز عرية النخل والشجر قبل أن يكون فيها ثمر، أو يعري الرجل تمر نخلتين
أو ثلاثاً بأكلها عاماً أو عامين، أو حياته، ولا يشتريها معريها حتى تزهى.
2729 - وإذا باع المعري حائطه أو أصله دون ثمرته، أو ثمرته دون أصله، أو
الثمرة من رجل والأصل من آخر، جاز لمالك الثمرة شراء العرية الأولى بخرصها،
ولو باع المعري عريته بعد الزهو بما يجوز له، أو وهبها، جاز لمعريها شراؤها
بالخرص ممن صارت له، كمن أسكنته داراً حياته فوهب سكناه لغيره، كان لك أنت
شراء
(3/240)
السكنى من الموهوب [له] كما كان لك شراؤه
من الذي وهبته [له] .
ولا يجوز لمن أسكنته حياته أن يبيع سكناه من غيرك، لأنه خطر، وله أن يهبه.
2730 - قال مالك: وإذا ملك رجل أصل نخلة في حائطك فلك شراء ثمرتها منه
بالخرص، كالعرية إذا [أزهت] ، وأردت بذلك رفقه بكفايتك إياه مؤنتها، وإن
كان لدفع ضرر دخوله فلا يعجبني، [وأراه من بيع التمر بالرطب] لأنه لم يعره
شيئاً.
2731 - وأما العرية فيجوز شراؤها بالخرص لمعريها لوجهين، إما لدفع ضرر
دخوله وخروجه، أو لرفق في الكفاية. (1)
_________
(1) انظر: حاشية الدسوقي (3/181) ، والتاج والإكليل (4/502) .
(3/241)
وقال بعض كبار أصحاب مالك: لا يجوز للمعري
شراء ما أعرى إلا لدفع ضرر، وكذلك يجوز له شراء ثمرة نخلة أصلها لغيره في
حائطه، قال: وليس بقياس، ولكنه موضع تخفيف.
2732 - قال مالك - رحمه الله -: ولمعري خمسة أوسق شراء بعضها بالخرص.
وإن أعرى أكثر من خمسة أوسق فله شراء خمسة [أوسق] ٍ، وقد يجوز لمن أسكن
رجلاً حياته شراء بعض السكنى.
ومن مات من مُعْرٍ أو مُعْرى جاز لوارثه ما جاز له، وقال بعض كبار أصحاب
مالك: إذا أعرى خمسة أوسق فأدنى، فلا يجوز أن يشتري بعض عريته، لأن الضرر
[الذي أرخص به] قائم بعد.
(3/242)
2733 - قال ابن القاسم: ومن أعرى جميع
حائطه وهو خمسة أوسق أو أدنى جاز له شراء جميعه أو بعضه بالخرص.
وتوقف لي مالك في شراء جميعه بالخرص، وبلغني عنه إجازته، والذي سمعت أنا
منه إجازة شراء بعضه وذلك عندي سواء، وإن لم يدفع به ضرراً، كما جاز شراء
جميع السكنى أو بعضه ولا يدفع به ضرراً.
2734 - ومن أعرى أناساً شتى من حائط، أو من حوائط له في بلد واحد، أو في
بلدان شتى، خمسة أوسق لكل واحد، أو اقل أو أكثر، جاز له أن يشتري من كل
واحد [قدر] خمسة أوسق فأدنى.
وكذلك إن أعراهم كلهم حائطاً له، والشركاء في حائط إذا أعروا منه خمسين
وسقاً جاز لكل واحد شراء خمسة أوسق منه فأدنى.
2735 - ومن أعرى شيئاً من الخضر والفواكه، مثل التفاح والخوخ والرمان
والبطيخ والموز والقصب والحُلو والبقول، فلا تباع بخرصها، لأنها
(3/243)
تقطع خضراء، ولكن بعين أو عرض حين جواز
بيعه، لأنه لو أعرى ثمر نخل قد أزهت أو أرطبت لم يجز [له] شراؤها بخرصها
رطباً، وكذلك معري ما لا يثمر من الرطب أو ما يتزبب من العنب لا يشتريه
بخرصه تمراً أو زبيباً.
ويجوز [بيعه] بالعين والعروض نقداً ومؤجلاً، وبخلافه من الطعام على الجذ
قبل التفرق.
فإن كان في أحدهما تأخير لم يجز. قال ابن وهب: قيل لمالك: والرجل يعري
التين والزيتون وشبه ذلك، ثم يشتريه كما يشتري التمر؟، فقال: أرى بيع
العرية جائزاً إذا كان مما ييبس كله ويدخر.
2736 - ولا بأس أن تمنح رجلاً لبن غنم لك أو إبل أو بقر، يحلبها عاماً أو
أعواماً، ولا رجوع لك في منحة أو عرية أو إخدام عبد أو سكنى دارٍ تعميراً
أو تأجيلاً مسمى.
ولا بأس أن تشتري ما منحته أو أخدمته أو أسكنته بعين أو عرض أو طعام نقداً
أو مؤجلاً، لجواز بيع شاة لبون بطعام إلى أجل، ولا بأس أن تبتاع من هذه
الدار
(3/244)
سكنى وإن كانت تعميراً، بسكنى دار لك أخرى
إلى أجل، وخدمة العبد بخدمة عبد لك آخر إلى أجل معلوم.
2737 - ومن أعرى نخلة ثم مات المعري قبل أن يطلع في النخل شيء، وقبل أن
يحوز المعري عريته، أو مات وفي النخل تمر لم يرطب ولم يحزها المعري، أو منح
لرجل لبن غنم، أو أسكنه [داراً] ، أو أخدمه [عبداً] ، ثم مات [رب ذلك] قبل
أن تحاز عنه الغنم والدار [والعبد] ، أو شهد أن فرسه حبس في سبيل الله بعد
سنة، فمات ربه قبل السنة، أو منح رجلاً بعيراً إلى الزراع ثم مات ربه قبل
الزراع، أو تصدق على رجل غائب بدار فلم يقدم ليحوز حتى مات رب الدار، فذلك
كله باطل، وللورثة رده، ويكون ميراثاً لهم.
2738 - وزكاة العرية وسقيها على رب الحائط، وإن لم تبلغ خمسة أوسق إلا مع
بقية حائطه، أعراه جزءاً شائعاً، أو نخلاً معينة، أو جميع الحائط. (1)
_________
(1) انظر: مواهب الجليل (4/505) .
(3/245)
2739 - ولو تصدق بثمرة حائطه قبل زهوه على
المساكين، كان السقي عليه ولا يحاسب به المساكين.
2740 - ولو وهب ثمر حائطه، أو جزءاً منه، أو ثمر نخل معينة سنين قبل الزهو،
أو أعمر ذلك، لم يجز له شراء ثمرة ذلك أو بعضه بخرصه، ولكن بعين أو عرض.
والسقي في ذلك كله على الموهوب له أو المعمر، وعليه الزكاة إن بلغ حطه ما
فيه الزكاة، وإن لم يبلغ فلا زكاة على واحد منهما. قال ابن القاسم: وقال
أكابر أصحابنا: إن العرية مثل الهبة، وفرّق مالك بينهما في الزكاة والسقي.
2741 - ولا يجوز شراء العرية إذا أزهت بخرصها تمراً نقداً، وإن جذها مكانه،
ولا بتمر من غير صنفها إلى الجذاذ، ولا برطب ولا بسر، وإنما يجوز شراؤها
بخرصها تمراً من صنفها إلى الجذاذ، ولا يجوز شراؤها بطعام نقداً إلا أن
يجذها مكانه، ولا يجوز بطعام إلى أجل، وإن جذها. ويجوز شراؤها بعين أو عرض
نقداً أو إلى أجل، ولا يجوز شراؤها قبل زهوها بعين ولا بعرض، إلا على أن
يجذها مكانه، فأما إن اشتراه على أن يتركه لم يجز.
(3/246)
ولا يجوز له شراء عريته بخرصها تمراً من
تمر حائط له آخر بعينه، ولكن بتمر مضمون عليه، ولا يسمي ذلك [في حائط
بعينه] .
ولمن ابتاع عريته من حائط بخرصها بيع جميع ثمرة ذلك الحائط رُطباً، وليس
للمُعْرى طلبه بالخرص إلا إلى الجذاذ، لأن ذلك في ذمته، وليس عليه أن يعطيه
ذلك من حائط بعينه.
* * *
(3/247)
|