التهذيب
في اختصار المدونة (كتاب
القراض)
3150 - ولا تصلح المقارضة إلا بالدنانير والدراهم لا بالفلوس، لأنها تحول
إلى الفساد والكساد، وليست عند مالك بالسكة البينة كالعين، وقد أخبرني عبد
الرحيم أن مالكاً كان يجيز شراءها بالدنانير والدراهم، ثم رجع فكرهه.
(3/511)
وقد ذكر بعض أصحابنا أن مالكاً سهل في
القراض بنقر الذهب والفضة، فسالت مالكاً عن ذلك، فقال: لا يجوز. (1)
_________
(1) انظر: المدونة الكبرى (12/87) .
(3/512)
3151 - قال ابن القاسم: ولا خير في القراض
بطعام أو عرض، كان مما يكال أو يوزن أم لا، للغرر بتغير الأسواق عند
المفاصلة، ويفسخ ذلك، وإن بيع ما لم يعمل بالثمن، فإن عمل به فله أجر مثله
في بيعه، وقراض مثله في الثمن، ولا ينظر إلى ما شرط له من الربح.
وكذلك إن دفعت إليه مالاً [قراضاً] على النصف على أن يشتري عبد فلان ثم
يشتري بعدما يبيعه ما شاء، فهو أجير في شرائه وبيعه، وفيما بعد ذلك له قراض
المثل، وكذلك إن دفعت إليه دنانير على أن يصرفها ثم يعمل بها، أو على أن
يقبض من غريمك ديناً ثم يعمل به فله أجر الصرف أو التقاضي وقراض مثله إن
عمل.
ولا تدفع إليه وديعة لك عنده، أو ديناً لك عليه قراضاً، إلا أن تقبضه [منه]
ثم تعيده إليه، لأن هذا اغتزاء الزيادة بتأخير الدين، ولعله أنفق الوديعة
فيصير كالدين.
(3/513)
قال عبد العزيز: ولا تدفع إليه سلعتك
وتقول: قامت عليّ بكذا، فما كان من ربح بعد ذلك فبيني وبينك، وهذا له أجر
مثله فيما عمل، وما كان في سلعتك من ربح أو وضيعة فلك أو عليك.
3152 - ولا يجوز اشتراط عمل يد العامل لخفاف أو صناعة أو غيرها، فإن نزل
كان أجيراً، والربح والوضيعة لرب المال أو عليه.
3153 - وتجوز المقارضة على النصف [والثلث والربع] والخمس أو أكثر من ذلك أو
أقل، قلت: فإن أعطيته مالاً قراضاً على أن الربح كله للعامل؟ [قال:] قال
مالك - رحمه الله - فيمن أعطى لرجل مالاً يعمل به على أن الربح للعامل، ولا
ضمان عليه أنه لا بأس به، وكذلك المساقاة.
وإن قارضه ولم يسمّ ما له من الربح، وتصادقا على ذلك، أو على أن له
شِرْكَاً في المال لم يسمه، كان على قراض مثله إن عمل.
(3/514)
وقال غيره: إذا قال: لك شرك في المال ولم
يسمه وتصادقا، فذلك على النصف. وإن أعطيته قراضاً على النصف، ثم تراضيتما
بعد أن عمل أن [تجعلاه] على الثلثين له أو لك جاز ذلك.
وإن قارضت رجلين على أن لك نصف الربح ولأحدهما الثلث وللآخر السدس لم يجز،
كما لو اشتراه العاملان على مثل هذا، لم يجز، لأن أحدهما يأخذ بعض ربح
صاحبه بغير شيء.
3154 - وإذا اختلف المتقارضان في أجزاء الربح قبل العمل، رد المال، إلا أن
يرضى بقول ربه، وإن اختلفا بعد العمل فالقول قول العامل، كالصانع إذا جاء
بما يشبه، وإلا رد إلى قراض مثله، وكذلك المساقاة، وإن ادعى أحدهما ما لا
يجوز، مثل أن يدعي أن
(3/515)
له من الربح مائة درهم ونصف ما بقي أو
ثلثه، وادعى الآخر أن له الثلث أو النصف من الجميع، صدق مدعي الحلال منهما
إذا أتى بما يشبه.
وإذا اشترط المتقارضان عند معاملتهما ثلث الربح للمساكين، جاز ذلك، ولا أحب
لهما أن يرجعا فيه، ولا يقضى بذلك عليهما.
3155 - وإذا كان العامل مقيماً في أهله فلا نفقة له من المال ولا كسوة. قال
الليث: إلا أن يشغله البيع فيتغدى بالأفلُس.
ولا ينفق منه في تجهزه في سفره حتى يظعن، فإذا شخص [به] من بلده
(3/516)
كانت نفقته من المال في طعامه، وفيما يصلحه
بالمعروف من غير صرف، ذاهباً وراجعاً إن كان المال يحمل ذلك، ولا يحاسب
بذلك في ربحه، ولكن يلغى، وسواء [في ذلك] قرب السفر أو بعد، وإن لم يشتر
شيئاً، وله أن يرد ما بقي بعد النفقة إلى صاحبه، فإذا رجع إلى مصره لم يأكل
منه، وله أن يكتسي منه في بعيد السفر، إن كان المال يحمل ذلك، ولا يكتسي في
قريبه، إلا أن يكون مقيماً بموضع إقامة يحتاج فيه إلى الكسوة.
3156 - ومن قدم إلى الفسطاط وأخذ مالاً قراضاً على أن يقيم يتجر به
بالفسطاط وليست ببلده، فلينفق في مقامه، لأن المال حبسه بها، إلا أن
يوطئها، أو ينتقل لسكناها، وإن لم يكن [له] بها أهل فلا نفقة له، ولو خرج
بالمال إلى بلد فنكح [بها] وأوطنها فمن يومئذ تكون نفقته على نفسه.
ولو أخذ مالاً قراضاً بالفسطاط، وله بها أهل، فخرج به إلى بلد له بها أهلن
فلا نفقة له في ذهابه ولا في رجوعه، لأنه ذهب إلى أهله، ورجع إلى أهله.
ولو أخذه في بلد ليس فيه أهله، ثم خرج إلى البلد الذي فيه أهله، فاتجر هناك
فلا نفقة له في ذهابه إلى أهله، ولا في إقامته عندهم، وله النفقة في رجوعه.
وللعامل أن يؤاجر من مال القراض من يخدمه في سفره، إن كان المال كثيراً،
(3/517)
وكان مثله لا يخدم نفسه، وله أن يؤاجر
أُجراء للأعمال التي لا بد له من ذلك فيها ويكتري البيوت والدواب لما يحمل
أو يخزن.
3157 - ولا ينبغي للعامل أن يهب منه شيئاً ولا يولي ولا يعطي عليه ولا
يكافئ [فيه] أحداً، فأما أن يأتي بطعام إلى قوم، ويأتون بمثله، فأرجو أن
يكون ذلك واسعاً، إذا لم يتعمد أن يتفضل عليهم، فإن تعمد ذلك بغير إذن
صاحبه فليتحلل صاحبه، فإن حلله فلا بأس، وإن أبى فليكافئه بمثله إن كان ذلك
شيئاً له مكافأة.
قيل لمالك: إن عندنا تجاراً يأخذون المال قراضاً فيشترون به متاعاً يشهدون
به الموسم، ولولا ذلك ما خرجوا، هل لهم في المال نفقة؟ فقال: لا نفقة لحاج
ولا لغاز في مال القراض في ذهاب ولا رجوع. (1)
3158 - ومن تجهز لسفر بمال أخذه قراضاً من رجل، فاكترى وتزود ثم أخذ
[مالاً] قراضاً ثانياً من غيره، فليحسب نفقته وركوبه على المالين بالحصص،
وكذلك من أخذ مالاً قراضاً فسافر به وبمال لنفسه، فالنفقة على المالين.
وإن خرج في حاجة لنفسه فأعطاه رجل قراضاً فله أن يفُضّ النفقة على مبلغ
قيمة نفقته في سفره، ومبلغ القراض، فيأخذ من القراض حصته ويكون باقي النفقة
عليه.
_________
(1) انظر: التاج والإكليل (5/368) .
(3/518)
3160 - وإذا أنفق العامل في السفر من مال
نفسه رجع به في مال القراض، فإن هلك المال لم يلزم رب المال شيء، وكذلك إن
اشترى بجميع مال القراض سلعاً واكترى لها دواب من ماله، فإن أدى ذلك رب
المال وإلا كان للعامل أن يأخذ من ثمن المتاع كراءه وإن اغترقه، وإن لم يف
بحقه فلا شيء له، ولا يكون بالكراء شريكاً في السلع.
3161 - وأما إن صبغ الثياب أو قصرها بمال من عنده، فذلك كزيادة في ثمن
السلعة على السلف لرب المال، فإما دفع إليه رب المال ما أدى وكان على قراضه
وإلا كان العامل شريكاً له بما أدى من ماله، لأن هذا عين قائمة بخلاف
الكراء.
قال غيره: إن دفع إليه رب المال قيمة الصبغ لم يكن الصبغ على القراض
[الأول] ، لأنه كقراض ثان، على أن يخلط بالأول بعد أن عمل، بخلاف زيادة
العامل على رأس المال في ثمن السلعة عند الشراء على السلف، لأن هذا كقراض
ثان
(3/519)
قبل انشغال الأول، وذلك إنما صبغ الثياب
بعد الشراء، فإن أعطاه رب المال قيمة الصبغ لم يكن على القراض، وله أن لا
يعطيه ذلك، وأن يضمنه قيمة الثياب، فإن كان في القيمة فضل فللعامل حصته
منه، وإن أبى أن يضمنه، كان العامل شريكاً في الثياب بقيمة الصبغ من قيمة
الثياب. (1)
3162 - ولا يزكي العامل رأس المال ولا ربحه، وإن أقام في يده أحوالاً حتى
ينض ويحضر ربه ويقتسمان، فإن كان العامل يدير زَكيّاً لكل سنة بقدر ما كان
المال فيه من عين أو قيمة عرض، فإن كان أول سنة قيمة المتاع مائة، والسنة
الثانية مائتين، والسنة الثالثة ثلاثمائة، زكى لكل سنة قيمة ما كان يسوى
المتاع فيها، إلا ما نقصت الزكاة كل عام، [قال ابن القاسم:] وإن أخذ تسعة
عشر ديناراً فعمل بها شهراً فكان تمام حول رب المال، ثم افترقا وقد ربحا
ديناراً فلا زكاة عليهما، لأن رب المال لم يكمل له في رأس ماله وربحه ما
فيه الزكاة.
ولو أخذ قراضاً بعد ستة أشهر من يوم زكاه ربه فعمل به أربعة أشهر ثم
تفاصلا، زكى رب المال لتمام حوله، ولا يزكي العامل حصة ربحه حتى يتم الحول
من يوم اقتسما، وفي ربحه عشرون ديناراً، أو كان له مال قبل ربحه إذا أضافه
إلى ربحه بلغ
_________
(1) انظر: منح الجليل (7/327) .
(3/520)
ما تجب فيه الزكاة، فليزكه لتمام حول من
يوم اقتسما، لأن الفائدة الأولى تضم إلى حول الثانية.
3163 - وإذا ضاع بعض المال بيد العامل قبل العمل أو بعده أو خسره أو أخذه
اللصوص أو العاشر ظلماً، لم يضمنه العامل إلا أنه إن عمل ببقية المال أجبر
بما ربح فيه أصل المال، فما بقي بعد تمام رأس المال الأول، كان بينهما على
ما شرطا، ولو كان العامل قد قال لرب المال: لا أعمل حتى تجعل ما بقي رأس
المال، ففعلا وأسقطا الخسارة فهو أبداً على القراض الأول، وإن حاسبه وأحضره
ما لم يقبضه منه، وليس ما استهلك العامل منه مثل ما ذهب أو خسر، لأن ما
استهلك قد ضمنه، ولا حصة لذلك من الربح، إلا أنه تمام رأس المال.
3164 - وإن تسلف العامل نصف المال أو أكله، فالنصف الباقي رأس المال، وربحه
على ما شرطا، وعلى العامل غرم النصف فقط، ولا ربح لذلك النصف.
ومن أخذ مائة قراضاً، فربح فيها مائة، ثم أكل منها مائة، ثم اتجر في المائة
الباقية فربح مالاً، فالمائة في ضمانه، [وما بقي في يده] وما ربح بعد ذلك
فهو بينهما على ما شرطا، ولو ضاع ذلك فلم يبق إلا المائة
(3/521)
التي في ذمته ضمنها لرب المال، ولا تعد
ربحاً، إذ لا ربح إلا بعد [تمام] رأس المال.
3165 - وإن اشترى بالقراض وهو مائة [دينار] عبداً يساوي مائتين، فجنى عليه
رب المال جناية نقصته مائة وخمسين ثم باعه العامل بخمسين، فعمل فيها فربح
مالاً أو وضع لم يكن ذلك من رب المال قبضاً من رأس ماله وربحه حتى يحاسبه
ويفاصله ويحسبه عليه، فإذا لم يفعل فذلك دين على رب المال مضاف إلى هذا
المال.
3166 - وإذا اشترى العامل سلعة ثم ضاع المال خيّر ربه في دفع ثمنها [وتكون]
على القراض، فإن أبى لزم العامل الثمن، وكانت له خاصة، وإن لم يكن له مال
بيعت عليه، فما ربح فله، وما وضع فعليه. (1)
وإن نقد فيها رب المال كان ما نقد فيها، لأن رأس ماله دون الذاهب، وإن ضاعت
السلعة والمال قبل النقد، فلا شيء على رب المال، ويغرم العامل.
_________
(1) انظر: التاج والإكليل (5/367) ، والشرح الكبير (3/529) .
(3/522)
3167 - وإذا خاف العامل إن قدم ماله على
مال القراض، أو أخّره [وقع] الرخص في ماله، فالصواب أن يخلطهما، ويكون ما
اشترى بهما من السلع على القراض، وعلى ما نقد فيها، فحصة القراض بعلى] رأس
مال القراض، وحصة العامل على ما نقد فيها، ولا يضمن العامل إذا خلطهما بغير
شرط، ولا يجوز أن يقارضه على أن يخلطا ذلك بشرط.
ولا يجوز للعامل أن يشارك بمال القراض أحداً، وإن عملا جميعاً، فإن فعل
ضمن، ولا يجوز له أن يشارك عاملاً آخر لرب المال، كما لا يستودع المودع
الوديعة عند من لربها عنده وديعة، ولا عند غيره.
ولا يبيع أحدهما من الآخر بيعاً يحابيه فيه، وإن كان في المال فضل، فإن فعل
لم يجز، لأنه قد يجبر ما يخسر بذلك [وينتفع به فيه] ، ولا يبضع العامل من
المال بضاعة، فإن فعل ضمن، ولو أذن له رب المال في ذلك جاز، ما لم يأخذه
على ذلك.
(3/523)
ولا يبضع مع عبد لرب المال اشترط معونته،
ولا يوجه أيضاً مع عبد نفسه بعض المال إلى بلد يتجر فيه، فإن فعل ضمن.
3168 - ولو أذن رب المال للعامل أن يبيع بالنقد والنسيئة فلا يودع أحداً
شيئاً إلا لعذر كالمودع، فإن كان لغير عذر ضمن، ويعذر بالسفر أو بمنزل خرب،
إذ ليس بحرز أو ليس عنده من يثق به، ولا يضمن في هذا، ولا يشارك بالمال أو
يقارض به إلا بإذن ربه. (1)
وإن أخذه على النصف فتعدى فدفعه إلى غيره قراضاً على الثلثين ضمن، فإن عمل
هب الثاني فربح، كان لرب المال نصف الربح، وللعامل الثاني نصفه، ثم يرجع
الثاني ببقية شرطه وهو السدس على العامل الأول، وكذلك المساقاة، ولو كانت
ثمانين ديناراً فخسر الأول أربعين ثم دفع أربعين إلى الثاني على النصف،
فصارت مائة، ولم يكن الثاني علم بذلك، فرب المال أحق بأخذ الثمانين، رأس
ماله ونصف ما بقي وهو عشرة، ويأخذ الثاني عشرة، ويرجع على الأول بعشرين
ديناراً، وهي تمام نصف ربحه على الأربعين.
قال أشهب: لا يحسب رب المال على الثاني إلا أربعين، رأس ماله فيأخذها
_________
(1) انظر: الكافي (1/385) ، والقوانين الفقهية (ص186) ، والتاج والإكليل
(5/365) .
(3/524)
ثم يأخذ نصف الربح، وهو ثلاثون، فإن كان
الأول أتلف الأربعين الأولى تعدياً رجع عليه رب المال بتمام عشرة ومائة إلى
ما أخذه، وإن هلكت بأمر من الله رجع عليه بتمام التسعين، وذلك عشرون
ديناراً، عشرة بقية رأس ماله، وعشرة حصته من الربح، ولا يأخذ ذلك من الثاني
فيظلمه [في] عمله، وأرجعناه على الأول، لأنه ضامن بتعديه.
قال ابن القاسم: وإن أمر العامل من يقتضي ديونه بغير إذن رب المال ضمن ما
تلف بيد الوكيل مما قبض.
3169 - وإذا باع العامل سلعة من القراض، فأخر رب المال المبتاع بالثمن، جاز
ذلك في حظ رب المال خاصة، فإن توى حظ رب المال، وقد قبض العامل حصته لم
يرجع عليه رب المال بشيء، وكذلك ما وهب يجوز في حظه.
وللمأذون [له] دفع القراض وأخذه، ولا يضمنه، وللعامل أن يأخذ قراضاً من رجل
آخر، إن لم يكن الأول كثيراً يشغله الثاني عنه، فلا يأخذ حينئذ من غيره
شيئاً، فإن أخذهما وهو يحتمل العمل بهما،
(3/525)
فله أن يخلطهما، ولا يضمن، ولا يجوز أن
يكون ذلك بشرط من الأول أو الثاني.
3170 - ولا بأس أن يقارض الرجل عبده أو أجيره للخدمة إن كان مثل العبد. قال
سحنون: ليس الأجير كالعبد، وللمكاتب أن يبضع أو يدفع قراضاً أو يأخذه على
ابتغاء الفضل.
3171 - ولا أحب مقارضة من يستحل الحرام، أو من لا يعرف الحلال من الحرام،
وإن كان مسلماً.
(3/526)
3172 - وأكره للمسلم أخذ قراض من ذمي، أو
مساقاة [من ذمي] أو يؤاجر منه نفسه للمذلة، وليس بحرام، ولا بأس أن يدفع
المسلم كرمه مساقاة إلى ذمي إن كان الذمي لا يعصر حصته خمراً.
3173 - ومن دفعت إليه مائتين قراضاً، على أن يعمل بكل مائة على حدة، وربح
مائة لأحدكما وربح الأخرى بينكما، أو ربح مائة بعينها لك، وربح الأخرى
للعامل لم يجز [للغرر] ، ويكون العامل أجيراً في المائتين. وكذلك على أن
مائة على النصف ومائة على الثلث، ويعمل بكل مائة على حدة فلا خير فيه إذا
كان لا يخلطهما، وكذلك في مساقاة الحائطين حتى يكونا على جزء واحد.
3174 - وإن أخذ المال على أن لرب المال درهماً من الربح ثم ما بقي بينهما
(3/527)
فسد القراض والربح كله لرب المال، والوضيعة
عليه، وللعامل أجر مثله، [لا ضمان عليه] ، وإن ضاع المال فهو بأجره أسوة
الغرماء في المال وفي غيره.
3175 - وإن أخذ قراضاً على أن يسلفه رب المال سلفاً كان أجيراً، والربح كله
لرب المال، لأن السلف زيادة ازدادها العامل، وما لم يشترط فيه زيادة
لأحدهما من القراض الفاسد، ففيه إن نزل قراض مثله، [كالقراض على ضمان، أو
إلى أجل] ، فإنه يرد إلى قراض مثله، ولا ضمان عليه، وإن اشترطت على العامل
إخراج مثل المال من عنده يعمل به مع مالك وله ثلاثة أرباع الربح، لم يجز،
لأنه نفع اشترطته لكثرة المال، وكذلك إن اشترطت عليه أن يخرج من عنده أقل
من مالك أو أكثر على ما ذكرنا.
3176 - ومن أخذ قراضاً على أن يعمل معه رب المال في المال، لم يجز، فإن نزل
كان العامل أجيراً، وإن عمل رب المال بغير شرط كرهته، إلا العمل اليسير.
(3/528)
ولا يبيع رب المال عبداً من القراض بغير
إذن العامل، [فإن فعل] فللعامل رده أو إجازته.
3177 - ويجوز للعامل أن يشترط على رب المال أن يعينه بعبده أو دابته في
المال خاصة لا في غيره، ولم يجزه عبد العزيز في الغلام. قال ابن القاسم:
ولا يصلح لرب المال أن يشترط معونة عبد العامل أو دابته.
3178 - ومن أخذ قراضاً على أن يخرج به إلى بلد يشتري منه تجارة فلا خير
فيه، قال مالك: يعطيه المال ويقوده كما يقاد البعير؟ ّ، وإنما كره مالك من
هذا أنه قال: يحجر عليه أن لا يشتري إلى أن يبلغ ذلك الموضع. وقد تقدم ذكر
من أخذ قراضاً
(3/529)
على أن يبتاع عبد فلان. وفي كتاب المساقاة
مسألة من طابت ثمرة نخله فدفعها مساقاة سنين.
3179 - ولا يجوز أن تقارض رجلاً على أن يشتري هو وتنقد أنت وتقبض ثمن ما
باع، أو تجعل معه غيرك لمثل ذلك أميناً عليه، وإنما القراض أن تسلم إليه
المال.
ولا خير في أن يجعل رب المال ابنه مع العامل ليبصّره التجارة، لأنه نفع
ازداده رب المال في تبصرة ولده، وكذلك إن جعل معه أجنبياً أراد نفع الأجنبي
بذلك كصديق ملاطف أفسدت به القراض.
3180 - وإن قارضت رجلاً على النصف فلم يعمل حتى زدته مالاً آخر على النصف
على أن يخلطهما فهو جائز. قيل: فإن زدته مالاً على الثلث؟ قال: لم يجز مالك
دفع المالين [إليه] أحدهما على النصف والآخر على الثلث إذا كان لا يخلطهما.
3181 - وإن أخذ الأول على النصف فابتاع به سلعة، ثم أخذ الثاني على مثل جزء
الأول
(3/530)
أو اقل أو أكثر على أن يخلطه بالأول لم
يعجبني، إذ قد يخسر في الثاني فيلزمه جبره بما ربح في الأول.
وإن كانت قيمة سلع الأول كرأس المال الأول فإن الأسواق قد تحول، وأما على
أن لا يخلطه فجائز، فإن خسر في الأول وربح في الآخر، فليس عليه أن يجبر هذا
بهذا، وإن اتجر في الأول وباع فنضّ في يديه ثم أخذ الثاني، فإن كان باع
[بمثل] رأس مال [الأول] سواء، جاز أخذه للثاني على مثل جزء الأول، لا أقل
ولا أكثر، وإن نضّ الأول وفيه ربح أو وضيعة، لم يجز أخذ الثاني عل مثل جزء
الأول، أو أقل أو أكثر، لا على الخلط ولا على غير الخلط.
وقال غيره: إن ربح في الأول جاز أخذه الثاني على مثل القراض الأول في الربح
على أن لا يخلطه.
(3/531)
3182 - وإن دفعت إليه قراضاً على أن يبيع
بالنسيئة فباع بالنقد، لم يجز هذا القراضز
وقال غيره: فإن باع بالنقد تعدى، كمن قارض رجلاً على أن لا يشتري إلا صنف
كذا غير موجود، كان قراضاً لا يجوز، فإن اشترى غير ما أمر به [فقد] تعدى،
فإن ربح فله فيما ربح قراض مثله، وإن خسر ضمن، ولا أجر له في الوضيعة، ولا
أعطيه إن ربح إجارته، إذ لعلها تغترق [الربح] وتزيد فيصل بتعديه إلى ما
يريده. وقد قال ربيعة في المتعدي في القراض إن وضع ضمن الوضيعة، ويكون له
في الربح قدر شرطه، وكذلك المتعدي في القراض الفاسد. (1)
_________
(1) انظر: المدونة الكبرى (12/115) ، والتاج والإكليل (5/360) .
(3/532)
3183 - قال مالك: ولا يجوز للعامل أن يبيع
بالنسيئة إلا بإذن رب المال، فإن فعل بغير إذنه ضمن.
ولا ينبغي أن يقارض رجلاً على أن لا يشتري إلا البزّ، إلا أن يكون موجوداً
في الشتاء والصيف فيجوز، ثم لا يعدوه إلى غيره، ولا يبيع البز بعرض سواه،
فيصير مبتاعاً لغير البز.
وإن قلت له بعد أخذه المال وقبل أن يشغله في شيء لا تتجر به إلا في البز،
فذلك لك إن كان البزّ موجوداً في الشتاء والصيف - كما ذكرنا -.
3184 - ويجوز أن تشترط عليه أن لا ينزل به وادياً، ولا يسري به بليل، ولا
يبتاع به سلعة كذا، ولا يحمله في بحر، فإن فعل شيئاً من ذلك ضمن المال،
وقاله السبعة رحمة الله عليهم أجمعين.
وإن نهيته عن شراء سلعة في عقد القراض الصحيح أو بعد العقدة وقبل أن يعمل
ثم اشتراها فهو متعد، ويضمن، ولك تركها على القراض أو تضمينه المال، ولو
كان قد باعها كان الربح بينكما على شرطكما، والوضيعة عليه خاصة، وكذلك إن
تسلف من المال ما ابتاع به سلعة لنفسه ضمن ما خسر، وكان [ما] ربح بينكما.
(3/533)
3185 - وإن ابتاع مُقارضك سلعة نهيته عنها،
فأتى بها وفيها وضيعة، أو اتجر بما تعدى فيه فخسر، فجاء ومعه سلع لا وفاء
فيها، أو عين لا وفاء فيه برأس المال فأردت تضمينه فقام غرماؤه، فقالوا:
أنت أسوتنا إن ضمنته، فإن كان معه عين فأنت أحق به [منهم] وإن كان معه سلع
فأنت مخير بين أن تشركه فيها، أو تسلمها وتضمنه رأس المال، فإن أسلمتها كنت
أسوة الغرماء.
3186 - ومن نهيته عن الخروج بالمال من مصر، فخرج به إلى إفريقية عيناً ورجع
به عيناً قبل أن يتجر فيه، ثم اتجر به بمصر فخسر أو ضاع منه بمصر، لم يضمن،
لأنه رده قبل أن يحركه، كمن أخذ وديعة بمصر فليس له أن يخرجها من مصر، فإن
فعل ضمنها إن تلفت، فإن ردها إلى مصر لم يضمن، وكذلك إن أنفق وديعة عنده أو
بعضها ثم رد ذلك مكانه فضاعت لم يضمن.
وللعامل أن يتجر بالمال في الحضر والسفر حيث شاء، إلا أن يقول له رب المال
حين دفعه إليه بالفسطاط: لا تخرج من أرض مصر، أو من الفسطاط، فلا ينبغي له
أن يخرج، فإن لم يشترط ذلك فليس له أن ينهاه عن السفر إذا أشغل [المال] ،
ولو هلك رب المال بعد تجهزه به كان له النفوذ [به] إلى البلد الذي تجهز
إليه.
(3/534)
3187 - وإن قارضته على أن يجلس به ههنا في
حانوت في البزازين والسقاطين، يعمل فيه ولا يعمل في غيره، أو على أن يجلس
في القيسارية، أو على أن لا يشتري لا من فلان أو من سلعة فلان، أو على أن
لا يتجر إلا في سلعة كذا، وليس وجودها بمأمون، أو على أن يزرع فلا ينبغي
ذلك، فإن نزل ذلك [كله] كان للعامل أجره، وما كان من زرع أو فضل أو خسارة،
فلرب المال وعليه، ولو علم رب المال أنه يجلس في حانوت فهو جائز، ما لم
يشترطه عليه.
3188 - ولو زرع العامل من غير شرط في أرض اشتراها من مال القراض، أو
اكتراها، جاز ذلك إن كان بموضع أمن وعدل، ولا يضمن. وأما إن خاطر به في
موضع ظلم وغرر يدري أنه خطر، فإنه ضامن.
ولو أخذ العامل نخلاً وأنفق عليها من مال القراض، كان كالزرع، ولم يكن
متعدياً. (1)
_________
(1) انظر: التاج والإكليل (5/362) .
(3/535)
3189 - وإن أخذ العامل ألف درهم قراضاً،
فابتاع بها سلعة، فلم ينقد حتى ابتاع أخرى على القراض بألف، أو ابتاع سلعة
بأكثر من رأس المال ليضمن ما زاد ديناً ويكون في القراض، لم ينبغ ذلك أن
يضمن العامل الدين، ويأخذ رب المال ربحه، [هذا لا يجوز] .
وإن أخذ مائة قراضاً فاشترى سلعة بمائتين نقداً كان فيها شريكاً لرب المال،
يكون نصفها على القراض ونصفها للعامل، وإن كانت المائة الثانية مؤجلة على
العامل، قومت المائة المؤجلة بالنقد، فإن ساوت خمسين كان العامل شريكاً
بالثلث.
3190 - ومن اشترى سلعة فعجز عن بعض ثمنها فأخذ من رجل قراضاً ونقده فيها،
لم أحب ذلك، وأخاف أن يكون قد استغلى، وإن ابتاع سلعة ثم سأل رجلاً ليدفع
(3/536)
إليه مالاً ينقده فيها، ويكون قراضاً
بينهما، فلا خير فيه، فإن نزل لزمه ردّ [ذلك] المال إلى ربه، وما كان فيها
من ربح أو وضيعة فله وعليه، وهو كمن أسلفه رجل ثمن سلعة على أن له نصف
ربحها.
3191 - وإن باع العامل سلعة فطعن عليه بعيب فحط من الثمن أكثر من قيمة
العيب أو أقل، أو اشترى سلعة من والده أو ولده فما كان من هذا نظراً بغير
محاباة جاز.
3192 - وإن اشترى بجميع المال عبداً، ثم رده بعيب فرضيه رب المال، فليس ذلك
لرب المال، لأن العالم إن أخذه كذلك جبر ما خسر فيه بربحه، إلا أن يقول له
رب المال: إن أبيت فاترك القراض واخرج، لأنك إنما تريد رده، فأنا أقبله،
فذلك له، ولو رضي العامل بالعيب على وجه النظر جاز، وإن حابى فهو متعد، ولا
تجوز محاباته في البيع إلا في حصته من ربح تلك السلعة.
(3/537)
3193 - وإن باع العامل سلعة من القراض
فاحتال بالثمن على مليء أو معدم إلى أجل ضمن، كبيعه بالدين بغير أمر رب
المال.
3194 - وإذا دفع العامل ثمن سلعة بغير بينة، فجحده البائع وحبس السلعة،
فالعامل ضامن، وكذلك الوكيل على شراء سلعة بعينها، أو بغير عينها، يدفع
الثمن فيجحده البائع، فهو ضامن، ولرب المال أن يغرمه [إياها] وإن علم بقبض
البائع الثمن بإقراره عنده ثم جحده أو بغير ذلك، ويطيب له ما يقضى له به من
ذلك، إلا أن يدفع الوكيل الثمن بحضرة رب المال، فلا يضمن. (1)
3195 - وإن اشترى لك رجل سلعة ودفعها إليك، ثم دفعت إليه ثمنها لينقده فضاع
بيده، فعليك غرمه ثانية، ولا يغرم المأمور، لأنه رسول مؤتمن، وقال بعض
المدنيين: لا يغرم رب المال شيئاً.
_________
(1) انظر: المدونة الكبرى (12/123) .
(3/538)
وأكره أن يشتري العامل من رب المال سلعة،
وإن صح منهما لم يصح من غيرهما، لأن رأس المال قد رجع إلى ربه، وصار القراض
بهذا العرض.
3196 - وإذا اشترى العامل أباه أو من يعتق عليه، فإن كان قد علم وهو مليء
عتقوا عليه، وغرم لرب المال رأس ماله وحصة ربحه على ما قارضه، [وإن لم يعلم
وكان فيهم فضل فكذلك أيضاً، وإن لم يكن فيهم فضل لم يعتقوا وبيعوا، وإن كان
فيهم فضل ولا مال للعامل] بيع منهم لرب المال بقدر رأس ماله وحصة ربحه،
وعتق ما بقي على العامل علم أو لم يعلم.
(3/539)
3197 - وإن اشترى أباً لرب المال، ولم يعلم
عتق على الابن وكان له ولاؤه، وعليه للعامل حصة ربحه [فيه] إن كان فيه فضل،
وإن علم العامل وهو مليء عتق عليه لضمانه بالتعمد، والولاء للابن، ويغرم
العامل ثمنه للابن، فإن لم يكن له مال بيع منه بقدر رأس مال الابن، وحصة
ربحه، وعتق على العامل ما بقي منه، وقد اختلف في هذه المسألة، وهذا أحسن ما
فيها من الاختلاف.
3198 - وإن وطئ العامل أمة من المال فحملت وله مال ضمن قيمتها، فجبر به راس
المال، وإن أعتق العامل عبداً من المال وهو مليء، جاز وغرم لرب المال رأس
ماله، وحصة ربحه إن كان فيه ربح، وإن كان عديماً بيع منه بقدر رأس ماله
وحصة ربحه وعتق حصة العامل، ولو أعتقد رب المال جاز، وضمن للعامل ربحه إن
كان فيه ربح.
3199 - وإذا قتل عبد لرجل عبداً من القراض فاختار العامل أو رب المال
القصاص واختار الآخر العفو على أخذ الجاني، فالقول قول العافي على أخذ
العبد وجعله على القراض كما كان المقتول، وكذلك إن قتله سيده فقيمة العبد
في القراض.
(3/540)
3200 - وإذا باع العامل سلعة بثمن إلى أجل
بإذن رب المال لم يجز لرب المال أن يبتاعها بأقل من الثمن نقداً.
ومن أخذ من رجل مالاً فقال: هو في يدي وديعة أو قراض، وقال ربه: بل
أسلفتكه، فالقول قول رب المال مع يمينه، وإن قال العامل قراضاً، وقال رب
المال: بل أبضعتكه لتعمل به، فالقول قول رب المال مع يمينه، وعليه للعامل
أجر مثله. قال سحنون: إلا أن يكون ما ادعى العامل من الربح أقل من أجر مثله
فليأخذ الأقل، وإن نكل رب المال صدق العامل مع يمينه إذا كان مثله يستعمل
في القراض. (1)
_________
(1) انظر: منح الجليل (7/380) .
(3/541)
3201 - وإن قال رب المال: أودعتكه، وقال
العامل أخذته قراضاً، صدق ربه، والعامل مدع لطرح الضمان عن نفسه، وإن قال
ربه: قراض، وقال العامل: قرض، صدق العامل، لأن ربه ههنا مدع في الربح، ولا
يلتفت إلى قول هذا: أخذت منك أو أخذت مني.
وإن قال العامل: راس المال ألف، وقال ربه: ألفان، صدق العامل، لأنه أمين.
ولو خسر في البُرّ فادعى رب المال أنه نهاه عنه فتعدى، فالقول قول العامل
أنه لم ينهه.
3202 - وإن قال العامل: رددت إليك رأس مالك والذي بيد ربح، وقال ربه: لم
تدفع إليّ شيئاً، صدق رب المال ما دام في المال ربح وعلى العامل البينة.
وإن قال العامل: أنفقت في سفري من مالي مائة درهم لأرجع بها في مال القراض،
صدق، ربح أو خسر، ويرجع بها في المال إن أشبه ذلك نفقة مثله، وإن ادعى ذلك
بعد المقاسمة لم يصدق.
3203 - ولرب المال ردّ المال ما لم يعمل به العامل أو يظعن لسفر، وليس له
أن يقول بعد ظعنه: ارجع، وأنا أنفق عليك، وإن ابتاع به سلعاً لم يكن لرب
المال أن يجبره على بيعها ليرد القراض، ولينظر السلطان [في ذلك]
(3/542)
فيؤخر منها ما يرجى له سوق، فإن لم يكن
لتأخيرها وجه بيعت، واقتسما ربحها إن كان.
وإذا لم يشغل العامل المال حتى نهاه ربه أن يتجر به، فتعدى فاشترى به سلعة،
لم يكن قراضاً، وضمن المال والربح له، كمن تعدى على وديعة عنده فاشترى بها
سلعة، فهو ضامن للوديعة والربح له، بخلاف الذي نهاه رب المال عن شراء سلعة
فابتاعها، وقد ذكرناه.
3204 - وإذا باع العامل بالديون بإذن رب المال، فأراد أن يحيله بها ويبرأ
وفي المال وضيعة، فلربه أن يجبره على التقاضي أو يدعه، وكذلك إن كان فيه
ربح، فعليه التقاضي، إلا أن يدعه رب المال ويسلم له العامل ربحه، وإذا شخص
[العامل] في اقتضاء الديون أنفق من المال، وإن كانت فيه وضيعة.
وإن اشترى العامل بجميع المال سلعاً يرجو بها الأسواق، فقال رب المال: أنا
آخذ قيمة رأس مالي سلعاً وأقاسمك باقيها على ما شرطنا، وأبى العامل، فذلك
للعامل، لأنه يرجو الزيادة فيما يأخذه رب المال إذا جاءت أسواقها، وإن أراد
العامل بيع ما معه، وأراد رب المال أخذه بما يسوى، فهو فيه والأجنبي سواء.
(3/543)
3205 - وإذا مات العامل قيل للورثة: تقاضوا
الدين وبيعوا السلع، وإن لم يؤتمنوا أتوا بأمين وكانوا على سهم وليهم، وإن
لم يأتوا بأمين ولم يكونوا مأمونين أسلموا ذلك إلى ربه ولا ربح لهم، وكذلك
في موت العاملين. (1)
3206 - وإن مات رب المال فالعامل على قراضه، فإن أراد الورثة أخذ المال
فذلك لهم إن كان المال عيناً وليس ذلك لهم إن كان سلعاً، وهم في هذا كوليهم
سواء، فإن علم العامل بموت رب المال، والمال بيده عيناً فلا يعمل به، وإن
لم يعلم بموته حتى ابتاع به سلعاً مضى ذلك على القراض.
3206 - ومن هلك وقبله قراض وودائع لم توجد، ولم يوص بشيء فذلك في ماله،
ويحاص به غرماؤه، وإن أقر بوديعة بعينها أو قراض بعينه في مرضه، وعليه دين
ببينة في صحته، أو بإقرار في مرضه هذا قبل إقراره بذلك أو بعد، فلرب
الوديعة والقراض أخذ ذلك بعينه دون غرمائه، وإن لم يكن بعينها وجب الحصاص
فيها مع غرمائه. والله الموفق للصواب.
* * *
_________
(1) انظر: التاج والإكليل (5/370) ، ومواهب الجليل (6/405) ، والمدونة
(12/130) .
(3/544)
|