الذخيرة
للقرافي (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي تَعَارُضِ
مُقْتَضَيَاتِ الْأَلْفَاظِ)
يُحْمَلُ اللَّفْظُ عَلَى الْحَقِيقَةِ دُونَ الْمَجَازِ وَالْعُمُومِ
دُونَ الْخُصُوصِ وَالْإِفْرَادِ دُونَ الِاشْتِرَاكِ وَالِاسْتِقْلَالِ
دُونَ الْإِضْمَارِ وَعَلَى الْإِطْلَاقِ دُونَ التَّقْيِيدِ وَعَلَى
التَّأْصِيلِ دُونَ الزِّيَادَةِ وَعَلَى التَّرْتِيبِ دُونَ التَّقْدِيمِ
وَالتَّأْخِيرِ وَعَلَى التَّأْسِيسِ دُونَ التَّأْكِيدِ وَعَلَى
الْبَقَاءِ دُونَ النَّسْخِ وَعَلَى الشَّرْعِيِّ دُونَ الْعَقْلِيِّ
وَعَلَى الْعُرْفِيِّ دُونَ اللّغَوِيّ إِلَّا أَن يدل على خلاف ذَلِك
فروع أَرْبَعَة
الأول يجوز عِنْد الْمَالِكِيَّة اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي حَقَائِقِهِ
إِنْ كَانَ مُشْتَرَكًا أَو مجازاته أَو مجازه وَحَقِيقَته وَبِذَلِك قَالَ
الشَّافِعِي رَحمَه الله وَجَمَاعَة من أَصْحَابه خلافًا لقوم وَهَذَا
يشْتَرط فِيهِ دَلِيلٌ يَدُلُّ عَلَى وُقُوعِهِ وَهَذَا الْفَرْعُ يَبْنِي
عَلَى قَاعِدَةٍ وَهِيَ أَنَّ الْمَجَازَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ
جَائِزٌ إِجْمَاعًا وَهُوَ مَا اتَّحَدَ مَحْمَلُهُ وَقَرُبَتْ عَلَاقَتُهُ
وَمُمْتَنِعٌ إِجْمَاعًا وَهُوَ مَجَازُ التَّعْقِيدِ وَهُوَ مَا افْتَقَرَ
إِلَى عَلَاقَاتٍ كَثِيرَةٍ نَحْوَ قَوْلِ الْقَائِلِ تَزَوَّجَتْ بِنْتُ
الْأَمِيرِ وَيُفَسَّرُ ذَلِكَ بِرُؤْيَتِهِ لِوَالِدِ عَاقِدِ
الْأَنْكِحَةِ بِالْمَدِينَةِ مُعْتَمِدًا عَلَى أَنَّ النِّكَاحَ
مُلَازِمٌ لِلْعَقْدِ الَّذِي هُوَ مُلَازِمٌ لِلْعَاقِدِ الَّذِي هُوَ
مُلَازِمٌ لِأَبِيهِ وَمَجَازٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَهُوَ الْجَمْعُ بَيْنَ
حَقِيقَتَيْنِ أَوْ مَجَازَيْنِ أَو مجَاز وَحَقِيقَة فَإِن الْجمع بَين
الحقيقتين مَجَازٌ وَكَذَلِكَ الْبَاقِي لِأَنَّ اللَّفْظَ لَمْ يُوضَعْ
للمجموع فَهُوَ مجَاز فِيهِ فَنحْن وَالشَّافِعِيّ نَقُولُ بِهَذَا
الْمَجَازِ وَغَيْرُنَا لَا يَقُولُ بِهِ
(1/76)
لَنَا قَوْلُهُ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ
وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ على النَّبِي} وَالصَّلَاةُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ
الدُّعَاءُ وَمِنَ اللَّهِ تَعَالَى الاحسان فقد اسْتعْمل فِي الْمَعْنيين
بِأَنَّهُ يُمْتَنَعُ اسْتِعْمَالُهُ حَقِيقَةً لِعَدَمِ الْوَضْعِ
وَمَجَازًا لِأَنَّ الْعَرَبَ لَمْ تُجِزْهُ وَالْجَوَابُ مَنْعُ الثَّانِي
الثَّانِي إِذَا تَجَرَّدَ الْمُشْتَرَكُ عَنِ الْقَرَائِنِ كَانَ
مُجْمَلًا لَا يُتَصَرَّفُ فِيهِ إِلَّا بِدَلِيلٍ يُعَيِّنُ أحد مسمياته
وَقَالَ الشَّافِعِي حمله على الْجَمِيع احْتِيَاطًا الثَّالِثُ إِذَا
دَارَ اللَّفْظُ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ الْمَرْجُوحَةِ وَالْمَجَازِ
الرَّاجِحِ كَلَفْظِ الدَّابَّةِ حَقِيقَةٌ مَرْجُوحَةٌ فِي مُطْلَقِ
الدَّابَّةِ مَجَازٌ رَاجِحٌ فِي الْحِمَارِ فَيُحْمَلُ على الْحَقِيقَة
عِنْد أبي حنيفَة تَرْجِيحًا لِلْحَقِيقَةِ عَلَى الْمَجَازِ وَعَلَى
الْمَجَازِ الرَّاجِحِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ نَظَرًا لِرُجْحَانِهِ
وَتَوَقَّفَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ فِي ذَلِكَ نَظَرًا لِلتَّعَارُضِ
وَالْأَظْهَرُ مَذْهَبُ أَبِي يُوسُفَ فَإِنَّ كُلَّ شَيْءٍ قُدِّمَ مِنَ
الْأَلْفَاظِ إِنَّمَا قُدِّمَ لِرُجْحَانِهِ وَالتَّقْدِيرُ رُجْحَانُ
الْمجَاز فَيجب الْمصير إِلَيْهِ وَهَا هُنَا دقيقة وَهُوَ أَنَّ
الْكَلَامَ إِذَا كَانَ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ وَالْمَجَازُ الرَّاجِحُ
بَعْضُ أَفْرَادِ الْحَقِيقَةِ كَالدَّابَّةِ وَالطَّلَاقِ يتَعَيَّن أَن
الْكَلَام نَص فِي نَفْيِ الْمَجَازِ الرَّاجِحِ بِالضَّرُورَةِ فَلَا
يَتَأَتَّى تَوَقُّفُ الْإِمَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَإِذَا كَانَ فِي
سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ وَالْمَجَازُ الرَّاجِحُ بَعْضُ أَفْرَادِ
الْحَقِيقَةِ فَهُوَ نَص فِي اثبات الْحَقِيقَة بِالضَّرُورَةِ فَلَا
يَأْتِي توقفه أَيْضا وَإِنَّمَا يَتَأَتَّى لَهُ ذَلِكَ إِنْ سُلِّمَ لَهُ
فِي نَفْيِ الْحَقِيقَةِ وَالْكَلَامُ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ أَوْ فِي
إِثْبَاتِ الْمَجَازِ وَالْكَلَامُ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ أَوْ يَكُونُ
الْمَجَازُ الرَّاجِحُ لَيْسَ بَعْضَ أَفْرَاد الْحَقِيقَة كالرواية والنجو
(1/77)
الرَّابِعُ إِذَا دَارَ اللَّفْظُ بَيْنَ
احْتِمَالَيْنِ مَرْجُوحَيْنِ فَيُقَدَّمُ التَّخْصِيصُ وَالْمَجَازُ
وَالْإِضْمَارُ وَالنَّقْلُ وَالِاشْتِرَاكُ عَلَى النّسخ وَالْأَرْبَعَة
الأولى على الِاشْتِرَاك وَالثَّلَاثَة الأولى عَلَى النَّقْلِ
وَالْأَوَّلَانِ عَلَى الْإِضْمَارِ وَالْأَوَّلُ عَلَى الثَّانِي لِأَنَّ
النَّسْخَ يُحْتَاطُ فِيهِ أَكْثَرَ لِكَوْنِهِ يُصَيِّرُ اللَّفْظَ
بَاطِلًا فَتَكُونُ مُقَدِّمَاتُهُ أَكْثَرَ فَيَكُونُ مَرْجُوحًا
فَتُقَدَّمُ لِرُجْحَانِهَا عَلَيْهِ وَالِاشْتِرَاكُ مَحْمَلُ حَالِهِ
الْقَرِيبَةِ بِخِلَافِ الْأَرْبَعَةِ وَالنَّقْلُ يَحْتَاجُ إِلَى
اتِّفَاقٍ عَلَى إِبْطَالٍ وَإِنْشَاءِ وَضْعٍ بَعْدَ وَضْعٍ
وَالثَّلَاثَةُ يَكْفِي فِيهَا مُجَرَّدُ الْقَرِينَةِ فَتُقَدَّمُ
عَلَيْهِ وَلِأَنَّ الْإِضْمَارَ أَقَلُّ فَيَكُونُ مَرْجُوحًا وَلِأَنَّ
التَّخْصِيصَ فِي بعض الْحَقِيقَة بِخِلَاف الْمجَاز
(1/78)
(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْأَوَامِرِ)
وَفِيهِ ثَمَانِيَةُ فُصُولٍ
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي مُسَمَّاهُ مَا هُوَ
أَمَّا لَفْظُ الْأَمْرِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ اسْمٌ لِمُطْلَقِ الصِّيغَةِ
الدَّالَّةِ عَلَى الطَّلَبِ مِنْ سَائِرِ اللُّغَاتِ لِأَنَّهُ
الْمُتَبَادر إِلَى الذِّهْن هَذَا هُوَ مَذْهَب الْجُمْهُور وَعند بعض
الْفُقَهَاء مُشْتَركَة بَين القَوْل وَالْفِعْل وَعند أبي الْحُسَيْن
مُشْتَركَة بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الشَّأْنِ وَالشَّيْءِ وَالصِّفَةِ
وَقِيلَ هُوَ مَوْضُوع للْكَلَام النفساني دون اللساني وَقيل منزل
بَيْنَهُمَا وَأَمَّا اللَّفْظُ الَّذِي هُوَ مَدْلُولُ الْأَمْرِ فَهُوَ
مَوْضُوعٌ عِنْدَ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعِنْدَ أَصْحَابِهِ
لِلْوُجُوبِ وَعِنْدَ أَبِي هَاشِمٍ لِلنَّدْبِ وَلِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ
بَيْنَهُمَا عِنْدَ قَوْمٍ وَعِنْدَ آخَرِينَ لَا يُعْلَمُ حَالُهُ وَهُوَ
عِنْدَهُ أَيْضًا لِلْفَوْرِ وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ خِلَافًا
لِأَصْحَابِنَا الْمَغَارِبَةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَقِيلَ بِالْوَقْفِ
وَهُوَ عِنْدَهُ لِلتَّكْرَارِ قَالَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ مِنِ
اسْتِقْرَاءِ كَلَامِهِ وَخَالَفَهُ أَصْحَابُهُ وَقِيلَ بِالْوَقْفِ لَنَا
قَوْلُهُ تَعَالَى لِإِبْلِيسَ {مَا مَنَعَكَ أَلا تَسْجُدَ إِذْ أَمرتك}
رَتَّبَ الذَّمَّ عَلَى تَرْكِ الْمَأْمُورِ بِهِ فِي الْحَالِ وَذَلِكَ
دَلِيلُ الْوُجُوبِ وَالْفَوْرِ وَأَمَّا التَّكْرَارُ فَلِصِحَّةِ
الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ كُلِّ زَمَانٍ مِنَ الْفِعْلِ فَإِنْ عُلِّقَ عَلَى
شَرْطٍ فَهُوَ عِنْدَهُ وَعِنْدَ جُمْهُورِ أَصْحَابِهِ وَالشَّافِعِيَّةِ
لِلتَّكْرَارِ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى الْإِجْزَاءِ
عِنْدَ أَصْحَابِهِ
(1/79)
خِلَافًا لِأَبِي هَاشِمٍ لِأَنَّهُ لَوْ
بَقِيَتِ الذِّمَّةُ مَشْغُولَةً بَعْدَ الْفِعْلِ لَمْ يَكُنْ أَتَى بِمَا
أُمِرَ بِهِ وَالْمُقَرَّرُ خِلَافُهُ وَعَلَى النَّهْيِ عَنْ أَضْدَادِ
الْمَأْمُورِ بِهِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَصْحَابِهِ مِنَ الْمَعْنَى لَا مِنَ
اللَّفْظِ خِلَافًا لِجُمْهُورِ الْمُعْتَزِلَةِ وَكثير من السُّنَّةِ
وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ عُلُوُّ الْآَمرِ خِلَافًا للمعتزلة وَنَصّ
الْبَاجِيّ من أَصْحَاب مَالك وَأَبُو الْحسن من الْمُعْتَزلَة على
الاستعلاء وَاخْتَارَهُ الامام فَخر الدّين وَلَمْ يَشْتَرِطْ غَيْرُهُمُ
الِاسْتِعْلَاءَ وَلَا الْعُلُوَّ وَالِاسْتِعْلَاءُ فِي الْآَمْرِ مِنَ
التَّرَفُّعِ وَإِظْهَارِ الْقَهْرِ وَالْعُلُوُّ يرجع إِلَى هَيْبَة
الْآمِر وشرفه وَعُلُوِّ مَنْزِلَتِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَأْمُورِ وَلَا
يُشْتَرَطُ فِيهِ أَيْضا إِرَادَةُ الْمَأْمُورِ بِهِ وَلَا إِرَادَةُ
الطَّلَبِ خِلَافًا لِأَبِي عَلِيٍّ وَأَبِي هَاشِمٍ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ
لَنَا أَنَّهَا مَعْنًى خَفِيٌّ يَتَوَقَّفُ الْعِلْمُ بِهِ عَلَى
اللَّفْظِ فَلَوْ تَوَقَّفَ اللَّفْظُ عَلَيْهَا لَزِمَ الدَّوْرُ
الثَّانِي إِذَا وَرَدَ بَعْدَ الْحَظْرِ
اقْتَضَى الْوُجُوبَ عِنْد الْبَاجِيّ ومتقدمي أَصْحَاب مَالك وَأَصْحَاب
الشَّافِعِي والامام فَخر الدّين وَعند جمَاعَة من أَصْحَابنَا وَأَصْحَاب
الشَّافِعِي الْإِبَاحَة كَقَوْلِه تَعَالَى {وَإِذا حللتم فاصطادوا} بعد
قَوْله تَعَالَى {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ}
الثَّالِثُ فِي عَوَارِضِهِ
مَذْهَبُ الْبَاجِيِّ وَجَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابنَا أَنَّهُ إِذَا نُسِخَ
يُحْتَجُّ بِهِ عَلَى الْجَوَازِ وَبِه قَالَ الامام فَخر الدّين وَمَنَعَ
مِنْ ذَلِكَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَبَعْضُ أَصْحَابِنَا وَيَجُوزُ أَنْ
يَرِدَ خَبَرًا لَا طَلَبَ فِيهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ مَنْ كَانَ فِي
الضَّلالَةِ فليمدد لَهُ الرَّحْمَن مدا} وَأَنْ يَرِدَ الْخَبَرُ
بِمَعْنَاهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْوَالِدَاتُ يرضعن} وَهُوَ كَثِيرٌ
الرَّابِعُ يَجُوزُ تَكْلِيفُ مَا لَا يُطَاق
خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ وَالْغَزَّالِيِّ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَقَعْ فِي
الشَّرْعِ خِلَافًا لِلْإِمَامِ فَخْرِ الدِّينِ لَنَا قَوْلُهُ تَعَالَى
{رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَة
(1/80)
لنا بِهِ} فَسُؤَالُ دَفْعِهِ يَدُلُّ
عَلَى جَوَازِهِ وَقَوْلُهُ تَعَالَى {لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا}
يدل على عدم وُقُوعه وَهَا هُنَا دَقِيقَةٌ وَهِيَ أَنَّ مَا لَا يُطَاقُ
قَدْ يَكُونُ عَادِيًّا فَقَطْ نَحْوَ الطَّيَرَانِ فِي الْهَوَاءِ أَوْ
عَقْلِيًّا فَقَطْ كَإِيمَانِ الْكَافِرِ الَّذِي عَلِمَ اللَّهُ تَعَالَى
أَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ أَوْ عَادِيًّا وَعَقْلِيًّا مَعًا كَالْجَمْعِ
بَيْنَ الضِّدَّيْنِ فَالْأَوَّلُ وَالثَّالِثُ هُمَا الْمُرَادَانِ دُونَ
الثَّانِي
الْخَامِسُ فِيمَا لَيْسَ من مقتضاة لَا يُوجب الْقَضَاء عِنْد احتلال
الْمَأْمُورِ بِهِ عَمَلًا بِالْأَصْلِ
بَلِ الْقَضَاءَ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ خِلَافًا لِأَبِي بَكْرٍ الرَّازِيِّ
وَإِذَا تَعَلَّقَ بِحَقِيقَةٍ كُلِّيَّةٍ لَا يَكُونُ مُتَعَلِّقًا
بِشَيْءٍ مِنْ جزئياتها وَلَا يُشْتَرَطُ مُقَارَنَتُهُ لِلْمَأْمُورِ بَلْ
يَتَعَلَّقُ فِي الأول بِالشَّخْصِ الْحَادِثِ خِلَافًا لِسَائِرِ
الْفِرَقِ وَلَكِنَّهُ لَا يعْتَبر مَأْمُورًا إِلَّا حَالَةَ
الْمُلَابَسَةِ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ وَالْحَاصِلُ قَبْلَ ذَلِكَ
إِعْلَامٌ بِأَنَّهُ سَيَصِيرُ مَأْمُورًا لِأَنَّ كَلَامَ اللَّهِ
تَعَالَى قَدِيمٌ وَالْأَمْرَ مُتَعَلِّقٌ لِذَاتِهِ فَلَا يُوجَدُ غَيْرُ
مُتَعَلِّقٍ وَالْأَمْرُ بِالشَّيْءِ حَالَةَ عَدمه محَال للْجمع بَين
النقيضين وَحَالَة بَقَائِهِ محَال لتَحْصِيل الْحَاصِل فَيتَعَيَّن نَص
الْحُدُوثِ وَالْأَمْرُ بِالْأَمْرِ بِالشَّيْءِ لَا يَكُونُ أَمْرًا
بِذَلِكَ الشَّيْءِ إِلَّا أَنْ يَنُصَّ الْآَمْرُ عَلَى ذَلِك كَقَوْلِه
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
مُرُوهُمْ بِالصَّلَاةِ لِسَبْعٍ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لِعَشْرٍ
وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ تَحَقُّقُ الْعِقَابِ عَلَى التَّرْكِ عِنْدَ
القَاضِي أبي بكر الامام فَخْرِ الدِّينِ خِلَافًا لِلْغَزَّالِيِّ
لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيَعْفُو عَن كثير}
السَّادِسُ فِي مُتَعَلِّقِهِ بِالْوَاجِبِ الْمُوسَّعِ
وَهُوَ أَنْ يَكُونَ زَمَانُ الْفِعْلِ يَسَعُ أَكْثَرَ مِنْهُ وَقَدْ لَا
يكون محدودا بل مغيا بِالْعُمْرِ وَقَدْ يَكُونُ مَحْدُودًا كَأَوْقَاتِ
الصَّلَوَاتِ وَهَذَا يُعْزَى لِلشَّافِعِيَّةِ مَنْعُهُ بِنَاءً عَلَى
تَعَلُّقِ الْوُجُوبِ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ وَالْوَاقِعُ بَعْدَ ذَلِكَ
(1/81)
قَضَاءٌ يَسُدُّ مَسَدَّ الْأَدَاءِ
وَلِلْحَنَفِيَّةِ مَنْعُهُ بِنَاءً عَلَى تَعَلُّقِ الْوُجُوبِ بِآخِرِ
الْوَقْتِ وَالْوَاقِعُ قَبْلَهُ نَافِلَة تسد مَسَدَّ الْوَاجِبِ
وَلِلْكَرْخِيِّ مَنْعُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاقِعَ مِنَ الْفِعْلِ
مَوْقُوفٌ فَإِنْ كَانَ الْفَاعِلُ فِي آخِرِ الْوَقْتِ مِنَ
الْمُكَلَّفِينَ فَالْوَاقِعُ فَرْضٌ وَإِلَّا فَهُوَ نقل وَمَذْهَبُنَا
جَوَازُهُ وَالْخِطَابُ عِنْدَنَا مُتَعَلِّقٌ بِالْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ
بَيْنَ أَجْزَاءِ الزَّمَانِ الْكَائِنَةِ بَيْنَ الْحَدَّيْنِ فَلَا حرج
فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ لِوُجُودِ الْمُشْتَرَكِ وَلَمْ يَأْثَمْ
بِالتَّأْخِيرِ لبَقَاء الْمُشْتَرك فِي آخِره وأثم إِذَا فَوَّتَ جُمْلَةَ
الْوَقْتِ لِتَعْطِيلِ الْمُشْتَرَكِ الَّذِي هُوَ مُتَعَلق الْوُجُوب
فَلَا ترد عَلَيْنَا مُخَالَفَةُ قَاعِدَةٍ ألْبَتَّةَ بِخِلَافِ غَيْرِنَا
وَكَذَلِكَ الْوَاجِبُ الْمُخَيَّرُ قَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ الْوُجُوبُ
مُتَعَلِّقٌ بِجُمْلَةِ الْخِصَال وَعِنْدنَا وَعند أهل السّنة أَنه
مُتَعَلِّقٌ بِوَاحِدٍ لَا بِعَيْنِهِ وَيُحْكَى عَنِ الْمُعْتَزِلَةِ
أَيْضًا أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِوَاحِدٍ مُعَيَّنٍ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى
وَهُوَ مَا عُلِمَ أَنَّ الْمُكَلَّفَ سَيُوقِعُهُ وَهُمْ يَنْقُلُونَ
أَيْضًا هَذَا الْمَذْهَبَ عَنَّا وَالْمُخَيَّرُ عِنْدَنَا كَالْمُوسَّعِ
وَالْوُجُوبُ فِيهِ مُتَعَلِّقٌ بِمَفْهُومِ أَحَدِ الْخِصَالِ الَّذِي
هُوَ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهَا وَخُصُوصِيَّاتُهَا مُتَعَلَّقُ
التَّخْيِيرِ فَمَا هُوَ وَاجِبٌ لَا تَخْيِيرَ فِيهِ وَمَا هُوَ مُخَيَّرٌ
فِيهِ لَا وُجُوبَ فِيهِ فَلَا جرم يجْزِيه كل معِين مِنْهَا لتَضَمّنه
للقدر الْمُشْتَرَكِ وَفَاعِلُ الْأَخَصِّ فَاعِلُ الْأَعَمِّ وَلَا
يَأْثَمُ بِتَرْكِ بَعْضِهَا إِذَا فَعَلَ الْبَعْضَ لِأَنَّهُ تَارِكٌ
لِلْخُصُوصِ الْمُبَاحِ فَاعِلٌ لِلْمُشْتَرَكِ الْوَاجِبِ وَيَأْثَمُ
بِتَرْكِ الْجَمِيع لتعطيل الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهَا وَكَذَلِكَ فَرْضُ
الْكِفَايَةِ الْمَقْصُودُ بِالطَّلَبِ لُغَةً إِنَّمَا هُوَ إِحْدَى
الطَّوَائِفِ الَّتِي هِيَ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهَا غَيْرَ أَنَّ
الْخِطَابَ يَتَعَلَّقُ بِالْجَمِيعِ أَوَّلَ الْأَمْرِ لِتَعَذُّرِ
خِطَابِ الْمَجْهُولِ فَلَا جَرَمَ سَقَطَ الْوُجُوبُ بِفِعْلِ طَائِفَةٍ
مُعَيَّنَةٍ مِنَ الطَّوَائِفِ لِوُجُودِ الْمُشْتَرَكِ فِيهَا وَلَا
تَأْثَمُ طَائِفَةٌ مُعينَة إِذا غلب الظَّنِّ فِعْلُ غَيْرِهَا
لِتَحُقِّقِ الْفِعْلِ مِنَ الْمُشْتَرَكِ بَينهَا ظنا وَيَأْثَم الْجَمِيع
إِذا تواطؤوا عَلَى التَّرْكِ لِتَحَقُّقِ تَعْطِيلِ الْمُشْتَرَكِ
بَيْنَهَا إِذَا تَقَرَّرَ تَعَلُّقُ الْخِطَابِ فِي الْأَبْوَابِ
الثَّلَاثَةِ بِالْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ فَالْفَرْقُ بَيْنَهَا أَنَّ
الْمُشْتَرَكَ فِي الْمُوسَّعِ هُوَ الْوَاجِب فِيهِ وَفِي الْكِفَايَة
الْوَاجِبُ عَلَيْهِ وَفِي الْخَيْرِ الْوَاجِبُ نَفْسُهُ
(1/82)
فَائِدَةٌ لَا يُشْتَرَطُ فِي فَرْضِ
الْكِفَايَةِ تَحَقَّقُ الْفِعْلِ بَلْ ظَنُّهُ فَإِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّ
هَذِهِ الطَّائِفَةِ أَنَّ تِلْكَ فَعَلَتْ سَقَطَ عَنْ هَذِهِ وَإِذَا
غَلَبَ عَلَى ظَنِّ تِلْكَ الطَّائِفَةِ أَنَّ هَذِهِ فَعَلَتْ سَقَطَ
عَنْهَا وَإِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّ الطَّائِفَتَيْنِ فِعْلُ كُلِّ
وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا سَقَطَ عَنْهُمَا سُؤَالٌ إِذَا تَقَرَّرَ الْوُجُوبُ
عَلَى جُمْلَةِ الطَّوَائِفِ فِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ فَكَيْفَ يَسْقُطُ
عَمَّنْ لَمْ يَفْعَلْ بِفِعْلِ غَيْرِهِ مَعَ أَنَّ الْفِعْل البدني
كَصَلَاة الْجِنَازَة مثلا ان الْجِهَاد لَا يَجْزِي فِيهِ أحد عَن أحد
وَكَيف يُسَاوِي الشَّرْعُ بَيْنَ مَنْ فَعَلَ وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ
جَوَابه أَن الْفَاعِل سَاوَى غَيْرَ الْفَاعِلِ فِي سُقُوطِ التَّكْلِيفِ
وَاخْتَلَفَ السَّبَبُ فسبب سُقُوطهَا عَنِ الْفَاعِلِ فِعْلُهُ وَعَنْ
غَيْرِ الْفَاعِلِ تَعَذُّرُ تَحْصِيلِ تِلْكَ الْمَصْلَحَةِ الَّتِي
لِأَجْلِهَا وَجَبَ الْفِعْلُ فَلَا جرم انْتَفَى الْوُجُوبُ لِتَعَذُّرِ
حِكْمَتِهِ قَاعِدَةٌ الْفِعْلُ عَلَى قِسْمَيْنِ مِنْهُ مَا تَتَكَرَّرُ
مَصْلَحَتُهُ بِتَكَرُّرِهِ كَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَإِنَّ
مَصْلَحَتَهَا الْخُضُوعُ لِذِي الْجَلَالِ وَهُوَ مُتَكَرِّرٌ بِتَكَرُّرِ
الصَّلَاةِ وَمِنْهُ مَا لَا تَتَكَرَّرُ مَصْلَحَتُهُ بتكرره كإنقاذ
الغريق فَإِن الغريق إِذا شيل مِنَ الْبَحْرِ فَالنَّازِلُ بَعْدَ ذَلِكَ
إِلَى الْبَحْرِ لَا تحصل مصْلحَته وَكَذَلِكَ إِطْعَامُ الْجَوْعَانِ
وَإِكْسَاءُ الْعُرْيَانِ وَقَتْلُ الْكُفَّارِ فَالْقِسْمُ الْأَوَّلُ
جَعَلَهُ الشَّرْعُ عَلَى الْأَعْيَانِ تَكْثِيرًا لمصْلحَة وَالْقِسْمُ
الثَّانِي عَلَى الْكِفَايَةِ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِي الْأَعْيَانِ
(فَوَائِدُ ثَلَاثٌ)
الْأُولَى الْكِفَايَةُ وَالْأَعْيَانُ كَمَا يُتَصَوَّرَانِ فِي
الْوَاجِبَاتِ يُتَصَوَّرَانِ فِي الْمَنْدُوبَاتِ كَالْأَذَانِ
وَالْإِقَامَةِ وَالتَّسْلِيمِ وَالتَّشْمِيتِ وَمَا يُفْعَلُ
بِالْأَمْوَاتِ مِنَ الْمَنْدُوبَاتِ فَهَذِهِ عَلَى الْكِفَايَةِ وَعَلَى
الْأَعْيَانِ كَالْوَتْرِ وَالْفَجْرِ وَصِيَامِ الْأَيَّامِ الْفَاضِلَةِ
وَصَلَاةِ الْعِيدَيْنِ وَالطَّوَّافِ فِي غَيْرِ النُّسُكِ وَالصَّدَقَاتِ
(1/83)
الثَّانِيَة نقل صَاحب الطّراز وَغَيره على
أَن اللَّاحِق من الْمُجَاهدين وَمن َكَانَ سَقَطَ الْفَرْضُ عَنْهُ يَقَعُ
فِعْلُهُ فَرْضًا بعد مَا لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَيْهِ وَطَرَدَهُ
غَيْرُهُ مِنَ الْعلمَاء فِي سَائِر فروض الْكِفَايَة كمن يلْتَحق بمجهز
الْأَمْوَاتِ مِنَ الْأَحْيَاءِ أَوْ بِالسَّاعِينَ فِي تَحْصِيلِ
الْعِلْمِ مِنَ الْعُلَمَاءِ فَإِنَّ ذَلِكَ الطَّالِبَ لِلْعِلْمِ يَقَعُ
فِعْلُهُ وَاجِبًا مُعَلِّلًا لِذَلِكَ بِأَنَّ مَصْلَحَةَ الْوُجُوب لم
تتَحَقَّق بعد وَلم تقع إِلَّا بِفِعْلِ الْجَمِيعِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ
فِعْلُ الْجَمِيعِ وَاجِبًا وَيَخْتَلِفُ ثَوَابُهُمْ بِحَسَبِ
مَسَاعِيهِمْ الثَّالِثَةُ الْأَشْيَاءُ الْمَأْمُورُ بِهَا عَلَى
التَّرْتِيبِ أَوْ عَلَى الْبَدَلِ قَدْ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهَا
كَالْمُبَاحِ وَالْمَيْتَةِ من المرتبات وتزويج الْمَرْأَة من أحد الكفأين
مِنَ الْمَشْرُوعِ عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ وَقَدْ يُبَاحُ كَالْوُضُوءِ
وَالتَّيَمُّمِ مِنَ الْمُرَتَّبَاتِ وَالسُّتْرَةُ بِالثَّوْبَيْنِ مِنْ
بَاب الْبَدَل وَقد تستجب كَخِصَالِ الْكَفَّارَةِ فِي الظِّهَارِ مِنَ
الْمُرَتَّبَاتِ وَخِصَالِ كَفَّارَة الحنت مِمَّا شُرِعَ عَلَى الْبَدَلِ
فَرْعٌ
اخْتَارَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ أَنَّ الْأَمْرَ الْمُعَلَّقَ عَلَى
الِاسْمِ يَقْتَضِي الِاقْتِصَارَ عَلَى أَوَّلِهِ وَالزَّائِدُ عَلَى
ذَلِكَ إِمَّا مَنْدُوب أَو سَاقِط
السَّابِعُ فِي وَسِيلَتِهِ
وَهِيَ عِنْدَنَا وَعِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ مَا لَا يَتِمُّ
الْوَاجِبُ الْمُطْلَقُ إِلَّا بِهِ وَهُوَ مَقْدُورٌ لِلْمُكَلَّفِ فَهُوَ
وَاجِبٌ لِتَوَقُّفِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ فَالْقَيْدُ الْأَوَّلُ
احْتِرَازًا مِنْ أَسْبَابِ الْوُجُوب وشروطه لِأَنَّهَا لَا تحب
إِجْمَاعًا مَعَ التَّوَقُّف وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَا تَتَوَقَّفُ
عَلَيْهِ الصِّحَّةُ بَعْدَ الْوُجُوب والقيد الثَّانِي احْتِرَازًا من
توقفه على فِعْلِ الْعَبْدِ بَعْدَ وُجُوبِهِ عَلَى تَعَلُّقِ عِلْمِ الله
تَعَالَى وَإِرَادَتِهِ وَقُدْرَتِهِ بِإِيجَادِهِ وَلَا يَجِبُ عَلَى
الْمُكَلَّفِ تَحْصِيلُ ذَلِكَ إِجْمَاعًا وَقَالَتِ الْوَاقِفِيَّةُ إِنْ
كَانَتِ الْوَسِيلَةُ سَبَبَ الْمَأْمُورِ بِهِ وَجَبَتْ وَإِلَّا فَلَا
ثُمَّ الْوَسِيلَةُ إِمَّا أَنْ يَتَوَقَّفَ عَلَيْهَا الْمَقْصِدُ فِي
ذَاتِهِ أَوْ لَا يَتَوَقَّفُ وَالْأَوَّلُ إِمَّا شَرْعِيٌّ كَالصَّلَاةِ
عَلَى الطَّهَارَةِ أَوْ عُرْفِيٌّ كَنَصْبِ السُّلَّمِ لِصُعُودِ
السَّطْحِ أَوْ عَقْلِيٌّ كَتَرْكِ الِاسْتِدْبَارِ لفعل الِاسْتِقْبَال
وَالثَّانِي يَجعله وَسِيلَة إِمَّا بِسَبَب الِاشْتِبَاه
(1/84)
كإيجاب خَمْسِ صَلَوَاتٍ لِتَحْصِيلِ
صَلَاةٍ مَنْسِيَّةٍ أَوْ كَاخْتِلَاطِ النَّجِسِ بِالطَّاهِرِ
وَالْمُذَكَّاةِ بِالْمَيْتَةِ وَالْمَنْكُوحَةِ بِالْأُخْتِ أَوْ
لِتَيَقُّنِ الِاسْتِيفَاءِ كَغَسْلِ جُزْءٍ مِنَ الرَّأْسِ مَعَ الْوَجْهِ
أَوْ إِمْسَاكِ جُزْءٍ مِنَ اللَّيْلِ مَعَ نَهَار الصَّوْم
الثَّامِن فِي خطاب الْكفَّار
أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِالْإِيمَانِ
وَاخْتَلَفُوا فِي خِطَابِهِمْ بِالْفُرُوعِ قَالَ الْبَاجِيُّ وَظَاهِرُ
مَذْهَبِ مَالك رَحمَه الله خِطَابُهُمْ بِهَا خِلَافًا لِجُمْهُورِ
الْحَنَفِيَّةِ وَأَبِي حَامِدٍ الاسفرايني لِقَوْلِهِ تَعَالَى حِكَايَةً
عَنْهُمْ {قَالُوا لَمْ نَكُ من الْمُصَلِّين} وَلِأَنَّ الْعُمُومَاتِ
تَتَنَاوَلُهُمْ وَقِيلَ مُخَاطَبُونَ بِالنَّوَاهِي دُونَ الْأَوَامِرِ
وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ تَرْجِعُ إِلَى مُضَاعَفَةِ الْعِقَابِ فِي الدَّار
الْآخِرَة أَوْ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَبَسْطُهُ فِي غَيْرِ هَذِه المقدمه
(1/85)
|