الذخيرة للقرافي

 (الْبَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ)
وَالْفَجْرُ أَصْلُهُ مِنْ تَفَجُّرِ الْعُيُونِ أَيِ انْشِقَاقِهَا فَشُبِّهَ طُلُوعُ الْفَجْرِ بِالضَّوْءِ مِنَ الْأُفُقِ بِطُلُوعِ الْمَاءِ من الْعُيُون وَكَذَلِكَ سُمِّيَ الصَّدِيعَ مِنَ الصَّدْعِ الَّذِي هُوَ الشَّقُّ وَتقول فجر الْعين فجرا وفجر فجورا إِذا انْشَقَّ وَأَفْجَرْنَا إِذَا دَخَلْنَا فِي الْفَجْرِ مِثْلَ أَصْبَحْنَا وَأَمْسَيْنَا إِذَا دَخَلْنَا فِي الصَّبَاحِ وَالْمَسَاءِ وَفِيهِ فروع سِتَّة الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ وَقْتُهُمَا بَعْدَ الْفَجْرِ وَيَتَحَرَّاهُمَا إِذَا كَانَ غَيْمًا فَإِنْ أَخْطَأَ أَعَادَهُمَا لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ عَنِ الْأَذَانِ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ تُقَامَ الصَّلَاةُ قَالَ سَنَدٌ قَالَ ابْن حبيب لَا يعيدهما إِذَا أَخْطَأَ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ التَّحَرِّي وَقَدْ فَعَلَهُ فَإِنْ أَحْرَمَ قَبْلَ

(2/398)


الْفَجْرِ وَأَتَمَّ بَعْدَهُ قَالَ مَالِكٌ لَا يُجْزِيهِ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ أَمَّا أَنَا فَأَقْرَأُ فِيهِمَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَحْدَهَا لِقَوْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إِنْ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَيُخَفِّفُ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ حَتَّى إِنِّي لَأَقُولُ قَرَأَ فِيهِمَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ أَمْ لَا وَحَكَى اللَّخْمِيُّ رِوَايَةً بِقِرَاءَةِ السُّورَةِ وَقَالَهُ (ش) وَفِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَرَأَ فِيهِمَا {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} {وَقل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} وَيُعَضِّدُ الْأَوَّلَ أَنَّ الْفَجْرَ مَعَ الصُّبْح كالرباعية فركعتان بِالْحَمْد وَسورَة وركعتان بِالْحَمْد وَحدهَا وَلذَلِك شرع فِيهِ الْإِسْرَارُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَحَكَى اللَّخْمِيُّ فِيهِ رِوَايَتَيْنِ وَفِي الْكِتَابِ تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ بِهِمَا زِيَادَةً عَلَى نِيَّة الصَّلَاة الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَقَدْ اقيمت الصَّلَاة فَلَا يَرْكَعْهُمَا وَيَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ وَإِنْ أَحَبَّ رَكَعَهُمَا بَعْدَ الشَّمْسِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ
إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ لَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةُ وَقَالَهُ (ش) وَفِي الْجُلَّابِ يَخْرُجُ مِنَ الْمَسْجِدِ فَيُصَلِّيهِمَا ثُمَّ يَعُودُ وَقَالَهُ (ح) وَاسْتَحَبَّ أَشْهَبُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ أَنْ يَرْكَعَهُمَا حَالَةَ الْإِقَامَةِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لِأَنَّهُمْ يَطْلُبُونَهَا فِيهِ وَأَمَّا قَضَاؤُهُمَا بَعْدَ الشَّمْسِ فَقَالَهُ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ قَالَ سَنَدٌ وَوَقْتُ الْقَضَاءِ إِلَى الزَّوَالِ لِأَنَّهُمَا تَبَعٌ لِصَلَاةِ أَوَّلِ النَّهَارِ وَالنِّصْفُ الْأَوَّلُ يَنْقَضِي بِالزَّوَالِ وَفِي التِّرْمِذِيِّ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ

(2/399)


مَنْ لَمْ يُصَلِّ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ فَلْيُصَلِّهِمَا بَعْدَمَا تَطْلُعُ الشَّمْسُ فَلَوْ نَامَ عَنِ الصُّبْحِ قَالَ مَالِكٌ لَا يُصَلِّيهِمَا مَعَ الصُّبْحِ بَعْدَ الشَّمْسِ وَمَا بَلَغَنِي أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَضَاهُمَا يَوْمَ الْوَادِي وَقَالَ أَشْهَبُ بَلَغَنِي وَيَقْضِيهِمَا وَهُوَ فِي مُسْلِمٍ وَيُعَضِّدُ الْأَوَّلَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا وَذَلِكَ يَمْنَعُ مِنَ الِاشْتِغَالِ بِغَيْرِهَا وَفِي الْجَوَاهِر عَن البهري ان لفظ الْقَضَاء فيهمَا تجوز بل هما رَكْعَتَانِ يَنُوب ثوابهما لَهُ عَن ثَوَاب الْفَائِت الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إِنْ سَمِعَ الْإِقَامَةَ قَبْلَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ إِنْ لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ رَكْعَةٍ صَلَّاهُمَا خَارِجَ الْمَسْجِدِ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَفْنِيَةِ الَّتِي تُصَلَّى فِيهَا الْجُمُعَةُ اللَّاصِقَةُ بِهِ وَقَالَهُ (ح) وَقَالَ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ يُقَدَّمُ الدُّخُولُ فِي الصُّبْحِ لِعُمُومِ الْحَدِيثِ لَنَا مَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِأَبِي هُرَيْرَةَ لَا تَدَعْهُمَا وَلَوْ طَرَدَتْكَ الْخَيْلُ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ يَرْكَعُهُمَا إِلَّا أَنْ تَفُوتَهُ الصَّلَاةُ فَرَأَى فِي الْكِتَابِ أَنَّ فَضِيلَةَ رَكْعَةٍ أعظم مِنْهُمَا وَمنع فِي الأفنية خلافًا (ح) لِأَدَائِهِ إِلَى الطَّعْنِ عَلَى الْإِمَامِ قَالَ سَنَدٌ إِذَا أُقِيمَتْ عَلَيْهِ فِي الْفِنَاءِ قَالَ مَالِكٌ يَدْخُلُ مَعَهُمْ وَلَا يَرْكَعُهُمَا كَمَا لَوْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ قَالَ وَلِلْإِمَامِ تَسْكِيتُ الْمُؤَذِّنِ حَتَّى يَرْكَعَ فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ لَا يَخْرُجُ وَلَا يسكته ويركع مَكَانَهُ

(2/400)


الْخَامِسُ فِي الْجَوَاهِرِ لَوْ رَكَعَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ فَفِي رُكُوعِهِ رِوَايَتَانِ وَإِذَا قُلْنَا يَرْكَعُ فَهَلْ ذَلِكَ إِعَادَةٌ لِلْفَجْرِ أَوْ تَحِيَّةٌ لِلْمَسْجِدِ قَوْلَانِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ نَظَرًا لِتَعَارُضِ النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ حِينَئِذٍ إِلَّا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَالْأَمْرِ بِتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَقَدْ جَوَّزَ فِي الْكِتَابِ لِمَنْ يَفُوتُهُ حِزْبُهُ أَنْ يُصَلِّيَهُ قَبْلَ الصُّبْحِ وَبَعْدَ الْفَجْرِ وَسُجُودِ التِّلَاوَةِ قَالَ وَإِنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ بَعْدَ الْفَجْرِ وَقَبْلَ الصُّبْحِ فَلَا يُصَلِّي إِلَّا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَانْفَرَدَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ بِأَنَّهُ يُحَيِّي الْمَسْجِدَ ثُمَّ يَرْكَعُ لِلْفَجْرِ وَضَعَّفَهُ أَبُو عمرَان السَّادِسُ يُكْرَهُ الْكَلَامُ بَعْدَ الصُّبْحِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ وَبَعْدَ الْفَجْرِ لِأَنَّهُ وَقْتُ ذِكْرٍ

(2/401)


(الْبَاب الْخَامِس عشر فِي صَلَاة النَّافِلَة)
وَفِيه فروع ثَمَانِيَة الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مثنى وجوزها (ح) الى الثمان بِتَسْلِيمَةٍ بِاللَّيْلِ وَالْأَوَّلُ عِنْدَهُ أَحْسَنُ وَإِلَى الْأَرْبَعِ بِالنَّهَارِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِحْبَابِ وَلَوْ صَلَّى مَا شَاءَ جَازَ وَجَوَّزَ (ش) أَنْ يُصَلِّيَ بِغَيْرِ عَدَدٍ وَالْأَفْضَلُ السَّلَامُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ مُحْتَجًّا بِمَا فِي مُسْلِمٍ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُصَلِّي تِسْعَ رَكَعَاتٍ لَا يَجْلِسُ فِيهِنَّ إِلَّا فِي الثَّامِنَةِ فَيَذْكُرُ اللَّهَ وَيَحْمَدُهُ وَيَدْعُوهُ ثُمَّ يَنْهَضُ لَا يُسَلِّمُ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي التَّاسِعَةَ لَنَا مَا فِي الصِّحَاحِ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمُ الصُّبْحَ فَلْيُصَلِّ رَكْعَةً تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى وَخَصَّصَ اللَّيْلَ لِكَوْنِ غَالِبِ التَّنَفُّلِ فِيهِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ لِخُرُوجِهِ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَيَعُمُّ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ

(2/402)


الثَّانِي فِي الْكِتَابِ يُصَلِّي النَّافِلَةَ جَمَاعَةً لَيْلًا أَوْ نَهَارًا لِأَنَّ النَّاسَ قَامُوا مَعَهُ عَلَيْهِ السَّلَام فِي قيام رَمَضَان لَيْلَتَيْنِ اَوْ ثَلَاثًا وَأُجْمِعَ عَلَيْهِ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ وَالْعِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَالْخَوْف وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ مُرَادُهُ الْجَمْعُ الْقَلِيلُ خِفْيَةً كَالثَّلَاثَةِ لِئَلَّا تَظُنَّهُ الْعَامَّةُ مِنْ جُمْلَةِ الْفَرَائِض وَكَذَلِكَ اشار ابو الطَّاهِر وَقَالَ وَلَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِي كَرَاهَةِ الْجَمْعِ لَيْلَةَ نِصْفِ شعْبَان وَلَيْلَة عَاشُورَاء وَيَنْبَغِي للأيمة الْمَنْعُ مِنْهُ قَالَ سَنَدٌ وَيَجُوزُ الْجَهْرُ فِيهَا والاسرار فِي اللَّيْل وَالنَّهَار قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَالْجَهْرُ بِاللَّيْلِ أَفْضَلُ وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ الْإِسْرَارُ بِالنَّهَارِ أَفْضَلُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَلَاةُ النَّهَارِ عَجْمَاءُ وَكَرِهَ مَالِكٌ طُولَ السُّجُودِ فِي النَّافِلَةِ فِي الْمَسْجِدِ وَقَالَ أَكْرَهُ الشُّهْرَة الثَّالِث فِي الْكتاب اذا قطع النَّافِلَة عمدا قَضَاهَا وَقَالَهُ (ح) خلافًا (ش) وَوَافَقَ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَيْهِمَا وَقَوله تَعَالَى {وَلَا تُبْطِلُوا أَعمالكُم} وَإِذَا حَرُمَ الْإِبْطَالُ وَوَجَبَ الْإِتْمَامُ فَيَجِبُ الْقَضَاءُ قِيَاسًا عَلَى الْوَاجِبَاتِ وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِلسَّائِلِ إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ مَفْهُومُهُ أَنَّ التَّطَوُّعَ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ قَاعِدَةٌ الْأَحْكَامُ عَلَى قِسْمَيْنِ مِنْهَا مَا اوجبه الله تَعَالَى فِي اصل شَرعه كَالصَّلَاةِ

(2/403)


وَالصَّوْمِ وَمِنْهَا مَا وَكَلَهُ إِلَى إِرَادَةِ خَلْقِهِ كالمنذورات فَلَا يجب إِلَّا بِالنَّذْرِ وَخَصَّصَهُ بِنَقْلِ الْمَنْدُوبَاتِ إِلَى الْوَاجِبَاتِ وَأَسْبَابُ الْأَحْكَامِ عَلَى قِسْمَيْنِ مِنْهَا مَا قَرَّرَهُ فِي أَصْلِ شَرْعِهِ كَالزَّوَالِ وَرُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَمِنْهَا مَا وَكَلَهُ إِلَى إِرَادَةِ خَلْقِهِ كَالتَّعْلِيقَاتِ فِي الْمَنْذُورَاتِ وَالطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ فَدُخُولُ الدَّارِ لَيْسَ سَبَبًا لِطَلَاقِ امْرَأَةِ أَحَدٍ وَلَا عِتْقِ عَبْدِهِ إِلَّا أَنْ يَجْعَلَهُ الْمُكَلَّفُ سَبَبًا لِذَلِكَ بِالتَّعْلِيقِ وَعَمَّمَ الشَّرْعُ ذَلِكَ فِي الْمَنْدُوبَاتِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْأَحْكَامِ فَلَا غَرْوَ حِينَئِذٍ أَنْ يَنْصِبَ اللَّهُ تَعَالَى الشُّرُوعَ سَبَبًا لِلْوُجُوبِ وَتَشْهَدُ لَهُ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ بِالِاعْتِبَارِ وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ بِالنُّسُكَيْنِ إِجْمَاعًا تَنْبِيهٌ لَا يُوجَدُ ذَلِكَ عِنْدَنَا إِلَّا فِي سَبْعِ مَسَائِلَ النُّسُكَيْنِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالِاعْتِكَافِ وَالِائْتِمَامِ وَالطَّوَافِ أَمَّا الشُّرُوعُ فِي تَجْدِيدِ الْوُضُوءِ فَنَصَّ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنْ قَطْعَهُ لَا يُوجِبُ قَضَاءً وَكَذَلِكَ الشُّرُوعُ فِي الصَّدَقَةِ وَالْقِرَاءَةِ وَالْأَذْكَارِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْقُرُبَاتِ وَلِلْخَصْمِ الْقِيَاسُ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ وَلنَا الْفرق ان امكن الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ لَمْ يُؤَقِّتْ قَبْلَ الْمَكْتُوبَةِ وَلَا بَعْدَهَا رُكُوعًا لِعَمَلِ الْمَدِينَةِ قَالَ سَنَدٌ وَقَوْلُ ابْنِ الْجَلَّابِ رَكْعَتَانِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ مِنْ آكَدِ الْمَسْنُونَاتِ غَيْرُ مَعْرُوفٍ فِي الْمَذْهَبِ وَلَيْسَ بَعْدَ الْمَغْرِبِ سُنَّةٌ وَقَالَ (ش) رَكْعَتَانِ قَبْلَ الصُّبْحِ وَرَكْعَتَانِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَانِ بَعْدَهُ وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَقَالَ أَهْلُ الْعِرَاقِ قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعٌ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ رَكْعَتَانِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ

(2/404)


وَفِي الْجَوَاهِرِ عَدَّ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ مِنَ الرَّوَاتِب الرُّكُوع قبل الْعَصْر وَبعد الْمغرب الْخَامِسُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ قَبْلَ الرُّكُوعِ فِي النَّافِلَةِ إِنْ أَمْكَنَهُ إِدْرَاكُ رُكُوعِ الرَّكْعَةِ الْأَوْلَى بِالِاقْتِصَارِ عَلَى الْحَمْدِ فَعَلَ وَإِلَّا قَطَعَ بِسَلَامٍ وَلَا يَقْضِي النَّافِلَةَ فَإِنْ قَطَعَ بِغَيْرِ سَلَامٍ أَعَادَ الْمَكْتُوبَةَ لِأَنَّ قَوْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا صَلَاتَانِ مَعًا يُعَارِضُهُ {وَلا تُبْطِلُوا أَعمالكُم} فَمَهْمَا أَمْكَنَ الْجَمْعُ فَعَلَ قَالَ سَنَدٌ وَإِذَا بَطَلَتِ الْفَرِيضَةُ بِسَبَبِ الدُّخُولِ بِغَيْرِ سَلَامٍ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى حُكْمِ النَّافِلَةِ لِأَنَّهُ يَكْفِي فِيهَا مُطلق الصَّلَاة السَّادِسُ فِي الْكِتَابِ يُكْرَهُ التَّنَفُّلُ عِنْدَ الشُّرُوعِ فِي الْإِقَامَةِ وَالْإِمَامُ فِي مَوْضِعِهِ وَبَعْدَ الْجُمُعَةِ وَفِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يُصَلِّي الْإِمَامُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ حَتَّى يتَحَوَّل السَّابِعُ فِي الْجُلَّابِ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ أَرَادَ الْجُلُوسَ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ جَلَسَ وَلَمْ يُصَلِّ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُجْتَازًا أَوْ مُحْدِثًا أَوْ فِي وَقْتِ نَهْيٍ أَوْ تَكَرَّرَ بِالدُّخُولِ مِنْهُ بَعْدَ أَنْ يُحَيِّيَ وَهِيَ تُسَمَّى تَحِيَّةً ماخوذة من التَّحِيَّة الَّذِي هُوَ السَّلَامُ وَيُسَمَّى السَّلَامُ تَحِيَّةً مِنَ الْحَيَاةِ لِأَنَّ السَّلامَة بِسَبَبِهَا غَالِبًا وَالسَّلَامُ دُعَاءٌ بِالسَّلَامَةِ وَأَصْلُهَا مَا فِي الصِّحَاحِ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الْمُجْتَازَ لَا يُؤْمَرُ بِذَلِكَ قَالَ سَنَدٌ ان صلى فرضا اداء وَقَضَاء دخل فِيهِ التَّحِيَّةَ كَالِاعْتِكَافِ فِي رَمَضَانَ

(2/405)


قَالَ مَالِكٌ يُبْدَأُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِالطَّوَافِ قَبْلَ الرُّكُوعِ لِأَنَّهُ الصَّلَاةُ الْمُخْتَصَّةُ بِهِ وَفِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ بِالرُّكُوعِ قَبْلَ السَّلَامِ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَام لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الرُّسُل عَلَيْهِم السَّلَام
قَاعِدَة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى غَنِيٌّ عَنِ الْخَلْقِ لَا تَزِيدُهُ طَاعَتُهُمْ وَلَا تنقصه معصيتهم وَالْأَدب مَعَه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى اللَّائِق لجلاله مُتَعَذر منا فَأمرنَا سُبْحَانَهُ أَنْ نَتَأَدَّبَ مَعَهُ كَمَا نَتَأَدَّبُ مَعَ اكابرنا لِأَنَّهُ وَسِعَنَا وَلِذَلِكَ أَمَرَنَا بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْمَدْحِ لَهُ وَإِكْرَامِ خَاصَّتِهِ وَعَبِيدِهِ وَلَمَّا كَانَ الدَّاخِلُ على بيُوت الأكابر يسلم عَلَيْهِم وَالسَّلَام فِي حَقه تَعَالَى مُتَعَذر لكَونه سالما لذاته من سَائِر النقائض بل وَرَدَ بِأَنْ يُقَالَ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ وَإِلَيْكَ يَعُودُ السَّلَامُ حَيِّنَا رَبَّنَا بِالسَّلَامِ أَيْ أَنْتَ السَّالِمُ لِذَاتِكَ وَمِنْكَ تَصْدُرُ السَّلَامَةُ لِعِبَادِكَ وَإِلَيْكَ يَرْجِعُ طَلَبُهَا فَأَعْطِنَا إِيَّاهَا وَلَمَّا اسْتَحَالَ السَّلَامُ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ مَقَامَهُ لِيَتَمَيَّزَ بَيْتُ الرَّبِّ عَنْ غَيْرِهِ وَلِذَلِكَ نَابَتِ الْفَرِيضَةُ عَنِ النَّافِلَةِ لحُصُول التَّمْيِيز الثَّامِنُ فِي الْكِتَابِ يُؤْمَرُ الصِّبْيَانُ بِالصَّلَاةِ إِذَا أَثْغَرُوا لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ
مروا الصّبيان بِالصَّلَاةِ لِسَبْعِ سِنِينَ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لِعَشْرٍ

(2/406)


وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ وَحِكْمَةُ ذَلِكَ التَّدْرِيبُ عَلَيْهَا حَتَّى يَأْتِيَ وَقْتُ التَّكْلِيفِ فَلَا تَشُقَّ عَلَيْهِمْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ يُؤَدَّبُونَ عِنْدَ الْإِثْغَارِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمْ حِينَئِذٍ قَالَ سَنَدٌ مَعْنَى التَّأْدِيبِ عِنْدَهُ فِي السَّبْعِ بِغَيْرِ ضَرْبٍ وَيُضْرَبُونَ عَلَيْهَا عِنْدَ الْعَشْرِ وَيَكُونُ قَوْلُهُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ عَطْفًا عَلَى مُرُوهُمْ وَهُوَ أَحْوَطُ لَا سِيَّمَا الذُّكُورُ مَعَ الْإِنَاثِ وَأَمَّا الصَّوْمُ فَقَالَ مَالِكٌ يُؤْمَرُونَ بِهِ عِنْدَ الْبُلُوغِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا يَتَكَرَّرُ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ عِنْدَ إِطَاقَتِهِمْ لِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغُوا
فَائِدَةٌ يُقَالُ ثُغِرَ إِذَا سَقَطت رابعته واثغر إِذا ثبتَتْ

فَصْلٌ فِي الْجَوَاهِرِ
الَّذِي اسْتَمَرَّ الْعَمَلُ عَلَيْهِ مِنَ الْعَدَدِ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ سِتٌّ وَثَلَاثُونَ رَكْعَة ثَلَاث وِتْرٌ وَتُسْتَحَبُّ الْجَمَاعَةُ فِيهِ تَأَسِّيًا بِعُمَرَ رَضِيَ الله عَنهُ واستمرارا الْعَمَلِ قَالَ سَنَدٌ وَاخْتَارَ مَالِكٌ فِي مُخْتَصَرِ مَا لَيْسَ فِي الْمُخْتَصَرِ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً وَهِي صلَاته عَلَيْهِ السَّلَام وَالَّذِي جَمَعَ عَلَيْهَا النَّاسَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَرُوِيَ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَقُومُونَ فِي زَمَنِ عُمَرَ ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ رَكْعَةً وَاخْتَارَهُ (ح) وَابْنُ حَنْبَل وَكَانُوا يصلونَ إِلَى قَرِيبِ الْفَجْرِ وَكَرِهَ مَالِكٌ إِحْيَاءَ اللَّيْلِ كُلِّهِ اتِّبَاعًا لِلسُّنَّةِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ يُوَاظِبُهُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ لَا اخْتِلَافَ فِي أَنَّ الْكَثِيرَ مِنَ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ مِنَ الْقَلِيلِ مَعَ الِابْتِدَاءِ فِي الطُّولِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلِ الْأَفْضَلُ طُولُ الْقِيَامِ أَوْ كَثْرَةُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مَعَ اسْتِوَاءِ الزَّمَانِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ

(2/407)


السَّلَامُ
مَنْ رَكَعَ رَكْعَةً وَسَجَدَ سَجْدَةً رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً وَحُطَّتْ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ وَجَاءَ أَنَّ الذُّنُوبَ تَتَسَاقَطُ كُلَّمَا رَكَعَ وَسَجَدَ وهما يدان عَلَى الْفَضْلِ لَا عَلَى الْأَفْضَلِيَّةِ وَرُوِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا سُئِلَ أَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ قَالَ طُولُ الْقُنُوتِ وَرُوِيَ طُولُ الْقِيَامِ وَهُوَ الأطهر وَكره الدُّعَاء والخطب وَالْقَصَصُ لَيْلَةَ الْخَتْمِ لِتَرْكِ السَّلَفِ إِيَّاهُ وَالصَّلَاةُ فِي رَمَضَانَ أَفْضَلُ مِنْ مُذَاكَرَةِ الْعِلْمِ لِأَنَّهُ عَمَلُ السَّلَفِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ الْعِلْمُ أَفْضَلُ لِأَنَّهُ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ وَفِي الْكِتَابِ يُكْرَهُ إِذَا دَخَلَ إِمَامٌ آخَرُ أَنْ يَقْرَأَ إِلَّا مِنْ حَيْثُ وَقَفَ الْأَوَّلُ لِيَتَسَنَّى نَظْمُ الْمُصْحَفِ قَالَ وَلَيْسَ ختم الْقُرْآن مِنْ سُنَّةِ الْقِيَامِ قَالَ سَنَدٌ فَلَوْ أَتَمَّ الْخَتْمَةَ فِي رَكْعَةٍ وَأَرَادَ ابْتِدَاءَهَا فِي تِلْكَ الرَّكْعَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ وَيَبْتَدِئُ بِالْبَقَرَةِ لِأَنَّ الرُّكْنَ لَا يُكَرَّرُ وَالتَّرْتِيلُ أَفْضَلُ مِنَ الْإِسْرَاعِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا شَكَّ فِي حَرْفٍ فَلَا يَنْظُرْهُ فِي مُصْحَفٍ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى يُسَلِّمَ وَيَجُوزُ أَنْ يَؤُمَّ مِنَ الْمُصْحَفِ فِي النَّافِلَةِ وَيُكْرَهُ فِي الْفَرِيضَةِ وَقَالَهُ (ش) وابطل (ح) الصَّلَاة بِالنّظرِ فِي الْمُصْحَفِ وَفِي الْبُخَارِيِّ كَانَ خِيَارُنَا يَقْرَأُ فِي الْمُصْحَفِ فِي رَمَضَانَ وَانْفِرَادُ الْوَاحِدِ لِطَلَبِ السَّلَامَةِ من الرِّيَاء أفضل على الْمَشْهُور مالم يُؤَدِّ إِلَى تَعْطِيلِ الْمَسَاجِدِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الصَّحِيحِ
خَيْرُ صَلَاةِ أَحَدِكُمْ فِي بَيْتِهِ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ وَفِي الْجُلَّابِ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَة بِالْحَمْد وَعَشْرٍ مِنَ الْآيَاتِ الطِّوَالِ وَيَزِيدُ فِي الْقِصَارِ وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ عَلَى نَظْمِهِ فِي الْمُصْحَفِ وَلَا يَقْرَأُ أَحْزَابًا وَلَا بَأْسَ

(2/408)


بِالصَّلَاةِ بَيْنَ الْأَشْفَاعِ فِي رَمَضَانَ إِذَا كَانَ الْإِمَامُ يَجْلِسُ بَيْنَهَا وَإِلَّا فَلَا وَمَنْ فَاتَهُ الْعِشَاءُ مَعَ الْإِمَامِ فَلْيَبْدَأْ بِهَا وَحْدَهُ وَإِنْ فَاتَتْهُ رَكْعَةٌ مِنَ الإشْفَاعِ قَضَاهَا مَعَ الْإِمَامِ فِي الشفع الثَّانِي يرْكَع بركوعه وَيسْجد بسجوده يفعل ذَلِكَ إِلَى آخِرِ صَلَاتِهِ مُؤْتَمًّا بِهِ فِيهَا رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ بَعِيدٌ لِإِحْرَامِهِ قَبْلَهُ وَسَلَامِهِ أَيْضًا قَبْلَهُ أَوْ يَتَوَاطَأُ فِعْلُهُ مِنْ غَيْرِ ائْتِمَامٍ فِيهَا رَوَاهُ أَشْهَبُ وَهُوَ أَصَحُّ فَإِذَا فَرَغَ الْإِمَامُ قَضَى الْمَأْمُومُ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ إِنْ فَاتَتْهُ رَكْعَةٌ مِنْ رَكَعَاتِ الْوِتْرِ مَعَهُ خَشْيَةَ الْمُخَالَفَةِ وَحَكَى صَاحِبُ الْوَجِيزِ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يَقْضِي وَحْدَهُ تِلْكَ الرَّكْعَةَ الْأُولَى لِئَلَّا يُخَالِفَهُ فِي جُمْلَةِ الصَّلَاةِ فِي الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَهُوَ أَوْلَى الْأَقْوَال

(2/409)