الذخيرة
للقرافي (كِتَابُ الْوَكَالَةِ)
وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ:
(الْبَابُ الْأَوَّلِ فِي أَرْكَانِهَا)
وَهِيَ أَرْبَعَةٌ: الرُّكْنُ الْأَوَّلُ: الموكِّل وَفِي الْجَوَاهِرِ
كُلُّ مَنْ جَازَ لَهُ التصرفُ لِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ يجوزُ لَهُ الاستنابةُ
وَأَصْلُ هَذَا الْكِتَابِ قَوْله تَعَالَى {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ
بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَة} وَهَذِه وكَالَة وَقَوله تَعَالَى
{فأشهدوا عَلَيْهِم} وَفِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ
أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ أُضْحِيَّةً بِدِينَارٍ فَاشْتَرَى
لَهُ شَاتَيْنِ بِدِينَارٍ وَبَاعَ وَاحِدَةً بِدِينَارٍ وَأَتَاهُ بِشَاةٍ
وَدِينَارٍ فَدَعَا لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْبَرَكَةِ
الرُّكْنُ الثَّانِي: الْوَكِيلُ فِي الْجَوَاهِرِ: مَنْ جَازَ لَهُ أَنْ
يَتَصَرَّفَ لِنَفْسِهِ فِي الشَّيْءِ جَازَ لَهُ أَنْ يَنُوب فِيهِ " عَنْ
" غَيْرِهِ إِذَا كَانَ قَابلا للاستنسابة إِلَّا أَنْ يَمْنَعَ مَانِعٌ
فَقَدْ مُنِعَ فِي الْكِتَابِ مِنْ تَوْكِيلِ الذِّمِّيِّ عَلَى مُسْلِمٍ
أَوْ بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوِ اسْتِئْجَارٍ أَوْ يُبضع مَعَهُ وَكَرِهَهُ
وَلَوْ كَانَ عَبْدًا لَهُ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَمَا
ذَلِكَ إِلَّا أَنه قد يٌ غلظ عَلَى الْمُسْلِمِينَ إِذَا وُكِّل
عَلَيْهِمْ قَصْدًا لِأَذَاهُمْ فَيَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمِ إعانتُه
عَلَى ذَلِكَ قَالَ الإِمَام: وَأما البيع وَالشِّرَاء فلِيَلا يَأْتِيَهُ
بِالْحَرَامِ وَلِهَذَا مَنَعَ الذِّمِّيُّ عَامِلًا لَيْلًا يُعَامِلُ
بِالرِّبَا وَبِمَا لَا تحلُّ المعاوضةُ بِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ: فَإِنْ
نَزَلَ هَذَا تَصَدَّقَ الْمُسْلِمُ بِالرِّبْحِ قَالَ الْإِمَامُ وَهَذَا
الَّذِي قَالَهُ مُحَمَّدٌ إِنَّمَا يَتَخَلَّصُ مِمَّا يَتَخَوَّفُ مِنَ
الْحَرَامِ بِأَنْ يَكُونَ مَا فَعَلَهُ الذِّمِّيُّ مِنَ الرِّبَا
فَيَتَصَدَّقُ بِمَا زَادَ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى
{وَإِن تُبتُم فلكم رُؤْس أموالكُم لَا تََظلِمون وَلَا تُظلمون} قَالَ:
وَأَمَّا الْوَاقِعُ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ وَأَتَى الْمُوَكِّلَ
بِثَمَنِ ذَلِكَ فَيَتَصَدَّقُ بِجَمِيعِهِ لِأَنَّهُ كُلَّهُ ثَمَنُ
خَمْرٍ فَهُوَ حرامٌ كلُّه وَفِي الرِّبَا إِنَّمَا تَحْرُمُ الزِّيَادَةُ
فَرْعٌ
قَالَ مِنَ الْمَوَانِعِ العداوةُ فَلَا يُوَكَّلُ الْعَدُوُّ عَلَى
عَدُوِّهِ وَبَقِيَّةُ فُرُوعِ هَذَا الرُّكْنِ تَقَدَّمَتْ فِي الرُّكْنِ
الْأَوَّلِ فِي الْبَيْعِ الرُّكْنُ الثَّالِثُ: مَا فِيهِ التَّوْكِيلُ
فِي الْجَوَاهِرِ: لَهُ شَرْطَانِ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ قَالَ أَنْ يَكُونَ
قَابِلًا لِلنِّيَابَةِ وَهُوَ مَا لَا يَتَعَيَّنُ بِحُكْمِهِ مُبَاشَرَةً
كَالْبَيْعِ وَالْحِوَالَةِ وَالْكَفَالَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالْوَكَالَةِ
وَالْمُصَارَفَةِ وَالْجَعَالَةِ وَالْمُسَاقَاةِ وَالنِّكَاحِ
وَالطَّلَاقِ وَالْخُلْعِ وَالسَّلَمِ وَسَائِرِ الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ
دُونَ الْعِبَادَاتِ غَيْرِ الْمَالِيَّةِ مِنْهَا كَأَدَاءِ الزَّكَاةِ
وَالْحَجِّ عَلَى خِلَافٍ فِيهِ وَيَمْتَنِعُ فِي الْمَعَاصِي
كَالسَّرِقَةِ وَالْقَتْلِ العُدْوان بَلْ تَلْزَمُ أحكامُ هَذِهِ
متعاطَِيها وَيَلْحَقُ بِالْعِبَادَاتِ الأيمانُ وَالشَّهَادَاتُ
وَاللِّعَانُ وَالْإِيلَاءُ وَيَلْحَقُ بِالْمَعَاصِي الظِّهَارُ لِأَنَّهُ
مُنكر وزرور وَيَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِقَبْضِ الْحُقُوقِ وَاسْتِيفَاءِ
الْحُدُودِ وَالْعُقُوبَاتِ وَفِي الْخُصُومَات فِي الْإِقْرَار
وَالْإِنْكَار بِرِضَى الْخصم وَبِغير رِضَاهُ فِي حُضُور المستحٍ قّ
وَغَيْبَتِهِ تَمْهِيدٌ الْأَفْعَالُ قِسْمَانِ مِنْهَا مَا لَا تحصلُ
مصلحتُه إِلَّا لِلْمُبَاشِرِ فَلَا يَجُوزُ التَّوْكِيلُ
(8/5)
فِيهَا لِفوات الْمَصْلَحَةِ
بِالتَّوْكِيلِ كَالْعِبَادَةِ فَإِنَّ مَصْلَحَتَهَا الخضوعُ وَإِظْهَارُ
الْعُبُودِيَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا يلزمُ مِنْ خُضُوعِ الْوَكِيلِ
خضوعُ الموكِّل فَتَفُوتُ الْمَصْلَحَةُ وَمَصْلَحَةُ الْوَطْءِ
الْإِعْفَافُ وَتَحْصِيلُ وَلَدٍ يُنْتَسَبُ إِلَيْهِ وَذَلِكَ لَا
يَحْصُلُ لِلْمُوَكَّلِ بِخِلَافِ عَقْدِ النِّكَاحِ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ
تَحَقُّقُ سَبَبِ الْإِبَاحَةِ وَقَدْ تَتَحَقَّقَ مِنَ الْوَكِيلِ
وَمَقْصُودُ اللِّعَانِ وَالْأَيْمَانِ كُلِّهَا إِظْهَارُ دَلِيلِ
الصِّدْقِ فِيمَا ادَّعَى وحلِفُ زيدٍ لَيْسَ دَلِيلًا عَلَى صِدْقِ
عَمْرٍو وَكَذَلِكَ الشَّهَادَاتُ مَقْصُودُهَا الْوُثُوقُ بِعَدَالَةِ
المتحِّمل وَذَلِكَ فَائِتٌ إِذَا ادَّعَى غَيْرُهُ وَمَقْصُودُ
الْمَعَاصِي إعدامُها وشَرْعُ التَّوْكِيلِ فِيهَا
فَرْعُ تَقْرِيرِهَا فَضَابِطُ هَذَا الْبَابِ مَتَى كَانَ الْمَقْصُودُ
يحصلُ مِنَ الْوَكِيلِ كَمَا يَحْصُلُ مِنَ الموكِّل جَازَتِ الْوَكَالَةُ
وَإِلَّا فَلَا
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: لَوْ قَالَ لِوَكِيلِهِ قِرَّ عَنِّي لِفُلَانٍ بِأَلْفٍ فَهُوَ
مُقِرٌّ بِهَذَا الْقَوْلِ قَالَ الْمَازِرِيُّ اسْتِقْرَاؤُهُ مِنْ نَصِّ
بَعْضِ الْأَصْحَابِ الشَّرْطُ الثَّانِي: قَالَ أَنْ يَكُونَ مَا بِهِ
التَّوْكِيلُ مَعْلُومًا بِالْجُمْلَةِ نُصَّ عَلَيْهِ أَوْ دَخل تَحْتَ
عُمُومِ اللَّفْظِ أَوْ عُلم بِالْقَرَائِنِ أَوِ الْعَادَةِ فَلَوْ قَالَ
وكَّلْتُك أَوْ فلانٌ وَكِيلِي لَمْ يَجُزْ حَتَّى يَقُولَ بِالتَّفْوِيضِ
أَوْ بِالتَّصَرُّفِ فِي بَعْضِ الْأَشْيَاءِ لِأَنَّهُ عقدٌ يفْتَقر إِلَى
الرضى فيُنافيه الْجَهْلُ الْمُطْلَقُ كَسَائِرِ الْعُقُودِ وَلَوْ قَالَ
وَكَّلْتُكَ بمَا لِي مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ جَازَ وَاسْتَرْسَلَتْ يَدُ
الْوَكِيلِ عَلَى جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ ومَضَى فعلُه فِيهَا إِذَا كَانَ
نَظَرًا لِأَنَّهُ مَعْزُولٌ عَنْ غَيْرِ النَّظَرِ عَادَةً إِلَّا أَنْ
يَقُولَ لَهُ افْعَلْ مَا شِئْتَ كَانَ نَظَرًا أَمْ لَا لِأَنَّهُ حَقُّهُ
فَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَأَمَّا إِنْ قيَّد بِبَعْضِ
الْأَشْيَاءِ دُونَ بَعْضٍ اتُّبع مُقْتَضَى اللَّفْظِ أَوِ الْعَادَةِ
وَلَوْ قَالَ اشترِ لِي عَبْدًا جَازَ أَوْ عَبْدًا تُرْكِيًا بِمِائَةٍ
فَأَوْلَى بِالْجَوَازِ لِذِكْرِ النَّوْعِ وَالثَّمَنِ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: التَّوْكِيلُ بِالْإِبْرَاءِ لَا يَسْتَدْعِي عِلْمَ الموكِّل
بالمبلغ المبراء عَنْهُ وَلَا عِلْمَ الْوَكِيلِ وَلَا عِلْمَ مَنْ
عَلَيْهِ الْحق لِأَن مَقْصُود رضى الْوَكِيلِ عِلْمُ مَا يُشْبِهُ
الْمُوَكِّلَ
(8/7)
مِنَ الْعِلْمِ إِجْمَالًا وَذَلِكَ
حَاصِلٌ حينئذٍ وَلَوْ قَالَ بِعْ بِمَا بَاعَ بِهِ فُلَانٌ فَرَسَهُ
والعلمُ بِمَا بَاعَ بِهِ فُلَانٌ فَرَسَهُ مشترطٌ لِيَجْتَهِدَ إِلَى
تِلْكَ الْغَايَةِ وَلَوْ قَالَ وَكَّلْتُكَ لِمخاصمة خصمِ جازَ وَإِنْ
لَمْ يُعَيِّنْهُ لِأَنَّ الْمُخَاصَمَةَ لَا يُعْلَمُ غَايَتُهَا
فَاعْتُبِرَ جنسُها خَاصَّةً
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ عَلِيُّ الْبَصْرِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ: يَصِحُّ التَّوْكِيلُ عَلَى
الْخَصْمِ وَإِنْ لَمْ يرضَ وَقَالَهُ (ش) وَقَالَ (ح) كَذَلِكَ إِنْ غَابَ
وَإِنْ حَضَرَ اشْتَرَطَ رِضَاهُ لِأَنَّهُ يَقُولُ لِلْمُوَكِّلِ لَمْ
أَرض غلا بِمَقَالَتِكَ وَجَوَابُهُ أَنَّ عَلِيًّا وَكَّلَ عَقِيلًا
عِنْدَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِيُخَاصِمَ عَنْهُ وَقَالَ هَذَا
عقيلُ أَخِي مَا قُضي لَهُ فَلِي وَمَا قُضي عَلَيْهِ فَعَلَيَّ وَلِأَنَّ
الموكِّل قَدْ يَعْجِزُ عَنِ الْحِجَاجِ مَعَ الْحَاضِرِ وَرُبَّمَا كَانَ
مِمَّنْ تَشِينُهُ الْخُصُومَاتُ لِعُلُوِّ مَنْصِبِهِ وَقَدْ قَالَ
عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَنْ بَالَغَ فِي الْخُصُومَةِ أَثِمَ
وَمَنْ قصَّر فِيهَا خُصِمَ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ لَا يُقبل قَوْلُ الْوَكِيلِ فِي قَبْضِ الْحق الَّذِي وُكل فِي
قَبضه وَقَالَ (ش) وَقَالَ (ح) : يُقْبَلُ عَلَى تَلَفِهِ لِأَنَّهُ
أَمِينُهُ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ وكَّله عَلَى الْقَبْضِ دُونَ الْإِقْرَارِ
وَلَوْ وَكَّلَهُ عَلَى الْقَبْضِ وَأَبْرَأَ لَمْ يَصِحَّ فَكَذَلِكَ
هَاهُنَا بِجَامِعِ عَدَمِ التَّوْكِيلِ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ وَلَوْ وَكَّلَهُ بِالْبَيْعِ لَمْ يَصِحَّ إِبْرَاؤُهُ وَقَالَ (ش)
وَقَالَ (ح) : يَصِحُّ وَيُغَرَّمُ الْوَكِيلُ للموكِّل لِأَنَّهُ أقامهُ
مَقَامَهُ وَجَوَابُهُ أَنَّمَا أَقَامَهُ فِي هَذَا خَاصَّةً دُونَ
الْإِبْرَاءِ
3
-
(فَرْعٌ) قَالَ: إِذَا بَاعَ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِهِ رُدِّ
وَقَالَ (ش) لغزله عَنْ ذَلِكَ عَادَةً وَقَالَ (ح) يَصِحُّ لِأَنَّ اسْمَ
الْبَيْعِ يتناولُه لِأَنَّهُ أَعَمُّ وَجَوَابُهُ عُمُومٌ مُقَيَّدٌ
بِالْعَادَةِ وَكَذَلِكَ مَنَعَ مَالِكٌ وَ (ش) بَيْعَهُ بِالدِّينِ
وَجَوَّزَهُ (ح) مِنَ الْإِطْلَاقِ وَجَوَابُهُ مَا تقدم. الْكن الرَّابِع:
الصغة وَمَا يَقُومُ مَقَامَهَا فِي الدَّلَالَةِ قَالَ فِي الْجَوَاهِر:
وَلَا
(8/8)
بُدَّ مِنَ الْقَبُولِ فَإِنْ تَرَاخَى
زَمَانًا طَوِيلًا يَتَخَرَّجُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي تَخْيِيرِ
الْمَرْأَةِ إِذَا قَامَتْ وَلَمْ تَخْتَرْ فِي الْمَجْلِسِ قَالَ
وَالتَّحْقِيقُ فِي هَذَا يَرْجِعُ إِلَى الْعَادَةِ هَلِ الْمَقْصُودُ
مِنْ هَذَا اللَّفْظِ جَوَابُهُ عَلَى الْفَوْرِ أَمْ لَا فِي
الْجَوَاهِرِ: حُكْمُ الْوَكَالَةِ اللُّزُومُ مِنَ الْجَانِبَيْنِ إِذَا
كَانَتْ بِغَيْرِ أُجرة قَالَهُ أَبُو الْحسن وَقيل اللُّزُوم من جَانب
الوكِّل قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِنَاءً عَلَى لُزُومِ الْهِبَةِ
وَأَن لم يتعض وَبِالْأُجْرَةِ لَازِمَةً مِنَ الطَّرَفَيْنِ لِأَنَّهَا
إِجَارَةٌ وَيَجِبُ أَن يكون الْعَمَل مَعْلُوما كَمَا فِي الْإِجَازَة
وَإِن كَانَت على سَبِيل الْجعَالَة فَفِي اللزو م ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:
اللُّزُومُ مِنَ الطَّرَفَيْنِ وَعَكْسُهُ وَمِنْ جِهَةِ الْجَاعِلِ فَقَطْ
وَإِذَا فرَّعنا عَلَى الْجَوَازِ فينعزلُ بِعَزْلِ الموكِّل إِيَّاهُ فِي
حَضْرَتِهِ مَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِوَكَالَتِهِ حَقٌّ كَمَا إِذَا نَشِبَ
مَعَهُ فِي الْخُصُومَةِ أَوْ وَكَّلَهُ فِي قَضَاءِ دَيْنٍ عَلَيْهِ
وَهَلْ يَنْعَزِلُ قَبْلَ بُلُوغِ الْخَبَرِ إِلَيْهِ رِوايتان
وَيَنْعَزِلُ بِبَيْعِ الْعَبْدِ الموكِّل فِي بَيْعِهِ وَبِإِعْتَاقِهِ
وَيَنْعَزِلُ بِعَزْلِهِ نفسَه فِي حُضُورِ الموكِّل وغيبته على القَوْل
ابجواز وَقِيلَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فِي غَيْبَتِهِ وَيَنْعَزِلُ بِمَوْتِ
الموكِّل وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَإِنْ كَانَ مُفَوَّضًا إِلَيْهِ فَهُوَ عَلَى
وَكَالَتِهِ حَتَّى يَعْزِلَهُ الْوَرَثَةُ وَإِذَا فرَّعنا عَلَى
الْأَوَّلِ فَمَتَى يُعتبر الْعَزْلُ فِي حَقِّ مَنْ عَامَلَهُ؟ أَقُولُ
حَالَةُ الْمَوْتِ حَالَةُ الْعِلْمِ فَمَنْ عَلِمَ انْتُسِخَ فِي حَقِّهِ
دُونَ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ وَالْقَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى النَّسْخِ فِي
الشَّرْعِ هَلْ حِينَ النُّزُولِ أَوِ الْبُلُوغِ؟ قَوْلَانِ
لِلْأُصُولِيِّينَ فَالْمَوْتُ كَالنُّزُولِ الْقَوْلُ الثَّالِثُ عَلَى
الْوَكِيلِ خَاصَّةً فَيَنْتَسِخُ بِعِلْمِهِ لَا بِعِلْمِ الَّذِي
يُعَامِلُهُ لَكِنَّ مَنْ دَفَعَ إِلَيْهِ شَيْئًا بَعْدَ عِلْمِهِ
بِعَزْلِهِ لِأَنَّهُ دَفَعَ إِلَى مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ بِوَكِيلٍ
وَفِي النَّوَادِرِ: إِذَا مَاتَ الْبَاعِثُ بِالْبِضَاعَةِ قَبْلَ
وُصُولِهَا إِنْ كَانَ للرسول بَيِّنَة بالإررسال فَعَلَيْهِ دَفْعُهَا
وَإِلَّا فَلَا حَتَّى يُصَدِّقَهُ وَرَثَةُ الْبَاعِثِ وَيَكُونَ شَاهِدًا
لِلْمَبْعُوثِ إِلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الْمَبْعُوثُ إِلَيْهِ صِلَةٌ أَوْ
هَدِيَّةٌ رُدت لِلْوَرَثَةِ لبطلانها بِالْمَوْتِ قبل القبص إِلَّا أَنْ
يَكُونَ قَدْ أَشْهَدَ عَلَيْهَا عِنْدَ الْإِرْسَالِ وَلَوْ مَاتَ
الْمَبْعُوثُ إِلَيْهِ قَبْلَ خُرُوجِ الصِّلَةِ مِنْ يَدِ الْبَاعِثِ
بَطَلَتْ أَشْهَدَ أَمْ لَا نَظَائِرُ: قَالَ أَبُو عِمْرَانَ: خَمْسَةُ
عُقُودٍ عَلَى الْجَوَازِ دُونَ اللُّزُومِ الْوَكَالَةُ وَالْجَعَالَةُ
وَالْمُغَارَسَةُ والتحكيم والقراض
(8/9)
(الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهَا)
وَفِي الْجَوَاهِرِ: حُكْمُهَا صِحَّةُ مَا وَافَقَ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ
وَفَسَادُ مَا خَالَفَ اللَّفْظَ أَوِ الْعَادَةَ مِمَّا يَعُودُ بِنَقْصٍ
وَأما يَعُودُ بِزِيَادَةٍ فَقَوْلَانِ بَنَاهما أَبُو الطَّاهِرِ عَلَى
شَرط مَا لَا يُفيد هَل يلْزم الْوَفَاء بِهِ أَوْ لَا وَلَهُ الْبَيْعُ
وَالشِّرَاءُ مَنْ أَقَاربه إِذا لم يُجَاب وَلَا يَبِيعُ مِنْ نَفْسِهِ
لِخُرُوجِهِ عَنِ اللَّفْظِ عادةَ وَكَذَلِكَ وَلَدُهُ أَوْ يَتِيمُهُ
وَقِيلَ لَهُ ذَلِكَ وَحَيْثُ قُلْنَا لَهُ ذَلِكَ بِمُطْلَقِ الْإِذْنِ
أَوْ أُذن لَهُ فِيهِ فَإِنَّهُ يَتَوَلَّى طَرَفَيِ الْعَقْدِ إِذَا بَاعَ
أَوِ اشْتَرَى مِنْ نَفْسِهِ أَو وَلَده الصَّغِير أَو يتيمه كَا
يَتَوَلَّى ابْنُ الْعَمِّ طَرَفَيْ عَقْدِ النِّكَاحِ وتولَّى مَنْ
عَلَيْهِ الدَّيْنُ استيفاءَهُ مِنْ نفسهِ بِالْوَكَالَةِ وَكَذَلِكَ
الْوَكِيلُ مِنَ الْجَانِبَيْنِ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ وَالْبَيْعِ
وَمَهْمَا عُلم أَنَّ الشِّرَاءَ لِلْمُوَكَّلِ فالمُلْك يَنْتَقِلُ
للموكَّل لَا إِلَى الْوَكِيلِ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْجَوَاهِرِ: لَا يُسَلِّمُ الْمَبِيعَ قَبْلَ تَوْفِيَةِ الثَّمَنِ
فَإِنْ سَلَّمَ وَلَمْ يُشهِد فَجَحَدَ الثَّمَنَ ضَمِنَهُ لتغريره وَيملك
الْمُطَالبَة بِالثّمن وَالْقَبْض لِأَن مِنْ تَوَابِعِ الْبَيْعِ
وَيُقَاصُّ الْوَكِيلَ وَالشُّرَكَاءَ وَيَمْلِكُ قَبْضَ الْمَبِيعِ
وَأَمَّا مُطَالَبَتُهُمَا بِالثَّمَنِ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهُ
وَكِيلٌ طُولِبَ بِتَسْلِيمِ الثَّمَنِ أَوِ المُثْمَن وَكَانَتِ
الْعُهْدَةُ عَلَيْهِ وَإِنْ بَيَّن أَنَّهُ وَكيل وتبرأ من الثّمن أَن
المُثْمَن لَمْ يَكُنْ لَهُ أَدَاءٌ وَلَا عُهْدَةٌ وَإِنْ صَرَّحَ
بِالِالْتِزَامِ لَزِمَهُ مَا صَرَّحَ بِالْتِزَامِهِ وَثَمَّنَ " مَا "
لَمْ يُصَرِّحْ بأَحد الْأَمْرَيْنِ فَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ عَلَى شِرَاءٍ
بِنَقْدٍ أَوْ بَيْعٍ بِهِ فالمنصوص فِي الْمَذْهَب مطالبتُه بِالثّمن
والمثمون وَفِي النَّوَادِرِ: عَنْ مَالِكٍ
(8/10)
إِذَا أبضَع مَعَهُ سِلْعَةً لِيَدْفَعَهَا
لِرَجُلٍ فَعَلَيْهِ الْإِشْهَادُ عَلَى الدَّفْعِ وَإِلَّا ضمِن إِنْ
أَنْكَرَ الْقَابِضُ وَلَوِ اشْتَرَطَ عَدَمَ الْإِشْهَادِ نَفَعَهُ
شَرْطُهُ إِلَّا أَنْ يَحْلِفَ فَإِنِ اشْتَرَطَ عَدَمَ الْحَلِفِ بَطل
الشَّرْط لأنّ الْأَحْدَاث تحدُث والتهم تجدّد بِخِلَاف الْإِشْهَاد
وَقَالَ عبد الْمَالِك: يُصدّق وَلَا إِشْهَادَ عَلَيْهِ عَلَى الدَّفْعِ
إِلَّا أَنْ يَقُولَ الآمرُ لَهُ اقْضِ هَذَا عَنِّي فُلَانًا فَهُوَ
ضَامِنٌ إِنْ لَمْ يُشهد لِأَنَّهُ وَكَّلَ إِلَيْهِ الْقَضَاءَ والقضاءُ
لَا يَكُونُ إِلَّا بِالْإِشْهَادِ قَالَ مَالِكٌ: فَلَوْ قَالَ
الْمَبْعُوثُ إِلَيْهِ قَبَضْتُهَا وَضَاعَتْ مِنِّي ضمِن الرَّسُولُ
لِتعدِّيهِ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ قَالَ مُحَمَّدٌ: إِلَّا أَنْ يَكُونَ
دَيْنًا لِلْمَبْعُوثِ إِلَيْهِ عَلَى الْمُرْسِلِ فيبرأُ الْبَاعِثُ
إِلَيْهِ وَالرَّسُولُ وَلَا يَنْتَفِعُ الرَّسُولُ بِشَهَادَةِ
الْمَبْعُوثِ إِلَيْهِ لِأَنَّ لَهُ عَلَيْهِ الْيَمِينَ عَلَى ضَيَاعِهَا
فَلَوْ جَازَتْ شَهَادَتُهُ لَمْ يَحْلِفْ وَكَذَلِكَ إِنْ لَمْ يُشهد فِي
دَفْعِ الثَّوْبِ للقصَّار ضمِن قَالَهُ سَحْنُونٌ وَفِي الْمُوَازِيَةِ:
إِنْ بَعَثَ بِالثَّمَنِ فَأَنْكَرَهُ الْبَائِعُ حَلَفَ الرَّسُولُ
وَبَرِئَ وَلَا يَبْرَأُ الْمُشْتَرِي إِلَّا بِبَيِّنَةٍ قَالَهُ مَالِكٌ
3
-
(فَرْعٌ)
قَالَ: إِذَا اشْتَرَى بِثَمَنِ المِثْل وَجَهِلَ الْعَيْبَ وَقَعَ عَنِ
الموكِّل وَلِلْوَكِيلِ الردُّ عَلَى ضَمَانِهِ بِمُخَالَفَةِ الصِّفَةِ
وَإِنْ عَلِمَ وَقَعَ عَنْهُ وَلَمْ يُرَد لِرِضَاهُ وَإِنْ كَانَ
الْعَيْبُ يَسِيرًا وَاشْتَرَاهَا بِذَلِكَ نَظَرًا لِلْآمِرِ لَزِمَ
الْآمِرَ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَعَلِمَ لَمْ يَقَعْ عَنِ
الْمُوَكِّلِ وَلَوْ جَهِلَ وَقَعَ عَنْهُ وَمَهْمَا جَهِلَ الْوَكِيلُ
فَلَهُ الردُّ إِلَّا إِذَا كَانَ الْعَيْبُ عَيْنًا مِنْ جِهَةِ
الْمُوَكِّلِ فَلَا رَدَّ لِلْوَكِيلِ وَقَالَ أَشْهَبُ الْمُوَكِّلُ
مُقَدَّمٌ فَإِنْ كَانَتِ السِّلْعَةُ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ فَلَهُ الرَّدُّ
بَعْدَ اسْتِرْجَاعِ الْوَكِيلِ لَهَا إِذَا لَمْ يُمض رَدَّهُ قَالَ ابْنُ
الْقَاسِمِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا مُفَوَّضًا فَلَهُ الرَّدُّ
وَالْقَبُولُ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَاهُ عَلَى الِاجْتِهَادِ مِنْ غَيْرِ
مُحَابَاةٍ وَحَيْثُ يَكُونُ الْوَكِيلُ عَالِمًا فَلَا ردَّ لَهُ وَلَا
يَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَيْبُ يَسِيرًا فَإِنْ
كَانَ كَثِيرًا أَلْزَمَهَا الْوَكِيلُ لِلْمُوَكِّلِ إِنْ شَاءَ.
3 -
(فَرْعٌ)
فِي النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِنْ وكَّلك فِي دَيْنٍ
فَادَّعَى المطلوبُ دَفْعَ بَعْضِهِ لِرَبِّهِ لَا يُسمع ذَلِكَ إِلَّا
بِبَيِّنَةٍ فَإِنْ قَبَضْتَ مِنْهُ الْجَمِيعَ ثُمَّ قَدِمَ الطالبُ
فَأَقَرَّ رَجَعَ
(8/11)
الْمَطْلُوبُ عَلَيْهِ لِتَفْرِيطِهِ فِي
عَدَمِ إِخْبَارِكَ بِمَا قَبَضَ وَلَوْ قَالَ الْمَطْلُوبُ اكْتُبُوا
لِلطَّالِبِ فَإِنْ صدَّقني بَرِئْتُ لَا يُسْمَعُ مِنْهُ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ مَتَى تَوَجَّهَتِ الْيَمِينُ عَلَى وَكِيلٍ أَوْ وَصِيٍّ فِي
اخْتِلَافِ ثَمَنِ مَبِيعٍ أَوْ وَفَاءِ دَيْن فِي يَمِينٍ مَرْدُودَةٍ
فَلَمْ يحْلفْ ضَمِن لتعدِّيه بِالنُّكُولِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ
شاهدٍ إِنْ أَقامه قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلِلْمُبْتَاعِ تحليفُه فِي
الْعَيْبِ يَدَّعي حدوثَه
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إِذَا أَسْلَفْتَهُ دِينَارًا فَرَدَّهُ لأمرٍ
كَرِهَهُ فَقُلْتَ لَهُ ادْفَعْهُ لِفُلَانٍ فتلِف ضمِنه إِنْ كَانَ لَمْ
يُرَدَّ إِلَيْهِ وَإِنْ كَانَ رَدَّهُ فَلَا لِأَنَّهُ وَكِيلٌ أَمِينٌ
(فَرْعٌ)
قَالَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِذَا عَرَفَ الَّذِي عِنْدَهُ
الدَّيْنُ أَو الْوَدِيعَة أَن هَذَا حظك وَأُمِرَ بِالدَّفْعِ
وَالتَّسْلِيمِ لِوَكِيلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ الدَّفْعُ لِأَنَّهُ لَا
يَبْرَأُ بِذَلِكَ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: يَتَصَرَّفُ بِغَيْرِ مُعِين وَلَا يوكِّل إِذَا كَانَ مِمَّنْ
يَلِي ذَلِكَ عَادَةً إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ وَلَوْ وكَّله فِي
تَصَرُّفَاتٍ كَثِيرَةٍ وَأَطْلَقَ فِيهِ التَّوْكِيلَ إِنْ عَلِمَ
عَجْزَهُ عَنِ الِانْفِرَادِ بِهَا ثُمَّ لَا يوكِّل إِلَّا أَمِينًا
عَارِفًا بِالْمَصْلَحَةِ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: إِذَا وكَّل بِإِذْنِ الْمُوَكِّلِ ثُمَّ مَاتَ الموكَّل قَالَ
الْمَازِرِيُّ الْأَظْهَرُ أَنَّ الثَّانِيَ لَا يَنْعَزِلُ بِخِلَافِ
انْعِزَالِ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ الْأَوَّلِ
لِأَنَّ تَوْكِيلَ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ كَتَوْكِيلِ موكِّله لِأَنَّ
تَصَرُّفَهُ لازمٌ لَهُ كَتَصَرُّفِهِ بِنَفْسِهِ وَقَعَ لِابْنِ
الْقَاسِمِ مَا يُشير ظاهُره إِلَى ذَلِكَ وَهُوَ إِمْضَاءُ تَصَرُّفِ مَنْ
أَبْضَعَ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ بعد مفاصلتهما
(8/12)
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْجَلَّابِ: إِذَا بَاعَ الْآمِرُ وَبَاعَ الْوَكِيلُ فَأَوَّلُ
الْبَيْعَتَيْنِ أَحَقُّ لِمُصَادَفَتِهِ قَبُولَ الْمَحَلِّ بِخِلَافِ مَا
بَعْدَهُ إِلَّا أَنْ يَقْبِضَ الثَّانِي السِّلْعَةَ فَهُوَ أَحَقُّ
كَإِنْكَاحِ الْوَلِيَّيْنِ وَفِي شَرْحِ الْجَلَّابِ: هَذَا هُوَ
الْمَشْهُورُ وَعَنِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ: الْأَوَّلُ أَحَقُّ مُطْلَقًا
لِأَنَّ الثَّانِيَ إِنَّمَا قَبَضَ مِلكَ غَيْرِهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ
النِّكَاحَ كَشْفَتُهُ عَظِيمَةٌ فَلِذَلِكَ جُعِلَ الثَّانِي إِذَا دَخَلَ
مفوِّتاً وَامْتِهَانُ الْحَرَائِرِ ضَرَرٌ مَعَ الرَّدِّ بِخِلَافِ
الشُّفْعَةِ
3 -
(فَرْعٌ)
فِي النَّوَادِرِ: أَبْضَعَ مَعَهُ جَمَاعَةٌ لِشِرَاءِ رَقِيقٍ
فَخَلَطَهَا وَاشْتَرَى لَهُمْ رَقِيقًا وَأَعْطَى كُلَّ إِنْسَانٍ
بِقَدْرِ بِضَاعَتِهِ وَأُعْطِيَ لِوَاحِدٍ مَرِيضَةً اشْتَرَاهَا كَذَلِكَ
فَهَلَكَتْ وأقرَّ بِمَا صَنَعَ ضَمِنَ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي أَصْلِ
شِرَائِهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ رَأْسًا بِعَيْنِهِ وَإِنْ قَالَ اشْتَرَيْتُهَا
لِصَاحِبِهَا مُفْرَدَةً صُدِّق مَعَ يَمِينِهِ وَقَالَ سَحْنُونٌ: لَا
يَحْلِفُ وَلَا يَضْمَنُ الْآخَرُونَ فِي الْمَرِيضَةِ شَيْئًا قَالَ
مَالك: ولوأمروه بِشِرَاءِ طَعَامٍ فَجَمَعَ مَا لَهُمْ فِي شِرَاءِ
الطَّعَامِ لَا يَضْمَنُ مَا هَلَكَ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا يَنْقَسِمُ
بِالْكَيْلِ أَوِ الْوَزْنِ لَهُ شراؤُه مُشَاعًا ثُمَّ يُقَسِّمُهُ
لِلتَّفَاوُتِ فِي ذَلِكَ وَيُضَمِّنُ مَا يَنْقَسِمُ بِالْقِيمَةِ
بِخِلَافِ الْعَامِلِ فِي الْقِرَاضِ يَخْلِطُ أَمْوَالَ الْمُقَارِضِينَ
لِأَنَّ لَهُ الْبَيْعَ بِخِلَافِ هَذَا
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ لَوْ قَالَ لَهُ بعْ مِنْ زيدٍ لَمْ يَبِعْ مِنْ غَيْرِهِ وَكَذَلِكَ
لَوْ خصَّص زَمَانًا أَوْ سُوقًا تَتَفَاوَتُ فِيهِ الْأَغْرَاض أوثمناً
فَلَهُ الْبَيْعُ بِمَا فَوْقَهُ دُونَ مَا دُونَهُ لِأَن الْعَادة الرضى
بِذَلِكَ بِطَرِيقِ الأَوْلَى ويُخَيَّر الموكِّل فِي الْأَدْنَى لِأَنَّهُ
كَبَيْعٍ فُضُولِيٍّ أَوْ فسخِه فَإِنْ فَسَخَ والسلعةُ قَائِمَةٌ
أَخَذَهَا وَقِيلَ: لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِمَا سمَّي مِنَ الثَّمَنِ أَوْ
فَاتَتْ طالَبَهُ بِالْقِيمَةِ إِنْ لَمْ يُسمِّ ثَمَنًا فَإِنْ سمَّى
فَهَلْ لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِمَا سَمَّى أَوْ بِالْقِيَمَةِ؟ قَوْلَانِ
مَبْنِيَّانِ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَنْ أَتْلَفَ سِلْعَةً وَقَفَت عَلَى
ثَمَنٍ وَهَذَا فِي مَا عَدَا الرِّبويَّات فَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ عَلَى
رِبَوِيٍّ بِرِبَوِيٍّ كعين
(8/13)
بِعَيْنٍ أَوْ طَعَامٍ بِطَعَامٍ فَهَلْ
لَهُ أَنْ يَرْضَى بِفِعْلِهِ؟ قَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى الْخِلَافِ
فِي الْخِيَارِ الْحُكْمِيِّ هَلْ هُوَ كالشَّرطي أَمْ لَا وَلَوْ قَالَ
الْوَكِيلُ أَنَا أُتم مَا نَقَصَت فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَيُمْضِي
الْبَيْعَ؟ قَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مَقْصُودُ الْآمِرِ
وَقَدْ حَصَلَ أَوْ هُوَ مُتَعدٍ فِي الْبَيْعِ فَلَا يُلتفت إِلَى
قَوْلِهِ وَيَجِبُ الرَّدُّ وَلَوْ قَالَ اشْتَرِ بِمِائَةٍ فَلَهُ
الشِّرَاءُ بِمَا دُونَهَا لَا بِمَا فَوْقَهَا إِلَّا الْيَسِيرَ
الْمُعْتَادَ كَالثَّلَاثَةِ فِي الْمِائَةِ وَنَحْوِهِ ويُقبَل قَوْلُهُ
فِي ذَلِكَ قَبْلَ تَسْلِيمِ السِّلْعَةِ أَوْ قُرْبَ التَّسْلِيمِ
بِخِلَافِ إِذَا طَالَ الزَّمَانُ فَإِنْ كَانَ زَادَ كَثِيرًا خُيِّرَ
المُوكِّل فِي الْإِمْضَاءِ وتركِ السِّلْعَةِ لَهُ وَلَوْ قَالَ بِعْ
بِمِائَةِ نَسِيئَةً فَبَاعَ بِمِائَةٍ نَقْدًا أَوِ اشتَرِ بمائةٍ نَقْدًا
فَاشْتَرَى بِمِائَةِ نَسِيئَةً لَزِمَ الْآمِرُ قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو
مُحَمَّدٍ وَقَالَ خَالَفَنِي فِيهَا أَبُو بكر ابْن اللبّاد واحتجتُ
عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمُبْتَاعَ لَوْ عَجَّلَ الثَمن المُؤجل لَزِمَ
الْقَبُولَ وَلَوْ قَالَ بعْ بِالدَّنَانِيرِ فَبَاعَ بِالدَّرَاهِمِ أَوْ
بِالْعَكْسِ فَفِي اللُّزُومِ قَوْلَانِ بِناءً عَلَى أَنَّهُمَا كَنَوْعٍ
وَاحِدٍ أَوْ كَنَوْعَيْنِ وَلَوْ سلَّم لَهُ دِينَارًا يَشْتَرِي بِهِ
شَاةً فَاشْتَرَى بِهِ شَاتَيْنِ وَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ وَرَدَّ
الدِّينَارَ وَالشَّاةَ صَحَّ عَقْدُ الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ وَلَزِمَ
بِإِجَازَةِ الْمِلْكِ لِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ وَلِأَنَّهُ أصلُنا فِي
تصرُّف الْفُضُولِيِّ وَلَوْ قَالَ بِعْ بِعَشَرَةٍ فَبَاعَ بِعَشَرَةٍ
مِنْ غَيْرِ اجْتِهَادٍ فَقَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى حُصُولِ المسمَّى أَوِ
الْمَقْصُودُ أَنْ لَا تَنْقُصَ الْعَشَرَةُ وَأَنْ يَجْتَهِدَ فِي
الزَّائِدِ قَالَ بَعْضُ المُتأخرين: وَلَو ظهر أجد الْقَصْدَيْنِ
ارْتَفَعَ الْخِلَافُ
3
-
(فَرْعٌ)
قَالَ: الْوَكِيلُ بِالْخُصُومَةِ لَا يُقِرُّ عَلَى مُوَكِّلِهِ كَمَا لَا
يُصالِحُ وَلَا يُبرئ إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي ذَلِكَ كَمَا
تَقَدَّمَ وَلَا يَشْهَدُ لِمُوَكِّلِهِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا وَإِنْ
شَرَعَ لَمْ يُوَكِّلْ
(8/14)
تَنْجِيزًا لِرفع ظُلْمِ الْمُعْتَدِي
إِلَّا أَنْ يَخَافَ مِنْ خَصْمِهِ اسْتِطَالَةً بِسَبَبٍ وَنَحْوِهِ
فَيَجُوزُ لِلضَّرُورَةِ وَلَا يَعْزِلُ الْوَكِيلُ حَيْثُ وكِّل بَعْدَ
الشُّرُوعِ فِي الْخُصُومَةِ تَنْجِيزًا لِرَفْعِ الْعُدْوَانِ فَإِنَّ
أَحَدَ الْخَصْمَيْنِ ظَالِمٌ والمنكَرُ وَالْفَسَادُ تَجِبُ إِزَالَتُهُ
عَلَى الْفَوْرِ وَقَالَ أَصْبَغُ: لَهُ عزلُهُ مَا لَمْ تُشْرِفْ
حُجَّتُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ مُبَاشَرَتُهُ لِنَفْسِهِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ
وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عَزْلُهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ هُوَ عَزلُ نَفْسِهِ
3
-
(فَرْعٌ)
قَالَ: إِذَا وُكِّلَ رَجُلَيْنِ لِكل وَاحِدٍ الاستبدادُ إِلَّا أَنْ
يُشْتَرَطَ الِاجْتِمَاعُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الشَّرْطِ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: وَكَمَا لَا يُفتَقَر إِلَى حُضُورِ الْخَصْمِ فِي عَقْدِ
الْوَكَالَةِ لَا يُفتَقر إِلَى إِثْبَاتِهَا عِنْدَ الْحَاكِمِ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: إِنْ سَلَّمَ إِلَيْهِ أَلفاً وَقَالَ اشتَرِ بِعَيْنِهِ شَيْئًا
فَاشْتَرَى فِي الذِّمَّة وَنَقَدَ الْأَلْفَ صَحَّ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ
اشترِ فِي الذِّمَّةِ وسلِّم الْأَلْفَ فَاشْتَرَى بِعَيْنِهِ وَأَوْلَى
بِالصِّحَّةِ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: مَهْمَا خَالَفَ فِي الْبَيْعِ وُقف عَلَى إِجَازَةِ الْمُوَكِّلِ
وَرَدِّهِ وَمَهْمَا خَالَفَ فِي الشِّرَاءِ وَقَعَ عَنِ الْوَكِيلِ إِنْ
لَمْ يَرْضَ الموكِّل
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: الْوَكِيلُ أمينٌ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ فَلَا يُضَمَّنُ إِلَّا
بِالتَّعَدِّي أَوِ التَّفْرِيطِ كَانَ وَكِيلًا بِجُعْلٍ أَمْ لَا ثُمَّ
إِنْ سلَّم إِلَيْهِ الثَّمَنَ فَهُوَ مطالبٌ بِهِ مَهْمَا وُكِّل
بِالشِّرَاءِ فَإِنْ
(8/15)
لَمْ يسلِّم إِلَيْهِ الثَّمَنَ وَأَنْكَرَ
الْبَائِعُ كَوْنَهُ وَكِيلًا طَالَبَهُ وَإِنِ اعْتَرَفَ بِوَكَالَتِهِ
فَلَيْسَ لَهُ مطالبتهُ ثُمَّ حَيْثُ طُولِبَ الوكيلُ رَجَعَ عَلَى
الموكِّل وَلَوْ وَكَّلَ بِشِرَاءِ عَبْدٍ فَاشْتَرَاهُ وَقَبَضَهُ
فَتَلِفَ فِي يَدَيْهِ أَوِ اسْتَحَقَّ فَالْمُسْتَحِقُّ يُطَالِبُ
الْمُوَكِّلَ وَكَذَلِكَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إِذَا قَبَض الثَّمَنَ
وتلِف فِي يدهع فاستُحِق المبيعُ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْمُوَكِّلِ
دُونَ الْوَكِيلِ وَفِي الْجَلَّابِ: إِذَا دُفِعَ لَهُ الثَّمَنُ
لِمُعَيَّنٍ فَضَاعَ مِنْهُ بَعْدَ أَنْ عَقَدَ عَلَيْهِ فَضَاعَ لَزِمَهُ
دَفع غَيْرِهِ مِرَارًا حَتَّى يَصِلَ إِلَى الْبَائِعِ وَلَوْ دَفَعَ
الموكَّل الثَّمَنَ قَبْلَ الشِّرَاءَ فَضَاعَ بَعْدَ الشِّرَاءِ لَمْ
يُعطِ غَيْرَهُ إِنِ امْتَنَعَ وَيَلْزَمُ الْوَكِيلُ السِّلْعَةَ
وَعَلَيْهِ الثَّمَنُ لِأَنَّهُ مالٌ مُعَيَّنٌ ذَهَبَ وَلَمْ يَتَنَاوَلِ
العقدُ غَيْرَهُ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي النَّوَادِرِ: دَفَعَ إِلَيْكَ أَرْبَعِينَ لِتَشْتَرِيَ بِهَا
رَأْسَيْنِ وَتَبِيعَهُمَا وَتُحْرِزَ رِبحهما وَآخَرُ دَفَعَ ثَمَانِينَ
لِتَشْتَرِيَ رَأْسًا وَتَبِيعَهُ وَتُحْرِزَ الْفَضْلَ فَاشْتَرَى لِكُلِّ
وَاحِدٍ مَا أَمَرَهُ وَبَاعَ رَأْسًا بِمِائَةٍ وَآخَرَ بِسِتِّينَ
وَآخَرَ بِأَرْبَعِينَ وَلَمْ يدرِ لِمَنْ كَانَ الرَّقِيقُ مِنْهُمَا
وتداعَيَا الْأَرْفَعَ قِيلَ يَضْمَنُ مِائَةً لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا
بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا وَيُقَالُ لِصَاحِبِ الرَّأْسَيْنِ أَيُّهُمَا لَكَ؟
فيحلفُ وَيَأْخُذُهُ وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ وَيَتَحَالَفَانِ عَلَى
الْمِائَةِ فَيَقْتَسِمَانِهَا وَيُقَال لصَاحب الرأسين مَا الَّذِي كل
أَصَاحِبُ السِّتِّينَ أَوْ صَاحِبُ الْأَرْبَعِينَ فَيَحْلِفُ عَلَيْهِ
وَيَأْخُذهُ ثمَّ يكون الْبَاقِي بيهما لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يزعمُ
أَنَّهُ بَقِيَ لَهُ مِنْ مَالِهِ خَمْسُونَ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِيَا ذَلِكَ
فَلِصَاحِبِ الرَّأْسَيْنِ أَرْبَعُونَ وَمِائَةٌ وَلِصَاحِبِ الرَّأْسِ
سَبْعُونَ وَلَو دفع أَحدهمَا دَنَانِير وَآخر دَرَاهِم لشرائين فَصَرَفَ
هَذِهِ بِهَذِهِ بِصَرْفِ النَّاسِ جَازَ
(8/16)
(17
الْبَابُ الثَّالِثُ فِي النِّزَاعِ)
وَفِي الْجَوَاهِرِ: يَقَعُ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ: الْمَوْضِعُ
الْأَوَّلُ فِي الْإِذْنِ وَصِفَتِهِ وَقَدْرِهِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ
الموكِّل لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوَصِيَّةِ بوجهٍ مِنَ الْوُجُوهِ
فَلَوْ تَنَازَعَا فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ حَلَفَ الموكِّل وَغُرِّمَ
الْوَكِيلُ لِلْمُشْتَرِي أَنْكَرَ البائعُ الْوَكَالَةَ أَوِ اعْتَرَفَ
بِهَا وَلَوْ بَاعَ بِعَشَرَةٍ فَقَالَ مَا أَمَرْتُكَ إِلَّا بِاثْنَيْ
عشر صُدِّق الْآمِرُ إِنْ لَمْ تَفُتِ السِّلَعُ فَإِنْ فَاتَتْ صُدق
الْمَأْمُورُ لِأَنَّهُ غَارِمٌ مَا لَمْ بيع بِمَا يُستنكر الْمَوْضِعُ
الثَّانِي: التَّصَرُّفُ الْمَأْذُونُ فِيهِ فَإِذَا قَالَ تصرفتُ كَمَا
أَذِنْتَ صُدِّق الْوَكِيلُ لِأَنَّهُ أَمِين ويَلزَمُ الْآمِر ذَاك
التَّصَرُّفُ مِنْ بَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ لِإِقْرَارِهِ بِالْوَكَالَةِ
وَكَذَلِكَ لَوِ ادَّعى تَلَفَ رَأْسِ الْمَالِ صُدِّق لِأَنَّ الْأَصْلَ
عَدَمُ شَغْلِ ذِمَّتِهِ بِالضَّمَانِ وَكَذَلِكَ لم أدَّعى ردَّ الْمَالِ
سواءٌ كَانَ بِجُعلٍ أَمْ لَا وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ قبضتُ الثَّمَنَ وتلِف
إِنْ ثَبَتَ الْقَبْضُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ صدَّقَهُ الموكِّل فِيهِ وَإِلَّا
لَمْ يَبْرَأِ الْغَرِيمُ مِنَ الدِّين إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَابِضُ
وَكِيلًا مُفَوَّضًا أَوْ وَصِيًّا فَيبرأ باعترافه من غير بِبَيِّنَة
بِخِلَافِ الْوَكِيلِ الْمَخْصُوصِ وَفِي كِلَا الْوَجْهَيْنِ لَا غُرْمَ
عَلَى الْوَكِيلِ الْمَوْضِعُ الثَّالِثُ إِذَا وكَّله فِي قَضَاءِ
الدَّيْن فَلْيُشْهِد وَإِلَّا ضَمِنَ بِتَرْكِ الْإِشْهَاد وَقبل لَا
يَضْمَنُ إِنْ كَانَتِ الْعَادَةُ تَرْكَ الْإِشْهَادِ وَكَذَلِكَ وَصِيُّ
الْيَتِيمِ لَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى رَدِّ الْمَالِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى
{فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالهم فأشهدوا عَلَيْهِم}
(8/17)
3
-
(فَرْعٌ)
قَالَ: مَنْ يُصَدَّق بالرَّدِّ إِذَا طُلب بِالرَّدِّ لَيْسَ لَهُ
التَّأْخِيرُ بِعُذْرِ الْإِشْهَادِ إِذَا تَحَقَّقَتِ الْوَكَالَةُ أَوْ
باشَرَهُ الْمُسْتَحِقُّ وَلِمَنْ عَلَيْهِ الحقُّ بشهادةٍ أَلَّا يسلِّم
إِلَى الْمُسْتَحِقِّ أَوْ وَكِيلِهِ إِلَّا بِشَهَادَةٍ وَإِنِ اعْتَرَفَ
بِهِ فَإِنْ كَانَ فِي يَدِهِ تَرِكَةٌ فَاعْتَرَفَ لِإِنْسَانٍ بِأَنَّهُ
وارثُ صاحِبها لَا وَارِثَ لَهُ سِوَاهُ لَزِمَهُ التسلمي وَلَا يكلِّفه
بِشَهَادَةٍ عَلَى أَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ سِوَاهُ وَلَوِ اعْتَرَفَ
أَنَّهُ اسْتَحَقَّ أَلْفًا عَنْ جِهَةِ حَوَالَةٍ وَلَكِنْ خَافَ
إِنْكَارَ الْوَكِيلِ فَهُوَ كَخَوْفِ المُحيل إِنْكَارَ الموكِّل وَلَوِ
ادعَّى عَلَى الْوَكِيلِ قَبْضَ الثَّمَنِ فَجَحَدَهُ فأُقيمت عَلَيْهِ
بَيِّنَةٌ بِالْقَبْضِ فادَّعى تَلَفًا أَوْ رَدًّا قَبْلَ الْجَحَدِ لَمْ
تُسمع دَعْوَاهُ قَالَ مُحَمَّدٌ: الَّذِي يُبَيِّنُ أَنَّهُ لَوْ صرَّح
بِالْإِنْكَارِ وَقَالَ مَا دَفَعَ إلىَّ شَيْئًا لِغُرْمٍ قَامَتِ
الْبَيِّنَةُ أَوْ أَقَرَّ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِيمَنْ
عَلَيْهِ دَيْن فَدَفَعَهُ أَوْ وديعةٌ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِغَيْرِ
بَيِّنَةٍ فردَّها وَأَشْهَدَ بَيِّنَةً لِذَلِكَ فطُولب فَأَنْكَرَ أَنْ
يَكُونَ كَانَ عَلَيْهِ دينٌ أَوْ قَالَ مَا أودعنى شياً ثُمَّ أَقَرَّ
أَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَصْلِ الْحَقِّ فَأَخْرَجَ الْبَرَاءَةَ
بِالْعُدُولِ لَا تَنْفَعُهُ شهادةُ الْبَرَاءَةِ لِأَنَّهُ كذّبهم بجحده
الأَصْل وبقة فُرُوعِ هَذَا الْكِتَابِ مَعَ جَمِيعِ فُرُوعِ التَّهْذِيبِ
تَقَدَّمَتْ فِي الرُّكْنِ الْأَوَّلِ مِنَ الْبَيْعِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
3 -
(فَرْعٌ)
إِذَا ادَّعَى الْوَكِيلُ المُفوّض إِلَيْهِ أَوْ غَيْرُ الْمُفَوَّضِ
أَنَّهُ دَفَعَ لَكَ مَا قَبَضَهُ مِنْ غُرمائكَ صَدَّقَهُ مَالِكٌ فِي
الْمُدَوَّنَةِ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَعَنْهُ لَا يُصدّق
بِحَضْرَةِ قَبَضِ الْمَالِ أَوْ بِقُرْبِهِ بِالْأَيَّامِ الْيَسِيرَةِ
لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ عِنْدَهُ وَتَحْلِفُ أَنْتَ وتصدَّق وَهُوَ
مَعَ يَمِينِهِ فِي نَحْوِ الشَّهْرِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ قبضُك لِمَالِكَ
حِينَئِذٍ وَإِنْ طَالَ جِدًّا لَمْ يَحْلِفْ وَفَرَّقَ أَصْبَغُ بَيْنَ
المفوَّض إِلَيْهِ فَفِي الْقُرْبِ يَبرأُ مَعَ يَمِينِهِ وَفِي الْبُعْدِ
جِدًّا يَبْرَأُ بِغَيْرِ يمينٍ وَأَمَّا الْوَكِيلُ عَلَى شيءٍ بِعَيْنيهِ
قَالَ فَهُوَ غَارِمٌ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ وَإِنْ مَاتَ الْوَكِيلُ
بِالْقُرْبِ قَالَ عَبْدُ الْمَالِكِ ذَلِكَ فِي مَالِهِ إِذَا عُرِف
الْقَبْضُ وجُهل الدَّفْعُ وَلم يذكرهُ |