الذخيرة للقرافي

(كتاب الشّركَة)
قَالَ الْجَوْهَرِي: شاركتُ فلَانا صٍ رْتُ شَرِيكا لَهُ واشتركنا وتشاركنا وشرِكتُه فِي البع وَالْمِيرَاثِ - بِكَسْرِ الرَّاءِ - أَشرَكَهُ - بِفَتْحِهَا - شِركَةً - بِكَسْرِ الشِّينِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَالِاسْمُ الشِّرك - بِكَسْرِ الشِّينِ وَسُكُون الرَّاء - وَأَصلهَا قَوْله تَعَالَى {وَإِن تخالطوهم فإخوانكم} وَقَالَ: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} الْآيَةَ قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - هِيَ الْيَتِيمَة تشاركه فِي مَاله وَقَوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الشُّفعة فِي مَا لم يُقسم وَقَوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَن أَعْتَقَ شِركاً لَهُ فِي غَيْرِ الْحَدِيثِ وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ فِي الصِّحَاحِ وقَوْله تَعَالَى {فَابْعَثُوا أحدكُم بورقكم هَذِه إِلَى الْمَدِينَة} مُقْتَضَاهُ الشّركَة فِي الطَّعَام المُشترى بالورق وَفِي الْكِتَابِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ:

(8/18)


(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي الْأَرْكَانِ)
وَهِيَ أَرْبَعَةٌ: الرُّكْنُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي الْمُتَعَاقِدَانِ وَفِي الْجَوَاهِرِ: لَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا إِلَّا أَهْلِيَّةُ التَّوْكِيلِ وَالتَّوَكُّلِ فَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ يتصرَّف لِنَفْسِهِ وَلِصَاحِبِهِ بِإِذْنِهِ قَالَ الْلَخْمِيُّ قَالَ مَالِكٌ: لَا يَنْبَغِي مُشَارَكَةُ مَنْ يُتهم فِي دينه ومعاملته وَلَا يَهُودِيًّا وَلَا نصرانياُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ الَّذِي يُعَامِلُ وَقَالَهُ (ح) وَ (ش)
3

-

(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ تجوز شركَة العبيد إِذْ أُذن لَهُمْ فِي التِّجَارَةِ وَلَا يُشَارِكُ مُسلم ذِمِّيًّا إِلَّا أَنْ لَا يَغِيبَ الذِّمِّيُّ عَلَى بَيْعٍ وَلَا شِرَاءٍ وَلَا قَضَاءٍ وَلَا اقْتِضَاءٍ إِلَّا بِحَضْرَةِ الْمُسْلِمِ وَتَجُوزُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ غَيْرَ مَأْذُونٍ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَالْعَبْدُ الْمُتَوَلِّي الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ لَمْ يَكُنْ عَلَى الحرِّ فِي ذَلِكَ مطالبةٌ إِنْ هَلَكَ الْمَالُ أَوْ خَسِرَ وَكَذَلِكَ إِنْ تولَّيا جَمِيعًا الشِّرَاءَ وَوَزَنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَائِبه وأعلقاه عَلَيْهِمَا وَلَمْ يَنْفَرِدِ الحرُّ بِهَا وَإِنْ كَانَ الحرُّ الْمُتَوَلِّيَ ضَمِنَ رَأْسَ الْمَالِ إِنْ هَلَكَ أَوْ خَسِرَ لوَضع يَدِهِ مُسْتَقِلًا فَإِنْ شَارَكَ نَصْرَانِيًّا وَغَابَ عَنِ الْمُعَامَلَةِ اسْتُحِبَّ لَهُ التَّصَدُّقُ بِنَصِيبِهِ مِنَ الرِّبْحِ لِاحْتِمَالِ مُعَامَلَتِهِ بِالرِّبَا فَإِنْ شَكَّ فِي التِّجَارَةِ فِي الْخَمْرِ تَصَدَّقَ بِالْجَمِيعِ اسْتِحْبَابًا وَإِنْ عَلِمَ سَلَامَتَهُ مِنْ ذَلِكَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيُرِيدُ مَالِكٌ إِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ مُتَجَالَّةً أَوْ شَابَّةً لَا تُبَاشِرُهُ وَوَافَقَنَا (ش) وَقَالَ (ح) تُمنع مُشَارَكَةُ الْحُرِّ لِلْعَبْدِ لِأَنَّ أَصْلَ الشَّرِكَةِ التَّسَاوِي وَالْحُرُّ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ بِنَفْسِهِ وَالْعَبْد لَا

(8/20)


يَمْلِكُهُ إِلَّا مِنْ قِبَلِ السَّيِّدِ وَبَيْنَ الْعَبْدَيْنِ وَالْمُكَاتَبَيْنِ لِانْتِفَاءِ صِحَّةِ الْوَكَالَةِ وَنَحْنُ نَمْنَعُ اعْتِبَارَ التَّسَاوِي إِلَّا فِي الرِّبْحِ مَعَ الْمَالِ وَنَمْنَعُ اشْتِرَاطَ صِحَّةِ الْكَفَالَةِ بَلْ صِحَّةِ التَّصَرُّفِ الرُّكْنُ الثَّالِث: الصِّيغَة الدَّالَّةُ عَلَى الْإِذْنِ فِي التَّصَرُّفِ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا فِي الدَّلَالَةِ لِأَن الْمَقْصُود حُصُول الرضى بِكُلِّ مَا دَلَّ عَلَيْهِ وَيَكْفِي اشْتَرَكْنَا إِنْ فُهم الْمَقْصُودُ عَادَةً الرُّكْنُ الرَّابِعُ: الْمَحَلُّ وَفِي الْجَوَاهِرِ: هُوَ الْمَالُ وَالْأَعْمَالُ فَعَقْدُ الشَّرِكَةِ فِي الْمَالِ بَيْعٌ لِبَيْعِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ مَتَاعِهِ بِنِصْفِ مَتَاعِ صَاحِبِهِ لَكِنَّهُ بيعُ لَا مُنَاجَزَةَ فِيهِ لِبَقَاءِ يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى مَالِهِ بِسَبَبِ الشَّرِكَةِ لَكِنَّ الْإِجْمَاعَ منعقدٌ عَلَى جَوَازِ الشَّرِكَةِ بِالدَّنَانِيرِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ وَالدَّرَاهِمِ مِنْهُمَا عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وَفِي الْقِيَاسِ عَلَيْهِ خلاف قَاس ابْن الْقَاسِم الطَّعَام على العَبْد الْمُتَّفق كَيْلا وَصفَة وَمَنَعَ فِي الدَّنَانِيرِ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالدَّرَاهِمِ مِنْ عِنْدِ الْآخَرِ وَالطَّعَامَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ وَتَجُوزُ بِالْعَرْضَيْنِ المُتَّفقين فِي الصِّفَةِ قَوْلًا وَاحِدًا وَمَنَعَ مَالِكٌ الطَّعَامَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ وَتَجُوزُ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَشَرَطَ فِي الذَّهَبَيْنِ اتِّفَاقَ الصَّرْفِ وَإِنِ اخْتَلَفَتِ السِّكَّةُ وَلَا يضرُّ اخْتِلَافُ الْعَرْضَيْنِ وَلَا فِي الْقِيمَةِ وَرَأْسُ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا قُوِّم بِهِ عرضُه وَلَوْ وَقَعَتْ بِالْعَرْضَيْنِ فَاسِدَةً لَكَانَ رَأْسُ مَالِ كُلِّ واحدٍ مَا بيع بِهِ عرضه وَمَعَهَا (ش) بِغَيْرِ الْمِثْلِيَّاتِ وَلَا يَنْفَعُ التَّقْوِيمُ عِنْدَهُ وَمِنْهَا السَّبَائِكَ وَالنَّقَّارَ لِلرُّجُوعِ فِيهَا إِلَى الْقِيمَةِ وَتَجُوزُ فِي المثلين من الْحَيَوَان والأقطار وَالْأَدْهَانِ وَمَنَعَهُ (ح) قِيَاسًا عَلَى الْقِرَاضِ وَالْفَرْقُ احْتِيَاجُ الْقِرَاضِ إِلَى رَدَّ عَيْنِ رَأْسِ الْمَالِ وَرُبَّمَا غَلَا فَيَسْتَغْرِقُ الرِّبْحَ فَيَذْهَبُ عَمَلُ الْعَامِلِ بِخِلَافِ الشَّرِكَةِ قَالَ (ش) وَ (ح) : إِنِ احْتَاجَا إِلَى الشَّرِكَةِ بِالْعَرْضَيْنِ بَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ نِصْفَ عَرْضِهِ بِنِصْفِ عَرْضِ صَاحِبِهِ فَيَصِيرُ الْجَمِيعُ مُشْتَرِكًا وَيُشْتَرَطُ الْقَبْضُ حَذَرًا مِنَ التَّلَفِ فَيُنْقَضُ الْبَيْعُ وَقَالَ (ح) : لَا يَجُوزُ إِلَّا بِالنَّقْدَيْنِ وَالْفُلُوسِ تَمْهِيدٌ مَنْشَأُ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ مُلَاحَظَةُ قَوَاعِدَ:

(8/21)


أَحَدُهَا: أَنَّ الرُّخَصَ هَلْ يُقاس عَلَيْهَا أَمْ لَا وَهِيَ مَسْأَلَةُ قَوْلَيْنِ فِي الْأُصُولِ فَمَنْ مَنَعَ لَمْ يُلحق بِالنَّقْدَيْنِ غَيْرَهُمَا وَثَانِيهَا: قَاعِدَةُ سَدِّ الذَّرَائِعِ فَإِنَّ الْغَالِبَ عَلَى الْعُقَلَاءِ عَدَمُ الْقَصْدِ إِلَى الْمُعَاوَضَةِ بَيْنَ المِثليات إِلَّا لِغَرَضٍ فَإِذَا اشْتَرَكَا بِمِثْلَيْنِ كَانَ الْغَرَضُ الْإِرْفَاقَ بِالشَّرِكَةِ لَا الْمُعَاوَضَةَ وَإِنِ اشْتَرَكَا بِمُخْتَلِفَيْنِ كَانَ الْغَرَضُ الْمُبَايعَة وَهُوَ مَمْنُوع من الشّركَة لعد التَّأْخِيرِ وَعَدَمِ الْقَبْضِ وَدُخُولِ النَّسَاءِ فِي النَّقْدَيْنِ فَمن لَا حَظّ هَذِهِ مَنَعَ إِلَّا فِي الْمِثْلِيَّاتِ وَمَنْ لَمْ يُلَاحِظْ وَلَاحَظَ أَنَّ الضَّرُورَةَ قَدْ تَدْعُو لِلشَّرِكَةِ بِقَسْمِ الْمُخْتَلِفَاتِ عَلَيْهِ جوَّزه وَثَالِثُهَا مُلَاحَظَةُ الْقِيَاسِ عَلَى الْقِرَاضِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ الْقَاعِدَةُ الرَّابِعَةُ: مُلَاحَظَةُ رِبْحِ مَا لَمْ يُضَمَّنْ فِي الْعُرُوضِ لِتَوَقُّعِ تَأْخِيرِ بَيْعِ عَرْضٍ أَحَدِهِمَا فَيَغْلُو فَيُبَاعُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ وَقْتَ الشَّرِكَةِ فَإِنْ أَعْطَيْنَا رِبْحَ الزَّائِدِ لِصَاحِبِهِ فَقَدْ أَفْرَدْنَا أَحَدَهُمَا بربج وَهُوَ خلاف عقد الشّركَة أَولا كَانَ قَلِيلُ الْمَالِ مِثْلَ كَثِيرِهِ فِي الرِّبْحِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُتَمَيِّزِ لَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ غَلَاءٌ وَلَا رُخْصٌ فَائِدَةٌ: قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الْعَرْضُ - بِسُكُونِ الرَّاءِ - مَا لَيْسَ مَوْزُونًا وَلَا مَكِيلًا وَلَا حَيَوَانًا وَلَا عَقَارًا
3

-

(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ لَا تَجُوزُ إِلَّا بِالْأَمْوَالِ وَعَمَلِ الْأَبْدَانِ إِنْ كَانَت صَنْعَة وَاحِدَة وتمتنع بِالذِّمَمِ بِغَيْرِ مَالٍ وَعَلَى أَنْ يَضْمَنَا مَا ابْتَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَانَا فِي بَلَدٍ أَوْ فِي بَلَدَيْنِ يُجْهِزُ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى صَاحِبِهِ تَفَاوُضًا كَذَلِكَ فِي تِجَارَةِ الرَّقِيقِ أَوْ فِي جَمِيع التِّجَارَات أَو بعضهما. وَكَذَلِكَ إِنِ اشْتَرَكَا بِمَالٍ قَلِيلٍ عَلَى أَنْ يَتَدَايَنَا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَقُولُ احْمِلْ عَنِّي نِصْفَ مَا اشْتَرَيْتُ عَلَى أَنْ أَحْمِلَ عَنْكَ نِصْفَ مَا اشْتَرَيْتَ إِلَّا أَنْ يَجْتَمِعَا فِي شِرَاء سلْعَة مُعينَة حَاضِرَة أَو علئبة فَيَشْتَرِيَانِهَا بِدَيْنٍ فَيَجُوزُ ذَلِكَ إِنْ كَانَا حَاضِرَيْنِ لِوُقُوعِ الْعُهْدَةِ عَلَيْهِمَا وَإِنْ ضَمِنَ أحدُهما عَنْ صَاحبه فَذَلِك جَائِز قَالَ صَاحب النكث: الْفَرْقُ بَيْنَ شَرِيكَيِ الْمَالِ يَجُوزُ افْتِرَاقُهُمَا فِي موضِعين

(8/22)


وَامْتِنَاعُ افْتِرَاقِ شَرِيكَيِ الْبَدَنِ أَنَّ شَرِيكَيِ الْمَالِ حَصَلَتِ الشَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا فِيهِ فَلَا يضرُّ افْتِرَاقُهُمَا وشريكا الْبدن إِذا افْتَرقَا لم يبْق بيهما شَرِكَةٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي آخِرِ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ: إِنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ إِذَا كَانَتْ أَنْصِبَاؤُهُمَا مُتَّفِقَةً فَإِنِ اخْتَلَفَتْ فَلَا يَضْمَنُ صَاحِبُ النَّصِيبِ الْأَقَلِّ إِلَّا مِثْلَ مَا يَضْمَنُ عَنْهُ صَاحِبُ الْأَكْثَرِ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ وَيتبع البَائِع كل وَاحِد مِنْهُمَا بِالنِّصْفِ إِذْ لَمْ يَكُنْ عَلِمَ أَنَّهُمَا اشْتَرَكَا عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ وَيَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا وَإِنْ عُلِمَ اتَّبَعَهُمَا بِحِصَّتِهِمَا وَإِنَّمَا يحمل كل واحج عَنْ صَاحِبِهِ إِذَا اسْتَوَتْ أَجْزَاؤُهُمَا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَحْمِلُ مِثْلَ مَا يَحْمِلُ عَنْهُ الْآخَرُ وَيَمْتَنِعُ ذَلِكَ فِي سِلْعَتَيْنِ يُخْتَصُّ كُلُّ وَاحِدٍ بسلعة أَو تحمَّل أَحدهمَا عَن الآخر على أَن تحمَّل الْآخَرُ عَنْهُ كَمَا يَمْتَنِعُ أَسلِفني بِشَرْطِ أَنْ أُسلِفَك وإنمما أُجيز فِي الشَّرِكَةِ لِلْعَمَلِ قَالَ أَصْبَغُ إِذَا وَقَعَتِ الشَّرِكَةُ بِالذِّمَمِ فَمَا اشْتَرَيَا بَيْنَهُمَا عَلَى مَا عَقَدَا وتُفسخ الشَّرِكَةُ وَكَرِهَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَن يُخرجا مالأً أَنْ يَتَّجِرَا بِهِ بِالدَّيْنِ مُفَاوَضَةً فَإِنْ فَعَلَا قَالَ فَمَا اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيْنَهُمَا وَإِن جَاوز رُؤْس أموالهما قَالَ بعض القوريين: إِنَّمَا لزم كل وَاحِد مِنْهُمَا مَا اشرتى صَاحِبُهُ فِي شَرِكَةِ الذَّمَمِ لِأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُ مِنْ بَابِ الْوَكَالَةِ الْفَاسِدَةِ وَقِيَاسُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ اخْتِصَاصُ كُلِّ وَاحِدٍ بِمُشْتَرَاهُ وَهُوَ تَأْوِيلُ سَحْنُونٍ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ: يلزمُني نِصْفُ مُشَتَرَاكَ وَبِالْعَكْسِ فَأَشْبَهَ الْمُعَاوَضَةَ بِالسِّلْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ يَشْتَرِيَانِ فَلَمْ يَلْزَمْ ذَلِكَ شَرِيكَهُ كَمَا إِذَا تَشَارَكَا بِسِلْعَتَيْنِ شَرِكَةً فَاسِدَةً لَا يَكُونُ الْبَيْعُ فِيهَا فَوْتًا يُوجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفَ سِلْعَةِ صَاحِبِهِ لِأَنَّ يَد كل وَاحِد على سلْعَته فَكَذَلِك هَا هُنَا قَالَ اللَّخْمِيُّ تَجُوزُ بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ بِخَمْسَةِ شُرُوطٍ: اسْتِوَاءِ الصِّنْفِ مِنَ الْعَيْنِ وَالرِّبْحِ وَالْخَسَارَةِ عَلَى قَدْرِ الْأَمْوَالِ وَأَنْ يَكُونَ الْمَالُ بَيْنَهُمَا عَلَى الْأَمَانَةِ وَاخْتُلِفَ فِي اشْتِرَاطِ الْخَلْطِ فَلَمْ يَرَهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْمُبَايَعَةُ وَقِيلَ يُشْتَرَطُ لِأَنَّهُ مُبَايَعَةٌ تَفْتَقِرُ إِلَى مُنَاجَزَةٍ فِي النَّقْدَيْنِ وَإِن اخْتَلَفَتِ السِّلْعَةُ وَالْقِيمَةُ لَمْ يَشْتَرِكَا بِالْقِيمَةِ لِأَنَّهُ رِباً وَبِالْمُسَاوَاةِ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ فِي الشَّرِكَةِ مِنْ أَحَدِهِمَا وَأَجَازَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْيَسِيرِ وَالْقِيَاسُ الْمَنْع كالمبادلة فِي الدَّنَانِيرِ بِشَرْطِ السَّلَفِ وَمَنَعَ

(8/23)


مُحَمَّدٌ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ قَائِمَةً وَمِنَ الْآخَرِ عَشَرَةً تَنْقُصُ حَبَّتَيْنِ لِأَنَّهُ لَمْ يَرُدَّ الْمَعْرُوفَ وَلَوْلَا مُقَارَنَةُ الشَّرِكَةِ جَازَ لِأَنَّ نِصْفَ ذَلِكَ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهَا فَمَا وَقَعَتِ الْمُبَادَلَةُ إِلَّا فِي خَمْسَةٍ فَإِنْ عَقَدَا عَلَى سلعةٍ وَاحِدَةٍ ووزنٍ وَاحِدٍ ثُمَّ أَحْضَرَ أَحَدُهُمَا أَجْوَدَ أَوْ كَانَا قَبْلَ ذَلِكَ يَتَكَارَمَانِ جَازَ
3

-

(فَرْعٌ)
قَالَ اللَّخْمِيُّ: لِأَحَدِهِمَا تبرٌ وَلِلْآخَرِ مَسْكُوكٌ وَتَسَاوَى الذَّهَبَانِ فَإِنْ كثُر فَضْلُ السُّكَّةِ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ كَافَأَتْ جَوْدَةُ الْيَسِيرِ السُّكَّةَ فَقَوْلَانِ كَدَرَاهِمَ لِأَحَدِهِمَا وَدَنَانِيرَ لِلْآخَرِ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ مُبَايَعَةٌ فَتَجُوزُ إِذَا تَقَابَضَا التِّبْرَ وَالدَّنَانِيرَ نَظَائِرٌ: قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: الْيَسِيرُ مُغْتَفَرٌ فِي نَحْوِ عِشْرِينَ مَسْأَلَةً: فِي الْغَرَرِ فِي الْبَيْعِ وَالْعَمَلِ فِي الصَّلَاةِ وَالنَّجَاسَةِ إِذَا وَقَعَتْ فِي إِنَاءٍ عَلَى الْخِلَافِ وَفِي الطَّعَامِ إِذَا وَقَعَ فِي الْمَاءِ الْيَسِيرِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ وَلَا يمْنَع الْوُجُوب فِي نِصَاب الزَّكَاة فِي الضَّحِكِ فِي الصَّلَاةِ وَفِي نُقْصَانِ سُنَنِهَا وَلَا يَمْنَعُ مِنْ تَصَرُّفِ الْمَرِيضِ وَفِي الْعَيْبِ لَا يردُّ بِهِ وَكَذَلِكَ إِذا حدث عد المُشْتَرِي لَا يردهُ إِذا رد وَإِذا زَاده الْوَكِيلُ عَلَى مَا أُمر لزِم وَإِذَا زَادَهُ أحد الشُّرَكَاء عل صَاحِبِهِ لَا يُفسد الشَّرِكَةَ سِوَى الْأَمْوَالِ وَالْأَحْمَالِ وَالتَّفَاوُتِ الْيَسِيرِ بَيْنَ السُّكَّتَيْنِ لَا يَمْنَعُ الشَّرِكَةَ وَفِي هِبَةِ الْعَبْدِ مِنْ مَالِهِ وَالْوَصِيِّ مِنْ مَال يتيمه وعَلى وَجْهِ الْمَصْلَحَةِ وَتَنْفِيذِ شِرَاءِ السَّفِيهِ الْيَسِيرِ لِبَنِيهِ وَفِي قِرَاءَةِ الجُنب وَفِي الْكِتَابَةِ إِلَى الْكُفَّارِ بِالْقُرْآنِ وَفِي قِرَاءَةِ الْمُصَلِّي كِتَابًا فِي الصَّلَاةِ لَيْسَ قُرْآنًا إِذَا لَمْ يَنْطِقْ بِهِ وَكَذَلِكَ إِنْصَاتُهُ لمُخبر فِي الصَّلَاةِ وَفِي بَدَلِ النَّاقِصِ بِالْوَازِنِ وَفِيمَا إِذَا بَاعَ سِلْعَةً بِدِينَارٍ إِلَّا دِرْهَمَيْنِ إِلَى أَجَلٍ وَفِي الصَّرْفِ فِي الْمَسْجِدِ وَوَصِيِّ الْأُمِّ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ دُونَ الْكَثِيرِ وَيُغْتَفَرُ عِنْدَ انْفِصَالِ الشَّرِيكَيْنِ إِذَا بَقِيَ ثَوْبٌ عَلَى أَحَدِهِمَا يَسِيرُ الْقِيمَةِ وَكَذَلِكَ عَامِلُ الْقِرَاضِ وَكَذَلِكَ الزَّوْجُ تَجِبُ عَلَيْهِ الْكُسْوَةُ إِذَا كَانَ الَّذِي بَقِيَ عَلَيْهَا يَسِيرَ الثَّمَنِ وَيُشْتَرَطُ عَلَى الْمُغَارِسِ الْعَمَلُ الْيَسِيرُ وَكَذَلِكَ الْمُسَاقِي وَعَامِلُ الْقِرَاضِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَفِي الْأَخْذِ مِنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ إِذَا كَانَ لَا يَضُرُّ ويُترك لِلْمُفْلِسِ مِنْ مَالِهِ نَحْوُ نَفَقَةِ الشَّهْرِ

(8/24)


3

-

(فَرْعٌ)
قَالَ: فَإِنْ شَرَطَا الْعَمَلَ نِصْفَيْنِ وَالرِّبْحَ وَالْخَسَارَةَ أَثْلَاثًا وَالْمَالَ مِائَةٌ لِأَحَدِهِمَا وَمِائَتَانِ لِلْآخَرِ رَجَعَ صَاحِبُ الْمِائَةِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ فِي خَمْسِينَ وكا الرِّبْح والخسارة أَثلَاثًا فَإِن شرطا الْعَمَل حَاشِيَة فَسَدَتْ سَوَاءٌ كَانَتِ الْخَسَارَةُ أَثْلَاثًا أَوِ الرِّبْحُ وَالْخَسَارَةُ أَثْلَاثًا فَتَكُونُ الْخَمْسُونَ عِنْدَ صَاحِبِ الْمِائَةِ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ أَوْ عَلَى وَجْهِ السَّلَفِ فَإِنْ كَانَ لَهُ رِبْحُهَا وَخَسَارَتُهَا عَلَى صَاحِبِهَا فرِبحُها لِرَبِّهَا اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ عَمِلَ فِيهَا عَلَى أَنَّهَا باقيةٌ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهَا لَمَّا كَانَتْ خَسَارَتُهَا وَمُصِيبَتُهَا مِنْهُ وَإِنْ جَعَلَ خَسَارَتَهَا مِنَ الْآخَرِ فَتَكُونُ سَلَفًا أَوْ هِبَةً وَلَا تَرْجِعُ بعد الْيَوْم قَولَانِ: ضَمَانُهَا مِنَ الْمُسَلِّفِ أَوِ الْمَوْهُوبِ وَرِبْحُهَا لَهُ وَالثَّانِي ضَمَانهَا من صَاحبهَا وربحها لَهُ لأ الْآخَرَ لَمْ يُمكن مِنْهَا تَمْكِينًا صَحِيحًا لَمَّا اشْترط أَن تيجربها فِي جُمْلَةِ الْمَالِ وَلَا يَبِينُ بِهَا وَالتَّحْجِيرُ يَمْنَعُ انْتِقَالَ ضَمَانِهَا وَعَلَى هَذَا انْتِقَالُ ضَمَانِهَا وَعَلَى هَذَا يَتَخَرَّجُ قَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَسْلَفَهُ الْخَمْسِينَ عَلَى أَنْ أَعَانَهُ بِالْعَمَلِ فَأَرَاهُ مَفْسُوخًا وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَضَمَانُهَا مِنْ صَاحبهَا وربحها لَهُ ووضعيتها عَلَيْهِ وَيُرِيد أَنَّهُ إِنْ قَصَدَ أَنْ تَكُونَ سَلَفًا فَلَا يكون ذَلِك لِأَن مَضْمُون سلفه أَن يتجربها فِي الْمَالِ وَلِأَنَّ يَدَ صَاحِبِ الْمِائَتَيْنِ مُطْلَقَةٌ فِي جَمِيعِ الْمَالِ وَيُخْتَلَفُ فِي رُجُوعِ الْعَامِلِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فِي الْخَمْسِينَ الزَّائِدَةِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ يَرْجِعُ وَإِنْ خَسِرَ الْمَالَ وَعَنْ مَالِكٍ لَا وَهُوَ أَحْسَنُ لِأَنَّ صَاحِبَ الْمِائَةِ اسْتَأْجَرَهُ وَإِنْ كَانَ جَمِيعُ الْعَمَلِ عَلَى صَاحِبِ الْمَالِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ وَالْخَسَارَةَ نِصْفَانِ فَيُخْتَلَفُ فِي ضَمَانِهِ خَمْسِينَ فَإِنْ ضمنَّاه فَلَهُ رِبْحُهَا وَإِلَّا فلِرَبِّها وَيَرْجِعُ الْعَامِلُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فِي مِائَةٍ وَخَمْسِينَ لِأَنَّهُ عَمِلَهَا لِرَبِّهَا وَيُخْتَلَفُ فِي الْإِجَارَةِ عَنْ خَمْسِينَ لِأَنَّهُ عَمِلَهَا لِرَبِّهَا وَإِنْ شَرِطَا الرِّبْحَ نِصْفَيْنِ وَالْخَسَارَةَ أَثْلَاثًا جَازَ وَالْمِائَتَانِ قراضٌ عَلَى الرُّبُعِ وَلَمْ يَضُرَّهُ شَرْطُ خَلْطِ الْمِائَتَيْنِ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ مَالِكٍ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ مَالِكٌ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بَلْ إِذَا شَرَطَ الرِّبْحَ وَالْخَسَارَةَ نِصْفَيْنِ وَلَوْ عُلم أَنَّ صَاحِبَ

(8/25)


الْمِائَتَيْنِ قَصَدَ الْمَعْرُوفَ أَوْ صَدَقَةً أَوْ نَحْوَهَا وَإِلَّا لَمْ يجُز ثُمَّ يُخْتَلَفُ هَلْ يَضْمَنُ ذَلِكَ السَّلَفَ أَوِ الْهِبَةَ أَمْ لَا لِأَجْلِ التَّحْجِيرِ وَيَسْقُطُ الضَّمَانُ عَنْهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَإِنِ انْفَرَدَ بِالْعَمَلِ
3 -

(فَرْعٌ)
قَالَ قَالَ مَالِكٌ: شَارَكَ بِمِائَتَيْ دِينَارٍ مَنْ لَهُ مائةٌ وَلِصَاحِبِ الْمِائَتَيْنِ غُلَامَانِ يَعْمَلَانِ مَعَهُ فَدَخَلَ عَلَيْهِمَا نَقْصٌ فَهُوَ عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ وَلَا لِلشَّرِيكِ فِي ذَلِكَ أُجْرَةٌ لِاعْتِدَالِ الْأَبْدَانِ وَعَنْهُ قَدِيمًا: لَهُ أجرةُ مِثْلِهِ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ إِنْ كَانَ الْغُلَامَانِ يُحْسِنَانِ التِّجَارَةَ فَإِنْ كَانَا يَخْدِمَانِ فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِي الْمِائَتَيْنِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْغُلَامَيْنِ فِيمَا ينويه من خدمتهما
3 -

(فَرْعٌ)
قَالَ: إِذا لم يخلط فَثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ يَجْمَعَانِ الْمِائَتَيْنِ بِمَوْضِعٍ وَيَشْتَرِيَانِ بِهِمَا أَوْ يَشْتَرِيَانِ قَبْلَ الْجَمْعِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مُتَمَكِّنٌ مِنَ الشِّرَاءِ بِمَالِ صَاحِبِهِ أَوْ يَشْتَرِطَانِ أَلَّا يَجْمَعَا وَأَنْ يَكُونَ الشِّرَاءُ بِهِمَا عَلَى الِانْفِرَادِ فَالشَّرِكَةُ فِي الْقِسْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ إِذَا اشْتَرَيَا قَبْلَ الْجَمْعِ وَالْخَلْطِ جَائِزَةٌ وَكُلُّ شَيْءٍ اشتُريَ بِمَالِ أَحَدِهِمَا شركةٌ بَيْنَهُمَا وَمُصِيبَةُ مَا هَلَكَ مِمَّا اشتُري من مَال أحدما مِنْهُمَا لِأَنَّهُ فِعْلُ مَا أمَرَه بِهِ فَهُوَ مِلْكُهُ وَالضَّائِعُ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَقَبْلَ الْجَمْعِ فَمِنْ صَاحِبِهِ قَالَهُ مَالِكٌ إِذَا بَقِيَ فِي المشتَرى حَقٌّ تُوُفِّيهِ مِنْ وَزْنٍ وَنَحْوِهُ أَمَّا لَوْ تَلَفَ الْمُشْتَرَى عِنْدَ صَاحِبِهِ عَلَى وَجْهِ الشَّرِكَةِ لَكَانَ مِنْهُمَا لِأَنَّ الْخَلْطَ لَيْسَ بِشَرْطِ الصِّحَّةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا تَنْعَقِدُ إِلَّا بِخَلْطِ الْمَالَيْنِ وَحَمْلِ أَمْرِهِمَا فِيمَا أَخْرَجَا مِنَ الدَّنَانِيرِ عَلَى الْمُبَايَعَةِ بَاعَ كِلَاهُمَا نِصْفَ مِلْكِهِ بِنِصْفِ مِلْكِ صَاحبه فَهِيَ مصارفة فَإِذا خلط كَانَ ذَلِكَ قَبْضًا وَفَوْتًا وَقِيَاسُ قَوْلِهِ إِذَا قَبَضَ كِلَاهُمَا دَنَانِيرَ صَاحِبِهِ فَهُوَ قبضٌ وَمُنَاجَزَةٌ وَإِن لم يخلط لِأَنَّ الْمَقْبُوضَ نصفُه صرفٌ ونصفُه وَدِيعَةٌ وَلَوْ صَرَفَ رَجُلٌ مِنْكَ دَنَانِيرَ لِيَكُونَ لَكَ نصفُها ونصفُها وَدِيعَةٌ جَازَ وَلَوْ قَبَضَ الشَّرِيكُ دَنَانِيرَ صَاحِبِهِ وَلَمْ يَقْبِضِ الْآخَرُ شَيْئًا لَمْ تَصِحَّ الشَّرِكَةُ عَلَى أَصْلِهِ وَقَوْلُ

(8/26)


مَالك أحسن لِأَن الْقَصْد التّجربها دُونَ الْمُبَايَعَةِ فِيهِمَا وَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ إِنَّ هَلَاكَ المشتَرى مِنْهُمَا لَوْ لَمْ يَهْلِكْ وَفِيهِ رِبْحٌ فَهُوَ لَهُمَا إِذَا أَخْرَجَ الْآخَرُ مِثْلَ دَنَانِير صَاحبه وَإِن عجز عَن الهلف فَلَا رِبْحَ لَهُ لِأَنَّ شَرِيكَهُ لَمْ يرضَ أَنْ يَكُونَ لِلْآخَرِ فِي مَالِهِ رِبْحٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْآخَرِ فِي مَالِهِ رِبْحٌ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ رِبْحَ الْمَالِ الْغَائِبِ لَهما على قدر مالته فِيهِ وَإِنْ شَرَطَا أَنْ يَشْتَرِيَ كُلُّ وَاحِدٍ بِمِائَة بانفراد مِنْ غَيْرِ خَلْطٍ فَسَدَتِ الشَّرِكَةُ وَمَا اشْتَرَاهُ أَحَدُهُمَا فَلَهُ رِبْحُهُ وَعَلَيْهِ وَضِيعَتُهُ وَإِنْ جَالَتْ أَيْدِيهِمَا فِي الْمَالِ وَاشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ بِمَالِ الْآخَرِ فَهَلْ تَكُونُ شَرِكَةً أَوْ لِمَنِ اشتُري بِمَالِهِ قَوْلَانِ وَقَالَ (ش) : يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ السِّكَّةِ فِي النَّقْدَيْنِ وَلَمْ يَشْتَرِطْهُ (ح) لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ وَعَارَضَتْهُ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ لَا يُقضى بِأَحَدِهِمَا عَنِ الْآخَرِ فِي الْإِتْلَافِ وَالْأَثْمَانِ وَاشْتَرَطَ أَيْضًا الْخَلْطَ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ فِي الْفَرْعِ الَّذِي هُوَ الرِّبْح

ُ فَرْعُ الشَّرِكَةِ فِي الْأَصْلِ الَّذِي هُوَ الْمَالُ وَمَعَ الِامْتِيَازِ لَا شَرِكَةَ وَلَمْ يَشْتَرِطْهُ (ح) قِيَاسًا عَلَى الْمُضَارَبَةِ وَالْوَكَالَةِ وَلِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الرِّبْحِ مُضَافٌ لِلْعَقْدِ وَهُوَ حَاصِلٌ لَا لِلْخَلْطِ نَظَائِرٌ: قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ لِلشَّرِكَةِ بِالْعَيْنِ خَمْسَةُ شُرُوطٍ: اشتواء صِفَةِ الْعَيْنِ وَاسْتِوَاءُ الْعَمَلِ وَالرِّبْحِ وَالْخُسْرَانِ عَلَى قَدْرِ الْأَمْوَالِ وَالْمَالُ بَيْنَهُمَا عَلَى الْأَمَانَةِ
3 -

(فَرْعٌ)
قَالَ اللَّخْمِيُّ: اخْتُلِفَ فِي الشَّرِكَةِ بِمَالَيْنِ حَاضِرٍ وَغَائِبٍ أجازهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَمَنَعَهُ سَحْنُونٌ عل أَصْلِهِ أَنَّهَا مُبَايَعَةٌ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ وَلَوْ كَانَتْ مُبَايَعَةً امْتَنَعَ إِخْرَاجُ أَحَدِهِمَا مِائَةَ دِينَارٍ وَأَلْفَ دِرْهَمٍ وَالْآخَرِ مِثْلَهَا وَفِي الْمُزَارَعَةِ كِلَاهُمَا الْبَذْرُ وَأَحَدُهُمَا الْعَمَلُ وَالْآخَرُ الْأَدَاةُ لِأَنَّهُ طَعَامٌ بِطَعَامٍ مَعَهُمَا شَيْءٌ آخَرُ قَالَ مَالِكٌ إِذَا أَخْرَجَ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ وَالْآخَرُ خَمْسَمِائَةٍ وَلَهِ أَلْفٌ غَائِبٌ فاشتُري بِالْأَلْفَيْنِ فَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعٌ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: إِنْ كَانَ كَذَبه وَخَدَعَهُ فَإِنْ بَاعَ أَوَّلًا فَعَلَى النِّصْفِ قَالَ: وَأَرَى أَنْ يُسأل الْعَامِلُ عَنِ الْوَجْهِ الَّذِي اشتُري عَلَيْهِ فَإِنْ قَالَ عَلَى الْأَرْبَاعِ عَلَى قَدْرِ أَمْوَالِنَا قُبِلَ قَوْلُهُ وَلَهُ حِينَئِذٍ رُبُعُ الرِّبْحِ قَوْلًا وَاحِدًا وَإِنْ هَلَكَ المَال قبل وصولها وخسر فِيهِ بَعْدَ بَيْعِهِ لَمْ يُضَمَّنِ الْعَامِلُ بِالْمَالِ الْمُقِيمِ شَيْئًا وَإِنْ قَالَ اشْتَرَيْتُ لِيَكُونَ

(8/27)


نِصْفَيْنِ قُبل قَوْلُهُ فَإِنْ هَلَكَ قَبْلَ بُلُوغِهِ أَوْ خَسِرَ ضَمِنَ لِلْمُقِيمِ خَمْسَمِائَةٍ إِنْ هَلَكَ المَال وَمَا ينويها مِنَ الْخَسَارَةِ وَإِنْ رَبِحَا فَالرِّبْحُ أَرْبَاعٌ وَيَخْتَلِفُ أَمْرُ الْخَسَارَةِ وَالرِّبْحِ فَإِنْ خَسِرَ قَالَ الْمُقِيمُ أَنَا أَمْضِي ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي حَسْبَمَا أَلْزَمْتَ نَفْسَكَ وَاشْتَرَيْتَ عَلَيْهِ وَإِنْ رَبِحَ قَالَ لَمْ أَرْضَ أَنْ يَكُونَ لَكَ فِي مَالِي نَصِيبٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِي فِي مَالِكَ مِثْلُهُ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ غَيْرُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَى الْقَوْلِ إِن الرِّبْحَ أَرْبَاعٌ اختُلف فِي الْأُجْرَةِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا شَيْءَ لِلَّذِي يُسافر مِنَ الْأُجْرَةِ وَهُوَ مُتَطَوّع وقا سَحْنُونٌ لَهُ الْأَقَلُّ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَالرِّبْحِ
3

-

(فَرْعٌ)
قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِنْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا دَنَانِيرَ وَالْآخَرُ دَرَاهِمَ مَنَعَهُ مَالِكٌ فِي الْكِتَابِ وَأَجَازَهُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ إِذَا تَنَاجَزَا بِالْحَضْرَةِ فَأَخَذَ مُخْرِجُ الدَّنَانِيرِ الدَّرَاهِمَ وَأَخَذَ الْآخَرُ الدَّنَانِيرَ لِأَنَّهَا مُصَارَفَةٌ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْمَنْعِ إِنِ اشْتَرَى بِالْمَالَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً كَانَتْ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ مَا أَخْرَجَاهُ يَوْمَ الشِّرَاءِ لَا يَوْمَ الْمُفَاصَلَةِ فَإِنْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا أَلْفَ دِرْهَمٍ وَالْآخِرُ مِائَةَ دِينَارٍ وَالصرْف وَقت الشِّرَاء عشْرين دِرْهَمًا بِدِينَارٍ فَالْمُشْتَرَى بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا وَإِنِ اشْتَرَى بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ الصَّرْفِ يَوْمَ الشِّرَاءِ كَالْأُولَى وَإِنْ عُلِمَ مَا اشْتُرِيَ بِكُلِّ مَالٍ لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُمَا شَرِكَةٌ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مَا اشْتَرَى بِمَالِهِ لَهُ رِبْحُهُ وَعَلَيْهِ خَسَارَتُهُ وَمَحْمَلُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى الشِّرَاءِ بِالْمَالَيْنِ جملَة وَاخْتَلَطَ عَلَيْهَا وَمَحْمَلُ قَوْلِهِ يُعْطَى هَذَا بِقَدْرِ دَنَانِيرِهِ وَالْآخَرُ بِقَدْرِ دَرَاهِمِهِ أَنَّ ذَلِكَ إِذَا لَمْ يَتَغَيَّرِ الصَّرْفُ وَإِلَّا اقْتَسَمَا أَثْلَاثًا حَسْبَمَا كَانَ وَقْتُ الشِّرَاءِ لِأَنَّ التِّجَارَةَ وَالْمَبْلَغَ الَّتِي اشْتَرَيَا كَانَتْ بَينهمَا كَذَلِك (كَذَا) فَلَوْ غَلَتِ الدَّرَاهِمُ حَتَّى صَارَتِ الْأَلْفُ تَعْدِلُ الْمِائَةَ لَمْ يَكُنِ الثَّمَنُ الَّذِي يَبِيعُهَا بِهِ أَنْصَافًا لِأَنَّ السِّلَعَ كَانَتْ أَثْلَاثًا وَلَوْ فَعَلَا ذَلِك لَا ختص صَاحِبُ الدَّرَاهِمِ بِبَعْضِ مَالِ صَاحِبِهِ
3 -

(فَرْعٌ)
فِي التَّنْبِيهَاتِ: شَرِكَةُ الذِّمم ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ:

(8/28)


أَوَّلُهَا فِي شِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ فَتَجُوزُ اعْتَدَلَا أَوِ اخْتَلَفَا وَيَتْبَعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ ثَمَنِ تِلْكَ السِّلْعَةِ بِقَدْرِ نَصِيبِهِ وَثَانِيهَا: اشْتِرَاكُهُمَا فِي مُعَيَّنٍ عَلَى أَنْ يَتَحمَّل كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لصَاحبه فَيجوز مَعَ الِاعْتِدَال فَقَط وثالثهما الشَّرِكَةُ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَلَا تَجُوزُ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ اضْمَنِّي وَأَضْمَنُكَ وَأَسْلِفْنِي وَأُسْلِّفُكَ فَإِنْ وَقَعَتْ فَالْمُشْتَرَى بَيْنَهُمَا لِأَنَّ غَيْرَ الْمُشْتَرِي أَذِنَ لِلْمُشْتَرِي قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. وَقَالَ سَحْنُونٌ لِكُلِّ وَاحِد مَا اشْتَرَاهُ لفساد العقد وَفِي النكث: قِيلَ إِذَا نَزَلَتْ فَاسِدَةً إِنَّمَا يَكُونُ مَا اشْتُرِيَ بَيْنَهُمَا إِذَا تَجَمَّعَا فِي شِرَاءِ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلِلْمُشْتَرِي وَعُهْدَتُهُ عَلَيْهِ وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ حمديس: إِذا لم تعقع عُهْدَةُ مَا ابْتَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَيْهِمَا جَمِيعًا فَرِبْحُ مَا ابْتَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ وَضَمَانُهُ عَلَيْهِ. وَظَاهِرُ الْمُوَازِيَةِ إِذَا اشْتَرَكَا بِوُجُوهِهِمَا بِغَيْرِ مَالٍ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَا بِالدَّيْنِ وَيَبِيعَا وَفَاتَ ذَلِكَ أَنَّ شِرَاءَ كُلِّ وَاحِدٍ بَيْنَهُمَا قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ: شَرِكَةُ الْوُجُوهِ تَمْتَنِعُ وَقَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَجَوَّزَهُ أَبُو حَنِيفَةَ. لَنَا أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ شرعيتها وَلِأَن حَقِيقَة الشّركَة أَن يشتركا فَبِي شَيْءٍ عِنْدَ الْعَقْدِ إِمَّا مَالٍ أَوْ بَدَنٍ وَلَا وَاحِدَ فَلَا يَصِحُّ وَلَا يَكْفِي الْعَقْدُ لِأَنَّهُمَا لَوْ جَعَلَا الرِّبْحَ كُلَّهُ لِأَحَدِهِمَا لَامْتَنَعَ احْتج بِالْقِيَاسِ على شركَة الْأَبدَان وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْفوا بِالْعُقُودِ} وَبِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ وَلِأَنَّهُمَا عَقَدَا عَلَى الْوَكَالَةِ وَالشِّرَاءِ لِلْآخَرِ وَذَلِكَ جَائِزٌ حَالَةَ الِانْفِرَادِ فَيَجُوزُ عِنْد الِاجْتِمَاعِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْبَدَنَ وَالصَّنْعَةَ كَالْعَيْنِ الْمَوْجُودَةِ بِخِلَافِ الْوُجُوهِ وَعَنِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ الْمُعَارضَة بنهيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الْغرَر وَهَذَا غرر وَعَن الرَّابِع تمنع هَذِه الْوكَالَة على الِانْفِرَاد لِأَن الَّذِي يَشْتَرِيهِ أَحَدُهُمَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ

(8/29)


الْآخَرُ وَمِثْلُ هَذَا فِي الْوَكَالَةِ يَمْتَنِعُ وَإِنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الشَّرِكَةِ لِوُجُودِ الرِّفْقِ المنفيِّ هَاهُنَا
3

-

(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِذَا أقعدتَ صَانِعًا عَلَى أَنْ تَتَقَبَّلَ عَلَيْهِ الْمَتَاعَ وَيَعْمَلَ هُوَ بِمَا رَزَقَ اللَّهُ بَيْنَكُمَا نِصْفَانِ امْتَنَعَ وَلَا تَمْتَنِعُ الشَّرِكَةُ فِي عَمَلِ الْأَبْدَانِ بِأَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ نَوْعًا وَاحِدًا فِي حَانُوتٍ وَاحِدٍ كَالصَّبَّاغِينَ وَالْخَيَّاطِينَ وَإِنْ فُضِّلَ أَحَدُهُمَا فِي الْعَمَلِ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ وَلَوِ اشْتَرَكَا بِغَيْرِ رَأس مَال على أنّ على لأَحَدهمَا ثُلُثَ الصُّنْعِ وَلَهُ ثُلُثُ الْكَسْبِ وَعَلَى الْآخَرِ الثُّلُثَانِ وَلَهُ الثُّلُثَانِ صَحَّ كَالْأَمْوَالِ وَكَذَلِكَ الْجَمَاعَةُ وَإِنِ احْتَاجَا إِلَى رَأْسِ مَالٍ أَخْرَجَاهُ بِالسَّوِيَّةِ وَعَمِلَا جَمِيعًا فَإِنْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا ثُلُثَ رَأْسِ الْمَالِ وَالْآخَرُ الثُّلُثَيْنِ وَيَعْمَلَانِ وَالرِّبْحُ نِصْفَانِ امْتَنَعَ لِأَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ فِي رِبْحِ الزَّائِدِ فِي أَحَدِ الْمَالَيْنِ وَيَجُوزُ إِذَا اسْتَوَوْا فِي الْجَمِيعِ وَيَمْتَنِعُ لِأَحَدِهِمَا الحانوتُ وَلِلْآخَرِ الْأَدَاةُ أَوْ دَابَّةٌ وَللْآخر رَحًى إِنْ كَانَتِ الْإِجَارَةُ مُخْتَلِفَةً لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ وَإِنْ تَطَاوَلَ أَحَدُ الْقَصَّارِينَ بِمَاعُونٍ تَافِهٍ كَالْقُصْرِيَّةِ المدقة جَازَ وَيمْتَنع مَاله قدرٌ حَتَّى يَشْتَرِكَا فِي مِلْكِهِ أَوْ يَكْرِيَهُ مِنَ الْآخَرِ فَائِدَةٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ: المُدقَّة - بِضَمِّ الْمِيمِ وَالدَّالِ - والمِدَقَّة - بِفَتْحِ الدَّالِّ وَكَسْرِ الْمِيمِ - وَهِيَ الْإِرْزَبَّةُ - بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ - الَّتِي يُدَقُّ بِهَا الثِّيَابُ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: يُشْتَرَطُ فِي الشَّرِكَةِ التَّقَارُبُ فِي الْقُدْرَةِ وَالْمَعْرِفَةِ بِذَلِكَ الْعَمَلِ وَقَدْ تَأَوَّلَ مَا وَقَعَ فِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ جَوَازِ الِافْتِرَاقِ بِأَنَّهُمَا يَتَعَاوَنَانِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ سَوَاءً وَعَلَى هَذَا يَكُونُ مُوَافِقًا لِلْمُدَوَّنَةِ وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ فِي الْمَوْضِعِ الْوَاحِدِ إِلَّا اتِّفَاقَ نَفَاقِ السُّوقِ وَمَنَافِعِهِ وَإِذَا تَبَاعَدَا رُبَّمَا كَانَتِ الْمَنْفَعَةُ لِأَحَدِهِمَا فَقَطْ فَيكون غرراً وأكلاً لمَال بِالْبَاطِلِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ المنعُ إِلَّا بِالشَّرِكَةِ فِي الْآلَةِ بِالْكِرَاءِ مِنْ غَيْرِهِمَا أَوْ بِالْمِلْكِ وَلَا يواجر أَحَدُهُمَا نِصْفَ الْآلَةِ مِنَ الْآخَرِ وَهُوَ يَمْلِكُ الْجَمِيع وَظَاهر الْكتاب جَوَازه وَفِي النكث: الْفَرْقُ بَيْنَ شَرِكَةِ الْأَبْدَانِ يُشترط اتِّحَادُ الْمَكَانِ بِخِلَاف الْأَمْوَال أَنَّهُمَا إِذا افْتَرقَا بنيهما رَابِطٌ وَهُوَ الْمَالُ وَلَا يَضُرُّ بِخِلَافِ

(8/30)


الِافْتِرَاقِ بِالْأَبْدَانِ يَبْتَدِئُ كُلُّ وَاحِدٍ بِعَمَلِهِ فَتَبْطُلُ الشَّرِكَةُ وَقَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ: لَا يَجُوزُ قَصَّارٌ وَحَدَّادٌ مَعْنَاهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَا يَتَّجِرَانِ بِأَمْوَالِهِمَا بضعتيهما فَيجوز وَالَّذِي يُعقد رَجُلًا فِي حَانُوتٍ لَهُ ثَلَاثُ حَالَاتٍ: أَنْ يَقْبَلَ صَاحِبُ الْحَانُوتِ الْمَتَاعَ وعهدتُه عَلَيْهِ فَالْغَلَّةُ لَهُ وَالضَّمَانُ عَلَيْهِ دُونَ الصَّانِعِ وَلِلصَّانِعِ أجرُ مِثله أَوِ الصَّانِعُ كَذَلِكَ فَالْغَلَّةُ لَهُ وَلِصَاحِبِ الْحَانُوتِ أُجْرَةُ حَانُوتِهِ وَلِصَاحِبِ الْحَانُوتِ أَيْضًا أُجْرَةُ الْمِثْلِ إِنْ كَانَ يتولَّى الْأَخْذَ لَهُ عَلَى أَنَّ الضَّمَانَ عَلَى الْعَامِلِ خَاصَّةً أَوْ يَتَقَبَّلَانِ جَمِيعًا اشْتَرَكَا فِي الْغَلَّةِ وَالضَّمَانِ وَيَتَرَاجَعَانِ فِي الْأُجْرَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: شَرِكَةُ الْأَبْدَانِ تَجُوزُ بِخَمْسَةِ شُرُوطٍ: اتِّحَادِ الصَّنْعَةِ وَتَسَاوِي السُّرْعَةِ وَالْإِبْطَاءِ وَالْجَوْدَةِ الرداءة أَو يتقاربان واتحاد الْموضع وَالشَّرِكَة فِي الأداة وَإِنَّمَا أُجِيزَتْ لِلْمُعَاوَنَةِ وَإِذَا اخْتَلَفَتِ الصَّنْعَةُ " انْتَفَتِ " المعاونة وَيكون كل وَاحِد بَاعَ نصف كَسبه بِنِصْفِ كَسْبِ صَاحِبِهِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَكَذَلِكَ افْتِرَاقُ الْمَكَانِ وَإِنِ اخْتَلَطَا كَانَ بَيْعَ مَنَافِعَ بِمَنَافِعَ وَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَسْرَعَ بِالْأَمْرِ الْبَيِّنِ جَازَتْ عَلَى التَّفَاضُلِ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمَا دُونَ الْمُسَاوَاةِ لِأَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ وَإِنْ تَبَايَنَا فِي الْجَوْدَةِ وَأَكْثَرُ مَا يَصْنَعَانِهِ الدَّنِيءُ جَازَتْ لِأَنَّ الْأَعْلَى يَعْمَلُ أَدْنَى وَلَا حُكْمَ لِلْقَلِيلِ أَو كَثْرَة الْأَعْلَى أَو كل وَاحِد كثيرا امْتنعت للغرر وَفِي العتيبة إجَازَة افْتِرَاق الْمَكَان وَقد اختُلف فِي الأَصْل فِيمَن اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا عَلَى أَنْ يَجِيئَهُ بِالْغَلَّةِ فَعَلَى الْجَوَازِ يَجُوزُ افتراقُهما فِي مَوْضِعَيْنِ وَالصَّنْعَةُ وَاحِدَةٌ أَوْ مُخْتَلِفَةٌ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ بَاعَ نِصْفَ مَنَافِعه على أَن يَبِيعهَا لمشتريها من وَلَا فَرْقَ بَيْنَ اسْتِئْجَارِهِ عَلَى أَنْ يَجِيئَهُ بالغّلة بِدَرَاهِم أَو بِنصْف مَنَافِعه وَإِن اشْتَركَا بِأَمْوَالِهِمَا وأحدُهما يَعْمَلُ وَالْآخِرُ يخدُم وَيَشْتَرِي وَيَبِيعُ وَلَا يُحسن النسج وَقِيمَته الْعَمَلِ وَالْخِدْمَةِ سَوَاءٌ جَازَ وَكَذَلِكَ بِغَيْرِ رَأْسِ مَالٍ فَيَسْتَقْبِلَانِ الْعَمَلَ لِيَعْمَلَ أَحَدُهُمَا وَيَخْدِمَ الْآخَرُ وَتَسَاوَتِ الْقِيمَةُ بِخِلَافِ مُخْتَلِفَيِ الصَّنْعَةِ لِعَدَمِ مُسَاعَدَةِ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ فِي عَيْنِ تِلْكَ الصَّنْعَةِ وَمَتَى جَاءَ لِلْحَائِكَيْنِ شُغُلٌ عَمِلَا جَمِيعًا وَإِلَّا تعطَّلا جَمِيعًا

(8/31)


وَلِذَلِكَ أُجِيزَتْ فِي طَلَبِ اللُّؤْلُؤِ أَحَدُهُمَا يَغُوصُ وَالْآخَرُ يَغْرِفُ وَاشْتَرَطَا التَّسَاوِيَ فِيمَا يَخْرُجُ وَإِنْ كَانَتْ أُجْرَةُ المُخرج أَكْثَرَ امْتَنَعَتْ إِلَّا عَلَى قَدْرِ أُجْرَتِهِ وَإِنْ كَانَا صَبَّاغَيْنِ وَرَأْسُ الْمَالِ فِيمَا يَصْبُغَانِ بِهِ مِنْ نِيلٍ أَوْ غَيْرِهِ وَالْعَمَلُ عَلَى جُزْءٍ واحدٍ نصفٌ أَوْ ثلثٌ جَازَ وَإِنْ خَالَفَا الْأَجْزَاءَ وَجَعَلَا الْعَمَلَ نِصْفَيْنِ وَمَا يَصْبُغَانِ ثُلُثًا وَثُلُثَيْنِ فَنِصْفُ مَا أَصَابَا لِصَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ وثلثٌ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ وَيَبْقَى سُدُسٌ لوَاحِد فِيهِ رَأس المَال وَالْآخر الْعَمَلُ فَنِصْفُ مَا أَصَابَا فِيهِ عَلَى قَدْرِ مالَهما فِيهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَالْعَمَلِ لِأَنَّ ذَلِكَ الْجُزْءَ الْفَاضِلَ هبةٌ أَوْ سَلَفٌ بِشَرْطِ الشَّرِكَةِ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْوَاهِبَ والمسلِّف لَمْ يُمكَّن مِنْ ذَلِكَ لَمَّا كَانَا بِشَرْطِ أَن يصل الْآخَرُ مَعَهُ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَمْكِينٌ فَمُصِيبَتُهُ مِنْ صَاحِبِهِ وَمَا بِيعَ بِهِ لَهُ وَيُشَارِكُ الْآخَرَ بِقَدْرِ عَمَلِهِ فِيهِ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ ذَلِكَ قبضُ بِمَا أَصَابَا بَيْنَهُمَا بِالسَّوَاءِ وَيَرْجِعُ صَاحِبُ الْكَثِيرِ عَلَى صَاحِبِهِ بِمِثْلِ مَا أَسْلَفَهُ أَوْ وَهَبَهُ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الزَّائِدُ لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ وَلَا السَّلَفِ وَإِنَّمَا وَهَبَهُ الرِّبْحَ فَقَالَ إِنْ خَسِرْنَا اقْتَسَمْنَا رَأْسَ الْمَالِ أَثْلَاثًا وَإِنْ رَبِحْنَا فَالرِّبْحُ نِصْفَانِ لَكَانَتْ هِبَةُ الرِّبْحِ لِلْوَاهِبِ وَحْدَهُ لِأَنَّ مُصِيبَةَ ذَلِكَ الزَّائِدِ مِنْ صَاحِبِهِ قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّ الْعَامِلَ عمل فِيهِ عمل مِلْكِ صَاحِبِ الْأَكْثَرِ وَلِلْآخَرِ الرِّبْحُ وَهِيَ هِبَةٌ فَاسِدَةٌ تُرَّد لِلْوَاهِبِ وَيُقَسَّطُ مَا بِيعَ بِهِ ذَلِكَ الزَّائِدُ عَلَى قَدْرِهِ مِنْ قَدْرِ الْعَمَلِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنِ اشْتَرَكُوا فِي الطَّحِينِ لأَحَدهم الْبَيْت وَللْآخر الرَّحا وَلِلْآخَرِ الدَّابَّةُ اقْتَسَمُوا مَا أَصَابُوا أَثْلَاثًا لِأَنَّ رُؤُوس أَمْوَالهم علم أَيْديهم فَإِن اسْتَوَت أُجْرَة الْبَيْت والرحا وَالدَّابَّةِ فَلَا تَرَاجُعَ وَإِلَّا رَجَعَ مَنْ لَهُ فَضْلٌ عَلَى صَاحِبِهِ وَلَوْ لَمْ يُصِيبُوا شَيْئًا لترادُّوا وَأفضل الْكِرَاءِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَقْتَسِمُونَ مَا أَصَابُوا عَلَى قدر أكرية مَا لَهُم فَإِن فضلٌ قُسم عَلَى أُجْرَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَإِنْ فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ نُظِرَ إِلَى جُمْلَةِ مَا اجْتمع لكل وَاحِد فيُقسم لفضل عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ قَالَ: وَإِنْ لَمْ يُصيبوا إِلَّا مِثْلَ مَا يَعْلِفُونَ وَيُنْفِقُونَ رَجَعَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَيُخْرِجُونَ ذَلِكَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَلَيْسَ هَذَا بِحَسَنٍ قَالَ: وَأَرَى أَنَّ رَأْسَ الْمَالِ الرّحا وَالدَّابَّة لِأَن الْإِجَارَة وَالثمن الْمَأْخُوذ إِنَّمَا هُوَ عَنْهُمَا وَلَيْسَ عَنِ الْبَيْتِ وَالْعَمَلِ وَلَيْسَ لِلشُّرَكَاءِ فِي ذَلِك إِلَّا رِبَاط الدَّابَّة والمعونة اللطيقة وَلَا تَرَاجُعَ فِي عَمَلِ أَيْدِيهِمْ لِاسْتِوَائِهِمْ فِيهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ كَانَ الْعَامِلُ صَاحِبَ

(8/32)


الدَّابَّةِ وَحْدَهُ فَلَهُ مَا أَصَابَ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْبَيْت والرحا وَإِنْ لَمْ يُصب شَيْئًا قَالَ كَمَنْ دَفَعَ دَابَّتَهُ أَوْ سَفِينَتَهُ عَلَى أَنَّ لَهُ نِصْفَ مَا يَكْسِبُ عَلَيْهَا قَالَ: وَلَيْسَ هَذَا بالبيِّن بَلْ بَعْضُ مَا أَصَابَ عَلَى قَدْرِ إِجَارَةِ الرحا وَالدَّابَّة فَمَا نَاب الرحا مِنَ الْعَمَلِ رَجَعَ عَلَيْهِ الْعَامِلُ فِيهِ بِأُجْرَةِ الْمثل لِأَن صَاحب الرحا لَمْ يَبِعْ مِنَ الْعَامِلِ مَنَافِعَهَا وَإِنَّمَا أّذِن لَهُ فِي إِجَارَتِهَا وَلَهُ بَعْضُ الْأُجْرَةِ ثُمَّ يُغَرَّمَانِ جَمِيعًا إِجَارَةَ الْبَيْتِ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ الْعَامِل صَاحب الرحا فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَهُ مَا أَصَابَ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَالْقِيَاسُ الْفَضْلُ كَمَا تَقَدَّمَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الَّذِي يَطْحَنُ عَلَيْهَا طَعَامَ نَفْسِهِ وَلَا يؤجِّرها مِنَ النَّاسِ وَكَذَلِكَ الدَّابَّةُ إِنْ قَالَ لَهُ أجِّرها فَبَاعَ مَنَافِعَهَا مِنَ النَّاسِ فَالْأُجْرَةُ لِصَاحِبِهَا وَلِلْمُؤَجَّرِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَإِنْ قَالَ اعْمَلْ عَلَيْهَا فَحَمَلَ عَلَيْهَا تِجَارَةً أَوْ مَا يَحْتَطِبُهُ فَمَا بَاعَ مِنْ ذَلِكَ لِلْعَامِلِ وَللْآخر أُجْرَة الْمثل وَكَذَلِكَ الرحا وَالدَّابَّة إِن دخل على أَن يواجرهما مِنَ النَّاسِ فَالْأُجْرَةُ لِأَصْحَابِهَا وَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ المِثل وَإِنْ دَخَلَ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا طَعَامَهُ فَرَبِحَ مَالًا لَهُ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ تَمْهِيدٌ وافَقَنا (ح) فِي شَرِكَةِ الْأَبْدَانِ وَزَادَ عَلَيْنَا بِجَوَازِ افْتِرَاقِ مَوْضِعِهِمَا وَاخْتِلَافِ صَنْعَتِهِمَا وَجَعْلِهِ مِنْ بَابِ التَّوْكِيلِ وَخَالَفَنَا (ش) مُطْلَقًا لِأَنَّهُ يَشْتَرِطُ كَوْنَ رَأْسِ الْمَالِ مَوْجُودًا وَمَعْلُومًا وَأَنْ يُخلط الْمَالَانِ وَكُلُّ ذَلِكَ مَعْدُومٌ هَاهُنَا وَنَحْنُ نَقُولُ: هَذِهِ الصَّنَائِعُ فِي حُكْمِ الْمَوْجُودِ لِصِحَّةِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ عَلَيْهَا وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمتُم مِنْ شيءٍ فَأَنَّ لله خُمسَه} الْآيَةَ فَجَعَلَ الْغَانِمِينَ شُرَكَاءَ فِيمَا غَنِمُوا بِقِتَالِهِمْ وَهِيَ شَرِكَةُ الْأَبْدَانِ ورُوي أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ شَارَكَ سَعْدًا يَوْمَ بَدْرٍ فَأَصَابَ سعدٌ فَرَسَيْنِ وَلَمْ يُصِبِ ابْنُ مَسْعُودٍ شَيْئًا وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَوِ الْقِيَاسُ عَلَى الْمُضَارَبَةِ وَلِأَنَّ مَقْصُودَ شَرِكَةِ الْأَمْوَال الرِّبْح وَهَذَا مِمَّا يَحْصُلُ لِأَنَّهُمَا لَوْ شَرَطَا الْعَمَلَ مِنْ عِنْدِ أَحَدِهِمَا امْتَنَعَ

(8/33)


وَلَوْ شُرط الْمَالُ مِنْ عِنْدِ أَحَدِهِمَا وَالْعَمَلُ مِنَ الْآخَرِ صَحَّ وَكَانَ مُضَارَبَةً بِالْعَمَلِ الْأَصْلِ وَهُوَ نَظِيرُ الْمَالِ لِمُقَابَلَتِهِ لَهُ وَلِأَنَّ الْمَنَافِعَ وَالْأَعْيَانَ سَوَاءٌ فِي جَوَازِ الْعَقْدِ عَلَيْهِمَا فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَبِهِ يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرِكَةِ الْوُجُوهِ لِأَنَّ فِي الْوُجُوهِ لَا مَالَ وَلَا صَنْعَةَ تَقُومُ مَقَامَهُ أَوْ نَقُولُ أَحَدُ أَصْلَيِ الْقِرَاضِ فَجَازَتْ بِهِ كَالْقِرَاضِ بَلْ أَوْلَى لِاتِّفَاقِهِمَا هَاهُنَا فِي الْعَمَلِ وَثَمَّ عَمَلٌ وَمَالٌ وَأَصْلُ الشَّرِكَةِ التَّسَاوِي أَوْ نَقُولُ: إِذَا أَخَذَ ثَوْبًا لِيَخِيطَهُ بِعَشَرَةٍ فأجَّر غَيْرَهُ لِيَخِيطَهُ بِخَمْسَةٍ صحَّ فَقَدْ أَخَذَ خَمْسَةً بِعَمَلِ غَيْرِهِ فَكَذَلِكَ هَا هُنَا أَوْ نَقُولُ إِذَا اشْتَرَكَا بِالْمَالِ ضَمِنَ كلُّ وَاحِدٍ نِصْفَ مَا يَشْتَرِيهِ الْآخَرُ فَقَدْ صَارَ الضَّمَانُ سَبَبًا لِاسْتِحْقَاقِ الرِّبْحِ فَكَذَلِكَ هَاهُنَا لِأَنَّ الصُّنَّاعَ يَضْمَنُونَ عِنْدَنَا احْتَجُّوا بِالْقِيَاسِ عَلَى شَرِكَةِ الْوُجُوه لِأَن كل وَاحِد ممنفردٌ بِعَمَلِ نَفْسِهِ أَوِ الْمَنَافِعَ الْحَاصِلَةَ مِنْهُمَا مَجْهُولَةٌ فَتَمْتَنِعُ كَالشَّرِكَةِ بِالْمَالِ الْمَجْهُولِ أَوْ لِأَنَّ كُلَّ أحدٍ بَاعَ نِصْفَ كَسْبِهِ بِنِصْفِ كَسْبِ صَاحِبِهِ فَيَمْتَنِعُ وَبَيْعُ الْكَسْبِ بِالْكَسْبِ حَرَامٌ أَوْ يَمْتَنِعُ بِالْقِيَاسِ عَلَى مَا اشْتَرَكَا بِجَمَلَيْنِ وَعَلَيْهِمَا كُلَفُ الجمّالين وَالْكَسْبُ بَيْنَهُمَا وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ الْفَرْقَ وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي منعُ الْجَهَالَةِ وَذَلِكَ مَعْلُومٌ بِالْعَادَةِ بِدَلِيلِ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ وَالْمُضَارَبَةِ عَلَى الْمَنَافِعِ وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّالِثِ: أَنَّ ذَلِكَ لازمٌ فِي شَرِكَةِ الْمَالِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ بَاعَ نِصْفَ رِبْحِهِ بِنِصْفِ رِبْحِ صَاحِبِهِ وَذَلِكَ مُغْتَفَرٌ فِي الصُّورَتَيْنِ لِلرِّفْقِ وَالْجَوَابُ عَنِ الرَّابِعِ أَن شركَة الدَّوَابّ وَالْحمل على الرؤوس تَجُوزُ إِذَا اشْتَرَكَا فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ لَا يَفْتَرِقَانِ فِيهِ فَأَمَّا إِذَا افْتَرَقَا فَلَا رِفْقَ لِأَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا
3

-

(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ عَنْ مَالِكٍ الْمَنْعُ مِنْ شَرِكَةِ الْحَرْثِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِكَا فِي رِقَابِ

(8/34)


الدَّوَابِّ وَالْآلَةِ لِيَضْمَنَا مَا هَلَكَ وَعَنْهُ إِنْ سَاوَى مَا يُخرج مِنَ الْبَقَرِ وَالْآلَةِ كِرَاءَ مَا يُخرج الْآخَرُ مِنَ الْأَرْضِ وَالْعَمَلِ وَاعْتَدَلَا فِي الْبَذْرِ جَازَ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُهُ فِي الْمُزَارَعَةِ
3

-

(فَرْعٌ)
قَالَ: لِأَحَدِهِمَا رحَّى وَلِلْآخَرِ دابةٌ وَللْآخر بيتٌ على أَن يعلمُوا بِأَيْدِيهِمْ والكسبُ أَثْلَاثٌ وَعَمِلُوا عَلَى ذَلِكَ وَجَهِلُوا الْمَنْعَ فَمَا أَصَابُوا أَثْلَاثًا إِنِ اسْتَوَتْ أَكْرِيَةُ الثَّلَاثَةِ وَتَصِحُّ الشَّرِكَةُ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ أَكْرَى مَتَاعه بمتاع صَاحبه وَإِن اخْتلفت أكريه مَا قسموا أَثلَاثًا لِأَن رُؤْس أَمْوَالِهِمْ عَمَلُ أَيْدِيهِمْ وَهُوَ مُستو وَيَرْجِعُ مَنْ لَهُ أفضل كِرَاءٍ عَلَى صَاحِبِهِ وَإِنْ لَمْ يُصِيبُوا شَيْئًا كَالْكِرَاءِ الْفَاسِدِ وَلَا تَرَاجُعَ فِي كِرَاءِ الْأَيْدِي لتساويهم فِيهِ وَإِن اشْترط صاحبا الْبَيْت والرحا الْعَمَلَ عَلَى رَبِّ الْبَغْلِ فَعَمِلَ فَلَهُ الرِّبْحُ وَعَلَيْهِ الْوَضِيعَةُ لِأَنَّ غَلَّةَ دَابَّتِهِ رَأْسُ الْمَالِ وَعَلِيهِ أُجْرَة الرحا وَالْبَيْتِ وَإِنْ لَمْ يُصِيبُوا شَيْئًا كَالدَّابَّةِ يَعْمَلُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ الْكَسْبِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: ظَاهِرُ الْكِتَابِ الْمَنْعُ حَتَّى يَكْتَرِيَ كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبَهُ بِنَصِيب صَاحِبِهِ إِذَا كَانَ مُسْتَوِيًا وَأَجَازَهُ سَحْنُونٌ إِذَا اسْتَوَيَا قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: مَعْنَى قَوْلِهِ الشَّرِكَةُ صَحِيحَةٌ أَيْ آلَتْ إِلَى الصِّحَّةِ لَا أَنَّهَا تَجُوزُ ابْتِدَاءً لِلْجَهْلِ بِالْأَكْرِيَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: صِفَةُ التَّرَاجُعِ مَعَ الِاخْتِلَافِ: كِرَاءُ الْبَيْتِ ثَلَاثَةُ دَرَاهِم وَالدَّابَّة دِرْهَمَانِ والرحا دِرْهَمٌ فَاسْتَوَوْا فِي دِرْهَمٍ فَلَا يَتَرَاجَعُوا فِيهِ وَلِصَاحِبِ الْبَيْتِ فضلٌ دِرْهَمَانِ لَهُ مِنْهُمَا ثُلُثَا دِرْهَمٍ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ صَاحِبَيْهِ وَلِصَاحِبِ الدَّابَّةِ فضلٌ دِرْهَمٍ لَهُ ثُلُثُ دِرْهَمٍ عَلَى كل وَاحِد من صَاحِبيهِ فَإِذا فَإِذَا طَالَبَ صَاحِبُ الْبَيْتِ صَاحِبَ الدَّابَّةِ بِثُلُثَيْ دِرْهَمٍ طَالَبَهُ صَاحِبُ الدَّابَّةِ بِثُلُثِ دِرْهَمٍ فَيَبْقَى لَهُ ثلث دجرهم وَلِصَاحِب الدَّابَّة ثلث دِرْهَم وعَلى صَاحب الرحا وَلِصَاحِب الْبَيْت ثلثا دِرْهَم وعَلى صَاحب الرحا أَيْضًا يُغَرَّمُ لِكُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثَ دِرْهَمٍ فَيَدْفَعُهُ صَاحِبُ الدَّابَّةِ إِلَى صَاحِبِ الْبَيْتِ فَيَحْصُلُ لَهُ دِرْهَم ويستزن " كَذَا " إِنْ لَمْ يَزِدْ شَيْئًا مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ وَإِذَا حَضَرُوا كُلُّهُمْ وَهُمْ أَمْلِيَاءُ وَطَلَبُوا الْمُحَاسَبَةَ دفع صَاحب الرحا

(8/35)


لِصَاحِبِ الْبَيْتِ دِرْهَمًا ثُلُثُهُ عَنْ صَاحِبِ الدَّابَّةِ وَثُلُثَانِ مِمَّا لَهُ قَبْلَهُ لِأَنَّ جَمِيعَ إِجَارَةِ الْبَيْت وَالدَّابَّة والرحا سِتَّةُ دَرَاهِمَ فَلِلدَّابَّةِ دِرْهَمَانِ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَا عَلَيْهِ وَيَرْجِعُ صَاحِبُ الْبَيْتِ عَلَى صَاحِبِ الرحا بدرهم فيعتدلوا وَقَالُوا مُحَمَّدٌ: إِذَا فَاتَ ذَلِكَ بِالْعَمَلِ قَسَّمُوا مَا أَصَابُوا عَلَى قَدْرِ قِيمَةِ كِرَاءِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ قَسَّمُوا ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ إِجَارَةِ كُلِّ وَاحِدٍ بِيَدَيْهِ وَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ قُسم عَلَى مَا حَصَلَ بِيَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِأَنْ يَكُونَ المُصاب ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَيَكُونُ كِرَاء الْبَيْت ثَلَاثَة وَالدَّابَّة دِرْهَمَانِ والرحا دِرْهَمٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ كِرَاءُ مَالِهِ وَكِرَاءُ يَدِهِ أَيْضا وَهُوَ مِثْلًا لِكُلِّ وَاحِدٍ دِرْهَمٌ فَيَبْقَى مِنَ الْمُصَابِ تِسْعَةٌ يَقْتَسِمُونَهَا عَلَى التِّسْعَةِ الْأُولَى فَيَصِيرُ لِصَاحِبِ الْبَيْتِ ثَمَانِيَةٌ وَلِصَاحِبِ الدَّابَّةِ سِتَّةٌ وَلِصَاحِبِ الرحا أَرْبَعَةٌ وَقَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ: الْأَشْبَهُ أَنْ يَكُونَ عمل أَيْديهم وكراء آلتهم رُؤُوس أَمْوَالِهِمْ فَيُضِيفُ كُلُّ وَاحِدٍ عَمَلَ يَدِهِ إِلَى كِرَاءِ مَا أَخْرَجَ وَيُجْمَعُ ذَلِكَ كُلُّهُ ويُقسم المُصاب عَلَى ذَلِكَ فَلَا يَخْتَصُّ بِرَأْسِ الْمَالِ عَمَلُ الْبَدَنِ دُونَ عَمَلِ الْآلَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ كُله رَأس مَال لَهُ فَإِنْ عَجَزَ الْمُصَابُ عَنْ كِرَاءِ الْآلَةِ فَيَنْبَغِي أَلَّا يَتَرَاجَعَا فِي الذِّمم بِمَا فَضَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ لِأَنَّ يَدَ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى مَا أَكْرَاهُ كِرَاءً فَاسِدًا فَلَا يَضْمَنُ شَرِيكُهُ لَهُ كَمَا إِذَا اشْتَرَكَا سِلْعَتَيْنِ شَرِكَةً فَاسِدَةً فَبَاعُوا لَمْ يَضْمَنْ واحدٌ لِصَاحِبِهِ قِيمَةَ نَصِيبِهِ وَإِنَّمَا رُؤْس أَمْوَالِهِمَا مَا بَاعُوا بِهِ وَهُوَ قَوْلٌ حَسَنٌ رَاجِعٌ إِلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ إِذَا كَانَ مَا أَصَابُوهُ قَدْرَ كِرَاءِ آلَتِهِمْ وَعَمَلِ أَيْدِيهِمْ فَأَكْثَرَ لَا يستخلِفُ ذَلِكَ فِي الْقِسْمَةِ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ اخْتُلِفَ وَوَقَعَ الظُّلْمُ بَيْنَهُمْ إِذَا بُدئ بِأَكْرِيَةِ الْآلَةِ أَوْ بِأَكْرِيَةِ الْأَيْدِي إِذا قَدْ يَكُونُ كِرَاءُ آلَةِ أَحَدِهِمْ عَشَرَةً وَأُجْرَةُ يَدِهِ عَشَرَةً فَإِذَا أَصَابُوا قَدْرَ أُجْرَةِ الْآلَةِ وبُدىء بِالْقِسْمَةِ عَلَيْهَا ظُلم مَنْ أُجرة آلَتِهِ قَلِيلَةٌ وَأُجْرَةُ يَدِهِ كَثِيرَةٌ وَإِنْ بُدئ بِالْقِسْمَةِ عَلَى أُجْرَةِ الْأَيْدِي ظُلِمَ صَاحِبُ الْآلَةِ فأعدَلُ الْأَقْوَالِ جمعُ أَكْرِيَةِ الْجَمِيعِ ويُقسم مَا أَصَابُوا عَلَيْهِ وَلِأَنَّ مَا أَخْرَجُوا مِمَّا يُكرى فَيَكُونُ كِرَاؤُهُ رَأْسَ الْمَالِ كَثَمَنِ السِّلْعَتَيْنِ فِي الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ فَإِن رَأس المَال مَا يبيعا لَهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: أَرَى أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ الرحا وَالدَّابَّة لِأَن الْإِجَارَة وَالثمن الْمَأْخُوذ إِنَّمَا هُوَ عَنْهُمَا دُونَ الْبَيْتِ وَعَمَلِ

(8/36)


الْيَدِ وَلَيْسَ لِلشُّرَكَاءِ فِي ذَلِكَ إِلَّا رَبْطُ الدَّابَّةِ وَهُوَ يَسِيرٌ وَلَا يَتَرَاجَعُونَ فِي عَمَلِ أَيْدِيهِمْ لِأَنَّهُ يَسِيرٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ عَمِلَ صَاحِبُ الدَّابَّةِ وَحْدَهُ فَلَهُ مَا أَصَابَ وَعَلِيهِ أُجْرَة الْبَيْت والرحا وَإِنْ لَمْ يُصِبْ شَيْئًا وَلَيْسَ بالبيِّن وَأَرَى مَا أصَاب مفوضاً على أُجْرَة الرحا وَالدَّابَّة فَمَا نَاب الرحا مِنَ الْعَمَلِ رَجَعَ عَلَيْهِ الْعَامِلُ فِيهِ بأُجرة الْمثل لِأَن صَاحب الرحا لَمْ يَبِعْ مِنَ الْعَامِلِ مَنَافِعَهَا وَإِنَّمَا وَكَّلَهُ فِي إِجَارَتِهَا وَلَهُ بَعْضُ الْأُجْرَةِ فَهُوَ يُوَاجِرُهَا عَلَى صَاحِبِهَا ثُمَّ يَغْرَمَانِ جَمِيعًا أُجْرَةَ الْبَيْتِ وَكَذَلِكَ إِذا كَانَ الْعَامِل صَاحب الرَّحا فَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَا عَلَيْهِ وَالْمُخْتَارُ مَا تَقَدَّمَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الَّذِي يَطْحَنُ عَلَيْهِمَا طَعَامَ نَفْسِهِ فَيَكُونَ كَمَنْ قَالَ لَكَ مَا تَكْسِبُ عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ الدَّابَّةُ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُ هَذَا الْبَحْثِ
3

-

(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِذَا مَرِضَ أحدُ شَرِيكَيِ الصَّنْعَةِ أَوْ غَابَ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ فَعَمِلَ صَاحِبُهُ فَالْعَمَلُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ عادةُ الشُّرَكَاءِ وَمَا تَفَاحَشَ وَطَالَ إِنْ أَحَبَّ الْعَامِلُ أَعْطَاهُ نِصْفَ مَا عَمِلَ جَازَ إِنْ لَمْ يَعْقِدْ فِي أَصْلِ الشَّرِكَةِ عَلَى ذَلِكَ فَيَمْتَنِعُ لِلْغَرَرِ فَإِنْ نَزَلَ فَمَا اشْتَرَكَا فِيهِ بَيْنَهُمَا وَمَا اخْتَصَّ بِذِي الْعَمَلِ لِصَاحِبِهِ قَالَ ابْنُ يُونُس قَالَ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ: إِنْ لَمْ يَعْقِدَا عَلَى ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنَّ الْقَدْرَ الَّذِي لَوْ صحَّ ذَلِكَ كَانَ بَيْنَهُمَا أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا وَالزَّائِدُ لِلْعَامِلِ وَحْدَهُ ويُتسامح فِي الشَّرِكَةِ الصَّحِيحَةِ عَنِ التَّفَاضُلِ الْيَسِيرِ بِخِلَافِ الْفَاسِدَةِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: هَذَا فِي شَرِكَةِ الْأَبْدَانِ أَمَّا فِي شَرِكَةِ الْأَمْوَالِ فَلِلَّذِي عَمِلَ نِصْفُ أُجْرَتِهِ عَلَى صَاحِبِهِ وَالْفَضْلُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْمَالَ أَخَذَهُ وَإِذَا تَقَبَّلَ أَحَدُهُمَا شَيْئًا بَعْدَ طُولِ مَرَضٍ أَوْ غَيْبَةٍ فَهُوَ لَهُ قَالَه بعض الْقرَوِيين إِذا تقبًّلا جَمِيعًا ثمَّ غَابَ أَحدهَا طَوِيلًا فَالْإِجَارَةُ بَيْنَهُمَا وَيَرْجِعُ الْعَامِلُ عَلَى شَرِيكِهِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ لِأَنَّهُ تحمَّل عَنْ صَاحِبِهِ بِالْعَمَلِ بِخِلَافِ حَافِرَيِ الْعَيْنِ يُستأجران فَيَمْرَضُ أَحَدُهُمَا فَلَا يلْزم الثَّانِي أَن يعْمل لصَاحبه فَإِنْ عَمِلَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ متطِّوع كَمَنْ خَاطَ لِإِنْسَانٍ ثَوْبًا بِغَيْرِ إِذْنِهِ لَا غُرْمَ عَلَيْهِ لِصَاحِبِهِ

(8/37)


وَمَنْ رَأَى أَنَّهُ مُتَطَوِّعٌ لِرَبِّ الدَّيْنِ رَأَى أَنَّ بِالْمَرَضِ انْفَسَخَتِ الْإِجَارَةُ لِلضَّرَرِ عَلَيْهِ كَمَرَضِ الدَّابَّةِ فِي السَّفَرِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الدَّين وَمَا يَتَقَبَّلَانِهِ مِنَ الْمَتَاعِ أَنَّ الْمَتَاعَ مِمَّا يُضمن إِذَا ضَاعَ مَا تَحَمَّلَا ضمِنا وَوَجَبَ عَلَيْهِمَا عمله والبير مِمَّا لَا يُضمن فَلَمْ يَجِبْ عَلَى الصَّحِيحِ حفرُ نَائِبِ الْمَرِيضِ فَصَارَ مُتَطَوِّعًا بِالْحَفْرِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا مَرِضَ أَحَدُهُمَا أَوْ مَاتَ أَوْ غَابَ فَعَلَى الْآخَرِ جَمِيعُ الْعَمَلِ كَانَ فِي الذِّمَّةِ أَوْ عَلَى أَعْيَانِهِمَا لِأَنَّهُمَا اشْتَرَكَا عَلَى ذَلِكَ وَعَلَيْهِ دَخْلُ مُسْتَأْجِرِهِمَا لِأَنَّهُ رُبَّمَا جَالَتْ أَيْدِيهِمَا فِي عَمَلِ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ بِخِلَافِ غَيْرِ الشَّرِيكَيْنِ إِذَا كَانَتِ الْإِجَارَةُ عَلَى عَمَلِ رجلٍ الا يَضْمَنُ أَحَدٌ عَنْهُ ذَلِكَ الْعَمَلَ وَلَوْ أجَّر رَجُلَانِ أَنْفُسَهُمَا فِي عَمَلِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ أَوْ كَانَت الْإِجَازَة فِي الذِّمَّةِ لَا يَلْزَمُ أَحَدُهُمَا أَنْ يُوفي عَنِ الْآخَرِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُمَا مُتَفَاوِضَانِ وَيَلْزَمُ أَحَدُهُمَا مَا يَلْزَمُ الْآخَرَ وَإِذَا عَقَدَا فِي الصِّحَّةِ ثُمَّ حَدَثَ مَرَضٌ خَفِيفٌ أَوْ طَوِيلٌ أوغاب أَحَدُهُمَا " قَرِيبًا " أَوْ بَعِيدًا فَعَلَى الصَّحِيحِ وَالْحَاضِرِ الْقيام بِجَمِيعِ الْعَمَل وَكَذَلِكَ إِذا عقد الْإِجَازَة عَلَى شَيْءٍ فِي أَوَّلِ الْمَرَضِ ثُمَّ بَرِئَ قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا أَوْ فِي سَفَرِ أَحَدِهِمَا إِلَى قُرب ثُمَّ رَجَعَ عَنْ قُرْبٍ أَوْ بُعد فَعَلَى الصَّحِيحِ وَالْحَاضِرِ الْقِيَامُ بِجَمِيعِ الْعَمَلِ هَذَا فِي حَقِّ الَّذِي لَهُ الْعَمَلُ وَكَذَلِكَ فِي المسمِّى الَّذِي عقدا عَلَيْهِ هُوَ بنيهما نِصْفَانِ وَإِنْ طَالَ الْمَرَضُ أَوِ السَّفَرُ رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِأُجْرَةِ المِثل وَإِلَّا فَلَا جَرْيًا عَلَى الْعَادَةِ وَلَوِ اشْتَرَكَا عَلَى عَدَمِ التَّرَاجُعِ فِي الْكَثِيرِ فَسَدَتْ لِأَنَّهُ غَرَرٌ
3

-

(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ مَا تقبَّل أحدُ شَرِيكَيِ الصَّنْعَةِ لَزِمَ الْآخَرَ عَمَلُهُ وَضَمَانُهُ يُؤْخَذُ بِذَلِكَ وَإِنِ افْتَرَقَا لِأَنَّهُ عقد الشّركَة
3 - (38 قَالَ: تجوز شركَة)

قَالَ تَجُوزُ شَرِكَةُ الْمُعَلِّمِينَ فِي مَكْتَبٍ وَاحِدٍ لَا مَوْضِعَيْنِ وَالْأَطِبَّاءِ إِنِ اشْتَرَكُوا فِي ثَمَنِ الدَّوَاء وَلَا يشْتَرك الحمَّالان على رؤسهما وَدَوَابِّهِمَا لِافْتِرَاقِهِمَا إِلَّا أَنْ يَجْتَمِعَا فِي شَيْءٍ بِعَيْنِه إِلَى غَايَة فَيجوز على الرؤس أَوِ الدَّوَابِّ وَإِنْ جَمَعَا

(8/38)


دَابَّتَيْهِمَا عَلَى أَنْ يُكرياهما وَالْكِرَاءُ بَيْنَهُمَا امْتَنَعَ لِأَنَّهُ قَدْ يُكري أحدُهما دُونَ الْآخَرِ فَهُوَ غَرَرٌ وَكَذَلِكَ عَلَى رِقَابِهِمَا وَقَدْ تَخْتَلِفُ الْغَايَاتُ إِلَّا فِيمَا يَفْتَرِقَانِ فِيهِ فَيَجُوزُ لِعَدَمِ الْغَرَرِ قَالَ ابْنُ يُونُس لايكون علمهما مِنَ الْكَسْبِ بِقَدْرِ عِلْمِهِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِيمَا يعلِّمانه الصِّبْيَانَ قَالَ اللَّخْمِيُّ: لَا يَشْتَرِكُ طَبَائِعِيٌّ وَجَوَائِجِيٌّ وَلَا أَحَدُهُمَا وَكَحَّالٌ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ غَرَرٌ مِنْ غير رفق مُعْتَبر وَيصير كسبٌ بِكَسْبٍ وَيَجُوزُ طَبَائِعِيٌ كَحَّالٌ مَعَ كَحَّالٍ إِذَا اخْتَصَّ الطَّبَائِعِيُّ بِمَا يَدْخُلُ مِنْ قِبَلِ الطَّبَائِعِ وَإِلَّا لَمْ يَجُز وَيَمْتَنِعُ طبُّهما واحدٌ وَحِصَّتُهُمَا مِنَ الْكَسْبِ مُخْتَلِفَةٌ وَكَذَلِكَ لَا يَخْتَلِفُ رَأْسُ الْمَالِ وَشَرِكَةُ الْمُعَلِّمِينَ جَائِزَةٌ إِنِ اتَّحد صِنْفُ مَا يُعَلِّمَانِهِ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا قُرْآنًا وَالْآخَرُ نَحْوًا أَوْ غَيْرَهُ امْتَنَعَ لِعَدَمِ التَّعَاوُنِ وَإِنْ كَانَا يعلِّمان الْقُرْآنَ وَيَزِيدُ أَحَدُهُمَا نَحْوًا أَوْ حِسَابًا وَتَعْلِيمُ الزَّائِدِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ تبعٌ لَا يُزاد لأَجله فِي الْأُجْرَة وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ يَسِيرًا وَإِنْ كَانَ لَهُ قَدْرٌ امْتَنَعَتِ الشَّرِكَةُ إِلَّا أَنْ يَخْتَصَّ صَاحِبُهُ بِأُجْرَتِهِ وَإِذَا لَمْ تَكُنِ الدَّوَابُّ مُشْتَرَاةً تَمْتَنِعُ لِأَنَّهُ يُرِيدُ رَاحَةَ دَابَّتِهِ وَيَحْمِلُ عَلَى دَابَّةِ شَرِيكِهِ وَإِنِ اشْتَرَكَا فِيهِمَا جَازَتِ اتَّفَقَ الْحَمْلُ أَمْ لَا لِأَنَّ صُحْبَةَ أَحَدِهِمَا الدَّابَّةَ وَجُلُوسَ الْآخَرِ تبعٌ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يَجُوزُ ذَلِكَ وَإِنِ افْتَرَقَا فِي البُلدان وَإِنْ بعُد أَحَدُ الْمَوْضِعَيْنِ وَقَرُبَ الْآخَرُ وَإِنْ كَانَتِ الدَّوَابُّ لِأَحَدِهِمَا فَاسْتَأْجَرَ الْآخَرُ نِصْفَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا بِإِجَارَتِهِ جَازَ لِأَنَّهُ يجوز أَن يسْتَأْجر دَابَّة ليواجرها مَعَ إِمْكَانِ تَيَسُّرِ إِجَارَتِهَا وَتَعَسُّرِهَا وَلَا تَفْسُدُ الْإِجَارَةُ لِذَلِكَ وَكَذَلِكَ إِنِ اسْتَأْجَرَاهَا جَمِيعًا مِنْ ثَالِثٍ لِيَشْتَرِكَا فِي مَنَافِعِهَا وَإِيجَارِهَا إِذَا عَقَدَا الْإِجَارَةَ عَقْدًا وَاحِدًا وَإِنِ اسْتَأْجَرَ كُلُّ وَاحِدٍ دَابَّةً لِنَفْسِهِ امْتَنَعَ
3

-

(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: تَجُوزُ فِي الِاحْتِطَابِ وَالِاحْتِشَاشِ وَأَنْ يَحْمِلَا عَلَى رِقَابِهِمَا ثمار

(8/39)


الْبَرِّيَّةِ أَوْ دَوَابِّهِمَا إِذَا كَانَ جَمِيعُ ذَلِكَ مِنْ مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَإِلَّا فَلَا وَفِي صَيْدِ السَّمَكِ وَغَيْرِهِ وَلَا يَفْتَرِقَانِ لِأَنَّهُ تعاونٌ يُضطر إِلَيْهِ وَلَا يَشْتَرِكَانِ بِالْكَلْبَيْنِ إِلَّا أَنْ يَمْلِكَا رِقَابَهُمَا وَلَا يَفْتَرِقَ الْكَلْبَانِ أَوِ الْبَازِيَانِ فِي طَلَبٍ وَلَا أَخْذٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا اشْتَرَكَا فِي الْكِلَابِ والبُزاة جَازَ وَإِنِ افْتَرَقَا فِي الِاصْطِيَادِ لِأَنَّ الْبَازِيَّ كَرَأْسِ الْمَالِ فَأَشْبَهَ الِاشْتِرَاكَ فِي الْأَمْوَالِ فَيَجُوزُ الِافْتِرَاقُ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِكَا بِالْبُزَاةِ جَازَتْ إِنِ اجْتَمَعَا لِيَتَعَاوَنَا وَإِلَّا فَلَا وَتَجُوزُ بِالشِّبَاكِ إِذَا طَرَحَاهَا مَرَّةً وَاحِدَةً عَلَى السَّمَكِ وَكَذَلِكَ إِنْ نَصَبَ هَذَا مَرَّةً وَهَذَا مَرَّةً لِلضَّرُورَةِ وَيَمْتَنِعُ مَعَ عَدَمِ الضَّرُورَةِ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ فِي الِاحْتِطَابِ وَإِنْ لَمْ يَجْتَمِعَا فِي مَوْضِعِ الْبَيْعِ إِذَا اجْتَمَعَا فِي الِاحْتِطَابِ وَإِنِ افْتَرَقَا فِي الْأَصْلِ امْتَنَعَ وَإِنِ اجْتَمَعَا فِي حَمْلِ ذَلِكَ أَوْ بَيْعِهِ لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ عَمِلٌ بِعَمَلٍ وَفِي الثَّانِي كَسْبٌ بِكَسْبٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْكَسْبُ وَالِاحْتِطَابُ فِي مَوْضِعٍ وَيَشْتَرِطُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ الْبَيْعَ فِي مَوْضِعِ كَذَا عَلَى بُعْدٍ وَالْآخَرُ عَلَى قُرْبٍ فَيَمْتَنِعُ وَمَا وُجد قِيمَتُهُ بَيْنَهُمَا عَلَى السَّوَاءِ وَيَرْجِعُ مَنْ أبعدَ عَلَى صَاحِبِهِ بِأُجْرَةِ المِثل فِيمَا عَمِلَ وَمَنَعَ (ش) وَ (ح) الشَّرِكَةَ فِي الِاحْتِطَابِ وَالِاصْطِيَادِ وَسَائِرِ الْمُبَاحَاتِ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ تبعٌ لِلْوَكَالَةِ وَالْوَكَالَةُ فِي الْمُبَاحِ تَمْتَنِعُ وَجَوَابُهُ بَلِ الْوَكَالَةُ لِلرِّفْقِ وَهُوَ حَاصِلٌ
3

-

(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: تَجُوزُ فِي حَفْرِ الْقُبُورِ وَالْمَعَادِنِ وَالْآبَارِ وَعَمَلِ الطِّينِ وَقَطْعِ الْحِجَارَةِ إِذَا لَمْ يَفْتَرِقَا خِلَافًا (ش) وتمتنع فِي مَوْضِعَيْنِ هُوَ أَوْ هَذَا فِي غَارٍ وَهَذَا فِي غَار الْغرَر وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ إِدْرَاكِ النَّيْلِ فَالسُّلْطَانُ يُقطعه لِمَنْ يَرَى وَالْمَعَادِنُ كُلُّهَا سَوَاءٌ النَّقْدَانِ وَغَيْرُهُمَا فِي التَّنْبِيهَاتِ قَالَ سَحْنُونٌ: الْإِقْطَاعُ بَعْدَ النَّيْلِ وَمَوْتِ الْعَامِلِ إِنْ لَمْ تَكُنْ سَنَةً فَلَا يَنْبَغِي وَقَالَ غَيْرُهُ لَعَلَّهُ يُرِيدُ فِي الْكِتَابِ إِذَا لَمْ يُدْرِكْ نَيْلًا وَقَالَ أَشْهَبُ النَّيْلُ لِوَارِثِ الْعَامِلِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْهُ وَقَالَ غَيْرُهُ إِنْ قَدَرَ

(8/40)


ورثته على عمل فهم أَحَق وَفِي النكث قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ: مَعْنَى مَا فِي الْكِتَابِ أَنَّهُمَا أَخْرَجَا النَّيْلَ فَاقْتَسَمَاهُ وَلَيْسَ لِلْوَارِثِ التَّمَادِي عَلَى الْعَمَلِ إِلَّا بِقَطِيعَةٍ مِنَ الْإِمَامِ وَكَرِهَ مَالِكٌ طَلَبَ الْكُنُوزِ فِي قُبُورِ الْجَاهِلِيَّةِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلَاءِ المعذَّبين إِلَّا وَأَنْتُمْ بَاكُونَ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ أَوْ خَشْيَةَ مُصَادَفَةِ قَبْرِ نَبِيٍّ أَوْ رَجُلٍ صَالِحٍ وَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَاسْتَخَفَّ غَسْلَ تُرَابِهِمْ
3

-

(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: تَجُوزُ بِعَرْضَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ أَوْ مُتَّفِقَيْنِ أَوْ طَعَامٍ وَعَرْضٍ عَلَى قِيمَةِ مَا أَخْرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ يَوْمَئِذٍ وَبِقَدْرِهِ الرِّبْحُ وَالْعَمَلُ خِلَافًا (ش) فِي تَخْصِيصه بالنقدين وَإِن اتّفق قِيمَةُ الْعَرْضَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ وَعَرَفَا ذَلِكَ عِنْدَ الْعَقْدِ وَاشْتَرَكَا بِهِمَا جَازَ لِأَنَّهُ بَيْعٌ لِنِصْفِ هَذَا بِالنِّصْفِ الْآخَرِ فَإِذَا قَوَّمَا وَأَشْهَدَا جَازَ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرَا بَيْعًا وَلَوِ اشْتَرَطَا التَّسَاوِيَ فِي الشَّرِكَةِ بِالسِّلَعِ فَلَمَّا قُوِّمَا تَفَاضَلَتِ الْقِيَمُ فَإِنْ لم يعلمَا أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ سِلْعَتَهُ وَبَطَلَتِ الشَّرِكَةُ فَإِنْ فَاتَتِ السِّلْعَتَانِ وَعَمِلَا عَلَى ذَلِكَ فَرَأْسُ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مَا بِيعَتْ بِهِ سِلْعَتُهُ وَبِقَدْرِ ذَلِكَ الرِّبْحُ وَالْخَسَارَةُ وَيَرْجِعُ مَنْ قلَّ مَالُهُ بِفَضْلِ عَمَلِهِ عَلَى صَاحِبِهِ وَلَا يَضْمَنُ صَاحِبُ السِّلْعَةِ الْقَلِيلَةِ فَضْلَ حِصَّةِ صَاحِبِهِ لِأَنَّ فَضْلَ سِلْعَتِهِ لَمْ يَقَعْ فِيهِ بَيْنَهُمَا بَيْعٌ وَمَتَى وَقَعَتْ فَاسِدَةً فَرَأْسُ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مَا بِيعَتْ بِهِ سِلْعَتُهُ لَا مَا قُوِّمت وَالرِّبْحُ يُقسم عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ وَالصَّحِيحَةُ رَأْسُ مَالِهِمَا مَا قُوِّمَا بِهِ يَوْمَ اشْتَرَكَا دُونَ مَا بِيعَ بِهِ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ أَوْلًا فَصَارَ كُلُّ وَاحِدٍ بَاعَ نِصْفَ عَرْضِهِ بِالنِّصْفِ الْآخَرِ حِينَئِذٍ وَالْفَاسِدَةُ لَمْ يَبعهُ مَا يُوجِبُ ضَمَانًا فِي التَّنْبِيهَاتِ: لَا يَخْتَصُّ الْفَوَاتُ فِي الْفَاسِدَةِ بِالْبَيْعِ بَلْ بِحَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ لِأَنَّهَا بَيْعٌ فِي النكث: إِنْ جَهِلَا مَا بِيعَتْ بِهِ السِّلَعُ رُجع للقيمة يَوْم

(8/41)


الْبَيْعِ بِخِلَافِ الْفَاسِدِ إِذَا قُبض لِأَنَّ أَيْدِيَهُمَا عَلَى السِّلْعَتَيْنِ وَلَمْ يُجْعَلْ لِكُلِّ وَاحِدٍ ثَمَنُ السِّلْعَةِ الَّتِي اشتُريت بِمَا لَهُ فِي الشَّرِكَةِ بِالدَّنَانِيرِ مِنْ عِنْدِ هَذَا وَبِالدَّرَاهِمِ مِنْ عِنْدِ هَذَا وجُعل لكل وَاحِد هَا هُنَا ثَمَنُ سِلْعَتِهِ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ قَدْ فَاتَ الْأَمْرُ فِيهِمَا لَمَّا تَصَرَّفَا فِيهِمَا بِالشِّرَاءِ وَالْعَرْضَانِ لَمْ يَحْصُلْ فِيهِمَا فَوْتٌ لِأَنَّ ثَمَنَهُمَا مَعْلُومٌ وبيد كل وَاحِد سلْعَته قَالَ اللَّخْمِيّ: إِذا اشْتَرَكَا وَالْقَصْدُ بَيْعُ بَعْضِ أَحَدِهِمَا بِبَعْضِ الْآخَرِ وَلَا يَتَحَرَّيَانِ الْأَثْمَانَ إِذَا بِيعَا فَجَائِزَةٌ وَإِنْ كَانَ فِيهِمَا تغابُنٌ مِنْ فَضْلِ أَحَدِهِمَا عَلَى الآخر أَو الْقَصْد تَحَرِّي أَثْمَانِهِمَا جَازَتْ عَلَى أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ قِيمَةَ سِلْعَتِهِ وَإِنِ اشْتَرَكَا عَلَى الْمُسَاوَاةِ وَالْقِيَمُ مُخْتَلِفَةٌ امْتَنَعَ
وَحِينَئِذٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مَا بِيعَتْ بِهِ سِلْعَتُهُ لِأَنَّ لِلشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَتَصَرَّفَا فَقَبْضُ الْمُشْتَرِي كَلَا قبضٍ وَقِيلَ ذَلِكَ قَبْضٌ وَقَالَهُ مَالك فِيمَا إِذا أخرج أَحدهَا ذَهَبًا وَالْآخِرُ فِضَّةً فَإِنَّ الشَّرِكَةَ صَحِيحَةٌ وَالْقَبْضَ صَحِيحٌ تَصِحُّ بِهِ المُتاجرة فِي الصَّرْفِ وَعَلَى هَذَا قَبَضَ كُلُّ وَاحِدٍ سِلْعَةَ صَاحِبِهِ يَضْمَنُهُ نِصْفَ قِيمَتِهَا يَوْمَ قَبَضَهَا وَيَصِيرُ مَا يَجْرِي بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَإِنْ بَاعَ السِّلْعَةَ قَبْلَ قَبْضِهَا فَهَلْ بَيْعُ الْمُشْتَرِي كَالْقَبْضِ يُوجِبُ عَلَيْهِ نِصْفَ الْقِيمَةِ وَيَكُونُ لَهُ نِصْفُ الثَّمَنِ أَوْ لَيْسَ بِقَبْضٍ وَالثَّمَنُ لِمَنْ كَانَتْ لَهُ السِّلْعَةُ؟ وَإِنْ بَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ سِلْعَةَ نَفْسِهِ قَبْلَ قَبْضِهَا مِنْهُ أَوْ بَعْدَ قَبْضِهَا وَقَبْلَ وُقُوعِهَا عِنْدَ الْقَابِضِ بِحَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ أَوْ جِسْمٍ فَالثَّمَنُ لَهُ دُونَ الشَّرِيكِ وَإِنْ كَانَ بَيْعُهُ لَهَا بَعْدَ الْقَبْض والفوت بِتَغَيُّر جسم فَالثَّمَنُ بَيْنَهُمَا وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُ قِيمَةِ سِلْعَةِ صَاحِبِهِ وَإِنْ قَبَضَ أَحَدُهُمَا سِلْعَةَ صَاحِبِهِ ثُمَّ بَاعَهُمَا جَمِيعًا فَثَمَنُ سِلْعَتِهِ لَهُ وَثَمَنُ سِلْعَةِ صَاحِبِهِ بَيْنَهُمَا وَعَلَيْهِ لِصَاحِبِهِ نِصْفُ قِيمَتِهَا فَإِنْ تَجَرَا بَعْدَ ذَلِكَ فَالْمُشْتَرَى بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ لِأَحَدِهِمَا بِقَدْرِ ثَمَنِ سِلْعَتِهِ وَنِصْفِ ثَمَنِ سِلْعَةِ صَاحِبِهِ وَلِلْآخَرِ قَدْرُ نِصْفِ ثَمَنِ سِلْعَةِ صَاحِبِهِ فَإِنْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا عُرُوضًا وَالْآخَرُ عَيْنًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ طَعَامًا جَازَتْ إِنِ اعْتَدَلَتِ الْقِيَمُ وَإِنِ اخْتَلَفَتِ امْتَنَعَ عَلَى الْمُسَاوَاةِ فِي الْقِيَمِ فَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ فَكَمَا تَقَدَّمَ فِي الْعَرْضَيْنِ
3

-

(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: تَجُوزُ بِالْعُرُوضِ الْمُمَاثِلَةِ وَالْمُتَقَوِّمَةِ مِنْ صِنْفٍ أَوْ صِنْفَيْنٍ إِذَا انفقت الْقيم وبطعام ودراهم وبعين وَعرض إِذْ اتَّفَقَتِ الْقِيَمُ وَبِقَدْرِ ذَلِكَ الرِّبْحِ وَالْعَمَلِ وَتَمْتَنِعُ بِالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ كَانَ مِثْلِيًّا أَمْ لَا صِنْفٌ وَاحِدٌ أَمْ لَا عِنْدَ مَالِكٍ وَأَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْمُتَّفِقَ الصِّفَةِ وَالْجَوْدَةَ عَلَى الْكَيْلِ قَالَ: وَلَا أعلم للْمَنْع وَجها وَيمْتَنع سَمْرَاءُ وَمَحْمُولَةٌ وَإِنِ اتَّفَقَتِ الْقِيَمُ كَمَا تَمْتَنِعُ بِدَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ تَتَّفِقُ قِيمَتَاهُمَا لِأَنَّ مَعَ التَّمَاثُلِ يَكُونُ الْقَصْدُ الرِّفْقَ بِالشَّرِكَةِ وَمَعَ الِاخْتِلَافِ يُتوقع الْقَصْد للمبايعة مَعَ عدم المتاجرة وَإِذَا وَقَعَتْ فَاسِدَةً بِالطَّعَامِ فَرَأْسُ مَالِ كُلِّ وَاحِد مَا بيبع بِهِ طَعَامُهُ إِذْ هُوَ فِي ضَمَانِهِ حَتَّى يُباع وَلَوْ خَلَطَاهُ قَبْلَ الْبَيْعِ فَقِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ يَوْمَ خَلَطَا وَتَجُوزُ بِدَنَانِيرَ أَوْ بِدَرَاهِمَ مِنْهُمَا مُتفقة النِّفَاقِ وَالْعَيْنِ وَالرِّبْحِ وَالْوَضِيعَةِ وَالْعَمَلُ عَلَى ذَلِكَ وَإِلَّا امْتَنَعَ لِلْغَبْنِ وَالْغَرَرِ فَإِنْ نزل فَالرِّبْح والخسارة على قدر رُؤْس الأمول وَكَذَلِكَ لَوْ لَحِقَهُمَا دَيْنٌ مِنْ تِجَارَتِهِمَا بَعْدَ أَن خسرا المَال كُله ويرج مَنْ لَهُ فَضْلُ عملٍ عَلَى صَاحِبِهِ وَيَبْطُلُ الشَّرْط وَلَا يضمن قَلِيل المَال لصَاحبه وَمَا فَضلَهُ بِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِسَلَفٍ لِأَنَّ رِبْحَهُ لِرَبِّهِ وَلَوْ صَحَّ عَقْدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ فِي الْمَالِ فَتَطَوَّعَ صَاحِبُ الْأَقَلِّ بِالْعَمَلِ فِي جَمِيعِ الْمَالِ جَازَ وَلَا أُجْرَة لَهُ فِي النكث: مَنْعُ مَالِكٍ الطَّعَامَ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ بَاعَ نِصْفَ طَعَامِهِ بِنِصْفِ طَعَامِ صَاحِبِهِ وَيَدُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى مَا بَاعَا فَإِذَا تَصَرَّفَا وَبَاعَا كَانَ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَبَيْعُ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ إِلَى أَجَلٍ لِأَنَّ يَدَ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى طَعَامِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ أَنَّهَا مُسْتَوِيَةٌ فِي الْمَقَاصِدِ فَلَوْ كَانَ فِيهَا شَيْءٌ لَهُ فضلٌ امْتَنَعَتْ بِهِ الشَّرِكَةُ إِذَا ضُمَّ إِلَى مَا لَيْسَ مِثْلَهُ وَالشَّرِكَةُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنَ الِاسْتِوَاءِ فِي الصِّفَةِ وَالْقِيمَةِ وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ فِي ذَلِكَ بَلِ الْغَالِبُ الِاخْتِلَافُ فِي الطَّعَامِ وَإِنَّمَا يَغْرَمُ المُتلف المِثل لِلضَّرُورَةِ بِخِلَافِ الشَّرِكَةِ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ: تَجُوزُ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ الشَّرِكَةُ بِالطَّعَامِ الْمُخْتَلِفِ يَسِيرًا كَمَا جَازَتْ يَزِيدِيَّةً وَمُحَمَّدِيَّةً مُخْتَلِفَةَ النِّفاق شَيْئًا يَسِيرا قَالَ ابْن يُونُس على

(8/42)


تَعْلِيل النكث الْأَوَّلُ يلزُم جَوَازُهَا بِالطَّعَامَيْنَ الْمُخْتَلِفَيْنَ اللَّذَيْنَ يَجُوزُ التَّفَاضُلُ بَيْنَهُمَا إِذَا اسْتَوَتِ الْقِيمَةُ وَقَدْ مَنَعَهُ مَالك وَابْن الْقَاسِم بالعلّة الْأُخْرَى هِيَ الْحق قَالَ سَحْنُونٌ: كَيْفَ يلحقهُما دينٌ بَعْدَ خَسَارَةِ الْمَالِ وهما لايشتريان بِالدَّيْنِ؟ قَالَ وَلَكِنَّهُمَا اشْتَرَيَا عَلَى الْمَالِ الَّذِي بِأَيْدِيهِمَا فَتَلَفَ قَبْلَ دَفْعِهِ فِي الثَّمَنِ ثُمَّ تَلِفَتِ السِّلْعَةُ قَالَ مُحَمَّدٌ فَإِنْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا مِائَةً وَالْآخِرُ مِائَتَيْنِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَاشْتَرَيَا بِأَرْبَع مائَة عَلَى أَنْ يَنقُدا ثَلَاثَمِائَةٍ وَتَبْقَى مِائَةٌ دَيْنًا عَلَيْهِمَا فَيَقْتَسِمَانِ رِبْحَ الْمِائَةِ وَوَضِيعَتَهَا عَلَى قَدْرِ مَالَيْهِمَا وَإِنْ كَانَتِ الشَّرِكَةُ فَاسِدَةً لِأَنَّهُمَا اشْتَرَكَا عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ وَالْوَضِيعَةَ نِصْفَانِ وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ أُجْرَتُهُ فِيمَا فَضَّلَهُ بِهِ صَاحِبُهُ وَإِنْ عَلِمَ الْبَائِعُ أَنَّ شَرْكَتَهُمَا عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ تَبِعَهُمَا كَذَلِك وَإِلَّا اتبعهما نِصْفَيْنِ قَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ أَشْرَكَهُ وَأَسْلَفَهُ بَقِيَّةَ الْمَالِ طَلَبًا لِرِفْقَهٍ وَصِلَتِهِ جَازَ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ صِحَّةِ الْعَقْدِ وَمِنْ غَيْرِ عادةٍ جَازَ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ وَمَنِ ابْتَاعَ سِلْعَةً فَقَالَ لَهُ أَشْرِكْنِي وَأَنَا أَنْقُدُ عَنْكَ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ وَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي لِرَجُلٍ تعالَ اشترِ لَكَ وَأَنْقُدُ عَنْكَ وَأُؤْجِرُكَ وَالسِّلْعَةُ حَاضِرَةٌ جَازَ بِخِلَافِ الْمَضْمُونِ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ وَإِنْ سَأَلَكَ أَنْ تُشركه وَيَنْقُدَ عَنْكَ قَبْلَ عَقْدِ الْبَيْعِ جَازَ لِأَنَّ قَبْلَ عَقْدِ الْبَيْعِ لَا يَجُر بِنَقْدِهِ نَفْعًا قَالَ اللَّخْمِيُّ: لِلشَّرِكَةِ بِالطَّعَامِ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ: إِمَّا صنفٌ بعضه أفضل أَولا أَو جنس كقمح وشعير أَو جِنْسَانِ كَقَمْحٍ وَتَمْرٍ وَفِي كُلِّهَا خِلَافٌ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ لَوِ اشْتَرَكَا بِمَا يَمْتَنِعُ فِيهِ النَّسَاءُ كَالدِّينَارَيْنِ وَالطَّعَامَيْنِ مَنَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِاجْتِمَاعِ عِلَّتَيْنِ النَّسَاءِ وَبَيْعٍ وَصَرْفٍ وَعَدَمِ الْمُنَاجَزَةِ وَأَجَازَهُ سَحْنُونٌ وَأَحَدُ قَوْلَيْ مَالِكٍ أَمَّا مَا يَجُوزُ فِيهِ النَّسَاءُ كَصِنْفَيْنِ مِنَ الْعُرُوضِ أَوِ الْعُرُوضِ وَأَحَدِ النَّقْدَيْنِ أجَازه ابْن الْقَاسِم لانفراد إِحْدَى الْعِلَّتَيْنِ وَهِيَ الْبَيْعُ وَالشَّرِكَةُ وَأَشَارَ لِلْمَنْعِ تَارَةً لِلْبَيْعِ وَالشَّرِكَةِ وَلَمْ يُرَاعِ سَحْنُونٌ الْبَيْعَ وَالشَّرِكَةَ أَصْلًا إِذَا كَانَ الْبَيْعُ دَاخِلًا فِيهَا فَإِنْ خَرَج مُنِع

(8/44)


3

-

(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: تَجُوزُ بِالْمَالِ الْغَائِبِ إِذَا أَخْرَجَا غَيْرَهُ لِتَحَقُّقِ الشَّرِكَةِ فَإِنْ أَخْرَجَ أَلْفًا وَالْآخُرُ أَلْفًا نصفُه غَائِبٌ فَخَرَجَ لِيَأْتِيَ بِهِ وَمَعَهُ جَمِيعُ الْحَاضِرِ فَلَمْ يَجِدِ الْغَائِبَ فَاشْتَرَى بِمَا مَعَهُ فَلَهُ ثُلْثُ الْفَضْلِ لِأَنَّهُ الَّذِي تَحَقَّقَ وَلَا يَرْجِعُ بِأَجْرٍ فِي فَضْلِ الْمَالِ كَشَرِيكَيْنِ عَلَى التَّفَاضُلِ يَتَطَوَّعُ أَحَدُهُمَا بِالْعَمَلِ وَفِي النكث: قِيلَ إِنَّمَا تَجُوزُ بِالْمَالِ الْغَائِبِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا جِدًّا وَيَمْتَنِعُ عِنْدَ سَحْنُونٍ وَإِنْ قَرُبَ وَإِنَّمَا تَجُوزُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا لَمْ يَّتجر إِلَّا بَعْدَ قيض الْغَائِبِ وَلَا غَرَرَ وَإِلَّا فَتَمْتَنِعُ لِلْغَرَرِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ: إِنْ تَبَيَّنَ أَنَّ ذِكْرَ الْغَائِبِ خديعةٌ فَلَهُ رِبْحُ مَالِهِ وَإِلَّا فَلَهُ النِّصْفُ وَلَا أُجرة لَهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنَّمَا يَصِحُّ هَذَا إِذَا اشْتَرَى بِالْحَاضِرِ قَبْلَ عِلْمِهِ فَضَاعَ الْغَائِبُ لِأَنَّهُ اشْتَرَى عَلَى أَنَّ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَعَلَى أَنَّ ضَيَاعَهُ مِنْهُمَا أَمَّا لَوِ اشْتَرَى بَعْدَ عِلْمِهِ بِضَيَاعِ الْمَالِ الْغَائِبِ فَلَا لِأَنَّ الشَّرِكَةَ لَمْ تَقَعْ بَعْدُ لِأَنَّ ضَمَانَ الدَّنَانِيرِ الْغَائِبَةِ مِنْ رَبِّهَا مَا لَمْ تَقْبِضْ بَلْ لَو اشْترى بهَا فَهِيَ فِي ضَمَان بائهما فَكَيْفَ الشَّرِكَةُ؟ وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ شِرَاؤُهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِذَهَابِ الْمَالِ وَعِنْدَ سَحْنُونٍ الشَّرِكَةُ فَاسِدَةٌ لِغَيْبَةِ نِصْفِ الْأَلْفِ وَلَهُ أُجْرَةُ مَثْلِهِ فِي الزِّيَادَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُتَطَوِّعًا لِأَنَّ الشَّرِكَةَ عِنْدَهُ لَا تَتِمُّ إِلَّا بِالْخَلْطِ
3 -

(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: دَنَانِيرُ هَاشِمِيَّةٌ وَالْأُخْرَى وَزْنُهَا دِمَشْقِيَّةٌ أَوْ دَرَاهِمُ يَزِيدِيَّةٌ وَالْأُخْرَى وَزْنُهَا مُحَمَّدِيَّةٌ وَصَرْفُهَمَا مُخْتَلِفٌ تَمْتَنِعُ إِلَّا فِي الِاخْتِلَافِ الْيَسِيرِ لِأَنَّ التَّسَاوِيَ فِي الْمِقْدَارِ والقيم شَرط نقياً لضياع المَال بِالْبَاطِلِ وَيمْتَنع الرِّبْح وَالْعَمَل بَيْنَهُمَا بِقَدْرِ فَضْلِ السُّكَّتَيْنِ لِأَنَّهُمَا صَرَفَاهَا إِلَى الْقِيَمِ وحكمُهما الْوَزْنُ فَإِنِ اسْتَوَيَا يَوْمَ الْعَقْدِ لَا يَوْمَ الِافْتِرَاقِ اقْتَسَمَا بِالسَّوِيَّةِ عَرْضًا كَانَ أَو طَعَاما أَو عينا نظرا للْعقد وَيمْتَنع دَرَاهِمُ وَمِنَ الْآخَرِ دَنَانِيرُ لِأَنَّهُ صرفٌ وَشَرِكَةٌ وَلَا يَجُوزُ مَعَ الشَّرِكَةِ صَرْفٌ وَلَا قِرَاضٌ وَلِأَنَّهُمَا لَا يَقُومَانِ فَإِنْ عَمِلَا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مثل رَأس

(8/45)


مَالِهِ وَالرِّبْحُ لِكُلِّ عَشَرَةٍ دِينَارٌ وَلِكُلِّ عَشَرَةٍ دَرَاهِمُ وَكَذَلِكَ الوَضيعة وَكَذَلِكَ إِنْ عَرَفَ كُلُّ وَاحِدٍ السِّلْعَةَ الَّتِي اشتُريت بِمَالِهِ إِنْ عُرِفَتْ وَلَا شَرِكَةَ فِي السِّلْعَةِ الْأُخْرَى وَإِنْ تَفَاضَلَ الْمَالُ فلأقلِّهما مَالًا أُجْرَةُ مُعَاوَنَةِ الْآخَرِ وَإِنْ لَمْ تُعلم السِّلَعُ فَالرِّبْحُ وَالْخَسَارَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى قِيمَةِ الدَّرَاهِمِ مِنَ الدَّنَانِيرِ يَوْمَ اشْتَرَكَا وَلِأَقَلِّهِمَا مَالًا أُجْرَةُ مُعَاوَنَةِ صَاحِبِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَوْلُهُ إِذَا جَعَلَا الْعَمَلَ وَالرِّبْحَ بِقَدْرِ فَضْلِ مَا بَين السكتين امْتنع إِذا صرفاها على الْقِيَمِ وحكمُها الْوَزْنُ فِي الْبَيْعِ وَالشَّرِكَةِ قَالَ: فَإِنْ نَزَلَ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِثْلَ رَأْسِ مَالِهِ بِعَيْنِهِ فِي سِكَّتِهِ وَلَهُ مِنَ الرِّبْحِ بِقَدْرِ وَزْنِ رَأْسِ مَالِهِ لَا عَلَى السِّكَّتَيْنِ وَقَالَهُ مَالِكٌ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ: لَعَلَّ مُحَمَّدًا يُرِيدُ إِذَا لَمْ يَخْتَلِفِ السُّوقُ وَالسِّكَّتَانِ مِنْ يَوْم الشّركَة غلى يَوْمِ القَسم وَإِلَّا فيُظلم أَحَدُهُمَا إِذَا أُعطي مِثْلَ رَأْسِ مَالِهِ وفضتُه أَفْضَلُ مِمَّا كَانَ دَفَعَ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ: مَا قَالَهُ غَيْرُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ السِّلْعَةُ الَّتِي اشتُريت بِمَالِهِ صَوَابٌ وَهُوَ الْجَارِي عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ الْفَاسِدَةَ لَا يضمنُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ فِيهَا شَيْئًا كَمَا إِذَا اشْتَرَكَا بِعَرْضَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فِي الْقِيمَةِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا عَرْضَ صَاحِبِهِ فَإِنَّهُ قَالَ لَا يَضْمَنُ وَثَمَنُ مَا بِيعَ بِهِ عَرْضُهُ لَهُ وَبِهِ يَكُونُ شَرِيكًا إِنْ عَمِلَا بَعْدَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ إِذا اشتريا بِالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِم عَرْضًا وَقَوْلُهُ إِذَا لَمْ يُعرف يُنظر إِلَى قِيمَةِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ فَيُقَسِّمُ مَا بِأَيْدِيهِمَا عَلَى ذَلِكَ صَوَابٌ لِأَنَّهُ قَدِ اخْتَلَفَ الثَّمَنُ فَأَشْبَهَ الطَّعَامَيْنِ إِذَا اخْتَلَطَا وَفِي الْقِسْمَةِ نظرٌ فِي قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ إِذَا اسْتَوَتْ قِيمَةُ الدَّنَانِير يَوْم الْقسم فاعطيناه مثلهَا انْظُر صَاحِبُ الدَّرَاهِمِ وَكَذَلِكَ إِنْ زَادَتْ قِيمَةُ الدَّرَاهِمِ فأعطيناه مثلهَا انْظُر صَاحِبُ الدَّنَانِيرِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ثَمَنُهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَإِنَّمَا لَا يَجُوزُ صرفٌ وَشَرِكَةٌ إِذَا كَانَ خَارِجًا عَنِ الشَّرِكَةِ وَأَمَّا فِيهَا فَيَجُوزُ وَعَنْ مَالِكٍ جَوَازُ هَذَا دَنَانِيرَ وَهَذَا بِقِيمَتِهَا رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ كَرَاهِيَتَهُ قَالَ مُحَمَّدٌ وإجازتُه غلطٌ لِأَنَّهُ صرفٌ مَعَ بَقَاءِ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى نَقْدِهِ

(8/46)


3

-

(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ هَذَا ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ وَالْآخَرُ مِثْلُهُ
3 -

(فَرْعٌ)
قَالَ: إِذَا صرَّ كُلُّ واحدٍ مَالَهُ عَلَى حِدَةٍ وَجَعَلَاهُمَا عِنْدَ أَحَدِهِمَا فَضَاعَ أَحَدُهُمَا هُوَ مِنْهُمَا وَلَوْ بَقِيَ مَالُ كُلِّ وَاحِدٍ بِيَدِهِ فَضَمَانُهُ مِنْهُ حَتَّى يَخْلِطَا أَو يجعلاهما عِنْد الشّركَة وَالذَّهَب مِنْ صَاحِبِهِ لِعَدَمِ الْعَقْدِ شَرْعًا وَإِنْ بَقِيَتْ كُلُّ صُرَّةٍ بِيَدِ صَاحِبِهَا حَتَّى ابْتَاعَ بِهَا أمة للشَّرِكَة وَتَلفت الصرة الْأُخْرَى المالان مُتَّفِقَانِ فَالْأَمَةُ بَيْنَهُمَا وَالصُّرَّةُ مِنْ ربِّها بَعْدَ الْعَقْدِ فِيهَا وَشِرَاءُ الْأَمَةِ بِقَصْدِ الشَّرِكَةِ مَعَ الْإِذْنِ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا تَنْعَقِدُ الشَّرِكَةُ حَتَّى يخلطا قَالَ ابْن الْقصار: فمالكٌ يَقُول لابد أَن يكون نوعا وَاحِدًا وَلَا يَتَمَيَّزُ لَنَا عَلَى (ح) أَنَّ الشَّرِكَةَ الِاخْتِلَاطُ فَإِذا لم يخلط لَمْ يَحْصُلْ مُسمَّى الشَّرِكَةِ وَالشَّرِكَةُ كَمَا تَحْتَاجُ لِلْقَوْلِ وتحتاج المَال لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا فَقَطِ الْمَالُ لَامْتَنَعَ وَلِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ لِأَحَدِهِمَا جملٌ وَلِلْآخَرِ حِمَارٌ يَعْمَلَانِ بِهِ عَلَى الشَّرِكَةِ فَكَذَلِكَ هَاهُنَا وَلَنَا عَلَى (ش) فِي جَوَازِ الدَّرَاهِمِ الْبِيضِ مَعَ السُّودِ صِدْقُ الْمُسَمَّى بِذَلِكَ كَمَا لَوِ اخْتَلَطَا بِعَرْضَيْنِ بِأَنْ يَبِيعَ كُلُّ وَاحِدٍ نِصْفَ عَرْضِهِ بِنِصْفِ عَرْضِ الْآخَرِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ صُورَةِ النِّزَاعِ وَبَيْنَ أَحَدِهِمَا دَرَاهِمٌ وَالْآخِرُ دَنَانِيرُ قُرْبُ اتِّحَادِ الْجِنْسِ فَيَكُونُ مَقْصُودُهُمَا الشَّرِكَةَ وَثَمَّ يُرجح قَصْدُ الصَّرْفِ احْتَجَّ بِأَنَّ فِي النَّوْعِ الْوَاحِدِ تَتَحَقَّقُ الشَّرِكَةُ وَبِالنَّوْعَيْنِ يَبْقَيَانِ مُتَمَيِّزَيْنَ فَلَا تَتَحَقَّقُ الشَّرِكَةُ وَجَوَابُهُ الْمَنْعُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ: إِذَا اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ بِصُرَّتِهِ سِلْعَةً قَبْلَ الْخَلْطِ فَلِكُل وَاحِد مَا اشْتَرَاهُ لَهُ ربحه وخسارته وَكَذَلِكَ لَوْ تَلِفَتْ صُرَّتُهُ حَتَّى يَجْمَعَا الْمَالَيْنِ أَوِ الصُّرَّتَيْنِ فِي خُرْجِ أَحَدِهِمَا أَوْ فِي يَدِهِ وَقِيلَ إِذَا كَانَتْ

(8/47)


صُرَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ بِيَدِهِ فَتَلِفَتْ إِحْدَاهُمَا فَاشْتَرَى أَمَةً بَعْدَ التَّلَفِ عَالِمًا بِهِ خُيِّر شَرِيكُهُ فِي شَرِكَتِهِ فِيهَا أَوْ تَرَكَهَا لَهُ إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ شِرَاءَهَا لِنَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالتَّلَفِ فَهِيَ بَيْنَهُمَا كَشِرَائِهَا قَبْلَ التَّلَفِ فِي الصُّرَّةِ الْأُخْرَى وَهُوَ أَصْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ
3

-

(فَرْعٌ)
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: لِأَحَدِهِمَا حَمَام ذَكَرٌ وَلِلْآخَرِ أُنْثَى عَلَى أَنَّ مَا أَفْرَخَا بَيْنَهُمَا أَجَازَهُ مَالِكٌ لِأَنَّهُمَا يَتَعَاوَنَانِ فِي الْحَضَانَةِ وَلِأَحَدِهِمَا بيضٌ يَجْعَلُهُ الْآخَرُ تَحْتَ دَجَاجَتِهِ وَالْفِرَاخُ بَيْنَهُمَا فَالْفِرَاخُ لِصَاحِبِ الدَّجَاجَةِ وَعَلَيْهِ لِصَاحِبِ الْبَيْضِ مِثْلُهُ كَمَنْ جَاءَ بقمح ليزرعه فِي أَرض بَيْنَكُمَا فَإِنَّمَا لَهُ مِثْلُهُ وَالزَّرْعُ لَكَ قَالَهُ مَالِكٌ
3 -

(فَرْعٌ)
فِي الْجَوَاهِرِ: تَمْتَنِعُ شَرِكَةُ الْوُجُوهِ وَقَالَهُ (ش) وَجَوَّزَهَا (ح) قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مِثْلَ أَنْ يَبِيعَ الْوَجِيهُ مَالَ الْخَامِلِ بِزِيَادَةِ رِبْحٍ لِيَكُونَ لَهُ نِصْفُهُ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ هِيَ أَنْ يَشْتَرِيَا عَلَى الذَّمَمِ بِغَيْرِ مَالٍ وَلَا وَضِيعَةٍ حَتَّى إِذَا اشْتَرَيَا شَيْئًا كَانَ فِي ذممهما فَإِذا بيع قسما رِبْحَهُ وَهِيَ بَاطِلَةٌ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ عِنْدَنَا وَفَسرهُ الشَّافِعِي بِأَنْ يُشَارِكَهُ عَلَى أَنْ يُربحه فِيمَا يَشْتَرِيهِ بِوَجْهِهِ أَيْ بِجَاهِهِ فِي الذِّمَّةِ أَوْ يَقُولُ لَهُ اشترِ عَلَى جَاهِي وَالرِّبْحُ بَيْنَنَا أَوْ يَقُول عليَّ أَن أَشْتَرِي أَرضًا وَتَبِيعَ أَنْتَ لِأَنِّي بِالشِّرَاءِ أَعْرَفُ وَعِنْدَ التُّجَّارِ أَوْجَهُ لَنَا: أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مَشْرُوعِيَّتِهَا وَلِأَنَّ حَقِيقَةَ الشَّرِكَةِ أَنْ يَشْتَرِكَا فِي شَيْءٍ عِنْدَ الْعَقْدِ إِمَّا مَالٍ أَوْ بَدَنٍ وَلَا وَاحِدَ مِنْهُمَا وَلَا يَكْفِي الْقَوْلُ فِي الشَّرِكَةِ لِأَنَّهُمَا لَوْ جَعَلَا الرِّبْحَ كُلَّهُ لِأَحَدِهِمَا امْتَنَعَ وَلِأَنَّهَا أَكْلُ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ وَأَخْذُ الرِّبْحِ بِغَيْرِ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ احْتُجَّ بِالْقِيَاسِ عَلَى شَرِكَةِ الْأَبْدَانِ وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْفوا بِالْعُقُودِ} وَبِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ وَلِأَنَّهَا تَنْعَقِدُ عَلَى الْوَكَالَةِ بِالشِّرَاءِ لِلْآخَرِ وَهِيَ تَجُوزُ حَالَةَ الِانْفِرَادِ فَتَجُوزُ حَالَة الِاجْتِمَاع

(8/48)


وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْبَدَنَ وَالصَّنْعَةَ كَالْعَيْنِ الْمَوْجُودَةِ بِخِلَافِ الْوُجُوهِ؛ وَعَنِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ الْمُعَارَضَةُ بِنَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنِ الْغَرَرِ وَهَذَا غَرَرٌ؛ وَعَنِ الرَّابِعِ مَنْعُ هَذِهِ الْوَكَالَةِ عَلَى الِانْفِرَادِ لِأَن الَّذِي يَشْتَرِيهِ أَحدهمَا يجوز أَن يَشْتَرِيهِ الْآخَرُ وَمِثْلُ هَذَا فِي الْوَكَالَةِ لَا يَجُوزُ وَإِنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الشَّرِكَةِ لِوُجُودِ الرِّفْقِ الْمَنْفِيّ هَا هُنَا ثُمَّ نَقُولُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْوَكَالَةِ أَن هَا هُنَا اشْتَرَاهُ لنَفسِهِ ولشريكه وَذَلِكَ لمُوكلِه وَهَا هُنَا اشْتَرَى مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ الْوَكَالَةِ قَالَ الشَّافِعِيَّةُ وَإِنَّمَا تَصِحُّ شَرِكَةُ الْوُجُوهِ إِذَا أَذِنَ كُلُّ وَاحِدٍ لِصَاحِبِهِ فِي التَّصَرُّفِ وَأَنْ يُمَيِّزَ الْجِنْسَ المُشْتَرِي فَقَط نخطر لَهُ الْأَشْيَاء المحقة فيشتري الْعَالِيَة وَأَنْ يَذْكُرَ الْقَدْرَ الْمُشْتَرَى إِلَيْهِ

(8/49)


(الْبَابُ الثَّانِي فِي الْأَحْكَامِ)
وَهِيَ سِتَّةٌ: الْأَوَّلُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: عَقْدُ الشَّرِكَةِ قَدْ يَلْزَمُ وَقَدْ لَا يَلْزَمُ إِنْ أَخْرَجَا دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ لِيَشْتَرِيَا مُعَيَّنًا لَا يَسْتَقِلُّ بِهِ أَحَدُهُمَا لَزِمَتْ لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ حَقًّا فِي هَذَا الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى شِرَائِهِ وَحْدَهُ وَإِنْ كَانَ شِرَاءُ الْكُلِّ أَرْخَصَ فَكَذَلِكَ وَإِنِ اسْتَوَى الشِّرَاءُ جُمْلَةً وَانْفِرَادًا فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ فَيمَنْ شَرَطَ مَا لَا يُفِيدُ هَلْ يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ أَمْ لَا وَإِنِ اشْتَرَكَا لِيَتَّجِرَا فِي غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَمَا لَا أَمَدَ لِانْقِضَائِهِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ الرُّجُوعُ وَلَكِنَّ لَهُ عَيْنَ دَنَانِيرِهِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا رَضِيَ بِالصَّرْفِ لِأَجْلِ الشَّرِكَةِ وَيَتَخَرَّجُ فِيهِ قَوْلٌ بِلُزُومِ الصَّفْقَةِ الْأُولَى كَقَوْلِ مَالِكٍ فِي الْإِجَارَةِ مُشَاهَرَةً يَلْزَمُهُ الشَّهْرُ الْأَوَّلُ وَإِنْ كَانَتِ الشَّرِكَةُ فِي سِلَعٍ أَخْرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ سِلْعَةً فَثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ: إِنْ قُصد بَيْعُ نِصْفِ أَحَدِهِمَا بِنِصْفِ الآخر لَا أَكثر من ذَلِك لَزِمت أوالتربص بِهَا لِمَا يُرجى مِنْ حَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ دَعَا إِلَى تَأْخِيرِ الْمُفَاصَلَةِ إِلَى وَقْتٍ اعْتِيدَ فِيهِ حَوَالَةُ السُّوقِ كَالْقَرْضِ لَا يُمْكِنُ أَحَدُهُمَا الْبَيْعَ قَبْلَ الْأَوَانِ إِلَّا أَنْ يَنْقَسِمَ مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ وَلَا مَضَرَّةٍ فَيُقَسَّمُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ أَوِ الْقَصْدُ تَمَادِي التَّجْرِ بِأَثْمَانِهِمَا يُقدَّم من دَعَا إِلَى ترك التَّدجر فِي الْمُسْتَقْبَلِ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ مَالِكٍ فِي الْكِرَاءِ وَلِمَنْ أَحَبَّ التَّمَادِيَ الْخِيَارُ فِي نَقْضِ الشَّرِكَةِ فِي الْعَرْضَيْنِ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَمْ أَقْصِدْ إِلَّا التَّجر فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَإِذَا لَمْ أُمكن لَمْ أَسْتَمِرَّ وَلَا مَقَالَ لِمُرِيدِ عَدَمِ التَّمَادِي لِأَنَّ الْآخَرَ قَدْ مَلَكَ عَلَيْهِ نِصْفَ عَرْضِهِ ومكَّنه مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي قَصَدَ الشَّرِكَةَ لِأَجْلِهِ

(8/50)


وَلَو اخرجنا دَنَانِيرَ ثُمَّ سَافَرَ أَحَدُهُمَا بِالْمَالِ لَزِمَتِ الشَّرِكَةُ وَلَا يوكِّل الْحَاضِرُ مَنْ يَأْخُذُهَا مِنَ الْغَائِبِ لِحَقِّ الْغَائِبِ بِغَيْبَتِهِ وَلَيْسَ لِلْغَائِبِ التَّرْكُ وَيُوقَفُ لَهُ مَالُهُ هُنَاكَ لِأَنَّهُ تعريضٌ لِلْمَالِ لِلتَّلَفِ وَإِن سافرا لِأَجْلِ التَّعَاوُنِ بِمَا لَا يَقْدِرُ أَحَدُهُمَا أَنْ يَتَّجِرَ فِيهِ عَلَى الِانْفِرَادِ لَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ من دعما إِلَى التَّمَادِي لِأَوَّلِ نَضّة وَاخْتُلِفَ فِي شَرِكَةِ الْحَرْثِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَحَدِهِمَا النُّزُوعُ قَبْلَ الْحَرْثِ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ وَإِنْ كَانَا قَدْ بَذَرَا لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ النُّزُوعُ اتِّفَاقًا لِتَعَذُّرِ قِسْمَةِ الْبَذْرِ فِي الْأَرْضِ وَإِنْ لم يبرز وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إِنْ ذَهَبَ السَّيْلُ بِذَلِكَ الزَّرْعِ لَمْ يُجْبَرْ أَحَدُهُمَا عَلَى أَنْ يُعِيدَ بَذْرًا آخَرَ وَإِنْ هَلَكَ ثَوْرُ أَحَدِهِمَا أَوْ غُلَامُهُ أَوْ بَعْضُ أَدَاتِهِ خُيِّر الْآخَرُ لِأَنَّ الْبَذْرَ بِالْمَالِ فَتَجِبُ الْمُعَاوَنَةُ قَبْلَ عَدَمِهِ دُونَ عَدَمِهِ هَذَا إِذَا اشْتَرَكَا لِيَعْمَلَا بَطْنًا وَاحِدًا فَإِنْ كَانَ لِيَعْمَلَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَلَمْ يُسميا لَزِمَ أَوَّلُ بَطْنٍ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ: الشَّرِكَةُ عَقْدٌ جَائِزٌ مِنَ الطَّرَفَيْنِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ الِانْفِصَالُ مَتَى شَاءَ وَلِهَذَا لَمْ تجُز إِلَّا عَلَى التَّكَافُؤِ فَمَتَى فَضَلَ أَحَدُهُمَا فِي قِيمَةِ مَا أَخْرَجَهُ فَإِنَّمَا جَعَلَهُ لِيَبْقَى مَعَهُ عَلَى الشَّرِكَةِ فَتَصِيرُ غَرَرًا وَجَازَ فِي الْمُزَارِعَةِ إِخْرَاجُ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ قِيمَةً عِنْدَ سَحْنُونٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ لِلُزُومِ الْعَقْدِ وَيَمْتَنِعُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِم فِي الْمُدَوَّنَة لعدم لُزُوم العقد عل هَذَا الْقَوْلِ مَا لَمْ يَبْذُرْ وَعِنْدَ ابْنِ كِنَانَةَ لَا تَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ وَلَا بِالْعَمَلِ وَإِنَّمَا اخْتلف فِي الْمُزَارعَة لِأَنَّهَا شركَة وَإِجَارَة أَلْزَمَ وَأَجَازَ التَّفَاضُلَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: مَا لَمْ يَتَفَاحَشْ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ فِي الْبُيُوعِ وَجَوَّزَ سَحْنُونٌ التَّفَاحُشَ فِي الْعِوَضِ أَمَّا مُفْرَدًا فَلَا قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: الشَّرِكَةُ عَقْدٌ لَازِمٌ كَالْمُعَاوَضَاتِ وَعِنْدَ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَلْزَمُ إِلَّا بِالْخَلْطِ تَنْبِيهٌ: انْظُرْ هَذَا الِاخْتِلَافَ الشَّدِيدَ أَحَدُهُمْ يَحْكِي اللُّزُومَ مُطْلَقًا وَالْآخِرُ الْجَوَازَ مُطْلَقًا وَالْآخَرُ يُفَصِّلُ نَظَائِرٌ: الْأَوَّلُ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ: الْعُقُودُ الْجَائِزَةُ خَمْسَةٌ الْقِرَاضُ وَالتَّحْكِيمُ

(8/51)


مَا لَمْ يَشْرَعَا فِي الْحُكُومَةِ وَالْوَكَالَةِ وَالْجَعَالَةِ وَالْمُغَارَسَةِ وَهَذَا يُؤَيِّدُ قَوْلَ الْقَاضِي عِيَاضٍ بِاللُّزُومِ لِأَنَّ أَبَا عِمْرَانَ قَصَدَ الْحَصْرَ وَمَا عدَّ الشّركَة الثَّانِي: فِي الْجَوَاهِرِ: تَوْزِيعُ الرِّبْحِ عَلَى قَدْرِ الْأَمْوَالِ وَكَذَلِكَ الْعَمَلُ وَإِلَّا فَسَدَتْ لِأَنَّهُ أَكْلُ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ وَفِي الْكِتَابِ: إِنْ تَسَاوَيَا فِي الْمَالِ وَالرِّبْحِ عَلَى أَنْ يُمْسِكَ أَحَدُهُمَا رَأْسَ الْمَالِ مَعَهُ فَإِنْ كَانَ الْمُتَوَلِّي التِّجَارَةَ دُونَ الْآخَرِ امْتَنَعَ أَوْ يَتَوَلَّيَانِهَا جَازَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ: لِأَحَدِهِمْ عَشَرَةٌ وَلِلْآخَرِ خَمْسَةٌ وَالثَّالِثُ لَا مَالَ لَهُ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ أَثْلَاثٌ فَسَدَ وَالرِّبْحُ وَالْوَضِيعَةُ عَلَى صَاحِبَيِ الْمَالِ وَلِلثَّالِثِ أُجْرَةُ عَمَلِهِ عَلَى الْمَالَيْنِ وَلِلْقَلِيلِ الْمَالِ أُجرته فِيمَا عمل فِي الْخَمْسَة الفاصلة مِثَالُهُ عَمِلُوا سَوَاءً فَتَحَصَّلَ تِسْعَةٌ تُقَسَّمُ سِتَّةً وَثَلَاثَةً عَلَى الْمَالَيْنِ فَيَأْخُذُ الثَّالِثُ مِنْهُمَا ثَلَاثَةً من صَاحب الْعشْرَة دِرْهَمَانِ وَيَقُولُ صَاحِبُ الْقَلِيلِ لِصَاحِبِ الْعَشَرَةِ عَمِلَ فِي الْخَمْسَةِ الْفَاضِلَةِ نَحْنُ الثَّلَاثَةُ عَلَى ثُلُثِ رِبْحِهَا وَهُوَ دِرْهَمٌ فَيَحْصُلُ لَهُ ثَلَاثَةٌ وَبِيَدِ الْكَثِيرِ ثَلَاثَةٌ وَبِيَدِ الَّذِي لَا مَالَ لَهُ ثَلَاثَةٌ وَهَذَا هُوَ الْفِقْه فِي العتيبة والعدم واللدد (كَذَا) أَمَّا لَوْ حَضَرُوا وَصَاحِبَا الْمَالِ مليَّان مُفْرَدَانِ لقُوّمت إِجَارَاتُهُمْ فِي الْمَالِ وَإِذَا كَانَتْ سِتَّةً قُسِّمَتْ أَثْلَاثًا ثُمَّ قُسِّمَ مَا بَقِيَ مِنَ المَال أَثلَاثًا بِي صَاحِبَيِ الْمَالِ كَمَا لَوِ اسْتَأْجَرُوا عَلَى الْعَمَلِ ثَلَاثَةً غَيْرَهُمْ فَإِنَّهُمْ يُقَسِّمُونَ الْفَاضِلَ بَعْدَ إِخْرَاجِ الْأُجْرَةِ وَهَذَا الضَّابِطُ يطَّرِد فِي جَمِيعِ الْوُجُوهِ قَالَ مُحَمَّد: وَلَو أَخْرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِائَةً فَخَرَجَ اثْنَانِ بِالْمَالِ فَاخْتَصَمَا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ فَاقْتَسَمَا الْمَالَ نِصْفَيْنِ فَتَجَرَا فربح أَحدهمَا وخسر الآخر لَا تنفُذُ مقايمتُهما عَلَى الثَّالِثِ الْمُقِيمِ بَلْ عَلَى أَنْفُسِهِمَا فَيَضُمُّ المَال حَتَّى يصير للْغَائِب ثُلة كُلُّهُ مُشَاعًا بِرِبْحِهِ وَخَسَارَتِهِ ثُمَّ يَتَرَادَّ الْمُقْتَسِمَانِ فَيحصل لهَذَا بَقِيَّة ربحه وَلِهَذَا بَقِيَّة ربحه وَكَذَلِكَ الخسارة يُرِيد مُحَمَّد أَن يَكُونُ لَهُ ثُلُثُ رِبْحِ أَحَدِهِمَا وَعَلَيْهِ ثُلُثُ خسارة الآخر قَالَ مُحَمَّد لِأَنَّهُ قدد رَضِيَ بِالْمُقَاسَمَةِ وَفِي الْمُسْتَخْرَجَةِ إِنْ كَانَ نَهَاهُمَا عَنِ الْقِسْمَةِ لَا يَلْزَمُهُ مِنَ الْخَسَارَةِ شَيْءٌ وَلَهُ نِصْفُ الرِّبْحِ لِأَنَّهُ لَمَّا نُهِيَ عَنِ الْقَسْمِ لَمْ يَلْزَمْ شَرِيكَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ متعدٍّ بِالْمُقَاسَمَةِ وَلِأَنَّهُ لَوْ وَجَدَ الْخَاسِرَ مَعَهُ مَا رَجَعَ على الآخر وَقيل الرِّبْح بَينهمَا الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ نَظَرًا لِأَصْلِ الْمَالِ وَقَالَ بَعْضُهُمُ الْأَشْبَه

(8/52)


أَنَّهُمَا مُتَعَدِّيَانِ وَإِنْ لَمْ يُتَّهَمَا وَيَكُونُ الرِّبْحُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّابِحِ أَثْلَاثًا لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِي يَدَيْهِ إِلَّا خَمْسُونَ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الرِّبْحَ نِصْفَانِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ يَقُولُ تِلْكَ الْقِسْمَةُ لَا تَلْزَمُنِي وَجَمِيعُ مَا بِيَدِكَ بَيْنَنَا فَكَذَلِكَ الرِّبْحُ
3

-

(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ إِذَا صَحَّ عَقْدُ الْمُتَفَاضِلَيْنَ فِي الْمَالِ فَتَطَوَّعَ ذُو الْقَلِيلِ فِي الْجَمِيعِ جَازَ لِأَنَّهُ حَقُّهُ فَلَهُ إِسْقَاطُهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا سَافَرَ أَحَدُهُمَا فَلَمَّا بَلَغَ الْبَلَدَ قَسَّمَ وَاشْتَرَى لِنَفْسِهِ وَشَرِيكِهِ عَلَى الِانْفِرَادِ فَهَلَكَ أَحَدُ الْمَالَيْنِ أَوْ سَلَّمَا أَوِ اخْتَلَفَ الرِّبْحُ فَلِلْمُقِيمِ أَفْضَلُ ذَلِكَ وَلَهُ أَخْذُ السَّالِمِ وَالرِّبْحُ إِنْ وَقَعَا فِيمَا جَعَلَهُ الشَّرِيكُ لِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ لَا يُجِيزُ الْقِسْمَةَ وَإِنْ كَانَا فِي نَصِيبِ الْمُقِيمِ وَالسَّالِمِ فربحُه بَيْنَهُمَا وَلَا يَضْمَنُ الْمُقِيمُ شَيْئًا لِأَنَّهُ لَمْ يتعدَّ إِلَّا فِي النِّيَّةِ خَاصَّةً وَالنِّيَّةُ لَا تُضْمَنُ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ إِذَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَى نَصِيبِ صَاحِبِهِ لَوْ جَعَلَ يَد غَيره عَلَيْهِ الثَّالِثُ: قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ: تَجُوزُ الْمُفَاوَضَةُ وَهِيَ أَنْ يُفوِّض كل وَاحِد التَّصَرُّف فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ وَالتَّوْكِيلِ وَالْقِرَاضِ وَمَا فَعَلَهُ لَزِمَ الْآخَرَ إِنْ كَانَ عَائِدًا إِلَى تِجَارَتِهِمَا وَلَا يَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ إِلَّا فِيمَا يَعْقِدَانِ عَلَيْهِ الشَّرِكَةَ مِنْ أَمْوَالِهِمَا دُونَ مَا يَنْفَرِدُ بِهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ مَالِهِ سواءٌ اشْتَرَكَا فِي كُلِّ مَا يَمْلِكَانِهِ أَوْ بَعْضِهِ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مُتَفَاضِلًا أَمْ لَا إِذَا كَانَ الرِّبْحُ وَالْعَمَلُ عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ وجوَّزها (ح) وخالَفَنا فِي أَنَّهَا لَا تَصِحُّ إِلَّا بالنقدين والفلوس الرائجة ولابد أَنْ يُخرج عِنْدَهُ كُلُّ وَاحِدٍ جَمِيعَ مَا يَمْلِكُهُ مِنْ ذَلِكَ وَمَنَعَ تُفَاضُلَ رَأْسِ الْمَالِ وَلَا تَصِحُّ إِلَّا مِنْ مُسْلِمَيْنِ حُرَّيْنِ أَوْ مُكَاتَبَيْنِ وَلَا تَصِحُّ مِنْ حرٍّ وَمَكَاتَبٍ وَلَا مسلمٍ وَكَافِرٍ وَلَا صَبِيٍّ وَبَالِغٍ وَاشْتُرِطَ التَّسَاوِي فِي الرِّبْحِ وَالْخُسْرَانِ وَفِيمَا يَحْصُلُ

(8/53)


لِأَحَدِهِمَا مُنْفَرِدًا كَأُجْرَةِ خِيَاطَةٍ وَيَلْزَمُهُ مَا يَلْزَمُ الْآخَرَ مِنْ ضَمَانٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ عَقْدٍ فَاسِدٍ وَفِيمَا يَشْتَرِيهِ الْآخَرُ بِخَالِصِ مَالِهِ يُشَارِكُهُ الْآخَرُ فِيهِ دُونَ مَا يَرِثُهُ وَيُوهَبُ لَهُ مِمَّا لَا تَصِحُّ فِيهِ الشَّرِكَةُ كَالْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ عِنْدَهُ فَخَالَفَنَا فِي هَذِهِ الْأَحْكَامِ وَقَالَ (ش) شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ فَاسِدَةٌ وَإِنَّمَا تَجُوزُ شَرِكَةُ العِنان بِأَرْبَعَةِ شُرُوطٍ: الْأَوَّلُ اسْتِوَاءُ الْمَالَيْنِ فِي الْجِنْس وَالصّفة وَالثَّانِي خلطُها وَالثَّالِثُ إِذْنُ كُلِّ وَاحِدٍ فِي التَّصَرُّفِ وَالرَّابِعُ اتِّفَاقُهُمَا عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ وَالْخُسْرَانَ عَلَى قَدْرِ المَال ومنشأ الْخلاف اشتمالهما عَلَى المُفسد والمُصحح فَنَحْنُ غَلَّبنا المصحِّح وَهُوَ غلَّب المُفسد حَتَّى قَالَ هِيَ أشدُّ مِنَ الْقِمَارِ وَلَا يَبْقَى شَيْءٌ فاسدٌ إِذَا أُجيزت لنا قَوْله تعال {أَوْفوا بِالْعُقُودِ} وَقَوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ ورُوي إِذَا تَفَاوَضْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْمُفَاوَضَةَ ورُوي تَفَاوَضُوا فَإِنَّ الْمُفَاوَضَةَ أَعْظَمُ اليُمن واعظم الْبركَة وَهُوَ غير مَعْرُوف الصِّحَّة وباللقياس عَلَى شَرِكَةِ الْعِنَانِ وَلِأَنَّهَا وَكَالَةٌ وَكَفَالَةٌ فَيَصِحَّانِ مُجْتَمعين كَمَا صحّا منفردين أَو تَقول: الضَّمَانُ يُوجِبُ ثُبُوتَ الْمَالِ فِي الذِّمَّةِ فَيَثْبُتُ مَعَ الشَّرِكَةِ كَالْبَيْعِ وَيُؤَكِّدُهُ أَنَّ الشَّرِكَةَ مُنْعَقِدَةٌ على الرِّبْح وَهُوَ غرزٌ لَا يُدري حُصُولُهُ وَضَمَانُ أَحَدِهِمَا وَكَفَالَتُهُ لَيْسَ بِمَعْقُودٍ عَلَيْهِ فَإِذَا لَمْ يَمْنَعِ الْغَرَرَ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ أَوْلَى أَلَّا يَمْتَنِعَ فِي غَيْرِ الْمَعْقُود عَلَيْهِ الَّذِي يَأْتِي بِالْفَرْضِ وَلِأَنَّ الرِّبْحَ يَكُونُ قُبَالَةَ الْمَالِ كَشَرِكَةِ الْعِنَانِ وَقُبَالَةَ الْعَمَلِ كَالْقِرَاضِ فَيَصِحُّ اجتماعُهما فِي الْمُفَاوَضَةِ احْتج بنهيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنِ الْغَرَرِ وَهَذَا غَرَرٌ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا رُبَّمَا ضمن مَا يَأْتِي على الْمَالَيْنِ وَبِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ": كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ وَهَذِهِ لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ أَوْ لِأَنَّهَا تَضَمَّنَتْ أَخْذَ ربح مَا لَا نفرد بِهِ أَحَدُهُمَا فَتَمْتَنِعُ كَمَا إِذَا انْفَرَدَ جَمَعُ الْمَالَيْنِ أَوْ نَقُولُ: تَضَمَّنَتْ أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مَا اسْتَفَادَهُ الْآخَرُ فَتَبْطُلُ كَمَا لَوِ اشْتَرَطَ مَا يَرِثُهُ الْآخَرُ فَهُوَ لَهُ

(8/54)


وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْغَرَرَ الْغَالِبَ عَلَيْهِ عَدَمُ الْحُصُولِ وَالْغَالِبُ عَلَى الشَّرِكَةِ السَّلَامَةُ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ هَذِهِ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنمتم مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لله خُمسة} وقَوْله تَعَالَى: {إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُم} وَهَذِهِ تِجَارَةٌ وَغَنِيمَةٌ وَعَنِ الثَّالِثِ مَنْعُ الْحُكْمِ فِي الْأَصْلِ ثُمَّ الْفَرْقُ حُصُولُ الرِّفْقِ هَاهُنَا وَإِنَّمَا يَأْخُذُ أَحَدُهُمَا رِبْحَهُ لَهُ مِلْكُهُ وَحُصُولُ رِبْحِ الْمِلْكِ جَائِزٌ بِخِلَافِ رِبْحٍ بِغَيْرِ مِلْكٍ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّهُ يُنْتَقَضُ بِشَرِكَةِ الْعِنَانِ ثُمَّ الْفَرْقُ بِرِفْقِ التَّعَاوُنِ هَاهُنَا بِخِلَافِ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ وَاحْتَجَّ (ح) بِأَنَّ الْمُفَاوَضَةَ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْمُسَاوَاةِ لقَوْل الشَّاعِر:
(لايصلحُ النَّاسُ فَوضي لَا سراةَ لَهُمْ ... وَلَا سَرَاةَ إِذَا جُهَّالُهُم سَادُوا)
فَيَسْتَوِيَانِ فِي جَمِيعِ الْوُجُوهِ قُلْنَا بجملة الْمُسَاوَاة فِيمَا يحصل الرِّفْقُ وَلَا ضَرُورَةَ إِلَى تَكْثِيرِ الْغَرَرِ وَاعْلَمْ أَن مَذْهَبنَا متوسط فالشافعي مَنَعَ غَرَرَهَا جُمْلَةً وَ (ح) جَوَّزَهُ جُمْلَةً وَنَحْنُ أَجَزْنَا مَا تَدْعُو إِلَيْهِ حَاجَةُ الِارْتِفَاقِ وَالْغَرَرُ لَا تَكَادُ تُعَرَّى عَنْهُ الْبِيَاعَاتُ فَكَيْفَ الشَّرِكَةُ الَّتِي خَالَفَتِ الصَّرْفَ وَالْبَيْعَ فِي عَدَمِ الْمُنَاجَزَةِ وَالتَّسْلِيمِ لِبَقَاءِ يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى مَا شَارَكَ بِهِ تَفْرِيعٌ فِي الْجَوَاهِرِ: إِنْ كَانَ الْعَمَل مِنْهُمَا جَمِيعًا وَلَا يستد بِهِ أَحَدُهُمَا سُمِّيَ عِنَانًا وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا يَجُوزُ لَهُ الِاسْتِبْدَادُ فِي جَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ حَضَرَ الآخر أَو غَابَ وَيلْزمهُ تصرفه فِي الْمُفَاوضَة قَالَ فِي الْكتاب: لَا أعرف الشّركَة لبعدين مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَلَا غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْحجاز فَائِدَة: اشتقاقهما قَالَ الطرطوشي: لِأَنَّهُمَا يَسْتَوِيَانِ فِي التَّصَرُّفِ وَالْأَرْبَاحِ كَالْفَارِسَيْنِ إِذَا اسْتَوَيَا فِي السَّيْرِ فَإِنَّ عِنَانَيْهِمَا يَكُونَانِ سَوَاءً وَقيل من عَن الشَّيْء إِذا اعْترض عنت لِي حَاجَةٌ إِذَا اعْتَرَضَتْ وَمِنْهُ عَنَانُ السَّمَاءِ - بِفَتْحِ الْعَيْنِ - جَمْعُ عَنَانَةَ وَهِيَ السَّحَابَةُ الْمُعْتَرِضَةُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنَّ لَهُ أَنْ يُشَارِكَ صَاحِبَهُ أَوْ لِأَنَّهَا شَرِكَةٌ ظَاهِرَةٌ عَنَّ الشَّجَرِ إِذَا ظَهَرَ وَلَيْسَ فِي الشَّرِكَاتِ مَا يَثْبُتُ فِي أَمْرٍ ظَاهِرٍ إِلَّا هِيَ لِأَنَّهَا فِي مَالَيْنِ ظَاهِرَيْنِ مَوْجُودَيْنِ وَالْمُفَاوَضَةُ تَكُونُ فِيمَا لَمْ يَظْهَرْ وَكَذَلِكَ الْأَبْدَانُ وَالْوُجُوهُ أَوْ لِأَنَّ الْفَارِسَ يُمْسِكُ بِأَحَدِ يَدَيْهِ عِنَانَ الْفَرَسِ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى يَتَصَرَّفُ فِيهَا كَيْفَ شَاءَ وَهُوَ هَا هُنَا تَنْفِيذٌ فِي مَالِ الشَّرِكَةِ وَيَتَصَرَّفُ فِي مَالِهِ كَيفَ أحب فِي الْمُفَاوضَة لَيْسَ لأَحَدهمَا الِانْفِرَاد أَو من المعاينة يُقَال عَايَنت فُلَانًا إِذَا عَارَضْتُهُ بِمِثْلِ مَالِهِ وَهَاهُنَا عَارَضَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بِمِثْلِ مَالِهِ وَهِيَ لَفْظَةٌ عَرَبِيَّةٌ لِقَوْلِ الشَّاعِرِ:
(وَشَارَكْنَا قُرَيْشًا فِي عُلَاهَا ... وَفِي أَحْسَابِهَا شِرْكَ الْعِنَانِ)
وَالْمُفَاوَضَةُ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: مِنَ التَّفْوِيضِ لِتَفْوِيضِ كُلِّ وَاحِدٍ الْأَمْوَالَ لِصَاحِبِهِ كَقَوْلِه تَعَالَى: {وأفوض أَمْرِي إِلَى الله} وَقِيلَ مِنَ التَّسَاوِي كَقَوْلِهِ تَفَاوَضْنَا فِي الْحَدِيثِ وَشَرِكَةُ الْعِنَانِ مُتَّفَقٌ عَلَى جَوَازِهَا وَلَمْ يُعْرَفْ مَالِكٌ مَرَّةً اسْمُهَا أَوْ تَخْصِيصُهَا بِالْجَوَازِ وَيُقَالُ عِنَانٌ - بِكَسْرِ الْعَيْنِ - وَهُوَ الْأَكْثَرُ لِمَنِ اشْتَقَّهُ مِنْ عِنَانِ الدَّابَّةِ وَبِالْفَتْحِ إِذَا أُخِذَ مِنْ عَنَّ لِي الشَّيْءُ إِذَا اعْتَرَضَ وَفِي الْكِتَابِ: إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ مُفَاوِضُكُمَا عَلَى الثُّلُثِ أَوِ الثُّلُثَيْنِ صَحَّ وَيَتَفَاوَضَانِ لِأَحَدِهِمَا عينٌ أَوْ عَرْضٌ دُونَ الْآخَرِ وَإِنْ قَامَتْ أَنَّهُ مُفَاوِضُكَ فَلَا يَخْتَصُّ أَحَدُهُمَا وَجَمِيعُ مَا بِأَيْدِيكُمَا بَيْنَكُمَا إِلَّا بِبَيِّنَةٍ تخصُّه وَمَا ابْتَاعَ أَحَدُكُمَا بَيْعًا صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا لَزِمَ الْآخَرَ وَيَتْبَعُ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ أَوِ الْقِيمَةِ أَيَّكُمَا شَاءَ وَلِأَحَدِكُمَا قَضَاءُ مَا يَخْتَصُّ بِالْآخَرِ مِنْ دَيْنٍ وَلِلْمَأْذُونِ مُفَاوَضَةُ الحُّر قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِنَّمَا يَكُونُ جَمِيعُ مَا بأيديهما بَينهمَا إِذا أنكر المشهودُ عَلَيْهِ

(8/55)


الفاوضة فَلَوْ أَقَرَّ وَقَالَ الثُّلُثَ وَالثُّلُثَيْنِ اقْتَسَمَا السُّدُسَ نِصْفَيْنِ عَلَى أَصْلِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَوْمٌ لَا يَتَفَاوَضُونَ إِلَّا سَوَاءً وَلَوْ قَامَتِ الْبَيِّنَةُ على أَن شَرِيكه لم يفض بِالشَّرِكَةِ فِي جَمِيعِ أَمْلَاكِهِمَا لَصَدَق الِاسْمُ عَلَى بَعْضِ الْمَالِ وَلَوْ أقرَّ إِنِّي شَرِيكُ فُلَانٍ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فَكَالْمُتَفَاوِضَيْنِ وَلَا يُقبل إِقْرَارُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ بِدَيْنٍ وَلَا وَدِيعَةٍ وَإِذَا تَقَارَرَا بِالشَّرِكَةِ فَمَا فِي أَيْدِيهِمَا مِنَ التِّجَارَةِ بَيْنَهُمَا دُونَ مَسْكَنٍ وَخَادِمٍ وَطَعَامٍ وَإِذَا قَالَ أَحَدُهُمَا هَذَا لَيْسَ مِنَ الشَّرِكَةِ بَلْ وِرَاثَةٌ أَوْ هِبَةٌ أَوْ بِضَاعَةٌ لِرَجُلٍ أَوْ وَدِيعَةٌ صُدِّق مَعَ يَمِينِهِ إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ أَوْ كَانَ فِي يَدِهِ يَوْمَ أَقَرَّ
3

-

(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: تَجُوزُ الْمُفَاوَضَةُ إِمَّا فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ أَوْ فِي نَوْعٍ كَالرَّقِيقِ أكرَهُ أَنْ يُخرِجا مَالًا يَتَّجِرَانِ بِهِ وَبِالدَّيْنِ مُفَاوَضَةً فَإِنْ فَعَلَا فَمَا اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيْنَهُمَا وَإِنْ جَاوَزَ رَأْسَ مَالَيْهِمَا وَلَوْ تَفَاوَضَا وَلَمْ يَذْكُرَا فِي الْعَقْدِ الدَّين فَبَاعَ أحدُهما بِهِ جَازَ عَلَى شَرِيكِهِ لِأَنَّهُ مِمَّا يَعْرِضُ فِي الْمُفَاوَضَةِ وَلَوْ تَفَاوَضَا بِأَمْوَالِهِمَا فِي جَمِيعِ التِّجَارَاتِ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا مَالٌ يَخُصُّهُ فَاشْتَرَى أَحَدَهُمَا مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ جَارِيَةً لِنَفْسِهِ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ خُيِّر شَرِيكُهُ فِي إِجَازَتِهَا وردِّها لِلشَّرِكَةِ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: يُرِيدُ يُخَّير مَا لَمْ يَطَأْهَا بِخِلَافِ الْغَاصِبِ والمتعدي فِي وَدِيعَةٍ ابْتَاعَ بِهَا سِلْعَةً لَا يدفعُ إِلَّا مِثْلَ الدَّنَانِيرِ لِأَنَّ الشَّرِيكَ مأذونٌ لَهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْتَصَّ بِالرِّبْحِ بَلْ هُوَ كَمِبْضَعٍ مَعَهُ بِشِرَاءِ سلعةٍ أَوْ مُفَاوِضٍ أَوْ وَكِيلٍ يُخِّير رَبُّ الْمَالِ فِي الْأَخْذِ لِأَنَّهُمْ مَأْذُونٌ لَهُمْ فِي عَيْنِ ذَلِكَ
3 -

(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: لَا خَيْرَ فِي أَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ يَبْتَاعُ الْأَمَةَ فَيَطَؤُهَا وَيَرُدُّ ثَمَنَهَا فِي رَأْسِ الْمَالِ ويتقاومانها فَمَنْ صَارَتْ لَهُ فَهِيَ لَهُ وَحَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا قَالَهُ مَالِكٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَكَ إِبْقَاؤُهَا لِلْوَاطِئِ بِالَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ وَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْهَا لَيْسَ لَهُ الِامْتِنَاعُ مِنَ الْمُقَاوَاةِ وَرَدِّهَا للشَّرِكَة وَقَالَ غَيره: ذَلِك لَهُ وَفِي النكث: إِن

(8/57)


اشْتَرَاهَا لِلتِّجَارَةِ فَوَطِئَهَا فَهَاهُنَا يُخَيَّرُ الشَّرِيكُ بَيْنَ مُطَالَبَتِهِ بِالْقِيمَةِ وَتَرْكِهَا بَيْنَهُمَا أَوِ اشْتَرَاهَا لِنَفْسِهِ لِيَطَأَهَا وَعَلَى أَنَّ الْخَسَارَةَ فِيهَا وَالرِّبْحَ عَلَى الْمَالِ فَهِيَ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ الَّتِي فِيهَا الْمُقَاوَاةُ وَلَوِ اشْتَرَاهَا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ عَلَى أَنْ يَضْمَنَهَا إِن حبس وَلَو رِبْحُهَا فَهُوَ كَسَلَفٍ أَسْلَفَهُ شَرِيكُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِنَّمَا يَتَقَاوَيَانِ إِذَا أَرَادَ الْوَطْءَ قَبْلَ الْوَطْءِ أَمَّا بَعْدَهُ فَتَلْزَمُ الْقِيمَةُ إِنْ شَاءَ شَرِيكُهُ وَبَعْدَ الْحَمْلِ فَتُعَيَّنُ الْقِيمَةُ شَاءَ شَرِيكُهُ أَمْ لَا لِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ قَالَهُ مُحَمَّدٌ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ قَوْلُهُ لَزِمَتِ الْقِيمَةُ إِنْ شَاءَ شَرِيكُهُ فَيَجِبُ إِنْ كَانَ تَكَلَّمَ عَلَى إِذن وَاحِدٍ لِصَاحِبِهِ فَتَجِبُ الْقِيمَةُ شَاءَ شَرِيكُهُ أَمْ لَا لِأَنَّهُ تَحْلِيلٌ لِمَا أَذِنَ فِيهِ كُلُّ وَاحِدٍ لِصَاحِبِهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ حَلَّلَهَا لَهُ فَفَاتَتْ بِالْوَطْءِ فَلَا خِيَارَ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ مِنْ عَارِيَةِ الْفُرُوجِ فَأَمَّا بِغَيْرِ إِذَنٍ فَهُوَ مُتَعَدٍّ إِنْ شَاءَ أَمْضَاهَا لَهُ لِأَنَّهُ اشْتَرَاهَا لِنَفْسِهِ أَوْ قَاوَاهُ بَعْدَ الْوَطْءِ وَإِنَّمَا لَمْ يُبْقِهَا ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى الشَّرِكَةِ لِأَنَّهُ خَشِيَ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَأْمُونٍ عَلَى بَقَائِهَا عِنْدَهُ بِخِلَاف لأمة بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ إِذْ هَذَا الشَّرِيكُ يَغِيبُ عَلَى مَا اشتُري وَيَتَصَرَّفُ فِي الْجَمِيعِ فَخَالَفَ مَنْ شَاركهُ فِي أمةٍ فَقَط وَغَيره أجازردها للشَّرِكَة لِأَنَّهَا كالأمة بَينهمَا وَإِذا لم يُومَن عَلَيْهَا مُنع مِنَ الْخَلْوَةِ بِهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ: لَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا وَطْءُ جَارِيَةٍ مِنَ الشَّرِكَةِ وَلَا أَنْ يَشْتَرِيَ مِنَ الْمَالِ لِيَطَأَ أَذِنَ الشَّرِيكُ أَمْ لَا لِأَنَّ حِلَّ الْوَطْءِ يُشترط فِيهِ الْمِلْكُ الْمَحْضُ قَالَ وَأَرَى إِنْ كَانَ الواطء جَاهِلًا جَازَ بَقَاؤُهَا تَحْتَ أَيْدِيهِمَا أَوْ عَالِمًا لَمْ تَبْقَ وَيَحُوزُهَا عَنْهُ الشَّرِيكُ الْآخَرُ إِنْ كَانَ مَأْمُونًا وَلَهُ أَهْلٌ وَإِلَّا فَعَلَى يَدِ عَدْلٍ حَتَّى تُباع وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا وَطِئَ أُخْتَهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ تُباع عَلَيْهِ إِن كَانَ عَالما بالترحيم وَإِلَّا فَلَا يومن عَلَيْهِ الْعَوْدَةُ وَإِنِ اشْتَرَاهَا لِلتِّجَارَةِ وَلِيُصِيبَهَا وَشِرَاءُ مثلهَا للتِّجَارَة حُسن النّظر وَعلم بذك قَبْلَ الْإِصَابَةِ لَا يَضْمَنُ الثَّمَنَ وَتَبْقَى شَرِكَةٌ وَلَوْ وَطِئَ بِإِذْنِ الشَّرِيكِ لَزِمَتِ الْقِيمَةُ حَمَلَتْ أَمْ لَا لِأَنَّهُ تَحْلِيلٌ وَمَتَى فَعَلَ أَحَدُهُمَا ذَلِكَ فحكمُه حُكْمُ فِعْلِ أَحَدِهِمَا فِي الْوَطْءِ أَو غَيره

(8/58)


3 -

(فَرْعٌ)
فِي الْكتاب: إِذا وَخَّز أَحَدُهُمَا غَرِيمًا بِدَيْنٍ أَوْ وَضَعَ لَهُ مِنْهُ اسْتِلَافًا لِيُعَامِلَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ جَازَ كَالْوَكِيلِ الْمُفَوَّضِ بِخِلَافِ الْمَعْرُوفِ يَخْتَصُّ بِحِصَّتِهِ وَيَرُدُّ مِنَ الْآخِذِ مِنَ الْوَكِيلِ إِلَّا أَنْ يَهْلِكَ فَيَضْمَنَ الْوَكِيلُ فِي النكث: لَيْسَ الدّفع للاستيلاف سلفا لنفع لِأَنَّهُ قَدْ لَا يُعَامِلُهُ بَلْ يَفْعَلُ ذَلِكَ لِحسن السُّمْعَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا أخَّر الْغَرِيمُ فَالتَّأْخِيرُ فِي نَصِيبِهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي قِسْمَةِ الدَّيْنِ ضررٌ وَإِلَّا فَإِنْ قَالَ مَنْ أخَّر الْغَرِيمُ فَالتَّأْخِيرُ فِي نَصِيبِهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي قِسْمَةِ الدَّيْنِ ضَرَرٌ وَإِلَّا فَإِنْ قَالَ مَنْ أخَّر لَمْ أظنَّ أَنَّ ذَلِكَ يُفسد شَيْئًا مِنَ الشَّرِكَةِ رَدَّ جَمِيعَ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُؤخره حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ سَقَطَ الرُّجُوعُ لِعَدَمِ الْمَفْسَدَةِ فَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْغَرِيمُ بَعْدَ التَّأْخِيرِ ضَمِنَ لِشَرِيكِهِ نَصِيبَهُ وَإِنْ كَانَ التَّأْخِير استيلافاً لم يضمن الموخِّر وَإِن أغر الْغَرِيمُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْغَرِيمُ مِمَّنْ يُخشى عَدَمُهُ عِنْدَ الْأَدَاءِ فيُرد فِي التَّأْخِيرِ وَيُعَجِّلُ جَمِيع الْحق وَإِن لم يرد حَتَّى أغر ضَمِنَ الشَّرِيكُ إِذَا كَانَ عَالِمًا بِذَلِكَ وَقِيلَ يمْتَنع التَّأْخِير وَإِرَادَة الاستيلاف لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ وَإِنْ وَضع أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي التَّأْخِيرِ وَيَجُوزُ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ ثُمَّ يُنظر هَلْ يَمضي نَصِيبُ الْوَاضِع وَتجوز إِن أَرَادَ الاستيلاف إِلَّا أَنْ يَكْثُرَ فَيَرُدَّ الزَّائِدَ عَلَى مَا يُرَاد بِهِ الاستيلاف
3 -

(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِذَا أَبْضَعَ أَحَدُهُمَا مَعَ رَجُلٍ فَعَلِمَ الرَّجُلُ بِمَوْتِ الْبَاعِثِ أَوْ بِمَوْتِ شَرِيكِهِ وَأَنَّ مَا مَعَهُ مِنَ الشَّرِكَةِ لَمْ يُشتَرَ وردَّه عِلّة الحيِّ مِنْهُمَا وَالْوَرَثَة إِن بلغَة اقترافهما لِأَنَّ الْوَارِثَ لَمْ يَأْذَنْ فِي الشِّرَاءِ وَقَدِ انْتَقَلَ الْمَالُ إِلَيْهِ أَوْ بَعْضُهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: فَإِن علم الَّذِي أبضع مَعَه باقترافهما مِنْ غَيْرِ مَوْتٍ فَلَهُ الشِّرَاءُ بِخِلَافِ الْمَوْتِ وَإِنْ عَلِمَ فِي الْمَوْتِ أَنَّ الْمَالَ مِنْ غَيْرِ الْمُفَاوَضَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ الشِّرَاءُ إِذَا مَاتَ المُبضع مَعَهُ وَإِنْ مَاتَ مَنْ لَمْ يُبضع فَلَهُ الشِّرَاءُ وَإِنْ شَكَّ هَلْ هُوَ مِنَ الْمُفَاوَضَةِ لَمْ يَشْتَرِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ سَبَبُ الْإِقْدَامِ
3 -

(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: لِأَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ أَنْ يُبْضِعَ ويُقارض دُونَ إِذْنِ الْآخَرِ وَإِنْ

(8/59)


أودَع بِغَيْرِ عُذْرٍ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا كَالْمُودِعِ وَإِنْ رَدَّهَا الْمُودَعُ إِلَى غَيْرِ المودِع بَرِئَ إِنْ صدَّقه الْقَابِضُ وَإِلَّا فَلَا يَبْرَأُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتَمِنْهُ وَكَذَلِكَ دفعُك ثَمَنَ مَا ابْتَعْتَهُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَإِنْ أَوْدَعَكَ أَحَدُهُمَا فَأَوْدَعْتَ شَرِيكَهُ ضَمِنَ لِعَدَمِ الْإِذْنِ فِي ذَلِكَ إِلَّا أَن يكون لعورة مِنْ هَزْلٍ أَوْ سفرٍ فَإِنْ أُودِعَتْ أَحَدَهَمَا فَهِيَ بِيَدِهِ دُونَ صَاحِبِهِ لِأَنَّكَ لَمْ تَأْمَنْ صَاحِبَهُ فَإِنْ مَاتَ وَلَمْ تَعْرِفْ بِعَيْنِهَا فَهِيَ دَيْنٌ فِي حِصَّتِهِ دُونَ حِصَّةِ شَرِيكِهِ لِأَنَّهَا مِنْ غَيْرِ التِّجَارَةِ وَإِنْ عَمِلَ بِوَدِيعَتِكَ تَعَدِّيًا وَعَلِمَ شَرِيكُهُ بِالْعُدْوَانِ وَرَضِيَ بِالتِّجَارَةِ فَلَهُمَا الرِّبْحُ وَعَلَيْهِمَا الضَّمَانُ لِرِضَاهُ وَإِلَّا فَالرِّبْحُ لِلْمُتَعَدِّي وَعَلَيْهِ الضَّمَانُ خَاصَّةً لِعَدَمِ الْمُشَارَكَةِ وَقَالَ غَيْرُهِ: إِنْ رَضِيَ وَعَمِلَ فَإِنَّمَا لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِيمَا أَعَانَ لِأَنَّهُ لَمْ يَغْصِبْ بَلْ عَمِلَ فِي الْمَغْصُوبِ وَإِنْ رَضِيَ وَلَمْ يَعْمَلْ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَا ضَمَان عله قَالَ ابْنُ يُونُسَ: لَا يُقَارِضُ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ أَحَدًا إِلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ لِأَنَّهُ وَضْعُ يدٍ عَلَى الْمَالِ لَمْ يَرْضَهَا وَيَجُوزُ فِي سِلْعَةٍ بِعَينهَا كالبضاعة قَالَ اللَّخْمِيّ: لَو تجر فِيهَا أُودع عِنْدَهُ وَنَوَى أَنْ يَكُونَ تَجْرُهُ فِيهَا لَهما فلشركة نَصِيبُهُ مِنَ الرِّبْحِ دُونَ الْخَسَارَةِ لِأَنَّهُ يَخْتَارُ الْإِجَارَةَ فِي الرِّبْحِ فَقَطْ إِذَا أَخَذَ أَحَدُهُمَا قِرَاضًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَهُ الرِّبْحُ وَحْدَهُ لِعَدَمِ انْدِرَاجِهِ فِي الْعَقْدِ وَقَالَ أَشْهَبُ: بَيْنَهُمَا نَظَرًا لِلْمُفَاوَضَةِ فَإِنْ أَجَّرَ نَفْسَهُ أَوْ تَسَلَّفَ مَالًا فَهُوَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهَا إِنَّمَا سُميت مُفَاوَضَةً لِتَفْوِيضِ كُلِّ وَاحِدٍ النَّظَرَ فِيمَا يجرُّ نَفْعًا وَقَالَ أَصْبَغُ: الرِّبْحُ لَهُ وَلِلْآخَرِ الْأُجْرَةُ إِذَا حَلَفَ لَمْ يَعْمَلْ مُتَطَوِّعًا قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِنْ عَمِلَ فِي وَقْتٍ لَمْ يَتَوَجَّهْ عَلَيْهِ فِيهِ عَمَلٌ اخْتَصَّ بِالرِّبْحِ وَإِنِ احْتِيجَ قِيَامُهُ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَعَمِلَ صَاحِبُهُ فَلِصَاحِبِهِ الْأَكْثَرُ مِنَ الْأُجْرَة فِيمَا عمل أونصف مَا أَخَذَ فِي الْقِرَاضِ وَإِنِ اسْتَأْجَرَ مَكَانَهُ رَجَعَ عَلَيْهِ بِتِلْكَ الْأُجْرَةِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمِ الشَّرِيكُ الْآخَرُ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ غَائِبًا فَفَسَدَ شَيْء رَجَعَ عَلَيْهِ بِمَا ينويه مِمَّا فَسَدَ وَكَذَلِكَ لَوْ نَزَلَ سُوقُهُ
3

-

(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِنِ اسْتَعَارَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ بِغَيْرِ إِذا صَاحِبِهِ مَا يَحْمِلُ عَلَيْهِ لِنَفْسِهِ

(8/60)


أَو لمَال الشّركَة فَتلف فضمنانه مِنَ الْمُسْتَعِيرِ فَقَطْ لِأَنَّ شَرِيكَهُ يَقُولُ كُنْتَ تَسْتَأْجِرُ وَقَالَ غَيْرُهُ: يَضْمَنُ فِي التَّعَدِّي دُونَ الْعَارِيَةِ لِأَنَّهَا مِنْ جِدَّةِ الْمَنْظَرِ وَإِنِ اسْتَعَارَا جَمِيعًا فَتَعَدَّى عَلَيْهَا أَحَدُهُمَا اخْتَصَّ بِالضَّمَانِ وَإِنِ اسْتَعَارَهَا أَحَدُهُمَا لِلشَّرِكَةِ فَعَمِلَ عَلَيْهَا الْآخَرُ ذَلِكَ بِعَيْنِه فعطبت لم يضمن لِأَنَّهُ الْمَأْذُونُ فِيهِ وَشَرِيكُهُ كَوَكِيلِهِ وَإِنِ اسْتَعَرْتَ دَابَّةً لِتَحْمِلَ عَلَيْهَا فَحَمَلَ عَلَيْهَا غَيْرُكَ ضَمِنَ لِعَدَمِ إِذن رَبهَا لَهُ وَلَا وكًّلته وَفِي النكث قَالَ الشيح أَو الْحَسَنِ: إِذَا اسْتَعَارَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِغَيْرِ إِذْنِ شَرِيكِهِ إِنَّهُ يَضْمَنُ الدَّابَّةَ وَحْدَهُ مَعْنَاهُ إِنْ قَضَى بِهَا قاضٍ لِأَنَّ أَصْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْحَيَوَانَ مِمَّا لَا يُغاب عَلَيْهِ فَلَا يَضْمَنُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: يُحْمَلُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي ذِكْرِ الدَّابَّةِ تَقْرِيرًا لِلْقِيمَةِ لِأَنَّهَا مَضْمُونَةٌ وَقَدْ يَكُونُ مَذْهَبُ الْحَاكِمِ فِي الْمَوْضِعِ تَضْمِينَ العواري وَإِن لم يُغَب عَلَيْهَا ففإن كَانَ الْحَاكِمُ لَا يَرَى ذَلِكَ فعُزل قَبْلَ النَّظَرِ فِي ذَلِكَ لَكَانَ الضَّمَانُ عَلَيْهِمَا وَقِيلَ يَضْمَنُهُ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ الْأَوَّلُ يَضْمَنُ وَالْمُسْتَعِيرُ يَجْهَلُ ذَلِكَ عَلَى اخْتِلَافٍ فِيهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَيْسَ كُلُّ النَّاسِ فُقَهَاءَ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي تضمين الْوَكِيل إِذا اجْتهد فَأَخْطَأَ وَهَذَا عُذْرٌ وَالْغَالِبُ عَلَى النَّاسِ الرَّغْبَةُ فِي الْعَارِيَةِ تَوْفِيرًا لِلْأُجْرَةِ وَالْغَالِبُ السَّلَامَةُ قَالَ: فَأَرَى الضَّمَانَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ كَانَتْ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ
3

-

(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: عبدُ أَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ لَا يَأْذَنُ لَهُ أَحَدُهُمَا فِي تِجَارَةٍ وَلَا يُعتقه عَلَى مَالٍ يتعجَّله مِنْهُ وَلَا يُكاتبه بِغَيْرِ إِذْنِ شَرِيكِهِ إِلَّا أَنْ يَأْخُذَ مَالًا مِنْ أَجْنَبِيٍّ عَلَى عِتْقِهِ مِثْلَ قِيمَتِهِ فَأَكْثَرَ فَيَجُوزُ وَهُوَ كَبَيْعِهِ فِي النكث لِأَنَّ الْعَبْدَ قَدْ يَلْحَقُهُ دينٌ فَيَصِيرُ عَيْبًا وَلِأَنَّ الْإِذْنَ لَهُ تفويضٌ وَلَيْسَ لَهُ الْمُفَاوَضَةُ بِغَيْرِ إِذْنِ شَرِيكِهِ وَهُوَ بِخِلَافٍ إِذَا قَارَضَ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ
3 -

(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: لَا يَلْزَمُ أَحَدَهُمَا كَفَالَةُ الْآخَرِ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ وَمَا جنى أَحدهمَا أَو غصب أَو استهلكت أَوْ أَصْدَقَ أَوْ آجَرَ فِيهِ نَفْسَهُ لَا يلْزم شَرِيكه فِيهِ شَيْء لِأَنَّهُ غيُ مُقْتَضَى عَقْدِ الشَّرِكَةِ
3 -

(فَرْعٌ)
قَالَ: ويُرد بِالْعَيْبِ على البَائِع مِنْهُمَا إِن كَانَ حَاضرا أَو إِن كَانَ غَائِبًا كَالْيَوْمِ ويُنتظر لَعَلَّ لَهُ حُجَّةً فَإِنْ بَعُد وَأَقَامَ الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ بِبَيْعِ الْإِسْلَامِ وَعَهده رُدَّ عَلَى الشَّرِيكِ الْآخَرِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَإِنِ احْتَمَلَ الْحُدُوثَ فَعَلَى الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ حَادِثٌ عِنْدَ الْبَائِعِ إِلَّا إِذَا حَلَفَ الشَّرِيكُ مَا عَلِمَ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُبْتَاعُ وَرَدَّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: فَلَوْ حَضَرَ الْغَائِبُ حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ فِي الظَّاهِرِ وَعَلَى الْعِلْمِ فِي الْخَفِيِّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِنْ نَكَلَ قَالَ أَبُو مُحَمَّد: يحلف الْمُبْتَاع على الْبَتّ وَفِي الْكتاب مُحَمَّدٍ إِنَّمَا يَحْلِفُ كَمَا يَحْلِفُ بَائِعُهُ عَلَى الْبَتِّ فِي الظَّاهِرِ وَفِي الْخَفِيِّ عَلَى الْعِلْمِ فَلَوْ جَاءَ الْغَائِبُ وَأَقَرَّ أَنَّهُ كَانَ عَالِمًا لَزِمَ الشَّرِيكَ وَلِلْحَالِفِ الرَّدُّ وَإِنْ أَنْكَرَ الْغَائِبُ فَإِن نكل فَهَل يردّ عَلَيْهِ جَمِيعًا أونصفه ليمين شركه وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ لِأَنَّ نُكُولَهُ كَإِقْرَارِهِ لِأَنَّهُ الْمُعَامِلُ وَلَا يَضُرُّهُ يَمِينُ الشَّرِيكِ الْحَاضِرِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ فَلَوْ نَكَلَ الشَّرِيكُ الَّذِي لم يبع فَحلف الْمُبْتَاع وردهَا قُم قَالَ الْغَائِبُ لَمَّا قَدِمَ أَنَا أَحْلِفُ وَأَنْقُضُ الرَّدَّ فَالْأَظْهَرُ أَنَّ ذَلِكَ لَهُ لِأَنَّ تَوَقُّفَ صَاحِبِهِ لِعَدَمِ عِلْمِهِ وَهَذَا عَلِمَ وَقَدْ يُقَالُ لَهُ فِي ذَلِكَ نِصْفُهُ وَيَقَعُ الرَّدُّ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ لِنُكُولِهِ ومتولِّي الْبَيْعِ كَوَكِيلِهِ وَالْيَمِينُ عَلَى الْوَكِيلُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا حَضَرَ الْبَائِعُ بُدئ بِالْخُصُومَةِ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِمَا عَقَدَ عَلَيْهِ فَإِنْ عَجَزَ الْبَائِعُ فَلِلْمُشْتَرِي تحليفُهما جَمِيعًا إِذَا أَشْبَهَ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الْآخَرِ عِلْمٌ وَإِذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَى عَلَى عُهْدَةِ الْإِسْلَامِ أَخَذَ الثَّمَنَ مِنَ الْحَاضِرِ وَإِنْ لَمْ يُقم بَيِّنَةً وَاخْتَلَفَتِ الْعَادَةُ حَلَفَ أَنَّهُ اشْتَرَى عَلَى الْعُهْدَةِ وَإِنْ شُكَّ فِي قِدَم الْعَيْبِ وَكَانَ شِرَاءُ الْبَائِعِ لِذَلِكَ فِي غَيْبَةِ الْحَاضِرِ أَوْ فِي حُضُورِهِ وَبَاعَهُ بِالْحَضْرَةِ قَبْلَ عِلْمِ الْآخَرِ لَمْ يَحْلِفِ الْحَاضِرُ وَلَوْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا

(8/61)


وَنَكَلَ الْآخَرُ رُدَّ جَمِيعُهُ وَعِنْدَ أَشْهَبَ الْيَمِينُ عَلَى الْعِلْمِ فِي الْجَلِيِّ وَالْخَفِيِّ لِأَنَّ الْعُيُوبَ شَأْنُهَا الْخَفَاءُ
3

-

(فَرْعٌ)
قَالَ اللَّخْمِيُّ: لَوْ وَجَدَ أَحَدُهُمَا عَيْبًا فَرَدَّ بِهِ أَوْ قَبِله وَخَالَفَهُ الْآخَرُ فَالْحُكْمُ لِلسَّابِقِ مِنْهُمَا وَيُخَيَّرُ الْبَائِعُ فِيمَا أَرَادَهُ الْآخَرُ فَإِنْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا بِقَبُولِهِ ثُمَّ رَدَّ الْآخَرُ سَقَطَ الْقِيَامُ بِالْعَيْبِ وخُيّر الْبَائِعُ فِي الرَّدِّ وَإِنْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا بِالرَّدِّ ثَبَتَ الرَّدُّ وخُيّر الْبَائِعُ إِنْ قَبِلَهَا لَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ رَدُّهَا وَإِنِ اخْتَارَ الرَّدَّ لَمْ يَكُنْ لِمَنْ سَبَقَ بِالرَّدِّ الِامْتِنَاعُ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الَّذِي فَعَلَهُ أَحَدُهُمَا فِيهِ ضَرَرٌ فَيَمْضِي ذَلِكَ فِي نَصِيبِ مَنْ رَضِيَ وَحْدَهُ
3 -

(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِذَا ابْتَعْتَ مِنْ أَحَدِهِمَا فَأَقْبَضْتَ الثَّمَنَ بَعْدَ افْتِرَاقِهِمَا لِلْبَائِعِ أَوْ شَرِيكِهِ وَلَمْ تعلم افتراقهما فَلَا شَيْءَ عَلَيْكَ لِأَنَّهُ مِمَّا يَخْفَى عَلَيْكَ وَإِنْ عَلِمْتَ ضَمِنْتَ حِصَّةَ الْآخَرِ بِخِلَافِ قَضَاءِ الْوَكِيلِ الْمُفَوَّضِ إِذَا أُشْهِدَ عَلَى الْخُلْعِ وَلَا يَبْرَأُ مَنْ دُفِعَ إِلَيْهِ ثَمَنُ مَا بَاعَ أَوْ غَيْرِهِ قَالَ غَيْرُهُ: إِنْ لَمْ يَعْلَمِ الْوَكِيلُ وَلَا الْغَرِيمُ بِالْحِجْرِ بَرِئَ الْغَرِيمُ لِأَنَّ عِلْمَ ذَلِكَ قَدْ يَخْفَى وَإِنْ عَلِمَ بِذَلِكَ أَحَدُهُمَا وَالْآخَرُ عَالِمٌ أَمْ لَا لَمْ يَبْرَأِ الْغَرِيم قَالَ فِي النكث: الْفَرْقُ أَنَّ الشَّرِكَةَ بَاقِيَةٌ فِي الدَّيْنِ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ وَالْعَزْلُ يَرْفَعُ يَدَ الْوَكِيلِ مُطْلَقًا وَقَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ قَوْلُ الْغَيْرِ إِذَا خَلَعَهُ وَقَبَضَ وَقَدْ عَلِمَ أَحَدُهُمَا بِالدَّفْعِ يَضْمَنُ الدَّافِعُ يُرِيدُ لِأَنَّ الْغَرِيمَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَالْوَكِيلُ لَمَّا عَلِمَ بِالْخُلْعِ تَعَدَّى فِي الْقَبْضِ فَهُوَ ضَامِنٌ لما أتلف فَيَرْجِعُ الدَّافِعُ عَلَيْهِ وَلَا ضَرَرَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ الْأَشْبَهُ أَلَّا يَضْمَنَ الْغَرِيمُ كَمَا فِي الشَّرِيكَيْنِ يَفْتَرِقَانِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَكِيلُ صَاحِبِهِ عَلَى الْقَبْضِ وَقَدْ فرًّطا إِذْ لم يعلمَا وَقَول الْغَيْر فِي إِلْزَامِ الْغَرِيمِ بِعِلْمِ الْوَكِيلِ مُشْكَلٌ وَفِي الْمُوَازِيَةِ: لَوْ عَلِمَ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ بِبَيِّنَةٍ فَحُكِمَ عَلَيْهِ بِالدَّفْعِ لِلْوَكِيلِ بَرِئَ لِأَنَّهُ مكره

(8/63)


3

-

(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ شِرَاءُ أَحَدِهِمَا مِنَ الْآخَرِ سِلْعَةً لِنَفْسِهِ أَوْ لِلتِّجَارَةِ كَالْمُقَاسَمَةِ
3 -

(فَرْعٌ)
قَالَ: يَلْزَمُ إِقَالَةُ أَحَدِهِمَا فِيمَا بَاعَهُ هُوَ أَوْ شَرِيكُهُ وَتَوَلِيَتُهُ إِلَّا بِمُحَابَاةٍ فَهُوَ حِينَئِذٍ كَالْمَعْرُوفِ لَا يَلْزَمُ إِلَّا أَنْ يَجِدَ نَقْصًا لِلتِّجَارَةِ وَإِلَّا لَزِمَهُ قَدْرُ حِصَّتِهِ مِنْهُ
3 -

(فَرْعٌ)
قَالَ: إِقْرَارُ أَحَدِهِمَا بِدَيْنٍ مِنْ شَرِكَتِهِمَا لِأَبِيهِ أَوْ وَلَدِهِ أَوْ جَدِّهِ أَوْ جَدَّتِهِ أَوْ زَوجته أَو صديقه الملاطف أَو من يُتّهم عَلَيْهِ لَا يَلْزَمُ شَرِيكَهُ لِلتُّهْمَةِ بِخِلَافِ مَنْ لَا يُتهم عَلَيْهِ وَلَوْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا فِي دَارٍ أَوْ غَيْرِهَا مِنَ الْعُرُوضِ أَنَّ نِصْفَهَا لِأَجْنَبِيٍّ حَلَفَ الْمُدَّعِي مَعَهُ وَاسْتَحَقَّ لِأَنَّهُ شَاهِدٌ كَإِقْرَارِ وَارِثٍ بَدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: كَذَلِكَ كُلُّ مَنْ يُدخل الضَّرَرَ بِإِقْرَارِهِ عَلَى غَيْرِهِ يَمْتَنِعُ إِقْرَارُهُ لِمَنْ يُتًّهم عَلَيْهِ كَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ وَالْمَرِيضِ وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ فَإِنْ جَوَّزْنَا قُلْنَا بَقِيَّةُ الدَّيْنِ فِي ذِمَّتِهِ فَلَمْ يُتهم وَإِنْ مَنَعْنَا قُلْنَا لِإِضْرَارِهِ بِالْغُرَمَاءِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: يَجْرِي فِي إِقْرَارِهِ بِالتُّهَمِ النقوذ كَإِقْرَارِ مَنْ تَبَيَّنَ فَلَسُهُ لِمَنْ يُتهم عَلَيْهِ وَفِيهِ قَوْلَانِ وَهَاهُنَا أَوْلَى لِانْتِزَاعِ مَالِ الْمُفْلِسِ ويقي مُحْتَاجًا فَيُوَزَّعُ مَا يَعِيشُ بِهِ وَلَا حَاجَةَ هَاهُنَا لِدَيْنٍ فِي الذِّمَّةِ وَإِقْرَارُ أَحَدِهِمَا عِنْدَ إِرَادَةِ الِافْتِرَاقِ جَائِزٌ فَإِنِ افْتَرَقَا ثُمَّ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا لَمْ يُقْبَلْ إِقْرَارُهُ إِذَا طَالَ الِافْتِرَاقُ فَإِنْ قَرُبَ وَادَّعَى أَنَّهُ نَسِيَ فَخِلَافٌ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي عَامِلِ الْقِرَاضِ يَدَّعي بَعْدَ الْمُقَاسَمَةِ أَنَّهُ أَنْفَقَ وَنَسِيَ الْمُحَاسَبَةَ بِذَلِكَ مَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ مَالِكٌ يَحْلِفُ وَلَهُ ذَلِكَ وَالشَّرِيكُ مِثْلُهُ فَإِنْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بَعْدَ مَوْتِ الْآخَرِ فَجَعَلَهُ فِي الْكِتَابِ شَاهِدًا وَلَمْ يَقْبَلْ قَوْلَهُ وَقَالَ سَحْنُونٌ يُصَدَّقُ الشَّرِيكُ وَيَلْزَمُ الْوَرَثَةَ وَهُوَ أَصْوَبُ لِأَنَّ الْمَوْتَ لَيْسَ بِافْتِرَاقٍ لِعَدَمِ الْمُحَاسَبَةِ وَصَوْنًا لِأَمْوَالِ النَّاسِ واختُلف فِي الْعَبْدِ يُحْجَرُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْإِذْنِ وَالْمَكَاتَبِ يَعْجِزُ وَالْقَبُولُ أَوْلَى لِأَنَّ تَصَرُّفَاتِهِمَا لَا تُعلم إِلَّا مِنْ قبَلهما وَلَيْسَ الْعَادَةُ الْإِشْهَادَ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَإِنَّمَا أَجَازَ فِي الْكِتَابِ شَهَادَتَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَرَ عَلَيْهِ بَعْدَ النُّكُولِ إِلَّا نِصْفَ الْحَقِّ فَلَمْ تجب شَهَادَته

(8/64)


نَفْعًا وَلَا دَفَعَتْ ضَرَرًا وَكَذَلِكَ اخْتُلِفَ فِي شَهَادَةِ الْحَمِيلِ عَلَى مَنْ تحمَّل عَنْهُ وَالْجَوَازُ أَحْسَنُ وَإِذَا كَانَا شَرِيكَيْنِ فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ امْتَنَعَ إِقْرَارُ أَحَدِهِمَا عَلَى صَاحِبِهِ
3

-

(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا لَا يُحدث الْآخَرُ فِي الْمَالِ وَلَا فِي السِّلْعَةِ شَيْئًا إِلَّا برضى الْوَرَثَةِ لِانْقِطَاعِ الشَّرِكَةِ فَإِنْ أَقَامَ أَجْنَبِيٌّ بَيِّنَةً أَنَّ مِائَةَ دِينَارٍ مِنَ الشَّرِكَةِ كَانَتْ عِنْدَ الْمَيِّتِ فَلَمْ تُوجَدْ وَلَا عَلِمَ مَصْرِفَهَا وَمَوْتُهُ قَرِيبٌ مِنْ أَخْذِهَا ويُظن أَنَّهُ لَمْ يَشْغَلْهَا فَهِيَ فِي حِصَّتِهِ وَإِنْ تَطَاوُلَ وَقْتُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ لِأَنَّ شَأْنَ الشَّرِيكِ الْحَوْزُ وَالتَّصَرُّفُ فَلَا يَضْمَنُ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْعُدْوَانِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ: إِنْ أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِأَخْذِ الْمِائَةِ لَمْ يَبْرَأْ إِلَّا بِشَاهِدَيْنِ عَلَى الرَّدِّ طَالَ أَمْ لَا لِأَنَّ قَرِينَةَ الْإِشْهَادِ تَقْتَضِي الِالْتِزَامَ وَأَمَّا الْإِقْرَارُ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ إِشْهَادٍ فَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الرَّابِعُ فِي إِلْغَاءِ الْكَلَفِ فِي الْكِتَابِ إِذَا كَانَ مَالُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ كثيرا وهما فِي بلدين على أَن يجوز كل وَاحِد على صَاحبه ويلغيان نَفَقَتَهُمَا كَانَا فِي بَلَدٍ أَوْ بَلَدَيْنٍ وَإِنِ اخْتلف سعراهما كَانَا ذَوي عِيَال أَولا عِيَالَ لَهُمَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ الْعَادَةُ وَهُوَ مَعْلُومٌ مُتَقَارَبٌ فَإِنْ كَانَ الْعِيَالُ لِأَحَدِهِمَا حَسَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مَا أَنْفَقَ وَمَا اشْتَرَاهُ لِعِيَالِهِ وَلِلْبَائِعِ ابْتِيَاعُ أَيِّهِمَا شَاءَ بِثَمَنِ مَا يَبِيعُ لِذَلِكَ مِنْ كُسْوَةٍ لَهُمَا أَوْ لِعِيَالِهِمَا مِمَّا يُلْغَى وَهِيَ مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ إِلَّا كُسْوَةً لَا يَتَبَدَّلُ مِثْلُهَا فَلَا تُلْغَى وَمَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا أَوْ كُسْوَةً لَهُ أَوْ لِعِيَالِهِ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ الْآخَرُ إِذْ لَا بُدَّ لَهُمَا مِنْ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ عَقَدَا قَالَ اللَّخْمِيُّ: الْقِيَاسُ إِذَا كَانَ الْبَلَدُ قَرَارًا لَهُمَا أَنْ يُحَاسَبَ مَنْ فِي الْبَلَد الغالي بَيْنَ السِّعْرَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فِي قَرَارِهِ فَلَا يُحَاسَبُ بِمَا بَيْنَ السِّعْرَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا فِي قَرَارِهِ وَهُوَ أَغْلَاهُمَا حُوسِبَ بِمَا بَيْنَ السِّعْرَيْنِ أَوِ الْآخَرُ أَغْلَاهُمَا لَمْ يُحَاسَبْ بِذَلِكَ الْفَضْلِ لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ سَبَبِ الْمَالِ وَلَهُ مَنْدُوحَةٌ عَنْ ذَلِكَ الْغَلَاءِ وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ فِي قَرَارِهِ أَوْ أَغْلَاهُمَا فِي قَرَارِهِ حَاسَبَ أَقَلَّهُمَا سِعْرًا لِأَنَّ الْأَصْلَ نَفَقَةُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى نَفْسِهِ وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ عَلَى الْعَادَةِ وَإِنْ كَانَتِ الْعَادَةُ

(8/65)


الْإِنْفَاقَ مِنَ الْوَسَطِ جَازَ عَلَى مَا تَجُوزُ عَلَيْهِ الشَّرِكَةُ مِنَ الْمُسَاوَاةِ فِي الِانْتِقَالِ وَأَنْ يكون الرِّبْح على قدر رُؤُوس الْأَمْوَالِ وَكُلُّ مَوْضِعٍ تُلْغَى فِيهِ النَّفَقَةُ تُلْغَى فِيهِ الْكُسْوَةُ وَإِنْ تَسَاوَى الْعِيَالُ فِي الْعَدَدِ دُونَ السِّنِّ تَحَاسَبَا بِذَلِكَ كَاخْتِلَافِ الْعَدَدِ وَالْكُسْوَةُ الَّتِي لَا تبتدل رِبْحُهَا لَهُمَا وَخَسَارَتُهَا عَلَى مُشْتَرِيهَا وَيُحَاسَبُ بِمَا وَزَنَ فِيهَا وَإِنْ عَلِمَ بِذَلِكَ قَبْلَ دَفْعِ الثَّمَنِ خُيِّرَ الشَّرِيكُ الْآخَرُ فِي رَدِّهَا لِلشَّرِكَةِ أَوْ يُمْضِيهَا لَهُ خَاصَّةً وَيَمْنَعُهُ مِنْ وَزْنِ ثَمَنِهَا مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ إِلَّا أَنْ يُسْقِطَ مِنْ نَصِيبِهِ مِنَ الْمَالِ قَدْرَهَا وَإِنْ غَابَ الْمُشْتَرِي وَطَالَبَ الْبَائِعُ الشَّرِيكَ الْآخَرَ بِالثَّمَنِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ وَإِنْ قَالَ مُشْتَرِيهَا اشْتَرَيْتُهَا عَلَى غَيْرِ مَالِ الشَّرِكَةِ لِاسْتِقْرَاضِ الثَّمَنِ أَوْ لِأَخْذِهِ مِنَ الشَّرِكَةِ وَتَسْقُطُ الشَّرِكَةُ فِيمَا يَنُوبُ ثَمَنُهَا فَلَهُ ذَلِكَ وَرِبْحُهَا لَهُ وَإِنِ اخْتَلَفَ رَأْسُ الْمَالِ وَتَسَاوَى الْعِيَالُ أَنْفَقَ صَاحِبَ الْقَلِيلِ بِقَدْرِ مَالِهِ لَا بِقَدْرِ عِيَالِهِ لِيُحَاسَبَ بِذَلِكَ فِي الْمُسْتَقْبل لَيْلًا يَأْخُذَ مِنَ الْمَالِ أَكْثَرَ مِمَّا يَأْخُذُ صَاحِبَهُ الْخَامِسُ فِي الْجَوَاهِرِ: يَدُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الشَّرِيكَيْنِ يَدُ أَمَانَةٍ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ تَلَفٍ أَوْ خُسْرَانٍ مَا لَمْ يَظْهَرْ كَذِبُهُ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ وَكِيلٌ لِلْآخَرِ فَإِنِ اتُّهِمَ اسْتُحْلِفَ وَإِنْ قَالَ ابْتَعْتُ سِلْعَةً وَهَلَكَتْ صُدِّقَ وَيُصَدَّقُ فِي أَنَّهُ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ خَاصَّةً أَوْ لِلشَّرِكَةِ فَإِن هَذَا الْمَالُ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ حَصَلَ لِي بِالْقِسْمَةِ صُدِّقَ شَرِيكُهُ فِي إِنْكَارِ الْقِسْمَةِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا
3

-

(فَرْعٌ)
إِذَا كَانَا شَرِيكَيْنِ فِي حَيَوَانٍ مَثَلًا بِمِيرَاثِ أَوْ غَيْرِهِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ إِلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ فَلَوْ بَاعَ نَصِيبَهُ وَسَلَّمَ الْجَمِيعُ لِلْمُشْتَرِي بِغَيْرِ إِذَنْ شَرِيكِهِ فَمُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ أَنَّ الشَّرِيكَ يَضْمَنُ وَبِهِ أَفْتَى شُيُوخُنَا وَالشَّافِعِيَّةُ لِأَنَّ أَحْسَنَ أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ فِي الْأَمَانَةِ كَالْمُودَعِ عِنْدَهُ وَالْمُودِعِ إِذَا وَضَعَ يَدُ الْأَجْنَبِيِّ ضَمِنَ بِتَعَدِّيهِ فَإِنْ قِيلَ: يَلْزَمُ عَدَمُ صِحَّةِ الْبَيْعِ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى التَّسْلِيمِ شَرْعًا قُلْنَا: إِنْ كَانَ شَرِيكُهُ حَاضِرًا سَلَّمَ الْمَبِيعَ لَهُ وَتَقَعُ الْحُكُومَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي أَوْ غَائِبًا رَفَعَ أَمْرَهُ إِلَى الْحَاكِمِ يَأْذَنُ لَهُ فِي الْبَيْعِ مِمَّنْ شَأْنُ الْحَاكِمِ وَضْعُ مَالِ الْغَائِبِ

(8/66)


تَحْتَ يَدِهِ وَيَصِحُّ الْبَيْعُ وَلَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ نَقْلًا غَيْرَ أَنَّهُ مُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ مَعَ أَنَّ الشَّيْخَ أَبَا عَمْرِو بْنِ الْحَاجِبِ قَالَ فِي مُخْتَصَرِهِ فِي كِتَابِ الرَّهْنَ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ فِي رَهْنِ الْمُشَاعِ إِلَى إِذْنِ الشَّرِيكِ وَلَهُ أَنْ يُقَسِّمَ وَيَبِيعَ وَيُسَلِّمَ وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ قَوْلَانِ لِتَأْخِيرِ التَّسْلِيم السَّادِسُ فِي الْعُهْدَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ: مَا يُقْضَى فِيهِ بِالشَّرِكَةِ كَأَهْلِ الْأَسْوَاقِ فَالْعُهْدَةُ عَلَى الْبَائِعِ وَكَذَلِكَ إِنْ أَشْرَكَهُ بَعْدَ تَمَامِ الْبَيْعِ بِحَضْرَةِ ذَلِكَ وَلَوِ اشْتَرَطَهُ أَمْ لَا إِنْ بَاعَهُ بَيْعًا بِحَضْرَةِ الْبَيْعِ فَعَلَى الْبَائِعِ الثَّانِي إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ عَلَى الْأَوَّلِ إِلَّا أَنْ يَبْقَى وَقْتُ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ فَلَا يَلْزَمُ هَذَا الشَّرْطُ وَالْعُهْدَةُ عَلَى الثَّانِي وَحَدُّ ذَلِكَ الِافْتِرَاقُ مِنَ الْأَوَّلِ افْتِرَاقًا بَيِّنًا وَانْقِطَاعُ مُذَاكَرَةِ الْبَيْعِ الَّذِي كَانَا فِيهِ ثُمَّ يُبَاعُ الثَّانِي فَلَا يُنْتَفَعُ بِاشْتِرَاطِهِ عَلَى الْأَوَّلِ قَالَ مُحَمَّدٌ: هَذَا فِيمَا يُشْتَرَى بِعَيْنِهِ أَمَّا مَا يُسَلَّمُ فِيهِ فَعُهَدَتُهُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ إِذَا بِيعَ قَبْلَ قَبْضِهِ مِمَّا يَجُوزُ بَيْعُهُ

(8/67)


(الْبَاب الثَّالِث فِي التَّنَازُع)
وَهُوَ إِمَّا بَيْنَهُمَا أَوْ بَيْنَ أَجْنَبِيٍّ وَبَيْنَهُمَا فَهَذِهِ فَصْلَانِ
3

- (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي التَّنَازُعِ بَيْنَهُمَا)
وَفِيهِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ فَرْعًا: الْأَوَّلُ فِي الْجَوَاهِرِ: أَصْلُ الْمُتَفَاوِضَيْنَ أَنَّ مَا بِأَيْدِيهِمَا عَلَى مَا شَهِدَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ مِنَ الْأَجْزَاءِ فَإِنْ لَمْ تُعَيِّنْ جُزْءًا حُمِلَ عَلَى النِّصْفِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الِاخْتِصَاصِ الثَّانِي فِي الْجَوَاهِرِ: لِكُلِّ وَاحِدٍ الْبَيْعُ بِالدَّيْنِ وَالِابْتِيَاعُ مَا لَمْ يَحْظُرِ الْآخَرُ عَلَيْهِ الثَّالِثُ " مَا " بِيَدِهِ مَتَاعٌ مِنْ مَتَاعِ التِّجَارَةِ لِأَنَّهُ مِنْ مَتَاعِهَا وَلَوْ قَالَ فُلَانٌ شَرِيكِي ثُمَّ قَالَ حَدَثَتْ لِي هَذِهِ الدَّارُ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ لِصِدْقِ الِاسْمِ بِدُونِهَا وَإِنْ قَالَ فِي كُلِّ التِّجَارَةِ وَقَالَ الْآخَرُ بَلْ فِيمَا فِي يَدِيكَ دُونَ مَا فِي يَدِي صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ اخْتِصَاصُهُ بِمِلْكِ مَا فِي يَدَيْهِ وَإِنْ قَالَ فِي حَانُوتٍ فِي يَدَيْهِ فُلَانٌ شَرِيكِي فِيمَا فِيهِ ثُمَّ أَدْخَلَ فِيهِ عَدْلَيْنِ وَقَالَ لَيْسَا مِنَ الشَّرِكَةِ وَقَالَ الْآخَرُ قَدْ كَانَا فِي الْحَانُوتِ يَوْمَ إِقْرَارَهِ صُدِّقَ هَذَا لِأَنَّ الْإِقْرَارَ مُسْتَصْحَبٌ عَلَى مَا فِي الْحَانُوتِ إِلَّا أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ بِخِلَافِهِ وَعَنْ أَشْهَبَ يُصَدَّقُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ تَنَاوُلِ الْإِقْرَارِ لَهُ

(8/68)


الرَّابِع فِي الْكتاب: إِن ادَّعَى شِرَاءَ سِلْعَةٍ ثُمَّ ضَيَاعَهَا صُدِّقَ لِأَنَّهُ أَمِين الْخَامِس قَالَ: إِذا جحد أحد المفاوضين الْمَالَ وَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً فَهَلَكَ الْمَالُ بِيَدِ الْجَاحِدِ فِي الْخُصُومَةِ ضَمِنَ حِصَّةَ الْآخَرِ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ بِمَنْعِهِ السَّادِسُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا قَدَّمَ شَرِيكٌ بِيَدِهِ أَمْوَالٌ يَقُولُ هِيَ وَدَائِعُ أَوْ هِيَ عُرُوضٌ فَقَالَ دُفِعَتْ لِي لِأَبِيعَهَا فَقُلْتُ لَهُ اذْكُرِ اسْمَ أَرْبَابِهَا فَإِنْ سَمَّاهُمْ وَحَلَفُوا أَخَذُوا وَإِنْ نَكَلُوا أخذُوا نصيب الْمقر وَحده مواخذة لَهُ بِإِقْرَار وَإِن لم يسم فَذَلِك بَيْنكُمَا قَالَ بغض الْقَرَوِيِّينَ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ أَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى عَدَالَةِ الْمُقِرِّ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ شَاهِدًا وَيَنْبَغِي قَبُولُ إِقْرَارِهِ لمن لَا يتهم عَلَيْهِ وَيحْتَمل التَّحْلِيف اسْتِبْرَاء وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا قَالَ عِنْدَ الْمُحَاسَبَةِ جَعَلْتُ فِي مَالِ الشَّرِكَةِ مَالًا يَحْلِفُ شَرِيكُهُ عَلَى الْبَتّ مَاله فِيهِ شَيْءٌ وَلَا جَعَلَ فِيهِ شَيْئًا وَالْمَالُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِصْحَابُ الْمُفَاوَضَةِ عَلَى جَمِيعِ مَا بِيَدِهِ السَّابِعُ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا ادَّعَى الْمُفَاضَلَةَ فَقَالَ لَكَ الثُّلُثُ وَلِي الثُّلُثَانِ وَقُلْتَ النِّصْفَ وَلَيْسَ الْمَالُ بِيَدِ أَحَدِكُمَا دُونَ الْآخَرِ لَهُ النِّصْفُ لِأَنَّكَ سَلَّمْتَهُ وَلَكَ الثُّلُثُ لِأَنَّهُ سَلَّمَهُ وَتَقْتَسِمَانِ السُّدُسَ نِصْفَيْنِ لِوُقُوعِ التَّنَازُعِ فِيهِ وَقَالَ أَشْهَبُ: الْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا لِأَنَّهُ ظَاهِرُ الْمُفَاوَضَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانُوا ثَلَاثَة فَادّعى الثَّالِث الثُّلُث يقسم بَينهم المَال أَثْلَاثًا عِنْدَهُ لِتَسَاوِيهِمْ فِي الْحِيَازَةِ وَالْأَيْمَانِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَتِ الدَّعَاوِي قَالَ مُحَمَّدٌ: فَلَوِ ادَّعَى أَحَدُهُمُ الثُّلُثَيْنِ وَقَالَ لَكُمَا الثُّلُثُ وَقَالَ الْآخَرُ لِي النِّصْفُ وَلَكُمَا النِّصْفُ وَقَالَ الْآخَرُ لِكُلِّ وَاحِدٍ منا الثُّلُث يضْرب كل وَاحِدٍ بِحِصَّةِ دَعْوَاهُ فَيُقَسَّمُ الْمَالُ عَلَى تِسْعَةٍ لِمُدَّعِي الثُّلُثَيْنِ أَرْبَعَةٌ وَلِمُدَّعِي النِّصْفِ ثَلَاثَةٌ وَلِمُدَّعِي الثُّلُثِ اثْنَانِ وَالَّذِي يَجْرِي عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنْ يُسَلِّمَ صَاحِبُ النِّصْفِ وَصَاحِبُ الثُّلُثِ السُّدُسَ لِصَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ لِعَدَمِ الْمُنَازَعَةِ فِيهِ وَتَبْقَى خَمْسَةُ أَسْدَاسٍ ادَّعَى صَاحِبُ الثُّلُثَيْنِ ثَلَاثَةَ أَسْدَاسٍ وَصَاحِبُ النِّصْفِ وَصَاحِبُ الثُّلُثِ يَدَّعِيَانِ الْجَمِيعَ فَتُقَسَّمُ هَذِه الْخَمْسَة الأسداس نِصْفَيْنِ لِصَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ سَهْمَانِ

(8/69)


وَنِصْفُ سُدُسٍ وَذَلِكَ عَشَرَةُ أَسْهُمٍ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ وَيَبْقَى مِنَ الْمَالِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ سَهْمًا يَدَّعِي صَاحِبُ النِّصْفِ أَنَّ لَهُ مِنْهَا اثْنَيْ عَشَرَ الَّتِي هِيَ نِصْفُ جَمِيعِ الْمَالِ وَأَنَّ السَّهْمَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ لَا شَيْءَ فِيهِمَا لَهُ فَيُدْفَعَانِ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ وَيَدَّعِي صَاحِبُ الثُّلُثِ أَنَّ لَهُ مِنَ الْأَرْبَعَةِ عَشَرَ ثَمَانِيَةٍ الَّتِي هِيَ ثُلُثُ جَمِيعِ الْمَالِ وَأَنَّ السِّتَّةَ الْبَاقِيَةَ لِصَاحِبِ النِّصْفِ لَا شَيْءَ لَهُ فِيهَا فَتُدْفَعُ السِّتَّةُ لِصَاحِبِ النِّصْفِ فَتَبْقَى سِتَّةٌ يَدَّعِيهَا صَاحِبُ الثُّلُثِ مَعَ الِاثْنَيْنِ الَّتِي بِيَدِهِ وَيَدَّعِيهَا صَاحِبُ النِّصْفِ مَعَ السِّتَّةِ الَّتِي سَلَّمَهَا لَهُ صَاحِبُ الثُّلُثِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَّعِي هَذِهِ السِّتَّةُ فَتُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ يَحْصُلُ لِمُدَّعِي النِّصْفِ تِسْعَةُ أَسْهُمٍ وَلِمُدَّعِي الثُّلُثِ خَمْسَةُ أَسْهُمٍ وَلِمُدَّعِي الثُّلُثَيْنِ عَشَرَةُ أَسْهُمٍ فَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ سَهْمًا فَلَوِ ادَّعَى أَحَدُهُمْ جَمِيعَ الْمَالِ وَالْآخَرُ النِّصْفَ وَالْآخَرُ الثُّلُثَ قَالَ مُحَمَّدٌ: يُسَلِّمُ مُدَّعِي الثُّلُثِ وَمُدَّعِي النِّصْفِ السُّدُسَ لِصَاحِبِ الْكُلِّ ثُمَّ صَارَ الْكُلُّ يَدَّعِي الْخَمْسَةَ الْبَاقِيَةَ وَالْآخَرَانِ يَدَّعِيَانِهَا فَتُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ نِصْفَيْنِ لِصَاحِبِ الْكُلِّ عَشَرَةُ قَرَارِيطَ وَلِلْآخَرَيْنِ عَشَرَةُ قَرَارِيطَ وَصَاحِبُ الثُّلُثِ لَا يَدَّعِي فِي هَذِهِ الْعَشَرَةِ إِلَّا ثَمَانِيَةً فَسَلَّمَ اثْنَيْنِ لِصَاحِبِ النِّصْفِ ثُمَّ تُقَسَّمُ الثَّمَانِيَةُ بَيْنَ الْآخَرَيْنِ نِصْفَيْنِ لِتَسَاوِي دَعْوَاهُمَا وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ سَلَّمَ مُدَّعِي الثُّلُثِ لِصَاحِبِ الْكُلِّ الثُّلُثَيْنِ ثُمَّ نَازَعَ الْآخَرُ فِي الثُّلُثِ فَيُقَسَّمُ بَينهمَا نِصْفَيْنِ ثمَّ يَقُول صَاحب النِّصْفِ سَلِّمْ لِي مَا زَادَ عَلَى النِّصْفِ وَهُوَ الثُّلُث لأخذ السُّدُسِ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: يُقَسَّمُ الْمَالُ بَيْنَهُمْ عَلَى سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ لِمُدَّعِي الْكُلِّ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَلِمُدَّعِي النِّصْفِ سَبْعَةُ أَسْهُمٍ وَلِمُدَّعِي الثُّلُثِ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ لِأَنَّ مُدَّعِيَ النِّصْفِ وَالثُّلُثِ أَقَرَّا بِتَسْلِيمِ النِّصْفِ لِصَاحِبِ الْكُلِّ وَأَقَرَّ صَاحِبُ الثُّلُثِ بِتَسْلِيمِ السُّدُسِ فَيِتَدَاعَيَاهُ مُدَّعِي الْكُلِّ وَمُدَّعِي النِّصْفِ فَيُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَيَصِيرُ لِمُدَّعِي الْكُلِّ سَبْعَةٌ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ وَلِمُدَّعِي النِّصْفِ سَهْمٌ ثُمَّ يُقَسَّمُ الثُّلُثُ بِالسَّوِيَّةِ فَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ سَهْمٌ وَثُلُثٌ فَيَصِيرُ لِمُدَّعِي الْكُلِّ ثَمَانِيَةٌ وَثُلُثٌ وَلِمُدَّعِي النِّصْفِ سَهْمَانِ وَثُلُثٌ وَلِمُدَّعِي الثُّلُثِ سَهْمٌ وَثُلُثُ فَتَضْرِبُ الِاثْنَيْ عَشَرَ فِي

(8/70)


مَخْرَجِ الثُّلُثِ لِتَسْلَمَ السِّهَامُ فَتَكُونَ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ وَطَرِيقُ مُحَمَّدٍ أَبْيَنُ لِأَنَّ مُدَّعِيَ النِّصْفِ وَمُدَّعِيَ الثُّلُثِ لَا يُسَلِّمَانِ لِمُدَّعِي الْكُلِّ إِلَّا السُّدُسَ وَقَالَ ابْنُ مُيَسِّرٍ: لِصَاحِبِ الْكُلِّ سِتَّةُ أَسْهُمٍ وَلِصَاحِبِ النِّصْفِ ثَلَاثَةٌ وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ سَهْمَانِ فَيُقَسَّمُ الْمَالُ بَيْنَهُمْ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا وَهُوَ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ وَهُوَ عَلَى عَوْلِ الْفَرَائِضِ وَالْوَصَايَا كَمَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِمَالِهِ وَلِآخَرَ بِبَعْضِ مَالِهِ وَلِآخَرَ بِثُلُثِهِ فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمْ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا بِاتِّفَاقٍ فَكَذَلِكَ هَاهُنَا الثَّامِنُ قَالَ سَحْنُونٌ: إِذَا قَالَ فُلَانٌ شَرِيكِي وَلَمْ يَقُلْ فِي جَمِيعِ الْمَالِ وَلَا مُفَاوِضٌ فَإِنْ خَصَّصَ مَالًا فِي الْإِقْرَارِ وَكَانَ كَلَامًا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى شَيْءٍ أُتْبِعَ ذَلِكَ وَإِلَّا شَرِكَهُ فِي جَمِيعِ الْمَالِ لِأَنَّ ظَاهِرَ الشَّرِكَةِ التَّسَاوِي التَّاسِعُ قَالَ إِذا قَالَ شركك فِي هَذِهِ السِّلْعَةِ وَلَمْ يُسَمِّ ثُمَّ اخْتَلَفَا بَعْدَ الْخَسَارَةِ فَالْمُشْتَرِي مُدَّعٍ وَيُصَدَّقُ الْآخَرُ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ مُدَعًى عَلَيْهِ الْخَسَارَةُ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِمَا لَا يَعْرِفُ وَإِنْ رَبِحَا فِيهَا فَقَالَ الْمُشْتَرِي أَشْرَكْتُكَ بِالسُّدُسِ وَقَالَ الْآخَرُ بِالنِّصْفِ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الْآخَرَ مُدَّعٍ نَقْلَ مَالِ الْآخَرِ إِلَيْهِ قَالَهُ مَالِكٌ فَإِنْ قَالَا لَمْ نَنْوِ شَيْئًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَنِصْفَانِ فَإِنْ كَانَتِ السِّلْعَةُ قَائِمَةً قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي فِيمَا يَدَّعِيهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عدم انْتِقَال ملكه وَفِي الْوَاضِحَة: عَن سَأَلَهُ مَنْ يَلْزَمُهُ أَنْ يُشْرِكَهُ صُدِّقَ مُدَّعِي النِّصْفِ كَانَتْ قَائِمَةً أَوْ فَائِتَةً بِزِيَادَةٍ أَوْ خُسْرَانٍ فَإِنْ كَانَ لَا يَلْزَمُهُ إِشْرَاكُهُ فَكَمَا تَقَدَّمَ يُصَدَّقُ مُدَّعِي الْأَقَلِّ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْعُهْدَةَ فِي الْأُولَى عَلَى الْبَائِعِ وَفِي الثَّانِيَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي الْعَاشِرُ قَالَ: إِذَا أَرَادَ شِرَاءَ سِلْعَةٍ لِلتِّجَارَةِ فَوَقَفَ آخَرٌ سَاكِتًا فَلَمَّا وَجَبَ الْبَيْعُ طَلَبَ الدُّخُولَ مَعَهُ فَأَبَى قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ: إِنْ كَانَ شِرَاؤُهُ لِلْبَعْضِ أُجْبِرَ عَلَى الشَّرِكَةِ بِخِلَافِ مَنِ اشْتَرَى بِمَنْزِلِهِ أَو ليخرج بهَا إِلَى بلد آخر لَيْلًا يَفْسُدَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِذَا لَمْ يقْض بِهَذَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إِنَّمَا قَالَ

(8/71)


مَالك فِي تجار أهل تِلْكَ السعلة وَأَهْلِ سُوقِهَا كَانَ مُشْتَرِيهَا مَنْ أَهَلِ التِّجَارَةِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ إِذَا اشْتَرَاهَا لِلتِّجَارَةِ وَقَدْ قَضَى عُمَرٌ بِذَلِكَ الْحَادِيَ عَشَرَ قَالَ: إِذَا سُئِلَ الشَّرِكَةَ عِنْدَ الْبَيْعِ وَسَكَتَ لَا يُحْتَجُّ عَلَيْهِ بِسُكُوتِهِ وَيُصَدَّقُ وَلَوْ قَالَ لَا أَفْعَلُ فَسَكَتُوا وَقَالُوا أَرَدْنَا بِسُكُوتِنَا تَخْفِيضَ السِّعْرِ لَا يَنْفَعُهُمْ ذَلِكَ قَالَ أَصْبَغُ: وَمَتَى يُسْتَدَلُّ عَلَى كذبه بِكَثْرَة تِلْكَ السعلة وَأَنَّ مِثْلَهَا تُشْتَرَى لِلتِّجَارَةِ قُبِلَ قَوْلُ مَنِ ادَّعَى أَنَّهَا لِلتِّجَارَةِ دُونَ الْقِنْيَةِ الثَّانِيَ عَشَرَ قَالَ قَالَ سَحْنُونٌ: لَكُمَا سَفِينَةٌ تُرِيدُ حَمْلَ مَتَاعِكَ وَلَيْسَ لِصَاحِبِكَ مَا يَحْمِلُهُ فَلَكَ الْحَمْلُ وَلَا يُقْضَى لَهُ بِكِرَاءٍ وَلَوْ طَلَبَهُ بَلْ يَحْمِلُ مِثْلَ مَا حَمَلْتَهُ وَإِلَّا بِيعَ الْمَرْكَبُ عَلَيْكُمَا لِأَنَّ مُقْتَضَى الشَّرِكَةِ الِانْتِفَاعُ بِالْعَيْنِ الْمُشْتَرَكَةِ لَا لُزُومُ كِرَاءٍ الثَّالِثَ عَشَرَ قَالَ ضَاعَ الْمَالُ مِنِّي ثَمَّ قَالَ دَفَعْتُهُ لِلشَّرِيكِ ثُمَّ " قَالَ " إِنَّ مَا دَفَعْتُهُ مِنْ مَالِي بَعْدَ الضَّيَاعِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُصَدَّقُ وَأَرَاهُ ضَامِنًا لِأَنَّ اضْطِرَابَهُ تُهْمَةٌ وَلَوْ قَالَ لَهُ شركاؤه أَعْطَانَا ثَمَنَ مَا بِعْتَ فَقَالَ هُوَ فِي كُمِّي فَذَهَبَ ثُمَّ أَتَى فَقَالَ قُطِعَ مِنْ كُمِّي قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَضْمَنُ إِذَا سَأَلُوهُ فَلَمْ يُعْطِهِمْ لِأَنَّهُ فَرَّطَ
3

- (الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْمُنَازَعَةِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ أَجْنَبِيٍّ)
وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُرُوعٍ: الْأَوَّلُ فِي الْجَوَاهِر: مهما قضى أَحدهمَا الْغَرِيم بَرِيء وَإِنْ كَانَ غَيْرَ الَّذِي عَامَلَهُ لِأَنَّ يَدَهُمَا كَيَدِ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَكَذَلِكَ إِذَا رَدَّ لَهُ مَا أَوْدَعَهُ شَرِيكُهُ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ وَلِلْبَائِعِ اتِّبَاعُ أَيِّهِمَا شَاءَ بِالثَّمَنِ أَوِ الْقِيمَةِ فِي فَوْتِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَإِنِ افْتَرَقَا

(8/72)


قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِ دَيْنِهِ عَلَيْهِمَا وَإِنْ قَضَى أَحَدُهُمَا بَعْدَ الِافْتِرَاقِ عَالِمًا بِهِ لَمْ يَبْرَأْ من حِصَّة الآخر أَو غير عَالم بَرِيء مِنْهُمَا جَمِيعًا الثَّانِي فِي الْكِتَابِ: إِذَا مَاتَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ فَأَقَرَّ الْحَيُّ أَنَّهُمَا رَهَنَا مَتَاعًا مِنَ الشَّرِكَةِ عِنْدَ فُلَانٍ وَقَالَ وَرَثَةُ الْهَالِكِ بَلْ أَوْدَعْتَهُ أَنْتَ إِيَّاهُ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ شَاهِدِهِ الْحَيِّ فَإِنْ نَكَلَ فَلَهُ حِصَّةُ الْمُقِرِّ رَهْنًا كَمَا إِذَا أَقَرَّ أَحَدُ الْوَرَثَةِ بِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ فَإِنَّ صَاحِبَ الدَّيْنِ يَحْلِفُ فَإِنْ نَكَلَ أَخَذَ مِنَ الْمَقَرِّ مَا يَنُوبُهُ مِنَ الدَّيْنِ مُوَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: يُصَدَّقُ الشَّرِيكُ وَكَذَلِكَ إِقْرَارُ أَحَدِهِمَا بِدَيْنٍ بَعْدَ التَّفَرُّقِ وَيَلْزَمُهُمَا فِي أَمْوَالِهِمَا لِأَنَّهُمَا كَالرَّجُلِ الْوَاحِدِ وَقَوْلُ ابْنُ الْقَاسِمِ تَلْزَمُ الْمُقِرُّ حِصَّتَهُ يُرِيدُ إِذَا لَمْ يَحْلِفِ الْمَشْهُودُ لَهُ وَقَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ: اخْتُلِفَ فِي شَهَادَةِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فَأَجَازَهَا هَاهُنَا مَعَ أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ لَغُرِّمَ جَمِيعَ الْمَالِ الَّذِي أَقَرَّ أَنَّ الْمَتَاع رَهْنٌ فِيهِ لِأَنَّهُ حَمِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ بِنِصْفِهِ وَإِذَا كَانَ صَاحِبُ الدَّيْنِ يَقْدِرُ عَلَى الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ مَيْتًا جَازَتْ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَطْلُوبٍ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ مَطْلُوبٌ وَلَيْسَ هَذَا بِبَيِّنٍ لِأَنَّ الطَّالِبَ يَقُولُ لَا يَلْزَمُنِي أَنْ أَحْلِفَ لِأَنَّنِي يُمْكِنُنِي أَخْذُ حَقِّي بِغَيْرِ يَمِينٍ وَقِيلَ إِقْرَارُهُ بَعْدَ الْمَوْتِ جَائِزٌ عَلَى الشَّرِيكِ الثَّالِثُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا كَانَ بِيَدِهِمَا دَارٌ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا لِثَالِثٍ بِنِصْفِهَا وَأَنْكَرَ الْآخَرُ وَقَالَ هِيَ بَيْننَا نِصْفَانِ أولى ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا وَلَكَ الرُّبُعُ أَوْ جَمِيعُهَا لِي فَإِن قَالَ نصفهَا حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ وَكَانَ نِصْفُهَا لَهُ وَنِصْفُهَا لِلْمُقِرِّ وَلِلْمُقَرِّ لَهُ وَإِنْ قَالَ لَكَ رُبُعُهَا وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا لِي حَلَفَ الْمُقِرُّ وَلَهُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ وَلَا شَيْءَ لِلْمُقَرِّ لَهُ لِأَنَّ مَا أَقَرَّ لَهُ بِهِ لَا شَيْءَ لَهُ فِيهِ وَلَا يَدَ لَهُ عَلَيْهِ فَشَرِيكُهُ أَحَقُّ بِهِ إِذَا ادَّعَاهُ لِأَنَّ يَدَهُ عَلَيْهِ؛ وَإِنْ قَالَ جَمِيعُهَا لِي دُونَكُمَا فَلِلْمُقرِّ حَظُّ الْمُقَرِّ لَهُ وَهُوَ النِّصْفُ ثُمَّ يُقَسِّمُ الشَّرِيكَانِ النِّصْفَ الْآخَرَ بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا وَفِي صِفَةِ الْقِسْمَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ عَلَى قَدْرِ الدَّعْوَى أَثْلَاثًا وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَرْبَاعًا لِلْمُنْكِرِ نصف النّصْف بِإِقْرَار شَرِيكه لَهُ ثمَّ يقسمان النِّصْفَ الْآخَرَ بَيْنَهُمَا بِالسَّوَاءِ لِتَسَاوِي دَعْوَاهُمَا فَلِلْمُقِرِّ ثَمَنُ جَمِيعِ الدَّارِ وَالْبَاقِي لِلْمُنْكِرِ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ النِّصْفُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ لِأَنَّ يَدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى مَا يَدَّعِيهِ فَإِنْ قَالَ النِّصْفُ لِي وَالنِّصْفُ لِفُلَانٍ وَيَدَكَ مَعِي

(8/73)


عَارِيَةٌ مِنْهُ أَوْ بِإِجَارَةٍ وَقَالَ الْآخَرُ لَا شَيْء لفُلَان وَهِي بَيْننَا نِصْفَانِ أولي ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا أَوْ هِيَ لِي دُونَكُمَا صُدِّقَ الْمُنْكِرُ مَعَ يَمِينِهِ وَلَيْسَ لِلْمُقَرِّ لَهُ فِي جَمِيع هَذِه الأسولة (كَذَا) شَيْءٌ لِأَنَّ الْمُقِرَّ لَمْ يُقِرَّ لَهُ بِشَيْءٍ مِمَّا فِي يَده بَلْ بِمَا فِي يَدِ غَيْرِهِ وَالْإِقْرَارُ عَلَى الْغَيْرِ غَيْرُ مَقْبُولٍ ثُمَّ يَعُودُ الْمَقَالُ فِيمَا بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ فَإِنْ قَالَ الْمُنْكِرُ بَلِ الدَّارُ بَيْنَنَا نِصْفَانِ حَلَفَ الْمُنْكِرُ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَكَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُقِرِّ نِصْفَيْنِ وَإِنْ قَالَ إِنَّمَا لَك ربعهَا حلف يمينين يَمِينا للْمقر أَلا سيء لَهُ فِيهَا وَيَكُونُ لَهُ نِصْفُ الْمُقِرِّ لَهُ وَيكون ربعهَا للْآخر لَا تقاقهما أَنَّهُ لَهُ وَيَبْقَى رُبُعٌ يَتَحَالَفَانِ وَيُقَسِّمَانِهِ فَإِنْ قَالَ الْمُنْكِرُ بَلْ جَمِيعُهَا لِي حَلَفَ أَيْضًا يَمِينًا لِلْمُقَرِّ لَهُ وَيَكُونُ لَهُ نِصْفُهُ ثُمَّ يَتَحَالَفَانِ فِي نِصْفٍ وَيَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَمَتَى كَانَ الْمَقِرُّ عَدْلًا جَازَتْ شَهَادَتُهُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَا يَدْفَعُ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ

(8/74)