الذخيرة
للقرافي (
كتاب الرهون)
فِي التَّنْبِيهَاتِ: الرَّهْنُ اللُّزُومُ وَكُلُّ شَيْءٍ مَلْزُومٌ
فَهُوَ رَهْنٌ وَهَذَا رَهْنٌ أَيْ مَحْبُوسٌ دَائِمٌ لَكَ وَكُلُّ شَيْءٍ
ثَبَتَ وَدَامَ فَقَدْ رُهِنَ وَيُسَمَّى آخِذُ الرَّهْنِ مُرْتَهِنًا -
بِكَسْرِ الْهَاءِ - وَيَنْطَلِقُ عَلَى الرَّاهِنِ لِأَنَّهُ سَبِيلُ
الرَّهْنِ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: يَجُوزُ رَهَنْتُهُ وَأَرْهَنْتُهُ
رَهْنًا وَجَمْعُهُ رِهَانٌ كَحَبْلٍ وحبال وَيُقَال رهن - بضَمهَا -
جَمْعًا لِرِهَانٍ مِثْلَ فِرَاشٍ وَفُرُشٍ وَرَهَنَ مَعْنَاهُ دَامَ
وَثَبت والراهن الثَّابِت والراهن الْمَعْزُول مِنَ الْإِبِلِ وَالنَّاسِ
وَأَرْهَنْتُ فِي السِّلْعَةِ غَالَيْتُ فِيهَا وَأَرْهَنْتُ فِيهَا أَيْ
أَسْلَفْتُ فِيهَا وَأَصْلُهُ قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى
سَفَرٍ وَلَمْ تَجدوا كَانَتَا فرهان مَقْبُوضَة} وَعَلَى جَوَازِهِ فِي
الْحَضَرِ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ اشْتَرَى
طَعَامًا بِثَمَنٍ إِلَى أَجَلٍ وَرَهَنَ فِيهِ دِرْعَهُ وَهُوَ
بِالْمَدِينَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْإِجْمَاعُ عَلَيْهِ سَفَرًا
وَحَضَرًا إِلَّا مُجَاهِدٌ مَنَعَهُ فِي الْحَضَرِ بِمَفْهُومِ قَوْله
تَعَالَى {وَإِنْ كُنْتُم على سفر} فَشَرَطَ السَّفَرَ وَجَوَابُهُ
إِنَّمَا خَصَّصَ السَّفَرَ لِغَلَبَةِ فِقْدَانِ الْكَاتِبِ الَّذِي هُوَ
الْبَيِّنَةُ فِيهِ تَنْبِيهٌ إِنَّمَا رَهَنَ عِنْدَ الْيَهُودِيِّ
حَذَرًا مِنْ مُسَامَحَةِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ إِبْرَائِهِمْ وَهُوَ
يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الشِّرَاءِ بِالنَّسِيئَةِ وَعَلَى جَوَازِهِ فِي
الدُّيُونِ وَعَلَى جَوَازِ مُعَامَلَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَإِنْ كَانَتْ
أَمْوَالُهُمْ لَا تَخْلُو عَنْ ثَمَنِ الْخُمُورِ وَالرِّبَا قَالَ
صَاحِبُ الْقَبَسِ: لَمْ يَصِحَّ إِلَّا حَدِيثَانِ: هَذَا وَفِي
البُخَارِيّ الرَّهْن محلوب ومركوب ويركب بِنَفَقَتِهِ
(8/75)
وَيُحْلَبُ بِنَفَقَتِهِ وَآخَرُ
أَرْسَلَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: لَا
يُغْلَقُ الرَّهْنُ غَيْرَ أَنَّ الْفُقَهَاءَ اتَّفَقُوا عَلَى الْأَخْذِ
بِهِ وَزَادَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِيهِ لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ الرَّهْنُ
مِنْ رَاهِنِهِ الَّذِي رَهَنَهُ لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ ويعارض
حَدِيثَ الْبُخَارِيِّ الْمُتَقَدِّمِ حَيْثُ جَعَلَهُ مَحْلُوبًا
وَمَرْكُوبًا بِنَفَقَتِهِ وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَنَافِعَ
الرَّاهِنِ وَقَالَ (ح) هِيَ عُطْلٌ لِلْحَيْلُولَةِ بَيْنَ الرَّاهِنِ
وَالرَّهْنِ وَعَدَمِ مِلْكِ الْمُرْتَهِنِ فَلَا تَكُونُ لِوَاحِدٍ
مِنْهُمَا وَيرد عَلَيْهِ حَدِيث البُخَارِيّ: لَهُ غُنْمُهُ الْحَدِيثَ
وَنَهْيُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ وَلِأَنَّ
الرَّاهِنَ مَالِكٌ إِجْمَاعًا فَهُوَ أَحَقُّ بِمَنَافِعِ مِلْكِهِ
وَقَالَ (ش) يَسْتَوْفِيهِمَا الرَّاهِنُ عِنْد نَفسه وَقَوله عَلَيْهِ
السَّلَام يركب بنفقتها وَيُحْلَبُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ
عَادَتَهُمْ أَوْ برضى المتراهنين وَمعنى لَا يغلق الرَّهْن لَا يَذْهَبُ
هَدَرًا لِقَوْلِ الشَّاعِرِ وَهُوَ زُهَيْرٌ:
(وَفَارَقَتْكَ بِرَهْنٍ لَا فِكَاكَ لَهُ ... يَوْمَ الْوَدَاعِ فَأَمْسَى
الرَّهْنُ قَدْ غَلِقَا)
أَيْ ذَهَبَ بِغَيْرِ جَبْرٍ وَفِي ذَلِكَ أَحْوَالٌ: أَحَدُهَا تَفْسِيرُ
مَالِكٍ هَذَا وَثَانِيهَا يَهْلِكُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ فَهَلْ يَضْمَنُ
بِقِيمَتِه؟ قَالَ (ح) أَوْ لَا؟ قَالَهُ (ش) أَوْ يُفَرَّقُ بَين مَا يغيب
عله وَغَيْرِهِ قَالَهُ مَالِكٌ قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ: مُرْسَلُ
الْمُوَطَّأ مُتَّصِل من طرق ثَابِتَة وَرِوَايَته يضم الْقَافِ عَلَى
الْخَبَرِ أَيْ لَا يَذْهَبُ بَاطِلًا فَيَقُولُ إِنْ لَمْ آتِكَ
بِالدَّيْنِ فَالرَّهْنُ لَكَ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ لَا تُجِيزُ
الْعَرَبُ غَلِقَ ضَاعَ بَلْ إِذَا اسْتَحَقَّهُ الْمُرْتَهِنُ فَذَهَبَ
بِهِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَجَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ قَالَ
الْخَطَّابِيُّ قَالَ أَحْمَدُ: لِلْمُرْتَهِنِ حَلْبُ الرَّهْنِ
وَرُكُوبُهُ بِقَدْرِ النَّفَقَةِ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَقَالَ أَبُو
ثَوْرٍ: إِنْ لَمْ يُنْفِقِ الْمُرْتَهِنُ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا
لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَعَلَى الَّذِي يَرْكَبُ وَيَحْلِبُ
نَفَقَتُهُ وَقَالَ (ش) الْمَنَافِعُ
(8/76)
لِلرَّاهِنِ اتَّفَقَ أَمْ لَا وَمَعْنَى
الْحَدِيثِ أَنَّ عَارِيَةَ الرَّهْنِ لَا تُبْطِلُ الرَّهْنَ لِصِحَّتِهِ
أَوْلًا وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ دَوَامَ الْقَبْضِ لَيْسَ شَرْطًا
فَائِدَةٌ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: يَغْلَقُ الرَّهْنُ - بِفَتْحِ اللَّامِ -
فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَكَسْرِهَا فِي الْمَاضِي وَغَلَقًا بِفَتْحِ
اللَّامِ فِي الْمَصْدَرِ قَالَ الْخَطَابِيُّ أَيْ لَا يَنْغَلِقُ
وَيَعْقِدُ حَتَّى لَا يَقْبَلَ الْفَكَّ بَلْ مَتَى أَدَّى الْحَقَّ
انْفَكَّ بِخِلَافِ الْمَبِيعِ لَا يَرْجِعُ أَصْلًا تَنْبِيهٌ يَجُوزُ
الرَّهْنُ وَلَا يَجِبُ خِلَافًا لِلظَّاهِرِيَّةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى
{فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ
أَمَانَته} وَلِأَنَّهُ جَعَلَهُ بَدَلَ الشَّهَادَةِ وَهِيَ لَا تَجِبُ
فَلَا يَجِبُ وَفِي الْكِتَابِ أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ
(8/77)
(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهِ)
الرُّكْنُ الْأَوَّلُ الْعَاقِدُ وَفِي الْجَوَاهِرِ: يَصِحُّ مِمَّنْ
يَصِحُّ مِنْهُ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ عَقْدٌ فَلَا يَرْهَنُ الْمَحْجُورُ
عَلَيْهِ وَلِلْمُكَاتَبِ والمأذون أَن يرهنا لِأَن لَهما مُطلق الصّرْف
وَلَا يَرْهَنُ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ إِلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ
تَحْقِيقًا لِلْمَصْلَحَةِ فَإِنِ اخْتَلَفَا نَظَرَ الْإِمَامُ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي رَهْنِ مَنْ أَحَاطَ
الدَّيْنَ بِمَالِهِ وَهُوَ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ التَّفْلِيسِ: قَالَ
فِي كِتَابِ التَّفْلِيسِ: مَا لَمْ يُفْلِسْ وَالْمُرْتَهِنُ أَحَقُّ
بِالرَّهْنِ مِنَ الْغُرَمَاءِ وَعَنْ مَالِكٍ الْكُلُّ سَوَاءٌ وَلَيْسَ
بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَمَّدْ ضَرَرَ الْغُرَمَاءِ وَقَدْ دَخَلُوا
عِنْدَ الْمُعَامَلَةِ عَلَى ذَلِكَ
3 -
(فَرْعٌ)
لِلْوَصِيِّ أَنْ يَرْهَنَ مَتَاعَ الْيَتِيمِ فِيمَا يَبْتَاعُ لَهُ مِنْ
كُسْوَةٍ أَوْ طَعَامٍ كَمَا يَسْتَلِفُ لَهُ حَتَّى يَبِيعَ بَعْضَ
مَتَاعِهِ وَذَلِكَ لَازِمٌ لِلْيَتِيمِ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ عُرُوضِهِ
بِمَا أَسْلَفَهُ رَهْنًا إِلَّا أَنْ يتسلف لَهُ مَنْ غَيْرِهِ خَاصَّةً
وَلَا يَكُونُ أَحَقَّ مِنَ الْغُرَمَاءِ لِأَنَّهُ حَائِزٌ مِنْ نَفْسِهِ
لِنَفْسِهِ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ عَلَى الْبَيْعِ أَخْذُ رهنٍ بِالثَّمَنِ كَمَا
لَيْسَ لَهُ الْبَيْعُ بِالدَّيْنِ إِلَّا
(8/78)
بِأَمْرِكَ فَإِنْ أَذِنْتَ لَهُ فِي
الْبَيْعِ فَارْتَهَنَ رهنا لَك قبُوله وتضمنه إِنْ تَلَفَ وَلَكَ رَدُّهُ
لِأَنَّهُ عَقْدٌ آخَرٌ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ الْإِذْنُ وَيَبْقَى الْبَيْعُ
وَإِنْ تَلَفَ قَبْلَ عِلْمِكَ ضَمِنَهُ وَلَا يَشْتَرِي عَامِلُ
الْقِرَاضِ بالدَّين عَلَى الْقِرَاضِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ
فَإِنِ اشْتَرَى بِجَمِيعِ الْمَالِ عَبْدًا ثُمَّ اشْتَرَى عَبْدًا
بِدَيْنٍ فَرَهَنَ فِيهِ الْأَوَّلُ امْتَنَعَ لِعَدَمِ الْإِذْنِ قَالَ
ابْنُ يُونُسَ: قَالَ أَشْهَبُ: إِنِ اشْتَرَى الثَّانِي لِنَفْسِهِ
أَتَاهُ برهنٍ غَيْرِهِ إِنْ لَمْ يَشْتَرِكْ عَيْنُهُ أَوْ لِلْقِرَاضِ
فَلِرَبِّ الْمَالِ إِجَازَتُهُ رَهْنًا أَوْ يَرُدُّ فَيَسْقُطُ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْبَيَان: إِذا ارْتهن من عِنْده فَقَامَ غُرماء الْعَبْدِ فَهُوَ
أَحَقُّ بِالرَّهْنِ إِنْ ثَبَتَ تَنْبِيهٌ: وَالدَّيْنُ قدرُ مَالِ
الْعَبْدِ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ لَضَعُفَ الرَّهْنُ
لِكَوْنِهِ مَالَهُ الرُّكْنُ الثَّانِي الْمَرْهُونُ: وَفِي الْجَوَاهِرِ:
شَرْطُهُ إِمْكَانُ الِاسْتِيفَاءِ مِنْهُ أَوْ مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ مِنْ
ثَمَنِ مَنَافِعِهِ الدَّيْنَ الَّذِي رُهِنَ بِهِ أَوْ بَعْضِهِ لِأَنَّهُ
حِكْمَةُ الرَّهْنِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ عَيْنًا فَيَصِحُّ
رَهْنُ الدَّيْنِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَيَجُوزُ
رَهْنُ الْمَشَاعِ وَلَا يُشْتَرَطُ صِحَّةُ بَيْعِهِ فِي الْحَالِ
كَالثَّمَرَةِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ أَخْذُ الْحَقِّ عِنْدَ الْأَجَلِ
وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ يَمْتَنِعُ مَا يَفْسُدُ بِنَفْسِهِ كَالْوَرْدِ
وَمَا لَا يَصح بَيْعه وَإِلَّا فيحوز قَالُوا وَيَمْتَنِعُ كَوْنُ
الْمَبِيعِ رَهْنًا سَوَاءٌ قُبِضَ وَرُهِنَ أَمْ لَا لِأَنَّهُ عِنْدَ
الشَّرْطِ لَيْسَ ملك الرَّاهِن وَلَهُم فِي الدَّين قَوْلَانِ عَلَى
جَوَازِ بَيْعِهِ أَوْ هُوَ غَرَرٌ لِتَوَقُّعِ عَدَمِ الدَّفْعِ
وَالْإِعْسَارِ وَمَنَعُوا رَهْنَ مَنْفَعَةِ الدَّارِ وَنَحْوِهَا
لِتَلَفِهَا قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَكَذَلِكَ فِي الدّين الْحَال لتوقع
تَأْخِير الْقَضَاءِ وجوَّزوا الْأُصُولَ دُونَ الثِّمَارِ وَبِالْعَكْسِ
بِجَوَازِ الْبَيْعِ فِيهِمَا وَمَنَعَهَا (ح) لِاتِّصَالِ الثَّمَرَةِ
بِمَا لَيْسَ بِرَهْنٍ وَهُوَ الْأُصُولُ فَأَشْبَهَ الْمُشَاعَ وَلِأَنَّ
الْأُصُولَ مَشْغُولَةٌ بِمِلْكٍ وَجَوَّزُوا الْأَمَةَ دُونَ وَلَدِهَا
لِبَقَاءِ الْمِلْكِ وَلَا تَفْرِقَةَ وَمَنَعُوا الْمُصْحَفَ وَكُتُبَ
الحَدِيث وَالْفِقْه وَالْعَبْد الْمُسلم من الْكَافِر وَكَذَلِكَ
الْكُرَاعُ وَالسِّلَاحُ مِنَ الْحَرْبِيِّ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا
يَنْبَغِي أَنْ يَمَسَّ مُصْحَفًا وَلَا هَذِهِ الْأُمُورُ لِتَوَقُّعِ
الْفَسَادِ بِسَبَبِهَا وَمَنَعَ (ح) الْمُسْتَعَارَ قِيَاسًا على
(8/79)
الْبَيْعِ وَجَوَّزَهُ (ش) مَعَنَا لِأَنَّ
الْمُعِيرَ أَذِنَ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْبَيْعَ يَعْتَمِدُ مَا يَسْتَقِرُّ
فِيهِ الْمِلْكُ وَلَا اسْتِقْرَارَ فِي الْمُعَارِ بِخِلَافِ الرَّهْنِ
وَأَنَّ مَقْصُودَهُ التَّرَفُّقُ قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ: يَجُوزُ رَهْنُ
مَا يَفْسَدُ مِنَ الْأَطْعِمَةِ الرَّطِبَةِ فَإِذَا خِيفَ عَلَيْهَا
بِيعَتْ وَأُقِيمَ ثَمَنُهَا مَقَامَهَا
3
-
(فَرْعٌ)
قَالَ اللَّخْمِيُّ: يُرْهَنُ الدَّيْنُ وَحِيَازَتُهُ بِحِيَازَةِ ذُكْرِ
الْحَقِّ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغَرِيمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ
ذُكْرُ حَقٍّ فَالْجَمْعُ كَافٍ وَيُشْهِدُ لَا يَقْضِيهِ غَرِيمُهُ حَتَّى
يَصِلَ الْمُرْتَهِنُ إِلَى حَقِّهِ وَأَنَّهُ إِنْ فَعَلَ كَانَ
مُتَعَدِّيًا وَيُغَرَّمُ الدَّيْنَ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ إِلَّا أَنْ
يَكُونَ حَقُّهُ أَقَلَّ فَإِنْ كَانَ الْغَرِيمُ غَائِبًا وَلَا ذُكْرَ
حَقٍّ كَفَى الْإِشْهَادُ وَفِيهِ خِلَافٌ وَيَصِحُّ رَهْنُكَ دَيْنًا فِي
ذِمَّتِكَ وَتَحُوزُهُ مِنْ نَفْسِكَ لِنَفْسِكَ وَلَا يَدْفَعُ إِلَيْكَ
ذُكْرُ الْحَقِّ لِأَنَّهُ يَخْشَى أَنْ يَجْحَدَهُ وَإِنْ بِعْتَهُ
بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ وَأَرْهَنْتَ دَيْنًا وَأَجَلُهُمَا سَوَاءٌ جَازَ
الْبَيْعُ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ حُلُولُ الْأَخِيرِ قَبْلُ فَإِنْ وَفَّى
الرَّاهِنُ وَإِلَّا بِيعَ الدَّيْنُ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ
طَعَامًا مِنْ سلم وَهُوَ حر لِأَنَّهُ بيع الطَّعَام قبل قَبضه فَإِن
كَانَ يحل أَجله قبل وَشرط بَقَاءَهُ لِحُلُولِ الدَّيْنِ الْآخَرِ
امْتَنَعَ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ وَإِنْ شَرَطَ إِيقَافَهُ عِنْدَ
عَدْلٍ جَازَ وَإِنْ سَكَتَا عَنْ إِخْرَاجِهِ وَإِيقَافِهِ جَازَ
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ الْمُشَاعُ مُطْلَقًا انْقَسَمَ أَمْ لَا
وَقَالَهُ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ وَمَنَعَهُ (ح) مِنَ الشَّرِيكِ وَغَيْرِهِ
وَمُدْرَكُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ دَوَامَ الْيَدِ هَلْ هِيَ لَيْسَتْ
شَرْطًا - قَالَهُ (ش) - فَلَا يَضُرُّ رُجُوعُ الْمُشْتَرِكِ لِلشَّرِيكِ
أَوْ هُوَ شَرْطٌ فَهَلْ يَضُرُّ كَأَخْذِ الشَّرِيكِ الْعَيْنَ
الْمُشْتَرَكَةَ فِي نَوْبَتِهِ قَالَهُ (ح) أَوْ لَا يَضُرُّ لِأَنَّهُ
يَجُوزُ الْجَمِيعُ إِنْ رَهَنَ عِنْدَ الشَّرِيكِ وَيَحِلُّ مَحَلَّهُ
إِنْ رَهَنَ عِنْدَ غَيْرِهِ قَالَهُ مَالِكٌ لَنَا: عُمُومُ الْآيَةِ فِي
الْمُشَاعِ وَغَيْرِهِ فَإِنْ قيل: قَوْله تَعَالَى {فرهان} نَكِرَةٌ فِي
سِيَاقِ الثُّبُوتِ فَلَا تَعُمُّ
(8/80)
قلت: سُؤال صَحِيح لَكِن نَعْنِي
بِالْعُمُومِ أَنَّهُ لَا فَارِقَ بَيْنَ الْمُشَاعِ وَغَيره إِلَّا
الإشاعة وَهِيَ لَا تَصْلُحُ فَارِقًا لِتَصَوُّرِ الْقَبْضِ بِمَا
ذَكَرْنَاهُ وَقِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ أَمَّا التَّمَسُّكُ بِالْعُمُومِ
الْوَضْعِيِّ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ لَا يزِيد فِي
الْعين على الْحق الْمَالِكِ فَكَمَا لَا تُنَافِي الْإِشَاعَةُ الْمِلْكَ
لَا تُنَافِي الرَّهْنَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَلِأَنَّهُمْ وَافَقُوا
عَلَى رَهْنِ الْجَمِيعِ مِنِ اثْنَيْنِ فِي عَقْدٍ فَيَجُوزُ فِي
عَقْدَيْنِ كَعَيْنَيْنِ احْتَجُّوا بِالْقِيَاسِ عَلَى النِّكَاحِ
فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ زَوَاجُ امْرَأَةٍ دُونَ جُزْئِهَا وَلِأَنَّ
مَقْصُودَ الرَّهْنِ التَّوَثُّقُ بِدَوَامِ الْيَدِ وَالْإِشَاعَةُ
تَمْنَعُ فَإِنَّ الْمُهَايَأَةَ مُسْتَحَقَّةٌ عِنْدَنَا بِالْإِجَازَةِ
مِنَ الْحَاكِمِ عَلَيْهَا عِنْدَنَا وَعِنْدَكُمْ بِأَنْ يَبْدَأَ
صَاحِبُهَا فنزول الْيَدُ فَلَا يَصِحُّ كَمَا لَوْ شَرَطَهُ يَوْمًا
رَهْنًا وَيَوْمًا لَا أَوْ نَقُولُ هُوَ غَيْرُ مُتَمَيِّزٍ فَلَا يَصِحُّ
كَمَا إِذَا رَهَنَهُ أَحَدَ الْعَبْدَيْنِ وَلِأَنَّ عُقُودَ الرِّفْقِ
تُفْسِدُهَا الْإِشَاعَةُ كَالْقَرْضِ وَالْقِرَاضِ وَقِيَاسًا عَلَى
الْكَفَالَةِ بِجَامِعِ التَّوَثُّقِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ
مَقْصُودَ النِّكَاحِ الْحِلُّ وَالْإِشَاعَةُ تُنَافِيهِ وَلَا تُنَافِي
التَّوَثُّقَ الَّذِي هُوَ مَقْصُودُ الرَّهْنِ لِأَنَّ زَوَاجَ امْرَأَةٍ
لِرَجُلَيْنِ بَاطِلٌ بِخِلَافِ رَهْنِ عَبْدٍ عِنْدَ اثْنَيْنِ وَعَنِ
الثَّانِي أَنَّ الْيَدَ مُسْتَمِرَّةٌ عِنْدَنَا بِمَنْعِ الرَّاهِنِ
رَهْنَ مَنْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى الْجَمِيعِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ
الْفَرْقَ تَعَذُّرُ الْبَيْعِ عِنْدَ حُلُولِ الدَّيْنِ فِي أَحَدِ
الْعَبْدَيْنِ وَقَبُولُ الْمُشَاعِ لَهُ وَعَنِ الرَّابِعِ الْفرق
يتَعَذَّر الْمُطَالَبَةِ وَلَا يَتَعَذَّرُ الْبَيْعُ فَإِنْ قَالُوا بَلْ
نَقِيسُ عَلَى الْكَفَالَةِ بِنِصْفِ الْبَدَنِ قُلْنَا: تَصِحُّ
الْكَفَالَةُ قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ لَوْ تَكَفَّلَ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ
وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا كَفِيلًا لِلْآخَرِ فَأَحْضَرَهُ أَحَدُهُمَا لَمْ
يَبْرَأِ الْآخَرُ تَفْرِيعٌ: قَالَ فِي الْكِتَابِ: يَقْبِضُ
الْمُرْتَهِنُ الْجَمِيعَ وَيَحِلُّ مَحَلَّ الرَّاهِنِ وَيَجُوزُ أَنْ
يَضَعَاهُ عَلَى يَدَيِ الشَّرِيكِ فَإِنْ أَرَادَ الشَّرِيكُ الْبَيْعَ
قَاسَمَهُ الرَّاهِنُ وَهُوَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنُ فَإِنْ غَابَ
الرَّاهِنُ قَسَّمَ الْإِمَامُ عَنْهُ لِأَنَّ لَهُ الْوِلَايَةَ فِي
أَمْوَالِ الْغَيْبِ قَالَ التُّونِسِيُّ: إِذَا ارْتَفَعَتْ يَدُ
الرَّاهِنِ وَصَارَتْ يَدُ الْمُرْتَهِنِ مَعَ الشَّرِيكِ صَحَّ الْحَوْزُ
وَقَالَ أَشْهَبُ: مَا يَنْتَقِلُ كَالْعَبْدِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ
بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ كُلِّهِ أَوْ عَلَى يَدِ
(8/81)
الشَّرِيكِ أَوْ غَيْرِهِمَا بِخِلَافِ مَا
لَا يَنْتَقِلُ لِعُسر حَوْزِهِ وَمَنَعَ أَشْهَبُ رَهْنَ الْمُشَاعِ
إِلَّا بِإِذْنِ الشَّرِيكِ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَدْعُوهُ إِلَى بَيْعِ
الْجَمِيعِ فَإِنْ كَانَتِ الدَّارُ كُلُّهَا لِلرَّاهِنِ فَقِيلَ يُمْنَعُ
حَتَّى يَقْبِضَ الْمُرْتَهِنُ الْجَمِيعَ أَوْ يَكُونَ عَلَى يَدِ عَدْلٍ
تَحْقِيقًا لِلْحَوْزِ وَقِيلَ تَكُونُ يَدُ الْمُرْتَهِنِ مَعَ الرَّاهِنِ
كَمَا يَقْبِضُ فِي الْبَيْعِ وَقَالَ أَشْهَبُ: إِذَا رَهَنْتَ نَصِيبَكَ
مِنَ الدَّارِ وَجَعَلْتَهُ عَلَى يَدِ الشَّرِيكِ وَرَهَنَ الْآخَرُ
نَصِيبَهُ وَجَعَلَهُ عَلَى يَدِ الشَّرِيكِ الرَّاهِنِ بَطَلَ رهنُهما
لِرُجُوعِ أَيْدِيهِمَا عَلَى الدَّارِ وَلَوْ جَعَلَ الثَّانِي نَصِيبَهُ
عَلَى يَدِ أَجْنَبِيٍّ بَطَلَ نَصِيبُ الَّذِي بَقِيَتْ يَدُهُ عَلَى
الدَّارِ وَعَلَى القَوْل الثَّانِي يتم نصِيبه لحوز أَجْنَبِي مَعَه
وَعَلَى هَذَا إِذَا رَهَنَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ ثُمَّ أَكْرَى نَصِيبَ
شَرِيكِهِ فَإِنْ بَقِيَتْ يَدُهُ مَعَ الْمُرْتَهِنِ بَطَلَ الرَّهْنُ
وَلَكِنْ يُقَاسِمُهُ وَيَكُونُ مَا أَكْرَى عَلَى يَدِ الْحَائِزِ وَعَنِ
ابْنِ الْقَاسِمِ إِنِ ارْتَهَنَ الدَّارَ فَأَكَرَاهَا مِنْ رَجُلٍ
بِإِذْنِ الرَّاهِنِ فَأَكَرَاهَا الْمُكْتَرِي مِنَ الرَّاهِنِ فَإِنْ
كَانَ الْمُكْتَرِي مِنْ نَاحِيَةِ رب الدَّار فسد الرَّاء وَالرَّهْنُ
أَوْ أَجْنَبِيًّا صَحَّ كَمَا تَقَدَّمَ حَوْزَهُ للرَّهْن وَهُوَ مقلوب
عَلَى رَدِّهِ لِيَدِ صَاحِبِهِ كَالْعَبْدِ إِذَا أَبِقَ بَعْدَ الْحَوْزِ
فَأَخَذَهُ الرَّاهِنُ واختُلف فِي رَهْنِ مَا أُكري هَلْ تَصِحُّ
حِيَازَتُهُ أَمْ لَا؟ وَفِي الْمُدَوَّنَة: إِذا شَرط الِانْتِفَاعَ
بِالرَّهْنِ لَا يَبْطُلُ الْحَوْزُ مَعَ أَنَّهُ مكتر لكنه فِي عَقْدٍ
وَاحِدٍ فَيَصِحُّ فِي عَقْدَيْنِ قَالَ صَاحب المتقى قَالَ أَشْهَبُ: لَا
يَجُوزُ رَهْنُ الْمُشَاعِ فِي المتنقل إِلَّا بِإِذن الشَّرِيك
كَالثَّوْبِ وَالسَّلَف وكل مَا لَا يَنْقَسِم لِأَنَّهُ يَمْنَعُ
صَاحِبَهُ بَيْعَ نَصِيبِهِ فَإِنْ لَمْ يَأْذَنِ انْتَقَضَ الرَّهْنُ
فَإِنْ أُذِنَ فَلَا رُجُوعَ وَلَا بَيْعَ إِلَّا بِشَرْطِ بَقَاءِ
الْجَمِيعِ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ وَلَا يَفْسُدُ بِذَلِكَ الْبَيْعُ وَإِنْ
بَعُدَ الْأَجَل لِأَنَّهُ يقدر على تسلميه كَالثَّوْبِ الْغَائِبِ إِذَا
بِيعَ عَلَى الصِّفَةِ قَالَ: وَمَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ الرَّهْنَ لَا
يَمْنَعُ مِنْ بَيْعِ الشَّرِيكِ نَصِيبَهُ بِأَنْ يُفْرِدَهُ بِالْبَيْعِ
أَوْ يَدْعُوهُ الرَّاهِنُ إِلَى الْبَيْعِ مَعَهُ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْجَلَّابِ: يَجُوزُ رَهْنُ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ وَهُوَ أَحَدُ
قَوْلَيْ (ش) لَنَا: الْقِيَاسُ عَلَى اشْتِرَاطِ الشُّهُودِ وَلَهُ
الْقِيَاسُ عَلَى الْأَجَلِ وَالثَّمَنِ بِجَامِعِ
(8/82)
اخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ وَالْفَرْقُ أَنَّ
الْأَجَلَ رَاجِعٌ إِلَى الثَّمَنِ وَهُوَ رُكْنٌ وَالْجَهْلُ بِالرُّكْنِ
مُفْسِدٌ وَالرَّاهِنُ أَجْنَبِيٌّ كَالشَّاهِدِ فَإِلْحَاقُهُ بِهِ
أَوْلَى
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْكتاب: يجوز تمر النّخل قبل بذوّ صَلَاحِهَا إِنْ حِيزَتْ ويتولَّى
الْحَائِزُ السَّقْيَ وَالْعَمَلُ وَأُجْرَةُ السَّقْيِ عَلَى الرَّاهِنِ
كَنَفَقَةِ الدَّابَّةِ وَكُسْوَةِ الْعَبْدِ وكفنِه إِنْ مَاتَ
وَلِلْمُرْتَهِنِ أَخْذُ النَّخْلِ مَعَهُمَا وَقَبْضُ الْأَرْضِ مَعَ
الزَّرْعِ لِيَتِمَّ الْحَوْزُ وَلَا يَكُونُ رَهْنًا عِنْدَ قِيَامِ
الْغُرَمَاءِ إِلَّا الثَّمَرَةَ وَالزَّرْعَ وَتَرَدَّدَ (ش) فِيهِمَا
لِتَعَذُّرِ الْبَيْعِ فِي الْحَالِ أَوْ خِفَّةِ الْغَرَرِ لِرُجُوعِهِ
للتوثُّق دُونَ الْحَقِّ بِخِلَافِ الْبَيْعِ يَرْجِعُ الْغَرَرُ إِلَى
نَفْسِ الْمَقْصُودِ الْأَعْظَمِ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ فِي الْكِتَابِ: حِمْلُ الْأَمَةِ وَمَا تَلِدُهُ بَعْدُ وَنِتَاجُ
الْحَيَوَانِ يَدْخُلُ فِي الرَّهْنِ بِخِلَافِ مَا فِي النَّخْلِ من تمر
أُيّر أَمْ لَا إِلَّا أَنْ يَنْدَرِجَ لِانْدِرَاجِ الْوَلَدِ فِي البيع
دون التمرة وَكَذَلِكَ غَلَّةُ الدَّوْرِ وَالْعَبِيدُ لِلرَّاهِنِ إِلَّا
أَنْ يَشْتَرِطَهَا الْمُرْتَهِنُ وَكَذَا صُوفُ الْغَنَمِ ولبنُها إِلَّا
لِحَمْلِ نَبَاتِهِ يَوْمَ الْعَقْدِ وَمَالُ الْعَبْدِ لَا يَتْبَعُهُ
كَالْبَيْعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ فَيَنْدَرِجَ وَإِنْ كَانَ مَجْهُولا
وَمَا وُهب للبعد كَمَا لَهُ موقوفٌ بِيَدِهِ إِلَّا أَنْ يَنْزِعَهُ
سَيِّدُهُ وَوَافَقَنَا (ح) وَخَالَفَنَا (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ فِي
النَّمَاءِ المتميز وَوَافَقَ فِي السّمن احْتج بقوله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَهُ غُنمه وَعَلِيهِ غُرمه الحَدِيث وَبِقَوْلِهِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الرَّهْنُ مَحْلُوبٌ وَمَرْكُوبٌ
وَمَعْنَاهُ لِلرَّاهِنِ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَا يحل لَهُ الِانْتِفَاع
بِالرَّهْنِ وَلِأَنَّهُ الْأَصْلُ عَدَمُ تَنَاوُلِ الْعَقْدِ لِذَلِكَ
وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّ الشَّيْءَ إِذَا أُضِيفَ بِاللَّامِ
لِمَن يَقْبَلُ الْمِلْكَ كَانَ مَعْنَاهُ الْإِخْبَارَ عَنِ الْمِلْكِ
وَلِذَلِكَ قُلْتُمْ إِنَّ الزَّكَاةَ مِلْكٌ لِلْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ
فَيُفِيدُ الْحَدِيثُ أَنَّهُ مِلْكٌ لِلْغَنَمِ وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ
وَعَنِ الثَّانِي بِأَنَّ اللَّبَنَ وَالرُّكُوبَ لَا يندرجان عندنَا
إِنَّمَا ينْدَرج مَا تبقى عَنهُ مِمَّا تَقَدَّمَ فَنَقُولُ بِهِ
(8/83)
وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الدَّلِيلَ دلَّ
عَلَى مُخَالَفَةِ الْأَصْلِ وَهُوَ الْقِيَاسُ عَلَى الْبَيْعِ
وَالْكِتَابَةِ وَالِاسْتِيلَادِ وَالْأُضْحِيَّةِ بِأَنَّ الْوَلَدَ
يَتْبَعُ تَنْبِيهٌ: هَذِهِ الْعُقُودُ الْمُتَقَدِّمَةُ انْتَقَلَ فِيهَا
الْمِلْكُ فِي الْأَصْلِ فَقَوِيَ الِاسْتِتْبَاعُ وَثَمَّ عُقُودٌ لَا
تُسْتَتْبَعُ لِعَدَمِ نَقْلِ الْمِلْكِ فَلَهُمُ الْقِيَاسُ عَلَيْهَا
كَالْإِجَارَةِ وَالْجُعَالَةِ وَالْقِرَاضِ وَالرَّهْنُ لَمْ يَزُلِ
الْمِلْكُ فِيهِ فَيَكُونَ قِيَاسُهُمْ أَوْلَى تَفْرِيعٌ: فِي الْكِتَابِ:
لَمْ يَجْعَلِ الثَّمَرَ إِذَا حُمِلَ مَعَ الرَّهْنِ وَجَعَلَ الصُّوفَ
الْكَامِلَ لِأَنَّ كَامِلَ الثَّمَرِ لِلْبَائِعِ وَكَامِلَ الصُّوفِ
لِلْمُشْتَرِي والمرة تَكَوَّنَتْ بِنَفَقَةِ الْبَائِعِ وَعَمَلِهِ
بِخِلَافِ الصُّوفِ وَقِيلَ يَلْحَقُ الثَّمَرُ الْيَابِسُ بِالصُّوفِ
التَّامِّ لِأَنَّهُ إِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الثَّمَرَ يُترك
لِيَزْدَادَ طِيبًا وَالصُّوفُ كَمُلَ فَلَمَّا سَكَتَ عَنْهُ تَبِعَ
فَإِذَا يَبِسَ الثَّمَرُ وسُكت عَنْهُ تَبِعَ كَسِلْعَةٍ مَعَ الرَّهْنِ
قَالَ التُّونِسِيُّ: لَمْ يُجِيزُوا رَهْنَ الْوَلَدِ دُونَ أُمِّهِ
وَهِيَ حَامِلٌ بِخِلَافِ مَا لَمْ يُؤبَّر مِنَ الثِّمَارِ وَلَا فَرْقَ
وَأَجَازَ ابْنُ مُيَسِّرٍ رَهْنَ الْأَجِنَّةِ كَرَهْنِ مَا يَأْتِي مِنَ
الْغَلَّةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ: لَوْ شَرَطَ أَنَّ مَا
تَلِدُ لَيْسَ بِرَهْنٍ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ شَرْطٌ عَلَى خِلَافِ
مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَيَجُوزُ رَهْنُهَا دُونَ وَلَدِهَا الصَّغِيرِ
وَتُبَاعُ مَعَهُ وَهُوَ أَوْلَى بِحِصَّتِهَا وَهُوَ فِي الْفَاضِلِ
أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ وَفِي الْمَجْمُوعَةِ: يَجُوزُ رَهْنُ مَالِ
الْعَبْدِ دُونَهُ فَيَكُونُ لَهُ مَعْلُومُهُ وَمَجْهُولُهُ يَوْمَ
الرَّهْنِ إِنْ قَبَضَهُ لِجَوَازِ الْغَرَرِ فِي الرَّهْنِ وَمَا وُهب
للبعد لَا يَتْبَعُهُ بِخِلَافِ مَا رَبِحَهُ فِي مَالِهِ الْمُشْتَرط
لِأَنَّ الْهِبَةَ مِلْكٌ أَجْنَبِيٍّ كَمَا يَدْخُلُ فِي الْوَصَايَا
رِبْحُ مَا عُلِمَ قَبْلَ الْمَوْتِ وَبَعْدَهُ دُونَ مَا لَمْ يَعْلَمْ
بِهِ وَقِيلَ الْمَوْهُوبُ ل كَمَالِهِ كَمَا إِذَا بِيعَ بِالْخِيَارِ
وَاشْتَرَطَ مَالَهُ انْدَرَجَ مَا وُهب لَهُ أَوْ تُصُدِّق بِهِ عَلَيْهِ
أَوْ أُوصي بِهِ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ وَقَالَ أَشْهَبُ: إِنِ ارْتَهَنَ
نَصِيبَكَ مِنْ رَقَبَةِ بير فغلة البير لَكَ أَوْ مِنَ الْمَاءِ
فَالْغَلَّةُ لَهُ وَلَهُ أَخْذُهَا مِنَ الْحَقِّ إِنْ كَانَ قَرْضًا
وَإِنْ كَانَ إِلَى أَجَلٍ وَأَمَّا مِنْ بَيْعٍ فَلْيَكُنْ ذَلِكَ بِيَدِ
مَنْ كَانَ الرَّهْنُ بِيَدِهِ إِلَى الْأَجَلِ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ أَنْ
يُبايعك عَلَى أَنْ يَأْخُذَ حَقَّهُ مِنَ الْمَاءِ بِجَهَالَةِ آجَالِهِ
قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِنْ زُرع الزَّرْعُ بَعْدَ الْعَقْدِ فَهُوَ غَلَّةٌ
أَوْ قَبْلَهُ وَبَرَزَ لَمْ يَدْخُلْ إِلَّا بِشَرْطٍ لِاسْتِقْلَالِهِ
أَوْ فِيهِ وَلَمْ يَبْرُزْ دَخَلَ فِي الرَّهْنِ إِنْ قَامَ بِالْبَيْعِ
(8/84)
قَبْلَ بُرُوزِهِ وَيَخْتَلِفُ إِذَا
بَرَزَ قَبْلَ الْبَيْعِ هَلْ يَدْخُلُ فِي الرَّهْنِ وَالصُّوفُ
الْحَادِثُ بَعْدَ الرَّهْنِ غَلَّةٌ إِذَا جُزَّ قَبْلَ بَيْعِ الرَّهْنِ
ويُختلف إِذَا قَامَ بِالْبَيْعِ قَبْلَ جِزَازِهِ هَلْ هُوَ غَلَّةٌ أَوْ
حِينَ يُغْسَلُ أَوْ حِينَ يُجز؟ قَالَ صَاحِبُ شَرْحِ الْجَلَّابِ:
يَجُوزُ رَهْنُ الْمَجْهُولِ مَا لَمْ يَكُنْ فِي أَصْلِ عَقْدِ الْبَيْعِ
لِتَرْكِ الْبَائِعِ جُزءاً مِنَ الثَّمَنِ لِأَجْلِهِ وَفِي شَرْحِ
الْجَلَّابِ: إِذَا كَمُلَ نَبَاتُ الصُّوفِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ
يَدْخُلُ فِي الرَّهْنِ وَقَالَ أَشهب لَا كاللبن فِي الضَّرع
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْجَوَاهِرِ: يَجُوزُ رَهْنُ غَلَّةِ الدَّارِ وَالْغُلَامِ وَرَهْنُ
الْأُمِّ دُونَ وَلَدِهَا وَيُبَاعُ الصَّغِيرُ مَعَهَا والمرتهِن أَوْلَى
بِحِصَّتِهَا مِنَ الثَّمَنِ وَرَهْنُهُ دُونَهَا وَتَكُونُ مَعَ
الصَّغِيرِ عِنْدَ المرتهِن لِيُتْمَّ رَهْنَهُ وَقِيلَ لَا يُرْهَنُ
حَتَّى يَبْلُغَ حَدَّ التَّفْرِقَةِ إِلَّا مَعَ أُمِّهِ قِيَاسًا عَلَى
الْبَيْعِ لِأَنَّهُ حَوْزٌ مُفْتَرَقٌ وَيَجُوزُ رَهْنُ المدَّبر ويُستوفي
الدّين من خراجه وَإِن تَأَخّر الْوَفَاء على مَوْتِ السَّيِّدِ بِيعَ فِي
الدَّيْنِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ مَالِكٌ:
لَا يُرهن الْوَلَدُ دُونَ أُمِّهِ كَالْبَيْعِ إِنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا
فِي الْحَوْزِ بِشَرْطٍ وَيُفْسَخُ الرَّهْنُ بِخِلَافِ الْهِبَةِ
وَالصَّدَقَةِ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ وَكُرِهَ رَهْنُهُ بِشَرْطِ جَمْعِهِمَا
فِي حَوْزٍ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ كَأَنَّهُ مَالِكٌ لما كَانَ أحقَّ من
الْغُرَمَاء أَو لَا لِأَنَّهُ لَا يُباع إِلَّا مَعَ أُمِّهِ فَلَا
يَدْرِي الْمُرْتَهِنُ مَا يَخُصُّهُ فَهُوَ كَرَهَنِ الْغَرَرِ وَهُوَ
مُخْتَلف فِيهِ فَإِن سكتا عَنِ الِاشْتِرَاطَيْنِ جُبر عَلَى الْجَمْعِ
بَيْنَهُمَا وَهَذَا تَفْصِيلُ مَا تَقَدَّمَ مُجملاً لِصَاحِبِ
الْجَوَاهِرِ
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِذَا ارْتَهَنْتَ مَا قِيَمَتُهُ مِائَةٌ عَلَى خَمْسِينَ
لَمْ يَجُزْ رَهْنُ الْفَضْلَةِ لِغَيْرِكَ إِلَّا بِإِذْنِكَ فَتَكُونُ
حَائِزًا لِلْمُرْتَهِنِ الثَّانِي فَإِنْ هَلَكَ مَا يُغاب عَلَيْهِ
بَعْدَ ارْتِهَانِ الثَّانِي
(8/85)
ضَمِنْتَ مَبْلَغَ دَينك وَكُنْتَ أَمِينًا
فِي الْبَاقِي لِأَنَّكَ وَكِيلٌ لِلثَّانِي وَالْوَكِيلُ أَمِينٌ
وَيَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ الثَّانِي بِدَيْنِهِ لِأَنَّ فَضْلَةَ الرَّهْنِ
عَلَى يَدِ عَدْلٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِنَّمَا يَصِحُّ أَلَّا يَضْمَنَ
الْأَوَّلُ الْفَضْلَةَ إِذَا أَحْضَرَ الثَّوْبَ وَقْتَ ارْتِهَانِ
الثَّانِي أَوْ عُلم بِالْبَيِّنَةِ وُجُودَهُ حِينَئِذٍ وَإِلَّا ضَمِنَ
الْجَمِيعَ لِاحْتِمَالِ تَلَفِهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَقَالَ أَشْهَبُ:
ضَمَانُهُ كُلُّهُ مِنَ الْأَوَّلِ كَمَا لَوْ كَانَ بِيَدِ الثَّانِي
وَغَيْرِهِ الْمَبْدَأُ عَلَيْهِ فَضَاعَ لن يَضْمَنْهُ لِأَنَّهُ رَهْنُ
الْأَوَّلِ وَإِنَّمَا لِهَذَا فَضْلَةٌ إِن كَانَت وَأما لَو رهنته
لِرَجُلَيْنِ فَكَانَ عَلَى يَدِ أَحَدِهِمَا لَمْ يَضْمَنِ الَّذِي هُوَ
عَلَى يَدَيْهِ إِلَّا نَصِيبَهُ وَعَنْ مَالِكٍ لَا يَصِحُّ رَهْنُ
الثَّانِي حَتَّى يَحُوزَهُ لَهُ غَيْرُ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ حَازَ
لِنَفْسِهِ فَلَا يَحُوزُ لِغَيْرِهِ قَالَ أَصْبَغُ: لَوْ جَعَلَهُ بِيَدِ
غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ جَازَ رَهْنُ الْفَضْلِ لِلثَّانِي وَإِنْ كَرِهَ
الْأَوَّلُ إِذَا عَلِم بِذَلِكَ الْمَوْضُوعِ عَلَى يَدَيْهِ لِتَتِمَّ
حِيَازَتُهُ لَهُمَا إِذْ لَا ضَرَرَ عَلَى الْأَوَّلِ إِذْ هُوَ مَبْدَأٌ
قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إِنَّمَا اشْتَرَطَ مَالِكٌ رِضَاهُ لِيَحُوزَ
لِلثَّانِي فَإِذَا لَمْ يَرْضَ لَمْ يَقَعْ حَوْزٌ وَلَوْ كَانَ دَيْنُ
الْأَوَّلِ لِسَنَةٍ ثُمَّ رَهَنَ فَضْلَتَهُ فِي آخِرِ أَشْهُرٍ عَلَى
أَنَّ الْأَوَّلَ مَبْدَأٌ فَحَلَّ الْآخَرُ قَبْلَ الْأَوَّلِ قَالَ
مَالِكٌ: إِنْ لَمْ يَعْلَمِ الْآخَرُ أَجَلَ الْأَوَّلِ بِيعَ الرَّهْنُ
وعُجل لِلْأَوَّلِ حَقُّهُ كُلُّهُ قَبْلَ مَحَلِّهِ ويُعطى الثَّانِي مَا
فَضَلَ فِي دَيْنِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَهَذَا إِنْ بِيعَ بِعَيْنٍ أَوْ
بِمَا يُقضى بِمِثْلِهِ وَحَقُّ الْأَوَّلِ مِثْلُهُ فَأَمَّا بِعَرْضٍ
وَالدَّيْنُ مِثْلُهُ أَوْ بِدَنَانِيرَ وَالدَّيْنُ دَرَاهِمُ أَوْ
بِطَعَامٍ مُخَالِفٍ لِمَا عَلَيْهِ فَيُوضَعُ لَهُ رَهْنٌ إِلَى حُلُولِ
حَقِّهِ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ: عَلِم الْأَوَّلُ أَنَّ حَقَّ
الثَّانِي يَحِلُّ قَبْلَهُ أَمْ لَا فَإِنَّهُ إِنْ بِيعَ بِمِثْلِ
حَقِّهِ عُجّل لَهُ لتقدُّم حَقِّهِ وَعَنْهُ أَيْضًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ
حَقُّهُ طَعَامًا مِنْ بَيْعٍ فَيَأْبَى أَنْ يَتَعَجَّلَهُ فَذَلِكَ لَهُ
وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: إِنْ حَلَّ أَجَلُ الثَّانِي وَلَيْسَ فِيهِ
فَضْلَةٌ لَمْ يَدْفَعْ إِلَّا إِلَى أَجَلِ الْأَوَّلِ أَوْ فِيهِ فضلٌ
بِيعَ الْآنَ وعُجّل لِلْأَوَّلِ حَقُّهُ وَأَخَذَ الثَّانِي مَا فَضَلَ
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَمَنْ رَهَنَ وَاشْتَرَطَ لِلرَّاهِنِ فِيهِ مِائَةً
مُبْدَأَه فَيَمُوتُ الرَّاهِنُ أَوْ يُفلس يُبدأ الْغُرَمَاءُ بِتِلْكَ
الْمِائَةِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَمْتَنِعُ هَذَا الرَّهْنُ
لِمُخَالَفَتِهِ قَاعِدَةَ الرُّهُونِ بِتَبْدِئَةِ الرَّاهِنِ إِذِ
الْقَاعِدَةُ تبدئُه الْمُرْتَهِنِ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِذَا شَرَطَ الْمُرْتَهِنُ مَنْفَعَةَ الرَّهْنِ
وَالدَّيْنُ قَرْضٌ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ قَرْضٌ لِلنَّفْعِ أَوْ م بَيْعٍ
وَشَرَطَ لِلرَّاهِنِ أَجَلًا مُعَيَّنًا جَازَ فِي الدُّورِ
وَالْأَرَضِينَ وَكُرِهَ فِي
(8/86)
الْحَيَوَانِ وَالثِّيَابِ إِذْ لَا
يَدْرِي كَيْفَ تَرْجِعُ إِلَيْهِ قَالَهُ مَالِكٌ وَأَجَازَ ذَلِكَ
كُلَّهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَلَى التَّعْلِيلِ
بِالتَّغْيِيرِ يُمْنَعُ رَهْنُ الثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ
وَالْآبِقُ فِي البيع وَفِي كتاب الْحمالَة: إِذْ وَقَعَ فِي الْبَيْعِ
حَمَالَةُ غَرَرٍ فَسَدَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيَجُوزُ الْبَيْعُ
عِنْدَ أَصْبَغَ وَقَدْ قِيلَ إِذَا رَهَنَ مِنْ ذِمِّيٍّ خَمْرًا فِي
الْبَيْعِ لَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ وَتُرَدُّ الْخَمْرُ لِلذِّمِّيِّ فَلَوْ
غُفِلَ عَنْهَا حَتَّى تَخَلَّلَتْ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا تَوْفِيَةً
بِالْعَقْدِ فَإِنْ بَاعَ الرَّهْنَ الْمُشْتَرَطَ منفعَته وَهُوَ مِمَّا
يُغَاب عَلَيْهِ قبل يضمنهُ لِأَنَّهُ رهن يُغَاب عَلَيْهِ وَقبل لَا
كَالْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ وَهُوَ مُسْتَأْجَرٌ وَقِيلَ يَنْظُرُ مَا
يَنْقُصُ بِالْإِجَارَةِ إِنْ كَانَ يَوْمًا مَثَلًا اسْتُؤْجِرَ شَهْرًا
فَقِيلَ يُنْقَصُ الرُّبُعُ فَرُبُعُهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ فَإِنْ قَامَ
بِدَعْوَى الضَّيَاعِ سَقَطَ ضَمَانُ ذَلِكَ الْقَدْرِ وَإِنْ لَمْ يَقُمْ
إِلَّا عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ لَا يَضْمَنُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ
أَنَّ الضَّيَاعَ قَبْلَ قِيَامِهِ لِلتُّهْمَةِ وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ
أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الضَّمَانِ وَأَجَازَ فِي الْكِتَابِ إِجَارَةَ
الْمُصْحَفِ فَيَجُوزُ اشْتِرَاطُ مَنْفَعَتِهِ قَالَ مَالِكٌ: وَلَا
يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوَسِّعَ لَهُ فِي الِانْتِفَاعِ بَعْدَ تَمَامِ
الْبَيْعِ وَلَا بَعْدَ الِارْتِهَانِ لِأَنَّهُ رِشْوَةٌ لِرَبِّ
الدَّيْنِ لِيُؤَخِّرَ عَنْهُ دَيْنَهُ
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْكتاب: لَا يبرهن مَا لَا يعرف بِعَيْنِه من طَعَام وَغَيره مِنَ
الْمِثْلِيَّاتِ إِلَّا أَنْ يُطْبَعَ عَلَيْهِ خَشْيَةَ انْتِفَاعِ
الْمُرْتَهِنِ وَيُرَدُّ مِثْلُهُ وَلَا يُطْبَعُ عَلَى الْحُلِيِّ حَذَرًا
مِنَ اللُّبْسِ كَمَا يُفْعَلُ ذَلِكَ فِي سَائِرِ الْعُرُوضِ لِأَنَّهُ
يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَجَوَّزَ الأيمة الْكُلَّ مُطْلَقًا قَالَ ابْنُ
يُونُسَ: وَعَنْ أَشْهَبَ يُمْتَنَعُ رَهْنُ الدَّنَانِيرِ بِغَيْرِ طَبْعٍ
فَإِنْ فَعَلَ طَبَعَ عَلَيْهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا يَفْسُدُ الرَّهْنُ
وَلَا الْبَيْعُ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْفَسَادِ وَمَا بِيَدِ أَمِينٍ لَا
يُطْبَعُ عَلَيْهِ وَمَا أَرَى ذَلِكَ عَلَيْهِ فِي الطَّعَامِ
وَالْإِدَامِ وَمَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَلَوِ اعْتُبِرَتِ
التُّهْمَةُ مُطْلَقًا اطَّرَدَتْ فِي الْحلِيّ لجَوَاز لبسه فِي الْعِيد.
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: لَا يَرْهَنُ مُسْلِمٌ مِنْ ذمِّي خمرًا وَلَا خنزيراً
وَقَالَ الأيمة لِأَنَّهُ
(8/87)
لَا يَسْتَوْفِي مِنْهُ الْحَقَّ قَالَ
ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ: إِنْ قَبَضَهُ ثُمَّ فَلَسَ الذِّمِّيُّ
فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ لِبُطْلَانِ الْحَوْزِ شَرْعًا إِلَّا أَنْ
يَتَخَلَّلَ وَلَوْ أَرَادَ الْمُسْلِمُ إِيقَافَ الْخَمْرِ بِيَدِ
النَّصْرَانِيِّ أُرِيقَتْ وَلَا يَلْزَمُهُ إِخْلَافُ الرَّهْنِ
لِصُدُورِهِ عَلَى مُعَيَّنٍ وَإِنِ ارْتَهَنَ مُسْلِمٌ عَصِيرًا فَصَارَتْ
خَمْرًا دَفَعَهَا لِلسُّلْطَانِ فَتُرَاقُ إِنْ كَانَ الرَّاهِنُ
مُسْلِمًا وَإِلَّا رُدَّتْ لِلذِّمِّيِّ لِأَنَّ مِلْكَهُ مَعْصُومٌ
فِيهَا
3
-
(فَرْعٌ)
قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ حَمْلٍ
فِي الرَّهْنِ وَلَيْسَ بِالْبَيِّنِ لِامْتِنَاعِ الْغَرَرِ فِي الْبَيْعِ
دُونَ الرَّهْنِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَلَّلَ بِأَنَّهُ لَمَّا امْتَنَعَ
الْجَنِينُ دُونَهَا اتِّبَاعًا لِلْعَمَلِ بِغَيْرِ قِيَاسٍ امْتَنَعَتْ
دُونَهُ بِغَيْرِ قِيَاسٍ وَالْقِيَاسُ الْجَوَازُ فِيهِمَا كَالثَّمَرَةِ
الَّتِي لَمْ تُؤَبَّرُ دُونَ أَصْلِهَا وَأَصْلُهَا دُونَهَا
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: أَرْشُ جِرَاحِ الْعَبْدِ يَدْخُلُ فِي الرَّهْن اتِّفَاقًا
لِأَنَّهَا بدل جزئه وَمَا نتقص قِيمَتِهِ كَالْمَأَمُومَةِ
وَالْمُنَقِّلَةِ وَالْجَائِفَةِ وَالْمُوَضِّحَةِ فَلِلسَّيِّدِ إِلَّا
أَنْ يُنْقِصَ ذَلِكَ قِيمَتَهُ فَلِلْمُرْتَهِنِ أَخْذُ الْيَسِيرِ
بِقَدْرِ مَا نَقَصَتْ قِيمَتُهُ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: إِذَا بِعْتَ بَقَرَةً إِلَى شَهْرٍ وَارْتَهَنْتَ عَبْدًا عَلَى
أَنْ تَأْخُذَ كُلَّ يَوْمٍ غَلَّتَهُ دِرْهَمًا مِنَ الثَّمَنِ لَمْ
يَجُزْ لِأَنَّهُ بَيْعٌ بِثَمَنٍ غَرَرٍ إِلَّا أَنْ يَضْمَنَ السَّيِّدُ
إِنْ تَعَذَّرَ دَفْعُهُ مِنْ قَبْلِهِ أَوْ يَتَطَوَّعَ بِالرَّهْنِ
بَعْدَ الْعَقْدِ فَيَجُوزُ وَيَجُوزُ فِي السَّلَفِ مُطْلَقًا إِلَّا أَنْ
يَتَطَوَّعَ بِذَلِكَ عَلَى أَنْ يُرَدَّ عَلَيْهِ الْعَبْدُ فَيُمْنَعَ
فِي الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ وَإِنْ ضَمِنَهُ السَّيِّدُ
3 - (88 قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَمْتَنِعُ أَنْ تَرْتَهِنَ)
قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَمْتَنِعُ أَنْ تَرْتَهِنَ دَيْنًا
عَلَيْكَ فِي ثَمَنِ سِلْعَةٍ بِعَيْنِهَا إِلَى أَجَلٍ أَبْعَدَ مِنْ
أَجْلِ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الدَّيْنِ
بَعْدَ حُلُولِهِ.
(8/88)
سَلَفٌ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ وَضْعَ
الدَّيْنِ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَفَاتَتِ السِّلْعَةُ
فَالْأَقَلُّ مِنَ الْقِيمَةِ أَوِ الثَّمَنِ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْجَوَاهِرِ: لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الرَّهْنُ مِلْكًا
لِلرَّاهِنِ بَلْ يَسْتَعِيرُ لِيَرْهَنَ وَقَالَهُ (ش) فَإِنِ اسْتَوْفَى
مِنْ ثَمَنِ الرَّهْنِ الْمُعَارِ رَجَعَ الْمُعِيرُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ
عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِقِيمَةِ الْمَرْهُونِ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ
الْعَيْنَ فَيَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا وَقَالَ أَشْهَبُ و (ش) بَلْ بِمِثْلِ
مَا أُدِّيَ عَنْهُ مِنْ ثَمَنِهِ لِأَنَّ عَقْدَ الْعَارِيَةِ يَنْقُلُ
مَنْفَعَةَ الْعَيْنِ وَالْمَنْفَعَةُ هَاهُنَا التَّوَثُّقُ وَوَفَاءُ
الدَّيْنِ فَيَضْمَنُ الدَّيْنَ وَاشْتَرَطَ (ش) عِلْمَ الْمُعِيرِ
بِقَدْرِ الدَّيْنِ وَجِنْسِهِ وَمَحَلِّهِ لِامْتِنَاعِ ضَمَانِ
الْمَجْهُولِ عِنْدَهُ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: فَلَوْ فَضَلَتْ مِنَ
الدَّيْنِ فَضْلَةٌ بَعْدَ قَضَاءِ السُّلْطَانِ بِالْبَيْعِ وَالْوَفَاءِ
فَأَوْقَفَهَا فَضَاعَتْ فَمِنْ رَبِّهَا وَلَيْسَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ
إِلَّا مَا قُضِيَ عَنْهُ فَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ لَا
يَتْبَعُ الْمُعِيرُ الْمُسْتَعِيرَ بِقِيمَتِهِ إِنْ كَانَ مِمَّا يُغَابُ
عَلَيْهِ لِأَنَّهُ تَحْتَ يَدِ غَيْرِهِ وَقَاصَّ الْمُسْتَعِيرُ
الْمُرْتَهِنَ كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُغَابُ
عَلَيْهِ فَلَا قِيمَةَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَلَا عَلَى الْمُسْتَعِيرِ
وَلَوْ أَعَرْتَهُ عَبْدًا لِيَرْهَنَهُ فِي دَرَاهِمَ فَرَهَنَهُ فِي
طَعَامٍ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ لِتَعَدِّيهِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا ضَمَانَ
عَلَيْهِ وَيَكُونُ هُنَا فِي عَدَدِ الدَّرَاهِمِ الَّتِي رَهَنَ بِهَا
رَبَّهُ تَمَسُّكًا بِأَصْلِ الْإِذْنِ وَعُمُومِهِ وَإِنْ تَعَذَّرَ
خُصُوصُهُ وَفِي الْكِتَابِ: لَوْ كَانَ " عَبْدًا " فَأَعْتَقَهُ
الْمُعِيرُ وَأَنْتَ مَلِيءٌ بَعْدَ الْعِتْقِ عَجَّلْتَ الدَّيْنَ
لِرَبِّهِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنَ الدَّيْنِ فَلَا
يَلْزَمُكَ إِلَّا تَعْجِيلُ قِيمَتِهِ وَيَرْجِعُ عَلَيْكَ الْمُعِيرُ
بِذَلِكَ بَعْدَ أَجَلِ الدَّيْنِ لَا قَبْلَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ
مَالِكٍ: إِذَا بِيعَتِ الْعَارِيَةُ يَتْبَعُهُ بِقِيمَتِهَا وَقَوْلُ
مَالِكٍ فِي الْكِتَابِ ضَمِنْتَ قِيمَتَهَا يُرِيدُ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُ
الْمُرْتَهِنَ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ إِذَا رَهَنَ فِي عَيْنِ الْمُسْتَعَارِ
لَهُ إِذَا أَقَرَّ لَهُ الْمُسْتَعِيرُ بِذَلِكَ وَخَالَفَهُمَا
الْمُرْتَهِنُ وَامْتَنَعَ الْمُعِيرُ مِنَ الْحَلِفِ فَيَكُونُ رَهْنُهُ
رَهْنًا فِيمَا أَقَرَّ بِهِ فَإِنْ نكل ضمن تعديه وَقَوْلُهُ فِي
الْعِتْقِ خَالَفَهُ أَشْهَبُ وَقَالَ يَحْلِفُ الْمُعِيرُ مَا أَعْتَقَهُ
لِيُؤَدِّيَ الدَّيْنَ وَيَبْقَى رَهْنُهُ حَتَّى يَقْبِضَ مِنْ ثَمَنِهِ
إِنْ بِيعَ أَوْ يَفِيَ فَيَنْفُذُ الْعِتْقُ فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ
(8/89)
الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ أَوِ الدَّيْنُ
وَنَفَذَ الْعِتْقُ وَلَمْ يَرَهُ مِثْلَ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ
نَفْسُهُ يَعْتِقُ عَبْدُهُ بَعْدَ رَهْنِهِ بَلْ مِثْلُ مَنْ أُعْتِقَ
بَعْدَ الْجِنَايَةِ وَالْفَرْقُ أَنَّهَا أَخْرَجَتْهُ مِنْ مِلْكِ
رَبِّهِ إِلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ وَالْعَارِيَةُ بَاقِيَةٌ على مَالك
رَبِّهَا
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْجَلَّابِ: إِذَا اشْتَرَطَ أَنَّ الْمَبِيعَ رَهْنٌ بِالثَّمَنِ
لِأَجْلِهِ جَازَ إِلَّا فِي الْحَيَوَان لِأَنَّهُ مَبِيع يتَأَخَّر
قَبْضِهِ وَالْحَيَوَانُ سَرِيعُ التَّغَيُّرِ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ:
وَمَتَى كَانَ الْأَجَلُ تَتَغَيَّرُ فِي مِثْلِهِ السِّلْعَةُ امْتَنَعَ
لِلْغَرَرِ وَبَيْعِ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ وَيَجُوزُ فِي
الْحَيَوَانِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِلْأَمْنِ عَلَيْهِ غَالِبًا فِي ذَلِكَ
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْبَيَانِ: لَكَ أَذْهَابٌ لِآجَالٍ مُخْتَلِفَةٍ فَبِعْتَهُ عَلَى
أَنْ يُرْهَنَ بِالثَّمَنِ وَالْأَذْهَابِ وَيَتَّحِدُ أَجَلُهَا
يَمْتَنِعُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ لِأَنَّهُ إِنْ شَرَطَ الْحُلُولَ
أَوْ أَقْرَبَ الْآجَالِ فَالْمُبْتَاعُ الْمُسَلَّفُ أَوْ أَبْعَدَهَا
وَمُؤَخَّرَةٌ كُلُّهَا فَالسَّلَفُ مِنَ الْبَائِعِ وَلَوْ بَقَّاهَا
عَلَى آجَالِهَا وَكَذَلِكَ يَمْتَنِعُ إِنْ دَفَعَتْ لَهُ شَيْئًا أَوْ
أَسْقَطَتْ عَنْهُ بَعْضَ الدَّيْنِ لِيَرْهَنَ لِأَنَّكَ فِي الْبَيْعِ
أَسْقَطْتَ بَعْضَ الثَّمَنِ لِأَجْلِ الرَّهْنِ وَعَنْ مَالِكٍ جَمِيعُ
ذَلِكَ جَائِزٌ وَهُوَ الْأَظْهَرُ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ اللَّخْمِيُّ: ابْتَاعَ عَلَى أَنْ يَتْرُكَ الْمَبِيعَ رَهْنًا
بِثَمَنِهِ إِلَى أَجَلِ الثَّمَنِ امْتَنَعَ وَإِنْ جَعَلَهُ بِيَدِ
أَجْنَبِيٍّ جَازَ لِأَنَّهُ اشْتَرَى شَيْئًا لَا يَدْرِي مَتَى
يَقْبِضُهُ وَلَعَلَّهُ يَطُولُ مُدَّةً طَوِيلَةً وَجَوَّزَهُ ابْنُ
حَبِيبٍ فِي الْعَقَارِ أَنْ يَبْقَى بِيَدِ الْبَائِعِ بِخِلَافِ
الْعَبْدِ إِلَّا أَنْ يُوضَعَ عَلَى يَدِ أَجْنَبِيٍّ فَأَجَازَهُ ابْنُ
الْجَلَّابِ فِي غَيْرِ الْحَيَوَانِ وَلَمْ يُرَاعَ مَنْ يُوضَعُ عَلَى
يَدِهِ وَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ مُطْلَقًا كَمَا لَوْ رَهَنَهُ غير
مَبِيع
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْكتاب: إِذا أرهنت عَبْدَهُ مَيْمُونًا فَفَارَقْتَهُ قَبْلَ
قَبْضِهِ لَكَ أَخْذُهُ مَا لم
(8/90)
يَقُمِ الْغُرَمَاءُ فَتَكُونُ
أُسْوَتَهُمْ فَإِنْ بَاعَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ مَضَى الْبَيْعُ وَلَيْسَ
لَكَ مُطَالَبَتُهُ بِرَهْنِ غَيْرِهِ لِأَنَّ تَرْكَكَ إِيَّاهُ حَتَّى
بَاعَهُ كَبَيْعِكَ إِيَّاهُ وَبَيْعَكَ إِيَّاهُ مَاضٍ بِخِلَافِ لَوْ
شَرَطْتَ رَهْنًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَلَمْ يُجِزْهُ لَكَ نَقْضُ بَيْعِكَ
وَتَرْكُهُ بِغَيْرِ رَهْنٍ وَهَذَا إِذَا سَلَّمْتَ السّلْعَة الْمَبِيعَة
فَإِن لن تدفعها فَبَاعَ المُشْتَرِي الرَّهْن قَبْلَ الْقَبْضِ أَنَّهُ
لَا تَكُونُ الْخِدْمَةُ رَهْنًا لِأَنَّهَا غَلَّةٌ قَالَ أَشْهَبُ:
سَوَاءٌ اشْتَرَطَ رَهْنًا أَوْ حَمِيلًا يُجْبَرُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ
إِلَّا أَنْ يَعْجِزَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنِ اشْتَرَطَ عَبْدًا
غَائِبًا جَازَ وَيُوقَفُ الْمَبِيعُ حَتَّى يَقْدَمَ الْعَبْدُ فَإِنْ
هَلَكَ لَمْ يَكُنْ لِلرَّاهِنِ الْإِتْيَانُ برهن مَكَانَهُ إِلَّا برضى
الْبَائِعِ قَالَ أَشْهَبُ: إِنْ بَعُدَتِ الْغَيْبَةُ امْتَنَعَ الْبَيْعُ
إِلَّا أَنْ يَكُونَ الرَّهْنُ عَقَارًا أَوْ يَقْبِضَ الْمَبِيعَ لِأَنَّ
الْبُعْدَ فِي بَيْعِ الْعَقَارِ لَا يَصح وَجوز فِي العَبْد الْيَوْمَيْنِ
3
-
(فَرْعٌ)
قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِذَا اسْتَحَقَّ
الْمُعَيَّنُ وَاتُّهِمَ أَنَّهُ غَرَّهُ حَلَفَ أَنَّهُ مَا عَلِمَ
بِذَلِكَ وَإِنْ قَامَتْ بِعِلْمِهِ بَيِّنَةٌ فَعَلَيْهِ الْبَدَلُ قَالَ
اللَّخْمِيُّ قَالَ مَالِكٌ: إِذَا اسْتَحَقَّ بَعْضُ الثِّيَابِ الرَّهْنَ
فَالْبَاقِي رَهْنٌ بِجَمِيعِ الْحَقِّ لِأَنَّ الرَّهْنَ تَعَلَّقَ
الْحَقُّ بِهِ وَبِأَجْزَائِهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ
حِينَئِذٍ لِلتَّوَثُّقِ فَإِنْ ضَاعَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ ضَمِنَ
نِصْفَهُ لِلرَّاهِنِ وَإِنْ وَضَعَهُ عَلَى يَدِ الْمُسْتَحِقِّ أَوْ
غَيْرِهِ لَمْ يَضْمَنْ لِعَدَمِ يَدِهِ عَلَيْهِ وَلَوْ غَابَ الرَّاهِنُ
وَقَالَ الْمُسْتَحِقُّ يَكُونُ عَلَى يَدَيْ أَوْ عَلَى يَدِ فُلَانٍ لَمْ
يَكُنْ لِلْمُرْتَهِنِ ذَلِكَ دُونَ نَظَرِ الْحَاكِمِ وَإِنِ ادَّعَى
الْمُرْتَهِنُ ضَيَاعَهُ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ ضَمِنَ نَصِيبَ الرَّاهِنِ
وَضَمَّنَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ نَصِيبَ الْمُسْتَحِقِّ وَقِيلَ يَحْلِفُ
لَقَدْ ضَاعَ وَيَبْرَأُ قَالَ مَالِكٌ: فَإِنْ قَالَ الْمُسْتَحِقُّ أَنا
أبيع نَصِيبي فلبيع الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ مَعَهُ وَلَا يُسَلَّمِ
الْمُرْتَهَنَ فَيَكُونَ ثَمَنُهُ رَهْنًا فِي يَدِهِ بِجَمِيعِ حَقِّهِ
وَقَالَ أَشْهَبُ: إِنْ بِيعَ قَبْلَ الدَّيْنِ يُعَجَّلُ ذَلِكَ الثَّمَنُ
مِنْ دَيْنِهِ لِعَدَمِ انْتِفَاعِ الرَّاهِنِ بِإِيقَافِهِ إِلَّا أَنْ
يَأْتِيَ الرَّاهِنُ بِرَهْنٍ آخَرَ أَوْ يَقُولَ آتِي بِهِ فِي
الْمُسْتَقْبَلِ أَوْ يَكُونَ الدَّيْنُ مُخَالِفًا لِمَا بِيعَ فَلَا
يُعَجَّلُ
(8/91)
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ رَهْنُ جُلُودِ السِّبَاعِ الْمُذَكَّاةِ
وَبَيْعُهَا دُبِغَتْ أَمْ لَا لِذَهَابِ الْفَضَلَاتِ الْمُسْتَقْذَرَةِ
الْمُوجِبَةِ لِلنَّجَاسَةِ وَمَنْعِ الْبَيْعِ بِالذَّكَاةِ وَتُمْنَعُ
جُلُودُ الْمَيْتَةِ وَبَيْعُهَا لِمَا فِي الصَّحِيحِ آخِرُ مَا كَتَبَ
بِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ لَا يُنْتَفَعَ مِنَ الْمِيتَةِ بِشَيْءٍ.
وَيَجُوزُ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ كَزَرْعٍ أَوْ
ثَمَرٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ فَإِنْ مَاتَ الرَّاهِنُ قَبْلَ أَجْلِ
الدَّيْنِ وَلَمْ يَبْدُ صَلَاحُ الزَّرْعِ أَوِ الثَّمَرِ فَحَلَّ
الدَّيْنُ الَّذِي عَلَيْهِ عُجِّلَ مِنْ مَالِهِ وَيُسَلَّمُ الرَّهْنُ
لِرَبِّهِ وَإِنْ لَمْ يَدَعْ مَالًا انْتُظِرَ وَقْتُ جَوَازِ بَيْعِ
الزَّرْعِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ:
جَوَازُ ارْتِهَانِ الْغَلَّاتِ بِخِلَافِ الْأَجِنَّةِ قَالَ مُحَمَّدٌ:
يَجُوزُ الْبَعِيرُ الشَّارِدُ وَالْعَبْدُ الْآبِقُ إِنْ قَبَضَهُ قَبْلَ
مَوْتِ صَاحِبِهِ أَوْ فَلَسِهِ خِلَافًا لِ (ش) لِأَنَّ الثَّمَنَ
بِإِزَاءِ الْمَبِيعِ وَالرَّهْنُ لَمْ يُبَدَّلْ بِهِ ثَمَنٌ فَلَا
يَضُرُّ الْغَرَرُ فِيهِ لِعَدَمِ إِخْلَالِهِ بِالْمَالِيَّةِ الَّذِي
هُوَ عِلَّةُ الْمَنْعِ وَفِي مَوْرِدِ النَّصِّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ:
يَجُوزُ ارْتِهَانُ مَا تَلِدُ هَذِهِ الْجَارِيَةُ أَوْ هَذِهِ الْغَنَمُ
وَجَوَّزَ أَحْمَدُ بْنُ مُيَسِّرٍ الْأَجِنَّةَ كَالْآبِقِ وَكَرِهَهُ
ابْتِدَاءً قَالَ اللَّخْمِيُّ الْأَعْيَانُ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ: مَا
يَجُوزُ بَيْعُهُ وَمِلْكُهُ فَيَجُوزُ رَهْنُهُ مُطْلَقًا شُرِطَ فِي
أَصْلِ الْعَقْدِ أَمْ لَا؛ وَمَا يَجُوزُ مِلْكُهُ وَيَمْتَنِعُ بَيْعُهُ
لِعُذْرٍ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ كَالثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ
وَالْآبِقِ وَالشَّارِدِ وَالْجَنِينِ فَيَجُوزُ رَهْنُهُ فِي أَصْلِ
الْقَرْض وَبعد تقرره فِي الذِّمَّة فِي الْبَيْعِ بَعْدَ الْعَقْدِ
وَاخْتُلِفَ فِيهِ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ وَمَا يَجُوزُ مِلْكُهُ
وَيَمْتَنِعُ بَيْعُهُ لَا لِعُذْرٍ كَأُمِّ الْوَلَدِ وَجُلُودِ
الْمَيْتَةِ قَبْلَ الدِّبَاغِ وَعِظَامِ الْفِيلِ وَمَا لَا يُمَلَّكُ
كَالْخَمْرِ وَالسُّمِّ وَنَحْوِهِمَا فَهَذَانِ لَا يُرْهَنَانِ
لِامْتِنَاعِ الْبَيْعِ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَمَا اخْتُلِفَ فِي جَوَازِ
بَيْعِهِ كَجُلُودِ الْمَيْتَةِ بَعْدَ الدِّبَاغِ وَجُلُودِ السِّبَاعِ
قَبْلَ الدِّبَاغِ وَبَعْدَهُ وَالْكَلْبِ الْمَأْذُونُ فِيهِ فَمَنْ
جَوَّزَ بَيْعَهَا جَوَّزَ رَهْنَهَا وَمَنْ لَا فَلَا وَإِنْ رَهَنَ خدمَة
الْمُدبر مُدَّة مَعْلُومَة يجوز بيعهَا ليواجر الْمُرْتَهِنُ تِلْكَ
الْمُدَّةَ جَازَ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ جَمِيعِ
خِدْمَتِهِ جَازَ بَعْدَ الْعَقْدِ وَاخْتُلِفَ إِنْ رَهَنَ فِي الْعَقْدِ
وَإِنْ رَهَنَ رَقَبَتَهُ عَلَى إِنْ مَاتَ الرَّاهِنُ وَلَا
(8/92)
مَالَ لَهُ بَيِعَ وَكَانَ فِي أَصْلِ
الْعَقْدِ فَعَلَى الْخِلَافِ فِي رَهْنِ الْغَرَرِ لِأَنَّهُ لَا يُبَاعُ
لَهُ الْآنَ وَلَا يُدْرَى مَتَى يَمُوتُ السَّيِّدُ وَهَلْ يَبْقَى
الْمُدَبَّرُ أَمْ لَا وَإِنْ رَهَنَ رَقَبَتَهُ لِيُبَاعَ الْآنَ
امْتَنَعَ وَيُخْتَلَفُ هَلْ يَعُودُ حَقُّهُ فِي الْخِدْمَةِ وَتُبَاعُ
لَهُ وَقْتًا بَعْدَ وَقْتٍ حَسَبَ مَا يَجُوزُ مَنْ بِيعِهَا وَقَدِ
اخْتُلِفَ فِيمَنْ رَهَنَ دَارًا ثُمَّ أَظْهَرَ أَنَّهَا حَبْسٌ فَقِيلَ
لَا شَيْءَ لَهُ مِنْ غَلَّتِهَا لِأَنَّهُ إِنَّمَا رَهَنَهُ الرَّقَبَةَ
وَقِيلَ يَكُونُ لَهُ مَا يَصِحُّ لِلرَّاهِنِ مِلْكُهُ وَهُوَ
الْمَنَافِعُ الْمُحْبَسَةُ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْمُدَبَّرُ وَاخْتُلِفَ
فِي رَهْنِ الْغَرَرِ وَالْجَهَالَةِ إِلَى أَجَلٍ غَيْرِ مُحَقَّقٍ فِي
عَقْدِ الْبَيْعِ فَمُنِعَ لِأَنَّ لَهُ حِصَّةً مِنَ الثَّمَنِ وَأُجِيزَ
لِخُرُوجِ ذَلِكَ عَنْ أَرْكَانِ الْعَقْدِ وَيَجْرِي ثَالِثٌ أَنَّهُ إِنْ
رَضِيَ الْبَائِعُ بِإِسْقَاطِهَا جَازَ
3
-
(فَرْعٌ)
قَالَ إِنْ رَهَنَهُ عَلَى أَنَّهُ إِنْ مَضَتْ سَنَةٌ خَرَجَ مِنَ
الرَّهْنِ لَا يَكُونُ رَهْنًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ:
وَيخْتَص بِهِ الرَّاهِنُ دُونَ الْغُرَمَاءِ لِفَسَادِهِ بِالشَّرْطِ
الْمُخَالِفِ لِعَقْدِ الرَّهْنِ الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْمَرْهُونُ بِهِ
وَفِي الْجَوَاهِرِ: لَهُ شَرْطَانٌ: الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ دَيْنًا فِي
الذِّمَّةِ يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنَ الرَّهْنِ فَلَا يُرْهَنُ فِي
عَيْنٍ مُشَارٍ إِلَيْهَا وَلَا مَنَافِعَ مُعَيَّنَةٍ وَحَيْثُ وَقَعَ فِي
الْمَذْهَبِ فِي مُعَيَّنٍ فَالْمُرَادُ قِيمَتُهُ كَمَا وَقَعَ فِي
الْعَارِيَةِ فَفَصَلَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ
فَضَمَانُ الْقِيمَةِ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ دُونَ مَا لَا يُغَابُ
عَلَيْهِ الشَّرْطُ الثَّانِي: اللُّزُومُ أَوِ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ
كَالْجُعْلِ بَعْدَ الْعَمَلِ وَقَالَ (ش) يَجُوزُ فِي كُلِّ ذِي لَازِمٍ
دُونَ الْمَجْهُولِ ودية الْعَاقِلَة قبل حول الْحَوْلِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ
صِفَاتِ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ عِنْد الْحول مِنَ الْغِنَى وَغَيْرِهِ
وَدُونَ الْقِصَاصِ وَالْقَذْفِ لِتَعَذُّرِ أَخذهَا من الرَّهْن وَدين
الْكِتَابَة خلاف لِ (ح) لِأَنَّ عِوَضَ دَيْنِ الْكِتَابَةِ الرَّقَبَةُ
وَعَمَلُ الْإِجَارَةِ لِتَوَقُّعِ الْفَسْخِ وَلَا قَبْلَ عَقْدِ
الْبَيْعِ بَلْ إِنَّمَا يَجُوزُ مَعَ الْمُقَارَنَةِ خِلَافًا لَنَا وَ
(ح) لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلدَّيْنِ عِنْدَهُ فَلَا يَكُونُ قَبْلَهُ
كَالْخِيَارِ وَالْأَجَلِ وَمَنَعُهُ فِي الْأَعْيَان
(8/93)
كَالْمَغْصُوبِ وَالْمَسْرُوقِ
وَالْعَارِيَةِ وَنَحْوِهَا لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْقِيمَةُ عِنْدَ
التَّلَفِ فَهُوَ رَهْنٌ قَبْلَ الْحَقِّ وَجَوَّزَهُ (ح) وَفِي
التَّلْقِينِ: يَصِحُّ قَبْلَ الْحَقِّ وَبَعْدَهُ وَمَعَهُ وَوَافَقَنَا
فِي أَنَّهُ إِذَا وَقَعَ الْقَبْضُ لَزِمَ وَصَارَ رَهْنًا بِذَلِكَ
الشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَكُونُ رَهْنًا لِأَنَّ
قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَتَحَقَّقُ رَهْنٌ عِنْدَهُ وَلَا عِنْدَ (ش)
لِأَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ بِالْقَوْلِ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لَنَا وَعِنْدَ
(ش) اتِّصَالُ الْقَبْضِ بِمَا اشْتَرَطَ قَبْلَ الْعَقْدِ لَا يُصَيِّرُهُ
رَهْنًا لِفَسَادِ الْأَصْلِ عِنْدَهُ فَالْحَاصِلُ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ
مُوَافِقٌ لَنَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِنَّمَا خَالَفَنَا فِي
انْعِقَادِ الرَّهْنِ بالْقَوْل فعندنا يلْزم التَّسْلِيم فِي هَذِه
الصُّور كُلِّهَا وَيُقْضَى بِهِ وَعِنْدَهُمَا لَا لَنَا: قَوْله تَعَالَى
{رهان مَقْبُوضَة} وَلَمْ يُفَرِّقْ لَا يُقَالُ تَقَدَّمَ فِي صَدْرِ
الْآيَة {إِذا تداينتم بدين} فَمَا صَرَّحَ بِمَشْرُوعِيَّةِ الرَّهْنِ
إِلَّا بَعْدَ تَحَقُّقِ الدَّيْنِ لِأَنَّا نَقُولُ: وَقَدْ صَرَّحَ
بِالسَّفَرِ وَعَدَمِ الْكَاتِبِ وَقَدْ سَقَطَا عَنِ الِاعْتِبَارِ
فَيَسْقُطُ اعْتِبَارُ تَقَدُّمِ الدَّيْنِ بِالْقِيَاسِ عَلَيْهِمَا
وَالْجَامِعُ أَنَّ الْكُلَّ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَإِنَّ
الْغَالِبَ وُقُوعُهُ بَعْدَ الدَّيْنِ فَلَا يَكُونُ لَهُ مَفْهُومٌ
إِجْمَاعًا وَيَتَأَكَّدُ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُونَ
عِنْدَ شُرُوطِهِمْ فَإِنْ قِيلَ: يَصِحُّ إِنْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ
فَأَنْتِ طَالِقٌ وَلَا يَصِحُّ إِنْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَقَدْ رَهَنْتُكَ
فَعَلِمْنَا اخْتِلَافَ النَّاسِ فِي قَبُولِ التَّعْلِيقِ قُلْنَا: لَا
يَقْبَلُ الطَّلَاقُ عِنْدَنَا هَذَا التَّعْلِيقَ بَلْ يَتَنَجَّزُ
الطَّلَاقُ وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ مِنْ أَصْحَابِنَا مُقْتَضَى
أُصُولِنَا صِحَّةُ التَّعْلِيقِ الْمَذْكُورِ فِي الرَّهْنِ فَلَا شَيْءَ
مِمَّا ذَكَرْتُمُوهُ أَوْ نَقُولُ عَقْدٌ فَيَلْزَمُ مَعَ تَعْلِيقِهِ
عَلَى الشَّرْطِ كَالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ وَغَيْرِهِمَا وَلِأَنَّ
مَقْصُودَ الرَّهْنِ اسْتِيفَاءُ الْحَقِّ عِنْدَ تَعَذُّرِهِ
وَتَعَذُّرُهُ مُسْتَقْبَلٌ فَيَتَعَلَّقُ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ آخَرٍ وَهُوَ
أَصْلُ الْمُعَامَلَةِ إِلْحَاقًا لِأَحَدِ الْمُسْتَقْبَلَيْنِ بِالْآخَرِ
أَوْ نَقُولُ: لَوْ قَالَ
(8/94)
أَلْقِ مَتَاعَكَ فِي الْبَحْرِ وَعَلَيَّ
دَرَكُهُ وَإِنْ جَاءَ مَتَاعِي غَدًا فَاقْبِضْهُ صَحَّ إِجْمَاعًا مَعَ
التَّعْلِيقِ عَلَى أَمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ اتِّفَاقًا فَيَجُوزُ هَاهُنَا
كَمَا صَحَّ فِي ضَمَانِ الدَّرْكِ أَوَّلًا وَفِي الْوَدِيعَةِ ثَانِيًا
أَوْ قِيَاسًا عَلَى مَا إِذَا شَرَطَهُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ أَوْ
قِيَاسًا عَلَى مَا إِذَا ضَمِنَ نَفَقَةَ زَوْجَةِ ابْنِهِ عَشْرَ سِنِين
وَاحْتَجُّوا بِالْقِيَاسِ على مَا تَقَدُّمِ الشَّهَادَةِ عَلَى
الْمَشْهُودِ بِهِ بِجَامِعِ التَّبَعِيَّةِ للحق وَالْجَوَابُ: أَنَّ
مَقْصُودَ الشَّهَادَةِ الْمُشَاهَدَةُ وَحُصُولُ الْعِلْمِ وَهُوَ
مُتَعَذَّرٌ قَبْلَ الْمَشْهُودِ بِهِ وَمَقْصُودُ الرَّهْنِ التَّوَثُّقُ
وَهُوَ حَاصِلٌ إِذَا تَقَدَّمَ الْحَقُّ وَيَنْتَقِضُ بِضَمَانِ الدَّرَكِ
الْمُتَقَدَّمِ وَبِالْوَدِيعَةِ وَالطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ وَغَيْرِهَا
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْكتاب يجوز قي دَمِ الْخَطَأِ إِنْ عَلِمَ الرَّاهِنُ أَنَّ
الدِّيَّةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَلَوْ ظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ
وَحْدَهُ امْتَنَعَ وَلَهُ رَدُّ الرَّهْنِ وَكَذَلِكَ الْكَفَالَةُ
لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا رَضِيَ بِهِ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ إِنِ ارْتَهَنْتَ دَابَّةً عَلَى أَنَّهَا مَضْمُونَةً عَلَيْكَ لَمْ
تَضْمَنْهَا لِأَنَّهَا لَا يُغَابُ عَلَيْهَا وَإِنْ رَهَنْتَهُ بِهَا
رَهْنًا لَمْ يَجُزْ وَإِنْ ضَاعَ ضَمِنَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهُ
عَلَى الْأَمَانَةِ وَيَجُوزُ بالعارية الَّتِي يُغَاب عَلَيْهَا
لِأَنَّهَا مَضْمُونَة
3 - (95
قَالَ إِن دعيت دينا فأعطاك بِهِ رهنا)
قَالَ إِنِ ادَّعَيْتَ دَيْنًا فَأَعْطَاكَ بِهِ رَهْنًا يُغَابُ عَلَيْهِ
فَضَاعَ عِنْدَكَ ثُمَّ تَصَادَقْتُمَا عَلَى بُطْلَانِ دَعْوَاكَ أَوْ
أَنَّهُ قَضَاكَ ضَمِنْتَ الرَّهْنَ لِأَنَّكَ لَمْ تَأْخُذْهُ عَلَى
الْأَمَانَةِ بِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَعْطَاهُ دَنَانِيرَ حَتَّى
يُصَارِفَهُ بِهَا فَضَاعَتْ وَكَذَلِكَ مَا عَمِلَهُ الصُّنَّاعُ بِغَيْرِ
أَجْرٍ أَوْ قَبَضَ الْمُرْتَهِنُ أَوْ وَهَبَهُ لِلرَّاهِنِ ثُمَّ ضَاعَ
الرَّهْنُ ضَمِنَهُ وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُ عَلَى الدَّيْنِ أَوْ وَقَعَ
فِي الصَّرْفِ رَهْنٌ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ جهلا أَو أَخذ رهنا بالقراض
لِأَن كُلَّهُ مَمْنُوعٌ فَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَى الْأَمَانَةِ بِخِلَافِ
إِعْطَائِكَ رَهْنًا لَهُ بِكُلِّ مَا أَقْرَضَ
(8/95)
فُلَانًا قَالَ التُّونِسِيُّ قَالَ
أَشْهَبُ فِي عَارِيَةِ الدَّابَّةِ بِشَرْطِ الضَّمَانِ يَصِحُّ الرَّهْنُ
وَلَهُ الْكِرَاءُ وَكَأَنَّهُ آجَرَهُ إِيَّاهَا عَلَى أَنَّهَا إِنْ
هَلَكَتْ ضَمَّنَهُ مَا لَا يَلْزَمُهُ فَهِيَ كَالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ
وَقَالَ إِذَا تَصَادَقْتُمَا عَلَى عَدَمِ الدَّيْنِ تَضْمَنُ وَإِنْ
كَانَ الرَّهْنُ لَا يُغَابُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَالْغَاصِبِ قَالَ:
فَانْظُرْ لَوْ كَانَ قَدْ نَسِيَ اقْتِضَاءَ الدَّيْنِ ثُمَّ تَذَكَّرَ
بَعْدَ الرَّهْنِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ فِي رَهْنِ الصَّرْفِ
جَهْلًا هُوَ رَهْنٌ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَةِ الدَّنَانِيرِ أَوِ
الدَّرَاهِمِ وَمَا زَادَ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ ورهنك بِمَا
يُقْرِضُ فُلَانٌ قِيلَ يَكُونُ الرَّهْنُ بِمَا دَايَنْتَهُ مَا لَمْ
يُجَاوِزْ قِيمَةَ الرَّهْنِ وَلَا يُرَاعِي مَا يُشَبَّهُ أَنْ يُدَايَنَ
بِهِ بِخِلَافِ حَمَالَتِكَ بِمَا يُدَايِنُهُ لِأَنَّكَ لَمَّا أَعْطَيْتَ
رَهْنًا بَيَّنْتَ لَهُ الْمِقْدَارَ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ بِجَمِيعِ الصَدَاق قبل لبِنَاء لِأَنَّ الْعَقْدَ
يُوجِبُ الصَّدَاقَ كُلَّهُ فَإِنْ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ بَقِيَ
الْجَمِيعُ رَهْنًا بِالنِّصْفِ كَمَنْ قَضَى بَعْضَ الدَّيْنِ أَوْ وُهِبَ
لَهُ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: يَجُوزُ أَخْذُ دَيْنٍ عَلَى الرَّهْنِ وَيَصِيرُ رَهْنًا بِهِمَا
وَمَنَعَ (ح) وَأَصَحُّ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ لَنَا: عُمُومُ الْآيَةِ
وَقَدْ تَقَدَّمَ السُّؤَالُ عَلَيْهَا وَالْجَوَابُ الْقِيَاسُ عَلَى
الْحَمَالَةِ وَالشَّهَادَةِ بِجَامِعِ التَّوَثُّقِ فَإِنْ فَرَّقَ
بِأَنَّ الشَّهَادَةَ عِلْمٌ وَالْعِلْمُ لَا يَجِبُ حَصْرَ مُتَعَلِّقِهِ
وَالْكَفَالَةُ ذِمَّةٌ وَهِيَ قَابِلَةٌ لِأُمُورٍ كَثِيرَةٍ
وَالتَّعَلُّقِ فِي الرَّهْنِ بِعَيْنِهِ وَهُوَ لَا يَقْبَلُ الزِّيَادَةَ
عَلَى قِيمَتِهِ فَإِنَّهُ يُنْتَقَضُ بِالْجِنَايَةِ الَّتِي لَا تَسَعُ
رَقَبَةُ الْعَبْدِ غَيْرَهَا ثُمَّ إِذَا جَنَى جِنَايَةً أُخْرَى
تَعَلَّقَتْ بِرَقَبَتِهِ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْحَقِيقَةِ إِنَّمَا
هُوَ ذِمَّةُ الرَّاهِنِ وَلِأَنَّ الرَّهْنَ يَقْبَلُ النُّقْصَانَ
بِبَقَائِهِ مَرْهُونًا عَلَى بَقِيَّةِ الْحَقِّ بَعْدَ قَضَاءِ
الْأَكْثَرِ فَيَقْبَلُ الزِّيَادَةَ قِيَاسًا عَلَى النُّقْصَانِ
احْتَجُّوا بِأَنَّ الرَّهْنَ وَجَمِيعَ أَجْزَائِهِ تَعَلَّقَ بِهِ
الْحَقُّ بِدَلِيلِ لَوْ أَوْفَى أَكْثَرَ الْحَقِّ بَقِيَ الرَّهْنُ
رَهْنًا بِبَقِيَّتِهِ وَلَوْ قَلَّ وَلَوْ تَلِفَ أَكْثَرُ الرَّهْنِ
بَقِيَتْ بَقِيَّتُهُ مَرْهُونَة بحملة الْحَقِّ وَإِذَا كَانَ الرَّهْنُ
وَأَجْزَاؤُهُ مَشْغُولَةً بِجُمْلَةِ الْحَقِّ اسْتَحَالَ أَنْ يَشْغَلَهُ
غَيْرُهُ وَلِأَنَّهُ
(8/96)
عَقْدٌ لَا يَجُوزُ مَعَ غَيْرِ الْعَاقِدِ
فَلَا يَجُوزُ مَعَ الْعَاقِدِ كَالنِّكَاحِ وَلِأَنَّ الرَّهْنَ تَابِعٌ
للحق فَلَا يكون تَابعا لحق آخَرَ كَحَقِّ الدَّارِ مِنَ الطَّرِيقِ
وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ مَنْقُوضٌ بِالْعَبْدِ إِذَا جَنَى
ثُمَّ جني فَإِنَّهُ يصبر مَشْغُولًا بِالْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ بَعْدَ
أَنِ اشْتَغَلَ هُوَ وَأَجْزَاؤُهُ بِالْجِنَايَةِ الْأُولَى؛ وَعَنِ
الثَّانِي الْفَرْقُ أَنَّ مَقْصُودَ النِّكَاحِ الْإِبَاحَةُ وَضَبْطُ
النَّسَبِ وَلَا ضَبْطَ مَعَ الشَّرِكَةِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ
مَقْلُوبٌ عَلَيْهِمْ فَنَقُولُ تَابِعٌ أَضْعَفُ مِنَ الْمَتْبُوعِ
فَيَصِيرُ تَابِعًا لِمَتْبُوعٍ آخَرَ كَمَا إِذَا تَجَدَّدَ حَوْلَ
الدَّارِ دُورٌ أُخَرُ فَإِنَّ الطَّرِيقَ يَصِيرُ حَقًّا لِلْجَمِيعِ
فَكَذَلِكَ الرَّهْنُ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِنْ تَكَفَّلْتَ عَنْهُ بِحَقٍّ وَأَخَذْتَ مِنْهُ
رَهْنًا جَازَ لِأَنَّهُ آيِلٌ إِلَى حَقٍّ لَكَ عَلَيْهِ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا رَهَنَهُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ رَهْنًا
صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا فَقَبَضَهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنَ الْغُرَمَاءِ
لِوُقُوعِ الْبَيْعِ عَلَيْهِ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ قَالَ مُحَمَّدٌ: إِذَا سَأَلْتَهُ تَأْخِيرَ دَيْنِهِ بَعْدَ
الْأَجَلِ شَهْرًا وَتُعْطِيهِ رَهْنًا أَوْ حَمِيلًا امْتنع وَسَقَطت
لحمالة وَيُرَدُّ الرَّهْنُ لِأَنَّهُ سَلَفٌ حَرَامٌ
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: لَا يُعْطِيكَ أَجْنَبِيٌّ رَهْنًا بِكِتَابَةِ
مُكَاتَبِكَ لِامْتِنَاع الْحِوَالَة بِهَا
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: يَجُوزُ بِدَيْنَيْنِ لَكُمَا مُخْتَلِفَيْنِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ
أَحَدُهُمَا قَرْضًا بِشَرْطِ أَنْ يَبِيعَ الْآخَرُ وَيَأْخُذَ رَهْنًا
لِأَنَّهُ سَلَفٌ لِنَفْعٍ وَيَجُوزُ أَنْ يُقْرِضَا مَعًا بِشَرْطِ أَنْ
يَرْهَنَكُمَا لِجَوَازِ أَخْذِ الرَّهْنِ ابْتِدَاءً عَنِ الْقَرْضِ
(8/97)
3
-
(فَرْعٌ)
قَالَ: إِذَا أَقْرَضْتَهُ مِائَةً أُخْرَى عَلَى أَنْ يَرْهَنَكَ بِهَا
وَبِالْأَوْلَى يَمْتَنِعُ وَالرَّهْنُ بِالدَّيْنِ الْأَخِيرِ عِنْدَ
قِيَامِ الْغُرَمَاءِ وَيَسْقُطُ الشَّرْطُ الْمُتَضَمِّنُ لِلْفَسَادِ
وَقِيلَ: بَلْ نِصْفُهُ بِالْمِائَةِ الْأَخِيرَةِ وَتَبْطُلُ حِصَّته
الْأُخَر كَمَا لَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَامْرَأَةَ غَيْرِهِ وَقَدْ
أَجَازَ أَشْهَبُ أَسْقِطْ عَنِّي بَعْضَ الدَّيْنِ عَلَى أَنْ أُعْطِيَكَ
رَهْنًا أَوْ أَبِيعَكَ عَلَى أَنْ تَرْهَنَ بِهَذَا الثَّمَنِ وَبِثَمَنِ
السِّلْعَةِ الْأُولَى رَهْنًا وَكَرِهَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ
اللَّخْمِيُّ: أَجَازَ مُحَمَّدٌ زِدْنِي فِي الْأَجَلِ وَأَزِيدُكَ
رَهْنًا إِنْ كَانَ الرَّهْنُ الْأَوَّلُ يُوَفِّي الْحَقَّ قَالَ ابْنُ
يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ: إِنْ كَانَ الدَّيْنُ الْأَوَّلُ فِي أصلة
الْمَسْأَلَةِ حَالًّا جَازَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَدِيمًا لِتَمَكُّنِهُ
مِنْ قَبْضِ الْحَالِّ فَكَأَنَّهُ أَسْلَفَهُ الْآنَ على أَن أعطَاهُ
وَثِيقَة نَظَائِر قَالَ: يَجُوزُ الرَّهْنُ إِلَّا فِي أَرْبَعِ
مَسَائِلَ: الصَّرْفِ وراس مَال السّلم الدِّمَاء الَّتِي فِيهَا
الْقِصَاصُ وَالْحُدُودِ الرُّكْنُ الرَّابِعُ الصِّيغَةُ وَفِي
الْجَوَاهِرِ: لَا يَتَعَيَّنُ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ بَلْ كُلُّ مَا
يُشَارِكُهُمَا فِي الدَّلَالَةِ وَقَالَ (ش) لَا يَنْعَقِدُ إِلَّا
بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ عَلَى الْفَوْرِ لَنَا أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ
الْعُقُودِ إِنَّمَا هُوَ الرضى فَمَا دلّ عَلَيْهِ كف وَفِي هَذَا
الرُّكْنِ أَرْبَعَةُ فُرُوعٍ: الْأَوَّلُ فِي الْجَوَاهِرِ: كُلُّ شَرْطٍ
يُوَافِقُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ كَقَوْلِهِ بِشَرْطِ أَنْ يُبَاعَ فِي
الدَّيْنِ أَوْ يُقْبَضَ لَا يَقْدَحُ لِاسْتِلْزَامِ الْعَقْدِ لَهُ
عِنْدَ السُّكُوتِ عَنْهُ وَكَذَلِكَ كُلُّ شَرْطٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ
غَرَضٌ لِعَدَمِ الْمُنَافَاةِ فَأَمَّا مَا يُنَاقِضُ كَقَوْلِهِ بشترط
عَدَمِ الْقَبْضِ أَوْ لَا يُبَاعُ فَهُوَ مُفْسِدٌ الثَّانِي فِي
الْجَوَاهِرِ: لَوْ شَرَطَ أَنَّ ثَمَرَةَ الشَّجَرِ رَهْنٌ صَحَّ لِعَدَمِ
الْمُنَافَاةِ لِمُقْتَضَى الرَّهْنِ
(8/98)
الثَّالِثُ فِي الْجَوَاهِرِ لَوْ شَرَطَ
الرَّهْنَ فِي بَيْعٍ فَاسِدٍ فَظَنَّ لُزُومَ ذَلِكَ فَلَهُ الرُّجُوعُ
كَمَا لَوْ ظَنَّ أَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا فَوَفَّاهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ
بَرَاءَتُهُ الرَّابِعُ فِي الْجَوَاهِرِ: إِذَا رَهَنْتَ أَرْضًا فِيهَا
نَخْلٌ انْدَرَجَ وَبِالْعَكْسِ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ وَالْوَصِيَّةِ
وَقَالَهُ فِي الْكِتَابِ بِخِلَافِ الثِّمَارِ مَعَ الْأَشْجَارِ
ارْتُهِنَتْ يَوْمَ أَزْهَتْ أَمْ لَا أُبِّرَتْ أَمْ لَا إِلَّا بِشَرْطٍ
بِخِلَافِ الْجَنِينِ يَنْدَرِجُ حَصَلَ يَوْمَ الرَّهْنِ الْحَمْلُ بِهِ
أم لَا
(8/99)
(الْبَابُ الثَّانِي فِي الْقَبْضِ)
وَفِي الْجَوَاهِرِ: فِي الْأَعْيَانِ الْمُشَارِ إِلَيْهَا كَالْمَنْقُولِ
وَالْعَقَارِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ وَفِي الدَّيْنِ بِتَسْلِيمِ
ذُكر الْحَقِّ وَالْإِشْهَاد وَالْجمع بَين العزيمين وَالْجَمْعِ فَقَطْ
إِنْ لَمْ يَكُنْ ذُكر حَقٍّ وَتقدم إِلَه بِحَضْرَةِ الْبَيِّنَةِ أَلَّا
يُعْطِيَهِ إِيَّاهُ حَتَّى يَصِلَ إِلَى حَقِّهِ الْمُرْتَهَنِ وَإِنْ
كَانَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فَهُوَ قَابِضٌ لَهُ وَأَصْلُهُ قَوْله تَعَالَى
{فَرِهَانٌ مَقْبُوضَة} فَشُرِطَ فِي وَصْفِ كَوْنِهِ رَهْنًا الْقَبْضُ
لِأَنَّ الصِّفَةَ قَائِمَةٌ مَقَامَ الشَّرْطِ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْجَوَاهِرِ: الْقَبْضُ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي انْعِقَادِ الرَّهْنِ
وَصِحَّتِهِ وَلَا فِي لُزُومِهِ بَلْ يَنْعَقِدُ وَيَصِحُّ وَيَلْزَمُ
ثُمَّ يُطَالَبُ المُرتهن بِالْإِقْبَاضِ ويُجبر الرَّاهِنُ عَلَيْهِ
لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي اسْتِقْرَارِ الْوَثِيقَةِ لِيَكُونَ أَوْلَى من
الْغُرَمَاء فِي الْفلس الْمَوْت كَمَا يَتَأَخَّرُ اللُّزُومُ فِي بَيْعِ
الْخِيَارِ وَانْتِقَالِ الضَّمَانِ فِي الْبَيْعِ حَتَّى يَقْبِضَ
الْمَبِيعَ وَيَصِحُّ التَّحَمُّلُ فِي الشَّهَادَةِ وَتَتَوَقَّفُ
ثَمَرَتُهَا عَلَى الْعَدَالَةِ وَقَالَ (ش) (ح) لَا يَلْزَمُ شَيْءٌ
بِالْعَقْدِ بَلْ بِالْقَبْضِ وَلَهُ أَنْ لَا يسلِّم قَبْلَ الْقَبْضِ
وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ: إِنْ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا لَزِمَ
بِالْعَقْدِ وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ (ش) الْعِتْقُ وَالْبَيْعُ وَالرَّهْنُ
فِي الرَّهْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ يُبْطِلُ الرَّهْنَ بِخِلَافِ تَزْوِيجِ
الْأَمَةِ وَإِنْ أجَّر الدَّارَ مُدَّةً دُونَ أَجَلِ الدَّيْنِ لَا
يَبْطُلُ لِإِمْكَانِ بيعهَا لنا: قَوْله تَعَالَى {فرهان مَقْبُوضَة}
فَجَعَلَ الْقَبْضَ صِفَةً لِلرَّهْنِ وَالصِّفَةُ غَيْرُ
(8/100)
الْمَوْصُوفِ وَلَيْسَتْ صِفَةً لَازِمَةً
وَإِلَّا لَما صَحَّ قَوْلُهُ أَرْهَنُكَ هَذَا وَلَمْ يُسَلِّمْهُ
إِلَيْهِ وَإِذَا كَانَ الرَّهْنُ يَتَحَقَّقُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَجَبَ
الْوَفَاءُ بِالْقَبْضِ لقَوْله تَعَالَى {أَوْفوا بِالْعُقُودِ} وَلقَوْله
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ
وَقِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الْعُقُودِ احْتَجُّوا بِأَنَّهُ عَقْدُ
إِرْفَاقٍ فَيُشْتَرَطُ الْقَبْضُ فِي لُزُومِهِ كَالْقَرْضِ وَلَا
يَلْزَمُ بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ حَتَّى يَنْضَافَ إِلَيْهِ غَيْرُهُ
كَالْوَصِيَّةِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنَ الْمَوْتِ وَالْجَوَابُ عَنِ
الْأَوَّلِ الْمَنْعُ بَلِ الْقَرَاض يلْزم بالْقَوْل وَعَن الثَّانِي
الْقلب فَنَقُول لايشترط فِيهِ الْقَبْضُ قِيَاسًا عَلَى الْوَصِيَّةِ
تَفْرِيعٌ: فِي الْجَوَاهِرِ: لَوْ تَرَاخَى فِي طَلَبِ الْقَبْضِ حَتَّى
مَاتَ أَوْ فَلَسَ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ بِخِلَافِ المُجد فِي
الطَّلَبِ إِلَى حينئذٍ وَلَوْ عَجَزَ كالهبات وَظَاهر الْكتاب هُوَ
كَغَيْر المُجد لإِطْلَاق القَوْل من غير تَفْضِيل وَلَا يَبْطُلُ
الْحَوْزُ بِخُرُوجِهِ عَنْ يَدِهِ عَلَيْهِ وَلَوْ وُجد بَعْدَ الْمَوْتِ
أَوِ الْفَلَسِ بِيَدِ أَمِين أَو الْمُرْتَهن قَالَ عبد الْمَالِك: لَا
يَنْفَعُ ذَلِكَ حَتَّى تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ بِحَوْزِهِ قَبْلَ الْمَوْتِ
أَوِ الْفَلَسِ لِاحْتِمَالِ طَرَيَانِ الْقَبْضِ بِعَدَهُمَا وَقَالَ
مُحَمَّدٌ: صَوَابُهُ لَا يَنْفَعُ إِلَّا مَعَانِيه الْحَوْز لهَذَا
الإرهان وَلَا يُفسخ عقد الإرهان بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَلَا جُنُونِهِمَا
وَلَا الْحَجْرِ عَلَيْهِمَا قَاعِدَةٌ: كُلُّ مَا كَانَ مَالًا أَوْ
مُتَعَلِّقًا بِالْمَالِ كَالرَّهْنِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالْأَخْذِ
بِالشُّفْعَةِ وَإِمْضَاءِ الْخِيَارِ انْتَقَلَ لِلْوَارِثِ لِأَنَّهُ
يَرِثُ الْمَالَ فَيَرِثُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَكُلُّ مَا يَرْجِعُ إِلَى
النَّفْسِ وَالرَّأْيِ وَالْمَلَاذِ لَا يَنْتَقِلُ لِلْوَارِثِ لِأَنَّهُ
لَا يَرث النَّفس كاللعان وَالْإِيلَاء وَخيَار من اشْتَرَطَ خِيَارَهُ
لِأَنَّهُ رَأْيُهُ نَظَائِرٌ: قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ سَبْعَ عَشْرَةَ
مَسْأَلَةً لَا تَتِمُّ إِلَّا بِالْقَبْضِ: الرَّهْنُ وَالْحَبْسُ
وَالصَّدَقَةُ وَالْهِبَةُ والعُمرى وَالْعَطِيَّةُ وَالنُّحْلُ
وَالْعَرِيَّةُ وَالْمِنْحَةُ وَالْهَدِيَّةُ وَالْإِسْكَانُ
وَالْعَارِيَةُ وَالْإِرْفَاقُ والعِدة وَالْإِخْدَامُ وَالصِّلَةُ
وَالْحِبَاءُ
(8/101)
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْجَوَاهِرِ: يَجُوزُ الْوَضْعُ عَلَى يَدِ الثَّالِث يَتَوَكَّلُ
وَلَيْسَ لَهُ التَّسْلِيمُ لِأَحَدِهِمَا دُونَ إِذْنِ الْآخَرِ فَإِنْ
فَعَلَ ضَمِنَ لتعدَّيه وَلَوْ تَغَيَّرَ حَالُهُ لَكَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ
طَلَبُ التَّحْوِيلِ إِلَى عَدْلٍ آخَرَ صَوْنًا لَهُ عَنِ الضَّيَاعِ
فَإِنِ اخْتَلَفَا فِي عَدْلَيْنِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ:
يَجْعَلُهُ الْقَاضِي عَلَى يَدِ عَدْلٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَلَيْسَ
ببيِّن بَلْ يقدِّم قَوْلُ الرَّاهِنِ إِذَا دَعَا إِلَى ثِقَةٍ لِأَنَّهُ
مَالُهُ فَهُوَ أَنْظَرُ لِنَفْسِهِ فَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ عدلٍ
وَقَالَ الْآخَرُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ قُدم طَالِبُ الْعَدْلِ لِأَنَّهُ
أَعْدَلُ وَأَبْعَدُ عَنِ التُّهَمِ
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِذَا اكْتَرَى حِصَّةَ شَرِيكِهِ وَسَكَنَ بَطَلَ حَوْزُ
الْمُرْتَهِنِ إِنْ لم يقم الْمُرْتَهِنُ بِقَبْضِ حِصَّةِ الرَّاهِنِ مِنَ
الدَّارِ وَيُقَاسِمُهُ وَلَا يمْنَع الشَّرِيكَ مِنْ كِرَاءِ نَصِيبِهِ
مِنَ الرَّاهِنِ لِأَنَّهُ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ وَلَكِنْ تُقَسَّمُ
الدَّارُ فَيَحُوزُ الْمُرْتَهِنُ رَهنه ويُكري الشَّرِيك نصِيبه قَالَ
التّونسِيّ عَن ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا ارْتَهَنَ دَارًا فَأَكْرَاهَا
مِنْ رجل بِإِذن الرَّاهِن فأكراها الْمُرْتَهن مِنَ الرَّاهِنِ فَإِنْ
كَانَ الْمُكْتَرِي مِنْ نَاحِيَةِ رَبِّ الدَّارِ فَالْكِرَاءُ فاسدٌ
وَفَسَدَ الرَّهْنُ أَوْ أَجْنَبِيًّا جَازَ لِأَنَّهُ لَمَّا تَقَدَّمَ
حَوْزُهُ لِلرَّهْنِ ثُمَّ غُلب عَلَى رَدِّهِ إِلَى يَدِ صَاحِبِهِ لَمْ
يَنْتَقِضِ الْحَوْزُ كَالْعَبْدِ إِذَا أَبِقَ بَعْدَ الْحَوْزِ
وَأَخَذَهُ الرَّاهِنُ وَاخْتُلِفَ فِي رَهْنِ مَا أُكْرِيَ هَلْ تَصِحُّ
حِيَازَتُهُ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ فِي اشْتِرَاطِ الِانْتِفَاعِ
بِالرَّهْنِ أَنَّهُ حوزٌ وَهُوَ مُرْتَهَنٌ مُكترى إِلَّا أَنَّ ذَلِكَ
فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ وَإِذَا جَوَّزَ الْكِرَاءَ وَالرَّهْنَ فِي عَقْدٍ
وَاحِدٍ وَيَصِحُّ الْحَوْزُ فَيَصِحُّ مَا تَقَدَّمَ الْكِرَاءُ الرَّهْنَ
كَمَا أَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ هِبَةَ مَا تَقَدَّمَتْ فِيهِ الْخِدْمَةُ
وَأَجَازَ الْإِخْدَامَ وَالْهِبَةَ وَالرَّقَبَةَ فِي مُدَّة وَاحِدَةٍ
وَإِنْ كَانَ مَالِكٌ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَلَا يَتِمُّ حَوْزُ
الصَّدَقَةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَا تَقَدَّمَتْ فِيهِ
الْإِجَارَةُ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ لَمَّا كَانَ المتصدَّق يَأْخُذُ
كِرَاءَهَا فَكَانَتْ يَدُهُ بَاقِيَةً وَعَلَى هَذَا يَجِبُ أَلَّا
يَتِمَّ الرَّهْنُ وَالْإِجَارَةُ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ وَفِي كِتَابِ
مُحَمَّدٍ: إِذَا سَاقَى حَائِطًا ثُمَّ رَهَنَهُ فَلْيَجْعَلِ
الْمُرْتَهِنُ مَعَ الْمُسَاقِي رَجُلًا أَوْ يَجْعَلَانِهِ عَلَى يَدِ
رَجُلٍ يَرْضَيَانِ بِهِ فَإِنْ جَعَلَاهُ عَلَى يَدِ الْمُسَاقِي أَوْ
أجيرٍ لَهُ فِي
(8/102)
الْحَائِط فَلَيْسَ برهن قَالَ: وَلَا
وَجْهَ لِقَوْلِهِ يَجْعَلُ مَعَ الْمُسَاقِي رَجُلًا آخَرَ لِبَقَاءِ يَدِ
الْمُسَاقِي وَيُقْضَى بِكَوْنِهِ لِلرَّاهِنِ لِعَمَلِ الْمُسَاقِي
بِجُزْئِهِ الَّذِي يَأْخُذُهُ وَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا اكْتَرَى دَارًا
سَنَةً وَأَخَذَ حَائِطًا مُسَاقَاةً فَرَهَنَهُ قَبْلَ وَفَاءِ السَّنَةِ
لَا يَكُونُ مُحَازًا لِحَوْزِهِ قَبْلَ ذَلِكَ بِالسَّقْيِ بِخِلَافِ
ارْتِهَانِ فَضْلَةِ الرَّهْنِ لِأَنَّ الْفَضْلَةَ مَحُوزَةٌ عَنْ
صَاحِبِهَا فَلَمْ يحز هَاهُنَا مَا تَقَدَّمَ سِقَاءً وَلَا كِرَاءً
بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِيهِ رهنُ وَمَنَعَهُ أَشْهَبُ وَهُوَ الْأَشْبَه
وحوّز رَهْنَ نِصْفِ الدَّارِ وَهِيَ " لَهُ " كُلُّهَا وَيَقُومُ بِذَلِكَ
الْمُرْتَهِنُ مَعَ الرَّاهِنِ أَوْ يَضَعَانِهَا عَلَى يَدِ غَيْرِهِمَا
مَا لَمْ يَكُنِ الْمَوْضُوعُ عَلَى يَده قيِّماَ لَهُ مثل عَبده وأجيره
وَلَوْ رَهَنَ الْجَمِيعَ جَازَ وضعُه عَلَى يَدِ الآخر لِأَن الْمُرْتَهن
القيا بِجَمِيعِهِ وَصَارَ قيِّمه حَائِزًا لِلْمُرْتَهِنِ بِخِلَافِ
الْعَبْدِ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَدُهُ يَدُ السَّيِّدِ وَيَدُ القيِّم
الْمُرْتَهِنِ مَا لَمْ يَبْقَ لِلرَّاهِنِ فِيهِ شَيْءٌ وَإِذَا رَهَنَ
النِّصْفَ بَقِيَتْ يَدُ الْقَيِّمِ عَلَى النِّصْفِ لِلرَّاهِنِ فَهُوَ
كَمَنِ ارْتَهَنَ نِصْفَ دَارٍ وَبَقِيَتْ يَدُهُ مَعَ الْمُرْتَهِنِ
لِأَنَّ الْقَيِّمَ هَاهُنَا حائزٌ لِلْمُرْتَهِنِ بِخِلَافِ مَا لَوْ
رَهَنَ دَارًا عَلَى أَنْ يَجْعَلَاهَا عَلَى يَدِ أَجْنَبِيٍّ لِزَوَالِ
يَدِ الرَّاهِنِ وَإِذَا وَضَعَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ عِنْدَ ابْنِ
الرَّاهِنِ عَلَى يَدِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ وَالِابْنُ مُبَايِنٌ لَهُ لَمْ
يَفْسُدِ الرَّهْنُ وَكَذَلِكَ الزَّوْجَةُ بِخِلَاف الابْن الصَّغِير
واختُلف إِذْ سلف من امْرَأَته ورهنها جَارِيَة لَهُ جعله أَصْبَغُ حَوْزًا
وَكُلُّ مَا فِي بَيْتِهَا مَا خَلَا رَقَبَةَ الدَّارِ إِذَا
ارْتَهَنَتْهَا مِنْ زَوْجِهَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ حَوْزًا وَكَذَلِكَ
الصَّدَقَةُ بِخِلَافِ صَدَقَتِهَا هِيَ عَلَيْهِ بِالدَّارِ فَتَسْكُنُ
فِيهَا مَعَهُ لِأَنَّ عَلَيْهِ السُّكْنَى لَهَا قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ
وَفِي الْحَقِيقَةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الدَّارِ وَالْخَادِمِ وَهُوَ
بِيَدِهِ وَجَمِيعُ مَا فِي الْبَيْتِ مِنْ رَهْنِهِ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ
فَذَلِكَ حَوْزٌ وَعَلَيْهِ إخدامُها كَمَا عَلَيْهِ إِسْكَانُهَا قَالَ
ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّد: إِذا ارْتهن نصف دَار فَجَعَلَهَا عَلَى
يَدِ شَرِيكٍ ثُمَّ ارْتَهَنَ نَصِيبَ الشَّرِيكِ فَجَعَلَهُ عَلَى يَدِ
الشَّرِيكِ الْأَوَّلِ بَطَلَ رَهْنُ جَمِيعِ الدَّارِ لِرُجُوعِهَا كَمَا
كَانَتْ بِيَدِ صَاحِبِهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ نَصِيبُهُ قَالَ ابْنُ
الْقَاسِمِ إِذَا رَهَنَهَا خَادِمًا فِي صَدَاقِهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ
فَحَازَتْهَا شَهْرًا ثُمَّ بَنى بِهَا فَخَدَمَتْهُمَا خَرَجَتْ من
(8/103)
الرَّهْنِ بِخِدْمَتِهِمَا قَالَ ابْنُ
يُونُسَ: وَكُلُّ أَمْرٍ إِذَا ابْتُدِئَ فِي الرَّهْنِ لَا يَكُونُ
حَوْزًا يَخْرُجُ عَنِ الْحَوْزِ وَلَا يَبْطُلُ الْحَوْزُ فِي الْهِبَةِ
وَالصَّدَقَةِ وَالْحَبْسِ إِذَا طَالَ الْحَوْزُ وَالْفَرْقُ أَنَّ
الرَّهْنَ وَثِيقَةٌ فِي الْحَقِّ فَإِذَا عَادَ لِلرَّاهِنِ بَطَلَ
حَقُّهُ وَرَجَعَ الرَّاهِنُ لِمَلِكِهِ وَحَوْزِهِ وَالْمِلْكُ مُنْتَقِلٌ
فِي أُولَئِكَ فَلَا يَضُرُّ الرُّجُوعُ كَمَا لَوْ رَجَعَتْ بَعْدَ
الْبَيْعِ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ إِذَا حُزْتَ سَنَةً ثُمَّ شَهِدَتْ
بَيِّنَةٌ أَنَّ غَيْرَكَ ارْتَهَنَهُ قَبْلَكَ وَحَازَهُ وَقَالَ لَمْ
أَعْلَمْ بِيَدِ الْأَوَّلِ قُدمت حِيَازَتُهُ وَمَا فَضَلَ لَكَ دُونَ
الْغُرَمَاءِ وَعَنْ مَالِكٍ: إِذَا حُزتَ الْحَائِطَ تَحْتَ يَدِ أَمِينٍ
فَأَخَذَهُ رَبُّهُ مُسَاقَاةً مِنَ الْأَمِينِ ضَعُفَ الرَّهْنُ
وَكَأَنَّهُ لَمْ يَرْهَنْهُ وَيَحُوزُ مَا فَاتَهُ مِنَ الَّذِي لَهُ
الدَّيْنُ وَلَا يَأْخُذُهُ الْأَمِينُ مُسَاقَاةً إِلَّا بِإِذْنِكُمَا
3
-
(فَرْعٌ)
قَالَ التُّونِسِيُّ: لَا يَنْفَعُ إِقْرَارُ الْمُتَرَاهِنَيْنِ بِأَنَّ
الرَّهْنَ حِيزَ حَتَّى تُعَايِنَ الْبَيِّنَةُ حَوْزَهُ لِاتِّهَامِهِمَا
عَلَى الْغُرَمَاءِ وَلَوْ وُجد فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ الْفَلَسِ
أَوِ الْمَوْتِ مَا نَفَعَ ذَلِكَ وَفِيهِ خِلَافٌ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ:
إِذَا مَاتَ الرَّاهِنُ فَأَكَرَاهُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ بَعْضِ وَرَثَتِهِ
ثُمَّ قَامَ الْغُرَمَاءُ لَا شَيْءَ لِلْغُرَمَاءِ لِأَنَّهُ لَمْ
يَرْجِعْ لِلرَّاهِنِ قَالَ مُحَمَّدٌ: صوابُه أَنَّ الِابْنَ لَا مِيرَاثَ
لَهُ فِيهِ لِاسْتِغْرَاقِ الدَّيْنِ التَّرِكَةَ وَظَاهِرُ قَوْلِ عَبْدِ
الْمَلِكِ خِلَافُ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ:
إِذَا مَاتَ الرَّاهِنُ وَقَدْ أَكْرَيْتَهُ بَعْدَ الْحَوْزِ فِي
حَيَاتِهِ مِنْ وَارِثِهِ لَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ لِأَنَّ الدَّيْنَ
اسْتَغْرَقَهُ فَلَا مِيرَاثَ
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِذَا لَمْ يَقْبِضْ حَتَّى مَاتَ الرَّاهِن أَو أفلس
فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فِي الرَّهْنِ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُوضَعُ الرَّهْنُ عَلَى يَدِ
ابْنِ صَاحِبِ الرَّهْنِ إِذَا كَانَ
(8/104)
فِي عِيَالِهِ وَلَا امْرَأَتِهِ قَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ: ويُفسخ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْأَخِ وَكَذَلِكَ امْرَأَتُهُ
الْبَائِنَةُ عَنْهُ فِي دَارِهَا وَحَوْزِهَا قَالَ: عَبْدُ الرَّاهِنِ
الْمَأْذُونُ وَغَيْرُهُ حَوْزٌ بَاطِلٌ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْمُنْتَقَى: إِذا رهن بَيْتا من دَار وَنِصْفهَا مشَاعا فَالْغَلْقُ
عَلَى الْبَيْتِ حِيَازَةً لَهُ وَلِنِصْفِ الدَّارِ والكراء يشْتَمل
الْجَمِيعَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَهُوَ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْبَيْتَ
مُعْظَمُ الرَّهْنِ أَوْ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ حِيَازَةِ
الْمُشَاعِ مَعَ غَيْرِ الرَّاهِنِ بِأَنْ يَكُونَ بَقِيَّةُ الدَّارِ
لِغَيْرِ الرَّاهِنِ وَلَوْ حَازَ الدَّارَ وَفِيهَا طَرِيقٌ يَمُرُّ
فِيهَا الرَّاهِنُ وَغَيْرُهُ لِأَنَّ الطَّرِيقَ حَقُّ النَّاسِ كُلِّهِمْ
قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِم فراعى الْبيُوت دون المساحة وَيَحْتَمِلُ
الْوَجْهَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْبَيَانِ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا قَالَ لَكَ رَجُلٌ فِي
عَبْدٍ ارْتَهَنْتَهُ أَنَا آخُذُهُ عِنْدِي وَأَضْمَنُهُ مِنْ كُلِّ
شَيْءٍ إِلَّا الْمَوْتَ وَأُعْطِيكَ حَقَّكَ عِنْدَ الْأَجَلِ فأخَّره
الْحَمِيلُ عِنْدَ الرَّاهِنِ وَلَمْ يَقْبِضْهُ فَلَيْسَ للحميل بَيْعه
عِنْد الْأَجَل لبطلانه بِعَدَمِ الْحَوْزِ وَيُغَرَّمُ الْحَمِيلُ
الدَّيْنَ وَيَرْجِعُ بِهِ وَلَوْ أَخَّرَ الْعَبْدَ أَيَّامًا فَلَهُ
الْقِيَامُ بِأَخْذِهِ لِأَنَّهُ يُعذر بِشُغْلٍ يَمْنَعُهُ مِنَ الْحَوْزِ
أَمَّا إِذَا طَالَ حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ فَلَا
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْجَلَّابِ: إِذَا اشْتَرَطَ رَهْنًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَامْتَنَعَ
الرَّاهِنُ مِنَ الْإِقْبَاضِ خُيِّر الْبَائِعُ بَيْنَ إِمْضَاءِ
الْبَيْعِ وَفَسْخِهِ وَقَالَهُ (ش) لِفَوَاتِ مَا رَضِيَ لِأَجْلِهِ وَفِي
شَرْحِ الْجَلَّابِ: يُعْطَى فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ الدَّوْرُ
وَالثِّيَابُ وَالْحُلِيُّ لِصِدْقِ الْمُسَمَّى وَلَا يُلزَم الْعَبْدُ
وَالدَّابَّةُ لِلْمَشَقَّةِ فِي الْكُلْفَةِ وَمَتَى تنَازعا فِيمَا يُغاب
عَلَيْهِ أوما لَا يُغاب عَلَيْهِ لَزِمَ الْقَبُولُ لِصِدْقِ المسمَّى
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ الْبَصْرِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ: لَوْ رَهَنَهُ دَارَيْنِ فَأَقْبَضَهُ
إِحْدَاهُمَا كَانَتْ رَهْنًا بِجَمِيعِ
(8/105)
الْحَقِّ وَقَالَهُ (ش) وَقَالَ (ح)
بِنِصْفِ الْحَقِّ قِيَاسًا عَلَى قَبْضِ الْبَيْعِ وَالْفَرْقُ أَنَّ
الرَّهْنَ يَتَعَلَّقُ بِهِ وَبِكُلِّ جُزْءٍ مِنْهُ لِمُنَاسَبَةِ
التَّوَثُّقِ لِذَلِكَ الْمَقْصُودِ وَمَقْصُودُ الْبَيْعِ الْمَالِيَّةُ
وَنِسْبَتُهَا فِي التَّوْزِيعِ بِدَلِيلِ لَوْ وَفَّاهُ الحقَّ إِلَّا
دِرْهَمًا بَقِيَ الرَّهْنُ رَهْنًا بِهِ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى
الضَّامِنَيْنِ يَمُوتُ أَحَدُهُمَا فَلَهُ مُطَالَبَةُ الْحَيِّ بِجَمِيعِ
الْحَقِّ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْجَلَّابِ: إِذَا رَهَنَ نَصِيبُهُ لَيْسَ لَهُ اسْتِئْجَارُ نَصِيبِ
شَرِيكِهِ مِنَ الدَّارِ إِلَّا بَعْدَ الْقِسْمَةِ لِيَتَحَقَّقَ
الْحَوْزُ
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْبَيَانِ: إِذَا قَالَ لَكَ رَجُلٌ قَدْ حِزْتُ الرَّهْنَ لَكَ
فعامِله فدَفعتَ بِقَوْلِهِ قَالَ مَالِكٌ: ضمن مَا أردتَ أَنْ يَكُونَ
رَهْنًا لِغُرُورِهِ لَكَ بِعَدَمِ الْحَوْزِ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى: إِذَا وَقَعَ مَا يُبْطِلُ الْحِيَازَةَ
فَلِلْمُرْتَهِنِ الْقِيَامُ بِرَدِّ ذَلِكَ قَالَ أَشْهَبُ: إِلَّا أَنْ
يَفُوتَ بِحَبْسٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ تَدْبِيرٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ قِيَامِ
غُرَمَاءَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِلَّا فِي الْعَارِيَةِ غَيْرِ
الْمُؤَجَّلَةِ فَلَيْسَ لَهُ الِارْتِجَاعُ إِلَّا أَن يعيره على ذَلِك
أما الموجلة فَلهُ أَخذهَا بعد الْأَجَل كالإجازة وَعَن ابْن الْقَاسِم
تبطل الْإِجَارَة إِذَا عَلِمَ بِهَا وَتَرَكَ الْفَسْخَ وَعِنْدَ أَشْهَبَ
لَا يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ عَلَى الْفَوْرِ كَمَا لَوْ تَرَكَهُ عِنْدَ
الرَّاهِنِ ثُمَّ قَامَ يَقْبِضُهُ وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ حَقُّ
الرَّاهِنِ فَإِذَا رَدَّهُ وَتَرَكَ حَقَّهُ فَلَا رُجُوعَ وَمَتَى فَاتَ
بِالْعِتْقِ أَو حبس وَنَحْوه أَو يحوزه وَالرَّاهِنُ مُعْدَمٌ رُدّ
لِعَدَمِهِ وَلَا يُرّد الْبَيْعُ وَلَا يعجل من ثمنه الَّذين وَلَا يوضع
لَهُ الثّمن لِأَن قَدْ رَدَّهُ كَمَا لَوْ بَاعَهُ قَبْلَ حِيَازَةِ
الْمُرْتَهن
(8/106)
(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي حُكْمِ
الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ الْقَبْضِ)
قَالَ فِي الْكِتَابِ: إِذَا ارْتَهَنَ نِصْفَ ثَوْبٍ فَهَلَكَ الثَّوْبُ
عِنْدَهُ لَمْ يَضْمَنْ إِلَّا نِصْفَهُ كَالْمُعْطِي لِغَرِيمِهِ
دِينَارًا لِيَسْتَوْفِيَ مِنْهُ نِصْفَ دِينَارٍ لَهُ عَلَيْهِ وَيَرُدَّ
الْبَاقِيَ فَزَعَمَ أَنَّهُ ضَاعَ ضَمِنَ النِّصْفَ وَهُوَ أَمِينٌ فِي
الْبَاقِي وَلَا يحلف إِلَّا أَن يُتهم
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: إِذْ استُحق نِصْفَ الدَّارِ أَوِ الدَّابَّةِ أَوِ الثَّوْبِ مِنْ
يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَبَاقِيهِ رَهْنٌ بِجَمِيعِ الْحَقِّ لِتَنَاوُلِ
عَقْدِ الرَّهْنِ الرَّهْنَ وَأَجْزَاءَهُ كَتَنَاوُلِ الْإِيدَاعِ
وَالْغَصْب وَالْعَارِية بِالْجُمْلَةِ وَالْأَجْزَاءِ وَإِنْ أَرَادَ
الْمُسْتَحِقُّ الْبَيْعَ بَاعَ الرَّاهِنُ الْمُرْتَهن مَعَهُ وَلَا
يُسَلِّمُ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ لَكِنْ يُبَاعُ وَهُوَ بِيَدِهِ
فَتَصِيرُ حِصَّةُ الرَّاهِنِ مِنَ الثَّمَنِ رَهْنًا بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ
بِجَمِيعِ الْحَقِّ أَوْ بِيَدِ مَنْ كَانَ الرَّهْنُ عَلَى يَدِهِ وَلَوْ
تَرَكَ الْمُسْتَحِقُّ حِصَّتَهُ بَيْدِ الْمُرْتَهِنِ وَهُوَ ثَوْبٌ ثُمَّ
ضَاعَ لَمْ يَضْمَنِ الْمُرْتَهِنُ إِلَّا نِصْفَ قِيمَتِهِ لِأَنَّهُ
أَمِين الْمُسْتَحق وَلَو وضع الرَّاهِن وَالْمُرْتَهن عَلَى يَدِ
الْمُسْتَحِقِّ أَوْ غَيْرِهِ فَضَاعَ لَمْ يَضْمَنْ لِخُرُوجِهِ مِنْ
يَدِهِ وَبَقِيَ دِينُهُ بِحَالِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: يراعَى فِي
اسْتِحْقَاقِ الرَّهْنِ هَلْ مَضْمُونٌ أَوْ مُعَيَّنٌ؟ وَهَلِ
الْمُسْتَحَقُّ قَبْلَ الْقَبْضِ أَو بعده؟ هَل غير الْمُرْتَهِنَ أَمْ
لَا؟ فَغَيْرُ الْمُعَيَّنِ إِذَا أَتَى الرَّاهِنُ بَرْهَنٍ وَرَضِيَ
الْمُرْتَهِنُ بِهِ فَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى استُحق أُجْبِرَ الرَّاهِنُ
عَلَى أَنْ يَأْتِيَ بِغَيْرِهِ وَإِنِ استُحق بَعْدَ الْقَبْضِ فَعَلَيْهِ
إِخْلَافُهُ عِنْدَ سَحْنُونٍ كَمَوْتِهِ وَقِيلَ لَا كَالْبَيْعِ
وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ لِأَنَّ لِلْمُرْتَهِنِ رَهْنًا فِي الذِّمَّةِ
وَالْغَرَرُ فِي
(8/107)
الْمَضْمُونِ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ فَإِنْ
كَانَ مُعيَّناً وَاسْتُحِقَّ قَبْلَ الْقَبْضِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ
يُخَيَّرُ الْبَائِعُ فِي سِلْعَتِهِ فِي إِمْضَائِهَا بِغَيْرِ رَهْنٍ
وَرَدِّهَا إِنْ كَانَتْ قَائِمَةً أَوْ يَأْخُذُ قِيمَتَهَا فَائِتَةً
سَوَاءٌ أَتَى بِرَهْنٍ آخَرَ أَمْ لَا وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِنْ
تَطَوَّعَ بِرَهْنٍ أُجبر عَلَى قَبُولِهِ وَإِلَّا خُيِّرَ عَلَى
سِلْعَتِهِ وَعَلَى قَوْلِ مالكٍ لَا مَقَالَ لَهُ فِي سِلْعَتِهِ وَلَا
قِيمَتِهَا إِنْ فَاتَتْ وَلَا رَهْنٌ وَلَا غَيْرُهُ لِقَوْلِهِ: إِنْ
تَعدَّى الرَّاهِنُ فَبَاعَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا مقَالا للْمُرْتَهن
وَإِذا سقط مقَال فِي الْبَيْعِ فَأَوْلَى فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَإِنِ
استُحق بَعْدَ الْقَبْضِ فَلَا مَقَالَ لَهُ إِذَا لَمْ يغًّيره وَإِلَّا
اسْتَوَى قَبْلُ وَبَعْدُ وَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ
لَا يُجبَر الرَّاهِنُ عَلَى خَلَف وَلِلْمُرْتَهِنِ مقالٌ فِي إِمْضَاءِ
سِلْعَتِهِ وَرَدِّهَا وَأَلْزَمَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ الْخُلْفَ وخيَّره
مُحَمَّدٌ فَإِنْ أَخْلَفَ أُجبر الْآخَرُ عَلَى الْقَبُولِ وَإِنْ لَمْ
يُخْلِفْ عَادَ مَقَالُهُ فِي سِلْعَتِهِ وَأَلْزَمَهُ سَحْنُونٌ تَعْجِيلَ
الْحَقِّ وَرَأَى أَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ
سَوَاءٌ وَالِاسْتِحْقَاقُ قَبْلَ الْقَبْضِ مُخَالِفٌ لِلْمَوْتِ لِأَنَّ
الْمَوْتَ طَرَأَ بَعْدَ صِحَّتِهِ وَالِاسْتِحْقَاقُ نَقْصٌ لَهُ مِنْ
أَصْلِهِ وَمَتَى غَرَّهُ خُيِّر بَيْنَ إِجْبَارِهِ عَلَى مِثْلِهِ أَوْ
يَكُونُ مَقَالُهُ فِي سِلْعَتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَاخْتُلِفَ فِيمَا
يُفيت السِّلْعَةَ فَالْمَشْهُورُ حَوَالَةُ الْأَسْوَاقِ وَقَالَ
مُحَمَّدٌ لَا يُفيتها إِلَّا الْعُيُوبُ الْمُفْسِدَةُ وَيَلْزَمُهُ إِنْ
بَاعَ سِلْعَتَهُ بِسِلْعَةٍ فَاسْتُحِقَّتْ إِحْدَاهُمَا أَنْ لَا يُفيت
الْأُخْرَى إِلَّا الْعُيُوبُ وَلَيْسَ الْمُرْتَهِنُ أَقْوَى مِنَ
الْمُشْتَرِي وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُ فُرُوعِ الِاسْتِحْقَاقِ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: مَا وَقَعَ عَلَى يَدِ عَدْلٍ فَضَمَانُهُ مِنَ الرَّاهِنِ
وَمَا قَبَضَهُ الْمُرْتَهِنُ مِمَّا لَا يُغاب عَلَيْهِ مِنْ ربعٍ أَوْ
حَيَوَانٍ لَا يَضْمَنُهُ الْمُرْتَهِنُ وَيُصَدَّقُ فِي هَلَاكِهِ
وَعَطَبِهِ وَإِبَاقِهِ أَوْ حُدُوثِ عَيْبٍ وَمَا يُغَابُ عَلَيْهِ
يَضْمَنُهُ بِالْقَبْضِ إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ عَلَى هَلَاكِهِ
مِنْ غَيْرِ سَبَبِهِ بِأَمْرٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ بتعدِّي
أَجْنَبِيٍّ فَذَلِكَ مِنَ الرَّاهِنِ وَلَهُ طَلَبُ الْمُتَعَدِّي
بِالْقِيمَةِ وَمَتَى أَتَى الرَّاهِنُ بِرَهْنٍ ثِقَةً أَخَذَ الْقِيمَةَ
وَإِلَّا جُعلت الْقِيمَةُ رَهْنًا فِي التَّنْبِيهَاتِ قَالَ ابْنُ
زِمْنِينَ: يَحْلِفُ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ لَقَدْ ضَاعَ بِغَيْرِ
دُلْسَةٍ دَلَّسَهَا فِيهِ وَمَا يَعْلَمُ مَوْضِعَهُ مُنْذُ ضَاعَ
وَوُجِّهَ يَمِينه مَعَ ضَمَانه فَإِن كَانَ
(8/108)
الْغرم الْيَمِينَ اتِّهَامَهُ عَلَى
الرَّغْبَةِ فِيهِ وَعَلَيْهِ حَمَلَ بعض شيوخيا الْمُدَوَّنَةَ وَقَالَ
الْعُتْبِيُّ: لَا يَمِينَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يُضَمَّنُ فَلَا يُجْمَعُ
بَيْنَ الْغُرْمِ وَالْحَلِفِ كَالدُّيُونِ إِلَّا أَنْ يَقُولَ الرَّاهِنُ
أَخْبَرَنِي صادقٌ بِكَذِبِهِ وَأَنه عِنْده وَمَا لايغاب عَلَيْهِ فَقِيلَ
يَحْلِفُ عَلَى كُلِّ حَالٍ بِخِلَافِ الْمُودَعِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ
وَقِيلَ كَالْمُودَعِ تَجْرِي فِيهِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ
الْمَعْلُومَةُ وَقِيلَ يَحْلِفُ إِنْ كَانَ غَيْرَ مُتَّهَمٍ مَا
فَرَّطْتُ وَلَا ضَيَّعْتُ وَيَزِيدُ الْمُتَّهم لقد ضَاعَ قَالَ صَاحب
النكث: يحلف فِيمَا لايُغاب عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يُعْلَمْ إِلَّا
بِقَوْلِهِ اتُهم أَمْ لَا وَكَذَلِكَ عَارِيَةُ مَا لَا يُغاب عَلَيْهِ
وَبيع الْخِيَار وضياع المشايد ((كَذَا) لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ
إِنَّمَا أَخَذَهَا لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ
الْمَنْفَعَةِ لِغَيْرِهِ وَلَا يُشكل عَدَمُ تَحْلِيفِ عَامِلِ الْقِرَاضِ
فِي دَعْوَى الضَّيَاعِ إِلَّا أَن يكون مُتَّهمًا وَإِن قبض بِمَنْفَعَة
نَفْسِهِ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ غَيْرُ مُتَيَقَّنَةٍ لِتَوَقُّعِ عَدَمِ
الرِّبْح وَرَأس المَال الَّذِي يردُّه مَنْفَعَةَ لَهُ فِيهِ قَالَ ابْنُ
يُونُسَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَا يغلَق
الرَّهْنُ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ مَعْنَاهُ إِنْ لَمْ أقضِك إِلَى
الْأَجَلِ فَالرَّهْنُ لَكَ بِمَا فِيهِ وَفِي الْمُوَازِيَةِ: إِنْ ضَاعَ
مَا يُغاب عَلَيْهِ وَلَمْ تُعلم صِفَتُهُ وَلَا قِيمَتُهُ لَا بِقَوْلِ
الرَّاهِنِ وَلَا بِقَوْلِ الْمُرْتَهِنِ وَلَا غَيْرِهِمَا فَلَا طَلَبَ
لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ لِأَنَّهُ قَدْ يُرْهَنُ فِي قِيمَتِهِ أَوْ
أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَالْعَدْلُ حَمْلُهُ عَلَى قِيمَتِهِ لِأَنَّهُ
الْوَسَطُ وَالْقِيَاسُ جعلُ قِيمَتِهِ مِنْ أَدْنَى الرُّهُونِ لِأَنَّ
الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَقَالَهُ أَشْهَبُ قَالَ أَصْبَغُ: إِنْ
جَهِلَ الْمُرْتَهِنُ صِفَتَهُ وَوَصَفَهُ الرَّاهِنُ حَلَفَ فَإِنْ نَكَلَ
بَطَلَ حَقُّهُ وَكَانَ لِلرَّاهِنِ لما فِيهِ فَلَوْ شَرَطَ عَدَمَ
ضَمَانِ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ بَطَلَ لِمُنَافَاتِهِ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ
كَمَا لَوْ شَرط الضَّمَانَ فِي الْوَدِيعَةِ وَفِي النِّكَاحِ عَدَمَ
الْوَطْء وجوَّزه أَشهب فِي الْعَارِية لقولة - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ فَإِنْ شَهِدَتِ
الْبَيِّنَةُ بِهَلَاكِ مَا يُغاب عَلَيْهِ لايضمن عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ
لِظُهُورِ الْبَرَاءَةِ وَيَضْمَنُ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَشْهَبَ وَكَذَلِكَ
الْعَارِيَةُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي سِلَاحِ صَفْوَانَ
عَارِيَةٌ مَضْمُونَةٌ مُؤَدَّاةٌ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ أَدَائِهَا وَإِنْ
شَهِدَ بِهَلَاكِهَا وَلَوْ شَرَطَ عَدَمَ ضَمَانِهِ نَفْعَهُ
(8/109)
قَاعِدَةٌ: أَسْبَابُ الضَّمَانِ
ثَلَاثَةٌ: الْإِتْلَافُ كَحَرْقِ الثَّوْبِ وَالسَّبَبُ لِلْإِتْلَافِ
كَحَفْرِ الْبِئْرِ فَيَقَعُ فِيهَا مَا يملك أَوْ وَضْعُ الْيَدِ غَيْرِ
الْمُؤْمَنَةِ كَيَدِ الْغَاصِبِ أَوِ الْقَابِضِ الْمَبِيعَ الْفَاسِدَ
فَتَضْمِينُ الرَّهْنِ اخْتُلِفَ فِي يَمِينِهِ فَقِيلَ وَضْعُ الْيَدِ
لِظَاهِرِ نَصِّ صَفْوَانَ فَلَا يَسْقُطُ الضَّمَانُ بِقِيَامِ
الْبَيِّنَةِ كَالْغَاصِبِ يُقِيمُ بَيِّنَةً وَقِيلَ اتِّهَامُهُ فِي
الْإِتْلَافِ فَتَزُولُ التُّهْمَةُ بِالْبَيِّنَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنَّمَا يَضْمَنُ قِيمَةَ مَا ضَاعَ وَقْتَ
ضَيَاعِهِ لَا وَقْتَ ارْتَهَنَ لِأَنَّ يَدَهُ غَيْرُ يَدِ ضَمَانٍ قَالَ
اللَّخْمِيُّ: يَضْمَنُ كُلَّ مَا يُغاب عَلَيْهِ أَوْ لَا يَسْتَقِلُّ
بِنَفْسِهِ وَغَيْرُ الْمَضْمُونِ أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ: مَا يُغاب
عَلَيْهِ وَدَخَلَ على أَلا يغيب عَلَيْهِ وَيبقى فِي مَوْضِعه كثمار
رُؤُوس النَّخْلِ وَالشَّجَرِ وَالزَّرْعِ الْقَائِمِ وَمَا هُوَ فِي
الْجَرِينِ وَالْأَنْدَرِ لِغَيْبَةِ الْمُرْتَهِنِ عَنْهُ فِي اللَّيْلِ
وَالنَّهَار الثَّانِي: مَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَهُوَ مستقلٌ بِنَفْسِهِ
كَالْحَيَوَانِ عَلَى اخْتِلَافِهِ نَحْوَ الْفَرَسِ وَالطَّيْرِ
وَيَلْزَمُ عَلَى الْقَوْلِ بِضَمَانِ عَارِيَةِ الْحَيَوَانِ ضَمَانُ
الرَّهْنِ قَالَ: وَأرى ضَمَان مَا يستخفّ ذبحه وَأكله الثَّالِث: مَا
يُبان بِهِ وَلَا يُغاب عَلَيْهِ كَالسُّفُنِ تُرْهَنُ فِي سَاحِلِ
الْبَحْرِ صَغِيرِهَا وَكَبِيرِهَا وَكَذَلِكَ آلتها من الصاري وَالرجل
وَالْمَرِّيِ إِذَا دَخَلَ عَلَى بَقَائِهَا فِي مَوْضِعِهَا عَلَى
السَّاحِلِ أَوْ غَيْرِهِ كَالطَّعَامِ فِي الْمَخْزَنِ وَكَذَلِكَ
أَعْدَالُ الْكِتَّانِ فِي قَاعَاتِ الْفَنَادِقِ فَإِنْ كَانَ طَعَامًا
وَزَيْتًا مَخْزُونًا فِي دَارِ الرَّاهِنِ وَمِفْتَاحُهُ بِيَدِهِ أَوْ
طَابَعُهُ عَلَيْهِ فَهُوَ فِي ضَمَانِ الرَّاهِنِ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ
فِي دَارِ غَيْرِهِ أَوْ فِي مَخْزَنٍ فِي الْفُنْدُقِ لَمْ يَضْمَنْهُ
وَإِنْ كَانَ مِفْتَاحُهُ بِيَدِهِ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ كَانَ
يَتَصَرَّفُ إِلَيْهِ فَيَنْظُرُ هَلْ أَخْذُ مِثْلِ ذَلِكَ ممكنٌ فِي
تَكَرُّرِهِ إِلَيْهِ أَمْ لَا وَإِنْ كَانَ فِي مَخْزَنِ الْمُرْتَهِنِ
لَمْ يُصدق فِي ضَيَاعِهِ وَالرَّابِعُ: مَا لَا يُبان بِهِ وَهُوَ
الْعَقَارُ عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ فَإِنْ فُقِدَ شَيْءٌ مِنْ آلَةِ
الدَّارِ صُدق فِي أَنَّهُ لَمْ يَخُنْ
(8/110)
نَظَائِرٌ: قَالَ اللَّخْمِيُّ:
وَاخْتُلِفَ فِي خَمْسِ مَسَائِلَ فِي سُقُوط الضَّمَان قيام الْبَيِّنَةِ
وَشَرْطِ عَدَمِ الضَّمَانِ أَوِ اشْتَرَطَ الرَّاهِنُ الضَّمَانِ فِيمَا
لَا يُغاب عَلَيْهِ فَأَسْقَطَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَضَمَانِ مَا أَصَابَ
الرَّهْنَ مِنْ سُوسٍ أَوْ قَرْضِ فَأْرٍ أَوْ حَرْقِ نَارٍ فَأَسْقَطَهُ
مَالِكٌ فِي سُوسِ السَّجَّةِ قَالَ وَيَحْلِفُ مَا أضعت وَلَا أردْت
فَسَادًا وَإِن أغلفه وَلم ينفضه ضمنه ابْن الْقَاسِم وَأرى أَنَّ عَلَيْهِ
نَفْضَهُ قَالَ وَالْقِيَاسُ عَدَمُ الضَّمَانِ لِأَنَّ النَّفْضَ لَمْ
يَقْتَضِهِ عَقْدُ الرَّهْنِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ عَادَةً وَأَمَّا
الْخَشَبُ وَنَحْوُهُ فَضَمَانُهُ مِنَ الرَّاهِنِ لِأَنَّ سُوسَهُ لَا
مِنْ عَدَمِ التَّفَقُّدِ تَمْهِيدٌ قَالَ (ح) يَضْمَنُ مُطْلَقًا مِمَّا
يُغَاب أَمْ لَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَمْ لَا هَلَكَ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ
أَوْ وَضَعُوهُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ وَيَضْمَنُ الْأَقَلَّ مَنْ قِيمَتِهِ
أَوِ الدَّيْنَ وَنَقَضَ أَصْلَهُ بِقَوْلِهِ وَلَدُ الْمَرْهُونَةِ
الْمُتَجَدِّدُ بَعْدَ الرَّهْنِ مَرْهُونٌ وَهُوَ غَيْرُ مَضْمُونٍ
وَبِقَوْلِهِ الرَّهْنُ فِي ضَمَانِ الدَّرَكِ لَا يُضمن وَبِقَوْلِهِ
الرَّهْنُ بِأُجْرَةِ النَّائِحَةِ غَيْرُ مَضْمُونٍ وَبِقَوْلِهِ لَوْ
رَهَنَ مِنْ غَاصِب لم يعلم لَهُ لَمْ يَضْمَنْ وَنَقَضَ هَذِهِ النُّقُوضَ
بِقَوْلِهِ الْمَقْبُوضُ عَلَى حُكْمِ الرَّهْنِ الْفَاسِدِ مَضْمُونٌ
كَمَا لَوْ قَبَضَ رَهْنًا بِدَيْنٍ مَجْهُولٍ عَلَى أَصْلِهِ وَقَالَ (ش)
لَا يَضْمَنُ مَا يَخْفَى وَلَا مَا لَا يَخْفَى قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَمْ
لَا فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ أَمْ لَا وَجَعَلَهُ أَمَانَةً مُطْلَقًا
إِلَّا فِي دَعْوَى الرَّدِّ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ
عِنْدَ (ش) تَوْثِيقٌ مَحْضٌ وَعِنْدَ (ح) تَوْثِيقٌ وَتَعْلِيقٌ
لِلدَّيْنِ بِالرَّهْنِ وَلَمَّا فَرَّقَ أَصْحَابُنَا بَيْنَ مَا يُغاب
عَلَيْهِ وَغَيْرِهِ كَانَ عَسِيرًا لِقِيَاسِ الشَّافِعِيَّةِ مَا يُغَابُ
عَلَى غَيْرِهِ وَقِيَاسُ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى الْعَكْسِ فَتَعَيَّنَ
الِاسْتِدْلَالُ وَلَنَا عَلَى (ش) قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: عَلَى
الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى ترُدَّه وَعَلَى ظَاهِرِهِ فِي اللُّزُومِ
خُصَّ بِمَا أَجْمَعْنَا عَلَى عَدَمِ الضَّمَانِ فِيهِ فَيَبْقَى حُجَّةً
فِي صُورَة
(8/111)
النزاع وَقَوله حَتَّى ترُدَّه أَي إِنْ
وُجِدَ وَإِلَّا فَالْقِيمَةُ تَقُومُ مَقَامَهُ وَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ
قِيمَةً وَإِلَّا فَالْمَضْمُونُ لَا يُرَدُّ إِذِ الْمَرْدُودُ غَيْرُ
مَضْمُونٍ مَعَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ ضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ
ومُعارضٌ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ الرهنُ مِنْ رَاهِنِهِ لَهُ غُنمه
وَعَلَيْهِ غُرمه فَيَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الضَّمَانِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ
بِقَوْلِهِ مِنْ رَاهِنِهِ وَالْمَفْهُومُ مِنْ ذَلِكَ أَيْ مِنْ ضَمَانِهِ
وَبِقَوْلِهِ عَلَيْهِ غُرمه وَهُوَ عَامٌ فِي ذَاتِهِ وَأَجْزَائِهِ
وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْغُرْمِ النَّفَقَةُ
لِكَوْنِهِ جُعل قُبالة الْغَلَّةِ إِذْ قُبَالَةُ الْعَدَمِ الْوُجُودُ
وَقُبَالَةُ الْغَلَّةِ النَّفَقَةُ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْغُرْمَ لَا
يَصْدُقُ عَلَى الْهَلَاكِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ مِنْهُ أَي كُلفت مأخوذةٌ
مِنْهُ أَوْ مَعْنَاهُ مِنْ مِلْكِ الرَّاهِنِ حَذَرًا مِنْ قَوْلِهِمْ
إِنَّهُ انْتَقَلَ لِمَلِكِ الْمُرْتَهِنِ بِالدَّيْنِ فَنَفَى - عَلَيْهِ
السَّلَامُ - ويفسِّره قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَا يَغْلَقُ
الرَّهْنُ وَيَظْهَرُ بِمَجْمُوعِ الْحَدِيثَيْنِ مَذْهَبُنَا فَنَحْمِلُ
أَحَدَهُمَا عَلَى مَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَالْآخَرَ عَلَى مَا لَا يُغَابُ
عَلَيْهِ فَيَكُونُ قَوْلُنَا أَوْلَى وَيَتَأَكَّدُ هَذَا الْجَمْعُ
بِأَنَّ خِلَافَهُ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ فَيَتَعَيَّنُ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ
قَالَ بِالْجَمْعِ قَالَ بِهِ وَلِأَنَّ الْمَقْبُوضَاتِ مِنْهَا مَا هُوَ
أَمَانَةٌ مَحْضَةٌ وَضَابِطُهُ مَا كَانَ الْمَنْفَعَةُ فِيهِ لِلْمَالِكِ
كَالْوَدِيعَةِ أَوْ جُلُّ النَّفْعِ لَهُ كَالْقِرَاضِ وَمِنْهَا مَا هُوَ
مَضْمُونٌ لَا أَمَانَةَ فِيهِ وَضَابِطُهُ مَا كَانَ النَّفْعُ فِيهِ
لِلْقَابِضِ كَالْقَرْضِ وَالْمَبِيعِ أَوْ تَعَدِّيًا كَالْغَصْبِ
وَمِنْهَا مَا هُوَ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْقِسْمَيْنِ كَالرَّهْنِ فَنَفْعُ
الرَّاهِنِ الصَّبْرُ عَلَيْهِ لِأَجْلِهِ وَنَفْعُ الْمُرْتَهِنِ التوثُّق
وَشَبَهُ الضَّمَان أقوى بِوُجُوه: مِنْهُمَا أَنَّ الْمُرْتَهِنَ أَحَقُّ
بِهِ وَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ التَّصَرُّفُ فِيهِ وَمِنْهَا أَنَّ تَعَلُّقَ
الْحَقِّ بِرَقَبَتِهِ كَالْجَانِي وَمِنْهَا حَبْسُهُ لِلِاسْتِيفَاءِ
وَالْبَيْعِ كَالْمَبِيعِ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَمِنْهَا أَنَّهُ لَا يُقبل
قَوْلُهُ فِي رده كَالْغَاصِبِ بِخِلَاف الْمُودع وَمِنْهَا لَا يثبُت
إِلَّا عَنْ مَالٍ فِي
(8/112)
الذِّمَّةِ كَالْمُعَاوَضَاتِ وَمِنْهَا
أَنَّهُ شَرْطٌ فِي أَصْلِ الْبَيْعِ كَالثَّمَنِ فَهَذِهِ سِتَّةُ
أَوْجُهٍ وَشَبَهُ الْأَمَانَةِ نَفْعُ الرَّاهِنِ وَالصَّبْرُ إِلَى
الْأَجَلِ وَإِبَاحَتُهُ لَهُ بِغَيْر عوض وَإِذا تَقَرَّرَ هَذَا فَنَحْنُ
نَجْعَلُ كَوْنَهُ مَغِيبًا عَلَيْهِ مُرَجِّحًا لِلضَّمَانِ لِكَوْنِهِ
مَظِنَّةَ التُّهْمَةِ فَهُوَ مُنَاسِبٌ وَلَاحِظِ الْقِيَاسَ عَلَى
الشَّهَادَةِ بِجَامِعِ التَّوَثُّقِ وَالْقِيَاسَ عَلَى الْوَدِيعَةِ
وَالشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَالْوَكَالَةِ فَالْقَبْضُ فِي هَذِهِ
كُلِّهَا لَا يُوجِبُ ضَمَانًا وَجَوَابُهُ أَنَّ الشَّاهِد لم يقبض شَيْئا
يضمنهُ فَافْتَرقَا وَعَن الثَّانِي الْفَرْقُ بِأَنَّ الْقَبْضَ هُنَاكَ
فِي تِلْكَ الصُّوَرِ لِحَقِّ الدَّافع وَاحْتَجَّ (ح) بِأَنْ رَجُلًا
رَهَنَ فَرَسًا لَهُ فَنَفَقَ عِنْدَ المُرتهن فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ
عَلَيْهِ السَّلَامُ ذَهَبَ حقُّك وَلَا يُرِيدُ ذَهَبَ حقُّك مِنَ
التَّوَثُّقِ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ بِالْمُشَاهَدَةِ فَيَتَعَيَّنُ
الدَّيْنُ وَلِأَنَّهُ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ
قَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: الرَّهْنُ مضمونٌ بِأَقَلِّ
الْأَمْرَيْنِ وَقَالَ عَلَيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: يترادَّان
الْفَضْلَ بَيْنَهُمَا وَقَالَ أَنَسٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -:
الرَّهْنُ بِمَا فِيهِ وَلِأَنَّهُ مَحْبُوسٌ بِحَقٍّ فَسَقَطَ الدَّيْنُ
بِتَلَفِهِ كَالْمَبِيعِ فِي يَدِ الْبَائِعِ لِيَقْبِضَ الثَّمَنَ أَوْ
قِيَاسًا عَلَى مَوْتِ الْجَانِي بَعْدَ تَعَلُّقِ الْجِنَايَةِ بِهِ
ومقبوضُ يَضْمَنُ فِيهِ مَا يُغاب فَيَضْمَنُ غَيْرَهُ كَالْبَيْعِ
وَالْجَوَاب عَن الأول منع الصِّحَّة فقد صعفَّه الْمُحَدِّثُونَ
سَلَّمْنَا الصِّحَّةَ لَكِنْ ذَهَبَ حَقُّهُ مِنَ التَّوَثُّقِ أَيْ لَا
يَجِبُ الإتيانُ بِرَهْنٍ آخَرَ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ قَوْلَهُمْ معارَضٌ
بِقَوْلِ غَيْرِهِمْ أَوْ يُحمل عَلَى مَا يُغاب عَلَيْهِ وَعَنِ الثَّالِث
أَنه ينْقض بِالْعينِ الْمُسْتَأْجرَة فَإِنَّهَا محبوسة بِحَق مَالِكِهَا
وَلَا ضَمَانَ وَعَنِ الرَّابِعِ نَقْضُهُ بِالْكَفِيلِ فَإِنَّ الْحَقَّ
تَعَلَّقَ بِهِ وَمَوْتُهُ لَا يُسقط الْحَقَّ ثُمَّ الْفَرْقُ أَنَّ
الْجَانِيَ تَعَلَّقَ الْحَقُّ بِعَيْنِهِ وَفِي الرَّهن بِالذِّمَّةِ
بِدَلِيلِ لَوْ زَادَتِ الْجِنَايَةُ عَلَى قِيمَةِ الرَّقَبَةِ لَمْ
يَكُنْ لِلْمَجْنِيِّ الْمُطَالَبَةُ بِالْفَضْلِ وَعَنِ الْخَامِسِ
الْفَرْقُ أَنَّ الْمَبِيعَ أَخَذَهُ الْمُشْتَرِي لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ
فَقَطْ وَالرَّهْنُ فِيهِ الشَّائِبَتَانِ كَمَا تَقَدَّمَ نَظَائِرٌ
لِلْعَبْدِيِّ قَالَ: يَلْزَمُ الضَّمَانُ إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ
فِي سَبْعِ مَسَائِلَ: الرَّهْنُ فِيمَا يُغاب عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ
الْعَارِيَةُ وَالْمَبِيعُ بِالْخِيَارِ إِذَا كَانَ يُغاب عَلَيْهِ
وَنَفَقَةُ الْوَلَدِ عِنْدَ
(8/113)
الْحَاضِنَةِ وَالصَّدَاقُ إِذَا كَانَ
مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وادّعت الْمَرْأَة لتفه وَوَقَعَتْ فِيهِ
الشَّرِكَةُ بِالطَّلَاقِ وَالْمَقْسُومُ مِنَ التَّرِكَةِ بَيْنَ
الْوَرَثَةِ ثُمَّ انْتَقَضَتِ الْقِسْمَةُ وَوَقَعَتْ فِيهِ الشّركَة
بِالدَّيْنِ أَوْ بِالغَلَطٍ وَقَدْ تَلِفَ وَهُوَ مِمَّا يُغَاب عَلَيْهِ
والصناع تَفْرِيعٌ: قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى: إِذَا أَتَى بِالثَّوْبِ
مُحْتَرِقًا ضَمِنَ إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ أَوِ اشْتهر احتراق
حانوته وَبَعض مَتَاعِهِ مُحْتَرِقًا ضَمِنَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ
فَإِنْ ثَبَتَ احْتِرَاقُ حَانُوتِهِ وَلَمْ يَأْتِ بِبَعْضِ الثَّوْبِ
فَظَاهِرُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ غَيْرُ مُصَدَّقٍ قَالَ: وَالَّذِي أرَاهُ
إِنْ كَانَتْ عَادَتُهُ الدَّفْعَ فِي حَانُوتِهِ صُدِّق وَحَيْثُ ضَمِنَ
فَالْقِيمَةُ يَوْمَ الضَّيَاعِ لَا يَوْمَ الِارْتِهَانِ عِنْدَ ابْنِ
الْقَاسِمِ لِأَنَّ الِارْتِهَانَ لَا يُوجب ضمانا بل الضَّيَاعِ فَإِنْ
جُهلت فَيَوْمَ الرَّهْنِ وَهَذَا إِذَا لم قوم الرَّهْنُ يَوْمَ
الِارْتِهَانِ فَإِنْ قوِّم لَزِمَتْ تِلْكَ الْقِيمَةُ إِلَّا أَنْ
يَعْلَمَ زِيَادَتَهَا وَنُقْصَانَهَا فيقوَّم بِمَا صَارَتْ إِلَيْهِ
قَالَهُ مَالِكٌ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ يَوْم الارتهان اتِّفَاق على
الْقيمَة فحملان عله إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ خِلَافُهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ:
يُصدَّق الْمُرْتَهِنُ فِيمَا لَا يُغاب عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَدعِي موت
الدَّابَّة فِي مَوضِع يشتهرلو وَقَعَ وَلَمْ يُذكر
(فَرْعٌ)
قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ: رَهْنُ الْمَغْصُوبِ مِنْ غَاصِبِهِ يُسقط عَنْهُ
ضَمَانَهُ وَقَالَهُ (ح) وَقَالَ (ش) لَا يَسْقُطُ ضَمَانُ الْغَصْبِ لَنَا
الْقِيَاسُ عَلَى مَا إِذَا بَاعَهُ مِنْهُ أَوْ وَهَبَهُ مِنْهُ
وَالْجَامِعُ الْإِذْنُ فِي الْإِمْسَاكِ الْمُنَاقِضِ لِمَنْعِ الْغَصْبِ
وَإِذَا تَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِعِلَّةٍ زَالَ بِزَوَالِهَا وَلَا
يَلْزَمُنَا إِذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الْقَبْضِ فَإِنَّ الرَّهْنَ
يَصِحُّ وَيَسْقُطُ ضَمَانُ الْغَصْبِ لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ عِنْدَهُ قَبْلَ
الرَّهْنِ وَلَنَا أَيْضًا الْقِيَاسُ عَلَى مَا إِذَا أَوْدَعَهُ أَو حكم
من أَحْكَام (كَذَا) فَيَسْقُطُ قِيَاسًا عَلَى وُجُوبِ الرَّدِّ وَسُقُوطِ
الْإِثْمِ وَالتَّفْسِيقِ احْتَجُّوا بِأَنَّهُ إِحْدَى حَالَتَيِ
الرَّهْنِ فَلَا يُنَافِي ضَمَانَ الْغَصْبِ كَحَالَةِ الِاسْتِدَامَةِ
أَوْ قِيَاسًا لِلنِّهَايَةِ عَلَى الْبِدَايَةِ أَوْ بِالْقِيَاسِ عَلَى
الرَّهْنِ عَبْدَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَإِنَّ ضَمَانَ
(8/114)
الْجِنَايَةِ لَا يَسْقُطُ أَوْ عَقْدٌ لَا
يَمْنَعُ طَرَيَانَ الضَّمَانِ عَلَيْهِ فَلَا يَمْنَعُهُ سَابِقًا
كَالنِّكَاحِ وَالْإِجَارَةِ فِيمَا إِذَا غَصَبْتَ عَبْدًا ثُمَّ
زَوَّجْتَهُ أَوْ غَصَبْتَهُ ثُمَّ اسْتَأْجَرْتَهُ عَلَى تَعَلُّمِهِ أَوْ
غَصَبَ ثَوْبًا فَاسْتَأْجَرَهُ عَلَى خِيَاطَتِهِ وَبِهَذِهِ الْمَسَائِلِ
يَبْطُلُ قولُكم الْإِذْنُ يُنَاقِضُ الضَّمَانَ وَأَنَّ الْبَيْعَ
إِنَّمَا أَسْقَطَ الضَّمَانَ لِزَوَالِ الْمِلْكِ وَيَمْتَنِعُ أَنْ
يَضْمَنَ مِلْكَهُ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: الْفَرْقُ بَيْنَ
الِاسْتِدَامَةِ وَالِابْتِدَاءِ أَنَّ الِاسْتِدَامَةَ فِي النِّكَاحِ لَا
تَمْنَعُهَا الْعِدَّةُ وَالِاسْتِبْرَاءُ وَيَمْنَعَانِ ابْتِدَاءً
لِأَنَّ الْحَقَّ تَعَلَّقَ بِهِ وَمَوْتُهُ لَا يُسْقِطُ الْحَقَّ ثُمَّ
الْفَرْقُ أَنَّ الْجَانِيَ تَعَلَّقَ الرَّهْنُ بِعَيْنِهِ وَفِي
الرَّهْنِ بِالذِّمَّةِ بِدَلِيلِ الِاسْتِدَامَةِ بِرَدِّ الْمُنَافِي
مِنْهَا بَعْدَ التَّقَرُّرِ وَالثُّبُوتِ بِخِلَافِ مُقَارَنَةِ
الِابْتِدَاءِ وَهُوَ أَضْعَفُ لِعَدَمِ التَّقَرُّرِ وَعَنِ الثَّانِي
الْفَرْقُ بِأَنَّ ضَمَانَ الْجِنَايَةِ مستقرٌ لِوُجُودِ سَبَبِهِ
وَضَمَانُ الْغَصْبِ يَتَوَقَّفُ عَلَى هَلَاكِ الْمَغْصُوبِ وَمَا وُجد
فَكَانَ ضَعِيفًا فَبَطَلَ بِالرَّهْنِ وَعَنِ الثَّالِثِ الْفَرْقُ أَنَّ
كُلَّ الْأُمُورِ لَا تَسْتَلْزِمُ الْإِذْنَ فِي وَضْعِ الْيَدِ
وَالرَّهْنُ يَسْتَلْزِمُهُ وَالْإِذْنُ فِي وَضْعِ الْيَدِ هُنَا يُناقض
الْغَصْبَ لِأَنَّهُ وَضْعُ الْيَدِ بِغَيْرِ إِذَنٍ وَعَنِ الرَّابِعِ
أَنَّهُ كَمَا اسْتَحَالَ أَنْ يَضْمَنَ مِلْكَهُ اسْتَحَالَ اجْتِمَاعُ
يدٍ بِغَيْرِ إِذَنٍ مَعَ الْإِذْنِ لِأَنَّهُمَا نَقِيضَانِ
(فَرْعٌ)
قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ أَشْهَبُ: إِذَا اعْتَرَفَ الْمُرْتَهِنُ
بِبُطْلَانِ دَعْوَاهُ الَّتِي قُضي بهالهُ عَلَيْكَ وَالرَّهْنُ حيوانٌ
ضَمِنَه لِأَخْذِهِ عُدْوَانًا وَلَوْ أَقَمْتَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً
بِبُطْلَانِهَا لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ عَلَى الْعُدْوَانِ
بِخِلَافِ الْأَمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ يَجْحَدُ أَحَدُهُمَا نَصِيبَ
صَاحِبِهِ فَتَقُومُ الْبَيِّنَةُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَعَنِ ابْنِ
الْقَاسِمِ لَا يَضْمَنُ
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِذَا بَاعَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ بِغَيْرِ إِذْنِ
المُرتهن امْتَنَعَ فَإِنْ أَجَازَهُ جَازَ وَيُعَجَّلُ حَقُّهُ لِأَنَّ
الْمَنْعَ لِأَجْلِهِ وَلَمْ يَرْضَ ذِمَّةَ الرَّاهِنِ فَإِنْ أُذِنَ فِي
الْبَيْعِ وَقَالَ لَمْ آذَنْ لِيَأْخُذَ الثَّمَنَ حَلَفَ فَإِنْ أَتَى
الرَّاهن حينئذٍ برهنٍ يُشْبِهُ الْأَوَّلَ وَبِقِيمَتِهِ أَخَذَ الثَّمَنَ
(8/115)
وَإِلَّا بَقِيَ رَهْنًا وَلَا يُعَجَّلُ
هَذَا إِذَا بِيعَ بِإِذْنِهِ وَلَمْ يُسَلِّمْهُ لِلْمُبْتَاعِ مِنْ
يَدِهِ وَأَخَذَ الثَّمَنَ فَإِنْ سَلَّمَهُ لِلرَّاهِنِ فَبَاعَهُ خَرَجَ
مِنَ الرَّهْنِ وَإِنْ بَاعَ الْمُرْتَهِنُ أَوْ وَهَبَ تَعَدِّيًا
يَلْزَمُهُ رَدُّهُ وَيَدْفَعُ مَا عَلَيْهِ وَيَتَّبِعُ الْمُبْتَاعُ
الْبَائِعَ فِي التَّنْبِيهَاتِ: هَذَا التَّصَرُّفُ كُلُّهُ بَعْدَ
الْقَبْضِ وَعَنْ مَالِكٍ إِمْضَاءُ الْبَيْعِ وَتَعْجِيلُ الْحَقِّ
تَوْفِيَةً بِالْعَقْدِ وَلَا خِيَارَ لِلْمُرْتَهِنِ إِلَّا أَنْ
يَبِيعَهُ بِأَقَلَّ مِنَ الدَّيْنِ أَوْ بِخِلَافِهِ فَإِنْ بَاعَ قَبْلَ
الْقَبْضِ مَضَى الْبَيْعُ وَخَرَجَ مِنَ الرَّهْنِ لِضَعْفِ الرَّهْنِ
قَبْلَ الْقَبْضِ وَاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي لُزُومِهِ حينئذٍ وَلَا
يُطَالِبُهُ بِرَهْنِ غَيْرِهِ لِأَنَّ إِهْمَالَهُ فِي يَدِهِ حَتَّى
بَاعَ كَرَدِّهِ لَهُ وَلَا يُعجَّل الْحَقُّ وَلَا يَحْلِفُ الْمُرْتَهِنُ
عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَرُوِيَ يَحْلِفُ للتُهمة وَقَوْلُ
مَالِكٍ لِتَمَكُّنِهِ مِنَ الْقَبْضِ يَدُلُّ على أَنه لَو بَادر يَبْطُلِ
الرَّهْنُ وَمَضَى الْبَيْعُ وَبَقِيَ ثَمَنُهُ رَهْنًا قَالَهُ ابْنُ
أَبِي زَيْدٍ تَأْوِيلًا وَقَالَ غَيْرُهُ يَمْتَنِعُ الْبَيْعُ وَيُرَدُّ
فَيَبْقَى رَهْنًا توفيةُ بِعَقْدِ الرَّهْن وعَلى قَوْلِهِمْ فِي حَوْزِ
الْهِبَةِ إِذَا مَاتَ قَبْلَ التَّرَاخِي فِي الْحَوْزِ وَقِيلَ هَذَا
إِذَا اشْتَرَطَ الرَّهْنَ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ فَبَاعَهُ الرَّاهِنُ
بَعْدَ التَّرَاخِي أَمَّا لَوْ بَاعَهُ لِيُخْرِجَهُ مِنَ الرَّهْنِ
انْتَقَضَ الْبَيْعُ فَإِنْ فَاتَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي بَقِيَ رَهْنًا
وَأَمَّا مَا تَطَوَّعَ بِهِ الرَّاهِنُ بَعْدَ الْحُكْمِ فَبَيْعُهُ
كَبَيْعِ الْهِبَةِ قَبْلَ قَبْضِهَا وَفِي الْمُوَازِيَةِ: ينفُذُ
الْبَيْعُ قَرُبَ أَوْ بَعُدَ وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي
الْهِبَةِ الْمَبِيعَةِ وَقِيلَ إِنَّمَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ إِذَا سلَّم
الْمُشْتَرِي السِّلْعَةَ قَبْلَ بَيْعِ الرَّهْنِ أَمَّا وَسِلْعَتُهُ
قَائِمَةٌ لَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمٌ حَتَّى يَدْفَعَ إِلَيْهِ رَهْنًا
فرَّط فِي الْقَبْضِ أَمْ لَا وَمَعْنَى قَوْلِهِ قَائِمَةً بِمِثْلِهِ
صِفَةً وَقِيمَةً أَنَّ السُّوقَ قَدْ ينحطُّ فَلَا يَفِي بِدَيْنِهِ أَوِ
الْأَوَّلُ عَقَارٌ لَا يُضْمَنُ فيأتيه بِمَا يضمن فيضرر قَالَ ابْنُ
يُونُسَ: فَإِنِ اسْتَهْلَكَ الرَّهْنَ قَبْلَ دَفْعِهِ لِلْمُرْتَهِنِ
وَعِنْدَهُ وفاءٌ وَفَّاهُ وَتَمَّ الْبَيْعُ وَإِلَّا فَلِلْمُرْتَهِنِ
ردُّ الْبَيْعِ وَلَوْ دَفَعَهُ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ وَقَالَ
إِنَّمَا دَفَعْتُهُ لَكَ لِتُعَجِّلَ لِي حَقِّي فَأَنْكَرَ قَالَ
أَشْهَبُ يَحْلِفُ الْمُرْتَهِنُ وَلَا يَضُرُّهُ قِيَامُ الْغُرَمَاءِ
إِنْ قَرُبَ دَفْعُهُ إِلَيْهِ وَإِلَّا فالغرماء أَحَق وَقَوله إِذا نقد
الْمُرْتَهِنُ فِي الْبَيْعِ أَخَذَهُ رَبُّهُ وَدَفَعَ مَا عَلَيْهِ
وَيُتْبِعُ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ فَيُلْزِمُهُ بِحَقِّهِ يُرِيدُ
يَدْفَعُ الرَّاهِنُ مَا عَلَيْهِ لِلْمُشْتَرِي وَيَأْخُذُهُ مِنْهُ
فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِمَّا دَفَعَهُ الْمُشْتَرِي يَرْجِعُ المُشْتَرِي
بِبَقِيَّة
(8/116)
ثَمَنِهِ عَلَى بَائِعِهِ وَيُرِيدُ
أَنَّهُ بَاعَهُ وَقَدْ حَلَّ الْأَجَلُ أَمَّا قَبْلَ الْحُلُولِ
فَيُخَيَّرُ الرَّاهِنُ فِي إِجَازَةِ الْبَيْعِ وَقَبْضِ الثَّمَنِ وَلَا
يَرُدُّهُ لِلْمُرْتَهِنِ وَيَجْعَلُهُ بِيَدِ عَدْلٍ رَهْنًا إِلَى
أَجَلِهِ وَلَهُ قَبْضُ الثَّمَنِ وَيُوقَفُ لَهُ الرَّهْنُ وَكَذَلِكَ
إِنْ رَدَّ الْبَيْعَ جُعل الرَّهْنُ بِيَدِ عَدْلٍ لَيْلًا يَعُودَ
الْمُرْتَهِنُ لِلْبَيْعِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعِنْدَ أَشْهَبَ
يَقْبِضُ الرَّاهِنُ الثَّمَنَ وَلَا يتعجَّله الْمُرْتَهِنُ من دينه
لِأَنَّهُ فسخَ رَهنه قَالَ أَشْهَبُ فَإِنْ فَاتَ الرَّهْنُ غَرِمَ
الْمُرْتَهِنُ الْأَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ أَوِ الْقِيمَةَ يَوْمَ
الْبَيْعِ لِوُجُودِ سَبَبَيْ ضَمَانِهِمَا مِنَ التَّعَدِّي وَأَخْذِ
الثَّمَنِ وَلَا يَحْبِسُ الْمُرْتَهِنُ مِنْهُ شَيْئًا بِحَقِّهِ إِذَا
كَانَ لَمْ يَحِلَّ لِأَنَّهُ فَسَخَ رَهْنَهُ وَلَوْ تعدَّى مَنْ وُضع
عَلَى يَدَيْهِ غَرِمَ الْأَكْثَرَ مِنْهُمَا وتعجَّل الْمُرْتَهن إِنْ
كَانَ كَصِفَةِ الدَّيْنِ وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ لِأَنَّ وَقْفَهُ
ضَرَرٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ يَرَى فِي مِثْلِ إِيقَافِ الثَّمَنِ وَأَنْ
يَقَعَ بِمِثْلِ الصِّفَةِ لَعَلَّ الرَّاهِنَ يَأْتِي بِرَهْنٍ مِثْلِ
الرَّهْنِ وَيَأْخُذ الثّمن أما لَو أيس مِنْ ذَلِكَ فَلَا فَائِدَةَ فِي
الْإِيقَافِ بَلْ ضَرَر عَلَيْهِمَا قَالَ اللَّخْمِيّ: إِن بيع بِغَيْر
أَمَرَهُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ وَالدَّيْنُ عينٌ مَضَى الْبَيْعُ وعُجِّل
الدَّيْنُ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ الدَّيْنُ عَرْضًا مِنْ قرضٍ فَرَضِيَ
الرَّاهِنُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِثَمَنِهِ وَيُعَجِّلَهُ وَفِيهِ وفاءٌ
بِالْعَرْضِ " وَإِنْ " لَمْ يَرْضَ الرَّاهِنُ بِتَعْجِيلِ الدَّيْنِ إِنْ
كَانَ الدَّيْنُ عَرْضًا مِنْ قرضٍ وَلَمْ يَجْتَمِعَا عَلَى تَعْجِيلِ
الدَّيْنِ امْتَنَعَ الْبَيْعُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ وَقْتَ نِفَاقِ ذَلِكَ
الرَّهْنِ أَوْ مَوْسِمَ بَيْعِهِ لَمْ يُرِدَّ الْبَيْعُ وَإِنْ لَمْ
يُوفِّ بِالدَّيْنِ لِأَنَّ الْمَنْعَ ضَرَر غير ضَرَر مَنْفَعَةٍ
لِلْمُرْتَهِنِ وَإِنْ وَهَبَ المرتهِن الرَّهْنَ دَفَعَ الرَّاهِن الدّين
للْمُرْتَهن وَأَخذه من الْمَوْهُوب وَلَا شَيْء للْمَوْهُوب عَلَى
الْوَاهِبِ وَإِذَا بَاعَ الْمُرْتَهِنُ ثُمَّ غَابَ وَاخْتَلَفَ الدَّيْنُ
وَالثَّمَنُ وَالدَّيْنُ أَكْثَرُ دَفَعَ لِلْمُشْتَرِي ثَمَنَهُ وَوَقَفَ
السُّلْطَانُ الْفَضْلَ أَوِ الثَّمَنُ أَكْثَرُ أَخْذَ الدَّيْنَ
وَاتَّبَعَ الْبَائِعَ بِالْفَضْلِ وَإِنْ بَاعَهُ بِمِثْلِيٍّ ثُمَّ غَابَ
قَبَضَ السُّلْطَانُ الدَّيْنَ مِنَ الرَّاهِنِ وَدَفَعَ لَهُ الرَّهْنَ
وَيَشْتَرِي مِنَ الدَّيْنِ بِمثل مَا قَبَضَهُ الْمُرْتَهِنُ مِنَ
الْمُشْتَرِي فَإِنْ فَضَلَ لِلْغَائِبِ شيءٌ دَفَعَهُ لَهُ وَإِنْ فَضَلَ
عِنْدَهُ شيءٌ اتُّبع بِهِ وَإِنْ كَانَ بَاعَهُ دَفَعَ إِلَيْهِ قِيمَتَهُ
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنْ بَاعَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ وَلَا
يَعْلَمُ الرَّاهِنُ وَلَا الْمُرْتَهِنُ صفته وَلَا
(8/117)
قِيمَتَهُ يَحْلِفُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى
مَا بَاعَهُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إِنْ فَاتَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ
الْأَكْثَرُ من الْقيمَة أَو الثّمن وَقَالَ أصبغ إِذا كَانَت للْمُرْتَهن
بَيِّنَة على الصّفة يَوْمَ بَاعَهُ وَلَا بِقِيمَتِهِ يَوْمَ بَاعَهُ
عَلَى صِفَتِهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا يَوْمَ ارْتَهَنَهُ إِلَّا أَنْ
تَكُونَ صِفَتُهُ يَوْمَ بَاعَهُ أَفْضَلَ فَقِيمَتُهُ يَوْمَ بَاعَهُ
إِلَّا أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ نَظَرًا إِلَى وَضْعِ الْيَدِ
وَالتَّعَدِّي بِالْبَيْعِ وَقَبْضِ الثَّمَنِ النَّاشِئِ عَنِ الرَّهْنِ
وَكُلُّهَا أَسْبَابُ ضَمَانٍ فَعَلَيهِ أَكْثَرهَا هَذَا إِن كَانَ مِمَّا
يُغَابُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَالْأَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ صِفَتِهِ يَوْمَ
الْبَيْعِ أَوِ الثَّمَنِ الَّذِي بَاعَهُ بِهِ لِأَنَّ مَا يُغَابُ
عَلَيْهِ مَضْمُونٌ بِالْقَبْضِ فَلَا يُصَدَّقُ فِي نَقْصِ الْقِيمَةِ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِذَا تكفَّلت أَوْ أَعْطَيْتَ رَهْنًا فَهَلَكَ عِنْدَهُ
وَهُوَ مِمَّا يُضمن وَقِيمَتُهُ كَفَافُ الدَّيْنِ فَقَدِ اسْتَوْفَى
وَتَرْجِعُ أَنْتَ عَلَى الْمَكْفُولِ بِقِيمَتِه تكفَّلت أَو أَعْطَيْت
الرَّهْن بأَمْره أَو لَا لِقِيَامِكَ عَنْهُ بِمَا شَابَهَ أَنْ
يَفْعَلَهُ وَلَوْ رَهَنْتَهُ بِأَمْرِهِ وَقِيمَتُهُ أَكْثَرُ مِنَ
الدَّيْنِ رجعتَ عَلَى الْمَكْفُولِ خَاصَّةً بِمَبْلَغِ الدَّيْنِ مِنْ
رَهْنِكَ وَسَقَطَ دَيْنُ الْمُرْتَهِنِ لِهَلَاكِهِ عِنْدَهُ وَبِفَضْلِ
قِيمَتِهِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّهُ ضَمِنَهُ أَوْ عَلَى الْمَكْفُولِ
لِأَنَّهُ سَبَبُهُ وَتَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْمُرْتَهِنِ لِأَجْلِ
ضَمَانِهِ وَإِنْ رَهَنْتَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ رَجَعْتَ عَلَيْهِ
بِالدَّيْنِ فَقَطْ لِأَنَّهُ الَّذِي انْتَفَعَ بِهِ وبالزيادة على
الْمُرْتَهن لضمانه إِيَّاه وَفِي النكث: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ
مَعْنَاهُ أَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ مُعدِمٌ فَتَتَّجِهُ
الْحَمَالَةُ وَيُسَوَّغُ الرَّهْنُ لِأَنَّ الْحَمَالَةَ لَا تَلْزَمُ
الْمُوسِرَ وَيَجِبُ أَخْذُ الرَّهْنِ فَلَا يتم قَوْله إِلَّا برضى
الَّذِي لَهُ الرَّهْنُ فَإِنْ لَمْ يَرْضَ فَلَهُ اتِّباع الَّذِي ضَاعَ
الرَّهْنُ عِنْدَهُ بِقِيمَتِهِ لِاتِّهَامِهِ فِي حَبْسِهِ وَاسْتِعْجَالِ
حَقِّهِ مِنْ هَذَا دُونَ غَرِيمِهِ وَقِيلَ: إِذَا ضَاعَ قَبْلَ حُلُولِ
الدَّين وَالرَّهْنُ كَفَافُ الدَّيْنِ إِنَّ الْمُرْتَهِنَ قَدِ
اسْتَوْفَى حَقَّهُ وَلَا حُجَّةَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَمُقْتَضِي دينٍ
قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِهِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا اتُّهم بِغَيْبَتِهِ وَلَا
يُعلم أَن حَسبه تعدٍّ قَالَ التُّونِسِيُّ: انْظُرْ كَيْفَ أَلْزَمَ فِي
الْكتاب الَّذِي عَلَيْهِ غرمُ الفضلة إِذا رهن بِإِذْنِهِ وصاب الرَّهْنِ
يَعْلَمُ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَمْ يَسْتَهْلِكْهَا وَالْمُسْتَعِيرُ
إِنَّمَا يَضْمَنُ إِذَا اتُّهم عَلَى الْعَيْنِ الْمُسْتَعَارَةِ وَلكنه
جعل حكم الرَّاهِن كَأَنَّهُ وَكيله
(8/118)
الْتَزَمَ بِأَنَّ مَا وَجَبَ عَلَى
الْمُرْتَهِنِ فَهُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ فَعَلَى هَذَا أَعَارَهُ وَلَوْ
أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ قَبَضَ الرَّهْنَ وَقِيَمَتُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ
دَفَعَهُ هُوَ إِلَى الْمُرْتَهِنِ وَقِيَمَتُهُ عَشَرَةً بِحَضْرَةِ
بَيِّنَةٍ فادَّعى ضَيَاعَهُ لَغَرِمَ الْمُسْتَعِيرُ خَمْسَةَ عَشَرَ
لِأَنَّهُ عَلَى ذَلِكَ أَخَذَهُ وَقَدْ قِيلَ إِذَا اسْتَعَارَ شَيْئًا
فَرَبَا عِنْدَهُ بَعْدَ الْعَارِيَةِ شَهْرًا ثُمَّ ادَّعَى ضَيَاعَهُ
يَضْمَنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ اسْتَعَارَهُ وَفِيهِ خِلَافٌ وَلِأَشْهَبَ فِي
الْمُتَعَدِّي عَلَى الرَّهْنِ يَبِيعهُ هَلْ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ
رَهَنَهُ أَوْ يَوْمَ بَاعَهُ أَمَّا إِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ
اسْتَعَارَهُ عَشَرَةً وَيَوْمَ رَهَنَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ فَإِنَّ
الْمُسْتَعِيرَ لَا يَرْبَحُ كَمَا لَوْ بَاعَهُ الْمُسْتَعِيرُ بِأَكْثَرَ
مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْعَارِيَةِ فَإِنَّ للمُعير الثَّمَنَ وَكَمَا
لَوْ بَاعَهُ الْمُرْتَهِنُ لَكَانَ لِلْمُعِيرِ الثَّمَنُ الَّذِي بِيعَ
بِهِ لِأَنَّهُ كَالْإِذْنِ فِي بَيْعِهِ فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا الثَّمَنُ
فَقَطْ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِذَا اشْتَرَطْتُمَا إِنْ لَمْ يَأْتِ بِالْحَقِّ إِلَى
أَجَلِهِ فَلِمَنْ عَلَى يَدَيْهِ الرَّهْنُ مِنْ عَدْلٍ أَوْ مُرْتَهِنٍ
بَيْعُهُ فَلَا يَبِيعُهُ إِلَّا بِإِذْنِ السُّلْطَانِ لِافْتِقَارِ
بَيْعِهِ إِلَى إِثْبَاتِ غَيْبَتِكَ وَإِعْسَارِكَ وَبَقَاءِ الْحَقِّ
عِنْدَكَ إِلَى حِينِئِذٍ فَإِنْ بَاعَ بِغَيْر إِذْنه نقض بَيْعُهُ
لِإِذْنِكَ لَهُ وَإِنْ لَمْ تَأْذَنْ لَهُ فِي بَيْعِهِ دَفَعَهُ إِذَا
حَلَّ الْأَجَلُ لِلسُّلْطَانِ فَإِنْ أَوْفَاهُ وَإِلَّا بَاعَ لَهُ
الرَّهْنُ فِي النكث قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا: إِذَا قَالَ السُّلْطَانُ
لِلْعَدْلِ الَّذِي بِيَدِهِ الرَّهْنُ بِعْهُ لِيَأْخُذَ الْمُرْتَهِنُ
حَقَّهُ فَقَالَ ضَاعَ الثَّمَنُ وَلَمْ يُعلم بَيْعُهُ إِلَّا مِنْ
قَوْلِهِ لَا يَبْرَأُ الرَّاهِنُ مِنَ الدَّيْنِ لِأَنَّ صَاحِبَ
الدَّيْنِ لَمْ يَأْتَمِنْهُ عَلَى هَذَا الْبَيْعِ وَلَا الثَّمَنِ وَلَا
يَضْمَنُ لِتَوْكِيلِ السُّلْطَانِ إِيَّاهُ فَلَا يَزُولُ الدَّيْنُ مِنْ
ذِمَّةِ الرَّاهِنِ حَتَّى يَبِيع الْعدْل بَيِّنَة وَقِيلَ بَلْ ضَمَانُ
الثَّمَنِ مِنَ الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّ الْعَدْلَ جُعل وَكِيلًا لَهُ
وَقَبْضُ الْوَكِيلِ كَقَبْضِ الْمُوَكِّلِ قَالَ التُّونِسِيُّ فِي
الْمُوَازِيَةِ: الدُّورُ وَالْأَرْضُونَ وَالْعَبِيدُ وَمَا لَهُ بَالٌ
يُردُّ مَا كَانَ قَائِمًا وَيَمْضِي الْفَائِتُ بِالثَّمَنِ إِنْ لَمْ
يُحاب فِيهِ قَالَ أَشْهَبُ: وَأَمَّا مَثَلُ الْمِقْثَاةِ وَنَحْوُهَا
فتباع بِغَيْر إِذن السُّلْطَان لَيْلًا تَفْسَدَ فِي إِيقَافِهِ عَلَى
الْإِذْنِ فَإِنْ قِيلَ: لِمَ وُقِفَ فِي الْكِتَابِ عَلَى إِذْنِ
الْإِمَامِ مَعَ أَنَّهُ وُكِّلَ فِي الْبَيْعِ وَمَنْ وُكِّلَ فِي بيع مَا
لَهُ لَا يُوقف
(8/119)
قيل تِلْكَ وكَالَة الِاخْتِيَار وَهَا
هُنَا هِيَ اضطرارٌ لِمَا عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ فَيَحْتَاجُ عِنْدَ
الْأَجَلِ إِلَى بَحْثٍ عَنْ قُرْبِ غَيْبَتِهِ وَهَلْ لَهُ مَالٌ يُقبض
مِنْهُ الدَّيْنُ أَمْ لَا لِأَنَّ الرَّهْنَ إِنَّمَا يُبَاعُ مَعَ
الْعَدَمِ فَهُوَ من بَاب للغائبين قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَعَنْ مَالِكٍ
أَمَّا التَّافِهُ فيمضي وَمَاله بالٌ يُرد إِنْ لَمْ يَفُتْ قَالَ
أَشْهَبُ: أَمَّا بَلَدٌ لَا سُلْطَانَ فِيهِ أَوْ يَعْسُرُ الْوُصُولُ
إِلَيْهِ فَيَجُوزُ الْبَيْعُ مُطْلَقًا قَالَ فَالْحَاصِلُ أَنَّ مَالِكًا
وَابْنَ الْقَاسِمِ لَمْ يَخْتَلِفَا فِي التَّافِهِ وَاخْتَلَفَا فِيمَا
لَهُ بَالٌ فَأَمْضَاهُ مَرَّةً وَرَدَّهُ مَرَّةً إِنْ لَمْ يَفُتْ قَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ فَاتَ لَزِمَهُ الْأَكْثَرُ مِنَ الثَّمَنِ
وَالْقيمَة وَإِذا أَمر الإِمَام بِالْبيعِ فاليسير بياع فِي الْمجْلس
وَمَاله بَالٌ فَفِي أَيَّامٍ وَيُشْهَرُ وَيُسْمَعُ بِهِ كَالْجَارِيَةِ
وَالدَّار وَالثَّوْب والنفيس وَرُبَّمَا نُودِيَ عَلَيْهِ الشَّهْرَيْنِ
قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنَّ تَعَذَّرَ الرَّفْعُ لِلسُّلْطَانِ أَوْ عُدِمَ
فَلِجَمَاعَةٍ عُدُولٍ يَحْضُرُهُمُ النِّدَاءُ وَيَجُوزُ اشْتِرَاطُ
الْمُرْتَهِنِ أَوِ الْعَدْلِ الْبَيْعَ وَيَنْفُذُ الْبَيْعُ بِغَيْرِ
سُلْطَانٍ إِذَا تَطَوَّعَ بِهِ الرَّاهِنُ بَعْدَ الْعَقْدِ قَالَ صَاحِبُ
الْمُنْتَقَى إِذَا بَاعَهُ الْإِمَامُ بِغَيْرِ الرَّهْنِ مِنْ عَرْضٍ
أَوْ طَعَامٍ مَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ: بِمِثْلِ
الدَّيْنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فضلٌ جَازَ أَو فِيهِ فضل امْتنع بيع
بِكَذَا لفضله وَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ فِي التَّمَسُّكِ بِمَا بَقِيَ
لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ مَا كَانَ مِثْلَ الثِّمَارِ
وَغَيْرِهَا مَأْمُونًا لَا يُبَاعُ بِغَيْرِ أَمْرِ السُّلْطَانِ نَفْيًا
لِلتُّهْمَةِ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْجَلَّابِ إِذَا وَكَّلْتَ فِي الْبَيْعِ لَيْسَ لَكَ عَزْلُ
الْوَكِيلِ إِلَّا برضى الْمُرْتَهِنِ وَقَالَهُ (ح) خِلَافًا (ش)
وَأَحْمَدَ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الْوِكَالَةَ عقدٌ جَائِزٌ مِنَ
الْجَانِبَيْنِ مَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقٌّ لِلْغَيْرِ وَفِي
الْمَبْسُوطِ: لَكَ الْعَزْلُ كَسَائِرِ الْوَكَالَاتِ
(8/120)
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ: لَا يَبِيعُ السُّلْطَانُ حَتَّى يَثْبُتَ
عِنْدَهُ الدَّيْنُ وَالرَّهْنُ وَفِي الْمِلْكِ قَوْلَانِ إِذَا أَشْبَهَ
أَنْ يَمْلِكَهُ الرَّاهِنُ أَمَّا إِذَا لَمْ يُشبه الثَّوْبُ لِبَاسَهُ
أَوْ ترهنُ الْمَرْأَة السِّلَاح فَلَا " بُد من " ثُبُوت الْملك
3 -
(فَرْعٌ)
إِذَا لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَبِيعُ الرَّهْنَ إِلَّا بِجُعْلٍ قَالَ ابْنُ
الْقَاسِمِ: الْجُعْلُ عَلَى طَالِبِ الْبَيْعِ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ
صَاحِبُ الْحَاجَةِ وَالرَّاهِنُ يَرْجُو دَفْعَ الْحَقِّ مِنْ غَيْرِ
الرَّهْنِ وَقَالَ عِيسَى عَلَى الرَّاهِنِ لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا بَاعَ الْأَمِينُ الرَّهْنَ وَقَضَى
الْغَرِيمَ ثُمَّ استُحق رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الرَّاهِنِ إِنْ كَانَ
لَهُ مَالٌ وَإِلَّا فَعَلَى الْبَائِعِ كَالْمُفْلِسِ يُبَاعُ مَالُهُ
فيُستحق شَيْءٌ مِنْهُ فَالرُّجُوعُ عَلَى الْغُرَمَاءِ إِذَا لَمْ يَكُنْ
لِلْغَرِيمِ مَالٌ وَقَالَ (ش) مَتَى استُحق الْمَبِيعُ رَجَعَ
الْمُشْتَرِي عَلَى الرَّاهِنِ إِنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِالْوَكَالَةِ
وَقَالَهُ أَحْمَدُ وَقَالَ (ح) الْعُهْدَةُ عَلَى الْوَكِيلِ وَيَرْجِعُ
عَلَى الرَّاهِنِ قِيَاسًا عَلَى الْمُطَالَبَةِ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ
وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ إِذَا قَبَضَهُ وَكِيلُ الْمُرْتَهِنِ بِإِذْنِهِ فَهَلَكَ
بِيَدِهِ مَا يُغاب عَلَيْهِ ضَمِنَ الْمُرْتَهِنُ لِأَنَّ قَبْضَ
وَكَيْلِهِ كقبضه بِخِلَاف الْعدْل الَّذِي يَرْضَيَانِ بِهِ لَا
اخْتِصَاصَ لَهُ بِهِ دُونَكَ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: إِذَا دَفَعَهُ الْعَدْلُ لِلرَّاهِنِ أَوِ الْمُرْتَهن تَعَديا
فَضَاعَ مَا يُغاب عَلَيْهِ للْآخر فَإِن كَفَافَ الدَّيْنِ سَقَطَ
لِهَلَاكِهِ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ أَكْثَرَ ضَمِنَ الْعَدْلُ
الْفَضْلَ
(8/121)
للرَّاهِن فَإِن مَاتَ الْعدْل لم يرض يوضع
الرَّهْنِ عِنْدَ غَيْرِهِ بَلْ ذَلِكَ لِلْمُتَرَاهِنَيْنِ لِعَزْلِهِ
عَمَّا عَدَا نَفْسَهُ قَالَ التُّونِسِيُّ: إِنْ دَفَعَهُ للرَّهْن
فَفَلَسَ الرَّاهِنُ وَهُوَ قَائِمٌ بِيَدِهِ وَلَا مَالَ لِلْأَمِينِ
قَالَ عِيسَى الْمُرْتَهِنُ أَحَقُّ تَوْفِيَةً بِعَقْدِ الرَّهْنِ مِثَالُ
مَا تَقَدَّمَ: لِلَّذِي لَهُ الرَّهْنُ عشرُون وللغريم أحد وَعِشْرُونَ
وُجِدَ عِنْدَ الْمَدْيُونِ عَشَرَةٌ وَالرَّهْنُ أَخَذَا عَشَرَةً
عَشَرَةً وَأَخَذَ الْمُرْتَهِنُ مِنَ الْعَدْلِ ثَلَاثَةً وَثُلُثًا
لِأَنَّ الرَّاهِنَ لَوْ كَانَ حَاضِرًا لَأَخَذَهُ وَبَقِيَ لَهُ عَشَرَةٌ
يُحَاصِصُ بِهَا فِي الْعَشَرَةِ الْمَوْجُودَةِ عِنْدَ الْمَدْيُونِ
وَيُحَاصِصُ الْغَرِيمُ الْآخَرُ فِيهَا بِعِشْرِينَ فَيَحْصُلُ لَهَا
ثُلُثُهَا وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْعَدْلِ لِأَنَّهُ الَّذِي فَاتَ
بِسَبَبِهِ وَلَوْ أَفَاتَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ وَوَجَدَا عِنْدَهُ
عِشْرِينَ فَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ عَشَرَةً لَرَجَعَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى
الْعَدْلِ بِثُلُثَيِ الْعَشَرَةِ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَوْ حَضَرَ
لَأَخَذَهُ وَحَاصَصَ بِعَشَرَةٍ فِي الْعِشْرِينَ فَيَحْصُلُ لَهُ ثُلُثُ
الْعِشْرِينَ فَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْعَدْلِ وَعَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ
تُخَرَّجُ هَذِهِ الْمَسَائِلُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي الْكِتَابِ: إِذَا
دَفَعَهُ لِلرَّاهِنِ ضَمِنَهُ لِلْمُرْتَهِنِ يُرِيدُ الْأَقَلَّ مِنْ
قِيمَتِهِ أَوِ الدَّيْنَ وَقَوْلُهُ إِنْ كَانَ كَفَافَ الدَّيْنِ سَقَطَ
يُرِيدُ وَيَرْجِعُ بِهِ على الْمُرْتَهن قَالَ اللَّخْمِيّ: إِذا سلمه
الْمُرْتَهن قَبْلَ الْأَجَلِ فَعَلِمَ بِذَلِكَ قَبْلَ الْأَجَلِ أُغْرِمَ
الْقِيمَةَ أَيُّهُمَا شَاءَ لِتَعَدِّي هَذَا فِي الدَّفْعِ وَالْآخَرِ
بِالْقَبْضِ وَتُوقَفُ الْقِيمَةُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ غَيْرِ الْأَوَّلِ
خِيفَةَ أَنْ يَتَعَدَّى ثَانِيَةً وَلِلرَّاهِنِ أَنْ يَأْتِيَ بِرَهْنٍ
غَيْرِ الْأَوَّلِ لِيَأْخُذَ الْقِيمَةَ فَإِنْ غَرِمَ الْعَدْلُ
فَيَرْجِعُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّهُ سَلَّطَهُ وَهَذَا إِذَا عَلِمَ
الضَّيَاعَ بِالْبَيِّنَةِ وَإِلَّا فَهَلْ يَغْرَمُ الْعَدْلُ
لِلْمُرْتَهِنِ قِيمَتَهُ الْآنَ أَوْ يَكُونُ قِصَاصًا؟ لِأَنَّ الْعَدْلَ
(8/122)
يَغْرَمُ بِالتَّعَدِّي حَقِيقَةً
وَالْمُرْتَهِنُ بِالتُّهْمَةِ وَيُمْكِنُ صِدْقُهُ وَلَا خِلَافَ فِي
الْمُرْتَهِنِ إِذَا غَرِمَ بِالتَّعَدِّي أَنْ تُؤْخَذَ مِنْهُ الْقِيمَةُ
الْآنَ قَبْلَ الْأَجَلِ وَاخْتُلِفَ إِذَا غَرِمَ بِالتُّهْمَةِ هَلْ
تُؤْخَذُ الْقِيمَةُ أَوْ يَكُونُ قِصَاصًا بِالدَّيْنِ؟ فَإِنْ أَسْلَمَهُ
الْعَدْلُ لِلرَّاهِنِ فَلِلْمُرْتَهِنِ انْتِزَاعُهُ وَيُوقَفُ عَلَى يَدِ
عَدْلٍ فَإِنْ لَمْ يَنْزِعْ حَتَّى فَلَسَ الرَّاهِنُ قَالَ ابْنُ
الْقَاسِمِ الْمُرْتَهِنُ أَحَقُّ أَنْ يُوَفِّيَهُ بِعَقْدِ الرَّهْنِ
وَقَالَ مُحَمَّدٌ: أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ لِزَوَالِ الْحَوْزِ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِذَا أَمَرَ السُّلْطَانُ بِبَيْعِ الرَّهْنِ رَجُلًا
لِيَقْضِيَ الْمُرْتَهِنَ حَقَّهُ فَضَاعَ الثَّمَنُ لَمْ يُضَمِّنْهُ
الْمَأْمُورُ وَيُصَدَّقُ فِي ضَيَاعِهِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فَإِنِ اتُّهِمَ
أُحْلِفَ وَكَانَ الثَّمَنُ مِنَ الَّذِي لَهُ الدَّيْنُ كَضَيَاعِ مَا
بَاعَهُ السُّلْطَانُ لِغُرَمَاءِ الْمُفْلِسِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَعَنْ
مَالِكٍ أَنَّهُ مِنْ رَبِّهِ حَتَّى يَصِلَ إِلَى الْغُرَمَاءِ لِأَنَّ
السُّلْطَانَ وَكِيلُهُ دُونَهُمْ وَقَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ:
إِنَّمَا يَكُونُ ضَيَاعُ الثَّمَنِ مِنَ الَّذِي لَهُ الدَّيْنُ عِنْدَ
ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا ثَبَتَ الْبَيْعُ بِبَيِّنَةٍ وَإِلَّا فَلَا
يَبْرَأُ الرَّاهِنُ مِنَ الثَّمَنِ لِأَنَّ صَاحِبَ الثَّمَنِ لَمْ
يَأْتَمِنْهُ عَلَى هَذَا الْبَيْعِ وَقِيلَ سَوَاءٌ وَهُوَ الصَّوَابُ
وَظَاهِرُ الْكِتَابِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ مِنْ جِهَةِ السُّلْطَانِ فَلَوْ
ضَاعَ الرَّهْنُ قَبْلَ بَيْعِهِ لَكَانَ مِنْ رَبِّهِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ
الْقَاسِمِ وَمِنَ الَّذِي لَهُ الدّين على قَول عبد الْمَالِك
كَاخْتِلَافِهِمْ فِي ضَيَاعِ مَالِ الْمُفْلِسِ الْمَوْقُوفِ
لِلْغُرَمَاءِ
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِذَا بَاعَ السُّلْطَانُ ثُمَّ اسْتحق وَقد فَاتَ عِنْد
الْمُبْتَاع وَغَابَ الْمُبْتَاعُ فَلَمْ يُوجَدْ فَلِلْمُسْتَحِقِّ
إِجَازَةُ الْبَيْعِ وَأَخْذُ الثَّمَنِ مِنَ الْمُرْتَهِنِ وَيَرْجِعُ
الْمُرْتَهِنُ بِحَقِّهِ عَلَى الرَّاهِنِ كَمَنِ اسْتَحَقَّ سِلْعَةً
بَعْدَ بِيَاعَاتٍ فَإِنَّهُ يَأْخُذ الثّمن من أَيهمْ شَاءَ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ لَوْ بَاعَ الْمَأْمُورُ الرَّهْنَ بِحِنْطَةٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ
عَرْضٍ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمُعْتَادِ فِي الْأَثْمَانِ
فَإِنْ ضَاعَ مَا قَبَضَهُ ضَمِنَهُ لِتَعَدِّيهِ بِخِلَافِ الْعَيْنِ لَا
يضمن وَكَذَلِكَ
(8/123)
الْوَكِيلُ عَلَى بَيْعِ السِّلَعِ قَالَ
اللَّخْمِيُّ قَالَ أَشْهَبُ: إِذَا بَاعَ بِجِنْسِ مَا عَلَيْهِ مِنَ
الدَّيْنِ وَلَمْ يَكُنْ فِي ثَمَنِهِ فَضْلٌ جَازَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ
فَضْلٌ رَدَّ ذَلِكَ الْفَضْلَ وَخُيِّرَ الْمُشْتَرِي فِي الْبَاقِي
فَإِنْ رَدَّهُ فَلَهُ لِلضَّرَرِ فِي الشَّرِكَةِ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِذَا قَبَضَ الرَّهْنَ ثُمَّ أَوْدَعَهُ الرَّاهِنُ أَوْ
أَجَّرَهُ إِيَّاهُ أَوْ رَدَّهُ إِلَيْهِ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ خَرَجَ
مِنَ الرَّهْنِ وَقَالَهُ (ح) إِلَّا فِي الْعَارِية والوديعة وَقَالَ (ش)
لَا تشْتَرط اسْتِدَامَة الْقَبْض كمن يَخْدِمُ الرَّاهِنَ نَهَارًا
وَيَرْجِعُ لِلْمُرْتَهِنِ لَيْلًا وَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَأْذَنَ
لِلرَّاهِنِ فِي الِاسْتِيلَاءِ عَلَى الرَّهْنِ وَلَا يَقْدَحُ ذَلِكَ
وَيَمْلِكُ الرَّاهِنُ التَّصَرُّفَ فِي الرَّهْنِ عِنْدَهُ بِمَا لَا
يَضُرُّ الْمُرْتَهِنَ وَلَا يَنْقُضُ الْآجَالَ وَالْعِتْقَ عِنْدَهُ
إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُوسِرًا وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ أَنَّ عَقْدَ
الرَّهْنِ هَذَا أَفَادَ فَعِنْدَهُ أَفَادَ أَنَّهُ صَارَ بِبَيْعِهِ فِي
دينه عِنْد الْأَجَل وَإِنَّمَا شرع الْقَبْض عِنْد لِيَلْزَمَ لِأَنَّهُ
تَبَرُّعٌ عِنْدَهُ لَا يَلْزَمُ إِلَّا بِالْقَبْضِ وَعِنْدنَا أَنَّهُ
مَحْبُوسٌ بِالدَّيْنِ عِنْدَهُ فَيَكُونُ الِاخْتِصَاصُ قَائِمًا مَقَامَ
مِلْكِ الْعَيْنِ فَهُنَا مَقْصُودَانِ حَبْسُهُ وَاسْتِحْقَاقُ الْبَيْعِ
وَهُوَ أَعْظَمُهُمَا وَيَتَرَتَّبُ عَلَى الْأَوَّلِ كَالْوُضُوءِ
مَقْصُودُهُ الْأَعْظَمُ إِبَاحَةُ الصَّلَاةِ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى غَسْلِ
الْأَعْضَاءِ وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ تَنْبَنِي أَكْثَرُ مَسَائِلِ
الرَّهْنِ مِنْ رَهْنِ الْمُشَاعِ لِمَنْعِ الْإِشَاعَةِ دَوَامَ الْقَبْضِ
بِالْمُهَايَأَةِ وَمَنَافِعُ الرَّهْنِ هَلْ لِلرَّاهِنِ أَمْ لَا؟ وَقَدْ
تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ وَيُمَكَّنُ الرَّاهِنُ مِنْ مُبَاشَرَةِ
الِاسْتِيفَاءِ فَهُوَ أَصْلٌ كَبِيرٌ فَاعْلَمْهُ لَنَا: قَوْله تَعَالَى
{فرهان مَقْبُوضَة} قَاعِدَةٌ أُصُولِيَّةٌ الْمُشْتَقُّ إِطْلَاقُهُ
قَبْلَ وُجُودِ الْمُشْتَقِّ مِنْهُ لَيْسَ حَقِيقَةً إِجْمَاعًا مِنْ
بَابِ تَشْبِيهِ الشَّيْءِ بِمَا هُوَ آيِلٌ إِلَيْهِ نَحْوَ تَسْمِيَةِ
الْعِنَبِ خَمْرًا وَإِطْلَاقِهِ عِنْدَ وُجُودِ الْمُشْتَقِّ مِنْهُ
حَقِيقَةٌ إِجْمَاعًا نَحْوَ تَسْمِيَةِ الْخَمْرِ خَمْرًا أَوْ بَعْدَ
وُجُودِهِ مَجَازًا عِنْدَ الْجُمْهُورِ نَحْوَ تَسْمِيَةِ النَّائِم
يَقِظَانَ بِاعْتِبَارِ مَا مَضَى إِذَا تَقَرَّرَتْ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ
فَإِذَا رَدَّ الرَّهْنَ
(8/124)
وَجَبَ أَلَّا يَصْدُقَ عَلَيْهِ
مَقْبُوضًا فَيَكُونَ وَصْفًا لِقَبْضِ مَعْدُومٍ وَاللَّهُ تَعَالَى قَدِ
اشْتَرَطَهُ فِي الرَّهْنِ لِأَنَّ الْوَصْفَ يَجْرِي مَجْرَى الشَّرْطِ
وَيَلْزَمُ من عَدَمِ الشَّرْطِ عَدَمُ الْمَشْرُوطِ فَلَا يَكُونُ هَذَا
رَهْنًا فَلَا يَسْتَحِقُّ بَيْعَهُ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ؛ وَلِأَنَّهُ قَدْ
تَقَدَّمَ أَنَّ مَعْنَى الرَّهْنِ فِي اللُّغَةِ الْحَبْسُ وَالثُّبُوتُ
فَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ وَيَدُمْ لَا يَكُونُ رَهْنًا لُغَةً فَلَا يَكُونُ
رَهْنًا شَرْعًا وَهُوَ الْمَطْلُوبُ؛ وَلِأَنَّا أُمِرْنَا بِرَهْنٍ
مَقْبُوضٍ إِجْمَاعًا وَأَجْمَعَنَا عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ مُوفٍ
بِمُقْتَضَى هَذَا الْأَمْرِ وَمُقْتَضَى الْمَشْرُوعِيَّةِ فِيهِ فَوَجَبَ
أَلَّا يَكُونَ مَا ذَكَرْتُمُوهُ مَشْرُوعًا لِعَدَمِ مَا يَقْتَضِي
الْعُمُوم فِي اليآية فَهِيَ مُطْلَقَةٌ وَالْقَاعِدَةُ الْأُصُولِيَّةُ
أَنَّ الْمُطْلَقَ إِذَا عُمِلَ بِهِ فِي صُورَةٍ سَقَطَ اقْتِضَاؤُهُ
فِيمَا عَدَا تِلْكَ الصُّورَةَ فَالْقَوَاعِدُ مَعَنَا وَالنَّصُّ
احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: الرَّهْنُ مَحْلُوبٌ
وَمَرْكُوبٌ وَالْمُرَادُ إِمَّا الْمُرْتَهَنُ وَهُوَ بَاطِلٌ إِجْمَاعًا
فَيَتَعَيَّنُ الرَّاهِنُ وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ مِنْ شَرْطِهِ الْقَبْضُ
فَلَا يُشْتَرَطُ دَوَامُهُ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعَارِيَةِ
وَلِأَنَّ الدَّوَامَ لَوْ كَانَ شَرْطًا لَبَطَلَ الرَّهْنُ إِذَا غُصِبَ
مِنْهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ اتِّفَاقًا وَلِأَنَّ دَوَامَ الْقَبْضِ لَوْ
كَانَ شَرْطًا لَبَطَلَ إِذَا أَذِنَ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ فِي بَيْعِ
نِصْفِهِ وَهُوَ النُّكْتَةُ زَعَمُوا أَنَّهَا تبطل أَكثر أصولنا وَأَنا
أَجْمَعَنَا أَنَّ الْقَبْضَ لَيْسَ شَرْطًا مِنْ حِينِ الْعَقْدِ إِلَى
زَمَنِ الْبَيْعِ فَكَمَا لَا يَضُرُّ عَدَمُ الْيَدِ ابْتِدَاءً لَا
يَضُرُّ انْتِهَاءً قِيَاسًا لِأَحَدِ الطَّرَفَيْنِ عَلَى الْآخَرِ
وَلِأَنَّ لَفْظَ الْقَبْضِ مُطْلَقٌ وَالْمُطْلَقُ يَكْفِي فِيهِ صُورَةٌ
فَتَعَيَّنَ مَا ذَكَرْتُمْ مِنَ الْقَاعِدَةِ فَلَا تَدُلُّ الْآيَةُ
عَلَى الدَّوَامِ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ
الْحَدِيثَ لَمْ يُعَيِّنِ الْحَالِبَ وَالرَّاكِبَ فَنَحْمِلُهُ عَلَى
الْمُرْتَهَنِ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ وَالْمُطْلَقُ يَتَأَتَّى بِصُورَةٍ
وَهَذِهِ الصُّورَةُ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا فَيَسْقُطُ النَّصُّ مِنْ
غَيْرِهَا وَعَنِ الثَّانِي الْقَلْبُ فِي النُّكْتَةِ فَنَقُولُ تَصَرُّفٌ
مِنْ شَرْطِهِ الْقَبْضُ فَلَا يَكُونُ لِلدَّافِعِ فِيهَا بَعْدَ ذَلِكَ
حَقٌّ كَالْوَاهِبِ فِي الْهِبَةِ ثُمَّ الْفَرْقُ أَنَّ مَقْصُودَ
الْهِبَةِ الْمِلْكُ وَزَوَالُ الْيَدِ لَا يُنَافِيهِ وَمَقْصُودُ
الرَّهْنِ التَّوَثُّقُ وَزَوَالُ الْيَدِ يُنَافِيهِ وَلَا سِيَّمَا
وَالرَّهْنُ مَعْنَاهُ الِاحْتِبَاسُ وَالثُّبُوتُ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ
الْحُكْمَ الْقَهْرِيَّ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ شرعا بِخِلَاف الْإِكْرَاهُ
وَالْجَبْرُ؛ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ يَدَ الْمُرْتَهِنِ تبقى على
الْمَرْهُون وَهُوَ الرَّهْن فَلم يَبْطُلُ الْقَبْضُ؛ وَعَنِ الْخَامِسِ
أَنَّ فِي الِابْتِدَاءِ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِالْقَبْضِ بِمُقْتَضَى
الْعَقْدِ فَمَا وُجِدَ تَفْرِيطٌ أَمَّا إِذَا رَدَّهُ
(8/125)
فَقَدْ فَرَّطَ فَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي
الشَّرْطِ وَعَنِ السَّادِسِ أَنَّا بَيَّنَّا أَنَّ الْقَبْضَ صِفَةٌ
لَازِمَةٌ لِأَنَّ الرَّهْنَ الِاحْتِبَاسُ وَالدَّوَامُ فَإِذَا بَطَلَ
الْقَبْضُ بَطَلَ الرَّهْنُ فَكَمَا أَجْمَعْنَا عَلَى مَعْنَى الرَّهْنِ
يَجِبُ دَوَامُهُ فَيَجِبُ دَوَامُ الْقَبْضِ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ تَفْرِيغ
فِي الْكِتَابِ: لَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ فِي إِعَارَتِهِ إِيَّاهُ وَرَدِّهِ
إِلَّا أَنْ يُعِيرَهُ عَلَى ذَلِكَ فَلَهُ إِلَّا أَنْ يَقُومَ
الْغُرَمَاءُ أَوْ يَمُوتَ الرَّاهِنُ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ
وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ أَرْضًا فزرعتها الرَّاهِنُ بِإِذْنِكَ وَهِيَ
بِيَدِكَ خَرَجَتْ مِنَ الرَّهْنِ وَكَذَلِكَ إِنْ أَكْرَى الدَّارِ
بِإِذْنِكَ وَإِنَّ أَجَّرَهُ الْمُرْتَهِنُ أَوْ أَعَارَهُ بِإِذْنِ
الرَّاهِنِ وَوَلِيَ الْمُرْتَهِنُ ذَلِكَ وَلَمْ يُسَلِّمْهُ لِلرَّاهِنِ
فَلَيْسَ بِخُرُوجٍ لِبَقَاءِ الْيَدِ وَإِنْ ضَاعَ عِنْدَ الْمُسْتَأْجِرِ
وَهُوَ يُغَابُ عَلَيْهِ فَهُوَ مِنَ الرَّاهِنِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ: مَتَى قَامَ الْمُرْتَهِنُ بِرَدِّهِ قُضِيَ لَهُ إِلَّا
أَنْ يَفُوتَ بِحَبْسٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ تَدْبِيرٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ قَامَ
غرماؤه وسى أَشْهَبُ بَيْنَ الْعَارِيَةِ وَغَيْرِهَا فِي أَنَّ لَهُ
الرَّدَّ مَا لَمْ يَفُتْ بِمَا تَقَدَّمَ وَسَوَّى فِي كتاب حَرِيم البير
" بَيْنَ " أَنْ يَسْكُنَ أَوْ يَأْذَنَ لَهُ فِي السَّكَنِ أَوِ
الْكِرَاءِ وَقَالَ أَشْهَبُ بَلْ حَتَّى يَكْرِيَهَا وَقَالَ ابْنُ
الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَذِنَ لَهُ السَّقْيَ مِنَ الْبِئْرِ أَوِ
الْعَيْنِ الْمُرْتَهِنَةِ خَرَجَتْ مِنَ الرَّهْنِ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَلَا
يَكْرِي الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ إِلَّا بِإِذْنِ الرَّاهِنِ لِمِلْكِهِ
الْمَنَافِعَ إِلَّا أَنْ يَرْتَهِنَهُ عَلَى ذَلِكَ قَالَ أَشْهَبُ: إِنْ
شَرَطَ أَنَّ كِرَاءَهُ رَهْنٌ مَعَ رَقَبَتِهِ فَلَهُ أَنْ يَكْرِيَهُ
بِغَيْرِ إِذْنِهِ لِانْتِقَالِ الْمَنْفَعَةِ إِلَيْهِ وَعَنْ مَالِكٍ لَا
يَحْتَاجُ إِذْنَهُ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْمَنَافِعَ تَابِعَةٌ لِلرَّقَبَةِ
قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى: إِنْ أَكْرَى الْمُرْتَهِنُ بِغَيْرِ إِذْنِ
الرَّاهِنِ لَزِمَ الرَّاهِنُ لِأَنَّهُ صَارَ كَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ
فَإِنْ حَابَى ضَمِنَ الْمُحَابَاةَ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَلَيْسَ
لِلرَّاهِنِ تَعْجِيلُ الدَّيْنِ وَفَسْخِ الْكِرَاءِ إِنْ كَانَ بِلَا
وَجِيبَةٍ وَإِلَّا فَلَهُ وَإِنْ كَانَ أَجَّلَهُ دُونَ أَجَلِ الدّين
قَالَه عبد الْمَالِك وَقَالَ أَصْبَغُ: إِنْ كَانَتْ وَجِيبَةٌ إِلَى
أَجَلِ الدّين أَو دون فَلَيْسَ أَو أبعد فَلَهُ الْفَسْخُ فِيمَا زَادَ
إِذَا حَلَّ الْأَجَلُ وَإِنَّمَا فرق عبد الْمَالِك بَيْنَ الْوَجِيبَةِ
وَغَيْرِهَا لِأَنَّ عَقْدَ الْكِرَاءِ إِذَا انْعَقَد على مُعَيَّنٍ
يُقَدَّرُ بِنَفْسِهِ وَلَمْ يُفْسَخْ لِفَوَاتِ زَمَانٍ وَإِذَا عُلِّقَ
بِزَمَنٍ مُعَيَّنٍ وَقُدِّرَ بِهِ انْفَسَخَ بِفَوَاتِ ذَلِكَ الزَّمَانِ
وَوَجْهُ قَوْلِ أَصْبَغَ أَنَّ الْكِرَاء على اللُّزُوم فَيلْزم فميا لَا
مَضَرَّةَ فِيهِ عَلَى الرَّاهِنِ. قَالَ أَصْبَغُ: وَلَيْسَ لَهُ فِي
الدَّيْنِ كِرَاؤُهَا بِوَجِيبَةٍ طَوِيلَةٍ فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَلْزَمِ
الرَّاهِنُ إِذَا عُجِّلَ الدّين
(8/126)
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْمُنْتَقَى قَالَ: إِنْ تَرَكَ الْمُرْتَهِنُ أَنْ يُكْرِيَ الدَّارَ
الَّتِي لَهَا قَدْرٌ أَوِ الْعَبْدَ الْكَثِيرَ الْخَرَاجِ حَتَّى حَلَّ
الْأَجَلُ ضَمِنَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ لِتَضْيِيعِهَا عَلَى الرَّاهِنِ
وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ أما الحقير فَلَا قَالَه عبد الْمَالِك وَقَالَ
أَصْبَغُ لَا يَضْمَنُ فِي الْوَجْهَيْنِ كَالْوَكِيلِ عَلَى الْكِرَاءِ
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِذَا مَاتَ الرَّاهِنُ قَبْلَ أَجَلِ الدَّيْنِ بِيعَ
الرَّهْنُ وَقُضِيَ الْحَقُّ لِأَنَّ مَنْ مَاتَ حَلَّتْ دُيُونُهُ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: إِذَا جَنَى الْعَبْدُ خُيِّرَ السَّيِّدُ فَإِنْ فَدَاهُ بَقِيَ
رَهْنًا وَإِنْ سَلَّمَهُ خُيِّرَ الْمُرْتَهِنُ فَإِنْ أَسْلَمَهُ فَهُوَ
لِأَهْلِ الْجِنَايَةِ بِمَالِهِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَدَيْنُ الْمُرْتَهِنِ
بِحَالِهِ وَإِنْ فَدَاهُ لَمْ يَكُنْ لِلسَّيِّدِ أَخْذُهُ حَتَّى
يَدْفَعَ مَا فَدَاهُ مَعَ الدَّيْنِ وَلَا يَكُونُ بِمَالِهِ رَهْنًا
بِدَيْنٍ وَلَا أَرْشٍ إِلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ فِي الدّين أَولا فَإِنِ
امْتَنَعَ سَيِّدُهُ مَنْ أَخْذِهِ بِيعَ إِذَا حَلَّ الْأَجَلُ لَا
قَبْلَهُ فَيَبْدَأُ بِمَا فَدَاهُ بِهِ مَعَ الدَّيْنِ وَلَا يَكُونُ
بِمَالِهِ رَهْنًا بِدَيْنٍ وَلَا أَرْشٍ إِلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ فِي
الدَّيْنِ أَولا فَإِنِ امْتَنَعَ سَيِّدُهُ مَنْ أَخْذِهِ بِيعَ إِذَا حل
الْأَجَل لاقبله فَيبْدَأ بِمَا هداه بِهِ الْمُرْتَهِنُ لِتَعَلُّقِ
الْفِدَاءِ بِالرَّقَبَةِ وَحَقُّ الرَّهْنِ إِنَّمَا هُوَ بِالتَّوَثُّقِ
فَإِنْ سَاوَتْ رَقَبَتُهُ أَقَلَّ من الْفِدَاء لم يتبع السَّيِّد
بِالْفَضْلِ فِي الدَّيْنِ وَإِنْ فَدَاهُ الْمُرْتَهِنُ بِأَمْرِ
الرَّاهِنِ اتَّبَعَهُ الْمُرْتَهِنُ بِمَا فَدَاهُ بِهِ وَبِالدَّيْنِ
فَإِنْ " قَالَ " الرَّاهِنُ أَنَّ الْعَبْدَ جَنَى جِنَايَةً وَهُوَ
عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ وَلَمْ تَشْهَدْ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ وَالرَّاهِنُ
مُعْدِمٌ لم يصدق لتعدي إِقْرَاره بِبُطْلَان حَقِّ الْمُرْتَهِنِ أَوْ
مَلِيءٌ فَإِنْ فَدَاهُ بَقِيَ رَهْنًا وَلَوْ أَسْلَمَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ
ذَلِكَ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ فَيُؤَدِّيَ الدَّيْنَ وَيَدْفَعَ
الْعَبْدَ بِجِنَايَتِهِ فَإِن قَبْلَ الْأَجَلَ فَالْمُرْتَهِنُ أَحَقُّ
بِهِ مِنْ أَهْلِ الْجِنَايَةِ لِتَقَدُّمِ حَقِّهِ بِخِلَافِ ثُبُوتِ
الْجِنَايَةِ بِالْبَيِّنَةِ فِي النكث لِبَعْضِ شُيُوخِنَا: كَانَ
يَنْبَغِي إِذَا افْتَكَّ الْعَبْدُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَبِيعَ
بَعْدَ الْأَجَلِ أَنْ تَكُونَ نَفَقَتُهُ عَلَى السَّيِّدِ لِأَنَّهُ
كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ أَوَّلًا وَإِذَا أَرَادَ
(8/127)
الْمُرْتَهِنُ دَفْعَ الْجِنَايَةِ مِنْ
مَالِ الْعَبْدِ [فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ] وَأَمَّا الرَّهْنُ فَذَلِكَ
لِلرَّاهِنِ اشْتَرَطَ الْمَالَ رَهْنًا أَمْ لَا لِأَنَّ الْمَالَ إِذَا
قَبَضَهُ أَهْلُ الْجِنَايَةِ قَدْ يُسْتَحَقُّ فَيَلْزَمُ السَّيِّدُ
غُرْمٌ مِثْلُهُ لِأَنَّ رِضَاهُ بِدَفْعِهِ كَدَفْعِهِ ذَلِكَ مِنْ
مَالِهِ وَلَوْ دَفَعَهُ مِنْ مَالِهِ وَاسْتَحَقَّ غُرِّمَ مِثْلَهُ
فَإِذَا أَرَادَ الرَّاهِنُ ذَلِكَ وَأَبَى الْمُرْتَهِنُ فَإِنْ لَمْ
يَشْتَرِطِ الْمُرْتَهِنُ الْمَالَ رَهْنًا فَلَا مَقَالَ لَهُ وَإِلَّا
إِنْ دَعَا إِلَى فِدَاهُ فَذَلِكَ لَهُ وَإِنْ أَسْلَمَ الْعَبْدُ
فَذَلِكَ لِلرَّاهِنِ لِسُقُوطِ حَقِّهِ بِإِسْلَامِهِ لِأَنَّ أَهْلَ
الْجِنَايَةِ يَأْخُذُونَهُ بِمَالِهِ فَلَا حُجَّةَ لَهُ فِي مَالِهِ
إِذَا رَضِيَ بِدَفْعِ الْأَرْشِ مَنْ مَالِ الْعَبْدِ قَالَ
التُّونِسِيُّ: بَيْعُهُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ أَشْبَهُ لِأَن
الْمُرْتَهن حل فِيهِ مَحل الْمَجْنِي وَقَوْلُهُ لَا يَكُونُ مَالُهُ
رَهْنًا فِي الْجِنَايَةِ لَا يُفْهَمُ إِلَّا أَنْ يَظْهَرَ قَصْدُهُ
لِبَقَائِهِ عَلَى مَا كَانَ وَعَنْ مَالِكٍ: إِذَا بِيعَ بِمَالِهِ
أُخِذَتِ الْجِنَايَةُ مِنْ جَمِيعِ مَا بِيعَ بِهِ ثُمَّ يَنْظُرُ بَعْدَ
ذَلِكَ إِلَى قَدْرِ مَا زَادَ مَالُهُ فِي ثَمَنِهِ فَإِنْ كَانَ
النِّصْفُ فَنِصْفُ الْبَاقِي بَعْدَ الْجِنَايَةِ لِلْمُرْتَهِنِ مِنْ
دَيْنِهِ وَالْبَاقِي الزَّائِدُ مِنْ جِهَةِ الْمَالِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ
رَهْنًا مَعَهُ لِلْغَرِيمِ مَعَ بَقِيَّةِ الْغُرَمَاءِ وَهُوَ الصَّوَابُ
لِأَنَّ الْمَالَ وَالرَّقَبَةَ كَانَا مَرْهُونَيْنِ فِي الْجِنَايَةِ
وَقَدْ فَدَاهُمَا الْمُرْتَهِنُ جَمِيعًا فَيبْدَأ من جملَة ثمنهَا
وَإِذَا جَنَى فَخُيِّرَ سَيِّدُهُ فَأَسْلَمَهُ فَافْتَدَاهُ
الْمُرْتَهِنُ بِدِيَةِ الْجِنَايَةِ أَوْ بِزِيَادَةٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ
لَهُ ثُمَّ جَنَى عَلَى آخَرَ بِمِثْلِ جِنَايَةِ الْأَوَّلِ فَإِنْ كَانَ
زَادَ عَلَى الْجِنَايَةِ فَقَدْ صَار مَالِكًا لَهُ يُخَيّر هُوَ فِي
إِسْلَامِهِ كُلِّهِ وَافْتِدَائِهِ وَأَمَّا إِنِ افْتَدَاهُ بِدِيَةِ
الْجِنَايَةِ الْأُولَى وَلَمْ يَزِدْ شَيْئًا وَقَدْ كَانَ أَسْلَمَهُ
لِسَيِّدِهِ ثُمَّ جُرِحَ آخَرُ فَإِن سَيّده يُخَيَّرُ فِي إِسْلَامِهِ
كُلِّهِ وَافْتِدَائِهِ بِدِيَةِ هَذِهِ الْجِنَايَة الْأَخِيرَة فَإِن
افتداه كَانَ مَرْهُونًا عَلَى حَالِهِ فَإِذَا بِيعَ فَقَدْ قِيلَ
يَأْخُذُ مُرْتَهِنُهُ مِنْ ثَمَنِهِ مَا فَدَاهُ بِهِ مِنْ دِيَةِ
الْجُرْحِ الْأَخِيرِ فَيَحْسُبُهُ مِنْ دَيْنِهِ لِأَنَّ جُرْحَهُ
الْآخَرَ كَانَ أَوْلَى بِرَقَبَتِهِ مِنَ الْجُرْحِ الْأَوَّلِ
وَالْجُرْحُ الْأَوَّلُ أُولَى مِنَ الرَّهْنِ فَيَأْخُذُ ذَلِكَ
الْمُرْتَهِنُ مِنْ دَيْنِهِ وَمِنَ الدِّيَّةِ الْأَخِيرَةِ حَتَّى
يَسْتَوْفِيَ ذَلِكَ الْجُرْحَ الْآخَرَ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ لَمْ
يَسْتَوْفِ مِنَ الْفَضْلَةِ بَقِيَّةَ دَيْنِهِ الَّذِي ارْتَهَنَهُ
حَتَّى يَسْتَوْفِيَ دِيَةَ الْجِنَايَةِ الْأُولَى فَإِنْ فَضَلَ مِنْهَا
شَيْءٌ اسْتَوْفَى مِنْهُ بَقِيَّةَ رَهْنِهِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ دِيَةِ
الأولى لم
(8/128)
يَتْبَعْهُ الْمُرْتَهِنُ بِذَلِكَ
الْقَدْرِ مِنْ دِيَةِ جِنَايَتِهِ الَّتِي كَانَ أَدَّاهَا فَإِنَ فَضَلَ
شَيْءٌ أَخَذَهُ مِنْ بَقِيَّةِ دَيْنِهِ وَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ
أَتْبَعَهُ بِبَقِيَّةِ دَيْنِهِ خَاصَّةً وَكَذَلِكَ إِنْ عَجَزَ
الثَّانِي عَنِ الَّذِي أَدَّاهُ الْمُرْتَهِنُ فِي الْجِنَايَةِ لَمْ
يَكُنْ لَهُ إِلَّا الْبَاقِي بَعْدَ جَمِيعِ جِنَايَة وبحه (كَذَا)
وَخَالَفَ أَشْهَبُ فَقَالَ يَأْخُذُ الْمُرْتَهِنُ إِذَا بِيعَ جَمِيعُ
دَيْنِهِ لِأَنَّ الْجُرْحَ الْآخَرَ كَانَ أَوْلَى بِرَقَبَتِهِ فَإِنْ
فَضَلَ شَيْءٌ أَخَذَهُ الْمُرْتَهِنُ فِيمَا كَانَ افْتَدَاهُ بِهِ فَإِنْ
فَضَلَ عَنْ ذَلِكَ شَيْءٌ رُدّ إِلَى السَّيِّدِ وَوَجْهُهُ أَنَّ
الْجُرْحَ الْآخَرَ عِنْدَهُ اسْتَغْرَقَ قِيمَتَهُ لَهُ إِلَّا أَنْ
يَفْضُلَ عَنِ الدَّيْنِ فَيَكُونَ لِلْجُرْحِ الْأَوَّلِ فَإِنْ فَضَلَ
عَنْهُ شَيْءٌ فَهُوَ لِسَيِّدِهِ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَيْسَ لَهُ
أَكْثَرُ مِمَّا خَرَجَ وَلَوْ أَقَرَّ الرَّاهِنُ أَنَّ عَبْدَهُ جَنَى
بَعْدَ الرَّهْنِ فَإِنْ رَضِيَ بِإِسْلَامِهِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ
إِلَّا أَنْ يَرْضَى بِأَدَاءِ الدَّيْنِ مُعَجَّلًا لِأَنَّ الْإِقْرَارَ
لَا يَتَعَدَّى ضَرَرُهُ المقرَّ وَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ
يَقُولُ إِنَّمَا تَعَدَّى بَعْدَ أَنْ رَهَنْتُهُ وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ
جَنَى قَبْلَ الرَّهْنِ ثُمَّ رَهَنَهُ وَرَضِيَ بِافْتِكَاكِهِ بَقِيَ
رَهْنًا وَإِنْ لَمْ يُفِدْهُ وَلَا تحمَّل الْجِنَايَةَ وَحَلَفَ أَنَّهُ
مَا رَضِيَ بِتَحَمُّلِهَا أُجبر عَلَى إِسْلَامِهِ وَعُجِّلَ الدَّيْنُ
كَمَنْ أَعْتَقَ الرَّهْنَ أَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ لِغَيْرِهِ وَالدَّيْنُ
مِمَّا يَجُوزُ لَهُ تَعْجِيلُهُ وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ عُرُوضًا مِنْ
بَيْعٍ وَلَمْ يَرْضَ مَنْ هِيَ لَهُ بتعجيلها مَا صَحَّ إِقْرَاره عَلَى
الْمُرْتَهِنِ كَمَا لَوْ كَانَ مُعْسِرًا وَالدَّيْنُ مِمَّا لَهُ
تَعْجِيلُهُ وَيُخَيَّرُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فِي إِغْرَامِهِ الْقِيمَةَ
يَوْمَ رَهْنِهِ لِأَنَّهُ مَنَعَهُ غَلَّتَهُ فأشهب الْغَاصِبَ وَفِي
عَبْدِهِ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ فَيُبَاعَ فِيهِ ويتبعونه بِثمنِهِ
قَالَ وَانْظُر إِذا اعْتِقْ الْعَبْدُ وَالدَّيْنُ عُرُوضٌ مِنْ بَيْعٍ
وَلَمْ يَرْضَ الْمُرْتَهِنُ تَعْجِيلَهَا هَلْ يُغَرَّمُ قِيمَتَهُ
وَتُوقَفُ أَوْ يَأْتِي بِرَهْنٍ مِثْلِهِ أَوْ يَبْقَى رَهْنًا بِحَالِهِ؟
وَلَا يَجُوزُ عِتْقُهُ لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ فِي أَنْ لَا تَتَبَدَّلَ
عَلَيْهِ الرِّهَانُ وَإِنْ كَانَ عَبْدُ الْملك قد قَالَ فِي الرَّهْن
يسْتَحق وَقد غَيْرُهُ إِنَّ لِلرَّاهِنِ الْإِتْيَانَ بِرَهْنٍ وَلَا
يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ وَأَمَّا إِذَا كَانَ لَهُ التَّعْجِيلُ فَقَالَ
يَمْضِي الْعِتْقُ وَيُعَجَّلُ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ يُغَرَّمُ الْأَقَلَّ
مِنْ قِيمَتِهِ أَوِ الدَّيْنَ وَفِي بَعْضِ الْكُتُبِ يُعَجَّلُ الدَّيْنُ
وَمَا بَيْنَهُمَا فَرْقٌ وَالْأَشْبَهُ الْقِيمَةُ إِلَّا أَنْ تُفْهِمَ
إِرَادَتُهُ تَعْجِيلَ الدَّيْنِ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا جَنَى
خُيِّرَ سَيِّدُهُ فِي فِدَائِهِ وَبَقَائِهِ رَهْنًا أَوْ يُسَلِّمُهُ
فَيُخَيَّرُ الْمُرْتَهِنُ فِي ثَلَاثَة: إِسْلَامه وَاتِّبَاع غَرِيمه
(8/129)
مِنَ الْجِنَايَةِ وَإِذَا خَافَ
الرَّاهِنُ الْهَلَاكَ عَلَى الزَّرْعِ وَأَبَى الْمُرْتَهِنُ النَّفَقَةَ
فَأَخَذَ مَالًا مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَأَنْفَقَهُ عَلَيْهِ فَالْأَجْنَبِيُّ
أَحَقُّ بِمَبْلَغِ نَفَقَتِهِ من ثمن الزَّرْع من الْمُرْتَهن وَإِن فضل
شَيْءٌ رَجَعَ الْمُرْتَهِنُ بِدَيْنِهِ عَلَى الرَّاهِنِ وَمَعْنَاهُ
إِذَا شَرَطَ نَفَقَةَ الْأَجْنَبِيِّ فِيهِ وَإِلَّا فَفِي ذِمَّةِ
الرَّاهِنِ وَفِي الْكِتَابِ: إِذَا ارْتَهَنْتَ أَرْضًا فَأخذ السُّلْطَان
مِنْك خراجها لن تَرْجِعَ بِهِ عَلَى الرَّاهِنِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ
ذَلِكَ الْخَرَاجُ حَقًّا وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا لم يجد مَنْ
يَبِيعُ الرَّهْنَ إِلَّا بِجَعْلٍ الْجُعْلُ عَلَى طَالِبِ الْبَيْعِ
لِأَنَّهُ صَاحِبُ الْحَاجَةِ وَالرَّاهِنُ يَرْجُو الدَّفْعَ مِنْ عَيْنِ
الرَّهْنِ وَقَالَ أَصْبَغُ: عَلَى الرَّاهِنِ لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ
عَلَيْهِ وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا أكرى الدَّارَ ثُمَّ طَلَبَ أَجْرًا
وَمِثْلُهُ يُوَاجِرُ نَفْسَهُ فَذَلِكَ لَهُ وَإِلَّا فَلَا وَفِي
الْجَوَاهِرِ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي غَيْرِ الْكِتَابِ: يُجْبَرُ
الرَّاهِنُ عَلَى إِصْلَاحِ الزَّرْعِ إِنْ كَانَ مَلِيًّا
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِذَا وَلَدَتِ الْأَمَةُ الرَّهْنُ ثُمَّ مَاتَتْ
فَوَلَدُهَا بِجَمِيعِ الرَّهْنِ لِانْدِرَاجِهِ فِي الرَّهْنِ
بِأَجْزَائِهَا
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: إِذَا ارْتَهَنْتَ خُلْخَالَيْنِ ذَهَبًا فِي مِائَةِ دِرْهَمٍ
فَاسْتَهْلَكْتَهُمَا قَبْلَ الْأَجَلِ أَوْ كَسَرْتَهُمَا وَقِيمَتُهُمَا
مِائَةُ دِرْهَمٍ لَمْ تُقَاصِصْهُ بِدَيْنِكَ بل توخذ قيمتهمَا وتوضع
عِنْد عدل مطبوع عَلَيْهَا رَهْنًا فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ أَخَذْتَهَا
وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَا فِضَّةً فَلَزِمَتْكَ الْقِيمَةُ دَنَانِيرَ
فَإِنْ أَوْفَاكَ أَخَذَ الدَّنَانِيرَ وَإِلَّا صُرِفَتْ لَكَ وَأَخَذْتَ
ثَمَنَهَا مِنْ حَقِّكَ لِأَنَّهَا بَدَلُ الرَّهْنِ فَجُعِلَتْ
كَالرَّهْنِ وَقَدْ كَانَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَقُولُ: إِذَا كُسِرَا
فَفِيهِمَا نَقْصُ الصِّيَاغَةِ ثُمَّ رَجَعَ لِلْقِيمَةِ ويكونان لَهُ
وَلَا يكونَانِ للرَّاهِن لَا يَكُونُ الرَّهْنُ بِمَا فِيهِ وَلَكِنَّ
الْمُرْتَهِنَ ضَامِنٌ قِيمَتَهُ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ: رَوَيْنَا
يُطْبَعُ عَلَى
(8/132)
الْقيمَة أَو تُوضَع على يَد عدل بِأَو
وَرَجَّحَهَا جَمَاعَةٌ عَلَى رِوَايَةِ الْوَاوِ لِأَنَّ وَضْعَهَا على
يَد الْعدْل يغنيها على الطَّبْعِ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ عَلَى
السَّلَفِ وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ تُوضَعُ عِنْدَ صَاحِبِهَا
مَطْبُوعَةً لِنَفْيِ التُّهْمَةِ بِالطَّبْعِ وَلِأَنَّهَا لَا تُرَادُ
لِعَيْنِهَا فَيُخْشَى سَلَفُهَا أَو يرغب فِي عينهَا فيحبسها ويودي ثمنهَا
لَكِن يطبع عَلَيْهَا لَيْلًا يَتَعَجَّلَ حَقَّهُ قَبْلَ الْأَجَلِ
وَقِيلَ تُدْفَعُ الْقِيمَةُ لِرَبِّ السُّوَارَيْنِ إِنْ جَاءَ بِرَهْنٍ
ثِقَةٍ وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ عَلَيْهِ مَا نَقَصَتِ الصِّيَاغَةُ وَعَنْ
مَالِكٍ عَلَيْهِ أَنْ يَصُوغَهُمَا قَالَ وَيُصَدَّقُ الْمُرْتَهِنُ
فِيمَا كَانَ فِي الْخُلْخَالَيْنِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ فَإِنْ قَالَ لَا
أَعْلَمُ وَقَالَ الرَّاهِنُ فِيهِمَا كَذَا حلف وَاسْتحق وَإِن كَانَ
مِمَّا يخْشَى حلق أَنه دفع للصائع عَن الْعَمَل وَكَذَا وَأَنَّهُ
أَخَذَهُ عَلَى ذَلِكَ قَالَهُ مَالِكٌ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْكتاب: إِن لَمْ أَفْتَكَّهُ فَهُوَ بِالدَّيْنِ يَمْتَنِعُ
لِأَنَّهُ بَيْعٌ غرر وَقَالَهُ الأيمة وَيُنْقَضُ لِلرَّهْنِ
وَلِلْمُرْتَهِنِ حَبْسُهُ بِحَقِّهِ وَهُوَ أَحَقُّ مِنَ الْغُرَمَاءِ
فَإِنْ فَاتَ بِيَدِهِ بِمَا يَفُوتُ بِهِ الْبَيْعُ الْفَاسِدُ لَزِمَتْهُ
قِيمَتُهُ يَوْمَ حُلُولِ الْأَجَلِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ وَيُقَاصِهِ
بِالدَّيْنِ فَيَرُدُّ الْفَضْلَ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا شَرَطَ ذَلِكَ
فِي عَقْدِ الْبَيْعِ فَسَدَ الْبَيْعُ وَالرَّهْنُ وَاخْتَلَفَ إِذَا
فَاتَ بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَهُوَ عَلَى يَدِ عَدْلٍ هَلْ مُصِيبَتُهُ
مِنَ الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّ الْعَدْلَ قَابَضَهُ أَوْ مِنَ الرَّاهِنِ
لِأَنَّ الْحُكْمَ أَنْ يرد ذَلِك الرضى (كَذَا) قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِنْ
كَانَ الرَّهْنُ بَعْدَ الْبَيْعِ فَسَدَ الرَّهْنُ وَحْدَهُ
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِذَا ضَمِنْتَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَقَامَ لَكَ
غُرَمَاء وَلَا مَال لَك غير دينه فعلى غريمك غرم دينك وَله محاصة عزمائك
بِقِيمَةِ رَهْنِهِ وَلَا يَكُونُ دَيْنُكَ عَلَيْهِ رَهْنًا لَهُ بِذَلِكَ
لِأَنَّكَ لَمْ تَرْهَنْهُ وَلَا لَهُ الْمُحَاصَّةُ بِذَلِكَ وَكَذَلِكَ
إِنْ أَسْلَفْتَهُ ثُمَّ ابْتَعْتَ مِنْهُ سلْعَة بِثمن وَلم يذكر أَنَّ
ذَلِكَ فِي دَيْنِكَ ثُمَّ قَامَ الْغُرَمَاءُ على أَحَدكُمَا فَلَا يكون
(8/133)
وَطِئِهَا حَتَّى يَفْتَكَّهَا وَابْنُ
عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يُجِيزُ هَذَا النِّكَاحَ بِحَالٍ وَكَذَلِكَ نِكَاحُ
الْمُسْتَأْجِرَةِ وَالظَّئْرِ اللَّائِي لَا يَقْدِرُ عَلَى وَطْئِهِنَّ
وَكُلُّ مَنْ لَا يَجُوزُ وَطْؤُهَا لَا يَجُوزُ عَقْدُهَا
كَالْمُعْتَدَّةِ وَالْمُحَرَّمَةِ وَقَدْ جَاءَ نِكَاحُ الْمُعْتَكِفَةِ
مَعَ تَحْرِيمِهِ وَالصَّائِمَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا لَمْ يكن لَهُ
مَالٌ وَثَمَنُ الْكِتَابَةِ إِذَا بِيعَتْ يُوَفِّي الْكِتَابَةَ بِيعَتْ
وَلَعَلَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يُرِيدُ فِي التَّدْبِيرِ أَنه حل الْأَجَل
وَهُوَ مُعسر بِيعَتْ الْمُدبرَة لَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ الْقَوْلُ
الْأَوَّلُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: الْكِتَابَةُ مِثْلُ التَّدْبِيرِ لَا
يَتَعَيَّنُ التَّعْجِيلُ وَقَالَ أَشْهَبُ: هُمَا مِثْلُ الْعِتْقِ
يُعَجَّلُ الْحَقُّ فِي الْمِلَاءِ وَإِلَّا بَقِيَ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ
فَإِنْ أَدَّى الدَّيْنَ نَفَذَ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِلَّا بِيعَ وَإِنْ كَانَ
بعض الثّمن يَفِي عُتِقَ الْبَاقِي وَقَالَ أَشْهَبُ: يُبَاعُ الْجَمِيعُ
فِي الْوِلَادَةِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ وَفَضْلُ ثَمَنِهِ
لِسَيِّدِهِ لِتَعَذُّرِ كِتَابَةِ بَعْضِهِ أَوْ تَدْبِيرِهِ أَوْ أُمِّ
وَلَدِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ: يَبْقَى فِي الْكِتَابَةِ وَالتَّدْبِيرِ
رَهْنًا لِأَنَّ الْكِتَابَةَ مِمَّا تُبَاعُ فَإِنْ تَمَّ الْأَجَلُ
وَفِيهَا وَفَاءٌ بِيعَتْ وَلَا يُبَاعُ الْفَضْلُ عَنِ الْوَفَاءِ
إِعْمَالًا لِسَبَبِ الْعِتْقِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَإِنْ لَمْ تُوفِ
إِلَّا بِالرَّقَبَةِ بِيعَتْ لِسَبْقِ حَقِّ الدَّيْنِ وَيُبَاعُ
الْمُدَبَّرُ إِذَا حَلَّ الْأَجَلُ وَلَا يُبَاعُ بَعْضُهُ عَلَى أَنَّهُ
مُدَبَّرٌ عَلَى حَالِهِ وَلَا عَلَى أَنْ يُقَاوِيَهُ لِلْغَرَرِ فِي
الْبَيْعِ بِالْجَهْلِ بِمدَّة بَقَائِهِ مُدبرا أحبلها بيع بَعْضهَا
وَيبقى ياقيها أَمَّ وَلَدٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: يُبَاعُ بَعْضُ
الْمُدَبَّرِ عَلَى أَنَّهُ رَقِيقٌ لِلْمُبْتَاعِ وَبَقِيَّتُهُ مُدَبَّرٌ
لِجَوَازِ تَدْبِيرِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ
وَلَا ذَلِك فِي الْمكَاتب وَقَالَ أَشهب: إِن كَانَ هَذَا قَبْلَ حَوْزِ
الرَّهْنِ نَفَذَ كُلُّهُ وَلَا رَهْنَ لَهُ فِي الْعِتْقِ وَحْدَهُ وَلَا
يُعَجَّلُ لَهُ الْحَقُّ وَأَمَّا فِي التَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ
فَلِلْمُرْتَهِنِ قَبْضُ رَهْنِهِ فَيَبْقَى رَهْنًا بِيَدِهِ وَهُوَ
مُدَبَّرٌ وَمُكَاتَبٌ وَالْكِتَابَةُ مَعَهُ رَهْنٌ بِخِلَافِ خِدْمَةِ
الْمُدبر إِلَّا أَن تشْتَرط فِي اصل الرَّهْن وَالْكِتَابَة كالرقبة
كالغلة (كَذَا) وَقَالَ مُحَمَّدٌ: الْكِتَابَةُ كَالْغَلَّةِ لِأَنَّهَا
لَا تَكُونُ رَهْنًا إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا فِي أَصْلِ الرَّهْنِ قَالَ
مُحَمَّدٌ وَلَوْ أُعْتِقَ بَعْدَ الْقَبْضِ وَلَيْسَ بِمَلِيءٍ فَإِنْ
لَمْ يَكُنْ فِي ثَمَنِهِ فَضْلٌ لَمْ يُبَعْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَا يُعْتَقَ
حَتَّى يَحُلَّ الْأَجَلُ وَقَالَهُ مَالِكٌ فَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلُ
بَيْعٍ بِقَدْرِ الدَّيْنِ وَعِتْقِ الْبَاقِي وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ
يَبْتَاعُ بَعْضُهُ بِيعَ كُلُّهُ وَمَا فَضَلَ عَنِ الدَّيْنِ يَصْنَعُ
بِهِ السَّيِّدُ مَا شَاءَ لِبُطْلَانِ الْعِتْقِ بِالتَّعَذُّرِ قَالَ
ابْنُ يُونُس:
(8/136)
لَا يُبَاعُ كُلُّهُ حَتَّى يَحِلَّ
الْأَجَلُ لَعَلَّ السَّيِّدَ يُفِيدُ مَالًا فَيُعْتَقُ كُلُّهُ أَوْ
بَعْضُهُ قَالَ أَشْهَبُ: فَإِنْ كَانَ لِلسَّيِّدِ مَالٌ عَتَقَ مَكَانَهُ
وَإِن لم يحل الْأَجَل وَقضى الدي الْآن لتعذر الرَّهْن وَلم يُؤَخر
الْمُرْتَهن لِأَجْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَقَضَى الْعَبْدُ
الدَّيْنَ مِنْ مَالِهِ عَتَقَ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى السَّيِّدِ لِأَنَّهُ
صَرَفَهُ فِي مَصَالِحِهِ وَفِي الْكِتَابِ: إِذَا أَعْتَقَ الْمِدْيَانُ
فَأَرَادَ الْغُرَمَاءُ رَدَّ الْعتْق وَبيع العَبْد فللعبد أَوْ
أَجْنَبِيٍّ دَفْعُ الدَّيْنِ وَيَنْفُذُ الْعِتْقُ وَقَالَ بَعْضُ
الْفُقَهَاءِ: يَنْبَغِي لَوْ أَسْلَفَ سَيِّدُهُ أَنْ يَرْجِعَ لِأَنَّ
لِلْغُرَمَاءِ الصَّبْرَ بِدَيْنِهِمْ وَإِجَازَةَ الْعِتْقِ وَلِأَنَّ
السَّيِّدَ لَوْ أَعْتَقَهُ وَلِلْعَبْدِ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَمْ يَكُنِ
اسْتَثْنَى مَالَهُ بَقِيَ دَيْنُهُ عَلَى سَيِّدِهِ وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا
وَطِئَهَا وَهِيَ تَتَصَرَّفُ فِي حَوَائِجِ الْمُرْتَهِنِ فَحَمَلَتْ
بِيعَتْ بَعْدَ الْأَجَلِ وَالْوَضْعِ دُونَ وَلَدِهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ
لَهُ مَالٌ وَالصَّوَابُ أَنَّ عَلَى الْمُرْتَهِنِ مَا نَقَصَهَا وطوه
وَإِنْ طَاوَعَتْهُ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا وَهُوَ أَشَدُّ مِنَ
الْإِكْرَاهِ لِأَنَّهَا فِي الْإِكْرَاهِ لَا تُعَدُّ زَانِيَةً وَفِي
الْمُطَاوَعَةِ زَانِيَةً فَقَدْ دَخَلَهَا الْعَيْبُ وَعَنْ أَشْهَبَ لَا
شَيْءَ عَلَيْهِ فِي نَقْصِهَا وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا إِنْ طَاوَعَتْهُ
كَالْحُرَّةِ لِأَنَّهُ مِنْ مَهْرِ الْبَغِيِّ وَجَوَابُ ابْنُ الْقَاسِمِ
أَنَّهَا كَالسِّلْعَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِنْ كَانَتْ عِنْدَ عَدْلٍ
فَسَلَّمَهَا لِلرَّاهِنِ فَحَمَلَتْ مِنْهُ وَهُوَ فَقِيرٌ ضَمَّنَ ابْنُ
الْقَاسِمِ الْأَمِينَ قِيمَتَهَا يَوْمَ حَمَلَتْ وَيَتْبَعُ الْأَمِينُ
السَّيِّدَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فَقِيرًا فالمرتهن أَحَق بالجارية إِذْ
لَمْ يَعْلَمْ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا سَبِيلَ لِلْمُرْتَهِنِ عَلَيْهَا
وَإِنْ كَانَا فَقِيرَيْنِ الرَّاهِنُ وَالْعَدْلُ قَالَ صَاحِبُ
الْقَبَسِ: اخْتُلِفَ فِي إِعْتَاقِ الرَّاهِنِ فَفَصَلَ مَالِكٌ بَيْنَ
الْمُوسِرِ وَالْمُعْسِرِ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ نَفَّذَ الْعِتْقَ
مِنَ الْمُعْسِرِينَ فِي عِدَّةِ مَسَائِلَ وَإِنْ أَبْطَلَ حَقَّ
الْغَيْرِ وَيَتَعَذَّرُ الْفَرْقُ وَتَتَشَعَّبُ الْفُرُوع وَالْأُصُول
وَبَينهمَا (كَذَا) يُحْكَمُ عَلَى الرَّاهِنِ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ
يُذْهِبُ مَالَهُ وَرَدُّ الْعِتْقِ لَا يَتَعَذَّرُ شَرْعًا فَكَمْ عِتْقٍ
يُرَدُّ وَأُمُّ وَلَدٍ تُبَاعُ! قَالَ: وَالصَّحِيحُ عِنْدِي أَن لَا
يُحْكَمَ بِنُفُوذِهِ إِلَّا بَعْدَ أَدَاءِ الْمَالِ وَقَبْلَ ذَلِكَ
مَوْقُوفٌ وَالْعَجَبُ مِنْ أَصْحَابِنَا يُبْطِلُونَ الرَّهْنَ
بِالْعِتْقِ ويضعفونه مَعَ سريانه للْوَلَد كَمَا يسري الْعتْق
(8/137)
جَارِيَةٌ لِلْعَبْدِ الْوَطْءُ بِخِلَافِ
رَهْنِهِ وَجَارِيَتِهِ وَهُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمُوَازِيَةِ
وَلَا فَرْقَ لِشِبْهِ الِانْتِزَاعِ فِي الْوَجْهَيْنِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ
الحكم إِذْ زَوَّجَهَا وَلَمْ يَرْضَ الْمُرْتَهِنُ فُسِخَ النِّكَاحُ
دَخَلَ أَمْ لَا لِتَضَمُّنِهِ النَّهْيَ وَلَوْ دَخَلَ بِغَيْرِ علم
الْمُرْتَهن فاقتضها فَعَلَيْهِ صَدَاقُ الْمِثْلِ يُوقَفُ مَعَهَا فِي
الرَّهْنِ كَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا فَإِنْ نَقَصَهَا الِافْتِضَاضُ
أَكْثَرَ مِنَ الصَّدَاقِ غُرِّمَ ذَلِكَ لِلسَّيِّدِ وَيُوقَفُ مَعَ
الصَّدَاقِ وَلها الْأَكْثَر من الْمُسَمّى أَو صدق الْمثل لعدم تعْيين
الصِّحَّة وَلَو افنكها السَّيِّدُ قَبْلَ الْبِنَاءِ انْفَسَخَ
لِتَحْرِيمِهِ فِي أَصْلِهِ وَيَقُولُ سَحْنُونٌ أُبِينُهَا وَلَوْ لَمْ
يَكُنْ لِلسَّيِّدِ مَالٌ فُسِخَ النِّكَاحُ وَإِنْ لَمْ يَشْعُرْ بِذَلِكَ
حَتَّى بَنَى وَلَهُ مَالٌ تَعَجَّلَ الْمُرْتَهِنُ دَيْنَهُ وَثَبَتَ
النِّكَاحُ وَإِلَّا فَسَخَ وَكَانَ عَلَى الزَّوْجِ الْأَكْثَر مِنَ
الْمُسَمَّى وَصَدَاقُ الْمِثْلِ وَلَوْ دَفَعَ الزَّوْجُ لِلْمُرْتَهِنِ
جَمِيعَ دَيْنِهِ لِيَبْقَى النِّكَاحُ أُجْبِرَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى
ذَلِكَ جَمْعًا بَيْنَ تَصْحِيحِ عَقْدَيِ النِّكَاحِ وَالرَّهْنِ قَالَ
اللَّخْمِيُّ: لَا خِلَافَ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَطَؤُهَا وَهِيَ رَهْنٌ
لِأَنَّهُ انْتِزَاعٌ أَوْ تَعْرِيضٌ لِلِانْتِزَاعِ عَلَى الْخِلَافِ
وَإِذَا رُهِنَ دُونَهَا قَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ لَا يَطَؤُهَا لِأَنَّهُ
انْتِزَاعٌ وَشَبَّهَهُ بِالْبَيْعِ وَإِذَا زُوِّجَتِ الْأَمَةُ الرَّهْنُ
فَسَخَهُ يَحْيَى وَإِنْ أَجَازَهُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى أَنْ يُمْنَعَ
مِنْهَا حَتَّى يَفْتَك لِأَنَّهُ نِكَاحٌ بِشَرْطِ عَدَمِ الْوَطْءِ
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْجَوَاهِرِ: يَنْفَكُّ الرَّهْنُ بِأَحَدِ أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ:
بِفَسْخِهِ أَوْ فَوَاتِ عَيْنِهِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ حَيْثُ يَضْمَنُهُ
رَاهِنُهُ أَوْ يَجْنِي العَبْد ويسلمه فَيُبَاعُ فِي الْجِنَايَةِ
وَبِقَضَاءِ كُلِّ الدَّيْنِ وَوَافَقَنَا (ش) وَ (ح) فِي أَنَّ الرَّهْنَ
لَا يَنْفَكُّ بِدَفْعِ بَعْضِ الدَّيْنِ وَأَنَّ أَجْزَاءَهُ مَرْهُونَةٌ
كَجُمْلَتِهِ بِجُمْلَةِ الدَّيْنِ قِيَاسًا عَلَى الشَّهَادَةِ بِجَامِعِ
التَّوَثُّقِ وَكَذَلِكَ الْكَفَالَةُ يَتَعَلَّقُ بِالْكَفِيلِ الدَّيْنُ
وَأَجْزَاؤُهُ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: يَجُوزُ قَوْلُ الرَّاهِنِ بِعِ الرَّهْنَ وَاسْتَوْفِ الثّمن ثُمَّ
اسْتَوْفِ لِنَفْسِكَ وَيَتَّحِدُ الْقَابِضُ وَالْمَقْبُوضُ كَاتِّحَادِ
الْوَلِيِّ وَالزَّوْجِ إِذَا وَكَّلَتْهُ وَبَيْعِ الْأَبِ مَالَ نَفسه
(8/140)
لِابْنِهِ وَهِبَتِهِ وَصَدَقَتِهِ
وَوَقْفِهِ عَلَيْهِ وَهُوَ صَغِيرٌ وَقَالَهُ (ح) وَأحمد ابْن حَنْبَلٍ
خِلَافًا (ش) مُحْتَجًا بِأَنَّهُ لَا يَبْذُلُ جُهْدَهُ فِي اسْتِيفَاءِ
الثَّمَنِ وَهُوَ حِكْمَةُ التَّوْكِيلِ وَجَوَابه الرضي بِاجْتِهَادِهِ
كَمَا لَو كَانَ عَاجِزًا نَفَذَ إِجْمَاعًا
3
-
(فَرْعٌ)
فِي الْبَيَانِ: إِذَا اشْتَرَطَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الْعَدْلِ ضَمَانَ
الْجَارِيَةِ فَقَالَ أَنَا ضَامِنٌ لِرَهْنِكَ لَا يَضْمَنُ مَا يَحْدُثُ
بِهَذَا الرَّهْنِ مِنْ مَوْتٍ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ خَوْفُ
تَدْلِيسِ الرَّاهِنِ مِمَّا يُخْرِجُهُ مِنْ يَدِهِ وَكَذَلِكَ إِذَا
قَالَ أَضْمَنُ لَكَ كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا الْمَوْتَ وَالْإِبَاقَ إِلَّا
أَنْ يَقُولَ ضَامِنٌ لَهُ لَمَّا نَقَصَ مِنْ حَقِّكَ فَيَضْمَنُ كُلَّ
شَيْءٍ قَالَهُ مَالِكٌ وَرَجَعَ إِلَى أَنَّهُ يُضَمَّنُ كُلَّ شَيْءٍ فِي
الصِّيغَتَيْنِ وَلَا فَرْقَ لِعُمُومِ الصِّيغَةِ وَقِيلَ لَا تَعُمُّ فِي
الْوَجْهَيْنِ نَظَرًا لِلْمَقْصُودِ فَتَكُونَ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ وَلَمْ
يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِي الْعُمُومِ إِذَا قَالَ أَنَا ضَامِنٌ لِمَا
أَصَابَ الرَّهْنَ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: الْمُرْتَهَنُ مُقَدَّمٌ عَلَى كَفَنِ الرَّاهِنِ إِذَا لَمْ يَكُنْ
لَهُ غَيْرُهُ
3 - (141 قَالَ قَالَ مَالِكٌ: " إِنْ " تُوُفِّيَ وَتَرَكَ رُهُونًا)
قَالَ قَالَ مَالِكٌ: " إِنْ " تُوُفِّيَ وَتَرَكَ رُهُونًا مَجْهُولَة
الْأَصْحَاب تبَاع وَيتْرك ثمنهَا حَتَّى يويس مِنْهُمْ فَيُوَفَّى
الْغُرَمَاءُ بِهَا فَإِنْ ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ رَجَعَ عَلَيْهِمْ وَذَلِكَ
إِذَا خَشِيَ فَسَادَ الرَّهْنِ وَإِلَّا فَيُوقَفُ لِأَنَّهُ رَهْنُكَ
إِنْ أَمِنَ الْفَسَادَ فَإِنْ خُشِيَ عَلَيْهِ بِيعَ وَجُعِلَ ثَمَنُهُ
رَهْنًا وَلَا يُبَاعُ الْمَأْمُونُ إِلَّا بِرِضَاكُمَا بِخِلَافِ
الْمُتَقَارِضَيْنِ يَخْتَلِفَانِ فِي مَبْلَغِ الْقِرَاضِ يَنْظُرُ
السُّلْطَانُ لِأَنَّكَ مُخْتَصٌّ بِالرَّهْنِ بِخِلَافِ الْمُقَارِضِ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ: إِذَا قُلْتَ دَعِ الرَّهْنَ عِنْدِي إِلَى غَدٍ فَأُسَلِّفَكَ
فَيَهْلِكَ قَبْلَ غَدٍ ضَمِنْتَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ لِأَنَّكَ لَمْ
تُؤْتَمَنْ بَلْ أَخَذْتَهُ رَهْنًا
(8/141)
(فَرْعٌ)
قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ قَالَ مَالِكٌ: إِذَا قَامَ أَحَدُهُمَا
بِبَيْعِ الرَّهْنِ وَالْآخَرُ قَدْ أَنْظَرَهُ سَنَةً بِحَقِّهِ إِنْ لَمْ
تُنْقِصْ قِسْمَةُ الرَّهْنِ حَقَّ الْمُتَأَخِّرِ بِيعَ لِهَذَا نَصِفُهُ
فَوَفِّي حَقَّهُ وَإِلَّا بِيعَ كُلُّهُ فَأُعْطِيَ هَذَا حِصَّتَهُ
وَدُفِعَتِ الْبَقِيَّةُ لِلرَّاهِنِ إِنْ رَضِيَ الَّذِي أَنْظَرَهُ
وَإِلَّا حَلَفَ الْمُرْتَهِنُ مَا أَنْظَرَهُ إِلَّا لِيُوقِفَ لَهُ
رَهْنَهُ عَلَى هَيْئَتِهِ ثُمَّ أُعْطِيَ حَقُّهُ وَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا
ارْتَهَنَا لَا يَقْضِي أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ وَإِنْ رَهْنَا لَا
يَأْخُذُ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْمُرْتَهِنُ
لِلضَّرَرِ فِي ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُونَا شَرِيكَيْنِ فِيهِ قَبَضَ
أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ وَقَالَ (ح) الشَّرِيكَانِ وَغَيْرُهُمَا سَوَاءٌ
فِي الْمَنْعِ نَفْيًا لِلضَّرَرِ مُطْلَقًا وَقَالَ (ش) الشَّرِيكَانِ
وَغَيْرِهِمَا سَوَاءٌ فِي عَدَمِ الْمَنْعِ رَاهِنَانِ أَوْ مُرْتَهِنَانِ
لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الِارْتِبَاطِ
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا أَقَرَّ الرَّاهِنُ أَنَّ
الْعَبْدَ الرَّهْنَ ابْنُهُ لَحِقَ بِهِ وَاتُّبِعَ بِالدَّيْنِ لِنَفْيِ
التُّهْمَةِ فِي الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ حُرٌّ
لَا يُقْبَلُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ فَيُعَجَّلَ الْحَقُّ وَإِنْ
لَمْ يَحُلَّ لِانْخِرَامِ الرَّهْنِ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ الْبَصْرِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ: إِذَا اسْتَحَالَ الْعَصِيرُ خَمْرًا
فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ ثُمَّ انْقَلَبَتْ خَلًّا بَقِيَ رَهْنًا وَقَالَ
(ش) إِنْ صَارَ الْعَصِيرُ خَلًّا بَقِيَ رَهْنًا لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ
عَنِ الْمَالِيَّةِ وَإِنْ صَارَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ خَمْرًا زَالَ
مِلْكُ الرَّاهِنِ وَبَطَلَ الرَّهْنُ كَالْحَيَوَانِ يَمُوتُ فَإِنْ
تَخَلَّلَتْ عَادَ الْمِلْكُ كَجِلْدِ الْمَيْتَةِ يُدْبَغُ وَيَعُودُ
الرَّهْنُ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ آخَرَ لِزَوَالِ الْمَانِعِ فَعَمِلَ
لِلسَّبَبِ السَّابِقِ وَإِنْ صَارَ خَمْرًا قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ
الرَّهْنُ فَإِنْ عَادَ لَمْ يَعُدِ الرَّهْنُ وَقَالَ (ح) لَا يَبْطُلُ
الْمِلْكُ بِالْخَمْرِيَّةِ وَلَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ كَالْعَبْدِ يرْتَد
(8/144)
(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي النِّزَاعِ)
إِذَا قَالَ الْمَأْمُورُ بِبَيْعِ الرَّهْنِ مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ
سَلَّمْتَ الثَّمَنَ لِلْمُرْتَهِنِ وَجَحَدَ الْمُرْتَهِنُ [ضَمِنَ
الْمَأْمُورُ] لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْقَبْضِ وَلَوْ قَالَ
الْمَأْمُورُ بِعْتُ بِمِائَةٍ وَسَلَّمْتُهَا لَهُ وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ
بَاعَ بِخَمْسِينَ وَقَبَضْتُهَا ضَمِنَ الْمَأْمُورُ خَمْسِينَ
بِإِقْرَارِهِ كَمَأْمُورٍ يَدْفَعُ مِائَةً فَيَقُولُ لَمْ أَقْبِضْ
إِلَّا خَمْسِينَ ضَمِنَ الْخَمْسِينَ قَالَ التُّونِسِيُّ: إِذَا غَرِمَ
الْمَأْمُورُ خَمْسِينَ لَا يَكُونُ الْمُرْتَهِنُ أَحَقَّ بِهَا
لِأَنَّهَا لَيْسَتْ رَهْنًا وَلَوْ قَالَ لَا أَدْرِي بِكَمْ بَاعَ إِلَّا
أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ إِلَّا خَمْسِينَ وَحَلَفَ وَأُغْرِمَ الْعَدْلُ
الْخَمْسِينَ الْأُخْرَى لَكَانَ أَحَقَّ بِهَا مِنَ الْغُرَمَاءِ قَالَ
ابْنُ يُونُسَ: وَلَوْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ هُوَ الْآمِرُ بِالْبَيْعِ
لِصِدْقِ الْمَأْمُورِ مَعَ يَمِينِهِ فِي دَفْعِهِ لِلْمُرْتَهِنِ لِأَنَّ
الْوَكِيلَ عَلَى الْبَيْعِ مُصَدَّقٌ فِي دَفْعِ الثَّمَنِ لِلْآمِرِ
وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا يَضْمَنُ الْمَأْمُورُ الْخَمْسِينَ الْبَاقِيَةَ
لِلْمُرْتَهِنِ لِاعْتِرَافِهِ أَنَّهُ بَاعَ بِخَمْسِينَ بَلِ الرَّاهِنُ
قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِنَّمَا يُصَدَّقُ الْعَدْلُ إِذَا لَمْ يَأْتِ بِمَا
لَا يشبه
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْكتاب: [إِن] قَالَ الرَّاهِنُ لَمْ يَحُلَّ الْأَجَلُ صُدِّقَ
لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ حُلُولِهِ إِذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ وَإِلَّا
فَلَا وَإِذَا قَالَ الْمُبْتَاعُ بَعْدَ فَوْتِ السِّلْعَةِ عِنْدَهُ
الثَّمَنُ مُؤَجَّلٌ وَقَالَ الْبَائِعُ حَالَ صِدْقِ الْمُبْتَاعِ فِي
الْأَجَلِ الْقَرِيبِ دُونَ الْبَعِيدِ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ ابْنُ
الْقَاسِمِ لَا يُصَدَّقُ فِي الْأَجَلِ وَيُؤْخَذُ بِمَا أَقَرَّ بِهِ
حَالًّا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّأْجِيلِ إِلَّا أَنْ يُقِرَّ
بِأَكْثَرَ مِمَّا ادَّعَاهُ الْبَائِعُ فَلَا يَكُونُ لِلْبَائِعِ إِلَّا
مَا ادَّعَى قَالَ التُّونِسِيُّ: اخْتِلَافُهُمْ بَعْدَ فَوَاتِ
الْمَبِيعِ كَاخْتِلَافِهِمْ فِي قِلَّةِ الثَّمَنِ يُصَدَّقُ الْمَطْلُوبُ
وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي إِذَا ادَّعَى الْبَائِعُ الْحُلُولَ أَنْ يُصَدَّقَ
الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْفَوْتِ وَإِنْ رَأَى ابْن الْقَاسِم
(8/145)
أَحْكَامه وَهُوَ التَّوَثُّقُ وَلَمْ
تَتَعَيَّنِ الشَّهَادَةُ لِأَنَّ الْبَدَلَ أَعَمُّ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَا
يَتِمُّ أَيْضًا قَوْلُ الْفُقَهَاءِ الْبَدَلُ يَقُومُ مَقَامَ
الْمُبْدَلِ مُطْلَقًا لِمَا قَدْ تَقَرَّرَ بَلْ فِي الْوَجْهِ الَّذِي
جُعِلَ بَدَلًا فِيهِ فَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ لَا بُدَّ مِنْ تحقيقها فِي
الْمقَام فعلَيْهَا مدَار بحثها مَعَ الْفَرْقِ وَهِيَ عَشَرَةٌ تَفْرِيعٌ
فِي الْكِتَابِ: إِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ لَا يَوْمَ
الرَّهْنِ مِثْلَ دَعْوَى الْمُرْتَهِنِ فَأَكْثَرَ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ
وَإِنْ تَصَادَقَا أَنَّ قِيمَتَهُ يَوْمَ التَّرَاهُنِ أَقَلُّ مِنْ
ذَلِكَ فَزَادَ سُوقُهُ لَمْ يُنْظَرْ إِلَى قِيمَتِهِ الْآنَ لِأَنَّ
الشَّاهِدَ إِنَّمَا يَعْتَبِرُ وُجُودَهُ وَقْتَ الشَّهَادَةِ وَيُصَدَّقُ
الرَّاهِنُ فِيمَا زَادَ عَلَى قِيمَتِهِ الْآنَ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى
دَعْوَاهُ وَيُبَرَّأُ مِنَ الزِّيَادَةِ وَإِنْ قُلْتَ رُهِنَتْ فِي
مِائَةِ دِينَارٍ وَقَالَ هِيَ لَكَ عَلَيَّ وَإِنَّمَا رُهِنَتْ فِي
خَمْسِينَ صُدِّقَتْ فِي قِيمَةِ الرَّهْنِ فَإِنْ كَانَتْ خَمْسِينَ لَهُ
تَعْجِيلُهَا وَأَخْذُ رَهْنِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ارْتِهَانٍ فِي
الزَّائِدِ فَإِنْ ضَاعَ عِنْدَكَ وَاخْتَلَفْتُمَا فِي قِيمَتِهِ
تَوَاصَفْتُمَاهُ وَتُصَدَّقُ فِي الصِّفَةِ مَعَ يَمِينِكَ لِأَنَّكَ
غَارِمٌ ثُمَّ تَقُومُ تِلْكَ الصِّفَةُ فَإِنِ اخْتَلَفْتُمَا صُدِّقْتَ
فِي مَبْلَغِ قِيمَةِ تِلْكَ الصِّفَةِ فِي التَّنْبِيهَاتِ: يُرِيدُ
بِتَصْدِيقِكَ فِي الصِّفَةِ إِذَا ادَّعَيْتَ ضَيَاعَهُ ثُمَّ يَخْتَلِفُ
فِي قِيَامِهِ يَنْظُرُ لِلْقِيمَةِ يَوْمَ الْحُكْمِ عِنْدَ ابْنِ
الْقَاسِمِ وَفِي ضَيَاعِهِ يَوْمَ الْقَبْضِ وَقَالَ غَيْرُهُ إِنَّمَا
يُنْظَرُ فِي الْحَالَيْنِ يَوْمَ الْقَبْض لِأَنَّهُ يَوْم الرضى
بِالتَّوَثُّقِ وَقَدْ تَخْتَلِفُ الْأَسْوَاقُ بَعْدَ هَذَا وَفِي
الْمُوَازِيَةِ: مَتَى ثَبَتَ هَلَاكُهُ بِبَيِّنَةٍ وَهُوَ مِمَّا لَا
يُضْمَنُ لَا يَشْهَدُ لَكَ وَلَا يَلْزَمُ الرَّاهِنُ إِلَّا مَا أَقَرَّ
بِهِ لِأَنَّهُ لَا يَشْهَدُ إِلَّا عِنْدَ قِيَامِهِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ
فِي الْمُوَازِيَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّهُ إِنَّمَا يَشْهَدُ عَلَى نَفْسِهِ
لَا عَلَى الذِّمَّةِ وَأَنَّ حَقَّهُ إِنَّمَا يَكُونُ فِي عَيْنِ
الرَّهْنِ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَتَأْوِيلُ
بَعْضِهِمْ عَلَى الْكِتَابِ أَنَّهُ شَاهِدٌ على الذِّمَّة يشْهد فِي
قِيَامه وتلفه كإقراره وَاخْتلفت هَلْ يَلْزَمُ الرَّاهِنُ حَلِفٌ أَمْ
لَا؟ وَالْحَلِفُ أَصَحُّ وَلَمْ يَخْتَلِفْ فِي أَيْمَانِهِمَا مَعًا
إِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ دُونَ مَا ادَّعَاهُ وَفَوْقَ مَا أَقَرَّ بِهِ
الرَّاهِنُ وَسُكِتَ فِي الْكِتَابِ عَنْ يَمِينِ الْمُرْتَهِنِ
وَبَيَّنَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ فَقَالَ: يَحْلِفُ الْمُرْتَهِنُ
عَلَى مَا ادَّعَى مِنْ دَيْنٍ وَيُخَيَّرُ الرَّاهِنُ بَيْنَ إِعْطَاءِ
ذَلِكَ وَأَخْذِ رَهْنِهِ أَوْ يَحْلِفُ وَتَبْطُلُ عَنْهُ الزِّيَادَةُ
فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يُخَيَّرُ
الْمُرْتَهِنُ بَيْنَ حَلِفِهِ عَلَى دَعْوَاهُ وَعَلَى قِيمَةِ الرَّهْنِ
وَقِيلَ إِنَّمَا يَحْلِفُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّهْنِ إِذَا شهِدت
(8/148)
لَهُ عَلَى غَيْرِهِ: كَمَا لَوِ ادَّعَى
عِشْرِينَ وَشَهِدَ لَهُ شَاهِدٌ بِخَمْسَةَ عَشَرَ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ
مَعَ شَاهِدِهِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ: وَفَسَادُ هَذَا الْقَوْلِ
أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ عَلَى عِشْرِينَ فَوَجَبَ لَهُ أَخْذُ خَمْسَةَ عَشَرَ
وَيُجْبِرُهُ الْمَطْلُوبُ عَلَى الْخَمْسَةِ الزَّائِدَةِ فَنَكَلَ
الْمَطْلُوبُ أَلَيْسَ تُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الرَّاهِنِ فَيَصِيرُ
يَحْلِفُ مَرَّتَيْنِ عَلَى دَعْوَى وَاحِدَةٍ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ
وَقِيلَ يَحْلِفُ عَلَى جَمِيعِ دَعْوَاهُ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ
الرَّهْنِ أَقَلَّ وَإِنَّمَا يُصَدَّقُ الْمُرْتَهِنُ فِي قِيمَةِ
الرَّهْنِ يَوْمَ الْحُكِمِ لَا يَوْمَ الرَّهْنِ لِأَنَّ الرَّهْنَ بِيَدِ
الْمُرْتَهِنِ كَالشَّاهِدِ وَإِنَّمَا قَامَ بِشَهَادَتِهِ عِنْدَ
الْحُكْمِ فَوَجَبَ النَّظَرُ إِلَيْهَا يَوْمَ الْحَاجَةِ فَأَمَّا إِذَا
ضَاعَ فَيَوْمَ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ كَشَاهِدٍ شَهِدَ ثُمَّ ذَهَبَ
فَيُنْظَرُ إِلَى شَهَادَتِهِ حِينَ أَدَائِهَا قَالَ التُّونِسِيُّ
إِنَّمَا يَكُونُ شَاهِدًا إِذَا لَمْ يَفُتْ فَإِنْ فَاتَ وَهُوَ لَا
ضَمَانَ فِيهِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ لَمْ يَشْهَدْ لِأَنَّهُ إِنَّمَا
يَشْهَدُ عَلَى نَفْسِهِ لَا عَلَى ذِمَّةِ الرَّاهِنِ وَاخْتُلِفَ إِذَا
كَانَ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ هَلْ يَكُونُ شَاهِدًا أَمْ لَا؟ فَفِي
الْمُوَازِيَةِ: شَهِدَ عَلَى يَدَيِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوِ
اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ الدَّيْنِ لَشَهِدَ بِمَا يَبْلُغُ قِيمَتَهُ
كَقَوْلِهِ هُوَ عِنْدِي بِمِائَةِ دِينَارٍ وَيَقُولُ الرَّاهِنُ فِي
مِائَةِ إِرْدَبٍّ قَمْحًا قَرْضًا وَكَانَتْ أَقَلَّ صُدِّقَ
الْمُرْتَهِنُ مَعَ يَمِينِهِ فَلَوْ قَالَ الرَّاهِنُ فِي مِائَةٍ
وَقُلْتَ فِي مِائَةٍ وَخَمْسِينَ وَالْقِيمَةُ مِائَةٌ حَلَفَ وَقِيلَ
لِلرَّاهِنِ ادْفَعْ مِائَةً وَخَمْسِينَ وَخُذْ رَهْنَكَ أَوِ احْلِفْ
وَابْرَأْ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مِائَةً وَعشْرين بيَدي الْمُرْتَهِنِ
فَحَلَفَ عَلَى مِائَةٍ وَخَمْسِينَ وَإِنْ شَاءَ حلف على مائَة وَعشْرين
وانفك مَا زَادَ عَلَى الْقِيمَةِ وَلَا سَبِيلَ لِلرَّاهِنِ عَلَى
الرَّهْنِ حَتَّى يَحْلِفَ عَلَى الْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ فَإِنْ حَلَفَا
جَمِيعًا لَمْ يَكُنِ الرَّهْنُ إِلَّا فِي قِيمَتِهِ لِتَسَاوِيهِمَا
وَكَذَلِكَ إِنْ نَكَلَا جَمِيعًا لِعَدَمِ الْمُرَجِّحِ لِمَا زَادَ عَلَى
الْقِيمَةِ. وَفِي الْمُوَازِيَةِ: لَهُ دَيْنٌ بِكِتَابٍ لَمْ يَذْكُرْ
فِيهِ الرَّهْنَ فَقَالَ لَهُ عِنْدِي هَذَا الرَّهْنُ بِمِائَةٍ أُخْرَى
غَيْرِ الْمَكْتُوبَةِ وَقَالَ الرَّاهِنُ بَلْ بِهَا فَعَنِ ابْنِ
الْقَاسِمِ يُصَدَّقُ الرَّاهِنُ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ هُوَ وَدِيعَةٌ
صُدِّقَ وَفِيهِ خِلَافٌ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَدْ قَالَ إِذَا وُجِدَ
الرَّهْنُ فِي التَّرِكَةِ وَقَالَ الْوَارِثُ لَا عِلْمَ لِي فِي كم رهن
وَهُوَ يُسَوِّي خَمْسَةً وَقَالَ الرَّاهِنُ فِي دِينَارٍ يُصَدَّقُ
الرَّاهِنُ وَلَا يكون إِقْرَاره بالرهينة دَلِيلا على أَنه فِي قِيمَته
وَإِذا رهنته بِحَضْرَة بَيِّنَة ثمَّ قَالَ المترهن جَاءَنِي الرَّاهِنُ
بَعْدَ ذَلِكَ وَأَخَذَ مِنِّي غَيْرَ الَّذِي
(8/149)
(فَرْعٌ)
قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى: إِذَا قُلْتَ الدَّيْنُ ثَمَانِيَةُ
أَرَادِبَّ وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ مِائَةُ دِينَارٍ قَالَ أَصْبَغُ: إِنْ
كَانَ مَا أَقْرَرْتَ بِهِ أَكْثَرَ مِنَ الدَّنَانِيرِ صُدِّقْتَ أَوْ
أَقَلَّ صُدِّقَ كَمَا يُصَدَّقُ فِي كَثْرَةِ النَّوْعِ
(فَرْعٌ)
قَالَ الْأَبْهَرِيُّ: إِذَا تَنَازَعَا تَلَفَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ
فَقَالَ الْمُرْتَهن أَنْت خبيته صُدِّقَ الْمُرْتَهِنُ وَحَلَفَ إِنِ
اتُّهِمَ كَالْوَدِيعَةِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعُدْوَانِ وَقِيلَ
يَحْلِفُ مُطْلَقًا وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ قَبَضَ لِحَقِّ
نَفْسِهِ وَفِيَ الْعُتْبِيَّةِ: لَا يَحْلِفُ لِأَنَّهُ يَغْرَمُ إِلَّا
أَنْ يَقُولَ أَخْبَرَنِي مُخْبِرٌ صَادِقٌ أَنَّهُ عِنْدَكَ
(فَرْعٌ)
فِي الْجُلَّابِ: إِذَا تَنَازَعْتُمَا فِي رَدِّ الرَّهْنِ لَمْ تُصَدَّقْ
إِلَّا بِبَيِّنَةٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَدِيعَةِ أَنَّ
الْمُودِعَ أَمِينٌ مُطْلَقًا وَالْمُرْتَهِنَ قَبَضَ لِحَقِّ نَفْسِهِ
(فَرْعٌ)
فِي الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ
أَنَّهُ ضَاعَ عِنْدَ الْأَمِينِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ عَلَى أَنَّهُ
وَضَعَهُ عِنْدَ الْأَمِينِ إِلَّا بِتَصْدِيقِ الْأَمِينِ إِنْ كَانَ
الْأَمِينُ عَدْلًا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّهُ لَمَّا
رَهَنَ بِشَرْطِ وَضْعِهِ عَلَى يَدِ عَدْلٍ صَارَ الْمُرْتَهِنُ
كَالرَّسُولِ أَوْ كَالْمُودِعِ يُؤْمَرُ بِإِيدَاعِ الْوَدِيعَةِ عِنْدَ
غَيْرِهِ فَيَدَّعِي أَنَّهُ فَعَلَ وَضَاعَتْ هُنَالِكَ وَعَنْهُ لَا
يَبْرَأُ فِي الرَّهْنِ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى الدَّفْعِ لِلْأَمِينِ
وَالْفَرْقُ شَائِبَةُ الضَّمَانِ وَالتُّهْمَةِ فَإِنْ دَفَعَهَ لِغَيْرِ
عَدْلٍ ضَمِنَ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَذِنَ لَهُ فِي الْعَدْلِ فَإِنْ
شَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ وَادَّعَى عَدَمَ الْعِلْمِ بِعَدَمِ عَدَالَتِهِ
صُدِّقَ إِلَّا فِي الْمَشْهُورِ بِالْفِسْقِ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ
فِي الْوَدِيعَةِ إِذَا أَذِنَ لَهُ فِي إِيدَاعِهَا فَضَاعَتْ
(8/152)
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِذَا ضَاعَ أَحَدُ الثَّوْبَيْنِ صدق الْمُرْتَهن مَعَ
يمنيه فِي قِيمَتِهِ وَسَقَطَ مِنَ الدَّيْنِ قِيمَةُ الثَّوْبِ وَإِذا قلت
هما رهن بِأَلف و " قَالَ " الْآخَرُ وَدِيعَةٌ أَوْ عَارِيَةٌ صُدِّقَ
لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ رَهْنِهِ وَلَوْ كَانَا نَمَطًا وَجُبَّةً
فَهَلَكَ النَّمَطُ فَقُلْتَ هُوَ وَدِيعَةٌ وَالْجُبَّةُ رَهْنٌ وَعَكَسَ
الرَّاهِنُ فَلَا يُصَدَّقُ فِي تَضْمِينِهِ وَلَا أَنْتَ فِي الرَّهِينَةِ
وَيَأْخُذُ الْجُبَّةَ رَبُّهَا قَالَ ابْنُ يُونُس: يُرِيد ويحلفان قَالَ
ابْن يُونُس: إِنْ رَهَنَهُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ فَادَّعَى رَدَّهُ وَأَخَذَ
دَيْنَهُ حَلَفَ الرَّاهِنُ وَضَمِنَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرَّد
قَالَ المَخْزُومِي: إِن أعرته ليرهن نَفسه لَمْ يَكُنْ رَهْنًا إِلَّا
بِمَا أَذِنْتَ لَهُ وَالْمُسْتَعِيرُ مُدَّعٍ لِأَنَّكَ فَعَلْتَ
مَعْرُوفًا وَلَا تَكُونُ تشهد للْمُرْتَهن لِأَن اسْتَحْقَقْتَهُ وَبَقِيَ
الدَّيْنُ كَدَيْنٍ لَا رَهْنَ فِيهِ فَيُصَدَّقُ الرَّاهِنُ إِلَّا فِي
أَقَلَّ مِمَّا ادَّعَيْتَهُ فَيصدق الْمُرْتَهن حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ رهن
لَهُ وَيُبَاعُ لَهُ إِنْ أُعْدِمَ الرَّاهِنُ
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا أَرْسَلْتَهُ لِيَرْهَنَ ثَوْبًا فِي خَمْسَةٍ
وَقُلْتَ وَصَلَتْ إِلَيْكَ وَقَالَ الرَّسُولُ بَلْ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ
وَقَالَ المُرتهن فِي عِشْرِينَ وَقِيمَةُ الثَّوْبِ عَشَرَةٌ يَحْلِفُ
الْمُرْتَهِنُ ثُمَّ أَنْت وتغرم عشر ة قِيمَةَ الثَّوْبِ إِنْ أَحْبَبْتَ
أَخْذَهُ ثُمَّ يَحْلِفُ الرَّسُولُ يَمِينًا لَكَ لَقَدْ وَصَلَ إِلَيْكَ
عَشَرَةٌ وَيَمِينًا لِلْمُرْتَهِنِ مَا رَهَنْتُهُ إِلَّا فِي خَمْسَةَ
عَشَرَ وَيَغْرَمُ لَكَ خَمْسَةً وَلَوْ قَامَتْ لَكَ بَيِّنَةٌ وصدَّقك
الرَّسُولُ أُعْطِيتَ خَمْسَةً وَأَخَذْتَ رَهْنَكَ وَحَلَفَ الرَّسُولُ
لِلْمُرْتَهِنِ وَبَرِئَ وَلَمْ يُطَالِبْهُ الْمُرْتَهِنُ بِشَيْءٍ وَإِنْ
لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ بِعَشَرَةٍ صُدِّق إِلَى
قِيمَةِ الرَّهْنِ مَعَ يَمِينِهِ ثُمَّ تَفتَكُّ أَنْتَ رَهْنَكَ
بِقِيمَتِهِ أَوْ تَتْرُكْهُ بِمَا فِيهِ وَإِنِ ادَّعَى [الْمُرْتَهِنُ]
أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ حَلَفَ الرَّسُولُ مَا أَرْسَلَهُ إِلَّا
بِخَمْسَةٍ وَبَرِئَ وَلَمْ " يُطَالِبْهُ " الْآمِرُ وَلَا الْمُرْتَهِنُ
بِشَيْءٍ وَلَا يَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّسُولِ بِخَمْسَةٍ إِذَا
كَانَ الرَّهْنُ يُسَاوِي عَشَرَةً إِذَا أَقَامَ الرَّاهِنُ بَيِّنَةً
وَأَخَذَ رَهْنَهُ لِأَنَّ الرَّهْنَ الَّذِي كَانَ يُصدقه انتُزع
بِالْبَيِّنَةِ فَلَا حُجَّةَ لَهُ بِقِيمَتِه
(8/153)
وَإِنِ ادَّعَى الْعِلْمَ بِخَمْسِينَ
قَالَ أَشْهَبُ لَا يَضْمَنُ الْخَمْسِينَ لِلْمُرْتَهِنِ بَلْ لِلرَّاهِنِ
لِتَصْدِيقِهِ إِيَّاهُ وتردّد اللَّخْمِيّ فِي أَخذه إِيَّاهَا مواخذة
بِظَاهِرِ الْعَدْلِ
3 -
(فَرْعٌ)
فِي الْمُقَدِّمَاتِ: لَوْ وُجد الرَّهْنُ بِيَدِهِ بَعْدَ التَّفْلِيسِ
وَادَّعَى قَبْضَهُ قَبْلَ التَّفْلِيسِ وَجَحَدَهُ الْغُرَمَاءُ لَجَرَى
الْقَوْلَانِ اللَّذَانِ فِي الصَّدَقَةِ تُوجَدُ بِيَدِ الْمُتَصَدَّقِ
عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُتَصَدِّقِ فَيَدَّعِي قَبْضَهَا فِي صِحَّتِهِ
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ دَلِيلٌ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَلَوْ لَمْ يَتَعَلَّقْ
بِهِ لِلْغُرَمَاءِ حقٌّ لصُدِّق وَشُهِدَ لَهُ بِقِيمَتِهِ عَلَى
الرَّاهِنِ لِعَدَمِ الْمُزَاحِمِ
(فَرْعٌ)
فِي الْبَيَانِ: إِذَا انْهَدَمَتْ دَارٌ فَتَقُومُ عَلَيْهَا فَلَكَ
الْأُجْرَةُ إِنْ كَانَ مِثْلُكَ يَعْمَلُ ذَلِكَ بِأُجْرَةٍ بَعْدَ أَنْ
تَحْلِفَ مَا تبرَّعت
(فَرْعٌ)
قَالَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا ادَّعى رَجُلٌ بَعْدَ حَوْزِكَ
مُدَّةً أَنَّهُ ارْتَهَنَ قَبْلَكَ وَحَازَهُ وَقَامَتِ الْبَيِّنَةُ
عَلَى الرَّهْنِ وَالْحِيَازَةِ وَأَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِرَهْنِكَ يبدأُ
الْأَوَّلُ وَلَكَ مَا بَقِيَ دُونَ الْغُرَمَاءِ قَالَ لِأَنَّ الرَّهْنَ
بَعْدَ حَوْزِهِ لَا يَبْطُلُ بِرُجُوعِهِ لِلرَّاهِنِ إِلَّا أَنْ
يَعْلَمَ الْمُرْتَهِنُ فَيَسْكُتَ فَلَوْ علم الأول بَطل حَقه
3 -
(فَرْعٌ)
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: رَهنتَ سوارَ امْرَأَتِكَ بِغَيْرِ أَمْرِهَا
فعلِمَتْ أَوْ أَعْلَمْتَهَا إِنْ طَلَبَتْ بِالْقُرْبِ وَحَلَفَتْ مَا
دَفَعْتُهُ لَكَ فَذَلِكَ لَهَا وَإِلَّا فَلَا لِرِضَاهَا بِالرَّهْنِ
وَعَنْهُ لَهَا ذَلِكَ بَعْدَ الطُّولِ وَتَحْلِفُ مَا رَضِيتُ لِأَنَّ
الْأَصْلَ عَدَمُ الرضى وَهَذَا إِذَا لَمْ تَحْضُرْ الِارْتِهَانَ
وَإِلَّا فَإِنْ بَادَرَتْ فَلَهَا وَإِنْ سَكَتَتْ وَأَنْكَرَتْ قَبْلَ
انْقِضَاءِ الْمَجْلِسِ فَعَلَى الْخِلَافِ فِي السُّكُوتِ هَلْ هُوَ
كَالْإِقْرَارِ أَمْ لَا وَإِنِ انْفَصَلَا عَنِ الْمَجْلِسِ لَزِمَهَا
اتِّفَاقًا
(8/156)
|