الكافي
في فقه أهل المدينة المالكي المجلد الثاني
كتاب النكاح
باب السنة في عقد
النكاح والوكالة فيه والحكم في خطبة الرجل على
خطبة أخيه
...
كتاب النكاح
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى اله على سيدنا
محمد وآله وصحبه وسلم تسليما
باب السنة في عقد النكاح والوكالة فيه والحكم
في خطبة الرجل على خطبة أخيه
ليس التزويج بواجب إلا على من تاقت نفسه إليه
واشتدت غربته وقدر عليه وأمر الله عز وجل
بالنكاح معناه عند جمهور العلماء الإباحة
والندب والإرشاد لا الإيجاب ومن أراد نكاح
امرأة فليس له عند مالك أن ينظر إليها ولا
يتأمل محاسنها وقد روي عنه أنه ينظر إليها
وعليها ثيابها ومن أباح من العلماء النظر
إليها عند خطبتها فإنه يبيح أن ينظر منها إلى
وجهها وكفيها لأن ذلك ليس عليها ستره في
صلاتها وينعقد النكاح بغير شهود عند مالك كما
ينعقد البيع إذا رضي الزوج والمرأة وكنت مالكة
أمرها أو يتيمة مالكة بعضها وكان
(2/519)
ذلك بولي مرشد
ويشهدون فيما يستقبلون فإذا وقع التداعي في
النكاح لم يثبت ببينة وليس فيه رد يمين ولا هو
عند مالك موضع يمين ومن فرض النكاح عند مالك
إعلانه لحفظ انسب والولي والصداق من أركان
النكاح وسنفرد لكل واحد منهما بابا كافيا إن
شاء الله ونكاح السر لا يجوز ويفسخ قبل الدخول
وبعده إذا وقع إلا أن يعلن قبل أن يعثر عليه
وإن أسر النكاح ولم ينشر ولم يعلن به ثم أعلن
في حال ثانية وأظهر صح ولم يفسخ وقال مالك لو
شهد على النكاح رجلان واستكتما ذلك فكتماه كان
نكاح سر وقال بعض أصحابه إذا شهد عليه رجلان
عدلان فقد خرج من السر وهو قول جمهور الفقهاء
ولا بد أن يباشر الرجل عقد نكاحه لنفسه أو
يباشره عنه وكيله والوكالة في النكاح جائزة
إذا ذكر امرأة بعينها وسمي صداقا وإن جعل إليه
أن يزوجه ممن يراه جاز إذا زوجه ممن يشبه أن
تكون من نسائه وإلا لم يجز وكذلك المرأة إذا
أذنت لوليها في العقد عليها في رجل بعينه وسمت
صداقا فإن جعلت إليه تزويجها ممن رآه جاز إذا
زوجها من كفء إذا رضيت به بعد ذكره لها وإلا
لم يجز ولا يزوجها من نفسه حتى يعرفها بذلك
فترضى به وإذا وكل الأب من يعقد نكاح ابنته
البكر فليس للوكيل أن يقبض الصداق إلا أن يكون
الأب جعل ذلك له في الوكالة وكذلك السيد في
أمته وكل وكيل وكل على شيء فليس له أن يزيد
عليه وإنما ينتهي إلى ما جعل إليه إلا المأمور
بالبيع فإن له تقاضي الثمن وإن لم يجعل ذلك
إليه إذا لم ينه عنه ومن عقد نكاحا بوكالة ثم
وقع الطلاق
(2/520)
فليس للوكيل أن
يزوجها مرة أخرى إلا بتحديد الوكالة ممن يجب
ذلك له ولا يجوز الخيار في النكاح ولا النكاح
الموقوف على إجازة الناكح كالرجل يزوج الرجل
بغير إذنه وأجاز مالك نكاح العبد بغير إذن
سيده إذا أجازه السيد قبل الدخول وسيأتي هذا
المعنى مستوعبا في باب إنكاح العبيد والإماء
وجائز للجماعة أن يخطبوا امرأة واحدة مجتمعين
ومتفرقين ما لم توافق واحدا منهم وتسكن إليه
فإن سكنت إليه وركنت نحوه لم يجز لغيره أن
يخطبها حتى يعدل عنها ذلك أو يتركها فإذا فعل
جاز لغيره أن يخطبها ومن خطب امرأة على خطبة
أخيه بعد الركون والميل وتمام القول بينهما
وعقد على ذلك نكاحه وطلب ذلك الأول الذي ركن
إليه وأذن فيه فسخ نكاح الثاني قبل الدخول
وبعده كما لو تزوج زوجة غيره روي ذلك عن مالك
وقال به بعض أصحابه إنه يفسخ نكاحه قبل الدخول
استحبابا لأنه تعدى ما ندب إليه وبئس ما صنع
فإن دخل بها مضى النكاح ولم يفسخ لأنها إمرأة
لم يعقد عليها غيره وهذا هو تحصيل مذهب مالك
والمأخوذ به وعن أصحاب مالك في هذا الباب آراء
مختلفة واضطراب
(2/521)
باب الآباء وسائر الأولياء والحكم في عقدهم
على النساء
قال الله تبارك اسمه: {وَأَنْكِحُوا
الأَيَامَى مِنْكُمْ} النور الآية 32 وقال عز
وجل: {فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا
تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ
(2/521)
يَنْكِحْنَ
أَزْوَاجَهُنَّ} نزلت في عضل معقل بن يسار
أخته ومنعه له أن ترجع إلى زوجها وقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم "لا نكاح إلا بولي"
وقال عليه السلام "أيما إمرأة نكحت بغير إذن
وليها فنكحاها باطل" وقال الأيم أحق بنفسها من
وليها وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا
تنكح المرأة إلا بإذن وليها أو ذوي الرأي من
أهلها أو السلطان وأنكح أبو بكر الصديق ابنته
عائشة وهي صغيرة بنت ست أو سبع من رسول الله
صلى الله عليه وسلم والولاية في النكاح
ولايتان عامة وخاصة فالعامة هي أن المسلمين
الأحرار في النكاح بعضهم أولياء بعض بحق
الديانة قال الله عز وجل {وَالْمُؤْمِنُونَ
وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ
بَعْضٍ} التوبة والولاية الخاصة ولاية النسب
والقرابة لقول الله عز وجل {وَأُولُو
الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ}
الأحزاب ولا ولاية لاحد في البكر مع أبيها ولا
يفتات عليه في البكر من بناته ولا يكون عاضلا
بخاطب ولا بخاطبين ولا يتهم في ابنته حتى يظهر
الحيف منه وفعله جائز عليها إلا أن يتبين أنه
أضر بها ضررا بينا أكثر ذلك في البدن وفي خوف
العنة عليها وللرجل أن يزوج ابنته الصغيرة
بكرا كانت أو ثيبا ما لم تبلغ المحيض بغير
اذنها وكذلك عند
(2/522)
مالك له أن
يزوج البكر البالغ كما يزوج الصغيرة على النظر
بغير ذاتها ولا رأي للبكر مع ابيها ويستحب في
البكر البالغ ان يستأمرها قبل العقد عليها
يندب إلى ذلك وليس بواجب عليه وان زوجها وهي
بكر بالغ كفؤا بغير اذنها جاز عليها كما يجوز
على الصغيرة وقبض صداق البكر لأبيها ليس إليها
منه شيء والصداق لها صغيرة كانت أو كبيرة ليس
لأبيها منه شيء فإن طلقت قبل الدخول كان
لأبيها العفو عن نصف الصداق وليس ذلك له قبل
الطلاق وله عند مالك أن يختلعها من زوجها بما
ظهر له على وجه النظر واختلف قول مالك في
البكر المعنسة وهي التي ارتفعت سنها وعرفت
مصالح أمورها فروي عنه أنها كالبكر الحديثة
السن في جواز العقد عليها وروي عنه أنها
كالثيب في منع العقد عليها إلا باذنها هذا حكم
الأب في ابنته البكر والصغيرة غير البكر فأما
الثيب البالغ فلا يعقد عليها نكاحا إلا باذنها
كما لا يزوجها غيره من أوليائها ولا فرق عند
مالك بين الموطوءة بزنى أو بنكاح فاسد أو صحيح
قبل البلوغ إذا كانت ذات أب في أن لابيها
إنكاحها بغير اذنها كالبكر سواء إذا انصرفت
بطلاق إلى أبيها قبل بلوغها فإن اقامت البكر
عند زوجها مدة طويلة أقلها سنة وشهدت مشاهد
النساء ثم طلقها زوجها قبل أن يمسها ورجعت إلى
أبيها لم يزوجها إلا برضاها فإن كانت إقامتها
عند زوجها يسيرة ولم يمسها كان له أن يزوجها
بغير إذنها وان وطئت البكر البالغ وطئا يوجب
المهر والعدة فقد صارت ثيبا وان وطئت بفجور
فهو بمنزلة البكر فان زوج الرجل ابنته الثيب
بغير اذنها فلمالك في ذلك
(2/523)
قولان أحدهما
ان النكاح باطل والاخر أنه ان أجازته بالقرب
جاز وان ردته بطل هذا لفظ ابن عبد الحكم عنه
ولا يزوج اليتيمة وليها حتى تبلغ الخيار في
نفسها ويتقدم الناس في ذلك فان زوجت وبلغت ولم
ترض فأرى أن يفسخ النكاح وقد قيل أن زوج
اليتيمة وبها حاجة ملحة في صلاح وغنى إذا بلغت
عشر سنين ونحوها فلا بأس بذلك قال ابن المواز
لو رضيت بعد أن بلغت لم يجز حتى يفسخ
ويستأنفون نكاحا جديدا وقال محمد بن عبد الله
بن عبد الحكم أصح أقاويله ان لا تزوج اليتيمة
حتى تبلغ وترضى ولا يجوز لولي ولا يوصي ولا
لسلطان إنكاح البكر اليتيمة حتى تبلغ وتأذن
فإن فعل ذلك وزوجها أحد قبل بلوغها فعن مالك
في ذلك ثلاث روايات إحداها أن النكاح باطل
ويفسخ وان بلغت ما لم يدخل والثانية أنه جائز
ولها الخيار إذا بلغت في فسخه أو إقراره ذكره
ابن عبد الحكم عن مالك والثالثة ان كانت بها
حاجة وفاقة ولها في النكاح مصلحة وكان مثلها
يوطأ جاز النكاح وثبت ولا خيار لها بعد البلوغ
وعلى كل من أنكح البكر اليتيمة أن يعرفها بأن
سكوتها اذن منها ورضى بنكاح الذي خطبها وأنها
إن سكتت عندما علمت لزمها فان سكتت بعد
معرفتها بذلك زوجت وعقد عليها وان نفرت وبكت
أو قامت أو ظهر منها ما يدل على كراهية النكاح
فلا تنكح مع ذلك وأما الثيب فلا تنكح إلا
باذنها قولا ولا يكون سكوتها إذنا منها في
نكاحها والأب فيها كسائر الأولياء بها إلا أن
له مزية فضل إنكاحها لأن سائر أوليائها به
يدلون إليها وكان مالك يرى ان ابنها أحق
بانكاحها
(2/524)
من أبيها وسواء
كان الابن من عصبتها أو من غير عصبتها وكذلك
ابن الابن عنده أولى من الأب والأب أولى من
الأخ والأخ وابن الأخ أولى من الجد والجد أولى
من العم وغيره يقول في الأب ثم آباؤه ثم الاخ
ثم بنوه ثم العم ثم بنوه ومن كان أقرب إلى
المرأة بأب كان أولى بانكاحها أو سواء كان لأب
وأم أو لأب فان استويا في التعدد فالذي للأب
والأم أولى إلا أن يكون سفيها غير رضي الحال
فانه لا ولاية لغير حر مسلم عاقل جائز
الأمرفإن كان الأولياء في التعدد سواء كان
أولاهم بذلك أفضلهم فان استووا في الدرجة
والفضل وتشاحوا نظر الحاكم في ذلك فما رآه
سدادا ونظرا أنفذه وعقده أو رده إلى من يعقده
منهم وقد قيل يأمر أحدهم بالعقد ولا يعقده هو
مع ولي حاضر مرشد والأول تحصيل المذهب لقوله
صلى الله عليه وسلم في الاولياء "فان اشتجروا
فالسلطان ولي من لا ولي له" ولقول عمر المذكور
في أول الباب فإن لم يكن للمرأة عصبة فمولاها
الذي أعتقها وعصبته عند عدمه ولا ولاية للمولى
الأسفل على الأعلى وقد قيل إن المولى الأسفل
داخل في الولاية وليس بشيء فأن لم يكن لها ولي
من العصبة بنسب أو ولاء زوجها الحاكم بأمرها
وان زوج المرأة الأبعد من أوليائها والأقعد
حاضر فإن لم ينكر الأقعد شيئا من ذلك ولا رده
نفذ وان أنكره وهي ثيب أو بكر بالغ يتيمة ولا
وصي لها فقد اختلف قول مالك وأصحابه وجماعة من
أهل المدينة في ذلك فقال منهم قائلون لا يرد
وينفذ لأنه نكاح انعقد باذن ولي من الفخذ
والعشيرة ومن قال هذا قال إنما جاءت
(2/525)
الرتبة في
الأولياء على الأفضل والأولى وذلك مستحب وليس
بواجب وهذا تحصيل مذهب مالك عند أكثر أصحابه
وإياه اختار إسماعيل بن إسحاق واتباعه وقيل
ينظر السلطان في ذلك ويسأل الولي الأقرب عن ما
ينكره ثم ان رأى لقوله وجها أمضاه وان رأى رده
رده وقيل بل للأقعد رده واجازته على كل حال
لأنه حق له وقيل للأقعد رده واجازته مل لم يمل
مكثها وتلد الاولاد وهذه كلها أقاويل أهل
المدينة وأما الولي الأقعد فلو كان مجنونا أو
سفيها زوجها من يليه من أوليائها وعد كالميت
منهم وكذلك إذا غاب أقرب أوليائها غيبة بعيدة
أو غيبة لا ترجى له أوبة سريعة زوجها من يليه
من الأولياء أو الحاكم وقد قيل إذا غاب أقرب
أوليائها لم يكن للذي يليه تزويجها وزوجها
الحاكم والأول قول مالك وإذا كان الوليان قد
استويا في القعد وغاب أحدهما وفوضت المرأة عقد
نكاحها إلى الحاضر لم يكن للغائب إن قدم ان
ينكره ولو كانا حاضرين ففوضت أمرها إلى أحدهما
لم يزوجها إلا بإذن صاحبة وإن اختلفا نظر
الحاكم في ذلك وأجاز عليها رأي أحسنهما نظرا
لها رواه ابن وهب عن مالك والوصية بالنكاح
جائزة كالوصية بالمال والوصي عند مالك أولى من
الولي بالانكاح ويستحب له أن يشاور الولي ولو
زوجها الولي باذن الوصي كان حسنا وقد روي عن
مالك ان الوصي في الثيب ولي من الأولياء وأنه
وغيره منهم في ذلك سواء والأول تحصيل مذهبه
وغير مالك لا يرى للوصي مدخلا في النكاح وليس
الوصي عندهم بولي ويقول هؤلاء البضع إلى
الأولياء والمال إلى الأوصياء ويجوز
(2/526)
عند مالك للوصي
أن يزوج وليته من نفسه وينبغي له أن يشهد على
رضاها خوفا من منازعتها فإن لم يفعل وكانت
مقرة جاز النكاح ولفظه أن يقول لها لقد تزوجتك
على صداق كذا وكذا فتقول رضيت أو تكون بكرا
فتسكت رضى بذلك وكذلك السيد في أمته إذا
اعتقها وأراد نكاحها من نفسه وليس عليه عند
مالك استئذان الحاكم في ذلك ولا ولاية لاحد
بقرابة الام وحدها ولا ولاية لمسلم على كافر
بالقرابة ابنة كانت أو أختا أو غيرها من
القرابات كلها ولا يلي عقد نكاحها من مسلم ولا
نصراني وليل ذلك أهل دينها وقد قيل إنه يوكل
من أهل دينها من يلي عقد نكاحها وجائز للمسلم
العقد على عبده وأمته الكافرين وكل ولد يولد
بينهما فهو على دين أبيه عند مالك واصحابه ولا
تلي امرأة عقد نكاح لنفسها ولا لغيرها شريفة
كانت أو دنية أذن لها في ذلك وليها أو لم يأذن
فإن عقدت نكاحا فسخ أبدا قبل الدخول وبعده
واختلف عن مالك في كيفية فسخة فروي عنه أن
فسخه طلاق وهو اختيار ابن القاسم وروي عنه أنه
فسخ بغير طلاق وإذا أرادت المرأة إنكاح أمتها
استخلفت رجلا فزوجها بأمرها هذا هو الجائز عند
مالك ولم يختلف قوله في المرأة أنه لا يجوز
لها مباشرة العقد على امتها ولا على يتيمة إن
كانت وصيا واختلف قوله في جواز مباشرتها العقد
على عبدها ويتيمها فروي عنه أنه قال إذا كانت
المرأة وصيا باشرت عقد نكاح يتيمها دون
يتيمتها وكذلك لها أن تباشر عقد نكاح عبدها
دون أمتها وإنما لا تعقد على من لا يعقد على
نفسه يوما ما وتحصيل مذهب
(2/527)
مالك عند أكثر
أصحابه أن إليها إذا كانت وصيا اختيار الازواج
ولها أن تفرض الصداق ثم يعقد النكاح أولياؤها
أو السلطان وعلى هذا أكثر علماء أهل المدينة
من أصحاب مالك وغيرهم والعبد إذا كان وصيا على
أيتام بمنزلتها فيما ذكرنا وإذا زوج المرأة
غير وليها باذنها فان كانت شريفة لها في الناس
حال كان وليها بالخيار في فسخ نكاحها أو
إقراره وإن كانت دنية كالمعتقة والسوداء
والإسلامية ومن لا حال لها جاز نكاحها ولا
خيار لوليها لان كل أحد كفؤلها وقد روي عن
مالك أن الشريفة والدنية لا يزوجها إلا وليها
أو السلطان وروي عنه ان كل امرأة مالكة أمر
نفسها إذا وضعت نفسها عند كفوء وكانت ثيبا فإن
السلطان يأمر وليها بانكاحها فان أبى زوجها
السلطان وفي مثل هذه ورد الحديث انها احق
بنفسها من وليها وإذا زوج الولي المرأة بغير
اذنها ثم علمت بذلك فاجازته بقرب ذلك جاز وإلا
لم يجز وقد قيل إنه باطل على كل حال إذا عقد
عليها بغير اذنها وإذا أذنت المرأة لوليين
فزوجاها معا من رجلين أو من واحد بعد واحد فلم
يعلم أيهما قبل صاحبه فكلاهما نكاحه مفسوخ قبل
الدخول وفسخه بتطليقة وان سبق احدهما بالعقد
كان أحق الا أن يدخل الآخر فيكون أحق ومن أنكح
ابنه البالغ وهو حاضر صامت ثم قال لم أرض صدق
مع يمينه وان كان غائبا فرد سقط النكاح عنه
وعن الأب كالأجنبي وروى يحيى عن ابن القاسم
فيمن زوج وليته وكنت الاشارة وإطعام الوليمة
وإشهاد الأمر في دارها أو يرى أنها عالمة به
ثم جحدت فاليمين عليها فإن نكلت لزمها النكاح
وأما التي يرى أنها لم
(2/528)
تقارب علم ذلك
فلا يمين عليها وتمام هذا المعنى في كتاب
الدعوى
(2/529)
باب إنكاح الصغير
وللرجل أن يزوج ابنه الصغير على النظر له وليس
ذلك لغير الأب من الأولياء وللوصي عند مالك من
إنكاح الطفل على وجه النظر له مثل ما للأب وقد
روي عنه جواز عقد الولي والوصي على الصغير
وأنهما في ذلك كالأب في العقد والمبارات عليه
والمشهور عن مالك أن الولي ليس في ذلك كالوصي
وأن الوصي في ذلك كالأب على ما قدمنا ذكره ومن
زوج ابنه صغيرا لا مال له فالصداق على الأب
لأنه متطوع عنه بذلك وان كان الابن مليا فعليه
الصداق ولا يكون على الأب منه شيء مع يسار
الابن إلا أن يضمنه متبرعا فإن ضمنه عنه فهي
حمالة لا تلزمه إلا أن يوجد للابن مال وان قال
عند ضمانه أنا أضمن ذلك في مالي على كل حال
لزمه ذلك في عسر الابن ويسره ويؤخذ ذلك ان مات
من رأس ماله ولو اعسر الابن بالصداق عند
الدخول وقد كان موسرا عند العقد فالصداق دين
عليه ولا ينتقل الصداق إلى الأب بعسرة الابن
إذا كان مليا عند العقد ولو كان بعض الصداق
مؤجلا والابن لا مال له ثم أيسر لم يلزمه شيء
منه إذا كان الابن لا مال له في وقت
(2/529)
عقد النكاح ولو
أصدق الأب من ماله عن ابنه وقبضت المرأة
الصداق ثم طلق قبل الدخول رجع نصف المهر إلى
الاب لأنه لما لم يتم له مراده فكان هبة لم
تقبل وقالت طائفة ما أهل المدينة وغيرهم منهم
عبد الملك بن عبد العزيز بل يرجع نصف المهر
إلى الإبن لإنه هبة مقبوضة
(2/530)
باب النكاح في العدة ونكاح الشغار والمتعة
والنهارية ونكاح المحلل والمحرم
قال الله عز وجل بعد ان رفع الجناح في التعريض
بخطبة النساء {وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ
النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ
أَجَلَهُ} البقرة واجتمعت الامة على أنه لا
يجوز عقد النكاح في العدة ونهى رسول الله صلى
الله عليه وسلم :"عن نكاح الشغار ونكاح المتعة
ونكاح المحرم ولعن المحلل والمحلل له" وليس
لاحد أن يخطب امرأة في عدتها وله أن يعرض لها
بغير تصريح نحو قوله النساء من شأني وإني
لحريص على النكاح وان الله لسائق إليك خيرا
وما كان مثل ذلك وان قال إني فيها لراغب واني
عليك لحريص فلا بأس ومن خطب امرأة في عدتها
ولم يعقد معها نكاحا حتى انقضت فقد أساء ولا
شيء عليه وعقد
(2/530)
النكاح في
العدة حرام ومن عقد على معتدة نكاحا في عدتها
فهو مفسوخ على كل حال ويفرق بينهما فرقة فسخ
من غير طلاق ولا ميراث بينهما لو مات أحدهما
فان فرق بينهما قبل الدخول جاز له خطبتها بعد
انقضاء عدتها وان لم يفرق بينهما إلا بعد
دخوله بها في عدتها لم يحل له نكاحها أبدا عند
مالك وأصحابه على ما روي عن عمر في ذلك فان
عقد لها في عدتها ولم يدخل بها إلا بعد انقضاء
عدتها فقد اختلف عن مالك وأصحابه في تأييد
تحريمه هاهنا فروي عنه أنه يفرق بينهما ولا
ينكحها أيضا أبدا لان وطأه لها كان بالعقد
المنعقد عليها في عدتها فكأنه وطئها في عدتها
وهو قول عبد العزيز بن أبي سلمة وهو تحصيل
المذهب واختاره ابن القاسم وروي عن مالك أيضا
أنها تحل له خطبتها بعد انقضاء عدتها وهو قول
المغيرة بن عبد الرحمن المخزومي ومحمد بن
إبراهيم بن دينار وقال عبد الملك بن الماجشون
وعلى المغيرة وابن دينار كانت تدور الفتيا
بالمدينة يعني بعد مالك والله أعلم واختلف
فيما يجب عليها من العدة إذا فرق بينهما بعد
دخوله بها فروى ابن القاسم عن مالك انه ليس
لها إلا ثلاث حيض وان ذلك يجزئها من العدتين
جميعا وسواء كان نكاحه إياها بعد حيضه أو بعد
حيضتين انها عليها ثلاث حيض تستأنفها بعد
الفرقة بينها وبين الثاني وروى عنه أهل
المدينة أنها تتم بقية عدتها من أول حيضة كانت
أو حيضتين أو أكثر ثم تستأنف عدتها ثلاث حيض
كاملة من الثاني على ما روي عن عمر في ذلك فإن
كانت متوفى عنها ودخل بها الثاني في عدتها
وفرق بينهما اعتدت بقية عدتها أربعة أشهر
(2/531)
وعشرا من يوم
مات عنها زوجها تستكمل فيها ثلاث حيض هذا
تحصيل المذهب وأما على قول عمر فتستأنف ثلاث
حيض بعد الأربعة الأشهر والعشر وان كان الناكح
لها في العدة عالما بالتحريم ودخل بها في
العدة فقيل إنه زان وعليه الحد ولا يلحق به
الولد وله ان يتزوجها إذا انقضت عدتها وقيل
الحد عنه ساقط والمهر لها لازم والولد به لاحق
ويفرق بينهما ولا يتزوجها ابدا وهو تحصيل
مذهبه عند جمهور أصحابه ولو جاءت المنكوحة في
العدة بولد لاقل من ستة أشهر من يوم عقد عليها
الثاني فرق بينه وبينها ولم تحل له أبدا ورجع
عليها بالصداق وأبقى لها ربع دينار ان كان لم
يعلم أنها كانت في العدة لانها علمت ذلك وغرته
وان علم أنها في عدة وجهل التحريم كان لها
صداق كامل بما استحل منها وان علم التحريم فهو
كالزاني في أحد قولي مالك والولد لاحق بالأول
في هذه المسألة على كل حال فان أنكره لاعنها
وسيأتي حكم لعانها في باب اللعان ونكاح الشغار
مفسوخ على كل حال قبل الدخول وبعده وهو أن
يزوج الرجل امرأة هو وليها على أن يزوجه آخر
امرأة هو وليها على أن لا صداق لواحدة منهما
والشغار في العبيد والإماء كهو في الأحرار
سواء ويفسخ النكاح في ذلك وإن طال أمده كهو في
الأحرار سواء ويفسخ النكاح في ذلك وإن طال
أمده فإن دخل بواحدة منهما فلها صداق مثلها مع
الفسخ واختلف عن مالك هل هو فسخ بطلاق أو بغير
طلاق فروي عنه فيه الوجهان جميعا وان لم يدخل
بها فلا شيء لها إذا فسخ نكاحها وان قال زوجتك
ابنتي بمائة على ان تزوجني ابنتك بمائة أو نحو
هذا فسخ النكاح بينهما قبل البناء
(2/532)
استحبابا وثبت
بعد البناء بمهر المثل لكل واحدة منهما ولو
سمى لإحداهما مهرا ولم يسم للأخرى فسخ نكاح
التي لم يسم لها صداق قبل الدخول وبعده وفسخ
نكاح المسمى قبل الدخول استحبابا وتفوت بعد
الدخول وكان لها صداق المثل ونكاح المتعة باطل
مفسوخ وهو ان يتوزج الرجل المرأة بشيء مسمى
إلى أجل معلوم يوما أو شهرا أو مدة من الزمان
معلومة على أن الزوجية تنقضي بانقضاء الأجل
والفرقة في ذلك فسخ بغير طلاق قبل الدخول
وبعده ويجب في المهر المسمى بالدخول عند مالك
فإن لم يسم شيئا أو سمى مالا يكون صداقا عنده
وجب فيه صداق المثل ويسقط فيه الحد ويلحق
الولد وعليها العدة كاملة وكذلك عند مالك نكاح
النهارية حكمه عنده حكم نكاح المتعة في لزوم
المهر ولحوق الولد ووجوب العدة مع الفسخ وهي
التي تنكح على أنها تأتي زوجها نهارا ولا
تأتيه ليلا ونكاح المحلل فاسد مفسوخ وهو أن
يتزوج امرأة طلقها غيره ثلاثا ليحلها لزوجها
وأنها متى أصابها طللقها فهذا المحلل الذي ورد
الحديث عن النبي عليه السلام بلعنه وكل من نكح
امرأة ليحلها لزوجها فلا تحل لزوجها ان وطئها
بذلك النكاح وسواء علما أو لم يعلما إذا قصدا
النكاح لذلك ولا يقر على نكاحها ويفسخ قبل
الدخول وبعده وإنما يحللها نكاح رغبة لا قصد
فيه للتحليل وشرط مالك واكثر أصحابه أن يكون
وطئه إياها مباحا تاما غير محظور لا تكون
صائمة ولا محرمة ولا حائضا ولا معتكفة فإن
وطئها وطئا تاما مباحا ثم طلقها أو مات عنها
حلت للأول وإلا لم تحل له ومدار نكاح المحلل
على
(2/533)
الزوج الناكح
وسواء شرط ذلك أو نواه ومتى كان شيء من ذلك
فسد نكاحه ولم ير عليه ولم يحلل وطئه المرأة
لزوجها وعلم الزوج المطلق وجهله بذلك سواء لأن
المدار على الزوج الناكح وقد قيل انه ينبغي له
إذا علم أن الناكح لها لذلك تزوجها أن يتنزه
عن مراجعتها وكذلك المرأة إذا اشترطت ذلك إذا
كانت نية الناكح قد انعقدت على مكاح رغبة لأن
المرأة ليس بيدها شيء من حل عصمتها وقد قيل
إذا هم أحد الثلاثة بالتحليل فسد النكاح وهو
تشديد وقال سالم والقاسم وأبو الزناد ويحيى بن
سعيد جائز للرجل أن يتزوجها ليحلها إذا لم
يعلم الزوجان وهو مأجور إذا اعتقده ولم يشترطه
في عقد نكاحه وبين ذلك قوله إذا لم يعلم
الزوجان والمعمول به في هذا الباب ما قدمنا
ذكره عن مالك وأما نكاح المحرم فلا يجوز ولا
يتزوج الرجل ولا المرأة وهما محرمان إلى أن
يحل لهما الوطء بطواف الإفاضة بعد رمي جمرة
العقبة في الحج وأما المعتمر فمتى يفرغ من
سعيه بين الصفا والمروة فان نكح أحدهما أو
نكحا فسخ النكاح قبل الدخول وبعده واختلف في
فسخه عن مالك فقيل بطلاق وقيل عنه بغير طلاق
وأصله الذي عليه يعمل أكثر أصحابه أن كل نكاح
فاسد لا يصلح أن يقام عليه ولا للأولياء لو
رضوه أن يجيزوه فهو فسخ بغير طلاق وكل نكاح لو
رضي الأولياء أو غيرهم أن يجيزوه جاز وكانا
على نكاحهما فذلك إذا فسخ كان الفسخ فيه
تطليقة بائنة لا رجعة فيها وأما ابن القاسم
فذهب إلا أن كل نكاح اختلف فيه السلف أو قال
بجوازه أحد من أئمة الفتوى بالأمصار فإن الفسخ
(2/534)
فيه تطليقه
بائنة ووجه الرواية عنه في فسخ نكاح المحرم
بطلاق إنما ذلك للاختلاف فيه فعلى هذا القول
إن نكحها بعد كانت عنده على تطليقتين وعلى
القول الأول تكون عنده على ثلاث وجائز للمحرم
أن يراجع امرأته إذا كان طلاقه رجعيا قبل
إحرامه أو بعده وأحرم في عدتها لكنه لا يجوز
له وطئها وليس لمن عقد نكاحا في إحرامه ووطيء
ثم فسخ نكاحه مراجعتها في حال إحرامه ذلك ولما
كان ليس للمحرم عقد نكاح في حال إحرامه ذلك
ولما كان ليس للمحرم عقد نكاح في حال إحرامه
فكذلك ليس له مراجعة من عقد نكاحها في إحرامه
ذلك حتى يحل من حجه وله شراء الجواري وهو محرم
ولا يجوز له وطؤهن حتى يحل من إحرامه وقد روي
عن مالك تأبيد التحريم فيه كالنكاح في العدة
والمشهور عنه أنه لا يتأبد فيه التحريم وأنه
جائز له إذا حل من إحرامه أن ينكحها نكاحا
جديدا
(2/535)
باب تحريم نكاح ذوات المحارم من النسب
والاصهار
لا يحل لاحد نكاح أمه ولا جداته لا من قبل
أبيه ولا من قبل أمه وأن علون ولا يحل لاحد
نكاح ابنته ولا امرأة من بنات بناته وبنات
بنيه وان سفلن ولا يحل لاحد نكاح أخته ولا
امرأة من بنات إخوته واخواته وان سفلت ولا يحل
له نكاح عمته ولا عمة عمته وان علت ولا نكاح
خالته ولا خالة خالته وان علت
(2/535)
وجائز له نكاح
ابنة العم وابنة العمة وابنة الخال وابنة
الخالة وان سفلن ولا يحل له نكاح امرأة ولدتها
امرأته التي قد دخل بها ولا ما ولده بنوها
ذكورهم وإناثهم ولا يحل له نكاح امرأة نكحها
أحد من ولده وولد ولده وان سفلوا وسواء دخل
بهؤلاء أو لم يدخل بهن مات عنهن الأب أو الجد
أو طلقهن وكل امرأة حرمت عليك فابنتها حرام
عليك إلا أربعا بنت العمة وبنت الخالة وبنت
حليلة الابن وبنت حليلة الأب فإن نكح امرأة من
هؤلاء كلهن جاهلا فسخ نكاحه ولم يتوارثا ولا
صداق لها ان كان لم يدخل بها ولا بصف صداق فإن
دخل بها وعذرا بالجهالة كان لها صداقها المسمى
وان لم يعذر أحدا وان عذر أحدهما سقط الحد عنه
ومتى سقط الحد لحق الولد وان حدت المرأة فلا
صداق لها ويحرم على الرجل كل من وطئها أبوه أو
جده أو ابنه أو ابن ابنه بملك اليمين والاماء
كالنكاح سواء والقبلة عند مالك والمباشرة للذة
أو مس الفرج يحرم على الابن ما يحرم بالوطء
وقد روي عنه ان القبلة لا تحرم وإنما يحرم
الوطء
(2/536)
باب ما يحرم الجمع بينه من النساء
لا يحل أن يجمع الرجل بين امرأة وأختها شقيقة
كانت أو لأم أو لأب وكذلك بنات أختها وبنات
أختيها وبنات أختها وان سفلن وكذلك عمتها
وخالتها وعمة عمتها وخالة خالتها وان علت
(2/536)
وإذا أردت أن
تعتبر هذا الباب فانظر إلى إحدى المرأتين
وأنزلها رجلا فإن كان يحل له لو كان رجلا ناكح
قريبته تلك فلا بأس بالجمع بينهما وإن لم يحل
له ذلك لو كان أحدهما رجلا لم يجز الجمع
بينهما وان لم يحل له ذلك لو كان أحدهما رجلا
لم يجز الجمع بينهما وهذا من طريق النسب وأما
غير النسب فلا بأس أن يجمع الرجل بين المرأة
وربيبتها ومن تزوج امرأة وابنتها في عقدة
واحدة فسخ النكاح لهما جميعا قبل الدخول وبعده
فإن فسخ قبل الدخول كان له ان يتزوج بعد ذلك
ايتهما شاء وإلى هذا ذهب ابن القاسم وقال عبد
الملك وغيره يحل له نكاح البنت ويحرم عليه
نكاح الأم وان فسخ نكاحه بعد الدخول بهما لم
تحل له واحدة منهما أبدا ولو دخل باحداهما فسخ
نكاحه وحل له نكاحها بعد ولم تحل له الأخرى
أبدا والأصل المجتمع عليه عند أهل المدينة في
هذا الباب ان من تزوج امرأة لم يحل له أن
يتزوج أمها دخل بالابنة أو لم يدخل بها ولا
بأس أن يتزوج الابنة إذا لم يدخل بالأم فان
دخل بالأم لم تحل له ابنتها كانت الابنة في
حجره أو لم تكن في حجره ومن تزوج امرأة على من
لا يجوز له أن يجمعها معها فنكاح الأولي صحيح
ونكاح الثانية فاسد يفسخ أبدا وان ماتا لم
يتوارثا ولا صداق لها ولا نصف صداق ما لم يدخل
بها فان كان دخل بها كان لها صداقها كاملا
وللأولى أبدا ميراثها كاملا وصداقها معجلا
كاملا دخل أو لم يدخل لأن الموت يوجب الصداق
وليس كالطلاق وقال مالك من تزوج أما وابنتها
في عقد واحد وسمى لكل واحدة صداقا فسخ النكاح
فإن دخل بهما حرمتا عليه وإن دخل بالأم منهما
أو البنت
(2/537)
فسخ نكاح
المدخول بها حتى تستبريء رحمها ثم يتزوجها إن
شاء وحرمت عليه التي لم يدخل بها وقال به ابن
القاسم وقال أشهب وابن الماجشون أن دخل بالأم
حرمتا جميعا وان دخل بالبنت حرمت الأم ثم نكح
البنت بعد الاستبراء وقال مالك ولو تزوج بنتا
ثم تزوج أمها فبنى بها حرمتا عليه جميعا وقال
ابن القاسم لأن الأم حرمت بعقد البنت ثم حرمت
البنت بوطء الأم قال مالك ولو تزوج أما ولم
يدخل بها ثم تزوج بنتا ودخل بها حرمت الأم ثم
نكح البنت بعد الاستبراء إن أحبها ومعنى قوله
هذا لان الأم من أمهات النساء والبنت عقدت على
فساد ومن تزود منهما أولا فدخل أو لم يدخل ثم
عقد على الأخرى بطل العقد الثاني ولم يبطل
الأول إلا بالجماع وأسبابه فمتى بطل ذلك لم
يكن عليه من نصف الصداق شيء لأنها حرمة وقعت
بغير طلاق يوجب شرط الصداق ولا يحل لاحد أن
يجمع بنكاح أكثر من أربعة نسوة والعبد والحر
في ذلك سواء وجائز عند مالك أن ينكح أربع نسوة
وكل امرأتين لا يجوز الجمع بينهما بعقد النكاح
فلا يجوز الجمع بينهما في الوطء بملك اليمين
ومن وطأ أمة بملك اليمين ثم أراد أن يطأ أختها
أو عمتها أو خالتها فانه يحرم فرج الأولى ببيع
أو عتاقة أو كتابة أو ما أشبه ذلك مما يحرم
عليه وطئها ثم يطأ الأخرى إن شاء فان أراد بعد
ذلك وطء الأولى فعل بالثانية مثل ما فعل
بالأولى فحلت له الأولى والوطء هاهنا في
الأماء كالعقد على الحرائر
(2/538)
باب الرضاعة وحرمته
الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة فكل من حرم
نكاحها أو وطؤها بالولادة حرم بالرضاعة وكل
امرأة يحرم نكاحها أو وطؤها على رجل بنسب أو
رحم أو صهر حرم عليه نكاحها بذلك النسب من
الرضاعة وكذلك الجمع بين الأختين من الرضاعة
وبين المرأة وعمتها أو خالتها من الرضاعة
وحليلة الابن من الرضاعة كحليلة الابن من
النسب وزوجات الأب من الرضاعة وما وطئه بملك
اليمين كزوجات الأب من النسب في التحريم سواء
ومن لا يحرم عليه من النساء بنسب أو صبر لم
يحرم عليه برضاع وإذا رضع الصبي من المرأة أقل
رضاع فلا يحل له نكاح أحد من بناتها وسواء
أرضعته معه أو قبله ولا بأس أن ينكح أخوه
بنتها لأنه لا حرمة بينه وبينها وكذلك لو
أرضعت امرأة صبية لم يحل لاحد من بنيها أن
يتزوجها وجائز لمن شاء منهم أن يتزوج أختها
لأنه لا حرمة بينه وبينها ولو ارضعت امرأة
صبيا وللمرأة ابنة كان لأبي الصبي أن يتزوج
ابنة المرأة وان كانت أخت ابنه لأنه لا حرمة
بينه وبينها ولو أن جدة أرضعت بنت ابنتها لم
تحل لابن خالتها لأنها أخت أمه ولو أن أخوين
ولد لأحدهما غلام وللآخر جارية فارضعت أمهما
جدة الصبيين أحدهما لم يتناكحا لأنهما ابنا أخ
من رضاعة وان كانا ابني عم وللمرأة أن تسافر
مع ذوي محارمها من الرضاعة كما لها ذلك مع ذوي
محارمها من النسب وكل ما وصل إلى جوف الطفل أو
الطفلة في الحولين من اللبن وان
(2/539)
كان مصة واحدة
حرم عند مالك وأكثر أهل المدينة وما كان بعد
الحولين فلا يحرم شيئا ولو فصل الصبي قبل
الحولين واستغنى عن الرضاع بالطعام لم يكن
لرضاعه بعد ذلك حرمة وان كان في الحولين
والوجور والسعوط يحرم إذا وصل إلى الجوف في
الحولين وما وصل من غير الحلق إلى الجوف
كالحقنة وشبهها من اللبن فلا يحرم شيئا وإذا
اختلط اللبن بغيره فالحكم للأغلب منهما
والمرأة العجوز والتي لم تلد إذا كان مثلها
يوطأ ودرت إحداهما بلبن فكل من رضعها ابن لها
تقع الحرمة بذلك اللبن بينه وبينها فإن كانت
صبية صغيرة لا يوطأ مثلها وأتاها لبن لم تقع
بذلك اللبن حرمة وكذلك الرجل لو در عليه لبن
لم يحرم رضاعة شيئا المرأة الميتة يحرم
(2/540)
باب لبن الفحل
إذا أرضعت المرأة مولدأ في الحولين صار ابنها
وابن من أرضعته بلبنه ولا يحل لذلك المولود أن
ينكح امرأة من بنات أمه التي أرضعته ولا بنات
زوجها أو سيدها لأنه أبوه بذلك الرضاع ولا من
قرابته إلا ما يحل له من بنات أبيه الذي ولده
ولا يحل له أن ينكح امرأة من بنات زوجها من
غيرها كما لا يحل له بناتها منه ولا من غيره
وولد الولد وإن سفل ذلك بمنزلة الولد فإن كان
اللبن من إصابة حرام لم يحرم شيئا من قبل
الفحل وان كان لرجل امرأتان أو جاريتان فارضعت
إحداهما
(2/540)
غلاما وأرضعت
الأخرى جارية فهما أخوان لأب لا يتناكحان أبدا
واللبن من الرجل قبل الفصال وبعده ما لم تنكح
المرأة فان نكحت ولم ينقطع لبنها حتى ولدت من
الآخر فاللبن منهما جميعا والحرمة به ثابتة
بين المرضع وبين الزوجين جميعا ما لم ينقطع
الأول فإذا انقطع اللبن الأول ثم حدث لبن آخر
كانت الحرمة للزوج الثاني دون الأول ومن أهل
المدينة جماعة لا يقولون بلبن الفحل والصحيح
عندنا القول به لثبوته عن النبي صلى الله عليه
وسلم وهو قول ابن عباس
(2/541)
باب من يحل وطئه من النساء بملك اليمين
كل امرأة يحرم نكاحها على رجل بنسب أو صهر أو
رضاع لم يحل له وطئها بملك اليمين وكل من حل
له نكاحها فله وطئها بملك اليمين ان ملكها
والجمع في الوطأ بين الأختين بملك اليمين
كالجمع بينهما بالنكاح وعلى هذا جمهور العلماء
وجماعة فقهاء الأمصار وعليه جرى العمل والفتيا
والخلاف فيه شذوذ وكل من نظر إلى جارية فأبصر
منها غير وجهها وكفيها مثل أن ينظر إلى شعرها
أو صدرها أو ساقها أو شيء من محاسنها تلذذا
حرمت بذلك على أبيه وابنه وحرمت عند مالك عليه
أمها وابنتها وكذلك إذا لمسها شهوة وقد قيل لا
يحرم إلا بالمسيس والأول أحوط والآخر أقيس
وأصح في النظر إن شاء الله ولا بأس بوطء
الأماء الكتابيات بملك اليمين
(2/541)
ولا يجوز وطء
الأماء المجوسيات ولا غير الكتابيات بملك
اليمين
(2/542)
باب نكاح امرأة قد فجر بها الناكح أو بأمها أو
بابنتها أو وطئها بشبهة
...
باب نكاح امرأة قد فجر بها النكاح أو بأمها أو
بابنتها أو وطئها بشبهة
لو أصاب رجل امرأة بالزنى لم يحرم عليه نكاحها
بذلك وكذلك لا تحرم عليه إذا زنى بابنتها
وحسبه أن يقام عليه الحد ثم يدخل بامرأته ومن
زنى بامرأة ثم أراد نكاح أمها او أبنتها لم
يحرم عليه نكاح أمها لذلك ولا نكاح ابنتها
وهذا هو الصحيح من قول مالك وهو قول أهل
الحجاز وقد روي عنه ان الزنى يحرم الأم
والابنة وأنه في ذلك بمنزلة الوطء الحلال وهو
قول أهل العراق والأول أصح وعليه العمل عند
فقهاء أهل المدينة لأن الله قال وأمهات
نسائكمالنساء وليس التي زنى بها من نسائه ولا
ابنتها من ربائبه ومن وطيء امرأة بشبهة لم يجز
له نكاح أمها ولا ابنتها ولا أن يجمع بينها
وبين اختها أو عمتها أو خالتها بالنكاح ولا
بملك اليمين وكذلك من قبل أو باشر عند مالك
(2/542)
باب نكاح الكتابيات وغيرهن من الكافرات
...
باب نكح الكتابيات وغيرهن من الكافرات
ليس لمسلم أن يتزوج مشركة وثنية أو غير وثنية
أو مجوسية وحرام عليه وطء هؤلاء بنكاح أو ملك
يمين وله أن يتزوج اليهودية والنصرانية وليس
له ان يتزوج غيرهما من اهل الذمة وجائز أن
يزوج الرجل عبده اليهودي بيهودية أو نصرانية
والنصراني بنصرانية ويهودية ولا يجوز نكاح
مرتدة ولا يجوز نكاح إماء أهل الكتاب لحر ولا
لعبد مسلم وإذا ارتد احد الزوجين الزوجين أو
ارتدا معا بطل النكاح قبل الدخول وبعده ولا
يكون موقوفا على اجتماع اسلامهما في العدة ولو
تزوج المرتد أو المرتدة في ارتدادهما كان
نكاحهما مفسوخا بغير طلاق وقد اختلف في فرقة
المرتد والصواب في ذلك أنه فسخ بغير طلاق
(2/543)
باب نكاح الحر للامة على الحرة والحرة على
الامة ونكاحه الامة المسلمة وهو يجد الطول إلى
الحرة
لا يجوز للحر المسلم أن ينكح أمة غير مسلمة
بحال ولا له تزويج الأمة المسلمة حتى لا يجد
طولا لحرة أو يخاف العنة وهو الزنى فإذا كان
ذلك جاز له أن يتزوج واحدة منهن فقط فإن عدم
الطول ولم يخش العنت لم يجز له نكاح الأمة
وكذلك إن وجد الطول ولم يخش العنت لم يجز له
نكاح الأمة وكذلك إن وجد الطول ولم يخش العنت
لم يجز له نكاح الأمة
(2/543)
والطول المال
وقد روي عن مالك في الذي يجد طولا لحرة أنه
يتزوج أمة مع قدرته على طول الحرة وذلك ضعيف
من قوله وقد قال مرة أخرى ما هو بالحرم المبين
وجوزه وقد سئل مالك عن رجل يتزوج أمة وهو ممن
يجد الطول فقال أرى أن يفرق بينهما فقيل له
أنه يخاف العنت فقال السوط يضرب به ثم خففه
بعد ذلك وإذا تزوج الحر حرة على أمة تحته ولم
تعلم الحرة بالأمة ففيها أيضا عن مالك روايتان
إحداهما أنها لا خيار لها لأنها فرطت في تعرف
ذلك والأخرى ان لها الخيار ومن كانت تحته
أمتان فتزوج حرة عليهما وعلمت باحداهما ولم
تعلم بالأخرى كان لها الخيار على إحدى
الروايتين ولا خيار لها على الرواية الأخرى
وأجاز مالك لمن تحته حرة أن يتزوج أمة وقال
النكاح ثابت والحرة بالخيار في نفسها بين
إقامتها مع زوجها أو مفارقته وكان قوله قديما
إن ذلك باطل وأنه يفرق بينهما وهو الأحوط
والأولى وقال عبد الملك الحرة بالخيار في فسخ
نكاح الامة وإقراره وقال مالك إذا تزوج العبد
الأمة على الحرة فلا خيار للحرة لأن الأمة من
نسائه
(2/544)
باب نكاح العبيد والاماء والمولى عليه
جائز عند مالك أن يتزوج العبد أربع نسوة وهذا
هو المشهور عنه وتحصيل مذهبه وقد روي عنه أنه
لا يتزوج العبد إلا اثنتين وهو قول أكثر أهل
العلم وجائز أن يتزوج
(2/544)
العبد الحرة
على الأمة والأمة على الحرة وهو في ذلك بخلاف
الحر وليس بواجب على أحد وجوب حتم أن يزوج
عبده ولا أمته ولا يجوز نكاح عبد ولا أمة إلا
بإذن سيدهما وكذلك من فيه شيء من الرق ولا
يجوز لمن نصفها حر ونصفها مملوك أن ينكحها
سيدها إلا بإذنها لأنه لا يحل له وطئها وان
تزوجها فولدها بمنزلتها وقال مالك لا يجوز أن
يزوج الرجل عبده أمة بغير صداق وشهود ولا أرى
أن يدخل بها حتى يقدم إليها أقل ما تستحل به
وذلك ربع دينار وإذا تزوج العبد بغير إذن سيده
فالنكاح موقوف على إجازة السيد فإن جاز أجازه
وأن رده بطل فان كان دخل بالمرأة فلها من
المهر بقدر ما يستحل به فرجها ويأخذ سيده
الباقي منها أو تتبع هي العبد به دينا في ذمته
إذا اعتق وسواء علمت الزوجة أنه عبد أو لم
تعلم غرها أو لم يغرها لسيده أبدا في ذلك كله
أخذ الصداق منها إلا أنه إن كان غرها اتبعته
بما أخذ السيد إذا اعتق دينا في ذمته إلا أن
يفسخه السيد عنه فإن فسخه لم تتبعه من ذلك
بشيء وإذا فسخ السيد نكاح عبده الذي عقده بغير
إذنه فهو فسخ بطلاق ويلزم طلاق ويلزم طلاق
العبد فيه عند مالك قبل الفسخ ولو فسخه بأكثر
من واحدة لزمه وقد قيل لا يلزمه من ذلك إلا
بطلقة ولو اعتقه قبل أن يعلم جاز نكاحه وقد
قيل لا يجوز والأول قول مالك فإن اذن السيد
لعبده في النكاح جاز عقده لنفسه وأما الأمة
تتزوج بغير إذن مولاها فنكاحها باطل وسواء
أجاز السيد ذلك أم لا لأن العبد يعقد على نفسه
إذا أذن له سيده والأمة لا تعقد على نفسها ولا
على غيرها هذا إذا باشرت
(2/545)
العقد بنفسها
وأما إذا جعلت أمرها إلى رجل فزوجها فعن مالك
في ذلك روايتان إحدهما أنه كنكاح العبد إن شاء
السيد فسخه وإن شاء تركه والأخرى أنه باطل
يجوز باجازه السيد له وإذا تزوج العبد بإذن
سيده لم يكن له فسخه ولا إليه طلاق والطلاق
بيد العبد وما لزم العبد من الصداق ففي ماله
إن كان له مال وكان نكاحه باذن سيده أو بغير
إذنه وهو معسر فالمهر دين في ذمة العبد ويؤخذ
من ماله ان وهب له فأما خراجه وعمله فلا شيء
لزوجته فيه فان عتق العبد اتبعته زوجته بمهرها
دينا وقال غير مالك من أهل المدينة المهر
والنفقة في كسبه وماله لان اذنه له بالنكاح
إذن باكتساب المهر والنفقة فان كان مخارجا
لمولا كان ذلك فيما فضل عن خراجه والصداق
للأمة مال من مالها ما لم ينزعه سيدها ولسيدها
أن يسقطه إن شاء عن زوجها قبل الدخول وبعده
لأنه كسائر ماله لجواز انتزاعه له إذا شاء من
يدها وإذا دخل بالأمة زوجها الحر وقد كان سمي
لها صداقا ثم ابتاعها فالصداق لسيدها وكذلك لو
اعتقها سيدها بعد دخول زوجها بها ولو ابتاعها
قبل دخوله بها فلا شيء لها ولا لسيدها من
الصداق وان كان لم يدخل بها حتى أعتقها سيدها
فاختارت المقام معه فلها الصداق دون سيدها
وأيما عبد ملكته زوجته أو أمة ملكها زوجها
انفسخ النكاح بينهما ساعة وقع الملك وذلك فسخ
بغير طلاق وله وطئها بملك اليمين من غير
استبراء وللعبد أن يتسرى في ماله بغير إذن
سيده وبإذنه وقد قيل إنما يتسرى العبد في ماله
إذا أذن له في ذلك سيده وكلا الوجهين قول من
يرى ان العبد
(2/546)
يملك وهو قول
مالك وأصحابه وأما من يقول من العلماء إن
العبد لا يملك فإنهم لا يجيزون له الوطء بغير
النكاح ولا يبيحون له التسري على حال وإذا طلق
العبد زوجته طلقة رجعية فله أن يراجعها وان
كره السيد وقد قيل ليس له أن يراجعها إلا بإذن
سيده والأول أصح ومن زوج عبده من أمته ثم
باعها أو باع أحدهما فهما على نكاحهما ولا
يفسخ النكاح ببيعهما ولا بيع واحد منهما وان
علم المشتري بالنكاح فرضي به لزمه وان لم يعلم
كان له الخيار في رد البيع أو إمضائه وإذا
تزوجت الأمة بغير اذن سيدها فسخ نكاحها بغير
طلاق دخل أو لم يدخل فان لم يدخل بها فلا شيء
لها وان دخل بها عالما بأنها أمة وقد كان فرض
لها صداق مثلها أخذه السيد أن أدركه معها وان
كان الزوج لم يدفعه قبضه منه وإن كانت قبضته
وأتلفته رجع سيدها عليه بصداق مثلها فإن لم
تتلفه وكان أكثر من صداق مثلها أخذه كله فإن
أدرك معها من الصداق بعضه وكان مقدار صداق
مثلها أخذه ولم يتبع الزوج بشيء غيره وان كان
أقل اتبعه بتمام صداق مثلها ولا تباعة للزوج
بعد ذلك عليها وإن كانت الأمة غرت من نفسها
وذكرت أنها حرة فإن الزوج ينتزع منها جميع
الصداق الذي دفعه إليها ان أدركه عندها ودفع
إلى سيدها قدر ما يستحل به فرجها وان تلف
الصداق أخذ السيد منه قدر ما يستحل به واتبع
الزوج الأمة بما دفع إليها دينا في ذمتها إذا
عتقت إلا قدر ما تستحل به فان فسخ ذلك سيدها
عنها لم يتبعها بشيء منه أبدا وان اولدها وهو
عالم أنها أمة فولده رقيق وان غرته
(2/547)
افتدى ولده
بقيمتهم يوم يقع الحكم فيهم ان كان موسرا وان
كان معسرا اتبع بقيمتهم دينا وهم أحرار على كل
حال ولا يجوز نكاح السفيه المولى عليه إلا
باذن وليه فإن أذن له وليه جاز نكاحه وان تزوج
بغير إذن وليه نظر في ذلك وليه فان كان سدادا
أجازه إن شاء والا فسخه فان كان دخل بها كان
لها من المهر قدر ما يستحل به فرجها ويؤخذ
الفضل منها أو ممن قبضه لها من أوليائها وان
كان منه شيء مؤخر فسخ عنه ولا يتبع السفيه
بشيء منه بعد رشده بخلاف العبد لان العبد حجر
عليه من أجل غيره والسفيه حجر عليه من أجل
نفسه وفسخه تطليقة يحتسب بها ان نكحها بعد
(2/548)
باب نكاح المريض
لا يجوز نكاح المريض ولا المريضة ان تزوجا أو
تزوج أحدهما ومن فعل ذلك مريضا فسخ نكاحه قبل
الدخول وبعده ولا يرث الصحيح منهما المريض ان
مات من مرضه ذلك دخلا أو لم يدخلا فإن فسخ
نكاحهما قبل البناء فلا صداق للمرأة ولا ميراث
فإن بنى بها وهي مريضة ثم ماتت فلها الصداق
المسمى عند مالك وعند ابن القاسم لها مهر
مثلها ولا ميراث وان دخل المريض فالصداق في
ثلثه مبدأ على الوصايا إلا المدبر في الصحة
فإن سمى لها أكثر من صداق مثلها سقط ما زاد
على صداق المثل وان صحا قبل الفسخ ثبت النكاح
دخلا أو لم
(2/548)
يدخلا وهو
المشهور في المذهب وقد روي عن مالك انه لا
يثبت نكاح المريض وان صح قبل الفسخ وإذا نكح
المريض فلم يفرق بينه وبين امرأته حتى صح صحة
بينة ثم مرض بعد ذلك وهي عنده فمات وهي زوجته
ترثه كسائر الأزواج وإذا تزوجت المريضة فرق
بينهما فإن لم يدخل بها فلا صداق لها وان كان
دخل بها فلها صداقها كاملا ولا ميراث لزوجها
منها إن ماتت من ذلك المرض وإذا تزوج المريض
صحيحة فصح المريض وماتت الزوجة كان له الميراث
من مالها وكذلك إذا تزوجت المريضة صحيحا فلم
يفسخ نكاحهما حتى صحت المريضة ومرض الزوج ومات
كان لها صداقها وميراثها من ماله والمريض الذي
لا يجوز نكاحه هو الذي لا ينفذ له في ماله إلا
ثلثه ومن أهل العلم بالمدينة وغيرها جماعة
يجعلون نكاح المريض والصحيح سواء ويجيزون ذلك
ولا يفسخونه
(2/549)
باب إسلام أحد الزوجين الكافرين قبل صاحبه
إذا أسلم الكتابي قبل زوجته الكتابية ثبتا على
نكاحهما لأنه يحل له في الاسلام نكاحها فإن
كانت غير كتابية وقعت الفرقة بينهما إلا أن
تسلم عقب إسلامه في فور ذلك فإن كان ذلك ثبتا
أيضا على نكاحهما وان لم تسلم بأثر إسلامه
وقعت الفرقة بينهما بغير طلاق ولا مهر لها ان
لم يكن دخل بها وإذا أسلمت المرأة قبل زوجها
كتابي أو غير كتابي فإن أسلم زوجها
(2/549)
في عدتها فهو
أحق بها من غير رجعة ولا صداق وإسلامه في
عدتها كرجعة المطلق للسنة امرأته في عدتها
وأما غير المدخول بها فإنها لا عدة لها فإنها
اسلمت وقعت الفرقة بينهما فسخا بغير طلاق ولا
صداق لها لأنه لم يدخل بها ولو كانت مدخولا
بها فأسلم وادعى ان إسلامه كان في عدتها كانت
البينة عليه دونها فإن أقام البينة في ذلك
ثبتا على نكاحهما هذا إذا لم تكن نكحت غيره
فإن نكحت غيره وأقام البينة أنه أسلم في عدتها
فإن كان دخل الثاني بها فلا سبيل للأول إليها
وان كان لم يدخل بها فلمالك فيها قولان أحدهما
ان الأول أحق بها والآخر أن الثاني أحق بها
وإذا أسلم المشرك وعنده أكثر من أربع نسوة فله
أن يمسك منهن أربعا ويفارق سائرهن ولا يبالي
أوائلا كن الأربع أو أواخر وسواء عقد عليهن
عقدة واحدة أو عقدا مختلفة وكذلك إذا أسلم
وعنده أختان فارق أيتهما شاء
(2/550)
باب القول في الصداق
لم تحل الموهوبة إلا لرسول الله صلى الله عليه
وسلم خاصة قال الله عز وجل: {خَالِصَةً لَكَ
مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} الأحزاب فلا يحل
لأحد بعده نكاح يشرط فيه أن لا صداق ولا بد
لغيره من
(2/550)
صداق قل أو كثر
إلا أن مالكا وأصحابه يجيزون في أقله ربع
دينار من الذهب أو ثلاثة دراهم كيلا من الورق
أو عرضا يساوي أحدهما فإذا ساوى العرض ثلاثة
دراهم كيلا جاز صداقا وأكثر أهل العلم
بالمدينة وغيرها لا يحدون في أقل الصداق شيئا
كما لا يحد الجميع في أكثره شيئأ ومن قال ذلك
من أهل المدينة سعيد بن المسيب وابن شهاب
وربيعة ومن غيرهم جماعة يطول ذكرهم وبه يقول
ابن وهب من بين أصحاب مالك وقد بينا وجه قول
مالك وقول غيره وقد أوضحنا ذلك في كتاب
التمهيد ويكره مالك أن يكون النكاح على عبد
آبق أو على بعير شارد ولا على جنين في بطن أمه
ولا شيء من الغرر وكل ما لا يجوز في البيوع
العقد عليه مثل الثمرة التي لم يبد صلاحها على
تنقيتها أو زرع لم يستحصد ويستغني عن الماء
إلا أن يكون للقطع أو عبدين يكون أحد الزوجين
مخيرا في أحدهما أو غائبا من العقارات لم يوصف
أو موصوف بشرط ان لم يأت به في وقت سماه وإلا
فلا نكاح بينهما أو بصداق ينقد بعضه ويؤخر
بعضه على أنه ان مات سقط عنه ما بقي عليه وما
كان مثل هذا كله فإنه عقد بشيء منه نكاح وادرك
قبل الدخول فسخ ولم يكن للمرأة شيء وان لم
يدرك إلا بعد الدخول أقر النكاح وكان للمرأة
مهر مثلها بالغا ما بلغ نقدا فهذا جملة تحصيل
المذهب وكذلك عند مالك وجماعة من أصحابه الأجل
المجهول مثل أن يكون إلى موت أو فراق أو إلى
الميسرة بعض الصداق أو كله مهر مثلها بعد
الدخول نقدا يحسب لها ما أخذت ويوفي ما بقي
وان
(2/551)
كان قبل الدخول
خير الناكح فان عجله كله نقدا وإلا فسخ النكاح
وقيل ان كان موسرا وكان بعض الصداق إلى ميسرة
أو كله جاز وكان حلالا وكذلك من تزوج بمهر إلى
غير أجل وقيل فيمن تزوج بمهر إلى غير أجل إنه
يفسخ قبل الدخول كما وصفنا وثبت بعد الدخول
بمهر مثلها نقدا وكل ذلك قول مالك ولا يكون
الصداق إلا إلى أجل معلوم ويكرهه مالك فيما
كثر من النساء وكل ما يجوز بيعه جاز عقد
النكاح به إذا بلغ ثمنه المقدار المذكور
تحديده عند مالك وقد يجوز عند مالك عقد النكاح
بما لا يجوز بيعه كالوصفاء المطلقين غير
الموصوفين مثل ان يقول انكحوا على عبد أو على
أمة أو على عبيد ولا يصف شيئا من ذلك فيجوز
عند مالك ويرجع في ذلك إلى الغالب من رقيق
البلد فان اختلف رقيق البلد قضي بالأوسط منه
ويجوز النكاح عنده على جهاز بيت أو شوار بيت
فان كان بدويا كان عليه شوار أهل البادية وان
كان حضريا كان عليه شورة أهل الحاضرة ومن تزوج
امرأة على درهمين أو أقل أجبر على أن يكمل لها
ثلاثة دراهم ولم يفسخ نكاحه وان طلقها قبل
الدخول لزمه من الدرهمين درهم واحد ويستحب لكل
من تزوج امرأة أن ينقدها صداقها كله أو ربع
دينار منه قبل الدخول فان لم يفعل ودخل بها
قبل أن ينقدها فلا شيء عليه في تأخير الصداق
فالنكاح جائز وهو النكاح المعروف عند أصحابنا
بنكاح التفويض فإن دخل بها فلها صداق مثلها في
المال والجمال والمنصب والحال وفي ناحية الرجل
أيضا ولا ينظر إلى قراباتها عند مالك وان
طلقها قبل البناء والتسمية فلها
(2/552)
المتعة فقط وان
ماتت ورثها وإن مات ولم يبن بها فلا صداق لها
ولا متعة ولها الميراث وعليها العدة وإنما يجب
صداق المثل بالبناء لمن لم يسم لها صداق قبل
ولا يجوز عند مالك وأصحابه أن يعتق أحد أمته
ويجعل عتقها صداقها ومن تزوج بغير صداق فسمى
لها أقل من صداق المثل فرضيت به وهي ثيب جاز
وان كانت بكرا فرضيت به وأبى وليها فالرضى إلى
الولي ولو تزوجها على غير مهر مسمى ثم فرض لها
برضاها ثم طلقها قبل الدخول فلها نصف ما فرض
وان تزوجها على حكمه أو حكمها أو حكم زيد
فصاعدا جاز والا فرق بينهما ولا شيء عليه وان
دخل بها فلها صداق مثلها وقد فرق بعض أصحاب
مالك بين حكمه وحكمها فقال إن تزوجها على حكمه
جاز وإن تزوجها على حكمها لم يجز وهذا لا وجه
له وفساد الصداق يفسد النكاح قبل الدخول ويصح
بعد الدخول مع مهر المثل وإنما فساده في
الصداق الفاسد من الغرر وشبهه استحباب لأنه
إذا دخل بها ثبت نكاحها وكان لها صداق مثلها
فإن نكح رجل امرأة على جرار خل وكانت خمرا كان
عليه مثل الخل كيلا ولو نكح على خمر أو خنزير
فسخ النكاح قبل الدخول ولم يكن لها شيء فإن
دخل بها فقد اختلف قول مالك بينهما فقال مرة
يفسخ النكاح ويكون للمرأة بمسيسها صداق مثلها
وقال مرة أخرى يثبت نكاحه بصداق المثل وهو
تحصيل المذهب وإذا شرط ولي المرأة على زوجها
في حين عقد الصداق شيئا من الحبا كسوة
(2/553)
أو حليا أو
خادما أو غير دلك فحكم ذلك كله كحكم الصداق
للمرأة أخذه قبل الدخول وبعده ويسقط عنه إن
طلقها قبل الدخول نصفه فإن أهدى إليها الزوج
بعد أن سمى صداقها هدية أو صنع إليها معروفا
ولم يذكر شيئا من ذلك في عقد النكاح ثم طلقها
بعد الدخول فلا رجعة له في هبته وهو مخالف لما
شرط عليه ولو زادها في صداقها شيئا بعد تمام
العقد وطلقها قبل الدخول سقط عنه نصف الصداق
ولو مات قبل الدخول لم يجب لها شيء عند ابن
القاسم وغيره من أصحاب مالك يخالفه في ذلك
فجعل الزيادة كلها مالا من مالها إن كانت
قبضتها ولا يحل الصداق المؤجل بالفراق
(2/554)
باب في الصداق يزيد أوينقص في يد المرأة
أويهلك أو يوجد به عيب أو يستحق وما الذي يسقط
الصداق بعد العقد
إذا أصدقها عبدا أو شيئا بعينه فقبضته وزاد في
يدها أو نقص ثم طلقها قبل الدخول فلها نصفه
زائدا أوناقصا نماؤه بينهما ونقصانه عليهما
وإن هلك كان هلاكه منهما جميعا ولو كان المهر
عبدا فأعتقه أحدهما قبل البناء لزمه عتقه وقوم
عليه إن كان موسرا نصيب الآخر وقد قيل أن
أعتقته المرأة لزمها عتق جميعه أن كانت موسرة
وان أعتقه الزوج لم يلزمه
(2/554)
شيء إلا أن
يطلق قبل الدخول وفي هذه المسألة تنازع طويل
ولو أصدقها عينا ذهبا أو ورقا فاشترت به منه
عبدا أو دارا أو اشترت به منه أو من عيره طيبا
أو غير ذلك مما لها التصرف فيه لجهازها وصلاح
شأنها في بنائها معه فذلك كله بمنزلة ما
أصدقها ونماءه ونقصانه بينهما وان طلقها قبل
الدخول لم يكن لها إلا نصفه وليس عليها أن
تغرم نصف صداقها الذي قبضت منه وكذلك لو اشترت
من غيره عبدا أو دارا بالألف الذي أصدقها ثم
طلقها قبل الدخول فلا شيء له عليها ولا فرق
بين أن تقبض جميع المهر ثم تهبه له وبين ألا
تقبض منه شيئا حتى تهبه له ولاشيء عليها في
الوجهين جميعا ولو وهبت له نصف الصداق قبل
قبضه ثم طلقها قبل البناء كان لها نصف ما بقي
ولا شيء لها من النصف الموهوب ولو كانت قد
قبضت النصف الآخر رجع عليها ذلك النصف المقبوض
ولو أصدقها عبدا أو غير ذلك من العروض فوجدت
به عيبا فلها أن ترده بالعيب وترجع بقيمته فإن
مات كان لها ما بين القيمتين كالبيع ولو استحق
أو وجد حرا فلها عند عبد الملك صداق المثل
ولها عند ابن القاسم قيمته في الوجهين جميعا
قيمة الحر لو كان عبدا ولو أصدقها أباها أو من
يعتق عليها ثم طلقها قبل الدخول رجع عليها
بنصف قيمته ومضى عتقه عليها وتؤخذ بالقيمة
موسرة ومعسرة وقد روي عن مالك أنه يستحسن أن
لا يرجع عليها بشيء واختاره عبد الملك إذا كان
عالما بأنه يعتق عليها وعلى القول الأول أكثر
الفقهاء ومن اشترى امرأة قبل الدخول سقط
الصداق عنه بانفساخ النكاح وكذلك الأمة تعتق
فتختار
(2/555)
نفسها قبل
الدخول فانها يسقط صداقها ولو خير رجل امرأته
أو ملكها فاختارت نفسها قبل الدخول لم يسقط
صداقها لأن الطلاق هاهنا من جهة الرجل لا من
جهتها ولو ارتدت قبل الدخول سقط صداقها ولو
ارتد الزوج ففيه قولان أحدهما أنها لا صداق
لها والآخر لها نصف صداقها ومن لاعن امرأته
قبل الدخول سقط صداقها ولو خالعها على شيء ما
مالها وسكتا عن ذكر الصداق قبل الدخول فعند
مالك يسقط صداقها وغيره يخالفه في ذلك ولو
خالعها على بعض صداقها قبل الدخول بها كان لها
نصف ما بقي من صداقها ومن ضمن ابنه المهر في
ماله تحمل ذلك على كل حال فطلق الابن قبل
الدخول فنصف الصداق للمرأة غرم على الأب وليس
للابن على أبيه فيما حمل من ذلك شيء من النصف
الباقي ولو مات الأب كان النصف الباقي لورثته
وإذا ضمن السيد عن عبده صداق امرأته ودفع فيه
العبد إلى المرأة عوضا عن صداقها قبل الدخول
بها انفسخ نكاحها وبطل صداقها وردت العبد على
سيده ولو أعطاها العبد بعد الدخول انفسخ
النكاح وكان العبد مملوكا لها ومن حطت عنه
امرأته شيئا من صداقها على أن لا يتزوج عليها
فان كان ذلك في عقد النكاح ثم تزوج عليها فلا
شئ عليه لها مما حطته هذه رواية ابن القاسم
وقال عنه ابن عبد الحكم ان كان ما بقي من
صداقها هو صداق مثلها أو أكثر منه لم ترجع
عليه بشيء وإن كانت وضعت عنه شيئا من صداق
مثلها ثم تزوج عليها رجعت عليه بتمام صداق
مثلها وإن كان ذلك بعد عقد النكاح ثم تزوج
(2/556)
عليها رجعت
عليه بما وضعت عنه من صداقها في روايتها جميعا
(2/557)
باب اختلاف الزوجين في الصداق
إذا اختلف الزوجان في المهر قبل الدخول تحالفا
وتفاسخا النكاح هذه رواية ابن القاسم وسواء
كان اختلافهما في عينه مثل ثوب أو ثور أو في
قدره مثل آلاف أو ألفين وتبدأ المرأة باليمين
فإن حلفا جميعا فسخ النكاح ولا شيء لها فإن
حلفت ونكل زوجها لزمه نصف ما ادعته من صداقها
وان نكلت وحلف زوجها لم يكن لها إلا ما ادعته
بفسخ النكاح فإن اختلفا بعد الدخول فان كان في
عين الصداق تحالفا وكان لها صداق مثلها وان
اختلفا في مبلغه واتفقا على عينه فالقول قول
الزوج فيما أقر به من الصداق مع يمينه وروى
ابن وهب عن مالك ان لها صداق مثلها في الوجهين
إذا دخل والنكاح ثابت وان تصادقا على الصداق
واختلفا في قبضه فإن كان دخل بها فالقول قول
الزوج مع يمينه هذا هو المشهور من قول مالك
وقال إسماعيل بن اسحاق وجماعة من أصحابه إنما
قال هذا مالك بالمدينة لان عادتهم جرت بدفع
الصداق قبل الدخول فإن كانت العادة في غيرها
كذلك وإلا فالقول قول المرأة لان الرجل قد أقر
بالصداق وادعى البراءة منه مدعى عليها في ذلك
فالقول قولها مع يمينها ولا خلاف أنه إن
(2/557)
ادعى عليها قبض
الصداق ولم يدخل بها دخول بناء أن القول قولها
مع يمينها ولو اختلفا في المسيس فقالت قد
وطئني وقال لم أطأها فإن كان لم يدخل بها
وإنما خلا بها في بيتها فالقول قوله مع يمينه
وان كان قد خلا بها في منزله دون بناء وقال لم
أمسها فالقول قولها مع يمينها وقد قيل إنه متى
ما صح أنه خلا بها أن القول قولها في المسيس
مع يمينها وسواء خلا بها في بيتها أو في بيته
وعليها العدة في الوجهين جميعا ولو طلقها
والمسألة بحالها كان لها نصف الصداق إذا كان
القول قول الزوج وحلف وان كان القول قولها
وحلفت فلها الصداق كاملا بالمسيس والخلوة لا
توجب صداقا إذا تصادقا على عدم المسيس وقد قال
مالك إذا طال مكثه مثل السنة ونحوها وطلبت
المهر كله كان ذلك لها ويأتي هذا المعنى مجردا
في باب العنين إن شاء الله تعالى
(2/558)
باب العفو عند الصداق
إذا طلقها قبل الدخول وقد سمى لا صداقا وكانت
جائزة الأمر في مالها وعفت فذلك لها والعفو ان
تترك نصف الصداق ان لم تكن قبضت منه شيئا أو
ترده عليه إن كانت قبضته وان كانت بكرا جاز
عفو أبيها عن نصف الصداق إذا وقع الطلاق لا
قبل ذلك ولا بعد الدخول ولا يجوز لا حد أن
يعفو عن شيء من الصداق إلا الأب وحده لا لوصي
ولا
(2/558)
غيره وقال مالك
وتجوز مبارات الأب على ابنته البكر كما يجوز
عفوه عن نصف صداقها ومعنى قول الله عز وجل إلا
أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقده النكاح
البقرة قال مالك وأصحابه هو الأب في ابنته
البكر والسيد في أمته وهو قول الليث
(2/559)
باب في النفقات على الزوجات وحكم الاعسار
بالمهور والنفقات
على الرجل أن ينفق على زوجته إذا دعي إلى
البناء وأسلمت نفسها إليه كانت ممن يمكن
الاستمتاع بها لأن النفقة لا تجب على الزوج
بعقد النكاح حتى ينضم إليه وجوب الوطء لمن
ابتغاه لانه المقصود بالعقد فإذا أسلمت نفسها
إليه وجبت لها النفقة عليه أراد البناء أو لم
يرده ولا نفقة لصغيرة لا يجامع مثلها ولا على
صبي حتى يبلغ الوطء فإن كان الزوجان صغيرين
فلا نفقة حتى يبلغا ومن نشزت عنه امرأته بعد
دخوله بها سقطت عنه نفقتها إلا أن تكون حاملا
وخالف ابن القاسم جماعة الفقهاء في نفقة
الناشز فأوجبها وإذا عادت الناشز إلى زوجها
وجبت في المستقبل نفقتها ولا تسقط نفقة المرأة
عن زوجها بشيء غير النشوز لا من مرض ولا حيض
ولا نفاس ولا
(2/559)
صوم ولا حج ولا
مغيب إن غابت عنه بإذنه وإذا غاب الرجل عن
امرأته مدة ثم انصرف فادعى أنه كان يبعث إليها
نفقتها أو أنه خلف عندها ما تنفق منه وأنكرت
ذلك المرأة طالبته بالنفقة ولم تكن رفعت أمرها
في غيبته إلى الحاكم فالقول قوله مع يمينه ولو
رفعت أمرها إلى الحاكم في غيبة زوجها ففرض لها
الحاكم نفقتها ثم قدم زوجها فادعى أنه خلف
عندها نفقتها وأنه كان يبعث بها إليها فلمالك
في ذلك قولان أحدهما أن القول قول المرأة مع
يمينها ولو اختلفا في مدة مضت وهو حاضر في تلك
المدة كلها فالقول قوله مع يمينه وللمرأة أن
تمتنع من الدخول على زوجها وتطالبه بالنفقة ما
لم يعطها مهرها إن كان حالا أو معجلا وان دخل
بها برضاها لم يكن لها أن تمنع نفسها بالمهر
وان كان معجلا حالا إلا أن يكون مليا به موسرا
وإذا أعسر بالصداق قبل أن يدخل وهو حال ضرب له
فيه أجل بعد أجل على ما يراه الحاكم ليس في
ذلك حد إلا الاجتهاد على قدر ما يرجى من ماله
من تجارة أو غيرها فان قدر عليه والا فرق
بينهما واتبعته بنصف الصداق دينا في ذمته ولا
نفقة لها عليه لأنها ليست في عدة منه ولو كان
يجرى النفقة عليها قبل البناء بها لم يمنعها
ذلك من الامتناع منه من أجل صداقها الحال عليه
على ما ذكرنا ولو نكح بمهر بعضه معجل وبعضه
مؤجل فتراخى البناء حتى حل الأجل وارادت أن
تمنع نفسها حتى تقبض جميل صداقها فذلك لها وقد
روى ابن وهب والواقدي عن مالك أنه ليس لها أن
تمنع نفسها إذا قبضت المعجل وأعسر بالمؤجل
وذلك قبل البناء ولو أعسر بنفقتها بعد
(2/560)
الدخول أو بعد
أن دعي إلى البناء فلم يجد شيئا ينفق منه
عليها وارادت فرق بينهما ان طلبت ذلك بعد أن
يؤجله في ذلك ما رآه الحاكم ولا يكون ذلك إلا
أياما ثلاثة أو جمعة وقيل ثلاثين يوما وقيل
شهرين والتوقيت في هذا خطأ وإنما فيه اجتهاد
الحاكم على ما يراه من حاجة المرأة وصبرها
والجوع لا صبر عليه والفرقة بينهما تطليقة
رجعية فإن أيسر في عدتها فله رجعتها ان كان قد
دخل بها ولا تلزمه نفقة ما أعسر فيه ولا تصح
رجعته إلا باليسار وقد روي عن مالك أنه إن
ايسر في العدة كان له الرجعة في المدخول بها
وغير المدخول بها ولا أدري ما هذا لأنها رجعية
في من لم يدخل بها ومقدار النفقة على مقدار
حال الرجل من عسره ويسره ما كان معروفا من
مثله لمثلها
(2/561)
باب جامع عشرة النساء
على الرجل أن يعدل بين النساء في القسم لكل
واحدة منهن يوم وليلة ولا يزيد على ذلك إلا
برضاهن ولا يجمع بينهن في منزل واحد إلا
برضاهن ولا يسقط حق الزوجة مرضها ولا حيضتها
ويلزمه المقام عندها في يومها وليلتها والقسم
الواجب في الليل دون النهار وعليه أن يعدل
بينهن في مرضه كما يفعل في صحته إلا أن يعجز
عن الحركة فيقيم حيث غلب عليه المرض فإذا صح
استأنف القسم وان كانت إحداهما معه في
(2/561)
بلد والأخرى في
غيره فليتحر العدل بينهما ولا يطيل المكث عند
إحداهما ولا بأس أن يزيد إحداهما على الأخرى
في نفقتها وكسوتها وحليها ما لم ينقص غيرها من
حقها وقد قيل لا يفعل وان فعل ذلك لم يعدل
وعلى الرجل أن يقيم عند البكر سبعا وعند الثيب
ثلاثا خلوا كان من النساء أو متزوجا فإن كانت
له امرأة أخرى غير التي تزوج استأنف القسم
بينهما بعد أن تمضي أيام التي تزوج ولم ينقصها
شيئا قال ابن عبد الحكم وقد قيل ان ذلك إنما
هو عليه إذا كان له غيرها من الزوجات وأما إذا
لم يكن غيرها فليس عليه المقام عندها وهذا
أشهر عن مالك من الأول وكلا القولين عن مالك
وأهل المدينة مرويين وكذلك اختلف عن مالك أيضا
في من تزوج امرأة وله أخرى هل المقام عليه
واجب أو مستحب فروى ابن القاسم عنه ان مقامه
عند البكر سبعا وعند الثيب ثلاثا إذا كان له
زوجة أخرى واجب عليه لا خيار له فيها وروى عنه
ابن عبد الحكم أن ذلك مستحب وليس بواجب وقد
قيل ان له أن يخرج إلى صلاة الجماعة وغيرها
وقيل لا يخرج إلا للجمعة وقد قيل لا يخرج أصلا
حتى يقضي ما عليه من المقام ثلاثا أو سبعا
والمسلمة والذمية في القسم سواء وكذلك الأمة
والحرة عند مالك في القسم سواء وهو تحصيل
مذهبه وقد روي عنه أن للحرة الثلثين من القسم
وللأمة الثلث وهو قول سعيد بن المسيب وإليه
ذهب عبد العزيز بن أبي سلمة وابنه عبد الملك
وروى أبو زيد عن عبد الملك أن مالكا رجع إلى
قول سعيد بن المسيب في القسم بين الأمة والحرة
فقال للحرة الثلثان وللأمة
(2/562)
الثلث وليس
للسراري مع الحرائر قسم وله أن يقيم مع السرية
ما شاء ما لم يضر بالزوجة ويكره له أن يبيت
عند غيرها مغاضبا وليس عليه في ترك وطء السرية
إثم وإذا سافر الرجل سفرا كان له أن يسافر
بامرأته إذا كان مأمونا عليها محسنا إليها فان
امتنعت من السفر معه سقطت عنه نفقتها وليس له
إذا كن نسوة أن يسافر باحداهن إلا بقرعة فإذا
رجع استأنف القسم بينهن وقد قيل إنه يختار
أيتهن شاء بغير قرعة والأول أصوب ولا يطأ
احداهما في يوم الأخرى إلا باذنها وكره مالك
أن يشتري الرجل من امرأته والمرأة من صاحبتها
يوما وللرجل أن يعزل عن زوجته إذا كانت أمة
باذن مولاها ولا يبالي عن اذنها وليس له أن
يعزل عن المرأة إلا باذنها وله أن يعزل عن
أمائه بغير اذنهن ولا يسقط العزل لحوق الولد
إلا أن يدعي استبراء ومسائل لحوق الولد في
كتاب اللعان وفي كتاب الإقرار وفي كتاب الدعوى
ولا يأتي امرأة في دبرها حائضا ولا طاهرا
والمرأة راعية على بيت زوجها وذات يده فعليها
أن تحفظه في نفسها وماله ولا تخرج إلا باذنه
ولا تبذر من ماله شيئا ولا تعطيه وأن قل أن لا
عن طيب نفس منه وقد رخص لها في الصدقة من ماله
بالتافه الذي يعلم أنه تطيب به نفسه وعليها أن
لا تخالفه في مغيبة إلى أمر تعلم أنه يسؤه في
محضره وحقها أن ينفق عليها من طوله ويطعمها
مما يطيل عليها عبوس الوجه ولا يجتنب مضجعها
إلا أن يريد بذلك تأديبها لصلاحها وعليه أن
يخيفها في الله
(2/563)
ولا يضاربها
وان امتنعت من مضجعه ولم يقدر على صرفها
بكلامه كان له ضربها غير مبرح ولا يضرب وجهها
{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ
بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ
دَرَجَةٌ} البقرة
(2/564)
باب الحكم في العنين
إذا اعن الرجل عن امرأته قبل أن يصيبها وادعت
ذلك عليه فانكرها فالقول قوله مع يمينه إن
كانت ثيبا وان كانت بكرا فلمالك فيها قولان
احدهما ان القول قوله مع يمينه كالثيب سواء
والقول الآخر أنه ينظر إليها النساء فإن هي
بكرا بحالها فالقول قولها وان قلن قد زالت
عذرتها فالقول قوله مع يمينه وان قرأ بالعنة
أجل سنة من يوم تطلب ذلك امرأته وترفع ذلك إلى
السلطان فإن لم يطق في السنة أن يصيبها مع
تمكينها إياه من نفسها فلها فراقه إن شاءت
ولها عند مالك مهرها كاملا من أجل أنه استمتع
بها فلها فراقه وكان غارا لها وكذلك لو طلقها
وهي لم تعلم بعنته وقد كان دخل بها ثم علمت
كان لها الصداق إذا اتفقا على أن لا مسيس وقد
روي ذلك عن مالك أيضا وهو تحصيل مذهبه في ذلك
أنه أن فرق بين العنين وبين امرأته للعنة
بحدثان نكاحه فليس لها إلا نصف الصداق وأما إن
طال معها
(2/564)
مكثه فإن لها
عنده صداقا كاملا لم يختلف في ذلك قوله وان
ادعى في السنة وبعدها أنه وصل إليها فالقول
قوله مع يمينه والبكر والثيب هاهنا عند مالك
سواء وفرقة العنين تطليقة بائنة فان تزوجها
بعد ذلك كانت عنده اثنتين ولها الخيار في
النكاح الثاني بخلاف المجبوب لان العنة يرجى
زوالها وأما الخصي والمجبوب فايهما دخل
بامرأته ثم طلقها فإن عليه الصداق كاملا طالت
العدة أو قصرت بخلاف العنين وان كان العنين
عبدا أجل نصف أجل الحر عند مالك فأما جمهور
الفقهاء فالحر والعبد عندهم في أجل العنين
سواء وقد روي ذلك عن مالك أيضا ومن عن امرأته
يعد ما أصابها لم يكن لها فراقه ولا القيام
عليه أبدا وكذلك إذا كبر الرجل وضعف عن وطء لم
يفرق بينه وبين امرأته
(2/565)
باب العيوب التي يفسخ بها النكاح إذا كانت
بأحد الزوجين وابتغى الفراق صاحبه من أجل ذلك
إذا وجد الرجل بامرأته جنونا أو جذاما أو برصا
أو ما يمنع من الجماع مثل القرن والرتق
والافضاء وهو أن يكون المسلكان واحدا في
المرأة وأراد لذلك مفارقتها وكان له فسخ نكاحه
بأمر من الحاكم فلا شيء لها إن لم يكن أصابها
فإن علم به بعدما أصابها فلها مهرها المسمى
بما استحل من فرجها
(2/565)
ويرجع الزوج
بذلك على وليها الأب والأخ لأنهما لا يكاد
يخفى ذلك عليهما منهما وان كان الولي ابن عم
او مولى أو رجلا من العشيرة لا علم له بشيء من
ذلك فلا غرم عليه وعليها أن ترد الصداق كاملا
لأنها غرت من نفسها إلا أنها يترك لها قدر ما
يستحل به فرجها وذلك عند مالك ربع دينار أو
ثلاثة دراهم وعلى الزوج اليمين أنه ما تلذذ
منها بعدما رأى العيب بها ولو وطئها بعد العلم
بما بها لزمته ولم يكن له ردها وإذا غرم الولي
الصداق لم يرجع به على المرأة ولا يترك الزوج
للولي شيئا إذا رجع عليه بالصداق ويحلف الأخوة
وبنو العم أنهم ما علموا بذلك فإن حلفوا ردت
المرأة الصداق إلا ربع دينار وإن حدث أحد هذه
العيوب بالمرأة بعد النكاح وقبل البناء كان
الزوج مخيرا إن شاء دخل وأدى الصداق وإن شاء
فارق وأدى نصفه وان كان أحد هذه العيوب
الأربعة بالرجل فكرهته المرأة كان لها أن
تفارقه إلا انه اختلف قول مالك هاهنا في البرص
فمرة قال هو بالرجل كهو بالمرأة يرد به كما
ترد المرأة ومرة قال هو بالرجل بخلاف المرأة
فإن اختارت فراقه قبل الدخول فلا شيء لها إلا
في العنين وحده لأنه غرها وان أصابها فلها
مهرها وليس اصابته إياها رضى للأبد ولو وجد
بعد النكاح أجل سنة لعلاجه فإن صح وإلا فرق
بينهما وكذلك المجذوم ان لم يرج علاجه فرق
بينهم مكانه إن اتبغت الفراق وان كان الجذام
منتشر الرائحة مؤذيا أذى بينا فرق بينهما في
الوقت إلا أن ترضى به واما البرص فلا ولا ترد
المرأة بالعمى ولا بالسواد ولا بالعور ولا
بأنها غير
(2/566)
عذراء لان
العذرة تزول بوجوه كثيرة ولا بأنها ولدت زنى
ولا بشيء من العيوب كلها غير ما ذكرنا إلا أن
يشترط السلامة في ذلك فان اشترطها ثم وجد
العيب كان له الرد إن شاء
(2/567)
باب المفقود وحكم امرأته
المفقود عند مالك وأصحابه على أربعة أوجه
أحدها المفقود الذي قضى فيه عمر بن الخطاب رضي
الله عنه بأن تتربص زوجته أربع سنين ثم تعتد
أربعة أشهر وعشرا ثم تحل للأزواج وهو المفقود
في أرض الإسلام في التجارات والتصرف أمره ولا
يعرف مكانه فذلك يضرب السلطان لامرأته أجل
أربع سنين إذا رفعت أمرها إليه بعد أن يفحص عن
أخباره ثم تعتد بعد الأربع سنين أربعة أشهر
وعشرا ثم يدفع لها كالئها إن كان أجله قد حل
ويباح لها النكاح فإن نكحت وقعت الفرقة بينها
وبين زوجها الأول من غير لفظ توقعه هي أو
الحاكم عليها وقد قيل لا تقع الفرقة بينهما
إلا بدخول الثاني فإن كان فقدها لزوجها قبل
الدخول أعطيت نصف صداقها فإن ثبت بعد ذلك
وفاته أكمل لها صداقها وكذلك ان مضى عليه من
الزمن ما لا يعيش إلى مثله ولم تنكح بعد
الأربعة أشهر والعشر دفع إليها بقية صداقها
وقد قيل يدفع إليها الصداق كله فان جاء بعد
ذلك زوجها رجع عليها بنصفه وقيل لا يرجع
(2/567)
عليها وان
فقدته بعد الدخول بها ولم تكن قبضت صداقها دفع
إليها الصداق كله وليست العدة والتأجيل بها
ولم تكن قبضت صداقها دفع إليها الصداق كله
وليست العدة والتأجيل الذي ضرب لامرأة المفقود
طلاقا لأنه إن جاء قبل أن تنكح امرأته فهو أحق
بها وان نكحت فدخل بها ثم أتى فلا سبيل له
إليها ولا له عليها ولا على ناكحها شيء من
الصداق الذي أصدقها لأنها قد استحقته بمسيسه
لها وان نكحت ولم يدخل بها العاقد عليها ثم
قدم زوجها ففيها قولان أحدهما أنه لا سبيل له
إليها والثاني أنه أحق بها ما لم يدخل بها
الذي تزوجها وهو أصح من طريق الأثر وليست
مسألة نظر لأنا قلدنا فيها عمر رضي الله عنه
وكلا القولين قاله مالك وطائفة من أصحابه فإن
رجعت إلا الأول قبل دخول الثاني بها كانت عنده
على الطلاق كله ولو دخل بها الثاني ثم طلقها
أو مات عنها ثم نكحها الأول كانت على طلقتين
لأنه يلزمه بنكاحها تطليقة واحدة ولامرأة
المفقود النفقة في مال زوجها في الأربع سنين
أو في الأربعة الأشهر والعشر ورثته بعد ذلك أو
قرب تزوجت أو لم تتزوج وان لم يثبت ذلك لم
يورث إلا بيقين من موته أو يأتي عليه من
الزمان ما لا يعيش مثله في الأغلب إلى مثله
ولو جاء الأول بعد دخول الثاني بها فقذفها حد
لها ولم يلاعنها لانه ليس بينه وبينهما شيء من
الزوجية والمفقود الثاني هو الأسير تعرف حياته
وقتا ثم ينقطع خبره ولا يعرف له موت ولا حياة
فهذا لا يفرق بينه وبين امرأته حتى يعمر
وينقضي تعميره فيحكم له حينئذ بحكم الموتى في
كل شيء إلا أنه لا
(2/568)
يرث أحدا ولا
يورث منه أحد مدته تلك لأنه شك ولا يتوارث
بالشك ومثل هذا المفقود في أرض العدو والمعتوك
بين الصفين وهو المفقود الثالث فإن هذا أيضا
لا تتزوج امرأته أبدا أو يأتي عليه من السنين
ما يعلم أنه قد مات لأنه لا يؤمن عليه الأسر
في بلاد العدو فحكمه حكم الأسير المتقدم ذكره
ويعمران جميعا والتعمير فيهما من السبعين إلى
الثمانين وهذا أعدل الأقوايل في ذلك والمفقود
الرابع هو المفقود في فتن المسلمين وأرضهم
يفقد في معترك الفتنة وينعي إلى زوجته بهذا
يجتهد فيه الامام ويتلو له أمرا يسيرا قدر ما
يتصرف من هرب أو انهزام يجتهد في ذلك الحاكم
والإمام فيما يغلب على ظنه مما يؤديه إليه
الفحص عن أخباره فإذا غلب عليه أنه هلك اذن
لامرأته في النكاح بعد أن تعتد ويقسم ماله لأن
هذا لا يجليه إلا أحد أمرين إما الموت وإما
القتل لأنه ليس في أرض الإسلام فإن كانت
المعركة في الفتنة على بعد من بلاد المفقود في
أرض الإسلام وفتنتهم كان التلوم في ذلك
لامرأته وسائر ورثته في ماله سنة أو نحوها ومن
غاب عن امرأته فعلم موضعه كتب السلطان إليه
إذا شكت ذلك إليه زوجته وأمره أن يقدم إليها
أو يرحلها إليه أو يطلق كما فعل عمر بن عبد
العزيز للذين غابوا بخراسان وتركوا نساءهم قال
مالك ولقد أصاب عمر بن عبد العزيز وجه الأمر
في ذلك فإن لم يفعل شيئا من ذلك طلق عليه وإذا
نعي إلى المرأة زوجها في غير قتال بين
المسلمين في فتنتهم وطلبت فراقه لم يلتفت إلى
ذلك ولم يضرب لها في ذلك أجل ولا يفرق بينها
وبينه إلا ببينة تثبت على الوفاة أو
(2/569)
الطلاق ولو
نكحت على ذلك فسخ نكاحها علمت حيث زوجها أو لم
تعلم لأنه محمول على الحياة على أصل أمره إلا
أن يشترط لها في المغيب شرطا يعقده بيمين طلاق
فتأخذ بشرطها إن شاءت فإن لم يعرف خبره وعمي
أمره صار مفقودا وحكم فيه بحكم المفقود
المذكور في أول الباب وإذا نعي إلى المرأة
زوجها فاعتدت ونكحت بعد العدة ثم جاء زوجها
كان أحق بها من الثاني أو لم يخل ولو ولدت
الأولاد إذا نكحت دون يقين ولا اجتهاد إمام
ولا يقر بها الأول إلا بعد تمام عدتها من
الثاني الذي فرق بينه وبينها والله الموفق
للصواب
(2/570)
|