الكافي
في فقه أهل المدينة المالكي كتاب الشفعة
باب ما فيه الشفعة
وما لا شفعة فيه
...
كتاب الشفعة
بسم الله الرحمن الرحيم
باب ما فيه الشفعة وما لا شفعة فيه
لا شفعة فيما قد قسم وحدت فيه الحدود وهذا
ينفي الشفعة للجار قريبا كان أو بعيدا وإنما
الشفعة في المشاع من العقار كله الدور
والأرضين والحوانيت والبساتين والجنات والكروم
وكل ما يصلح فيه القسم ويضرب فيه الحدود من
الرباع والحوائط والأرض كلها وما اتصل بها مما
يثبت أصلا فيها واختلف عن مالك في الشفعة في
الحمامات وفيما لا يحتمل القسمة أو يحتملها هي
ضرر أحد المتقاسمين من صغار الحوانيت والدور
والبيوت وسائر الرباع والأشهر عن مالك ايجابه
الشفعة في الحمام وفي ذلك كله وهو الصحيح على
أصله لأنه لم يختلف قوله في وجوب قسمة ذلك كله
صغيرا كان أو كبيرا كان في
(2/852)
قسمة ذلك ضرر
على أحد المتقاسمين أو لم يكن وقال بقول مالك
في ذلك طائفة من أصحابه وطائفة منهم تأبى ذلك
وهو مذهب ابن القاسم وعلى مذهب ابن القاسم في
ابايته من قسمة ما يدخله الضرر على أحدهما لا
يجب في ذلك شفعة لأنه يبطل الحمام بقسمته فلا
يكون حماما وقوله في النخلة بين الرجلين ببيع
أحدهما حصته منها انه لا شفعة فيها لأنها لا
تنقسم وأكثر أصحاب مالك يرون الشفعة في ذلك
ويدخل في الأصول التي ذكرنا عيون الماء
المبيعة مع الأرض والبئر كذلك ولا شفعة في بئر
مفردة ولا طريق ولا فحل نخل ولا مسيل ماء فإن
كانت البئر لها أرض تزرع مشاعة فالشفعة فيها
إذا بيعت مع الأرض وكذلك لو بيعت مع السواد
الذي يسقى مع بساتينها ولو باع حصته من الأرض
ثم باع حصته بعد من البئر لم يكن فيها لشركائه
شفعة وكذلك لو اقتسموا الأرض والنخل ثم باع
أحدهم حصته من البئر لم يكن لشركائه شفعة وروى
يحيى عن ابن القاسم عن مالك أنه قال الشفعة في
الماء التي يقتسمها الورثة بالاقلاد وأن لم
يكونوا شركاء في الأرضين التي تسقى بتلك
العيون قال مالك وأهل كل قلد يتشافعون فيما
بينهم دون فجماعة الورثة كالدور والأرضين سواء
وفحل النخل لا شفعة فيه في المشهور من مذهب
مالك وقال طائفة من أصحابه فيه الشفعة ومثل
فحل النخل الفرصة يتركها أهلها للارتفاق
والاستطراق فلا شفعة فيها إلا على
(2/853)
ما ذكرت لك ولا
شفعة في طريق وأما الرحا فقد اختلف قول مالك
وأصحابه في الشفعة فيها ففي قياس قول مالك
فيها الشفعة لأنه يوجب الشفعة فيما لا ينقسم
من الدور والأرضين وسائر الأصول والعقار الا
فحل النخل والطريق وما يرتفق به ويستطرق من
العراض وفي المدونة عن ابن القاسم لا شفعة في
الرحا وسواء بيعت مع أرض مشتركة أو وحدها قال
ولو كان فيها شفعة إذا بيعت مع أرض لكان فيها
شفعة إذا بيعت وحدها لأن ما لا شفعة فيه لا
يكون فيه الشفعة إذا بيع مع ما فيه الشفعة
وقال أشهب وسحنون إذا بيعت الرحا مع الأرض
فللشريك الشفعة في جميع ذلك كله كما في رقيق
الحائط يباع بعضه وقال محمد بن عبد الله بن
عبد الحكم لا شفعة فيها إذا لم يكن لها من
الأرض شيء وكانت سدا وحجارة في النهر لا غير
وأما البيت الذي فيه الرحا والجدران والسقف
والأرض ففي ذلك كله الشفعة وروى أبو زيد عن
ابن القاسم في رجل باع بيتا فيه رحى فأراد
الشفيع أن يأخذ ذلك بالشفعة فإنه يقوم البيت
وتقوم الرحا باداتها فيفض الثمن عليها فما صار
على البيت بالقيمة من الثمن أخذه به الشفيع ان
شاء قال وذلك بمنزلة ما لو اشترى شقصا من دار
أو دابة سواء وانما لم تجب الشفعة في الرحا
لأنه لا يصلح فيها القسم ولان قسمتها ضرر
وابطال لها فإن كان عدة أرحاء وصار لأقلهم سهم
منها رحا على
(2/854)
حدة كانت فيه
الشفعة وليس في مطاحن الأرحاء أعني الحجارة
شفعة وإنما الشفعة عند من رأى ذلك من أصحاب
مالك في القاعة والبيت والسدود وقال ابن دينار
لا شفعة في الرحا على حال من الأحوال إلا أن
تباع حولها أرض مشتركة وتباع الرحا معها فتدخل
مع الأرض في الشفعة وأما هي وحدها فلا شفعة
فيها ولا شفعة في شيء من الحيوان والعروض كلها
من الثياب والسفن وما أشبهها وكذلك الجواهر
كلها والعين والدين وقد قال بعض أصحاب مالك
ورواه أيضا عنه ان الشفعة في الدين يكون على
الإنسان فيبيعه من أجنبي ان الذي عليه الدين
أحق به وهذا ليس من باب الشفعة وإنما هو من
باب نفي الضرر والمكاتب على هذا القول وهذه
الرواية عن مالك هو أحق بما بيع من نجومه من
مبتاعها والصواب عند النظر انه لا شفعة الا
فيما تضرب فيه الحدود عند القسمة
واختلف أيضا في الشفعة في الكراء قول مالك
وأصحابه فمنهم من نفى ذلك ولم يوجب فيه شفعة
ومنهم من أوجبها وقال ابن القاسم عن مالك في
الأرض تكون بين الشريكين فيكري أحدهما حصته
منها للزرع ان شريكه أحق بها من المكتري
والصحيح عندي أنه لا شفعة في ذلك وقد روى ذلك
أهل المدينة عن مالك وقوله في الموطأ ما لا
يصلح فيه القسم فلا شفعة فيه إنما الشفعة فيما
ينقسم ويحد من الأرضين فيشهد لما قلنا قال
مالك لا شفعة في
(2/855)
بقل ولا في زرع
ولا في تمر قد جذ وحصد في الأرض وأما الشفعة
في التمر المعلق قبل جذاذه إذا كان بين شركاء
مالكين لا صلة بابتياع أو مساقاة أو غير ذلك
من أنواع الشركة في الثمرة فيبيع أحد الشركاء
حصته خاصة منها فلكل من شركه فيها الشفعة على
قدر حصته هذا هو المشهور من قول مالك وهو
تحصيل مذهبه وقد نفت طائفة من أصحابه وجماعة
من أهل المدينة الشفعة في ذلك لأنه ليس بأصل
(2/856)
باب من له الشفعة ومن هو أولى بها
لا شفعة إلا لشريك في مشاع من الأصول وأما
الجار قرب أو بعد حاذى أو لم يحاذ فلا شفعة له
ولا لصاحب علو على سفل ولا لصاحب سفل على علو
ولا لمالك موضع خشب في حائطه والشفعة لكل شريك
صغيرا كان أو كبيرا ذكرا أو انثى مسلما أو
ذميا وهي بين المسلم والذمي كهي بين المسلمين
وكذلك المستحق عليه الشفعة تلزمه حاضرا كان أو
غائبا كبيرا أو طفلا أو بأي وجه عوض عن الشقص
وملك به من بيع أو اجارة أو صداق أو هبة لثواب
أو دية جرح أو قيمة متلف أو نحو ذلك من العوض
فالشفعة فيه واما من ملك شقصا بغير عوض
كالميراث والصدقة والوصية والهبة لغير
(2/856)
ثواب فلا شفعة
للشريك في شيء من ذلك فإن أثيب الواهب بعد ذلك
لم يكن فيه شفعة لأنه في ابتدائه لم يكن على
ثواب ومن تزوج امرأة بسهم من دار أو عقار ففيه
الشفعة بالقيمة لا بمهر المثل ولو صالح عن دم
عمد على شقص من دار فالشفعة فيه بقيمة السهم
ولو كان الصلح من دم خطأ كانت الشفعة فيه
بالدية ولا تجب الشفعة إلا بعد تمام صفقة
المشتري ولا يضره لو أذن للمشتري في الشراء
أولا وأسقط عنه الشفعة إذا كان ذلك قبل الشراء
وسواء أشهد عليه المشتري أو لم يشهد وكذلك
شهادته في البيع لا تسقط شفعته فإن ساوم
الشفيع والمشتري في ذلك الشقص بعد تمام البيع
سقطت شفعته وكذلك لو ساومه في كراء ذلك الشقص
منه سقطت شفعته وروي ذلك أيضا عن مالك ولو
أسقط عنه الشفعة بعد تمام البيع وسقوط الخيار
ولو باع نصف دار له بيع خيار ثم باع النصف
الاخر بيعا بتلا كان لصاحب البيع البتل الشفعة
ان كان الخيار للمبتاع واختار تمام البيع وان
كان الخيار للبائع فاختار رد البيع فلا شفعة
في ذلك وإذا وجبت الشفعة بتمام الشراء للمشتري
فلا يسقطها عن الشفيع تحبيس المشتري لها ولا
تصدقه بها ولا هبته ولا اسكانه ولا وصيته بها
ولا اقالته منها ويأخذ الشفيع ذلك كله بالثمن
ويبطل كل ما فعله المشتري من ذلك كله الا أنه
يلزم المشتري فعله لأنه مالك ملكا صحيحا إن
أبى الشفيع من الشفعة فإن باعها
(2/857)
المشتري قبل
قيام الشفيع كان الشفيع مخيرا في أخذها بأي
صفقتين شاء والشفعة تجب بالبيع التام وتستحق
وتملك باداء الثمن وأهل الغرض المسمى في
الميراث إذا باع أحدهم حصته مما فيه الشفعة
أولى بالشفعة فيه من العصبة وأن باع أحد
العصبة نصيبه فشركاؤه بالتعصيب وذو الفروض
المسماة كلهم سواء في الشفعة يدخل أهل الفرض
على العصبة ولا تدخل العصبة على ذي السهم مع
من شركه في السهم وقد قيل لا يدخل هؤلاء على
هؤلاء ولا هؤلاء على هؤلاء وقيل يدخل كل واحد
منهم على صاحبه لأن العلة الشركة والإشاعة وكل
مذهب مدني مالكي والأول هو تحصيل مذهب مالك
مثال ذلك رجل تخلف ابنتيه وعصبة وتخلف ربعا فو
باع بعض العصبة حصته دخلت الابنتان مع سائر
العصبة وان باعت احدى الابنتين كانت اختها أحق
بالشفعة ولا يدخل معها فيها أحد من العصبة
وكذلك لو كانوا اخوة ومات أحدهم وتخلف بنين
فباع أحد البنين لم يشفع أعمامهم معهم وكانوا
أحق بشفعتهم ولو كان أخوة لعلات فباع أحد
الأشقاء دخل معهم الأخوة للأب في الشفعة لأن
الأب يجمعهم وإذا تصدق رجل أو أوصى بشقص من
دار لنفر فباع أحد أولئك النفر نصيبه مما تصدق
به عليه أو أوصى له به دخل ورثة الموصي في
الشفعة أن أحبوا مع شركاء البائع ولا يدخل أحد
من أولئك النفر على الورثة فيما يتشافعون فيه
وإذا كانت دار بين رجلين فتصدق أحدهما بحصته
منها أو حبسها وباع شريكه بعد ذلك نصيبه فلا
(2/858)
شفعة للمتصدق
عليه ولا للمحبس عليه إلا أن يشاء المحبس أو
المتصدق أن يستشفع حصة شريكه على أن يلحق ذلك
بالحبس أو الصدقة والا فلا شفعة له وإذا بيع
السهم الذي فيه الشفعة مرارا فللشفيع أن يأخذ
بأي الصفقات شاء فإن أخذه بالصفقة الأخيرة صحت
الصفقات التي قبلها وان أخذه بالصفقة الأولى
بطلت الصفقات التي بعدها اتفقت الأثمان أو
اختلفت والاختيار إليه في العهدة والثمن وان
أخذه بصفقة وسطا صح ما قبلها من الصفقات وبطل
ما بعدها والشركاء في الربع وان كثروا إذا باع
أحدهم حصته يشفع جميعهم أن شاؤا والشفعة بينهم
على قدر حصصهم من الملك فإن طلب واحد منهم
الشفعة وتركها الباقون وأراد أخذ مقدار حصته
من الشفعة لم يكن ذلك له الا برضى المشتري
وللمشتري أن يجبره على أخذ الكل أو الترك لأنه
لا تفريق عليه في صفقته وإذا كانت دار بين
رجلين أحدهما غائب فباع الحاضر حصته ثم باع
الغائب حصته من بعد بيع الحاضر فان استشفع
الغائب بشقص الحاضر كان ذلك له لأن الشفعة
وجبت له يوم باع شريكه الحاضر حصته ولا يضره
أن يكون ذلك بعد بيعه لحصته لأنه استحق الشفعة
قبل ذلك في حين بيع الحاضر لنصيبه فإن شفع
صارت الدار بين الغائب الذي باع حصته في مغيبه
وبين مشتري حصة الغائب ولا يكون للحاضر ولا
لمن اشترى منه شفعته فيما باع الغائب إذا شفع
الغائب كما ذكرنا وقال ابن القاسم وطائفة معه
من أصحاب مالك:الغائب والحاضر في ذلك سواء
والعالم
(2/859)
بالبيع وغير
العالم سواء وليس بيعه حظه بالذي يبطل شفعة قد
وجبت له ولو أن أربعة نفر كان بينهم ربع فغاب
أحدهم وباع الباقون حصصهم من الربع من رجل
واحد في ثلاث صفقات صفقة بعد صفقة لكل واحد
منهم فقدم الغائب فقام بالشفعة فله أن يأخذ أي
صفقة شاء من الثلاث صفقات فإن أخذ الأولى فهي
له خاصة ولا شفعة للمشتري فيها لأنه لا يملك
قبل ما يستحق به شفعة وان أخذ الصفقة الثانية
أو الثالثة وأبقى الأولى فقد صار المشتري له
شريكا فيما استشفع من يريد لملكه للصفقة
الأولى بشراء ومن باع سهما من دوره شركة صفقة
واحدة وشفيعها واحد وأراد أن يأخذ بعض ذلك دون
بعض فليس له ذلك إلا أن يأخذ الجميع أو يتركه
ولو كان للسهم المبيع شفعا غيره عدة فترك
بعضهم الأخذ بالشفعة لم يكن لمن أراد أن يأخذ
بالشفعة إلا أن يأخذ الجميع أو يتركه وكذلك
الحاضر إذا كان شريكه في الشفعة غائبا يأخذ
الكل فإن قدم الغائب أخذ منه حصته وشفعة
الغائب ثابتة لا يقطعها طول غيبته وشفعة
الصغير ثابتة حتى يحتلم
(2/860)
باب أمد الشفعة لمن يراها
أمد شفعة المقيم سنة ويتلوم له شيئا نحو الشهر
وما قرب منه وهو المشهور من المذهب فإن قام
بعد شهور من
(2/860)
السنة أو عند
رأس السنة فقد اختلف قول مالك في وجوب اليمين
عليه فروي عنه أنه لا يمين عليه إذا كان قيامه
في هذا الأمد وروي عنه أنه لا بد من أن يحلف
انه ما كان سكوته عن طلب الشفعة مع علمه بها
تركا منه لها وكذلك يشفع وسواء كان قريبا أو
بعيدا ولو بعد جمعة ونحوها وقد روي عن ابن
القاسم وغيره أيضا عنه في الحاضر يمكنه الأخذ
بالشفعة والقيام بها ولا عذر له فيتركها وهو
عالم بمبلغ الثمن أنه لا شفعة له إذا ترك
المطالبة بها وقال بهذا القول جماعة من أهل
المدينة وقد روي عن مالك أيضا أنه لو قام بعد
خمسة أعوام حلف أنه لم يكن سكوته تركا للشفعة
ثم يكون له الشفعة وروي عنه الحاضر والغائب
سواء لا تنقطع شفعة واحد منهما الا أن يسقطها
أو يظهر منه ما يدل على اسقاطها وروي عنه أن
السنة والسنتين والثلاث إلى الخمس ليست بطول
ولا يمنع الشفيع لذلك شفعته الا أن يبني
المبتاع في ذلك فيكون قطعا للشفعة أو يرفعه
إلى السلطان فيأخذ أو يترك
(2/861)
باب جامع القول في الشفعة والعمل فيها
الوصي يشفع لمن يلي من الأطفال والأكابر
السفهاء وإذا استشفع السفيه أو الصغير في صغره
شفع إذا بان حسن نظره لأنه مصلح في فعله ولو
صالح من دم عمد
(2/861)
على شقص من دار
فالشفعة فيه بقيمة السهم ولو كان الصلح من دم
خطأ كانت الشفعة فيه بالدية مكروهة ومن باع
شقصا له من أرض ومع الشخص عرض عبدا أو ثوبا أو
جوهرا أو دابة صفقة واحدة وقام الشفيع كان له
أن يأخذ فيه الشفعة بحصته من الثمن وتفسير ذلك
أن يفض الثمن على الشقص وعلى ما وقعت عليه
الصفقة معه من العروض فما أصاب الشقص غرمه
للشفيع وليس عليه أخذ العرض مع الشقص ومن
اشترى سهما من عقار فيه شفعة بعوض أو حيوان
فللشفيع أخذه بقيمة العرض والحيوان فإن كان
العرض مكيلا أو موزونا أخذه بمثله ومن باع
شقصا بدراهم وعرض وقام الشفيع فيه أخذه بقيمة
العرض ومثل الدراهم الدنانير عينا أو وزنا فإن
فات العرض كان القول في صفته قول المشتري مع
يمينه ان لم تكن للشفيع بينه على الصفقة وتقوم
على تلك الصفقة فإن نكل المشتري عن اليمين على
الصفة كان القول قول الشفيع مع يمينه في ذلك
فإن نكل عن اليمين استشفع بقيمة الشقص نقدا
يوم وجبت الصفقة للمشتري لا يوم استشفع ولو
عقد المشتري في الشقص بثمن ثم جاء البائع
لقبضه فأعطاه فيه عرضا وقام الشفيع لم يلتفت
إلى ما أخذه البائع وشفع أن أحب بالثمن الذي
وقعت عليه الصفقة
ومن ابتاع شقصا من دار أو حانوت فباع منه نقضا
أو أبوابا أو نحو ذلك وقام الشفيع فض الثمن
على الدار
(2/862)
وعلى ما باع
منها وحط منه مقدار ما باعه المشتري ولم يكن
للشريك فيما باع شيء وإذا فات بالبيع فإن
أدركه قبل أن يباع أخذه من الدار وهذه سبيل كل
ما كان من هذا المعنى ومن هذا رجل اشترى أصول
شجر فيها ثمرة لم يبد صلاحها ثم قام فيها شفيع
وقد بدا صلاحها فلا شفعة له في الثمرة ويفض
الثمن على الحصة من الأصول وعلى الثمرة التي
لم يبد صلاحها فما أصاب الأصول من ذلك غرمه
الشفيع وأخذ شفعته ولا حظ له في الثمرة وحط
عنه مقدار قيمتها وكذلك سائر الأصول ومن اشترى
شجرا لا ثمر فيه ثم أثمر قبل قيام الشفيع وقام
الشفيع والثمرة في رؤوس الشجر فهي له وعليه مع
الثمن قيمة ما سقاها المشتري ان كان سقيا هذا
ما لم يبد صلاحها فإن لم يقم بشفعته حتى بدا
صلاحها فلا شيء له من الثمرة وما استغله
المشتري من ضروب الغلات قبل قيام الشفيع فهي
له دون الشفيع ولا يسقط عن الشفيع لذلك شيء من
الثمن ولو كان في الحائط والجنان المبيع منه
النصيب دواب أو رقيق أو آلة وقام الشفيع يريد
أخذ حصته من الحائط خاصة دون الرقيق والدواب
والآلة لم يكن له إلا أن يرضى بذلك المشتري
فيكون بمنزلة بيع حادث ومن اشترى نصيبا تجب
فيه الشفعة بدين وأراد الشفيع أخذ الشفعة بمثل
الثمن نقدا كان له ذلك وان أراد أخذها للأجل
وكان مليا ثقة حكم له بها والا فلا إلا أن
يأتي بحميل ملي ثقة وينظر الشفيع بالثمن اليوم
واليومين والثلاثة كثر المال أو قل
(2/863)
فإن جاء بالمال
والا قضي عليه ببطلان الشفعة وقد قيل ينظر
ويمهل على قدر كثرة المال وقلته والاول أشهر
عنه وللمشتري أن يرفع الشفيع إلى الحاكم
فيأمره بالأخذ أو بالترك فإن أبى الأخذ أو
الترك حكم عليه الحاكم بسقوط الشفعة والشفعة
موروثة عمن تجب له ولا يجوز بيعها ولا هبتها
لمن يقوم بها ممن لا شركة له في الأصل ومن لا
ملك له في رقبة الاصل فلا شفعة له وإنما وردت
السنة بالقضاء بها للشريك ان أحبها فإما أخذها
لنفسه وإما تركها وليس لزوج المرأة أن يجبرها
على أخذ الشفعة ولا يجوز لمن ليست له شفعة أن
يطالب بها لغيره ومن صالح عن انكار شقص مشاع
لم يكن فيه شفعة ولو كان على اقرار شفع فيه
ولا بأس أن يصالحه على بعض ما اشترى بقسطه من
الثمن ولو جهل ثمن الشقص المبيع فذلك على
وجهين ان كان لطول الزمان فالشفعة منقطعة وان
لم يكن كذلك ولكن كانت المدة قريبة فللشفيع
أخذ الشقص بقيمته هذا قوله في الموطأ وهو
تحصيل مذهبه وقد روي عنه أنه ان جهل ثمن الشقص
حلف المشتري أنه ما يعرفه ولقد نسيه وما غيب
ثم تبطل الشفعة للجهل بالثمن والقول الاول
عليه العمل والعهدة في الشفعة للشفيع على
المشتري دون البائع وعليه تنصرف وإياه يطالب
في الاستحقاق والعيوب لا البائع وسواء أخذ
بالشفعة قبل القبض أو بعده فإن ولاها المشتري
او أشرك فيها فعهدته على من شاء منها
(2/864)
واختلف قول
مالك في الذي تكون العهدة عليه في الاقالة
فمرة قال العهدة على المشتري والاقالة باطلة
ومرة قال إنه بالخيار فإن شاء كتبها على
البائع وان شاء على المبتاع وما بنى المشتري
أو غرس أو عمر فعلى الشفيع أن يعطيه جميع
نفقته من الثمن أن أراد الشفعة ومن أشترى أرضا
فزرعها وجاء الشفيع فعليه الثمن وله مثل كراء
الارض على الزرع ولا شيء له في الزرع وهذا ان
شفع في وقت تمكنه الزراعة فيه لو أرادها فأما
إن كان وقت الزراعة قد فات فلا شيء له من كراء
الارض وعليه الثمن ومن ادعى شفعة في سهم ذكر
ان شريكه باعه وأقر البائع بذلك وأنكر المشتري
ولم تقم بينة بالشراء وحلف المشتري أنه ما
اشترى فليس للشريك الطالب شفعة باقرار البائع
ولو أقر المشتري بشراء شقص فيه شفعة وطلبها
الشفيع والبائع غائب ولا بينة للمشتري بالشراء
لم يقض على المشتري بالشفعة للشفيع باقراره
ولو قدم رب الدار فأنكر البيع كان له الكراء
ولو قضى الشفيع على المشتري بالشفعة فسكن
الدار لم يكن على الشفيع كراء لأنه سكن بشبهة
والشفعة ثابتة في مال الميت كما هي ثابتة في
مال الحي والشفعة بالثمن دون القيمة فإذا وقع
البيع بعرض قوم العرض لأنه الثمن ولم يقوم
الشقص الا في النكاح فإنه يقوم الشقص إذا وقع
النكاح عليه لأن الاغلب في النكاح المكارمة
دون المكايسة فكأنها ضرورة الى تقويم الشقص
وتفسير قوله الشفعة بين الشركاء على قدر حصصهم
(2/865)
من الملك أن
تكون دار بين ثلاثة رجال لاحدهم نصفها وللثاني
ثلثها وللثالث سدسها فيبيع صاحب النصف فيكون
لصاحب السدس ثلث حصته بالشفعة ولصاحب الثلث
ثلثاها وعلى هذا العمل في كل ما كان مثل ذلك
وبالله التوفيق
(2/866)
|