الكافي
في فقه أهل المدينة المالكي بسم الله
الرحمن الرحيم
كتاب العتق
باب من يجوز عتقه
وينفذ في ذلك فعله ومن لايجوز ذلك منه ويرد
خصلة فيه
لايجوز عتق المكره ولا طلاقه ولا عتق السفيه
المولى عليه ولا غير البالغ إلا لأمهات
أولادهم وأما السكران فيقع عتقه وطلاقه وتجوز
وصية المولى عليه بالعتق بعد وفاته و لا تجوز
عتاقة في حياته ولا يجوز عتق المديان وعليه من
الدين ما يستغرق ملكه الا بإذن أرباب غرمائه
فإن أعتق بغير اذنهم كانوا بالخيار في إجازة
عتقه ورده فإن ردوا عتقه وثاب له مال والعبد
في يده قضى دينه ونفذ عتق العبد كذلك لو باعه
الحاكم في الدين فلم يقتسم الغرماء ماله حتى
طرأ له مال فإنه يقضي دينه من ذلك وينفذ عتق
العبد ويرد البيع ولا ينبغي لمن رد الغرماء
عتق إمائه أن يطأهن لما يجوز من حدوث مال له
يوجب عتقهن
(2/961)
ومن لم يجز
الغرماء ما اعتقه من العبيد ومات فميراثه
لسيده وليس لورثته الاحرار منه شيء ولو اعتق
عبيده وهو موسر ثم افلس لم يرد عتقه وكذلك لو
اعتقهم وهو مفلس ثم أيسر لم يرد عتقه ومن اعتق
عبدا لا مال له غيره وعليه دين لا يحيط بقيمته
بيع منه بقدر دينه وأعتق ما فضل عن دينه ولا
يجوز للمرأة ذات الزوج عتق عبد يجاوز ثلثها
إلا بإذن زوجها وعتقها لعبدها لا مال لها غيره
مردود كله ثلثه وجميعه هذا الاشهر في المذهب
وقد روي عن مالك وقالت طائفة من اصحابه إنه
ينفذ من ذلك الثلث ومن أهل المدينه من يقول إن
فعلها جائز في مالها كله اذا كانت صحيحه
كالرجل سواء ولا اعتراض لزوجها فيما لا يملكه
من مالها لانه لايحل له شيء منه الا عن طيب
نفس منها ولا تجوز عتاقة العبد بغير اذن سيده
فإن فعل فسيده بالخيار في إجازة عتقه ورده فإن
أجاز ذلك كان له الولاء دون العبد وأن لم يعلم
السيد بعتقه حتى اعتق العبد كان الولاء للعبد
دون السيد ومن وهب عبدا لولده الصغير ثم أعتقه
لم ينفذ عتقه فيه الا ان يكون موسرا فيعطى
الولد قيمة العبد وينفذ العتق وإلا فلا وقد
قيل إن ذلك رجوع منه فيما وهب من العبد وليس
عليه شيء وهذا في الموضع الذي يجوز له الرجوع
في هبته ومن اعتق عبدا اشتراه شراء فاسدا مضى
عتقه ورجع البائع بقيمته وكذلك عند مالك لو
ابتاع العبد نفسه بيعا فاسدا نفذ عتقه وعليه
قيمة رقبته ومن أعتق ذا بطن أمته خرج حرا حين
تلده إن بيعت في دينه قبل ذلك حاملا نفذ بيعها
ورق الولد وإن ولد
(2/962)
قبل البيع كان
حرا ومن وهب أمته لرجل وما في بطنها لآخر
فأعتقها الذي وهبت له كان عتقها موقوفا حتى
تضع حملها ولو وهب حملها ثم أعتقها هو عتقت
وتبعها حملها في الحرية وبطلت الهبة لانها لم
تقبض حتى فات العتق
(2/963)
باب عتق الشريك وتبعيض العتق
من كان له نصيب من عبد بينه وبين آخر فاعتق
نصيبه منه نظر فإن كان المعتق معسرا نفذ عتق
ما أعتق منه وليس عليه غير ذلك وبقي نصيب
صاحبه رقيقا كثيرا كان أو قليلا ولا سعاية على
العبد الذي لم يعتق حصته منه ويخدم نفسه بقدر
ماله في نفسه من العتق وتكون مؤنته في ذلك على
نفسه ويخدم من له الرق بقدر ماله من الرق
وتكون مؤنته في ذلك عليه وإن مات العبد عن مال
كان ماله لمن بقي له فيه من الرق ولو كان جزءا
من مائة جزء ولا شيء في ذلك لمعتقه ولا لولد
حر لو كان له وحكم المعتق بعضه في طلاقه
وحدوده شهادته حكم العبد ولو قتل كانت قيمته
لسيده وإن جنيت عليه جناية فالإرش كله لسيده
وقد قيل ان الارش بينه وبين سيده على قدر
حريته ورقه وكلاهما قول مالك وليس لسيده أن
ينزع ماله ولا ان يجبره على النكاح وإن كان
للمعتق من المال ما يسع قيمة سائرة قوم عليه
قيمة عدل ثم يعتق سائره بالقيمة وإنما يعتق
عند مالك بالحكم ومن أهل المدينه من
(2/963)
يعتقه كله على
الموسر ساعة أعتق نصيبه منه ويضمن نصيب شريكه
وقد روي ذلك عن مالك أيضا ولكن الأول تحصيل
مذهبه وعليه أكثر اصحابه ولو مات العبد
فالمشهور من مذهب مالك قبل التقويم مات عبدا
ولم يلزم المعتق منه حصة شيء لشريكه وكان
ميراثه أجمع للذي لم يعتق حصته منه دون المعتق
ولو مات المعتق لم يلزم ثلثه شيء لأن المال قد
انتقل الى ورثته ولو كانت أمة فلم يقوم عليه
فيما بقي فيها من الرق حتى اتت بولد قوم عليه
نصيب من شركه فيها مع الولد ولو شاء شريك
المعتق قبل التقويم أن يعتق حصته منه كان ذلك
له اذا كان عتقه ناجزا وكان الولاء بينهما على
قدر حصصهما وليس له ان كان شريكه موسرا أن
يعتق حصته منه الى اجل ولاأن يكاتبه في ذلك
ولا يدبره ولو كان معسرا جاز ذلك كله ولو جهل
أن القيمة تجب على المعتق الاول اذا كان موسرا
حتى باع الشريك حصته فالبيع مردود ولو اعتق
احد الشريكين نصيبه من العبد عتقا بتلا وهو
معدم ثم اعتق شريكه نصيبه منه الى اجل نفذ عتق
كل واحد منها على حاله الاول والثاني الى اجله
فلو كان موسرا والمسأله بحالها قيل للمعتق
الثاني الى اجل أما ان شئت عتق نصيبك معجلا
وتكونان شريكين في الولاء على قدر حصصكما وإلا
قوم نصيبك فيه على شريكك فاستتم عتقه عليه
وكان له الولاء كله ولو أعتق الاول نصيبه الى
أجل واعتق الثاني نصيبه معجلا نفذ فعلهما وكان
للأول من الخدمه بقدر حصته الى الاجل الذي
أعتقه اليه فإن مات العبد قبل الاجل كان له
ماله دون صاحبه واذا اعتق أحد الشركاء في عبد
(2/964)
نصيبه منه الى
أجل قوم عليه نصب شريكه وكان كله عليه معتقا
الى ذلك الأجل يخدمه وحده دون غيره ومن أوصى
بعتق حصته من عبد بينه وبين غيره وأوصى بعتقه
بعض عبده لم يعتق منه غير ذلك لأن عتقه وجب
بموته وإن أعتق حصته وهو معسر ثم أيسر بعد ذلك
لم يقوم عليه وإن كان موسرا يوم العتق ثم اعسر
ثم أيسر قوم عليه ليساره يوم العتق وإن كان
موسرا ببعض قيمة نصيب شريكه قوم عليه بقدر ذلك
وعتق من العبد ذلك المقدار دون سائره ويترك
الذي لزمه تقويم العبد من متاعه مالا بد له
منه وليس للشريك الثاني أن يعتق نصيبه الى اجل
ولا أن يدبره ولا أن يكاتبه اذا كان شريكه
موسرا ويقوم عليه على كل حال إلا أن يعتق حصته
بتلا وإن كان عبد بين ثلاثة رجال أو أكثر
فأعتق احدهم نصيبه وهو موسر قوم عليه نصيب
شركائه واستتم عليه عتقه وإن كان معسرا بقي
نصيب صاحبه أو أصحابه رقيقا فإن أعتق احدهما
وهو موسر نصيبه بعد عتق المعسر لم يقوموا عليه
لصاحبه لأنه زاد خيرا ولو أعتق اثنان منهم
نصيبهما في كلمة معا قوم الباقي عليهما نصفين
وسواء تساوت انصباؤهما او تباينت وقد قيل إنه
يقوم عليهما بقدر حصصهما وكلاهما قول مالك وإن
كان احدهما في هذه المسأله معسرا ضمن الموسر
منهما جميع نصيب المتمسك بالرق عند مالك ولا
تباعة له على شريكه المعسر وإن أيسر يوما ما
وعند عبدالملك بن عبد العزيز لا يضمن إلا قدر
نصيبه ولو أعتق أحد الشريكين وهو معسر حصته ثم
أعتق شريكه نصف حصته لم يكمل
(2/965)
عليه عتق نصيبه
وقال ابن القاسم في عبد بين رجلين أعتق احدهما
نصيبه ثم أعتق الآخر نصف نصيبه وأراد أن يقوم
على شريكه النصف الذي بقي له فيه الرق ان ذلك
لايجوز ويعتق عليه باقي نصيبه قال فإن فات
الثاني قبل ذلك وجب أن يقوم ما بقي له فيه على
المعتق الأول وقال غيره هو عتيق في ماله إن
كان موسرا لا في مال الأول لأنه ليس له أن
يبعض حرية ما يملك فإن أعتق أحدهما نصيبه في
مرضه فإن كان له مال مأمون مثل العقار والنخل
ونحوهما ما كان عتقه كله نافذا وإن لم يكن له
مال مأمون قوم عليه نصيب صاحبه في ثلثه كما لو
أعتق بعض عبده وهوصحيح لزمه عتقه كله موسرا أو
معسرا في رأس ماله ولو كان مريضا أكمل عتقه
عليه وفي هذا قيل ليس لله شريك ومن اوصى بعتق
عبده وكانت له اموال مأمونه وقع عتقه في الثلث
عقب موت الموصي في الوقت الذي يقع ملك الورثه
فإن لم تكن أموال مأمونه لم يقع عتقه في الثلث
إلا وقت القسمة ومن أوصى بعتق بعض عبده لم
يعتق منه إلا ما أوصى بعتقه وقد قيل يكمل عتقه
في ثلثه ومن اعتق شخصا له في عبد وهو معدم
والعبد عنه غائب يوم العتق ثم أيسر بعد العتق
وقوم العبد فطلب استتمام عتقه قضى له بذلك
وقوم على المعتق بما بقي فيه من الرق وعتق عند
مالك بطلب استتمام عتقه فلا شيء له ولا تبعه
لشركاء المعتق فيه اذا كان يوم أعتق معدما
وكان العبد حاضرا هذا قول مالك واصحابه
(2/966)
باب العتق في المرض والوصية بالعتق وكيفية
القرعة
من اعتق وهو مريض ومات من مرضه ذلك فعتقه
ووصيته في ثلثه لا يتجاوز فإن صح من مرضه نفذ
عتق كل من بتل عتقه في مرضه ومن اعتق ستة أعبد
له في مرضه ومات ولا مال له غيرهم وكان قد
عممهم بالعتق في كلمه واحدة أقرع بينهم بعد أن
يجزؤا ثلاثة أجزاء فيعتق ثلثهم ويرق ثلثاهم
كما لو أوصى بهم أن يعتقوا ولا مال له غيرهم
والعمل بالقرعه فيهم أن يعدلوا بالقيمة ويجزؤا
ثلاثة أجزاء معتدلة القيم ويؤخذ ثلاثة رقاع
صغار يكتب في أحدها سهم العتق وفي الاثنين سهم
الرق وتوضع في كيس او نحو ذلك يقال لرجل أخرج
على هذا الجزء بعينه ويشار له اليه فإن أخرج
عليه سهم العتق عتق وبقي الآخران رقيقين وإن
خرج سهم الرق حكم له بالرق ثم قيل أخرج سهم
العتق على الجزء الثاني عتق وكان الثالث رقيقا
وإن أخرج سهم الرق على الثاني عتق الثالث ولو
قال ثلث عبيدي أحرار فإنه يقرع بينهم ويجمع
ذلك في بعضهم كما لو قال كلهم احرار قال مالك
لو قال أثلاثهم أحر عتق من كل واحد منهم ثلثه
وقال مغيره في كلتى المسألتين يعتق من كل واحد
منهم ثلثه سواء قال ثلثهم او ثلثاهم واتفقا
على أنه إذا أعتقهم كلهم أنه يعتق بعضهم
بالقرعه ولو أوصى بعشرة من عبيده أن يعتقوا
ولم يسمهم وعبيده خمسون عتق منهم خمسهم
بالقرعه وسواء خرج سهم الثلث على أقل من عشرة
أو أكثر وإنما يعتق منهم من أخرجه السهم ولو
مات منهم قبل القسمه
(2/967)
عشرون أعتق
ثلثهم بالسهم ومن مات منهم قبل القسم لم يمنع
باقيهم من العتق وكانت الوصيه فيمن بقي منهم
ولو مات من الخمسين أربعون وبقي عشرة وهم
العدد الذي أوصى به الميت عتقوا إن خرجوا من
الثلث ولو ماتوا إلا خمسة عشر ثلثاهم في الثلث
ولو بقي عشرون عتق نصفهم وهكذا أبدا على هذا
العمل وكذلك لو أوصى بهم لإنسان الحكم فيهم
كما ذكرنا ولو أوصى بعتق عبيد له وعليه دين
يغترفهم ولم يجز عتقه فإن كان الدين لا
يغترفهم أقرع بينهم فمن خرج سهمه بيع في الدين
حتى يخرج مقدار الدين ثم ينظر الى ما بقي
فيعتق منهم الثلث بالقرعه ولو خرجت القرعة
فيهم على من قيمته أكبر من الدين بيع منهم
بمقدار الدين ثم نظر فيما بقي بعد الدين فأقرع
عليه فإن خرجت القرعه على من بقي منهم وكان
كفاف الثلث أعتق وإن لم يكن وفاء أقرع أيضا
فيما بقي منهم فعتق منه مبلغ الثلث ورق سائره
ولو اعتق الرجل وهو صحيح عبيدا له وعليه دين
يغترف بعض قيمتهم بيع من كل واحد منهم ما يفي
جميعه بالدين على السواء وأعتق من كل بحصته
ولا قرعة فيهم ولا فيمن عدى المعتقين في
الوصايا ومن أعتق أحد عبيده في حياته ولم
يعينه بلفظه ولا ببينته عتق واحد منهم
باختياره وقد قيل إنهم يعتقون كلهم كطلاقه
لاحدى نسائه
(2/968)
باب العتق على شرط واليمين بالعتق
من اعتق أمة على أن يكون عتقها صداق لم يجز
ذلك عند مالك وأصحابه ونفذ العتق لها ومن أعتق
عبده الى أجل آت لا محالة كالشهر أو السنه لم
يعتق الا بمجيء الوقت فإن مات السيد قبل ذلك
فهو من رأس ماله حر وكذلك لو قال أنت حر بموت
فلان فمات فلان فهو حر من رأس ماله وإن كانت
أمه لم يكن له أن يطأها لانه لا يجوز وطء
المعتقه الى اجل وليست كالمدبره عند مالك
وأكثر أصحابه وللسيد أن يأخذ من مال عبده
المعتق الى اجل ما بدا له مالم يقرب الاجل ولو
كان للعبد المعتق الى اجل أمه حامل فأتت بولد
من يوم لفظه بعتقها الى أكثر من ستة أشهر فهو
ممن لم يمسه رق وإن جاءت به لاقل من ستة أشهر
من يوم أعتق أبوه فولاؤه لمعتق أبيه ولو قال
لعبده اذا قدم أبي فأنت حر كان له بيعه قبل
ذلك عند ابي القاسم ومرض فيها مالك ولو قال كل
عبد املكه من بلد كذا أو جنس كذا او في مدة
كذا او لمدة يبلغها في الاغلب لزمه ذلك فإن عم
جميع البلد لم يلزمه شيء فيمن ملك بعد ويدخل
في لفظ البلد ومعناه كل من ملكه بشراء أو هبة
او ميراث أو سائر وجوه الملك فإن قال كل عبد
ابتاعه لم يلزمه شيء إلا فيمن ابتاع او عاوض
فيما وهب للثواب ويدخل في الملك ابعاض العبيد
وأولادهم إن كانوا على ملكه ولو قال كل عبد لي
حر لزمه في عبيده وإمائه ومدبريه ومكاتبيه
وسائر من له عليه ملك في ذلك الوقت ولو أخدم
رجل عبده
(2/969)
رجلا مدة ثم
هرب بعدها فأعتقه المخدم قبل مجيء الاجل كان
حرا ولا سبيل لسيده عليه ولو أجر عبده مدة ثم
اعتقه كانت الاجارة أملك به ولم ينفذ عتقه حتى
يتمها ولا يجوز لمعتق عبده اشتراط شيء عليه
بعد عتقه من خدمته ولا خدمة غيره ولا ان يأخذ
شيئا من خراجه فإن قال أنت حر وعليك خمسون
دينارا او نحو ذلك مما يضر به عليه جاز ذلك
عند مالك وهو عنده كمن باعه نفسه بالخمسين
دينارا وخالفه ابن القاسم فقال هو حر ولا شيء
عليه من المال لأنه لايوظفه بعد الحرية بمال
واتفقا على ان من قال لعبده أنت حر ان جئتني
بكذا من المال انه لا يعتق الا ان يجيء بالمال
وهذا عندهما جميعا في معنى الكتابه وليس له
بيعة قبل أن يأتي بثمن ذكره فقال له العبد امض
البيع في ولك باقي الثمن دينا على انه يمضي
عتقه ولا شيء عليه مما أثبته عليه بائعه ومن
قال لعبده ان اضربك فأنت حر لم يكن له بيعه
وان باعه فسخ البيع فإن مات قبل ذلك مات عبدا
وان مات السيد عتق في ثلثه وإن كانت أمة لم
يطأها ومن حلف بعتق عبده إن لم يضربه كذا وكذا
سوطا فإن لم يضربه اليوم حتى الليل فأفلت منه
غلبه من غير تفريط فلا شيء عليه وإن فرط حتى
فات الوقت أو ضربه فلم يكمل العدد كان حرا وان
ادعى عليه العبد الحنث في مثل هذا اليمين لم
يقبل قوله ولم يكن على السيد بينه ولا يمين
ولو حلف بعتق عبده إن لم يفعل امرا سماه الى
اجل ذكره لم يجز له بيعه ايضا حتى يفعل ما حلف
عليه وإن كانت أمة فله وطؤها ما بينه وبين
الاجل وتوقف مالك عند الاجل فإن مات
(2/970)
قبل الاجل فلا
حنث عليه وفي فروع هذا الباب عندهم كثير من
الاضطراب ولو قال لأمته انت حره ان كنت
تبغضيني فقالت لست أبغضك امر بتملكها ولا يجبر
على ذلك ولا يقضي عليه ولو قال لعبده ان بعتك
فأنت حر فباعه عتق عليه عند مالك حين باعه ورد
ثمنه على مبتاعه ولو قال ان بعته فهو حر وقال
المبتاع ان ابتعته فهو حر فبيع منه اعتق
البائع عند مالك ولو قال لعبد غيره أنت حر من
مالي لم يلزمه شيء سواء ابتاعه بعد ام لا الا
ان يقول ان ابتعتك
(2/971)
باب من يعتق بالملك على مالكه
كل من ملك أباه او جده وان علا أو ابنه أو ابن
ابنه وإن سفل أو أمه او جدته وان علون من قبل
الاب أو الام أو اخاه شقيقه او لأبيه أو لأمه
أو أخواته عتق كل واحد من هؤلاء على مالكه
ساعة يتم ملكه عليه بأي وجه ملكه من بيع أو
هبه أو وصية أو صدقة أو ميراث ولا يعتق أحد من
القرابات سوى هؤلاء على من ملكه ويعتق من
ذكرنا من الاقارب بالملك دون الحكم ومن وهب له
سهم ممن يعتق عليه فقبله وهو موسر قوم عليه
باقية وأكمل عتقه وكذلك كل من أوصى له بسهم
منه فقبله وأما الميراث فلا شيء على من ورث
بعض من يعتق عليه من تتميم عتقه وانما يعتق
عليه من ما ورثه خاصة لأن الميراث لايحتاج الى
قبول ولا يعتق على احد أخ
(2/971)
من رضاعة ولا
غير من ذكرنا بالنسب خاصة وروى علي بن زياد عن
مالك استحباب عتق الاب والام والولد والاخت من
الرضاعه ويجوز للوصي قبول من يعتق على يتيمة
وقبول بعض من يعتق عليه ان كان معسرا وان كان
موسرا لم يجز ولو ابتاع رجلان صفقه واحده من
يعتق على احدهما ضمن لشريكه ثمنه وعتق عليه
ولو ابتاع رجل أمة حاملا من ابيه عتق عليه
الحمل لانه أخوه لم يجز له بيعها حتى تضعه الا
ان يكون عليه دين وكذلك الاب يبتاع أمة ابنه
حاملا ومن ابتاع من يعتق عليه من اقاربه وعليه
دين يحيط بماله بيع في دينه وقد قيل يفسخ
شراؤه ويرد البيع على بائعه
(2/972)
باب جامع العتق
واذا قال الرجل لعبده أنت حر او انت عتيق أو
انت محرر عتق عليه وخرج عن ملكه لاخلاف في ذلك
اذا اراد عتقه او خاطب العبد في ذلك وكل ما
نوى به المالك عتق عبده من الالفاظ كلها فهو
حر عند مالك كما نوى نحو قد وهبت لك نفسك أو
اذهب أو أغرب أو أخرج أو نحو ذلك مما يريد به
عتقه ومن اهل المدينه من يخالف في ذلك كنحو
خلافه له في الطلاق بذلك وقد قال مالك لو جعل
الى عبده عتق نفسه لم يجز الا بألفاظ المعتق
ويجوز ذلك عنده في الاجنبي اذا جعل عتق عبده
اليه ولا عتق على من زل لسانه بلفظ العتق وهو
لا يريده ومن شك هل عتق وقع عليه العتق وغير
مالك
(2/972)
فى ذلك ولو دعا
أحد عبيده فأجابه غيره فقال أنت حر لم يعتق
إلا الذي أراده وحده وفي هذا اختلاف كثير بين
اصحابه وتحصيل مذهبه ما قلت لك ولو شهد عليه
بذلك عتقا جميعا الواحد باقراره والثاني
بالشهاده وقد قيل لا يعتق عليه منهما الا الذي
أراده وقصده وهذا القول أحوط لدين المفتي
والاول هو تحصيل المذهب ولو قال كل عبد أو كل
مملوك حر وله عبيد واماء عتقوا كلهم الا ان
يحاشى بعضهم بنيته فيكون له ما نوى ولو قال
لعبده ما انت الا حر وانت اليوم حر وقال له يا
اخي ولم يرد بشيء من ذلك الحرية لم يعتق ولو
قال له انت حر اليوم وهو يريد الحرية كان حرا
ابدا ولو جعل عتق عبده الى رجلين لم يجز عتق
أحدهما دون صاحبه إلا أن يكونا رسولين فيجوز
عتق أحدهما ولو عتق أحد عبيده صدق فيمن أراده
منهم فإن لم يكن له نية أعتق أيهم شاء بخلاف
تطليقه إحدى نسائه ومن شهد عليه أنه أعتق عبده
في وقت قد مضى وقضى عليه بالشهاده كان حرا يوم
قضي بعتقه لا في الوقت الذي ذكروا وكل ما
استغل سيده منه غلة او خراجا فهي له فإن قذف
او قذف كان حكمه حكم الحر وحد قاذفه اذا كان
القذف بعد الوقت الذي ارخ الشهود بوقوع عتقه
فيه وإن كان قبل القضاء ومن اهل المدينه
وأصحاب مالك من يقضي له على سيده بالغله
والخراج ويجعله حرا من وقت تاريخ الشهود لعتقه
في كل شيء والاول قول مالك ومن مثل بعبده فقطع
انفه أو يده أو أذنه أو أصبعه أو جارحة من
جوارحه أو أخصاه أو حرق منه بالنار ما يكون
(2/973)
مثله به أعتق
في كل هذا عليه وكان له ولاؤه واختلف قول مالك
هل يعتق عليه بالفعل وهذا اذا تعمد ذلك وقصده
وأما من قصد لتأديب عبده فناله شيء من ذلك
وعلم صحته لم يعتق عليه ومن حدث بعبده جنون او
جذام أو ما أذهب منافعه لم يعتق عليه ويؤخذ
بنفقته إن لم يعتقه واذا اعتق العبد تبعه ماله
إلا ان يستثنيه سيده وكذلك اذا اوصى بعتقه وان
كان له أمة حامل منه لم يعتق ولده منها ولو
اعتقها العبد بعد عتقه لم تعتق حتى تضع حملها
ومن أعتق أمة حاملا أعتقت وما في بطنها ومن
أعتق حمل أمته عتق بعد وضعه وليس له بيع الامة
قبل وضعها قان رهقه دين في جناية أو أراد
ورثته بيعها بعد وفاته فقد اختلف قول مالك في
جواز ذلك ومنعه ولو أعتق أمة ولها صداق على
زوجها كان الصداق لها كسائر ما لها ولو كان
للعبد على سيده دين كان الدين باقيا إلا أن
يشهد عند عتقه بانتزاعه ما له ودينه ولا يجوز
في الرقاب الواجبه الا مؤمن سالم من العيوب
المفسده كالعمى والعور والصمم وكذلك الاشل
والمجنون والخصي والمجبوب والمقعد والشديد
العرج واختلف أصحاب مالك في الاصم والاعور هل
يجوز عتق واحد منهما في الرقاب الواجبه فقال
أشهب لايجوز فيها الاصم وأجازه ابن القاسم
ومالك يكرهه وقال عبدالملك لايجوز فيها الاعور
قياسا على الضحايا وأجازه سائرهم وعتق الصغير
المرضع جائز وغير جائز فيها عتق من يلزم عتقه
بالملك من القرابات ولا من فيه شعبه من الرق
ومن تطوع بعتق معيب او ذمي لزمه وجاز عتقه لا
يلزم الذمي ما كان حلف عليه من العتق اذا كان
حنث في اسلامه
(2/974)
|