الكافي في فقه أهل المدينة المالكي

بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الولاء
الولاء لحمة كلمة النسب لا يبدل ولا يباع ولا يوهب وهو موروث بطريق التعصيب وليس لمن لا يرث الا بفرض مسمى فيه حق مع العصبه والذين يرثون الولاء البنون وبنوهم الذكور والاب والجد والاخوة لاب وأم كانوا أو لأب وبنوهم وأولي الناس بميراث الولاء الابن وبنوه ثم الاب ثم الاخوة وبنوهم عند مالك لانهم بنو الاب ثم الجد ثم العم لانه اخ الاب ثم بنوه على الترتيب ولا يرث البنات ولا الاخوات شيئا من الولاء والنساء لا يرثن من الولاء الا ما اعتقن وما اعتق من اعتقن ومولى مولى المرأه كمولاها اذا لم يكن معتقه حرا أو حيا وولد مولاها بمنزلة مولاها ترثه أيضا واذا اعتقت امرأة عبدا لها فولاؤه وميراثه لابنها وبنيه الذكور دون عصبتها والعقل على عصبتها فإذا انقرض بنو المرأه وبنو بنيها لم يكن الولاء لعصبتهم ورجع الى عصبتها واذا احرز الاخ للاب والام ميراث مولاه الذي اعتقه أخوه شقيقه دون أخيه للاب ثم مات وخلف ابنا لم

(2/975)


يكن لابنه ما احرزه من الولاء وكان الولاء لأخيه لأبيه دون ابنه لأن الولاء ينتقل الى الكبير أبدا واذا مات الرجل وترك مولى قد أعتقه وترك عصبة فأقربهم بالعتق يوم يموت المعتق احقهم بالولاء ولا مدخل للجد ولا للأب في ميراث الولاء مع الابن والاخ وابن الاخ اولى من الجد بميراث الولاء عند مالك وفي الميراث يحجب الجد بني الاخوة كلهم واذا اخذ ذوو الفرض في الميراث فرائضهم ولم تكن عصبة من قبل النسب كان ما بقي للمولى المعتق والا فلبيت المال اذا كان للعبد بنون من زوجة حرة ثم اعتق جر ولاء بنيه الى مولاه فإن كان الاب عبدا وأبوه حر جر ولاء ولد ولده من المرأه الحرة يرثهم ما دام أبوهم عبدا فإن أعتق أبوهم رجع الولاء الى مواليه فإن مات الاب عبدا فالولاء والميراث للجد ولا يجر الولاء أخ ولا عم ولا أحد من القرابات سوى الاب والجد وحده وموالي ابن الملاعنه المعتقه موالي أمه ولا ولاء على ولد الملاعنه الحره وميراثه لجماعة المسلمين وهم عصبته دون عصبة أمه الا ان يعترف به ابوه ومن اعتق من الزكاة رقبة فميراثها لجماعة المسلمين وكذلك اللقيط والسائبه عند مالك ميراث كل واحد منهما لجماعة المسلمين لان السائبه تعتق عنهم فولاؤه لهم وقد خالف بعض اصحاب مالك في ذلك وما ذكرت لك هو المشهور عن مالك وتحصيل مذهبه ولا شيء للملتقط من ميراث اللقيط لأن ملتقطه غير معتق له وانما الولاء لمن اعتق فلم يبق إلا ان يكون ميراثها لجماعة المسلمين وكذلك عبد الذمي يسلم فيعتقه الذمي ولاؤه للمسلمين ولا يرجع

(2/976)


اليه أبدا أسلم بعد أو لم يسلم وهذا كله قول مالك وأصحابه ولو أعتق ذمي عبده كافرا ثم أسلم المعتق ومعتقه كافر فلا سبيل الى ولائه إلا أن يسلم فإن اسلم كان ولاؤه وميراثه وإن كان له بنون مسلمون ورثوا معتق ابيهم فإن اسلم ابوهم عاد اليه الولاء يرثه ولو كان حربي أعتق عبدا فأسلم العبد وخرج الينا ثم اسلم سيده ورثه لأن الولاء ثابت له بمنزلة ذمي اعتق ذميا ولو ان عبيدا من اهل الحرب خرجوا الينا بأمان فأسلموا ثبت ولاؤهم للمسلمين ولا ينتقل الى سادتهم ابدا وان خرجوا الينا ومن باع عبده من نفسه فولاؤه له لا لغيره ومن اعتق عبده عن غيره فالولاء للمعتق عنه عند مالك واصحابه وسواء كان بأمره او بغير أمره على عوض او غير عوض ولو أعتق المسلم عبدا نصرانيا ثم مات النصراني جعل ماله في بيت مال المسلمين فيئا ولو اعتق مسلم عبدا له مسلما ثم ارتد السيد ومات العبد كان ميراثه لورثة السيد ولو أعتق ذمي ذميا وأسلم العبد وهرب السيد إلى دار الحرب وغزا معتقه المسلم فوقع سيده في سهمانه فأعتق وأسلم أيضا كان ولاء كل منهما لصاحبه

(2/977)


بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب أم الولد
تعتق الامه اذا ولدت من سيدها عتقا موقوفا يتم بموته وله الاستمتاع بها على حسب ما كانت عليه الا البيع فإنه لا يبعيها ولا يهبها ولا يواجرها ولا يخرجها عن ملكه بوجه من الوجوه في دين ولا في غيره وعليه أن يفتكها بجنايتها أو بالأقل من قيمتها يوم الحكم وكذلك في كل جرح تجرحه ما دامت أم ولد وإن جرحت فعقل جرحها لسيدها وان قتلت فقيمتها له ايضا ولا حق لها في الوطء ان منعها وهي أمة في جميع احكامها في الشهاده والحدود والصلاة وغير ذلك الا انها يستحب لها ان تغطي رأسها في الصلاة وذلك من السنه لها ولا يحد قاذفها ولا ترث ولا ثورث فإذا مات سيدها فهي حرة من رأس ماله لاحقه باحرار المسلمين لا يلحقها دين سيدها في حياته ولا عند موته وأما انكاحه اياها بغير اذنها فيختلف فيه قوله قال واحب الي ان لا يزوجها الا بإذنها وتكون أم ولد بكل ما اسقطته مما يعلم أنه خلق آدمي من مضغة أو علقه ونحوها وقد قيل لا تكون أم ولد

(2/978)


حتى تسقط ما يتبين فيه شيء من الخلق كالعين والظفر والاصبع ونحو ذلك والاول تحصيل مذهب مالك ومن أقر بوطء أمته صارت له فراشا ولزمه ولدها الا أن يدعي استبراء بعد أقله حيضه هذه رواية أهل مصر عن مالك وروي عنه أهل المدينه ثلاثة اقراء والاول هو الصحيح ان شاء الله فإن لم يدع استبراء فهو لا حق به اذا ثبت انها ولدته لاكثر ما يحمله النساء وذلك أربع سنين قال مالك وليس الخمس بعدا فإن أدعى الاستبراء وأتت به لاكثر من ستة أشهر انتفى عنه بغير يمين وقالت طائفة من اصحابه أنه يحلف والاول هو الصحيح ان شاء الله لأن يزوجها ويبيعها بعد استبرائها بقوله ولو أقر بوطء أمته ولم يدع استبراء فأتت بولد فأنكر أن تكون ولدته فإن جاءت بأمراتين فشهدتا انها ولدته لحق به وأن لم تأت بذلك لم يلحق به واختلف في يمينه فروى عن مالك أن القول قوله في ذلك مع يمينه وروى عنه أن القول قوله أنها لم تلده ولا يمين عليه وهو الصحيح وإذا باع الرجل أمة أو مات عنها او عتقها بولد يشبه أن يكون منه فهو لازم للبائع الا أن اعتقها فأتت بولد يشبه أن يكون منه لازم للبائع إلا ان يدعي الاستبراء وأما المعتق والمتوفى فيلزمهما ذلك مالم تتزوج الامة الى اكثر ما تحمل له النساء من المدة ومن كان عليه دين يحيط بما له فوطيء أمة فحملت صارت أم ولد له ولم يكن له ولا لغيره بيعها في دينه ولو باع رجل أم ولد وشرط على مبتاعها عتقها فعتقها المبتاع كما شرط نفذ العتق ورجع بالثمن على بائعها وكان ولاؤها لبائعها ولو باعها ولم يشترط عتقها فسخ البيع ورد الثمن على المبتاع ولو أعتقها مبتاعها رد عتقه

(2/979)


وإن ماتت عند مبتاعها لم يضمن ثمنها ولا قيمتها ومن آجر أم ولده فسخت اجارته فإن لم تفسخ حتى انقضت لم يرجع المستأجر على سيدها بشيء واذا مات سيد الامة وهي حامل منه كانت حره ساعة موت سيدها قبل الولاده ترث وتورث ويحد قاذفها هذا قول مالك وقالت طائفه من اصحابه أحكامها موقوفه حتى تلد فإذا ولدت وجب لها حقوق الحريه وحد حينئذ قاذفها والميراث اذا وجب لها محبوس عليها حتى تضع وللسيد أن ينتزع مال أم ولده ما لم يكن مريضا يحجب عن القضاء في ماله بأكثر من الوصيه وليس للغرماء انزاع مال أم ولده ما لم يكن توليجا وكل ما أعطى الرجل أم ولده في صحته على غير وجه التوليج فهو مالها حليا كان أو سائر المتاع واذا مات وعرف ان المتاع لها عتقت وتبعها مالها واذا جنيت عليها جناية فلم يقبض سيدها ارشها حتى مات فأرشها لورثة سيدها وقد قيل ان ذلك يتبعها بمنزلة مالها ولو اعتق رجل ام ولده وهي حامل أنفق عليها من اجل حملها وكذلك الحر تكون تحته الامة فتعتق وهي حامل منه فانه يجب عليه نفقتها من وقت العتق لا من قبل ذلك لان الولد حينئذ له ومن كانت تحته أمة غيره فولدت منه ثم ابتاعها لم تكن بذلك أم ولد له وسواء ابتاع ولده معها أم لا ويعتق عليه ولده ساعة يملكه فإن ابتاعها حاملا فوضعت عنده صارت أم ولد بذلك الحمل هذا تحصيل مذهب مالك ومن أهل المدينه من يقول لا تكون له ام ولد حتى تحمل بعد ابتياعه لها وقد روي ايضا عن مالك والاول تحصيل مذهبه وكل أم ولد لا يستطيع سيدها وطئها

(2/980)


فانها تعتق عليه عند مالك وأكثر اصحابه فمن ذلك الرجل يبتاع اخته من الرضاعه فيطأها وهو لا يعلم فتحمل فتكون أم ولد ثم يعلم بذلك فتعتق عليه لوقتها وكذلك أم ولد النصراني تسلم وأم ولد المسلم يرتد عنها قال ابن القاسم فإن أسلم الذمي بعد اسلام أم ولده وقبل ان يحكم الحاكم بعتقها فهي أم ولده لانه أمر مختلف فيه واذا توفي سيد أم الولد أو اعتقها فلا عدة عليها وعليها الاستبراء بحيضه فإن لم تكن من اهل الحيض فثلاثة اشهر وقد قيل عدتها حيضه لا احداد فيها واذا كانت حاملا فوضع حملها وان كانت مرتابه أو مستحاضه فتسعة أشهر وعدتها من طلاق زوجها حيضتان وعدتها من وفاة زوجها شهران وخمس ليال واولاد أم الولد من زوجها ومن حرام يعتقون بعتقها وهم بمنزلتها تبع لها فإن ماتت دونهم قبل وفاة سيدها وقفوا حتى يموت السيد فيعتقون لموته وله ان يواجرهم بخلاف أمهم وغير مالك يجيز إجارة أم الولد فيما تحسنه وتطيقه من الاعمال كما يؤاجر بينها من زوجها ولا يبيع المكاتب أم ولده وكذلك المدبره اذا ولدت منه في تدبيره وقد قيل لا تكون بذلك أم ولده اذا اعتق والاول تحصيل المذهب

(2/981)