الكافي
في فقه أهل المدينة المالكي بسم الله
الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وآله
كتاب المدبر
باب المدبر
المدبر: هو العبد يقول سيده أنت حر عن دبر مني
أو انت حر بعد موتي أو أنت عتيق بعد موتي يريد
بذلك كله التدبير وليس لمن دبر عبده أن يبيعه
ولا يهبه ولا يرجع في تدبيره سواء كان عليه
دين أو لم يكن اذا كان الدين بعد التدبير فإن
كان الدين على سيد المدبر قبل التدبير ولم يكن
له مال غيره بطل تدبيره وكان الغرماء أحق به
هذا حكمه في حياة سيده وأما بعد موته فحكمه أن
يعتق في ثلثه فإن لم يكن له ما لغيره عتق ثلثه
ورق ثلثاه فإن مات السيد وعليه دين كان غرماؤه
أحق به على كل حال وسواء كان دينهم قبل تدبيره
له
(2/982)
أو بعده فإن لم
يغترق الدين جميعه بيع منه بمقدار حقوق
الغرماء وعتق ما بقي ان حمله الثلث وإن لم
يحمله الثلث عتق ما حمله الثلث لأن عتق المدبر
في الثلث دون رأس المال ومن دبر ثلث عبده أو
بعضه لزمه كله وكذلك المرأه ذات الزوج وجائز
أن يشتري المدبر نفسه من سيده فيعتق وأن يأخذ
سيده من غيره مالا على أن يعتقه وإذا دبر
الرجلان عبدا بينهما فقد اختلف فيه فأجيز وكره
والحكم عندنا ان ذلك نافذ إذا وقع ومن أوصى
بعبده ان يعتق بعد موته أو قال أنت حر بعد
موتى يريد بذلك الوصيه فهي وصية كسائر الوصايا
يرجع فيها متى شاء وان قال له انت حر بعد موتي
ولم يرد بذلك التدبير ولا الوصية ولم تكن له
في قوله ذلك نية ففيها قولان أحدهما أنه مدبر
حتى يتبين أنه وصية والآخر أنه وصية حتى يتبين
أنه أراد به التدبير وبه أقول والمدبر عبد في
أحكامه كلها ولسيده أن يأخذ ماله مالم يمرض
مرضا مخوفا وله أن يؤجره وينتزع ماله والمدبرة
لسيدها وله وطؤها ان شاء وله يجبرها على
النكاح وينتزع مالها وولدها من زوجها دون
سيدها بمنزلتها يعتقون بعتقها ويرقون برقها
وسواء كانت بالولد حاملا وقت التدبير او حملت
بعد التدبير وذلك إذا به لستة اشهر فصاعدا من
يوم التدبير وان ماتت قبل سيدها عتق ولدها
بموت السيد في الثلث وكذلك ولد المدبر من امته
دون زوجته على مثل حاله يعتقون بعتقه ويرقون
برقه فإن هلك سيده ولم يكن في ثلثه ما يسع
عتقه وولده عتق من كل انسان منهم بقدر ما يعتق
من صاحبه واذا
(2/983)
عتق المدبر
تبعته ام ولده وتكون أم ولد له وإن باع السيد
مدبره جاهلا بحكمه فبيعه مردود ويرد سيده
الثمن الذي قبضه فيه ويرجع اليه مدبرا فإن
اصابه عند المبتاع عيب كان عليه ارش جناية ذلك
العيب ولو اعتقه المبتاع ففيها عن مالك
روايتان احداهما ان عتقه نافذ غير مردود وهو
الاشهر عنه والاخرى أن عتقه باطل مردود فإن
مات عند مبتاعه نظر الى قيمته يوم بيع على
الرجاء والخوف فحكم بتلك القيمه على البائع
يبتاع بها رقبة ويدبرها وقد قيل انه ان مات
عند مبتاعه فقد فات رده ويستحب للبائع ان يجعل
الفضل من ثمنه عن قيمته في مدبر مثله وصل وانه
يفسخ بيعه ويرد الثمن على مبتاعه وقيل ان موته
كعتقه لا يضمن مبتاعه قيمته اعتبارا بأم الولد
وان هلك سيد المدبر ولا مال له غيره وفي يده
مال عتق منه ثلثه واقر ماله في يده ولم يكن
للورثه انتزاعه ولو دبر أحد الشريكين في عبد
حصته منه فإن شاء شريكه يسلمه لمدبره ويأخذ
منه نصف ثمنه كان ذلك له ويكون مدبرا كله فإن
أبى اجبرا جميعا على ان يتقاوماه فإن صار للذي
دبر نصيبه منه كان مدبرا كله وان صار الى
شريكه بطل تدبيره وقد قيل يكون نصفه مدبرا
والأول قول مالك ولو دبره احد الشريكين ثم
اعتقه الاخر بتلا قوم عليه وعتق كله وقد قيل
لا يقوم عليه لانه بيع الولاء وكلاهما قول
مالك واذا قتل المدبر فقيمته لسيده وان مات
ورثه بالرق وان جرح فارش جراحه لسيده ويقوم
عبدا لأنه لا يدري الى ما تصير اليه حاله ولو
جرح المدبر او جنى جناية كانت
(2/984)
جناية في رقبته
ان شاء سيده ان يسلمه بها وان شاء ان يفكه
بارشها فإن اسلمه خدم المجني عليه في ارش
الجناية وقاصه بذلك في دية الجرح إن استوفى
ارش الجناية ذلك والسيد حي رجع اليه وكان
مدبرا على حالة وان هلك السيد وترك مالا عتق
فى ثلثه وأتبعه المجروح ببقية دية الجرح في
ذمته وقد قيل لاشيء عليه في ارش جناية وان لم
يترك سيده مالا غيره عتق ثلثه ورق ثلثاه وكان
عليه ثلث ما بقي من أرش الجناية دينا في ذمته
وكان الثلثان في رقبته وكان الورثة بالخيار في
اسلام ذلك اوافتكاكه بثلثي ارش جنايته وقد قيل
ان لم يترك سيده مالا رد عبدا وبيع في الجرح
وان كان على سيده دين بديء بالجرح قضل الدين
فإن فضل منه شيء عتق ثلثه وان جرح اثنين تحاصا
في خدمته وقد قيل انه يخير المجروح الاول في
افتكاكه او اسلامه فإن افتكه اختص بخدمته وان
اسلمه بطل حقه من خدمته وان جنى المدبر على
سيده بطلت خدمته بالتدبير واختدمه بالجناية
وقاصة من اجرته بأرشها هذا قول ابن القاسم
وقال غيره لا يضمن لسيده ارش جنايته واذا اسلم
مدبر النصراني اخذ بالنفقه عليه ودفع اليه
خراجه ولا يباع حتى يموت فيعتق في ثلثه ومن
دبر غلاما ثم قتله او جرحه لم يضمن له شيئا من
أرش ولا دية لانه عبد وان قتل المدبر سيده بطل
تدبيره فإن قتله خطأ لم يبطل تدبيره وإذا قاطع
السيد مدبره على مال جعله عليه وجعل له العتق
(2/985)
ثم مات السيد
قبل ان يقبضه لم يسقط ذلك عنه وان كاتبه فمات
قبل اداء كتابته عتق وسقطت الكتابه عنه وإذا
دبر الذمي عبدا له ثم اسلم العبد حيل بينه
وبين السيد وأوجر عليه ثم اسلمت إجارته اليه
فإن مات عتق من ثلثه وفيها قول آخر وهو ان
يباع عليه ويدفع الثمن اليه اعتبارا بأم الولد
إذا أسلمت قبله قاله أحمد بن المعدل واسماعيل
ولو كاتب السيد مدبره كان ذلك له فإن مات
السيد قبل اداء الكتابه وكان عليه ثلثاها وكان
مكاتبا ثلثاه فإن ادى عتق وان عجز رق ثلثاه
للورثة وإن كان قد أدى نجومه الا نجما واحدا
عتق منه ثلثه وسقط ثلث ذلك النجم
(2/986)
|