النوادر
والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام
على سيد المرسلين وآله وصحبه
الجزء الرابع
من كتاب النكاح
فى نكاح السر
ومن نكح ولم يشهد
من الواضحة، قال: وقول عمر فى نكاح السر: لو تقدمت فيه لرجمت تشديداً فى
الزجر عنه.
وفى كتاب ابن المواز، قال مالك فى نكاح عقد بشهادة امراتين ودخل بها، قال
ابن حبيب: وفى نكاح السر العقوبة على الزوجين والولى والبينة، ويلحق به
الولد، ولها المسمى إن مسها ويفسخ بطلقة، إلا أن تطاول زمانه فى يفسخ. هذا
قول مالك وأصحابه.
وكل نكاح استكتمته الشهود وإن كثروا أو عقد على وجه الاستسرار، فهو من نكاح
السر. وإذا سألوا الشهود أن يكتموا ذلك من امرأة له أخرى، أو يكتموا ذلك فى
منزل التى نكح، ويظهروه فى غيره، أو يظهروه فى المنزل ويكتموه فى غيره، أو
يكنموه بثلاثة أيام أو نحوها، فذلك كله من نكاح السر الذى يفسد أبداً ما لم
يطل. وكذلك اخبرنا عن مالك من سمعه.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: ومن نكح بشهود واستكتمهم، فهو من نكاح السر
ويفسخ بطلقة إن بنى، فلها المسمى، وتعاقب البينة إن لم يعذروا
[4/ 565]
(4/565)
بجهل. قال في سماع أشهب: يفسخ بطلقة، فإن
شاء نكاحها وقد بنى فبعد الاستبراء.
ومن العتبية وكتاب ابن المواز وأشهب عن مالك فيمن نكح في مؤخر المسجد، ثم
قام فلقيه رجل فقال له: كأنكم كنتم على إملاك. قال: لا. قال: أكره كتمان
ذلك، وأحب إلى أن يشاد ولا أرى عليه فى هذا القول شيئاً.
قال أصبغ: وسألت أسهب عما عقد فلما فرغ استكتم البينة. فإن لم يكن ذلك بينة
ولا عليه نكح بضميره، فلا بأس. قلت: فغن نكح على ذلك فى ضميره؟ قال:
فليفارق.
قال أصبغ: لا أرى أن يفسد النكاح إن لم يكن إلا ضميره فى نفسه، لأنه لا بأس
أن يتزوج ونيته أن يفارق، ولكن إن كان مع ضميره مواطأه بينه وبين المرأة أو
الأولياء أو حداه ما حدا الاستسرار فهو فاسد، وليفارق.
ومن كتاب ابن المواز قال أشهب عن مالك: ومن تزوج ولم يشهد، فإنتقارا بعد
ذلك أشهدا ولا يفسخ النكاح، وغن بنى ولم يسهد فرق بينمها بطلقة، ويخطبها إن
شاء بعد الاستبراء بثلاث حيض.
ومن زوج غلامه أمة رجل، لم ينفع حضور السيدين حتى يشهدا غيرهما. ومن نكح
بلا بينة، ولم يرد سراً لم يضره إلا أن يبنى قبل أن يشهد. ومن الواضحة قال
مالك: ومن نكح ولم يشهد، لم يضره ولكن لا يبنى حتى يشهد، فإن بنى قبل أن
يشهد فاشياً، لم يحدا، عالمين كانا أو جاهلين، وإن لم يكن فاشياً حدا،
عالمين كانا أو جاهلين. قال: والشاهد الواحد لهما بالنكاح
[4/ 566]
(4/566)
أو معرفة أبنائهما باسم النكاح وذكره
وإشهاده، فهو كالأمر الفاشى من نكاحهما. قاله ابن الماجشون وأصبغ.
وقال ابن القاسم: إذا لم يعذرا بالجهالة حدا، وإن كان أمرهما فاشياً، ولم
أجد من يقول ذلك.
قال ابن الماجشون: ومن زوج عبده أمته ولم يشهد، فإن وقعت الإشادة بذلك
والتهنئة وشبهه بالنكاح فذلك جائز، والحر والعبد فى ذلك سواء.
قال مطرف وابن الماجشون فى نفر شهدوا على نكاح وقالوا: حضرناه ضيفاناً ولم
يكن غيرنا. فالنكاح جائز إن كان القوم مرتضين، ولو عثروا عليهم وهم صبيان،
لم يجز وكان فيه الحد.
ما ينبغى من إظهار النكاح
وما يستجاب فيه من اللعب بدف ونحوه
وذكر الوليمة، وإجابة الدعوة
من كتاب ابن المواز وابن حبيب: روى أن النبى عليه السلام قال) أظهروا
النكاح وأضربوا عليه بالغربال)، يعنى بالدف المدور. وقال غيره: وهو مفشى من
جهة واحدة. قال ابن حبيب: وكان عمر بن عبد العزيز يستحب ذلك.
قال ابن المواز قال مالك: لا بأس بالكبر والدف. وقال أصبغ: يعنى فى العرس
خاصةً، لإظهار النكاح، ولا يعجبنى المزهر، وهو المربع، فإن لم يكن معه غيره
فهو أحب إلى، فإن كان معه الكبر فلا يكن معهما غيرهما، ولا ينبغى ذلك
[4/ 567]
(4/567)
فى غير العرس، ولا يجوز الغناء فى العرس
ولا فى غيره، إلا مثل ما كان يقول نساء الأنصار.
زاد أصبغ فى العتبية: أو رجز خفيف لا بكبر ولا طبل، مثل ما كان جوارى
الأنصار، ولا يعجبنى الصفق بالأيدى، وهو أخف من غيره. ولا بأس فى الإملاك
بمثل ذلك فى العرس. قال ابن المواز: وكبت عمر بن عبد العزيز بقطع اللهو إلا
بالدف وحده فى العرس وحده.
ومن الواضحة قال ابن حبيب: وقد أرخص فى العرس إظهار الكبر والمزهر، وينهى
عن اللهو بذلك فى غير العرس وإشهاره.
قال: وكان النبى عليه السلام يستحب الإطعام على النكاح عند عقده وعند
البناء ولم يدع الوليمة على أحد من نسائه، قل أو كثر. قال أنس: ولم يولم
مثلما أولم على أم سلمة، وكان ذلك الخبز واللحم، وأولم على صفية بالصهبا
بالسويق والتمر، وقد ابيح أكثر من يوم. وروى: أن اليوم الثانى أفضل،
والثالث سمعة. وأجاب الحسن رجلاً دعاه فى اليوم الأول، ثم فى الثانى، ثم فى
الثالث فلم يجبه. وفعل ابن المسيب مثله.
قال ابن حبيب: وهذا يكره إن تكرر استذانه أياماً. فأما إن دعا فى الثالث من
لم يكن دعاه أو دعاه مرة فذلك سائغ. وقد أولم ابن سيرين ثمانية
[4/ 568]
(4/568)
أيام، ودعا فى بغضها أبى ابن كعب، فمن وسع
الله عليه فليولم من يوم ابتنائه إلى مثله.
وروى أن النبى عليه السلام، قال) إذا دعا أحدكم إلى الوليمة فليجب، فإن شاء
طعم وإن شاء ترك) وقد أجاب على فدعا ولم يأكل. وفعله ابن عمر، ومد يده
وقال: كلوا باسم الله. فلما مد القوم أيديهم كف وقال: إنى صائم. وقال: إنما
يجاب فى الوليمة من لا يخرج عن السنة فيها. قال سفيان: وإنما تجيب من لا
يفسد عليك دينك. وروى ابن مسعود قال: نهينا أن نجيب من يرائى من طعامه ومن
يتخذ بيته مسجد الكعبة، أى من يدعو الأغنياء ويترك الفقراء، وبذلك ذم أبو
هريرة طعام الوليمة. ودعا ابن عمر فى وليمته الأغنياء والفقراء فأتوا مع
الأغنياء، فقال ابن عمر: ها هنا لا تفسدوا عليهم ثيابهم، وإنا نطعمكم مما
يأكلون.
وقد رجع ابن مسعود حين سمع لهوا. ورجع أبو ذر من ضرب. وأبو وائل مثله. وقال
مالك والأوزاعى: قال الحسن فى وليمة فيها برابط، لا دعوى لهم ولا نعمة عين.
وقد روى أن النبى عليه السلام، قال: لا عليكم أن تأتوا العرس ولا محرحه
غرما.
[4/ 569]
(4/569)
ودعى الحسن وابن سيرين إلى عرس، وفى البيت
ريحان وطيب، فجلس ابن سيرين فى أدنى البيت، فقيل ها هنا أبا بكر. فأبى،
وقيل ذلك للحسن، فأتى حيث قيل له، حتى جلس فى ججلة فيها فراش ديباج، فأخبره
ابنه أنه فراش ديباج، فانسل حتى نزل عن الفراش، وجاء الطعام فلما أكل ابن
سيرين الثريد مسح يده وقام، وجلس الحسن إلى آخر الطعام، وجىء بخبيص فى جام
من فضة، فكف الناس عنه، فأخذ رغيفاً رقيقاً فنفض مما عليه وجعله وسط
المائدة، فأكفأ عليه إناء الخبيص فأكل وأكلوا، ثم جىء بالغسل، فغسل، ثم جىء
بمجمر بيد جارية فاجمرته، وادخلت يدها تحت ثيابه، فلم يمنعها، ودهنت لحيته
بيدها بغالية، فلم ينهها، ثم قام، فقيل له: إن الرجل يحب أن يأتى إليه
فيدعو له بالبركة. فخرج مع أصحابه حتى دخل عليه فدعا له بالبركة، ثم انصرف.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك فيما جاء من إتيان الدعوة: ذلك فى العرس
وحده، ورأى أن يجيب وإن لم يأكل وكان صائماً. قال أصبغ: وكان الصحابة
يجيئون صياماً وغير صيام، وليس بالمؤكد، وإنه لخفيف، وإن كنت أحب أن يجيب
من دعى إلا من عذر ونحوه.
هذا كله فى العتبية. ومنها من سماع ابن القاسم قال: وليات الوليمة. قيل:
فإن كان فيها زحام؟ قال: فهو فى سعة. قال عنه أشهب قيل: أفيجيب النصرانى فى
صنيعه فى ختان ابنه؟ قال: إن شاء فعل، وإن شاء ترك. قال: وليجيب إلى
الوليمة إلا أن تكون له علة من مرض أو غيره. قيل: فمن وخر ذلك إلى السابع؟
قال: فليجيب وليس مثل الوليمة، وربما عمل الوليمة والسابع. قال
[4/ 570]
(4/570)
عيسى قال عنه ابن القاسم: فإن كان فيها
اللعب؟ قال أما الخفيف مثل الدف والكبر يلعب به النساء فلا بأس به. قال
أصبغ: وأحب إلى أن يرجع.
قال ابن وهب عن مالك: لا أحب لذى الهيئة أن يحضر اللعب. قيل: فالكبر
والمزمار وغيره من اللهو، وينالك سماعه وتجد لذته وأنت فى طريق أو فى مجلس؟
قال: فليقم من ذلك المجلس، وقد رجع ابن مسعود من لهو سمعه فى وليمة وقال
قال النبى عليه السلام: ومن كثر سواد قوم فهو منهم.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: وأستحب الإطعام فى الوليمة، وكثرة الشهود فى
النكاح، ليفشو ويثبت معرفته. قال ربيعة: والوليمة فيه لإثباته وشهرته وقد
تهلك البينة.
قال مالك: والوليمة التى تؤتى وليمة النكاح، وما سمعت أنه يجب أن يؤتى
غيرها من الأصنعة، وأرى إن لم يولم بعد البناء أن يجاب الدعوة له إلا من
عذر.
قال محمد: وإنما جاءت العزيمة فى الوليمة النكاح. قال مالك: وإن رأى أحداً
من المغنين، فليخرج، إلا الكبر والدف، وإن لم يأكل فليبارك ولينصرف.
قال فى العتبية: وإنى لأفعله. قال: ولا بأس أن يأتى وليمةً فيها سرف فى
طعامها، وإذا كان العرس زحام فأرجو أن يكون فى سعة إن تخلف، ولا بأس أن
يقول للرجل ادع من لقيت. ولا بأس على من دعى لهذه الدعوة أن لا يأتى، لأنه
لم يتعمده ولا يعرفه.
[4/ 571]
(4/571)
قال مالك: وأكره لأهل الفضل الإجابة إلى
الطعام يدعون إليه يريد فى غير العرس ومن جاء للوليمة فوجد رجلاً يلعب، بأن
يجعل على جبهته صارى، أو يلعب على حبل فليخرج، ولا يأتى إذا ادعى، وأكره
لأهل المسجد الإجابة إلى الطعام يفطرون عليه فى المسجد فى رمضان، وأن
يجيبوا إلى كل من دعاهم.
ومن العتبية روى أشهب، عن مالك قيل له: أترى أن يولم بعد البناء؟ قال: لا
بأس بذلك.
فى نفقة العرس والهدية عند الخلوة
من كتاب ابن المواز قال مالك: لا أرى هدية العرس واجبة، ولا أرى ما يحملها
عند اختلائه يلزمه. قال فى هدية العرس: إلا أن يعلم أنه من شأنهم وما جروا
عليه فليلزمه، إلا أن يتقدم فيه السلطان. قال ابن القاسم: وقال قبل ذلك: لا
يلزمه إلا بشرط وهو أحب إلى.
قال ابن القاسم فى كتاب العدة: أرأيت لو مات أحدهما، أكان يكون لها فيه حق؟
فهذا يدل أنه لا يقضى به، كان مما جروا عليه أم لا. قال أصبغ: أحب إلى إذا
كان قد جروا عليه أن يقضى به إلا أن يبرئوا منه الزوج. وقال ابن حبيب: يقضى
بهدية العرس فى قول مالك وأصحابه، ولا يقضى بهدية الإملاك، فإن طلق قبل
البناء فلا يرجع بهدية الإملاك، وإن لم تفت، ويرجع بهدية العرس إلا أن تفوت
فلا شىء له.
فيمن نكح فى العدة، أو وطىء فيها بالملك
من كتاب ابن المواز: ومن نكح امرأته فى عدتها. فعليهما العقوبة إذا تعمدا،
ولا تحرم عليه إلا بالمسيس.
[4/ 572]
(4/572)
قال ابن القاسم: وتحرم بالقبلة والجلسة
والمباشرة. ابن حبيب: أو مس شعرها للذة. محمد: قال أصبغ: وقد قال لى مرة:
أحب إلى أن لا ينكحها من غير قضاء، لأنه فى الوطء نفسه اختلاف، فكيف فيما
دونه؟ وكذلك روى عنه عيسى فى العتبية.
محمد: وقال أصبغ: وهو كالوطء نفسه، ويفسخ بالقضاء. وقد رجع ابن القاسم إلى
هذا. وإذا نكح فى العدة وأرخيت الستور ثم تقاررا على أنه لم يمس فلا تحل له
أبداً. قاله ابن القاسم وأشهب، قالا: ويقضى بذلك عليه، وعليها بالعدة.
وقاله أصبغ. وكذلك فى الواضحة.
محمد: قال ابن القاسم: ومن واعد فى العدة ونكح بعدها فإنه يفسخ وإن بنى.
وقال أيضاً: يؤمر بالفراق بغير طلاق، وتكون طلقةً. قال أشهب وابن وهب عن
مالك: إنه يفسخ أبداً. وقاله ابن عبد الحكم. وقال ابن القاسم ثم لا ينكحها
أبداً يريد أن بنى وذكر عن مالك أنه قال: ذلك أحب إلى. وروى عنه أن له أن
يتزوجها بعد الاستبراء. هذه رواية أشهب فى العتبية. قال محمد وقال أشهب: لا
تحل له أبداً. قال أصبغ: تطلق عليه بالحكم، وإن بنى لم تحل له أبداً بحكم.
قال محمد: لا يعجبنى.
قال أصبغ وأشهب: ومن واعد أم ولد فى حيضتها من وفاة السيد، فلما انقضت
تزوجته، قال مالك: أكره ذلك، فإن فات جاز. قال ابن عبد الحكم: أما بالبناء
فلا شك، وأما بالعقد فأحب إلينا الفراق بغير قضاء. وقال أصبغ: يفرق بينهما
ولا يترك بحال. وقال أشهب: لا يفرق بينهما ولم يره شيئاً.
ونهى مالك أن تواعد فى الحيضة فى موت سيدها أو عتقه. قال أشهب: ولو نكحت
فيها لفرق بينهما، وله أن ينكحها بعد ذلك بعد الاستبراء بثلاث
[4/ 573]
(4/573)
حيض. وقال عبد الملك وأصبغ: لا يفسخ ذلك
وليفرق بينهما ولا ينكحها أبداً إن مسها، رق كذا قبل أن تحيض. قال أصبغ:
وليس كتحريم عدة النكاح.
قال مالك: أكره مواعدة الولى فى الحرة، والسيد فى الأمة. وقاله عطاء: قال
محمد: وأما الأب فى البكر والسيد فى الأمة فبمواعدة الحر وأما ولى لا يزوج
إلا بإذنها فيكره، فإن وقع لم يفسخ. قال: ومن قول المعروف الذى أبيح فى
العدة: إنى فيك لراغب. وإنك على لكريمة. وقال بعضهم: وأرجو أن أتزوجك، وإنى
بك لمعجب، فإن يقدر أمر يكن. ولا بأس أن يهدى إليها، وكله مذهب مالك
وأصحابه.
قال ابن حبيب: ولا أحب أن يباح هذا بالفتيا، إلا لذوى النهى، ومن تحجزه
التقوى، لئلا يكون ذريعة إلى ما يتقى.
قال محمد قال مالك: ما لم يسم صداقاً، ولم يواعد، إلا أنه بين لها أنه
يخطبها، أما إن تواعده وتعطيه عهدا فلا يحل.
قال: والوطء بالملك أو بالنكاح فى عدة نكاح صحيح أو فاسد يحرم. وقد ذكرنا
الوطء بالنكاح فى استبراء الملك فى كتاب أم الولد.
ولا يحرم وطء ملك فى استبراء ملك وأما المعتقة تنكح فى حيضة الاستبراء من
وطء السيد ويبنى بها، ثم يعلم فيفارقها، فأجمع ابن القاسم وأشهب أنها لا
يحرم عليه نكاحها بعد ثلاث حيض، ثم إن نكحت أحداً فى هذه الثلاث حيض حرمت
عليه إن وطئها فيها.
محمد: وكذلك فى استبراء ما فسخ من نكاح فاسد. وقاله أشهب وعبد الملك وأصبغ.
قال ابن القاسم: لا الذى فسخ نكاحه ولا غيره، أو كانت أمة
[4/ 574]
(4/574)
فبيعت ووطئت فى ذلك، فتحرم على سيدها. وأما
التى زنت فتوطأ بنكاح قبل الاستبراء أو وضع حمل. قال ابن القاسم: لا تحرم
بذلك عليه بعد اليوم، ثم رجع فقال: أما فى الحمل فتحرم عليه ولا تحرم فى
غيره. وأظن أنها رواية ابن وهب عن مالك فى الحمل. وقال ابن عبد الحكم مثله
عن مالك. قال أصبغ: أكرهه فى الحمل. والقياس أنه وغيره سواء، فلا أحب أن
يتزوجها ذلك كله، ولا أقضى عليه به، وينبغى إذا حرم بالنكاح أن يكون
بالسفاح أحرم.
قال ابن القاسم: ومن له أمة، وهى حامل من غيره بنكاح، أو زنى، فلا يتلذذ
منها قبلة، أو غمزة، أو غيرها، ولا أحب أن يمس لها يداً ولا رجلاً أن
تناوله الشىء، ولا يعتق عليه ما فى بطنها.
محمد: لا ينبغى أن يطأها فى ذلك الماء. قال أشهب: والحامل من زوجها حملاً
بيناً منه يوم غصبت أحب إلينا أن يتوقف عنها إيجاب. وكذلك قال أصبغ: وإن لم
تكن بينة الحمل فلا يطأ إلا بعد ثلاث حيض.
ومن كتاب محمد: ومن تزوج أمةً بغير إذن سيدها فوطئها ثم اشتراها وهى تحته
فلا يطؤها حتى يستبرئها، ولو أعتقها سيدها قبل فسخ نكاحه فلا يتزوجها هو
ولا غيره إلا بعد استبراء، قال محمد: بحيضتين.
قال مالك: وإذا مات زوج الأمة قبل البناء وهى صغيرة، فلا تحل للسيد إلا بعد
شهرين وخمس ليال، وإن كان الزوج وطئها فبعد ثلاثة أشهر، أو شهرين وخمس ليال
مع حيضتين للتى تحيض.
قال مالك: وإذا انقضت عدة المطلقة بالحيض فتزوجت ودخلت، ثم ظهر بها حمل فى
مدة قريبة فلا تحل له أبداً، وكذلك لو اعتدت بالسنة. قال: ولو ارتجعها
الأول بعد السنة، فظن أنه جائز، ولم يعلم بتزويجها، كان غائباً، ثم وضعت
لأقل من ستة أشهر من نكاح الثانى، كانت رجعة فسخ نكاح الثانى، ولم
[4/ 575]
(4/575)
تحل له أبداً لما تزوجها قبل رجعة الأول،
وهى فى عدة منه بالحمل. ولو ارتجعها الأول قبل نكاح الثانى، كان الثانى غير
واطىء فى عدة، لكن تزوج ذات زوج.
ومن ارتجع فى عدة من طلاق ثم طلقها طلقةً بائنةً فى عدتها، فلم تعرف برجعته
ولا بطلاقه الثانى حتى تمت عدة الطلاق الأول وتزوجت، ودخلت قبل تمام عدة
الطلاق الثانى، فلا تحل لهذا الآخر أبداً، ولو كان الطلاق الأول بخلع ثم
نكحها فى العدة، ثم طلق قبل أن يمس فتزوجت بعد تمام عدتها من الطلاق الأول،
فذلك جائز، لأنها ليس عليها ائتناف عدة، ولا لطلاقها الثانى عدة، لأنه نكاح
جديد، وطلق فيه قبل أن يمس، وأما الطلاق الذى فيه الرجعة فالرجعة تهدم
عدته، ثم إن طلق كان عليها ائتناف عدة، فلذلك افترقا.
ومن طلق زوجته واحدة فارتجع وهى لا تعلم، فانقضت عدتها ونكحت، فشهد رجلان
أنهما أعلماها برجعته قبل نكاح الثانى، فقالت هى أو قال زوجها الثانى: قد
صدقا ولم يكونا عندنا ممن يعدل. فليفسخ نكاحهما ويدرأ عنهما الحد بهذه
الشبهة حين لم يكونا عندهما بعدلين، ولو شهد عدلان أنها أقرت قبل تزويجها
أن الرجعة قد بلغتها لحدت.
قال عبد الملك: وإذا أسلمت النصرانية تحت النصرانى أو المشركة فتزوجت فى
تلك العدة ودخل بها إنه ناكح فى عدة لا تحل له أبداً، لأنها عدة تحل بها
للأزواج. وكذلك لو أسلم زوجها فى تلك العدة. وكذلك من نكح من لزوجها عليها
الرجعة.
ومن العتبية روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم فى الرجل يتزوج المرأة من
مجوسية أو نصرانية، وفى الزوجين الكافرين إذا أسلما، وكان قد نكحها فى عدة
فلا يفرق بينهما.
[4/ 576]
(4/576)
قال سحنون: أخبرنى ابن نافع عن عبد العزيز
ابن أبى سلمة أنه كان يقول فيمن تزوج فى العدة ودخل فيها ثم فرق بينهما أنه
يجوز له أن يتزوجها بعد ذلك إذا انقضت عدتها.
ومن كتاب ابن حبيب: قال ابن الماجشون فى مسلم تزوج نصرانية فى عدتها من
نصرانى: إنه ناكح فى عدة، قيل لمالك فيمن تزوج نكاحاً فاسداً وبنى ففسخ
ذلك، أيتزوجها هو فى عدتها منه؟ قال: إن كان نكاح ليس إلى أحد إجازته فلا
يتزوجها فى استبرائها منه، وإن كان للولى أو للسلطان إجازته فله أن يتزوجها
فى عدتها منه قبل تمامها.
ومن طلق زوجته ثلاثاً ثم تزوجها فى عدتها منه، قال ابن نافع: لا تحل له
أبداً. وقال ابن القاسم: هو بخلاف الأجنبى، لأن العدة منه، وعلى هذا جماعة
أصحاب مالك.
قال: ومن زنى بامرأة ثم تزوجها قبل الاستبراء فالنكاح يفسخ أبداً، وليس فيه
طلاق ولا ميراث ولا عدة وفاة، والولد بعد عقد النكاح فيما حملت به بعد
حيضة، أو أتت به لستة أشهر من برم نكحها. وما كان قبل حيضة فهو من الزنى لا
يلحق به. وقاله كله أصبغ.
ومن زنت زوجته أو غصبت ثم وطئها قبل الاستبراء فلا تحرم بذلك عليه، ولك أكن
أحب له ذلك، ولكن لو حملت من الغصب فليكف عنها حتى تضع، فإن وطئها لم تحرم
عليه، ثم إن طلقها زوجها وهى حامل فلابد لها من ثلاث حيض بعد وضع هذا
الحمل، ولو لم تحمل من الغصب أجزأتها منهما ثلاث حيض. وكذلك الجواب فى
المنعى لها.
ومن أسلم عن امرأة نكحها فى عدة، فإن أسلم قبل تمام العدة فسخت نكاحه بغير
طلاق، دخل أو لم يدخل، وله أن يتزوجها بعد الاستبراء، إلا أن
[4/ 577]
(4/577)
يطأها بعد إسلامه وقد بقى من عدتها شىء.
ولو أسلم بعد العدة لم أعرض له. قال: والعدة فى ذلك ثلاث حيض من وفاة أو من
طلاق.
ومن نكح فى العدة، فلم يبن حتى نكح أمها، فنكاح الأم ثابت، والأول ليس
بنكاح فى الابنة، وتحل لآبائه وأبنائه.
وروى أشهب، عن مالك فيمن خالع امرأته على أنها إن طلبت ما أعطته عادت زوجة
فطلبته فردها فوطئها، فرآه واطئاً فى عدة، ولها بمسيسه ما كان أخذ منها،
وأبى هذا غير واحد من أصحاب مالك وقالوا: لا تحرم عليه. وهو بخلاف غيره.
وبهذا أقول.
قال ابن القاسم: والتى تنكح وقد نسيت فى الحج شوطاً من الطواف الواجب وقد
بنى بها فإنه يفسخ، ولها المسمى، ولترجع حراماً حتى تتم ثم تعتمر وتهدى،
وعليها ثلاث حيض، فإن نكحها فيها زوجها الأول فهو واطىء فى عدة, وقف محمد
عن تحريمها عليه وقال: لو نكحها غيره فيها ودخل حرمت عليه.
فى المفقود أو المنعى لها تتزوج امرأته
وما يجرى فى ذلك من معنى الوطء فى العدة
من كتاب محمد بن المواز: وإذا انكحت امرأة المفقود بعد الأجل المضروب فى
الأربعة أشهر وعشر، فناكحها ناكح فى عدة. وكذلك روى عيسى فى العتبية عن ابن
القاسم. قال فى كتاب محمد: ما دام أمره لا يعرف، فإن عرفت حياته أو عرف أن
موته كان فى وقت لا تكون تلك الأشهر عدةً، فلا يحرم
[4/ 578]
(4/578)
بذلك. وكذلك لو جاء أنه مات بعد الأربعة
أشهر وعشر، فلا يكون الناكح فى الأشهر ناكحاً فى عدة. وكذلك لو أنه قدم ثم
مات فأحمل أبداً يوم موته كيوم قدومه، محمد حكم ذلك سواء.
قال ابن حبيب عن أصبغ: وإذا نكحت بعد الأجل والعدة وبنى بها، ثم مات أو
طلق، ثم قدم الأول فأراد نكاحها، فإن كان تقدم له فيها طلقتان فلا تحل له
إلا بعد زوج، لأنه بدخول الثانى بها انكشف أن طلقة ثالثة لزمت بذلك.
ومن كتاب ابن المواز: وإذا تزوجت فى الأربعة أشهر وعشر ففسخ نكاحها،
فاستبرأت من مائه مع تمام الأربعة أشهر وعشر، ثم تزوجت غيره، وبنى بها، ثم
قدم المفقود أو لم يعلم خبره، فإ، ناكحها فى الشهور ناكحها فى عدة، لأن
المفقود لو قدم وقد بنى بها الثانى، لكان الثانى أحق بها، ولزمت المفقود
طلقة، ولو فارقها الثانى لم يكن المفقود إليها سبيل إلا بنكاح جديد، فإن
كان يلزم المفقود طلقة فقد انكشف أن عدتها عدة الطلاق. قالا: وإنما هل
نكاحها بعد تمام عدة الطلاق فى بقية من الأربعة أشهر وعشر فسلم من النكاح
فى العدة أو قبل ذلك فيكون ناكحاً فى عدة؟
قال ابن حبيب: قال أصبغ: فإن تزوجت فى الأربع سنين، فسخ نكاحه وله نكاحها
بعد السنتين والأربعة أشهر وبعد الاستبراء.
قال فى كتاب ابن المواز: ولو قدم قبل بناء الثانى الناكح بعد العدة، لفسخ
نكاحه ورجعت إلى المفقود، ويصير الناكح فى الشهور غير ناكح فى عدة. وكذلك
لو جاء خبره أنه مات قبل بناء الثانى، لم يكن دخول الآخر أن يكون الأول
ناكحاً فى عدة، لأن نكاح الثانى مفسوخ، فلا يكون الناكح فى الشهور ناكحاً
فى عدة حتى يثبت نكاح الذى بعده. ولو جاء العلم أن المفقود مات بعد الأشهر
والعشر بما يكون الآخر ناكحاً فى عدة، لحرمت على الآخر للأبد،
[4/ 579]
(4/579)
وحلت لنا كحها فى الأشهر. ولو وقع نكاح
الآخر قبل فراغها من الاستبراء من ماء نكاحها فى الأشهر كان ناكحاً فى عدة،
فإن عمى خبر المفقود، كان الناكح فى الأشهر أيضاً ناكحاً فى عدة، وإن ظهرت
حياته أو أنه قدم أو مات قبل تنكح زوجته بعد هذين الزوجين، أو جاء يصح
نكاحه، لم يكن الناكح فى الشهور ناكحاً فى عدة.
وإن تزوجت بعدها وبعد الاستبراء منها زوجاً قبل أن يأتى خبر المفقود بموت
أوحياة، صار الناكح فى الأشهر والناكح فى الاستبراء من مائة ناكحين فى عدة،
فإن جاء أن موته لوقت يكون الآخر متزوجاً فى عدة من موته، فهو بذلك ناكح فى
عدة. وكذلك الناكح فى الاستبراء، ويسلم الناكح فى الشهور أن يكون ناكحاً فى
عدة، لأنها لم تنكح بعده نكاحاً يصح حتى تكون الشهور عدةً ويرث المفقود.
وكذلك فى كتاب ابن حبيب.
ولو تزوج الأول فى الأشهر، والثانى فى الاستبراء من ماء ذلك النكاح، ثم مات
المفقود بعدهما، فليس بشىء حتى يتزوجها زوج يبنى بها قبل موته نكاحاً
بائناً، والنكاح قائم بينها وبين المفقود. ولو كان موته بعد نكاح الآخر
وقبل دخوله فسخناه، وورث المفقود. قال أصبغ: ولو أشكل حتى مات لم يتوارثا.
قال محمد: ولم أجب لهذا نكاحاً أبداً.
وروى سحنون عن ابن القاسم فى العتبية فى المفقود قبل البناء يقضى لزوجته
بجميع الصداق ويفرق بينهما بعد الأجل ثم يقدم: أنه يرجع عليها بنصف الصداق.
وروى عنه عيسى أنه لا يرجع عليها بشىء، ولها الصداق أجمع؛ لأنها قد حبست
عليه وحكم لها به.
وللمفقود باب آخر فى أبواب الطلاق فيه الحكم فى ضرب الأجل لزوجته وفى ماله
وغير ذلك من أحكامه.
[4/ 580]
(4/580)
وإذا اعتدت المنعى لها زوجها ثم تزوجت، فلم
يبن بها الثانى حتى مات المنعى لها أو طلق، ثم دخل بها الآخر بعد خروجها م
عدة الأول، فليفرق بينهما، ويؤمر بالتورع عنها، وهى أخف ممن نكح فى العدة
ودخل بعدها، وهو كمن تواعد فيها ونكح بعدها، وهذا قد عقد وهى ذات زوج،
فقعدة لإنكاح، ولكنه وطء في نكاح كانت فيه عدة فليتنزه عنهاأحب إلى.
ومن العتبية روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم فى التى تغيب عنها زوجها
فتنكح، ثم يقدم فتقول: نعى لى، ولم يكن ما ادعت فاشياً، قال مالك: فلا
ترجم، دعواها ذلك شبهة، ويفسخ نكاحها، وترد إلى الأول وتعتد من مسيسه.
فى نكاح المحلل
وجامع ما يحل المبتوتة ويحصن الزوجين
من كتاب ابن المواز: وقد جاء النهى عن نكاح المحلل حتى يكون نكاح رغبة. قال
مالك: ولا يجوز أن يتزوجها ليحلها علمت هى أو زوجها الأول أو لم يعلما،
فإذا لم ينو هو ذلك فذلك جائز، ولا يضرها ما نوت هى أو زوجها الأول، ولو
نكحها ونيته على الصحة، وقد عملت المرأة على ذلك، وخطب إليه، فلما دخل
أعلمته ففارق، أو افتدت منه. قال مالك: ذلك جائز، وتحل للأول، وروى أشهب عن
مالك فى العتبية.
قال فى كتاب محمد: ولو أن الأول أمره بنكاحها ودله عليها، وقال لها هى
أنكحيه حتى يحللك لى. والناكح لا يعلم، فذلك جائز، إذا لم يرد ما أراد. قال
مالك: ولا يضر ما نحت هى لأن الطلاق ليس بيدها.
[4/ 581]
(4/581)
ومن كتاب ابن حبيب: وإذا نوى أن يتزوجها
فإن أعجبته أمسكها وإن كان قد احتسب فى تحليلها للآخر لم يجز ذلك أيضاً،
إذا خالطت نيته التحليل، ولا تحل بذلك للآخر إن علم، وعلى هذا أن يعلمه بما
اعتقد حتى يجتنبها.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: وإذا فسخ نكاح المحلل وقد بنى، فله نكاحها
بعد ذلك، وأحب إلى ألا ينكحها أبداً. قال مالك: وإذا وقع فى نفس الأول أن
هذا أراد التحليل فلا يتزوجها، وليس كتحريم من ظهر ذلك منه، وإذا قال لها
الأول: تزوجى فلاناً، فإنه مطلاق ودعى فلاناً لم يضره ذلك، ما لم يعلم
الآخر ذلك ولا وعد عليه.
قال ابن عبد الحكم، عن مالك: ويفسخ نكاح المحلل، وإن بنى بها فلها صداق
المثل. قال محمد: بل المسمى. وهو قول مالك، وكذلك ابن حبيب.
قال فى كتاب ابن حبيب: ويفسخ بطلقة بائنة بالقضاء إن كان بإقرار منه، ولو
ثبت عليه أنه أقر بذلك قبل النكاح فليس بنكاح، ولو تزوجها بذلك زوجها
الأول، فسخ ذلك بغير طلاق إذا علم بذلك، وإن لم يعلم فإثمها على من علم ذلك
ما بقيا.
قال مالك: ولا يحلها إلا نكاح يصح عقده ويصح النكاح فيه. قال مالك، فيقول
النبى عليه السلام: حتى تذوقى العسيلة، هى والله أعلم اللذة ومجاوزة
الختان.
قال: ولا يحلها نكاح عبد بغير إذن سيده وإن دخل حتى يجيزه السيد ثم يطأ
العبد بعد ذلك. وقال أشهب: إذا أجازه أحلها الوطء الأول. قال مالك: وما فيه
خيار الولى أو لأحد الزوجين من العيوب ونحوها، فيرضى من له ذلك ثم
[4/ 582]
(4/582)
يوطأ بعد ذلك، فذلك يحلها، وكل ما أحصنها
أحلها، وأما ما يحلها فهو يحصنها إلا الصغيرة والنصرانية والأمة فإن ذلك
يحلهن ولا يحصنهن.
قال: والخصى الذى له ذكر يطأ به يحلها ويحصنها. قال: وإن كان حراً أحصنته.
قال ابن القاسم: ويحصنها وطء وإن لم ينزل، وإنما الوطء مغيب الحشفة فيه يجب
الإحصان والإحلال، وكذلك لو كان مقطوع الحشفة والأنثيين، فذلك يحلها.
قال مالك: ويوجب الغسل والحد، ويوجب الصداق ويفسد الصوم والحج.
ومن كتاب محمد قال: والمجبوب لا يحل ولا يحصن، وإذا كانت مجنونة أو مجنوناً
قد تزوجها فى الإفاقة، قال ابن القاسم: فإن وطئها السليم فى جنوبها لم
يحصنها ذلك ولم يحلها، والزوج به محصن، وإن وطىء المجنون الصحيحة فهى بذلك
محصنة محللة، ولا يكون هو بها محصناً.
قال أشهب: وطء المجنون لا يحل السليمة ولا يحصنها، وإن كان سليم وطىء
مجنونة فى حال جنوبها، فذلك يحصنها ويحلها، لأن الوطء للرجل، وإليه ينظر.
قال عبد الملك: لا أبالى من كان منهما مجنوناً، أو كانا مجنونين فى حال
الوطء جميعاً، فذلك يحل ويحصن إذا صح العقد فى الإفاقة وبعقد من يجوز عقده
عليهما.
قال: والزوج إذا لم ينعظ للوطء، فأدخل فى فرجها على تلك الحال، ليس فى كتاب
محمد تمام الجواب. وقد ذكره ابن حبيب.
روى أصبغ عن ابن القاسم أنه سئل عن التى تزوجت شيخاً فلم ينتشر، فأدخلت
ذكره بأصبعها ثم فارقها، فإن انبعث بعد أن أدخلته وعمل أحلها ذلك لمن
أبتها، وإن بقى كذلك فلا يحلها.
[4/ 583]
(4/583)
ومن كتاب محمد قال ابن القاسم: وإذا وطىء
فوق الفرج فأنزل ودخل ماؤه فى فرجها وأنزلت هى، فلا يحلها ذلك ولا يحصنها،
وإذا وطىء العبد الحرة بنكاح ومس، فذلك يحلها لسيده الذى أبتها إذا لم يرد
الإحلال ونكح بإذن السيد.
قال وقد قيل: إذا قال لها تزوجى فلاناً فإنه مطلاق ودعى فلاناً ففعلت، فلا
يضره إذا لم يعرف المتزوج ذلك ولا وعد عليه.
قال: وإذا تزوجها رجل على الصحة وبنى وأقر بالوطء ولم يكن فعل، ثم طلقها
ثلاثاً فيتزوجها الذى كان أبتها ودخل ثم مات أو طلقها، فلا تحل للذى كان
طلقها ثلاثاً وهو مقر بالوطء، لأنه علم من نفسه أنه لم يطأ فلم تكن حلت
للأول، نكاحه لا يحلها لهذا، إذ هو فى الباطن ليس بنكاح، فلا يحلها إلا
غيره.
محمد: ولو أقرت هى أن الذى قبله لم يكن يمسها لم ترث واحداً من الزوجين إذا
ماتا أو من مات منهما.
قال: ولا تحل الأمة المبتوتة بوطء السيد. قال: واجتمع ابن القاسم وأشهب
وابن وهب وابن عبد الحكم وأصبغ فى وطء الصائمة، قال فى سؤال ابن القاسم، فى
نهار رمضان، ولم يذكره عن الباقين فى قولهم وروايتهم. قالوا: والحائض
والمعتكفة والمحرمة، أو كان هو محرماً أو مظاهراً منها أنه لا يحلها ولا
يحصنها، ورووه عن مالك فى الحائض. ورواه عنه فى بقية ذلك عبد الملك. وقال
المغيرة وابن دينار وروياه عن مالك: إن ذلك يحصن ولا يحل. وقال عبد الملك:
إن ذلك يحل ويحصن. وذكر ابن حبيب عن عبد الملك والمغيرة وابن دينار وأصبغ
مثل ما ذكر عنهم محمد، ومثل ما ذكر من اختلاف قول مالك، وقال: قال مطرف
بقول ابن القاسم، وزاد ابن حبيب، فى سؤاله: أو فى صيام ظهار أو قتل أو يمين
أو فدية
[4/ 584]
(4/584)
أو صوم واجب فى القران أو فى الصيام نذر
أيام بأعيانها. ثم ذكر عنهم ما ذكرنا وقال: ومعنى محرم أو محرمة فى نكاح
عقد قبل الإحرام.
قال ابن حبيب: ولو بنى بها فى صيام تطوع أو قضاء رمضان، أو نذر أيام غير
معينة، فوطئها جاهلاً أو عامداً، فمجمع عليه من قول مالك وأصحابه أنه يحلها
ويحصنها، ولأن لو أفطر يوماً من قضاء رمضان أو من نذر بغير عينه ساهياًجاز
له فطر باقيه إن شاء ويقضيه.
وذكر سحنون فى العتبية عن ابن القاسم أن وطء الصائم فى فرض أو نذر لا
يحلها، ولا يحصنها، ووقف فى صيام التطوع، ثم قال قال مالك: لا يحصن ولا يحل
غلا فى عقد صحيح لا خيار فيه لأحد، ووطء صحيح لا فى اعتكاف أو حيض أو إحرام
أو صوم وشبه هذا.
قال ابن القاسم: وإذا فارقها بعد البناء لجنون أو جذام أز برص ظهر بها، لم
يحلها ولم يحصنها حتى يطأها بعد العلم بدائها.
ومن كتاب محمد: وإذا اختلفا فى الوطء بعد البناء، فلا يحصنها ذلك ولا
يحلها. قال ابن القاسم: أما الإحلال فالزوج يتهم، وهى مصدقة انه جس. قال
محمد: قول مالك أحب إلى، إلا فى تهمة ظاهرة من الزوج، وما يدل على تكذيبه.
قال ابن القاسم: وإذا كان يأتيها فى أهلها فقالت: وطئنى. وصدقها هو ثم مات،
فإن عرف الناس أنه كان يبيت عندها ويأتيها فى أهلها صدقت، وإن لم يعرف فلا
يحلها ذلك. قال: ولا تكون به محصنة.
قال: وإذا أقام معها عشرين سنة ثم فارقها فزنت، وقد اختلفا فى الوطء قال
ابن القاسم وابن عبد الحكم: إن اختلفا بعد الزنى، لم يقبل قول من أنكر
الوطء والرجم قائم. وكذلك لو لم يقم معها إلا ليلةً واحدةً.
[4/ 585]
(4/585)
وقال ابن القاسم: هذا فى المدونة، فى كتاب
النكاح. وقال فى كتاب الرجم: إذا أخذ الزوج بزنى فقال لم أكن وطئت أنه يصدق
إلا أن يعلم منه إقرار بالوطء أو ولد يظهر. قال يحيى بن عمر: وهذا احب إلى
من قوله فى كتاب النكاح. قال محمد: وهو قول أصحابنا.
قال عبد الملك: وإن كان اختلافهما قبل الزنى، فعليهما حد البكر، وإن طالت
إقامته معها، كانت تحته او فارقها.
كما لو قالت بعد طول السنين وهى تحته لم يمسنى. وطلبت أجل العنين وصدقها،
أن ذلك لها.
قال أشهب: أما إذا طال المكث معها وكانت معرفة الناس أنه قد أصابها فى مكان
سمع منه قراد كذا إغشائه أو افتضاضه وما يشبه ذلك مما كثر عند الناس فإنه
يرجم، وإن كان فى طول مكثه المستفيض أنه لم يصل إليها، أو كان بقرب دخوله
لم يرجم، وكان عليه حد البكر.
وقال عبد الملك: إن لم يذكر أو لم يختلفا فى الوطء حتى زنى أحدهما فعليه
الرجم، وإن لم يقم معها إلا ليلةً واحدةً حتى زنت، سواء فارقها، أو مات
عنها أو كانا على حالهما.
وإذا ارتدت المحصنة ثم تابت ثم زنت فعليها حد البكر، ولا تحل بذلك لمن
أبتها، وإنما يثبت على المرتد إذا رجع حقوق الناس وما يؤخذ به فى كفره،
وقال غير ابن القاسم، فى المدونة: لا تزيل ردته إحصانه ولا أيمانه بالطلاق
وإن راجع الإسلام، ولا يتزوج من أبت قبل ردته إلا بعد زوج.
[4/ 586]
(4/586)
ما يحل من وطء
الكوافر
وذكر نكاح أهل الكفر وأحكامه
وسبى أحد الزوجين
من كتاب ابن المواز قال مالك: قال الله سبحانه: (والمحصنت من النساء) يريد
تحريم ذوات الأزواج: (إلا ما ملكت أيمانكم) يريد ممن لها زوج بأرض الحرب
وهى كتابية فقد حلت بالسبى، فإن سبيت مع زوجها فبيعا؟ قال مالك: فإن زعم
بائعوها أو غيرهم أنها امرأته فلا يفرق بيتهما، وإن لم يعلم ذلك إلا بقول
الزوجين فليس بشىء. وقال: وإن اشتراهما من تجار العدو، فإن زعم بائعوها أو
غيرهم أنهما زوجان لم يفرق بينهما، وإن لم يعلم ذلك بقول أحد إلا بقولهما
فلا أرى ذلك شيئاً.
روى عن محمد بن على، وابن شهاب أن السباء يهدم نكاح الزوجين إلا أن يسلما.
قال مالك: وقال الله سبحانه فيما أحل: (والمحصنت من الذين أوتو الكتب من
قبلكم) وهذا إحصان حرية، ولم يبح الأمة بالنكاح إلا مؤمنة بقوله: (ومن لم
يستطع بنكم طولاً) إلى قوله (من فتيتكم المؤمنت)
قال مالك: ولا يجوز أن يزوج عبده المسلم أمةً كتابيةً، وأكرهه، وله إن كان
له عبيد نصارى أو مجوس ان يزوج بعضهم بعضاً.
قال ابن شهاب: وللرجل نكاح أربع كتابيات، وقد تزوج عثمان كتابةً، وكذلك
طلحة وحذيفة. قال ابن حبيب: وقد كرهه عمر لحذيفة من غير تحريم. وقال: أخاف
أن يرتخصهن المسلمون فيتركوا المسلمات، فطلقها حذيفة. وتزوج عثمان نصرانيةً
فأسلمت عنده.
[4/ 587]
(4/587)
وقال ابن حبيب: ولا تحل الأمة الكتابية
لعبد مسلم كما لا تحل للحر، ولا بأس أن يزوج الرجل عبده النصرانى أمته
النصرانية واليهودية والمجوسية، ينكح بعضهم من بعض.
ومن كتاب ابن المواز: وما عقده كتابى أو مجوسى من نكاح فلم يمس حتى مات أو
فارق فى شركه، فلا يحرم بذلك على آبائه وأبنائه المسلمين، وليس ذلك بنكاح
حتى يسلموا عليه، وليس عقد الشرك دون الوطء يوجب التحريم إذا أسلم فى أم من
كان نكح، ولا يحرم على أبائه وأبنائه، وهذا قولنا. وكذلك قال ابن القاسم،
وذكر لنا عن أشهب أنه تحرم عليه الأم بعقد الشرك فى الابنة ويحرمها على
آبائه وأبنائه، والذى نحن عليه أن عقد الشرك لا يحرم حتى يقع المسيس.
وفى قول أشهب، أنه لو فارق زوجته فى شركه قبل أن يمس، ثم نكحها ابنه أو
أبوه، ثم فارقها أو مات، ثم نكحها الأول، ثم أسلمت أو أسلم وهى تحته، فإن
كان الثانى قد مسها حرمت عليهما، وإن لم يمسها ولا تلذذ بها تثبت تحت الأول
إن أسلم؛ لأن النكاح الثانى لو أسلم عليه لم يقر عليه، فلا يضر إلا
بالمسيس.
فكل نكاح عقده من ذمى أو مشرك لو أسلم أقر عليه فذلك يحرم بعقده إن مات أو
فارق قبل أن يمس. وكل ما لا يقران عليه إن أسلما أو أحدهما، فذلك لا يحرم
بالعقد، إلا أن يمس فيه أو يتلذذ. وابن القاسم لا يحرم بعقود الشرك من غير
وطء أو لذة. وهذا أحب إلينا.
ولو كان عقده يحرم كان من أسلم على أكثر من أربع لم يختر إلا الأولى، وكذلك
فى أخت بعد أخت. وقد خير النبى عليه السلام فيروز فى أكثر من أربعة.
[4/ 588]
(4/588)
ومن كتاب محمد: والمسلم إذا فارق امرأته
النصرانية، لم يمنع أبوه، ولا ابنه النصرانى أن يتزوجها. وقاله أشهب، إلا
أنه قال: إن أسلم الثانى والمرأة حرمت عليه بإسلام من أسلم منهما.
والحربى إذا أسلم وأتانا، ثم سبيت زوجته وولده وماله، فولده عند ابن القاسم
وماله فىء، إلا أن يدرك ماله قبل القسم، ولا تنقطع العصمة بينه وبين امرأته
بالسبى إن أسلمت أو عتقت، وإن لم تعتق ولم تسلم وقعت الفرقة لأنها أمة
نصرانية، ومهرها عليه فى كذا، وإن سبى الزوج وامرأته فهما على نكاحهما، وإن
سبى أحدهما قبل صاحبه إذا ثبت ذلك بالبينة، ما لم تستبرأ المرأة بحيضة
ويطؤها السيد، فإذا وطئها قبل يدركها الزوج ويعلم بها فالنكاح منقطع.
وإذا سبى الزوج ثم خرجت هى إلينا مسلمةً، فإن أسلم فى عدتها فالنكاح بحاله.
قال ابن القاسم: وإنما يكره للمسلم نكاح الحربية ببلاد الحرب لبقاء ولده
بأيديهم، وأما لو خرج بها لم يكن به بأس، فإن نكح منهم امرأة ثم سباها
المسلمون، فأحب إلى يفارقها؛ لأنها الآن أمة.
قال أصبغ: بل واجب فسخه. قال ابن القاسم: ولا يكون أحق بها بالثمن، ولكن
اشتراها، وطلبها بالمملك على ما نكاحه بالاستبراء.
وقال أشهب: قيل لمالك: أيفرق بين المجوس ذوات محارمهم؟ قال: يتركون وما هم
عليه. قلت: سمعت ابن عمر قال: فرقوا بينهم وبين ذوات المحارم، وامنعوهم
الزمزمة. قال: أو تأخذ كل ما تسمع؟ قال: لا.
فى إسلام أحد الزوجين وردته
ونكاح المرتد
من كتاب ابن المواز قال ابن القاسم: ومن اسلم وتحته أمة نصرانية فليفارقها.
وقال أشهب: لا يفارقها. لعله يريد إن عتقت أو أسلمت، لأنه ذكر
[4/ 589]
(4/589)
عنه محمد بعد هذا مثل قول ابن القاسم. وإن
نكح أربعاً فى عدتهن ثم أسلم بعد خروجههن منها ثبت عليهن. وقاله ابن القاسم
وأشهب، قال أشهب: بنى بهن أو لم يبن، ولو أسلم قبل انقضاء عدتهن يفارقهن،
وعليهن ثلاث حيض، يريد وقد مسهن.
قالك وكذلك لو طلقهن بعد إسلامه، وقد خرجن من العدة، لم أمنعه من نكاحهن.
ولو أسلم وقد انقضت عدة بعضهن فسخ نكاح من لم تتم عدتها، كن فى عقدة أو فى
عقود بنى بهن أو ببعضهن. وإن وطىء بعد إسلامه ما لم تنقض عدتهن لم تحل
أبداً. قال: وإن تزوج نكاح متعة فأسلم قبل الأجل فسخ نكاحه، وإن أسلم بعد
الأجل ثبت، بنى أو لم يبن.
قال مالك: وإذا أسلم مجوسى عن عشرة، فأسلمن فله أن يختار أربعة، أوائل، أو
أواخر. قالمحمد: فإن مات قبل الخيار، فسمعت من يقول: يرثن منه الربع بين
جميعهن إن لم يكن له ولد مسلم، ولكل من بنى بها منهن صداقها، ومن لم يبن
بها فلها خمسا صداقها. محمد: لآنه لم يكن عليه إن لم يدخل بهن إلا صداق
أربع يقسم ذلك بين عشر.
وإذا أسلم مجوسى ولم تسلم امرأته ولم يبن بها، فقال ابن القاسم، وذكره عن
مالك: يعرض عليها الإسلام، محمد: يريد فإن أسلمت مكانها وإلا فرق بينهما.
وقال أشهب: تنقطع العصمة بينهما. محمد: يريد بإسلام الزوج، ولم يقل يعرض
عليهما. وقاله أصبغ وهو أحب إلى.
قال مالك: وتقع الفرقة بإسلام من أسلم منهما قبل البناء ولا صداق لها، ولم
يختلفا غى إسلامها هى قبله أن الفرقة تقع مكانه، ولا يعرض عليه. قال ابن
القاسم: وكذلك النصرانية.
[4/ 590]
(4/590)
قال ابن القاسم: وإن بنى المجوس ثم أسلم
عرض عليها الإسلام، فإن أسلمت وإلا فسخ نكاحه بغير طلاق، فإن غفل عنها حتى
تطاول إلى مثل الشهر فقد برى منهما. وقال أشهب: لا يفرق بينهما حتى تخرج من
عدتها. وأصحابنا على قول ابن القاسم.
وفى رواية أبى زيد عنه: يعرض عليها الإسلام اليومين والثلاثة، فإن أبت
استبرأت نفسها بحيضة. وقال أيضاً أشهب: يعرض عليها الإسلام فإن أسلمت وإلا
فلا سبيل له إليها. قال: ولو أسلمت هى ولم يسلم هو فلا اختلاف فى هذا عندنا
فى السنة، ويتفق فيه المجوسى والكتابى أيضاً فإن أسلم فى العدة فهو أحق
بها، وإن أسلم بعد العدة فلا سبيل له إليها إلا بنكاح برضاها، ولا يكون ذلك
إسلامهما معاً.
وقال ابن القاسم: وكذلك الأمة النصرانية تحت النصرانى، حراً أو عبداً، إن
أسلم الزوج عرض عليها، فإن أسلمت أو أعتقها سيدها ثبت نكاحه وإلا فسخ بغير
صداق، وإن غفل عن ذلك قدر الشهرين برىء منهما. وقال أشهب: لا أفسخه حتى
تنقضى العدة.
قال: والفرق بين أحد الزوجين أنه فسخ بغير طلاق، وبين الرد بأنه تلزمه
طلقة، لأن المسلم يلزمه طلقة. فكذلك يلزمه لما أحدث من الردة الطلاق،
والكافر لو طلق لم يلزمه إن أسلم، فلم يلزمه بما فعل طلاق.
قال محمد: وإذا ارتدت مسلمة تحت مسلم فإنها تبين منه بطلقة. قاله ابن
القاسم وأشهب. وبه أقول، واختلف قول أشهب فقال أيضاً: إن رجعت إلى الإسلام
بقيت له زوجةً. وقاله ابن حبيب.
[4/ 591]
(4/591)
قال ابن الماجشون: إذا ارتد الزوج ثم عاود
الإسلام فى عدتها، فهو أحق بها بالطلاق كله، كما لو أسلمت ثم أسلم فى
عدتها. ولزم المرتد حتى انقضت عدتها، لزمته فيها طلقة. وكذلك لزمه طلقة.
قال ابن حبيب: لو أسلمت ثم أسلم بعد عدتها ونكاح المرتد بعد أن حبس
للاستتابة يفسخ، وإن قبل فلا صداق لها، بنى أو يبن، مسلمةً كانت أو
نصرانيةً، لأنه حجر عن ماله، فإن رجع إلى الإسلام قبل يفسخ ثبت نكاحه، لأنه
إنما كان يفسخ للحجر فى ماله، وقد زال الحجر وكذلك قال لىابن الماجشون.
قال ابن سحنون عن أبيه فى الرجل يقول لزوجته إنك ارتددت عن الإسلام وهى
منكرة ويرفعها إلى الإمام، قال: فليفرق بينهما لأنه بزوال عصمته، فإن كان
مسلماً تحته نصرانية فقال قد أسلمت وأنكرت هى ذلك، قال: يفرق أيضاً بينهما
لإقراره بارتدادها.
ومن العتبية روى عيسى، عن ابن القاسم فى النصرانى تسلم زوجته قبل البناء،
فإن لم يسلم هو مكانه فلا رجعة له، وهى طلقة بائنة، ولا عدة عليها، ولو كان
أصابها عند أهلها فلها جميع الصداق وإن أسلم فى العدة فهو أملك بها.
قال عبد الملك بن الحسن عن ابن وهب: وإذا أسلم فى غيبة وأسلمت هى ولم تعلم
فاعتدت ونكحت، وقامت بينة أنه أسلم قبلها؛ فإن أدركها قبل البناء كان أحق
بها، وإن فاتت بالبناء فالناكح أحق بها، وإن ثبت أنها أسلمت قبله فاعتدت
ونكحت فلا سبيل له إليها بعد العدة نكحت أو لم تنكح.
وفى باب عتق الأمة تحت العبد زيادة فى إسلام الغائب.
ومن المختصر: وإذا أسلمت وزوجها غائب، فلها أن تنكح ولا تنتظره، فإن قدم
وهو مسلم بعد انقضاء عدتها فلا سبيل له إليها، وقيل: إنها تستأنى خيفة
[4/ 592]
(4/592)
أن يكون أسلم. وهو احسن، إلا أن يكون أسلم
فى عدتها، فهو احق بها ما لم تنكح، فإن نكحت فلا سبيل إليها.
وقال ابن الماجشون فى كتاب آخر: إن ثبت أنه أسلم قبلها أو ثبت أنه أسلم فى
العدة فهو أحق بها، وإن ولدت من الثانى، كالمنعى لها.
ومن المختصر: وإذا أسلمت النصرانية فأراد زوجها أن يسلم، فقالت له: أنا
أفتدى منك على أن لا تسلم حتى أملك أمرى أو على أن لا رجعة لك على ثم أسلم
فهو أحق بها، وما أخذ منها رد إليها.
وقال أبو زيد عن ابن القاسم: إذا أسلم وتحته مجوسية، فعرض عليها الإسلام
فلم تسلم، ثم أسلمت بعد ذلك فلا سبيل له إليها إلا بنكاح جديد. وإذا أسلم
عن نصرانية وقد شرط عليه أبوها: إن أسلم فأمرها بيدى أو بيدها فذلك ساقط،
أسلم قبل البناء أو بعده، وقد احتلم أو لم يحتلم.
ومن كتاب محمد: وإذا أسلم العبد وتحته أمة نصرانية حرمت عليه، إلا أن تسلم
أو تعتق مكانها، وكذلك إن كانت مجوسيةً. وإن أسلمت قبله كان أحق بها إن
أسلم فى العدة.
وإذا أسلم الكافر ثم طلق، فإن كان تحته كتابية حرة لزمه وإن كانت مجوسية
حرة أو أمة كتابية لم يلزمه.
وفى كتاب العدة ذكر أن ابن القاسم يقول يلزمه وأشهب يقول لا يلزمه. وروى عن
ابن القاسم فى مجوسى أسلم وتحته مجوسية ثم تظاهر منها ثم أسلمت مكانها أنها
إذا بقيت زوجته على النكاح الأول، ولم تنقطع العصمة بالعبد وبالإباق كذا.
ومن أسلم وله ولد قد عقلوا دينهم، بنى اثنتى عشرة سنةً، فلا يكون إسلامه
إسلاماً لهم، وذلك إليهم، فإن أسلموا فلا رجوع لهم، وتحرم الجارية منهم
[4/ 593]
(4/593)
على زوجها، على الذكر امرأته المجوسية، إلا
أن تسلم هى، فإن وقفت ولم تفعل وقعت الفرقة، وإن لم توقف فحتى يمضى مثل
الشهر عند ابن القاسم، وإن أسلمت قبله قبل البناء وقعت الفرقة، وإن كان
الولد بنى ست سنين، فإسلامه إسلام لهم.
فى نكاح الذمى حربية،
أو الحربى ذميةً، ما حكم ولده؟
من العتبية، روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم فى حربى دخل إلينا بغير أمان
أو حربية، فتزوج أو تزوجت من أهل ذمتها، ثم ولد ولد. قال مالك: الولد فى
هذا تبع الآباء. وذكره فى أهل قبرس. قال: إذا تزوج حربى قبرسية، فولده فىء،
وإن تزوج قبرسى حربية، فولده فى عهده. وقاله الليث. وإنما الولد تبع للأم
فى الرق فأما فى أحرار أهل الذمة أو الحربيين، أو المصالحين، فهم تبع
للآباء. وقاله مالك والليث.
فى الكافر إذا أسلم وقد عقد نكاحه بخمر
أو خنزير أو بغيره من الصداق الفاسد،
أو تزوج مسلم ذميةً
من كتاب محمد بن المواز: وإذا نكح نصرانى بخمر أو خنزير ثم أسلم أو أسلما،
فإن قبضته، فليس لها غيره، بنى أو لم يبن، وإن وجد بيدها. يريد محمد: وقد
اسلمت، كسر عليها الخمر، وقتلت الخنازير. محمد: وإن لم يقبض ذلك، فابن
القاسم وعبد الملك يقولان: إن شاء البناء ودى صداق المثل كالتفويض، وإلا
فسخ ولم يلزمه شىء.
وقال ابن القاسم فى الأسدية: سواء قبضت أو لم تقبض، إذا لم يبن، فإن شاء
بنى وودى صداق المثل، وإلا فارق وكانت طلقة ولا شىء عليه. وهذا غلط،
[4/ 594]
(4/594)
وقال أشهب: يفسخ إن لم يدخل. قال أشهب: إلا
أن يعطيها ربع دينار. يريد إذا كان قبل البناء وقد قبضت ذلك. وكذلك فسره فى
غير هذا الموضع. وقال البرى عن أشهب: يعطيها صداق المثل. وقول ابن القاسم
وعبد الملك هو المعمول به أنه كالتفويض، فإن قبضت نصفه كان قد بقى لها نصف
صداق المثل، وكذلك أقل أو أكثر على هذا الحساب، يريد: إن شاء البناء أو لم
يكن بنى.
قال: ولو وهبت نفسها لرجعت إلى صداق المثل، وهذا كله قبل البناء، وأما لو
بنى ولم تقبض شيئاً، فلا شىء لها فى الخمر والخنزير، ولا فى الهبة وهذا
بخلاف ما فى المدونة.
قال فى كتاب محمد: وكذلك لو كان أوله زنى تراضيا بالمقام عليه حتى أسلما،
فلا شىء لهما، وهما على نكاحهما.
ومن الواضحة وحكى ابن حبيب عن ابن القاسم: إن شاء بنى وودى صداق المثل، وإن
بنى فارق ولا شىء عليه، سواء قبضت الخمر والخنزير أو لم تقبض أسلمت أو بقيت
على دينها.
قال وإن أسلمت هى دونه قبل البناء فسخ النكاح ولا شىء عليها فيما قبضت من
خمر أو خنزير لا نصف ولا غيره، وإن بنى بها ثم أسلم هو وقد قبضت هى جميعه،
فالنكاح ثابت، ولا شىء عليه، وإن لم تكن قبضت أو كان نكاحها على أن لا صداق
عليه، فلها عليه فى الوجهين صداق المثل، ولو قبضت نصف الخمر والخنزير وقد
بنى فعليه نصف صداق المثل، وإن تلف قتلت كذا قال ابن القاسم فى كتاب ابن
المواز: ولو أصدقها ثمن حمولة على رجل فلم تقبضه حتى أسلما، فلها قبضه
والنكاح ثابت.
[4/ 595]
(4/595)
وإذا أسلم وله دين من ثمن خمر فحلال له
قبضه. وقال عبد الملك: ولا يدخل بالزوجة حتى يقدم ربع دينار، ولو أصدقها
ديناً له من ربى ديناراً بدينارين، فلم تقبضه حتى أسلما فليس لها على الزوج
شىء، وله البناء إن لم يكن بنى، ولا تأخذ هى من الغريم إلا ديناراً، كما
كان له أن يقبض، وكذلك لو كان رأس المال درهمين فى ثلاثة، فلا تقبض الزوجة
من الغريم إلا درهمين، ولا ترجع على الزوج بشىء، وله البناء، لأنه كان
صداقاً يوم أصدقها، وإن أصدقها خمراً بعضه نقد قبضته وبعضه مؤجل فأسلما أو
أسلم الزوج قبل قبضها المؤجل، فإن بنى فلا شىء لها، وإن لم يدخل نظر ما
المؤجل منه؟ فإن كان الثلث بالقيمة، رجعت عليه بثلث صداق المثل معجلاً.
قال عبد الملك: ولو أصدقها درهماً أو درهمين قبضتهما ثم أسلما، فهى
كالموهوبة، وليس كالمجهول فيقضى ولا يقوم، ولو كان أصدقها خمراً مع خنازير
فقبضت الخمر ثم أسلما، قوم هذا بهذا، فترجع من صداق مثلها بمقدار ما بقى لم
يقبض.
محمد: وإذا تزوج مسلم نصرانيةً بخمر فقبضته وفات بيدها، فإن لم يبن فسخ ولم
يتبعها بشىء، وإن بنى فقيل يفرق بينهما، ولا أقوله، ولكن يثبت ولها صداق
المثل. قال ابن القاسم، وقال أشهب: يعطيها ربع دينار، قال أصبغ: وقولى على
قول ابن القاسم استحساناً، وأما قوله: إن لم يبن فهو القياس.
ولو نكحها بخمر وهما نصرانيان ثم أسلم أو أسلما قبل البناء، فعليه لها صداق
المثل ويفسخ. هكذا وقع عندى، وإنما هو: أو يفسخ. وقال أشهب: يعطيها ربع
دينار، واستحسنه أصبغ. قال محمد: وقد ثبتت هذه المسألة أول الباب.
فى نفقة الزوجات، ومن عجز عن ذلك
ومن كتاب ابن المواز وابن حبيب: والنفقة بقدر العسر واليسر. قال مالك: يفرض
للزوجة مد بمد مروان كل يوم، وهو مد وثلث بمد النبى عليه
[4/ 596]
(4/596)
السلام. قال ابن حبيب: اتخذه هشام بن
إسماعيل لفرض الزوجات، فاستحسنه مالك.
قالا قال ابن القاسم: يفرض لها فى الشهر ويبتان ونصف إلى ثلاث ويبات، وفى
ويبتين ونصف مكفاة. قال ابن حبيب: وفى الويبة اثنان وعشرون مداً بمد النبى
عليه السلام، وأرى قفيزاً بالقرطبى وسط عندنا فى الشهر، وفيه أربعة وأربعون
مداً.
قال ابن المواز فى قول ابن القاسم: ليس هذا فى كل إنسان ولا فى كل وقت، رب
رجل ضعيف وسعر غال، فتكون ويبتان عليه اجتهاد، ومد مروان الذى قال مالك: هو
عندى وسط من الشبع بالأمصار، وهو مد وثلث، وهو قدر ويبتين فى الشهر بالويبة
الليثية، وإن مداً بمد النبى عليه السلام بالمدينة لوسط من عيشهم.
وليضم لها إلى ثمن القمح دراهم لطحين وخبز وحطب وكاء وزيت، والطبخة بعد
الطبخة من اللحم، فإن وجد سعةً زيد عليه بقدر سعته وبقدرها هى، وكذلك
الكسوة.
قال فى كتاب العدة: إن كان ممن له السعة الوسط زيد عليه فى القمح والطبخ،
وإن كانت سعته أكثر من ذلك زيد عليه أكثر من ذلك حتى الخادم ونفقتها. قال
ابن القاسم: ولا يفرض عليه اللحم كل ليلة، ولكن المرة بعد المرة.
قال ابن حبيب: يفرض لها عندنا فى كل شهر من الزيت نصف وربع، ومن الخل ربع،
ومن اللحم على الملى بدرهم فى الجمعة، ودرهمين أو ثلاثة فى صرفها من ماء
وغسل ثوب وطحين وخبيز وغيره، ولا يفرض لها فاكهة ولا عسل ولا الجبن،
والصبيرة ونحوه، ولا ينقص من هذا لغناها، ولا يزاد عليه لفقرها، هذا فى
تشاححهما.
[4/ 597]
(4/597)
ومن كتاب ابن المواز: ولا يفرض العسل
والسمن والحالوم، ولكن الخل والزيت، وما لا غنى لنا عنه بقدر الرجل
والمرأة، والمشط رأسها ودهنه وسراحها، وهذا للموسر والمعسر، إلا أن الموسر
يزاد عليه بقدرها من قدره. وإذا كان العسر البين فلا أقل مما تعيش به، وقد
يختلف ذلك ويكون الرجل يعمل بيديه فى قلة كسبه، فيفرض عليه بمصر ويبتان من
قمح فى الشهر، مع حق طحبين وخبيز، ودريهمات لزيت وماء وحطب، والطبخة بع
دالطبخة، وما لابد منه. وقال فى موضع آخر: وما يكون لطحين وخبيز وماء،
ودهنها وحناء رأسها ومشطها قيل لمالك: فإن قالت: لا يكفينى ما فرض لى. وهى
ترضع. قال: ليس المرضع كغيرها، وليفرض لها ما تقوم به فى رضاعها.
قال ابن حبيب: وأما اللباس والوطاء واللحاف فإن كانت حديثة عهد بالبناء
وعندها شورتها من صداقها فلا شىء عليه، وله أن ينتفع معها بأرزها وبسطها
ومرافقها ووسائدها، فإن طال العهد حتى خلقت الشهرة، أو لم يكن فى صداقها ما
تشور به، فعليه الوسط من كسوة الشتاءوالصيف، فيفرض لها فراش ومرفقة وإزار
ولحاف ولبد للشتاء والصيف، وسرير إن كان موضع فيه عقارب أو حياة أو براغيث
أو فأر، وإلا فلا شىء عليه.
ومن كتاب ابن المواز، عن ابن القاسم مثله، إلا أنه لم يذكر اللبد. وقال
أصبغ فى هذا فى التى لا شوار لها، ولا شىء منه. قال ابن حبيب: وعليه حصير
من حلفا أو بردى يكون تحت الفراش، ومن اللباس قميص وفرو لشتائها من لباس
مثلها، من حراف وتجليبات، وقميص يواريه، ووقاية ومقنعة، وإن لم يكن فخمار،
وإن لم يكن فإزار، وخفان وجوربان لشتائها، وعليه دهن لرأسها، وليس
[4/ 598]
(4/598)
عليه حناء، ومشط وكحل، والحاكم مخير، إن
شاء أخذه، وإن شاء باثمان ذلك يدقعه فى أوقاته.
ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم: وليس عليه نضوح ولا صباغ ولا المشط
ولا المكحلة، وعليه اللباس بقدرها من قدره، من غير خز ولا وشى ولا حرير وإن
كان متسعاً، وعليه ما يصلح للشتاء والصيف من قميص وجبة وخمار ومقمعة
والوسادة هى التى تلف بها القماش لا يدنس والسبنية والإزار وشبه ذلك مما لا
غنى لها عنه.
محمد: وإن قال الزوج: لا أقدر على ذلك فهو على ما كان يعرف من حاله إلا أن
تشهد له بينةً من أهل الخبرة به بالعدم، فيحمل بقدر طاقته.
قال: وإن كان مثلها يلبس القطن ومثله يقدر عليه فرض عليه. قال أشهب: ومنهن
من لو كساها الصوف أنصف، وأخرى لو كساها الصوف أدب وذلك على أقدارهن.
قال: وإن لم يجد غير الطعام وحده والكسوة فقط لم يفرق بينهما إذا كان فيها
قوتها، والكسوة من غليظ الكتان، مثل الفسطاطى، وغليظ القطن، وإن كانت من
ذوات الغنى، قيل لمالك: فغليظ الثياب وخشين الطعام؟ قال: كل شىء بمقدار،
ليس الصوف من لباسهن، وليحكم بما يرى أنه من لباسها.
قال أشهب عن مالك، فى العتبية وكتاب محمد: وإذا أراد أن يطعمها الشعير
فأبت، فإن كان للناس قد أكلوه فذلك له، فأمااإن كان القمح كثيراً يؤكل، وهو
شىء واحد، فذلك عليه. وروى عيسى عن ابن القاسم مثل ما ذكر عنه ابن المواز
فى وجوه النفقات حسب ما ذكرنا.
[4/ 599]
(4/599)
ومن العتبية من سماع يحيى عن ابن القاسم:
وقال فى زوجة ذات شرف، ولا تجد من يعينها، ولا تلبس من الثياب إلا الخشنة،
ولا تتناول غليظ العيش، فأعدم زوجها حتى لا تجد خادماً ولا تجد إلا كسوة
دنية، ومثل قوتها دون قوة خادمها من قمح أو شعير أو سلت غير مأدوم، ويجعل
دهنا زيتاً. قال: لا يفرق بينهما إذا وجدت ما ذكرت من قوتها شعباً لها من
قوت بلده ورب بلدة لا ينفق فقيرهم ولا غنيهم الشعير، ورب بلدة يستحقه، فلي
سلها أن يخصها بما لا يحمله أهل البلد إذا كان تجاوز فيه إلى الشعير من
الجر إليه، فليس لها أن تأتى ذلك، وأدنى ما يجزيه من الكسوة الفسطاطى
وشبهه، وذكر نحوه كله عن ابن وهب، وذكر أنه إن عجزعن أحد الأمرين من كسوة
أو قوت فرق بينهما. قال: وليستأذن بمن لم يجد الكسوة شهرين.
وقال ابن وهب فى الموسر له زوجة ذات شرف وهيئة: فليفرض عليه من الطعام
والإدام والحطم وصالح الثياب الوسط من ذلك، مما لا يعرها إذا لبسته ولا
يحجف بماله ولها من اللحم المرة ونحوها فى الجمعة، وليس لها فاكهة ولا عسل
وشه ذلك مما ينفقه الناس، وليس عليه الطيب والزعفران وخضبات الأيدين
والرجلين إلا أن يشاء، ولها الحناء لرأسها، ولا يلزمه من العصب إلا غليظه،
وكذلك من الشطرى والزخرف. قال يحيى: يعنى فى بلد يكون شىء من ذلك لباسهم،
ويكون ما يفرض على مثله فى قدر ماله.
ومن كتاب ابن المواز: وإذا لم يجد إلا قوت شهر لم يفرق بينهما، ويتلوم له
إذا فرغ. قال ابن حبيب: وغن لم يجد غير الخبز وحده وما يوارى عورتها ولو
بثوب واحد. قال مالك: من غليظ الكتان، لم يفرق بينهما، كانت غنيةً أو
فقيرةً، فإن عجز عن هذين أو عن أحدهما فرق بينهما بطلقة، فإن وجد فى العدة
يساراً بيناً ما يقدر فيه على رزق شهر بشهر وما يستوجب من اللباس
[4/ 600]
(4/600)
والوطاء فله الرجعة، وإن لم يجد إلا مثل
عيش يوم بيوم وما يوارى عورتها فلا رجعة له. وهذا فيمن عليه سهراً بشهر،
فأما من كان عليه الفرض بالأيام، والذى به كانت تعرف حاله، فله الرجعة
بوجود ما لو وجده أولاً، لم تطلق عليه قاله ابن الماجشون.
ويؤجل فى طلب النفقة الشهر والشهرين إذا نكح ولم يجد شيئاً. وقاله ابن
المسيب وعمر بن عبد العزيز. وقاله مطرف عن مالك.
قال أصبغ: إذا لم يطمع له بمال فلا يؤجل إلا الشهر، لا يبلغ به الشهرين إذا
لم تجد هى ما تنفق.
قال ابن حبيب: أخبرنى قرعوس أنه سمع مالكاً يقوله، إن الذى لا يرجى له
الشىء لا يؤخر كتأخير من يرجى له.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: وإذا لم يجد النفقة طلق عليه. وكذلك لو
تزوجته عازمةً بأنه مجتاج، إلا أن تكون نكحته وهو سائل يتكفف عالمة بذلك،
فلا حجة لها.
قال ابن حبيب قال مالك: إذا نكحته وهو فقير فلا شىء عنده قد عرف أن مثله لا
يجرى النفقة على النساء لفقره، فليس لها بعد ذلك قول. قال مالك: وما علمت
أنه يضرب أجل فى النفقة إلا الأيام. قال محمد: وقول أصحابنا فيه قدر الشهرز
وقاله مالك.
قال ابن القاسم: وإذا طلق عليه لذلك توارثا فى العدة، لأن له الرجعة إن وجد
النفقة فيها. قال مالك: ولو كان قبل البناء اتبعته بنصف الصداق. قال مالك:
وإذا ارتجع التى بنى بها لم تصح رجعته وهو بحال عدمه، وإن وجد نفقة شهر فله
الرجعة، فأما العشرة أيام وخمسة عشر فليس ذلك له، ويدخل من هذا ضرر يرتجع
ثم تطلق عليه إلى أيام. وكذلك روى عيسى عن ابن القاسم.
[4/ 601]
(4/601)
قال محمد قال مالك وابن القاسم وأشهب: إن
أجل أجل التلوم وهى حائض، وخرت حتى تطهر. وروى أشهب عن مالك مثله فى
المولى. وروى عنه ابن القاسم فى الموطأ: تطلق، وقد أفرض بالنفقة للمطلقة
باب فى كتاب العدة.
ومن كتاب ابن سحنون: وسأل حبيب سحنون عن الرجل قليل ذات اليد، ولا يجد ما
يجرى على امرأته من رزق شهر كامل، هل يجرى عليها رزق يوم بيوم ومن خبز
السوق، وقد طلبته بالنفقة؟ فقال: نعم، يجرى عليها رزق يوم بيوم بقدر طاقته.
قيل: فإن كان له جدة وليس بالحلى وطلب أن يرزقها جمعةً بجمعة؟ قال: يجرى
عليها بقدر ما يرى السلطان من جدته، فمن الناس من يجرى يوماً بيوم، ومنهم
جمعة بجمعة، ومنهم شهراً بشهر.
فى العجز قبل البناء عن النفقة وعن الصداق
وذكر أجر القابلة والكفن
من كتاب ابن المواز: وغذا طلبت المرأة النفقة ولم يبن بها، فإن فرغوا من
جهازها حتى لم يبق ما يحبسها، قيل له: ادخل أو انفق، ولو قال الزوج:
أنظرونى حتى أفرغ وأجهز بعض ما أريد فذلك له، ويؤخر الأيام بقدر ما يرى.
وهذا قول مالك، ولا شىء عليه فيما تقدم إلا أن يكون وليها قد خاصم فى ذلك
ففرض لها السلطان.
ولا يطلب فى النفقة من لم يبلغ الحلم ولا بالصداق، وللصبية النفقة إذا بلغت
ان توطأ، وإن لم تحض، وكذلك للعبد فى زوجته الحرة.
وبعد هذا باب فى نفقة العبد.
ومن الواضحة: وإذا عجز عن الصداق قبل البناء وأجل له الأمام السنة
والسنتين، إذا أقام النفقة وثبت عنده عجزه عن الصداق. قال محمد قال ابن
[4/ 602]
(4/602)
القاسم: فأما أجرالقابلة فإن كانت المنفة
بها للمرأة فذلك عليها، وإن كانت للصبى فعلى الأب، وإن كانت لها فبينهما،
وتتبعهما بقدر مبلغ الانتفاع لا نصف ونصف.
وقال مالك فى أجر القابلة: ما علمت ذلك ولا سمعت من سأل عنه. قال أصبغ: بل
ذلك عليه، كما يطلق على المطلقة الحامل. وقاله ابن حبيب وقال: وليس عليه
أجر الحجامة أو الطيب: قال محمد: وإذا ماتت فلا شىء لها، فليس عليه أن
يكفنها.
وقد ذكرنا فى كتاب الجنائز الاختلاف فى الكفن.
قال فى كتاب محمد: وإذا كسا امرأته ثوباً فقالت: هو هدية. وقال الزوج بل
مما فرض على فالقول قوله، إلا أن يكون مما لا يفرض على مثله فالقول قولها.
قال ابن حبيب: وإن لم يظهر له مال واتهخم أن يكون أخفاه لم يوسع عليه أيضاً
فى أجل الصداق، ولم يؤخر إلا الأشهر ونحوها إلى سنة أكثره. وقاله كله أصبغ.
وفى الجزء الأول باب فى البناء قبل أن يقدم شيئاً فيه هذا المعنى وزيادة
فيه. ومن كتاب محمد قال: والتلوم فى الصداق مختلف، وليضرب له أجل بعد أجل،
فإذا استقضى له فرق بينهما ومن الناس من يرجى قبل السنتين. قيل لمالك:
فيزداد على السنتين فى الأجل؟ قال: لا يعجل عليه بعدهما حتى يتلوم له
تلوماً آخر قدر السنة، فإن جاء به وإلا فرق بينهما.
[4/ 603]
(4/603)
قال ابن القاسم وابن وهب: وتتبعه بنصف
الصداق، ولا تطلب الصغير بالصغير، ولا يبلغ بالنفقة حتى يبلغ، ولا يجب لذلك
لصغيرة حتى تبلغ حد البناء، وفى موضع آخر: حتى الوطء.
ومن العتبية قال عبد الملك بن الحسن عن ابن وهب قال مالك فى واجد النفقة
دون الصداق، قال: يضرب له فى الصداق ثلاث سنين. وقال أيضاً مالك: سنتين أو
ثلاثاً.
ومن كتاب ابن سحنون من سؤال حبيب عمن نقد بعض النقد وعجز عن بعضه قبل
البناء، فطلبته بذلك وبالبناء فقال ليس عندى. فحبسته لها، وإنمايتبع
الفاكهة، فاقام بينة عادلة بعدمه، فابت المراة ان تصبر، وارادت الفراق،
فقال الزوج اجليني اجلاً. قال: لايوجل مثل هذا وهذا، لايرجى له شيء، وليفرق
بينهما ان ارادت ذلك المراة ويلزمه نصف الصداق، ويحسب له ما ادى ثمنه
وتطلبه بما بقي.
في نفقة الغائب ومن يريد السفر
ونفقة الناشز
ومن الواضحة، قال: فإذا رفعت امرأة الغائب أمرها إلى الإمام فى النفقة وله
مال حاضر، حلفها أنه ما ترك لها نفقة ولا بعثها إليها ولا وضعته عنه، ثم
فرض لها. وإن لم يكن له مال حاضر وعرف بملائه فرض عليه بقدره واتبعته. وإن
عرف عدمه بموضعه لم يفرض عليه، ثم هى مخيرة أن تصبر عليه بلا نفقة، وإن
أحبت فرق بينهما. وكذلك إن جهل ملاؤه من عدمه. وإن أحبت إذا جهل أمره إن
تصبر لترجع عليه إن ظهر ملاؤه فذلك لها.
[4/ 604]
(4/604)
وليشهد لها بذلك الإمام، إن كان ملياً، فقد
فرضت لها عليه نفقة مثلها من مثله، ويؤرخ اليوم ويذكر السعر.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: وإذا أنفقت الزوجة بقبضة فى غيبة الزوج
وملائه اتبعته به وإن أعدم بعد ذلك.
ومن كتاب محمد، والعتبية ابن القاسم عن مالك: وإذا أشهدت أهل محلتها ثم
تسلفت، ثم قدم فزعم أنه خلف النفقة أو بعث بها ووصلت إليها حلف وصدق، وكذلك
الحاضر إذا ناكرته، ولا يكتب فى هذا براءة.
قال فى العتبية قال ابن القاسم: قيل لمالك فى الغائب عن امرأته ويعلم
جيرانها أنها تنفق سلفاً، ولم يبعث إليها، ومات فى غيبته، قال: هذه أمور
إنما يقضى فيها على نحو ما يترك واجتهاد الإمام فى ذلك، والحى إن قدم أبين
أنه يغرم إن طلبته، فإن أنكر حلف وبرىء، وكذلك إن قال: كنت أبعث. قال فى
الكتابين وأما لو مات الغائب وإنما كانت أعلمت الجيران، فالحى أبين شأناً
أرايت لو غاب عشرين سنةً ثم مات أترجع بذلك إنكاراً لهذا؟ وأبى أن يجتهد
الإمام. قال ابن القاسم: إن شكت ذلك إلى السلطان، فذلك لها يومئذ. قاله
أصبغ ورآه كالحكم لها.
ومن كتاب محمد قال ابن القاسم: ولو قدم لاتبعته بما كان فى تلك المدة
موسراً، وسقط ما كان فيه معسراً، يتحرى ذلك فى أوقات يسره فيجمع عليه، كان
وقت الحكم أو وقت القدوم موسراً أو معسراً.
قال ابن القاسم: وإن قدم معسراً، أو قال: ما زلت كذلك مذ غبت. وأكذبته فهو
مصدق مع يمينه حتى تقوم بينة، ولو قدم موسراً وادعى مثل ذلك لم يصدق إلا
ببينة.
[4/ 605]
(4/605)
وقال فى العتبيةعن ابن كنانة وسحنون: إذا
قدم وقال كنت فى غيبتى معدماً فالقول قوله، وعلى المرأة البينة.
فياأعدم في وقت يذكره، ويزول عنه في عدمه وإذا خرج معدما فالقول قوله أنه
كذلك، يعني وعليهتا البينة بملائه، وإن خرج مليا فعليه البينة أنه أعدم،
وإن أشكل أمره يوم خرج فعليه البينة أنه معدم في غيبته. قاله ابن الماجشون
في ذلك كله.
ومن كتاب محمد: وإذا طلبته با لنفقة عند مراه للسفر، نظر قدر سفره، فوضع
لها من النفقة بقدر ذلك، أوأقام بذلك حميلا، ولا يؤخذ الحاضر بحميل قال ابن
احبيب قال ابن لماجشون: في الذي يريد السفر: فليعين لها عنه حميلا بالنفقة
وإذا قامت في غيبته، وليس له الأداء فليضرب له أجل. وكذلك في الدين ,فان
جاء وإلا باع داره الامام في النفقة.
ومن كتاب ابن المواز قيل لابن القاسم: فاذا لم يكن للغائب مال حاضر، أيومر
من قام بالنفقة أن يتسلف عليه؟ أما الزوجة فنعم، وأما الأبوان فلا، ولأنهم
لو لم يقوموا حتى يقدم فاقر لم يتبعه الآبوان، وتتبعه هي، وهي لها النفقة
في ملائها ويضرب بها في الفلس والموت، ولا يضرب بها أنفقت علىصغاربنيه في
فلسه، وكذلك لايضرب الابوان بهاأنفقا في يسره. وقال أشهب: يضرب بها أنفقت
على الو لد، وأما الأبوان، فان كان يقضيه ضربا به، وإلا لم يضربا.
[4/ 606]
(4/606)
قال سحنون في العتبية تحاص الزوجة غرماءه
بما أتفقت على نفسها في الدين المستحدث، فاما دين قبل نفقتها فلا تحاص معه.
قال: ويفرض لها على الغائب فيما يوجد له من دين أووديعة، ولها أن تقيم
البينة على غرمائه، وكذلك الأبوان. وإذا قدم، فقال: كنت أبعث إليها، وقد
رفعت إلى الامام، فانما تصدق من يوم رفعت لا فيما قبل ذلك إن قال وصل
إليها. ولا يغنيه أن يقول بعثت حتى يقول ووصل إليها. ويحلف لقد وصل إليها.
قلت: كيف يحلف ولم يحضر؟ قال: يكون قد جاءه كتابها أو خبر من عندها
قال مالك: وإذا غاب قبل البناء فقالت بالنفقة فى غيبته فرض لها.
وكذلك فى العتبية من سماع ابن القاسم. وقال فى سؤاله: فيغيب الأشهر. وروى
يحيى بن يحيى، عن ابن القاسم فى الغائب يقدم، فتدعى الزوجة أنها أنفقت على
ولده الصغار، وقال هو كنت أبعث إليها فهو مصدق، إلا أن ترفع ذلك إلى
الإمام، فما فرض لها ولهم فلهم اتباعه به. وقال سحنون عن ابن القاسم فيمن
أنفق على ولد غائب وزوجته، ثم علم أنه كان عديماً يومئذ فلا يرجع ولا يرجع
على الولد، ويرجع على المرأة بما أنفق عليها.
ومن كتاب محمد: وإذا غلبت امرأة زوجها وخرجت من منزله وأبت أن ترجع وأبى أن
ينفق عليها حتى ترجع، فأنفقت من عندها، قال مالك: فلها اتباعه بذلك.
قال عيسى فى العتبية عن ابن القاسم: وكذلك لو حلف بطلاقها واحدةً أو البتة
إن أرسل إليها حتى تكون هى التى ترسل أو تأتى، فعليه النفقة ما أقامت، ولو
شاء لنقلها.
[4/ 607]
(4/607)
من كتاب ابن سحنون: أن سحنونا قال بذلك،
وسأله حبيب عن المرأة تهرب عن زوجها إلى تونس أو تنشز عنها الأيام، فتطلبه
بالنفقة، فقال: إن نشزت عنه لأنها تدعى أنه طلقها فلا نفقة لها، وإن قالت:
إنما فعلت ذلك بعضةً له فلها النفقة، كالعبد الآبق نفقته على سيده.
قال ابن القاسم، فى المبتوتة تخرج من منزله، وتسكن سواه فلا رجوع لها
بالكراء. محمد: بخلاف النفقة. في نفقة العبد علىزوجته، وفي النفقة على
الآمة تحت عبد او حر، وهل يظعن العبد بزوجته او ولده الحر؟ وفى ظعن الحر
بزوجته
فى نفقة العبد على زوجته،
وفى النفقة على الأمة تحت عبد أو حر،
وهل يظعن العبد بزوجته أو ولده الحر؟
وفى ظعن الحر بزوجته
من كتاب ابن المواز قال: ولا اختلاف فى ان العبد عليه أن ينفق على امرأته
الحرة. قال مالك: ويقال للعبد فى زوجته الحرة: إما أن ينفق وإلا طلق. قال
مالك: وأحب إلى إذا نكح العبد أن يشترط النفقة بإذن سيده. وروى أشهب عن
مالك فى العبد تحته الحرة أو الأمة، قال: ذلك يختلف فى الأمة، وأرى أن لا
نفقة إلا أن يشترط عليه أنه ينفق. وقال أيضاً: إذا أرسلوها إليه بشىء.
قال ابن القاسم فى العبد: إن خراج سيده أولى من نفقة امرأته إذا عجز عنها،
ويتلوم له، فإن لم يجد فرق بينهما.
ومن الواضحة: وعلى العبد النفقة على زوجته الحرة والأمة، لا على سيده،
ويتلوم له فى عدمه، فإن لم يجد طلق، ولا ينفق من خراجه.
[4/ 608]
(4/608)
ومن كتاب ابن المواز قال مالك في الآمة تحت
حرأو عبد: فإن بويت معه بيتا، فعليه نفقتها، وان كانت عند أهلها، فاذا
أرادها جاءئه، ثم رجعت إليهم فلا نفقة ها، إلاأن يشترط عليه في عقد النكاح
باذن سيد العبد. وقال أيضا ملك: إن كانت تبيت عنده بالليل خاصة، فعليه
نفقتها وكسوئها. ثم قال ملك: لها النفقة بكل حال، كانت تبيت عنده أوعند
أهلها، بوئت بيتا أولم تبوا. وإلى هذا رجع ابن القاسم بعد أن قال بالأول
وروى ابن وهب عن مالك: إن كانت هي تاتيه فعليه النفقة، وإن كان هو ياتيها
في أهلها، فلا نفقة عليه. ومن الوضحة قال ابن اماجشون: نفقة الأمة وكسوتها
على أهلها دون الزوج، وعندهم عدتهاحتى يشترط ضمها إليه. ولا يمعوه إذا
أتاهالما يريد منها من ليل أونهار الاتيان الذي بسببه ليس له أن يضر بهم في
كثرة الترداد، وعليهم أن يرسلوها إليه في كل أربع ليال، ونفقة تلك اليلة
ويومها عليه وإن ردها إليهم في صبيحتها، وكذلك لو تركها عندهم فنفقة يوم
وليلة كل أربع تلك اليلة ويومها ليال لازم له، هذا إن لم يشترط أن تضم إليه
ولا شرطوا إمساكها عند هم، فان شرطوا ضمها إليه وسكناها معه في العقد
فنفقتها كلها عليه، وعنده تعتد. ولو أرادبعد ذلك ردها إليهم ليزيل النفقة
فليس ذلك له. ولو شرط في العقد حبسها عندهم لم يلز مهم إرسالها إليه في كل
أربع ليال، ولاعليه هو نفقتها فان
[4/ 609]
(4/609)
طاع بذلك، لزمه، وألا ام يلزم. وهذا كله
أحسن ما فيه عن مالك مبن الاختلاف. وقال اصبغ: النفقة عليه كانت، وهى مع
أهلها حيث كانوا حتى يشترط ضمها إليه، وليس للعبد أن يظعن بزوجته
الحرةاوالامة إلا مثل البريد ونحوه، حتى لا يخاف عليها فيه ضيعة، وكذلك
بولده الحر. قاله مالك وأصحابه. ومن كتاب ابن المواز عن مالك، ونحوه رواية
عيسى بن دينار عن ابن القاسم فى العتبية قال مالك: وليس للعبد أن يظعن
بزوجته الحرة والأمة، إلا إلى الموضع القريب مثل بعض الأرياف الذى لا يخاف
عليها فيه ضيعة ولا ضرر. قال مالك: وللحر أن يظعن بزوجته حيث شاء يسافر
بها.
قال محمد: ربما كثرت شيكة المرأة للزوج، فيومر أن يسكنها بين قوم صالحين،
فكيف بالخروج من البلد بها. قال مالك: وينظر إلى حاله وصلاحه قبل يخرجها.
وقد ذكرنا ظعن الحر والعبد بولده فى باب العدة والنفقات، وسم فى إخدام
الحرة وما عليها من خدمة زوجها.
ومن الواضحة: وإذا كانت المرأة ذات قدر فى نفسها وصداقها، والزوج ملى، فليس
عليها من خدمة بيتها شىؤ لا غزل ولا نسج ولا عجن ولا طبخ ولا كنس ولا غيره،
وعليه أن يخدمها. وإذا كانت إلى الضيعة ما هى فى نفسها
[4/ 610]
(4/610)
وصداقها، وليس فى صداقها ما يشترى به خادم،
فليس على الزوج أن يخدمها، وعليها الخدمة الباطنة، من عجن وطبخ وكنس وفرش
واستقاء ماء إذا كان اماء معها، وعمل البيت كله.
وإن كان زوجها ملياً إلا أنه فى الحال مثله أو أشف، ما لم يكن من إشراف
الرجال الذين لا يمتهنون نسائهم فى الخدمة وإن كن دونهم فى القدر. قال:
وأما الغزل والنسيج فليس له ذلك عليها بحال، إلا أن تتطوع.
وإذا كان معسراً فليس عليه إخدامها، وإنت كانت ذات قدر وشرف، وعليها الخدمة
الباطنة، كما هى على الدينية. وهكذا أوضح لى ابن الماجشون وأصبغ. ومن كتاب
ابن المواز قال مالك: وإذا قال الزوج أنا أدفع إليها خادماً، ولا أنفق على
خادمها. وطلبت هى خادمها فذلك لها، ولينفق عليها وإن لم تخدمه.
فى القسم بين النساء، والعدل بينهن
من كتاب محمد وقال مالك: من تزوج وعنده امرأة غيرها، فليقم عند البكر
سبعاً، وعند الثيب ثلاثاص، ولا تخيرالثيب إن لم يسبع عندها وعند الآخرى، أو
يقيم عندها ثلاثاً ويدور، ولو طلبت هى التسبيع لا يفعل، فقد مضت سنة ذلك أن
يقيم عندها ثلاثاً. قاله مالك: وهو حق لازم، وليس ذلك بيد الزوج. وقال
أيضاً: ليس بلازم. وقال ابن عبد الحكم: وإلزامه أحب إلينا. قال أصبغ قال
أشهب: لا يقضى لها به، قال أصبغ: وأرى أنه حق عليه ولا يقضى به، كالمتعة.
وقال محمد بن عبد الحكم: يقضى به. قال ابن حبيب: يقيم عند البكر سبعاً
والثيب ثلاثاً، وإن كان له غيرهما، ثم هو فى ذلك يتصرف فى حوائجه إلى
المسجد وغيره، فإن لم يكن عنده غيرهان فليس عليه أن يقيم عندها بكراً أو
ثيباً.
[4/ 611]
(4/611)
ومن العتبية ابن القاسم عن مالك: ولا يتخلف
العروس عن الجمعة ولا عن حضور الصلوات في جماعة: قال سحنون: وقد قال بعض
الناس إنه لا يخرج وذلك حق لها بالسنة.
ومن كتاب ابن المواز: وليبتدى في القسم بالليل قبل النهار، أو بالنهار قبل
الليل، وليبتدى بالتي أقام عندها بعد الثلاث أو السبع، وإن شاء بغيرها،
ويبدأ بغيرهاأحب إلينا. وقاله مالك في القادم بإحداهن من السفر.
قال مالك: ولابأس إذا أتى منزل امرأته فطردته وأغلقت دونه أن يذهب إلى
ألاخرى, وإن قدرأن يثبت في بيتها أو في حجرتها فليفعل. وقال ابن القاسم:
إذا أغلقت الباب دونه فيلؤذنهاوليس له أن يذهب بيومهاإلى الأخرى وإن طلبت.
قال أصبغ:
إلا أن يكثر ذلك ضررامنها، بعدالإنصات منه، وليس له مأوى سواهما، وإلافلا.
قال مالك: وليبت عندها، وإنحاضت. قال مالك: وليس له أن يجمع بينهما في بيت
إلا برضاهما، ولا يجوز أن يجمعها على فراش وإن رضيتا. وكرهه في الإماء
أوتعروا بغير ثياب. وكره مالك أن يطأ امرأئه أو أمته ومعه في البيت من يسمع
حسه.
وبعد هذا باب فيه من هذا المعنى.
وقال ابن حبيب. ولايجمع امرأئين في بيت إلا برضاهما، فإن رضينا فلا يطا
إحداهما والأخرى معه في البيت تسمع حسه أولا تسمع. قال ابن الماجشون:
وينبغي أن يكون معه في البيت أحد، نائما أوغير نائم، صغيراأو كبيرا. وكان
ابن عمر يخرج الصبي في المهد. وكره في بعض الأخبار أن تكون معه البهيمة.
[4/ 612]
(4/612)
ويكره أن يجمع الحر تين في فراش وإن رضيتا،
وله ذلك في أمتيه أن ينام معهما في فراش، ولكن لايطأ واحدة والأخرى معه في
البيت، ولاوهي نائمة وقال ابن الماجشون: ولابأس أن يطأ أمته في يوم أحد
زوجتيه، وإن لم يطأها في يوم الأخرى. قال وإذا وطى واحدة في ليلتها فليس
عليه وطء الأخرى. في ليلتها، إذالم يرد ذلك ميلا، ولابأس أن يتوضأ أويشرب
من ماء زوجته في غير يومها، ويأكل من طعام تبعثه إليه من غير تعمد، ويقف
ببابها ويسال ويسلم من غير أن يدخل إليها ولا يجلس عندها.
ومن كتاب محمد قال مالك: ولايأتى إلا واحدة فى يوم الأخرى إلا لحاجة أو
عيادة، وله أن يجعل ثيابه عند أحدهما ما لم يرد ميلاً وضراراً. مالك: ولا
ينبغى أن يقيم هو فى بيت وتأتيه كل واحدة فيه، ولا يأتيهن فى بيوتهن، كما
فعل النبى عليه السلام، إلا أن يرضين بذلك. وكذلك فى العتبية عنه من سماع
أشهب. قال عنه ابن حبيب: ولا بأس بذلك إذا رضين بذلك. قال محمد بن عبد
الحكم: ويقضى عليه أن يسكن كل واحدة فى بيت، ويقضى عليه أن يدور عليهن فى
بيوتهن ولا يأتينه إلا أن يرضين.
ومن كتاب محمد: واختلف قول مالك فى القرعة بينهن إذا سافر، قال مالك: لا
قرعة فى هذا، وليخرج بمن هى أصلح لأمره فى سفره فى الخفة والنشاط. ولعله
عناها، فإن تساورا أقرع بينهن.
قال محمد: ليس له أن يقصد السفر بواحدة من نسائه، وعليه أن يقرع بينهن، فمن
خرجت لها القرعة خرج بها، وله أن يخرج باثنتين إذا كان ذلك بالقرعة.
[4/ 613]
(4/613)
وإذا خرجت هى لحج أو غيره ثم رجعت، ائتنف
لها القسم فيما يستقبل، وغذا قدم بواحدة من سفره القصير، فلا يتعمد ببقية
يومه أحداً، وليأتنف بليلته تلك ويومها، خالفه من شاء منهن القادمة أو
غيرها. محمد: وأحب إلى أن يتبدىء بالقيمة وما ذلك عليه، وغن سافر من عند
واحدة صلاة الظهر ثم رجع مثل ذلك الوقت فليرجع إلى الآخرى، والناس يروحون
من عند بعض نسائهم للظهر، فإذا أمسوا رجعوا إلى بيت الأخرى.
قال ابن حبيب: إذا رجع نهاراً من سفره، فله أن يتعمد ببقية يوم أيتهما شاء،
وليس عليه أن ينزل عند التى خرج من عندها إلا أن يشاء، ولا يحسب ذلك،
ومؤتنف القسم إذا أمسى، وأحب إلى أن ينزل عند التى خرج من عندها، ليوفيها
بقية يومها وما ذلك عليه بواجب. وقاله مالك وأصحابه.
ومن كتاب محمد: ومن له امرأتان فى بلدين، فليعدل جهده، ولا يكثر المقام عند
واحدة إلا لعذر، من تجارة أو علاج أو اقتضاء دين. ومن جار فى القسم أمر
بائتناف العدل، فإن عاد أدب.
قال مالك: ولا يقسم يومين يومين ولا أكثر. قال: قال محمد بن عبد الحكم: ليس
له ذلك، إنما كان النبى عليه السلام يقسمه يوماً يوماً، يريد إلا أن يرضين.
قال فى كتاب محمد: وإذا تركت واحدة يومها للأخرى عندما أراد طلاقها أو لغير
ذلك بغير عوض فذلك جائز، ولها الرجوع متى شاءت. قال مالك: ولا أحب أن تشترى
من صاحبتها يوماً ولا شهراً، وأرجو أن يكون فى الليلة خفيفاً.
[4/ 614]
(4/614)
قال مالك: وقد يرضيها بالشىء يعطيها، ليكن
فى يومها عند الأخرى، وغير ذلك أحب إلى.
وإذا أذنت له فى وطء الأخرى فى يومها فلا بأس بذلك، وإن كان قبل أن يغتسل
من الأخرى، ولو كان لواحدة شباب أو ذات شرف وسماح وعيال فأراد إيثارها،
فأما فى المبيت فليعدل، وكذلك فيما يصلح لكل واحدة من نفقة مثلها بقدر
حالها، ثم له أن يؤثر الأخرى بعد ذلك باليسير بغير ميلة، ولا بأس أن يكسوها
بعد ذلك الخزى والحلى، ما لم زميلاً. وكذلك إذا كانت واحدة الظعن به فى
إتحافه بطرائف الطعام والطيب فيؤثرها، فأرجو أن لا بأس به، والمساواة أحب
إلى.
وقيل: إن معاذاً كان له امرأتان، فلم يكن يشرب الماء من عند واحدة فى يوم
الأخرى، سمعته ولم أدر ما حقيقته؟ وأنهما ماتا فأقرع بينهما، أيتهما يدفن
أولاً.
قال مالك: وإذا كانت واحدة نصرانية أو أمة، فليقسم بينهما بالسواء ولكل
واحدة بقدرها وقدره من النفقة. قال مالك: وله أن يطأ أم ولده وأمته فى يوم
إحدى نسائه، وليس لها قسم مع الحرة، ولا للسرائر بينهن قسم.
من العتبية قال مالك: ومن له امرأتان فكسا إحداهما الخز والحرير وحلاها دون
الأخرى، فإن لم يكن ميلاً له. قال ابن حبيب: ومن له زوجتان حرة وأمة، فابن
الماجشون يقول: يقسم يومين للحرة، ويوماً للامة. وذكر ابن مالكاً رجع إلى
هذا. وهو قول ابن المسيب، وابن شهاب ويحيى بن سعيد وسليمان بن يسار وعطاء.
وقال بالأول ربيعة. وقاله مطرف.
[4/ 615]
(4/615)
ومن كتاب محمد، والواضحة: ولا يجوز أن
يتزوج امرأة على أن يؤثر عليها، ويفسخ قبل البناء ويثبت بعده ويبطل الشرط.
قال ابن حبيب: وإنما يجوز هذا بعد النكاح صلحاً عن الآخرة.
اختلاف الزوجين فى متاع البيت
ومن الواضحة قال: وما اشتراه أحد الزوجين بماله من متاع البيت وهو يشبه أن
يكون للآخر، فلا يحل للآخر دعواه ولا يحل له بالحكم إن ادعاه، وإن تداعيا
فى شىء من متاع البيت فى العصمة أو عند فراق، أو تداعاه ورثتهما بعد الموت،
فما يعرف بالمرة فهو لها مع يمينها، وما يعرف بالرجل فهو له مع يمينه، وما
يعرف بهما فهو للرجل مع يمينه. وكذلك قال محمد بن عبد الحكم فى كتابه.
وقال المغيرة وابن وهب فى العتبية فيما يعرف بهما فهو بينهما مع أيمانهما،
واليمين منهما على البت، وإذا حلف ورثتهما حلفوا على العلم، وإنما يحلف من
ذكرنا منهما إذا ادعى أن ذلك له بشراء أو كسب. يريد ابن حبيب: وقد ادعاه
الآخر. قال سحنون فيما يعرف بأحدهما أنه له بغير يمين، وما عرف بهما فهو
للرجل مع يمينه.
وقال مالك فى المختصر: ما عرف بأحدهما فهو له، وما عرف بهما، حلف الرجل
وكان له، فإن نكل حلفت المرأة وكان لها. وما عرف بالمرأة فأقام هو فيه بينة
حلف ما أخذ منها فيه ثمناً وكان له.
قال ابن حبيب: وما كان من متاع النساء فأقام الرجل بينة أنه ولى شراءه، فهو
له مع يمينه أنه ما اشتراه لها ولا أعطته ثمنه إن ادعت هى بذلك. وما كان من
متاع الرجال فقال الزوج هو لى لأنه من متاع الرجل فليس له ذلك حتى يدعى أنه
اشتراه أو كسبه، وكذلك فى المرأة فيما يعرف بالنساء.
[4/ 616]
(4/616)
فمن متاع النساء، الحلى مما يصلح لهن
والعقود والنظوم والشوادر والقواقب. ومن متاعهن: الأسرة، والقباب والحجال
والفرش واللحف، والقطف، والوسائد والمرافق والبسط، والحصر، والمصلبات،
والطنافس والنوابت، والمشاحب وشبه ذلك. وكذلك فى العتبية نحوه من روتية
يحيى بن يحيى عن ابن القاسم.
قال ابن حبيب: والنمارق، والحجال والطست والإبريق والتنور والمجامر
والطنابر والقمقم والخباز والقصاع والقدور والبرد.
وما يصلح للرجال السلاح كله، والمناطق والمهامز والسكاكين وإن كان ذلك كله
مفضضا، والدواب كلها والسروج. ومما يشبه النساء القراقل من الجباب، وجبب
الخز والوشى والأحمرة، والمقانع واللفائف، والثياب المصبغة، وثياب الحرير
كله. وما ادعاه الزوج أنه له من ذلك بشراء أو ميراث فعليه اليمين فإن لم
يدع ذلك لمتحلف هي. قال: وما يلبسه الرجال دون النساء: العلام البيض
والملونة الموغر، وأوجب الصوف والبركانات، والسراويلات، وشبه ذلك، فهو له
بغير يمين، إلا أن تدعي المرأة أنه دار إليها بميراث وشبهه فيحلف هو. ومما
يكون للرجال والنساء المصحف والرقيق من ذكر أوأنثى والبقر، والغنم، والمعز،
وجميع الحيوان والأطعمة والأدم والثمار، وما يدخر من المعاش. قال أبو محمد:
فأدخل في ذلك الدواب من البقر والغنم ولعله يريد ما كان سائمة غير المراكب،
مما يأوي إلى دار البوادي وما جرىمن عرف البلد وقد تقدم قوله في الدواب
أنها للرجل. قال ابن حبيب: قلت لأصبغ فإن النساء لا يدخلن عندنا بمثل
القمقم، وثور وطست ونحو ذلك من الانية قال: إذا عرف هذا واشتهر فإن ادعاها
[4/ 617]
(4/617)
الزوج بحدثان البناء فهو فيه مصدق مع
يمينه، وإن كان بعد البناء بمدة يمكن فيه أن يستعيده فهي مصدقة مع يمينها،
لأنه من متاع النساء، وإن لم تدع به. وهذا في اليكر، وأما في الثيب فالقول
في ذلك قولها، كان بحدثان البناء أو بعد مدة طويلة.
قال مطرف وأصبع في المرأة تدعي بعد موت زوجها بعض ما في بيتها يصلح للرجال،
ولايعرف أن الميت مات عنه، وتخول هي: كسبته بعد موته. وهذا قبل القسم، قال:
البينة عليها، قرب ذلك أوبعد، ما لم يطل ذلك جدا، فتكون البينة على الورثة.
قال: واختلاف أهل المطال من الأعراب في المطال يأوون فيها قبل الزواج
كالدور.
قال أصبغ في امرأة توفيت فاختلف الووج في رداء عملته، فقال الزوج هو لها،
إلا أن الكتان لي ابتعته فهو مصدق، ويكون له منه بقدر قيمة كتانه، وللميتة
بقدر قيمة عملها، لأنه لوادعاه قبل قوله.
قال مالك، في المختصر: وما نسجته هي والصوف من عنده فهو بينهما، لها بقدر
قيمة العمل، وله بقدر صوفه. قال ابن حبيب: والحصن للرجل كالدار، إلا أن
يعرف للزوجة.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: وما يكون للنساء والرجال، كالساج والرابطة
فللرجل مع يمينه، والصحاف والزجاج والبسط للمرأة. قال ربيعة: والرقيق، إناث
أو ذكور، والدبة للرجل.
قال محمد: ومكا دخلت به من منديل ثيابه من أنواع الثياب، معلمة أو غير
معلمة، أو ما كان من نساج، وعمامة، وسراويل، ومنطقة أو رداء أو قميص
وغلالة، فطلقها فطلبت ذلك فهو لها، لأنه من جهازها إن دخلت به، إلا ما
أبلاه الزوج.
[4/ 618]
(4/618)
فى سكنى المرأة مع أبوى الزوج ودعواها
الضرر
ودعواه الضرر من يدخل إليها
وهل يمنع من دخول أقاربها
ومن خروجها إليهم وإلى مواهم
من العتبية روى ابن القاسم عن مالك فى الرجل يسكن زوجته مع أبويه وأهله
فشكت الضرر، قال: ليس له ذلك. قيل: إن أباه أعمى. قال: ينظر فى ذلك، فإن
رأى ضرراً لما تقول فليحولها عن حالها.
ومن كتاب محمد، والعتبية قال أشهب عن مالك فيمن يتهم حنته بغفساد زوجته
عليه، فمنعها من الدخول إليها، قال: ينظر فى ذلك فإن كانت مسيئة منعت بعض
المنع ولا كل ذلك، وغن كانت غير مسيئة لم تمنع من الدخول على ابنتها.
ومن كتاب محمد وعن الزوج يريد منع أخى زوجته أن يدخل إليها، قال لا يمنع.
وقد كتبت فى كتاب الأيمان من معنى خروج النساء والدخول إليهن كثيراًهناك،
لتعلقه بمنع الزوج ذلك بيميه أو بغير يمينه. قال ابن حبيب: ولا ينبغي للزوج
منع زوجته من الخروج إلى أبويها في لوازم الخقوق، ولا يمنع منها أبويها،
وإن كره خروجها لذلك لم يجبر، لكن لا يمنع أبويها من الدخول إليها، وكذلك
ولدها من غيره، فإن حلف لم أحنثه إلا فى
[4/ 619]
(4/619)
الأوبوين والولد، يريد إذا حلف لا خرجت هى
ولا دخلوا هم إليها. وهو مبين فى كتاب الأيمان.
وقال فى دخول ولدها من غيره إليها، قال: الصغار كل يوم، والكبار من الجمعة
إلى الجمعة، فإن حلف فى دخولهم، فليدعها تخرج إليهم، فإن حلف فى ذلك أيضاً
حنثه الإمام، وإذا كرهه لم يحنث إلا أن يريدوه بالسلطان.
قال أبو محمد: الذى أعرف لابن القاسم فى قضاء الحق أنه يحنث، إلا أن يريد
إلا بقضاء سلطان.
قال: وإذا تزوجت ذات ولد صغير، فمنعهت كونه معها، فإن كان يجد من يكلفه لم
يجبر الزوج على تركه، وإن لم يكن له كافل أجبر على كونه معها، لأنه نكحها
وهو به عالم.
وإذا كان أهل الزوج معها فى دار فقالت له: إما أن تخرجهم عنى، أو تخرجنى.
فأما المرأة الوضيعة فليس ذلك لها، وذلك لذات القدر، قاله ابن الماجشون.
وفى باب القسم بين النساء ما يدل على أن له أن يسكن زوجتيه فى دار، ولا
يجمعهما فى بيت إلا برضاهما.
من كتاب ابن المواز قال مالك: ويقضى على الرجل أن يدع امرأته تخرج فى جنازة
أبيها وأمها وزيارتهم والأمر بالمعروف من الإصلاح والصلة، فأما شهودها
الجنائز واللعب والحمام، فليس ذلك عليه.
قيل لمالك: فإن حلف بطلاق أو عتاق أن تخرج فيه، أيقضى عليه فى أبيها وأمها؟
قال: لا، وإن حلف أن لا تخرج، وهى صرورة أجنبية كذا فى الحج، ولا يدرى هل
يعجل عليه الحنث؟ ولعله يؤخر سنةً وشبهها ولا يعجل
[4/ 620]
(4/620)
عليه. قال: مالك: ولا بأس أن تعود أخاها فى
غيبة زوجها وإن لم يأذن لها حين خرج.
ومن العتبية من سماع ابن القاسم عن مالك: وليس له أن يمنع امرأته أن تسلم
على أخيها وأختها وأمها، وليس كل النساء سواءً، فالمتجالة لا تمنع، ورب
امرأة لا تؤمن فى نفسها فذلك له.
قال: ويؤمر للمرأة بالخروج فى مثل ذلك إلا أن يكثر ذلك، أو تأتى أمراً لا
يؤمن فيه، وعن امرأة كانت برفق زوجها ثم قطعت ذلك عنه، فلما سافر حرم عليها
أن تخرج من عتبة بيتها، وكانت فى دار ليس معها إلا ذو محرم منها، قال مالك:
فأمرتها أن تخرج إليهم، ورأيت ذلك ضرراً من فعله.
ومن العتبية روى سحنون عن ابن القاسم قال: وليس للرجل أن يسكن أولا ده من
امرأة مع امرأة له أخرى فى بيتها، ولا مسكن يجمعهم.
ومن كتاب ابن سحنون: وكتب شجرة إلى سحنون فى المرأة تدعى عند الحاكم أن
زوجها مضر بها، ويدعى هو منها الضرر وسوء الصحبة، وتسأل هى أو هو أن يجعلا
مع من يختبرهما، فكتب إليه إذا لم يظهر ذلك جعل الحاكم معهما من يختبر ذلك،
أو يجعلهما مع من يتبين أمرهما، ثم يعمل على ما تبين له.
وسأله حبيب عن المرأة تشتكى أن زوجها مضر بها وبها آثار ضرب ولا بينة لها
على معاينة ضربه، لها، قال: يسأل عنه جيرابه، فإن قيل: إن مثله لا ينزع عن
ظلمها وأذاها أدبه وحبسه، قيل: فإن سمع الجيران الصياح منها ولم يحضروا
ضربه إياها؟ قال: لا شك فى هذا أنه يؤدب، ولأن هذه الآثار لو كانت من غيره
لشكاهو ذلك وأنكره.
[4/ 621]
(4/621)
وسأله عمن طلق امرأته، فوجب لها المقام
بمنزله للعدة، وأخرج الحاكم الزوج عنها، قال: ذلك لها ولا تترك وحدها.
ومن سماع ابن القاسم: ومن حلف ليجلدن امرأته خمسين سوطاً، قال: يمنع من
ضربها، وليحنث.
فى الاستئذان ومن يجوز له النظر فيه
والمخالطة من محارمه وغيرهم
وما ينبغى من الستر والمخالطة
فى المواكلة والمنام وغيره للرجال والنساء
ومن تخرج إليه المرأة
من كتاب ابن المواز والعتبية من سماع ابن القاسم، قال مالك: لا بأس أن يدخل
الرجل على المرأة يريد نكاحها ينظر إليها. قيل أفيغتفلها من كوة ونحوه؟
قال: ما سمعت. وكره ذلك.
قال: وليستأذن على أمه وأخته، ولا يجوز أن يرى أمه عريانةً.
وعن الرجل يدخل على زوجته ومعها صاحبة لها جالسة، قال: لا بأس بذلك، إذا
أكفت عليها ثيابها.
ومن كتاب محمد قال مالك: ولا بأس أن يرى الخصى الوغد شعر سيدته دون غيرها.
فإن كان له المنظر فلا أحبه، وأما الحرة فلا وإن كان وغداً والعبد الفحل
يرى شعر سيدته دون غيرها إن كان لا منظر له، وكذلك مكاتبها، فأما الحر
[4/ 622]
(4/622)
أو العبد لها نصفه فلا، كان وغداً أو غير
وغد، ولا ينظر الرجل إلى شعر المرأة له بعضها. قال: والخادم الخصى للرجل
يرى فخذه منكشفاً فذلك خفيف، ولا بأس أن يرى الرجل شعر أم امرأته وامرأة
ابنه، ولا بأس أن يقبل خد ابنته إذا قدم من سفره. وكره أن يعانق ختنته
المتجالة إن قدم من سفره.
ومن كتاب محمد والعتبية من سماع ابن القاسم قيل: أيسافر الرجل بأم ولد
أبيه، وامرأة ابنه، ويحملها على الدابة ويضمها إليه ولو صارت فى عصمته غير
أبيه؟ فلا أحب أن يسافر بها الابن ولا يعجبنى، فارقها أبوه أو كانت تحته.
قال مالك: ولا بأس أن يسافر بأخته من الرضاعة. قال: وهو محرم منها. قال
مالك: ولا بأس أن تخرج المتجالة إلى مكة فى جماعة نساء، وناس مأمونين.
ومن كتاب محمد قال مالك: وإذا أراد حمل المرأة فى السفر على الدابة من ليس
بمحرم منها، فليتطأطأ لها حتى تضع رجلها على ظهره، وإن وجدت عنه عوضاً فلا
تفعل، وإنما هذا فى الضرورة.
قال أصبغ: وكل من لا يحل لك فرجها فلا تطلع على عورتك فى مرض ولا صحة، ولا
على اضطرار. قال واحتجت عائشة عن أعمى، وقيل لها: إنه لا ينظر إليك. قالت:
لكنى أنظر إليه.
قال: فلا يعجبنى للحرتين ولا للأختين، أن تبيتا فى لحاف واحد، وكره تعرى
النساء فى لحاف واحد ونهى مالك عن لبس الوصائف لأقبيته، وهو يصف أعجازهن.
[4/ 623]
(4/623)
قال: ولا يعجبنى خروج الجوارى للأسواق
بالميازر، وأراه من الباطل ونهى عمر عن لبس النساء القباطى، وقال: إنه يصف.
قال مالك: الذى يصف ما يلصق بالجسد.
ومن العتبية ابن القاسم عن مالك: ولا يرى عبد الزوجة فخذ الزوج منكشفاً،
ولا بأس أن يدخل على المراة خصيها، وأرجو أن يكون خصى زوجها خفيفاً، وأكره
له خصيان غيره.
قال ابن القاسم: أحب إلى أن لا يرى شعرها وزينتها من لا تملكه منهم، كان
لزوجها أو غيره ممن بلغ الحلم، ولير وجهها بخلاف من تملك. قال مالك: ولا
بأس بالخصى العبد يدخل على النساء ويرى شعورهن، إن لم يكن له منظر، وأما
الحر فلا.
قال أشهب عن مالك فى الخادم زوجة الرجل يدخل عليه فى المرحاض، قاللا، ولا
خادم والده أو ولده.
وروة عيسى عن ابن القاسم: سئل عن المرأة الكبيرة العزبة، تلجأ إلى الرجل
يقوم بحوائجها، ويناولها الحاجة، فلا بأس به، وليدخل معه غيره أحب إلى.
قال أشهب، وكره مالك خروج الأمة متجردة، قال: وتضرب على ذلك. قال فى
الموطأ: ولا بأس أن تأكل المرأة مع غير ذى محرم، ممن يؤاكله زوجها، يريد
معها.
[4/ 624]
(4/624)
فى إكرام المرأة زوجها
ولذة الجماع، وما يفعل عند الجماع، غير ذلك
من العتبية أشهب عن مالك فى المرأة تبالغ فى بر زوجها تتلقاه إذا دخل،
فتأخذ ثيابه عنه وتقف حتى يجلس، فكره قيامها حتى يجلس، ولم ير بغير ذلك
بأساً، وقيامها من فعل الجبابرة، وبعضهم يخرج فيقوم الناس له. قال عنه ابن
القاسم: ولا بأس على النساء أن يطرفن أصابعهن بالحناء.
ومن كتاب ابن المواز: وكره مالك أن يجامع امرأته أو جاريته وفى البيت من من
يسمع حس ذلك من جواريه. قال ابن حبيب عن ابن الماجشون: ولا يكون معه فى
البيت أحد نائم أو يقظان، صغير أو كبير.
وفى باب القسم بين النساء زيادة فى هذا المعنى.
قال ابن المواز: وفى كتاب الحضانة قال مالك: ولما دخل رسول الله صلى الله
عليه وسلم على أم سلمة، وعمار ابن ياسر بالباب، ذهب عليه السلام ليدنو
منها، فبكت الصبية، فقال: خذيها. فأخذتها، وهداتها، ثم ذهب ليدنو منها فبكت
الصبية، فقالت خذيها فسمع عمار فقال: نحن نأخذها يا رسول الله، فأمر له
عليه السلام بها.
قال ابن القاسم: ولا بأس أن يكلم الرجل زوجته وهو يطؤها. قال أصبغ: ولا بأس
أن ينظر إلى فرجها، ويلحسه إن شاء، وإنما يكره النظر إليه من ناحية الطب،
يقال: إنه يضعف النظر.
[4/ 625]
(4/625)
ومن العتبية قال أصبغ عن ابن القاسم عن
الدراوردى، عمن حدثه عن ابن القاسم، سئل عن النخير عند الجماع، فقال: إذا
دخلتم فاصنعوا ما شئتم. وروى ابن حبيب، عن بعض السلف قال: من نخر نخرةً
فليكبر ثلاث تكبيرات. يريد أنه كره له ذلك.
ومن غير هذا الكتاب قال مالك: ولابأس بالتجرد عند الجماع، وإن لم يكن بينه
وبين زوجته ستر حينئذ، وقد كان النبى عليه السلام يغتسل هو وعائشة عريانين
والجماع أولى بالتجرد، ولا بأس أن ينظر إلى الفرج فى الجماع. قال ابن وهب
عن مالك: لا بأس أن يغسل الرجل الصبية ابنته ست سنين ونحوها.
ومن العتبية، روى أشهب عن مالك أنه أجاز للمرأة أن تجعل فى أطراف شعرها
الصوف تمسك به المشط.
فى الأجذم هل يمنع من وطء أمته؟
من العتبية روى ابن القاسم عن مالك فى الأجذم الشديد الجذام، قال: يحال
بينه وبين وكء إمائه إذا كان ضرر. يريد: إن طلبن ذلك، كما يفرق بينه وبين
الحرة للضرر. وقال سحنون: لا يمنع من وطء إمائه.
وفى آخر كتاب الأقضية باب فيه من هذا المعنى.
[4/ 626]
(4/626)
فى المرأة تريد بيع جهازها وخياطته
من كتاب ابن سحنون قال: وكتب سليمان إلى سحنون فى المرأة تريد بيع رقيقها
وعروضها وجهازها، هل للزوج منعها؟ فكتب إليه: أن ليس له منعها، ولها بيع
جهازها، إلا ما لابد لهما من النفع به من ذلك، ولها بيعه وتستبدل منه ما
لابد لهما من النفع به.
قال محمد بن عبد الحكم فيمن دخلت على زوجها بجهاز، فأرادت بيعه فمنعها، فغن
كانت تبيعه تستبدل به جهازاً غيره فذلك لها، وأما أن ترفع ثمنه فليس ذلك
لها، وذلك مما اشترت من الجهاز بقدر الصداق، فأما ذلك فالمرأة أولى بالنظر
فيه، وإن أرادت بيع جهازها وهو جديد لتشترى مكانه قديماً فذلك لها إن كان
ذلك على النظر منها، وله أن يتوطأ هو منه، فأما أن يوطئه لأضيافه، أو
لعبيده فليس ذلك له إذا منعته، ولا لها هى أن تعطيه رقيقها يتوطؤه إذا
منعها ذلك، إلا فيما جاوز الصداق من الفضل.
فى امرأة طلبت النكاح بأمر القاضى
وكان لها زوج فادعت أنه خيرها أو فارقها
ونكحت بأمر القاضى أو لم تنكح
وفى المراة ترفع إلى القاضى أنها تريد النكاح ولا ولى لها
من كتاب ابن سحنون: وكتب سليمان بن عمران إلى سحنون فى امرأة تأتى إلى
الحاكم تريد النكاح، فأمرها أن تأتى بمن يشهد أنه لا زوج لها ولا ولى
حاضراً، فكشف عنها الحاكم، فشهد من يعرف أن لها زوجاً لها منه ولد، فسألها
عن ذلك فاعترفت به وقالت: شرط لى إن غاب عنى كذا وكذا من غير نفقة يبعث بها
إليها، فأمرى بيدى فى أى الطلاق شئت، وقد تمت المدة، فلا نفقة
[4/ 627]
(4/627)
تركها ولا بعث بها، وقد طلقت نفسى. فأمرها
بالتوقف عن النكاح حتى ينظر، ومضت فترة فتزوجت، فبعث الحاكم إلى الزوج
فاعترف أنه زوجها، ولم يبن بها، وادعى الجهالة بأمرها، وزعم أن الولى أمر
بإنكاحها. فكتب إليه: إذا أقرت بالنكاح وأنكرت البناء، وثبت النكاح والبناء
ببينة، وإنما نكحت بعد أن أمرها بالتوقف، فليشدد وقفها ويمنع منها حتى يثبت
ما ادعت من الشرط بالعدول ويثبت أنها اختارت فى وقت يجوز لها فيه الاختيار،
ثم انقضت عدتها بعد ذلك، ثم يمسك الحاكم عنها إن كان زوجها الأول بعيد
الغيبة، وإن كان قريباً كتب إليه، وإن كان نكاحها الثانى قبل هذا، فأفسخه،
فإن مسها فلها قدر ما استحلت به. يريد كالغارة، وإن لم يثبت شرطها، فحل
بينها وبين الزوج، ولا تجز ما فعلت.
وقال: أرأيت إن ثبت شرطها وقالت هى: مضت المدة وهى عامان ولم يبعث إلى
نفقة؟ فكتب إليه: إن استأذنت فى السنتين وقالت لم تأتنى منه نفقة وكثر ذلك
منها فلها شرطها إذا ثبت الشرط، إلا أن تكون أقامت بعد السنتين سنين كثيرة
على ما شهد به الشهود أنه بعث مرةً بنفقة وكتاب وهى تقول: بعد الكتاب الأول
والنفقة الأولى لم يأت منه شىء، أقامت سنين كثيرة تذكر هذا وتستعدى، ثم
أرادت أن تختار فليس ذلك لها.
ومن كتاب ابن حبيب قال أصبغ فى المرأة تأتى تسأله أن يزوجها رجلاً قد
رضيته، فليسألها من مكانها ومن يعرفها، فإن سمت من يثق به سألهم عنها، وإن
لم يجد من يثق به كفلها البينة بأنها امرأة خرة لا يعلمون لها زوجاً ولا
ولياً، فإذا ثبت هذا عنده نظر لها، وإن كانت طارئة ليس بالبلد من يعرفها،
فلا يعرض لشىء من شانها، وليمنعها النكاح حتى تأتى بالبينة من أهلها، من
يعرفها ويعرف أصلها أنهم يعرفونها حرةً لا يعلمون لها زوجاً ولا ولياً
فيأمر بإنكاحها.
ومن المجموعة قال ابن القاسم فى القوم يرفعون إلى القاضى أن امرأة غاب
زوجها عنها منذ عشر سنين لا يعلمون أنه فارقها، وأنها اليوم تحت رجل، هنا
تسأل المرأة؟ وكيف إن ادعت أنه فارقها؟ قال: أما الحاضرة فى البلد فليكشف
[4/ 628]
(4/628)
ويسأل ما لم يظل ذلك السنين الكثيرة مما
يعلم أن البينة يموت فى مثلها، وقد فارقها منذ حين، لو طلب منها علم ذلك لم
تجده فإنها تترك. وإن كانت امرأة قدمت من بلد أو موضع فهى كالتى طال زمانها
بالبلد، وقد تقدم المرأة الضعيفة من مصر أو الشام فتشق عليها البينة فى
ذلك.
فى الدعوى فى النكاح
من كتاب ابن سحنون عن أبيه: وسأله حبيب عمن ادعى نكاح امرأة فتنكره فلم يجد
بينة بطل النكاح، ويجد بينة أن هذه امرأة كانت تسكن معه فى جوارنا خمس عشرة
سنةً وولدت معه، وهى مقرة أنه زوجها، وهو كذلك مقر بالزوجية، فإن خمس عشرة
سنةً كثير وما أحلفه أن ذلك يوجب كناحه، ثم قال: دعنى أنظر فيها. ثم قال:
إن لم تكن سنين كثيرة لم يوجب ذلك النكاح إلا فى الطارئين، فيقبل قوله،
وأما من أهل الموضع فلابد من البينة على النكاح، إلا أ، يكون ذلك فاشياً
مشهوراً فى الناس وعند القرابة. يريد إن كان البناء مشهوراً وعقد النكاح،
وأما تقاررهما بعد البناء بعقد النكاح، فلا يقبل، هذا معنى هذه المسألة.
وقال فى الخامس من الأقضية: كتب سلمان بت غانم فى التى ترفع إلى القاضى
تريد النكاح، ووليها عم، وتزعم أنه على مسيرة ثلاثة أيام أو أربعة، مشغول
فى ضيعته لا يقدم إليهان وقد دعته إلى سداد وكفاية، قال: إذا كان هكذا
فليزوجها الإمام، وهو أحد ولاتها الذين ذكرهم عمر بن الخطاب.
وقال فى البكر، أبوها مقيم بمكة أو بمصر أو بطنحة مثلاً، يفتات عليه فيها،
وليكاتب. وأما الثيب فيزوجها السلطان برضاها، إذا رأى ذلك.
[4/ 629]
(4/629)
النوادر والزيادات
على ما في المدونة من غيرها من الأمهات
لأبي محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن أبي زيد القيراوني
310 - 386 هـ
تحقيق
الأستاذ محمد عبد العزيز الدباع
محافط خزانة القروين بفاس
المجلد الخامس
دار الغرب الإسلامي [5/ 1]
(5/1)
1999 دار العرب الإسلامي
الطبعة الأولى
دار الغرب الإسلامي
ص. ب 5787 - 113 بيروت
جميع الحقوق المحفوظة لا يسمح بإعادة إصدار الكتاب أو تخزينه في نطاق
إستعادة المعلومات أو نقله بأي شكل كان أو بواسطة وسائل إلكترونية أو
كهروستاتية، أو أشرطة ممغنطة، أو وسائل ميكانيكية، أو الاستنساخ
الفوتوغرافي، أو التسجيل وغيره دون إذن خطي من الناشر. [5/ 2]
(5/2)
النوادر والزيادات [5/ 3]
(5/3)
|