النوادر والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
الجزء الثالث
من كتاب النكاح
ذكر المحرمات من النساءء بنكاح أو بملك
من غير كتاب لأصحابنا قالوا: حرم الله سبحانه من القرابة ومن الصهر والرضاع سبعاً، فقال: (حرمت عليكم أمهاتكم) إلى قوله: (وبنات الأخت). فهؤلاء بالقرابة سبع، وقال: (وأمهاتكم التى أرضعنكم) إلى قوله) وإن تجمعوا بين الأختين) وقال: (ولا تنكحوا ما نكح ءاباؤكم من النساء) فهؤلاء سبع بالرضاع والصهر، فهؤلاء محرمات مؤبدات التحريم، إلا الجمع بين الأختين، فإنما هو تحريم فى حال جمعهما.
وحرم غير هؤلاء فى حال دون حال، فمن ذلك أنه حرم الخامسة، وحرم المحصنات من النساء، يقول: ذوات الأزواج، إلا ما ملكت أيمانكم، يقول: بالسباء ولهن أزواج بدار الكفر. قال ابن حبيب: أو سبوا معهن. وحرم نكاح المشركات بقوله: (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن). فهن محرمات بنكاح أو ملك. وأباح الكتابيات الحرائر منهن بنكاح يقوله) والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم) وهذا إحصان بحرية، وأباحهن بالملك بقوله حين
[4/ 503]

(4/503)


حرم ذات الأزواج (والمحصنات من النساء) وهذا إحصان نكاح، ثم استثنى المسبيات، فقال: (إلا ما ملكت أيمانكم) ولم يبح الأمة الكتابية بنكاح، فهى باقية فيما أجمل من تحريم الكوافر، واشترط فى نكاح الإماء بعدم الطول أن يكن مؤمنات، فقال (من فتياتكم المؤمنات).
وحرم نكاح المعتدة ما دلمت كذلك، وحرم المبتوتة على الذى أبتها إلا بعدزوج؛ والجمع بين الأختين هو محرم فى حال جمعهما، ثم تحل له كل واحدة إذا انفردت.
ومما حرم على لسان نبيه عليه السلام والجمع بين المرأة وعمتها وخالتها، وقيل: إن فى القرآن ما دل على تحريم ذلك مجملاً، فأبانه النبى عليه السلام، ونهى الرسول عليه السلام عن نكاح المتعة؛ ونكاح المحرم ونكاح المحلل، ونكاح الشغار. فممن ذكرنا فى هذا الباب مؤبدات التحريم، ومنهن محرمات فى حالدون حال.
ومن الواضحة: وقال فى قول الله سبحانه، فى آخر آية التحريم) إلا ما قد سلف) يقول فى الجاهلية، يقول: فإنه مغفور لكم، وكانت تضر خاصة تحرم
[4/ 504]

(4/504)


من ذلك ما حرم الإسلام، إلا امرأة الأب والجمع بين الأختين، أخذوه من ملة إبراهيم.
ويدخل فى قوله) ما نكح ءآباؤكم) آباء الآباء، وآباء الأمهات، وإن بعدوا. ويدخل مسيس الإماء مدخل ذلك، وتجمع المهات جميع الجدات؛ وفى البنات بنات الذكور والإناث وإن سفلن؛ وفى الأجوات كل أخت لأب أو لأم أو لهما؛ وكذلك العمات والخالات وخالات الأباء وعماتهم وخالات الأمهات وعماتهن، لا يدخل فيه بنات العمات وبنات الخالات. قال غيره: قال الله سبحانه: (وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك).قال: ويدخل في بنات الأخ وبنات الأخت كل أخ أوأخت لأب أولأم أو لهما. وكذلك في قوله: (وأخواتكم من الرضاعة) ويحرم بقوله: (وأمهاتكم التي أرضعنكم).الأمهات وبناتهن وأخواتهن وعماتهن وخالاتهن. ويحرم من قبل الفحل بالسنة. ويدخل فى أمهات نسائكم أمهات الأمهات، ومن بع من الجدات، ولا يدخل أخوات الأمهات، ولا بناتهن وهم حلال إذا فارق الزوجات أو متن.
وأما الربائب فإنما يحرمن بالبناء بالأم أو بالتلذذ بها بلباس أو تجريد، أو مغازلة أو مداعبة، أو نظر شهوة إلى وجه أو ساق أو شعر.
وقوله: (وحلائل أبنائكم الذين من أصلبكم) لم يعن دون أبناء الرضاع، لكن دون من يدعى ابناً بالتبنى، وأمر أن يدعو لأبائهم، وكان النبى عليه السلام قد تبنى زيد بن حارثة، ثم تزوج زينب بنت جحش وكانت تحت زيد، فقال المنافقون فى ذلك، فأنزل الله هذا.
[4/ 505]

(4/505)


ويحرم فى افماء بالقرابة والرضاعة ما يحرم فى الحرائر. ولا يجمع بين الأختين فى وطء الملك، ولا بين المرأة وعمتها ولا خالتها. كما تحرم الأم والابنة فى الملك، على هذا وفر الصحابة والسلف.
وقوله) الزانى لا ينكح إلا زانية أو مشركة) غلى آخر الآية. فالنكاح ها هنا الزنى، لا يزنى بها إلا زان أو مشرك. روى عن ابن عباس، وقال ابن المسيب: هى منسوخة بقوله) وانكحوا الأيامى منكم).
قال ابن حبيب: ولا يجوز نكاح الزانية المجاهرة ذات الخدر. ويستحب لمن تحته امرأة تزنى أن يفارقها؛ فغن بلى بحبها فلها حبسها. وروى ذلك النبى صلى الله عليه وسلم وما علم من ذلك فعليه الاستبراء بثلاث حيض. وفى مملوكته حيضة. قال مالك: ومن زنى بامرأة، فله ان يتزوجها بعد استبراء رحمها بثلاث حيض.
قال مالك: والمرأة المعلنة بالسوء، لا أحب للرجل أن يتزوجهاا، ولا أراه حراماً.
[4/ 506]

(4/506)


وهذا باب فى معنى الأول
فى ذكر حلائل البناء والأباء والربائب
وأمهات النساء وما ضارع ذلك
وهل يحرم ذلك بالوطء الحرام أو بشبهة؟
من كتاب محمد قال مالك: إذا قبل الرجل امرأته يريد اللذة، ثم ماتت، حرمت بذلك عليها ابنتها، كالوطء، إلا أن يكون صغيراً فليس بشىء. وكذلك النظر تلذذاً تحرم بذلك على آبائهه وأبنائه، وتحرم عليه أمها وابنتهاز وكذلك إن نظر إلى ساق أمته أو معصمها تلذذاً، أو إلى بعض عورتها للذة. وقاله عمرو بن عمر.
قال مالك: وإن مرضته أو مرضها فاطلع أحدهما على عورة الآخر ومسهالم تحرم، إلا أن يكون للذة. قال أصبغ: إن صح ذلك وسلم من اللذة بقلبهأو بصره أو يد أو فعل.
قال مالك: ومنله شرك فى جارية، وكانت تغمز رجلى أبيه ويمازحها، ثم ملك الابن جميعها، قال: ترك مصابها أحب إلى.
وقال ابن حبيب: وإذا ملك الأمة أبوك أو ابنك، وإن كان الابن صغيراً ومثله يلذ بالجوارى، فلا يقربها حتى يبين له أبوه أو ابنه أو أنه لم يلذ منها بشىء.
قوله: صغيراً لا أدرى ما هو؟.
ومن العتبية روى أبو زيد عن ابن القاسم فيمن ماتت امراته قبل البناء فقبلها ميتة، أو وطئها، فإنها تحرم عليه ابنتها، وقد حرمت عليه أمها يريد بالعقد ومن زنى بامرأة، فلا ينكح ابنتها، وله أن يتزوج أختها.
[4/ 507]

(4/507)


ومن العتبية: وقد اختلف مالك في التحريم، وفي موطأه: أن لا تحرم به، وبه قال سحنون. وذكر ابن المواز اختلاف قول مالك فيه. قال محمد: فإن وقع لم أفسخه. وروى عنه أشهب أشهب فى واطىء ختنه فى الفرج أو فى دونه أنه لا تحرم بذلك امرأته، ونهاه عنها فى رواية ابن القاسم، وكره فى روايته نكاح امرأة وطىء أمها حراماً فى الفرج أو دونه. وروى عنه ابن عبد الحكم ان له نكاح ابنتها، وينكحها ابنه.
قال مالك: والوطء بالنكاح الحرام تحرم عليه به أمها وابنتها، وتحرم على آبائه وأبنائه. قال ابن حبيبك ولا يقع تحريم بعقد نكاح حرام.
ومن عقد نكاح امرأة بنكاح حلال أو نكاح شبهة يثبت بعد البناء فإن أمها تحرم عليه بذلك. قال ابن حبيب: ورجع مالك عما فى الموطأ أن الزنى لا تقع به الحرمة إلى أن ذلك تقع به الحرمة.
ومن العتبية: روى ابو زيد عن ابن القاسم: ومن وطىء أمة ثم زوجها عبده فولدت منه جارية أنها لا تحل لابنه من غيرها. وروى عنه عيسى أنها تحل له، قال عيسى: كما أن للرجل أن ينكح بنت امراة ابنه من غيره، ولدتها بعد أن فارقها أو قبل أن يتزوجها، ولابنها من غيره نكاح ابنته من غيرها. وكذلك قال ابن المواز مثله سواء. وللرجل أن يتزوج ربيبة زوج أمه.
ومن كتاب ابن حبيب: روى ان طاووساً استثقل للرجل نكاح ما ولدت امراة أبيه من غير أبيه بعد أبيه، ولم يكره ما ولدت قبل أن ينكحها ابوه. قال محمد ابن الجهم: وهذا شاذ لا وجه له، انظر لعل طاووساً كره ذلك إذا اتصل لبن الأول حتى أرضعت به فى ملك الثانى.
[4/ 508]

(4/508)


ومن كتاب ابن المواز: ومن وطىء امة ثم أعتقها أو باعها فولدت من غير صبية، فلا بأس على أبيه أن يتزوجها. وكذلك لو كانت لعبد قبل ذلك. وكل ما حرم جمعه بالنكاح حرم بملك اليمين، يريد فى الوطىء والتلذذ لا فى الملك، من الأختين والمرأة وعمتها أو خالتها.
ومن الواضحة وغيرها: ولا بأس أن ينكح الرجل أخت أخته من النسب، مثل أن يكون لأخته لأبيه أو لأخته لأمه أخت لأمه، أولأخيه لأمه أخت لأبيهن قاله مالك: وكذلكينكح أخت أخته من الرضاع.
ومن كتاب محمد: ولا باس أن يتزوج الرجل امرأة ابن امرأته، وامرأة أبى امراته، ولا يتزوج امرأة ابيه أو أبيه من الرضاعة. وهو قول مالك وأصحابه. ولا ينكح امرأة جده من قبل أبيه أو من قبل أمه.
وسئل سحنون، فى كتاب السير، عمن زوج ابنته الطفلة لابن عم لها طفل سأله ذلك؛ فقال قد زوجتكها ولم يسم صداقاً ولا حضر ذلك بينة. ثم ماتت الطفلة، ثم مات أبوها. ثم بلغ الصبى فتزوج أمها، فامره سحنون أن ينزل عن الأم لشبهة نكاح البنت. وهذا على قول مالك. وقال بعض أصحابنا لا ينزل عن الأم، لأن نكاح الطفل لم ينعقد، والذى قال ابن المواز: إنه إذا بلغ لزمه، وليس يقال: لم ينعقد إنما هونكاح حتى يرد.
[4/ 509]

(4/509)


فيمن تزوج أماً وابنة أوأختاً بعد أخت ولم يعلم،
ثم مات أو لم يمت، وقد بنى او لم يبن
أو بنى بواحدة وعلمت الأولى أو لم تعلم،
أو مات عن خامسة مجهولة أو عن ذات محرم
من كتاب ابن المواز: ومن مات عن امرأتين، فوجدت إحداهما أم الأخرى، فإن بنى بالآخرة سقط الميراث بينهما؛ أما كانت الآخرة أو ابنة، دخل بالولى أو لم يدخل، وللتى بنى بها جميع الصداق المسمى؛ عاجله وآجله، ولا شىء للتى لم يبن بها. فإن لم يدخل بالآخرة فلا صداق لها ولا ميراث، وللأولى الصداق والميراث، دخل بها أو لم يدخل. فإن لم تعرف الآخرة، فللتى بنى بها الصداق، ولا صداق للتىلم يبن بها، اولى كانت أو آخرة.
وقيل: إن للتى بنى بها نصف الميراث وقاله ابن حبيب. قال محمد: ولا يعجبنى إن ترث شيئاً؛ لأنه لا يرث أحد شيئاً بشك، وإنما تعطى نصف الميراث فى موضع يوقن أن أحدهما ترث لا شك فيه، فيقسم بينهما. فأما من يمكن ان يكون له شىء، ويمكن أن لا شىء له فلا يرث هذا.
فغذا كانت المدخول بها هىالآخرةفلا ميراث لها ولا للاولى، وإن كانت هى الأولى ورثت ولم ترث الآخرة، فليست واحدة وارثة بكل حال.
ولو لم يبن بهما لكان الميراث بينهما؛ لأن الأولى لا شك أن لها الميراث، فلما لم تعرف قسم بينهما، ولكل واحدة نصف صداقها المسمى؛ لأن الآخرة لا صداق لها، وللأولى صداقها، فلما جهلت قسم بينهما.
وإن بنى بهما، فلا ميراث لهما. ولكل واحدة ما سمى لها.
[4/ 510]

(4/510)


قال أصبغ قال أشهب، فيمن تزوج أختاً بعد أخت وبنى بهما، ثم مات ولم تعلم الأولى، وكلاهما تدعى أنها هى، فليحلفا، ولكا واحدة صداقها، والميراث بينهما. محمد: لأن وطأه الآخرة ها هنا لا يفسخ نكاح الأولى، فقد مات وهى امرأته بكل حال، بخلاف الأم والبنت، لأن وطأه إحداهما يحرمالأخرى، قال أشهب فى الأختين: وتعتد كل واحدة عدة الوفاة والإحداد. محمد: مع ثلاث حيض على المدخول بها. قال مالك: وكذلك إن كانت واحدة عمة الأخرى أو خالتها.
قال ابن حبيب: فإن لم يبن بهما، فالميراث بينهما، ولكل واحدة نصف صداقها، وإن بنى بواحدة معروفة فلها الصداق، والميراث بينهما، وللتى لم يبن بها نصف صداقها، وإن نكحهما فى عقدة فلا ميراث لهما، ومن بنى بها فلها الصداق، ولا صداق للاخرى. وكذلك لو نكح أماً وابنةً فى عقدة عامداً أو جاهلاً.
ومن كتاب ابن المواز قال ابن وهب عن مالك فيمن نكح أختاً بعد أخت ولم يعلم وبنى بالآخرة وحدها، فليفارقها ولها المسمى، ويبقى مع الأولى، فإن أحب الآخرة وحدها فارقها، ثم نكح الآخرة بعد ثلاث قروء، إن كان طلاقه الأولى بائناً، ولا ميراث بينهما.
وكذلك العمة والخالة، وإنلم يدخل بهما، وجهل الأولى، فارقهما، ولكل واحدة نصف صداقها بعد أن يحلفا.
قال ابن القاسم: فإن كانتا أم وبنت، ولم يعلم الأولى ولا بنى بهما، فرق بينهما، وحرمت عليه الأم للأبد. محمد: ولكل واحدة نصف صداقها، كما لو مات عنهما، وله نكاح البنت منهما، وتكون عنه على تطلقتين؛ لخوفى أن تكون
[4/ 511]

(4/511)


هى الأولى، فلزمتها طلقة. وكذلك فى مسألة الأختين من تزوج منهما كانت عبده على طلقتين.
قال ابن حبيب: ومن مات عن خامسة لا تعرف، فالميراث بينهما أخماساً، بنى بهن أو لم يبن، وإن بنى ببعضهن فاللتى بنى بها صداقها، والميراث بينهما أجمع، وإن كان قد طلق رابعة ولا تعرف المطلقة، فإن عرفت الخامسة فلها ربعالميراث وجميع الصداق، بنى بها أو لم يبن إذا كان قد طلق الرابعة ثلاثاً او واحدة وانقضت العدة قبل نكاح الخامسة، ويكون للاربع ثلاثة أرباع الميراث بينهن. ومن دخل بها منهن فلها صداقها، ومن لم يدخل بها فلها ثلاثة أرباع صداقها، وهنسواء فى الميراث، وكذلك قال بعض اصحاب مالك.
ومن كتاب محمد: قال أشهب فيمن نكح أختاً بعد أخت ولكل واحدة شهود، ولم تؤرخ البينة، ولم تعرف الأولى، فالزوج مصدق فيمن قال أنها الأولى، ويفارق الآخرة بغيرطلاق ولا صداق. محمد: وهذا لا يعجبنا، فإن لم ينكر الآخرة بعينها فرق بينه وبينها، كالقائل جهلت الأولى.
قال مالك: ومن مات عن امرأتين، فوجدت واحدة عمة الأخرى أو خالتها، لم ترثه إلا الأولى. قال محمد: ولو دخل بالثانية فلا ميراث لها ولا عدة للوفاه عليها، ولها مهرها وعليها ثلاث حيض استبراء، وللأولى الميراث وجميع الصداق، بنى بها او لم يبن، وعليها عدة الوفاه.
قال محمد: ومن مات عنامرأة، فقامت بينة أنها أخته من الرضاعة، فلا ميراث لها، ولا الصداق إن دخل بها، وعليها الاستبراء، ويحل المؤجل من صداقها بموته، ولو فسخ فى حياته لم تأخذه إلا إلى أجله، إلا أن يموت قبل ذلك.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فيمن زوج أمتين له لرجل، ثم
[4/ 512]

(4/512)


زعم أنهما ابنتاه، قال: يلحق نسبهما ويفارق الزوج الآخرة. قال عيسى: ولو نكحهما فى عقدة فسخ نكاحهما جميعاً.
قال ابن حبيب: وكل وطء حرام وقع بنكاح وشبهة بجهالة، فالولد فيه لاحق، والحد ساقط، وما كان تعمداً بغير شبهة نكاح أو ملك، فالولد ينهى، والحد واجب، وحيثما ثبت الملك سقط الحد، وإن كان الوطء حراماً متعمداً مثل أنيملك خالته، او عمته. وأما لو ملك من تعتق عليه فوطئها عالماً بالنسب وبالتحريم وبأنها تعتق عليه، فهو زان إذا لم يعذر بجهل؛ لأنه بالعقد تعتق عليه، ويتوارثان. وقاله لى بعض أصحاب مالك.
جامع القوم فيما يحرم
من الجمع بين الأختين
وبين المرأة وعمتها وخالتها
وما يجوز الجمع بينه من النساء
من كتاب ابن المواز: ومن باع أمة وطئها ثم اشترى أختها، فلا يطؤها حتى تحيض التى باع، ولو حاضت ثم استقال فيها أو ابتاعها؛ فإن كان قد وطىء أختها فلا يقرب هذه حتى يحرم فرج أختها. وإن لم يطأها فهو مخير فى إحداهما. قال: ولا يجزئه تحريم من وطىء منهما بيمين بحريتها بظهارها أو لا يطؤها أو بغير ذلك، لأن الوطء ها هنا غير محرم.
قال ابن أبى سلمة: ولا يهبها لمن يعتصرها منه، ولا لمن إذا شاء أخذها منه بثمن أو بغير ثمن بغير امتناع منه، ولا يبيع مفسوخ، وقيل ولا ببيع صحيح يعلم بها عيباً فيكتمه، ولا ببيع فيه استبراء ولا على العهدة والخيار حتى ينقضى ذلك كله. محمد: يريد عهدة الثلاث.
[4/ 513]

(4/513)


ولو ملك زوجته بمثل هذا الشراء فسخ نكاحه إلا فى الخيار، ولو باع واحدة، أو زوجها من عبده، أو من غيره فمات عنها أو فارقها فكان قبل يمس فقد حلت له أختها.
وقال على بن ابى طالب وابن عمر: ما حرم جمعه بالنكاح حرم بملك اليمين. وقاله عمر وعثمان وعبد الرحمن بن عوف فى عدد من الصحابة.
ومن الواضحة: ومن وطىء أختين بالملك، ثم أخدم إحداهما أشهراً أو سنةً، فلا يحرمها ذلك عليه ولا يبيح أختها؛ فإن أطال الأجل مثل السنين الكثيرة أو حياة المخدم، فذلك يحل له أختها. قاله ابن الماجشون.
ومن عنده أختان فوطىء إحداهما، ثم زوجها، ثم طلقت، فأصابها فى العدة، فله أن يصيب الأخرى وتلك فى عدتها أو بعد انقضائها لأنها صارت محرمةعليه للأبد.
ومن كتاب محمد: ومن عنده أمة يطؤها، ثم تزوج أختها، فقال أشهب وابن عبد الحكم: النكاح جائز وله الزطء فيه من غير تحريم للأولى؛ لأن نكاح الثانية حرمها، لأنه لم يكن وطىء الأولى لم يكن مخيراً فى وطء من شاء، كما لو اشتراهما، وإنما له وطء المتزوجة، ولو وطىء الأولى لم تحرم بذلك المتزوجة، وقد قال ابن القاسم: لا يجوز نكاحها، إذلايقع نكاح فيمن لاله الاستمتاع بها بعقد نكاحها، وهذه لايقربها حتى تحرم الأولى، ولكن إن نكحها فلا أفسخه، وأوقفه عنها حتى يحرم من شاء منهما. وقال عبد الملك: يفسخ النكاح ولا يقر ولو أعتق أختها فلابد من فسخه. قال ابن دينار: أحب إلى أن يحرم فرج التى كان يطؤها، ثم له حينئذ وطء الثانية.
[4/ 514]

(4/514)


وذكر ابن حبيب عن مطرف وأصبغ أن الكاح يفسخ، وكذلك الما جشون، وذكر عن أشهب أنه يقف عن وطء التي تزوج، حتى يحرم فرج الأمة، وهذا خلاف ما روي عن سحنون وابن المواز. ومن كتاب ابن المواز: ومن تزوج أمة فلم يمسها حتى اشترى أختها فوطئها، قال ابن القاسم: يقف عنهما حتى يحرم إحداهما. وقال أشهب: بل يطأ امرأته لأن فرج أختها حرام بالنكاح في هذه، وإذا وطى بالملك أختا بعد أخت، فليقف عنهما حتى يحرم فرج واحدة، فإن حرم الأولى، استبرأالثانية، وإن حرم الثانية لم يستبرئ الأولى، إلاأن يكون وطى الثانية، فليستبرئها أيضا، لأنه وطء لا ينبغي، والجاهل والعالم في جميع ما ذكرنا سواء والجمع للأ ختين، أوالمرأة مع عمتها أو خالتها بالنسب والرضاع سواء وكذلك مع خالة أوعمة لأبيها أو لامها. وقاله ابن شهاب، في نكاج أو في وطء بملك. ولا أن يجمع بين العم، وإنما كرهه مالك لما يقع بينهما من التقاطع. وقاله يحيى بن سعيد. قال مالك: وناس يكرهونه وما أعلمه حراما. قال ربيعة ومالك: لابأس أن يجمع بين المرأتين بينهما نسب، لو كانت إحداهما رجلا حلت له الأخرى، وإن كانت لاتحل له الأخرى يجمع بينهما. قال مالك: فأما المراة وربيبتها، فله أن يجمع بينهما، يريد إذ ليس بينهما نسب. ومن طلق امرأته طلاق رجعة فلا يتزوج أختها حتى تنقضى العدة أو يكون الطلاق بائناً. وكذلك فى نكاح الخامسةة وقد طلق واحدة من الأربع.
ومن العتبية: روى أبو زيد عن مالك فيمن ماتت امرأته، فتزوج أختها قبل أن تقبر الميتة، فإنى أكرهه له غسلها ولا أحرمه.
[4/ 515]

(4/515)


ومن كتاب ابن حبيب: ولا يجمع بين امرأة مع خالة ابيها أو مع عمة أبيها، ولا مع خالة أمها أو عمة أمها لا بنكاح ولا فى وطء بملك، أو كانت واحدة زوجته والأخرى أمته، يريد يطؤها، ولا يجمع بينها وبين خالة خالتها، ولا مع عمة عمتهان فأما مع عمة خالتها فإن تكن الخالة أخت أمها لأبيها فعمتها عمة أمها فلا يجوز، وإن كانت خالتها أخت أمها لأمها فذلكجائز؛ لأنها أجنبية. لو كانت إحداهما رجلاً حلت له الأخرى. وأما جمعها مع خالة عمتها؛ فإن تكن ام العمة وأم الأب واحدة فهى كالخالة فلا يجوز.
قال فى كتاب أبى الفرج: وكذلك إن كانت شقيقة الأب، قالا: وإن تكن أمها غير أم الب فذلك جائز، وهى أجنبية.
ولا اختلاف أن للرجل أن يجمع امراة رجل وابنته من غيرها، وقد فعله عبد الله بن جعفر؛ تزوج امرأة على وابنته من غيرها.
وفى كتاب الرضاع شىء من معانى هذا الباب.
قال ابن حبيب قال أصبغ فيمن أسرت امرأته فغاب خبرها، فأراد نكاح أختها أو عمتها أو خالتها، قال: فإن طلق الماسورة البتةن جاز له ذلك الآنن وإن طلقها دون الثلاث لم يجز إلا بعد خمس سنين من يوم سبيت، إذا كان طلاقه بحدثان السباء؛ لاحتمال تمادى الريبة بها بجس البطن كذا، فلا يبريها إلا خمس سنين. وإن طلق بعد السباء بسنة، فلا يفعل ذلك إلا بعد أربع سنين، وإن كان بعد السباء بسنتين، فبعد ثلاث سنين، وكذلك إن طلقها بعد ثلاث سنين من السباء فأكثر؛ لاحتمال أن تستراب فتأتيها الحيضة فى آخر السنة، ويصيبها فى الثانية كذلك، وفى الثالثة يكمل إما ثلاث حيض أوسنة لا حيض فيها. وإن كانت مسترابة بالجس، فما تقدم بالطلاق من المدة محسوب من الخمس سنين التى به أقصى الحمل.
[4/ 516]

(4/516)


قال: ولو سبيت وهى نفساء، وطلقها بحدثان ذلك انتظر سنةً؛ لأنها عدة التى ترفعها الحيضة لنفاسها.
انظر ما معنى قول ابن حبيب كأنه تكلم على أنه تمادى بها الدم، وقد تطهر من نفاسها ثم تستراب، وقد تحيض فى آخر السنة ثم تستراب، فكيف لم يأمرها بجبر ثلاث سنين؟ وليست تؤمر بخمس سنين؛ لأنه موقن أنه لا حمل لها منه؛ إذا لم يطأها بعد النفاس. وهذا صحيح.
فى المدعى فى نكاح امرأة وهى تنكر هل يتزوج أختها؟
والمرأة تقر أن زوجها طلقها ثلاثاً ثم تريد نكاحه قبل زوج
من العتبية، روى عيسى بن دينار عن ابن القاسم فيمن تزوج امرأة، فأنكرته وتفرق شهوده فلميقض لها عليها، هل يتزوج أختها؟ قال: لا، حتى يطلق هذه ثلاثاً، وكذلك لا يتزوج رابعة سواها حتى يطلقها، وأنا احب إن لم يطلقها أن تكون فى سعة إن تزوجت غيره، ولا يديمها؛ نكح اختها أو لم ينكحها.
وقال فى المرأة تزعم أن زوجها إنما طلقها ثلاثاً، ثم تريد نكاحه قبل زوج، فلا تفعل ذلك، فإن فعلت ذلك فرق بينهما، ولو قالت كنت كاذبة لم تصدق، ولو أنكرت أن تكون قالت ذلك وشهد عدلان أنها قالته فلتمنع من نكاحه، ولو كان شاهداً واحداً وهى منكرة فلا تحلف.
فى نكاح الحر والعبد، وتسرى العبد،
ونكاح الإماء، ونكاح الأمةعلى الحرة
من كتاب ابن المواز وغيره: قال الله سبحانه وتعالى: (وإن خفتم ألا تقسطوا فى اليتمى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلث وربع
[4/ 517]

(4/517)


فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة). قالت عائشة: نهى الله سبحانه وتعالى من فى حجره يتيمة يرغب فيها وفى مالها أن يتزوجها، إلا أن يقسط لها فى الصداق، فقال: (وإن خفتم ألا تقسطوا فى اليتمى فانكحوا ما طاب لكم من النساء). يقول: غيرهن.
قال مالك: وللعبد أن ينكح أربع نسوة، وهو أحسن ما سمعت، وقاله ربيعة.
قال عنه أشهب: وإن كان له حرتان ومملوكتان فذلك جائز إن إذن له أهله، وروى عنه أشهب أيضاً فى نكاح العبد أربع نسوة، إنا لنقول ذلك وما ندرى ما هو؟
وروى عن ابن وهب أنه لا يتزوج العبد إلا اثنتين، وقاله الليثز
قال مالك: ولا باس أن يهب السيد لعبده الدنى الهيئة الأمة يطؤها، إذا كانت هبة مستقيمة، قيل إن كان يخاف ان يزوجه إياها فلا يقدر أن ينزعها منه إذا باعه، فيقول أهيه فإن بدا لى نزعتها منه، فكره ذلك وقال: هذا يعيره إياها، فلا يعجبنى إلا هية صحيحة يريد بها سروره وإعفافه.
قال مالك فى المختصر: وإذا كان له مال فى يد عبده فلا يجوز له أن يأذن له أن يتسرى فيه، ولكن حتى يهبه ثمنها، أو يسلفه إياه.
وقال الله سبحانه: (ومن لم يستطع منكم طولاً) إلى قوله: (ذلك لمن خشى العنت منكم) قال ابن حبيب: هى محكمة، فلا تحل له الأمة إلا بعدم الطول وخوف العنت وهو الزنى وهو قول على وابن عباس وابن مسعود. وهو قول أصحاب مالك، وهو رواية ابن وهب عن مالك.
[4/ 518]

(4/518)


ومن كتاب ابن المواز قال محمد: وأكثر قول مالك أن الحر لا يتزوج الأمة حتى يغشى العنت ولا يجد طولاً. وبه أقول. قال غيره: وهو ظاهر الآية، وقد اختلف فى نسخها.
قال فى كتاب ابن المواز: فإن تزوجها بهذا الشرط ثم وجد طولاً ثبت على نكاحها. قال مالك: والطول والمال. وقال ربيعة: والعنت الهوى.
قال مالك: وإذا وجد ما ينكح به حرة ولا يجد النفقة فلا يتزوج الأمة. قال مالك: وإذا خشى العنت ولم يجد طولاً فله أن يتزوج من الإماء أربعاً إن شاء، ولو كان تحته ثلاث حرائر لم يكنذلك طولاً يمنعه الأمة، ولكن لا يتزوجها إلا بإذن الحرة أو الحرائر. وكان من قول مالك: إن الحرة تحته طول يمنعه الأمة وإن خشى العنت وكان ممن لا يجد طولاً. قال: فإن فعل فسخ. قيل: أفيعاقب؟ قال: لا، ثم رجع فقال: يجوز، وتخير الحرة. وهو قول ابن المسيب، وأخذ بذلك ابن القاسم. وبالأول أخذ أشهب وابن عبد الحكم أنه يفسخ.
وروى ابن وهب عن مالك. إذغ أخشى العنت ولم تكفه الحرة أن ذلك له. وكان من قول مالك فيمن تزوج أمة على حرة وهو يجد طولاً، انه يفرق بينهما وإن خشى العنت، قال: ويضرب. ثم رجع فأجازه، وجعل الخيار للحرة، وقال: لولا ما قاله من قبلى من العلماء يريد ابن المسيب وغيره لأجزته لأنه حل فى الكتاب.
قال محمد: أراه يعنى قوله تعالى: (وانكحوا الأيمى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم).
قال ابن شهاب: من تزوج أمة على حرة وهو يجد طولاً فليعزر قال أصبغ:
وإنما يجوز نكاحه ويخير الحرة إذا كان فيه الشرط: أن يخشى العنت،
[4/ 519]

(4/519)


لا تكفيه الحرة، ولا يجد طولاً مع ذلك الحرة، أو يهوى الأمة. هوى يخاف فيه على نفسه العنت إنه لم يتعزوجها.
وللعبد تزويج الإماء على الحرة إن وجد طولاً ولم يخش العنت، ولا كلام للحرة، وله نكاح أربع إماء أو حرائر.
ومن الواضحة قيل لأصبغ: ما الطول وقد يتساوى صداق الأمة والحرة؟ قال: تأويله الا يجد ما يقيم من أمر الحرة من صداق ونفقة ومؤنة. والأمة ينفق عليها اهلها إن لم يضمنها إليه. وقال ابن الماجشون: هو المال من عين او عرض أو دين وإن كان مؤجلاً، إذا كان على ملى يمكنه بيعه وإن كان على عديم فليس بطول.
ومن له مدبر أو معتق إلى اجل فليس بطول، ولا عبده الآبق وإن قرب إباقه. وأما بعيره الشارد فليتأن حتى يبعد ذلك. وكتابة المكاتب طول لأنه يبيعها، وما أعكمر من عبد أو مسكن فليس بطول، وإن اسكن الدار سنة ونحوها ممات يجوز له بيعها إليها فهو طول حتى يبعد، وسنة فى العبد ودونها بعيد لا بياع إليه. وإن كان يجد طولاً إلى حرة، أو كانت تحته حرة فهوى أمة، فمتى خاف العنت فيها فله نكاحها بعينها. قاله مالك وأصحابه.
وإذا نكح أمة لعدم الطول وخوف العنت ثم أفاد طولاً ثبت على الأمة، إلا ان لا يتزوج حرة فتحرم عليه الأمة التى عنده، روينا ذك عن ابن عمر وابن عباس إلا ان لا يكتفى بالحرة ولا يجد ما ينكح به حرة أخرى، فلا تحرم عليه الأمة التى عنده.
[4/ 520]

(4/520)


وكذلك فيمن تحته حرة ولم تعجبه وخشى العنت ولم يجد طولاً لحرة، فلينكح إذا رضيت له الحرة.
قال ابن الماجشون: لا يتزوج أمة وحدها، ولا على أمتين ولا على ثلاث، ولا حرة قبله أو بعده، إلا بعدم الطول وخوف العنت، فله ذلك فى جمع هذه الوجوه حتى يجتمع عنده أربع إماء أو حرائر وإماء، ولم يختلف فى هذا أصحاب مالك غلا فى خيار الحرة.
قال ابن القاسم، ومطرف: تخير أن تقيم أو تفارق بواحدة أيمن كانت قبل الأمة او بعدها.
وقال المغيرة وابن دينار وابن الماجشون وابن نافع: إنما تخير إذا دخلت على الأمة، فاما إن كانت هى الأولى فإنما تخير فى رد نكاخ الأمة أو تركه. وبه أقول. قال ابن الماجشون: وللذمية فى هذا ما للحرة المسلمة.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: وأما نكاح الحرة على الأمة فجائز، فإن لم تعلم الحرة فلها الخيار. ورواه ابن القاسم وابن وهب عنه. وروى عنه أشهب أنه لا خيار لها. وكذلك فى المختصر.
وقال مالك: وإذا تزوج الأمة والحرة فى غقد وسمى صداق كل واحدة منهما، فجائز إن علمت الحرة، وإلا فلها وحدها الخيار، وإن تزوج أمتين على حرة وعلمت بواحدة فرضيت، فأعلمت بالأخرى فلها الخيار، وكذلك الحرة يتوزجها عليهما.
ومن العتبية، روى ابن القاسم عن مالك، أنه أجاز للحر نكاح الأمة وهو يجد طولاً إلى حرة فليتزوج أمة؛ فإن لم تكفه ولم يجد فليتوزج أخرى. هكذا إلى اربع.
[4/ 521]

(4/521)


قال: وإذا تزوج العبد أمة على حرة فلا حجة لها؛ لأن الأمة من نسائه قاله مالك وأصحابه إلا ابنالماجشون فإنه قال: للحرة معه مثل ما لها مع الحر.

فى الرجل هل يتزوج أمة له فيها خدمة؟
أو أمة ولده أو والده أو أمة أصدقها زوجته
أو يزوج ابنته لعبده
ومن يبعث زوجته الأمة مع ولده
هل له أخذها بالثمن؟
من العتبية، روى ابن القاسم عن مالك قال: لا أحب للرجل أن يتزوج أمة أخدمنها إياه رجل وإن رضى ربها، وكأنه كالشريك فيها. وذكر ابنالمواز عن مالك مثله، إلا أنه قال: أخدمهما إياه حياته. وقال: وهو لا يجد طولاً.
قال مالك، فى الكتابين: ولا يتزوج الرجل أمة ابنه أو ابنته. قال فى العتبية: ويفسخ إن نزل، وتقوم الأمة على الب فى ملائه وعدمه، حملت أو لم تحمل، وإن لم تحمل كانت له أم ولد، وكان بوطئه إياها متعدياً، كان الأبن صغيراً
أو كبيراً.
وفى كتاب أم الولد لابن القاسم أن الابن مخير إذا لم تحمل فى التعدى. ومن العتبية روى أبو زيد عن ابن القاسم فيمن ساق إلى زوجته جارية فى صداقها، فأراد أن يتزوجها فلا يفعل، وهو كالشريك فيها يريد قبل البناء
[4/ 522]

(4/522)


ومن كتاب ابن المواز: ولا يجوز أن يزوجح أمته من والده، ولا بأس أن يزوجها من ولده، ولا يزوج ابنته من عبده وليس بحرام. قال: ولا أعلم من أجاز نكاح أمة الابن إلا عبد الله بن عبد الحكم، فإنه يجيزه. وقل: مع إنى أكرهه. فإن وقع لك أفسخه.
ومن العتبية قال ابن القفاسم، عن مالك فى الحر تحته أمة له منها ولد، فبيعت، فله أخذها بما بلغت لما فى ذلك من عتق ولده.

فى الأمة الغارة بالحرية
من كتاتب محمد، ومن العتبية من رواية سحنون عن ابن القاسم: وعن الأمة تغر الحر فيتزوجها على أنها حرة، فبنى بها ثم استحقت وفسخ النكاح، فليؤخذ منها ما زادها على صداق المثل.
قال فى كتاب محمد: ولو غره منه أحد ولم يخبره أنه غير ولى لها يريد عقد نكاحها، فليرجع عليه بالصداق كله، وإذا لم يغره منها أحد لم يرجع عليها بجميع الصداق لما غرت لأنه ليس لها، وإنما يرجع بما زاد عن المثل.
قال فى كتاب محمد: فإن كان صداق مثلها أكثر، فقال أشهب: قلا يزاد عليه، ولا حجة للسيد، كمات لو زنى بها طائعة. وقال ابن القاسم: يتم لها صداق المثل وقاله أصبغ ومحمد.
وذكر سحنون عن ابن القاسم فى العتبية لا يزاد ما أعطاها من ربع دينار فأكثر، ولو أقبضها ونقصها ذلك أكثر فلا يزاد، إلا ان يكون كا أعطاها أقل من ربع دي
نار، أو لم يصدقها شيئً، فلتعط صداق مثلها.
[4/ 523]

(4/523)


قال سحنون: وقال غيره مثله، وزاد فقال: إن أصدقها مثلى صداق مثلها، أعطيت ما بين صداق أمة وحرة، نصف صداق أمة، ونصف صداق حرة.
ومن الواضحة: وعلى المغرور بالأمة أنها حرة فى ولد قيمتهم يوم الحكم، فى قول مالك وأصحابه، إلا المغيرة فقال: عليه قيمتهم يوم ولدوا.
ومن العتبية: قال أصبغ، عن ابن القاسم: وغذا قال الزوج ظننتها حرة فهو على قوله. قال أصبغ: والسيد مدع فعليه البينة، وليس على الزوج بينة أنه نكح على أنها حرة.
قال فى كتاب محمد: وإذا تزوج الحر أمة ولم يشترط أنها حرة، فله الخيار إذا ظهر انها أمة.
ومن العتبية قال أصبغ: ولو أقر الزوج الآن أنه نكحها عالماً بأنها أمة، وقد فشا أنها غرته من الحرية، والسماع على ذلك او الشك، فلا يصدفق الأب غلى كا يدفع عن نفسه من غرم قيمة ولده، ويريد من إرقاقهم/ قال: وإذا قتل الولد فأخذ لالأب ديتهم فاستهلكها، ثم أعدم فى قيام السيد، فلا يرجع السيد على غارم الدية بشىء؛ لأنه ودى ذلك بحكم لزمه.
ومن كتاب محمد قال ابن القاسم: ولا يرجع المغرور بالأمة بما يؤدى من قيمة الولد على من غره منها بشىء من ذلك، وإذا كان الأب عدجيماً فرجع عليهم لم يأخذ من الملى منهم إلا قيمة نفسه، ولا يؤدى قيمة أخيه المخدم، ولا ما عجز فيها، ويتبع بذلك أول من أيسر من الأب أو الولد، وليس للمستحق ولاؤهم، ولو كانوا ممن يعتق عليه فليس له أخذ قيمتهم.
[4/ 524]

(4/524)


وإذا كانت الغارة أم ولد أخذ قيمتهم على إنهم إن بقوا إلى موت السيد عتقوا من راس ماله. قال: فإن لم يقم بذلك حتى مات فلا شىء لورثته؛ وإن كانت مدبرة قوموا على أنهم يعتقون من ثلثه إن بقوا، أو لا يكون ثلث فيروقوا. قال محمد: لا يعجبنى، والصواب فى ولد المدبرة، أن يأخذ قيمتهم عبيداً، كمنت ابتاع مدبراً فأعتقه.
قال ابن القاسم: وتؤخذ قيمة ولد المكاتبة غبيداً فتوقف؛ فإن رقوا بالعجز أخذها السيد، وإن عتقوا رجعت إلى اغلأب. قال محمد: بل المكاتبة أحق بقيمتهم، وتدفع إلى السيد فى الكتابة؛ فإن وفت بها عتقت وولدها، وغ
لا حسنت من آخر الكتابة كالجناية عليها.
ومن الواضحة روى مطرف عن مالك أنه بغرم إن كانت معتقة إلى أجل قيمتهم إلى ذلك الجل، وإن كانت مدبرة أو أم ولده فقيمتهم على أنتهم يعتقون بموت السيد، وليس لهم ما كانوا صغاراً قيمة حتى يبلغوا العمل والخراج، فإن مات قبل بلوغهم ذلك فأعتقت أم الولد وعتقت المدبرة بالتدبير أو المؤجلة ببلوعغ الجل فلا شىء على الأب.
ومن كتاب محمد: وإن غرت أمة عبداً بأنها حرة، فسيدها يسترق ولدها، ويرجع العبد على من غره بالمهر، ثم لا يرجع من غره عليها، وإن لم يغره أحد رجع عليها بالفضل على صداق مثلها؛ لحجته أنه رغب فى حرية ولده. ةهذا غن شرط أنها حرة، أو نسبت له إذا العزلة بوجه يعلم به إن عمل على أنها حرة، وإلا فلا يرجع بشىء من الصداق، بخلاف الحر لا يشترط حريتها ثم يجدها أمة، والأمة بيت الرجلين يزوجها أحدهما بغير إذن شريكه فإن ذلك يفسخ، فإن بنى بها فاللذى زوجها نصف المسمى، ولغائب الأكثر من ذلك أو من نصف
[4/ 525]

(4/525)


صداق المثل، فإن غر العاقد الزوج فقال له هى حرة أم هى لى وحدى فلا شىء للذى زوجها، ويؤدى الزوج نصف المهر، ويرجع به على الذى عقد. ولو اجاز الغائب النكاح ولما علم الزوج أنها أمة لم يرض، فعليه لغائب القل من نصف المسمى أو نصف صداق المثل، ويرجع بذلك علىة الذى غره باانها حرة وعقد له:
فى المغرور بالعبد
والمسلم يتزوج نصرانية على انه على دينها
وفيمن تزوج نصرانية ولم يعلم
من كتاب محمد: وإن غر عبد حرة بأنته9 حر فتزوجها بغير علم سيده، ثم علم فأجاز، فلها الخيار، فإن فاغرقت قبل البناء فلا شىء لها، وإن بنى فلها الصداق. وإن لم يقل لها إنى حر ولا عبد، فلها الخيار ابداً، وهو غار حتى يخبرها أنه عبد. وكذلك إن كان مكاتباً او بعضه حر. وكذلك الحر يتزوج المرأة ولا يشترط أنها حرة، فله الخيار إذا ظهر أنها أمة.
ومن العتبية، روى عيسى، عن ابن القاسم، فى العبد يغر الحرة بأنه حر فتتزوجه، فلها أن تختار دون الإمام.
ومن سماع ابن القاسم: وعن الآبق يتزوج حرة فيقيم معها نحو عشرين سنةً، ثم اعلمها
أنه عبد فقرت، ثم علم سيده فأقر نكاحه، فقيل لزوجته لك الخيار. فاختارت الفراق واشهدت به، فقال الزوج قد رضيت بى قبل هذا فأقرت بذلك، قال: قد طلقت نفسها فلا تصدق بما أقرت به من الرضا قبل ذلك إلا ببينة، وهذا الأمنر كان اوله على غير صواب.
[4/ 526]

(4/526)


ومن كتاب محمد: وإذا أقامت سنين مع مكاتب تزوجها ثم قالت لم أعلم أنه مكاتب وقد غرنى. فلتحلف أنها ما عملت ولها الخيار. قال أصبغ: تحلف ما علمت أنه مكاتب، ولا ينفعها أن تقول: ظننت المكاتب حراً. قال ابن حبيب: ولو قالت جهلت أن لى خيار لم تعذر لم بذلك.

ومن كتاب ابن المواز قال مالك: وإذا تزوج العبد حرة بغير إذن سيده، وبنى بها، فللسيد أخذ ما أعطاها إلا ربع دينار.

ومن تزوج نصرانية ولم يعلم فلا حجة له فى ذلك حتى يشترط أنها مسلمةً، أو يطمئن، ويعلم أنه إنما تزوجها على أنها مسلمة لما كان يسمع منها، فيكون منها الكتمان وإظهار الإسلام، فهذا كالشرط.

وأما المسلم يغر النصرانية فيقول: أنا على دينك. فتزوجه ثم علمت، قال مالك: لها الخيار لأنه غرها ومنعها من كثير من شرب الخمر وغيره. وقال ربيعة: لا خيار لها، وليس الإسلام بعيب، وقول مالك أحب إلينا.

فى عيوب النساء من أمر قديم أو محدث
ومن غر من الزوجين والتداعى فى ذلك

ومن كتاب ابن المواز: وإذا ظهر بالمرأة أحد العيوب الأربعة بعد البناء فلها الصداق، ويرجع به على وليها إن كان قريب القرابة؛ أباً أو أخاً أو ولياً لها مصافياً ملاطفاً، فإن كان بائناً لم يزل غائباص مع الجفوة منه وقلة الخبرة بها فلا شىء عليه، وذلك عليها ويترك لها ربع دينار. قاله ابن القاسم، وابن وهب. وقال أشهب: بل ذلك عليه وإن كان غائباً لم يعلم إذا كان مثل الأب والابن والأخ، وهى السنة، وقد يكون البرص بموضع لا يقدر أن يراه.
[4/ 527]

(4/527)


قال محمد: وأرى أن يلزمه حتى يصح من غيبته ما يعلم أنه بذلك غير عارف. وقاله ابن عبد الحكم عن مالك: إذا علم أنه لم يعلم فلا شىء عليه. وذكر ابن حبيب مثل قول ابن القاسم وقال: ويحلف أنه ما علم بدائها ولا اطلع، ثم يرجع الزوج عليها بالصداق. قال فى كتاب ابن المواز: إلا ربع دينار.

ومن كتاب محمد: وإذا كان الولى الذى يرجع عليه عديماً أو مات ولا شىء له لم يرجع على المرأة بشىء، وليس عليها أن تخبر بعيبها ولها ولى، والبكر والثيب فى ذلك سواء.
وكذلك ذكر أصبغ، فى العتبية، عن ابن القاسم.

وقال ابن حبيب: بل رجع على المرأة إن كانت مليةً، فإن كانت عديمةً، رجع إلى أولهما يسراً.

قال فى كتاب ابن المواز: وإذا كان الولى البعيد يعلم ذلك منها ذلك منها حين عقد فعليه يرجع الزوج، ويبقى للمرأة مهرها، وهذا إن أقر أو قامت البينة عليه، وإلا لم يحلف، إلا أن يدعى بأمر علمه الزوج فليحلف، فإن نكل حلف الزوج: لقد علم وغره، فإن نكل فلا شىء عليه ولا على المرأة؛ لإقراره بعلم الولى به وأنه غره.

محمد: وأما الولى القريب فذلك عليه لغرم المعجل، فإذا ودى الزوج المؤجل رجع حينئذ به عليه.

وإن زوجها الأخ وهى بكر بأمر الأب فالغرم على الأب، وإن كانت ثيباً فعلى الأخ، وإن زوجها غير ولى عالماً بعيبها أو كتمه فعليه يرجع، إلا أن يعلمه أنه غيرو ولى، أو يعلم ذلك الزوج، فلا شىء عليه وإن كتمه، كالمنادى على السلعة يخبر أنها لغيره فالعهدة على ربها.
[4/ 528]

(4/528)


وإذا كان الوالى البعيد كابن العم والمولى عالماً بالعيب وعقد، رجع عليه دونها وإن علمت. قال ابن حبيب: فإن اتهم أن يكون علم حلف ثم لا شىء عليه. قال محمد قال مالك: وليس على الولى أن يخبر بعيب وليته ولا بفاحشة لها إلا العيوب الأربعة، ومثل أن يعلم أنها لا تحل له من رضاع أو نسب أو معتدة. ومن الواضحة قال: وتفسير داء الفرج ما كان فى الفرج والرحم مما يقطع اللذة فى الوطء، فإن علم بذلك أو ببقية العيوب الأربعة ثم دخل بها فلا خيار له، وإن بنى قبل يعلم فلما علم أمسك، هو مخير، فإن ادعت أنه مسها أو تلذذ منها بعد العلم فأنكر حلف وصدق، فإن نكل حلفت وصدقت، وإن لم تدع ذلك عليه فلا يمين عليه، وإن اختار فراقها فى داء الفرج وغيره وقد بنى فعليه الصداق، ويرجع به على الوالى، ولا يرجع الوالى عليها.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: والرتق إذا كان من قبل الختان فإنه يبط على ما أحبت أو كرهت إذا قال النساء أن ذلك لا يضرها، وإذا كان خلقةً، فإن رضيت بالبط فلا خيار له، وإن أبت فالخيار إليه.
قال أصبغ: وإذا أقامت للعلاج وهو يتمتع بها، فإن طال ذلك كطول أمر العنين فى علاجه، فلها جميع الصداق، كالسنة وما قاربها من كثير الأشهر. ومن كتاب ابن حبيب: وإذا أرادت الرتقاء البط وأبى الزوج، فغن قال النساء إن فيه مصلحتها من غير عيب ولا قطع لذة فذلك لخا، فإن طلق لزمه ما يلزمه فى طلاق الصحيحة، فغن طلب هو بطها فأبت لم تجبر، فإن كرهها وفارق فلا صداق عليه، إلا أن يطول تمتعه كالسنة، وكذلك إن أقامت للعلاج ثم فارق. قال ابن حبيب: وإذا أقام مع الرتقاء مثل السنة رجاء العلاج ثم أيس ففارق، فلها جميع الصداق لطول تلذذه، ولو تكلم بعد الشهر أو الأشهر يريد وفارق حينئذ وقال: قد تربصت رجاء العلاج، فإن ذكر ذلك من أول ما رآه، وأشهد أنه مجتنب لها لا يضاجع ولا يتلذذ فذلك له، فإن ادعت عليه جماعاً
[4/ 529]

(4/529)


وتلذذاً حلف. فإن لم يعرف ذلك من قوله وإشهاد إلى حينفارق بعد شهر أو نحوه، وهو أقر أنه علم ذلك منها حين بنى، فليس ذلك له، إلا أن يغرم نصف الصداق وإن قال لم اطلع على ذلك إلا اليوم وقد كان يخلو بها، وقالت هى: قد رأى ذلك منى فهى مصدقة وتحلف، وإن كان هذا التداعى فى برص؛ فإن كان بموضع يخفى مثله على الرجل من امرأته صدق أنه لم يره مع يمينه، وإن كان بموضع لا يخفى مثله صدقت هى وحلفت.
وإذا زعم أن بها رتقاً أو غيره من داء الفرج فكذبته فهى مصدقة، وإن طلب أن ينظر إليها النساء فليس ذلك له، فإن فارق وادعت المسيس فلها جميع الصداق، فإن أتى بامرأتين فشهدتا أنهما رأتاها رتقاء، ولم يكن ذلك عن أمر الإمام، جازت شهادتهما، إذ الطلاق بيده لم يوجبه شهادتهما، وإنما أوجبت صداقاً.
فإن قيل: فإذا لم تمكنهما من النظر، فقد صار نظرهما تعمداً جرحةً، قيل: هذان يعذران بجهلهما.
وأخبرنا أبو بكر قال: قال سحنون: ابن القاسم يقول: لا ينظر إليها النساء فى عيب الفرج يدعيه الزوج، وقد قال: ترد به. فكيف يعرف إلا بنظرهن؟ وروى ابن سحنون عن أبيه، أنه ينظر إليها النساء إذا ادعى ذلك الزوج.
ومن الواضحة: ومن بنى بزوجته فادعى المسيس فأكذبته، وشهد لها امرأتان أنها عذراء، فلا تقبل شهادتهما لأنه يؤول إلى الفراق، وقد كذبهما من له الفراق، فافترق عن الأول. وكذلك قال فى هذا وفيما قبله من هذا الباب مطرف وابن الماجشون وابن الحكم وأصبغ.
ومن العتبية من سماع ابن القاسم قيل لمالك: أترد المرأة من البرجى القليل؟ قال: ما سمعت إلا ما فى الحديث. وما فرق بين قليل وكثير. قال ابن
[4/ 530]

(4/530)


القاسم: ترد من قليله، ولو أحيط علماً فيما خف منه أنه لا يزيد لم ترد منه، ولكنه لا يعلم ذلك فلترد من قليله.
وعمن زوج ابنته على أنها صحيحة، فتقيم سنة ونحوها ثم تنجذم، فيدعى الزوج أنه زوجه وذلك لك بها وينكر الأب، فالبينة على الزوج في ذلك. قال ابن حبيب: واليمين علي وليها إن كان أبا أخا، فإن كان غيرهما فعليه اليمين. ومن كتاب محمد قال مالك ولو قال الزوج كان بها الجذام قديما. وقال الأب بل زوجتك صحيحة. فالأب مصدق مع يمينة.
قال ابن المواز قال مالك: وليس على الرجل أن يخبر بعيب وليته ولا بفاحشة لها إلا العيوب الأربعة، وقيل: إن يعلم أنها لا تحل له من رضاع أو نسب، أو معتدة.
ولا ترد السوداء إلا بشرط. قال ابن القاسم: ومن الشرط إذا قال له: قيل لى إن ابنتك سوداء. فقال: بل هى بيضاء. وكذلك ليست ابنتى عمياء ولا عرجاء. فما وجد خلاف ذلك فله الرجوع. وقاله أصبغ. وكذلك روى عيسى وأصبغ فى العتبية عنه، إن قال: إنى أخاف أن تكون ابنتك سوداء أو عمياء. فيقول: ليس لك شئ من هذا.
وقال ابن حبيب: ليس له رد فى غير العيوب الأربعة إلا بشرط، إلا فى فى السوداء فليردها وإن لم يشترط أنها بيضاء، إذا كان أهلها لا سواد فيهم، فكأنه شرط. وكذلك القرعاء إن كان فاحشاً؛ لأنه مما تستره الوقاية، وذكر أنه روى ذلك فيهما عن عمر.
[4/ 531]

(4/531)


ومن كتاب محمد بن وهب عن مالك: ومن غر من عاقر لا تلد، أو امرأة غرت من رجل عقيم، فلا كلام لواحد منهما.
قال مالك: وترد الحامل من الزنى وله المهر على من غره من ولى علم ذلك فإن لم يكن ردت هى الصداق إلا ربع دينار. قال مالك: ويكون كالواطىء فى العدة. قال ابن القاسم: لا يكون كالعدة، ثم رجع فقال: يكون كالعدة فى حمل الزنى خاصة، فيرجع عليها. وهى تقولك لم أعلم بحملى وأخطأت العدة، قال: لا شىء له ولم يظهر بأنه غر بأمر يثبت.
وقد روى أشهب عن مالك فى الأب يزوج ابنته رجلاً فيجدها حاملاً من غيره وقد بنى بها، فلها الصداق، وقد يخطئون العدة ويتعمدون فى هذا.
ومن الواضحة: فإذا زنت أو غصبت ثم تزوجت قبل الاستبراء فليفسخ، ويرجع عليها بجميع الصداق لما غرته، ثم له بعد الاستبراء نكاحها، وإذا نسب وليته فلانة بنت فلان، ثم وجدت لغية، فإن فارق قبل البناء فلا صداق عليه، وإن بنى رجع بجيعه على وليها فى البكر والثيب، ولا يرجع الولى عليها بما غرم. ولو انتسبت هى رجع عليها إلا فى عدمها فيرجع على الولى، وأما فى البكر فعلى الولى دونها. وقاله لى فى ذلك كله مطرف وابن الماجشون وابن عبد الحكم. وقاله ابن القاسم وأصبغ.
ومن العتبية روى اصبغ عن ابن القاسم فى المرأة تنتسب للرجل: فلانة بنت فلان. فيجدها لغية فله الفسخ، وإن وجد أباها لغيةً لم يفسخ بذلك. وكذلك فى انتساب الرجل للمراة.
[4/ 532]

(4/532)


ومن كتاب محمد: وما حدث بالمرأة من جميع العيوب بعد النكاح فهو نازلة بالزوج ولا حجة له، وإن كان قبل البناء فإن شاء بنى وإن شاء طلق وعليه نصف الصداق.
وبعد هذا باب فى البكر يجدها ثيباً.

فى عيوب الرجال، ومن طلق عليه
لعدم بمهر أو بنفقة، وهل لها صداق؟
وفى اختيار الفراق فى هذا وغيره
من كتاب ابن المواز، قال مالك: وللمرأة أن ترد الرجل مما يردها به من الجنون والجزام والبرص وما غرها به، ولها المهر إن بنى، وإن لم يبن فلا شىء لها، وإن دخلت عالمة فلا حجة لها إلا أن تزيد العلة به. وما حدث بالرجل من جنون أو جذام فلها الخير فى فراقه.
قال أشهب عن مالك فى الجنون الغالب: فغن فارقته قبل البناء فلا مهر لها، وإن كان بعد البناء فلها مهرها. قال مالك: وليس حدوث البرص الشديد مثل ذلك، ولا سمعت أن أحداً فرق فيه ولا أرى ذلك. وروى عنه أشهب: لا يفرق فيه بينهما وإن غرها. وقال ابن القاسم، وابن عبد الحكم: يفرق فيه أحب إلينا. وفى باب آخر، قال ابن القاسم: أما فى حدوث البرص بالرجل فلا خيار فيه لها وإن كان شديداً. وروى عيسى عن ابن القاسم: إذا حدث به البرص الخفيف فلا يفرق فيه، وأما ما فيه ضرر لا يجبر على المقام عليه فليفرق بينهما، وأما الجذام فيفرق فيه إذا تبين. وقاله مالك.
ومن زوج أمته من عبده وظهر به جذام فله أن يفرق بينهما، ولكن ليرفع ذلك إلى الإمام إذا كان قد بنى بها. وقال: وليس للتى بزوجها جذام أن تختار
[4/ 533]

(4/533)


الفراق دون الإمام، ثم لا يفوض ذلك إليها الإمام متى شاءت، ولكن يخيرها؛ فإن كرهته فرق بينهما بواحدة إذا يئس من برئه، وقاله سحنون، بخلاف المغرورة بالعبد؛ هذه لها الفراق دون الإمام. وأما المسوس والذى يغت مرة بعد مرة فهما سواء، وقد قال مالك، فى المعيوب: يضرب له سنة. قال عبد الملك بن الحسن قال ابن وهب: إذا كان بالرجل جذام بين لا شك فيه، وإن لم يكن مؤذياً ولا فاحشاً، فليفرق بينهما إذا طلبت ذلك؛ لأنه لا يؤمن زيادته، وأما الأمر الخلفى الذى يشك فيه ولا يعرف أنه جذام، فلا يفرق فيه.
وأما المجنون، فسواء جنون إفاقة أو مطبق؛ فإن كان يؤذيها ويخاف عليها منه حيل بينهما فى الخوف؛ وأجل سنةً يتعالج، قال مالك: ويحبس فى حديد أو غيره أن خيف عليها منه، وينفق عليه من ماله، فأن برىء وإلا فهى بالخيار، وإن كان يعفيها من نفسه ولا يرهقها بسوء ولا يخاف منه فى خلوته بها فلا حجة لها. وقال أشهب فى المجنون الذى لا يفيق: ولو خيف أذاه مرة او مرتين فى الشهر فلها الخيار، وإن لم تخف منه فلا خيار لها وإن كان لا يفيق.
قال أشهب: وليس للجذام حد، إلا أنه إذا كان متفاحشاً لا يحتمل النظر إليه وتغض الأبصار دونه فلها الخيار، ولو شاءت المقام ثم بدا لها فذلك لها. قال ابن حبيب: ومن زوج ابنه صغيراً فلما بلغ ظهر أنه أحمق مطبق، وأرادت هى أو ولى الصغيرة الفسخ، وقالت: كان الجنون به قديماً وبالبلوغ ظهر. فهذا لا يعرف وهو على أنه حادث.
ومن كتاب محمد، قال مالك: يؤجل للجنون سنة، وكذلك الموسوس الذى لا يغت والذى يخنق ويفيق، ويحال بينه وبينها إذا كان يأذيها، ويحبس فى
[4/ 534]

(4/534)


الحديد وغيره إن عبث. وقال محمد، فى كتاب الطلاق: غنما يفرق بينه وبينها إذا كان يؤذيها ولا يؤمن عليها.
قال: وإذا خيرها الإمام فى الأجذام فاختارت المقام، ثم قامت بعد سنين. قال ابن القاسم: فإن زيد أمره غلى ما هو أردى وأشد فذلك لها، وإن لم يتزيد فلا حجة لها غذا رضيت به عند السلطان أو عند غيره أو أشهدت. وكذلك روى عيسى، عن ابن القاسم، قال: ولا حجة لها إذا قالت: ظننت أنه سيذهب.
ومن الواضحة: وللمراة الخيار على الزوج فى العيوب الأربعة التى ترد بها النساء، فعيوب فوجد أن يكون خصياً أو مجبوباً أو عنيناً أو معترضاً أو حصوراً، فإن اختارت فراقه فرق بينهما الإمام بطلقة ولا صداق لها، ولكن المعترض يؤجل سنة للعلاج، وكذلك المجنون.
ومن كتاب محمد قال مالك: ومن تجذم قبل البناء ففارقته زوجته فلا صداق لها، كالنصرانية تسلم قبل البناء. وقاله ابن القاسم، وفى العتبية، قال: وأما من طلق عليه لإعسار بصداق أو بنفقة، فلها نصف الصداق.
وقال أصبغ عن أشهب فيمن قال: إن تزوجت فلانة فهى طالق، فتزوجها فطلقت فلها الصداق.
ومن الواضحة: وإذا لم يبرأ المجنون فى السنة ففرق بينهما فلا صداق لها. وإذا اطلعت على عيوبه بعد البناء، فاختارت الفراق فى الجنون والبرص، أو الالخصى قائم الذكر أو بعضه، فلها جميع الصداق وتعتد. وأما المجبوب المسموح والحصور خلق بغير ذكر أو ذكره كالزر، فلا صداق لها، ولا عدة عليها إلا أن يحمل لمثلهم.
وروى ابو زيد عن ابن القاسم فيمن تزوج امرأة على نسب انتسب لها إلى قريش أو إلى فخذ من العرب، ثم يوجد من غير ذلك الفخذ، فإن كان مولى
[4/ 535]

(4/535)


فلها الخيار إن كانت عربية، وإن كان عربياً وهو من غير لبقبيلة التى سمى فلا خيار لها، إلا أن تكون قرشية تزوجته على أنه قرشى فإذا هو من قبيلة من العرب، أو تكون عربية تزوجت على ادعائه فذلك لها.
ومن كتاب محمد قال: ولو صبغ شيخ راسه بسواد غرها به حتى تزوجته، فلا خيار لها فى ذلك.
ومن العتبية روى سحنون عن ابن القاسم فيمن جن فبل البناء فاختارتفراقه فلا صداق لها، وإن فرق بينهما لعدم الصداق أو النفقة فلها نصف الصداق. وقال ابن نافع: إن فرق لعدم الصداق، أو لأنه مجنون، فلا صداق لها.

فيمن طلق ثم علم عيباً بالمرأة
أو خالعته ثم علمت عيباً به
من كتاب محمد قال مالك: ومن فارق ثم ظهر على عيوب بالمرأة ترد منها فلا رجوع له عن الصداق بشىء، فارق قبل البناء أو بعد، ويغرم ذلك إن لم يدفعه. وكذلك لو اختلعت لمضى ذلك. ولو مات أحدهما قبل الفراق وعلم العيب توارثا، والصداق لها، وكذلك فى الواضحة مثله كله.
وكذلك فى العتبية رواه ابن القاسم عن مالك إن ماتت أو طلقت أو خالعته قبل علم الزوج بعيبها فلا يرجع يشىء. وقال سحنون: بل يرجع على من غره بالطلاق، فإن غرته هى رجع عليها. وكذلك لو غرها من نفسه بعيب فخالعته ثم علمت لرجعت عليه بما أعطته.
وبعد هذا ذكر الخلع فى النكاح الفاسد.
[4/ 536]

(4/536)


فيمن نكح بكراً فأصابها ثيباً
من العتبية روى أصبغ عن أشهب فيمن تزوج جاريةً على إنها بكر فقال وجدتها ثيباً. فلها عليه جميع الصداق. قيل: فإن صدق الأب انه شرط له ذلك وقال: إنها كانت تكنس البيت فذهب ذلك منها ولم تعلم، فخذ مالك واسكت. فاخذه منه. قال: فللأب أن يسترجعه من الزوج ولا شىء له. قال أصبغ: ليس له ذلك من وجهين: أحدهما أنه شرط أنها بكر، والاخر لو لم يشترط فإن للأب رده طائعاً، فليس جهله حجة ولا يصدق، ويحمل على أنه أراد الستر، وصار كالفدية؛ لنه يكون فيه فرقة، وترجع به المرأة على الأب.
جامع القول فى العنين والمعترض
وذكر نكاح الخصى
من الواضحة قال: وإنما يضرب الإمام الأجل للمعترض إذا أقر بذلك وذلك يفرق بينه وبين العنين بغير أجل إذا أقر بذلك وكذلك إن أقر أنه حصور أو مجبوب إذا طلبت ذلك الزوجة منهم، وإذا قال المعترض بعد الفرقة: قد أطلقت بعد اعتراضى فلا رجعة له، وهى طلقة بائنة. قال ابن المواز: لأنها قبل البناء.
قال ابن المواز قال مالك: والبكر والثيب سواء، إذا اعترض عنها ضرب له أجل سنة من يوم يرفع. قال ابن حبيب: وهذا فى إقرار الأزواج، فإن أنكر، فأما الحصور والمجبوب المسموح ذكره فقط، او ذكره وأنتياه، أو مقطوع الخصا خاصةً، فهذا يختبر بالجس على الثوب.
[4/ 537]

(4/537)


وأما دعواها أنه عنين أو معترض فأنكر هو فهو مصدق مع يمينه. قاله مالك وعبد العزيز عندما نزلت بالمدينة. وقال ابن أبى ذئب: يخلى معها ويكون عدلان خارجاً؛ فإن خرج إليهما بقطنة فيها نقطة صدق. وقال ابن ابى ذئب: يلطخ ذكره بزعفران، فإذا فرغ ادخل إليهما امرأتان عدلتان، فإ وجدتا الزعفران فى فرجها داخل فرجها صدق. وقال محمد بن عمران: يخلى معها ثم يخرج وتلازمها امرأتان، فإن تطهرت صدق، وإن لم تغتسل فهى مصدقة، فقضى بقول مالك وعبد العزيز، ولم يريا عليه شيئاً.
وقالا: لو أقر بالاعتراض فأجل، ثم ادعى المسيس فى الأجل، حلف وصدق، وقاله أصحاب مالك عنه، وقال ابن عبد الحكم وأصبغ: لابد أن يحلف فى دعوى المسيس قبل ضرب الأجل وبعده.
قال ابن حبيب: وحال العنين والحصور والمعترض مختلف؛ فالعنين لا ينتشر ذكره كالأصبع فى جسده لا ينقبض ولا ينبسط، والحصور الذى يخلق بغير ذكر أو بذكر صغير كالزر وشبهه، لا يمكن به وطء، فهذان إن أقر بحالهما فطلبت الزوجة الفراق فرق بينهما بطلقة، وكذلك المجبوب، ولا تأجيل فيهم. وإنما يؤجل المعترض، فيؤجل سنة من يوم يرافقه امرأته إذا اقر بالاعتراض، فإذا تمت السنة ولم يطلق من اعتراضه، فإن طلبت زوجته الفراق لم يكن لها هى أن تفارقه، ولكن السلطان يطلق عليه بطلقة واحدة، ولا رجعة له وإن قال قد أطلقت، ولها جميع الصداق لطول تلذذه بها. وذكر أن عمر وعلياً أميرى المؤمنين قضيا لها بجميع الصداق بعد أجل سنة.
ومن كتاب محمد: وإذا ادعى المعترض الإصابة فأنكرت فهو مصدق، قال ابن القاسم: مع يمينه فى البكر والثيب، وذكر لى أن مالكاً نحا إليه، فإن نكل حلفت، فإن نكلت فهى امرأته. وذكر عن عبد الملك: وقال أظ، نه عن مالك:
[4/ 538]

(4/538)


مثل ما ذكر ابن حبيب عن مالك وعبد العزيز، أنه لا يحلف إلا بعد ضرب الأجل ثم يدعى المصاب؛ فإن نكل طلق عليه عند انقضاء الأجل.
ولو ساله اليمين قبل محل الأجل فأبى، ثم حل الأجل فقال: أصبت وأبى أن يحلف فذلك له، وليس الحكم قبل الأجل بشىء، فإن نكل الآن طلق عليه، ولو قال بعد الطلاق فى العدة أنا أحلف. لم يقبل منه ولا رجعة له عليها لأنه طلاق قبل المسيس، ولا نفقة لها، وعليها العدة للخلوة. وأما الصداق فروى أشهب عن مالك: إن ضرب له الجل بحداثة دخوله فلها نصفه.
قال محمد وقال مالك مرة: لها جميعه، وروى عنه أشهب: إن رفعت بعد طول العهد وضرب لها ثم فرق بينهما فلها الصداق، وإن ضرب بحدثان البناء فإنه له نصف ما يجد عندها من صداقها، ويسقط عنها ما أبلت من ثوب وما تطببت به، وتغرم نصف ما أفدته وأنفقته. وبهذا أخذ ابن عبد الحكم. وقال ابن القاسم: إذا تمت سنة فلها جميع الصداق، وبهذا أخذ محمد. ومن الواضحة: وإذا فرق بينهما بعد السنة غرم جميع الصداق، وإن طلقها قبل السنة وتقاررا أنه لم يمس فلها نصف الصداق.
قال فى باب آخر: وإذا طلق المعترض امرأته طوعاً من نفسه؛ فإن كان بعد سنة أو قربها مثل ثمانية أشهر فجميع الصداق لها، وأما بعد أربعة أشهر أو ستة أشهر فلها نصفه. وكذلك امرأة العنين ووالحصور والمجبوب. فأما فى الوفاه فلهم جميع الصداق والميراث فى قرب السنة أو بعدها.
وقد تقدم قبل هذا فى باب عيوب الرجال إذا كان الفراق باختيارهم ما حكم الصداق.
[4/ 539]

(4/539)


قال أصبغ فى امرأة المقد تدعى أنه لا يمسها، وإنها تمكنه من نفسها فيضعف عنها. وقال هو: تدفعنى عن نفسها فهى مصدقة مع يمينها، ولا يعجل بفراق إلا بعد سنة، كالمعترض.
ولو جعل الإمام بقربة امرأتين، فإن سمعتا امتناعاً منها أمر بها فربطت وشدت، وأمرها أن تلين له فى ذلك فذلك عندى حسن. ومن كتاب ابن المواز: ومن وطىء امرأة ثم اعترض عنها، فلا حجة لها؛ فإن طلقها ثم تزوجته فرافعته، فليضرب له الأجل، إلا ان يعلمها فى النكاح الثانى أنه لا يقدر على جماعها فترضى فلا حجة لها.
وروى يحيى بن يحيى فى العتبية عن ابن القاسم: إذا طلق المعترض فى الأجل ثم نكحها فاعترض، فلها ذلك فى النكاح الثانى إذا قامت قدر ما يقدر من اختيارها له، ومثل أن يأتى غيرها فتقول: رجوت أن يذهب عنه أو قد تداوى فلها أن تفارق بعد أجل سنة.
ومن كتاب ابن المواز: وإذا جاء الأجل والعنين مريض أو مسجون، أو هى مريضة أو حائضة، قال ابن القاسم: يفرق بينهما ولا ينتظر به، وعبد الملك ينتظر به. وهو أحب إلى إلا أن يقر أنه بحاله لا يصيب النساء.
قال يحيى بن يحيى فى العتبية عن ابن القاسم: إذا رفعته وهو مريض، فلا يضرب له أجل حتى يصح، وإن مرض بعد ضرب الأجل طلق عليه ببلوغ الأجل.
وقال فى كتاب محمد: ولو أنه بعد ضرب الأجل وتمامه لم تقم به وتركته فلها القيام به متى ما بدا لها، فيوقف مكانه بغير ضرب أجل ثان، كقول مالك فى
[4/ 540]

(4/540)


المولى تتركه امرأته بعد تمام الأجل، ثم إن قامت به بعد حين فذلك لها منى ما شاءت.
وكذلك روى ابو زيد عن ابن القاسم فى العتبية إلا أنه قال: ولها أن تطلق نفسها متى شاءت بغير لأمر السلطان.
ومن الواضحة: وإذا صبرت امرأة العنين يريد المعترض ثم بدا لها؛ فإن كان بحدثان رضاها لأمر وقع بينهما فليس لها ذلك فإن بدا لها بعد زمن وقالت رجوت ألا يتمادى به فذلك لها، وأما إن صبرت على العنين فلا خيار لها بعد ذلك، وكذلك الحصور.
ومن كتاب محمد: وإن ضرب الأجل للعنين فقطع ذكره فى الأجل، فقال ابن القاسم: يقع الفراق ساعة قطع ولا ينتظر تمام السنة. وقال أصبغ عنه: من قطع ذكره قبل البناء فرق بينهما ساعتئذ. يعنى إن طلبت ذلك المرأة، بخلاف من وطئها مرة ثم قطع ذكره. وكذلك روى عنه عيسى فى العتبية.
قال محمد قال أشهب وعبد الملك وأصبغ وغيره من رجال ابن القاسم: لا فراق فى شىء من ذلك ولا حجة لها، وذلك أنه ليس بطلاق لا بد منه، إنما هو يكون أو لا يكون، إذا لو رضيت بالمقام وقد ضرب الأجل كان ذلك لها، وذكر ابن حبيب عن ابن الماجشون فيمن قطع ذكره قبل البناء مثل قول ابن القاسم، قال ابن المواز: وقد اجتمعوا فى المولى يقطع ذكره فى الأجل أن الأجل يبطل ولا حجة لها. قال أصبغ غير أن الإيلاء يوقف فيه ليكون منه. قالا: يمنعه من ذلك يمينه من المباشرة ةالاستمتاع.
[4/ 541]

(4/541)


قال أصبغ: والإيلاء فيه لازم ولو قطع قبل الإيلاء. وكذلك الظهار، وكذلك إن تزوجت مجبوباً أو خصياً عالمةً به، فالظهار والإيلاء فيهما، وهما من الأزواج.
ولا يطلق على المولى إذا ما بقى له من الفيه من المباشرة والاستمتاع. قال مالك فى الحالف أيضا بالطلاق: فيؤجل للإيلاء، فقطع ذكره، فلا يعجل عليه إلى تمامه. وقد ترضى بالمقام معه. وهذا حجة على ابن القاسم فى تعجيله الطكلاق على العنين بقطع ذكره فى الأجل. وقد قال مالك فى الحالف ليتزوجن عليها، يعنى بطلاقها، وحلف بطلاق من يتزو عليها، فإنها إن رضيت بالمقام معه فذلك لها.
وروى أبو زيد فى الحصور له مثل المالولة أنه كالخصى، لا يضرب عليه أجل ويطلق عليه مكانه، يعنى إن طلبته. وقاله سحنون.
قال ابن المواز قال مالك فى العبد العنين يضرب له أجل ستة أشهر فى البكر والثيب، فى الحرة والأمة، ثم لا يزاد على نصف الصداق.
ولو طلق العنين الحرة قبل تمام أجله فلها نصف الصداق، وإن طلق عليه بعد السنة فلها جميعه.
ومن تزوجت خصياً ولم تعلم ففارقته قبل البناء، فلا صداق لها، وإن بنى وأقام وتلذذ، ثم علمت ففارقته. قال ابن القاسم: تعاض من تلذذه وتعتد، إلا أن يكون مثله لا يطأ، وقيل: إنها لا تعتد إذا كان مثله لا يولد له، ولها الفراق بواحدة. قال أشهب: بائنة.
ومن الواضحة: ولا بأس بنكاح الخصى وإن كان مقطوع الخصا والذكر إذا علمت به المرأة، وحكم نكاحه كحكم غيره، إلا أنه لا يلحق به ولد ولا يلاعن،
[4/ 542]

(4/542)


وتحد زوجته إن حملت، ولا تعتد منه فى طلاق، وتعتد من الوفاه، ولا يحصن وطؤه ولا يحل، وإن بقى أنثياه أو اليسرى منهما، ومعه من عسيبه بعضه لحق به الولد، ولاعن، واعتدت من طلاق.
وقال ابن الماجشون وابن الحكم وأصبغ: إذا زوج رجل ابنته البكر خصياً، أو عنيناً يعرف بذلك أو يقر به، أو مجبوباً، لزمها ذلك؛ علمت به أو لم تعلم إذا كان على وجه النظر.

فيمن أذهب عذرة امرأة
وفيمن أفضى زوجته أو ماتت من جماعه
من العتبية قال سحنون قال ابن القاسم فيمن افتض بكراً بيده فعليه ما شانها مع الأدب، فإن كانت زوجته فلا شىء عليه ولا يلزمه بذلك الصداق، وروى أصبغ عن ابن القاسم أن عليه جميع الصداق بذلك؛ لأنه فعله على وجه النكاح. قال أصبغ: هذا استحسان، ويضعف فى القياس، وهو وغيره سواء، وما ذلك عليه بواجب، ولها نصف الصداق.
ومن الواضحة: ومن قول مالك وأصحابه فى الرجل يدفهع المرأة فتسقط عذرتها أو يفعل ذلك بأصبعه أن عليه ما شانها ونالها من عيب ذلك ومعرته. وكذلك إن فعل بها امرأة أو صبى بذكره أو بأصبعه فلا صداق فى وطئه ولو أكرهها، ولو أن زوجها افترعها بأصبعه لزمه الصداق.
ومن قولهم فيمن أفضى زوجته فاختلط مهبلها بمبالها حتى لا ينتفع منها بوطء فعليه ديتها، وإن بقى فيها استمتاع بوطء فعليه ما شانها، والزوج فى ذلك وغيره سواء ويحد غير الزوج إذا أكرهها، ويعاقب بما جر إليها من المعرة.
[4/ 543]

(4/543)


وروى ابن القاسم، عن مالك فيمن افتض زوجته فماتت؛ فإن علم أنه منه ماتت فعليه ديتها هو كالخطإ، صغيرة كانت أو كبيرة، وعليه فى الصغيرة الأدب إن لم تكن بلغت ذلك. وقال ابن الماجشون: لا دية عليه فى الكبيرة، ولا غير دية، وعليه فى الصغيرة التى لا توطأ الأدب، والدية على عاقلته.

فى أحكام النكاح الفاسد لعقده أو لصداقه
فى طلاقه وميراثه والحرمة به
والخلع فيه، وما ذلك النكاح؟ وذكر الشغار
وفى النكاح بإكراه هل يقع فيه الطلاق؟
من كتاب محمد قال: كل نكاح فسد لصداق فإنه يفسخ قبل البناء ولا صداق فيه، ويثبت بعد البناء ويكون لها صداق المثل، ومن مات منهما قبل البناء توارثا، ويلزم فيه الطلاق والخلع قبل الفسخ، ويسقط الصداق.
فيمن ذلك النكاح بالآبق والشارد وما فى البطن وما لم يبد صلاحه من تمر أو حب، أو بصداق إلى أجل مجهول أو رأيى، أو بعارية سلف أو بيع بشرط، أو على النفقة على غير الزوج، أو على أن ينفق على غيرها من ولد أو غيره، أو على أكثر من خادم لها، أو على خمر أو خنزير.
فأما النكاح بلا مهر فيفسخ بعد البناء، وما صحمهره وفسد عقده يفسخ قبل البناء وبعده، ولها المسمى إن بنى، ولا شىء لها إن فسخ قبل البناء. وفسخ كل ما ذكرنا بالطلاق وفيه الميراث، إلا ما لا يختلف فى حرامه فإنه يفسخ أبداً بغير طلاق، ولا ميراث فيه، ولا يلزم فيه طلاق، مثل الخامسة والأخت من الرضاعة والعمة والخالة وذات المحرم من الرضاع، وجمع الأختين، وجمع المرأة مع العمة أو الخالة، والمرأة فى العدة، والمكره والمكرهة.
[4/ 544]

(4/544)


وقال ابن حبيب: فى كل ما فسد صداقه فيفسخ بطلاق، ويلزم فيه الطلاق والميراث، وتقع به الحرمة، وإنما الصداق فيه بالمسيس، إلا أن فيه ما يفسخ قبل البناء وبعده، ومنه ما لا يفسخ إلا قبل البناء.
ومن الأقضية لابن سحنون قال سحنون فى الصغيرة يزوجها وليها قبل البلوغ ثم يتراخى النظر فيها حتى يبنى بها وتبلغ المحيض فلا بد أن يفسخ، وفسخه بغير طلاق، ولا أقول بقول عبد الرحمن: إن كل ما اختلف فيه الناس، أنه يفسخ بطلاق.
ومن كتاب ابن المواز قال أشهب: وقد يقع بعد صحة العقد ما يوجب الفسخ بلا طلاق، كنكاح الأم أو رضاع يحدث مما يحرم، أو ملك أحد الزوجين صاحبه.
قال محمد: وكل نكاح فسد لعقده عندنا إلا أن بعض العلماء يجيزه فإنه يفسخ قبل البناء وبعده بطلقة، ويقع فيه الطلاق والميراث. قال: وما للولى فسخه مما عقد بغير إذنه بعقد رجل حر، فيفسخ بطلاق، وفيه الطلاق والميراث والخلع، والتى ينكحها الولى بغير أمرها فلا يتوارثان قبل الرضا، وما عقدته المرأة فلا ميراث فيه.
وكذلك العبد يتزوج بغير إذن سيده، وللسيد ها هنا أن يطلق عليه واحدةً أو ثلاثاً، وأما الموهوبة ونكاح المريض والمحرم والنكاح فى العدة، والأمة على أن ولدها حر أو يعتق على أن تنكح، وعقد المرأة والعبد النكاح، فهذا وشبهه لا يقر بحال، وفيه الطلاق.
وقال أشهب: فى هذا فسخ بغير طلاق، ومنه الأمة تنكح بغير إذن السيد، ويقع بمثل هذا الحرمة مما لم ينص الله ورسوله على تحريمه، فأمر غير مختلف فيه. وقال ابن حبيب فى نكاح المحرم ونكاح المريض يفسخان بغير طلاق لضعف الاختلاف فيهما، ومثل الأمة تنكح بغير إذن السيد، والحرة بغير إذن وليها،
[4/ 545]

(4/545)


عقدت على نفسها أو وكلت أجنبيا، وإنكاح الرجل وليته الغائبة بغير أمرهان أو ابنه الكبير الغائب الجائز الأمر.
والشغار المحض لا صداق فيه، ونكاح التحليل، ونكاح السر، والمتعة، فهذا كله يفسخ أبداً، طال أو لم يطل، دخل أو لم يدخل، بغير طلاق ولا ميراث فيه ولا صداق إلا بالمسيس، ولا تقع به حرمة إلا بمسيس أو التذاذ.
وأما ما ليس تحريمه نصاً فى كتاب ولا سنة، واختلف فيه العلماء، مثل الشغار يسمى معه صداق، وعقد الولى الأبعد دون الأقعد، ومن نكح على أنه إن لم يأت بالمهر إلى كذا فلا نكاح بينهما أو فأمرها بيدها، فله حكم ما ذكرنا فيما فساده فى صداقه.
ومن العتبية روى أبو زيد عن ابن القاسم أن ما اختلف فيه الناس فإنه إن طلق قبل الفسخ لزمه مثل نكاح السر ببينة استكتمهم، أو تزوج امرأة حلف بطلاقها أن لا يتزوجها، ونكاح المريض، فإنه يفسخ بطلاق للاختلاف فى ذلك. قال: ولم يختلف بالمدينة أن النبى عليه السلام إنما تزوج ميمونة وهو حلال. ومن كتاب ابن المواز وقال أصبغ: ومن صالح زوجته فبانت ثم ارتجعها بغير نكاح وظن أن ذلك يجوز له ثم طلقها البتة، فلا أحب أن يتزوجها إلا بعد زوج. قال محمد: لا بل له ذلك. والمواعدة فى العدة، والخطبة فيها والنكاح بعدها هو من ذلك، ويفسخ بطلاق عند ابن القاسم وأشهب.
[4/ 546]

(4/546)


وإنكاح السيد عبده أمته بغير مهر يفسخ أبداً بطلقة. وابن القاسم يرى فسخ الشغار بطلاق للاختلاف، وقال أصبغ: لا يقع فيه طلاق ولا ميراث.
وهو قول أشهب.
وقال أصبغ: يفسخ نكاح المحرم والمريض بطلاق، وكذلك نكاح الأمة بغير إذن السيد، ولا ميراث فى نكاح المريض لأنه بسبب الميراث فسخ.
ومن العتبية روى سحنون عن ابن القاسم فيمن خالع زوجته على مال وكان نكاحه فاسداً؛ فإن كانت تعلم بفساده فلا رجوع لها، وإن لم تعلم رجعت بما اعطت، ولو اعطته شقصاً وهى عالمة ففيه الشفعة. قال: فإن استحق بعض ما خالعته به فى هذا النكاح، / قال: فلا يرجع عليها بشىء، لانه لم يكن ينبغى أن يأخذ منها شىء وفى باب مقدار الصداق فى الجزء لأول شىء من ذكر الشغار ومن كتاب ابن سحنون: وكتب سليمان الى سحنون فى رجل زوج ابنته البكر من رجل ذكر أنه اخافه وهدده فى وقت حرب ثم لم يبن بها حتى صالحه على دينارين اخذمنها الزوج وطلقها ثلاثاً، ثم خطبها وألح على فزوجته وخفته، وقيل: إن النكاح الأول لا يلزم فيه طلاق. فكتب إليه: قد أقر بالطلاق ثلاثاً فلا يجوز له نكاحها قبل زوج حتى يثبت أن النكاح الأول كان بإكراه، فلا يلزمه فيه طلاق، ويرد الزوج الدينارين.
[4/ 547]

(4/547)


جامع ما يفسد به النكاح لشرط فيه من خيار أو ميراث
وإن لم يات بالمهر إلى مدة كذا فلا نكاح له
أو على أن من مات فلا طلب على الحى
أو على أنه إن كان عبداً فلا نكاح له
ونحو ذلك من شرط البناء إلى أجل
من كتاب ابن المواز قال: وإذا عقد النكاح بالخيار، فسخ قبل البناء، ولا يتوارثان قبل البناء، فإن بنى ثبت ولها المسمى، قاله ابن القاسم. وروى عنه أصبغ فيمن نكح على أن يستشير فلاناً أنه يفسخ وإن بنى. والمعروف عندنا أنه يفسخ قبل البناء، قال ابن القاسم: إلا أن تكون مشورةفلان أمراً قريباً، وهو بالبلد فى فوره، فهو جائز إلا أنه إن مات فى هذا القريب لم يتوارثا، ولو استشاره فلم يرضى الزوج فذلك له ويثبت النكاح، وإن قال مشورته
:أنا اثبت النكاح ولا أشاوره فذلك له كالبيع. قال اصبغ: النكاح اثقل، وفيه مغمز، وذكر مثله ابن حبيب عن ابن القاسم وعبد الملك، قال ابن حبيب فى النكاح على الخيار لأحدهما وعلى مشورة غائب أو على أن لا ميراث بينهما، قال ابن القاسم: يفسخ وإن بنى ولا ميراث فيه، وفساده فى عقده، ثم رجع فقال: يثبت بعد البناء ويسقط الشرط ويتوارثان قبل الفسخ، إلا فى الخيار أو فى المشورة فلا يتوارثان قبل، ويتوارثان بعد قطع الخيار وبعد المشورة قبل الفسخ. وبهذا قال ابن الماجشون وابن عبد الحكم وأصبغ. قال: ومن عقد على ابن له صغير نكاح صبية بعقد أبيها، ثم قال أبوها بعد العقدة: من هلك منهما فلا تباعة على الآخر فتراضيا بذلك، قال ابن القاسم: النكاح ثابت؛ لأن الشرط بعد وقوع العقدة كغير شرط، والصداق على الأب، عاشا أو ماتا، إلا أن يكون للصبى مال.
ولو عقدا النكاح بهذا الشرط فسخ قبل البناء، وإن بنى بها ثبت ولها صداق المثل، ويتوارثان ما لم يفسخ. وكذلك على أن لا ميراث بينهما أو على أن لا نفقة
[4/ 548]

(4/548)


لها. وقاله أصبغ، إلا فى قوله فيمن نكح على أن لا ميراث بينهما فقال فيه: يفسخ وإن دخل، لأن فساده فى البضع لا فى صداق، وكل نكاح لا ميراث فيه، فيكون حراماً فباطل.
قال محمد: ليس بنكاح لا يتوارث فى أصله، وإنما رفعا الميراث بالشرط، فأحب إلى أن يسقط الشرط ويثبت النكاح. وبلغنى ذلك عن مالك والمغيرة، وذكره ابن وهب وأشهب عن مالك فيمن نكح على أنه إن لمسأت بالمهر إلى أجل كذا فلا نكاح بينهما، قال: فذلك فاسد، لأنه لا ميراث بينهما فيه. قال فى رواية أشهب: ولو جاء به عند الأجل لفسخ ولا يتوارثان. قيل لمحمد: فإن فات البناء، قال: يفسخ وإن دخل، وهو أصل مذهب مالك. وروى عيسى عن ابن القاسم، فى العتبية أنه يفسخ قبل البناء وبعده. وقال: وقد قال: لا يفسخ بعد البناء، ولها صداق المثل. وليس بشىء، وخالفه ابن عبد الحكم وأصبغ، قال أصبغ: لأن فساده البضع والعقد وهو قول مالك.
وقال مالك، فيمن قال إن لم يأت بالمهر إلى أجل كذا فأمرها بيدها. قال: هذا نكاح ليس بحسن، واختلف قوله فى فسخه، فروى عنه ابن القاسم أنه يفسخ ما لم يبن. وروى عنه أشهب أنه نكاح جائز. قال ابن القاسم وأشهب: إنه جائز، بنى أو لم يبن، وقاله أصبغ، قال: وهو شرط لازم، كشرطه إن غبت عنك سنة فأمرك بيدك.
[4/ 549]

(4/549)


ومن العتبية، وقاله أشهب: يبطل الشرط ويصح النكاح. وقل سحنون: وهو جائز دخل أو لم يدخل. وذكر ابن حبيب فيها: وفى الذى شرطإن لم ينفق نفقة مثلها فأمرها بيدها، أو على أن لها من القوت كذا أن ابن القاسم قال فيهم: يفسخ قبل البناء ويثبت بعده، ثم رجع، فقال: وهو جائز وبهذا قال ابن الماجشون ومطرف وابن عبد الحكم وابن وهب وأشهب وأصبغ.
قال ابن حبيب: فإن عجز مشترط ما يصلحها من النفقة عما يصلحها فأمرها بيدها كما شرط، فإن رضيت شرط سقط شرطها وزال ما بيدها؛ لنه فعل واحد.
ومن العتبية ومن سماع ابن القاسم قال مالك: ومن زوج عبده لأمة رجل على أن كل ما أصابها به فلا شىء عليه منه لم يجز قال عيسى ويفسخ قبل البناء ويثبت بعده.
وقال ابن حبيب، فيمن زوج عبده حرة وشرط أن ما أصابها به من حرج فلا شىء عليه. قال: النكاح جائز والشرط باطل.
قال عيسى عن ابن القاسم فيمن زوج رجلاًعلى أنه إن كان حراً فنكاحه ثابت، وإن كان عبداً فلا نكاح بينهما، قال: يوقف عنها، بنى أو لم يبن، حتى يتبين أمره، فإن كان حراً ثبت نكاحه، وإن كان عبداً فلا نكاح له، ولو عتق قبل ذلك يفسخ، بنى أو لم يبن وعليه الصداق أن بنى، فغن لم يستثن السيد ماله، فذلك لها، وإن استثناه رجع عليها بما أخذت إلا ربع دينار يترك لها. وضعف مالك هذا الترك وقال: هو من مال السيد، وإن لم يبن بها فلا شىء لها.
قال ابن حبيب فيمن شرط لامرأته فى العقد أن الطلاق بيدها وأن الجماع بيدها، فالنكاح يفسخ قبل البناء، ويثبت بعده ويبطل الشرط، ولها صداق المثل.
[4/ 550]

(4/550)


ومن كتاب محمد: ومن شرط عليه ألا يبنى إلا سنة؛ فإن كان لظعنه بها أو لصغرها فذلك عذر، وإلا فالشرط باطل.
وقد ذكرت هذه السألة بباب مفرد فى الجزء الأول، وفيها زيادة مستوعبة هناك، وفى أبواب الشروط شىء من معانى هذا الباب.
جامع مل يفسد به النكاح
من الشرط فى النفقة
من كتاب محمد قال مالك: ومن نكح وشرط ألا نفقة لها، أو على أن لها نفقة مسماه كل شهر، فغن ذلك يفسخ قبل البناء ويثبت بعده، ولها نفقة مثلها على مثله. قال ابن القاسم: ولها صداق المثل، ويفسخ قبل البناء بطلقة. وقاله أصبغ.
قال محمد: وهو كصداق مجهول لما شرط فى العقد. قال أصبغ: وإن لم يبن وترك الشرط ثبت النكاح، كالنكاح بصداق بعضه معجل وبعضه إلى موت أو فراق. وروى عيسى عن ابن القاسم فى العتبية مثله من أول المسألة إلا قول أصبغ، وقال: ويتوارثان قبل البناء وبعده. وقاله مالك فى كل ما يفسخ قبل البناء، وقال: وكذلك على أن لا ميراث بينهما، أو بصداق إلى موت أو فراق.
وفى أبواب الشروط والتمليك منه: إن نكاحها على أن ينفق عليها نفقة مثلها، فإن لم يفعل فأمرها بيدها.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: وإن شرطت النفقة فى الزوج الصغير على الأب فذلك جائز ما عاش الأب وما دام الولد مولى عليه، فإن مات الأب فلا
[4/ 551]

(4/551)


شىء فى تركته؛ لا من رأس مال ولا من ثلث، وإن كان الولد غير صغير، ولا مولى عليه لم يجز شرط النفقة على غير الزوج، وفسخ قبل البناء.
وقال ابن القاسم: إذا شرطت النفقة على الأب فسخ قبل البناء، فإن بنى ثبت وبطل الشرط، والنفقة على الزوج، وقال مالك مرة فى شرط النفقة فى الصغير أو المولى عليه على الأب إلى أن يبلغ ويلى نفسه إنه جائز. وروى عنه ابن عبد الحكم: لا يجوز فى صغير ولا كبير، ويفسخ قبل البناء ويثبت بعده، ولها صداق المثل، لأنه لا يدرى كم يعيش الصبى. وبه قال ابن عبد الحكم، وقال أصبغ: وإن طرحت عنه الشرط ثبت. وقاله ابن القاسم فيه وفيما يشبهه.
وقال مالك فيها فى العتبية من سماع ابن القاسم: يفسخ قبل البناء ويثبت بعد البناء ولها صداق المثل، والنفقة على الزوج، أرأيت إن مات الأب أيوقف لها ماله أو يحاص غرماؤه؟ قيل: فعبده؟ قال: لا خير فيه، ولو جاز هذا جازت الحمالة بالنفقة. قال عيسى عن ابن القاسم: يفسخ قبل البناء، قال عيسى: فإن بنى مضى وكانت النفقة على العبد.
قال ابن القاسم عن مالك: وإذا شرطت عليه نفقة ولد لها صغير من غيره لم يجز. قال ابن القاسم: ويفسخ وإن تركت الشرط، إلا أن بنى فيمضى ويبطل الشرط ولها صداق المثل، وهو نكاح مكروه، وقد تقصر حياة الصبى وتطول. ومن كتاب محمد قال أشهب فى شرطها عليه نفقة ولدها من غيره: يفسخ، إلا أن يبنى فيمضى ويبطل الشرط قال ابن القاسم: وإن كان إنما ضمن الأب عن ابنه نفقتها سنين معلومة فى كل سنة كذا، أو لم يقل: فى كل سنة كذا وهو أمر معروف؛ فإنه يلزم الأب ما عاش، فإذا مات سقط عنه. وقاله أصبغ.
[4/ 552]

(4/552)


قال أصبغ: وكذلك إن ضمن الأب للمطلقة نفقة ولد ابن منها مثل ذلك. قال محمد: هذا جائز، وأما ما ضمن عن ابنه فى النكاح من نفقة امرأته، فذلك صداق عقد به النكاح ولا أمد له ومتى تفارقا أو ماتا فسقط فالعقد يفسد بهذا الشرط، وهو كصداق مجهول، ولو ضمنه بعد صحة العقد فهو كالحمالة.

فى الأمة تنكح على أن ما تلد حر،
أو على أنه بينهما
وكيف إن نكح بها بعد ذلك أو باعها؟
من كتاب محمد قال مالك: من زوج أمته من عبد رجل على أن ما تلد بينهما، فهذا يفسخ قبل البناء وبعده، والولد لسيد الأمة، ولها صداق مثلها، ولو شرط أن ما تلد حر لفسخ أيضاً والولد حر، وولاؤه لسيد الأمة، وكذلك لو تزوجها حر على هذا الشرط، أو كان عبداً لسيد الأمة.
قال محمد قال ابن القاسم، وذكر مثله عيسى عن ابن القاسم فى العتبية فيمن زوج أمته من حر أو عبد على أن أول ولد تلد حر، ثم إن السيد أصدقها امرأته أو باعها؛ فإن لم تكن يومئذ حاملاً فنكاحه بها وبيعه لها جائز إن لم يشترط على الزوجة أو المبتاع عتق ولدها؛ لان نكاح الأمة أولا ساقط، وهو يفسخ بكل حال، وما وضعت عند المرأة وعند المبتاع فرقيق، وإن لم يفسخ نكاحها بعد، ولأن من قال لأمته أول ولد تلدينه حر ثم باعها ولا حمل لها، فما ولدت بعد ذلك فرقيق والبيع نافذ. وغذا كانت حاملاً ثم تزوج بها أو باعها، قال فى كتاب محمد: فسد النكاح بها والبيع، ولم يذكر عنه عيسى فساد بيع ولا نكاح. وكذلك فى الواضحة أن النكاح بها جائز إن كتمها ذلك، وترد إلى ربها، وللزوجة قيمتها غير مستثناه الولد. وكذلك اختلف محمد ثم عاد الكلام إلى ما
[4/ 553]

(4/553)


ذكر محمد عن ابن القاسم قال: ترد الأمة إلى سيدها ما لم تفت بالوضع أو تغير فى بدن أو سوق، فيكون على الزوجة أو على المبتاع قيمتها يوم قبضت حاملاً على أن ولدها مستثنى أن لو جاز بيعها على ذلك. فإذا وضعت الأمة ولدها حر. قال: وإن بنى بالمرأة، فلها قيمتها بلا استثناء قيمتها يوم أصدقها لا يوم قبضها، وليس لها صداق المثل.
قال محمد: لأنها لا تعلم بحرية ما فى بطنها، فلها قيمتها بلا استثناء، وعليها قيمتها على أن ولدها حر فيتقاصان، ويرتجع فضل ما بين القيمتين، والولد حر، وولاؤه لسيده.
وكذلك إن لم يبن بالمرأة فليفسخ نكاحها ولا شىء لها، وعليها قيمة الأمة مستثناه الولد، وغن بنى بها ولم تفت الأمة ردتها، ولها قيمتها بلا استثناء يوم النكاح، وأما نكاح الأمة، فيفسخ قبل البناء وبعده.
قال: وكذلك إن ماتت عند المبتاع غرم قيمتها يوم قبضها حاملاً مستثناه الولد، وولادتها فوت أيضاً، ولم ير ابن حبيب ولادتها فوتاً أيضاً فى هذا.
قال ابن المواز: المسألة صحيحة كلها إلا قوله: يفسخ نكاح الحرة إذا كانت الأمة حاملاً يوم العقد. فهذا لا يفسد نكاح الحرة لأنها لم يشترط ذلك عليها ولا علمت، فهو كعيب وجدته، وكذلك فى رواية عيسى لم يفسخ بذلك النكاح ولا البيع.
وهذه المسألة كتبتها من كتاب ابن حبيب فى البيوع الفاسدة مستوعبةً، فلم أعد كلامه ههنا.
قال ابن حبيب فى كتاب النكاح: ومن زوج أمته وشرط حرية ولدها فسخ النكاح قبل البناء وبعده، ولو شرط أن أول ولد تلده حر؛ فإن عثر على ذلك قبل
[4/ 554]

(4/554)


الولد فسخ قبل البناء وبعده، وإن لم ينظر فيه حتى ولدت عتق الولد وثبت النكاح، ولم يبق فيه شرط.
ومن كتاب محمد: ومن تزوج أمة كتابية على أن أول ولد تلده حر، فالنكاح فاسد، والولد حر وولاؤه للمسلمين إن كان رب الأمة نصرانياً؛ لأن الولد على دين أبيه المسلم، وبقية ولدها رقيق مسلمون.
ومن العتبية روى أبو زيد عن ابن القاسم فيمن أراد أن يزوج أمة لعبده فكره العبد أن يرق ولده فقال له: تزوجها على أن ولدك حر. ففعل، فالنكاح يفسخ قبل البناء وبعده، وما ولدت فحر. وروى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم مثله وزاد: وما مات السيد وهى به حامل فولدت، فهو حر من رأس ماله، وما حملت به بعد موته فرقيق، وإذا مات وهى حامل فللورثة بيعها، احتاجوا إلى ذلك أو لم يحتاجوا، ولهم قسمها، فإن وضعت وقد صارت بالقسم لأحدهم، فما ولدت فرقيق له. قال أصبغ: لا يقسمها الورثة إن كانت حاملاً حتى تضع، إلا أن يرهق بدين، ويخاف تلف المال.
قال يحيى عن ابن القاسم فى الأمة التى شرط فى نكاحها: اول ولد تلده حر، فولدت تومأين، فكل ما فى لك البطن حر، ولابد من فسخ النكاح وإن طال زمانه، وكذلك إن ولدت هذا فى البطن بعد موته قبل القسم، أعتق كل من فى ذلك البطن.
وقال أصبغ: إذا طال وخيف على المرأة التلف، وإلا أوقفوا.
[4/ 555]

(4/555)


فى نكاح المحرم
من كتاب ابن المواز: وقال مالك فى نكاح المحرم يفسخ بغير طلاق، ثم قال بطلاق. وقال أشهب بغير طلاق ولا ميراث فيه. ومذهب أشهب أن كل ما يرى أنه وقت فسخه لا يقره هو، فهو بغير طلاق. وقال ابن حبيب: قال مالك وأصحابه: ويفسخ وإن بنى وطال زمانه وولدت الأولاد. واختلف فى فسخه بطلاق، ورأى على قول ابن الماجشون أنه يفسخ بطلاق للاختلاف فيه. قال: ولم يختلف بالمدينة أن النبى عليه الصلاة والسلام تزوج ميمونة وهو حلال.
ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم قال مالك: ومن نكح بعد رمى الجمرة قبل الإفاضة فسخ بغير طلاق، ثم رجع فقال: بطلاق. وقاله ابن القاسم، ولو كان أفاض ونسى الركعتين، فإن نكح بالقرب فسخ نكاحه بطلاق، وإن تباعد جاز نكاحه، وإن نسى الإفاضة وطاف للوداع وخرج وأبعد، ثم نكح فالنكاح جائز لأن طواف الوداع يجزئه.
ومن أمر رجلاً أن يزوجه ثم أحرم فزوجه بعد إحرامه فسخ النكاح. قال ابن القاسم: وإذا نسيت امرأة من طواف الواجب شوطاً ورجعت إلى بلدها وتزوجت، فإنه يفسخ ولها صداق لها، إلا أن يبنى بها فلها المسمى، وترجع على إحرامها، فإذا فرغت فإن كان بنى به ااعتمرت وأهدت، وتعتد بثلاث حيض.
[4/ 556]

(4/556)


فى نكاح المتعة وإحلال الأمة
والهبة لها على الأتخاذ
ومن نكح على أن يأتيها نهاراً
أو نكح وبيته أن يفارق أو على الأثرة
من كتاب ابن المواز: ونكاح المتعة النكاح إلى أجل، وهو حرام بتحريم رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال عمر: لو تقدمت فيها لرجمت.
قال ابن حبيب: ومن نكاح المتعة أن يتزوج المسافر امرأة ما كان مقيماً بهذا البلد، وشبهه هذا، فإن كان معه صداق، فهو حرام. وما تقدم من إباحة المتعة فقد فسخه نهى النبى عليه السلام عنها، وقد أغلظ فيها الخلفاء، وقد رجع ابن عباس وعطاء عما كانا قالا من إباحتهما.
ومن كتاب ابن المواز: ومن أحل جاريته لرجل فذلك حرام. قال ابن عباس: هو السفاح. وقال عمر بن عبد العزيز وعطاء ومجاهد: ومن أحل وليدته لرجل فهى له. قال محمد: والذى نأخذ به أن لا أجيزه، وترد الأمة إلا أن توطأ فيدرا فيه الحد ويلزم الواطىء القيمة يوم الوطء، ولا يجوز ردها إلى السيد وإن رضى بأخذها فى القيمة، ولو بيعت عليه فى ذلك لم يجز لصاحبها شراؤها منه خاصةً، حتى ينفذ بيعها من غيره.
قال ابن القاسم: ومن تصدق بجارية على رجل على أن يتخذها أم ولد فلا يجوز وطؤها بهذا الشرط، فإن فعل وحملت فهى له أم ولد، ولا قيمة عليه. قال محمد: ولو لم تحل ردت على الواهب إلا أن يدع الشرط. قال ابن القاسم: وهو بخلاف التحليل.
[4/ 557]

(4/557)


قال ابن القاسم: ويلزمه بالوطء فى التحليل وإن لم تحمل، وله أن يبيعها ويصنع به ما شاء، وفى شرط الاتخاذ إذا وطئها لا ترد وإن لم تحمل، لأنه قد طلب الولد بالوطء فذلك فوت، حملت أو لم تحمل. وقاله أصبغ.
قال مالك: ولا بأس أن يتزوج المرأة ليقضى فيها لذته وليس ينوى إمساكها، ولكنه ليس من الجميل ولا من أخلاق الناس. ورب امرأة لو علمت ذلك ما رضيت. قال محمد: ولو علمت قبل النكاح كانت المتعة بعينها
قال مالك: ومنتزوج امرأة وهو يريد أن يفارقها وأخبرها بذلك قبل النكاح ثم أراد أن يمسكها، فلا أرى هذا ولا أرى أن يقيم عليها. قال مالك: وإنما يكره من ذلك من نكح على أن لا يقيم عليها.
قال مالك: وبالعراق قوم يقال لهم النهارية يتزوجها على أن لا تأتيه ولا ياتيها إلا نهاراً أوليلاً، فلا خير فى هذا. قال ابن القاسم: يفسخ قبل البناء ويثبت بعده، ولها صداق المثل، وليأتها ليلاً ونهاراُ وإن كره، وإن شاء طلق. قال محمد: لها المسمى وليس فى الطلاق فساد.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم أنه يفسخ قبل البناء وبعده. وقال ابن كنانة فى الغريب يريد مقام شهر فى البلد، فيتزوج وفى نفسه أن يفارق، فلا شىء فى ذلك إذا كان شيئاً يحدث به نفسه، وأما إذا أظهر ذلك فلا.
من كتاب محمد، قال ابن القاسم: وإذا نكح على أن يؤثر عليها امرأة فليفسخ قبل البناء، ويثبت بعده ويبطل الشرط. قال محمد: ولها المسمى.
قال أشهب: ومن تزوج متعة ووطىء وافترقا، فلا يتزوجها حتى يستبرئها من ذلك الماء، وغيرها من النساء أحب إلى.
[4/ 558]

(4/558)


قال ابن حبيب: وقول عمر في المتعة لو تقدمت فيها لرجمت. تغليظاً في الزجر، ولايبلغ مبلع الحد وان كان حراماً، ولكن يعاقب عقوبة موجعةً، ويلحق به الولد.
هذا قول مالك وأصحابه.

في نكاح المريض والمريضة
من كتاب ابن المواز: ونكاح المريض المنوع من ماله يفسخ ما دام مريضاً لم يحتلف في هذا مالك واصحابه، وإن صح قبل الفسخ فروي عن اشهب وابن وهب عن مالك انه يفسخ وان صح. ووقف فيه ابن القاسم. وقال محمد: وقال ابن القاسم وعبد الملك: لايفسخ أن صح. محمد: واحب الينا ان يفسخ، دخل اولم يدخل، لانه عقد نكاج لاميراث فيه، فكما منع ان يحرم بالطلاق وارثاً، بطل ان يريد بالنكاح مثله. وقاله ابن عبد الحكم.
وكذلك لو اذن له جميع ورثته، وهم بلغ، لم يجز. وقال اصبغ: والفساد فيه في عقده، الا ترى ان طلاقه لايعد ومن كتاب ابن حبيب قال: ولا يجوز وإن أذن له ورثته، ولعل غيرهم يرثه، قال: وإن صح ثبت، والفسخ فيه بغير طلاق؛ لأنهما معلومان فى المرض على فسخه، وفيه يفسخ.
ومن كتاب ابن المواز: وإذا بنى المريض فلها المسمى فى ثلثه وإن زاد على صداق المثل، يبدأ على الوصايا بالعتق الواجب وغيره، فيما علم وفيما لم يعلم، ولو كان من معنى الوصايا لكان لها إن بنى، ولكنه بسبب فعله ومسيسه، فلا يبدأ عليه إلا المدبر فى الصحة، قاله ابن القاسم. وله قول، أنه مبدأ على المدبر. وليس بشىء.
قيل: فلم لا فسخت نكاح العبد بغير إذن سيده وإن اجازه؛ لأنه لا فساد فى صداقه؟ قال: نعم، ولا فى عقده، وإنما حجة السيد لما تعين على
[4/ 559]

(4/559)


وينقص من ثمنه، فهو من باب الاستحقاق؛ ولما أفات على مال السيد. وكذلك الصغير والمولى عليه ليس فى عقده ولا فى صداقه فساد. وذلك كالمراة تنكح على الآخرى، وللأولى شرط أن أمر من يتزوج الزوج بيدها، فهذا نكاح الخيار فى رده وإجازته لغيره، ولا خلاف فى هذا، فكذلك ما ذكرنا، وليس من فساد العقد. وجعل ابن حبيب نكاح المريض كنكاح العبد بغير إذن سيده، وقال: ليس فيهما فساد فى عقد ولا صداق، فإن عتق قبل يعلم سيده جاز، وإن صح المريض قبل يفسخ جاز أيضاً.
ومن كتاب محمد قال ابن القاسم: ومن نكح فى المرض وبنى فيه ثم مات فلا ترثه، ولها الصداق من ثلثه، ولا عدة عليها للوفاة، وعليها ثلاث حيض، وإن لم يبن فلا صداق ولا عدة ولا ميراث.
قال: ونكاح المريضة لا يجوز، ولها الصداق إن بنى، ولا ترثه ولا يرثها، وإن كان أبوها قد زوجها ولا وارث لها غيره. وإذا تزوج المريض وبنى ثم مات فعدتها ثلاث قروء. قاله أشهب. وإليه رجع ابن القاسم، وكان يقول: عدة الوفاه. وقال: يفسخ نكاحه بطلاق. وقال أشهب: بغير طلاق، وما طلق قبل الفسخ لم يلزمه عند أشهب. ولذلك إن تزوج ذمية أو أمة وهو مريض او هى المريضة؛ لما قد يحدث مما يتهم به الورثة.
قال مالك: وإذا تزوج حرة فى مرضه ثم مات لم يرثها. قال: وحاضر الزحف والصف والحامل المثقل كالمريض فى ذلك، ولو خالع الحامل المثقل زوجها لم يجز أن يتزوجها، ولا يجوز نكاح المرتد ونكاح راكب البحر فى شدة هوله، كطلاقه، وقد اختلف فيه؛ وقال ابن القاسم: طلاقه جائز، وعتقه من رأس ماله. وقال أشهب: بل هو كالزاحف والحامل المثقل، وعتقه من ثلثه.
قال مالك فى موضع آخر: فإذا بلغت الحمل ستة أشهر فهى كالمريض، وإذا تزوج المريض وأصدق جاريته فماتت بيد الزوجة فلا يتبع بشىء، وإذا أعتق
[4/ 560]

(4/560)


أم ولده فى مرضه ثم تزوجها بطل نكاحه وجاز عتقه من رأس ماله، وإذا فوض إليه فى نكاحه فى مرضه فسمى لها ثم مات فلا شىء لها، إلا أن يمسها فذلك فى ثلثه، وإن كان أضعاف صداق المثل. وكذلك يحاصص به.
قال محمد: وأحب إلى قول عبد الملك، أن لها صداق المثل مبدأ، ويبطل ما زاد عليه، يريد فى المفوض إليه فى المرض، لأن الواجب لها بالطء صداق المثل، فما زاد فليس بوصية؛ لأنه لم يرد به بالوصية، وأما التى تزوجها بتسمية فبتلك التسمية رضيت، فلها جميعه فى الثلث. وهذا التفسير من غير رواية ابن أبى مطر عن ابن المواز.
وقال سحنون، فى كتاب الإقرار فى المتزوج فى المرض وقد سمى لها أكثر من صداق مثلها: فلا يكون لها إلا صداق مثلها فى قول عبد الرحمن، ويكون مبدأ على الوصايا على المدبر فى الصحة.
قال ابن حبيب فى المريض الذى بنى فى مرضه الذى نكح فيه. فلها جميع ما سمى لها مبدأ، وإن زاد على صداق المثل، يدخل فيما علم من ماله وما لم يعلم.
وفى كتاب العتق مسألة من أعتق أمة فى مرضها ثم تزوجها، أو أقر فى مرضه أن ذلك كان فى صحته.
[4/ 561]

(4/561)


في نكاح السكران وغير ذلك من أمو ره
ومن اكرة في النكاح من رجل او امرأة
ومن نكح بغلبة
من العتبية قال ابن القاسم عن مالك لايجوز نكاح السكران ويلزمه طلاق قال عنه اشهب ولايجوز بيعه ان استوقن وكيف يعلم ذلك؟ قديربح فيقول كنت صحيحا وقد يخسر فيدعي السكر قيل فنكاحه؟ قال ومن يعلم انه سكران اذ يقتل هذا ويا خذ متاع هذا ويقع في الحدود ويدعي السكر فما ادري ما هذا قال سحنون قال ابن نافع يجوز عليه كل مافعل من بيع وغيره قال سحنون اما نكاحه وبيعه وهبته وصدقته وعطيته وانكاحه بناته فلا يجوز شي منه وعليه اكثر الرواة.
واما احدود التي تكون في بدنه وطلاقه وعتقه فذلك يلزمه ويلزمه تدبيره وعتقه ووما عدا تدبيره فلا يلزمه واقراه بالدين لايلزمه واذا اوصى في مرضه بوصيه لقوم وفيها عتق فلا يجوز وما بتل من العتق في مرضه فذلك جائز ثم
رجع سحنون فقال تجوز وصيته بما فيها من عتق اووصايا لقو م ولايكون اسوا حالا من الصبي والسفينه.
وقال ابن حبيب عن مطرف وابن الما جشون وابن عبد الحكم واصبغ قالوا سبل السكران في نكاحه وانكاحه وبيعه وابتياعه وعطاياه وهباته واقراره بالدين سبيل المعتوه لا يلزمه منه شي الاما كان من الحدود مثل الزنى والسرقة والقذف
[4/ 562]

(4/562)


والطلاق والعتق والجراح والقتل فانه يلزمه لانه ادخل ذلك على نفسه ولم يبلعي عن اصحاب مالك في ذلك اختلاف.
وفي العتبية من سماع ابن القاسم وعن امراة زوجت على وجه الغلبة قال ذلك فاسد لا تنكح حتى تستبرا من ذلك الماء.
ومن كتاب ابن سحنون قال اصحابنا اجمعون بابطال نكاح امكره والمكرهة قال سحنون ثم لا يجوز للمكره ولاللمكرهة ولالاوليائها اجازة ذلك النكاح والمقام عليه لانه لم يكن عقدا ولو كان عقد البطل لانه نكاح على خيار.
وقال ابن سحنون وفي قياس بعض مذاهب مالك ان للمكره امضاء النكاح امنا وكذلك لاولياء المكرهة وفي قياس بعض مذاهبهم ان اجازة ذلك ايضا بقرب ذلك وبحدثانه فاذا طال ذلك لم تجز اجازتهم وانما يجبر المكره على صداق المثل ما لم يكن المكره وطئها وكذلك اجازة المكرهة او اوليائها بالمسمى وان كان اقل من صداق المثل الا ان يشاء الزوج ان يتم لها صداق المثل ويرضى الأولياء بذلك فيتم النكاح. وهذا خلاف قول ابن سحنون، فإن وطئها المكر غير مكرهة لزمه إمضاء النكاح على ما سمى من المهر فى قياس قول سحنون.
وإن قال وطئت راضياً بالنكاح درى عنه الحد بالشبهة، ولزمه المسمى من المهر، وإن أقر على انه وطىء على غير إمضاء النكاح لزمه الحد، ولها ما سمى لها، قال: وإن علمت أنه مكره على النكاح إذا وطئها مكرهة على الوطء فليحد فى قول سحنون وغيره، ولها صداق المثل، ولا حد عليها للإكراه. وفى قياس قول بعضهم إن وطئت على الطوع منها ومن الأولياء فهو رضى بالنكاح، ولها المسمى. وفى قول سحنون: لا نكاح بينهما.
[4/ 563]

(4/563)


فإن لم توطأالمكرهة على النكاح وهى بكر أكره أبوها على إنكاحها، فلم توطأ حتى ترافعه إل الحاكم، فليس للأب إمضاء ذلك النكاح. وفى قول سحنون وغيره من أصحابنا أن للأب إمضاء ذلك النكاح بالصداق المسمى وإن صدق عن صداق المثل، إذا كان نظراً من الأب ما لم يطل ذلك، ولا كلام لا مع الأب، وإن كان الولى غير الأب، فالخيار إليها وإلى وليها فى إبطال النكاح أو إمضائه، فإن اختلفت المرأة والولى، فلا إجازة للنكاح إلا بهما جميعاً، إذ لا يزوجها غير الأب إلا برضاها.
ومن كتاب ابن المواز: ومن نكح امرأة بغلبة لم يجز نكاحه ويفسخ، فإن شاءت نكاحه فبعد الاستبراء.

[4/ 564]

(4/564)