النوادر
والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات في مقدار الصداق
ونكاح الموهوبة وذكر الشغار
من كتاب ابن المواز قال: وأقل الصداق من الذهب ربع دينار، ومن الورق ثلاثة
دراهم، ومن العروض ما قيمته ثلاثة دراهم،
ومن تزوج بدرهمين، فإن لم يدخل خير؛ فإما أتم لها [ثلاثة دراهم]، وإلا
أوقعنا علية طلقة واحدة، وكان لها نصف الدرهمين، وإن دخل، فقال عبد الملك:
يلزمه تمام صداق مثلها، وقال ابن القاسم وأشهب: يتم لها ثلاثة دراهم. قلت:
فقول ربيعة: يجوز بدرهم.
وقال يحيي بن معين: يجوز بسوط وبنعلين إن كان صداقها لو أخذته بدرهم،
لأخذته بأقل منه إلى ما لا يكون صداقا، وقد أجمل الله ما تقطع فيها اليد في
السرقة، فوقت النبي صلى الله علية وسلم فيه ربع دينار مما له بال، فلا يباع
فرج بما لا بال، فلا يباع فرج بما لا بال له. وأما يحيي بن سعيد، فقد
إستثنى إن كان صداقها.
[4/ 449]
(4/449)
قال ابن حبيب: والمياسرة في الصداق أحب
إلينا وأقرب إلى يسر الدين، وكان صداق النبي صلى الله علية وسلم لأزواجه
خمسمائة درهم وزوج عليا على درعه، فبيع بخمسمائة درهم،
وتزوج عبد الرحمن على وزن نواة من ذهب، واستكثر النبي صلى الله علية وسلم
لرجل مائتي درهم، واستحب عمر أربع مائة درهم.
وتزوج ابن عمر بستمائة درهم، وزوج ابن المسيب ابنته على ثلاثة دراهم، وكن
بنات عبد الله ابن عمر، وبنات أخيه يصدقن بألف دينار لكل واحدة، وعشرة آلاف
درهم، وكان ابن عمر يجعل لهن قريبا من أربعمائة دينار حليا.
وتزوج ابن عباس على عشرة آلاف، وتزوج القعقاع بن سوار بنت قبيصة ابن هانىء
على أربعين ألفا، في أيام علي، وولاه علي ولاية بعد ذلك، ثم كره منه شيئا
فقرعة بذلك، فقال: لو كان كفؤا ما فعل هذا.
ومن كتاب آخر: أمهر النجاشي عن النبي صلي الله علية وسلم أربعة آلاف دينار.
قال ابن حبيب: ومن تزوج بأقل من ربع دينار ودخل. فإنه يخير على إتمام ربع
دينار، ولا يفسخ للاختلاف فيه أجازه ربيعة. وقال يحيى بن سعيد: بنعلين،
وبسوط. وابن قسيط وعبد الرحمن بن القاسم بن محمد، وأجازه ابن وهب بدرهم
وليس بأمر متبع وقد جاء في حديث عبد الرحمن بن عوف: على وزن نواة من ذهب:
يعني خمسة دراهم، ولم يكن ذهب كانوا يسمون الخمسة دراهم ناة. والنش عشرون،
والأوقية أربعون.
وقال ابن حبيب، في نكاح الهبة: إن عنى به غير النكاح، ولم يعن به هبة
الصداق، ولكن وهبت نفسها له، فهذا يفسخ قبل البناء، ويثبت بعده، ولها صداق
المثل: وإن عنى بها نكاحها بغير صداق، فلا يجوز، وما أصدقهاـ ولو ربع دينار
فأكثرـ فجائز، لها لازم، عثر على ذلك قبل البناء أو بعده ـ والميراث بينهما
في هذين الوجهين، ولا صداق فيه في الموت.
[4/ 450]
(4/450)
قال ابن المواز: الموهوبة خاصة لرسول الله
صلى الله عليه وسلم لا تحل لمن بعده بغير صداق، فمن تزوج على الهبة، فلم
يختلف مالك وأصحابه، أنه يفسخ قبل البناء [واختلفوا] إذا دخل بها. وقال
أصبغ: وفساده في البضع، وقال ابن القاسم، وعبد الملك: لا يفسخ، ولها صداق
المثل.
وروى عن مالك، قال أشهب: إذا فسخ قبل البناء، فلها ثلاثة دراهم، وقال أصبغ:
صداق المثل وقاله ابن وهب فيما أحسب.
قال ابن حبيب: وقول مالك في الشغار: أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه
الآخر ابنته، فسواء عنده كان في ذلك صداق أو لم يكن، فسخ إذا كان يشترط على
أن يزوجه الآخر، لأنه يفترق في الفسخ، فإذا لم يكن بينهما صداق فيفسخ قبل
البناء وبعده، وإن كان فيه صداق فسخ قبل البناء، وثبت بعده، وكان لكل واحدة
صداق المثل.
وقال ابن القاسم، في المدونة: لكل واحدة الأكثر من المثل أو ما سمي إذا بنى
بهما في نكاح التفويض والتحكيم.
ومن الواضحة: ولا بأس بنكاح التفويض ونكاح التحكيم، كان الحكم فيه إلى
الزوج أو إلى المرأة أو وليها أو إلى أجنبي، ثم لابد من فريضة، وكذلك في
السكات وقد قالوا زوجناك فقط، فإذا اختلفوا بعد البناء فمجتمع عليه أن في
ذلك كله صداق المثل، فأما قبل البناء، فإن فرض صداق المثل فلا حجة لهم،
وإلا فارق ولا شيء عليه. وهذا مجتمع عليه في كل ما ذكرنا، إلا في قولهم: قد
أنكحناك على قولها.
فابن القاسم يراه مثل السكات أو تحكيم الولي. وقاله ابن عبد الحكم وأصبغ.
[4/ 451]
(4/451)
قال أشهب وعبد الملك: إن لم يرض بما حكمت،
لم يلزمها بدله لصداق المثل قبل البناء، وبه أقول.
ومن كتاب محمد: قال ابن القاسم، فيمن تزوج على حكمه أو حكمها أو حكم فلان،
فذلك جائز، فإن رضيت بما حكم، أو رضي هو بما حكمت، أو رضيا بما حكم فلان،
وإلا فرق بينهما، كالتفويض إذا لم يفرض صداق المثل.
قال عبد الملك: أما على حكمها، فالنكاح يفسخ ما لم يدخل، وأما على حكمه،
فهو التفويض الجائز. وأجاز ابن عبد الحكم على حكمها إذا رضي. وقاله أشهب،
إن رضي بما سمت، أو رضيت بما سمى جاز، وإلا فسخ. وذكر عن مالك، قال أشهب:
وإن بنى قبل التراضي، فلها صداق المثل.
قال ابن القاسم: وإن تزوج امرأة على صداق مثلها، فهو جائز، وهو أبعد من
نكاحه على شوارها، وكل جائز، ولها في الشوار شوار مثلها.
قال أشهب: لو قال: زوجني ابنتك. فيقول: قد فعلت فذلك التفويض، ولو قال:
بعني غلامك. فقال: قد فعلت لم يكن ذلك بشيء.
قال ابن حبيب: إذا كان المفوض إليه قريب القرابة، أو مولى نعمة، أو أجنبيا
فاضلا، خفف عنه من صداق المثل بقدر ما يرى أنه أريد من مقاربته، ولا يحط
عنه جزء له بال، لكن بمعنى التخفيف والمقاربة.
ولا ينبغي أن يبني في التفويض، ولا يخلو بها حتى يقدم ربع دينار فأكثر، فإن
مسها ثم طلق لزمه صداق المثل.
ومن فوض إليه في المرض، فعقله فيه، ثم مات قبل البناء، وقد فرض فيه، أو لم
يفرض، فلا ميراث لها، ولا صداق، ولا متعة، ولو بنى فيه ولم يفرض، فلها
[4/ 452]
(4/452)
صداق المثل في الثلث مبدأ، ولا ميراث لها،
ولو فرض فيه أكثر من صداق المثل، بدئت في الثلث بصداق المثل وحاصت بالزائد،
كالوصية، وهي غير وارثة.
ومن كتاب ابن المواز: ومن تزوج على تفويض ودخل لزمه صداق المثل، ليس صداق
أمها وأخواتها ونساء قومها، ولكن في شبابها وجمالها في زمنها، ورغبة الناس
فيها، وينظر في ذلك أيضاً للزوج، إن زوجوه إرادة صلته ومقاربته خفف عنه،
وإن كان على غير ذلك أكمل عليه صداق المثل.
وإذا دفع إليهم شيئاً أو سماه ولم يدفعه، ثم طلق قبل البناء؛ فإن كان صداق
المثل أو كان أقل منه، فرضوا به، فلها نصفه، وإن لم يف بالمثل، ولا رضوا به
ردوا جميعه، ولها المتعة، ولا يقبل منهم بعد الطلاق أنهم كانوا رضوا به،
إذا لم يكن صداق مثلها إلا ببينة على الرضا ولو قدم إليهم شيئاً، ثم دخل
بها، ثم طلبوا بقية المهر، فلا شيء لهم؛ لأنهم أدخلوها عليه، إلا أن يكون
الشيء التافه لا يشبه أن يكون صداقا، كالدرهمين والثلاثة والطعام، فهذا
عليه صداق المثل.
ولو سمى لها في صحته صداقا إن رضيت به قبل يمرض فهو لها من رأس ماله، قل أو
كثر، مات أو عاش وإن طلق قبل البناء في مرضه فلها نصفه، وما سمى لها في
المرض، فلا شيء لها فيه إن مات قبل صحته، فإن صح، تم لها ذلك، ثم إن مات،
كان لها. وإن طلق قبل البناء، فلها نصفه، وإن ماتت قبل يفرض لها فلا صداق
عليه. وله الميراث وإن سمى، ثم دخل في مرضها فعليه ما سمى ويرثها.
قال أصبغ: وإن سمى في مرضه ثم ماتت هي ثم صح هو بعدها، لزمته التسمية
لورثتها وكذلك روى عيسى، عن ابن القاسم، في العتبية قال محمد: لا يعجبني
قول أصبغ.
[4/ 453]
(4/453)
قال مالك: وإن سمى في مرضه ودخل بها فلها
ما سمى إن مات من رأس ماله؛ إلا أن يزيد على صداق مثلها فتبطل الزيادة، إلا
أن تكون ذمية لا ترثه، فيكون لها الزيادة في ثلثه.
قال محمد: ولو سمى للأمة أو للذمية في مرضه ولم يبن بها، فلها ذلك كله في
ثلثه، وتحاص به أهل الوصايا. قال عبد الملك: لا شيء لها لأنه لم يسم لها
إلا على المصاب. قال محمد: ولا يعجبنا ذلك.
وإذا نكح على أن لها نقد عشرين ديناراً، وعلى أنه يفوض إليه في بقية مهرها،
ثم لم يرضوا بما فرض لها ولا بما زاد لأنه أقل من صداق مثلها حتى فارق، فله
أخذ العشرين ولا يلزمه شيء، وليمتعها.
وكذلك لو تزوجها على تفويض، وعلى دفعه لأبيها خاصة، ثم طلق قبل البناء،
فعليه المتعة، ويأخذ من الأب كل ما أعطاه وليس لهم إلا ما أرسل إليها. قال
يحيى بن سعيد قال محمد فيمن فوض إليه إذا كان الأب قد قبله فبعث بثياب
ومتاع، فأدخلت عليه ثم ماتت: فليس لهم إلا ما أرسل إليها. قال يحيى بن
سعيد: إذا كان الأب قد قبله وأدخلها.
قال ابن وهب، عن مالك فيمن تزوج امرأة، ثم خطب أختها لابنه، فقيل له:
أتصدقها كصداق أختها؟ فقال: لم أكن أقصر بها. ثم طلقها الابن، قال مالك: لو
صالحتموه، ورأيت معنى قوله: إنه لزمه الصداق بقوله: لا أقصر بها قال ابن
القاسم: وكأنهم زوجوه على المكافأة. وكذلك في العتبية من سماع ابن القاسم:
وكأنهم زوجوه على المكافأة وكذلك في العتبية من سماع ابن القاسم، قال:
يلزمه، وقال مرة: لو اصطلحوا، وكأنه يوجبه عليه، ولم يعينه قال ابن القاسم:
وكأنهم زوجوه على المكافأة.
[4/ 454]
(4/454)
ومن كتاب محمد، والعتبية من سماع ابن
القاسم قال مالك: وإذا تزوج امرأة على ثلاثين ديناراً، بعد أن ماتت خالتها
تحته، فقال الأب: اشتر لابنتي خادماً من صداقها. فقال: عندنا خادم. قال:
فمتاعاً لبيتها من مهرها. قال: هذا بيت خالتها. يعني المتاع، ثم دخلت. قال
مالك: يقوم ذلك؛ فإن كان فيه فضل، فهو للمرأة، لأنه رضي أن يعطيها إياه،
وإن كان أقل اتبعته بما بقى قال محمد: إذا لم تكن المرأة رضيت بذلك ولا
علمت، ثم لم ترض بذلك حين رأته.
ومن العتبية روى عيسى، عن ابن القاسم فيمن تزوج بتفويض، فبعث إلى أهلها
بشيء فسخطوه، فقال: فإن لها صداق المثل، ثم إن طلق ولم يدخل، فإن لها نصف
صداق المثل.
في البناء قبل أن يقدم شيئاً
وفي طلب تعجيل النقد
قال ابن حبيب: وإذا رضيت له بالبناء قبل أن يقدم شيئاً فليس بحرام. وهو
معنى قول الله سبحانه {ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة}
وقال في باب آخر: هو ما أعطته، أو وضعت عنه من صداقها. وأجازه ابن المسيب،
وغيره، وكرهه آخرون. وكرهه مالك حتى يقدم ولو ربع دينار. وكره ابن القاسم
أن يدخل بالهدية التي قد أهدى. وقد أجازه مالك، وابن المسيب، وابن شهاب،
وغيره.
ومن العتبية روى أشهب، عن مالك، فيمن أذنت له زوجته أن يدخل عليها، ويبني
وتمنعه نفسها حتى تأخذ الصداق، قال: ذلك لها، إلا أن ترضى
[4/ 455]
(4/455)
له بنصفه، وأما النفقة، فهي لها عليه، ومن
دخل، ولم يقدم شيئاً فإنه يقال له: أعطها ربع دينار، ولا تجتنب مسيسها بعد
الدخول بها.
قال عيسى، عن ابن القاسم: وإن أهدى إلى زوجته فلا يدخل حتى يقدم من الصداق
ربع دينار، وإذا رهنا بالصداق، فلا بأس أن يدخل بذلك. وأجاز بعض الناس أن
يدخل بحمالة، وما أحب ذلك حتى يقدم ربع دينار.
ومن الواضحة: وإذا طلبت قبل البناء أخذ النقد وأبى الزوج ذلك إلا عند
البناء، فذلك للزوج، إلا أن تشاء هي تعجيل البناء فلها قبضه؛ فإن أعسر به
تلوم له، وكانت عليه النفقة إن شاءت وأجل في الصداق أجلاً واسعاً. فإن عجز
عن النفقة قصر له في أجل الصداق، فإن جاء به وإلا فرق بينهما، واتبعته
بنصفه، وإن كان النقد شيئاً بعينه من دار أو عبد أو عرض فلها تعجيله. وإن
تأخر البناء، وقاله لي كله من سألته من أصحاب مالك.
وكذلك قال في الصغيرة تتزوج صغيراً أو كبيراً، فأصدقها داراً، أو عبداً
فلأبيها استعجال قبض الدار والعبد واستغلال ذلك، وإن لم يمكن من الدخول،
بخلاف ما ليس بعينه، لأن الذي ليس بعينه في ضمان الزوج، والذي بعينه في
ضمان الزوجة، فلها تعجله، ولا تتبعه في نفقتها، وكذلك الصغير يتزوج الكبيرة
بصداق بعينه فيما ذكرنا. وهو قول مالك وأصحابه.
ومن كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم: إذا أعسر بالنقد فأخروه به، لم يجز
أن يدخل حتى يقدم ولو ثلاثة دراهم فإن دخل قبل يقدم شيئاً، فليتلاف ذلك،
بأن يعطيها ما ذكرنا، ولا تنكل في هذا، وإن كان غير جاهل، قال أصبغ: ما لم
يكونا من أهل التهم بتلفيق النكاح.
[4/ 456]
(4/456)
قال مالك: وإنما كره أن يدخل قبل يقدم
شيئاً أن تتصدق عليه بصداقها، ولم يصل إليها منه شيء وفي رواية أشهب عن
مالك فيمن نكح بصداق مؤجل: أكره أن يدخل قبل يقدم شيئاً، فإن فعل جاز، ولا
أحبه قال أشهب: فإن عجل ربع دينار ليدخل بها فأبت حتى تقبض الجميع فإنها
تجبر على الدخول، إلا أن يتراخى ذلك إلى حلول أجله، فلها أن تأبى حتى تأخذ
جميعه أو ما حل منه.
وكذلك من تزوج بعاجل وآجل، فله البناء بدفع المعجل؛ فإن لم يدخل حتى حل
المؤجل، فلها منعه حتى تقبض جميعه ولو بقى للمؤجل سنين، فليس لها منعه حتى
يحل، ولو دخلت بعد حلول المعجل ثم حل المؤجل بعد البناء، فليس لها أن تمنعه
نفسها لتقبض ذلك، ولا لأن تقبض ما كان حل قبل بنائها.
وإذا وهبته قبل البناء جميع صداقها، خير على أن لا يدخل يعطيها ربع دينار
فأكثر، فإن لم يفعل حتى طلق فلا شيء لها عليه، ولو قبضته ثم وهبته له فلا
شيء لأحدهما على الآخر، وإن وهبته لأجنبي، رجع عليها الزوج بنصفه قال ابن
القاسم: فترجع هي على الموهوب فتغرمه ما غرمت.
فيمن نكح امرأة بعبد غائب، أو دار غائبة
أو بدين له على رجل، أو بأرش جرح له عليها
وهل يدخل بذلك؟
ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم: ولا بأس بالنكاح بعبد غائب بعيد
الغيبة. قال ابن حبيب: إذا وصفه لها أو للأب في البكر، كان معه عين أو لم
يكن، وكذلك بعبيد، قالا: إلا ما بعد جداً مثل خراسان والأندلس، فأكرهه
لانقطاع خبره، قال ابن حبيب: مثل إفريقية من المدينة، كان مع ذلك عين أو لم
يكن، فلا خير فيه ويفسخ، قال ابن المواز: قال ابن القاسم: وأما مسيرة الشهر
ونحوه، فذلك جائز، والضمان من الزوج حتى تقبضه المرأة.
[4/ 457]
(4/457)
قال ابن القاسم: وله أن يدخل إن كانت
الغيبة قريبة، ولا يدخل بها في الغيبة البعيدة وإن قدم إليها ربع دينار.
وإن سماه مع العبد لأن النقد في هذا البعيد لا يجوز، والدخول انتقاد، ولو
كان هذا العبد بعينه على أن يكون مضموناً عليه لم يجز النكاح قال: وإن لم
يكن بعينه، وكان مضموناً بصفة جاز، وإن كان بعينه ولم يصفه فسخ النكاح قبل
البناء وثبت بعده، ولها صداق المثل.
وكذلك القريب الغيبة في هذا، ولو كان في المنزل، وإن كان قريباً فوصفه
فأصيب العبد قبل تقبضه، فلها قيمته في تلك الصفة، وكذلك إن بعد فردته بعيب،
فإن نكحت بدار أو أرض غائبة بعيد الغيبة، جاز إذا وصفت، ولم يجز إن لم
توصف، ويفسخ إلا أن يبني فيثبت، ولها صداق المثل، ويجوز ذلك في الخلع وإن
لم يوصف.
ومن الواضحة، قال ابن حبيب: وإذا نكحت برقيق غائبة على مثل شهر أو عشرة
أيام فذلك جائز إن وصفت لها، أو للأب في البكر، ولها البناء قبل تقبضه، وله
البناء قبل يقبضها، بخلاف البيوع، لا يجوز النقد في البيع في مثل هذه
الغيبة وأحب إلي أن يعطيها قبل قبض الرقيق ربع دينار، أو ما يسواه، وهم من
الزوج، فإن ماتوا ودى قيمتهم على ما وصف يوم العقد، ولا بأس أن يشترط فيهم
الزوج الصفقة، كالبيع. وقاله كله ابن القاسم وغيره من أصحاب مالك.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: وإن تزوجها بدين له على رجل، فذلك جائز، ولا
يدخل حتى تقبض من ذلك ثلاثة دراهم يدفعها هو إليها، وقال مالك أيضاً: له أن
يدخل وإن لم تقبض شيئاً، لأنه حق لها، لأنها لو شاءت باعته وقبضت ثمنه.
ومن كتاب الرجوع عن الشهادات، لابن سحنون: وإذا جرحت امرأة رجلا جرحا خطأ،
منقلة أو موضحة فبرئ منها، فتزوجها بما وجب له عليها من ذلك، فقد كره بعض
أصحاب النكاح بذلك، وأجازه غيره، فإن طلقها قبل البناء فعليها نصف العقد،
وإن لم يطلقها حتى انتقض الجرح، فبرئ فيه فمات فإن
[4/ 458]
(4/458)
أقسم ورثته لمن جرح مات، أخذت الدية من
العاقلة، وأخذت هي من ذلك أو من صلب ماله قيمة الموضحة أو المنقلة، لأنها
كثمن معروف، وكأنها لما صار الجرح نفساً إنما تزوجت بشيء فاستحق فلها
قيمته، والنكاح جائز، ولها الميراث من المال، ولا ميراث لها من الدية،
وكأنها جنت عليه، وهي زوجة له؛ وإن أبوا أن يقسموا أنه لمنه مات، فقد سقط
عقل الموضحة، وصار كدين كان له عليها، فتزوجها به فمات فسقط عنها.
ولو تزوجها وهو مريض على الضربة وما يحدث فلا يجوز؛ لأنه نكاح مريض وصداق
مجهول، فإن مات من مرضه فلا ميراث لها ولا صداق لها، فإن أقسم الورثة أخذوا
الدية من عاقلتها وسقط ما عليها، وإن أبوا أن يقسموا رجعوا عليها بمبلغ
خراجها من الموضحة والمنقلة في مالها.
فيمن نكح برقيق، أو شوار بغير صفة ولا أجل،
أو بشيء لم يصفه، أو بعبد يختاره أحدهما
أو بشيء ذكر ثمنه ولم يصفه، أو على دار فلان
من كتاب ابن المواز: ومن تزوج بعبد بغير صفة ولا أجل جاز بخلاف البيع، ولها
عبد وسط حالا وإن نكح برقيق ذكر العدة ولم يذكر حمراناً، ولا سوداناً، فلها
الوسط من الأغلب في البلد من الصنفين وكذلك العتبية من سماع ابن القاسم.
قال في كتاب محمد: فإن لم يكن في البلد أحد الصنفين أغلب، نظر إلى وسط
الحمران، ووسط السودان، فأعطيت نصف ذلك، وذلك على قيمته ذلك يوم وقع النكاح
وكذلك إن طلق قبل البناء، وقاله أصبغ.
قال مالك في العتبية ويعطى الإناث دون الذكور. وكذلك شأن الناس وقاله
سحنون، قيل لمالك: فمن سمى في صداق جارية بخمسين، وسريراً بكذا،
[4/ 459]
(4/459)
وفرشاً بكذا، ثم يعطيهم دون تلك القيمة؟
قال: يلزمه مثل ما سمى قيل لسحنون: لأنهم يسمون للسمعة ويعطون ذلك، قال: ما
أعرف هذا عندنا. وأرى أن تلزمه التسمية. قيل: فإذا كان هذا أمراً يتناكحون
عليه. قال: يتقدم الإمام فيه وفي الذي ينكح عليه أهل مصره.
قال أصبغ، وفي الواضحة: وأرى إن سمى للمرأة الدنية الرداء بعشرين ديناراً،
أو خمار قز، أو درع خز بثلاثين، وشبه هذا مما يرى أنه أريد به السمعة: أن
تعطى وسطاً من ذلك، ولا تعطي الثمن الذي سمى لها وإن كانت تشبه أن يسمي لها
ذلك، أخذ بالتسمية.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فيمن شرط في صداقه رأسين كل رأس
بخمسين، فغلت الرقيق أو رخصت، فإن وصفوا كل رأس بصفة، وكان ذكر الخمسين
عبارة عن تلك الصفة فلهم الصفة؛ غلت فزادت على الخمسين أو رخصت وإن كان ذكر
الخمسين لا يقصد بها صفة إلا ترتيب الخمسين فعليه شراؤها بخمسين ديناراً كل
رأس في الغلاء والرخص.
قال ابن حبيب: إذا سمى للرقيق ثمناً أخذ بالتسمية، ولم ينظر إلى الوسط من
ذلك، والمرأة مخيرة، إن شاءت أخذته بالتسمية وتركت الرقيق، وإن شاءت أخذته
بالرقيق على تلك التسمية، إلا أن يحصر بالرقيق على التسمية، فليس لها
غيرها، كمن وكل على شراء شيء فاشتراه فيلزم الأمر وإن طلقها قبل البناء
فلها نصف التسمية، ولا يجبر الزوج أن يأتي برأس فيكون بينهما وهكذا أوضح لي
عن مالك من كاشف فيه من أصحابه، وكله مما اجتمع عليه أصحابه.
قال ابن حبيب: ومن نكح على خادم رضاً، فإن كان معناه عندهم أنها الجائزة
فذلك جائز، وعليه خادم وسط من خدم النقود، وإن كان معنى الرضا عندهم رضا
المرأة فهو على وجه التحكيم، كأنه نكح على حكمها؛ فإن تراضيا على شيء وإلا
فلها مثلها.
[4/ 460]
(4/460)
ومن كتاب ابن المواز: وإن نكح بعرض لم يصف
من أي العروض لم يجز، ويفسخ، ما لم يدخل حتى يقول: بثوب. أو: بكذا من
الكتان أو الصوف وإن يصفه فلها الوسط، وكذلك في اللؤلؤ قاله ابن القاسم.
ولا يجوز على أن يشتري لها دار فلان، أو عبد فلان، ويفسخ قبل البناء وإن
نكح باحد عبديه، تختاره هي فجائز، وإن كان يختاره هو لم يجز، ويفسخ قبل
البناء، ويثبت بعده، ولها صداق المثل.
وإن نكح برأس بمائة، ولم يصفه، وبمائة دينار، فطلق قبل البناء، فعليه مائة
دينار زاد عيسى بن دينار في روايته: والنكاح جائز.
في النكاح بصداق إلى غير أجل
أو إلى أجل مجهول، أو أجل بعيد،
أو على أنه إن لم يجد، فهو في حل، ومتى يحل المهر؟
من الواضحة وغيرها قال مالك: إذا كان الصداق نقداً كله والمؤخر منه محدث،
فلا أحبه، ولا يفسخ إن نزل إلا أن يكون إلى غير أجل فيفسخ قبل البناء،
ويثبت بعده، ولها صداق المثل.
ومن كتاب ابن المواز: وكره مالك الصداق بعضه معجل وبعضه إلى ست سنين. وقال:
لم يكن من عمل الناس. وقال ابن القاسم: لا يعجبني إلا إلى سنة وسنتين؛ فإن
وقع في المسألة الأولى لم أفسخه إلا في الأجل البعيد قال أصبغ: إلا أن
يطرحوا ذلك عنه أو يجعلوه إلى أجل قريب أو يبني فيكون لها صداق المثل نقداً
كله.
وقال ابن وهب: القريب الجائز إلى خمس ولا يفسخ، وكذلك العشرون أو أكثر
قليلاً، ما لم يبعد جداً مثل الأربعين، ثم رجع فقال: وإن وقع إلى أكثر من
ثلاثين، لم يفسخ وإن لم يدخل ما لم يبعد جداً. وذكر ابن حبيب، في رجوع.
[4/ 461]
(4/461)
ابن القاسم، أنه قال: وإلى الأربعين فلا
أفسخه، قالا عنه: ويفسخ في الخمسين والستين، ويصير إلى مثل موت أو فراق.
قال أصبغ: ولو فسخه أحد في الأربعين لم أعبه؛ وابن وهب يفسخه فيما زاد على
العشرين. وقال أيضاَ: يفسخ فيما زاد على العشرة. وقاله ابن القاسم، ثم رجع.
قال أصبغ: ولا أكره المهر إلى عشرين سنة وقد زوج أشهب ابنته على أن جعل
مؤخر مهرها إلى اثنتي عشرة سنة.
قال ابن المواز: قال مالك: ونكاح أهل مصر والشام بعضه بنقد، وبعضه إلى غير
أجل، إلا أن ما تعارفوا وعملوا عليه أنه إلى موت أو فراق، فهذا غرر لا
يصلح.
قال ابن القاسم: وإذا وقع بمائة نقداَ، ومائة إلى غير أجل، أو إلى موت أو
فراق، فإن مات بالبناء فلها صداق المثل، ما لم تنقص من مائة فلا ينقص، أو
يزيد على مائتين أو رضيت بتعجيل فلا يزاد على مائتين نقداَ، ولو رضي يريد
قبل البناء بتعجيل المائتين، أو رضيت هي بأخذ مائة فقط، تم النكاح، وقاله
ابن عبد الحكم، وأصبغ. وكذلك في الواضحة.
قال ابن حبيب: ولم يختلف مالك وأصحابه أنه يفسخ قبل البناء إن لم تسقط هي
المائة المؤخرة ولا عجلها الزوج، وأنه إن بنى، وصداق المثل اقل من مائة،
انه لا ينقص من مائة. واختلفوا إن كان أكثر من المائتين؛ فقال ابن القاسم:
لا يزاد. وقال مطرف وابن الماجشون: لها بالزائد ما بلغ، ورواه مطرف عن
مالك.
ومن كتاب ابن المواز وابن حبيب: ولو أصدقها مائة نقداً، ومائة إلى سنة،
ومائة إلى موت أو فراق، ومات بالبناء، وكان صداق المثل مائتين فأقل فلها
مائتان مائة نقداً ومائة إلى سنة، وتسقط المائة الأخرى. وإن كان صداق المثل
مائتين وخمسين: كان لها مائة وخمسون نقداً، ومائة إلى سنة.
[4/ 462]
(4/462)
قال ابن حبيب: وكذلك إن زاد على ذلك تعجلته
إلا مائة إلى سنة.
قال في كتاب ابن المواز وإن كان أكثر من ثلاثمائة، لم يزد. وهذا ذكره ابن
حبيب عن ابن القاسم. قال ابن حبيب: وسواء فيما ذكرنا من أول المسألة، كان
بعضه مؤخراً إلى غير أجل أو إلى موت أو فراق، أو إلى ميسرة، أو إلى أن تطلب
المرأة وهو الآن مليء أو معدم، قاله ابن الماجشون، وأصبغ.
وقال ابن القاسم، في قوله إلى ميسرة. أو إلى أن تطلبه به المرأة: إن كان
يومئذ ملياً فجائزة.
ومن العتبية روى يحيى ابن يحيى عن عبد القاسم فيمن تزوج بصداق إلى ميسرة
فإن كان يومئذ ملياً فالنكاح جائز، وليؤخروه قدر ما يرى من التوسعة على
مثله، وإن كان يومئذ معدماً فسخ، إلا أن يبني فيثبت، ولها صداق المثل.
قال ابن المواز: وروى ابن وهب عن مالك فيمن نكح بمائة نقداً وبمائة إلى
ميسرة فلا يعجبني، وإن كان له مال يومئذ فلا بأس به إن شاء الله.
ومن كتاب ابن سحنون: وسأل حبيب سحنون عمن تزوج امرأة وشرط في شيء من صداقها
إلى ميسرة خادماً أو غير ذلك، قال: النكاح فاسد، يفسخ قبل البناء ولا شيء
لها، وإن بنى بها فلها صداق المثل، إلا أن يكون أقل مما عجل لها، فلا تنقص
منه، يريد أنه لم يكن في الصداق شيء مؤخر غير ذلك الشيء المشترط فيه
الميسرة.
قال ابن المواز قال مالك: وإن نكح بمائة نقداً، ومائة على ظهره؛ فإن كان
يحل بالبناء فجائز.
محمد: وكذلك لو قال: ومائة بعد البناء بسنة، لأن البناء كالحال، إذ للزوجة
أن تدعوه إليه متى ما شاءت، وقد كان أصبغ يرى في قوله بعد البناء بسنة انه
فاسد، وأجل مجهول، وهذا غلط منه لما ذكرنا.
[4/ 463]
(4/463)
وقد قال مالك في المسألة التي ذكرنا: إن
كان يحل بالدخول فجائزة فجعله وقتاً معلوماً، فإذا طلبته فهو محله عندي،
دخل أو لم يدخل. فكذلك بعد البناء بسنة، وإذا طلب البناء، وأجرى النفقة
فذلك له، فوقته طلبها للبناء، لا طلبه هو للبناء، فإن أخّرت ذلك، فحق لها
أخَّرته.
ومن العتبية روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم فيمن تزوَّج بخمسين نقداً
وخمسين تحل بعد البناء بسنة: فأنا أكرهه ولا أفسخه إن نزل، وليس الدخول
كالمجهول. وقد أجاز مالك البيع على التقاضي أنه جائز، لأنه قد عرف وجهه.
وقال مالك فيمن نكح بخمسين نقداً وخمسين تحل بعد البناء: إنه جائز. قال ابن
القاسم: وأرى في الخمسين التي تحل بعد البناء بسنة أنه إن مضى من الزمان ما
بنى أكثر بلده إلى مثله، فإنها تحل بعد ذلك بسنة. وقاله سحنون.
وكذلك لو قال مع ذلك: وخمسين إلى خمس سنين. فذلك جائز. وروى أبو زيد عن ابن
القاسم في ذلك أنه يفسخ قبل البناء، فإن دخل نظر إلى صداق مثلها على أن
خمسين منه إلى خمس سنين، فما زاد عليها أخذته حالا، وبقيت خمسون إلى خمس
سنين.
قال ابن حبيب: وإذا وقع بعض الصداق إلى غير أجل، فمات أو طلق قبل البناء،
فلا شيء لها من معجل ولا مؤجل، وكذلك بمائة دينار بعد البناء، وبعبد آبق،
وبعير شارد، فلا شيء عليه من معلوم ولا مجهول.
ومن كتاب ابن المواز، قال مالك، فيمن تزوج بصداق على أن ينقد بعضه ويؤخر
بعضه، فإن مات ولا وفاء له، فهو في حل لم يجز، وفسخ قبل البناء ولا شيء
لها، وإن دخل بطل الشرط وثبت النكاح.
[4/ 464]
(4/464)
وبعد هذا باب في النكاح بصداق فيه غرر
وفساد.
ومن كتاب ابن سحنون عن أبيه: وسأله حبيب متى يحل المهر؟ يريد وقد كان معه
نقد فدفعه أو لم يدفعه. فقال ليس محل المهر قبل البناء ولا بعد البناء إلا
بقدر اجتهاد الحاكم، فرب رجل ينقد عشرة ومهره مائة، فلو قيل له: تؤخذ بها
لمَّا تدخل لم يرض بذلك، غير أن المهر لا يؤخذ قبل البناء على حال وإن كان
في الكتاب مهراً حالا، لأن ذلك قد عرف وجهه. وقد يكتب، فإن لم يؤد المكاتب
النجم عند محله فهو رد في الرق، ثم لا يكون ذلك حتى يتلوَّم له الإمام.
وقول مالك: إذا ادَّعى بعد البناء أنه دفع الصداق فهو مصدَّق، إنما هذا لأن
نكاح الناس كان بتعجيل الصداق كله، وصار نكاح الناس الآن بتأخير المهر، ومن
الناس من يرى أنه لا يؤخذ إلا إلى موت أو فراق.
في النكاح بجعل أو إجازة أو على أن يحجَّها
ومن كتاب ابن المواز: واستثقل مالك أن يتزوج امرأةً على أن يؤاجر نفسه منها
سنين معلومة، أو أشهراً، يكون ذلك صداقها، قال: ولا أعلمه كان من عمل
الناس.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فيمن وقع له صبي في جب فقال لرجل: إن
أخرجته، فقد زوجتك ابنتي. أو أنا أزوِّجكها. فأخرجه: قال: لا يجوز ذلك ولا
يكون النكاح جعلاً ولا كراءً، وله أجر مثله في إخراجه إياه، حيا أو ميتاً.
قال: وما ذكر الله سبحانه في كتابه من نكاح موسى عليه السلامعلى الإجارة
فالإسلام على غير ذلك، فإذا وقع فسخ قبل البناء، وثبت بعده، ولها صداق
المثل، وله هو أجر مثله.
[4/ 465]
(4/465)
قال عنه أصبغ، فيمن نكح على أن يعمل لها
سنةً، وينقدها مع ذلك شيئاً، أو لا ينقدها، فلا يعجبني، فإذا لم ينقد شيئاً
فهو أشد، وإن نقد شيئاً ففيه اختلاف. وكره مالك ما يشبهه.
قال أصبغ: إنما كره أن يعمل له بدءاً، فإذا نزل مضى، كان معه غيره من النقد
أو لم يكن. واحتجَّ بقصة شعيب، قال: ولا يدخل ثم يعمل قال أصبغ، عن ابن
القاسم: إذا قدَّم ربع دينار فأكثر إذا رضيت وأمكنته.
ومن كتاب ابن المواز: وكره مالك أن يتزوجها على أن يحجها من ماله. قال ابن
القاسم: فإذا كان مع الحج غيره لم يفسخ، فإن لم يكن معه غيره فسخ قبل
البناء، وثبت بعده ولها صداق المثل، قال محمد: لا يعجبني النكاح، ولا سمعت
أن أحداً فسخه من أصحابنا، وإنما استثقله مالك كما استثقله بالإجارة. ولم
يقل في شيء منه: يفسخ. وهو جائز إن نزل، وليس فيه تغرير. ولو كان غراً ما
أجاز مالك أن يسلف فيه، وإن كان إنما فسخه ابن القاسم، لأن الحج كلا شيء
قائم.
قال: فإن طلقها قبل البناء، اتبعته بنصف الحج. ذكره عنه أصبغ. وذكر ابن
حبيب مثل قول ابن المواز، قال: وأعاب أصبغ قول ابن القاسم، قال: وغيره من
أصحاب مالك يراه صداقاً معروفاً ونكاحاً جائزاً، بنى أو لم يبن.
قال ابن حبيب قال مالك وأصحابه: إن نكح على أن يحجها، فأحب لهم أن يكون مع
ذلك ما تستحل به، فإن لم يكن فذلك جائز عند أصحاب مالك إلا ابن القاسم،
وخالفه أصبغ وإنما كره على الحج وحده لئلا يبني قبل ذلك، فإن وقع مضى ومنع
من البناء حتى يحجها أو يعطيها قدر الحجة من نفقة وكراء، ثم إن شاءت حجت أو
تركت.
[4/ 466]
(4/466)
وكذلك النكاح على أن يعمل لها عملاً كرهه
مالك. وهو إذا لم ينقدها مع ذلك شيئاً أشد كراهية. قال ابن حبيب: فإن وقع
مضى، بنى أو لم يبن، وليس له البناء حتى يعمل، أو يقدم قدر ربع دينار.
وقاله بعض أصحاب مالك.
قال ابن المواز قال ابن القاسم: فإن سمَّى مع الحج غيره لم يكن لورثتها إلا
حجة يكرونها، وإن مات هو فلها أن تكتري لها من ماله، ويقام لها منه نفقتها
ومصلحتها. وتكتري ممن أحبت. وإن طلقها قبل البناء فعليه نصف قيمة ذلك.
قال ابن القاسم: كمن أعطى رجلاً جارية ودنانير، على أن يحجَّها، فمات من
ذلك، فليس لهذا إلا حجة في ماله، يصرف ذلك إلى من شاء. وإن مات الدافع فما
لورثته غير الحجة.
قال محمد: وقد أجاز مالك وأصحابه النكاح برأس بغير تسمية ولا صفة.
قال أصبغ: ولا يعجبني قول ابن القاسم، والنكاح جائز بالحجة وحدها. وقاله
أشهب. قال: وله البناء قبل أن يججها، كمن نكح بمائة إلى سنة، فله البناء
قبلها. وقال ابن القاسم: لا يبنى حتى يقدم ربع دينار. قال محمد: وبه أقول،
وكذلك في الحجة.
قال أشهب: وإن لم يضرب للحجة أجلاً، فذلك جائز، فإذا جاء زمن الحج وجب لها،
كمن نكح بشيء لم يضرب له أجلاً فهو حال.
ومن العتبية: روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم فيمن نكح امرأة بصداق وعلى أن
يحجها من ماله، قال يفسخ قبل البناء ويثبت بعده، ولها ما سمَّى مع قيمة ما
ينفق على مثلها في الحج من كراء ومؤونة وكسوة، ولو لم يصدقها غير الإحجاج
فلها إن بنى بها صداق المثل.
وقد قال مالك: إن نكح على شيء مسمَّى وإحجاجها، فماتت بعد البناء وقبل
الحج، فلورثتها مثل ما كان ينفق عليها في الحج، ولا أرى ذلك. وإنما لهم
[4/ 467]
(4/467)
حمل مثلها، إلا أن يتراضوا على أمر جائز،
ولو لم تمت فأرادت منه أو أراد منها دفع ما ينفق عليها في الحج وأبى الآخر،
لم يكن ذلك لمن أراده.
قال: وإذا كان صداقها حملها إلى بلد أو خدمة الزوج، أو عبد لها مدة فلا
يصلح ذلك. ويفسخ قبل البناء، ويثبت بعده، ولها صداق المثل.
في النكاح يقارنه بيع
أو يشترط الزوج أن يعطيه الأب عطية، أو الزوجة
من كتاب ابن المواز قال ابن القاسم فيمن تزوج امرأة بمائة على أن أعطته
خادماً لم يجز ويفسخ، ما لم يفت فيكون فيه ما في المكروه. وقال ابن
الماجشون: لا يفسخ إلا أن لا يبقى لها بعد قيمة ما أعطته. قال ابن حبيب عن
مطرف: لزم إذا وقعت الصفقة بربع دينار فأكثر. وقال ابن حبيب: إذا كان نكاح
وبيع كان البيع في الذي أصدقها أو في سلعة أخرى منه. ابن القاسم وابن عبد
الحكم وأصبغ: يفسخونه قبل البناء. وذكر عن مطرف ما روى ابن المواز عن ابن
الماجشون، وذكر هو عن ابن الماجشون، وذكر هو عن ابن الماجشون، إن كان في ما
أعطت وأخذت فضل بين جاز، وإن كان يقاربه أو يستغرقه فسخ قبل البناء، وإذا
فاتت السلعة ففيها القيمة.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم قال: لا يقارن البيع نكاح ولا صرف ولا
قراض ولا مساقاة ولا شركة، فإن وقع نكاح وبيع فسخ قبل البناء وردَّت
السلعة، وإن فاتت بما تفوت به في البيع الفاسد ردَّ القيمة، وإن بنى فلها
صداق المثل، ويرد في الصرف والبيع الذّهب والورق وقيمة السعة إن حال سوقها،
ومثله في القراض والشركة والمساقاة، وله فيما عمل أجر مثله في القراض، وله
في المساقاة مساقاة مثله.
[4/ 468]
(4/468)
قال يحيى بن يحيى عن ابن القاسم فيمن اشترى
أمة على أن يزوجها لعبده فزوجها، فالبيع فاسد ويفسخ وترد السلعة، فإن فاتت
فقيمتها، ويفسخ النكاح بكل حال.
قال سحنون عن ابن القاسم فيمن نكح امرأة على أن أعطاه أبوها داراً، فالنكاح
جائز، بنى أو لم يبن، وكذلك لو قال لرجل: تزوج وأنا أعينك. فذلك يلزمه إن
تزوج. وأما إن قال: تزوج ابنتي بخمسين، على أن أعطيك هذه الدار لم يجز،
وهذا نكاح وبيع.
قال ابن القاسم: ومن تزوج بكراً بمائة دينار فأعطته ذلك من عندها ثم علم
الأب، فالنكاح ثابت، بنى أو لم يبن، ويرد ما أخذ منها ويغرم المائة من
ماله، كالعبد يعطي مالاً لمن يشتريه.
قال في رواية عيسى: ومن أعطته امرأته مائة دينار يتزوجها بها، فإن كانت
ثيباً فزادها على ما أعطته ربع دينار فالنكاح جائز، وإن كانت بكراً ولم يبن
بها، فإن أتم لها الصداق وإلا فسخ، وأصل النكاح صحيح، وإن بنى فعليه صداق
المثل، ثم رجع فقال: النكاح ثابتبنى أو لم يبن، فإن كانت بكراً فعليه أن
يعطيها من ماله مثل ما أعطته، وإن كانت ثيباً فزادها من ماله ربع دينار لم
يكن لها حجة.
في النكاح بصداق فيه غرر أو مجهول أو فساد
من كتاب ابن المواز: ومن نكح بثمرة لم يبد صلاحها، أو بعبد آبق، أو جنين في
بطن أمه فإنه يفسخ قبل البناء فإن فات بالبناء فلها صداق المثل، وعليها رد
الثمرة، فإن فاتت فمثلها. قال أصبغ: إن علمت كيلها، وإن أكلتها رطباً ردَّت
قيمتها يوم جذّتها، ولو لم يبن حتى طابت الثمرة فلابد من فسخه. وكذلك في
الآبق والجنين مثل البيع، فإن فات بعد القبض، رد قيمته يوم قبضه المبتاع.
وكذلك ترد قيمة الجنين إن قبضته لأنه يفيته النماء والنقص، فإن أصدقها
[4/ 469]
(4/469)
مع ذلك عشرة دنانير أو عبداً أو ثوباً
فليفسخ قبل البناء، فإن بنى فلها صداق المثل، ما لم يكن أقل من العشرة أو
من قيمة العبد أو الثوب فلا ينقص، وإن كان أكثر فلها الأكثر، وكل ما كان
مثل هذا من غرر الصداق، أو بخمر، أو خنزير مما يفيته البناء، فإن موت
أحدهما قبل البناء يفيت فسخه أيضاً، وبينهما الميراث، ولا مهر لها لأنه لم
يسمَّ فيجب لها صداق المثل. وإن طلّق فيه أو خالع لزمه.
قال ابن القاسم وأصبغ قال محمد: وقد قيل يفسخ النكاح بالخمر وإن دخل. وهذا
ليس بشيء. وقد اختلف قول مالك في المختصر الكبير في فسخ النكاح بعد البناء
إذا عقد بخمر أو خنزير أو بثمرة لم يبد صلاحها أو بجنين في بطن أمه، أو
ببعير شارد أو بعبد آبق.
قال ابن المواز قال أشهب: من نكح بثمرة لم يبد صلاحها وطلق قبل البناء، فلا
صداق عليه، والطلاق يلزمه. وفرق بين الطلاق والموت، فجعل في الموت صداق
المثل. وهذا غلط. قال أصبغ: لا صداق لها ولها الميراث.
وقال أشهب في الناكح بالآبق أو بالثمرة قبل بدو صلاحها: إنه يفسخ قبل
البناء بلا صداق، وإن مات أحدهما توارثا.
ومن نكح بثمرة لم يبد صلاحها على أن يجذها بلحا فذلك جائز، فإن تأخرت حتى
طابت، فجذله رطبا أو بسراً أو تمراً فلا يفسخ النكاح، وإن لم يدخل، وتفسخ
الثمرة وترد ما جذت منها، ولها قيمة البلح مجذوذاً يوم النكاح، وترد إليه
ما أكلت منه، فإن لم تعرف فقيمته. وإن طلقها قبل البناء فلها نصف قيمة
البلح مجذوذاً يوم النكاح.
قال أصبغ: وإن تزوجت بصداق بعضه صحيح وبعضه غرر، فرضيت بإسقاط الغرر وأخذ
الصحيح منه، لم يفسخ إذا كان في الصحيح منه ربع دينار
[4/ 470]
(4/470)
فأكثر, فإن لم ترض بذلك فسخ ما لم يبن.
وكذلك بمال بعضه إلى غير أجل وبعضه نقداً، فإن رضيت بإسقاط المؤجل جاز.
وكذلك لو رضي الزوج بتعجيل المؤجل إلى غير أجل معلوم, وكذلك لو تراضيا على
أن جعلا بدلاً ممَّا سمَّيا من الغرر شيئاً معلوماً تم النكاح.
ولو نكحت بعبد آبق وبالربع دينار, فرضيت بالربع دينار وإسقاط الآبق لجاز,
ولو رضي الزوج بتقديم قيمة العبد على غير إباق نقداً تم النكاح, وإذا لم
يكن مع الآبق شيء, ولا مع الثمرة أو الجنين فلابد من فسخه وإن رضيا بصداق
صحيح, إلا أن يدخل.
ولو كان مع الآبق أو الشارد أو الجنين ربع دينار ولم يفسخ حتى رجع الآبق
والشارد وخرج الجنين حيا؛ فإن لم ترض هي بالربع دينار وحده فسخ النكاح, إلا
أن يرضى الزوج أن يدع ذلك لها, فيجوز. قال أصبغ: وإن في هذا لمغمزاً, ولكنه
قول أصحابنا، والقياس فيه الفسخ, إلا أن يبني.
قال أصبغ: والمسلم إذا نكح مسلمة بربع دينار وبخمر أو خنزير, مثل ذلك, إن
رضيت بالربع دينار فقط تم النكاح, وإلا فسخ, إلا أن يرضى الزوج في هذه أن
يفرض لها صداق المثل فيلزمها ولا يفسخ, فإن لم ترض وفسخ لم يكن لها نصف
الربع دينار, لأنه قبل أن يجب بالبناء صداق.
ولو نكح نصراني نصرانية بخمر أو خنزير ثم أسلما قبل البناء, قال ابن
القاسم: إن فرض لها صداق المثل تم النكاح, سواء قبضت الخمر أو الخنزير أو
لم تقبضه. قال محمد: ولا أرى أشهب إلا قال: إن قبضته وفرض لها ربع دينار تم
النكاح, وفرق بين قبضها وغيره, وهما عندي واحد.
ومن كتاب ابن حبيب: ومن نكح بأرض لزوج بلا كيل بذر. . . قد عرفوه لم يذكر
موضعها أو قال: بقرية كذا ولم يصف. أو قال: تختارها من
[4/ 471]
(4/471)
أرضي. فذلك فاسد, إلا في وجه واحد، أن
يقول: بأرض لزوج أو زوجين من أرضي التي بموضع كذا. ولا يقل: تختارها. وتكون
المرأة أو الأب في البكر يعرف أرضه هناك, فيكون شريكه فيها سمى من دفع.
فيمن نكح امرأة على أبيها أو على عتقه
وفي عتقه الأمة على شرط النكاح فيها
من كتاب ابن المواز: ومن نكح امرأة على أن يعتق أباها وهو لا يملكه لم يجز,
فإن أعتقه نفذ عتقه ولا يتبعها بشيء؛ لأنها لم تملكه طرفة عين. وقال مالك:
وليس كالتي نكحته على عبده فلان على أنه حر, هذه عليها نصف قيمته إن طلقها
قبل البناء. ولو نكحها بأبيها ولم تعلم هي فقد غرَّها إن كان عالماً.
ومن العتبية من سماع ابن القاسم: ومن نكح امرأة على أن يعتق أباها, فاشتراه
فأعتقه, ثم طلقها قبل البناء. فعليها نصف قيمته ويجوز العتق. قال ابن
القاسم: النكاح فاسد يفسخ قبل البناء, فإن بنى ثبت, ولها صداق المثل؛ لأنها
لم تملكه، وولاؤه له. وقال أيضاً مالك: لا يرجع عليها بشيء. وقوله الأول
أحب إلي أنه يرجع عليها بنصف قيمته.
ومن الواضحة: ومن نكح امرأة على أبيها ومن يعتق عليها, وهي تعلمه أو لا
تعلمه, أنه يعتق عليها, كانت بكراً أو ثيباً؛ فإن طلقها قبل البناء رجع
عليها بنصف قيمته يوم أصدقها إياه, فإن لم يجد لها غيره فانظر؛ فإن كان هو
علم يوم العقد أنه ممن يعتق عليها فليس له رد العتق ويتبعها بذلك, وإن لم
يعلم به إلا عند الطلاق فله أخذ نصفه. إلا أن يشاء اتباعها بنصف قيمته فذلك
له ويمضي عتقه كله. وقاله لي من كاشفت من أصحاب مالك.
[4/ 472]
(4/472)
قال ابن الماجشون: وإن نكحها على أن يعتق
لها أباها فالنكاح مفسوخ, وإن كان معنى قوله لها عنها, فالولاء له ولا شيء
عليها؛ لأنها لم تملكه, وإن كان معنى: لها. لعتقه عن نفسه, فالولاء له,
ويفسخ النكاح قبل البناء ويثبت بعده, ولها صداق المثل.
ومن كتاب ابن المواز: قال مالك: لا يجوز أن يكون عتق أمة صداقها. قال محمد:
كان مع ذلك مهر أو لم يكن.
قال مالك: وإن أعتق أم ولده على أن يعطيها عشرة دنانير يتزوجها بها, ففعل
وبنى بها, فأرى أن يفسخ ثم يتزوجها إن شاءت بعد الاستبراء, ولها العشرة,
والعتق ماض. وكذلك إن أعتقها على أن تنكح فلاناً, جاز العتق وبطل الشرط.
وإن أعطاه رجل ألفاً على أن يعتق أمته, ويزوجها له فأعتقها على ذلك, فللأمة
أن تأبى, والألف للسيد والعتق نافد, والولاء له, واستحسن أصبغ أن تقسم
الألف على قدر صداق مثلها وفكاك رقبة مثلها, فما أصاب قدر الفكاك فللسيد,
وما أصاب قدر المهر رد على الدافع, إلا أن يستدل أنه إنما دفع ذلك للعتق
وحده, ثم يزوجه إياها من ذي قبل برضاها, فتكون الألف كلها للسيد, فأما على
الفكاك والنكاح إيجاباً, فيرد السيد ما يقع للنكاح, وذكر ابن حبيب, عن ابن
الماجشون مثل قول أصبغ.
قال ابن حبيب: وإذا لم يشعر بذلك حتى بنى بها بهذا العقد مضى النكاح ولم
يفسخ, ولها عليه صداق مثلها. وكذلك قال فيمن جعل عتق أمته صداقها, وفات ذلك
بالمسيس فلا يفسخ, ولها صداق المثل.
فيمن تزوج بشيء فاستحق
من كتاب ابن المواز ومن العتبية رواية أشهب عن مالك فيمن نكح بعبد فوجد
مسروقاً, قال في كتاب ابن المواز: من سرق سرقة فنكح بها وقد
[4/ 473]
(4/473)
بنى بها, فلها أن تمنعه نفسها حتى تأخذ
مهرها. وكذلك لو استعار خادماً فنقدها إياها، وقد نكحها على خادم؛
وكالمكاتب يقاطع سيده بشيء سرقه. قال في كتاب ابن المواز: بخلاف الخلع على
ذلك.
قال في العتبية, قيل له: فمن نكح بمال حرام, أتخاف أن يضارع الزِّنا؟ قال:
إي والله, ولكن لا أقوله. ومن سماع عيسى من ابن القاسم, فيمن نكح بجنان على
أن فيها عشرة فدادين, فلم تجد فيها إلا خمسة, فالنكاح ثابت, وترجع عليه
بقيمة خمسة فدادين, بنى أو لم يبن.
ومن تزوج إلى قوم بمال لغيره أعطاهم إياه, ثم جاء أهل المال وعلم أنه بعينه
لهم فليأخذوه, فإن كان قد بنى لم يحل بينه وبينها واتبع بذلك, وإن لم يبن
تلوم له في الصداق, فإن جاء به وإلا فرق بينهما.
قال في رواية عيسى وكتاب ابن المواز عن ابن القاسم: ولو كان القوم أسلفوه
أو باعوه فالمراة أحق بذلك ويتبعون مع الغرماء ذمته. قال ابن المواز: يريد
إذا فلس بعد أن أمهرها ذلك. قال ابن القاسم: وأما ما استنجدوه به أو قارضوه
أو واجروه فاختانهم به وثبت على ذلك بعينه ببينة فلهم أخذه. محمد: وتصير
كالعارية والسرقة, وإن دخل بها منع منها حتى يدفع إليها مهرها كله.
وقاله أشهب, عن مالك فيمن نكح بعبد سرقه أو استعاره, ومن العتبية قال
سحنون: ومن تزوج بعبد اغتصبه فالنكاح ثابت وعليه قيمته, بخلاف الحر إذ لا
ضمتن عليها في الحر, وتضمن العبد الغصب. ولو كانت عالمة فسخ قبل البناء
وثبت بعده ولها صداق المثل.
وروى أصبغ عن ابن القاسم فيمن نكح بعبد لغيره أو بحر, فلا يفسخ ذلك بحال؛
تعمَّد ذلك بمعرفة أو لم يتعمد. قال أصبغ: وكذلك لو علمت هي بحرية
[4/ 474]
(4/474)
الحر ولم يعلم هو, إلا أن يعلما جميعا
فيفسخ قبل البناء ويثبت بعده, ولها صداق المثل.
قال ابن حبيب: فمن أصدقها شسئاً غرَّها به مما لم تجد له فيه شبهة ملك من
حر أعتقه أو عبد أغتصبه, فالنكاح يفسخ قبل البناء, ويثبت بعده, ولها صداق
المثل. قاله ابن الماجشون وابن كنانة.
ومن كتاب ابن المواز: قال ابن القاسم فيمن نكح بشيء فاستحق منه الشيء بعد
البناء فلا يمنع منها, ولتتبعه به. يريد بقيمته, فإن لم يبن تلوم له
الإمام؛ فإن جاء به وإلا فرق بينهما. قال أصبغ: إن بنى بها لا يمنع منها إن
بقي لها ربع دينار أو دفع الزوج قدر ربع دينار, وإن كان عرضاً بعينه رجعت
بقيمته, وإن كان موصوفاً أو كان عيناً رجعت بمثله.
وفي باب من زوَّج ابنه في مرضه, مايشبه هذا الباب.
فيمن تزوج بمال ولده الصغير أو الكبير
أو بمال ولد ولده
من كتاب ابن المواز قال مالك: من تزوج بمال ابنه أو ابنته الصغيرين, قال في
موضع آخر: بمال ولده الذي يلي عليه, وذلك رقيق أو عرض أو غيره, فلا سبيل
إلى ذلك إن وجد بعينه, والمرأة أحق به في عدم الأب وملائه, قرب ذلك أو بعد.
ويتبع به الأب للولد بقيمة ذلك يوم أصدقه فيما له قيمة. قال في موضع آخر:
والمثل فيما له مثل, علمت المرأة أنه مال ولده أو لم تعلم. قال في الوصايا:
بنى بها أو لم يبن, مات الأب أو لم يمت, وكأنه ابتاع ذلك لنفسه منهم وكذلك
عتقه عبداً لهم. يريد في ملائه عن نفسه.
وأما إن أعتق عبداً لهم عن نفسه في عدمه فذلك مردود, إلا أن يطول أمره أو
يكون له مال, ولا يرد إن أصدق ذلك في عدمه؛ لأن عتق المديان يرد, ولا
[4/ 475]
(4/475)
يرد ما أصدقه, لأن ذلك مبايعة, وصار بذلك
للولد ديناً على الأب. وكذلك روى عيسى عن ابن القاسم في العتبية.
قال محمد قال ابن القاسم: فأما من تزوج بمال ولده الذي يولى عليه, أو بمال
ولد ولده. – يريد الصغير أو الكبير – فهذا ينزع من المرأة وحيثما وجد, فإن
لم يوجد بعينه فلا شيء لهم على المرأة, إلا أن يكون طعاماً أكلته, أو ثوباً
أبلته فعليها غرم ذلك. قال عيسى عن ابن القاسم: علمت أو لم تعلم.
ومن الواضحة, قال: ومن نكح بمال ولده الكبير أو ولد ولده الكبير أو الصغير,
فهم أحق به من المرأة, بنى أو لم يبن, في عدمه وملائه, علمت أنه للولد أو
لم تعلم. فأما مال ولده الصغير: فإن كان ملياً فلم يختلف أنها أحق به, بنى
أو لم يبن. وقال مطرف عن مالك: الابن أحق بذلك في عدم الأب إلا أن يبني
الأب فتكون المرأة أحقَّ به, ويتبع الولد أباه بالقيمة. قال ابن حبيب:
وبهذا أقول.
وهذا إذا لم يكن الإمام قد تقدم إليه ألا ينكح من مال ولده, فأما إن نهاه
عن ذلك فلا يمضي ذلك على الولد، وهو أحق به من المراة, وإن كان الأب
عديماً, بنى أو لم يبن, وهذا لم يختلف فيه.
فيمن طلب تعجيل البناء
وكيف إن شرطوا ألا يبني إلى أجل؟
من العتبية من سماع أشهب: ومن دفع الصداق وطلب البناء فمنعه أهلها حتى
يسمِّنوها, قال: الوسط من ذلك, ليس له أن يقول أدخلوها الساعة. ولا لهم
حبسها عنه، ولكن وسط بقدر ما يجهزونها ويهيئون أمرها.
[4/ 476]
(4/476)
ومن كتاب ابن المواز: قال أشهب فيمن نكح
وشرط ألا يدخل إلى خمس سنين, قال: بئس ما صنعوا, والنكاح جائز, والشرط
باطل, ويدخل متى شاء, وقاله ابن وهب عن مالك.
وروى ابن القاسم عن مالك فيمن شرط عليه ألا يدخل إلى سنة, فإن كان لسفره
بها وظعنه وهم يريدون أن يستمتعوا منها, أو كان ذلك لصغرها وشبه ذلك. فذلك
عذر وإلا فالشرط باطل.
قال أصبغ في العتبية وذكر هذه الرواية عن مالك في الظعن بها, أو لصغرها,
قال أصبغ: وما هو بالقوي إذا احتملت الوطء
في اختلاف أبي الزوج وأبي الزوجة الصغيرين في
تسمية الصداق
من كتاب ابن المواز: ومن زوج ابنه الصغير من ابنة رجل صغيرة, فمات الصبي,
فطلب أبو الصبية المهر, فقال أبو الصبي: لم أسم مهراً, وإن ذلك كان منك على
الصلة لابني. قال محمد: لا يصدق ولها ما ادعى أبوها إن كان صداق مثلها. قال
مالك: ليس لها إلا الميراث. قال محمد: إذا حلف أبوه. وذكرها محمد في كتاب
الشهادات ولم يذكر قول محمد: إن لها ما ادَّعى أبوها.
قال مالك: فإن كان لها شاهد على تسمية المهر, أخِّر ذلك حتى تبلغ الجارية,
فتحلف وتأخذ. محمد: بعد يمين أبيه – يريد الآن – وهذا بخلاف مبايعته لها.
ويقيم شاهداً, فيحلف الأب معه, لأنه إن لم يحلف ها هنا, لزمه غرم ما نكل
عنه؛ لأنه أتلفه إذ لم يتوثق, ولأنه لا بيع إلا بثمن معلوم وبينة, والنكاح
على التفويض يجوز, فلم يتعمد, وإنما عليه أن يشهد في أصل النكاح، لا في
تسمية الصداق.
[4/ 477]
(4/477)
محمد: وذلك عندي ما لم يدع أبوها التسمية
مع الشاهد, فإن ادعى هذا، فقد ضيع في التوثق, ولها إذا كبرت أن تضمنه فيكون
لأبيها أن يحلف ويأخذ لها من تركة الصبي, وإلا ودى من ماله, ولها أن تدع
أباها وتحلف مع شاهدها, ولها ذلك في موت أبيها وفي عدمه, وإذا قضي لها
بالصداق على أبي الصبي, إلا أن يكون يوم العقد للصبي مال: فلا شيء على
أبيه.
في التي تدعي بعد البناء أن قد بقي لها من النقد شيء
من كتاب ابن المواز قال مالك: ولا يقبل دعوى المرأة بعد البناء أنها لم
تقبض صداقها, إلا فيما يحل منه قبل البناء. وكذلك من قبض رهنه وقال: قضيتك
الحق فهو مصدق مع يمينه, وقبضه الرهن كالشاهد وهذا كله لأنه الغالب والعرف
من الناس, فلم يختلف فيه قول مالك وأصحابه.
قال مالك: وما حلّ من المؤجل قبل البناء ثم بنى بعد حلوله فهو مصدق في
دفعه, ويحلف, وهذا إن كان الإهداء معروفاً, وإن لم يكن ذلك حلفت هي وصدقت.
قال مالك: وإذا أقامت معه بعد البناء ثمانية أشهر ثم مات، فادَّعت الصداق،
فلا ينفعها إلا أن تكون أشهدت عليه قبل أن يدخل عليها، ولها عليه مهرها,
وإلا حلف ورثته ما علموا بقي لها عليه صداق حتى مات. وإذا دخل بنقد قدَّمه
والمهر إلى سنة. فحلّت بعد البناء, فلا يبرأ منه إلا ببينة, ولو دخل بعد
السنة قبل قوله مع يمينه أنه دفع ذلك كله.
ومن العتبية روى أبو زيد عن ابن القاسم فيمن فوِّض إليه في الصداق, وبنى
وأرخيت الستور, فقال الزوج: دفعت الصداق. وأنكر أهلها، فالقول قوله.
[4/ 478]
(4/478)
قال عنه يحيى بن يحيى: وإذا تحمَّل للمرأة
رجل بالصداق، فطلبته به بعد البناء, وزعم الزوج والحميل أنها قبضته قبل
البناء, قال: يحلف الحميل ويصدق قال سحنون: ولو أخذت بالصداق رهناً ثم بنى
بها فهو كالحميل, ويتم له الدخول, وهو كالإبراء, ويأخذ رهنه. قال مالك:
وليس يكتب في الصدقات براءة.
وروى عنه أبو زيد, في المرأة تأخذ في صداقها خادماً, فادَّعى الزوج أنه
صالحها منها على دنانير دفعها إليها فأنكرت, فالزوج مدَّع, فإن أقرَّت
بالصلح فلا شيء لها, ويصدق في دفعه إليها، يريد: لأنه بنى بها.
ومن الواضحة قال ابن الماجشون: إذا ادعت الزوجة بعد البناء, أنه بقي لها
بقية من مهرها, وقال الزوج: لم يبق لها شيء. فإن كان الأمر قد طال فهو مصدق
بغير يمين, فإن كان الأمر قريباً, وجاءت بلطخ حلف وصدق, وإن مات حلف ورثته
على العلم, وإذا أشهد الزوج عند البناء في النقد أو في بعضه أنه أخرَّ به
إلى بعد البناء برضا الزوجة. فذلك كالمهر لا يبرأ منه وإن بنى إلا ببينة.
ولو أشهدت هي أو وليها عند البناء بما ذكرنا بغير محضر الزوج، فذلك باطل,
وإن كان بالصداق حامل أو حميل, فزعم الحامل بعد البناء أنها قبضت ذلك منه,
أو زعم الحميل أنها قبضته من الزوج, فهو مصدق مع يمينه, ويسأل الزوج؛ فإن
زعم أن الحامل بريء، أو قال في الحمالة: إني قد برئت منه صدق مع يمينه.
قال أبو محمد: قول ابن حبيب أراه, يعني في الحمالة. وقال: وإن قال في
الوجهين: لم تقبض الزوجة شيئا لم يلزم الحامل ولا الزوج شيء؛ وأما في
الحمالة فيلزم الزوج دون الحميل.
وإن قال الحميل دفعته إليها وأكذبه الزوج برىء الحميل, ولم يجب له رجوع به
على الزوج إلا ببينة, ويؤديه الزوج إلى المرأة بإقرار. ولو قال الزوج: أنا
دفعته إليها من مالي. وقال الحميل: بل أنا دفعته برىء الزوج، ولا رجوع
للحميل عليه,
[4/ 479]
(4/479)
ويحلف للمرأة ويحلف للحميل على تكذيبه فيما
ادعى من دفعه ذلك من ماله إلى
المرأة، ويبرأ الحميل أيضاً.
فى التداعى فى الصداق
وكيف إن ادعت المرأة صداقاً فاسداً؟
قال ابن القاسم فيمن زوج ابنته الصغيرة على صداق ابنته الكبرى، فادعى الأب
أنه مائتان، وقال الزوج: مائة. فالقول قول الزوج ويحلف، وإن نكل حلفت
الجارية وقضى لها، ولم يحلف الأب.
قال محمد: وهذا بعد البناء، فاما قبل البناء فيتحالفان ويفسخ النكاحز
والأيمان بين الأب والزوج، ويبدأ الأب باليمين، فإن حلف لزم الزوج، إلا أن
يحلف فيبرا ويفسخن كالوكيل فى البيع يحلف هو دون رب السلعة، وهى لم تفت،
ولأن رب السلعة لم يل شيئاً. وكذلك الجارية لم تعلم، ولو عبمت ما كان لها
فيه حكم ولو كانت ثيبا حتى لا يتم أمر إلا بامر ها وعلمها وحضورها، فاليمين
عليها. وقاله أصبغ. وإنه معنى قول ابن القاسم.
قال ابن حبيب: وسواء اختلفا فى عدد الصداق أو نوعه، كان مما يصدقه النساء
او ما لا يصدقه النساء. قال: وإن اختلفا فى نوع الصداق بعد البناء، كان ما
يصدقنه او مما لا يصدقنه، تحالفا وردت إلى صداق مثلها بالعين، إلا ان يرضى
الزوج ان يعطيها ما ادعت أو ادعاه أبو البكر.
ومن العتبية روى عيسى، عن ابن القاسم فى امرأة ادعت على زوجها مائة دينار
صداقها إلى موت أو فراق، عقدت على ذلك نكاحها مع مائة دينار نقداً؛ فإن كان
ذلك قبل البناء لم يقبل فى الفسخ شاهد واحد مع يمينها إذا أنكر الزوج. ولو
قام بذلك شاهدان قبل البناء فسخ وبطل الصداق. ولو أقامت
[4/ 480]
(4/480)
الشاهد بما ذكرت بعد البناء حلفت معه
واستحقت صداق المثل، إلا أن يكون ما قبضت من النقد أكثر منه، فلا ينقص مما
أخذت، وسقط المؤخر؛ وإن كان ما قبضت أقل منه أتم لها صداق المثل إن وجد،
وإلا اتبعته به.
قال ابن حبيب وقال أصبغ: لها أن تحلف مع شاهدها قبل البناء؛ لأن الفسخ لا
يجب بذلك مكانه حتى يخير الزوج فى تعجيل ذلك كله، او يأبى فتخير المرأة فى
اسقاط المؤخر، فإن أبت فسخ النكاح. ولو ادعت انه نكحها بجنين أو بابق
أوبثمرة لم تزه لم يحلف مع الشاهد لان هذا فسخ محض لا خيار فيه للزوج.
ومن كتاب الشرح لابن سحنون، عن أبيه، فيمن تزوج امرأة وادعى أنه تزوجهاعلى
أمها. وقالت هى: بل على أبى، يريد وهو مالك لابويها، ولم تحفظ البينة على
أيهما عقد، وحفظت عقد النكاح وشهدت به. فقال سحنون: الشهادة ساقطة، فإن كان
لم يدخل بها تحالفا وفسخ النكاح، ويلزمه عتق الأم، لأنه اقر أنها حرة، وإن
كان قد دخل بها، حلف أيضاً وعتقت عليه الأم بإقراره، فإن نكل حلفت المرأة
وعتق الأب بقولها، وعتقت الأم بغقرار الزوج. وإن نكلا يريد قبل البناء كان
الحكم فيها مثل إذا حلف، ويريد بدعواه أنه تزوجها على أمها: أنها بها عالمة
فى دعواه.
ومن كتاب ابن سحنون، عن أبيه: وكتب إليه سليمان فى الرجل يأتى إلى الحكم
فيقول: زوجت ابنتى فلانة لهذا الرجل بصداق معجل مائتى دينار عيناً، وخمسين
ديناراً قيمة خادمين، وقبضت منه مائة دينار، فلما ثبت ذلك عنده سال الزوج
عن منافعه. فأتى بعدلين شهدا بمحضرها ومحضر الأب: أن الأب أشهدهما أنه لم
يبق على الزوج من ذلك غلا خمسون ديناراً، وهى بكر فى حجره، فلما ثبت هذا
عنده، دعا الأب بمنافعه وأمهله، فلم يأت بشىء، فأمر الزوج بدفع الخمسين
الباقية إليه، ثم أمره بغدخالها عليه، وضرب له أجلاً، ثم أجلاً، ثم
[4/ 481]
(4/481)
أجلاً، ففى آخر آجاله قال: المائة والخمسون
التى قبضت قد ذهبت، وقد هربت ابنتى. وقال ذلك بمحضر جماعة.
فكتب إليه: ما ثبت من قول الأب أنه لم يبق على الزوج إلا خمسون فذلك يبرىء
الزوج، وهو مصدق فى ذهاب ما ذهب فى يديه من النقد ويحلف، إلا أن يطلق الزوج
قبل البناء، فيجب للزوج عليه نصف ما قال أنه تلف، غلا أن يقيم الأب بينة أن
المال قد تلف، إذا علم أن الطلاق قد وقع عليها وهى حية.
وأما قوله: قد هربت ابنتى. وقد ظهر له من لدده وكراهيته للزوج ما يرى أنه
غيبها، فليحبس ويطال حبسه حتى يظهرها؛ فإن أظهرها وعرفت فقد برىء، وإن كانت
لا تعرف، فأظهر من قال: هذه ابنتى وعرفها الزوج فقد برىء، وإن لم تعرف
فلابد من أن يبين انها ابنته.
فى الصداق يرفع فيه
وكيف إن أعلنوا شيئاً وأسروا دونه؟ والدعوى فى ذلك
وكيف إن نكحا على مهر لم يسمياه وأقر بمعرفته
من كتاب ابن المواز قال مالك: وإذا رفعوا على الزوج فى المهر فذلك يلزمه؛
قيل له: إنما سموا ذلك إرادة السمعة، وهم يعطون أقل. قال: لا أعرف هذا،
وارى ان تلزمه التسميةن وارى أن يتقدم للسلطان فى مثل هذا وفى نكاح أهل
مصر. يريد: إلى موت او فراق.
قال: وإذا ادعى الزوج أنهم، أسروا من المهر أقل مما أعلنوا لم يصدق إلا
ببينة او شاهد يحلف معه، فإن شهدت بذلك بينة، فقال الولى: كان ذلك كلاماً
سراً، وقد صرنا إلى غيره بعه وزوجناه عليه. وقال الزوج: بل هو الأمر الأول،
والثانى سمعة. قال: احب إلى أن لو اشهدوا حين سموا المهر القليل أن هذا
الذى أنكحوه به، وأنا نسمى فى العلانية غيره، فغن لم يكن هذا وأشكل
[4/ 482]
(4/482)
الأمر، فالقول قول الزوج مع يمينه، حتى
يظهر من السبب ما يعلم به ان الأول قد انقطع وأن على الثانى وقع النكاح.
وكذلك لو كان ذلك من الثيب بغير علم الولى. محمد: ولا يكون ذلك من أبيها
إلا برضاها. قال مالك فى البكر ذلك إلى الأب دونها، فغن لم يكن ابب فليس
ذلك تاماً إلا بإذن وليها مع رضاها. وقاله الليث.
قال ابن حبيب: ولا يضر الشاهدين على السر أن تقع شهادتهما على العلانية؛
لأنهما يقولان على هذا أشهدنا أن يكون سراً كذا، وفى العلانية كذا للسمعة،
ولم يختلف فى هذا قول مالك وأصحابه.
قال: ولا بأس أن يقول الوصى: اشهدوا أنى قد زوجته بصداق قد سماه لنا
ورضيناه، ولا يذكره للبينة. قال أصبغ: وقاله ابن القاسم وابن وهب.
قال ابن حبيب: وكذلك على صداق أختها، ولا يذكر له ويقر الزوج أنه قد رضيه
وعرفه.
فى الشراء بالصداق شواراً، وهل ذلك عليهما؟
او اشترت به عرضاً، وهل يكشف عنه الولى؟
وكيف إن طلق قبل البناء؟
وفيمن طلق أو فسخ نكاحه وقد أهدى هدية
وما يشهد فيه أنه عارية من شوار أو حلى أو هدية
من كتاب ابن حبيب: وللزوج أن يسأل ولى المرأة فيما جعل الصداق ويفسر ذلك
ويحلف عليه: يريد: إن اتهم وإذا أقام الولى البينة أنه أحضرهم عند توجيه
الجهاز إلى بيت الزوج عند البناء، فقوموه فبلغت قيمته كذا، فذلك يجزئه إذا
قالوا بمحضرنا وجهه، ولم يفت عليه بعد التقويم، وإن لم يصحبوا الجهاز إلى
بيت الزوج.
[4/ 483]
(4/483)
وليس للزوج حجة فيما يذكر أنه احتبس منه
شىء بالطريق أو صد عن بيت الزوج، ولو كان له هذا كان له أن يقول: اختانه
الب فى بيتى حين دخل إلى ابنته، وأرسل من خدمه وعياله من رد بعضه. فليس ذلك
له. وإن عمل ببعضه حلياً، فأحضر القوم ودفعه إليها بمحضرهم فذلك يبرئه، وإن
كانت بكراً، فى الأب وغير الأب؛ لأن ذلك وجه البراءة فى هذا. وقاله لى بعض
أصحاب مالك.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: وإذا اشترت المرأة بالصداق جهازاً، وخادماً
وطيباً، ثم طلقت قبل البناء. فذلك بينهما، وليس لها حبسه، ولا له تركه إن
استغلاه، إلا أن تشترى ما ليس من مصالح دخولها.
ولو امهرها عرضاً، أو ابتاعته منه ببعض الصداق، فهو منهما؛ فإن باعته،
فعليها نصف الثمن؛ إلا ان تشترى بثمنه جهازاً، فيكون كالذى أصدقها.
قال محمد: وما اشترت بمهرها من زوجها، فلم ينقدا، فإن عينته فهو زيادة منه
لها، وإن عينها فهو وضيعة منها له.
قال مالك: وعليها ان تتجهز له بما يصلح الناس فى بيوتهم مما يحتاجون إليه
من المتاع والفراش والصحفة وما لا غنى عنه. وإن كان فيه ما يتخذ منه خادم
فعلت.
محمد: فإذا امهرها على ان تتجهز فكأنه أصدقها ذلك بعينه، وما منهما وبينهما
إن طلق قبل البناء، وما أرسلت به إليه عند البناء من غلالة وملحفة وسبنية
طيب وسفط، فهو كسائر جهازها، فهوبينهما إن طلق قبل البناء. ومن أنكح أمته
من أجنبى أومن عبده بصداق، فله ان ينزع ذلك، ولا يجهزها به إذا ترك بيدها
منه ربع دينار. قال أصبغ: هذا عندى فى عبده، فأما فى
[4/ 484]
(4/484)
أجنبى، أو عبد أجنبى، فعليه ان يجهزها به.
وقاله ابن عبد الحكم. قال محمد: فإن باعها، فالسيد أحق به.
ومن العتبية قال سحنون قال ابن القاسم: وللسيد انتزاع صداق أمته، وأنا لا
أرى ذلك، كما قال مالك: ليس للحرة أن تقضى منه الدين. وقال ابن حبيب: ليس
له أن ينزعه، وعليه أن يهجرها ببعضه، ولو باعها فاستثنى المبتاع مالها
فعليه أن يجهزها منه، كما كان على البائع؛ واختلف فيه قول ابن القاسم. ومن
كتاب ابن المواز قال ابن القاسم: ومن بعث غلى زوجته متاعاً وحلياً وأشهد
أنه عارية، ولم يعلم أولياؤها، فذلك على ما أشهد؛ إن ادركه أخذه، وإن تلف
ولم تكن عملت بما أشهد حتى تقبله على العارية فلا ضمان عليها.
وقال ابن القاسم: ومن جهز ابنته وأشهد أن ذلك عارية منه لابنته، ولم يشهد
على ابنته بشىء، واشهد بنته بوصول ذلك إلى بيت زوجها، ثم طلب ذلك الأب فلم
يجد ذلك عند ابنته، فلا شىء له عليها، بكراً كانت أو ثيباً، إذا لم تكن
علمت بذلك ولا قبلته على العارية.
ولو قبلته البكر خاصةً على العارية لم تضمنه إلا أن يهلك ذلك بعد بلوغها
ورشدها، وبعد أن رضيته عاريةً، او تقره بعد علمها به فتضمن، إلا أن يظهر
هلاكه من غير سببها، ولو لم تعلم لم تضمن ولو هلك بعد جواز أمرها. وقاله
كله أصبغ. قال: ولا يضمن ذلك الزوج، غلا أن يستهلك، وإنما ذلك إذا كان فيما
سواه مما جهزها به قدر صداقها؛ ويشهد بذلك قبل أن يجهزها به ويعطيها. قال
محمد: أما إذا أشهد أنه عارية ولم يكن فيما سواه قدر صداقها منه، يستتكم
لها صداقها منه، يغرم باقى الصداق من غيره، ويكون هذا عارية له، إن شاء
أخذه أو تركه.
[4/ 485]
(4/485)
ومن العتبية روى عيسى وأصبغ عن ابن القاسم
فيمن أهدى هدية لزوجته، ثم طلق قبل البناء، والهدية قائمة فلا شىء له فيها.
ولو عثر على فساد النكاح ففسخ، فما ادرك منها أخذه، وما فات فلا شىء له
فيه. قال عنه أصبغ: ولو طلق عليه لعدم النفقة وشبه هذا، فهو كطوعه بالطلاق،
ولا شىء له فيه. وكذلك قال ابن حبيب: إذا اهدى ثم طلق قبل البناء.
ومن سماع سحنون، وعمن نكح بصداق ومن سنتهم أن الزوج يهدى الهدية ليسر زوجنه
وأهلها، فاهدى إليها وأشهد سراً أن ذلك منه عارية إذا شاء أخذها، فقبل ذلك
أهلها على الهدية، ولا يعلمون بما أشهد، ثم طلب ذلك قبل البناء أو بعده،
قال سحنون: فما تغير من ذلك أو نقص، فلا شىء عليهم فيه وله أخذه، وما ضاع
لزمهم، إلا أن تقوم بينة بضياعه.
وروى أصبغ، عن ابن القاسم انهم لا يضمنون ما تلف إذا لم يعلموا أنه أشهد
حتى يقبلوه على العارية، فحينئذ يضمنون ما يغاب عليه.
قال أصبغ عن ابن القاسم: وإذا أهدى الزوج هدية، ثم عثر بفساد النكاح، وكان
مما يثبت بعد البناء او لا يثبت ففسخ قبل البناء، فغن وجدها أخذها، وما فات
منها فلا شىء له عليهم، كمن أثاب من الصدقة، ولم يعلم أنه لا يلزمه لم يكن
له أخذه إن وجده، قال: وما اصابه بيد الزوجة قد تغير او نقص فلياخذه بنقصه،
ولا شىء عليهم، وما زاد ونما فلا يأخذه، وله القيمة يوم الخطإ. والقياس
أنها له بزيادتها.
قال أصبغ: وإذا دخل فى النكاح الفاسد فلا شىء له، وإن أدرك ذلك بعينه؛ لأن
النكاح قد تم بالبناء، ولو كان العطاء بعد البناء ثم فسخ النكاح كان
[4/ 486]
(4/486)
له الرجوع فيها؛ لأنه أعطى على الثبات
والمقام والحمال بذلك، هذا إن كان الفسخ بحدثان العطية، وأما إن مضت
السنتان والثلاث قبل الفسخ فلا شىء له فيه إذا فسخ إلا أن أدركه بعينه؛ مثل
خادم أو منزل؛ لأنه قد استمتع بما اعطى. ومن سماع أصبغ عن ابن القاسم: ومن
ادعى بعد دخول ابنته بحين أن بعض ما أدخلها به عارية، وصدقته هى او كذبته،
قال: إن قام بحدثان ذلك صدق، وقال ابن حبيب: مع يمينه، قال ابن القاسم: ولا
ينظر إلى انكارها، ولا إنكار الزوج؛ كان ما أدعى مما يعرف له أو لم يكن،
إذا كان فيما بقى وفاء بالصداق، وإن ادعى ذلك بعد طول زمان. أو بقى ما فيه
وفاء بالمهر لم يصدق لطول حيازة الابنه له، وللزوج فيه منال، ولو صدقته
الزوجة بعد طول الزمن، لم ينتفع بذلك، عرف أن أصله للاب أو لم يعرف، وإن
كان ما بقى قدر المهر؛ لأن ذلك كعطية منها للزوج ردها.
قال ابن حبيب: ولا أرى السنة فيه طول. قال ابن القاسم: ولو قام بحدثان ذلك،
والمتاع يعرف بالأب، وليس فيما أبقى ما يفى بالمهر فهو له، وعليه تمام
المهر من الشوار. قال ابن حبيب: وهذا فى الاب خاصةً فى ابنته البكر، فاما
فى الثيب، او فى وليته البكر او الثيب فلا، وهو فيها كالأجنبى. وقاله لى
بعض أصحاب مالك.
وفى باب المرأة تهب مهرها وضمان الصداق، وعليه ذكر دعواها لهلاك الصداق من
غير طلاق، وهل عليها شراء جهاز؟ وفيه: هل للمرأة أن تلبس من صداقها، أو
تنفق، أو تقضى ديناً.
وفى باب الحباء ذكر من أهدى هدية هل يحسبها فى الصداق؟
[4/ 487]
(4/487)
فى الأب يذكر ما لابنته أو لوليته عند
الخطبة
أو وصفها بصفة فلم تكن كما قال
من كتاب ابن المواز: ومن خطب إلى رجل فرفع عليه فى المهر، فأنكر سومه، فقال
الولى: إن لها كذا. فيسمى رقيقاً وعروضاً، فأصدقا ما طلب، ثم لم يجد ما
ذكرز قال أصبغ عن ابن القاسم: فيما أظن، غن ذلك على التزين والتجمل، والمهر
له لازم، ولا حجة له، كما لو قال بيضاء جميلة حسنة شابةً. فوجد سوداء أو
عرجاء، فلا كلام له ما لم يكن ذلك شرطاً له، فله به رد النكاح. وكذلك غن
كانت مست قبل يعلم، ثم علم، فليرجع بالمهر على من غره. قال محمد: وذلك فى
السوداء والعجوز، فاما فى كثرة مالها الذى رفع فى الصداق من أجله؛ فإن كان
بشرط فى كتاب وإشهاد، فإنما يرجع على من غره بما زاد من المهر لما سمى له
على من شرط له بذلك، إن فارقها حين علم ولم يرض. فأما إن لم يكن ذلك بشرط،
يقول: إنما أنكحها بكذا على أنها كما وصفت. أو على ان لها ما وصفت، فقد
امهرتها على هذا كذا وكذا. فإن لم يكن هذا، وإنما قالك لها كذا، أو قال:
ذلك لها عندى، او أراه شيئاً لغيرها، سماه لها، فذلك كله واحد، ولو شاء
الزوج لاستحسن كذا، ولا يكون قوله لها عندى او على كذا إقراراً، إلا ان
تشهد البينة انه اراد بذلك الإقرار على نفسه والإلزام فليزمه، وإلا فلاز
قال اصبغ ولو كان أبوها لم يلزمه أيضا بقوله: لها عندى أو على إلا أن يعرف
انه كان لها ميراث وشبه ذلك، وإلا لم أره إقراراً منه لها، ولا صدقة تلزمه،
إلا ان ينص ذلك باشتراط عليه، وهو من غير الأب إقراراً، إذا شهد بذلك عليه.
ومن الواضحة: وإذا قال الولى للخاطب: لها عندى أو على أو فى مالى كذا، فذكر
مالاً ورقيقاً أو عرضاً ظاهراً أو خفياً أو عقاراً يعرف او لا يعرف. فذلك
يلزمه إن كان شرطاً عند العقد او قبله عند الخطبة، يؤخذ به فى ماله فى
حياته وبعد وفاته، بخلاف الهبات، وهو كمن أعطى على ما نكح عليه ناكح، فلا
[4/ 488]
(4/488)
يراعى فيه القبض، وسواء كان اباً، أو اخاً،
أو عماً، أو مولى؛ بكراص كانت أو ثيباُ.
وأما إن قال: لها من المال كذا، ومن الحلى والثياب كذا، فإن كان أباً أو
وصياً أو من ولاه السلطان عليها، وهى بكر بولاء، فذلك يلزمه، ويؤخذ به فى
ماله، ويتبع به فى عدمه، كالأب يقر للابن، أو الوصى ليتيمه بمال؛ لأن ماله
فى يديه، فإن ادعى ان ذلك توين على الجارية لم يصدق فيما يخفى من الأموال،
وأما ما يظهر فيقول: عندها رأس أو دار أو رؤوس أو أرض. ولا يعرف لها شىء،
فتلك كذبة لا تلزمه والزوج مخير؛ إن شاء فارق ولا شىء عليه، أو حسبها على
ان عليه جميع الصداق، وليس لها ما ذكر.
وإن لم يعلم حتى بنى مضى النكاح وردت إلى صداق مثلها، على ان ذلك ليس لها،
ورجع بالفضل على من غره لا عليها؛ بكراً كانت أو ثيباً، والولى أب أو غيره،
إلا أن تكون ثيباً، ويقدم على علم بكذب وليها، فتكون هى التى غرته، فيرجع
عليها، فإن لم يكن لها مال فعلى الولى.
وغذا زوجها غير أب او وصى أو ولى من السلطان عليها، أو كانت ثيباً تلى
نفسها، فما سمى الولى لها مما يخفى أو يظهر فهو كذب لا يؤخذ به، والزوج
مخير قبل البناء؛ إن شاء بنى على جميع الصداق أو فارق، وتكون طلقة، وغن لم
يعلم حتى بنى ردت إلى صداق ماليس لها ذلك، ورجع بالفضل على من غره وعقد له
فى البكر والثيب، إلا ثيباص عرفت كذب الولى له فدخلت على ذلك، فعليها يرجع
ولا يضر البكر علمها بذلك. وإن قال دارى الفلانية أو عبدى فلان لزمه ذلك
لها؛ حياً أو ميتاً؛ لأنه نكح عليه، إذا كان معروفاً له. وهذا أحسن ما سمعت
من بعض أصحاب مالك، وق كان فيه بعض الاختلاف.
ومن العتبية روى عبد الملك بن الحسن فى الأب يسأله الخاطب مالها؛ فيقول:
لها كذا وكذا، فيرفع فى الصداق لذلك، ثم لا يوجد ذلك، فغن لم يبن
[4/ 489]
(4/489)
خير، فإما رضى وإما فارق ولا صداق عليه،
وإن لم يعلم حتى بنى فلها صداق المثل.
القول فى الحباء والهدية
والنكاح على وضيعة دين على الب أو تأخيره
أو على هبة مال لأجنبى
وفى الزوج يهدى هدية فأراد ان يحسبها فى الصداق
من كتاب ابن المواز قال مالك: وما شرط الب فى الحباء لنفسه فى عقد نكاح
ابنته فهو لها إن اتبعته، وإن طلقت قبل البناء فلها نصفه ونصفه للزوج، فى
البكر والثيب.
واما ما جعل لجنبى لا يملك عقد النكاح على ان يزوجه فذلك له، وإنكما أعطاه
على أن يقوم له قال: وما اكرمت به المرأة أو أبوها أو أهلها بعد العقد، ثم
طلق، فلا شىء فيه للزوج، ولو كان فى العقد كان لها نصفه؛ قبضته او لم
تقبضه، وللزوج نصفه.
وكذلك الوصى أو ولى ممن له العقد، فما شرط لنفسه من حباء فى العقد فهو
للزوجة. قال ربيعة: إلا أن يقيم على إجازة ذلك له بعد البناء. وما شرط بعد
العقد، لم يكن عن مدالسة فهو له دون الزوجة، ولا شىء فيه للزوج إن طلق. قال
مالك: وإن أكرمها بمتاع كثير بعد النكاح، قبضت بعضه، ثم طلق قبل البناء،
فلها جميعه ما قبضت وما لم تقبض، ولو مات لا يصح لها غير ما قبضت.
ومن تزوج على عطية شرطها للأب؛ وفوض إليه فى المهر، فله أن يحسب ما أخذ
الأب فى فريضة صداق المثل، وإن طلق قبل البناء لرجع بجميعه على الأب، ولها
المتعةن ولو قال: هذا للأب خاصة وأنا مفوض إليه فى مهر ابنته، فعليه لها
[4/ 490]
(4/490)
صداق المثل إن دخل غير ما أخذ الأب، ويكون
ذلك كله للابنة، وإن طلق قبل البناء، أخذ الزوج ذلك كله؛ محمد يريد إذا لم
يفرض لها ما تراضيا به.
قال مالك: ومن تزوج ابنة رجل على أن وضع عن أبيها ديناً له عليه أو أخره
به، كرهت ذلك. قال ابن القاسم: أما الوضيعة، فهو كالحباء، وهوللابنة إن
شاءت. وأما التأخير فلا يجوز، ويفسخ النكاح إلا أن يبنى فيمضى، وعليه صداق
المثل، ويرجع الدين إلى أجله.
قال أشهب: ومن تزوج على أن يهب عبده لفلان فذلك جائز، فإن طلق قبل البناء
رجع بنصف العبد، فإن مات بيد الموهوب رجع عليه بنصف قيمته. قال أصبغ: صواب.
قال محمد: ما أدرى لم صوب ذلك اصبغ، وهو عندى كالحباء الذى وهبته هى للأب
أو وليها. فلا يكون لها رجعة فى طلاق ولا غيره، ولا ارى ان يضمن الموهوب
العبد فى الموت؛ لأنه حيوان ما لم يكن موته بتعد من الموهوب.
قال ابن حبيب: لا باس أن تتزوج المرأة على أن يهب عبده لفلان، وأن يكون ذلك
جميع صداقها. وقاله أشهب. وذكر ابن حبيب فى باقى المسألة نحو ما ذكر ابن
المواز.
ومن العتبية روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم قال: وما نحل الزوج ولى المرأة
او بعض أختانها، فإن لم يكن على ذلك انكحه، ولا على عده منه عامله عليها،
تكون كالشرط، وإنما هو من الزوج شكر وصلة للولى أو لبعض الأختان، او صلة
لهم قبل النكاح، فلا كلام للزوج فيه فى طلاق ولا غيره ولا للزوجة. وإذا نحل
الزوج ولى زوجته نحلة لعلها أكثر من الصداق، ويكره للمرأة أن تتبع
[4/ 491]
(4/491)
وليها بشىء، ويريد الزوج الرجوع به على
الولى، فلا حق فيه للزوج، ولا رجوع له به على الولى ولا على المرأة.
قال عيسى عن ابن القاسم: ومن أهدى إلى زوجته هدية ثم طلق قبل البناء،
والهدية قائمة، فلا شىء له من الهدية، وإنما يرجع بنصف الصداق إن دفعه.
قال: ولو عثر على فساد النكاح، ففسخ قبل البناء، فله اخذ الهدية إن وجدها،
وإن ماتت فلا شىء له. وقد تقدم فى باب الصداق يشترى به شوار شىء من هذا.
ومن الواضحة، قال: وما حبى به الولى فى العقد فهو للزوجة، فإن أجازته للولى
ثم طلقت قبل البناء، فإنما يرجع بنصفه الزوج على الولى، أب أو غيره، وهى
جائزة الأمر أو فى ولاء، إلا أن للمولى عليها أن ترجع إلى الولى بالنصف
الباقى، ولا يجوز تركها له.
قال مالك: وما نحله الزوج عند الخلوة مما يكثره الناس على النفخ والفخر
وبعض الحماقات. فذلك باطل، إلا ما كان غرماً من الزوج، يعرف أنه اراد به
إكرامها فهو كالهدية، لا يرجع به فى الطلاق قبل البناء، ويرجع به إن فسخ
النكاح بأمر غالب، إلا أن يفوت باستنفاق أو غيره، فلا شىء له على المرأة.
ومن الواضحة، وما أهدى الناكح من حلى وثياب ثم أراد أن يحسب ذلك فى الصداق،
فليس ذلك له إذا سماه هدية، وإن لم يسمه هدية حلف ما ارسله هدية، وما بعثه
إلا لينقص من الصداق، وذلك له، فإن شاءت الزوجة قاصته به أو ردته، وقاله
أصبغ عن ابن القاسم. وقاله غير هـ من أصحاب مالك.
وفى باب من يشترى بالصداق من الشوار شىء من هذا المعنى.
[4/ 492]
(4/492)
فى المرأة تهب مهرها أو تعتق أو تبيع ثم
تطلق
وفى غلة الصداق وضمانه وجنايته
وهل تنفق منه أو تقضى دينها؟
وضمانه فى النكاح الفاسد
من كتاب ابن المواز قال مالك: وإذا وهبت المرأة مهرها لأجنبى، والثلث
يحمله، فقبضه الموهوب له من الزوج، ثم طلق قبل البناء، فليتبعها بنصفه،
ووجدنالابن القاسم أنها ترجع إلى الأجنبى بما تغرم للزوج. وهذا خلاف قوله
الأول. وإذا أصدقها عبداً فأعتقته، أو غير عبد فتصدقت به، ثم طلقا قبل
البناء، فعليها نصف قيمته يوم أحدثت ذلك فيه. قاله مالك وابن القاسم. وقال
عبد الملك: بل قيمته يوم قبضته. ولا يعجبنا ذلك؛ لأن ضمانه منها، ولو
باعته، فالثمن بينهما، والبيع جائز، إلا ان تشترى بالثمن بعض ما يصلحها،
فيكون كما نقد من العين.
ولو جنى العبد فأسلمته فإسلامها جائز، فإن طلق قبل البناء لم يرجع عليها
ولا فى العبد، إلا أن تكون حابت، فيكون له فداء حصته أو إسلامها. ولو فدته
لم يكن له أخذ نصفه حتى يدفع إليها نصف ما فدته به، حابت او لم تحاب، ولو
حابت فى بيعه وفى إسلامه ثم مات العبد، فعليها تمام نصف ثمنه يوم حابت فيه.
ولو جنى وهو فى يده فالنظر فى إسلامه وفدائه إليها دونه، إلا أن يطلقها قبل
النظر فيه.
ولا بأس بأخذ المرأة فى صداقها ذهباً من ورق. قال ابن القاسم: يريد والورق
معجله.
ومن الواضحة: وإذا وهبت الصداق ثم طلقت، فلا يرجع الزوج على الموهوب بشىء،
ولكن عليها بنصف قيمته يوم الهبة، فى عسرها ويسرها، وذلك إذا علم بهبتها
فسكت وهى معسرة، فإن لم يعلم حتى طلق فألفاها الآن معسرة؛ فإن
[4/ 493]
(4/493)
دفع إليه الموهوب نصف القيمة فلا حجة له،
وإن ابى رجع عليه بنصف الهبة بنمائه ونقصه؛ ثم لا يرجع الموهوب عليها بشىء.
ولو أصدقها عبداً فاعتلته، فلترد نصف غلته مع نصفه، ولا تحاسبه بما أنفقت
عليه، بخلاف ما أنفقت على الثمرة. وما باعت مما أصدقت ردت نصف الثمن، ومال
اشترت بالمال من غير شوار وطيب ومصلحة بنائها ضكمنت نصف الثمن، وما اشترت
من مصلحة البناء فبينهماز وليس لها حبسه ودفع نصف الثمن إلا برضاه، وما
لبست من من الثياب التى اشترت فابلته فلا شىء عليها فيه، وكذلك ما افترشته
وطوت به واستعملته من لحاف وستر حتى بلى فلا شىء عليها فيه. قاله كله مالك
وابن وهب وغيره ممن لقيت من أصحابه.
وقال فى قول الله تعالى (ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة)
وهو ما أعطته من صداقها، أو وضعته عنه.
ومن كتاب ابن المواز: وما أصدقها من عبد ثم طلق قبل البناء وقد هلك بيدها
أو بيدها فهو منهما، وما أغل بيده أو بيدها فهو بينهما. وكذلك الحائط،
ويعطى من أنفق منهما فى علاجه شيئاً ذلك من الغلة لا يجاوزها، وما وهب
للعبد أوكسب عند أحدهما فبينهما. يغرم نصفه من أخذه؛ استهلكه أو لم
يستهلكه. وكذلك غلة الحيوان ونسلها بينهما. وما جنى على العبد فأرشه
بينهما، وكذلك عليهما ما جنى.
ومن العتبية روى اشهب عن مالك أن العبد إذا مات بيد الزوج قبل قبضها إياه
وبعد العقد، فضمانه منها. قيل: فمات بيدها، أيرجع عليها فى الطلاق بنصف
قيمته؟ قال: ما أحرى ذلك. وقاله أشهب وابن نافع.
[4/ 494]
(4/494)
وقال مالك: لا يرجع عليها بشىء. قال مالك:
ولو باعته لم يرجع عليها إلا بنصف الثمن، إن لم تحاب.
ومن كتاب ابن المواز قالك وما اغتلت فهلك بيدها من غير سببها لم تضمنه، وهى
فيه مصدقة مع يمينها إن أخذت فى الغلة حيواناً، ولا تصدق فى هلاك العين إلا
ببينة، وأما الزوج فهو ضامن لما اغتل من عين وغيره؛ لأنه متعد فيما يستغل
وفى حبسه وما مده ونما فى يديه فلا رجوع لمن أنفق عليه منهما بما أنفق، إلا
فى غلة إن كانت لا يعدوها. وكذلك لو داوى مرضاً به. قال ابن القاسم: ولو
انفقت على العبد فى تعليم صناعة نفقة عظيمةفلا رجوع لها بشىء من ذلك،
وكذلكقال مالك فى رده بعيب فى البيع، وكذلك ما أنفقت فى أدب الجارية
وتعليمها الأدب والرقم. وكذلك روى عيسى عن ابن القاسم، فى العتبية.
قال فى كتاب محمد: وإن كانت غنماً فزكتها، رجع بنصفها ناقصةً، ولو كانت
مائتى درهم زكتها، رجع بمائة كاملة، قال محمد: لأنها فى العين ضامنة،
فالنماء فيها لها، وما ادعت أنه تلف مما قبضت صدقت فيما يصدق فيه المستعير
والمرتهن مع يمينها، وما يغاب عليه من عيب أو عرض فلا يبرأ من ضمانه غلا
ببينة. قاله ابن القاسم، وعبد الملك.
قال أصبغ: وأرى فى العين خاصةً أنها تضمنه، وإن قامت بينة بهلاكه بغير
تفريط. قال عبد الملك: ولو لم يطلقها، وادعت تلف ما يغاب عليه، وطالبها أن
تتجهز بالصداق، فليس ذلك له؛ لأنه مالها ضاع، فلا تضمن مالها، وعليها
اليمين، وبالطلاق يسير ماله له.
[4/ 495]
(4/495)
وقال عبد الملك فى العتبية: عليها أن تخلف
ذلك من مالها، إذا لم تقم بينة بهلاكه، تشترى به جهازاً. قال ابن المواز
قال أصبغ: ولو اشترت بالعين جهازاً بامر معروف ظاهر فضاع أو تلف لم تضمن،
كما لو أصدقها ذلك بعينه. قال محمد، فى قول أصبغ: لا تنفعها البينة فى هلاك
العين: لا يعجبنى، ولا تضمن إذا قامت البينة إذا لم يكن تحريكها ذلك لغير
الجهاز، وهى كالورثة. قال: وما أكلت من مهرها، فإن طلقت قبل البناء، حوسبت
به، وإن لم تطلق، وبنى فلا شىء عليها.
قال ابن عبد الحكم، عن مالك فى المرأة المحتاجة: لها أن تاكل من صداقها
بالمعروف وتكتسى. وروى مثله ابن القاسم، فى العتبية.
قال محمد: قال ابن القاسم عن مالك فيمن نكحت بعروض من قرافل وثياب أو
بدراهم، فلها أن تنفع من ذلك بالشىء الخفيف، ولا تقضى منه ديناً غلا بالشىء
التافه، مثل الدينار والدينارين والثلاثة.
ومن العتبية روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم: إن قام عليها الغرماء لم تقض
منها إلا مثل الدينار ونحوه. قاله مالك. وأما بعد البناء فلها قضاء دينها
من شوارها، ومن كالىء صداقها، وليس لذلك بعد البناء وقتن وكذلك لوماتت قبل
البناء.
قال سحنون: وابن القاسم يرى ان للسيد انتزاع صداق أمته، وبه أقول. كما قال
مالك. ليس للحرة أن تقضى منه الدين، إلا الشىء اليسير.
وفى باب الشراء بالصداق شواراً من معانى هذا الباب.
[4/ 496]
(4/496)
قال ابن حبيب: وما نكحت به من جنين وآبق
وشارد وحال بيدها بنماء أو نقص أوموت وقد بنى بها فعليه القيمة تحاسب بها
فيها لها من صداق المثل بغير ذلك؛ قبل البناء أو بعده، إذا لم ينظر فيه حتى
بنى بها، فإن عثر على ذلك قبل البناء ففسخ فما حدث من موت فهو من الزوج وإن
قبضته الزوجة، وما كان من نقص وزيادة فللزوج وعليه، كما لو طلق فى الصداق
الصحيح. وقال ابن القاسم هى ضامنة لذلك فى الصداق الفاسد، ولا يعجبنى، وذلك
سواء. وقاله مطرف وابن الماجشون.
فى العفو عن نصف الصداق فى الطلاق
من كتاب ابن المواز قال مالك: لا يضع عن الزوج بعد الطلاق قبل البناءمن
صداق البكر وصى ولي إلاالأب فله يضع بعد الطلاق قبل البناء نصف الصداق في
أمته، ويباري عنها على وجه النظر، ولا عفو لها هي عن شيء. وأما الثيب فذلك
إليها دون الأب وغيره.
ومن العتبية قال ابن القاسم في التي لم ئحض إذا طلقت بعد البناء فلا عفو
فيها للاب عن الصداق.
وقد جرى ذكر متعة المطلقة في كتاب الر جعة والخلع مستوعبا، فأغنى عن
إعادته.
في إرخاء السر وتداعي المسيس
في نكاح أو غصب، ومايوجب الصداق من ذلك
من كتاب ابن المواز قال ابن المسيب: إذا دخل بزوجته في بيتها لم تصدق عليه،
إلاأن يكون دخول اهتداء أوتعريس، وإن دخلت في بيته صدقت عليه مع ميينها،
وحديث عمر يوجب حيثما أخذئهما الخلوة.
[4/ 497]
(4/497)
قال مالك: فإن قال هى بكر فاروها النساء لم
ينظر إلى قوله ولم يكن ذلك عليها. وأخذ مالك بمعنى قول ابن المسيب فى دخوله
عندها، إن كان اهتدى، ولم تكن زيادة، واخذ به ابن القاسم.
وروى ابن وهب عن مالك حيثما أخذتهما الخلوة، وإن كانت زيارة صدقت عليه.
وقال به ابن وهب وأشهب وأصبغ. وهو أشبه بحديث عمر، سواء جمعتهما الخلوة
بإغلاق باب أو إرخاء ستر أو غيره، إلا انها خلوة بينة، وإنما يجب لها بذلك
الصداق إذا ادعت المسيس مع يمينها، والستر كالشاهد لها. فغن قالت لا يمسسنى
فليس لها إلا نصف الصداق إن طلقت، كانت مولى عليها أو بكراً صغيرة، أو
بالغاً أو أمةً أو حرةً مسلمةً أو كتابيةً، أو كانت يتيمة فالقول قولها لها
وعليها. وكذلك فيما يفسخ من النكاح.
وكذلك روى أصبغ عن ابن وهب فى العتبية قال: وهذا مما لا يعرف إلا بقولهن.
وقد قبل قول النساء فى العدة والحيض والولادة. كما لا يجب الصداق إلا
بدعواهن يسقط بإقرارهن؛ كانت مولى عليها أو غير مولى، صغيرة أو كبيرة.
وكذلك ذكر ابن حبيب عن ابن الماجشون وأصبغ مثله سواء.
وقال أصبغ عن ابن القاسم: إن ادعت مسيسه فى أهلها فعليه اليمين، عرفت
الخلوة أو لم تعرف. وقال أصبغ: إن عرفت الخلوة فى أهلها فالقول قولها، وإن
لم تعرف الخلوة فعليه اليمين.
ومن كتاب ابن المواز قال أصبغ: وإذا قلت إن بالخلوة بغير اهتداء يقبل
قولها، فكذلك يقبل فيها قول الزوج فى دفع الصداق قبل هذه الخلوة؛ لأنهم قد
أخلوه معها.
قال محمد فإن ادعى الزوج أنه وطىء؛ ليقبل قوله فى دفع الصداق وأكذبتهفهو
مصدق بالخلوة. قال ابن القاسم: مع يمينه فى دخول الاهتداء، وأما فى غير
الاهتداء تحلف هى ما قبضت، وتأخذه منه.
[4/ 498]
(4/498)
وإذا كان يختلف إلى منزلها، ويخلو ولا يبيت
فلا تصدق هى فى الوطء، ولها نصف الصداق إن طلق، وعليها العدة للخلوة.
والخلوة وإن لم تكن خلوة اهتداء توجب العدة. ولو مات أحدهما فى هذه العدة
من هذا الطلاق لم يتوارثا، إذ لا رجعة له إلا أن يظهر بها حمل فأقر به،
فيستتم لها الصداق، وله الرجعة.
قال محمد: أما فى ظهور الحمل فهو ذلك. وإن لم تعرف لها بها خلوة، إذا كان
لوقت العقد ما يلحق فيه الحمل. وإذا احتملها بمعاينة بينة حتى غاب عليها،
وليست له بزوجة فادعت المسيس فلها الصداق، ولا حد عليه.
قال ابن القاسم: ومن دخل بزوجته، فافتضها بأصبعه، ثم طلق فلها الصداق
كاملاً لأنه فعل ذلك على وجه الافتضاض بالنكاح، بخلاف الأجنبى ذلك عليه ما
شانها. قال أصبغ: هذا فى الاستحسان، واقياس أنهما سواء، وعلى الزوج قدر ما
شانها مع نصف الصداق.
قال ابن القاسم: وإذا ادعت المسيس فذلك يحلها لمن كان أبتها. وقال ابن وهب:
إن اختلفا بقرب الطلاق وفوره لم ترجع بذلك إلى الأول، وإن لم يكن ذلك حتى
حلت وطال ذلك ثم أرادت الرجوع، فذكر ذلك الزوج، فلا يقبل منه. وهى المصدقة.
قال أصبغ: هذا قول يستحلى. والقياس قول ابن القاسم أنها مصدقةعند الفراق أو
بعده، ولا تمنع من الأول بحكم، ولكن لا أبيح ذلك للأول إذا أنكر المسيس
زوجها الثانى عند الفراق أو بعده أو بعد التزويج.
وقد جرى فى باب عيوب النساء شىء من ذكر تداعى المسيس، وهل ينظر إليها
النساء؟
[4/ 499]
(4/499)
فيمن ادخلت عليه غير زوجته ودعوى الوطء فى
ذلك
وفيمن أقام على وطء مبتوتته أو وطء غير زوجته غلطاً
أو ادخلت عليه غير زوجته فوطئها
وحكم الصداق فى ذلك كله
من كتاب ابن المواز: وإذا ادخلت عليه غير امرأته فادعت المسيس وكذبهافهى
مصدقة ولها الصداق وعليها العدة، فإن أقر بالوطء لم يحد إذ لم يعرفها،
وعليه صداق المثل. قال محمد: وإن عرف بها، فعليه الحد ولها وعليها الحد،
عرف هو بها أولم يعرف. وإن قالت: طننت أنكم زوجتموني إياه قبل قولها صداق
المثل، فان فان لم يعرف الواطى بها رجع بها غرم لها على الذي غره بها فأد
خلها عليه. قال: ومن طلق امرأئه قبل البناء ثم جهل فظن أن له الرجعة
فوطئها، فليفرق بينهما، وليس لها إلامهرها، لوطئه على النكاح الأول. مالك:
وكذلك المطلق بعد البناء البتة، ثم جهل فأقام يطؤها. قال محمد: ولو كان غير
هذا لكان عليه لكل وطء مهر. وهذا الذى ذكر محمد لابن الماجشون فى كتبه حتى
قال: ولكل إيلاج وأخراج.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فيمن سأل الخلوة مع زوجته، فطلب ابوها
لرجل أن يعطيه ابنته يخليها مع ختنه ففعل، فاخليت معه، فافتضها ولم يعلم،
فإن طاوعته ضربتت الحد ولا صداق لها، وإن أكرهها فلها الصداق على أبوى
الجارية المملكة، فإن لم يكن لهما شىء، غرمه لها الواطىء، ورجع به عليهما،
وعلى أبوى المستكرة النكال بكل حال.
وعمن طلب الدخول فادخلت عليه جارية بكر لامرأته، وامرأته ثيب، وقيل له: لا
تقربها الليلة فحلف بعتق رقيقة لا وطئها الليلة، وهو يظنها امرأته، فوطئها
[4/ 500]
(4/500)
تلك الليلةن واستمرت حاملاً، وعليه شرط
لزوجته بعتف كل جارية يتخذها، وأمرها بيدها، قال: يلحق به الولد، ولا حد
عليه ولا عليها، ويعتق عليه رقيقه، وليس عليه طلاق ولا تمليك لزوجته، وعليه
لزوجته قيمة الولد إن لم يعلم زوجته بما صنع أهلها، ولا تقوم عليه الجارية،
ولا يرجع الزوج على الذى غره بقيمة الولد، ولا يكون أشد من المستحقة من
يديه تحمل فيؤدى قيمة الولد ولا يرجع به على الغاصب. ولو كان ذلك بعلم
زوجته لم يرجع بقيمة الولد، ولا تقوم عليه الجارية إلا أن يشاء هوذلك. ولو
لم يخرجوها إليه ولكن سألوه أن لا يطأها الليلة، فحلف ولم تكن الأمة حاضرة
فلا شىء عليه من يمينه.
ومن كتاب ابن المواز وكتاب ابن سحنون: ومن زوج ابنته لرجل وادخل عليه أمته
على أنها ابنته، فهذه تكون له بما تلد ام ولد. وعليه قيمتها يوم الوطء؛
حملت أو لم تحمل، ولا قيمة عليه فى الولد بكنزلة من أحل أمته لرجل، وتبقى
ابنته زوجة له، ولو علم الواطىء أن التى أدخلت عليه غير زوجته ثم وطئها فهو
سواء، ولا حد عليه.
ومن الواضحة قال ابن حبيب: ومن أدخل أمته على زوج ابنته فوطئها، درى عنه
الحد، ولزمته القيمة، وتحد الأمة، إلا أن تدعى أن سيدها زوجها منه ويعاقب
السيد.
ومن الواضحة، وكتاب ابن المواز، وكتاب ابن سحنون: ومن زوج أمته لرجل وقال
له: هى ابنتى فولدت من الزوج لم تكن له أم ولد؛ لأنه إنما وطئها بنكاح لا
بوجه الملك. ويخير الزوج بين أن يقيم على نكاحها، وأولاده فيما يستقبل أو
لاد امة، وإن شاء فارق ورجع على سيدها بجميع المهر، إلا ثلاثة دراهم، وولده
منها قبل يظهر عليه أحراراً، وعليه قيمتهم لسيدها يوم الحكم.
قال ابن حبيب فى اخوين ادخلت على كل واحد زوجة أخيه بخطإ من أهلها، فوطئها،
فصداق المثل فى عمده وخطئه إذا لم تعلم هى، ويحد العالم منهاا، ولا صداق
لها إن عملت.
[4/ 501]
(4/501)
فى مهر المغتصبة
من كتاب ابن المواز قال ابن القاسم: ويجب للحرة المغتصبة الصداق بمعاينة
أربعة شهداء للوطء؛ فإن كانوا دون أربعة، فهم قذفة ولا شىء لها حتى لو شهد
عليه شاهدان بإقراره، أو أنهما عايناه احتملها فخلا بها، فادعت الوطء،
فإنها تحلف وعليه الصداق، وعليه الأدب، إن أنكره وقاله مالك. ولا حد عليها
ولا على الشاهدين. قال مالك: ومن اغتصب أمة بالوطء، فعليه ما نقصها فى
البكر والثيب، فى الرفيعة والوضيعة.
قال مالك: وإذا جاءت المرأة متعلقة به تدعى ذلك عليه بغير بينة، فذلك لها
عليه بغير يمين فى البكر التى تدمى، وفى الثيب بما بلغت من فضيحة نفسها،
وما سمعت فى ذلك شيئاً. قال ابن المواز: وقد أوجب لها عبد الملك، وأشهب
صداق المثل بعد يمينها. ولم ير عليه ابن القاسم صداقاً وإن كان من أهل
الدعارة. قال ابن حبيب: وإذا شهد عليه شاهدان أنه غصب امرأة بعينها يريد
أنه أقر بذلك عندهما لزمه الصداق، ولا يحد إذا أنكر، وإذا شهد أنه حملها
فغاب عليها، فذكر مثل ما ذكر ابن المواز.
قال ابن حبيب: وإذا لم تقم بينة باحتماله لها وأتت متعلقة به، فإن ادعت ذلك
على رجل صالح حدت له للقذف، إلا أن تأتى تدمى فيسقط عنها الحد، ولا يحد
الرجل الصالح، ولا تحد هى فى رميها غير الصالح، اتت تدمى أو لا تدمى، ويكشف
الإمام عن ذلك الرجل، ويعمل فيه على ما ينكشف له. وكله قول مالك وأصحابه.
وقد جرى من هذا المعنى باب مستوعب فى كتاب الحدود.
تم الجزء الثانى من النكاح بحمد لله وعونه وتوفيقه
[4/ 502]
(4/502)
|