النوادر والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه

الأول من كتاب النكاح
في التحضيض على النكاح
وذكر من يرغب فيه من النساء
وفيمن يمسك المرأة تكرماً
من الواضحة وغيرها روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: عليكم بالباه فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يكن له طول فعليه بالصوم فإنه له وجاء. وحض النبي صلى الله عليه وسلم على نكاح الأبكار، وقال إنهن أطيب أفواهاً وأنتق أرحاماً وأطيب أخلاقاً.
قال ابن حبيب أنتق أرحاماً: أقبل للولد. وفي موضع آخر قوله عليه الصلاة والسلام تنكح المرأة لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين ترتب يداك ورغب في نكاح الولود، وفي حديث آخر الودود والولود العدد.
وقالت عائشة ــ رضي الله عنها ــ لا تلد المرأة بعد الخمسين وقال عمر بن الخطاب ــ رضي الله عنه ــ بنت عشر سنين تسر الناظرين وبنت عشرين لذة
[4/ 387]

(4/387)


للمعانقين، وبنت ثلاثين ذات شحم ولين، وبنت أربعين ذات بنات وبنين، وبنت خمسين عجوز في الغابرين. وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن ينكح في الأكفاء، ويستحب أن يستنخب الخال وقد نهى عن رضاع الفاجرة فكيف بهذا.
ومن العتبية قال مالك في سماع ابن القاسم بلغني أن لقمان قال لأبنه: يا بني ليكن أول ما تفيد في الدنيا بعد خليل صالح امرأة صالحة.
قال أشهب قال مالك: تزوج عمر امرأة فأخبرته ابنته حفصة أنه لا ولد فيها فطلقها ولم يبن بها.
قال عنه ابن القاسم لقد أدركت من له امرأة ما له بها من حاجة ويمنعه الحياء والتكرم أن يفارقها ليلاً يطلع غيره منها على ما اطلع. قال سحنون: أراه عبد الله بن يزيد بن هرمز. وقال ابن عمر: إذا كبر الرجل ذهب حسامه كما يذهب حسام السيف، وهو وحده.

في نكاح الأكفاء وذكر العضل
وفي التي ترضي بدونها في الحال والمال
من الواضحة، نهى الله سبحانه وتعالى الأولياء عن العضل، وروي أن الآية نزلت في معقل بن يسار. وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم حض الآباء على نكاح بناتهم. قال عمر: لا يزوج الرجل وليته للقبيح الذميم، ولا الرجل الكبير.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك في المرأة تريد البيت ترضى برجل دونها في الحسب وهو كفء في الدين ويرده الأب والولي فرفعت ذلك إلى السلطان فليزوجها. قال ابن القاسم: فإن كان كفئاً في الدين وليس كفء في المال فلا بأس به إذا لم يأت من ذلك الضرر. قيل لمالك: فما جاء عن عمر
[4/ 388]

(4/388)


لا تزوجوهن إلا الأكفاء وأنه فرق بين امرأة تزوجت غير كفء وبينه. قال قد صاحبه غير هذا قوله: دين الرجل حسبه وكرمه وتقواه، ومروءته خلقه، فليس الحسب والشرف إلا في الإسلام والتقوى.
قال ابن وهب قال النبي صلى الله عليه وسلم إذا جاءكم من ترضون دينه ورأيه فأنكحوه، قيل وإن كان أسود، فقال النبي صلى الله عليه وسلم {إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير}.
قال محمد قال ابن القاسم قال مالك: وإن تزوجت كفئاً بغير ولي فيفسخ ذلك، فلها أن تتزوجه مكانها، يريد ولم يدخل، فإن أبى وليها زوجها إياه السلطان وإن لم يكن مصلها في الغنى واليسار والحسب إذا كان يرضى دينه وعقله، إلا أن يكون سفيهاً ومن لا يرضى حاله.
ومن كتاب محمد: ولو فسخ بعد البناء لم تنكحه حتى تعتد من مائة.
ومن كتاب محمد قال مالك: وللرجل أن يتزوج مولاته التي أعتقها إذا كان عدلاً ولم يخدعها، ورب مولى أسفل خير من أعلى.
ومن كتاب ابن حبيب قال: ولا يكون الأب في منعه ابنته البكر النكاح عاضلاً وإن طلبت ذلك منه، ولا للسلطان أن يتسور في ذلك عليه، وقد فعله غير واحد من السلف قبل مالك، وقد فعله مالك في بناته، كما له إنكاحها ممن كرهت، كذلك له منعها من النكاح وإن كرهت. وأما الثيب فليس له ذلك فيها ولا يكون فيها بأول خاطب عاضلاً حتى يتظاهر ذلك من فعله ويتبين فيه ضرره،
[4/ 389]

(4/389)


فيكون للإمام التسور فيها عليه، ممن لها فيه الحظ وإن كان أول من خطبها؛ وللسلطان أن يتسور عليه في ذلك إذا تبين له الرشد، وقاله مالك وأصحابه.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: لا يعترض على الأب في رد الخطاب عن ابنته البكر حتى يتبين أنه أراد الضرر بها وتطلب هي ذلك، وأما غيره من الأولياء فلينظر السلطان في منعهم إياها، فإن تبين صوابه عذره، وإذا رأى الغبطة والحظ زوجها برضاها وإن كره وليها.
ومن كتاب ابن حبيب: ولا يملك الوصي من عضل البكر ما يملك الأب، فإذا رد عنها من فيه لها الغبطة والحظ المرة بعد المرة وتظاهر ذلك عليه زوجها الإمام، وهو في غير البكر عاضل برد أول خاطب ممن فيه الغبطة. والوصي في عضل البكر كالأب في الثيب، وفي عضل الثيب كالأخ والعم فيها.
والقول في الأب يزوج ابنته لفقير أو بأقل من صداق المثل في باب نكاح الأبكار.
ومن كتاب ابن المواز وغيره مالك: لا يتزوج إلى القدرية ولا يزوجوا.
في خطبة النكاح وفي عقده
وذكر خطبة الرجل على خطبة أخيه
وإباحة النظر للخاطب
وفي تهنئة النكاح وما يستحب
من الواضحة قال مالك: وكانوا يستحبون أن يحمد الله الخاطب ويصلي على نبيه ثم يخطب المرأة، ثم يجيبه المخطوب إليه بمثل ذلك من حمد الله والصلاة على نبيه ثم يذكر إجابته.
ومن الواضحة قال مالك: الخطبة في النكاح مستحبة، وهي من الأمر القديم، وما قل منها فهو أفضل.
[4/ 390]

(4/390)


قال محمد: وقد خطب إلى ابن عمر مولاته، فلما فرغ الخاطب من كلامه لم يزد بن عمر على أن قال قد أنكحناك على إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان.
ومن الواضحة قال ابن الماجشون: ولا بأس أن يفوض الناكح وولي المرأة للرجل الصالح أو إلى الشريف أن يعقد النكاح، وكان يفعل فيما مضى. وقد فوض في ذلك إلى عروة فخطب واختصر فقال: الله حق ومحمد رسوله، وقد خطب فلان فلانة وقد زوجته إياها على بركة الله وشرطه. قال ابن حبيب: هو {إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} وقد أباح النبي صلى الله عليه وسلم لمن خطب امرأة أن ينظر إليها إن شاء قال مالك وذلك إذا نظر إليها وعليها ثيابها.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: لا بأس أن يدخل الرجل على المرأة يريد نكاحها فينظر إليها، قيل فهل يغتقلها من كوة أو نحوه، قال ما سمعته وكره ذلك. قاله ابن حبيب.
وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم فيمن ابتنى بزوجته أن يأمرها أن تصلي خلفه ركعتين ثم يأخذ بناصيتها ويدعو بالبركة.
ونهن النبي صلى الله عليه وسلم أن يخطب الرجل على خطبة أخيه، وإنما ذلك إذا ركنت إليه وأظهرت الرضا به وإن لم يتفقا على صداق. وقاله مطرف وابن الماجشون وابن القاسم وابن وهب وابن عبد الحكم وقال ابن نافع له أن يخطب ما لم يتفق مع الأول على الصداق، وبالأول أقول لجواز النكاح على غير تسمية.
قال ابن حبيب: ومن خطب على خطبة أخيه وعقده لم يقض بالفسخ بخلاف البيع، إلا أن يتورع. وقال ابن نافع: يفسخ وخالفه أصحابه.
[4/ 391]

(4/391)


ومن كتاب ابن المواز قال مالك: وإنما معنى النهي عن خطبة الرجل على خطبة أخيه إذا رضيت به وأركنا إليه ولم يبق إلا الشرط، وأما قبل ذلك فجائز. وكذلك السوم في البيع إذا أركنا واتفقنا على الثمن ولم يبق إلا شرط الوزن ونحوه، فإن وقع في موضع النهي فسخ النكاح والبيع. وروى عنه أشهب أنه لا يفسخ وما سمعت أنه يفسخ ولأنه يحجر ذلك. وأما لو ثبت ذلك حتى لا يشك فيه لفسخناه. وقد ذكرت فاطمة بنت قيس أن أبا الجهم ومعاوية خطباها، فخطبها النبي صلى الله عليه وسلم لأسامة.
ومن العتبية روى عيسى بن دينار عن ابن وهب قال إذا عقد فليتب ويعرضها على الخاطب، فإن حلله رجوت له ذلك مخرجاً، وإن أبى فليفارقها. ثم إن نكحها الأول وإلا فلهذا أن يأتنف معها نكاحها ولا يقضي عليه بالفراق، وهذا على التنزه والاستحسان. وقال ابن القاسم: إن لم يحلله فليستغفر الله ولا شيء عليه.
قال ابن وهب: وأما في البيع فله أخذها بالثمن، زادت أو نقصت، إلا أن يكون أنفق عليه شيئاً حتى زادت فليعطه ما أنفق مع الثمن.
وروى سحنون عن ابن القاسم قال: لا يفسخ في بيع ولا نكاح، ويؤدب فاعله. وقال في الرجل المسخوط الفاسد في حاله كله يخطب امرأة فترضى به وسميا الصداق ولم يبق إلا العقد، فيأتي رجل مرضي حسن الحال فيخطبها، هل يقال فيه ذلك؟ قال لو كنت وليها لأمرتها بنكاح هذا المرضي، ولا أرى على من دخل في ذلك شيئاً إن شاء الله، ولا أرى الحديث إلا في الرجلين المتقاربين فأما فاسق وصالح فلا.
قال ابن حبيب: واستحبوا تهنئة الناكح والدعاء له، وكان مما يقال له: بالرفاء والبنين، بارك الله لك. ولا بأس بالزيادة على هذا من ذكر السعادة وما أحب من خير قال والرفاء: الملاءمة. يقال رفأت الثوب: لا يمت بين خرقه.
[4/ 392]

(4/392)


فيما يلزم النكاح من مراجعة القول
وما يلزم به البيع من التساوم
وفي جد النكاح وهزله
ومن قال لرجل إن فارقت زوجتك أنكحتك
من كتاب ابن المواز: من قال لأبي البكر أو لأبي الثيب وقد أذنت له أن يزوجها: زوجني فلانة، فقال فعلت أو قال زوجتك، فقال الخاطب لا أرضى فقد لزمه، بخلاف السايم في البيع يقول بكم سلعتك؟ فيقول بكذا، فيقول قد أخذتها، فقال ربها لا أرضى وقد أوقفها للبيع. قال مالك: يحلف ما ساوم على الإيجاب وإلا لزمه.
قال مالك: ومن قال لرجل وهو يلعب: زوج ابنتك من ابني وأنا أمهرها كذا، فقال الآخر على لعب وضحك أتريد ذلك؟ قال نعم زوجه، وهو يضحك، فقال: قد زوجته، فذلك نكاح لازم وللأبوين أن يفسخاه إذا رضيا، يريد على وجه الخلع والمباراة.
قال المسبب: ثلاث لا لعب فيهن: النكاح والطلاق والعتاق. وكان في الجاهلية يناكح ويقول كنت لاعباً، وكذلك يقول في الطلاق والعتاق، فأنزل الله سبحانه {ولا تتخذوا آيات الله هزؤاً} قال مالك فيمن خطب أخت رجل فقال ما عندك؟ فقال خمسون درهما، قيل فإن جاء بها أتزوجه؟ قال نعم إن جاءني بها فقد زوجته. قال لا يعجبني ولا تزويج بينهما، وكذلك في العتبية من سماع ابن القاسم.
وقال سحنون عن علي بن زياد: لا يجوز نكاح هزل ولا لعب، ويفسخ قبل البناء وبعده.
[4/ 393]

(4/393)


ومن العتبية روى أبو زيد عن ابن القاسم في رجل نصر رجلا في شيء فقيل انصره فقد بلغنا أنه ختنك، فقال: اشهدوا أني قد زوجته بنتي. قيل بكم؟ قال بما شاء، ثم قام الرجل بحدثانه أو من بعد ذلك بيومين، فقال امرأتي، فقال الأب: ما كنت إلا لاعباً، قال يحلف بالله ما كان ذلك منه على وجه النكاح ولا شيء عليه. قال أبو بكر بن اللباد يلزمه النكاح، وقد قال أبو هريرة {وعبادة بن الصامت أن النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ قال في النكاح والطلاق، وقال أبو هريرة والرجعة، وقال عبادة والعتق: هزلهن جد وجدهن جد}.
ومن كتاب ابن المواز قال أشهب فيمن قال لمن خطب إليه ابنته أو وليته إن أنت فارقت امرأتك فقد زوجتك، فهذا يلزمه وقد ثبت ذلك. وأما إن قال إن أنت فارقت امرأتك زوجتك فقد خدعه ولا يلزمه نكاح، وأحب إلي أن يفي له.
وبعد هذا باب فيمن يقر أنه أنكح فلانا يريد بع اعتذاراً ونحوه.

في إنكاح الآباء للأبكار والثيب
وهل يزوجن في غيبة الأب؟
وذكر العفو عن نصف الصداق
وهل يزوجها الأب بأقل من صداق مثلها؟
من كتاب محمد ابن المواز قال مالك في البكر البالغ إن شاورها الأب فحسن، وله أن لا يفعل وأن يكرهها. وكذلك في العتبية من سماع أشهب، وقال ولأني أخاف أن يتراقى في استئذان الأب للبكر حتى يجري في الناس قال في سماع ابن القاسم وكتاب ابن المواز قال الله سبحانه وتعالى حكاية عن شعيب
[4/ 394]

(4/394)


عليه السلام {قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني} ولم يذكر مشورة قال الحسن وزوج النبي صلى الله عليه وسلم ابنته عثمان ولم يستشرها.
قال ابن حبيب: يستحب للأب مؤامرة البكر ويذكر لها الزوج ويختبر من أمها ومن غيرها رضاها أو كراهيتها، وأحب إلينا أن لا يكرهها من غير أن يلزمه.
وليس للبكر قول مع أبيها في عقده عليها، ولا يتعقبه سلطان ولا غيره، كبيرة كانت أو صغيرة، زوجها بأقل من صداق مثلها أو من رجل ضرير أو غائب أو على ضرة، يريد زوجة له أخرى، أو ممن هو أدنى منها حالاً أو مالاً أو من الرجل القبيح، فذاك ماض ولا كلام لها في الأحكام، والله أعلم فيما بينه وبين الله، إلا أن يزوجها مجنوناً يخاف عليها منه، أو أبرص مستلحاً أو مجذوماً مقطعا ومن منع من الكلام وتغيرت رائحته فلا يلزمها في أحد هؤلاء الثلاثة وتخرج من ولا يته، ويكون بهذا مسخوط الحال. وقال سحنون: إذا كان ضرراًً في بدنه فلا يلزمها.
ومن كتاب محمد قال مالك: وللأب أن يزوج البكر بأقل من صداق مثلها على وجه النظر، ولا يحط من الصداق بعد العقد إلا على الطلاق أو بعد وقوع الطلاق وقبل البناء يهبه للزوج فذلك جائز عليها. قال مالك: وللأب أن يكره البكر ويزوجها بغير إذنها وإن عنست عنده ومن غير كتاب ابن المواز روى ابن وهب عن مالك أنها إذا عنست عنده لم يزوجها إلا برضاها قال أصبغ: وإذا زوج الأب البكر إلى رجل سكير فاسق لم يومن عليها لم يجز وليرده الإمام وإن رضيت هي به.
ومن كتاب ابن حبيب قال: وإذا زوج ابنته البكر بربع دينار وصداق مثلها ألف دينار لزمها، وليس ذلك لغير الأب، ولا للسلطان ولا لها هي أن تنقص من صداق المثل وذلك للثيب، وليس للأب في البكر بعد تمام التسمية وضيعة منها إلا في الطلاق وقبل البنا.
[4/ 395]

(4/395)


ومن كتاب محمد ابن مواز قال ابن المسيب: لا نكاح لمن في البطن، وقال ربيعة فإن وقع لم يجز، وذلك جائز في التي ولدت. وقد تزوج قدامة بن مظعون مولودة للزبير، وتزوج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة بنت ست سنين.
وقال مالك في البكر إذا غاب أبوها فأطال الغيبة وأبعد فلا يزوجها الأخ إلا في مثل من خرج إلى المغازي فانقطع في مثل إفريقية والأندلس قال عنه أشهب: ومثل من انقطع خبره، ومثل من طلب وضربت فيه الآجال فلم يعلم له مكان، فروى ابن القاسم أن للسلطان أن يزوج ابنته إذا بلغت ورضيت، وروى عنه أشهب أن الأخ يزوجها برضاها
وفي مسائل ابن غانم في التي أبوها أو بمصر في تجارة طويل الغيبة وليس لها ولي، قال يكتب إليه في البكر، وأما الثيب فالسلطان يزوجها.
ومن العتبية روى يحيى بن يحيى عن ابن وهب في الأب يطيل الغيبة ببلد إما لأنه أوطنه أو لأنه يتردد بتلك الناحية، قال إذا انقطع عنها نفقته وطال غيبته فليزوجها الإمام أو وليها برضاها. وإن كانت نفقة الأب عليها جارية فلا يزوجها أحد إلا بإذنه.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك في التي بنى بها فلم يصل إليها وفارق، فإن فارق بعد السنة فهو بعيد، وتصير كالثيب لا يزوجها إلا بإذنها. وقال أيضا لها حد سنة، ولكن إن طال ذلك وشهدت المشاهد. ولو أقر بالوطء وهي منكرة، فإن لم تطل إقامته فهن كالبكر في الإذن، وإن افتضها وفارقها قبل المحيض فهي كالبكر في الإذن والنفقة، وقاله أشهب حتى تبلغ المحيض فتصير كالثيب البالغ، ويجب عليه استئذانها. وروى مثله عيسى عن ابن القاسم عن مالك في العتبية. قال ابن القاسم: وعليه نفقتها حتى تحيض، فارقها الزوج أو مات عنها. قال سحنون يزوجها بغير رضاها وإن حاضت وينفق عليها.
[4/ 396]

(4/396)


قال ابن القاسم في الذي يقيم مع البكر ستة أشهر يعرض عنها فيها فيفارقها، فليؤامرها الأب إن زوجها، فإن لن يؤامرها فالنكاح جائز. وزاد عيسى في روايته قال مالك: إذا فارقها بعد شهرين فلا يستأمرها.
قال سحنون قال ابن القاسم: وللأب أن يزوج ابنته المجنونة. قال ابن حبيب من قول مالك في غيبة الولي إن كان قريباً كتب إليه الأب وإن سافر انتظره وإن بعدت غيبته، وزوجها الإمام إلا في أب البكر فلا يزوجها إلا أن تطول غيبته جداً فيزوج الثيب، فأما البكر فلا إلا أن ينقطع بالسكنى في بلد منقطع بعيد قد أيس من رجعته وطال كالعشرين سنة والثلاثين فليزوجها، ولا يفعل ذلك أحد من الأولياء فإن زوجها ولي لها بإذن السلطان في الغيبة البعيدة مضى النكاح، وإن جهل السلطان أو الولي فزوجها في الغيبة القريبة لك يجز وفسخ إذا جاء الأب وإن ولدت الأولاد، وإن أجازه الأب لم يجز، وقاله ابن القاسم.
فيمن وهب ابنته لمن يكفلها فهل يزوجها؟
وفي مباراة الأب أو الوصي عن الصبية
من كتاب ابن المواز قال مالك: وللرجل أن يهب ابنته لمن يكفلها وإن كرهت أمها إذا كان على وجه النظر، ثم ليس للأب أخذها بعد بلوغها إلا بوجه إساءة وضرر، وإنما هذا في ذوي محارم الصبية، وإلا فليس بحسن، وليس لهذا الذي وهبت له أنكاحها بغير رصا أبيها حتى يجعل ذلك له، ولا له ذلك بعد موته إلا بإذنها.
وللأب أن يباري عن البكر بمالها وإن بلغت، وليس ذلك للوصي وإن كانت صغيرة زوجها الأب، ولا إذا بلغت إلا برضاها، زوجها الأب أو الوصي. وللوصي أن يباري عن يتيمة الصغير، يريد بما يأخذ له.
[4/ 397]

(4/397)


باب في إنكاح البكر اليتيمة واستئذانها
وإنكاح الوصي من يلي عليه من ذكر وأنثى
وهل ينكح غير من يلي عليه؟
وإنكاح التي لم تبلغ
ومن أوصى بتزويج ابنته فلانا
من كتاب ابن المواز قال مالك: لا يزوج البكر قبل البلوغ غير الأب لأحد، ولا وصي ولا ولي حتى تبلغ وترضى، وإذنها صماتها، ولا تسألها البينة أن تتكلم ولا الولي، وقاله ابن القاسم عن مالك في العتبية وأما إنكارها فبالكلام. قال ابن حبيب قال ابن الماجشون قال مالك: يستحب للشهود على البكر اليتيمة أن يعرفوها أن إذنها صماتها، فإن صمتت زوجت، وإن أنكرت بالقول لم تزوج. وقال ابن المواز في كتاب ابن القرطبي: ويطيلوا المقام عندها قليلاً.
ومن كتاب ابن المواز وقال ابن القاسم: ولا تزوج البكر اليتيمة حتى تبلغ وترضى، فإن تزوجت صغيرة برضاها لم يجز إلا أن يتقادم بعد البناء فيمضي. قال أصبغ إذا تطاول وولدت الأولاد مع ذلك. قال أصبغ عنه وقد سئل عنها وقد ولدت وقد بنى بها منذ ثمانية عشر شهراً، فقال يفسخ. قال ابن القاسم وأما قبل البناء فيفسخ. وإن طال وتقادم حتى بلغت ورضيت.
قال مالك في اليتيمة المحتاجة تصلح للوطء فلا تزوج حتى تبلغ المحيض. قال ابن القاسم إن أشعرت وشارفت زوجها الوصي أو الولي يرضاها، وقال أصبغ مرة، وقال بل حتى تبلغ ويفسخ قبل ذلك. قال محمد لا يفسخ إذا أنبتت. وقد روي عن مالك في بنت عشر سنين تطوف تسأل تزوجت برضاها وولت أمها
[4/ 398]

(4/398)


رجلاً على ذلك، فأجازه مالك، ولم يجزه في الصغيرة. قال سحنون في العتبية وهي رواية ضعيفة.
ومن كتاب ابن سحنون: وسأل ابن حبيب سحنون عن جارية أنثى ولا ولي لها ولم تبلغ المحيض إلا أنها شارفت وأنبتت، فقال له زوجها، فزوجها بأمره.
ومن كتاب محمد بن المراز قال مالك: وللوصي إنكاح اليتيم قبل بلوغه بخلاف الصغيرة لأن الصبي إذا بلغ وكره فارق، وليس للصبية ذلك. قال مالك وإذا زوج الوصي اليتيمة قبل أن تبلغ فلا يفسخ ما تقادم وجرت فيه المواريث.
محمد: بعد البناء {والأولاد، فأما التقادم قبل البناء يفسخ، وكذلك فيما قرب بعد البناء}.
قال مالك في صغيرة زوجها عمها ثم كبرت ورضيت إنه يفسخ، وذكر في العتبية أشهب عن مالك نحوه، قبل له إذا تفاوتت ووقعت المواريث أيفسخ؟ قال لا أدري، وقد جوز هذا بعض الناس فلا أدري.
وروى عيسى عن ابن القاسم في التي زوجها العم أو الوصي قبل البلوغ ثم مات أحد الزوجين، قال الميراث بينهما، وقد أجازه جل الناس. وإذا لم يفسخ حتى بلغت ورضيت فليفسخ إلا أن يفوت بالولد أو يطول بالزمان، وإذا فسخ قبل البناء فسخ بطلقة.
قال عبد الملك بن الحسن قال ابن القاسم: وإن كانت مسكينة لا قدر لها زوجها الوصي قبل بلوغها فإن ذلك يمضي وإن لم يبن بها. قال أصبغ الوصي كالأب في الصغيرة في كل شيء إلا في إنكاحها قبل تبلغ للحديث الذي جاء أن اليتيمة تستأمر في نفسها.
[4/ 399]

(4/399)


ومن كتاب محمد قال مالك: والوصي أولى من الولي في البكر، وللوصي نقض ما عقده الولي فيها. وللولي إنكاح اليتيم واليتيمة إلا أن يكون لهم وصي فالوصي أحق بذلك. ولا يستأمر العبيد قال مالك: وحسن للوصي أن يشاور الولي، ولا يضره إن لم يفعل أو كان كارهاً. ولو زوج البنت لجاز على الأولياء قال أشهب: هو فيها كالأب، وإن زوجها غيره من الأولياء مضى ذلك وقاله أصبغ. قال أشهب وهو فيها أولى من الأولياء قال يحيى بن سعيد: الوصي العدل كالوالد. وقاله أصبغ.
ومن الواضحة والولي أولى بإنكاح من ولاه الموصى من أوليائه، وبإنكاح من له عليها ولاية من البنات والأخوات وغيرهن. وقد كان الزبير وصي أبي العاص بن الربيع، وهو زوج أمامة بنت زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم من علي بعد موت فاطمة.
وهذا قول مالك وأصحابه المدنيين والمصريين.
وليس للوصي ولا للولي إنكاح صغيرة حتى تبلغ، فإن فعل فسخ ذلك أبداً وإن طال وكان الولد وإن رضيت، وقاله مالك وأصحابه. والبلوغ فيها الحيض، ولا ينظر إلى الإنبات، إلا أن يتأخر عنها المحيض وتبلغ ثمانية عشر سنة فتكون كالبالغ، وقاله أصبغ. قال: وإن نكحت قبل ذلك فسخ قبل البناء وبعده وإن أنبتت، إلا أن هذه التي قد قاربت إن طال الزمان وكان الولد فاستحسن لا يفسخ، قيل وبالولد الواحد؟ والسنتين طوال؟ قال لا، ويفسخ.
ومن كتاب آخر قال أبو زيد بن أبي الغمر وقال مالك في الوصيين ينكح أحدهما الجارية فلا يجوز ذلك إلا باجتماعهما. قال ولا يزوج الصبي الذكر في ولايتهما إلا باجتماعهما، فإن زوجه أحدهما فأبى الآخر نظر السلطان، فإن رأى صواباً أمضاه وإلا رده. وكذلك في بيع أحدهما لا يجوز إلا أن يكون الآخر قد فوض إلى صاحبه.
[4/ 400]

(4/400)


ومن كتاب محمد والواضحة قال مالك: وإذا قال الأب للوصي زوج ابنتي فلاناً، أو قال ممن ترضاه، قال في الواضحة أو قال زوجها فقط، فقال فهذه يزوجها الوصي قبل البلوغ وله إكراهها على ذلك بعد البلوغ.
قال في كتاب محمد: وقاله ابن القاسم وأصبغ لأنه فوض إليه أمرها قال محمد وإنما يلزم أن يستأمرها الوصي الذي لم يأمره أبوها بتزويج. قال في الواضحة وإن قال فلان وصيي على بضع بناتي أو على تزويجهن، فلا يزوجهن هذا حتى يبلغن ويرضين.
ومن العتبية من سماع ابن القاسم: وإذا أوصى رجل رجلاً بمال ابنته فله أن يزوجها ولو رفعه إلى الإمام كان حسنا. وإذا أوصى أبوها بتعجيل نكاحها وهي بنت ثماني سنين فليعجل قيل إن لها حاضنة ً أينفق عليها من مالها؟ قال نعم.
وروى أبو زيد عن ابن القاسم في رجل أوصى رجلين أن يزوجا ابنته من رجل بشهادتها فزوجاها منه بعد وفاة الأب، فأنكرت أن يكون أبوها أوصى بذلك فيما عملت، فلا تجوز شهادتهما على ما أوصى به بعد عقد النكاح، وتجوز قبل أن يعقداه، فإذا رضيت ما صنعا ولم تنكره فذلك جائز.
ومن كتاب ابن المواز والعتبية ونحوه في الواضحة قال أصبغ: وإن كان الذي أوصى الأب أن يزوجها منه فاسق لا يؤمن عليها لم يجز ذلك عليها، كما لو فعله الأب بها لكان للإمام رده وإن رضيت هي به، وهذا ضرر. ولو دعت هي إلى مثله لم تجب.
قال أصبغ وإذا قال الأب للوصي زوج ابنتي من فلان بعد عشر سنين أو بعد أن تبلغ، فذلك لفلان إذا بذل صداقة المثل، وليس لها ولا للوصي أن يأبيا ذلك إلا أن يحدث بفلان فسق أو تلصص. قال في الواضحة: أو سقم بين فتبطل الوصية، سواء أحبته أو كرهته. وإن لم يحدث منه إلا أن تزوج وكان خلواً أو اتخذ السراري فلا حجة لها بذلك.
[4/ 401]

(4/401)


قال مالك: وإذا أوصى الأب بتزويج البكر بعد موته لزمها ما أوصى به وإن كرهت وبلغت. وكذلك لو سافر ووكل بذلك رجلاً. قال في العتبية وكذلك إن قال للوصي زوجها ممن ترضاه بعد عشر سنين أو بعد بلوغها جاز عليها ولزمها.
وإذا رضي الأولياء أو اليتيمة وكرهه الوصي فذلك إلى الوصي، وفي رواية عيسى عن ابن القاسم قال مالك فيمن قال في مرضه لأبن أخيه قد وصلتك بابنتي، كان يزوج ويخفف عنه في الصداق بقدر ما يرى أنه أراد بذلك.
ومن الواضحة: ولا يزوج الصغير أحد من الأولياء إلا الوصي، فإن لم يكن فالسلطان أو خليفته، والكبير السفيه في عقله ورأيه بمنزلة الصغير في إنكاحه.
وقال ابن الماجشون: لا يزوجه إلا برضاه، فإن تزوج برأي نفسه فلمن ذكرنا إجازته أو رده إن لم يكن له في ذلك حظ، فإن فسخ بعد البناء أخذ منها ما أصدقها ولا يترك لها ولا ربه دينار، قال مالك في غير هذا الباب: إلا ربع دينار، ولا تتبع ذمته، بخلاف العبد ينكح بغير إذن سيده فيفسخه ويأخذ من الزوجة ما أخذت وتتبع هي ذمة العبد.
وبعد هذا باب في نكاح السفيه فيه بقية مسائله.

وروى عيسى عن ابن القاسم في كتاب الحدود في المولى عليه وإن كان كبيراً أن تزويج أبيه أو وليه لح جائز عليه، كما يجوز على الصغير، ومباراتهما عنه جائزة ولا يستأمرانه.
ومن كتاب ابن سحنون: وكتب شجرة إلى سحنون فيمن لزم صقلية وأطال المكث بها وترك أبنته البكر فتريد النكاح وشكت الضيعة وهو يرسل بالنفقة شيئاً بعد شيء وإن قل. قال إذا رفعت ذلك وطلبت النكاح وشكت الضيعة كتبت إلى الأب في أمرها فيأمر من يزوج أو يقدم، فإن تبين لدده وضرره زوج عليه السلطان.
وسأله حبيب عن المرأة تطلب مني أن أزوجها ولها ولي بفارس أو باريس، قال أما من قربت غيبته فكاتبه ليحضر، يريد أو يوكل، ومن كان بعيد الغيبة
[4/ 402]

(4/402)


فليزوجها الحاكم ولا ينتظره، إلا الأب في ابنته فإنه ينتظر إلا في غيبة منقطعة. وفارس والأربس في غيبة الولي بعيد فزوجها.

فيمن أوصى إن كفل فلان ولدي فقد وصلته بابنتي
أو أوصى أن يزوج ابنته فلاناً

من كتاب ابن المواز قال مالك فيمن أوصى في مرضه لرجل فقال: إن كنفت ولدي ووازرتهم وقمت معهم إلى أشدهم فقد وصلتك بابنتي، فرفض ذلك وتركهم، فلا تكون له بذلك زوجة، إلا أن يبتدئ نكاحاً برضاهما. وكذلك في العتبية قاله ابن القاسم عن مالك وهو في سؤاله: إن قام ابن أخي مع ولدي في تركتي حتى بلغوا فقد وصلته بابنتي. قال إذا ترك هذا الشرط فلا شيء له، إلا أن تشاء الجارية. قال ابن القاسم ولو قام بما قال الأب لزوجت منه والصداق عليه. قال عنه ابن القاسم: وكذلك لو أوصى أن تزوج ابنته للزم، كما إذا زوج، وفرق غيره بين ذلك، ولم ير مالك فرقاً بين قوله زوجها أو سمى فقال فلاناً.

وفي الباب الذي قبل هذا من ذكر الوصية بتزويج ابنته.

جامع القول في أولياء النكاح وفي غيبة الولي
وفي التي لا ولي لها، وفي النكاح بغير ولي

من كتاب محمد قال مالك: لا بأس أن يزوج المرأة العربية الرجل من مواليها له الصلاح والفضل البين، في البكر والثيب، فإذا زوجها هذا وأنكر الأخ والابن فلا قول لهم. قال أشهب عن مالك: وإذا غاب أكثر إخوتها إلى الحج ولها أخ صغير فليزوجها ولا ينتظر أخاه إذا دعا إلى سداد وكان عدلاً، وإلا نظر السلطان.
[4/ 403]

(4/403)


ومن الواضحة قال: وكان ابن الماجشون يقدم السلطان على ذوي الرأي من أهلها ويرويه عن مالك، وإن زوج ذو الرأي دون السلطان جاز. وقال ابن القاسم عن مالك هو الرجل من العشيرة، وقال ابن الماجشون ليس كل من كان من العشيرة لأنها تتشعب، ولكنه الرجل من بطنها أو من بطن من أعتقها، والبطن ألصق من العشيرة، وقال هو معنى قول مالك، وأنكر رواية ابن القاسم في الدنية في الحال والموضع لا ولي لها بقرابة ولا ولاء يزوجها أجنبي دون الإمام، قال وإنما قال مالك وعلماؤنا مثل العجمية الوعرة وتستند إلى الرجل في الحال فيصير لها كنفاً ومستنداً ويأخذ لها القسم ويجرى عليها النفع ويلي منها ما يلي من مولاته، فلا بأس أن يعقد لها بإذنها إذا لم يكن ولي، فأما ذات النعمة والحال والنسب والمال فلا.
ومن كتاب ابن المواز: وروى ابن وهب عن مالك في امرأة لا ولي لها أو لها بعيد الغيبة أو ضعيف، محمد: ضعيف العقل، فتولي رجلاً ينكحها، فيجوز إذا لم تضع نفسها في دناءة. قلت: فالسلطان؟ قال يكون، وليس كل امرأة تقدر على رفع ذلك إلى السلطان. قال محمد وهذا في التي يعسر عليها تناول السلطان.
وروى عنه أشهب في الدنية تولي رجلا ينكحها وتشهد، فقال لا، إذا عمل بهذا ضاعت الفروج. وروى عنه ابن وهب في المرأة تكون في البادية وشبه ذلك فلتول رجلا يزوجها، وكذلك في التي لا أحد لها. وروى عنه ابن عبد الحكم في التي لا ولي لها تتفق مع رجل ثم تأتي السلطان فذلك جائز ما لم يخل بها.
وقال في المراة الغريبة تقدم مع الحاج فتريد النكاح فليزوجها السلطان وإن لم يعلم هل لها زوج أم لا ولا يكلفها البينة أنها لا زوج لها. قال أصبغ: وهذا في البعيدة الغربة، وأحب إلي إن كان في رفقتها أحد من بلدها أن يسأل من صلحائهم من غير تكلف شهادة، فإن استراب أمراً منعها.
[4/ 404]

(4/404)


وإذا ولت امرأة أجنبياً على إنكاحها فلا عقوبة عليها إن لم يبن بها وكان نكاحها مشهوراً. قال ابن القاسم فإن بني عوقب هو وهي والمتولي ومن علم من البينة وكذلك في العبد بغير إذن سيده. وإن زوجها غير ولي فللولي أو السلطان فسخ ذلك بطلقة بائنة، دخل بها أو لم يدخل. قال محمد تأويل الحديث فإن استمروا يريد قبل النكاح.
قال محمد: ولكل ولي رد ما عقده غير الولي أو إجارته على الاجتهاد إلا الأب في البكر يزوجها ولي غيره فلا يجوز إجازة الأب ذلك، وكذلك السيد في أمته إلا في مثل الابن المفوض إليه أمر أبيه يزوج ابنته أو أمته فيرضى بما فعل فيجوز، كما زوجت عائشة بنت أخيها في غيبته فرضي. قال مالك: وذلك لمكانها من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد وكلت عائشة رجلا على العقد.
والأخ بمثل الابن في ذلك، وهذا فيمن لا ولاية لها في نفسها مثل البكر في الأب والسيد في الأمة وأما التي لها الولاية في نفسها مع أوليائها فللولي أن يجيز أو يزد. قال مالك:
إلا أن يطول بعد البناء أو تلد الأولاد ويكون صوابا، وقد كان يقف في إجازة الولي فيه بالقرب، ويحب فسخه.
قال مالك في التي أسلمت من النبط والسود المعتقد ذلك فيها أحب إذا زوجها أجنبي أن يجوز إن كان نكاحا طاهراًُ.
وكتب مالك إلى ابن غانم إذا تزوجت امرأة وكلت أجنبيا فزوجها وأولياؤها غيب، فرفع إلى السلطان بقرب ذلك أو ببعد فلا ينظر فيه إلا أن يقدم الولي فيطلب الفسخ فيفسخ ذلك، إلا فيما تطاول وولدت الأولاد، وأما التي لا خطب لها ليس لها الحال ولا من العرب فلا يفسخ وإن قرب.
وكتب إليه أيضاً إذا زوج ذلك إليك وقد ولت من زوجها في كفاية وأولياؤها غيب. فأما الدنية ليس لها الحال ولا من العرب فلا ينظر فيه وإن قرب،
[4/ 405]

(4/405)


وأما إن كانت ممن لها الحال والعشيرة على أوليائها، فما كان قريبا لم يطل فافسخه، وأما ما تفاوت وطال منه فلا ينظر فيه، رفعه ولي أو غير ولي.
قال ابن القاسم ينظر في الشريفة في غيبة الولي إن رفع فيه بقرب، فإن كان الولي بعيد الغيبة نظر له كنظرة إن حضر من رد أو إجازة، ثم يلزمه ذلك. قال محمد: وأكره للزوج بغير إذن ولي أن يطأ حتى يرضى الولي. وقد كره ذلك مالك.
ومن العتبية روى أشهب عن مالك فيما كتب إلى ابن غانم في امرأة لها ولي على مسافة ثلاثة أيام أو أربع مشتغل في صنعته لا يقدم، فإن كانت هكذا ودعت إلى كفء فليزوجها السلطان، وهو أحد ولاتها. وقال في امرأة زوجها غير ولي لإلى ابن عم لها وأشهدت، ووليها قريب الموضع، قال مالك: أدخل بها؟ قال نعم، وتزوجها كفء؟ قال نعم، قال لا يتكلم في هذا. وذكر ما أصاب النساء من الضيعة.
ومن الواضحة قال: والأقرب من الولاة أحق إلا أن الأولياء إذا تباعد واحد مثل ابن عم غير دينه أو الولي، فلا بأس أن يليه من يلي من له منهم السن والصلاح وإن لم يكن أقعدهم: فإن لم يكن لها عصبة ولا موالي فذو الرأي من أهلها أو السلطان. وهذا قول أصحاب مالك وعبد العزيز.
قال وأما الإخوة في درجة أو بنو العم في درجة يختلفون فذلك إلى أفضلهم، فإن استووا فأسنهم، فإن استووا فكلهم يلونه عند المشاحة وإن سبق أحدهم إلى عقده جاز وإن كان دونهم في الفضل والسن، وقاله مالك وأصحابه.
قال وإذا زوجها الأبعد من الأولياء فللأقعد فسخه إلا أن يعلم أو يحضر وقد صمت فيحمل محل الرضا ولا رد له. وإن كان في البلد أو في غيبة قريبة فله
[4/ 406]

(4/406)


رد ذلك ما لم يبن بها فيمضي. فأما لو زوجها غير ولي لفسخ وإن بنى بها وطال، وليس للولي إجازته كذلك. قال ابن الماجشون عن مالك يفسخ بعد البناء بلا طلاق ما لم يطل جداً وقاله أصحاب مالك إلا ابن القاسم فقال للولي أن يجيزه أو يرده.
قال ابن وهب عن مالك في الولي يغيب لا يزوجها السلطان إلا أن تطول غيبة الولي. قال ابن القاسم وإذا رفعت امرأة إلى الإمام أمرها لتنكح عنها، فإن لم يكن لها ولي زوجها برضاها إن ثبت عنده أنها دعت إلى كفء في الحال والمال والقدر وإن عرف أن لها ولياً أحضره وسأله لم منعها ممن ذكرت؟ فإن ذكر صواباً ردها إلى رأيه، وإن لم ير من قوله صواباً ورأى منه عضلاً بيناً أمره بالعقد، فإن أبى زوجها الإمام وهذا كله من قول ابن القاسم حسن. وإذا غاب الأقعد غيبة بعيدة زوجها الأبعد، وكذلك إن كان حاضراً مضاراً.
قال مالك: ومن زوجها وليها ثم طلقت فلا تنكح هذا الزوج إلا بإذن وليها، وإن ولت غيره لم يجز. قال ابن المواز قال مالك: ليس الخال بولي، وإنما الولاة من العصبة قال سحنون بقول ابن القاسم وإذا اختلف الأولياء نظر السلطان، إنما هذا في الوصيين إذا اختلفا.

في الوصي يعقد نكاح من يلي عليه لنفسه أو لولده
من كتاب ابن المواز قال مالك: لا أحب للولي أن يعقد على نفسه نكاح يتيمته بإذنها ولها أولياء، فإن فعل نظر فيه، فإن كان غبطة أمضي. قال مالك وكذلك إن زوجها لابنه بإذنها وكان غبطة، وقد بلغت، فإن لم تبلغ لم يجز. قال مالك وكذلك إن زوجها لابنه بإذنها وكان غبطة، وقد بلغت، فإن لم تبلغ لم يجز. قال مالك وإن زوج يتيما من ابنته وزاد عليه في المهر فليس ذلك له، ولا بأس به إن خطبها.

[4/ 407]

(4/407)


قالت عائشة ــ رضي الله عنها ــ نهى الله سبحانه من في حجره يتيمة له رغبة فيها وفي مالها أن يزوجها إلا أن يقسط لها في الصداق، قال تعالى [وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء] يقول: غيرهن، وقال بعد ذلك [وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء] الآية. قال أشهب: لا يزوج يتيمته من نفسه وإن بلغت ورضيت. وأما الثيب فنعم، يريد الثيب ليست في ولايته. قال محمد فإن فعل في البكر البالغ بإذنها نظر فبل البناء، فإن عدل أقسط في المهر جاز، وهذا ظاهر القرآن، فإن لم يعدل ولا أحسن النظر رد ذلك إلا أن يعم لها ما يشبهها، إلا أن ينزل بها بعد النكاح ضرر في بدن أو مال حتى يصير الفسخ ليس بنظر فيمضي استحسانا.
وقال أشهب عن مالك في وصي على أبن أخيه فزوجه أبنته ورفع في المهر
ثم مات، فأوصى بهما إلى رجل فلا أرى ذلك يجوز. قيل له قد فني حالها، قال إن رأى وصيها أن يحط عشرين من الخمسين ويكتب بذلك كتابا أنه فعل ذلك نظرا لها فهو في سعة، ولا ينفق عليها من مال اليتيم وإن راهق حتى يبلغ الحلم. ومن العتبية روى عيسى عن أبن القاسم فيمن في حجره يتيم زوجه لابنته، فإن كانت لا مال لها ولليتيم مال رغب فيه لم يجز، وإن كان لها مال مثل ماله ويصلح مثلها لمثله جاز ذلك.

في عقد المرأة والعبد النكاح على أنفسهما
أو على غيرهما وعقد النصارى على غيره
وهل يزوج النصرانية من مسلم أو ذمي؟
من كتاب محمد قال مالك: إذا عقد العبد نكاح ابنته الحرة أو غيرها وأجاز ذلك ولاتها أو كان بإذنهم، أو عقدت امرأة نكاح ابنتها أو ابنة غيرها أو

[4/ 408]

(4/408)


نكاح نفسها فلا يجوز ويفسخ قبل البناء أو بعده وإن ولدت الأولاد وطال الزمان، أجازه الأولياء أو كان بإذنهم، كان لها خطب أو لم يكن ويفسخ بطلقة، ولها المسمى إن دخلت وكذلك إن كانت المرأة وصية على التي عقدت عليها أو كان العبد وصياً.
قال مالك إلا أن للمرأة الوصية أن تولي أجنبيا على العقد فيجوز وإن كره الأولياء وكذلك العبد الوصي قال أصبغ ولا ميراث فيما عقدته المرأة أو العبد وإن فسخ بطلاق لضعف الخلاف فيه قال ابن القاسم: وكذلك عقد من فيه بقية رق بكتابة أو معتق بعضه كعقد العبد وأما العبد يعقد على نفسه فذلك جائز، يريد بإذن سيده.
ومن العتبية قال أشهب عن مالك في التي زوجت نفسها: أحب إلي أن يفسخ بطلقة، دخل أو لم يدخل، وكذلك إن زوجتها امرأة أخرى قال عيسى قال ابن القاسم وإن عقدت لأمتها فطلقها الزوج البتة قبل علمه بفساد النكاح، فلا ينكحها إلا بعد زوج.
قال عيسى عن ابن القاسم: وللرجل أن يستخلف نصرانيا أو عبدا أو امرأة يعقد عليه نكاحه، قال وتعقد المرأة على عبدها نكاحه ولا تعقد على أمتها.
قال ابن حبيب: وكذلك المرأة لا بأس أن تعقد على كل ذكر في ولايتها أو يأمرها رجل أن تعقد عليه أو يأمر الرجل بذلك صبيا أو نصرانيا، فذلك إن عقدوه عليه جائز.
ومن العتبية من رواية عيسى قال ابن القاسم: والعبد والمرأة إذا أوصي إلى واحد منهما وكلا من يعقد على البنات، ولهما العقد على من يليان من الذكور.

[4/ 409]

(4/409)


وكذلك النصراني يفوض إليه وإنما يعقد على من يعقد على نفسه يوما، ولا يعقد على من لا يعقد على نفسه يوما ما.
قال ولا يزوج المسلم النصرانية كانت أخته أو أمته أو مولاته. وإذا رفعت النصرانية أمرها إلى الإمام في إنكاحها ردها إلى أهل دينها.
وقال في مسلم يوصي إلى نصراني بتزويج بناته قال لا يجوز إلا أن يرى الإمام لذلك وجها، فإن رأى له وجها فليوكل النصراني مسلما يلي إنكاحها بنات الميت وأما النصراني في ابنته المسلمة فلا يزوجها ولا يستخلف من يزوجها ولا يطلب في ذلك رضاه وأما العبد في ابنته الحرة، فإن كان ذا نفاد وحسن نظر فليحضر ويسمع من رأيه، وليس له في الاستخلاف شيء.
قال عبد المالك بن الحسن وقال ابن وهب: وللمسلم أن يعقد نكاح ابنته النصرانية لمسلم، وإن كان لنصراني فلا يليه أبوها. قال أصبغ عن ابن القاسم ويزوج النصراني وليته النصرانية من مسلم قال فإن أرادته وأبى ذلك وليها النصراني وهي بكر أو ثيب فلترد إلى أهل دينها وحكامهم.
ومن سماع ابن القاسم وإذا كانت ذمية من نساء أهل الجزية فلا يزوجها أخوها المسلم قال ابن القاسم وإن كان الأخ والأخت معتقين فليزوجها، وإنما لا يزوجها إذا كان من أهل الصلح.
ومن كتاب ابن المواز: وللسيد المسلم إنكاح أمته النصرانية من نصراني لأنها ماله، وليس ذلك له في ابنته النصرانية من مسلم ولا نصراني، فإن فعل فسخ نكاح المسلم ولا يعرض للنصراني، وقد ظلم الأب نفسه.
قال مالك في النصرانية لا يزوجها وليها المسلم من مسلم إن كانت حرة ذمية، وإن كان معتقة فذلك له، وكذلك لمولاها إنكاحها من مسلم بأمرها قال

[4/ 410]

(4/410)


أصبغ: والنصرانية يزوجها وليها النصراني من مسلم، فإن لم يكن لها ولي فأساقفتهم وبعض ولاتهم دون وليها المسلم قال أصبغ لا يفسخ، وعقده أولى وأفضل، وكذلك ذكر ابن حبيب عن أصبغ قال ابن المواز وهذا غلط لأنه غير ولي لها وقد خالف مالكا وابن القاسم وأشهب وغفل عن الحجة وأما لو عقده لنصراني لم يعرض لنصراني تزوج نصرانية بغير ولي، وقد ظلم المسلم نفسه.
ومن العتبية قيل لأبن القاسم فيزوج الذمي ابنته البكر وإن كرهت، أو تنكح هي من أحبت؟ قال: يردون إلى أهل دينهم وحكامهم وإن تزوجت بغير إذن الأب ثم أسلما ثبت النكاح.
ومن الواضحة ولا يزوج العبد ابنته الحرة المسلمة ولا يستخلف على ذلك غيره، فإن جهل واستخلف غيره فعقد فسخ ذلك، وإن فات بالبناء مضى ولم يفسخ.

فيمن يكره على النكاح ممن فيه بقية رق
ومن لا يكره، وذكر من ينزع منه ماله
من كتاب محمد قال مالك في العبد نصفه حر فلا يزوجه سيده إلا برضاها، ولا يتزوج هو إلا برضا سيده. وإن تبين أن السيد مضار به ويمنعه النكاح وهو محتاج إليه فلا يقضي عليه، والعبد والمكاتب يحتاجان إلى النكاح مثله.
قال في كتاب الخيار قال مالك في الأمة بعضها حر لا تجبر على النكاح ولا تزوج إلا برضاها قال في العتبية من سماع ابن القاسم: ولا تتزوج هي إلا برضاها، لا يتم إلا برضاهما.
ومن كتاب محمد قال: ولا يمنع عبده من ارتجاع زوجته من طلاق فيه رجعة واختلف قول مالك في المعتقة إلى خمس سنين: فقال يزوجها بغير رضاها،

[4/ 411]

(4/411)


وقال لا يزوجها إلا برضاها وكذلك إلى سنة أو إلى شهر وقال أشهب له أن يكرهها كما له أن ينزع مالها ويسافر بها بخلاف المعتق بعضه وكذلك روى ابن القاسم عن مالك.
قال محمد: من له انتزاع ما لها فله أن يكرهها على النكاح، ما لم يكن من السيد طلبا للضرر بها.
ومن العتبية روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم أن له أن يكرهها ما لم يقرب الأجل كانتزاع ما لها وروى ذلك أصبغ عن ابن القاسم كقول مالك في المال ما لم يقرب الأجل وكذلك في النكاح وإذا مرض السيد قبل عتقها بالسنة فلا ينتزع ما لها لأنه ينتزعه لغيره وهو الوارث انتزاعه بعد موته قال أصبغ ولا لهم إنكاحها كما ليس للسيد يمرض إنكاحها ولا أخذ ما لها، فليس لهم ذلك بعده.
وروى يحيى بن يحيى في الموصى بعتقها إلى أجل وهي تخدم الورثة فليس لهم إكراهها على النكاح ولكن برضاها، ولا لهم انتزاع ما لها، قرب الأجل أو بعده، وقاله سحنون، ولأنها قومت في الثلث قال ابن القاسم قال مالك فيمن أخدم أمته رجلا ومرجعها إلى حرية بعد الأجل فلا يزوجها إلا برضاها، يريد ورضا المخدم، ولا ذلك للمخدم أيضا.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك فيمن له جارية فارهة أراد أن يزوجها عبدا له قيما له في ضيعته وأموره وتقاضيه، فما لم يتبين أنه ضرر فذلك له قلت: قد يكون وغد المنظرة، قال رب وغد المنظرة له المخبرة في الحال فينظر فيه فيمنع ما يرى أنه ضرر ويجوز ما لا ضرر فيه، وكذلك في العتبية من سماع ابن القاسم
[4/ 412]

(4/412)


قال مالك وكذلك لا يضر بعبده فينكحه ما لا خير فيه. قال محمد: وله أن ينكح أم ولده ومكاتبه ومدبره وقال في كتاب المكاتب: لا يزوج مكاتبته إلا برضاها. قال مالك في المختصر لا يزوج أم ولده إلا برضاها، وكذلك في العتبية من سماع ابن القاسم.
قال عيسى عن ابن القاسم فيمن زوج أمة أم ولده لعبده ثم مات السيد فليس ذلك بانتزاع للأمة، وهي لأم الولد، والنكاح ثابت. كما لو زوج امة عبده ثم أعتقه فليس بانتزاع، وهي للعبد، والنكاح ثابت.
ومن الواضحة: وله أن يكره أم ولده على النكاح كأمته، واختلف فيه قول مالك، ولا يزوجها من العبد من لا يشبهها في حالها، وثبت مالك على أنه لا يزوجها إلا بإذنها، وأنه يكره له إنكاحها أصلا إلا أن يخاف عليها. وبهذا أخذ جميع أصحابه.
وفي باب نكاح العبد بغير إذن سيده شيء من ذكر إكراهه على النكاح والطلاق.

في نكاح العبد أو الأمة بغير إذن السيد
والحرة بغير إذن وليها
وكيف إن أجازوه؟ وذكر مهر العبد
وهل يكره على النكاح أو الطلاق؟
من كتاب محمد وقال في العبد ينكح بغير إذن سيده، فإن أجازه السيد جاز، بعد ذلك أو قرب. وأما الأمة فلا يجوز وإن أجازه وإن عقده رجل حر لم يختلف في هذا مالك وأصحابه، وذلك أن العبد لو أذن له يعقد على نفسه، ولو أذن للأمة لم يجز أن تعقد لقول الله تعالى {فانكحوهن بإذن أهلهن} وللأمة ما

[4/ 413]

(4/413)


سمي لها إن بنى بها إذ قال ابن القاسم: ولو لم يعلم أنها أمة لرجع عليها بالزائد على صداق المثل، إن وجد ذلك بعينه. قال أصبغ: وما تلف لم يتبع به.
قال ابن القاسم: وإن أصدقها أقل من صداق مثلها رجع السيد تمامه على الزوج. وقال أشهب: لا يرجع بشيء، كما لا يرجع إن أمكنته فزنى بها. وابن القاسم يرى للسيد في الزنا ما نقصها وإن أمكنته.
وفي باب نكاح المريض حجة في نكاح العبد بغير إذن سيده والفرق بينه وبين المريض وغيره.
ومن أذن لعبده في النكاح فنكح حرة ولم يخبرها فأجازه، السيد، فلها أن تفسخه ولها المسمى إن تقاولا قول السيد لأنه أجازه، وإن لم يبن فلا شيء لها.
وإن أبى السيد أن يحيز نكاح عبده بغير إذنه ثم أجاز، فأما في المجلس وما خرج كالجواب والمراجعة فله أن يجيز، وإذا عزم وبين ذلك وثبت عليه فقد تم الفراق. وكذلك إن قال لا أجيز، ثم بعد أن كلم أجاز. محمد: ولو قال والله لا أجيز اليوم أو حتى أنظر وقد تبين له انه لم يعزم، وكذلك إن لم يرد بقوله لا أجيز أني فسخت فله أن يجيز، إلا أن يفترقوا على قوله لا أجيز فيكون فراقا، ما لم يبين فيه فيقول اليوم أو حتى أنظر فذلك له وإن افترقوا، ما لم يتركه بعد علمه على ما يرى أنه منه رضى. قال ابن القاسم يصدق السيد على أنه لم يرد عدم الفراق في المجلس ما لم يتهم. وإن شك السيد على أي وجه خرج ذلك منه فهو فراق واقع.
قال مالك: وأما البيع فبخلاف ذلك، إذا قال فيما بيع عليه قد رضيت فقد تم للمشتري وأما المرأة، يريد الحرة، تزوج بغير إذنها ثم تعلم فتجيز فلا يجوز بحال إن بعدت، فأما إن قربت فيجوز. فإن أنكرت ثم أجازت لم يجز، بخلاف السيد في عبده والولي في وليته تتزوج بغير إذنه. هذا قول ابن القاسم عن مالك. وروى عنه ابن وهب تزوج بغير إذنها مثل ذلك، والأول أحب إلينا.
[4/ 414]

(4/414)


ومن العتبية روى عيسى وأبو زيد عن ابن القاسم في العبد يتزوج بغير إذن سيده فرآه يدخل عليها. فإن قامت بينة أنه علم بنكاحه فأقره جاز النكاح والصداق على العبد.
ومن الواضحة: ومن أذن لعبده فالمهر في ذمة العبد، فإن تزوج بأكثر مما ينكح به مثله رد إلا أن يجيزه السيد.
قال ابن الماجشون لا يجوز أن يزوج عبده على أن الطلاق بيد سيده، ويفسخ، فإن بنى بها مضى وبطل الشرط.
وإذا نكح العبد بين الرجلين بإذن أحدهما فللآخر رده وينتزع جميع الصداق منها يبقى بيد العبد، إلا أن يجتمعا على قسمه، ولا يترك لها منه ثلاثة دراهم، ولا حجة لها إذا علمت أن الآذن فيه شريك. وإن اقتسما الصداق أو ماله فلها أن تأخذ من الآذن حصته من الصداق، ولو غرها الآذن ولم يعلمها رجعت عليه بجميع ما ينزع منها من صداقها، وإن استهلكته اتبعها الذي لم يأذن بجميعه، واتبعت هي الآذن بمثله، ولها اتباع ذمة العبد بما أخذ منها إلا أن يسقطه عنه الذي لم يأذن فيسقط عنه جميعه، لأن الذمة لا تنقسم.
وفي أبواب الغارة والمغرورة شيء من معاني هذا الباب ومن نكاح الأمة بغير إذن أحد السيدين، وفي الجزء الثاني باب في نكاح العبد وتسوره.
ومن الواضحة: ومن أذن لعبده في النكاح فالمهر في ذمة العبد، فإن تزوج بأكثر مما ينكح به مثله رد إلا أن يجيزه السيد، قال ابن الماجشون لا يجوز.
ومن كتاب محمد ولا يزوج الرجل عبده أمته إلا بصداق وإلا فسخ إن نزل بطلاق. وللرجل إكراه عبده وأمته على النكاح إلا ما قصد فيه الضرر، ولا يكرهه على الفراق. وإن وهب له زوجته فكره ذلك أصبغ وأجازه إن نزل. وقال ابن عبد الحكم: إن قصد إلى الفرقة لم يجز، وقال ابن الماجشون إن كان مثله يملك مثلها فذلك له ويفسخ النكاح. محمد: وإن لم يملك مثلها فالهبة باطلة.

[4/ 415]

(4/415)


ومن زوج أمته بمائة دينار ثم قتلها السيد قبل البناء فله أخذ المائة ويضرب مائة ويسجن سنة.
في نكاح الصغير والسفيه ونكاح المرتد
وفي نكاح السفيه وليته، وحكم الصداق في ذلك

من كتاب ابن المواز قال مالك في يتيم زوجه أخوه أو وصيه، قال إن كان صغيراً فليس في هذا نظر له ولا يعجبني. قال ابن القاسم: وإذا بلغ الصبي الوطء وهي في ولاية فتزوج بغير إذن وليه، كشرائه. فإن أجازه جاز، وإن رد نكاحه لم يترك لها شيء وإن وطىء، إلا أن يكون قد بلغ الحلم فيترك لها ربع دينار. وقال محمد: وهو إذا اشترى فأتلفه أو أكله لنزع جميع الثمن من البائع ولم يتبع الصبي بشيء. قال: ومن عقد لغيره في نكاح، يريد من الإناث، فإنه يفسخ، ويمضي عقده لنفسه إن أجازه وليه، وهو كالعبد في ذلك.
ومن الواضحة قال والصغير والسفيه الكبير لا يجوز نكاحهما وهما متفقان في أمورهما إلا في الطلاق، فلا طلاق للصغير، وطلاق السفيه الكبير يلزمه، وهو كالصغير في إنكاح الأب إياه يجوز عليه، وكذلك وصي أبيه والسلطان وخليفة السلطان يجوز إنكاحهم إياه وإن كره بما سموا من الصداق في ماله وذمته، وإن بلغ الرشد فلا رد له.
وقال ابن الماجشون في السفيه الكبير لا يزوجه من يلي عليه إلا برضاه، وقال ابن حبيب وإذا تزوج السفيه بغير إذن من ذكرنا فإليهم إجارته أو رده، فإن ردوه بعد البناء ردوا جميع ما أصدقها إلا قدر ما يستحل به مثلها. ولم يجده مالك. وقال مالك في موضع آخر من كتاب ابن حبيب وفي كتاب ابن المواز يريد إلا ربع دينار قاله ابن حبيب.
قال ابن القاسم: يجتهد السلطان فيترك للدنية ربع دينار، ولذات القدر أكثر من ذلك بما يراه. وقال ابن الماجشون لا يترك لها شيء إن كان لها قدر قال ابن حبيب وهذا القياس، وقول مالك استحسان، وبه أقول.

[4/ 416]

(4/416)


ومن كتاب ابن المواز قال أشهب عن مالك: إذا تزوج السفيه بغير إذن وليه فإن أجاز مضى، وإلا فسخ وكانت طلقة قال ابن القاسم: وهو في كتاب ابن حبيب، فإن لم يعلم وليه حتى مات أحدهما، فإن مات هو فلا ميراث لها منه. قال ابن حبيب ولا صداق، وإن ماتت هي فالنظر لوليه قائم، إما أن يجيزه فيأخذ الميراث ويؤخذ الصداق، أو يرد النكاح ويدع الميراث. قال ابن حبيب وقاله مطرف وابن الماجشون. وقال لي مطرف وقال عبد العزيز وابن أبي حازم إذا مات هو بعد أن علم الولي، فإن مات بحدثان ذلك حلف الولي ما رضي ذلك ولا أجازه ثم لا ميراث، وإن كال ذلك بعد علمه فلا كلام للولي. وذكر أصبغ عن ابن القاسم أنهما يتوارثان ويمضي الصداق فيه، لأن فيه قد فات بالموت. وذكر ابن المواز عنه خلاف هذا.
قال ابن المواز قال أصبغ: وإن مات هو لم ترثه وردت عليه ما أعطاها إلا ربع دينار إذا أصابها وذلك في حياته إن فسخه. قال أصبغ هذا في الدنية. وقال ابن القاسم ويجتهد في الزيادة لذات القدر، قال أصبغ بما يرى مما لا يبلغ صداق مثلها ولا مذهب صداق، وقاله ابن القاسم فيما يفسخ من النكاحات بعد التلذذ من غير افتضاض، وقاله مالك، وأنكر سحنون هذه الرواية.
قال ابن المواز: ورواية ابن وهب عن مالك في السفيه لا يترك لها إلا ربع دينار. قال محمد وقال أصبغ أيضاً في موت السفيه إنها ترثه الولي، فإن كان مما يجيزه نظراً فلها الصداق مع الميراث، وإن كان مما لم يكن يجيزه نظراً فلها الميراث ولا صداق لها إن لم يبن بها، وإن بنى بها فلها ربع دينار. وإن ماتت هي نظر، فإن كان فيه غبطة جرى فيه الميراث والصداق، وإن لم ير غبطة فلا ميراث فيه ولا صداق.
قال مالك في المولى عليه يشكو الغربة ويطلب النكاح، قال منهم من لا يخاف أن يمسكها فيتربص به. قال ابن القاسم ينظر له وليه على الاجتهاد. قال أصبغ: فإن عطله بغير وجه يعذر به زوج عليه.

[4/ 417]

(4/417)


قال: ويلزم طلاق السفيه، ولا يجوز عتقه كان محجوراً عليه أو غير محجور. وكذلك لا يجوز جميع صنيعه في المال، إلا أن عتقه أم ولده يجوز. قال ابن حبيب: كان في ذلك كله محجوراً عليه أو غير محجور.
من كتاب محمد قال ابن القاسم: وإذا تزوج المدبر ودخل لم يكن لها شيء من الصداق. قال أصبغ: وهذا إذا تزوج بعد الحجر والتوقيف، وذلك كبيعه وشرائه.
قال ويزوج السفيه ولا يكون له ذلك إلا بإذن وليه إلا في السفيه الضعيف فلا ينظر إلى سخطه ورضائه، وهو كالميت. قال ابن وهب في السفيه إن وليه أولى بإنكاح بناته وإمائه، ولا أمر له فيهن، ويستحب حضوره ولا تضر غيبته فلو عقد ذلك السفيه فلوليه إجازته أو رده، فإن كان عليه ولي فإنكاحه إياهن ماض إن كان ما فعل صوابا. وكذلك الأخ السفيه في أخيه، قال أصبغ هذا كله صحيح، قال محمد إلا قوله إن لم يكن له ولي أنه جائز. وذلك سؤاله ولي أم ولد لا ينظر فيما فعل كنظر الولي، فيجاز ذلك أو يرد بالاجتهاد. وإن كانت اليتيمة سفيهة فلا يزوجها الوصي حتى ترضى.
قال أصبغ في العتبية قيل لأشهب: السفيه يزوج أخته؟ قال نعم، حسبته قال إن كان ذا رأي ولا مولى عليه فذلك جائز وإن كان سفيها.
ومن كتاب محمد: ومن زوج البكر بصداق كبير فدست هي إلى الزوج ما أعانته به فلها أن ترجع بعد البناء محمد: ولو عقدت هي معه على ذلك لم ينفعه، وكذلك إن حطته عنه، قاله مالك.

[4/ 418]

(4/418)


في نكاح الصغير والشروط فيه فيما عقد على نفسه
أو عقد وليه، وفي عقد أبيه عليه
وذكر الصداق وحمله أو ضمانه
عن ولده أو عن أجنبي ونفقة الصغير

من كتاب ابن المواز قال ابن القاسم: وإذا تزوج الصغير واشترط عليه شروط بتمليك وعتق وطلاق فأجاز له ذلك وليه، أو زوجه وليه على ذلك، فلا يلزمه منها شيء إلا أن يلزمها نفسه بعد البلوغ. وإذا بلغ قبل البناء وعلم بالشروط ودخل عليها لزمته، وإن بنى ولم يعلم بما شرط عليه لم تلزمه. قال أصبغ عن ابن القاسم: وإن لم يرض قبل البناء بالشروط قيل: إما أن ترضى أو تطلق، فإن طلق فعليه نصف المهر. قال أصبغ إذا اختار الفسخ فلا شيء عليه ولا على أبيه إذا لم يدخل. ولو كان يوم زوجه لا مال له. قال محمد: وهذا أحب إلينا إلا أن تسقط المرأة الشرط فيلزمه النكاح، كرسول الرجل يزوجه بشرط، فإن بنى بعد العلم لزمه، وإذ لم يبن ولم يرض، فإن رضيت بغير شرط وإلا فسخ ولا شيء عليه، قال أصبغ ولا على الرسول إن كان زعم أنه بذلك أمره.
قال ابن حبيب: وإذا أسقطت المرأة الشروط ثم فارق هو لزمه نصف الصداق، وإن لم يدعها وأبى هو وفارق فلا صداق عليه. وذكره عن ابن القاسم وابن الماجشون وأصبغ.
وروى أبو زيد في العتبية عن ابن وهب فيمن زوج ابنه الصغير بشروط من عتق وطلاق فذلك يلزمه إن كبر، بنى أو لم يبن. وقال ابن القاسم لا يلزمه إلا أن يدخل بها بعد علمه بالشروط، ومن الشروط إن نكح عليها أو تسرر فهي طالق البتة. ولو قال الصبي شرط علي هذا وأنا صغير، وقال أولياء المرأة بل وأنت كبير، فعلى الزوج البينة، وإلا حلف أولياء المرأة ولزمه.

[4/ 419]

(4/419)


ومن كتاب محمد قال مالك: ومن زوج ابنه الصغير ولا مال للصبي فالصداق على الأب في حياته في رأس ماله وبعد وفاته، وميراث الابن له كامل، ولا يرجع عليه فيه بشيء. وإن كان للابن مال يوم العقد فذلك على الابن إلا أن يشترطه الأب على نفسه فيلزمه عاجله وآجله في ملاء الابن وعدمه، ولا يرجع به على الابن، قاله مالك. قال محمد إلا أن يكون بمعنى الحمالة وللصبي يومئذ مال، يرجع به على الابن الأب أو ورثته، فإن كان لا مال للصبي يوم العقد فذلك على الأب بكل حال.
قال ابن القاسم: ولو كتبه على الابن لم يكن على الأب منه شيء. قال أصبغ إذا كتبه على الابن برضى الزوجين له أن يكون هكذا على الابن محدداً. فهو على الابن، كما لو اشترى سلعة باسمه وكتب الثمن عليه، وإنما يلزم الأب إذا زوجه مبهماً لم يسمه على أحد والابن عديم يومئذ.
قال محمد قول ابن القاسم أحب إلي أنه على الأب وإن كتبه على الابن حتى يوضح ذلك بأن يقول ولست منه في شيء لكنه لكم على ابني، فهذا إن علم به الابن قبل البناء وقد بلغ فهو مخير أن يلزمه نفسه وإلا لم يلزمه. وإن بنى بها قبل يعلم بذلك سقط عنه منه ما جاوز صداق المثل وثبت النكاح.
قال محمد إذا كان الابن وقت العقد له مال فكتبه باسم الابن وقال الأب ضمان الابن لكم علي فهذه حمالة وإن قال الأب بعد العقد ذلك ولكم عليها احتمال احتملته عنه فليأخذوا من شاءوا منهما.
وإن كتبه باسم الأب فهو في ماله لا يرجع به على الابن وإن كبر، أراه قال إلا أن يشترط أنه حمالة، وإلا فهو على الأب لا يتبع الابن بشيء منه وإن أعدم الأب، إلا أن يعدم قبل البناء فيقال له إن شئت البناء فادفع الصداق عن الأب، ولو طلق قبل البناء لم يتبع الابن بشيء، واتبع الأب بنصفه في حياته ومماته، ولو كان دفع رجع إليه النصف أو إلى ورثته.

[4/ 420]

(4/420)


ولو كان ذلك بحمالة ببينة من الأب فأخذ من مال الأب بعد موته، رجع الورثة به على الابن في ميراثه وغيره. وكذلك لو كتبه على الابن ولا مال للابن وتحمل به عنه فذلك على الأب، فإن كبر الابن قبل أن يدفع وقد بنى فلا شيء عليه عند ابن القاسم، والأب عنده المتبع به، وإن لم يدخل فلا دخول له حتى يدفعه ويلزمه نفسه، ويكون كالشرط عند ابن القاسم يشترط عليه فيعلم قبل البناء فيدخل عليه فيلزمه. وإن دخل ولم يعلم لم يلزمه. وإن قال قبل البناء لا أرضى فرق بينهما وليس لها من المهر شيء، إلا أن يرضوا أن يدخلوا بغير شرط ولا يتبعوا بمهرهم إلا الأب فيكون ذلك لهم.
قال: فإن طلق قبل يعلم الشرط بالمهر المؤخر لم يكن له إلا الأقل مما جعل لها مهراً ولو دفع إليها فلا شيء لها منه، وإن طلق في موضع له فيه الخيار، وإن طلق بعد أن رضي أهلها بإسقاط الشروط لزمه نصف المهر.
قال محمد ليس المهر المؤخر كالشروط، والمهر المؤخر لازم كالمعجل وكما لو كان مؤخرا كله إذا كان له قدر ذلك. وإن طلق بعد أن كبر وإن كان قبل يعلم بالشروط لزمه نصف المهر.
قال أشهب قال مالك: من زوج ابنه الصغير وضمن عنه مهره فهو على الأب ولا يرجع على الابن إن أيسر إلا أن يكون للابن مال يوم العقد. فإن كان للابن يومئذ مال فكتبه الأب على نفسه وهو عديم فهو على الأب يتبع به إن دخل الابن، ولا يرجع على الابن وإن أعدم أو مات عديماً، ولا يحال بين الابن وبين امرأته إن بنى بها، وتكون المصيبة بالزوجة. وإن لم يدخل والأب عديم أو مات عديماً لم يكن للابن البناء حتى يؤدي. محمد: ما حل من الصداق، ويتبع الأب بما لم يحل. وإن شاء فارق ولم يتبع بشيء، ويتبع الأب بنصف المعجل والمؤجل.
ومن العتبية روى أشهب عن مالك قال: وإذا أنكح الأولياء الزوجين صغيرين، ثم بلغ الزوج فأنكر، قال لا أدري إلا أن يكون الميراث بينهما.

[4/ 421]

(4/421)


ومن سماع عيسى عن ابن القاسم قال: من زوج ابنته الصغيرة لصغير عقد عليه أبوه، فبعد العقد سكتا سنين ثم قال أبو الصبية من هلك منهما لم يتبع بعضهما بعضاً بشيء، فرضيا بذلك، فالنكاح ثابت ولا يضره ما شرط بعد العقد، والصداق ثابت، فإن تحمل به الأب لزمه، وإلا فهو في مال الابن، فإن لم يكن له مال يوم زوجه فهو على الأب. ولو عقد له على هذا الشرط لفسخ قبل البناء، وإن بنى، يريد بعد البلوغ، فلها صداق المثل، وإن مات أحدهما في الصغر توارثا وكذلك لو شرط أن لا ميراث بينهما ولا نفقة لها، قال عيسى يفسخ ولو بنى.
ومن زوج ابنه الصغير ولا مال له وكتب عليه الصداق فبلغ قبل البناء، فإما رضي بذلك أو فارق ولا شيء عليه، وإن بنى قبل يبلغ ويجوز أمره فالصداق على الأب، وإن بنى بعد البلوغ فالصداق على الأب والشرط باطل.
وروى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم فيمن تحمل عن ابنه بالصداق فدعت الزوجة إلى البناء وقبض الصداق، فإن كان مالاً فهو على الأب دونه في حياته ومماته، فإن طلق قبل البناء وهو بالغ فنصفه على الأب أو في تركته إن مات، وليس للابن عليه شيء في النصف الباقي. ولو مات الأب كان الصداق في رأس ماله، وإن كان حمالة ودعت إلى البناء ولم يكن منه أو منها صغر يمنع من ذلك فذلك على الابن، فإن كبر عديماً فعلى الأب ثم يرجع به على الابن، وكذلك إن غرم نصفه في الطلاق.
ومن سماع عيسى قال ابن القاسم: ومن حمل صداق ابنه أو صداق ابنته في صحته، فذلك كالدين يؤخذ من تركته ويحاص به في فلسه وموته، ولا يحاسبان به في الميراث، وإن كان ذلك منه في مرضه فهو باطل لا يلزم الورثة. وإن شاء الابن ودى ودخل أو فارق ولا شيء عليه وإن كره لما بلغ. وكذلك زوج الأمة إن ودى دخل وإلا فارق ولا شيء عليه.

[4/ 422]

(4/422)


قال سحنون عن ابن القاسم فيمن زوج ابنه وضمن عنه الصداق، يريد حمل عنه الصداق، فأعدم الأب، فإن ودى الابن الصداق وإلا طلقت عليه واتبعت الأب بنصفه، وإن وداه ودخل رجع به على الأب إن أيسر.
ومن الواضحة ومن حمل الصداق عن ولد صغير أو كبير أو أجنبي أو لابنته عن زوجها فذلك عليه دون الزوج في حياته ومماته، فإن أعدم قبل البناء لم يكن للزوج دخول حتى يؤدي، فإن ودى رجع به على الحامل في حياته وبعد مماته كالدين لا العطية، وإن حمله بعد العقد وترتب الصداق على الزوج فهي عطية وهي عليه في حياته ولا يتبع بها إذا مات وإذا طلقت قبل البناء وقد ودى الحامل رجع الحامل على المرأة بنصفه فكان له، حمل ذلك في العقد أو بعده. ولو لم يوده رجعت هي عليه بالنصف ولم يرجع على الزوج، يريد ابن حبيب في هذا: والحمل في العقد. وإن ألفي النكاح فاسداً رجع الحامل بما ودى فكان له. ولو تباريا قبل البناء على المتاركة والنكاح صحيح لرجع الحامل بما ودى، وسقط عنه إن لم يوده، وقاله ابن القاسم.
وقال ابن الماجشون: يرجع إلى الزوج النصف الذي وجب لها بالطلاق، وبه أقول. كما لو باراها بعد البناء على رد الجميع الذي وجب لها بالبناء كان ذلك للزوج، فكذلك ما وجب لها بالطلاق قبل البناء.
ومن زوج ابنه الصغير أو الكبير أو غير ابنه وكتب في الكتاب أنه ضمن الصداق، ثم قال الأب إنما أردت الحمالة أو قاله ورثته، وقالت المرأة والابن أو الأجنبي بل أردت الحمل، فإن لم تذكر البينة تفسير ذلك فهو على الحمل، قال ابن الماجشون: حتى تنص الحمالة نصاً.
قال ابن الماجشون: ومن حمل على ابنه الصداق والنفقة، فأما الصغير لا مال له فالنفقة على الأب، وأما الكبير البائن فهي حمالة من الحملات.
ومن كتاب ابن المواز قال أصبغ عن أشهب فيمن قال لرجل زوج ابنتك بخمسين دينار وهي لك علي ففعل، ثم مات ولم يدفع ولم يدخل الزوج، فذلك في

[4/ 423]

(4/423)


تركته، ولا يرجع بها على الزوج إن كانت صلة، وإن كانت ضمانا رجع عليه.
قال ابن القاسم: من تحمل عن ابنه أو عن أجنبي بالصداق وغاب الزوج قبل البناء وقيم بالصداق كله، فإن قربت غيبته بدى به وبعث إليه، فإن جاء وإلا ودى الأب، وإن بعدت غيبته أو لا يعلم موضعه غرم الحميل الجميع ولا يضرب له أجل، فإن جاء الزوج وطلق رجع الضامن بنصفه، وهذا فيمن لا يعرف موضعه كالمفقود الذي يجعل لزوجته الصداق وإن لم يدخل. قال أصبغ: صواب ذلك كله.
قال مالك: ومن تزوج ابنه على أن الصداق قبل الأب فلم يدفعه حتى مات أو فلس، فإن دخل الزوج اتبع به الأب ولا شيء على الابن وإن كان ملياً، ولا يحال بينه وبينها. محمد: وإن لم يدخل خير ولا يؤخر بين أن يأتي بالمهر ويدخل أو يفارق ولا يلزمه شيء، وتكون طلقة، وتتبع هي الأب بنصف المهر. قال أصبغ وإن دفع الابن المهر رجع به على الأب وحاص غراماءه به، وقاله أشهب. قال مالك وكمن نكح بمصر فدخل بها ولم ينقد ثم أعسر، فليس لها أن تمتنع منه ولا من الانتقال معه لينقدها، ولكن تتبعه إلا أن يكون دخوله بمعنى الزيارة فذلك لها.
قال: ومن قال لرجل تزوج بمائة وأحلهم علي ففعل، ومات القائل قبل الدفع وقبل أن يحال عليه، فهي عطية لم تقبض. محمد إلا أن يكون أشهد على نفسه قبل النكاح أنه ألزم نفسه إن تزوج فله كذا وكذا من صداقه ففعل فقد لزمه في صحته.

[4/ 424]

(4/424)


فيمن زوج ابنه أو ابنته في مرضه
وضمن المهر أو لم يضمن أو دفعه إليها
أو أقر بقبض مهر أمته في مرضه
أو ضمنه لها في مرضه أو صحته

ومن كتاب ابن المواز قال مالك: ومن زوج أبنه الصغير والأب مريض وضمن صداقه جاز النكاح وبطل الضمان، يريد وقد مات الأب. محمد: كان للابن مال أو لم يكن له مال، ولا يصل الابن إليها إلا بدفع المهر. وإن قالت المرأة اتبع به زوجي نظر له وصيه إن لم تكن توليه، فإن كان غبطة جاز وإلا فسخه ولا شيء لها. محمد وكذلك الكبير ينظر لنفسه في إمضاء ذلك أو فسخ.
قال مالك: وكذلك لو تحمل للكبير في المرض ما نكح به لا ينتزع ذلك الورثة، وكان ما ذكرناه.
قال مالك: وإن بلغ الصغير في مرض الأب فدخل ثم مات الأب ردت المرأة ما أخذ وتتبع به الزوج. محمد ولا يحال بينه وبينها إلا أن تكون لم يبق بيدها منه ربع دينار فيمنع منها الزوج حتى يؤدي ربع دينار.
وكذلك من سرق سرقة فنكح بها أو استعار خادما فنكح بها فأخذ ذلك من المرأة بعد البناء فلها منع نفسها حتى تأخذ مهرها.
ومن زوج ابنته في مرضه من ابن أخيه وأصدقها عنه فالنكاح ثابت غير مختلف فيه، واختلف في المهر، فقال ابن القاسم وأشهب هو عطية لابنته ولا يكون في ماله، وقال أصبغ.
قال في العتبية ويقال الابن الأخ إن وديت الصداق من مالك تم النكاح فإن أبى فليدع النكاح ولا شيء عليه. قال ابن المواز وقال مالك وابن وهب وعبد

[4/ 425]

(4/425)


الملك هو عطية للزوج نافذة من ثلثه إلا أن يكون أكثر من صداق مثلها فترد الزيادة، وبهذا أخذ ابن المواز وابن حبيب، وروى مثله أبو زيد في العتبية عن ابن القاسم.
فإن طلقها قبل البناء وقبل موت الأب فلها نصف المهر من ثلثه، ولا شيء للزوج في النصف الباقي، لأنها عطية فيما لزمه في نكاحه مما لم يجب عليه، فهو عطية لم تقبض، وما وجب عليه فكالمقبوض.
قال ابن الماجشون وقال ابن دينار وغيره من أصحابنا إن طلقها قبل البناء فلا شيء لها من تركة الأب، لأنه اعطاها على أنه إن هي دخلت تمت لها، وإن طلقت أخذت بمعنى الوصية للوارث، وخالف ذلك عبد الملك وأخذ بقول مالك.
ومن العتبية قال ابن وهب: فإن أبى ابن الأخ فلا شيء له من مال الميت، قيل له: فهذا يدل على أنها وصية للإبنة لا للزوج، قال إنما هي وصية للزوج على شيء فعله تم إلا لم يتم له.
قال أبو زيد عن ابن القاسم فيمن قال قد أصدقت امرأة ابني عن ابني مائة دينار وهو مريض فلا يجوز. ولو قال في مرضه قد زوجت ابنتي فلانا وأصدقتها عنه مائة دينار فذلك جائز من ثلثه إن كان أجنبيا، وهذا خلاف ما روى عنه محمد.
ومن كتاب ابن المواز قال أشهب فيمن أقر في مرضه أنه قبض صداق ابنته ولم يدخل بها زوجها ثم مات الأب، فإن ترك مالا أخذ من ماله. قال محمد: قد ترك قوله الأول أنها عطية للأبنة فكذلك هذه. قال أشهب في العتبية وإن لم يكن له مال لم يكن للزوج إليها سبيل حتى يؤدي الصداق ويتبع به الميت.
ومن ضمن لأبنته في صحته صداقها في العقدة اتبعته به في حياته وبعد مماته، ولا يرجع به الأب على الزوج لأنه كالصلة ولو ضمنه بعد العقد إن مات الأب قبل يدفع فهو باطل.
[4/ 426]

(4/426)


فيمن زوج وليته الغائبة أو الحاضرة
بأمرها أو بغير أمرها ثم رضيت
أو كان بإذنها فأقرت بالإذن أو أنكرت
وفيمن زوج [بياض]

من كتاب ابن المواز قال مالك فيمن زوج اخته وهو بالبلد معه، فقالت لم آمره، ثم أقرت أنها أمرته فلا يجوز ذلك. قال مالك في العتبية إلا بنكاح جديد. وإذا افتات عليها الولي فزوجها أو الأب في ابنه الكبير لك يجز، وإن أجازه بعد ذلك، وإنما يجوز بالإجازة ما افتيت على الأولياء وعلى السيد في عبده، فأما ما أفتيت على المرأة أو على الرجل في نفسه، فما قرب من ذلك فلا يفسخ حتى تعلم المرأة أو الزوج فإما رضيا أو ردا فيفسخ.
وإذا قال الخاطب أمرني الرجل وقال الولي أمرتني المرأة فليس للحاضر يعجل فسخه بأن يقول لا أريد نكاحا على فيه خيار، ولينتظر الغائب منهما، فإن قدم وأقر بالوكالة ثم ذلك، وإن أنكر حلف ما أمره وسقط عنه النكاح. وذكر ابن حبيب أنه إن لم يحلف لم يلزمه النكاح بنكوله، وذكر عن غير واحد من أصحاب مالك أنه لا يميز في ذلك.
ومن كتاب محمد قال: ولو ثبت أنه افتيت على الغائب فزوجه بغير أمره لعجل فسخه ولم ينتظر، ثم لو تأخر ذلك حتى قدم ثم أجاز لم يجز ذلك، وإن لم يثبت ذلك وأقر الرسول أنه فعل ذلك بغير أمره لم يقبل قوله بعد النكاح حتى يثبت بما لا شك فيه، أو بقدوم الغائب فيخلف. وكذلك في العتبية من سماع ابن القاسم، وقال لا يقبل إقرار الخاطب بالتعدي حتى يقدم الغائب فيقر أو يجحد، ولو رفعه إلى الإمام كان أحب إلي.
قال عيسى وأصبغ: لا خيار له حتى يقدم الغائب، فإن أنا أمرته تم النكاح، وإن قال لم آمره فسخ ذلك، وإن قال لم آمره ولكني أرضى به الأن ورضي الأب أيضاً فلا يجوز ذلك، لأنهما يجيزان نكاحا فاسدا.

[4/ 427]

(4/427)


ومن كتاب محمد قال أشهب عن مالك في امرأته زوجها أخوها ثم مات الزوج قبل البناء، فقال ورثته لم تكن رضيت، قال تسأل هي الآن، فإن قالت كنت رضيت فذلك لها.
ومن العتبية من سماع ابن القاسم فيمن يزوج أخته أو ابنته الثيب وهي بالبلد معه مقيمة، ثم تخبر فترضى، قال خففه مالك وأجازه. وإذا كانت نائية عنه في البلد فلما علمت رضيت لم يجز هذا النكاح. وقيل لسحنون ما معنى قوله معه في البلد أن يكونا في حضر واحد أو هي بعيدة والبلد يجمعهما؟ فقال بل في حضر واحد وبينهما قريب مثل البريد واليوم وشبهه. والقلزم من مصر ما هو بكثير وبينهما يومان إذا أرسل إليها في فور ذلك فأجازت، فأما مثل الاسكندرية وأسوان فلا يجوز ذلك وإن أجازته وقاله أصبغ.
قال ابن القاسم عن مالك فيمن زوج أخته ابنة عشرة سنين برضى أمها، فأقام الزوج مدة يحوز مال امرأته ويقوم معهم فيه، فطلب البناء فأنكرت الزوجة وقال الأخ ما أعلمناها، فإن لم تقم بينة برضاها حلفت على ذلك هي وأخوها وفرق بينهم.
وروى يحيى ابن يحيى عن ابن القاسم فيمن زوجه الولي وأشهد ثم أنكرت المرأة أن تكون علمت أو وكلته، فإن كان إشهادا ظاهرا ووليمة بينة والأمر في دارها أوجبت يد [كذا] فإنها عالمة، فتحلف ما وكلته ولا رضيت ولا ظنت ما ظهر من الأمر لها، وإن نكلت لزمها النكاح لوجود الأسباب الدالة على الرضا.
وروى عنه أبو زيد في الجارية يزوجها الولي على أن رضيت، قال يفسخ ذلك وإن كانت قريبة، قيل فإن دخل قال ما أدري، وكأنه ضعف الفسخ بعد البناء وكأنه لم يره.

[4/ 428]

(4/428)


وروى عنه عيسى فيمن أعتق جاريته أو أم ولده وهي غائبة عنه، ثم أشهد قوما أنه يزوجها وأمهرها أمة لها، فبلغها فرضيت، قال لا يجوز، كما قال مالك فيمن زوج ابنته الثيب الغائبة ثم ترضى. قال ولا يتوارثان قال ابن القاسم فإن بنى وطال وولدت الأولاد مضى ذلك، والولد لا حق به.
وفي باب نكاح العبد أو الأمة بغير إذن السيد شيء من معنى هذا الباب.

باب
في معنى ذلك من إنكاح الغائب
وفي قبوله أو وده أو إقراره
وفي الحرمة لهذا النكاح وأحكامه

من كتاب ابن المواز قال مالك: من زوج غائبا وهو ولده، أو أجنبيا بغير أمره ثم بلغه فأجاز فلا يجوز ذلك ويفسخ بطلقة وما هو بالبين، قال أصبغ: وكذلك الجارية، يريد الثيب، يزوجه أبوها وهي بعيدة الغيبة، فإنه يفسخ وإن بنى بعد رضاها، ويتوارثان قبل الفسخ.
قال محمد: وأحب إلينا فيها وفي الإبن الكبير البائن عنه أن لا يفسخ بعد البناء إذا رضي حين بلغه. وقاله ابن القاسم في الابن الغائب. وقال أيضا أصبغ: يأمران قبل البناء بالفسخ بغير حكم للإختلاف فيه، وقد قال مالك: لا أحب المقام عليه وقد قال مرة: إن رضي به الغائب جاز. قال مالك وهو إذا لم يرض به وفسخ لم أحب لآبائه وأبنائه نكاحها. قال أصبغ بل لا يحل لآبائه وأبنائه.
قال محمد: وقال عبد الملك عن مالك إن الحرمة يقع به ولو لم يكن عبد الملك يحرم به إذا فسخ قبل الرضا. وروى ابن وهب عن مالك نحو قول عبد الملك إنه يفسخ بغير طلاق.
قال ابن القاسم وإنما يجوز إذا رضي به الغائب الذي لم يثبت أنه افتيت عليه، ولا يقبل إقرار أبي الزوجة أن الوكيل افتات على الزوج، ولا قول الوكيل نفسه.

[4/ 429]

(4/429)


حتى يصح ذلك، وإلا لم يعرض له حتى يعرض على الزوج فيقر أنه أمره، أو يجحد فيحلف. وكذلك الابنة الثيب الغائبة يزوجها أبوها ثم تقدم فتخبر. قال أصبغ وحسبته أيضا قال وكذلك الأب إذا زوجت عليه ابنته البكر. قال محمد: وهذا في الأب في البكر والسيد في الأمة أثقل.
قال أشهب فلو زوج رجل صبية بكرا في غيبة أبيها ثم قدم الأب فقال أنا أمرته فلا يصدق، وقال أصبغ. وكذلك في العتبية عنهما، وقالا إلا أن تكون ثيباً.
قال محمد قال مالك وإذا قدم الابن أو الاجنبي فرضي وقال أنا أمرته فلا يلزم الأجنبي ولا يلزم الأب شيء من المهر، إلا في ابن صغير وابن كبير مولي عليه ولا مال لهما. وكذلك إذا زوج ابنه الكبير البائن عنه وهو حاضر ساكت، فلما فرغ قال لا أرضى، فليحلف ولا يلزمه شيء ولا أباه، وإن رضي وقال لا أؤدي المهر. وقال الأب لم أرد حمله عنك، وقعت الفرقة ولا شيء عليهما بعد أن يحلفا. قال ابن القاسم إلا أن يدخل الابن فيحلف الأب ويبرأ، ويتبع الابن في ملائه وعداً. إلا أن يكون مولى عليه فيكون على الأب لا في مال الابن.
ومن الواضحة: ومن زوج ابنه الحائز الأمر البعيد الغيبة، أو كان أجنبيا فبلغه وأجاز، قال أصبغ يفسخ قبل البناء وبعده، ويتوارثان بعد الرضا، دخل أو لم يدخل، ولا يتوارثان قبل الرضا.
ومن العتبية قال أصبغ: وإذا زوج ابنه الكبير الغائب وقال أمرني بذلك ثم قدم وأنكر فيحلف ولا يكون على الأب صداق. ولو مات قبل أن يقدم ويعلم رضاه فلها الميراث مع الأب إن كان لا وارث له غيره، وإلا فلها ما يصيبها من نصيبه إن كان معه غيره، كمن أقر بزوجة للميت.
[4/ 430]

(4/430)


قال ابن المواز قال ربيعة ويحيى ابن سعيد فيمن زوج ابنه الغائب وشرط أن الصداق على إن أنكره الغائب إنه يؤخذ بذلك، فإن قدم فأنكر أخذ الأب بنصف الصداق. قال محمد: لسنا نقوله إذ لا يثبت حتى يثنت النكاح. ولو فرضي لم أجزه إلا أن يقول العاقد من أب أو أجنبي أمرني بذلك الغائب وأنا ضامن فنلزمه نصف المهر إن أنكر القادم. ومن زوج ابنه الغائب وقال أمرني بذلك ثم قدم فأنكر فإنه يحلف ويبرأ ولا صداق على الأب. فإن مات قبل قدومه وقبل يعلم رضاه فإن لم يرثه غير أبيه ورثت معه الزوجة، وإن كان معه غيره ورثت ما وقع للأب لأنه مقر لها بأنها زوجة، وقاله أصبغ.

في الوكالة على النكاح من الرجل أو المرأة أو من وليها
وفي الوكيل يؤذي على ذلك جعلا لله ويأحذه
وفي فبض الأب لصداك أو الوكيم

ومن العتبية روى أشهب عن مالك في المرأة تأذن لوليها أن يزوجها ممن يرضاه ولا يؤامرها، فيزوجها ممن رضيه. وكيف إن كان بأقل من مهر مثلها. قال لا ينبغي أن يزوجه حتى يذكره لها ويخبرها بحاله، فإن فوضت إليه بكفء، فرب كفء إذا ذكر لم تحبه. قال سحنون إذا فوضت إليه في إنكاح من يرضى لزمها نكاحه وإن لم يخبرها به، بكراً كانت أو ثيباً. وفي رواية عيسى عن ابن القاسم عن مالك قال مالك في التي فوضت إلى وليها في إنكاحها فزوجها ممن لم يذكره لها، إذا لم ترضه فلها رد النكاح حتى يسميه لها.

[4/ 431]

(4/431)


ومن كتاب ابن المواز قال: وللولي أن يولي أجنبيا يعقد نكاح وليته برضاها، وكذلك يوكل من يعقد نكاح نفسه وكذلك المرأة. قال ابن القاسم في كتاب محمد وفي العتبية من رواية عيسى: ومن رواية عيسى: ومن قال لرجل ولني نكاح ابنتك ولك كذا وكذا فذا لا يجوز ويرد الجعل، فإن عقد النكاح رد الجعل وتم النكاح إن عرفت المرأة الزوج ورضيته وهي جائزة الأمر أو كانت بكراً في حجر أبيها.
وإذا لم يسم للمالكة أمرها الزوج فسخ قبل البناء، وثبت بعد البناء، قاله أصبغ في رواية عيسى، وله أن يعزله كان يجعل أو بغير جعل. قال محمد: ولو كان الأب أو الوالد هو دافع الجعل من ماله جاز، وكان له الجعل إلا على الدلالة فلم يجزه مالك ولم يره كالدلالة على البيع والأكرية.
ومن كتاب محمد: وإذا قالت له المرأة لا تزوجني بعد أن كانت وكلته لذلك، فأجابها قد زوجتك، فذلك يلزمها إن أقرت بالوكالة. محمد وسمي لها الرجل. وكذلك لو وكلته على بيع سلعة فقال بعت من هذا فأكذبته فهو مصدق، وهذا بخلاف الوكيل على قبض مال يقول قبضت وضاع مني، هذا لا يصدق إلا ببينة. محمد: يريد لا يبرأ الدافع، وأما الوكيل فإنما عليه اليمين وعلى من وكله اليمين أنه ما قبض إذا ادعى عليه.
ومن كتاب ابن المواز والعتبية عن أشهب وابن وهب: وإذا قال الأب في صداق البكر ضاع مني، فإن قبضه ببينة لم يضمن وبرئ الزوج، وكذلك الواصي ويدخل بها الزوج. وإن كان القبض بغير بينة فلا دخول له إلا بدفعه. وقال ابن وهب، وقال: ولا ضمان على الأب. قال ابن القاسم لا يضمن الأب إلا أن يستهلكه.

[4/ 432]

(4/432)


قال ابن القاسم: وإن قال جهرتها به حلف وبرئ إلا أن يتبين كذبه. وإن قال دفعته إليها عيناً ضمن لأن البكر لا يدفع إليها العين. وكذلك روى عنه في العتبية أصبغ وأبو زيد قال: هو مصدق في قوله جهرتها به فأنكرت وقد دخل بها صدق مع يمينه. قال أصبغ: ما لم يكن التناكر عند الدخول وتبين كذبه أنه أدخلها بغير شيء.
ومن كتاب ابن سحنون: وكتب شجرة إلى سحنون في الأب يقبض صداق ابنته البكر بالبينة ويدخلها على زوجها، فتقيم زماناً تقوم بعد موته بالبينة على إقرار الأب بالقبض وتقول ما دفع إلي شيئاً من ذلك، فكتب إليه إن قامت بعد البناء زماناً طويلاً لا تدعي على الأب شيئاً فلا شيء لها، وإن كان بحضرة البناء أو لم يبين بها نظر إلى الجهاز إذا لم يكن لها مال معروف تجهزت به وهو باق في يديها، فإ كان الجهاز يشبه ما أخذ الأب فلا شيء لها في ماله، وإن كان لا يشبه نظر في ذلك. قال أبو محمد قوله وهو باق في يديها، يريد إن لم يكن دخل بها والجهاز الأن في يديها، وأما لو دخلت به وصح إدخال الأب إياها لم ينظر إلى ذهابه.
ومن كتاب ابن المواز قال أشهب: إذا أقر في مرضه بقبض صداق ابنته البكر ولم تدخل ثم مات، فذلك في تركته، فإن لم يكن له مال، لم يكن للزوج البناء إلا بأداء الصداق ثم يتبع هو زمة الميت بما أقر بقبضه.
قال محمد: هذا في يسار الزوج فأما في عدمه فيتهم الأب في إقراره بالتوفير على ابنته العطية، ولا يتهم في يساره ويلزمه. محمد: لأنه لم يقل ضاع مني وذلك مثل ما قال في الأول فيسقط عنه.
وهذا من أشهب على قياس قوله الذي قال إن لم يكن للزوج بينة على الدفع. وإن كانت له بينة فمصيبة ذلك على الجارية.
قال محمد وعمر كذا ذلك أصبغ من جهة أخرى فقال هو كالموصي بإنكاح ابنته في مرضه لإبن أخيه وحمل عنه صداقها، وقد قال في هذا أشهب هي وصية لوارث وأحد هذين ينقض الأخر، هذه غفلة من أشهب وقال محمد: يتهم بإقراره في عدم الزوج ثم رجع محمد وقال يصدق في القبض في ملاء الزوج أو في عدمه.

[4/ 433]

(4/433)


وفي العتبية ذكر رواية عن أصبغ نحو ما ذكرها هنا وقال: وإن كان صحيحا فذلك على الأب في ملائه، وإن كان عديما اتبع به دينا ولو قال قبضته وضاع مني ولا بينة له بالدفع، قال إن كانت بكرا فهو مصدق وقبضه قبض لها، والضياع منها، ولا شيء على الزوج. قال ابن حبيب: وكذلك قبض الوصي في البكر. وقد تقدم في باب من زوج ابنه في مرضه ذكر الاختلاف في هذه المسألة مستوعباً.
ومن الواضحة: وإذا دفع الزوج الصداق إلى المرأة الثيب أو إلى وليها بغير توكيل لم يبره ذلك وينظر، فإن دفعه على التقاضي فهو ضامن ذلك للزوج، وإن كان رسولا للزوج لم يضمن.
وأما إن وكلته هي على القبض فلا يضمن بكل حال، فإن دفعه الزوج ببينة برئ، وإلا وداه ثانية، ولا طلب له على الأب لأنه مقر له أنه قبضه بما يجوز له.
وأما البكر فقبض الأب والوصي لها قبض، والضياع منهما على أي وجه قبضاه. وأما وليها وليس بأب ولا وصي فدفع الزوج إليه على التقاضي أو على الرسالة أو بتوكيل منها فلا يبرئه إذا تلف، وتوكيله ليس بتوكيل، وليرجع به الزوج على الذي قبضه منه إن قبضه على التقاضي، فأما إن قبضه أو قبضه على الرسالة لم يرجع به الزوج عليه في الثيب على الأب إن قبض منه على التقاضي، وإن كان على الأئتمان له والإرسال به طوعا فلا ضمان له عليه، وإن كان بتوكيل الثيب على قبضه فيأخذه على التقاضي أو على الأئتمان أو على أي وجه كان فالزوج يبرأ إن كانت للزوج بينة على الدفع إليه، كان أبا أو وليا. فإن لم تكن له بينة فالزوج ضامن ولا شيء على الوكيل وكذلك قال لي من كاشفت فيه من أصحاب مالك، وهو قول مالك، وقاله أصبغ عن ابن القاسم.

[4/ 434]

(4/434)


في تعدي الوكيل في النكاح
والدعوى بينه وبين الزوج والزوجة
في مبلغ الصداق وغير ذلك من التداعي

من العتبية روى عيسى عن ابن القاسيم عن مالك فيمن وكل رجلا يزوجه امرأة ولم يسم لها صداقا، فزوجها إياه بعبد للآمر، فلا يلزمه إلا أن يرضى، ولا شيء عليه إن سخط، كما لو أمره بشراء سلعة ولم يسم الثمن فاشتراها له بدار الآمر فلا يلزمه إلا أن يشاء ولم يأمره أن يبيع عليه. ولو نقض عنه في النكاح أو في البيع عينا لزمه إن كان يشبه صداق المثل أو ثمن السلعة، ولو بلغه ذلك قطلق لزمه نصف ما نقد عنه، ويعد طلاقه رضى بذلك، ولو رد النكاح لم يلزمه شيء وتكون طلقة.
ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم: وإذا وكل من يزوجه امرأة بعينها أو بغير عينها بخمسين فزوجه بمائة وقال بذلك أمرتني وقال الزوج بخمسين، فإن لم يدخل حلف الزوج، ثم إن رضيت الزوجة بخمسين وإلا فسخ ولا شيء لها على الزوج، أصبغ ولا على الرسول، فإن نكل الزوج ولا بينة على أن النكاح كان بمائة إلا قول الرسول حلفت هي، وإن كانت بينة على أن العقد كان بمائة مع الرسول لم تحلف هي إذا نكل الزوج.
قال ابن القاسم: وإذا حلف الزوج وتفرقا كانت طلقة. وإن بنى بها قبل المناكرة وهو عالم غرم مائة، علمت هي بتعدي الرسول أو لم تعلم. وإن لم يعلم هو حتى بني بها حلف ما أمره إلا بخمسين ولا علم بما زاد إلا بعد البناء، ولا يؤدي إلا خمسين. فإن كانت بينة بأن العقد كان بمائة يريد مع الرسول ونكل الزوج غرم المائة. قال أصبغ: فإن لم تكن بينة على أن العقد كان بمائة لم يضر ذلك الزوج، قال محمد فإن لم يحلف هو هاهنا حلفت هي وأخذت المائة، وإنما تحلف هي أن العقدة كانت بمائة لا على أن الزوج أمره بمائة.

[4/ 435]

(4/435)


وإذا حلف الزوج بعد البناء فلها أن تحلف الرسول أنه أمره بالمائة، فإن نكل غرم الخمسين الأخرى. قال أصبغ وكذلك إن نكل الزوج وثم بينة على أن العقد بمائة، أو لم يكن فعلى الرسول اليمين للزوج أنه أمره بالمائة، فإن نكل غرم له الزيادة. قال محمد: هذا غلط، ولا يحلف الرسول، إذ لو أقر بالتعدي لم يكن له على الزوج حجة لأنه بنكوله راضي بتعديه، وإنما اليمين للمرأة على الرسول، ولو كنت أحلف الرسول للزوج كنت أرد له اليمين على الزوج وقد نكل أولا.
قال أصبغ: وهذا فيما يشبه أن يكون صداقا، وإن كان دون صداق مثلها وقد بنى فيحلف وعليه ما أقر به. وإن لم يشبه أن يكون صداقا وجاء بأمر مفرط مثل الدينارين والثلاثة والخمسة في ذات القدر واليسار، فيحلف قبل البناء، وإن بنى بلغ لها صداق مثلها على تزويج التخفيف والصلة والقريب المواصل.
قال عبد الملك إذا بني ولم يعلم حلف ما أمره إلا بما يذكر، ثم عليه صداق المثل. وإن أقر الرسول بالتعدي غرم ما بقي، وإن لم يدخل فسخ. قال محمد: ولا تقبل شهادة الرسول، وكذلك لو كانا رجلين لأنهما خصيماه.
وإذا قال وكيل الشراء أمرتني بمائة وبها اشتريت، وقال الآخر بخمسين أمرتك، فيحلف ويرد السلة إلى البائع إن أعلمه أنه ابتاعها لفلان، وإن لم يعلمه لزمت المأمور.
وقال أشهب: وإن قال الآمر لم آمرك بهذه المرأة ولا بهذه السلعة فهو مصدق، ولا يغرم المأمور للزوجة شيئا. قال ابن حبيب وقال لي مطرف عن مالك: أنه فرق بين المرأة والسلعة، فقال في السلعة القول قول المأمور.
ومن كتاب محمد قال ابن القاسم: وإذا أنكر الآمر ما زوجه به ثم أقر ورضي بعد ذلك، فإن كان إنكاره رداً وفسخاً لفعله فلا يجوز أن يجيزه قرب أو بعد إلا بنكاح جديد، وإن لم يكن على الرد مثل أن يقول أكثرتم علي، وما كنت أحب هذا، وما أراني أرضى وشبه هذا، فلا بأس أن يجيز، فإن طال الأمر ولا يعلم له رضى ولا سخط فلا يجوز إلا أن يأتنف نكاحا حين لم يجز حين علم،

[4/ 436]

(4/436)


ولأنهما لا يتوارثان. وأما ما قرب فيتوارثان استحسانا. قال وتحرم على آبائه وأبنائه،
رد ذلك أو رضيه. وقاله أصبغ وقال: التطاول بغير رضى ولا سخط لا يكون إلا بعد الرضا أو الإنكار، وذلك كله ما لم يدخل.
قال أبن القاسم وابن وهب: وإذا زوجه الرسول ثم مات فلم يدر أمات قبل تزويجه أو بعد، فلا ميراث بينهما حتى يعلم أنه مات بعد النكاح. قال الليث: وكذلك لا صداق لها.
وفي باب إنكاح الغائبة مسألة من زوج أخته ثم مات الزوج فقال ورثته لم تكن رضيت.
ومن الواضحة: وإذا فوضت إلى وليها في صداقها فذلك جائز، ثم إن اختلف فيه الولي والزوج تحالفا، يريد قبل البناء ولا تحلف المرأة في هذا. ولو كان أخذ الصداق برضاها وتسميتها لزمها اليمين بينها وبين الناكح، وقاله أصبغ.

إنكاح الوليين
من كتاب محمد قال مالك في المرأة لها وليان فزوجها كل واحد على حدة من رجل، فإن لم يول كل واحد صاحبه لم يجز نكاح كل واحد منهما، وإن أمر كل واحد صاحبه فنكاح أولهما أولى، إلا أن يبني الآخر.
محمد: وهذا في الوصيين والسيدين. وأما الأخوان والعمان ونحوهما فإذا وكلت كل واحد منهما، فمن زوجها منهما بغير إذن الآخر جاز نكاح الأول إلا أن يبني الآخر.
قال مالك: وكذلك الأب من وكله الأب هو يزوجها الأب، وقضى به عمر بن الخطاب، وقاله ابن شهاب وربيعة وعطاء ومكحول ويحيى بن سعيد.
قال يحيى بن سعيد: فإن لم يعلم الأول فسخا جميعا إلا أن يدخل أحدهما، وقاله ابن القاسم.

[4/ 437]

(4/437)


قال محمد: فإن مات الأول أو طلق قبل بناء الثاني وبعد نكاحه، فدخل الثاني بها بعد موت الأول أو طلاقه، فإن لم يعلم الأول حتى دخل الثاني ثبت نكاح الثاني، كدخوله في حياة الأول وقبل طلاقه، ولا ميراث لها من الأول ولا عدة عليها منه. وإن انكشف ذلك فبل بناء الثاني فسخ نكاح الثاني، واعتدت من الأول وورثته. وكذلك إن كان طلاقا فإنه يفسخ نكاح الثاني إذا علم به الآخر قبل دخوله، أو كان نكاحه قبل طلاق الأول وقل موته.
قال محمد: ولو مات الأول أو طلق قبل عقد الآخر فيختلف الموت عن الطلاق، لأنه تزوج في الموت من عليها عدة، وأما في الطلاق فيثبت نكاحها ما لم يعقد في عدة وأظن أني سمعت عبد الملك يقول: إن كان الأب العاقد أخر بعد طلاق الأول فنكاحه ثابت، وإن كان الوكيل فنكاحه مفسوخ ما لم يدخل قال وإذا بنى الآخر فأقر الذي زوجه أنه زوجه وهو عالم بالأول فلا يصدق إلا أن تقوم بينة أنه أقر بذلك عندهم قبل تزويجه فيفسخ نكاحه بغير طلاق ولو أقر بذلك الزوج الآخر نفسه صدق على نسخه نفسه وفسخ ذلك بطلقة بائنة، ولها جميع الصداق وقال عبد الملك: يفسخ بغير طلاق.
ومن العتبية قال أبو زيد عن ابن القاسم في الأب يجعل بضع ابنته بيد عمها، فمن أنكحها منهما بغير إذن الآخر فذلك نافذ.
وفي هذا الباب زيادة لابن حبيب قد كتبناها في باب البيوع، وهو باب في بيع الوليين وإنكاحهما فكرهت إعادته.

[4/ 438]

(4/438)


في المرأة تنكر توكيل من زوجها
أو تنكر أنها بنت فلان أو انه زوجها
وفيمن زوج ابنته وله ابنتان فلم تعرف
وفي الشهادة على البكر لا تعرف
وتأخر الإشهاد في النكاح

من كتاب ابن المواز: ومن زوج وليته وقال هي أمرتني فأنكرت فتحلف ما أمرته ولا رضيت ويسقط عنها النكاح.
ومن العتبية من سماع عبد الملك بن الحسن من ابن وهب وابن القاسم وقال فيمن زوج ابنته البكر لا ولد له غيرها ثم مات فأنكرت أن تكون ابنته وقالت كنت يتيمة عنده ولا بينة للزوج علي عينها إلا سماعا أنه زوج ابنته ولا تثبتها البينة، أو لها إخوة غير عدول شهدوا عليها وكيف إن رجعت عن ذلك؟ قال: لا يلتفت إلى قولها، وقول الأب عليها جائز، ونسبها لاحق، وميراثها واجب، والنكاح لها لازم.
ومن كتاب ابن سحنون وكتب سليمان بن داوود إلى سحنون فيمن أقام بينة أن عمه فلان بن فلان زوجه ابنته فلانة، ولا يعلمون له ابنة غيرها وهي بكر في حجره، بصداق ذكروا رضيا به، وقد أنكرت الآن وتغيبت، فكتب إليه إن أقام البينة بما ذكرت وأنه لا ابنة لأبيها غيرها، فإن كانوا عارفين بشخصها يوم النكاح، أو كان غيرهم يعرف عينها وهم يشهدون على ما ذكرت، فقد لزمها أن تخرج أو توكل إن أنكرت لتقع البينة على شخصها أمامهم أو غيرهم كما ذكرنا، فإن ثبت ذلك وخيف عليها الهروب يوثق منها، وإن لم يخف ذلك منها وسألت تعجيل النقد أمهل الزوج على قدر ما يرى من أن لا يضر بها، فإن كان عنده فأحب التعجيل وإلا فارق ولا يضرها.

[4/ 439]

(4/439)


ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم قال مالك في المرأة البكر لا تعرف فلتكشف لمن يشهد على رؤيتها إذا زوجها وليها. محمد: وعلى قولها إن كانت ثيبا وعلى صمتها إن كانت بكرا، ثم تزوج تلك التي عاينوا وشهدوا على عينها.
قال ابن القاسم في العتبية من رواية عيسى قال مالك: وإن لم يعرفها الشاهدان. قال محمد قال مالك: وليعجل الإشهاد على النكاح عند العقد لا يؤخر، فإن تأخر فلا بأس به، يريد محمد: ما لم يبن. قال مالك: وإذا زوج رجل رجلا ابنته وقال آخر من لقيت كذا وكذلك أنا، ففعلا ثم ندم أحدهما فقد لزمها النكاح، والشهادة جائزة، ولا يفسد النكاح بتأخير الإشهاد. وقد ذكر عن النبي صلى الله علية وسلم حين أنكح أميمة بنت ربيعة، وفعله ابن عمر وسالم.
ومن الواضحة ومن زوج ابنته وله ابنتان بكران فقال الزوج أنكحتني فلانة وقال الأب بل فلانة
ولم تسمها البينة، فلا يثبت النكاح حتى يجتمعا على إمرأة واحدة، أو تحفظ البينة أسمها وقاله
أصبغ. وقال سواء شهدت فيه بينه أو لم تشهد ولا تخالف بينهما فيه كالتداعي في النكاح. ولو اختلفا بعد موت أحدهما فلا ميراث له منها والجواب سواء، وعلى الزوج نصف الصداق يكون بينهما، قاله ابن القاسم فيمن تزوج أماً وابنتها من الرضاع ولا يدري أيهما نكح أولاً أنه يفرق بينهما ويغرم نصف صداق واحدة تكون بينهما، فكذلك هذا. قال أصبغ فإن رجع الناكح فصدق الأب فلا يثبت بذلك النكاح، ولكن يغرم للأولى نصف صداقها، ويغرم نصف صداق التي صدق الأب فيها. قال ولو أن الأب رجع إلى تصديق الزوج فلا يتم أيضاً بذلك النكاح.

[4/ 440]

(4/440)


في الدعوى في النكاح
والمرأة يدعي نكاحها رجلان
وفي الأختين تدعي نكاح رجل
والرجل يدعي نكاح أختها
أو الزوج الأب إحداهما وجهلت

من كتاب ابن المواز قال مالك: ومن ادعى نكاح امرأة أو ادعته عليه فلا يمين بينهما وإذا تزوجت رجلا وبنى بها ثم أقام رجل آخر شاهداً واحداً أنه تزوجها قبله فإنها تعزل عن الأول حتى يتبين أمره إن ادعى شاهداً آخر يأتي به إن ادعى أمراً قريبا. وكذلك قال في الشاهد بحرية أمة بيد رجل تنزع وتوقف، وكذلك الدور، وقاله عبد الله بن عبد الحكم وأصبغ.
وكذلك العبد والأمة يقيمان بالحرية شاهداً. محمد فإن لم يصح لهما شاهد آخر وكان ذلك بعيداً حلف السيد ولا شيء على الزوجة ولا على زوجها.
وإذا ادعى كل واحد من رجلين نكاح امرأة وأقام كل واحد بينة عادلة فإنه يفسخ نكاحهما بطلقة، ولا ينظر إلى أعدل البينتين. ولا يعمل بإقرارها لأحدهما، وينظر في البيع لأعدل البينتين.
قال محمد قوله بطلقة فلست ألزم من نكحت الآن منهما، ونلزم الآخر إن نكاحها يوما لأن من نكحته الآن إن كان أولا فهي امرأته بحالها، ولكن أحب إلي أن يأتنفا نكاحا بولي ومهر لما من أمره، وإن كان هو الآخر فلم تكن له قط زوجة. وإن نكحت غيرهما لزماهما طلقة. قال محمد وذلك عندي إن أنكرتهما جميعا، فأما إن أقرت أن أحدهما الأول، فأحب إلي أن تكون امرأته لأني لو فسخت نكاحهما ثم رجعت إلى الذي أقرت أنه الأول بغير ائتناف لم

[4/ 441]

(4/441)


أمنعهما إذ لم يبق لهما خصم ينفي قولهما. وإذا لم توقت بينة الآخر وقتا فهي زوجة من أقرت له أنه الأول حتى يأتي ما يبطل ذلك.
وقد قال أشهب فيمن أقام بينة على نكاح امرأة وأقامت أختها البينة أنه زوج لها ولم توقت البينتان وقتا فالقول قول الزوج فيمن قال إنها الأولى عقدا ولا شيء عليه للآخرة ولا طلاق عليه فيها. محمد وهذا عندنا صواب يقوي ما قلت لك.
قال أشهب: وكذلك لو قال في إحداهما لم أتزوج قط كان ذلك له، وجعل الإقرار كالإنكار، فلم يعجبنا هذا وأرى إذا لم يقر أنها الآخرة بمعرفة منه أن أفرق بينها وبينه، لأنه كمن قال لا أدري أيتهما الأولى من الآخرة لأنه لم يدع بطلاق نكاحها بأن يقول هي الآخرة والبينة قد أثبتت لها نكاحا. وإنما لم أحكم بها إذا لم توقت.
قال أصبغ قال أشهب: ومن أقام بينة أن هذه امرأته فأنكرته وأقامت بينة أن فلانا زوجها وفلان منكر، ولم يوقتا تاريخا وهم عدول، قال لا أنظر إلى التكافئ في العدالة وأفسخ النكاحين. وقال أصبغ: ما لم يقع الدخول بإحداهما. محمد: وذلك أنه أقرت له المرأة وهي منكر.
وقال في الواضحة أصبغ عن أشهب: فإذا دخل بها أحدهما قبل الفسخ كانت زوجته، وقيل للآخر أقم البينة أنك الأول.
قال عنه في كتاب ابن المواز قلت لأشهب فيمن أقام بينة أنه تزوج فلانة وهي تنكر وأقامت أختها البينة أن هذا الرجل تزوجها وهي تنكر ولم يوقتوا، قال يفسخ النكاحان، ولا أنظر إلى التكافئ. وكذلك لو شهدت كل بينة على البناء لفسخا ولهما الصداق. محمد. وهذا لإنكاره نكاح الآخرة، ولو كان مقرا ويدعي أنها الآخرة لقبلت قوله، لأن البينة لا تكذبه، ولا ينفع التي زعم أنها الأولى حجودها لأن البينة أثبتت نكاحها، وهذا يقويه في المسألة الأولى حين ذكر عنه أنه جعل الإقرار مثل الإنكار قاسه على التي ادعى أنها امرأته الأولى، ولو أنكر أصلا فسخ جميعا، وهو معنى ما ذكر عنه أصبغ. ولو أقر في مسألة أصبغ التي ادعت
[4/ 442]

(4/442)


عليه وقال هي الآخرة فالقول قوله لأن بينتهما لا تدفع قوله إذ لم يوقت، ولا ينفع حجود التي قال هو إنها الأولى لقيام البينة أنها زوجته، وليس قول بينة أختها مما يدفع ذلك.
قال ولو وقتت البينة التي أنكرها الزوج وقتا ولم يقول أولى هي أم آخرة، وقال هو هي الآخرة، ولم توقت بينة التي قال هو أنها الأولى وقتا، فبينة التوقيت أثبت، والتي أقر بها الزوج لا يدري أقبل ذلك الوقت هي أم بعده، وصار كمن ظهرت عنده أخت امرأته تدعي أنه تزوجها قبلها، وامرأته معروفة له، ولا يدري متى تزوج هذه ولا يصدق، ويفرق بينه وبينها بطلقة، لقوله أنها قبل ولا صداق لها، لأنه يقول لم أطلق وإنما حيل بيني وبينها مع إنكارها تزويجه، ولا سبيل له على التي ينكرها، ويكون لها نصف المهر لذكر بينتها للوقت، وهي كانت أولى بالنكاح، ولكن إنكاره حال بينه وبينها وكان ذلك فرقة.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم في امرأة يدعيها رجلان زوجة، وزعمت في أحدهما أنه تزوجها فأضر بها فهربت وظنت أن ذلك فراق، فنكحت الآخر ثم طلقها. فإن كانت للأول بينة ردت إليه بعد أن يحلف ما طلقها، وليستبري رحمها، وإن لم تكن له بينة فرق بينهما، ولا يقبل إقرارها له. وإن أقام الآخر بينة ردت إليه وحلف ما طلق، وإن لم يأتي ببينة فرق بينهما ونكحت من شاءت، يريد بعد العدة.
وإذا ادعت امرأة نكاح رجل ادعت شهادة قوم على أن نبطية زوجتها إياه فأنكروا، فإن أقر بالدخول وديا كذا ولو أتت بالبينة على ما قالت لفسخ النكاح بكل حال لأنه نكاح فاسد.
[4/ 443]

(4/443)


وروى أصبغ عن ابن القاسم فيمن ادعى على امرأته أنها زوجته فأنكرت فلا يؤمر بانتظاره إلا أن يدعي بينة قريبة لا تضر بالمرأة ويرى الإمام لما ادعى وجهاً، فإن أعجزه ثم جاء ببينة بعد ذلك وقد نكحت أو لم تنكح، قال: قد مضى الحكم.
ومن كتاب ابن المواز ومن ادعى نكاح ذات زوج أنه تزوجها قبله وأتى بشاهد فليعزل عنها الزوج ليأتي هذا بشاهد آخر إن ادعى أمراً قريباً، وكذلك العبد أو الأمة يقيمان بالحرية شاهداً. محمد: وإن لم يصح لهما شاهداً آخر وكان ذلك بعيداً أحلف السيد ولا شيء عليه، ولا يمين على الزوجة ولا على زوجها.
وبعد هذا باب في الدعوى في الصداق وكيف تدعو المرأة فيه بشاهد.
ومن كتاب ابن سحنون عن أبيه كتب إليه سليمان فيمن أقام بينة على امرأة أنه تزوجها بصداق معلوم وأنكرت، فقيل له زك بينتك، فطال الأمر ولم يفعل، ثم قال للحاكم عجزت عن التزكية وأشهد عليه الحاكم بذلك؛ فكتب إليه: إذا كان هذا فحل بين الجارية وبين ما تريد. قيل له: فإن جاء بعد هذا العجز بشاهدين على إقرارها بالنكاح، فقال إقرارها وهي من أهل موضوع معروف بالنكاح ضعيف إلا أنها ما دامت مقرة بالنكاح وهي ممن يجوز بإقرارها فإنها تمنع أن تحدث في نفسها شيء.
وعن امرأة ادعى رجل أن أباها زوجه إياها وهي طفلة وأتى بلطخ فكتب الحاكم بإحضاره فادعى أن عمها زوجها إياه برضاها، أو حضر العم فاعترف بذلك، وكل واحد من الزوجين يقول للآخر أنت غيبتها أتسمع البينة على إثبات نكاحها بالاسم والنسب وإن لم تحضر؟ فكتب إليه إن وقع على الذي زوجه العم لطخ أنه غيبها أمر بإحضارها، فإن لد حبس حتى يحضرها أو تظهر براءته، ثم هما على دعواهما، ويجتهد الحاكم في طلبها، فإن طال ذلك ولم تظهر أمراً جميعا بإيقاع البينة على اسمها ونسبها وصفتها.

[4/ 444]

(4/444)


قيل فإن كتب أمين القاضي إليه فيما سأل في الكشف عنها أنه قد تبين أن المدعي لإنكاح الأب مظلوم وأن أمها غيبتها وأتهم الزوج في تغييبها؛ فكتب إليه: ما تبين على الأم من ذلك فخذها بالحبس حتى تظهر براءتها.
وسأله حبيب عمن أدعى نكاح امرأة فتنكره فلم يجد بينة بأصل النكاح، ويجد بينة تشهد أن هذه المرأة كانت تسكن معه في جوارنا خمس عشرة سنة وولدت معه وهي مقرة أنه زوجها وهو كذلك مقر بالزوجة. قال: خمس عشرة كثير، وما أحلفه أن ذلك يوجب نكاحه، ثم قال دعني أنظر فيها ثم قال: إن لم تكن سنين كثيرة لم يوجب ذلك النكاح إلا في الطارئين فيقبل قوله، وأما من أهل الموضوع فلا بد من البينة على النكاح، إلا أن يكون ذلك فاشيا مشهورا في الناس وعند القراب، يريد أنه كان البناء مشهورا وعقد النكاح. وأما تقاررهما بعد البناء بالنكاح فلا يقبل، هذا معنى هذه المسألة.

في الأقرار بالزوجية في الصحة والمرض
وشهادة السماع في النكاح أو شاهد واحد
ومن كتاب محمد قال أصبغ عن ابن القاسم وهو في العتبية من رواية عيسى عن ابن القاسم فيمن أشترى أمة فولدت منه فكان يقول هي امرأتي تزوجتها، وحلف بطلاقها، ثم مرض فأقر لها بمال بقية مهرها، وتصدق عليها بأشياء في مرضه، ثم صح سنين ثم مرض فمات. قال هي امرأته ولها ميراث وبقية مهرها الذي أقر به في المرض الأول، لأنه صح بعده، ولها ما تصدق به إن حازته بعد صحته، وإن لم تقبضه فلا شيء له منه. وإن مات في مرضه الأول بطل ذلك وبطل إقراره لها بالمهر، ولها ميراث بإقراره في الصحة في أنها زوجته.
قال عنه أصبغ: في كتاب محمد: ولم يقر لها بالزوجية إلا في المرض لم ترثه وإن كان يحلف بطلاقها في صحته، إلا أن يكون له معها ولد فيثبت نسبه بإقراره ويرثه، ثم وقف عن الميراث إن لم يكن له معها ولد إلا أن يكون سماع على

[4/ 445]

(4/445)


النكاح من أهل العدل عن الثقات فترث مع إقراره بالمرض، إن لم يكن معها ولد ولم يصح بعد من مرضه. محمد: ولو صح ذلك المرض من قوله وإن لم يكن معها ولد كإقراره بالدين لمن يتهم عليه، وقاله أصبغ.
قال ابن القاسم: وكذلك في شهادة السماع في كل شيء فإنهم يوقفون من سمعوا من الثقات أومن غيرهم في جميع الأشياء.
قال أصبغ فيمن أقر في مرضه أن فلانه امرأته والولد الذي معها ولده، فإنه يلحق به وترثه المرأة. قلت: فإن لم يكن معها ولد؟ قال لا أدري. وكذلك جواب ابن القاسم. ثم قال ابن القاسم: لا ترثه إلا سماع من العدول عن الثقات أنها امرأته.
ومن غير كتاب ابن المواز روى حسين بن عاصم عن ابن القاسم: لا تجوز شهادة السماع إلا عن العدول إلا في الرضاع، فيجوز أن يشهد العدول على لفيف القرابة والأهلين والجيران وإن لم يكونوا عدولا كالنساء والخدم أنه عندهم في سماعهم أن فلانة أرضعت فلانا.
ومن العتبية روى يحيي ابن يحيي عن ابن القاسم في خصي أشهد في مرضه في جارية أني كنت أعتقها في الصحة وتزوجها وأشهدكم أنها طالق البتة فلا تعتق هذه في ثلث ولا غيره ولا صداق لها ولا ميراث إلا بأمر يثبت في الصحة من العتق ثم النكاح، إلا إن قال في مرضه: وأمضوا عتقها فإنها تعتق في الثلث، ولو صح ثبتت حرمتها ولم تحل له إلا بعد زوج لما طلق. قيل فما لها من الصداق ولم يكن أقر بتسمية وقد اختلفا فيه الآن؟ قال القول فيه الزوج
[4/ 446]

(4/446)


فيمن أقر زوج فلانا أو باعه
وقال أردت اعتذارا
من كتاب ابن المواز قال ابن القاسم فيمن خطب إليه رجل ابنته، فقال قد زوجتها فلانا، فقام بذلك فلانا، فأنكر الأب وقال: إنما اعتذرت ذلك دفعا لمن جاءني قال إن ادعى المقر أنه زوجه فبل ذلك حلف وثبت النكاح ببينة الإقرار في الخطبة، وإن لم يدع الإقرار في الخطبة حلف الأب أنه قال ذلك اعتذارا يريد إيجاب نكاح له وصدق، وقاله أصبغ وكذلك في العتبية عن أصبغ عن ابن القاسم. قال محمد وهذا أحب إلينا.
وكذلك إن سيم سلعة فقال بعتها من فلان، أو كانت أمة فقال أعتقها، فإن لم يدع المقر له غير هذا الإقرار فإنما له اليمين. وفي العتق إشكال فاستحسن إنفاذه إلاأن يتبين أن من ساومه ممن يخاف وممن يحتجز منه بأمر بين. قال محمد ولولا ما قاله ابن القاسم كان أحب إلي أن يكون. وإن ادعى المقر له بالحق كان له قبل هذا لا يقبل قوله.
وقال ابن حبيب في مسألة النكاح ذلك لازم بأي ذلك طلب الطالب، بقوله هذا، أو بإيجاب متقدم. وكمن قال طلقت أو أعتقت، ثم قال كنت متعذرا فلا يقبل منه ويلزمه عتقه، ولو سيم به فقال قد بعته من فلان أو هو لفلان أو لابنتي أو لأمر أتى فبخلان ذلك، هذا لا يلزمه ألا يثبت غير هذا، ويحلف أنه كان متعذرا ويبرأ.

تم الجزء الأول من كتاب النكاح بحمد الله وعونه
ويتلوه في الجزء السادس إن شاء الله تعالى الثاني من النكاح
والحمد لله حق حمده وصلواته على محمد وأله وسلم

[4/ 447]

(4/447)