النوادر والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم

كتاب الخيار
والتمليك في الخيار والتمليك
وما للمرأة في ذلك من القضاء
وللزوج من المناكرة
من كتاب ابن المواز: قال مالك وأصحابه في المخيرة إذا طلقت نفسها واحدة فليس بشيء إلا عبد الملك فقال: تكون البتة، ولا أدري من أين أخذه، قالوا: وإذا قالت: اخترت نفسي فهو البتات ولا تصدق أنها أرادت واحدة حتى تبين فتقول: اخترت واحدة أو اثنتين، فلا يلزمه شيء في المدخول بها.
قال مالك: وإذا قالت: اخترت طلقة واحدة فليس بشيء، قال محمد/ ما لم يتبين منه الرضا بها فيلزمه، وله الرجعة ليس من قبل الخيار، لأن الخيار طلاق لا رجعة فيه. قال مالك وله مناكرة التي لم يبن بها إذا حلف على ما نوى. وقال: وأما في التمليك فله المناكرة وإن بني.
محمد: ويحلف مكانه، لأن له الرجعة مكانها، فإن لم يكن بنى فلا تلزمه الآن يمين لأنها قد بانت، فإذا أراد نكاحها حلف على ما نوى ولا يحلف قبل ذلك، إذ لعله لا يتزوجها، وإذا لم يكن له في التمليك نية فلا نكرة له فيما قضت.
قال أصبغ إنما تنفعه النية التي خرج لفظ التمليك عليها، لا ما يحدث له بعد القول. قال محمد: إلا رواية لأشهب عن مالك فيمن ملك امرأته وهو يلاعبها فتقول: قد تركتك، فيقول الرجل: كنا لاعبين ولم أرد طلاقا، قال مالك: يحلف [5/ 213]

(5/213)


ما أراد إلا واحدة وفي مسألتهم شبهة، قيل: أعليه حرج أن يحلف أنه لم يرد شيئا؟ فقال لا قد أمر بذلك، فيحلف ما أراد الطلاق وتكون واحدة. قال محمد: وليس بِأصل ملك، لأنه ملكها ولم يرد واحدة ولا أكثر فقد صار بيدها ملك ما كان يملك منها.
وروى ابن القاسم عن مالك قال: وإذا قال في التمليك، قال في العتبية بعد أن قضت بالثلاث لم أرد طلاقا، ثم قال إنما أردت واحدة، إنه يحلف وتكون واحدة.
وقال أصبغ: لا تصدق إلا أن يكون نسقا في كلام واحد، وهذا نادر، وقال أصبغ في العتبية ينوى بعد أن قال لم انو شيئا، وهذا وهم من ناقله، والقضاء ما قضت.
قال محمد: وذهب زيد بن ثابت في التمليك إذا فارقته أنها واحدة / وله الرجعة، وأخذ مالك بقول ابن عمر أن القضاء ما قضت إلا أن يناكرها. ومذهب ربيعه في التمليك هي واحدة قبلت أو ردته، قال مالك: وما أدري من أين أخذه، وقد اختار أزواج النبي عليه السلام المقام فلم يكن ذلك فراقا.
ومن العتبية روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم فيمن قال لامرأته قد خيرتك، وقالت قد طلقت نفسي بواحدة بائنة، قال: ليس بشئ ولو كان تمليكا كان له أن يناكرها وتكون واحده غير بائنة وله الرجعة، وإن لم يناكرها فهي البتة.
قال ابن حبيب قال أصبغ: إذا خيرها قبل البناء فاختارت واحدة، فقال هو لم أخيرك إلا في الثلاث فله ذلك ولا شيء لها، وكذلك لو لم تكن له نية. [5/ 214]

(5/214)


قال ابن سحنون عن أبيه: وإن قال لغير مدخول بها اختاري فقالت قد خليت سبيلك، فسئلت عن مرادها فقالت: أردت واحدة أو اثنتين، فإنه يسأل الزوج ما نوى، وإن نوى مثل ذلك فالقضاء فيه مثل ما قضت، وإن قال نويت ثلاثا فلا شيء لها إذا قالت هي نويت أقل من الثلاث، فإن لم ينو الزوج شيئا فلا يمين عليه في هذا لأن مخرج اختاري علي الثلاث، [وإن نوت هي أقل من الثلاث فلا شيء لها إذا لم ينو الزوج شيئا، وإن أرادت ثلاثا أو لمن تنو شيئا ولا نية للزواج فهي ثلاث].

في قضاء المملكة والمخيرة في المجلس أو بعده
والمناكرة في ذلك
وكيف إن قالت قبلت أو حتى أنظر وشبه ذلك
ثم افترقا قبل أن تسأل؟
/ من كتاب محمد: قال: وإنما للملكة والمخيرة القضاء في المجلس في قول مالك القديم، إلا أن تقيد ما جعل بيدها قبل الافتراق بأن تقول: قبلت أو رضيت أو اخترت ونحو هذا مما يعلم أنها لم تدع ما جعل لها، ولا يدري أهو فراق لها فلا يزول ما بيدها إلا بإيقاف السلطان أو تمكن من نفسها. ولو قال لها الزوج لا أفارقك حتى يتبين فراقك أو ردك فليس ذلك له إلا بتوقيف السلطان أو ترضى هي بتركه أو يطأها غير مكرهة، قاله مالك في العتبية من سماع ابن القاسم.
وقال المغيرة في المجموعة إذا قالت قبلت استشير أبي أو ذوي الرأي من أهلي وانتهت إلى الحاكم فيلزمها أن تقضي في مجلسها أو تدع، إلا أن تقول: لم [5/ 215]

(5/215)


أذكر ذلك لمن استنبت أو يرى السلطان لذلك وجها فيؤخرها إليه إلا أن تبعد غيبته.
قال في كتاب محمد: قال: وإذا طال المجلس بهما عامة النهار أو خرجا من ذلك إلى غيره فقد زال ما بيدهما.
وقال أشهب: ذلك بيدها ما أقاما في المجلس، واحتج بحديث عمر مادام في المجلس. قال أشهب في المجموعة وإنما قال مالك إن ذلك لها بعد المجلس مرة ثم رجع عنه إلي أن مات.
قال ابن سحنون: وذهب سحنون إلى قوله الأول أن ذلك بيدها في المجلس ثم لا شيء لها إن افترقا طال المجلس أو قصر، إلا أن يقوم الزوج مرارا بالأمر لها، وإن طال المجلس حتى يخرجا إلى أمر آخر فلا شيء لها.
قال ابن سحنون عن أبيه: وإذا خيرها وهما في سفينة أو في محمل أو على دابة وهي على أخرى يسيران فهو كالمجلس، ذلك بيدها ما لم يخرجا إلى أمر آخر / مما يرى أنها تاركة لما جعل لها أو يفترقان، وهذا على قول مالك الأول، ولو خيرها وهي في صلاة مكتوبة فأتمتها فذلك بيدها، وكذلك لو كانت في نافلة صلت أربع ركعات فلا يقطع ذلك ما بيدها، وإن زادت على أربع حتى تبلغ من الصلاة ما يرى به أنها تاركة لما جعل لها، وقد تستشير نفسها وتنظر في أكثر من مقدار عشر ركعات، وقال: ولو خيرها فدعت بطعام فأكلت أو امتشطت أو اختضبت في مجلسها فليس بقطع لخيارها إلا أن يكون في ذلك كلام [غير الخيار تستدل به على ترك ما] جعل لها مع طول المجلس والخروج مما كانا فيه، وإنما للزوج المناكرة في التمليك مادام في المجلس، وما قلنا إن ذلك بيدها ما لم توقف أو توطأ، ولا يزيله ان توطأ غصبا، فإن ادعت الغصب قال أصبغ: إذا رضيت بالخلوة وإرخاء ستر أو إغلاق باب ثم زعم أنه وطئها فقد زال ما بيدها. قال: وإذا قيدت المملكة ذلك بأن قالت: قبلت أمري فلم تسأل عما أرادت حتى [5/ 216]

(5/216)


حاصنت ثلاث حيض أو وضعت حملها، فإن قالت بعد ذلك أردت طلقة صدقت بغير يمين ولا رجعة، لأن العدة من يوم قولها قبلت أو قبلت أمري، وإن قالت أردت أن أنظر، صدقت وكان لها أن تطلق الآن نفسها بواحدة، وله الرجعة، وإن قالت أكثر من واحدة فله المناكرة ويحلف، وإن غاب فقال: إن قضت بأكثر من واحدة فإني لم أرد إلا واحدة، وأني قد ارتجعت فذلك له ويحلف ولو لم يقل الزوج شيئا وقدم وقد / خرجت من العدة وتزوجت وقالت: أردت البتة، وقال الزوج أردت واحدة وقد ارتجعت: إن أرادت الطلاق بقولها قد قبلت فانقضت العدة وقالت: نويت البتة وتزوجت. ثم قام الزوج بحجته فذلك له ان لم يبن بها الثاني، وإن بني بها فلا سبيل للأول إليها، ولو فارقها الثاني بعد البناء ثم خطبها الأول فلا يمين عليه أنه أراد واحدة لأن تزويجها الثاني يحلها للأول، ولو كان نوى البتة أو لم تكن له نية، ولكن إن تزوجها وبنى بها ثم طلقها واحدة لم أمكنه من الرجعة حتى يحلف ما كان لي في التمليك نية اثنتين، وإن شاء قال: ولا غيرهما وان طلق اثنتين حلف ما كان نوى واحدة وإن شاء قال ولا غيرها، قال: ولو كان يعيدها للتمليك بأن قالت حتى أنظر، أو قبلت حتى أستشير، لم تكن العدة هاهنا إلا من يوم يتبين الفراق.
ومن المجموعة قال مالك: وإذا قالت المملكة قبلت ثم افترقا، فلتسأل، فإن قالت أنظر واستخير، فليس بطلاق، وإن قالت أردت ثلاثا أو اثنتين فله أن يناكرها. وقال المغيرة: إذا لم تشترط أستخبر وأنظر لم يكن إلا الثلاث، وقال عبد الملك: إذا قالت لم أنو شيئا بقولي قد قبلت وقال الزوج: لم انو شيئا حين ملكتها لزمته الثلاث، قال ابن القاسم: إذا قالت: قبلت ثم وطئها أو قبلها طائعة، ثم تقول نويت بقولي: قبلت امري الطلاق فلا تصدق وقد زال ما بيدها، ومن تعلقت به زوجته وقالت لا أدعك حتى تفارقني فقال لها: أمرك بيدك، فقالت: إنها الآن فلتسأل، وإن افترقا، فإن لم ترد طلاقا فليس بشيء، وإن أرادت طلاقا فهو / ما أرادت منه إلا أن يناكرها فيحلف. قال ابن الماجشون: ومن [5/ 217]

(5/217)


قال لأجنبية إذا تزوجتك فاختاري فتزوجها فلها الخيار، وإن لم يقل في مجلسها قبل النكاح: قد قبلت ولها الخيار بعد النكاح، وفي مجلس النكاح، وفيما قرب منه، ويبطل ما بعد.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم في المملكة تقول: قبلت ثم تصالحه قبل تسأل ما قبلت، قال تسأل الآن، فإن قالت: أردت تطليقتين أو ثلاثا صدقت وله ان يناكرها ويحلف، وإن قالت: لم أرد شيئا فهو ما قضت وتضاف طلقة الصلح إلى ما ثبت عليه من طلاق التمليك، فإن تمت ثلاثا لم تحل له إلا بعد زوج، وإن كانت أقل ثم نكحها كانت عنده على طلقة، فإن قالت لم أنو طلاقا لم يلزمه غير طلقة الصلح، ولو قالت طلقت ثلاثا فلم يناكرها فليس عليه رد ما أخذ منها، ولو كانت ما قالت ما أعطته شيئا، وإن قالت جهلت لم تعذر / ومسألة قوله: ان شئت، أو إذا شئت ثم تفرقا من المجلس في باب مفرد بعد هذا.
في اختلاف ألفاط التمليك والتخيير من الزوج
واختلاف الجواب من المرأة في القضاء فيهما
من كتاب ابن المواز، قال: وقول الزوج للزوجة، اختاري أو اختاري نفسك أو قال: أمرك بيدك سواء، ويختلف في جواب المرأة، فإن قالت: قبلت امري أو قبلت أو اخترت فقط فليس بفراق، إلا أن تريد به الفراق، وتسأل ما أرادت، وذلك بيدها ما لم توقف أو توطأ طائعة [ولا يمين عليها فيما تقول].
وإن قالت المخيرة: اخترت نفسي، أو قبلت نفسي لم تسأل، وكان البتات، ولا قول لها في دون ذلك إن بنى بها ويقبل ذلك من التي لم يبن بها، لأن الواحدة تبتها ولا نكرة للزوج بعد المجلس فيما له فيه المناكرة قال: وقولها قبلت نفسي، وهو البتات في الخيار والتمليك، لا يقبل منها أنها أرادت أقل من ذلك، ولا أنها لم ترد [5/ 218]

(5/218)


طلاقا، وله المناكرة في التمليك، ولو قالت قبلت أمري فهذه تسأل، فإن قالت: ما جعل لي، فذلك بيدها حتى توقف أو توطأ، وإذا قالت: طلقت نفسي فلتسأل في التمليك كم أردت؟ وللزوج أن يناكرها فيما زادت على الواحدة، وروي عن ابن القاسم أنها لا تسأل، وهي في التمليك طلقة. وأما في الخيار فتسأل في المجلس، فإن قالت واحدة سقط خيارها، وإن افترقا سقط الخيار أيضا.
محمد: وأحب إلي أن تكون طلقة في التمليك ولا تسأل في الخيار بعد جوابها، لأنه هو الجواب، وإذا أجابت بما يشبه أن تريد به الطلاق، أو تريد قبول التمليك مثل: قد اخترت أو رضيت أو تركتك أو شئت أو اخرج عني، أو لا تدخل عليَّ إلا بإذني فلتسأل بعد المجلس، كقولها قد قبلت أمري. وأشد من ذلك قولها: اخترت أمري ولا يكاد يفترق هذا عندنا من الطلاق ولقد قال عبد الملك: لا يقبل منها ان قالت لم أرد به الطلاق ولو علم أنها من يعلم الفرق بين ذلك وبين الطلاق وقصدت ذلك لقبلت منها، ولا يكاد يفرق بين ذلك الرجال إلا من تفقه، فرأيت مذهب عبد الملك أنها البتة، وقال أشهب تسال فيه فإن قالت: أردت زوجي لم تصدق وكان طلاقا، إلا أن تأتي بما يعرف به صدقها، وإن قالت: أردت حتى أنظر في أمري فذلك لها مخرج، وإن قالت: كنت لاعبة لم أرد طلاقا دينت، ولم يلزمه شيء، وكذلك إن قالت خرج ذلك منى استهتارا لم أرد به شيئا، وقال ابن القاسم تسأل عن قولها اخترت أمري، فإن قالت أردت الصلح فهو صلح ولا رجعة له، أو سواء خيرها أو ملكها إذا رضي الزوج أو افترقا عن رضا.
قال محمد: وإذا أنكر الزوج في التمليك حلف وارتجع. وقال أصبغ في جوابها اخترت أمري، هو الفراق في الخيار والتمليك ولا تسأل عما أرادت، ولا تحل له إلا بعد زوج. وقال محمد: وقول عبد الملك أحب إلي أنها إن قالت: أردت دون الثلاث قبل منها في التمليك ويسقط الطلاق في الخيار. ولو نوزع الزوج في التي [5/ 219]

(5/219)


يشبه فيها القول أن تكون غير عارفة فافتراق القول في ذلك كان أحب إلينا، وإن قال: أمرك بيدك فاذهبي، فقالت قد ذهبت، فهو جواب فراق، ولو لم يقل هو: فاذهبي لسئلت عما أرادت، ولكن هذا جواب الفراق، وقال ابن القاسم: تسأل عما أرادت قال أصبغ إلا أن يخاف الزوج فيتورع.
ومن العتيبة روى أو زيد عن ابن القاسم في المملكة تقول: قد فرغت فهو كقولها قبلت، وتسأل، وكذلك لو ملك أمرها / رجلا فقال هذا فإنه يسأل.
وروى عيسى عن ابن القاسم في الذي يقول: خيرة الله في يديك، فاختارت، فقال هو لم يرد طلاقا، قال: يحلف ما أراد طلاقا ولا تمليكا، وما كان سكوته عنها في اختيارها رضى ولا شيء عليه.
ومن كتاب ابن المواز قال وإذا قال: ملكتك فهو تمليك، وكذلك قد خيرتك فهو تخيير، وإن لم يقل: أمرك ولا نفسك، وكذلك طلاقك إليك أو بيدك أو قال: أمرك فذلك تمليك.
قال محمد وقولها: قبلت نفسي مثل قولها: اخترت نفسي في قولهم اجمع إلا أشهب بغير حجة كأن يقول: قبلت أمري وقبلت نفسي سواء، لا يراه طلاقا حتى يوقف ولم يره مثل: اخترت نفسي.
قال مالك: وإذا أجابت المملكة بالظهار لم يلزمه شيء ولا ظهار للنساء، وليس لها أن توجب عليه كفارة.
قال [مالك وإذا] ملكها فبكت وقالت طلقني زوجي فأخبرت أن ليس بطلاق، فقالت: ظننته طلاقا، قال: لا شيء عليه، وإذا قال لها: أتحبين فراقك؟ قالت: ما شئت، قال: قد شئت ثم قال: إنما شئت أن أمسك فهو فراق، ويحلف أنه ما أراد إلا واحدة، وإذا قالت المخيرة: اخترت نفسي وزوجي، قال مالك: فهي البتة. [5/ 220]

(5/220)


ومن كتاب ابن حبيب قال ابن القاسم في المملكة إذا قالت: طلقتك فهي واحدة وهو كقوله لها ذلك إلا أن تريد المرأة أكثر فيكون ما نوت إلا أن يناكرها عند افصاحها بذلك فلها ذلك، وكذلك قولها له: قد خليت سبيلك أو فارقتك، كقوله ذلك لها، وقال أصبغ: / ليس قولها له: قد طلقتك كقوله لها، لأن مبتدأ ذلك منه على طلاق السنة وهو واحدة حتى يزيد أكثر فأما هي فمملكة، فكأنها أجابت عن الفراق فهو على البتات حتى تريد واحدة.
ومن العتبية من سماع ابن القاسم: ومن قال لامرأته انتقلي عني، فقالت: لا انتقل حتى تبين لي أمري فقال انتقلي فإن شئت طلقتك عشرين، فانتقلت ولم تقض شيئا، ثم ردها، قال: لا شيء عليه.
ومن المجموعة قال ابن القاسم: وإذا قال: ملكتك أو قال: أمرك بيدك فاختاري فتقضي بالبنات فله أن يناكرها، ولو قال: أمرك بيدك اختاري فليس له أن يناكرها إن اختارت نفسها، قال عبد الملك: وقوله: أختاره وأستخيره، ولك الخيار سواء.
قال المغيرة: فإن قال لها قد اعطيتك بعض عصمتي فتقول أنا طالق ثلاثا فليس له مناكرة وهو كمن أعطاها بعض البتة، وقال ابن القاسم في المخيرة تقول: اخترت نفسي إن دخلت على ضرتي، فليس يقطع خيارها، ولكن توقف الآن فتقضي حينئذ أو ترد، وقال سحنون: ليس لها قضاء لأنها أجابت بغير ما جعل لها.

في المملكة تفعل فعلا يشبه الجواب.
من كتاب ابن المواز قال: والمملكة إذا فارقت المجلس ولم تقض فقالت: نويت الفراق في المجلس فلا ينفعها ذلك إلا أن تفعل ما يشبه جواب الفراق، وتقول: إياه أردت: مثل أن تقوم من مكانها فتنقل متاعها، أو تخمر رأسها [5/ 221]

(5/221)


وتنتقل فتصدق / فيما نوت، وقاله مالك في التي قالت: أعطوني شقتي فأخذتها وخرجت ولم تتكلم وسافر هو، وفي التي نقلت متاعها وخمرت رأسها قال مالك: هذا فراق، ومجرى الجواب، قال محمد: إذا قالت أردت به الفراق ووصلته بكلامه فهو كالجواب، وهي واحدة وله الرجعة، إلا أن يكون مع ذلك فراق.
وإذا قالت: الآن نويت بفعلي الثلاث فذلك لها إلا أن يناكرها بنية كانت له وقت القول ويحلف، وقاله عبد الملك، وقال أصبغ: يحلف يمينيين: يمينا أنه ما علم أن ما فعلته به البتة ولا رضيه، ويمينا أنه نوى واحدة قال محمد: يمين واحدة تجزئه يجمع ذلك فيها.
ومن العتبية روى عبد الملك بن الحسين عن ابن وهب في التي نقلت متاعها عندما ملكها ثم قالت، لم أرد شيئا قال: إن لم تكن اختارت، فلا شيء لها.
ومن المجموعة قال مالك في المملكة تنقل متاعها وهما يريدان الطلاق، فذلك فراق.
قال ابن القاسم: وتدين المرأة فيما أرادت فإن نوت ثلاثا فذلك لها ولا ينوى الزوج في ذلك.
قال عبد الملك: إذا فعلت الأمر البين الواصل بالكلام، خمرت رأسها وأمرت بما تفعله المطلقة المزايلة، وخرجت قال: فإن قال بعد ذلك: ما ظننت أن ذلك منها مثل النطق بالبتة حلف وقبل قوله، ويحلف على واحدة أو اثنتين. وقاله سحنون في كتاب ابنه بعد يمينه كقول عبد الملك من أوله، وقال فإن قالت هي أردت بذلك ثلاثا حلف يمينا بالله إن قال أردت أنا أقل من ذلك [5/ 222]

(5/222)


فيمن قال اختاري في واحدة
أو طلقي نفسك واحدة أو قال ثلاثا فخالعت
أو قال في الثلاث أو من الثلاث
أو أمرك بيدك إن شئت أو ما شئت
وشبه هذا وما فيه من المناكرة
من كتاب ابن المواز، قال مالك وإذا قال: اختاري واحدة حلف ما أراد إلا طلقة وذلك له، وكذلك في قوله: اختاري في أن تطلقي نفسك واحدة أو تقيمي قال محمد: ولو بين فقال: اختاري في إن تطلقي نفسك من الطلاق واحدة [أو من الثلاث واحدة] لم يكن عليه يمين، وإنما حلفه مالك فيما احتمل أن يريد به مرة واحدة وإن قال، طلقي نفسك ثلاثا إن شئت فقالت: قد شئت واحدة فلا شيء عليه .. كالمخيرة، فإن قالت [فإذ لم يخيروا ذلك، فأنا طالق الآن بالبتة فلا شيء لها في قول أصحابنا الا أشهب] قال: ذلك لها ما لم يقترقا، واحتج أن مالكا قال في المخيرة تقضي بالواحدة، ليس ذلك لها، إما أن تقضي بالبتات أو ترد، قال ابن حبيب عن مطرف، وابن الماجشون عن مالك، فيمن قال لزوجته طلقي نفسك واحدة فطلقت ثلاثا، إنها واحدة وإن قال ثلاثا فطلقت واحدة فلا شيء لها، وقال أصبغ لا شيء لها في ذلك كله، قال مطرف عن مالك فيمن ملك امرأته في واحدة فقضت بالبتة فلا شيء لها لأن البتة لا تبعض وساوى بينهما المغيرة فقال في البتة كما قال في الثلاث مالك.
وقال أصبغ: إن ملكها ثلاثا، أو قال البتة فقضت بواحدة، أو ملكها / واحدة فقضت بالبتة أو بالثلاث فذلك كله باطل، لأنه غير ما أعطاها، وفي باب من ملك رجلين مسألة تشبه هذا.
قال ابن حبيب قال أصبغ: وإن قال اختاري في ثلاث فاختارت واحدة فذلك لها، ولو قال من ثلاث فهو ألبته وإن قال اختاري ثلاثا أو قد ملكتك ثلاثا [5/ 223]

(5/223)


ولم يقل في ولا من، فإن اختارت أقل من الثلاث لم يلزمه شيء، وكذلك لو قال: اختاري وسكت.
وروى ابن سحنون عن أبيه إذا قال لها اختاري في ثلاث أو في الثلاث إنه واحد، أن لها الخيار في واحدة واثنتين وثلاث، ولو قال من الثلاث أو من ثلاث لم يكن لها الخيار إلا في واحدة واثنتين لا في ثلاث، قال فإن قال أمرك بيدك ثلاثا فليس لها إلا الثلاث أو الترك، فإن قبلت واحدة فلا شيء لها، ثم إن قالت في مكانها فأنا اقضي بالثلاث إن لم تعمل الواحدة فليس لها ذلك وإنما لها جواب واحد.
ومن كتاب ابن المواز: قال ابن القاسم في قوله في أمرك بيدك إن شئت أو أنت طالق إن شئت أو إذا شئت، فذلك بيدها وإن افترقا، وكذلك إن شئت الطلاق فأنت طالق، وإن شئت الظهار فأنت علي كظهر أمي وله المناكرة في التمليك وأما قوله طلقي نفسك إن شئت أو متى شئت فليس لها أن تطلق إلا واحدة، فإن زادت فلم ينكر فإنه يحلف ما سكت رضى بما طلقت، وإن قال: أنت طالق كلما شئت فلها أن تطلق مرة بعد مرة ولا مناكرة له إلا أن تمكنه من وطئها، / أو تشهد له بالترك، أو يوقفها الإمام، ولو قال: كم شئت ومتى شئت، فلها أن تطلق ما شاءت في المجلس ولا مناكرة له، وليس لها ذلك بعد المجلس إلا أن تقيد قولها بشيء، وإن قال: متى شئت فلها أن تطلق في مرة واحدة، إما في المجلس أو بعده، وله أن يناكرها فيما فوق الواحدة.
وإن قال ما شئت وكم شئت فلها ذلك في المجلس خاصة، إلا أن يعيده ولا مناكره له.
وذكر ابن حبيب عن ابن القاسم في: إذا شئت ومتى ما شئت أن ذلك لها بعد المجلس ما لم توقف أو توطأ بخلاف إن شئت، قال أبو محمد في قول مالك الذي فرق فيه بين إن وإذا، يجعل إذا مثل متى ما ان لها القضاء بعد المجلس ولم يجعل لها في إن القضاء إلا في المجلس، قال ابن القاسم، وإن قال: كلما شئت، فذلك لها مرة بعد مرة ما لم توقف أو توطأ أصبغ: ذلك في متى ما وكلما وإن وطئها [5/ 224]

(5/224)


في تكرير التمليك وتكرير الجواب
ومن قال ان لم أقضك دينك
في كل نجم فأمرك بيدك
من كتاب ابن المواز وذكره ابن سحنون عن ابن الماجشون وإذا كرر التمليك فقالت قبلت لكل واحدة طلقة فقال الزوج أردت واحدة ونويت الترداد، قال محمد: أحسن ما فيها أن يقبل قوله، وقاله عبد الملك، وإن قال: أمرك بيدك، فقالت قد قبلت ثم سألها فقالت قد قبلت، ثم ثلاث، فقالت: كذلك وقالت أردت الثلاث، وقال هو: أردت واحدة فروي / عن مالك أنها ثلاث، وقال عبد الملك تكون واحدة ويحلف وبه أقول،
قال محمد: ولو بينت في كل مرت فقالت قد طلقت كان طلاقا ماضيا، وكذلك قال ابن سحنون عن عبد الملك وسحنون.
وفي العتبية من سماع ابن القاسم في تكرير التمليك وهي تقول في كل مرة قد قبلت وقالت: أردت الطلاق أنها ثلاث، وقال ابن المواز قال مالك: وإذا ملكها فقالت كم ملكتني؟ فقال: مرة ومرة ففارقت، فإن قال: أردت واحدة حلف وصدق، وفي المجموعة عن ابن القاسم قال هي ثلاث إذا اختارت نفسها ولا مناكرة له.
ومن المجموعة قال عبد الملك: وإذا قال أمرك إليك، فقالت قد طلقتك، ثم قال أمرك إليك، فقالت: قد طلقتك، ثم قال: أمرك إليك، فقالت: قد طلقتك، لكان ذلك لازما كله، ولو قال: أمرك إليك، ثم أمرك إليك، ثم أمرك إليك، ثم قالت: قد قبلت أو كررت القبول، فهو كقوله واحدة، ولو قال: أمرك إليك ثلاثا، وقالت: أردت واحدة لم ينفعه لأنه أظهر ما ملك، وليس لها أن تقضي بدون الثلاث، واصل ذلك إذا كان له أن يقول: ملكتك واحدة، فلها أن تقضي بواحدة، وإذا لم يكن له أن يقول ملكتك واحدة فليس لها أن تقضي بواحدة. [5/ 225]

(5/225)


وقال ابن القاسم: إذا قال: قد ملكتك وقد ملكتك وقد ملكتها فقضت بالثلاث فهي ثلاث ولا ينوى، وإن قضت بدون ذلك فهو ما قضت، وإذا قال: قد ملكتك مرة ومرة فأختارت نفسها فهي ثلاث ولا مناكرة له كالقائل قد طلقتك مرة ومرة ومرة.
ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم: وإن ملكها قبل البناء فقالت فارقتك فارقتك نسقا، فلما افترقا، قال: أردت واحدة فلا قول له، ولو كانت قالت مرتين وقال هو أردت واحدة وقالت هي البتة حلف وكانت اثنتين.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فيمن عليه دين لامرأته نجمته عليه على أنه إن لم يوفها كل نجم عند محله فأمرها بيدها، فحل نجم فلم يعطها فاختارت نفسها، قال: إن مسها بعد الأجل أو تلذذ منها فلا خيار لها في ذلك النجم إلا أن تدفعه عن نفسها بأمر يعرف عند الناس، فإن فعلت فلها الخيار متى ما اختارت ما لم يمسها، وإن كانت في بيته فقال مسستها فأكذبته فهو مصدق ولها النجم الذي يليه وفي جميع النجوم مثل مالها في الأول.
في تمليك الصغيرة المجنونة وتخييرهما
من كتاب ابن المواز قال مالك: إذا خير زوجته قبل أن تبلغ وقبل البناء فاختارت نفسها فهو طلاق إذا بلغت في حالها، قال ابن القاسم يريد بلغت حد الوطء فيما ظننت، وقال أشهب وعبد الملك في الصغيرة: ذلك لها، وفي رواية عيسى عن ابن القاسم إذا بلغت مبلغا تعرف ما ملكت أو يوطأ مثلها فذلك لازم.
قال سحنون لها الخيار وإن لم تبلغ. ومن المجموعة قال عبد الملك في المغمورة / يخيرها زوجها فتختار نفسها قال: إن خيرها وهي مفيقة ثم غمرت [5/ 226]

(5/226)


فقضاؤها غير جائز، ولو خيرها وهي مغمورة فقضت جاز قضاؤها لأنها في حد رضي لنفسه قضاءها وكذلك لو ملك صبيا أمر امرأته لجاز قضاؤه إن كان يعقل ما جعل له وما يجيب فيه، وإن كان يخلط في كلامه ولا يعقل ما جعل له لم يجزه. ابن سحنون عن أبيه وإن جعل أمرها بيد صبي أو امرأة أو ذمي يطلق عليه، قال: يلزمه.

في التمليك إلي أجل وتمليك الزوج الغائب
أو يجعل أمرها بيد غيره من حاضر أو غائب
أو بيد زوجة أخرى والمناكرة في ذلك
وكيف إن طلقت هي إلى اجل؟ أو قالت إن شاء فلان؟
من كتاب ابن المواز: وإذا ملكها إلى سنة ثم وطئها وجهلا، فقد زال ما يبدها، ولو قال إذا قدم أبي لم يزل ذلك وطؤه قبل قدوم أبيه، ولو قال إذا وضعت، كان الوطء قبل الوضع يزيل ما بيدها، وإذا طلقت المملكة إلى أجل عجل عليها.
قال أصبغ: وله المناكرة حين تكلمت. ومن أرسل إلى زوجته بالتمليك أو بالخيار فلم تختر ولم تجب حتى فارقها الرسول فقال مالك: ذلك بيدها بحلاف حضور الزوج إلا أن يطول الزمان أو يتبين من أفعالها فعل الراضية بالزوج، لأن المشافهة من الزوج كلام بعضه جواب لبعض أو المرسل أعطي من ذلك مالا ينتظر له جوابا، وليس للزوج أن يبدو له بعد أن أرسل إذا أرسل مجمعا كالكتاب، ولو/ سبق الخير إليها قبل مجيء الرسول فطلقت فذلك لازم، وكذلك روى أصبغ في العتبية عن ابن القاسم.
ومن كتاب ابن المواز: وان ملكها إلى أجل أو ملك أمرها رجلا إلي أجل، أوقف الآن من له القضاء، فإن غفل عنه فهو بيده إلي الأجل، وإن خلا بها بعلم [5/ 227]

(5/227)


من له التمليك وأدعى الزوج الوطء سقط التمليك، قال أصبغ: وإن جاء الأجل فلم يطلق من ذلك بيده سقط التمليك.
وروى العتبي عن يحيى بن يحيى عن ابن وهب كقول أصبغ، قال محمد: ليس كالمجلس لأن للمجلس افتراقا يقطع الجواب وهو قول مالك في الرسول بالتمليك إنه بخلاف الزوج في افتراق [المجلس] قال عبد الملك أو سحنون في كتاب ابن سحنون إذا أملكها إلى أجل فذلك لها قبل الأجل وبعده ما لم توقف أو توطأ طائعة قبل الأجل أو بعده فيزول ما بيدها.
ابن المواز: قال ابن القاسم: ومن ملك غائبا فلا يقربها الزوج، ويدخل عليه إلايلاء، ويضرب له الأجل من يوم ترفعه قال ويكتب إليه في الغيبة القريبة، فإما طلق أو ترك ما بيده، ولا يطؤها الزوج في ذلك، وقد كان مالك قال فيها غير هذا في بعيد الغيبة إن يرجع الأمر إليها. محمد والأول احب إلينا، فإن طلق عليه بالايلاء ثم قدم الغائب في العدة فإن طلق لزم الزوج طلاقه وإن لم يطلق فللزوج الرجعة، وإن قدم بعد العدة فلا طلاق له.
ومن ملك أجنبيا فذلك له بيده حتى يفترقا أو يقيد ذلك بلفظ بأن يقول قبلت أو نحوه فيبقى بيده حتى يوقفه السطلان أو يشهد أنه ترك/ ما بيده ويخلو بها بعلم الذي بيده التمليك فيدعي الزوج أنه مسها، وإذا قضى بالثلاث فذلك لازم إن لم ينكر عليه الزوج بنية يدعيها في وقت تمليكه، وإن لم تكن له يومئذ نية فذلك نافذ ولا مناكرة له بنية يحدثها، فإن أراد الرجل أن تقضي فقالت الزوجة لا أريد الفراق، فذلك لها ولا ينبغي له أن يفارق، فإن أبي منعه الامام ثم لا قضاء له بعد منعه، وإن سبق فراقه ففراق ماض، قال محمد: وهذا إذا كانت المرأة هي سألته ذلك وأراد سرورها، وإلا فليس له أن ينهاه، وقاله مالك في الذي جعل أمرها بيد أبيها إن غاب، وروى يحيى عن ابن القاسم في تمليك الأجنبي مثله، وروى عنه أبو زيد فيمن قال: إن أخذت من مالك ابنتك فأمرها بيدك، وذلك في [5/ 228]

(5/228)


عقدة النكاح أو بعد واحدة منه فأراد أن يفرق بينهما فأبته فإن كانت مرضية فذلك لها، وإلا فذلك إلى الأب.
قال ابن حبيب قال ابن الماجشون: ومن قال لختنه إذا تكاريت لابنتك وخرجت بها من القرية فأمرها بيدك فتكارت له ليخرجا فأبى وبدا له، قال ذلك له ولا شيء عليه.
ومن كتاب محمد: قال ابن القاسم: وإذا ملك أجنبيا غده فافترقا ولم يقض ثم اجتمعا بالعشي عند السلطان فأقر له الزوج بالتمليك وطلق عليه بالبتات، فقال الزوج لا يفعل، قال لا يلزم الزوج شيء، ويحلف ما كان إقراره بالعشي تمليكا مستأنفا وما كان منه إلا وهو يرى أن الأمر الأول يلزمه ولم يرض بما كان منه من الفراق /، وأنكر أصبغ قوله: يحلف أن اقراره لما كان يرى ويظن أنه يلزمه. محمد يريد أصبغ لو رضي بما قضى وألزمه نفسه لم ينفعه ظنه، ولكن إذا لم يكن منه رضى ولا تسليم بما قضى عليه فلا شيء عليه.
ومن ملك رجلا، فملك الرجل غيره فطلق فذلك غير لازم، وكذلك لا يوصي به إلي غيره، وقد قال ابن القاسم في الذي جعل أمرها بيد أمها إن غاب فإن أوصت الأم بذلك بعينه إلى أحد فذلك، وإن لم توص به إلى أحد فذلك راجع إلى الابنة فيما رأيت من قول مالك، وقال ابن القاسم: ولا يكون ذلك لوليها حتى يشهد له على هذا بعينه، وقال أشهب وابن عبد الحكم وأصبغ: ليس لها أن توصي به، والشرط ساقط يوم ماتت الأم، قال ابن وهب، وقاله ربيعة ويحيى بن سعيد ومالك والليث.
وقال عبد الملك فيمن جعل أمر زوجته يبد أبيها وهو غائب، بوطئها في غيبته طائعة فلا يقطع ذلك ما بيده، وللأب أن يقضى وإن كرهت الابنة وكذلك لو [5/ 229]

(5/229)


كان حاضرا فقبل ذلك ثم افترقا فقالت هي قد رددت ما كان بيد أبي فليس ذلك لها، وذلك بيده حتى يوقفه السلطان أو يرد ذلك من قبل نفسه.
قال ابن القاسم فيمن جعل أمر احدى زوجتيه بيد الأخرى وافترقا ثم أقام يطؤها سنين ثم وقع بينهما شر فطلقها فقال لها الزوج: إن كانت طالقا فأنت طالق، فلا شئ عليه في واحدة منهما، لأن وطأه بعلم الأخرى اسقط ما بيدها، وكذلك روى عنه عيسى في العتبية.
قال أصبغ في كتاب ابن المواز، وذلك إذا علمت بما جعل إليها، قال: وذلك إذا كان شرط في عقد النكاح مما يمكن أن تقول: لم أعلم بما في كتابي فلا يضرها دخوله بالتي تزوج عليها إذا قالت لم أعلم ولا علمت ما في كتابي، وأما ان جعل ذلك لها بحضرتها ولم تقض حتى بنى بالأخرى فقد سقط ما بيدها منها إذا علمت بدخوله أو خلوته أو بطول ذلك بعد علمها بالعقد فلا قضاء لها وإن لم يدخل.
قال محمد إذا جعل بيدها أمرها الطارئة فلها القضاء ما لم بين بالطارئة وإن طال ذلك أو تبين منها الرضا بها، ولو كان إنما جعل أمرها بيد نفسها إن تزوج فتزوج وهي عالمة، فإن لم تقض سقط ما بيدها أن أمكنة من نفسها، وكثير من هذا الباب مكرر في أبواب الشروط.
من المجموعة قال ابن القاسم فيمن قال لامرأته أنت طالق إن شئت فقالت قد شئت إن شاء فلان، فإن كان فلان قريبا كاليوم وشبهه كتب إليه ليعلم مشيئته، وإن بعد رجع الخيار إليها، قال أصبغ: وهذا غلط ولا يكون ذلك لها إلا في حضرة فلان إلا أن يقول هولها: أنت طالق إن شاء فلان، فهذا تنتظر مشيئته في القريب وإن بعد صار موليا إن رافعته، وروى عيسى عن ابن القاسم فيمن قال أنت طالق إن شئت ولعبده أنت حر إن شئت، فقالت المرأة أو العبد قد شئت إن شاء فلان فيوجد فلان قد مات فلا شيء لهذين ولا ترجع إليهما المشيئة، ولو [5/ 230]

(5/230)


كان فلان بعيد الغيبة مثل افريقية، قيل للمرأة اما ان تقضي الآن أو تدعي ولا تؤخر، وأما العبد فذلك له حتى تنظر مشيئة فلان ويكاتبه وليس فيه من الضرر ما في المرأة، ولو كان فلان بمثل الإسكندرية وعلى اليومين والثلاثة لا تنظر بالمرأة مشيئة.
قال: ولو رضي الزوج في البعيد الغيبة بالصبر وخاف أن يرجع إليها فتفارق قال: ليس ذلك له، وقد يقع في ذلك الموت والمواريث. قال ابن القاسم: وليس القياس التأخير وإن قرب القياس أن يوقف الساعة.
قال ابن حبيب: قال أصبغ من قال أمرك بيدك إلى شهر أو إذا دخلت فلانة أو كلما شئت أو إذا شئت فلتوقف مكانه لتقضي أو تترك، وإن وطئها قبل توقف فذلك بيدها إلا أن يقطعه الوطء، لقوله: كلما شئت، أو إلى شهر، أو إذا دخلت بفلانة فهو بيدها أبدا، بخلاف المملكة إلى غير أجل، وابن القاسم يساوي بينهما.
ومن العتبية روى ابن القاسم عن مالك فيمن ملك امرأة أمر زوجته فقضت بالبتات قال: يلزمه. قال ابن القاسم: يريد إلا أن يناكرها فيحلف على ما نوى، وإن لم ينو شيئا لزمه ما قضت.
وروى عنه يحيى بن يحيى في البكر تسأل زوجها في الفراق فيأبى، ثم يسأله أبواها بعد مدة فقال له: الأمر بيدك. إصنع ما شئت، ففرق بينهما، فقال: لم أر هذا قال يلزمه ذلك، وله المناكرة فيما زاد على طلقة ويحلف إن شاء، وقاله مالك.
وروى أبو زيد عن ابن القاسم فيمن قال لرجل كلما جاء شهر أو كلما حاصنت / امرأتي فأمرها بيدك، فإنه يوقف الآن، فإن طلق ثلاثا جاز عليه، وإن أبى أن يطلق سقط ما بيده، وليس للزوج أن يرجع فيما جعل له.
قال ابن حبيب قال أصبغ: إذا جعل أمرها بيدها إلى أجل أو بيد غيرها، فلا يقطع ذلك وطؤه إياها وإن جعله إلى غير أجل فوطؤه يقطعه وافتراق المجلس. [5/ 231]

(5/231)


وقال ابن الماجشون: ان جعله بيد غيرها فلا يقطعه الوطء وإن علم به، وبه أقول.
ومن المجموعة وكتاب ابن سحنون قال ابن الماجشون: إذا قال لها أمرك بيدك [إذا قدم أبوك، فإن كان أبوها قد خرج إلى البلد الذي هما فيه وكأنما أراد، لأجل فكأنما قال: أمرك بيدك] إلى ليال فوطؤه إياها يقطع التمليك، ولا يطأ حتى يوقف الامام، وإن لم يخرج أبوها أو كان على وجه النقل لقدومه ونحوه مما لم يرد الأجل فهو كمن قال: إن كلمت فلانا فأمرك بيدك فلا يمنع الوطء، وإذا قدم فلها التمليك لا يقطعه ما تقدم من الوطء وقال المغيرة فيمن جعل أمر امرأته بيد رجل فقال له رجل: طلقها ولك ألف درهم فيفعل ويطلق ولم يبق للزوج فيها إلا طلقة، قال: طلاقه جائز، والألف للزوج.
فيمن ملك رجلين
أو جعل مع الزوجة رجلا في التمليك
أو حلف لغريمية ليقضينهما إلا أن يؤخراه فوخره أحدهما
أو ملك رجلا فطلق عليه بصلح
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فيمن جعل أمر امرأته بيد رجلين فقال: إن شئتما، أو لم يقل فطلقها كل واحد منهما واحدة فلا يجوز حتى يجتمعا عليهما أو على واحدة وإن قال: طلقا امرأتي، فمن طلقها منهما جاز طلاقه وإن قال في ذلك إن شئتما، لم يجز حتى يجتمعا عليهما أو على واحدة، فإن طلقها بالبتة وقال الزوج لم أرد إلا واحدة فالقول قوله، قال ابن حبيب قال أصبغ في قوله: طلقا امرأتي علي فهو على وجهة التمليك حتى يريد الرسالة، فإذا أرادها وقع الطلاق بقوله وإن لم يخبراها به، وقال ابن القاسم: هو على الرسالة حتى يريد التمليك ويقول لا يقع الطلاق في الرسالة حتى يبلغها. [5/ 232]

(5/232)


ومن كتاب محمد: ومن حلف لغريميه ليقضينهما حقهما إلا أن يؤخراه ويمينه بالطلاق فوخره أحدهما وطلق الآخر فالطلاق لازم له إلا أن يؤخراه، ولو قال فطلاقها بايديكما لم يلزمه طلاق أحدهما حتى يجتمعا. قال أشهب ليس جعل أمر امرأته بيد رجلين فطلق عليه واحد بالبتة وآخر بواحدة، وقال: لا شيء عليه، وقال عبد الملك تلزمه واحدة، وهو أحب إلينا، وقاله أصبغ، وروى عيسى عن ابن القاسم في العتبية فيمن ملك أمر زوجته ثلاثة نفر، فطلقها واحد واحدة وآخر اثنتين وآخر ثلاثا، فإنما تلزمه واحدة لاجتماعهم عليها.
ومن المجموعة قال عبد الملك: وان ملكها وشرط معها أباها أو أمها فليس لأحدهما قضاء إلا باجتماعها، وقال أشهب في العتق والطلاق، وقال: فإن وطئها فقد انتقض/ ما بأيديهما ولو جعله إلى رجلين وأذن احدهما في وطئها، فقد زال ما بأيديهما، وطئ أو لم يطأ.
قال عبد الملك: وإن مات أحدهما فلا تمليك للثاني، وكذلك في كتاب ابن سحنون عن عبد الملك، وقال: وإن قال: أمرك إلى أبيك فغاب الأب فأمكنته من وطئها فوطئها فلا يزبل ذلك ما بيد الأب، كما لوردته هي لم يزل من يد الأب إلا أن يرده أو يوقفه السلطان، وإن قال إن غبت سنة فأمرك بيدك فقالت قد اخترتك ثم مضت سنة فليس لها شيء وقد زال ما بيدها.
قال ابن القاسم: ومن ملك رجلا في ان يطلق عليه بواحدة أو اثنتين أو ثلاث فطلق عليه بطلقة صلح برضاء المرأة بعطية ودتها، فأنكر ذلك الزوج فذلك له لأنه إنما ملكه واحدة، غير بائنة أو اثنتين وهو كمن قيل له: طلقها بالبتة إن شئت، فطلقها بواحدة صلحا فلا يتم ذلك إلا برضاء الزوج. [5/ 233]

(5/233)


في التمليك بعطية
وفي التمليك في عقد النكاح
أو يمين قبل عقد النكاح أو بعده
أو في توثق الغريم ونحوه
وهل فيه مناكرة؟
من كتاب ابن المواز: قال مالك: وإذا أعطت امرأة زوجها على أن يخيرها فاختارت فهي البتة لا تحل له إلا بعد زوج إلا أن يكون لم بين بها قال محمد: المفتدية في ذلك كالتي لم بين بها لأن الواحدة تبينها، قال وإذا أعطته شيئا على أن بخيرها فخيرها فاختارت طلقة فذلك لها، وان قضت بالبتة فله أن يناكرها، وإن اختارت منهما فهي البتة وله أن يناكرها قبل أن يفترقا.
قال مالك: وكذلك لو أعطته على أن يملكها فقضت بخلية أو برية فلا مناكرة بعد المجلس وهي البتة، إلا أن يقول هو قبل أن يفترقا أردت واحدة فذلك له، يحلف متى ما أراد نكاحها. قال ابن سحنون قال أشهب عن مالك: وإذا جعل أمرها بيدها على أن أعطته مهرها أو مالا غيره فتختار نفسها فقال: أردت واحدة، فلا قول له، وهي البتة، وإذا سألته الصلح فأبي إلا بكذا أو تساوما ثم اتفقا على شيء فقالت: فاجعل أمري بيدي ففعل فقضت بالثلاث فناكرها فذلك له، فإن نوى واحدة فهي واحدة وقال سحنون: له المناكرة في المسألتين، وقال أشهب: الفرق بينهما أن الأولى لو اختارته بقيت زوجته، وكان له ما أعطته، والأخرى لو أبت أن تختار بقيت زوجه ولا يكون للزوج شيء قال سحنون: الفرق صحيح.
قال مالك: وإن اعطته وفي كتاب آخر خالعته على أن يملكها، فقالت: قد قبلت أمري مرتين ثم قال بعد أن أدبرت هي طالق البتة، فلا أحب له نكاحها، قال ابن القاسم، كأنه رآه كلاما واصلا، والذي أقول: إنه إن كان بين ذلك صمات لم يلزمه ما طلق [5/ 234]

(5/234)


قال في المجموعة ابن القاسم: إنما كره مالك نكاحها لاحتمال أن يكون لم يرد طلاقا، قال ابن المواز: إذا لم يقل غير قبلت أمرى وافترقا ثم اتبعها بالبتات أو كان بين ذلك صمات فلا يلزمه ما اتبعها وتسأل هي ما قبلت، فإن قالت واحدة لم يلزمه ما طلق لأنه طلقتها بائنة للخلع وكذلك لو قالت اثنتين إلا أنه قال: نويت واحدة حلف، وكذلك إن لم يبن بها.
ومن المجموعة قال ابن القاسم: وإذا أعطت زوجها شيئا علي أنه أنه نكح عليها فأمرها بيدها فتزوج ففارقته بالبتة فناكرها قال: تلزمه البتة، وقال أيضا له المناكرة وتلزمه طلقة.
قال ابن القاسم: قال مالك: وإن صالحها فظن أن لا يتم ذلك إلا بالتمليك فملكها فاختارت نفسها فلا يلزمه إلا واحدة، قال في العتبية إلا أن يسمى أكثر.
قال محمد: وإن أعطته على أن يطلقها البتة فطلقها واحدة فقد بانت ولا حجة لها ولو زادها بعد الواحدة مالزمه، وقاله يحيى بن سعيد قال: وإنما للزوج المناكرة في التمليك إذا لم يكن في أصل النكاح، فإذا كان يشترط في أصله فلا مناكرة له إن طلقت بالبتات، وقال في المدونة بني بها أو لم بين.
قال في كتاب ابن المواز: ولو جعل بيدها أمر الطارئة فطلقها البتة فله المناكرة إن لم بين بها، فإن بني بها قبل علم القديمة فلا مناكرة له، وقد تقدم هذا في الشروط.
ومن كتاب ابن المواز: ومن قال لامرأة إن تزوجتك فلك الخيار فذلك لها إن تزوجها، ولو قال لها لا أتزوجك حتى تسقطي عني الخيار الذي جعلت لك فلا ينفعه ذلك لأنها أسقطته قبل تملكه ولا تملكه إلا بالنكاح، وذلك لها بعد العقد ما لم يطل ذلك بعد العقد وبيني بها، ومن قال/ كل امرأة اتزوجها فلها الخيار أو أمرها بيدها أو هي علي كظهر أمي، فذلك يلزمه بخلاف الطلاق. [5/ 235]

(5/235)


ومن قال لغريمه إن لم اقضك يوم كذا فأمر امرأتي بيدك فمضى اليوم ولم يقضه فطلق عليه بالبتات فالقضاء ما قضي ولا مناكرة للزوج، وكذلك لو كان حلف له بالحلال علي حرام، وادعى الآن أنه حاشى امرأته فلا يقبل منه، وكذلك ما كان علي التوثق من هذا ونحوه.
وروى أبو زيد في العتبية عن ابن القاسم في العامل يشترط عليه رب المال إن أحدثت في مالي حدثا فأمر امرأتك بيدي فيحدث فيه حدثا، قال ان كان حدثا بينا فذلك بيده، وذلك بمنزلة اليمين.

في الذي يحلف بالطلاق ليفعلن ثم يحلف ألا يفعله
أو يقول إن فعلت أو إن لم أفعل فأمره بيدك
فتعجل هي الخيار الآن.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: ومن حلف بطلاق امرأته، قال عيسى في روايته عن ابن القاسم: بالطلاق ثلاثا ليتزوجن عليها ثم قال لها: إن تزوجت عليك فأمرك بيدك، فقالت: فإذا تزوجت علي فقد اخترت نفسي، قال مالك تطلق الساعة، لأن طلاق لابد منه إلى أجل يأتي.
قال ابن القاسم في رواية عيسى: فإن ناكرها وقال لم أرد إلا واحدة فذلك له، وله عليها الرجعة، وقال عيسى في روايته لأتزوجن عليك إلى الثلاث سنين، وكذلك روى ابن نافع عن مالك في المجموعة / قال في كتاب محمد وكذلك إن حلف بالطلاق ليقضينه حقه إلى أجل مسمى ثم حلف بالطلاق لا قضاه أبدا، أنها تطلق الآن.
قال ابن القاسم: وكذلك لو حلف ليتزوجن عليها إلى ثلاث سنين ثم قال: إن تزوجت عليك فأمرك بيدك فقالت قد اخترت نفسي الساعة فذلك لازم إذا تزوج. [5/ 236]

(5/236)


قال محمد: لا يعجل في هذه بفراقها إذا ضرب أجلا ولا يمنع من الوطء لأنه قد يصالحها قبل الأجل ثم يتزوجها بعده فلا يقع عليه إلا طلقة الصلح، إلا أن يقول فيمن لم يبق له فيها غير طلقة فتحرم عليه ساعة اختارت نفسها لا ينتظر بها الأجل ولا التزويج، ولو حلف بالثلاث لا يتزوج عليها، ثم حلف بالبتة ليتزوجن فإن لم يضرب أجلا طلقت يوم يمينه ليتزوجن، ولا ينفعه صلح لعوده اليمين، ولو ضرب أجلا لم يعجل عليه لأنه إذا شاء صالحها بقرب الأجل ثم يتزوجها بعد الأجل.
قال محمد: وقيل فيه: إذا لم يضرب أجلا لم يعجل بالطلاق، إذ قد تصبر بلا وطء، وإن لم يصبر ضرب له الأجل من يوم ترفع.
فيمن نكح على امرأته فغارت
فقال إن لم أطلقك إلى شهر فأمرك بيدك أو فأمرها بيدك
وكيف إن عجلت هي القضاء؟
ومن العتبية من سماع ابن القاسم فيمن نكح على امرأته فغارت فقال لها: إن حبستها أكثر من سنة فأمرها بيدك، قال: أرى أن تطلق التي فيها الشرط وهي الجديدة، وما أدري ما حقيقته؟ قال ابن القاسم: لا يعجبني وليوقف هو الآن، فإما طلق الجديدة وإلا كان / أمرها بيد القديمة الآن فإما طلقتها أو رضيت بها.
وروى أبو زيد عن ابن القاسم في التي تزوج عليها فعذلته فقال: إن لم أطلقها إلى الهلال فأمرك بيدك. فقالت: اشهدوا أنه إن لم يطلقها في الهلال فقد اخترت نفسي بثلاث، فقال: إن لم يطلقها عند الهلال طلقت القديمة.

في القائل لزوجته: اختاريني أو اختاري الحمام
من كتاب ابن المواز: قال مالك في التي أكثرت دخول الحمام، فقال لها زوجها: اختاريني أو اختاري الحمام، فقالت قد اخترت الحمام. فإن لم يرد طلاقا [5/ 237]

(5/237)


فلا طلاق عليه، قال في رواية ابن وهب ويحلف، قال ابن القاسم: فإن أراد الطلاق فهي البتة ولا ينوى في اقل منها لأنه خيار، قال محمد: لا أرى أنه ملكها نفسها ولا خيرها إنما خيرها بين زوجها وبين غيره، فإن اختارت زوجها فهو زوجها وإن اختارت الحمام فلها الحمام وليس نفسها فلا يكون خيارا ولا تمليكا حتى يريد به الفراق فيكون البتة كما قال مالك، وكذلك إن أرادت نفسها مع الحمام.
قال ابن سحنون عن أبيه فيمن عزل عن زوجته لصغرها فلم تحلله في ذلك، فقال لها: اختاريني أو اختاري الولد. فقالت: قد اخترت الولد، قال: إن أراد الطلاق فقد طلقت كما قال مالك في صاحبة الحمام والغرفة، فأنكر ما ذكر فيه عن بعض أصحابنا.

في التداعي في التمليك واختلاف البينة فيه
وفي اليمين في المناكرة والتمليك
وهل ترد فيه اليمين؟
ومن قال جهلت أن لي المناكرة
من كتاب محمد: وإذا افترقا من المجلس في التمليك فقالت: قد طلقت نفسي وقال لم تعمل شيئا، فقال أشهب: يقال لها: فاختاري الساعة وقال ابن القاسم: القول قولها، وقال في مثلها في الذي قال إذا كان غد فأمرك بيدك إلى الليل وأقامت أياما ثم قالت قد كنت قد اخترت نفسي يوم جعلت ذلك لي، قال: ما أرى ذلك لها، قال أصبغ: هذا خلاف لقوله في مسألة المجلس، وهذه أبين أن القول قولها لأنها قد كان لها أن تختار بغير محضر الزوج.
ومن العتبية روى أبو زيد عن ابن القاسم فيمن شهد عليه شاهد أنه خير امرأته فاختارت نفسها وشهد أخر أنه أقر بذلك فهي شهادة واحدة، وهي البتة. [5/ 238]

(5/238)


ومن سماع ابن القاسم: وإذا قضت المملكة بالثلاث فناكرها في المجلس فيلحلف، فإن نكل فليس له رد اليمين وتلزمه الثلاث. قال عيسى عن ابن القاسم: وإذا قضت بالثلاث فلم يناكرها وقال لم أرد أن لي ذلك، قال لا يعذر بالجهل ولا مناكرة له. قال أصبغ عن ابن القاسم فيمن سافر وله أربع نسوة، ثم قدم بخامسة وزعم أنه كان خير واحدة من نسائه ذكرها ففارقته فأنكرت هي ذلك فلا يصدق ويفرق بينه وبين الخامسة ويدرأ عنه الحد فيها، وعليها الاستبراء بثلاث حيض ويفرق بينه وبين التي زعم أنها فارقته وتعتد من يوم إقراره.
قال أصبغ: ولو صدقته المرأة في الخيار والاختيار لم يصدق، والجواب سواء في التكذيب / والتصديق.
وفي أبواب الشروط: باب في التداعي في شروط التمليك من معنى هذا الباب.

فيمن شرط بعد عقده النكاح
أنها مصدقة إن ادعت ضررا أو أمرها بيدها
ومن العتبية روى عبد الملك بن الحسن عن ابن وهب فيمن شكت امرأته أذاه وضرره وأشهد لها بكتاب إن عاد فهي مصدقة فيما تدعي من ذلك وأمرها بيدها تطلق نفسها البتة، فبعد أيام وزوجها غائب، أشهدت رجالا أن زوجها عاد إلى أذاها وأنها طلقت نفسها، وأنكر الزوج أن يكون أن يكون أذاها، ثم ندمت المرأة وزعمت أنها كذبت فيما شكت من الأذى أولا ولا يعرف ذلك إلا بقولها، قال: قد بانت منه ولزمه ما قضت لأنه جعلها مصدقة، وقال مثله أشهب، وقال: ولكن ينظر متى ادعت أنه أتى إليها ما أوجب لها به التمليك وفارقت، وكان بين ذلك أيام أو أقرت أنها لم تختر إلا بعد افتراقهما من المجلس الذي أذاها فيه، ولا خيار لها لتركها ذلك حين وجب لها، وإن كان ذلك قريبا، وكانت قد قالت أو [5/ 239]

(5/239)


تقول الآن: إنما قلت لكم اخترت في المجلس، فقد وجب الفراق، وإن أكذبت نفسها.

في الأمة تعتق تحت العبد
وكيف إن اختارت نفسها
قبل البناء وبعد اللعان، هل لها صداق؟
وذكر شيء من إسلام أحد الزوجين
من كتاب ابن المواز: قال مالك: وللمعتقة تحت العبد الخيار بعد علمها بالعتق ما لم توطأ يعني طائعة أو تترك ذلك من قبل نفسها أو يوقفها السلطان، فإما قضت وإلا أخرج ذلك من يدها.
قال محمد: إذا علمت بالعتق فادعى الزوج بعد أيام أنه وطئها فأنكرت فالقول قولها إلا أن يكون كان يخلو بها فليقبل قوله مع يمينه، هذا إن أقرت بالخلوة، وإن لم تقر بها صدقت بغير يمين ولا ينفعها قولها جهلت أن لي الخيار، وإن قالت لم أعلم بالعتق صدقت ما لم تقم بينة على علمها.
قال مالك من رواية أشهب في العتبية وفي كتاب ابن المواز وإذا كان الزوجان نصرانيين لمسلم فاعتقها فلها الخيار لأنها لمسلم وقال ابن عبد الحكم: أحب إلي أن يحكم لها بحكم الإسلام وقاله أصبغ، وذكرها سحنون عنه في كتاب ابنه، وزاد: وكذلك لو كان السيد نصرانيا. فقال سحنون: أما إن كان السيد نصرانيا فأعتق الأمة لم أعرض لهم ولم أحكم بينهم.
قال مالك في العتبية من سماع ابن القاسم وإذا كان نصف الأمة حراً فأعتق باقيها فلها الخيار على زوجها العبد [5/ 240]

(5/240)


ومن كتاب محمد: وللأمة تحت العبد تعتق أن تختار نفسها بواحدة بائنة أو بالثلاث وإن احتارت نفسها ولا نية لها فهي واحدة بائنة وإن بني بها، وإن قالت عد اختيارها نفسها أردت البتة لم تصدق ما لم تبين ذلك عند اختيارها في الحكم، ويقال لها إن صدقت فلا تنكحه إلا بعد زوج، ليتورع هو عنها، قال محمد: ولم يعجبنا هذا بل يمنع منها إلا بعد زوج لإقرارها على نفسها /، وكذلك من خرجت بطلقة خلع أو غير خلع أو بانت ثم أقرت بأنه طلقها البتة فأنكر ثم صالحته ثم أرادت نكاحه قبل زوج وقالت كنت كاذبة أردت منه الراحة فإن لم تذكر ذلك بعد أن بانت منه لم تمنع نكاحه، وإن أقرت بعد أن بانت بأنه كان طلقها البتة، منعت من ذلك قبل زوج.
قال مالك في أمة مسلمة تحت عبد بيع زوجها بأرض غربة، فظنت أن ذلك فراق ثم عتقت فلم تختر نفسها حتى عتق زوجها: أنه لا خيار لها.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم في الأمة تعتق تحت العبد وهي حائض فلا ينبغي أن تختار في الحيض، فإن فعلت مضى، فإن لم تختر حتى عتق الزوج قبل أن تطهر فلا يقطع ذلك خيارها ولها الخيار إذا طهرت.
ومن كتاب محمد: قال مالك في آبق نكح حرة ولا تعلم أنه عبد ثم أعلمها بعد مدة واستكتمها فأقامت معه ثم علم سيده فأجاز نكاحه فقيل لها: لك الخيار، فطلقت نفسها فقال الزوج قد كنت أعلمتك فرضيت فصدقته، قال مالك: هي طلقت نفسها، وتصديقها إياه بعد ذلك لا يعلم ما هو، يريد: لا بينة عليه وهذا أمر كان أوله على غير صواب، قال: وإذا أعتقت أمة تحت عبد وهو غائب فاختارت نفسها، قال ابن القاسم فإن كان قريب الغيبة كتب إليه خوفا أن يكون عتق قبلها كالنصراني الغائب تسلم زوجته، فأما إن بعد حتى يكون انتظاره ضررا بها فلها أن تنكح بعد تمام العدة فإن قدم وكان عتقه أو إسلامه في العدة أو بعدها أو بعد قومه إلا أنه قبل دخول الثاني فالأول أحق بها، وإذا كان إسلامه قبل إسلامها فلم يقدم حتى دخل الثاني فالثاني أحق بها عند [5/ 241]

(5/241)


ابن القاسم، وقال عبد الملك وأصبغ الأول أحق بها، وإن بني بها الثاني وولدت الأولاد. قال محمد: وقولهما أحب إلي، وهو مما لم يكن يجب عليه فيه عدة، وكذلك إذا ثبت أن عتق العبد قبل عتق الأمة، قال أصبغ: ويصير (كالمنعي) وكالعبد يجب له وعليه حكم العبيد ثم يثبت أنه حر قبل ذلك بعتق سيده أو بغير ذلك، إنه يرجع إلى حكم الأحرار ولا يغير ذلك لجهله، وكذلك في الطلاق والعدة ترد الأمة أو العبد إلى بقية الطلاق للحر وبقية عدة الحرة، قال: وإذا أنذرت المعتقة في القريب الغيبة فاختارت نفسها لزم ذلك، واكتفي به، ثم إن نكحت وثبت أنه أعتق في عدتها فلا سبيل للقادم إليها، وكذلك لو لم تتزوج أحداً فلا سبيل له إليها، ولا حجة له لقرب غيبت، وتلك العدة لها عدة، وكذلك التي أسلمت والزوج قريب الغيبة فيستحب أن يتربص باستبراء أمره، فإن قدرت فنكحت ثم قدم وثبت أنه أسلم في عدتها فلا حجة له ويكتفي بتلك العدة لها عدة.
وروى ابن حبيب عن أصبغ: إن ظهر عتقها ولم يظهر عتقه- وهو حاضر – فاختارت نفسها وقد كان عتق زوجها قبلها ثم تزوجت الآن فزوجها الأول أحق بها وإن دخلت، وإن كان غائبا لم/ يكن أحق بها إلا أن يذكرها.
ومن العتبية روى أشهب عن مالك في أمة تحت عبد أشهدت أنها متى أعتقت تحته فقد اختارت نفسها أو زوجها فليس ذلك بشيء.
قال مالك في كتاب ابن سحنون وغيره: وأما الحرة ذات الشرط في النكاح والتسري تقول: اشهدوا أنه متى فعل ذلك زوجي فقد اخترت نفسي فذلك لها، وقال المغيرة: هما سواء ولا شيء لها، وهاتان المسألتان اللتان سأل عبد الملك مالكاً عن الفرق بينهما فقال له: أتعرف دار قدامة؟
ابن حبيب: قال أصبغ عن ابن القاسم في الأمة تعتق تحت العبد وقد أراد أن يلاعنها قبل البناء بها إنها إن اختارت نفسها قبل اللعان فلا شيء لها من الصداق وإن اختارت بعد اللعان فلها نصف الصداق. [5/ 242]

(5/242)


مسائل مختلفة من التخيير والتمليك
من كتاب ابن سحنون وقال سحنون في رجل خرج إلي سفر فقال الرجل: قد جعلت أمر امرأتي بيدك إن شئت فخيرها، وإن شئت فملكها، فخيرها الرجل أو ملكها والزوج غائب فاختارت نفسها أو طلقت نفسها واحدة والزوج غائب وهي غير مدخول بها ولم يعلم بما صنعت ثم قدم الزوج فأمكنته فوطئها الزوج وادعت الجهالة وذكرت أنها ظنت أن له الرجعة هل لها جميع الصداق؟ قال: نعم.
قال سحنون: قلت لابن القاسم/ في الذي يقول إن كلمت فلاناً فأمر امرأتي بيدها، هل هو مثل ما يشترط لها أنه إن تزوج عليها فأمرها بيدها فأذنت له؟ فقال: نعم، إن أذنت له بكلمة، أو تزوج فلا شيء عليه، قلت: فإن لم يفعل حين أذنت له إلا بعد طول من الزمان قال: إن تباعد كرهته أن يفعل، فإن وقع لم أفسخه. وكتب إليه في رجل شرط لامرأته أن يسكنها ببلد كذا، فإن لم يفعل أو أرحلها منها فأمرها بيدها فسكن بها في ذلك الموضع ثم حلف بالطلاق أن لا يسكن ذلك الموضع فخرج منه لنفسه ولزم البادية خوف الحنث وطلب من امرأته أن تخرج فأبت، فهل يكون مقامها بذلك الموضع يحنثه؟ قال: لا يبرئه من الحنث إلا أن يقطع كل ما كان له مما كان به ساكنا والله أعلم.
ومن كتاب ابن سحنون وهو لعبد الملك: وإن قال: كل امرأة أتزوجها أبدا فأمرها بيدها، فذلك يلزمه بخلاف الطلاق إذ قد تختار المرأة المقام معه فتحل له.
قال سحنون في امرأة أعطت زوجها مائة دينار على أن لا يطأها، وقال: لا يجوز هذا عندي وإنما تعطيه على أن تملك نفسها فأما هذا فلا أعرفه، ولا أراه يجوز.
قال سحنون: ومن ملك أمر امرأته مسلماً فلم يقض حتى ارتد قال التمليك باق بيده. [5/ 243]

(5/243)


سحنون: ومن خرج إلى سفر فقال لرجل: قد جعلت لك أن تملك امرأتي وتخيرها إن شئت، فملكها أو خيرها فطلقت نفسها واحدة أو اختارت نفسها ثم قدم / الزوج ولم تعلم فوطئها طائعة، فقالت: جهلت أن هذا أبين به فلها الصداق إن عذرت بالجهالة.
سحنون: ومن حلف أن لا تدخل امرأته إلى منزله شهرا فأخرجها إلى بيت أبيها فقيل له: إنه قد ضاق منها وأنا أعيرك منزلا تكون فيه ففعل، قال: يحنث دخل بها أو لم يدخل لأنه لما استعار لها منزلا فهو كمنزله.
ابن سحنون: قال بعض أصحابنا: وإن حلف بطلاقها البتة إن وطئها قال: يضرب له أجل الإيلاء، فإن حل طلقت بواحدة وإن وطئها قبل ذلك طلقت بالثلاث، ثم إن وطئها [بعد ذلك] فعليه الحد من إن لم يعذر بالجهل، قال: هذا خطأ، وتطلق عليه عند قيامها به، ولا يضرب له أجل، ولا رجعة له إذ لا يقدر على الوطء، فكيف يرتجع من ليس له أن (يطلق؟). [5/ 244]

(5/244)