النوادر
والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم يسر وأعن
كتاب الشروط والتمليك والتخيير في النكاح
ما يكره أن يعقد عليه النكاح من شروط التمليك وما يلزم منها وما لا يلزم
وما يفسد به من النكاح ..
من كتاب ابن المواز: قال: وكره مالك عقد النكاح على شيء من الشروط، وقال:
لقد أشرت على القاضي أن ينهي الناس عن ذلك، وأن لا يزوج الرجل إلا على دينه
وأمانته. وكره ما يؤخذ من الأيمان فيها. قال: وكل شرط وإن كان في العقد فلا
يلزم إلا ما كان فيه تمليك أو يمين.
وكره كل شرط فيه: ألا يمنعها من كذا أو لا يخرجها، وكل ما يمنع من الوطء في
الأمة في البيع ويفسخ به البيع ولا يفسخ به النكاح، وينهي عنه. وإن شرط في
العقد ألا يخرجها وشبهه، فينبغي له أن يفي لها بذلك، ولا أراه بالواجب.
وكره مثل هذا في العقد ألا يخرجها ولا يمنعها ممن يدخل عليه ولا من حج ولا
عمرة، فلم يملكها ملكا تاما، وأكرهه كما أكره شراء الأمة بشرط، وهذا كله في
العتبية نحوه من سماع أشهب. وقال عيسى عن ابن القاسم عن مالك: لاينبغي لأحد
أن يشهد كتابا فيه شرط طلاق أو حرية أو مشي إلى مكة.
ومن كتاب محمد: قال ابن عبد الحكم: قال مالك: وكل ما شرط لها بغر يمين، فلا
ينبغي له أن يفي به ولا يقضي عليه. [5/ 179]
(5/179)
قال عنه أشهب: وكذلك على ألا يمنعها من
المسجد.
قال مالك: وإن/ أعطى عهد الله وميثاقه ومشيا إلى بيت الله إن خرج بها، فهذه
أيمان يؤخذ بها ولا أرى أن يترك يخرج بها، وما أدري ما السلطان صانع في
ذلك، ولو شاورني لرأيت ألا يدعه يخرج بها لأيمانه هذه، فليتق الله وخير له
أن يفي لها.
قال محمد: وكان ابن شهاب يوجب الشرط وإن لم يكن فيه عهد ويقول: إن [من أدرك
كانوا يقضون به)] قال محمد: فلهذا شدد مالك فيما فيه العهد. فإذا خلا من
يمين وعهد وتمليك فلا يلزم، وقد أبطله عمر. قال مالك: وليس العهد وشبهه
كالطلاق والعتق، لأنه لابد أن يقضي فيهما السلطان، والعهد ونحوه إن لم يقض
فيه وتركه فهو أخف.
قال مالك: وإن تزوجها على أن لها عليه عهد الله وميثاقه ألا يخرجها من
بلدها، وأنها لا تحل له إلا بالوفاء بذلك فليس بطلاق، فليتق الله ولا
يخرجها.
وقال في المجموعة ابن نافع: حرام عليه أن يخرجها.
ومن كتاب محمد: ومن شرط أن كل امرأة يتزوجها عليك طالق، وأمرها بيدك إلا
ألا تلدي، فذلك لازم.
قال أصبغ: هذا ما لم تقعد عن الولد بما لا يشك فيه في الناس أجمعين.
قال أشهب: فإن قال: كل امرأة يتزوجها عليها إلى عشر سنين طالق، إلا ألا
تلد، فذلك يلزمه طلاق من يتزوج في العشر سنين عليها، قال محمد إلا أن يعيش
قبل العشر سنين فله أن يتزوج. قال مالك: فإن زوج/ أمته من أجير له على أنه
رأى منه ما يكره فأمرها بيدها، فهذا لا يحل شرطه ولا أفسخ به [5/ 180]
(5/180)
النكاح، قال ابن القاسم: كمن شرط: إن أضر
بها أو شرب خمرا أو غاب عنها فأمرها بيدها، فذا يكره العقد عليه فإن دخل
كان جائزا.
ومن العتبية قال سحنون: ويفسخ دخل أولم يدخل. قال عيسى: إذا وقع النكاح مضى
ولزمه الشرط. قال أصبغ: إنما يكره أن يشرط: إن رأت منه ما تكره أو ما لا
يعجبها، أو ما لاترضى فهي طالق، فإذا وقع مضى وكان لها ذلك، أو رأت منه ما
تكره فهي طالق لأنها يمين، فلا يفسخ النكاح قبل البناء ولا بعده.
ومن زوج جاريته من عبده على أنه إن أبق فأمرها بيدها فذلك لازم.
قال عبدالملك: كل ما وقع به التمليك من شيء فعله به الزوج وإن شاء لم
يفعله. فذلك ثابت، وما كان من تمليك يقع بفعل غيرالزوج مثل أن يقول: إن
بعتك أو بعتها، فالشرط باطل، والتمليك ساقط، والنكاح جائز. دخل أو لم يدخل،
وكذلك في المجموعة عن عبدالملك، وقال: ومنه: وإن يزوج أمته عبده على أنه إن
أب أو خرج فأمرها إلي، فذلك لازم، وكذلك من شرط إن لم أنفق عليك فأمرك
إليك، قال: ولو خرج بالعبد مأسورا وقامت بذلك بينة فلا شيء عليه.
قال محمد ابن المواز: والذي أقول به: أن كلما فعله بيد غير الزوج فهو يفسخ.
بني أو لم يبن/، لأنه وقع على أن الطلاق بيد غير الزوج، فهو كالمتعة.
ومن جعل شرط التمليك بيد غير الزوجين إلا أن الفعل بيد الزوج فذلك لازم.
قال مالك: ومن تزوج أمة وشرط: إن جاءت وبها أثر تدعي أنه منه، فهي مصدقة،
وأمرها بيدها. فجاءت وبها أثر خنق زعمت أنه فعله بها، فالطلاق يلزمه [5/
181]
(5/181)
بقولها إن شاءت كما شرط لها، وذكرها ابن
عبدوس من سماع ابن القاسم، وقال: فأمرها بيد (السيد) في البتة، فجاءت وبها
أثر خنق فزعمت أنه فعله بها والزوج ينكر، يطلقها السيد البتة. قال: ذلك
لازم نافذ كما شرط قال: وإلى هذا رجع سحنون فيمن شرط أن زوجته مصدقة فيما
تدعي من الضرر فأمرها بيدها: أن ذلك يلزمه وأكره النكاح بهذا الشرط، وكان
يقول: يفسخ قبل البناء، كمن شرط طلاقها بيدها متى شاءت، فإذا بنى بها فهو
كتمليك يزيله وطؤه إياها طائعة.
ومن العتبية: أصبغ عن ابن القاسم: ومن تزوج وشرط أنه إن أساء إليها فأمرها
بيدها فتزوج عليها أو تسرر فليس هذا من الإساءة. إلا أن يكون هو وجه
الإساءة عندهم فيما يشرطونه من هذا وإلا فلا. ولو ضربها على الأدب فيما
يستوجبه بالأمر بالمعروف فليس من الإساءة، ولو كان على غير ذلك، ضربها
مرارا أو جاء من ذلك أمر مفرط وإن لم يكن مرارا فهذا من الإساءة.
ومن الواضحة وإن شرط: إن شكت منه أذى فأمرها بيدها. فذلك يلزمه إن شكت وإن/
لم يعر إلا بقولها وهي مصدقة، ولو شرط: إن أذاها فأمرها بيدها لم يكن لها
ذلك بقولها حتى يعرف أذاه لها ببينة، فيكون الأمر بيدها، وإن افترقا من
المجلس إلا أن توقف أو تلذذ منها طائعة فيزول، ما بيدها، ثم إذا اشتكت منه
أذى مستقبلا، استقبت التمليك كالأول، وإن شرط لها أنه إن منعها من القضاء
في مالها فأمرها بيدها، فذلك لازم، والنكاح جائز، كشرطه ألا يضربها وشبهه،
وكذلك إن قال في شيء من ذلك: فهي مصدقة بيمينها أو بغير يمين، فذلك لازم
وإن لم تشترط ذلك لم يقبل منها إلا ببينة على الأذى أو الضرر. [5/ 182]
(5/182)
وروى عيسى عن ابن القاسم فيمن شرط في العفد
أن ينفق عليها نفقة مثلها، وإن لم يفعل فأمرها بيدها، فإنه يفسخ قبل البناء
ويثبت بعده، ويكون على شرطها إن لم يقدر على شيء، فإن لم يقدر على نفقة
مثلها فأمرها بيدها، فإن رضيت بذلك فلا قول لها بعد ذلك، وقد زال ما بيدها،
لأنه فعل واحد ليس بفعل بعد فعل، كمن قال إن لم أقضك مهرك إلى أجل كذا،
فأمرك بيدك فإن لم يجد عند الأجل فلم يقض شيئا. وأقامت معه يطؤها فلا شيء
لها بعد ذلك، وأما من قال: إن تزوجت عليك إلا بإذنك فأمرك بيدك، فأذنت له
فتزوج ثم بدا لها فليس لها ذلك في تلك المرأة. ولها ذلك في غيرها، وتحلف ما
كان ذلك منها تركا.
وفي أبواب التمليك: باب من شرط بعد العقد أنها مصدقة، وقال سحنون: وإنما
الشرط الذي لا يفسخ به/ النكاح وإن كنت أكره كل شرط إنما يجب لها عن فعل من
الزوج من نكاح أو تسرر.
ومن كتاب الأقضية لابن سحنون: قال سحنون في الذي شرط لأمرأته: إن فعل بها
كذا فهي مصدقة فأمرها بيدها، قال: قد كنت أخاف أن يكون هذا شرط يفسد به
النكاح ثم خفت ألا يفسد به وإنه له لازم، وهذا الغالب علي.
ومن كتاب ابن المواز: ومن تزوج أمة على أنه لا شيء عليه فيما أصابها به لم
يجز النكاح، قال محمد: ويفسخ النكاح قبل البناء ويثبت بعده.
ومن تزوج امرأة على أنه إن بنى (بها) فالتي عنده طالق، فذلك جائز ولا يطلق
حتى بيني بالثانية، كقوله إذا دخلت فلانة البيت، قال محمد: بل هو مول، من
الجديدة. وكأنه قال لها: القديمة طالق إن دخلت بك.
وقال ابن حبيب: ومن تزوج امرأة فسألته طلاق الداخلة وعتق السرية فقال: ذلك
إذا بنيت بك، فذلك جائز وله أن ينكح ويتسرر، فإذا بنى بالأولى فلا شيء عليه
في الزوجات بنى بهن أو لم يبن، ويكف عن السراري حملن أو لم [5/ 183]
(5/183)
يحلمن، لأن معاودتهن تسرر، قال مالك: ومن
شرط في العقد أن كل امرأة أتزوجها عليك طالق، فإن أطلق فأمرك بيدك، فذلك
جائز، ولها شرطها، قال أصبغ: فإن لم يطلق الجديدة ولا طلقت القديمة نفسها
فهما امرأتاه وقاله ابن القاسم وذكرها في العتبية من سماع ابن القاسم وقال:
ولا يضرر في التمليك قوله: إن الجديدة طالق البتة لأنه في أصل النكاح،/
وأمر عقد أوله بآخره. فإذا تزوج فلها التمليك.
قال عنه عيسى قال مالك: ويقال له طلق الثانية وإلا اختارت الأولى نفسها،
فإن لم يفعل- يريد الثانية- فلا شيء عليه.
وروى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم فيمن شرط في نكاح زوجته: إن تسرر عليها
أمته. فالأمة صدقة عليها، قال: يفسخ قبل البناء، وإن بنى بها فالشرط باطل
ولا صدقة لها، وفي المجموعة، روى ابن نافع عن مالك فيمن شرط طلاق من يتزوج
عليها، وعتق كل أم ولد يتخدها عليها، وكل امرأة يتسررها عليها فهي لها.
قال: يلزمه في الطلاق والعتق، فأما تمليكها للسرية فلا يلزمه، وفي كتاب
النكاح باب في النكاح يفسد لشرط فيه، وفيه من معنى هذا الباب.
في التي تضع من صداقها لشرط تشترطه
من كتاب ابن المواز: وما وضعته المرأة في عقد النكاح من الصداق لشرط
تشترطه، فروى ابن القاسم عن مالك أنه إن ترك الشرط فليس لها عليه رجوع،
وروى أشهب أن ذلك لها إلا أن يكون ما بقي من صداقها يفي بصداق مثلها، وقاله
ابن عبدالحكم ورواه.
قال محمد: لا ترجع بشيء لأن ما تركت لم يثبت لها، ولا اختلاف أن لها الرجوع
فيما وضعت بعد العقد ووجوب الصداق لشرط إذا خالفه. وروى أيضا أشهب عن مالك
فيمن واطأ امرأة على ستين دينارا فلما أراد العقد قال له أبوها [5/ 184]
(5/184)
هل لك أن أضع عنك عشرين دينارا على أن لا
تخرجها من المدينة، فرضى/ فعقدا على ذلك ثم أخرجها فعليه العشرون الوضيعة.
وإنما الذي لا يرجع من يقول: أزوجك بمائة أضع عنك منهاخمسين على ألا يفعل
كذا، فهذا لم يكن صداقا ثابتا، قال مالك: ولو طلق في المسألة الأولى قبل
البناء فعليه نصف الأربعين، لأنه قد وفى شرطها، قال محمد: إنما أجاب مالك
في الستين على معرفة أنه كان يرضي بها صداقا أو يحط منها للشرط شيء. فعلم
أن للشرط وضعته وأما إذا لم يكن من الزوج رضى إلا ما عقد بعضه ببعض ولم
يعلم أنه كان يرضى بالستين ولم يذكرها وحدها فيرضى بها، ثم حطوه بعد الرضى
فما عقد من أوله بالوضيعة للشرط فلا يرجع به، وما تراضيا به وركنا إليه وإن
لم يعقداه، وقد علم أنه إنما منعهم العقد به لإدخال الشرط، فلها أن ترجع،
وإنما جعل لها مالك أن ترجع فيما تواطؤوا به ورضي به الزوج، وهو قول ابن
القاسم واشهب وابن وهب وعبدالملك واصبغ، وهو الصواب.
وروى ابن وهب عن مالك، وقاله ابن القاسم واشهب فيمن تزوج على خميسن على أنه
إن أخرجها فصداقها مائة، فالشرط باطل، ولها خمسون، وله أن يخرجها، ولو قال
مع ذلك: وإن تزوج عليها امرأة فهي طالق، وإن تسرر فهي حرة، فهذا يلزمه، قال
ابن القاسم: ولو نكحها بألف، فإن كانت له زوجة فصداقها ألفان فهذا غرر
ويفسخ.
في شطر التمليك في العقد أو بعده يجعل/ بيد الأب والأم أو السيد ومن زوج
عبده على أن الطلاق بيد سيده
من كتاب ابن المواز: قال مالك: من شرط في عقد النكاح ألا يخرجها إلا برضاها
ورضا أبيها فلا تخرج حتى يرضيا. [5/ 185]
(5/185)
قال في العتبية من سماع ابن القاسم: وإن
كان شرط رضاها وحدها فله أن يخرج بها إذا رضيت. كانت بكرا أو ثيبا. قال
محمد: إذا كان التمليك بيدها وحدها. وجعل الخروج برضاها مع أبيها أو برضا
أبيها وحده، فإن فعل فأمرها بيدها ولم يقل بأيديهما، فالأمر والرضا إليها،
والأب في هذا لغو، لأنها إذا رضيت بالخروج ولم يرض الأب فلا حكم للأب إذا
كان إنما قال: أو فمن رضي منهما بالخروج فلا تمليك لها، وكذلك لو شركهما
فقال: برضائها ورضا أبيها، ولكن إن رضى الأب ولم ترض هي وقد شركها في الرضى
فالأمر أيضا إليها، إن تطلق حتى يفرد الأب بالرضا فيرضى هو ولا ترضى هي،
فلا تمليك لها، فإما في سخطه فلا يمنعها التمليك كان شرط رضاها أو رضاه
وحده.
ولو قال: برضاها أو رضا أبيها لكان رضاه يمنعها التمليك، وليس سخطه بشيء
لأن التمليك بيدها، ولو شرط في العقد: إن أخرجها أو تزوج أو تسرر فأمرها
بيد أبيها، أو قال بيد أمها، فرضيت الابنة بالخروج، وأبى ذلك الأب أو الأم،
فذلك للابنة ويمنع السلطان الأم القضاء إلا أن تبادر قبل منعه فتطلق فيلزم
(قلت): فإنطلقت بعد منع السلطان، قال: ذلك أخف، وهذا جواب ابن عبدالحكم،
ورواه لمالك، قال محمد/: إذا نزع ذلك من يدها بحكم لم يلزم طلاقها. قال
مالك فيمن قال لامرأته: إن غبت عنك سنة فأمرك بيد أبيك فأراد الأب عند
السنة أن يفرق فأبت الابنة. فذلك لها، ويجبره الإمام ألا يفعل، قال أشهب:
فإن طلق بعد منع الإمام لزم طلاقه، إلا أن ينزع ذلك من يده، محمد: يريد:
ينزعه بحاكم.
قال في كتاب التمليك: ولو وخر الأب الفراق بعد السنة وأرادت الابنة تعجيله
فذلك للأب دونها. [5/ 186]
(5/186)
قال مالك: وللأب أن يوصي بذلك بعينه وإن لم
يفعل لم يكن [لوصيه منه شيء قال ابن القاسم] ومعناه أن يرجع ذلك إلى المرأة
إن لم يسنده إلى أحد.
وقال أشهب: لا يرجع إلى المرأة ولو أسنده إليها أو إلى غيرها فليس ذلك له.
وقال ابن عبدالحكم وأصبغ، قال ذلك ساقط بموت الأب وإن أوصى به إلى غيره.
قال محمد: ولو قال: إن خرجت بك أو تزوجت بغير إذن أبيك فأنت طالق. فمتى فعل
ذلك طلقت عليه، فأما التمليك فيسقط.
ومن الواضحة قال: وإن شرط إن غاب سنة فأمرها بيد أبيها فليس للأب أن يوصي
بذلك إلى غيره، ويستحب أن يرجع ذلك إلى المرأة، والقياس، ألا يرجع إلى أحد.
وإذا شرط ألا يخرجها إلا برضاها أو رضا أبيها فإن فعل فأمرها بيدها وبيد
أبيها فرضيت بالرحلة وأبي الأب، أو رضي فأبت هي وطلب من أبى أن يطلق فإنما
ينظر إلى قولها في الخروج لأن الشرط لها أخذ، ولينة الأمام الأب أن يفرق،
فإن فعل قبل النهي أو بعده لم يلزم ذلك، وإذا أرادت هي الفرقة وأبى الأب/
لم يلزمه الفراق حتى يجتمعا كالوليين.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فيمن تزوج أمة على أنه إن تزوج عليها
فأمرها بيد مولاها، فهلك السيد، قال: فذلك بيد ورثته أو وصية إن كان بنوه
صغارا.
ومن تزوج امرأة وشرط إن تزوج عليها فأمرها بيدها وذلك من صداقها، فوضعت
الزوجة عنه الصداق بوضع الشرط. قال قوله: وذلك من صداقه، باطل، ولا يوضع
الشرط بوضع الصداق. [5/ 187]
(5/187)
وإذا تزوج وأراد الأب أن يطلق فأبت هي نظر،
فإن كان ما أرادت أحظى لها فلا قول للأب، وإن كان قول الأب خيرا لها فله
القضاء دونها، وللأب أن يوصي بذلك فيقوم به وصيه، فإن لم يوص فلا شيء لها
هي من ذلك، قال عنه يحيى: فإن طلق الأب قبل أن يمنعه السلطان جاز طلاقه.
فإن طلق بعد المنع لم يلزم.
ما يجب للمملكة بالشرط القضاء فيه وكيف إن لم تعلم ما نكح أو اتخذ؟ وكيف إن
كانت صغيرة ...
ومن شرط تمليكا إن غاب سنة هل لها أن تقضي بعدها ما أقام؟
والتداعي في ذلك وكيف إن قدم الغائب مناكرا فأتى بحجة؟
من كتاب محمد قال مالك: وما شرط للزوجة من التمليك فذلك بيدها من يوم عقد
النكاح في البكر وغيرها، بنى أو لم يبن، ولها أن تأذن فيه دون أبيها في
الخروج أو التزويج عليها أو التسرر. وإن تزوج عليها أو تسرر فأرادت أن تقضي
بعد مدة، فإن علمت فأقامات يوما أو أقل قدر ما يمكنها إلى/ أن تشده على
فراقها أو عتقها فتركت ذلك. فلا شيء بيدها، والقول قولها إنها لم تعلم، وإن
بعد كثير السنين، إلا أن تقوم بينة أنها علمت ثم لم تقض مكانها، [وقاله
الليث، وإن لم تعلم حتى ماتت المنكوحة أو فارقها فلها أن تطلق نفسها الآن]
وقاله أصبغ.
ومن العتبية وروى أصبغ عن أشهب قال: ولو تزوج عليها في سفره ولم تعلم، ثم
علمت فلها أن تقضي ماتت الثانية أو فارقها أو بقيت قاله ابن القاسم. [5/
188]
(5/188)
وقال ابن سحنون: وروى بعض كبار اصحابنا عن
ابن القاسم فيمن شرط لها إن تزوج عليها فأمر الجديدة بيدها، فتزوج عليها
سرا ولم تعلم حتى طلق القديمة قال: لها أن تقضي.
وقال سحنون: إن كان طلاقه إياها طلاقا بائنا فلا شيء لها، وإن كان غير بائن
فذلك لها.
وروى أبو زيد عن ابن القاسم: وإن كانت الأولى صغيرة يعني: وشرط لها إن تزوج
عليها فأمرها بيدها، فتزوج عليها، فإن كانت قد عقلت وعرفت الطلاق، فلها
الخيار. وإن لم تبلغ ذلك استؤني بها حتى تعقل ثم تختار، ولو شرط أن أمر
الثانية بيدها، والأولى الآن صغيرة لا تعقل، فسخ نكاح الثانية. وقال ابن
حبيب في ذات الشرط: إذا نكح عليها فعلمت فلها القضاء ما لم يطل ذلك بأيام
كثيرة يعد فيها [أنها رضيت. كان الشرط فيها أو في المنكوحة [ولو مسها
والشرط فيها، زال ما بيدها]، وكذلك إن أمكنته من المنكوحة فخلا بها.
ومن العتبية وروى عيسى عن ابن القاسم فيمن تزوج/ وشرط إن تزوجت عليك فأمرها
بيدك، أو قال: بيد أبيك، فتزوج فلم تقض هي أو الأب شهرا، ثم أراد من له ذلك
أن يقضي قال: إن أشهد أن ذلك بيده ينظر فيه. فذلك له ما لم يدخل بالجديدة
فلا شيء لهما، وإن لم يشهد حين نكح الثانية فقد زال ما بيديهما.
ومن كتاب ابن الموز: وإن شرط إن غاب عنها سنة فأمرها بيدها أو قال: بلا
نفقة، فغاب أكثر من سنة فلم تخير، قال مالك: أما بعد السنة بالشهر
والشهرين. فذلك لها بغير يمين، وإن طال بعد الشهرين فلا قول لها، وكذلك لو
شرط ذلك عند سفره أو عقد نكاحه، وقال في كتاب التمليك إذا أقامت بعد [5/
189]
(5/189)
السنة شهرا أو شهرين فلابد أن تحلف ما كان
سكوتها رضي بالزوج. قال محمد: فإن لم تحلف فلا خيار لها.
ومن العتبية روى يحيى عن ابن القاسم: إذا جاوزت الأجل ولم تقض بشيء بجهل أو
نسيان ثم تريد أن تقضي فلتحلف، ولها أن تقضي، وقال ابن حبيب في روايته عن
أصبغ عن ابن القاسم بجهل أو نسيان أو تترك ذلك عمدا، فلها أن تقضي إذا
حلفت.
ومن كتاب ابن المواز: قال مالك: ولو أشهدت عند الأجل: أني أنتظر سنة أخرى
أو أكثر، فذلك بيدها ما أخرته قرب أو بعد.
قال مالك: وكذلك إن قالت أنا منتظرته، وأنا على رأيي، كان ذلك بيدها أبدا،
وإن أقامت عشرين سنة، ولا يحتاج إلى إشهاد ثان في هذا على تأخير ثان، ثم
لها القضاء متى شاءت وإذا جهلت لتأخيرها/ وقتا، ثم أخرت القضاء بعد ذلك
الوقت بأكثر من الشهر لم يكن لها بعد قضاء، وإن طلقت قبل وفاء الأجل لم
ينفعها إلا أن تشهد: إذا حل الأجل فقد اخترت نفسي.
قال ابن عبدالحكم وغيره: وإن شرط لها التمليك إن غاب عنها سنة وتركها بلا
نفقة ففعل، ثم طلقت بالبتات، ثم قدم يزعم أنه كان خلف لها النفقة في مدته،
قالوا: فقد لزمه لها الفراق إلا أن يقيم بينة ولا تلزمه نفقة إلا أن تكون
رفعت إلى السلطان، ولكن عليه فيها اليمين.
ومن العتبية روى أبو زيد عن القاسم فيمن قال [إن غبت عنك] سنة فأمرك بيدك،
فاختارت نفسها بعد أن مضى لها سنة ثم قدم فقال: لم أرد إلا واحدة: إنه يحلف
ويكون أحق بها إن أدركها في عدتها، وإن لم يدركها حلف وكان خاطبا. [5/ 190]
(5/190)
وروى عنه عيسى فيمن جعل أمر امرأته بيد
أبيها إن لم يأت بحقها إلى سنة فأراد أبوها سفرا وأشهد أنه قد زاده بعد
السنة خمس عشرة ليلة. ثم بدا للأب: قال: ليس ذلك له ولا قضاء له إلا بعد
الخمس عشرة ليلة بعد السنة.
ومن المجموعة قال: ومن أنكح رجلا على أنك إن غبت سنة فأمرها إلي، فغابها
فطلق عليه واعتدت وتزوجت، ثم قدم فأقام بينة أنه قدم إليها قبل السنة، قال:
ترد إليه، وكذلك لو شرط إن لم أبعث النفقة إلى وقت كذا وكذا فأمرك بيدك،
فجاء الوقت، فطلبت ذلك بالبينة عندك فطلقت نفسها فلها أن تنكح ولا تنتظر/
لما عسى أن له حجة فإن قدم فأقام بينة أنه كان ينفق سقط التمليك، ونزعت من
زوجها الآخر.
وقال المغيرة في كتابه وهو في المجموعة في الرجل يريد أن يغيب فتقول له
امرأته: أخشى أن تطول غيبتك، فيقول لها: إن جاء شهر كذا ولم أقدم فأمرك
بيدك، فيأتي الشهر ولم تقض بشيء ثم تريد أن تقضي بعد ذلك قال: ذلك لها ما
لم توقف أو توطأ.
في المناكرة في تمليك الشرط وبكم تقضي قبل البناء وبعده فيها أو في غيرها؟
وهل تقضي مرة بعد مرة؟
ومن عليه شرط هل تكتم زوجته ما أحدث من نكاح أو سرية؟
من كتاب ابن المواز: إذا ملكها فقضت فناكرها، وقال: أردت واحدة فإن كان شرط
في عقد النكاح لم يقبل منه لأنها لم تكن ترضى بواحدة، لأنه له فيها [5/
191]
(5/191)
الرجعة، ولو تطوع بهذا الشرط يعد النكاح
فله أن يناكرها، ويحلف على ما نوى إذا ناكرها مكانه، ولو كان في العقد فقضت
بالبتات أو بدون البتات فذلك لها.
قال ابن القاسم: وإن شرط أمر المنكوحة بيد القديمة فأرادت أن تطلقها
بالبتات، فللزوج إن فعلت أن يناكرها، إلا أن يدخل بالآخرة قبل علم الأولى.
فليس ذلك بدخول، قال أصبغ: يريد أنه دخول لا يحل، فلا يبطل ما بيدها إذا لم
تعلم، فإذا علمت بعد البناء فلها أن تطلق بالبتات، قال أصبغ: ولو طلقتها
بالبتات قبل البناء فذلك لازم له. ولا مناكرة للزوج/ إذا كان شرطا في أصل
النكاح.
قال أصبغ في كتاب التمليك: ولو كان تبرعا في غير أصل النكاح فله أن يناكرها
في نفسها وفي غيرها قبل البناء وبعده ويحلف على ما نوى.
قال: ومن شرط لامرأته في العقد إن نكح عليها أو تسرر فهي طالق، ولم يقل
واحدة، فبعد أن بنى بها نكح أو تسرر، قال: تطلق القديمة واحدة وله الرجعة،
قيل: إنها تقول لم أكن لأشترط ما لا ينفعني. قال: هي فرطت، لأنها شرطت
الطلاق، وهو واحدة ولا يكون بعد البناء بائنة ولو قال إن فعلت فأمرك بيدك
فإذا فعل فلها أن تختار نفسها ولا مناكرة له، قال ابن وهب: وهي البتة. ...
شروط 3
وروى ابن القاسم عن مالك: أن قوله فأمرك بيدك أو فأنت طالق، هما سواء، وهي
البتة إن اختارت نفسها، وهي البتة في قوله: أنت طالق.
ولو قال: فالتي أتزوج عليك طالق، [كان القول قوله. قال محمد في قوله: فأنت
طالق: هي] واحدة وله الرجعة إلا أن يتزوج عليها قبل البناء فتبين بواحدة.
وأما قوله: فالتي أتزوج عليك طالق فهذه طلقة تبين بها، لأنها تطلق بالعقد
قبل البناء، وما روى عن ابن القاسم غير هذا فغلط.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فيمن تزوج امرأة على أن يطلق [5/ 192]
(5/192)
امرأة عند أخرى فقال: أطلقها واحدة، وقالت
الثانية: بل البتة. وعليه تزوجتك قال: يلزمه فيها البتة.
وكذلك لو شرط طلاق كل من يتزوج/ عليها لزمته فيها البتة، ومن سماع ابن
القاسم: وإن شرط لها في العقد: إن تسرر عليها فهي طالق ثلاثا. فقال عند
موته في ابن أمة له هو ابني، قال مالك: يلحق به وترثه المرأة، قال ابن
المواز: قال ابن دينار: ومن قال لغريمه: إن لم أقضك حقك إلى شهر فأمر
امرأتي بيدك.
فله أن يطلق بالبتات لأنه وثيقة.
وفي كتاب الأيمان زيادة في هذا المعنى.
ومسألة من قال للخاطب إن فارقت امرأتك فقد زوجتك، في الجزء الأول من
النكاح، في باب ما يلزم به النكاح من القول، من المجموعة قال ابن القاسم في
التي شرط لها في العقد: إن تزوج عليها فأمرها بيدها فيتزوج فتقول: قد اخترت
نفسي واحدة، فذلك لها، وله الرجعة، وإن قضت بالثلاث فذلك لها، ولأن من ملك
امرأته ولم ينو شيئا فقضت بواحدة كانت واحدة. وإن قضت بالثلاث فذلك لها،
وإذا شرط: إن غاب عنها سنة فأمرها بيدها فغاب أو تزوج بعد البناء فطلقت
نفسها واحدة، ثم قدم في العدة فارتجعها، ثم غاب ثانية أو نكح فليس لها أن
تطلق نفسها، كما لو شرط: إن غاب عنها سنة أو تزوج فهي طالق، ففعل، ثم طلقت
نفسها، ثم غاب عنها ثانية [أو نكح]، فلا شيء عليه، إلا أن يشترط: كلما غاب
أو تزوج.
فإذا شرط: إن تزوج عليها أو تسرر، فأمرها بيدها، فتزوج أو تسرر، ثم طلق
الحرة أو أعتق الأمة، [فشرطه الأول] قائم فيهما أو في غيرهما. [5/ 193]
(5/193)
قال مالك/: لا ينبغي له أن يقرب واحدة
منهما حتى يعلم امرأته ولا يكتمها، فإن دخل بها ووطئ، ثم علمت فطلقت عليه
طلقة فله الرجعة عند ابن القاسم، ثم لا يكون له فيها طلاق ثان إلا أن تبين
منه، فتصير كغيرها، وابن القاسم يرى له أن يناكرها قبل يبني بالثانية لأن
الواحدة تبينها ولا يناكرها فيها بعد البناء إن طلقت نفسها بالبتات، وشرطها
قائم حين لم تعلم.
قلت: فإن جعلت له الرجعة في طلقة التمليك حين [بنى وهي] لم تعلم ببنائه وقد
كان لها أن يطلقها قبل بنائه فتكون (بائنة) فكيف نفعه الوطء وهو لا ينفع
المولي بالطلاق ليفعلن شيئا إذا وطئ في الأجل قبل يفعل. قال: هو في الإيلاء
على حنثه لأنه لم يضرب أجلا لفعله، ومسألتك كالحالف بطلقة فيمن لم يبن بها
إن كلم فلانا: فبنى ثم كلمه فله الرجعة، وقد تبين بحنثه قبل البناء، ولو
حلف بأنهاعليه حرام، ثم حنث بعد البناء وقال: نويت واحدة فذلك له.
وفي كتاب ابن سحنون: قال أشهب: ومن قال لغير مدخول بها: أنت طالق بائن، أو
قال: طلقة بائنة إن كلمت فلانا، فبنى بها ثم كلمه: إنه يحنث بالبتات. ولا
ينفعه إن قال: نويت واحدة، وإنما ينظر إليه يوم حنث فيؤخذ بلفظه.
قال ابن حبيب: ومن شرط لزوجته: إن نكح عليها أو تسرر فأمر الداخلة بيدها من
زوجة أو سرية: فأما النكاح فله عقده، وإن لم يعلمها ولكن لا يطأ/ حتى
يعلمها فتقضي بعتقها أو تدع. [وأما السرية فله أن يطأها وطأة واحدة ثم يكف
حتى يعلمها فيقضي بعتقها أو يدع]. وإن شرط: إن تسرر عليها فالسرية حرة،
فاشترى جارية أو كانت عنده فله أن يقبلها ويتلذذ منها دون الجماع. [5/ 194]
(5/194)
ومن كتاب ابن المواز: قال: وكره مالك العقد
على هذه الشروط. فإن نكح عليها فتزوج أو تسرر فلا أحب له أن يطأ حتى يعلم
القديمة. محمد: يريد مالك: إذا شرط أمر المنكوحة بيدها، أو أمر القديمة بيد
نفسها، فلا يطأ حتى يعلمها.
في ذات الشرط يطلقها ثم يتزوجها هل يعود الشرط؟
وكيف إن تزوجها ثانية على رفع الشرط؟
من كتاب ابن المواز: ومن طلق امرأته التي لها عليها شرط ثم تزوجها بغير شرط
فإن كان الطلاق ثلاثا سقط كل شرط لها. وكل يمين فيها بطلاق أو ظهار، وكل
تمليك فيها، وإن كان الطلاق طلاقا بائنا بخلع أو صلح فالشروط راجعة عليه،
وكذلك لو شرط في نكاحه الثاني: أن لا شرط لها عليه لم ينفعه ذلك، والشروط
لها قائمة والأيمان، ما بقي من الطلاق الأول شيء ولا يسقط إلا البتات، لم
يختلف في هذا قول مالك وأصحابه، ولكن لو حلف عليها بطلاق غيرها فابن القاسم
يجعله مثل طلاقها، ويسقط أيضا وقد روي عن مالك.
قال مالك: إن شرط: إن تسرر عليها أمة فهي حرة فطلق امرأته واحدة، فلما تمت
العدة أو كانت بخلع. تسرر أمة وأولادها، ثم تزوج/ تلك المرأة. فلا يقرب أم
ولده ما كانت امرأته حية، إلا أن يكون الطلاق الأول البتة.
قال محمد: والذي هو أثبت عندنا، إذا طلقها البتة ثم تزوجها بعد زوج، فإنما
يزول عنه كل يمين بطلاقها نفسها [وكل شرط كان لها في نكاح أو بعده أو بغير
شرط، أو يملكها نفسها]، وأما ما كان بطلاق غيرها، كقوله: كل امرأة أتزوجها
عليك طالق، أو إن تزوجت عليك فلانة فهي طالق، فطلقها ثلاثا ثم نكحها بعد
زوج، أن ذلك له لازم، ورواه ابن وهب عن مالك فيما أظن، وقاله أشهب، وبه أخذ
أصبغ. قال ابن حبيب: رواه مطرف عن مالك. [5/ 195]
(5/195)
قال ابن المواز: وقال أشهب: وكذلك قوله: إن
تسررت عليك فهي حرة، أو تزوجت عليك فعبدي حر، قال أبدا أو لم يقل، فهو على
الأبد حتى ينوي غير ذلك، وهو كالحالف بالله أو بالمشيء أن لا أطأك، فلا
يزيل يمينه هذا طلاقه إياها (البتة) إن تزوجها بعد زوج إلا أن يكون نوى في
هذا الملك، قال: وإنما تسقط أيمانه بطلاقها وظهارها. ولو قال لأجنبية: إن
تزوجت عليك فتلك المرأة طالق البتة فتزوجها ثم تزوج عليها إن ذلك يلزمه.
ولو قال لها: إن تزوجت عليك فأنت طالق البتة لم يلزمه شيء إن تزوج عليها
حتى ينوي: إن تزوجتك ثم تزوجت عليك.
وروى عن مالك فيمن شرط لزوجته في العقد أن كل امرأة أتزوجها أو أمة أتسررها
ما دامات حية فالمرأة طالق والسرية حرة، فطلق زوجته ثلاثا، ثم تزوجها بعد
زوج، فذلك له لازم، وكذلك/ لو أنه تزوج قبل ترجع إليه، أو تسرر فذلك يلزمه.
وإن لم تكن تحته، إلا أن يكون نوى: ما كانت تحته، فليحلف ولا يلزمه إلا ما
كانت تحته، ولو نيته في هذا الشرط، ولو قال بعد أن بانت عنه: كل امرأة
أتزوجها ما دمت حية فهي طالق البتة لزمه ذلك في غيرها، كانت هي تحته أو لم
تكن، وله أن يتزوجها بعد زوج، وإنما ينوي في (يمينه) وهي تحته، ففي هذا
ينوي ما كانت تحتي.
قال مالك: وإذا شرط في نكاحه: إن لم يبن بها إلى أجل كذا فأمرها بيدها، وإن
خرج بها من بلدها فهي طالق البتة. فغاب حتى حل الأجل وطلقت نفسها قبل
البناء، ثم تزوجها بغير شرط فالشرط الأول عائد عليه لبقية طلاق الملك
الأول.
وإذا شرط لها في النكاح التمليك إن تزوج عليها، فخالعها ثم تزوج غيرها، ثم
تزوج الأولى فقال الزوج: إنما شرطت لك أو حلفت فيمن تزوجت عليك، وهذه لم
أتزوجها عليك، بل تزوجت عليها، [فأما أشهب فقال: لا شيءعليه، والحجة له أن
لو كان شرط: إن تزوجت عليك] فأنت طالق البتة، أو كانت القديمة [5/ 196]
(5/196)
إذا تزوجها تطلق عليه، فلا تطلق عليه كانت
الجديدة عنده أو قد فارقها قبلها. قال ابن حبيب: وقال ابن أبي حازم مثل قول
أشهب هذا، والمدنيون من أصحاب مالك على خلافه، وهم على قول مالك، قال مالك:
وأما لو شرط لها ذلك بعد عقد النكاح، فصالحها ثم نكح غيرها. ثم تزوج
الأولى: بلا يمين عليه في التي يتزوج بعد عقد النكاح، فصالحها ثم نكح
غيرها. ثم تزوج الأولى: بلا يمين عليه في التي يتزوج بعد/ صلح هذه، إذا
قال: لم أرد أن لا أجمعها مع غيرها قال مالك: فله نيته في الطوع، ولا نية
له في الشرط.
ومن شرط لامرأته طلاق من يتزوج عليها فصالحها ثم نكحها على أن لا شرط لها
فشرطه الآن باطل، لأنها لو أذنت له في الملك الأول أن يتزوج لم ينتفع بذلك،
ولو كان الشرط بتمليك أنه إن نكح عليها فأمر المرأة بيدها، أو لا ينكح
عليها إلا بإذنها فهذا ينتفع بوضعها للشرط عنه.
ومن كتاب ابن المواز: وروى ابن القاسم عن مالك فيمن حلف بطلاق [امرأته
البتة] إن تزوج عليها فطلقها واحدة وبانت منه، قال في كتاب الخلع: أو خلعها
ثم نكح سواها، ثم إذا تزوج القديمة رجع عليه الشرط واليمين فيمن تزوج. وفي
غيرها ما لم يطلقها ثلاثا، لأن القصد ألا يجمع معها غيرها، قال في كتاب
الخلع: ولكن لو طلق امرأته البتة لم يلزمه طلاق الأجنبية متى نكح الأولى
بعد زوج، قال أصبغ: وإنما يسقط ذلك عنه إذا أراد بها البتة إن كانت يمينه
بطلاقها هي، فأما إن كانت يمينه بطلاق غيرها فذلك ثابت عليه، وإن طلق
امرأته البتة ثم تزوجها بعد زوج.
وروى ابن وهب عن مالك فيمن قال لزوجته: كل امرأة أتزوجها عليك طالق البتة،
فصالح هذه، ثم تزوج أخرى، ثم تزوج القديمة فإنه يحنث في الحديثة حتى يفرغ
طلاق الأولى كله.
ومن حلف لامرأته أو شرط: إن تزوج عليها فعليه المشي إلى بيت الله،
فتزوج/عليها فحنث فله أن يتزوج ثانية ولا يحنث مرتين. [5/ 197]
(5/197)
وقال ابن حبيب من تزوج على امرأته فغارت،
فقال لها: إن دخلت بها فأمرها بيدك، فخالع الأولى أو طلقها ثلاثا. ثم دخل
بالثانية، فأرادت الأولى أن تطلق عليه، وليست في عصمته، فذلك لها، وقاله
أصبغ وغيره.
وروى عيسى عن ابن القاسم فيمن تزوج امرأة وشرط لها: إذا بنى بها فأمر التي
تحته بيد الجديدة، فخالع القديمة ثم دخل بالجديدة ثم راجع القديمة بنكاح
فلا قضاء للجديدة، لأنه دخل بها والقديمة في غير ملكه.
في المرأة تسقط شرطها أو تأذن فيه وكيف إن أذنت ثم رجعت؟
وما ينفع فيه إذنها، وكيف إن حنث؟ وكيف إن فعل فسكتت؟
ومن كتاب محمد: وإذا كان لها شرط تمليك في النكاح أو التسرر أو الخروج،
فأذنت له، قال مالك وابن القاسم: ذلك له جائز، وقاله أصبغ، وقال أشهب: لا
يجوز إلا أن يكون في الشرط: لا يتزوج إلا بإذنها. فإن فعل فأمرها بيدها.
قال محمد: ومن حجته: أنها أذنت فيما لم تملك، ولو كان قال: إن تزوجت عليك
إلا بإذنك فذلك جائز، وقول أشهب حسن. وقال سحنون مثله في المجموعة وشبهه
بتسلم الشفعة قبل الشراء، وذكر محمد عن أشهب فيمن قال لزوجته: إن غبت عنك
أو قال: إن تزوجت عليك فأمرك بيدك، فأذنت له في/ الغيبة والنكاح فذلك الإذن
باطل، لأنها أذنت فيما لم تملك ولها الخيار بعد الفعل.
قال محمد: هو [قياس] قوله إلا أن يقول في يمينه إلا بإذنك فينفعه إذنها ولا
رجعة لها فيه إن فعل وقول أشهب هذا خلاف مالك والليث، قال ابن المواز: [5/
198]
(5/198)
والجائز من إذنها فيما تأذن فيه عند مالك
عندما يريد أن يتزوج أو يتسرر أو يخرج، وأما قبل ذلك فلا يعجبني إلا عند كل
ما يريد أن يفعل فحينئذ يلزمها إذنها، وقاله مالك وكذلك في العتبية رواه
ابن القاسم عن مالك.
قال ابن القاسم: وثبت على هذا بعد أن قال يجزئه إذنها فيه حتى يبيع الأمة
ويطلق الزوجة ويرجع بها إلى موضعها، أذنت في شيء بعينه في حرة أو أمة، أو
أذنت في التزويج والتسرر منهما والأمر لها في المستأنف قائم، إلا أن يعلم
أنها قد طرحت شرطها أو بينت ذلك، فأما أن يستأذنها عند نكاح أو تسرر أو
إخراج فتأذن فذلك يحمل على أنه لتلك المرأة بعد أن تحلف ما كان ذلك تركا
لشرطي، فإن كان اسقاطا لشرطها. فلا رجوع لها فيما اسقطته ثم رجع مالك في
الخروج بها فقال: متى ما أرادت أن يردها إلى موضعها فذلك عليه ولم يقل
يحلف، وكذلك في العتبية من سماع ابن القاسم، قال محمد: وذلك إذا كان إذنها
بغير إسقاط الشرط، وقال به أصبغ في الخروج، وقاله/ في التسرر أنها متى شاءت
أن تمنعه من وطء من أذنت له في تسررها فذلك لها، وأما النكاح: فليس ذلك لها
لفوات العقد كما فات ما مضى من وطء الأمة، وتمنعه من مستقبل وطئها وكذلك
عنه في الواضحة.
قال محمد: والحجة له قول مالك في الذي شرط تمليكا إن تزوج وتسرر، فظهرت له
امرأة قديمة وأم ولد. فلا شيء عليه في المرأة، ولا يقرب أم الولد، لأن
وطأها تسرر مؤتنف، قال ابن القاسم: وسواء كانت المرأة عالمة بهما أو لم
تعلم، ولها عتق أم الولد بالشرط إن وطئها، قال أصبغ فكذلك ترد التي أخرجها
بإذنها إذا شاءت. فإن أبي فلها أن تختار نفسها، وروى على بن زياد عن مالك
في المجموعة مثل قوله الأول، أنه إن شرط في العقد: إن خرج بها بغير إذنها
فهي طالق، فخرج بها بإذنها إلى منزله، ثم أرادت الرجوع وأراد هو نقلها إلى
منزل آخر، أنه [5/ 199]
(5/199)
ليس لها هي رجوع، ولا له هو نقلها إلى منزل
آخر بغير إذنها، فأعجب ذلك سحنون.
ومن كتاب ابن المواز: قال مالك: وإن أذنت له فتزوج فطلق الجديدة واحدة فليس
للقديمة أن تمنعه رجعتها في العدة.
قال مالك فيمن حلف لامرأته في غير شرط: إن أخرجتك من موضعك بغير رضاك فأنت
طالق البتة، فرضيت بالخروج منه ثم طالبته أن يردها فذلك عليه، فإن لم يجد
مايردها به فلا أرى له أن يخرجها إلا إلى موضع إن سألته ردها إن قدر على
ذلك فإنما عليه ردها لازما إن شاءت.
قال مالك: وإذا خرج وحده فأطال الغيبة فخرجت/ إليه فهو حانث، لأنه هو
أخرجها حين تركها جائعة بلا نفقة، لو شاء بعث إليها، قيل: أفلا يعذر بالمرض
أو بالسجن؟ قال إن لم يجد ما ينفق فليفارق، وهذه المسألة في العتبية من
رواية أشهب عن مالك. وقال في السؤال: تزوجها على أنه إن أخرجها من بلدها
فهي طالق، قال أشهب في المجموعة، إن كان الزوج إنما حبس النفقة عنها
والقدوم ليخرجها إليه فهو حانث وأما إن أقام في حاجته، أو لم يقدر على
النفقة، أو تعذر عليه الإرسال بها فخرجت إليه فلا شيء عليه.
ومن العتبية من سماع ابن القاسم: ومن حلف بغير شرط بالطلاق أن لا يخرجها
إلا برضاها. فأخرجها برضاها، ثم سألته أن يردها، قال: يلزمه ذلك، قيل: وإن
لم يجد ما يردها به. قال: ذلك عليها.
قال سحنون: ليس عليه ردها إلا أن يكون شرط لها أن يردها، محمد: قال مالك:
وإذا شرط في العقد إن غاب سنة أو أخرجها وأمرها بيدها، فتريد رضاه فتقول:
قد رددت عليك أمرك، ووضعت عنك الشرط، فأحب إلي أن لا يكون أذنها إلا عندما
يريد أن يفعل، وقال ابن عبدالحكم: إذا أسقطت شرطها وأبانت [5/ 200]
(5/200)
ذلك فليس لها رجوع في ذلك، قال ابن القاسم:
ورواه أشهب عن مالك، إذا شرط لها إن نكح عليها أو تسرر فأمرها بيدها فأذنت
له في النكاح أو التسرر، فتقيم بعد ذلك تطلب ثم تنزع عن ذلك، فقال مالك:
إذا أشهدت أني وضعت شرطي فأبطلته فذلك. وإن أشهدت على أمر واحد فذلك لها.
وفي العتبية من رواية أشهب مثله، قال: وإن أشهدت على امرأة / واحدة فذلك
لها، وفي الواضحة قال مالك: ولو شرط أن لا ينكح عليها إلا بإذنها، فلا أحب
أن يكون الإذن إلا عند النكاح، فإذا كان الإذن عند النكاح فلها أن ترجع ما
لم ينكح، فإذا نكح فلا رجوع لها، وقد قال قائل: إنَّ إذنَها قبل أن ينكح
ليس بإذن، وليس بشيء. قال ابن القاسم: ولو تزوج عليها أو تسرر بغير إذنها
فعلمت فلم تطلق ولم تعتق حتى تزوج أخرى أو بانت هذه منه، ثم تزوجها فقامت
الأولى بشرطها، قال مالك: فذلك لها، ويحلف ما كان ذلك تركا لحقها ولا
إسقاطا له، وكذلك لو أذنت في الخروج ثم أراد الخروج بها ثانية فأنكرت.
فلتحلف وهي على شرطها.
قال ابن القاسم فيمن قال: إن تزوجت عليك فأمرك بيدك فأذنت له في التزويج
قبل أن يريد النكاح بكثير، فتراضى في تزويجه، فأرادت أن ترجع فليس ذلك لها،
كما لو قالت: أذنت لك أن تفعل متى ما أرادت، قال أشهب: لها أن ترجع، لأنها
أذنت قبل أن يصير الأمر بيدها، فإن لم يفرق بينهما ساعة علمت فلا شيء لها،
ولو شرط: إن تزوجت عليك إلا بإذنك نفعه إذنها.
قال محمد: وقد ذكرنا رواية أشهب عن مالك خلافه في الذي شرط إن نكح عليها
فأمرها بيدها فأذنت له فتراضى نكاحه ثم نزعت. قال أبو محمد: وفي باب ذات
الشرط تقضي قبل فعله مسألة من معنى هذا الباب في الإذن.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فيمن قال: إن تزوجت عليك [5/ 201]
(5/201)
إلا بإذنك فأمرك بيدك، فأذنت له فنكح ثم
بدا لها، فليس لها ذلك في تلك المرأة، فإن نكح غيرها فذلك لها، وتحلف ما
كان إذنها/ في الأولى تركا للشرط.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فيمن شرط أن كل امرأة أتزوجها عليك
فأمرها بيدك فذهب عقلها. قال: ليس له أن يتزوج عليها أبداً.
وقال ابن القاسم في كتاب ابن المواز: إن استؤني في أمرها فلم تفق فإذا
أفاقت فذلك بيدها.
قال اصبغ: لا يتزوج عليها، فإن فعل منع من وطئها حتى تفيق امرأته فتقضي أو
تأذن كالغائب. ومن ملك مجنوناً أو مجنونة أمر امرأته فلا يسقط ذلك التمليك
عنه.
وروى عيسى عن ابن القاسم: وإن شرط لزوجته في العقد: إن قرب أم ولده إلا
بإذنها فإن لها أن تعتق أو تحبس فوطئها بإذنها أو وهي تعلم وسكتت ثم قامت
بذلك فليس ذلك لها.
قال أصبغ: ومن قال لزوجته: إن وطئت جاريتي فلانة إلا برضاك فهي حرة، أو
فأنت طالق فوطئها وهي تنظر فزعمت أنها لم ترض قال: حنث وليس سكوتها رضى،
وإن ادعى أنها أذنت له قبل وطئه، فإن أقام بينه بذلك وإلا لزمه قال أصبغ:
وإن جاء مستفتيا دين.
قال أصبغ عن ابن القاسم: ومن شرط أن كل امرأة أتزوجها عليك فأمرها بيدك
فأذنت له فنكح، ثم أرادت أن تطلق عليه فذلك لها، وكذلك في التسري قال ابن
دينار في المجموعة في الذي شرط في العقد أن كل امرأة يتزوجها عليها فأمرها
بيدها، ثم راضته على أن يترك وطأها وتضع شرطها. فإن أكرهها على الوطء رجعت
في شرطها فلا ينبغي هذا، وهي على شرطها الأول، والشرط الثاني باطل.
وذكر عن ابن نافع عن مالك بعد ذلك ولا رجوع، وكذلك روى عيسى عن ابن القاسم
في النكاح والتسرر، قال محمد: وقال أشهب: ذلك باطل إلا ما [5/ 202]
(5/202)
يقضي به يوم يتزوج عليها أو يتسرر، وقاسه
أشهب على أصل مذهبه، وخالفه أصبغ.
قال ابن القاسم عن مالك: ولو أقدمت معه عشرين سنة يطؤها ثم قالت له قبل
تفعل شيئا: إن تسررت علي أو تزوجت فقد اخترت نفسي ثلاثاً، ثم بدا لها فأذنت
له، قال مالك ألا يفعل فإن فعل فليفارقها بالثلاث.
قال ابن القاسم: وكذلك في العتبية إن قالت: أختار زوجي إن غاب فلما غاب
رجعت فليس ذلك لها، قال محمد: وهي كالتي أسقطت شرطها. وفرق مالك وابن/
القاسم بين هذا وبين الأمة تحت العبد يحلف سيدها بحريتها إن لم يبعها إلي
سنة فتقول الأمة: اشهدوا أنه إن جاءني العتق بالحنث فقد اخترت نفسي فلا
ينفعها ذلك، وكذلك من يقول: متى طلقت امرأتي فقد ارتجعتها؟ فلا يكون ذلك
رجعة إن طلق، فيمن قال: كل امرأة أتزوجها إلا بإذنك فهي طالق ثم قال: أنا
أتزوج، فقالت له: وأين يمينك؟ اذهب تزوج فأبعدك الله، قال: لو أذنت بغير
غضب وأشهد عليها كان جائزاً. وأما هذا فلينظر لنفسه، فإن أمر الفرج عظيم.
في المرأة لها شرط تمليك إن فعل كذا
فتقول متى ما فعل فقد اخترت نفسي
أو طلقت من ينكح
وفي الأمة تقول إن عتقت فقد اخترت نفسي
ومن قال إن طلقتك فقد ارتجعت
من كتاب ابن المواز: قال مالك في التي شرط لها في العقد أو تطوع بذلك أنه
إن غاب عنها فأمرها بيدها، فقالت قبل يغيب: اشهدوا أنه متى غاب عني [5/
203]
(5/203)
فقد اخترت نفسي أو قالت اخترت زوجي، قال
مالك: ذلك لازم قضاء لها وقال أصبغ، في ظني هو من الأمة قضاء كالحرة.
قال محمد: وقول ابن القاسم أحب إلي، وليست الرجعة قبل الطلاق كإسقاط
التمليك، وإسقاطه كالإذن، والإذن يكون قبل الفعل وهذا كله [عند أشهب ليس
بشيء ومثله] الأمة رواها ابن وهب عن مالك. كتب بها مالك إلى ابن فروخ، قال
محمد: وهي بخلاف الحرة، وليس بيد الأمة تمليك تقضي فيه، والحرة قد ملكها
أمرها الآن أن تقضي إذا غاب عنها فلها أن تسقط ذلك أو تتمسك به، وإنما تشبه
الأمة أن تقول الحرة: متى ما ملكني فقد اخترت نفسي؟ أو تقول: زوجي، فليس
هذا بشيء، وقال: لا يلزم في الحرة وفي الأمة حتى تختار الأمة بعد العتق.
والحرة بعد الغيبة أو التزويج، وهو قول حسن.
وقال ابن نافع في المجموعة في الأمة تحت العبد قالت: متى ما عتقت تحته فقد
اخترت نفسي؟ إن ذلك يلزم.
ومن العتبية روى أصبغ عن ابن القاسم فيمن شرط: إن تزوجت عليك أو تسررت فأمر
الداخلة بيدك من عتق أو طلاق، فقالت: اشهدوا إن فعل فقد طلقت عليه واعتقت،
قال: فذلك باطل، إلا ما يستأنف بعد التزويج والتسرر، قال أصبغ: ونحن
نخالفه. قال أبو محمد: وفي أبواب التمليك باب من معاني هذا الباب.
فيمن شرط لامرأته طلاق من يتزوج عليها
ثم تزوج امرأة شرط لها مثل ذلك
أو قال للأولى أنت طالق لأتزوجن عليك
من كتاب ابن المواز: ومن شرط لامرأة أن كل امرأة يتزوجها عليها طالق فتزوج
أخرى فشرط لها مثل ذلك. وفي رواية التلباني: فشرط لها أن كل امرأة له [5/
204]
(5/204)
طالق، وهو الصواب، قال محمد: فقولي أن
يطلقا عليه جميعا، وروي عن ابن القاسم أن لا تطلق عليه الثانية، وقال: وليس
باستقصاء النظر، وخالفه أصبغ. وقال: يطلقان جميعا وقال: ولو يتزوج عليها
ولكن قال لها: أنت طالق البتة أو قال: واحدة لأتزوجن عليك فإن قال: واحدة
ولم يضرب أجلا فله أن يحنث نفسه مكانه بتلك الطلقة، ولا شيء عليه غيرها،
وإلا فاليمين عليه أبدا. ولا يقرب امرأته حتى يتزوج عليها امرأة ويطأها لا
يبره إلا ذلك، وهو لا يقدر على ذلك الشرط، ويكف عن وطء امرأته ويكون
مولياً، فإن رفعت ضرب له الأجل من يوم ترفع، هذا قول مالك وأصحابه، وله
تحنيث نفسه إذ ليس ليمينه أجل، ولو كان ضرب لتزويجه أجلا، لم يقدر أن يحنث
نفسه، ولا يقدر أن يتزوج لشرطها فلابد أن يحنث عند الأجل بطلقة.
قال ابن القاسم: وإن ضرب أجلا فهو أخف لأنه يطأ امرأته حتى يقرب الأجل
فيصالحها، فإذا زال الأجل تزوجها وزالت اليمين فإنه يضرب أجلا فلا يقدر على
البر للشرط ويلزمه اليمينان، قال ابن القاسم وأشهب، [فلا يطأ ولا يتلذذ ولا
يخلو بها، فإن صبرت عليه توارثا /. وإن رافعته ضرب له أجل الإيلاء فطلقت به
ثم لا رجعة له فيها، ولو ارتجع ما انتفع بذلك لأن اليمين قائمة وكذلك لو
زالت العدة ثم لم يقدر أن يطأ، وتعود اليمين ويصير مولياً، كأول مرة يقدر
أن يبر، لأنه كلما عقد نكاح امرأة طلقت بالشرط، وأما أشهب فيقول: إذا عقد
النكاح فقد بر في يمينه وطلقت بالشرط، وقاله ابن عبد الحكم وخالفهما أصبغ
وغيره، وهو قول مالك وابن القاسم وابن وهب وعبد الملك وهو الصواب أن لا
يبرأ بالمسيس، ولو مس لمس حراما، لأنها طلقت بالعقد، ومذهب مالك وأصحابه
فيمن حلف ليتزوجن لا يبر إلا بالوطء، إلا ما شذ به أشهب وابن عبد الحكم.
[5/ 205]
(5/205)
وإن حلف لأتزوج حنث بالعقد لأنهم يحنثون
بالأقل، ولا يبر إلا بالأكثر، وقد حرم الله ما نكح الآباء فحرمنا بالعقد
وأرباح المبتوتة بعد زوج فلم يحلها النبي عليه السلام إلا بالوطء من ذلك
الزوج، ولو أن الحالف أراد العقد وحده نفعه ذلك كما ينفعه لو نوى مالا
يشبهه من النساء من أمة وكتابية وسوداء ودينة، فذلك له مخرج، وإلا فلا مخرج
له إلا بغاية الأمر ومناكح مثله.
ومن العتبية من رواية عيسى عن ابن القاسم: ومن شرط في العقد إن خرج بها
بغير إذنها فهي طالق، فخرج بها بإذنها فسألته أن يردها فحلف الطلاق ثلاثاً
إن ردها، قال: يحنث، وكذلك لو لم يحلف إذا كان عليه شرط طلاق أن لا يخرجها
إلا بإذنها فسألته أن يردها فلم يفعل، فإنه يحنث ولو كان إنما حلف/ بعد
العقد أن لا يخرجها إلا بإذنها فلا يحنث بامتناعه من ذلك. وليس ذلك عليه،
وروى سحنون عن ابن القاسم في التي شرط لها ذلك في العقد: أنه ليس عليه ردها
إلا لمن يردها طائعا فيحنث، واختار هذا من قولي مالك، وقال: هي كقول مالك
في التي شرط لها أن لا يتزوج إلا بإذنها فنكح بإذنها فليس لها فسخه بعد
الإذن
فيمن رضي أن ينكح بشرط وتراخي العقد
فعقد ولم يذكر الشرط
وفي الولي يعقد من الشرط علي غير ما رضيت به الزوجة
أو على تأخير ذلك
ومن كتاب ابن المواز: قال مالك: ومن خطب امرأة وشرطها: إن تزوج عليها أو
تسرر فهي طالق بمحضر بينة، وكتبوا كتابا برضاه بذلك ثم خطبها ثانية [5/
206]
(5/206)
وعقد يبينة غير الأولين وعقد ولم يذكروا
شرطا فطلبت المرأة شروطها، وقال الزوج: لم أعقد عليها وقد كنت تركت الأمر
الأول، قال مالك: يلزمه ذلك حتى يقيم بينة أنه تزوج بغير شرط، وكذلك في
المجموعة ورواها ابن وهب عن مالك في العتبية ورواها عنه ابن القاسم.
وروى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم فيمن زوج وليته بإذنها ثم ذكر عند العقد
شروطها من طلاق من يتزوج وعتق من يتسرر ولأنها كانت رضيت نكاحه، وشهد الزوج
على نفسه بما في الكتاب من صادق وشرط حدا به قال: ما ألزم نفسي الشروط إلا
بعد البناء، فيمن ينكر عليه بعد ذلك بثلاث سنين فقامت الزوجة بالشرط فقيل
لها: قد استثنى زوجك فيها /، فقالت: لم أعلم، وأما الآن فلا أرضى بنكاحه،
وقال الزوج: بالشرط فأبت هي، قال: ذلك لها إذا تباعد الأمر وطال. ولم يكن
تم يومئذ النكاح حين لم ترض بما استثنى، ولو رضيت هي الآن بترك الشروط
فأجاز ولأنها لو ماتا لم يتوارثا.
قال أصبغ: وذلك إذا أقر لها بأصل الشرط أو قامت به بينة أن به رضيت، ومن
سماع سحنون منه، وعن امرأة أمرت وليها أن يزوجها ويشترط لزوجها ولم يشترط،
وبنى بها، ثم علمت بترك الشرط قال: يبطل الشرط ويتم النكاح، ولو علمت قبل
البناء قيل لها: أترضى بترك الشرط؟ فإن أبت قيل للزوج: اشترط لها، فإن أبى
فرق بينهما، وروى مثله محمد بن خالد، وقال في سؤاله: أمرته أن يزوجها
فلاناً. [5/ 207]
(5/207)
فيمن شرط ألا يتسرر وهما يظنانه الحمل
أو شرط ألا يتخذ أم ولد
أو شرط أن من تسرر عليها حرة وله أم ولد
أو شرطت عليه طلاق امرأته وله امرأة غير التي عرفت
من كتاب ابن المواز: ومن العتبية من سماع ابن القاسم: ومن شرط لامرأته أن
لا يتسرر عليها وهو وهي لا يريان ذلك إلا الحمل، فيريد أن يطأ، قال، لا
يفعل، وجهله بذلك لا ينفعه، قال في كتاب ابن المواز: كمن ظن ان البتة واحدة
فلا ينفعه.
قال سحنون: لا يعجبني وله أن يطأ أمته، ولا يضره إذا عندها هكذا وقد قاله
مالك، وكذلك في المجموعة عن مالك ورواه عنه علي بن زياد/ قال أبو بكر بن
محمد، وقد روى علي بن زياد وابن أشرس عن مالك: إذا وطئها وأراد منها الولد
فهو تسرر.
ومن كتاب ابن سحنون من سؤال حبيب: قلت ما قولك في التسري وهل نأخذ برواية
علي بن زياد؟ قال: التسري الوطء، ورأيت المدنيين ينكرون رواية علي وأرى إذا
وطىء فقد تسرى، ووجب لذات الشرط الخيار.
وروى يحيى عن ابن القاسم فيمن شرط لزوجته أن كل جارية يتسررها عليها حرة،
وله يومئذ أمهات أولاد فيطأهن يعد ذلك: أنهن يعتقن لأن وطأه تسرر، قاله
أصبغ وأبو زيد بن أبي الغمر.
قال سحنون: لا شيء عليه في أمهات أولاده وإنما يلزمه الشرط فيمن يستقبل من
الملك، وأنكر هذه الرواية، وقال ابن حبيب عن أصبغ وابن القاسم مثل ما روى
يحيى بن يحيى، وقال: وأما لو قال: فكل جارية أتخذها عليك حرة فلا شيء عليه
فيمن عنده قبل الشرط، وذلك عليه فيمن يستقبل اتخاذهن، قال: وسواء علمت بمن
عنده أو لم تعلم، لأن الاتخاذ فعل واحد إذا اتخذ جارية فقد [5/ 208]
(5/208)
اتخذها، وليس عودته إلى وطئها اتخاذا أو
العودة إلى المسيس تسرر لأن التسرر الوطء فهو يتكرر والاتخاذ كالنكاح يشترط
ألا ينكح عليها فلا شيء عليه فيمن عنده وعليه فيمن ينكح من ذي قبل وقاله
ابن القاسم وأصبغ ومن الواضحة ومن شرط أنه تسرر فأمر السرية بيدها، أن تعتق
أو تدع، فله أن يطأ ما شاء من الجواري وطأة وطأة / ثم يمسك حتى تقضي
امرأته، أو لا تقضي ولا يجوز له بعد تلك الوطأة وطء ولا بيع، وقال ابن
القاسم وأصبغ، فإن شرط إلا يتسرر عليها أم ولد فإن فعل فهي حرة.
قال ابن القاسم: له وطء أمته في كل طهر مرة، وقال أشهب وابن الماجشون
وأصبغ، له ان يطأ أبدا حتى يظهر بها حمل فيكف، وقال أصبغ: ما لم يفض إليها
ويلتمس ذلك منها فإذا فعل هذا عتقت عليه ساعة ذلك فإن حاضت بعد ذلك فقد مضى
عتقها.
قال ابن حبيب: إذا قصد ذلك منها تربصت حتى تحيض أو يظهر بها حمل، ولا آخذ
بقول أصبغ، وإذا شرط ألا يتخذ عليها جارية، فله وطء إمائه ما لم يلزم
الواحدة منهن فأما المرة بعد المرة ما لم يظهر بها حمل أو يفض إليها قاصدا
لذلك فيها، فهذا تمسك عن معاودتها ويصير قاصدا إلى تخاذها، وقاله أصبغ.
وإن شرط: إن اتخذها عليها أم ولد فهي طالق، فله وطء إمائه، فإذا ظهر بواحدة
حمل طلقت امرأته، قاله ابن الماجشون وأشهب وأصبغ.
وقال ابن القاسم: تطلق عليه بأول وطأة للأمة لأنه يصير على شك من حملها
وهذا استسحان والأول القياس ومن العتبية روى أشهب عن مالك فيمن خطب امرأة
فسألوه أن يطلق زوجته فأبي وتركهم مدة ثم نكح أخرى وعاود خطبة تلك المرأة
ورضي أن يطلق امرأته وأشهد لها أن امرأته طالق إذا عقد نكاح هذه وهو ينوي
الآخرة وهي تنوي الأولى التي عرفت له قال فله نيته ونكاحه ثابت وتحلف ما
نوى إلا الآخرة وهو كمن له امرأتان ولم تعلم المرأة إلا بواحدة فسألوه طلاق
امرأته ففعل فله نيته] [5/ 209]
(5/209)
في الدعوى في الشروط
من كتاب ابن حبيب: ومن شرط لزوجته أن لا يرحلها إلا بإذنها فرحلها وقال
بإذنها رحلتها، وقال هي: يغير اذني، فعليه البيئة، وهي مصدقة كقول مالك
فيمن ملك امرأته ثم افترقا فقالت: قد فارقته قبل افتراقه المجلس، وقال هو
لم تقض شيئا، فهي مصدقة.
من كتاب ابن المواز: قال اصبغ عن ابن القاسم فيمن شرط لأمرأته طلاق من تزوج
عليها أو أمرها بيدها فظهرت له امرأة فقال للأخرى: قد كانت تحتي قبل نكاحك،
وقالت هي: بل بعد نكاحي، فالزوج مصدق كمن حلف بحرية من يشتري إلى ثلاثين
سنة، فقام عليه عبد له، فقال السيد ابتعتك قبل اليمين، فالسيد مصدق إلا أن
تقوم بينة أو للزوجة.
قال أبو محمد: وفي أبواب التمليك باب في التداعي فيه.
مسائل مع معنى الشروط مختلفة
قال ابن سحنون عن أبيه فيمن حلف أن لا تخرج امرأته من منزلها حتى تأذن له،
فأذنت له، فلما أراد أن يرحلها بدالها في الخروج، فليس لها ذلك، وإن قال في
يمينه: إلا بإذنك أو قال: بغير إذنك، فليس له أن يرحلها إن أذنت له ثم بدا
لها وقوله إلا بإذنك أو بغير إذنك مخالف لقوله: حتى تأذن لي.
وسأله حبيب عمن شرط لامرأته في كتابه: إن أضربها فأمرها بيدها فتأتي فتذكر
أنه ضربها، مثل ذلك من الضرر؟ قال: إن كان مثله يؤدب امرأته يريد وهو مأذون
على ذلك، فليس هذا من الضرر، وهو مصدق أنه ضربها لذنب كان منها، وعليها هي
البينة أنه ضربها ظالما، ثم يكون لها الخيار، قال وإن كان مثله لا يؤدب
أهله ولا يعنى بهذا لرداءة حاله وقلة عنايته بأمرها، فعليه هاهنا البينة أن
ضربه ذلك كان لذنب منها تستوجب به ذلك وإلا فهي مصدقه أنه ضربها ظلما،
ويكون مضارا إن أقر بالضرب، وإن جحد الضرب [في الوجهين فأقامت عليه [5/
210]
(5/210)
البينة] بالضرب فهذا حنت لجحده، ويصير ضربه
ضررا في الوجهين، ولها الخيار، ولا يقبل منه الآن إنه لذنب وإن كان ممن
يؤدب مثله أهله، لأن جحوده أخرجه من التصديق. [5/ 211]
(5/211)
[5/ 212]
(5/212)
|