النوادر
والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على
سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
كتاب طلاق السنة
ما جاء في طلاق السنة
قال الله سبحانه: "يا أيها النبي، إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن" إلى
قوله: "لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا" وأمر سبحانه أن تطلق النساء
للعدة، فكان ظاهر ذلك نهيا عن إيقاع الثلاث في كلمة، ودل بآخر الآية أنه
إذا أوقع الثلاث المنهي عنها أنها لازمة بقوله: "لا تدري لعل الله يحدث بعد
ذلك أمرأ" وهي الرجعة فيما قال العلماء، فجعلها بائنة بإيقاع الثلاث في
كلمة ولو لم يقع ويلزمه لم يفت الرجعة (كذا) ودلنا سبحانه أن الطلاق يقع
لسنة ولغير سنة، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في ابن عمر إذ طلق في
الحيض مرة: فليراجعها. فدل على أنه ألزمه الطلقة، ثم قال: يمسكها، وفرق بين
الكلمتين. وقد ذكرنا في كتاب العدة الحجة في هذا وفي الاقراء. والذي ينبغي
أن لا يطلق إلا طلاق السنة كما أمر الله سبحانه ورسوله عليه السلام.
ومن كتاب ابن المواز، روى ابن القاسم وأشهب وابن وهب عن مالك قال: طلاق
السنة أن يطلقها في طهر لم يمسها فيه طلقة ثم لا يمسها حتى تنقضي العدة.
وأنكر أن يطلقها في كل طهر طلقة. وقال أشهب: لا بأس أن [5/ 87]
(5/87)
يطلقها في كل طهر طلقة، إذا لم يمسها أو
يرتجع، فإن ارتجع وهو يريد أن يطلقها، فالبأس عليه في ذلك، لأنه يطول
عليها/ العدة، يقول الله تعالى: ولا تمسكوهن ضرارا ولو ارتجع لغير ذلك لم
يكن بذلك بأس، ويطلقها بعد ذلك.
قال مالك وأصحابه: ويطلق التي لم تبلغ، واليائسة متى شاء، لا ينتظر بها
الأهلة، ويطلق الحامل متى شاء. قال: ولا يجيز ابن القاسم أن يطلق ذات الحيض
في كل طهر طلقة.
قال ابن المواز: والطلقة الواحدة هي السنة، فطلقة في كل طهر أحب إلى من
طلقتين في طهر، فطلقتان في مجلسين أخف عندي منه في مجلس. وقال ابن مسعود:
من أراد أن يطلق ثلاثا، فليطلق في كل طهر طلقة قبل أن يمسها فيه بغير رجعة.
وأجازه ابن عمر.
وأجاز ابن شهاب في التي لا تحيض أن يطلقها في كل هلال طلقة قبل الجماع.
وكانوا لا يأمرون إلا بطلقة. قال مالك: وطلاق السنة في المستحاضة إذا زال
عنها الدم الذي تنكره وتترك الصلاة، فإذا تطهرت منه، طلقها طلقة قبل يمسها،
ثم عدتها سنة، وللزوج فيها الرجعة. وروى ابن وهب عن مالك أنه يطلق
المستحاضة إذا طهرت للصلاة. قال محمد: فإن طلقها في حيضها قبل أن تستحاض،
ثم استحيضت، فإنه يجبر على الرجعة إليها إلى تمام السنة. قال مالك: والطلاق
للسنة في الحرة والأمة، والمسلمة والكتابية سواء.
وكره مالك الحلف بالطلاق. قال أشهب: لوجهين: لنهى النبي صلى الله عليه وسلم
الحلف بغير الله، ولأنه قد يصادف بحنثه وقوع الطلاق في الحيض أو في طهر مس
فيه/؛ فإن كانت ممن يئسن من المحيض كره لوجه واحد، وهو خلاف السنة. [5/ 88]
(5/88)
ومن العتبية: قال سحنون، في من قال لزوجته:
أنت طالق، كما قال الله في كتابه. قال: لزمه طلاق السنة. قال ابن سحنون، عن
أبيه، في من أمر رجلا أن يطلق امرأته طلاق السنة فطلقها ثلاثا، قال: لا
يلزمه إلا واحدة.
في الطلاق في الحيض وهل يوقع فيه طلاق إيلاء أو خلع؟
قال مالك وأصحابه: ولا يجوز لأحد أن يطلق امرأة في دم حيض أو دم نفاس. وقد
أمر النبي صلى الله عليه وسلم ابن عمر حين طلق في الحيض أن يرتجع.
من كتاب ابن المواز، في سياق كلام أشهب، قال في من طلق في حيض أو نفاس،
أجبر على الرجعة، سواء ابتداه أو حنث فيه، قال: فإن أبى هددته بالسجن، فإن
أبى سجنته، فإن فعل وإلا ضرب بالسوط، ويكون ذلك قريبا في موضع واحد لأنه
على معصية؛ فإن تمادى، ألزمه الرجعة، وكانت له الرجعة.
قال ابن القاسم وأشهب: فإن غفل عنه حتى طهرت فعل ذلك أيضا، فقال ابن
القاسم: ما لم تخرج من تلك العدة. وقال أشهب: ما لم تطهر من تلك الحيضة ثم
تحيض، ثم تطهر فلا يجبر ها هنا لأن الطلاق فيه سائغ له لو ارتجع، ولم يكن
ينبغي له أن يطلق في الطهر الأول فيكون مطلقا في طهر طلقتين.
قال أشهب: وإذا كان في نفسه طلاقها يكره له رجعتها في الطهرالثاني، وفي
الطهر الثاني أمر النبي صلى الله عليه وسلم ابن عمر أن يطلق إن شاء، وقول/
ابن القاسم أحب إلينا لأنها رجعة وجبت. وقاله عبدالملك. قال ابن القاسم
واشهب: ولا يصالح امرأته في الحيض، فإن فعل لزمه، ولا رجعة في ذلك. [5/ 89]
(5/89)
قال ابن القاسم: لا بأس أن يطلق التي لم
يبن بها في حيضتها. وكرهه أشهب. وأما الطلاق الذي يكون بغلبة السلطان في من
به جنون أو جذام أو عنين أو لعدم النفقة فلا يطلق عليهم في دم الحيض، ولا
في دم النفاس. قال مالك وابن القاسم واشهب. وأما المولى، فروى أشهب مثل ذلك
عن مالك، وقال: كيف أطلق عليه وأجبره على الرجعة! وقاله أشهب. وروى القاسم
عنه أنه يطلق عليه.
قال محمد: وبه أقول، يطلق عليه بكتاب الله ويجبر على الرجعة بالسنة. ولم
يختلف أصحاب مالك، أنه إن قال: أنا أفي أنه يهمله حتى تطهر، وليس للعنين
منهم رجعة. ولا رجعة لغيره ممن ذكرنا إلا أن يزول عنه ما من أجله طلق عليه،
مثل المعدم يجد النفقة في العدة، ويخف ما بالأجذم حتى يصير إلى حال لو رفع
فيها لم يطلق عليه فله الرجعة، وكذلك المجنون يزول ما به، وأما المولي، فله
الرجعة مطلقا، وكلهم لو طلق في الحيض مبتدئا لجبرته على الرجعة إلا العنين.
وقال: ومن منعتني الحيضة أن أطلق عليه لم أحل بينه وبين أهله حتى تطهر، إلا
المجنون الذي يخاف منه عليها.
قال: ولا يتلاعن الزوجان في الحيض/، والأمة تعتق تحت العبد فلا ينبغي أن
تختار في الحيض، فإن فعل مضى، قال: ولا ينبغي أن يملك أحد امرأته في دم حيض
أو نفاس؛ لأنه يتعرض خلاف السنة؛ وإن ملكها منعه السلطان من الفراق وذلك
بيدها حتى تطهر إلا أن يرد ذلك؛ ولو سبقت بالفراق تجبر على الرجعة فيما دون
الثلاث. قال: وكل نكاح يفسخ بعد البناء مما لا يحل المقام عليه، وليس لأحد
إجازته، وإن احتيط في بعضه بطلقة فليفسخ في الحيض، وتأخيره أعظم، كالخامسة،
ونكاح المحرم والمرأة على عمتها أو خالتها، وفي العدة وإن بنى بعدها
بالموهوبة أو الأمة بغير إذن السيد أو على أن ولدها حر، وما يفسخ بعد
البناء. قال: وأما ما يفسخ لفساد صداقه، فليفرق فيه قبل البناء في الحيض.
قال ابن القاسم، وأشهب. وأما ما للولي فسخه أو إجازته فلا يفرق إلا في
الطهر، ويؤخر ذلك السيد في العبد، والولي في المولى عليه إلى الطهر،
فيطلقها طلقة ثانية [5/ 90]
(5/90)
ذلك لها، فإن عتق العبد أو رشد السفيه في
العدة، ولكن لو لم يعلم بالنكاح من إليه فسخه حتى كان العتق والرشد لم
يفسخ.
وإذا أجبر المطلق في الحيض على الرجعة، قال أصبغ: يجبر ثانية ويلزمه
الطلاق، وكذلك لو طلق في الحيضة الأولى بعد رجعته لجبر ثانية. قال ابن
القاسم: لو أجبرته، فارتجع في الحيض ثم لما طهرت طلقها ثانية فبس/ ما صنع،
ولا أجبره على الرجعة، ولو لم يجبر في الحيضة حتى طهرت، فطلها ثانية لجبر
على الرجعة.
ومن العتبية روى عيسى، عن ابن القاسم في المطلق في الحيض إذا جبر على
الرجعة فارتجع ثم طهرت، أيطؤها وهو يريد طلاقها في الطهر الثاني؟ قال: نعم
له ذلك. وروى عنه أصبغ في من طلق امرأته، فقالت: طلقتني في الحيض. وقال هو:
بل وأنت طاهر. فالقول قوله.
ومن سماع ابن القاسم قال مالك: ومن حلف ليفعلن كذا، أو لا يفعله بالطلاق
واحدة، فوقع حنثه وهي حائض فليجبر على الرجعة. وروى مثله أشهب، عن مالك.
قال ابن سحنون، عن أبيه في من طلق امرأته فقالت: إني حائض: إنها مصدقة، ولا
يكشف، ويجبر على الرجعة، ولا أرى أن ينظر إليها النساء. بعد هذا باب فيه
القول في من قال لحائض أو حامل: أنت طالق للسنة.
في الغائب كيف يطلق؟
ومن كتب ثم بدا له، أو كتب يمنيا به لغريمه ثم بدا له غير ذلك
من كتاب ابن المواز: ومن أراد أن يكتب في غيبته إلى زوجته بطلاقها، فأما
أشهب، فقال: أرى أن يكتب إليها: إذا طهرت من حيضتك فأنت طالق. [5/ 91]
(5/91)
ولم يجعل ذلك أجلا، ورآه ابن القاسم
كالمطلق إلى أجل، إلا في التي تحض واليائسة من الحيض.
قال محمد: وأحب إلى أن يكتب إليها: إذا جاءك/ كتابي، فإن كنت حضت بعدي حيضة
وطهرت فأنت طالق. يريد محمد: وجاءك كتابي وأنت طاهر. قال: وإن كنت وضعت
وطهرت فإنت طالق. ثم لا ترد إليه جوابا حتى تنقضي العدة. وإن كانت يائسة أو
لم تحض طلقها مكانها، أو كتب إليها. قال: وإذا كتب بالطلاق على غير عزم،
تركه ما لم يخرج عن يده، وليحلف، ويدين.
فأما إن خرج من يده فهو كالناطق به، وكالإشاد. قال مالك. كان في الكتاب:
أنت طالق. أو: إذا جاءك كتابي هذا فأنت طالق. قال مالك: ولا يتوارثان، وإن
لم يصل إليها الكتاب واسترده. وقال أشهب، وأصبغ. قال مالك: وخروجه من يده
كالإشادة فيه؛ وكذلك إذا كتب كتاب طلاق، ثم خرج من يده، فهو كالإشادة وهذه
المسألة من أولها في العتبية من سماع أشهب.
قال ابن المواز وأشهب: إن طلق في كل طهر طلقة، أو كتب إليها: إذا جاءك
كتابي هذا فأنت طالق، ثم إذا حضت ثم طهرت فأنت طالق، وإن كانت حاملا ولا
تحيض طلقها مكانه إن كتب إليها.
وروى ابن حبيب عن إبراهيم النخعي فيمن كتب إلى زوجته: إذا جاءك كتابي هذا،
فأنت طالق. فلم يأتها الكتاب فليس بشيء، وإن كتب إليها: أنت طالق. فذلك
جائز. وقال عطاء. ومن كتب بطلاق امرأته، ولم يتكلم به، فليس بطلاق.
ومن كتاب ابن المواز: ومن عليه/ دين، فكتب كتابا للطالب، وكتب في على نفسه
الطلاق إن لم يوفه حقه وقت كذا، فامتنع الشهود أن يكتبوا فيه [5/ 92]
(5/92)
لذكر الحق، فخرقه، وكتب كتابا بغير ذكر
الطلاق، قال: يلزمه الطلاق إذا رضي بالكتاب الأول.
في طلاق العبد والمجنون والسكران والصبي
والسفيه
من كتاب ابن المواز قال مالك: طلاق العبد طلقتان، فإن طلق واحدة ثم عتق فلا
ينبغي له فيه إلا طلقة لأن نصف طلاقه قد ذهب فصار كحر ذهب له طلقة ونصف،
فصارت طلقتان، وبقيت واحدة.
ومن كتاب ابن المواز: وكل من فيه بقية رق كالعبد في طلاقه حتى إذا عتق صار
له حكم الحر من يومئذ. قال ابن القاسم: ولو طلقها طلقتين ثم ثبت أنع أعتق
قبل طلاقه فله الرجعة إن لم تنقض العدة، وإن انقضت فقد بقيت له فيها طلقة
إن تزوجها، وسواء علم أن جميع طلاقه طلقتان، أو لم يعلم، إذا لم ينو
البتات، أو يلفظ بالبتة، كمن طلق طلقة، وظن أنها تحرم عليه فلا يلزم إلا
واحدة، لا يلزمه ذلك إلا من عرف أن له الرجعة، فنرى أنها في قلبه البتة.
فأما من ظن ذلك، فلا يضره. وكذلك التي تعتد/ حيضتين، ثم ثبت أنها عتقت قبل
ذلك، فلتتم عدة الحرة؛ فإن نكحت قبل ذلك، فسخ النكاح ووطئها واطئ في عدة.
قال عنه عيسى في العتبية وسواء ثبتت حريتها بعتق أو بأصل حرية. قال ابن
المواز: قاله كله أشهب. والمسألة من أولها رواها عيسى عن ابن القاسم، قال:
وسواء علم أن طلاقه ائنتان أو لم يعلم، إلا أن ينوي البتة، أو يلفظ بها فلا
[5/ 93]
(5/93)
تحل له إلا بعد زوج. قال ابن المواز قال
مالك: وطلاق العبد بيده دون سيده. محمد: هو قول عمر وعلي وعثمان وعبدالرحمن
بن عوف وكثير من التابعين. قال مالك: وليس بيع الأمة فسخا لنكاحها، ولو كان
الزوجان لسيد واحد فليس له نزع الأمة من الزوج وإن وهبها [له وقال ابن
عبدالحكم إن فعله لينزعها لم تجز الهب والنكاح قائم وإن وهبها] ليبلغن ذلك
ثم بدا فانتزعها فله ذلك. وقاله أصبغ. وإن وهبها له لينزعها، فقد أساء،
وذلك نافذ. وله انتزاعها وقال عبد الملك: إن كان العبد ممن لا يملك الأمة
مثله في دانية وليس بمأذون له في التجارة لم تجز الهبة، وليس بانتزاع.
محمد: وهذا تبع لقول مالك. وذكر عن ابن شهاب مثل ما قال أصبغ وقال: قد ظلم
السيد نفسه.
وقال مالك: في المريض يهذي، فيطلق في هذيانه، قال: لا يلزمه، ولو طلق وقد
ذهب عقله من المرض ثم صح فأنكر ذلك وقال: لم أعقل. حلف، ولا شيء عليه.
وكذلك في العتبية من سماع ابن القاسم، وفي سؤاله في من طلق في مرضه ثم صح
فأنكر وزعم أنه/ لم يكن يعقل.
قال ابن المواز: قال مالك في المجنون الذي لا يؤمن على زوجته، فليسجن في
الحديد سنة، فإن أفاق، وإلا لها الفراق. وأما السكران، فيلزمه طلاقه وعتقه
لأنه لو قتل لقتل، ويلزمه الحدود. وبذلك قضى عمر؛ ولا يلزم طلاق الصبي حتى
يحتلم أو ينبت الشعر أو يبلغ سنا لا يبلغه أحد إلا احتلم. وكذلك في الحدود،
وقال ابن وهب في غير كتاب ابن المواز: إذا بلغ خمس عشرة سنة، جاز طلاقه.
قال في كتاب ابن المواز: وأما السفيه المحتلم الضعيف العقل، فإنه يلزمه
الطلاق والعتق.
ومن العتبية قال أصبغ عن ابن القاسم، في من سقي السيكران، ثم حلف بطلاق أو
بعتق فلا شيء عليه، وهو كالبرسام، وهو لم يدخله على نفسه. وقاله [5/ 94]
(5/94)
أصبغ. وقال أصبغ: ولو قصد شربه على سبيل
الدواء والعلاج فأصابه ما بلغ ذلك منه فلا شيء عليه، وليس كشارب الخمر.
في طلاق المكره ويمينه وحنثه والناسي والمخطئ وأفعالهم وفيمن حنث بطلاق ثم
أقام عليها ناسيا أو جاهلا
من كتاب ابن المواز، قال مالك: لا يجوز على المكره طلاق ولا نكاح ولا غيره،
ولو أكره على يمين بطلاق أو بعتق أو غيره لم يلزمه، ولو كان إنما أكره على
الحنث، لم يلزمه. قال: والتهديد بالضرب -وإن قل- والسجن إكراه، ولو أنه إن/
لم يحلف أخذ بعض ماله، كالإكراه في البدن. قاله مالك: في من مر بعاشر، فقال
في أمة: إنها حرة. فلا شيء عليه. وقاله في لصوص أكرهوه على طلاق امرأته.
وقد ذكرنا في اختصار الإكراه اختلافهم في الإكراه المؤدي إلى تلف المال.
قال ابن المواز: ومعنى ما جاء في الحديث من رفع الخطإ والنسيان، فإنما ذلك
في الإثم ببنك وبين الله تبارك وتعالي. أما حقوق العباد، فلازمة لك في
الخطأ والنسيان في الدماء والأموال، وسقط عنك في قتل الخطأ ما كان يجب لله
عز وجل من عقوبة أو قصاص، والخطأ في المال يلزمك، فلو أكرهت على تلفه، أو
حملك القوم مربوطا أو مغلوبا على نفسك بالقود على رجل فقتلته، أو على مال
فأتلفته، لم يلزمك شيء، ولو وثبت أنت في موضع لم يظن فيه شيء فأتلفت بذلك
مالا لزمك في حق العباد. قال مالك: ومن حلف: لا أدخل بيتا فأدخل فيه مغلوبا
فلا شيء عليه إلا أن يمكن الخروج فيقيم. [5/ 95]
(5/95)
وقال ابن القاسم: ومن حلف لا فارق غريمه
فهرب منه، أو لا قبل امرأته فقبلته وهو غافل فلا شيء عليه ما لم يكن على
التهاون فيهما، ولو حلف: لا قبلتني أو لا فارقتين لحنث حتى يستثنى استطاعته
وغلبته. وقال مالك. نحوه. قال مالك: وإن قبلته نائما فلا شيء عليه إن كانت
يمينه/: إن قبلتك.
قال مالك: ولو قال لها أنت طالق إن دخلت هذا البيت. فحملت كارهة فأدخلته،
لم يحنث. ومن حلف: لا يجتمع مع فلان في بيت. فدخل فلان عليه، فجلس معه حنث.
ومن حلف: لا يجتمع مع فلان في بيت. فدخل فلان عليه، فجلس مع حنث. ومن
العتبة روى عيسى، عن ابن القاسم، في يمين المكره إذا كان لم يحلف، فعل به
ما يخافه؛ فإن كان ذلك عنده يقينا لا شك فيه من عذاب أو سجن أو قتل إن لم
يحلف فلا شيء عليه.
ومن كتاب ابن المواز: ومن حنث بالطلاق ثم نسي فأقام معها ثم ذكر
فليتعتزلها، وعدتها من يوم حنث، فإن انقضت فلا رجعة له؛ وإن مسها بعد الحنث
فلابد من عدة أخرى استبراء من ذلك الماء، ولا رجعة له في ذلك، يريد فيما
جاوز العدة الأولى ثم يخطبها إن شاء، ولو ذكر قبل تمام العدة الأولى لم يكن
وطؤه رجعة له، وله أن يرتجع ها هنا بالقول، ثم لا يطأ إلا بعد ثلاث حيض من
آخر وطء وقع له فيها.
ومن تزوج امرأة ثم نسي أن يكون تزوج، فقال: امرأته طالق. ولا يظن أن له
امرأة فقد حنث. وبعد هذا باب فيمن طلق غلطا، وكثير من هذا الباب قد يكون في
كتاب الأيمان.
قال ابن حبيب، فيمن شرط أن الداخلة على امرأته طالق، فجهل فنكح عليها،
فليفرق بينهما متى ما عثر عليه، ولها نصف الصداق، وإن بنى بها فلها جميع
الصداق، ولا ميراث لها إن مات قبل الفراق، وإن كان ولد، لحق به وورثه، ولو
عثر عليه قبل موته، وهو/ مقر بالشرط لم يلحق به الولد ورجم. [5/ 96]
(5/96)
قال أبو محمد: انظر قوله: ويرجم. وهذا نكاح
مختلف فيه. وابن القاسم يقول: يتوارثان قبل الفسخ. قال ابن حبيب: وإن أنكر،
وقامت بينة بذلك، فرق بينهما، ولم يحد بالحجر كمن شهد عليه بالطلاق وهو
يجحد فتقوم البينة بعد موته، فقد قال مالك ترثه وقلت أنت في المسألة الأولى
لا ترثه. قال: لأن التي فيها الشرط بانت منه بالعقد، فلم يملك عصمتها إلا
مع طلاق قارن العصمة، والأخرى إنما طلقها بعد عصمة مستقرة، وإنما يثبت ذلك
عليه بعد موته.
قال ابن المواز: قال مالك، في الذي طلق في سفره ببينة ثم قدم قبلهم فوطئ
فشهد عليه وهو ينكر: إنه لا يحد ويفرق بينهما. قال محمد: لأن الطلاق وقع
يوم الحكم.
وفي باب طلاق المريض شبه من هذا، وفي باب الطلاق قبل النكاح ذكر من الميراث
في مثل هذا.
في طلاق المريض أو يقر أنه كان طلق في صحته أو
قامت بذلك بينة بعد موت أحد الزوجين ومن حنث في مرضه
ومن كتاب ابن المواز، قال مالك في المريض يطلق زوجته إنها ترثه. فكل مرض
يرقد صاحبه عن الدخول والخروج، فهو يحجب فيه عن ماله، وإن طلق فيه زوجته
ورثته، وليس الريح واللقوة والرمد مثل ذلك إذا كان صحيح البدن. وأما الجذام
والبرص والفالج فإن أرقده فلا يخرج ولا يدخل/، ويخاف فيه عليه، فإنها ترثه
إن طلق فيه، فأما من صح فيه بدنه وهو يتصرف فهو كالصحيح حتى يعرض أو لغيره
ما يرقده. ومن طلق في صحته طلقة ثم مرض فأوقعها ثانية قبل الرجعة ثم مات
فلها الميراث في العدة الأولى لأنها تبني على عدتها من الطلاق [5/ 97]
(5/97)
الأول ولو لم يرد بها طلاق أو انقضت عدتها
في مرضه لم ترثه، ولو ارتجع من الأولى انفسخت العدة، ثم إن طلق فهو كمريض
ابتدأ الطلاق في مرضه. وإذا وقع الطلاق في المرض بنشوز منها أو بلعان أو
غيره فإنها ترثه إلا الردة فلا ترثه. وإن رجع مسلما ثم مات في مرضه فلا
ترثه.
قال ابن القاسم: وإن طلق نصرانية أو أمة في مرضه لورثتاه. وكذلك روى أصبغ،
في العتبية عن ابن القاسم. وقال سحنون: لا ترثه، ولا يتهم في ذلك. وذلك في
طلاق البتة، إلا أن يطلق واحدة ويموت في العدة بعد أن أسلمت هذه وعتقت هذه
فترثانه. وكذلك في كتاب ابن سحنون. وقال: وإن مات بعد العدة ولم يرتجع لم
ترثاه.
قال محمد ولم يختلف مالك وأصحابه في الزاحف في الصف أنه كالمريض في الطريق
وغيره. فأما من تناله شدة هول في البحر فلم يره ابن القاسم كالمريض، وأراه
رواه عن مالك. وقال أشهب: هو كالمريض في كل شيء.
ومن زعم في مرضه أنه كان طلق امرأته البتة في صحته لم يصدق إذا ردت ذلك
عليه وترثه، فإن أقام بينة/ قد كتموا ذلك، ثم أظهرواه عند وفاته اتهموا،
ولا تقبل شهادتهم وعوقبوا، إلا أن تصدقهم المرأة فلا ترثه، وإذا ماتت
المرأة فشهدوا أن الزوج طلقها البتة فلا يرثها، وإن مات ورثته جعله ابن
القاسم كالمطلق في المرض، لأن الطلاق إنما يقع يوم الحكم لا قبل ذلك ولو
كان يوم القول كان فيه الحد. وقاله مالك في الذي طلق في سفره ثم قدم فوطئ
وقامت البينة وهو منكر: أنه لا يعتد، ويفرق بينهما. وفي باب التي يبلغها
الطلاق ذكر الميراث في مثل هذا.
قال ابن سحنون: قلت لسحنون: بلغني عن المغيرة، في من حلف ليقضين فلانا حقه
فمرض الحالف ولم يقضه، فحنث في مرضه. يعني: مات، أنه إن كان بين الملك، فلم
يقضه؛ فإن لم يعلم به حتى مات، فقد حنث ولا [5/ 98]
(5/98)
يرثه. قال سحنون: ولا أعلم هذا، ولا أراه،
وقول أصحابنا أنها ترثه بكل حال لأنه طلاق وقع في المرض.
في الطلاق إلى أجل آت أو موت ميت والعتق إلى أجل
من كتاب ابن المواز، ومن غيره، وهو لمالك في العتبية، ولغيره من أهل
المدينة، قالوا: ولما لم يكن للزوج في الزوجة غير المتعة فحرمت المتعة عليه
بطلاقه إياها إلى أجل لم تجز أن تبقى في عصمته وعجلنا عليه ما أجل من
الطلاق كما لم يجز أن يتزوجها إلى أجل، وليس كالعتق إلى أجل/، لأنه بقي له
في الأمة الخدمة، والعتق يتبعص والعصمة لا تتبعص. وهذا قول عمر وغيره من
الصحابة ومن التابعين.
ومن العتبية، من سماع ابن القاسم قال مالك: هو يشبه نكاح المتعة. وذكر له
قول عطاء، فقال: لا قول لعطاء وغيره مع قول العلماء بدار الهجرة.
قال عيسى قال ابن القاسم وإن قال: أنت طالق بعد أن تموتي فلا شيء عليه. قال
في موضع آخر وكذلك بعد أن أموت، ولا يوصى بالطلاق. قال عن عيسى: ومن طلق
امرأته إلى مائة سنة أو مائتي سنة فلا شيء عليه، وأراه من قول مالك.
ومن المجموعة قال ابن الماجشون: وإذا طلقها إلى وقت لا يبلغه عمرها أو لا
يبلغه عمره أو لا يبلغانه لم يلزمه. [قال سحنون: وإذا أعتق إلى وقت لا
يبلغانه، لم يلزمه]. وإن كان يبلغه السيد ولا يبلغه العبد فكذلك؛ وإن كان
[5/ 99]
(5/99)
يبلغ مثله العبد ولا يبلغه السيد فهي وصية
من الثلث؛ فإن كان لوقت يشبه أن يبلغه عمراهما فهو من رأس المال.
ومن كتاب ابن المواز: ولو قال- وهو ابن أربعين سنة-: أنت طالق ثلاثا إلى
ستين سنة. فلا شيء عليه، وكأنه طلاق وقع بعد الموت، وقوله: أنت طالق إن مت
وإذا مت سواء. ووقف ابن القاسم في قوله: إن مت. وقال أصبغ: هما سواء. وقاله
مالك، وابن القاسم: وإذا (كان) محملهما سواء، فحملها واحد إلا أن يعلم أن
هذا حلف أن لا يموت مماحكة وعنادا، أو ذلك أراد بسبب يعرف أو بساط/، أو مرض
يقول: لا أموت منه، فإذا عرف ذلك من يسأله عجل عليه الطلاق مكانه كما قال
ابن القاسم. وإذا قال: إذا ماتت ابنتك فأنت طالق. فمات مكانه عند تمام
كلامه قبل القضاء عليه من غير مرض لم يتوارثا لأن الطلاق وقع عليه عند تمام
كلامه.
وقال ابن عبدالحكم ولو قال: يوم أموت فإنت طالق. فهو مطلق إلى أجل. قال
عيسى عن ابن القاسم: وكذلك يوم تموت أنت. وقال أشهب: لا شيء عليه. قال أشهب
في المجموعة: وكذلك لو قال: قبل موتى بشهر. وهو أصله في العتق إلى مثل هذا
أنه من الثلث لأنه لا يكشفه إلا الموت.
قال ابن القاسم وابن وهب: خمسة أشهر فأنت طالق. فلا شيء عليه، كأنه قال: إن
مت أنا إليها فأنت طالق بعدها، وإن كان قوله يريد: لا أموت فيها. طلقت
مكانها. قال مالك: وإن قال: ما يمنعني من فراقك إلا ابني هذا إذا كفلته
ثلاث سنين فأنت طالق. فهي طالق مكانها.
قال ابن سحنون عن أبيه في من قال لزوجته: أنت طالق في شهر كذا أو إلى شهر
كذا. فهو سواء، وهو طلاق إلى أجل، وتطلق الساعة. ولو قال: أنت طالق إذا
صليت أنت؛ وإذا صليت أنا. فهو سواء، وهو طلاق إلى أجل، ولابد من الطلاق.
[5/ 100]
(5/100)
ومن المجموعة قال ابن القاسم: وإذا قال:
أنت طالق إذا قدم الحاج/طلقت الساعة لأنه أجل آت.
فيمن طلق إلى قدوم غائب أو قال إن مت قبل فلان فأنت طالق أو إن مت إلى
السنة
أو أنت طالق اليوم إن فعل فلان كذا وكذا أو إن مات أبي ولا دين لك علي فأنت
طالق ونحو هذا وأنت طالق بمكة أو في الدار أو في يوم كذا
قال ابن سحنون عن أبيه فيمن قال أنت طالق إذا قدم ثلاثة. فإن قصد أن يجعل
قدومه أجلا، كقوله إذا صدر الحاج أو جاء الهلال طلقت الساعة؛ فإن نحا ناحية
يعني القدوم أنه لا يقدم هذا البلد، فقدم ميتا، فلا شيء عليه، وقد تقدم ذكر
الطلاق إلى قدوم الحاج.
ومن كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم: وإذا قال: إن قدمت أنا بلد كذا، وإذا
قدمه أبي، فأنت طالق. فلا شيء عليه. قال عنه عيسى: ولا يمنع من الوطء حتى
يقدم، فيطلق عليه.
ولو قال: إذا بلغته أنا، أو بلغه فلان، فأنت طالق. قال في العتبية أو بلغت
معي. فإنها تطلق عليه الساعة إذا كان قد توجه سائرا أو شارف الخروج. وأما
قوله: بغير قصد سفر ولا مريد له فهو كمن حلف ليسافرن، [ويلزمه الإيلاء،
ويكون منه على ذم الخروج، وكاليمين ألا يخرج هو ولا فلان، فلا شيء عليه].
وقوله: إن بلغت وإذا بلغت سواء، والمعاني تختلف. [5/ 101]
(5/101)
قال ابن سحنون عن أبيه: وإن قال لها أنت
طالق في ثوبك الكذا، وفي ثوب كذا. فإن كانت/ له لابسة فقد طلقت، وإن لم يكن
عليها؛ فإن أراد إذا لبسته، فلا شيء عليه حتى تلبسه، وإن لم يكن له نية،
هوحانث. وكذلك إن قال: أنت طالق في مكة أو بمكة؛ فإن نوى إذا دخلتها أو
أبتها، فله نيته، وإلا فهو حانث ساعة تكلم بذلك. وكذلك إذا قال لها: أنت
طالق في دار وهي في غيرها، أو قال: في البيت وهي في الدار، أو قال في الظل
وهي في الشمس، فإن لم يكن له نية، فالطلاق لازم مكانه.
ومن العتبية روى عبدالملك قوله الحسن فيمن قال إن مت قبل فلان فأنت طالق
البتة. قال: تطلق مكانها. وإن قال: امرأتي طالق إن مت إلى سنة. فهي طالق
ساعتئذ. وروى عنه عيسى، في من قال: أنت طالق اليوم، إن دخل فلان غدا
الحمام. فلا تطلق حتى يدخله، وله أن يمسها.
وروى عيسى عن ابن القاسم فيمن طلبته امرأته يدينها، فقال: إن مات أبي ولا
تباعة لك علي، فأنت طالق. فلا يدفعه إليه فإن صحت وطلبت حقها فليدفعه
إليها، وتكون طالقا ساعتئذ، وإن قضاها ببعضه فلا شيء عليه.
وقال محمد بن عبدالحكيم، ومن قال لأمرأته أنت طالق اليوم إن كلمت فلانا
اليوم فأنت طالق، وأنت إن طالق اليوم إن كلمت فلانا غدا قال: إن كلمه اليوم
طلقت عليه بواحدة وإن كلمه غدا فلا شيء عليه قال أبو محمد: هذا خلاف أصل
مالك، والطلاق يلزمه إذا كلمه غدا وليس لتعلق الطلاق بالأيام وجه/ [5/ 102]
(5/102)
فيمن قال: أنت طالق إن حضت أو طهرت أو حملت
أو ولدت أو قال إذا جاء المطر أو إن لم يكن المطر
من كتاب ابن حبيب قال ابن الماجسون: إذا قال لزوجته، ولم تحض: إذا حضت فأنت
طالق طلقت الآن، ولو كانت قعدت عن المحيض لم تطلق إلا أن تحيض، يريد: ويقول
النساء إنه دم حيض، قال ولو قال إذا حملت فأنت طالق فله وطؤها في طهر.
ومن كتاب ابن المواز قال أشهب في قوله: إذا حضت، وإذا وضعت ليس بأجل، ولا
شيء عليه حتى يكون ما شرط.
وقال ابن وهب في: إذا حضت وإذا وضعت، وقاله المغيرة وابن دينار، وقال أصبغ
مثل قول ابن القاسم: إنه أجل آت في الأغلب.
قال ابن عبدالحكم: روى عن مالك في إذا حضت أن لا شيء عليه حتى تحيض فيلزمه
الطلاق وكذلك قوله كلما حضت فتطلق إذا حاضت واحدة، ثم إن ارتجع لزمه إذا
حاضت ثانية، فإن ارتجع ثم حاضت الثالثة بانت منه بثلاث وروى عنه أنها تطلق
في الوجهين مكانها والأول أحب إلينا. وكذلك قوله للحامل: إذا وضعت اختلف
قوله فيه، وقوله ليس بأجل حتى تضع أحب إلينا، قال: ومن قال لامرأته الحامل:
إذا وضعت فأنت طالق فقال مالك مرة: لا تطلق حتى تضع، فإن وضعت ولدا، وبقي
في بطنها ولد فلا/ تطلق حتى تضع الثاني.
وروي عنه أنها تطلق عليه قال ذلك واختلف فيها قول ابن القاسم، فقال: تطلق
مكانها فيها، وفي قوله: إذا حضت وإن حضت فإن وإذا في الحيض والوضع وقدوم
فلان سواء، ولا تطلق في قدوم الأب حتى يقدم.
ومن المجموعة قال سحنون: وإن قال: إذا حملت فأنت طالق فلا تطلق بهذا الحمل
إلا بجمل مؤتنف. [5/ 103]
(5/103)
ومن كتاب ابن حبيب: ومن قال للحامل: إذا
وضعت جارية فأنت طالق، فلا شيء عليه حتى تلد جارية، كقوله: إذا مطرت السماء
غدا فأنت طالق فلا شيء عليه حتى يكون ذلك، لأنه قد يكون وقد لا يكون، فهو
كقوله إن قدم فلان، وإنما تعجل الطلاق في قوله: أنت طالق وإن لم تلدي جارية
وإن لم تكوني حاملا وإن لم تحيضي غدا، وشبه ذلك فهذا يعجل حنثه فإن لم ترفع
إلى الإمام حتى ولدت وكان المطر فلا شيء عليه وكذلك يمينه إن لم يكن المطر
الليلة بموضع كذا، فإن لم يقض عليه حتى صح ذلك فلا شيء عليه.
وأما إن قال: أنت طالق إذا مطرت السماء وإذا غابت الشمس فإنها تطلق الساعة
لأنه أجل لا محاله، وقال ابن الماجشون، وقال كله أصبغ.
ومن كتاب ابن سحنون: وإن قال للحامل أنت طالق كلما ولدت فوضعت من حملها ذلك
ثلاثة أولاد، فإنها تطلق اثنتين، لأنه بوضع الثالث انقضت عدتها، ولو وضعت
ولدين، طلقت واحدة، لأن بوضع/ الثاني انقضت عدتها.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فيمن قال: إن ولدت غلاما فلك مائة
دينار، وإن ولدت جارية فأنت طالق، فقد وقع عليه الطلاق، ولا تلزمه المائة.
في القائل للحامل إذا وضعت فأنت طالق أو قال إن لم يكن بك حمل، أو قال لغير
حامل إذا حملت فأنت طالق
ومن كتاب ابن سحنون، عن أبيه قال: ومن قولنا وهو قول مالك في القائل لزوجته
الحامل: إذا وضعت فأنت طالق أنها تطلق الآن، لأن بالوضع تنقضي العدة. [5/
104]
(5/104)
وقال بعض أصحابه، يعني أشهب، لا تطلق حتى
تضع، وتأتنف العدة بالحيض بعد الوضع، قال سحنون القائل لمن تحيض أو لمن لم
تحض: إذا حضت فأنت طالق: أنها تطلق الآن.
قال أبو محمد: يريد في قول ابن القاسم قال: وإن قال لمن تيأس من المحيض فلا
شيء عليه، وإن رأت دما فلا شيء عليه إذ ليس بحيض، وكذلك إن قال لها: إذا
حملت. قال ابن سحنون قال غيره: وهو كالقائل إن قدم أبي فلا شيء عليه حتى
يقدم، وكذلك هذه لا شيء عليه حتى تحيض حيضا بينا، أو تحمل.
قال سحنون: وقال بعض اصحابنا فيمن قال لزوجته إذا حملت فأنت طالق، فليطأها
في كل طهر مرة، فإذا حملت طلقت، وإذا تأخر عنها الحيض نظرها النساء، فإن
اجتمعن في اليقين أن لا حمل بها، ترك ووطأها، وإن/ شككن توقف حتى لا يشككن
أو تيأس من أن تحمل، وكذلك في قوله: إن لم أحبلك فأنت طالق فليرسل عليها
بعد يمينه مرة ثم يمسك عنه، فإن استمرت حاملا فهي امرأته، فقال سحنون هذا
ثم رجع فقال: يرد هذا فيهما قول مالك في قوله: إن كنت حاملا أو إن لم يكن
بك حمل، فأنت طالق: إنها تطلق ساعتئذ من أجل الميراث، وكذلك في هاتين.
قال سحنون: واصل قوله: ينظر إليها النساء، فإن قلن إنها حامل/ طلقت بقولهن
[وقال أشهب في قوله: ينظر إليها النساء، فإن قلن إنها حامل طلقت بقولهن].
وقال أشهب في قوله: إن ل أحبلك فأنت طالق: أنه يطؤها أبدا، حتى تقعد عن
الحمل، أو يوأس لها منه، وكذلك إن قال في أمته: إن لم أحبلك فأنت حرة. [5/
105]
(5/105)
فيمن قال: أنت طالق
كلما حضت أو قال إلى أجل بعيد تنقضي العدة في مثله
أو إلى وضع الحمل
من المجموعة وكتاب ابن سحنون، قال: وقال عبد الملك فيمن قال لزوجته يريد
وهي طاهر: أنت طالق كلما حضت، طلقت ثلاثا في الحرة، وتطلق في الأمة اثنتين،
في قوله يريد مكانه.
قال: انظر، فإذا وجدت غاية الطلاق في هذا أتأنى في العدة وأوقف الآن، أو ما
دخل في العدة منه، فإن وجدت العدة تنقضي قبل ذلك فأسقط ما جاوز العدة منه
ففي مسألتك جعل الطلقة الأولى في الحيض، وتلك الحيضة/ لا تدخل في العدة،
والعدة بعدها. يريد وقد لزمته طلقة قال: والطلقة الثانية والثالثة جعلها في
كل حيضة من العدة طلقة، فتتم بثلاثة قبل تتم العدة، ثم تحل بالحيضة
الثالثة، وكذلك تقع الثانية في الأمة قبل مضي عدتها، فعجلنا ذلك وذكره ابن
سحنون، ثم قال: وخالفه سحنون، وقال: بل تعتد بالحيضة الأولى، فتقع بذلك على
الحرة اثنتان، وعلى الأمة واحدة.
قال ابن سحنون أيضا في كتابه وقاله في سؤاله إذا قال أنت طالق إذا حضت
الأولى، وأنت طالق إذا حضت الثالثة، وأنت طالق إذا حضت الخامسة أنه لا تقع
عليه إلا طلقة، لأن الثالثة والخامسة لا تقع إلا بعد العدة، فجعل سحنون
الحيضة الأولى تدخل في العدة.
ومن المجموعة وبعض من كتاب ابن سحنون وإذا طلق الحرة بدءًا ثم قال لها: أنت
طالق كلما حضت وقع عليها ثلاثا، وفي الأمة طلقتان.
ولو قال لها: أنت طالق إذا حضت ثانية بعد أولى فأنت طالق، وإذا حضت ثالثة
فأنت طالق، لزمته طلقتان، الطلقة التي أوقع أولا، وطلقة عجلت [5/ 106]
(5/106)
عليه. قال أبو محمد: يريد وقعت الثالثة بعد
انقضاء العده بدخولها فى الحيضة الثالثة. ولو قال لها: أنت طالق إذا حضت
ثانية بعد أولى فأنت طالق، وإذا حضت ثالثة فأنت طالق، لزمته طلقتان، الطلقة
التى أوقع أولا، وطلقة عجلت عليه. قال أبو محمد: يريد: وقعت الثالثة نعد
انقضاء العدة بدخولها فى الحيضة الثالثة.
ومن الممجموعة وكتاب ابن سحنون، وإن قال: أنت طالق إلى شهر، وأنت طالق إلى
سنة، وأنت طالق إلى خمس سنين، فأعجل التى أوقع إلى شهر، وارتقب بالتى أوقع
إلى سنة، فإذا/ انتهت العدة إليها وقعت عليها، وإلا لم تقع، وأما التي أوقع
إلى خمس سنين فلا تلزمه، لأنها أقصى العدة.
فإن قال: أنا أرتجع وأصيب فله الرجعة والمصاب، ويكون مرتجعا من واحدة أو
اثنين فواحدة وقعت وإن لم يسترب لم يقع غيرها، وإن أصابتها ريبة إلى سنة
لزمته طلقتان، وإن قال: أنت طالب واحدة الساعة وواحدة إلى سنة، وواحدة إلى
أربع سنين فتلزمه الآن واحدة، ويرتقب بها على ما ذكرنا الآن هذا يلزمه
الثلاث إن بلغت العدة إلى أربع سنين ويلزمه اثنتان إن بلغت إلى سنة، وله
الرجعة بالقول، ولا يطأ لاحتمال وقوع الثلاث، تبقى العدة إلى الأربع سنين،
فأن قامت عليه ضرب له أجل الإيلاء، فإن بلغ الأجل طلق عليه بغير فيئة يدعى
إليها، إذا كانت مدة العدة لم تنقض، وله الرجعة من طلقة الإيلاء بالقول،
ولا يطأ وتأخذ هي عدة مؤتنفة؛ فإن انقضت عدتها الأولى قبل السنة لم يلزمه
إلا طلقة مع طلقة الإيلاء، [فتكون رجعته من طلاق الإيلاء رجعة، إن لم تنقض
عدة طلاق الإيلاء].
وإن قال للحامل: أنت طالق [إذا وضعت وأنت طالق الساعة] لزمته طلقتان. [5/
107]
(5/107)
قال ابن سحنون عن أبيه فيمن قال أنت طالق
الساعة أو قال: إلى شهر، أو أنت طالق إلى خمس سنين، فلا تقع عليها إلا
طلقة، لأنه أوقع عليها الثانية بعد أن صارت في عدة بطلاقه الأول فكأنه قال
لها بعد ذلك، فإذا انقضت عدتك فأنت طالق/ فلا يلزمه ذلك لأنه خمس سنين أقصى
العدد. وأما لو ابتدأ بالطلاق إلى أجل بعيد إلى خمس سنين أو أكثر، لعجل
عليه، ولزمه الآن؛ لأنها لم تكن في عدة من طلاق فيعتبر فيه أو يكون مطلقا
بعد العدة.
فيمن قال لطاهر أو حائض أو حامل أو مستحاضة أنت طالق ثلاثا أو قال للسنة أو
قال للبدعة وقد بنى بها أو لم يبن وقال لك قرء طلقة
قال ابن سحنون عن أبيه: ومن قال لزوجته الحائض: أنت طالق للسنة لزمته مكانه
طلقة وأجبر على الرجعة، وكأنه قال: إذا طهرت فأنت طالق.
ولو قال لها أنت طالق ثلاثا لسنة فكأنه قال لها: أنت طالق كلما طهرت،
فلتزمه الآن ثلاث لأن الثلاث التي عجلت عليه تقع عليها على التنزيل قبل
فراغ العدة، لأن واحدة تقع إذا طهرت، وثانية في الطهر الثاني، وثالثة في
الثالث، وبانقضائه تنقضي العدة، وكذلك لو قال لها وهي طاهر: أنت طالق ثلاثا
للسنة، وهذا يدخل في قول ابن القاسم. طلاق 7
قال سحنون: ولو قال لغير مدخول بها: أنت طالق واحدة للسنة لزمته مكان طلقة.
ولو قال: ثلاثا للسنة لم يلزمه فيها إلا طلقة، لأنه لا عدة عليها، فكأن
الطلقتين أوقعهما على غير زوجه، كما لو قال: أنت طالق اليوم، وطالق غدا،
وطالق بعد غد فهي قد بانت بالأولى، ولا تقع عليها إلا اثنتان، وليس كمن
سبق/ بالطلاق في مقام واحد، ولكن لم قال لمدخول بها أنت طالق اليوم، وطالق
إذا حضت الحيضة الثالثة، وإذا حضت عشر سنين قلت لا نرى في غير المدخول بها
(5/108)
أن تتحرى وقتا يطلقها فيه وإلا لزمت الثلاث
فيها؛ إذ لا عدة عليها قال لأن إيقاع الثلاث عليها في كلمة ليس بطلاق السنة
فيها وكأنه طلقها الزائد وقد بانت منه وإنما ينبغي أن يطلقها واحدة.
ولو قال لمدخول بها لا تحيض: أنت طالق ثلاثا للسنة لزمته ثلاث الساعة وكأنه
قال: أنت طالق الساعة، وطالق ثانية إذا أهل الشهر، وطالق ثالثة إذا وصل
الشهر الثاني، فتتم الثلاثة قبل العدة، فعجلت عليه، وإذا قال لحامل: أنت
طالق ثلاثا للسنة، فإنه لم يلزمه فيها إلا واحدة كأنه قال: طالق الساعة،
وطالق إذا وضعت، وهي بالوضع تتم عدتها من الطلقة الأولى، قال ابن سحنون:
إلا أن يعني في الحامل طلاق السنة على رأي العراقيين أن يطلقها في كل شهر
طلقة، حتى تتم الثلاث، فإن نوى هذا لزمت فيها الثلاث مكانه.
سحنون: وكذلك لو قال للمستحاضة: أنت طالق ثلاثا للسنة، لم تلزمه فيها إلا
واحدة، على ما ذكرنا.
وإذا قال للمدخول بها: أنت طالق للسنة أو قال: طالق سنية وهي طاهر اعتدت
بذلك الطهر وإن وطئها فيه، وإن كانت حائضا عجلت عليه الطلقة، وأجبر على
الرجعة، وكذلك النفساء وإذا لم بين بزوجته، فقال لها: أنت طالق/ للسنة أو
قال: للبدعة أو قال: لا لسنة، ولا لبدعة، أو قال ذلك لمدخول بها حامل،
لزمته مكانه طلقة، وكذلك إن لم تكن حاملا وهي ممن لا تحيض ولو قال لها وهي
حائض: أنت طالق كلما حضت لزمته الثلاث مكانه وإن قال لها وهي طاهر أو حائض:
أنت طالق ثلاث عند كل قرء طلقة؛ فإن كانت لا تحيض على حملها، لم يلزمه فيها
غير طلقة؛ لأن الزائد جعله بعد انقضاء عدتها بالوضع، فإن كانت ممن تحيض على
حملها، عجلت عليه طلقة، ونظرنا، فإن تمادى بها الحمل حتى تطهر بثلاثة أطهار
لزمته الثلاث أو قرأين، فيلزمه اثنتان يوم قال ذلك، وإن لم تحض حتى وضعت لم
يلزم غير طلقة.
وكذلك في قوله: أنت طالق الساعة وطالق إذا مضى شهر، وطالق إذا مضى [5/ 109]
(5/109)
شهر ثان فإنها إن وضعت قبل مضي شهر لم
يلزمه غير طلقة، وإن وضعت بعد شهر لزمه طلقتان، وإن وضعت بعد شهرين، لزمته
ثلاث، وإن قال لمستحاضة: أنت طالق ثلاثا عند كل قرء طلقة فإن كانت ممن تعرف
دم الحيضة من دم الاستحاضة، وتعتد بها في قول ابن القاسم، لزمته الثلاث قال
ذلك لها في دم الحيض، أو في دم الاستحاضة، وإن كان دمها لا يتميز، لم يلزم
فيها غير طلقة، وكان طلقتين وقعنا/ على غير زوجة.
فإن قال للحامل: أنت طالق الساعة وأنت طالق إذا وضعت لم يلزمه غير طلقة،
وإن قال: أنت طالق إذا وضعت، وأنت طالق الساعة لزمته طلقتان وإن قال: كلما
ولدت ولدا فأنت طالق للسنة فولدت ثلاثة أولاد في بطن، لزمه طلقتان.
فيمن قال لمن بنى بها أو لم يبن أنت طالق طلقة سنية أو قال بدعية أو لا
للسنة ولا للبدعة أو طلقة للسنة وأخرى للبدعة أو ثلاثا بعضهن للبدعة وبعضهن
للسنة أو قاله لحامل
من كتاب ابن سحنون: ومن قال لمدخول بها طاهر أو حائض: أنت طالق طلقة سنية
أو قال: بدعية أو قال: لا للسنة ولا للبدعة، لزمته طلقة وإن قال: أنت طالق
طلقة سنية، وطلقة بدعية لزمت طلقتان وأجبر في الحائض على الرجعة، والطلقة
السنية في الطاهر وقعت الآن والبدعية كأنه أوقعها إذا حاضت، فعجلناها كذلك
المعجلة في الحائض بدعيه والمؤخة سنية، عجلت عليه.
ولو قال ثلاثة للسنة، وثلاثة للبدعه لزمه ثلاث فيها، كان طاهرا أو حائضا،
أو قال لحامل: أنت طالق طلقة للسنة، وأخرى للبدعة، وهي ممن تحيض على الحمل
لزمه الآن طلقة للسنة، وعجلت عليه التي للبدعة، وإن كانت لا تحيض لزمته
طلقتان، وليس فيها موضع لطلاق البدعة؛ فكأنه/ أوجب الثانية ثم [5/ 110]
(5/110)
نفاها، ولو قال: أردت بالبدعة بعد أن تضع
لم ينو في القضاء، وله ذلك في الفتيا، وتلزمه طلقة، وإن قال لمدخول بها ممن
تحيض: أنت طالق ثلاثا بعضهن للسنة وبعضهن للبدعة لزمه ثلاث مكانه فعلى قول
من يرى طلاقه لها أكبر من واحدة بدعة، ومن قوله ترى أن طلقتين للبدعة مع
طلقة للسنة وقعن الآن عليها، وعلى القول الآخر طلقها الآن طلقة للسنة،
وطلقة للبدعة إذا حاضت، وثالثة إذا طهرت فعجلن عليه، وإن قال ذلك لغير
مدخول بها طلقت مكانها ثلاثا، لأن طلاق السنة فيها واحدة، وطلاق البدعة
ثلاث [ومن قال لزوجته أنت طالق بخلاف السنة أو على خلافها فهي طالق واحدة
أو لم تكن له نية فكأنه قال لها أنت طالق إذا حضت أو قال في طهر وطئتك
فيه].
وفي الباب الذي هذا بعده عقبة مسألة فيمن قال: أنت طالق للسنة أو قال:
للبدعة أو قال لا للسنة ولا للبدعة.
فيمن قال للحامل إن كان في بطنك جارية فأنت طالق كذا وإن كان غلام فكذا أو
قال إن كان في جوالقك كذا أو كان كذا على هذا الوجه
من كاب ابن سحنون، عن أبيه، فيمن قال لزوجته: إن كان حملك هذا جارية فأنت
طالق واحدة، وإن كان غلاما فأنت طالق اثنتين فولدت غلاما وجارية فإن ولدت
غلاما أولا، طلقت اثنتين، وتنقضي العدة بوضع الجارية، ولا يلزمه بوضعها
طلاق، وإن وضعت الجارية أولا، لم يلزم إلا طلقة؛ لأن العدة تنقضي بوضع/
الغلام. وإن قال في جوالق إن كان ما فيها حنطة فامرأتي طالق، وإن كان ما
فيها دقيق، فعبد حر. فوجد فيها قمح ودقيق، فهو حانث؛ لأنه يحنث عندنا
بالأقل، ولكن لو قال: إن كان ما فيها كله دقيق، فأنت طالق، أو قال في
الحمل: إن كان حملك كله غلام يريد، فأنت طالق، فولدت غلاما وجارية، وكان
(5/111)
في الجوالق قمح ودقيق فلا شيء عليه، كمن
قال: إن هدمت هذه البئر كلها فأنت طالق، فهدم بعضها، فلا شيء عليه هاهنا
حتى يهدم جميعها لاشتراط الكل.
فيمن حلف بطلاق امرأته في زمن ليطلقها أو غيرها
في زمن بعده أو قبله بطلاق مختلف أو متفق أو لم يذكر وقتا أو قال
فأمرها بيدها. ومن طلق إلى أجل فعجله
ذكر ابن سحنون، عن أبيه الاختلاف في قوله: أنت طالق لأطلقنك، وإن بعض
أصحابنا يقول: يضرب له أجل المولي. ومن كتاب ابن المواز؛ ومن قال أنت طالق
ألبتة لأطلقنك في الهلال واحدة. ثم أراد تعجيل الحنث بالواحدة، فوقف فيها
ابن القاسم، وقال: لا أرى أن يجزئه، ولو جاء الهلال ولم يطلقها، طلقت
بالبتة.
وقال ابن القاسم، في العتبية، والمجموعة: له أن يعجل الطلقة، ولو لم يعجلها
وقف، فإما عجلها وإلا ألزمناه ألبتة، قال ابن/المواز: إن سألته في ذلك أو
أهلها فحلف بهذا، لم ينفعه التعجيل، وإن كان ابتداء منه ليغمها، فيجزئه
تعجيل الطلقة.
وقال مالك وابن القاسم في القائل: أنت طالق البتة إن لم يطلق فلانة إلى
سنة: أن يوقف، فإما طلق هذه أو هذه الساعة؛ لأنه يحنث في إحداهما إلى أجل،
فعجل عليه وكذلك روى عيسى عن ابن القاسم، وزاد فإن امتنع سجن، ولا يكون
موليا، وقال في القائل: إن لم أطلق فلانة إلى سنة، فأمرها بيدها فليوقف
فإما طلق هو الآن، وإلا قيل لهذه طلقي أو تركها. وهذا في العتبية قول ابن
[5/ 112]
(5/112)
القاسم ومسألة مالك في الذي تزوج على
امراته ثم قال للقديمة: إن حسبتهاأكثر من سنة فأمرها بيدك: قد كتبتها في
التمليك.
ومن كتاب ابن المواز وإن قال أنت طالق إلى شهر ثم قال: الآن أنت طالق
الطلقة التي إلى شهر، قال لا يلزمه إلا طلقة، قال محمد بن المواز: هذه
جيدة. ووقف عما قبلها، ورأيي: أنها أيمان لم يجب فيها الطلاق. وقال: أرأيت
إن قال أنت طالق ألبتة إن لم أطلقك إلى سنة ألبتة، أكنت أعجل عليه ألبتة،
ولم أحرم عليه وطأها إلى الأجل؟ ألا ترى لو قال: أنت طالق ألبتة لأعتقن
جاريتي إلى سنة ايحرم عليه وطؤها؟
قال عبدالملك، فيمن قال: أنت طالق واحدة إن لم أطلقك ثلاثة إلى الهلال/ أو
بدأ بالثلاث وأخر الواحدة إلى الهلال، أو لم يذكر هلالا، أو ذكر الهلال في
الطلاقين، فذلك كله واحد، لا يلزمه إلا واحدة، أقل مما حلف به أو أحلف
عليه، وكذلك ذكر عنه ابن سحنون. قال ابن المواز قال عبدالملك: فإن قال: أنت
طالق إلى مائة سنة، إن لم أطلقك الساعة فلا شيء عليه. فإن قال: أنت طالق
الساعة إن لم أطلقك إلى مائة سنة فهي طالق الساعة، وقاله سحنون في كتاب
ابنه.
في الطلاق قبل الملك أو العتق ومن عم أو حلف بطلاق من يتزوج من بلد ما
ومن كتاب ابن المواز: قال وإنما الذي لا يلزم من الطلاق قبل النكاح، والعتق
قبل الملك، أن يوجب ذلك في الجمع، أو يطلق امرأة ليست تحته أو يعتق عبدا
ليس في ملكه ولا شيئا منه بغير يمين يعقده، قال ابن حبيب: فهذا مجمع عليه.
[5/ 113]
(5/113)
ومن العتبية، روى يحيى بن يحيى عن ابن
القاسم، فيمن حلف بطلاق كل امرأة يتزوجها بمصر، ثم حلف بطلاق كل من يتزوج
بغير مصر، فلا يلزم اليمين للثانية، وليتزوج بغير مصرما شاء، ولو كانت
يمينه أولا على غير مصر، ثم حلف بطلاق من يتزوج من مصر، فاليمين الثانية
ساقطة. ومن كتاب ابن حبيب، وإن قال كل امرأة أتزوجها من/ قرطبة طالق فذلك
يلزمه، وحد ذلك إن نوى الحاضرة لزمه أيضا فيمن على ثلاثة أميال منها فأقل
حدا مجمعة، وإن لم ينو الحاضرة وأشمل يمينه لزمه في مسيرة يوم منها، حتى
تجاوز أربعين ميلا، فأكثر حده حد الصلاة ما تقصر فيه الصلاة. وقال ابن
كنانة وابن الماجشون، وأصبغ. وإن حلف بطلاق كل امرأة يتزوجها من الأندلس،
لزمه في جميعها من بلد الاسلام منها وبلد الكفر، ومن حلف عندنا بطلاق من
يتزوج من الأندلس، ومن المشرق، فلا يلزمه، لأن عم المشرق والمغرب، لأن محمل
ذلك عند العامة عندنا أن ما وراء بحر الاندلس مشرق.
قال ابن سحنون، عن أبيه في الحالف بطلاق من يتزوج من قرطبة، قال: لا يلزمه
إلا في قرطبة وأرباضها، ولو كان من القيروان لم يلزمه إلا المدينة نفسها،
ومن تزوج من منزل العلوي، لم يلزمه شيء ولم ير قول أصحابنا أنه يلزمه فيمن
عليه السعي إلى الجمعة، إلا أن ينوي أعمالها فيلزمه أعمالها، إلا أن القياس
أن يلزمه فيما تقصر في مثله الصلاة، فأعاب هذا كله سحنون.
قال هذا القائل: ولو تزوج هذا في أبعد مما تلزم فيه الجمعة، دون مما تقصر
في مثله لم افسخه، وأنهاه قبل وقوعه. قال سحنون: وهذا من قوله صواب.
ومن كتاب ابن الموز، قال ابن القاسم فيمن حلف ألا يتزوج بالاسكندرية؛ فإن
نوى عملها لزمه، وإن لم تكن له نية/ فاستحب أن ينتقل إلى حيث لا تلزمه
الجمعة. قال أصبغ: والقياس أن بتباعد إلى حيث تقصر في مثله الصلاة في سفره،
وفيما لا تتم فيه الصلاة إذا قدم، فالأول استحان. [5/ 114]
(5/114)
ولو تزوج في الموضع الذي إذا برز لم يقصر
حتى يجاوزه، لم أفسخه لم أحبه وأحب أن لو تجاوز إلى موضع لا تجب عليه فيه
جمعة ومن حلف بطلاق من يتزوج بمصر، فله أن يتزوج بغيرها مصرية مقيمة بغيرها
إلا أن ينوي لا يتزوج مصرية أو يحلف لا يتزوج مصرية فيحنث قال مالك بمصر
مصرية يريد في هذا.
ومن العتبية، قال عيسى، عن ابن القاسم، في الحالف لا يتزوج مقيمة بمصر، قال
عن بعض أهل العلم: لا بأس أن يتزوج مصرية بغير مصر، وإن كانت مقيمة بمصر،
قال ابن القاسم: [من حلف بالطلاق: لا اشترى سلعة كذا بالفسطاط، أو بحرية
عبد إن اشتراه بالفسطاط فاشترى من ذلك بغير الفسطاط، وذلك الشيء بالفسطاط،
فلا شيء عليه] وإن حلف بطلاق من يتزوجها بالمدينة، / فلا بأس أن يواعدها
بالمدينة، ويعقد نكاحها بغيرها، وكذلك روى عيسى عن ابن القاسم، وذكر ابن
حبيب في الحالف لا يتزوج في الأندلس مثل ما ذكرنا في الكتابين. قال: وإن
نوى كراهية نساء الأندلس لجفائهن فلا يتزوج أندلسية حيثما كانت، وله نكاح
غيرهن بالأندلس وبغيرها، وإن لم تكن له نية، فلا يتزوج بالأندلس مصرية ولا
غيرها، وله نكاح أندلسية بمصر والعراق، ويحنث ما جاوز بحر الاندلس، ولو كان
بالأندلس، فلا ينبغي أن يعقد نكاحها بغير الأندلس مع وليها، إلا الأب في
البكر، ولو أشهد عليها وليها غير الأب بالأندلس برضاها، فالحالف لم يجز
عقده بغيرها لبعد ما بين أرض المرأة وأرض الزوج، وإنما يحوز ما كان بقرب
ذلك وبقدره، فأرى المواعدة أيضا ببلد الحلف توجب الحنث، وقال من أرضى وسهل
فيه بعض الناس، ولا يعجبني.
ومن المجموعة، قال ابن دينار، وابن ابي حازم: ومن قال كل امرأة أتزوجها من
أهل مصر طالق، فتزوج امرأة أبوها مصري وأمها شامية، فإنه يحنث، قال ابن [5/
115]
(5/115)
أبي حازم فإن كان الأب شاميا، والأم مصرية،
فله أن يتزوجها، والولد للأب تبع إلا أن ينوي كل امرأة ساكنة بمصر، فيدين
وإن كره نساء مصر، لأن أكثرهن قبط، فذلك له، وإن لم تكن له نية، حنث لأنه
قد تزوج من سكان مصر.
قال ابن حبيب: ومن حلف بطلاق من تزوج بقرطبة فوكل رجلا بزوجه، فعقد عليه
نكاح امرأة بقرطبة، فإن بنى بها، فلها نصف الصداق، ثم ينظر، فإن ذكرالوكيل
يمينه فضمان نصف الصداق على الوكيل، وإن لم يذكر له ذلك، فلا يضمن الوكيل
شيئا، وذلك على الحالف/.
ومن كتاب ابن المواز ومن العتبية، من رواية عيسى عن ابن القاسم، وإن قال:
كل امرأة أنكحها بأرض الاسلام طالق، فإن كان يقدر على دخول أرض العدو
والنكاح بها وإخراجها لزمه ذلك، وإلا لم يلزم اليمين، وكذلك في الواضحة.
قال ابن المواز قال أصبغ: وإن قدم على دخولها، كمن استثنى قرية صغيرة، أو
عددا قليلا، قال محمد، في أرض الحرب: ما يأتيه المسلمون/ وهي متجر لهم، فإن
أراد هذه لزمه، وإن أراد مثل فرنجه ونحوها، لم يلزمه.
ومن العتبية من سماع عبدالملك بن الحسن: ذكر مسائل عن ابن القاسم، ثم مسألة
عن أشهب، ثم قال: وقال فيمن قال إن كلمت فلانا، فكل امرأة من الفسطاط طالق
فيتزوج منها ثم كلمه، فلا شيء عليه، إلا فيمن تزوج بعد كلامه.
قال ابن سحنون، عن أبيه: وإذا قال: كل امرأة أتزوجها من افريقية طالق، فذلك
يلزمه في كل من تزوج، من أول عمل إفريقية إلى آخر طيبة، وإن قال: من العرب
فله أن يتزوج من أهل الشام، ومن مصر وكورهما وأعمالهما. [5/ 116]
(5/116)
فيمن قال كل امرأة أتزوجها إلا فلانة طالق
أو قال غير امرأتي أو استثنى عددا قليلا
من كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم، فيمن قال كل امرأة أتزوجها طالق إلا
فلانة، يعني التي تحته لزمه ذلك، كأنه قال: سواك أو معك، بخلاف إذا لم تكن
تحته.
قال ابن المواز: وليس هذا بشيء، ولا شيء عليه في الوجهين، وقد قال مالك في
الحالف بكل امرأة: إنه لا تلزمه في امرأته، قال سواك أو لم يقل لأنه إنما
قال ذلك/ في سواها حتى يقول: معك أو في حياتك أو ينويه. قال عيسى، عن ابن
القاسم في العتبية، إن قال لامرأته: كل امرأة أنكحها غيرك، فهي طالق فهو
كالقائل: كل امرأة أنكحها طالق، إلا فلانة وهي أيم أو ذات زوج فلا شيء
عليه، وهو كمن قال: إن لم أتزوج فلانة، فكل امرأة أتزوجها طالق فلا شيء
عليه.
ومن كتاب ابن حبيب في القائل: كل امرأة أتزوجها، إلا فلانة فهي طالق،
فاختلف فيه مالك وأصحابه، فروى عنه أصحابه وقالوا به: إنه لا شيء عليه، كمن
عم إذا استثنى المرأة والاثنتين والعدد اليسير كالعشرة ونحوها وكذلك قوله
إلا قبيلة كذا، أو قرية كذا، وهم قليل.
روى عيسى، عن ابن القاسم: سئل إن استثنى عشرة، فقال: ليس في ذلك حد، ولكن
إذا استثنى العدد القليل الذي ليس فيه سعة في النكاح، فهو كمن عم ولا شيء
عليه، وإن استثنى عددا، وإن سمى نساءهن إن شاء نكاح [5/ 117]
(5/117)
بعضهن أمكنه وكان من نكاحهن في سعة لزمه
ألا ينكح إلا منهن وإلا حنث، ولم يذكر ابن القاسم في روايته ما ذكر ابن
حبيب، من تحديد العشرة عن مالك.
قال ابن حبيب: وروى مطرف وابن الماجشون عن مالك قوله: إلا فلانة: أنه يلزمه
حتى إن ابن الماجشون قال: ولو أن المرأة التي استثنى ذات زوج، أو تزوجت بعد
يمينه، لزمه ما قال لأنه يرجى له أن تخلو من الزوج ويتزوجها، وقال/ لو
تزوجها ثم طلقها ألبتة، لكانت اليمين عليه باقية، إلا أن يتزوجها في عدة
فهذه تحرم للأبد عليه، وتزول عنه اليمين، وكذلك لو لاعنها، أو وجدها ذات
محرم زالت يمينه، قال: ولو كانت صغيرة تبلغ مبلغ النكاح قبل انقضاء يمينه
لزمه اليمين.
قال مطرف: وإن كانت ذات زوج، أو تزوجها، ثم ابنتها فاليمين لا تلزمه ولو
طلقها واحدة أو اثنتين، فاليمين عليه، قال ابن حبيب: فهذا استحسان، والقياس
قول ابن الماجشون.
ومن العتبية، روى عيسى عن ابن القاسم قال: قال مالك فيمن قال لامراة من
النساء كل امرأة أنكحها غيرك طالق فهو كالقائل: إن لم أنكحك، فكل امرأة
نكحتها غيرك طالق فلا شيء عليه.
ومن كتاب ابن سحنون، عن أبيه، قال: ولو حلف بطلاق كل امرأة يتزوج، إلا
قبيلة كذا، وبلد كذا، ثم حلف بطلاق من ينكح من البلد، أو القبيل المستثنى،
فلا شيء عليه في اليمين الثاني، لأنه يخرج إلى تحريم النساء كلهن.
فيمن قال كل بكر أو قال كل ثيب انكحها طالق أو قال كل حرة أو قال كل امرأة
أتزوجها إلا كفؤا أو إلا بتفويض طالق
من كتاب ابن المواز: ومن قال: كل ثيب أتزوجها طالق (لزمه) كما لو قال: كل
بكر. ثم إن حلف على كل بكر بعد أن حلف على كل ثيب، فقيل: [5/ 118]
(5/118)
يلزمه فيها وأحب إلينا أن تلزمه اليمين/
الأولى، ولا تلزمه الثانية وكذلك قال سحنون وروى عيسى في العتبية، عن ابن
القاسم، أن لا تلزمه الثانية، [وذكر عن مالك أنها تلزمه].
قال ابن حبيب: روى ابن وهب، عن مالك، وقال به هو وابن عبدالحكم، إنه يلزمه
اليمينان، وقال ابن كنانة ومطرف وابن الماجشون وابن القاسم وأصبغ: لا تلزمه
اليمين الثانية، وبه أقول.
ومن كتاب ابن المواز ومن العتبية، من رواية عيسى عن ابن القاسم في الحر
يقول: كل حرة أنكحها طالق: أن ذلك يلزمه، وله نكاح الأماء وقاله ابن حبيب،
وقال: إنه أبقى الاماء (وهو) بيمينه كمن لم يحدد، وقال ابن المواز: لا
يلزمه إن كان مليئا عند من يقول بالطول، لأنه لا سبيل إلى الحرائر اللاتي
حرمهن، وجواب ابن القاسم مجمل لأنه يقول بالطول.
ومن كتاب ابن المواز: وإن قال: كل امرأة أنكح، إلا كفؤا - طالق أتنكح جارية
أعتقها؟ قال: قد قيل: الكفؤ في الحسب، والكفؤ في الدين واليمين تلزمه، وليس
المولى الأسفل كفؤا لمولاه إلا في الدين.
من العتبية قال أشهب: فإن قال: كل امرأة أتزوجها [تفويضا فهي طالق لزمه ولو
قال كل امرأة أتزوجها إلا تفويضا طالق لم يلزمه التفويض غير مبدول ولا مرجع
ومن كتاب ابن المواز قال سحنون ومن قال كل امرأة أتزوجها] طالق أو قال: كل
حرة، أو قال: كل بكر لزمه. [5/ 119]
(5/119)
فيمن حلف بطلاق من
يتزوج إلى أجل معلوم أو قال في حياة فلان أو حتى
يتزوج فلان أو ما دمت خليط فلان أو ما دمت عبدا أو حتى تحج أو بعد موت
موالى /
ومن كتاب ابن حبيب، قال ابن الماجشون في حلف بطلاق من يتزوج إلى عشرين سنة
أو عشر سنين، فإن كان ممن يشبه أن يعيش إلى مثل ذلك لزمه، وإن كان لا يشبه،
فله أن يتزوج، والتعمير في مثل هذا سبعون سنة.
ومن كتاب ابن المواز، قال مالك في الحالف إلى ثلاثين سنة: لا يتزوج إلا أن
يخشى العنت. قال ابن القاسم: ولا أحب مقدار ما يقدر فيه، ولا أشك أن عشرين
سنة كثير، قال أصبغ: بعد تصير وتعفف قال أشهب وابن وهب: لا يتزوج وإن خاف
العنت في الحالف إلى ثلاث سنين [قال ابن القاسم نكاحه أولى في الزنى، وقد
اختلف في هذا النكاح، فأجازه ابن المسيب وغيره].
قال ابن القاسم: ولو حلف بعتق من يملك من الجواري في هذا الأجل، لم يعذر
لخوف العنت وكذلك روى عيسى عن ابن القاسم في العتبية، قال ابن المواز قال
أصبغ: وهما في القياس واحد، ولكن قوله أحب إلي، لقوة العتق، وصدقه، وسعة
الناس في النكاح.
ومن العتبية، روى أبو زيد عن ابن القاسم، فيمن حلف بطلاق من يتزوج إلى
ثلاثين سنة، لأقضيتك يوم كذا وكذا، فحنث، فإن قدر أن يتسرر، فلا ينكح، إلا
أن يخشى العنت، فإن خشي العنت، فليتزوج، ولا شيء عليه، [5/ 120]
(5/120)
وتدخل التي حلف فيها في سائر النساء،
وينكحها إن شاء وغيرها إذا خشي العنت.
قال في كتاب ابن المواز: وكذلك لو كانت يمينا بطلاق التي تحته، وبطلاقه من
يتزوج إلى ثلاثين سنة، فحنث فلتزمه/ في التي تحته طلقة، فإن لم يرتجعها حتى
تنقضي العدة، فلا يتزوجها هي ولا غيرها إلى ثلاثين سنة.
قال ابن المواز: وإن حلف بطلاق من يتزوج إلى ثلاثين سنة، ففارق من تحته ثم
تزوجها، فإنه يلزمه فيها اليمين في الأجل، ومن قال: كل امرأة أتزوجها إلى
ثلاثين سنة طالق إن كلمت فلانا فكلمه بعد سنة، قبل تمام الثلاثين، فإنه
يحنث فيمن تزوج قبل تكلمه، وبعد أن كلمه قبل تمام الثلاثين قال ابن القاسم
وأشهب وذكر عن مالك، قال أشهب: إلا أن ينوي من يوم، حنث، قالا: وإن قال: إن
كلمت فلانا ثلاثين سنة، فكل امرأة أنكحها طالق، فلا شيء عليه محمد: لأنه لم
يجعل ليمين وقتا يحنث إليه في النكاح خاصة.
قال مالك: ومن حلف بطلاق من يتزوج في حياة فلان لزمه، إلا أن يخشى العنت،
قال محمد: ولو قال حياتي لم يلزمه شيء ومن قال كل امرأة أتزوجها ماعاشت
فلانة لامرأة فارقها لزمه ذلك فيمن سواها، ولا ينوي أنه أراد ما كانت عندي
كما ينوي لو كانت إذ حلف في عصمته ثم فارقها [إلا أن له في الوجهين نكاحها
هي، ولو شرط لها عتق من يتسرر ما عاشت، ثم فارقها] فلا يتسرر إلا أن ينوي
ما كانت تحتي كالطلاق.
قال أصبغ: ومن قال كل امرأة أتزوجها حتى يتزوج فلان فهي طالق، لزمه ذلك،
فإن مات فلان، فلا شيء عليه، وهي كما في العتبية برواية أصبغ عن ابن
القاسم، وقال: هو كما قال: قبل أن يتزوج فلان/ قال مالك: وإن قال: ما [5/
121]
(5/121)
دمت خليطا لفلان لزمه قال ابن القاسم: وإن
قال ذلك قبل أن يشاركه، فلا شيء عليه، وهو مذهب مالك، وإن قاله بعد أنه
خالطه لزمه ما دام خليطا.
ومن كتاب ابن سحنون، ومن قال: كل امرأة أتزوجها حتى تتزوج فلانة فلانا فهي
طالق، فلا تلزمه إلا أن يموت الرجل، فيسقط اليمين.
ومن كتاب ابن المواز، وإن قال أن تزوجك فأنت طالق غدا، فإن تزوجها في غد،
أو قبل غد، لزمه، وإن تزوجها بعد غد لم يزمه.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فيمن طلق امرأته ثلاثا ثم تزوجها بعد
زوج، ثم قال: إن مات امرأتي إن تزوجت حتى أغزو أو أحج، فالتي أتزوج طالق،
ثم ذكر أن نكاحها فاسد لتزويج محلل أو لغير ذلك، وكان صحيحا، فطلقها فهل
يتزوج قبل الحج أوالغزو، قال: لا شيء عليه إلا أن يريد: إن خلوت منها [بموت
أو غيره قال له: إنما نويت خلوتي منها ولم اذكر إلا الموت].
ومن قال لامرأته: كل امرأة أتزوجها عليك بعد موتك طالق، وكل جارية أتسررها
حرة. فماتت، فليتزوج ولا يتسرر؛ لأنه من قال: كل جارية اشتريها أطؤها حرة.
يلزمه؛ لأنه لا يتزوج من لا يطؤها، ويملك من لا يطؤها.
ومن كتاب ابن سحنون، ومن قال: كل امرأة أتزوجها، مادامت أمي حية طالق.
لزمه. لو قال: ما دام هذا الصبي حيا. وهو ابن عشر سنين، والحالف ابن/
ثلاثين سنة، أو أربعين، قال: ذلك يلزمه، ولا يعمل فيه على الغالب من
التعمير، وقد يموت صغير قبل كبير.
قال: وإن قال كل امرأة أتزوجها إلى عشر سنين طالق فتزوج قبل ذلك امرأة
فطلقت ثم تزوجها فإنه يتكرر عليه ذلك كلما تزوجها وكذلك في البلد المخصوص.
قال ابن القاسم يتكرر عليه الحنث في القبيل والجنس. وأما لو قال [5/ 122]
(5/122)
لامرأة معينة إن تزوجتك أبدا فأنت طالق
ففعل فطلقت ثم تزوجها فلا شيء عليه ولا يحنث فيها إلا مرة لأنها معينة ولا
في نساء معينات. وإن قال إن تزوجتك وأخواتك فلا يعود فيها اليمين وقد يعود
في أخواتها. قال سحنون إن كن أخواتها معروفات فهن مثلها لا تعود فيهن
اليمين إلا في المجهولات. قال سحنون ولا يضره في المعينة قوله أبدا لأن
التأييد إنما جعله في أظهر الأمور على بداية تزويجه لا على التأييد الذي
يشبه كلما تزوجتك وهو كمن قال امرأته طالق إن كلم فلانا أبدا فحنث مرة فلا
يحنث بكلامه ثانية وليس مخرجه مخرج كلما. وكذلك التأجيل إذا قال إن تزوجتك
عشر سنين إن أراد أن يجعل العشر سنين أجلا قبل نكاحها وإن أراد أن يجلعها
طالقا كلما نكحها فيها لزمه ذلك وأما القائل إن تزوجت امرأة عشر سنين فهي
طالق فيتكرر عليه الحنث لأنه منع نفسه النكاح عشر سنين بخلاف من عين امرأة.
وأما إذا طلق مجهولة في أجل أو من قبيلة أو فخذ فالحنث يتكرر فيها].
فيمن قال آخر امرأة أو أول امرأة أتزوجها طالق
من كتاب ابن المواز: ومن قال: آخر امرأة أتزوجها طالق. قال ابن القاسم: لا
شيء عليه. ونحن نرى أن يقف عن وطئها، حتى ينكح ثانية، فتحل له الأولى، ويقف
عن الثانية حتى ينكح ثالثة، وهي التي يقف عنها، كالمولي، فإن رفعته، فالأجل
من يوم ترفعه. وقال سحنون مثله في العتبية، وفي كتاب ابنه، وقال: وكذلك لو
تزوج رابعة لزمه فيها الإيلاء، إلا أن تموت من عنده أو يطلق، فيتزوج.
ومن المجموعة، عن ابن الماجشون نحو، وقال: فإن تزوج امرأة، فماتت أوقف
ميراثه منها حتى يتزوج ثانية، فيأخذه، أو يموت قبل يتزوج، فيرد إلى [5/
123]
(5/123)
ورثتها، وإذا طلق عليه بالإيلاء فلا رجعة
له، لأنه لم بين بها. وإن قال: آخر من أتزوجها طالق إلا واحدة. يريد تطليق
التي تلي الآخرة، فإن تزوج، أوقف عنها، ثم إن تزوج ثانية، أوقف عنها وعن
الأولى؛ إذ لا يدري في يلي الآخرة منهما؟ فإن مات، فالأولى. ولو قال: فالتي
تلي الآخرة طالق، حتى تكون ثالثة منهما. فهذا يمسك عنها حتى يتزوج رابعة،
فتحل له الأولى، إن مات في هذه الحال، فالثانية من الأولى هي المطلقة./
ومن كتاب ابن المواز، ومن قال: أول امرأة أتزوجها طالق. فتزوج، فإنها تبين
منه، ولها نصف الصداق، ثم يتزوجها ثانية إن شاء، ونحو ذلك، وقد زالت يمينه
فيها وفي غيرها، ولو كانت يمينه بالبنات؛ فلم تحل له إلا بعد زوج، وتحل له
سواها.
فيمن حلف بطلاق امرأة إن تزوجها ففعل هل يفسخ نكاحه بالقضاء؟ وكيف إن كان
قد حلف لا أتزوج حراما؟ وهل يتوارثان؟
ومن كتاب ابن المواز، ومن تزوج امرأة حلف بطلاقها إن تزوجها، قال مالك:
يفرق بينهما بالقضاء. وقضى به ابن أبي حازم. وتقع عليه طلقة، إلا أن يكون
حلف بأكثر منها، ولو نصف الصداق، إلا أن يبني جهلا، فعليه جميعه؛ ولا تحرم
عليه بعد ذلك؛ إذا لم يقل: كلما. قال أبو محمد: يريد بعدالاستبراء من ذلك
الماء، إن بنى بها.
ومن العتبية روى أبو زيد، عن ابن القاسم، أن صاحب الشرط كتب إليه في رجل
تزوج امرأة حلف بطلاقها إن تزوجها، هل أفسخ نكاحه؟ فكتب [5/ 124]
(5/124)
إليه: لا يفسخه. وقد أجازه ابن المسيب.
وكان المخزومي ممن حلف أبو على أمه يمثل هذا. وقال عنه عيسى فيمن حلف بطلاق
من يتزوج على امرأته، ثم قال لها: إن وطئت حراما فأنت طالق. فتزوج عليها
امرأة، فوطئها، قال لا تطلق عليه القديمة/. ولم يرد مثل ذلك من الحرام.
وهذا مختلف فيه، وتطلق الثانية.
قال ابن حبيب، عن أصبغ: إذا حلف بطلاق امرأة إن تزوجها، أو بطلاق من يتزوج
على امرأته أو من يتزوج من بلد بعينه فتزوج، ثم مات أحدهما قبل يقضي
بالفراق، فإنهما لا يتوارثان. وأما الولد، فلاحق ووارث، وإن لم يبن، فلها
نصف الصداق؛ عاش أو مات.
ذكر ما يتكرر فيه الحنث وتعود فيه اليمين من
الطلاق قبل الملك وما لا يتكرر وكيف إن خص جنسا أو بلدا أو ضرب أجلا
قال سحنون في كتاب ابنه: اختلف اصحابنا في قول الرجل: إن تزوجت من بني فلان
أو قال: من بنات فلان فهي طالق. فقيل: إن كانوا معروفين، يحصون ويعرفون،
فهم كامرأة معينة، ولا يتكرر فيهم الحنث إن تزوج منهم، فطلقت، ثم تزوجها
ثانية، فلا شيء عليه. وقال آخرون: إذا قال من بني فلان. فلا تكون إلا
مجهولة، وإن قال: من بنات فلان. فلا يكون إلا في قليل معروف محاط به،
وكالمعينات لا يتكرر فيهن الحنث. وأما إن قال: من بنات تميم. أو: من بنات
عدي، أو من بنات زهرة. فذلك على المجهولات.
ومن كتاب ابن المواز، وأما من حلف على قبيلة أو صنف، فنكح منهن فالحنث
يتردد عليه كلما نكحها، ما لم يضرب أجلا فيتجاوزه.
ومن العتبية قال عيسى عن ابن القاسم: إن قوله إن تزوجت/ ومتى فهما [5/ 125]
(5/125)
سواء. قال: وإذا قال: إذا تزوجت فجمع
البلد، أو الفخذ، أو بنات الرجل، أو ضرب أجلا في طلاق من يتزوج، أو قال: كل
أعرابية، أو من الموالي. فهذا كله يرجع عليه اليمين، وإن تزوجها عشرين مرة.
ولو قال لامرأة: إن تزوجتك أبدا فكانت طالق البتة. فتزوجها مدة، فطلقت؛ ثم
تزوجها بعد زوج، فلا شيء عليه. وكذلك إن قال: إن تزوجت فلانة وفلانت. فلا
يعود عليه اليمين، إن حنث فيها إذا سمى.
ولو قال: بنات فلان أو أخواته أو الفخذ إذا أبهم ولم ينص أسماءهم، فاليمين
يعود عليه أبدا. ولو قال: إن تزوجتك وأخواتك. فأما هي، فلا يحنث فيها إلا
مرة، وأما أخواتها، فيعود عليه اليمين فيهن أبدا.
وقال سحنون في كتاب ابنه: إن كن أخواتها معروفات، فهن مثلها لا تعود عليه
فيهن يمين، إلا في المجهولات، ولا يضره في المعينة قوله أبدا؛ لأن التأييد
إنما جعله في أظهر الأمور على بداية تزويجه، لا على التأييد الذي يشبه
"كلما"، وكالحالف بالطلاق، وإن كلم فلانا أبدا إنما يحنث مرة، وليس مخرجه
مخرج "كلما". وكذلك التأجيل إن قال: إن تزوجتك عشر سنين إن أراد أن يجعل
العشر سنين أجلا قبل نكاحها، وإن أراد أن يجعلها طالقا كلما نكحها فيها،
لزمه ذلك. وأما القائل: إن تزوجت امرأة عشر سنين فهي طالق. فإنه ينكر عليه
الحنث. وكذلك نساء قبيلة أو قرية، بخلاف يمينه في امرأة بعينها، تلك لا
يحنث فيها، إلا مرة./ ولو قال لامرأته: كل امرأة أتزوجها عليك طالق واحدة.
أو خص بلدا أو جنسا، أو ضرب أجلا، فإنه يعود عليه اليمين في كل من يحنث
فيها منهن.
ولو قال: إن تزوجت عليك فلانة فهي طالق واحدة. فتزوجها عليها، فطلقت، ثم
تزوجها عليها، فلا شيء عليه ولا يتكرر فيها الحنث. وهذا اختيار ابن المواز.
قال العتبي: وروى عنه يحيى بن يحيى أن اليمين تعود عليه في المرأة المعينة
ما دامت المحلوف لها في عصمته، إن تزوجها مرارا كثيرة، وكذلك بعد أن يطلق
[5/ 126]
(5/126)
بالبتة، ما دامت الاولى عنده. قال: وهي مثل
الذي يقول: إن تزوجت فلانة بمصر فهي طالق. فهذا كلما تزوجها بمصر تطلق، ولو
بعد أزواج، وإن نكحها بغير مصر، فلا شيء عليه. قال: وأما من حلف بطلاق
فلانة إن تزوجها، ولم يقل: على امرأتي، فهذا إنما يحنث مرة واحدة. وأما
القائل: إن تزوجتك على امرأتي. كالقائل: إن تزوجت في هذه السنة. فهو كلما
تزوجها في السنة يتكرر عليه فيها الحنث، وإذا لم يقل: على امرأتي. فهو كمن
قال: امرأتي طالق إن تزوجت فلانة. فتزوجها، فطلقت الأولى، ثم فارق الثانية،
ونكح الأولى، ثم تزوج الثانية، فلا شيء عليه؛ لأنه حنث فيها.
ومن كتاب ابن سحنون، قال: وأما في يمينه لا يتزوج بطلاق من يتزوج على
امرأته، فيلزمه، وكأنه قال: ما كانت عندي. وكذلك لو قال: إن/ تزوجت عليك
فلان فهي طالق. وشرط ذلك في أصل النكاح، فهذا يتكرر فيه الحنث، وإن كانت
بعينها، ومخرج هذا كأنه قال: كل امرأة أجمعها معك طالق. فصارت كغير معينة.
وكذلك قال ابن القاسم: المعينة في هذا وغيرها سواء.
قال ابن سحنون: ورواه عنه أيضا يحيى بن يحيى. وروى عنه عيسى أنه لا يحنث في
المعينة في هذا إلا مرة واحدة، ثم لا شيء عليه إن تزوجها عليها. وقال ابن
القاسم: ومن قال تزوجت فلانة بمصر فهي طالق، فتزوجها فطلقت ثم تزوجها، قال:
يلزمه الطلاق فيها كلما تزوجها. وقال ابن المواز: لا يحنث إلا مرة واحدة.
ومن كتاب ابن المواز، قال عبدالملك: وإن قال لامرأة: إن تزوجتك عشر سنين
فأنت طالق. فتزوجها فيها، فطلقت وبانت، فله نكاحها في بقية العشرة؛ لأنها
معينة. وكذلك قوله: إن تزوجها بمصر أبدا فهي طالق، ولو قال: إن تزوجت فلانة
على امرأتي فلانة. فهذا إن فعل لزمه إن نكحها ثانية، ويتكرر ذلك. قال محمد:
لا يعجبنا، ولا يحنث فيها إلا مرة، حتى ينوي "كلما" وأراه مراد عبدالملك في
جوابه هذا، وهي كقوله: إن تزوجها بمصرفهي طالق. وليس عليه إلا مرة واحدة،
بخلاف إذا لم يسم امرأة بعينها. [5/ 127]
(5/127)
قال مالك: وإن قال: إن تزوجتك أبدا فأنت
طالق أبدا. كانت البتة. وإن قال "كلما" لم تحل له/ أبدا ووقف محمد في قوله:
أنت طالق أبدا. ومن المجموعة روى ابن القاسم وابن وهب عن مالك، وقال مالك،
في الواضحة، في قوله: إن تزوجتك أو متى ما. فهذا لا يحنث إلا مرة، حتي
يقول: "كلما".
وإن قال: كل امرأة أتزوجها إلى أجل كذا طالق، وتحته نساء فيهن منه، فلا
يتزوجهن حتى يجوز الأجل، ولو طلقهن طلاق رجعة، كان له الرجعة في العدة.
وكذلك لو حلف لا تزوج من الموالي وتحته امرأة منهن، على هذا الشرح.
(بياض) الأخرى: ستراجعها؟ فقال هي طالق، أبدا، فإن تزوجها بائت منه بواحدة،
إلا أن ينوي البتة. قال ابن القاسم: محمل يمينه إن تزوجتها. وكذلك ما تقدمه
كلام يرد فيه دليل على قصده.
جامع مسائل مختلفة
من الطلاق قبل النكاح والعتق قبل الملك
من كتاب ابن المواز بعد مسائل لمالك وابن القاسم: ومن قال كل امرأة أنكحها
من البادية لا أنظر إليها فهي طالق. فعمي، فلا أحب أن يتزوج من البادية.
قيل: أينكح امرأة خرجت في البادية، فسكنت بغيرها أربع عشرة سنة؟ قال أرأيت
إن كان بصيرا، أينكحها قبل أن يراها؟ ولو قال: كل امرأة أتزوجها حتى انظر
إليها. فعمي، رجوت ألا شيء عليه، وكذلك حتى ينظر إليها فلان. فمات فلان.
قال ابن المواز: إذا مات من استثنى نظره، فلا يتزوج حتى يخشى العنت/، ولا
يجد ما يبتاع به أمة. قال ابن حبيب، في الذي قال: حتى أراها. قال مطرف،
وابن الماجشون وأصبغ: له أن يتزوج من كان رآها قبل أن يعمى، واليمين عليه
قائمة فيمن لم يكن رأى. [5/ 128]
(5/128)
ومن كتاب ابن المواز، وإن قال: إن تزوجتك
فأنت طالق. ثم حلف بطلاق من يتزوج من قريتها، فتزوجها، فإنه لا يقع عليه
فيها طلقتان. وكذلك الحالف: لا كلم فلانا. ثم حلف: لا أكلم أحدا. ثم كلم
فلانا، فيلزم طلقتان، قال أشهب: إن كلمه، لزمته طلقة، ثم إن كلم غيره،
لزمته ثانية. قال محمد: والأول أبين، إلا أن يحاشي فلانا في العموم.
ومن حلف بطلاق من يتزوج على امرأته، ثم صالحها، ثم تزوج، ثم نكح القديمة،
قال ابن القاسم: فيلزمه طلاق الأجنبية، لأن معناه: لا جمع بينهما. ولو قال:
نويت أنه لا شرط فيمن نكحت بعدها. فالأمر عليه قائم حتى يطلق امرأته البتة.
قال أشهب: لا يلزمه في المنكوحة بعد خلع الأولى شيء إن عاود الأولى.
محمد: وقول ابن القاسم أحب إلي، وهو قول مالك، كالحالف: لا دخلت عليها هذا
البيت. فدخلت هي عليه، فإن لم يخرج حنث. ولو حلف ليتزوجن عليها وصالحها، ثم
تزوج ثم فارق قبل يرتجع الأولى؛ ثم نكح الأولى فلا يبر، واليمين عليها يها
قائمة في قول ابن القاسم، وأشهب. ولو نكح الأولى قبل فراقه الجديدة، قال
محمد: فإن ثبت عليها، وجوت أن يكون قد بر.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم، فيمن قال/ كل امرأة أتزوجها سنة طالق.
فتزوج امرأة، فقال لها: إن طلقتك إلى وقت، فكل مملوك لي حر. فلا عتق عليه؛
لأنها مطلقة من أول العقد. ومن طلق امرأته واحدة، ثم قال: إن أرجعتها فهي
طالق البتة. فانقضت العدة، ثم تزوجها، أو تزوجها بعد زوج، وقال: نويت أن لا
أرتجعها، حيث لي عليها الرجعة. ولم ينو شيئا، قال مالك: يحنث، ولم يذكر
نية. وقال ابن القاسم: وإن لم تكن له نية حنث، وإن نوى فله نيته ويحلف.
ومن حلف لامرأته بطلاق كل من يتزوج عليها، فتزوج عليها سرا منها، ولم تعلم
ثم مات، وقد علم الشهود بذلك أو لم يعلموا؛ قال: إن علموا، فلا شك أنها
ترثه، وإن لم يعلموا، فاختلف فيه، وأرى أن ترثه. ومن قال لأمة رجل: إن [5/
129]
(5/129)
تزوجتك فأنت طالق. فاشتراها، فوطئها، فلا
شيء عليه. [ولو حلف إن اشتريتك فوطئتك فأنت حرة وأنت علي كظهر أمي فتزوجها
فوطئها فلا شيء عليه].
ومن كتاب ابن المواز: ومن قال لأمة غيره إن وطئتك فأنت حرة. فملكها ببيع أو
ميراث، فوطئها، فإن تعتق. ثم رجع فقال: إن لم تكن له نية فلا شيء عليه، وإن
أراد إن ملكتك فوطئتك حنث. وقال أصبغ.
في الاستثناء في الطلاق وفي اليمين به أو
بالعتق أو بمشيئة الله أو مشيئة أحد أو بغير ذلك أو استثناء من
العدد أو استثناء في اليمين بالطلاق، وله باب في كتاب الأيمان
قال أشهب في المجموعة: ومن قال امرأته طالق، أو عبده/ حر، إن فعلت كذا. أو
قال: ولم أفعله إن شاء الله. فإن أراد: إن شاء الله أن أطلق أو أعتق لم
ينفعه، وإن أراد الفعل إن شاء الله أن أفعلن، ويمينه: أن لا أفعل. فيمينه:
لأفعلن فلا شيء عليه وهو قول عبدالملك. ولم ير غير ابن القاسم في جوابه
تفصيلا، قال: لا ينفعه.
قال أشهب: ولو حلف: إن دخلت هذه الدار - إلا أن يقضي الله- فلا شيء عليه.
قال ابن القاسم، فيمن قال أنت طالق إلى سنة، إلا أن أشاء غير ذلك فلا
ينفعه، وتطلق مكانها، وكذلك في العتق: أنت حر إلا أن اشاء غير ذلك. ومن
قال. أنت طالق إن شاء هذا الحجر. فقال ابن القاسم: لا شيء عليه. وقال أيضا:
إنها تطلق. وبه أخذ سحنون. وقال: ويعد نادما.
ومن كتاب ابن المواز، ومن قال: أنت طالق ثلاثا إلا واحدة لزمه اثنتان. وإن
قال: إلا اثنتين: لزمته واحدة. وإن قال إلا ثلاثة لزمته الثلاثة. وإن قال
أنت طالق البتة. وقاله مطرف، في كتاب ابن حبيب. ومن المجموعة، قال
(5/130)
سحنون: إذا قال: أنت طالق ثلاثا إلا واحدة.
لزمته طلقتان. ولو قال البتةإلا واحدة، لزمته الثلاثة؛ لأن البتة لا تتبعص.
وقال أشهب: تتبعض، ولا يلزمه إلا اثنتان وكذلك عنه في العتبية رواه عنه
البرقي وعبدالملك بن الحسن. وقال العتبي: وقاله سحنون. وكذلك في كتاب ابنه
عنه أنها تتبعض وله ثنياه؛ لأن البتة صفة الثلاث، بنى بها أو لم يبن. قال
محمد: وأنكر قول من قال لا تتبعض./ قاله بعض أصحابنا، وأنكره سحنون، وقال:
يلزم من قال هذا أن لو شهد عليه شاهد بالبتة وشاهد بالثلاث، أن تكون شهادة
مختلفة. وهذا خلاف قول أهل الحجاز؛ لأن معنى البتة، الثلاث، وهذا يلزمه
ثلاث.
ومن قال: أنت على حرام إلا واحدة، أن له ثنياه وإن بنى بها. قال ابن سحنون،
عن أبيه مثل ما تقدم في المستثنى من الثلاث واحدة أو اثنتين، أن يلزمه
ثلاث.
ومن قال: أنت علي حرام إلا واحدة، أن له ثنياه وإن بنى بها. قال ابن سحنون،
عن أبيه مثل ما تقدم في المستثنى من الثلاث واحدة أو اثنتين، أن يلزمه ما
بقي، وكذلك اثنتين إلا واحدة. فأما إن قال: ثلاثة إلا ثلاثة. أو اثنتين إلا
اثنتين. أو: واحدة إلا واحدة، فهذا يلزمه ما سمي، ويعد نادما؛ وكمن قال:
طالق لا طالق، ولو قال: أنت طالق واحدة إلا واحدة لزمته طلقة، وإن قال: أنت
طالق الطلاق كله، إلا نصفه. لزمته طلقتان. وكذلك ثلاثة إلا نصفها، ولو قال:
أنت طالق ثلاثا إلا نص الطلاق. لزمته الثلاث، وكذلك قوله: الطلاق كله، إلا
نصف الطلاق. لأن الطلاق المبهم واحدة، واستناؤه منها لا ينفعه، فإن قال:
أنت طالق أربعة إلا ثلاثة، أو مائة إلا تسعة وتسعين أن ثلاثة تلزمه، وهو
كمن قال: ثلاثة إلا ثلاثة،. وكذلك قوله مائة إلا واحدة، والأربعة إلا
واحدة.
وكذلك ذكر العتيبي وابن عبدوس، عن سحنون، في قوله: مائة إلا تسعة وتسعين؛
أنه يلزمه ثلاث؛ لأن اللازم منها ثلاث، فكأنها هي المستثناه [قال في
المجموعة ثم رجع فقال لا يلزمه إلا واحدة ولو كانت اللازم من المائةتكون في
[5/ 131]
(5/131)
المستثناة] لكان لو قال: مائة إلا اثنتين
أن تلزمه واحدة، فهذا تلزمه ثلاث، ويكون اللوازم فيها أبقى.
قال في كتاب ابنه: وإن قال: أن طالق، أنت طالق/، أنت طالق إلا واحدة، فإن
نوى واحدة فكررها لتسمعها لزمته واحدة، كالقائل: واحدة إلا واحدة، إن لم
يرد واحدة ليسمعها، أو لم تكن نية فهي ثلاث استثنى منها واحدة، ولو قال:
أنت طالق، ثم أنت طالق إلا واحدة، وقال في موضع آخر: ثم وأنت فقد اختلف فيه
قوله؛ فقال إن المستثنى واحدة من ثلاث وقال: إنها ثلاث، ولا استثناء في هذا
المقر بمائة ومائة ومائة، إلا مائة، أو كان موضع الواو "ثم" فلا ينفعه
استثناؤه، وقوله: ثم أبين من نسقه بالواو في الطلاق، وفي الاقرار بالدين
وكذلك في المجموعة في قوله: وأنت طالق: أنه لا استثناء له، وذكر في قوله:
أنت، وأنت: إن أراد الاسماع، فهي واحدة، وإن أراد الثلاث، ثم ذكر اليمين
تأكيدا، ثم ذكر الاستثناء، لم ينفعه، لأنه جعل بين الاستثناء والطلاق
يمينا.
ورأيت لأبي عبيد القاسم بن سلام مسألة في الاستثناء هي على أصولنا، فيمن
قال: أنت طالق ثلاثا إلا اثنتين إلا واحدة أنها اثنتان؛ لأنه استثناء من
الاستثناء؛ لقول الله تعالى: "إلا آل لوط، إنا لمنجوهم أجمعين إلا امرأته"
فاستثنى من المستثنى.
قال ابن سحنون في كتاب الاقرار: ومن قال حمدة طالق ثلاثا، وعائشة طالق
ثلاثا، إلا طلقتين من طلاق حمدة بطل استثناؤه، [لأنه غير متصل حين أخذ في
صفة غير طلاق حمدة ثم استثنى] وهذا الذي ثبت عليه سحنون فيما أعلم. [5/
132]
(5/132)
في تبعيض الطلاق أو
تبعيض البتة أو الثلاث أو يطلق عضوا من امرأته/ أو
شعرها أو يشرك نساءه في طلقة أو أكثر منها
قال أبو محمد: قد جرى في المدونة ذكر من طلق بعض طلقة، أنها تجبر عليه،
وكذلك طلقة ونصف، ومن كتاب ابن المواز، فيمن قال: أنت طالق ثلث الثلاث،
أنها واحدة، وإن قال: ثلث البتة، فهي البتة روى البرقي عن أشهب، في غير
كتاب ابن المواز في القائل أنت طالق ثلث البتة أنها واحدة، وقد تقدم ذكرنا
لقوله ولقول سحنون أنها تتبعض، وينفعه الاستثناء منها؛ لأنها صفقة الثلاث.
ومن العتبية، قال أصبغ فيمن قال لاحدى نسائه الثلاث: أنت طالق البتة، ثم
قال للثانية: وأنت شريكتها فإنهن طوالق البتة كلهن، ولا يفترق إذ ذكر البتة
أن يذكر الثلاث أولا أواخرا؛ لأنها لا تتبعض. ولو قال للأولى أنت طالق
ثلاثا. والمتأنية وأنت شريكتها. وللثالثة وأنت شريكتها. فإن الأولى أنت
طالق ثلاثا. والمتأنية وأنت شريكتها. وللثالثة وأنت شريكتها. فإن الأولى
والثالثة يقع عليهما ثلاث ثلاث، وعلى الوسطى اثنتان يريد: لأن الأولى لزمها
الثلاث بأول قوله، ثم شاركتها الثالثة فيها، وشاركت الثانية في اثنتين فصار
للثانية طلقتان ونصف جبرت عليها.
ومن كتاب ابن سحنون، عن أبيه: وإن قال لأربع نسوة بينكن طلقة، أو قال:
طلقتان أو قال: ثلاث، أو أربع لزم كل واحدة طلقة ولو قال شركتكن في ثلاث،
لزم كل واحدة ثلاث، ولو قال: شركت بينكن في طلقتين طلقت/ كل واحدة اثنتان.
ومن قال لزوجته: رأسك طالق، أو طلق عضوا منها، أو قال: نصفك، أو ثلثك، أو
جزءا ذكره، فهي طالق قال سحنون: ولو قال: شعرك طالق، أو قال: حرام فلا شيء
عليه، ولو قال لعبده: شعرك حر لم يلزمه عتق، وليس الشعر بشيء. [5/ 133]
(5/133)
قلت: قال بعض اصحابنا تحرم عليه إذا حرم
شعرها لأنه من محاسنها، [ومن خلقها حتى يزايلها وكذلك لو قال كلامك على
حرام لحرمت لأنه من محاسنها] وأشد من الشعر.
وقال سحنون: لا أرى عليه شيئا في الكلام والشعر، وكذلك ذكر ابن الموالأ، عن
ابن عبدالحكم، وذكر عن أشهب أنها تحرم عليه، وقد ذكرناه في باب: من قال أنت
حرامه.
في تكوين الطلاق وتكوين الحلف وتكوين البتة فيه
أو طلق على ضرب الحساب
قال ابن حبيب: روي عن الحسن فيمن قال لامرأته أنت طالق واعتدى فهي واحدة.
وإن قال: أنت طالق اعتدى أنها طلقتان ومن المجموعة، قال ابن القاسم: إن قال
انت طالق واعتدي فهي طلقتان، ولا ينوي وإن قال: أنت طالق اعتدي أو فاعتدي
لزمه اثنتان، إلا أن ينوي واحدة.
قال ابن حبيب: إن قال: أنت طالق، ثم أنت طالق: أو قال: ثم طالق، أو قال:
وأنت طالق، أو قال: وطالق حتى أتم في ذلك ثلاث مرات، فهي ثلاث لا ينوي، بني
أو لم يبن.
ومن كتاب ابن المواز: قال مالك: فيمن قال: أنت طالق ألبتة، أنت طالق البتة
إن أذنت لك إلى موضع سألته فيه، قال هو حانث، أذن لها أو لم يأذن، وما هو
بالبين، وفيه إشكال/ قال أصبغ: أرى أن يحلف ما رددها إلا إرادة الاسماع،
ويبين. فإن نكل حلف وعده مالك كالنادم، ولم يره بالبين. فإن قال: أنت طالق
إن فعلت كذا، ثم قال مثل ذلك في وقت آخر، ثم قال مثل ذلك وقتا آخر، فإنه
ينوي، فإن لم تكن له نية فهي البتة، ولا ينوي في الطلقة الأولى يرددها
ويعينها. وإن [5/ 134]
(5/134)
قال إن كلمت إنسان فأنت طالقـ ثم قال إن
كلمت فلانا فأنت طالق، فكلمه، لزمته طلقتان.
ومن كتاب ابن سحنون عن أبيه فيمن قال أنت طالق واحدة في واحدة، أو قال في
اثنتين، أو اثنتين في اثنتين، أو في ثلاث أو [ثلاثا في] ثلاث، وهذا أو
نحوه، فإنه يجري مجرى ضرب الحساب؛ فواحدة في واحدة واحدة، واثنتان في
اثنتين أربعة، تبين من ثلاث، وكذلك بقية هذا المعنى.
وإن قال: أنت طالق الطلاق. فهي كقوله أنت طالق أنت طالق، إلا أن يريد
واحدة، وإن قال: أنت الطلاق فهي واحدة. وأخبرني معن عن مالك قال: أنت
الطلاق لا تحلين لي ما كنت مملوكة فعتقت، قال: هي واحدة. فيرجع.
قال سحنون: ومن قال: كلما طلقتك، فأنت طالق فطلقها واحدة [فإنها تطلق عليه
ثانية لا أكثر وكذلك إذا ما طلقتك أو متى ما في هذا كلما وقع عليك طلاقي
فأنت طالق فطلقها واحدة] فهذا يلزمه الثلاث؛ لأن هذا أوجب الطلاق بكلما وقع
عليها الطلاق، يريد: والأول إنما أوجبه بكلما طلق بلفظه، لا بما تسبب عن
لفظه.
قال ابن سحنون: ثم رجع سحنون، وقال: يلزمه ثلاث ثلاث في المسألتين، والأول
لبعض أصحابنا. وبقية القول في هذا الباب الذي يلي هذا وإذا قال لزينب: أنت
طالق إذا طلقت عمرة، ثم قال لعمرة مثل ذلك ثم طلق زينب فإن زينب تطلق
طلقتين وعمرة طلقة. وقال بعض أصحابنا لا تطلق زينب إلا طلقة، ولو قال في
المسألة كلما لهذه ولهذه، فإنه إن طلق زينب، طلقت كل واحدة ثلاثا ثلاثا؛
لأن ذلك كلما وقع على واحدة أوجب وقوع مثله على الأخرى. وهذا باب من معنى
تكرير الطلاق. [5/ 135]
(5/135)
في القائل لاحدى نسائه إن طلقتك أو حلفت
بطلاقك فصواحباتك طوالق أو إن لم أطلقك فهن طوالق أو من وضعت منكن فالبواقي
طوالق وما شاكل هذا المعنى
من كتاب ابن المواز، فيمن قال يعني ابن القاسم لاحدى امرأتيه: إن طلقتك أو
متى طلقتك فصاحبتك طالق، وقال لأخرى مثل ذلك، ثم طلق واحدة، فإنه يقع على
المطلقة طلقتان، وعلى الأخرى واحدة؛ لأن الحنث لا يتكرر. وروى مثله في
العتبية عن ابن القاسم.
ومن كتاب ابن المواز، ولو قال ذلك لواحدة، ثم طلقها، فوقع على الأخرى طلقة،
ثم طلق الأولى ثانية، فلا يقع على صاحبتها شيء. ولو قال للأولى: إن طلقتك،
فصاحبتك طالق [وقال للثانية كلما طلقتك فصاحبتك طالق] فطلق التي قال لها
كلما طلقتك؛ فإنه يلزم كل واحدة طلقتان، ولو كان إنما طلق الأولى طلقة،
لوقع عليها اثنتان، وعلى الثانية واحدة.
ولو قال لأربع نسوة: متى طلقت منكن واحدة، فصواحباتها طوالق، أو إن طلقت
منكن واحدة، فسائركن، أو انتن طوالق، فإن طلق الأربعة طلقة طلقة، لزمته في
كل واحدة طلقتان، وإن لم يطلق إلا/ واحدة، لزمه فيها طلقتان، وفي الباقيات،
طلقة طلقة، [فإن طلق أخرى] لزمه في كل واحدة طلقتان، ولا تلحق من سواها
بطلاق الثانية طلاق؛ لأن قوله: إن ومتى قد حنث، وسقطت فيه اليمين، كمن حلف
بطلاقين في ثياب لا لبس منها شيئا، فلبس ثوبا واحدا فيلزمه طلقة، ثم لبس
ثانيا، فلا شيء عليه، ولو قال: كلما طلقت واحدة منكن [5/ 136]
(5/136)
فصواحباتها طوالق، فطلق واحدة منهن فإنه
تلزمه في كل واحدةألبتة، وفي الباب الذي هذا عقيبه مسألة من هذا.
ولو نظر إلى امرأة منهن متطلعة فطلقها ثم نسيها، لزمه الطلاق في جميعهن،
ولو كان إنما قال لها: إن لم أطلقك فصواحباتك طوالق، فله أن يختار أن يطلق
ثلاثا منهن ويحبس واحدة، ليس عليه أن يتوخى المطلقة، لعله يريد: فصواحباتك
طوالق ألبتة، وإلا فلم لا تلزمه فيهن طلقة طلقة.
ولو قال: وهن حوامل كلما وضعت منكن واحدة فصواحباتها طوالق، فوضعن كلهن، أن
التي وضعت أولا، والرابعة يطلقن ثلاث ثلاثا، والثانية تطليقة، والثالثة
تطليقتين. قال سحنون في كتاب ابنه: لأن الثانية انقضت عدتها بالوضع بعد أن
وقع عليها طلقة، وانقضت عدة الثالثة بالوضع بعد أن وقع عليها طلقتان.
قال في كتاب ابن المواز لو قال: إن وضعت منكن واحدة أو متى وضعت،
فصواحباتها طوالق لزمه فيهن طلقة طلقة حتى يقول: كلما.
قال أبو محمد: لعله يريد في صواحبات الأولى وأما/ التي وضعت أولا، فلا
يلزمه شيء بوضع من بعدها إذ لا يتكرر الحنث فيه ولا يلزمها هي بوضعها شيء،
إلا أن تحمل الأولى.
ومن كتاب ابن سحنون، عن أبيه وإن قال أيتكن ولدت جارية فهي طالق وصواحباتها
طوالق، فولدت ثلاث منهن جواري، وولدت الرابعة من ولادتهن غلاما، قال: تطلق
الأولى ثلاثا، والثانية في الولادة طلقة، والثالثة طلقتين والرابعة ثلاثا؛
لأن بزيادة الأولى طلقن طلقة، وانقضت عدة الثانية بالوضع، ووقع بوضعها على
الباقيتين طلقة طلقة، ثم انقضت عدة الثانية بوضعها، ووقع على الأولى
والرابعة طلقة طلقة.
ومن العتبية قال سحنون، فيمن له أربع نسوة، فقال لواحدة: إن حلفت بطلاقك
فنسائي طوالق، فطلقها: أنهن يطلقن كلهن، لأن التي أفرد، حلف [5/ 137]
(5/137)
بطلاقها قد دخلت في اليمين معهن. قال أشهب:
إلا أن يريد بنسائي غير التي أفرد، فلا يحنث حتى يحلف بطلاقها، فيحنث في
غيرها، ولا شيء عليه فيها.
ومن كتاب ابن سحنون عن أبيه، إذ قال لواحدة منهن إن حلفت بطلاقك فصواحباتك
طوالق ثم قال للثانية مثل ذلك، فإن تطلق عليه الثلاث وتسلم الأولى من
الطلاق، لأنه لما حلف للثانية بطلاق الأولى التي حلف بطلاق الثلاث أن لا
يحلف بطلاقها طلقن.
قال سحنون، فيمن له ثلاث نسوة، فقال إن لم أطلق فلانة، ففلانة وفلانة
طوالق. ثم نسي اسم التي حلف ليطلقها، قال: يطلق اثنتين، من شاء منهن، ولا
شيء عليه/ في الباقية قال: ولو قال لواحدة منهن: إن لم أطلق إحدى صاحبتيك،
فأنت طالق، فلم يطلق واحدة منهن حتى نسي التي حلف لها، قال: فليطلق واحدة
منهن، أيتهن شاء، ويمسك من بقي، ولا شيء عليه ولو قال: إن لم أطلق صاحبتيك
فأنت طالق فنسي المحلوف لها، قال: يطلق اثنتين، أيتهما شاء، ولا شيء عليه
في الباقية.
في الشك في الطلاق ومن لم يدر ما طلق أو من طلق والحالف يشك في الحنث ومن
قال: أنت طالق واحدة واثنتين أو ثلاثا وما بين الواحدة إلى ثلاث
من العتبية روى عيسى عن ابن القاسم، فيمن شك في طلاق امرأته، أن لا يطلق
عليه، ومن طلق امرأة من امرأتين له، ونسيها، وواحدة لم يبن بها، ثم [5/
138]
(5/138)
ماتتا، فإن ماتت المدخول بها في العدة
ورثها، وإن شاورت الاخرى، أو ترك في الاحتياط.
ومن كتاب ابن حبيب، قال مطرف وابن الماجشون وابن القاسم وابن عبدالحكم فيمن
شك في طلاق امرأته: أن يؤمر بفراقها ولا يجبر.
قال أصبغ: ذلك يتصرف، أما إن قال: ما أدري أحلفت فحنثت، أو لم أحلف ولم
أحنث؟ فهذا لا يومر بفراقها في القضاء ولا في الفتيا، وكذلك التي حلف
بطلاقها لا خرجت أو لا كلمت فلانا، ثم يقول: ولعلها كلمته، أو خرجت، ولا
أدري يشك في ذلك خبر لم يتيقنه، فليؤمر بفراقها في الاحتياط، وكذلك/ في
يمينه على غيره: لا فعل كذا هو مثل الزوجة في هذين الوجهين، فأما الحالف
على أمر قد كان، كالحالف إن كنت تبغضينني، أو إن كنت كتمتني، أو حلف على
رجل إن كنت كتمتني، فتقول هي: إني أحبك. وتقول هي والرجل ما كتمتك، فهذا من
الشك الذي يقضي عليه عندي بالفراق، لأنه أمر قد فات ومضى، وهو منه في شك
وقال ابن عمر: يفرق بالشك، وكذلك من أيقن بالحنث، ولا يدري كم حلف أبواحدة
أو بثلاث؟ فيلزم الثلاث.
وكذلك لو لم يدر، أحلف بطلاقه أو عتقه أو ظهار أو مشى أو بالله، فيلزم هذه
الأيمان كلها بالفتيا والقضاء، إلا ما لا يشك أن لا يجري على لسانه بالشك.
وقاله ابن حبيب إلا في قوله: إن كنت تبغضينني فقالت: أن أحبك، والذي لم يدر
أبواحدة أو بثلاثة مع هذين، يؤمر، ولا يقضي عليه، قال الليث وابن القاسم
ومطرف وابن الماجشون.
قال ابن الماجشون: وإن قال: طلقت امرأتي طلقة وطلقتين أو قال طلقتين أو
طلقة، فإن بدأ بالأكثر، لزمه وإن بدأ بالأقل، ثم شل في الأكثر، لزمه الأقل،
[5/ 139]
(5/139)
وأحلف في الأكثر، وإن زعم أنه شكه قد ذهب،
وإن أقام على شكه، فليطق عليه.
ومن كتابي ابن حبيب وابن سحنون، قال مالك، والمغيرة، وإن قال أنت طالق
واحدة أو اثنتين أو ثلاثة فالواحدة تلزمه، وهو فيما زاد مخير. وإن قال: أنت
طالق ثلاثا أو اثنتين أو واحدة لزمته الثلاث، ويصير متهما في النقصان منها/
وقال سحنون: إن قال أننت طالق واحدة أو اثنتين أو ثلاثة قال: يطلق اثنتين،
وتحلف في الثالثة. من كتاب ابن المواز: ومن لم يدر ما طلق، فإن أبتها في
العدة حلت له بعد زوج، وتكون عنده على طلاق مبتدأ، وإلا فهي عند أبدا على
طلقة.
قال ابن حبيب قال مطرف وابن الماجشون: قال مالك يؤمر بطلاقها ألبتة، فتزول
يمينه فإن لم يفعل، ثم ذكر في العدة أو بعدها أنها واحدة، فهو مصدق، قال
عبدالملك، في المجموعة ويحلف، قالوا في كتاب ابن حبيب: ويرجع في العدة،
ويكون خاطبا بعدها، فإن بقي على شكه، لم تحل له إلا بعد زوج، هكذا إلى ثلاث
أزواج، ثم يزول شكه. وقال أشهب وأصبغ: وقال ابن القاسم وابن نافع: يرجع على
الشك أبدا، ولو بعد مائة زوج، وكذلك في المجموعة، عن أشهب، كقول ابن
القاسم، وزاد: فإن لم يدر وطلقها واحدة أو ثلاثة، فإن أبتها، زال شكه، وإن
لم يفعل فلا يتزوجها إلا بعد زوج، ثم تكون عنده على طلقتين، فإن طلقها
اثنتين، لم ينكحها الا بعد زوج، ثم تكون عنده على طلقة؛ إذ لعل الأولى
ثلاثا، فهكذا أبدأ ترجع في نكاح أول على اثنتين، وفي الذي بعده على طلقة
أبدا، حتى يبتها في ملك واحد، ولو لم يدر طلقها واحدة أو اثنتين وأيقن أنه
لم يطلق ثلاثا، فلتكن عنده على طلقة للاحتياط، إن ارتجعها في العدة، أو
أنكحها بعدها، فإن طلقها اثنتين انقضى شكه/، ولم تكن مسألة، وإن لم يطلقها
اثنتين، وطلقها أيضا طلقة، لم تحل له إلا بعد زوج، ثم تكون عنده على
اثنتين، هكذا تارة على طلقة، وتارة على اثنتين أبدا، إلا أن يطلقها في بعض
ما يرجع إليه، فيزول شكه، وترجع بعد زوج على مالك مبتدأ، ولو طلقها في أول
ملك من هذا الشك طلقتين، زال شكه، وترجع بعد زوج على ملك مبتدأ، وإن لم يدر
أطلقها اثنتين، [5/ 140]
(5/140)
أم ثلاثا؟ فإن طلقها في العدة طلقة، صارت
مبتوتة، وزال شكه، وإن لم يبتها حتى زالت العدة، لم تحل له إلا بعد زوج، ثم
تكون عنده على طلقة، فإن طلقها طلقة، لم ينكحها إلا بعد زوج، فتكون عنده
على طلقتين، ثم إن طلقها طلقتين، لم تحل له إلا بعد زوج، فتكون عنده على
طلقة، هكذا أبدا، هي بعد زوج على طلقة، وبعد الثاني على طلقتين، وبعد
الثالث على طلقة وبعد الرابع على طلقتين، هكذا أبدا حتى يبتها في خلال ذلك.
قال ابن نافع، عن مالك، في رجل قالت له امرأته إنك طلقتني، قال ما علمت، ثم
تذكر شهودا، فلم يذكر، قال: إذا لم يعلم ذلك، فلا شيء عليه.
ومن العتبية قال أصبغ عن ابن القاسم فيمن قال إن تزوجتك فأنت طالق، ثم لم
يدر ما أراد؟ فإن تزوجها، بانت منه ولها نصف الصداق، ولا ينكحها إلا بعد
زوج؛ إذ لعله أراد البتة، ثم إن تزوجها بعد زوج، فطلقها واحدة، لم تحل له
هكذا أبدا حتى تبين بثلاث تطليقات؛ لكل نكاح طلقة محسوبة/، فطلقها إياها،
ثم ينكحها بعد زوج غيره، وقد اختلف فيها بعد هذا، هل ترجع على الطلاق كله،
أو طلقة؟ قال: أحب إلي أن ترجع على طلقة وقاله أصبغ، وقاله أشهب في المدخول
بها، وهما سواء.
قال ابن حبيب قال ابن القاسم وأشهب: ومن شك زمانا في طلاق امرأته، ثم قيل
له لا شيء عليك فلا شيء عليه.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك في عبد قال لامرأته أنت طالق، فقيل له ما
نويت؟ [قال: لا أدري. فهي ألبتة، قال محمد: لأنه لم يقل: لم أنو شيئا، إلا
قال لا أدريما نويت]؟ فكأنه نوى شيئا، فنسيه، ومسألة العبد الذي لا يدري ما
أراد بطلاق من أجل العمومة مذكورة، بعد هذا قال أصبغ، ومن قال لزوجته: أنت
طالق إن كنت حائضا: [فقالت: إنها حائض] فليخل سبيلها، ولو [5/ 141]
(5/141)
قالت: لست بحائض، فلا يصدقها، وليفارقها،
لأن على الشك، إلا أن يعلم ذلك بأسباب تقع على ثقتها. قال ابن سحنون، عن
أبيه، في القائل: إن كنت حائضا فأنت طالق، فقالت: أنا حائض، فعلى مذهب ابن
القاسم، تطلق، وإن قالت: لست بحائض، فلا يقبل منها وليفارها؛ لأنه لا يدري
أصدقته أم كذبته؟ إلا أن ينكشف أسباب ذلك [وقال أشهب: لا شيء عليه إذا قال
ذلك على النفي: إني لست بحائض وبه قال سحنون؛ لأن المرأة مدعية].
ومسألة الذي طلق المتطلعة، ثم لم يعرفها في باب من طلق إحدى نسائه. قال
سحنون في كتاب الإقرار الثاني فيمن قال لزوجته أنت طالق فيما بين الواحدة
إلى الثلاث، كانت طالقا اثنتين، ولو أقر لرجل عليه ما بين درهم إلى ثلاثة،
أنه يلزمه درهمان، ولو قال: من درهم إلى ثلاثة/ فاختلف قوله في هذا، فقال
مرة تلزمه ثلاثة، ثم قال تلزمه درهمان، وكذلك ينبغي في الطلاق، على اختلاف
قول سحنون في الاقرار.
فيمن طلق إحدى نسائه أو أعتق أحد عبيده ولم يعينه أو قال أنت طالق أو أنت
أو بل أنت ولا أنت وأنت طالق، أو أمتى هذه حرة
ومن كتاب ابن المواز، ومن له نسوة، فقال: امرأته طالق في يمين، فحنث، وإن
قال: نويت واحدة دين. وإن لم تكن له نية، فقال أصحاب مالك المصريون أجمع،
ورووه عن مالك: أنهن يطلقن كلهن وقال المدينيون من أصحابه: يختار واحدة مثل
العتق، وقول المصريين أحب إلينا، لأن العتق قد يتبعض، ولا يتبعض الطلاق،
وقد يعتق في مرضه جماعة، فيجمع في بعضهم بالسهم، ويقول الصحيح: بعضكم حر
فيعتق بعضهم بالسهم. [5/ 142]
(5/142)
ولو قال: بعضكن طالق طلقن كلهن، والعتق
مال، والطلاق حد من الحدود، وقاله ابن عباس. قال: ولو قال نويت واحدة
ذكرها، صدق مع يمينه، قال ذلك في يمين أو في غير يمين، وكذلك لو كانت على
يمينه بينة وقد حلف في حق، وإن قال: نسيتها طلقوا أيضا بالقضاء في هذا وفي
الأول، ولو شهد عليه فأنكر، لم تقبل له نية واحدة إن عاد إلى الإقرار. ومن
قال لامرأتين له: أنت طالق، وأنت طالق فله الخيار في واحدة، لأنه أفصح
بالتخيير، فإن أبى أن يوقع على واحدة، طلقهما عليه الإمام، وكذلك ذكر ابن
حبيب، عن أصبغ.
قال ابن المواز: وهذا/ كاليمين كقوله: أنت طالق، وإن لم أطلق هذه، وليس كمن
أنفذ الطلاق في واحدة منهن، فصار لكل واحدة جزء من الطلقة، فخيرت عليه، كما
قال: أنت طالق، وأنت حرة لأمته، لأوقف عنهما حتى يعتق أو يطلق، فإن طلق،
فلا عتق عليها، وإن عتق، فلا طلاق عليه، فإن مات عتقت الأمة، وترثه الزوجة.
وروى عيسى عن ابن القاسم، في العتبية، فيمن قال أنت طالق أو أنت حرة، إن
فعل كذا فلم يفعله حتى مات، قترثه الزوجة، وتعتق الأمة في الثلث ولو قال
يزيد، أو مبارك حر إن لم يفعل كذا فمات ولم يفعله، فليعتق أحدهما بالسهم،
وإن اختلفت قيمتهما، فليعتق أحدهما بالسهم، لا نصف قيمتهما. وروى يحيى بن
يحيى، عن ابن القاسم في القائل أنت طالق أو أنت حرة، فحنث، أنه يوقع الحنث
على من شاء منهما من طلاق أو عتق. وقال ابن حبيب: في القائل: فلانة طالق،
أو فلانة. إن فعل كذا، فحنث، فإن لم ينو واحدة، طلقتا جميعا، وأما من
العتق، فيختار.
قال ابن المواز وإن قال لعبديه أنت حر أو أنت. ثم قال لأحدهما ولثالث: أنت
حر أو أنت فليوقف حتى يوقع العتق على أحدهم، فإن أوقعه على الأوسط،
فالباقيان عبدان، وإن أوقعه على الأول أو على الآخر، فلابد أن يختار أحد
الباقيين. [5/ 143]
(5/143)
ومن كتاب ابن المواز، عن أبيه، ومن قال
لامرأتيه: أنت طالق، وأنت طالق. طلقت الأولى، وحلف في الثانية. فإن قال:
أنت طالق. أو: أنت حر لعبده إن فعلت كذا. ثم فعله، قال: تطلق عليه المرأة،
ويحلف في/ العبد، [أنه ما أراد عتقه فإن حلف رق له وإن أنكر عتق عليه ومن
قال أنت طالق أو أنت حر من غير يمين قال تطلق المرأة ويحلف في العبد]، فإن
مات قبل أن يحلف في العبد، قال: لا يعتق العبد. وأما إن قال: إن لم أفعل
كذا، فامرأتي طالق. أو: عبدي حر. فمات ولم يفعله، قال: ترثه المرأة، ويعتق
العبد في ثلثه.
فإن قال: ميمون حر أو مبارك حر إن فعل كذا. ففعله، قال: يعتق ميمون، ويحلف
في مبارك. وإن قال: إن لم أفعله. فمات ولم يفعله، فليعتق ميمون ومبارك في
الثلث، ويبدا في الثلث بميمون. ولو قال رجل من غير يمين: ميمون حر، أو
مبارك. ثم مات، لعتق ميمون من رأس ماله، ومبارك في الثلث؛ لأنه مشكوك فيه،
وعليه فيه يمين.
ومن كتاب ابن المواز، ومن نظر إلى امرأة من نسائه مطلقة، فقال لها: أنت
طالق. ثم لم يعرفها، فإنهن يطلقن كلهن، قال ابن سحنون، عن أبيه: وإن قال
لامرأته ولأجنبية: إحداكما طالق. فلا ينوي – كما قال غيرنا- أيهما أراد،
ولكن تطلق عليه امرأته.
ومن كتاب ابن المواز، وهو في العتبية عن أصبغ، عن ابن القاسم، فيمن قال: إن
جمعت بين امرأتين فإحداهما طالق. فإن نوى الأولى، أو نوى الآخرة، فهي طالق،
وإن لم تكن له نية، طلقتا عليه جميعا.
ومن كتاب ابن سحنون، ومن له أربع نسوة، فقال لواحدة أنت طالق. ثم قال
للثانية: لا، أنت، ثم للثالثة: أو أنت ثم للرابعة: بل أنت. وذلك نسق، قال:
تطلق الأولى، ولا شيء عليه في الثانية، ويحلف في الثالثة، وتطلق الرابعة.
[5/ 144]
(5/144)
وقال بعض أصحابنا: تطلق الآخرة، ولا شيء
عليه في الثانية، وهو مخير في الأولى، والثانية، يطلق إحداهما. فأنكر هذا
سحنون/. وإن قال: لواحدة: أنت طالق. ثم قال للأخرى: بل أنت. طلقتا جميعا.
ولو قال: لا أنت. طلقت الأولى فقط. ولو قال للثانية: بل أنت، والثالثة. أو:
أنت. ففي قول سحنون: تطلق الأولى والثانية، ويحلف في الثالثة. وفي القول
الآخر: أن الثانية طالق، ويخير في الأولى والثانية. وهذا الذي أنكره سحنون
هو قول أصبغ، وهو في كتابي ان المواز، وابن حبيب.
قال ابن حبيب قال أصبغ: وإن قال: أنت طالق. وللأخرى: لا، أنت. فإذا أراد:
لا، بل أنت. طلقتا جيمعا. وإن أراد: لست أنت. لم تطلق الثانية. ولو قال
للأولى: أنت طالق، وللثانية: لا أنت. وللثالثة: بل أنت. وللرابعة: أو أنت.
لم تطلق الثانية على معنى ما ذكرنا، وتطلق الثلاثة بكل حال، ويخير في
الأولى والرابعة؛ يطلق من يشاء منهما، وكأنه لم يقل ذلك إلا لهما.
فيمن مات عن مطلقة لم تعرف أو من خامسة لم تعرف أو عن أم وابنة
روى ابن حبيب عن علي بن أبي طالب، فيمن قال لأمرأة من نسائه الأربع البتة.
ثم تزوج خامسة ثم مات، ولم تحفظ البتة المطلقة؛ فإن عرفها/ فذلك، وإلا وقف
عن ميراثهن، فلم يرث منهن شيئا. ومن كتاب ابن سحنون، قال محمد: ويعني أن
المطلقة مجهولة، والخامسة معلومة. قال سحنون: ومن مات عن امرأتين، واحدة
مدخول بها معروفة، وقد كان طلق واحدة منهما، فحملت، وواحدة قد فرض لها، ولم
تعلم، فللتي بنى بها نصف صداق المثل، ونصف المسمى؛ لاحتمال أن تكون هي
المسمى لها أو [5/ 145]
(5/145)
لا تكون، وللتي لم بها ربع التسمية، ونصف
ربعها؛ لأنها إن كانت المسمى لها. ونوزعت الطلاق، كان لها ثلاثة أرباع
المسمى، ثم ينازعها الورثة أن تكون المسمى لها، فيقسم بينها وبينهم ثلاثة
أرباع الصداق. ,إن جهلت المدخول بها أيضا، أخذ نصف التسمية، ونصف المثل،
وربع المسمى أو ثمنه، فيقسم بينهما، وإن لم يبن بهما، فالمسمى بينهما نصفان
بعد أيمانهما؛ وإن فرض لهما، وطلق واحدة لم تعرف، ودخل بواحدة، فللتي بنى
بها نصف صداقها؛ لأنها تزول عنها تارة، وتثبت لها تارة، وإن جهلت التي لم
يبن بها، فبينهن أربعة أصدقة ونصف؛ فيصير لكل واحدة أربعة أخماس صداقها
ونصف خمسه، ولو كان ثلاثة مدخول بهن معروفات، فلهن صداقهن، وللتي لم يدخل
بها صداق وصنف، ولكل واحدة ثلاثة أرباع صداقها، وإن/ جهل المدخول بهن،
فالجواب كما في المسألة الأولى.
وإذا تزوج ثلاثة في عقدة، وثلاثة في عقدة، وواحدة في عقدة، ومات عنهن، ولم
تعرف الأولى، قال أبو محمد: يريد: ولم يبن بهن. قال: فللواحدة ربع الميراث،
ولها صداقها، وللستة ثلاثة أصدقة؛ فكل واحدة نصف صداقها.
وإذا كان له امرأتان دخل بإحداهما ولا تعرف، وسمى لواحدة لم تعرف؛ فإن كان
حيا وقال: لا أعرف. وادعت كل واحدة أنه بنى بها بتقويض، أو تسمية حلفتا
وأخذتا ما ادعتا، وإن مات والمسمى لها معروفة، فالميراث بينهما، وللمسمى
لها سبعة أثمان صداقها، لأنه نصفه يثبت بكل حال، ونصفه لا يثبت في ثلاثة
أحوال، ويزول في حال، فيسقط ربعه، وللتي لم يسم لها نصف صداق مثلها، لأن
الصداق يثبت لها في حالين، ويزول في حالين، ولو لم يعرف المسمى لها أيضا،
فإنا نقول: إن منكما مسمى لها مجهولة، وجب لها سبعة أثمان ما سمى لها، كما
ذكرنا، وغير مسماة مجهولة، وجب لها سبعة أثمان ما سمى لها، كما ذكرنا، وغير
مسماة مجهولة، وجب لها نصف صداق المثل، فيقسم ذلك كله بينهما، وإن كان صداق
مثلها مختلفا هذا ستون وهذا أربعون، فاجمع نصف هذا، ونصف هذا، يصير خمسين،
فيؤخذ نصفها يكون بينهما مع سبعة أثمان المسمى، كما ذكرنا. [5/ 146]
(5/146)
وقال بعض أصحابنا فيمن تزوج امرأتين في
عقد، وواحدة في عقد، فدخل بالمنفردة، ثم قال لها: أنت طالق. أو أنتما
للاثنتين ثم مات، ولم يقل من أراد/، فللمنفردة الصداق بالمسيس، والميراث
تارة لها ثلثه، إن كانت [المطلقة وتارة لها جميعه إن كان غيرها] فأعطيناها
ثلثيه، وثلث الميراث للاثنين؛ لأن لهما تارة ثلثاه، وتارة لا ميراث لهما إن
كانتا مطلقتين، ولكل واحدة ثلاثة أرباع صداقها؛ لأن لها في حال الطلاق
نصفه، وفي غير الطلاق جميعه.
ولو قال: أنت طالق ألبته. أو أنتما، فللتي بني بها نصف الميراث؛ لأنه في
حال لها جميعه إن لم تكن مطلقة، وفي حال لا شيء لها إن كانت مطلقة، وللتين
لم يبن بهما؛ لكل واحدة ربع الميراث.
ولو قال إحداكن طالق. ولم يقل ثلاثا. فللتي بنى بها في حال ثلث الميراث،
وتارة نصفه، فالثلث لها ثابت، والسدس يزول عنها في حال، منها نصفه، فيحصل
لها خمسة أجزاء من اثنى عشر من صداقها، وللتين لم يبن بهما تارة ثلثا
الميراث، وتارة نصفه لواحدة مجهولة، فيصير لها سبعة أجزاء من اثنى عشر،
وللتي بنى بها صداقها، ولهاتين صداقان إلا ربعا لكل واحدة سبعة أثمان
صداقها؛ لأن إن كان الطلاق في إحداهما، فلهما صداق ونصف، وإن كان في
غيرهما، فلهما صداقان، فأخذا منه سبعة أثمان الصداقين.
قال سحنون: أما من قوله إحدامن طالق فصواب، وأما أول المسألة في قوله أنت
طالق أو أنتما فلا أقوله، وأرى أن المنفردة طلقت بقوله، ولها ثلث الميراث
إن مات في العدة، ولصاحبتها ثلث الميراث، وإن مات بعد العدة، فالميراث
لهاتين دون المنفردة، ولكل واحدة منهما صداقها، لأنه إنما/ كان عليه فيهما
اليمين، وإن كان الطلاق ثلاثا، فلا ميراث للمنفردة، ولهاتين جميعه مع
صداقيهما.
قال سحنون: ومن تزوج ثلاث نسوة في عقود متفرقة، وطلق أولاهن، ولم تعرف،
ومات، ولم يبن بهن، وألفيت واحدة أم الاثنتين، فلا ميراث للأم؛ لأنها [5/
147]
(5/147)
إن كانت الأولى فهي مطلقة، وإن كانت بعد
نكاح إحداهما فسد نكاحها، ولها سدس صداقها؛ لأن لها النصف في حال إن كانت
أولا مطلقة، ولا شيء لها في حالين، إذ تكون ثانية وثالثة، فأعطيت ثلث
النصف، وليس لأبنتيها ميراث لأنهما إن كان بنى أولا فقد نال أولاهما
الطلاق، والثانية نكحت على أختها وذلك فساد، وإن كان بنى بعد الأم، فسد
أيضا ذلك عليهما، ولكل واحدة سدس صداقها؛ لأن النصف ثبت لها في حال، ويزول
في حالين.
وإذا تزوج واحدة في عقد [وثلاثا في عقد] واثنتين في عقد، ولم تعلم أولاهن،
فنكاح الواحدة ثابت بكل حال؛ كانت أولى، أو بعد الاثنتين، أو بعد الثلاث،
وأما الاثنتان والثلاثة فيفسد عقدهن في أحوال، ويصح في أحوال، فيؤمر
بفراقهن بطلقة، ويعطي لكل واحدة منهن ربع صداقها؛ لأنه لم يبن بهن، فتارة
يصح لكل واحدة نصف صداقها، وتارة يبطل، فأعطيت نصف النصف، ولو مات عنهن
أجمع، فللواحدة التي يصح في كل حال من المال سبعة أسهم من أربعة وعشرين
سهما؛ لأنها تارة تكون مع الاثنتين، لها الثلث ثمانية، وتارة مع الثلاثة،
لها الربع ستة؛ فستة لها/ لا يزول؛ سهمان ثبتا في حال، ويزولان في حال،
فلها نصفهما سهم، وذلك سبعة. وأما الاثنتان فيصح لهما في حال ثمانية أسهم،
وتسقط في حال، فلهما أربعة أربعة، والثلاثة تسعة أسهم بينهما، لأن لهما
تارة ثمانية عشر، وتارة لا شي لهما، فأخذت نصف ذلك؛ فال: وللواحدة صداقها
كامل، ولكل واحدة من الخمس نصف صداقها، لأنه تارة يزول، وتارة يثبت، فإن
دخل بأربع فحملن فالميراث كما ذكرنا، وللواحدة صداقها، ولكل واحدة من الخمس
أربعة أخماس صداقها، وخمس ربع صداقها، لأنه لا يشك أن ثلاثة منهن دخل بهن،
لهن ثلاثة أصدقة، ونصف آخر، يزول عنهن تارة إن كانت المنفردة هي من المدخول
بهن الأربعة، وتارة يثبت لهن إن كانت الرابعة من المدخول [5/ 148]
(5/148)
بهن، من الخمس اللاتي ليس فيهن المنفردة؛
فذلك أربعة أصدقة، وربع صداق بين خمسة، فيقع لكل واحدة أربعة أخماس صداقها،
وخمس أربع صداقها، وعليهن عدة الوفاة والإحداد، يستكملن في ذلك ثلاث حيض،
ولا حيض على المنفردة، وإن نكح امرأتين بتفويض، فدخل بواحدة معلومة، وفرض
لواحدة ولم يعلم وقد مات، فالميراث بينهما، وللتي بنى بها نصف المثل ونصف
المسمى؛ لأنه تارة يصح لها وتارة يزول عنها.
ومن مات عن أم وابنة، ولا يعلم الأولى، فإن بنى بهما فلا ميراث لهما، ولكل
واحدة صداقها، وإن لم يبن بها، فالميراث بينهما، ولكل واحدة/ نصف صداقها،
وإن بنى بواحدة مجهولة، فكل واحدة نصف صداقها، ونصف الميراث بينهما.
ولو كان قد طلق إحداهما، ولم تعرف، ولا عرفت الأولى، ولم يبن بهما، فلكل
واحدة ثلاثة أثمان صداقها، ونصف الميراث بينهما؛ لأن الثانية نكاحها باطل،
ولا صداق لها، ولا ميراث، وتارة تكون الأولى مطلقة لها نص الصداق؛ وتارة لا
تكون مطلقة فلها جميعه، فأعطيت ثلثه إن باعها، فلما جهلت هذه الأولى التي
يرد لها ثلاثة أرباع الصداق، قسم ذلك بينهما، وكذلك الميراث؛ وذلك أن
الأولى تكون غير مطلقة فترث، وتارة تكون مطلقة فلا ترث، فلها نصف الميراث،
فلما جهلنا الأولى لها ذلك، قسمناه بينهما.
ولو تزوجهما تفويضا وطلق الأولى، فلا صداق لهما، ونصف الميراث بينهما، ولو
لم يبن بهما، وواحدة مسمى لها، وطلق واحدة لم تعرف، فنصف الميراث بينهما،
لأن الأولى فقط يصح نكاحها، وقد تكون المطلقة فلا ترث، وقد لا تكون فترث،
فلها نصف الميراث، وهي لا تعرف، فقسم بينهما ذلك النصف، وصداق واحد بينهما،
لأن الأولى تارة لها جميع الصداق، إن كانت مسمى لها غير مطلقة، وتارة لا
شيء لها إن كانت لم يسم لها، كانت مطلقة أو غير مطلقة، فأعطيت نصفه، فجعل
بينهما. [5/ 149]
(5/149)
قال ابن سحنون: اصبت هذا لبعض الرواة، وأما
أنا فرأيت أن الأولى ثلاثة أثمان الصداق المسمى، يكون ذلك بينهما؛ لأنها إن
كانت لم يسم لها؛ فلا شيء لها؛ طلقت أو لم تطلق، فهذه حالان، وإن كانت مسمى
لها مطلقة فلها النصف، وإن كانت غير مطلقة فلها الجميع، فإن الصداق يسقط
أحد نصفيه في حالين، ويثبت في حالين، فأعطاها نصف النصف، وأرى النصف الآخر
يثبت لها في حال؛ ويسقط في ثلاثة أحوال؛ فتأخذ أيضا ربع النصف، فذلك ثلاثة
أثمان الصداق للأولى منهما، فلما لم تعلم من هي منهما، كان ذلك بينهما.
في تصرف ألفاظ الطلاق في البتة، والبائنة، والخلية، والبرية، وذكر الثلاث
فيمن لم يبن بها ومن قال حبلك على غاربك
من كتاب ابن المواز روي أن النبي صلى الله عليه وسلم ألزم البتة من طلق
بها، وألزم الثلاث من طلق بها وإن عصى وقصى عمر في البتة أنها ثلاث. وقاله
علي وعائشة وابن عباس وزيد بن ثابت.
قال ابن ابي حازم: روي عن علي بن أبي طالب، في البتة والبائنة والخلية
والبرية، والحرام، ثلاث ثلاث. [5/ 150]
(5/150)
قال ابن زيد: وكل من أدركت يقول في البائنة
إنها ثلاث وقاله أبو الزناد [وقال ابن عمر وابن الزبير] وأبو هريرة، في
الثلاث قبل البناء وبعده سواء، ومن التابعين ممن يكثر ذكرهم.
قال ابن حبيب فيمن قال: أنت بتة أو بتة فذلك سواء، وهي ثلاث، ولا ينوي، بني
أو لم يبن.
ومن المجموعة قال عبدالملك فيمن قال للتي لم يبن بها: أنت بائنة. إن أراد
وصف الطلقة، فهي واحدة/، ويحلف، وإن قال: مبتوتة فهي ثلاثة، وهي وصف
المرأة، وبائنة لا يكون وصفا للمرة.
ومن كتاب ابن سحنون، قال سحنون، في القائل: أنت طالق البتة، وأنت مبتوتة،
أو: ابتت مني ولا نية له، فالطلاق له لازم، يلزمه عند جميع اصحابنا، بني
بها أو لم يبن، قال: وكذلك قوله: أنت باتة مثل قوله مبتوتة ولكن عبدالملك
قال: إن قال لها قبل البناء أنت باتة فهي واحدة ويحلف، لأنها صفة الطلقة
باتة، بخلاف قوله: مبتوتة وطالق البتة، وهذه صفة للمرأة، ولا يكون قوله:
مبتوتة صفة للمطلقة، ولكن للمرأة، وكذلك: ابتنت مني.
قال مالك: وإذا قال للتي لم يبن بها: أنت باتة أو خلية أو برية وقال: أردت
واحدة فليحلف إذا أراد نكاحها، أنه أراد ذلك. قال سحنون: ولا يحلف حتى يريد
نكاحها، قال عبدالملك: وكذلك قوله فيها: حبلك على غاربك، أو قال لأهلها:
شأنكم بها أو انتقلي إلى أهلك يريد الطلاق قبل البناء، يحلف إذا أراد
نكاحها، أنها أراد واحدة.
ومن كتاب ابن المواز، قال مالك: إذا قال: برئت مني، وبرئت منك، فهي ثلاث،
وإن قال: لم أرد طلاقا. لم يصدق وإذا قال- وقد بنى بها: أنت طالق واحدة
بائنة أو واحدة خلية فهي ثلاث قال محمد: وأخاف أنه كقوله: واحدة بائنة لا
ينوي وقاله أشهب عن مالك. [5/ 151ٍ]
(5/151)
قال عنه ابن وهب: إن قال: أنت طالق البتة،
وقال: أردت احدة، قد علم الله ذلك، مني فلا ينفعه، لأنه أمر قد عرف في
الناس، فلا ينفع/ فيه نية.
ومن العتبية، روى عسى، عن ابن القاسم فيمن قال برئت مني، كما برى الأقرع من
المشط. قال: قد بانت منه وقال أشهب عن مالك، في قوله: حبلك على غاربك فهي
ثلاث في الدخول بها، فإن لم يدخل بها، فعسى أن تكون واحدة، ولو ثبت عندي أن
عمر قال هذا ما خالفته. وقال بعض أصحابنا البغداديين: يحتمل أن يكون ما جاء
عن عمر أنه في التي لم يدخل بها، ولم يذكر في الحديث أنه بنى بها أو لم يبن
فهو محتمل، وذكر أبو الفرج في كتاب رواية الأشهب، عن مالك في الخلية
والبرية، أنه منوى فيها في التي بنى بها.
باب في قوله خليتك وسرحتك وفارقتك وخليت سبيلك، وطلاق الأعجم
من كاتب ابن المواز قال مالك فيمن قال لأهله قد فارقتك، أو قال: خليت
سبيلك، فهو سواء، وقد اختلف قوله في ذلك، وصح قوله أنه ينوي في التي بنى
بها؛ فإن لم تكن له نية، فهي ثلاث، وفي التي لم يبن بها واحدة، إلا أن يريد
أكثر، وقاله ابن القاسم، وابن عبدالحكيم، وقال في الفراق: وإن نوى شيئا إلا
فقد بانت. والأول أحب إلينا واختلف قول مالك فيها.
قال ابن المواز: في: خليت سبيلك فروى ابن القاسم ينوي ويحلف، وروى عنه ابن
وهب: هي واحدةحتى يريد اكثر وبهذا أخذ ابن عبدالحكم؛ وأخذ أصبغ، ومحمد بقول
ابن القاسم: أنها ثلاث، وإن لم ينو شيئا، وإن نوى دونها، فله نيته، ويحلف/
وروي عن أشهب، أنها البتة، ولا ينوي، وروي عنه أنها واحدة حتى يريد أكثر،
وسرحتك مثله. محمد: ولعل القول الثاني، في التي لم يبن بها.
(5/152)
قال ابن القاسم: وإن قال في خليت سبيلك أو
فارقتك: لم أرد طلاقا فهو أشد، وهي ألبتة قال ابن المواز: وسرحتك وخليتك
مثله، إلا أنه إن قال في هذا لم أرد طلاقا فذلك له ويحلف، ولا يقبل منه هذا
في خليت سبيلك.
قال محمد: ويقبل منه في: خليتك، وسرحتك أنه لم يرد طلاقا، ويحلف مال يكن
جوابا لسؤالها للطلاق فلا يقبل منه؛ ويكون كمن بدأ بالطلاق؛ فإن نوى واحدة،
حلف وصدق، وإن لم تكن له نية ولم يحلف فهي ثلاث. وقال أشهب، في: سرحتك فهي
واحدة، حتى يريد أكثر. قال ابن شهاب: إن قال بسراح فهي واحدة إلا أن ينوي
أكثر.
ومن كتاب ابن المواز، من سماع ابن القاسم، في عبد اعجمي عاتبه سيده في أمة
له تحته فقال: قد فارقتها، قال: يسأل؛ فإن عرف ما أراد وإلا فهي البتة، إذا
كان لا يدري من أجل العجومة قال ابن القاسم، في العتبية: كأني رأيت محمل
قوله: إذا لم يعرف الطلاق أنه إنما أراد أن يبرأ منها، فلذلك ألزمه البتة.
وروى عيسى عن ابن القاسم وذكر قوله لامرأته، في شأنك بأهلك ثم قال: وكذلك
قوله فارقتك وخليت سبيلك هي ثلاث في التي بنى بها، إلا أن ينوي أقل، فله
نيته، ويحلف، وهي في التي ل يبن بها واحدة حتى ينوي أكثر، وقاله مالك، وقال
أيضا هي ثلاث في التي لم يبن بها حتى/ ينوي أقل.
قال ابن القاسم: سرحتك وسرحت سبيلك مثل خليت سبيلك، وقال مالك: وفارقتك
وسرحتك سواء هو ثلاث في المدخول بها حتى ينوي أقل فيحلف. وقال ابن القاسم
في سرحت بعض الضعف، والقياس أن ذلك كله سواء، فإن لم يبن بها فهي واحدة في
ذلك كله، حتى يريد أكثر. [5/ 153]
(5/153)
فيمن قال لأهله وهبت لك نفسك أو طلاقك أو
وهبتك لأهلك والحقي بهم أو رددتك إليهم أو قال لهم شأنكم بها أو وهبتها لكم
أو نحو هذا
ومن كتاب ابن المواز، روى ابن وهب عن مالك فيمن قال لأهله وهبتك لنفسك:
أنها ثلاث، كقوله: وهبتك لأهلك، ولا ينوي في هذا، إلا في التي لم يبن بها،
ويحلف؛ فإن نكل، قال أصبغ: يلزمه الثلاث. قال ابن العزيز: وكذلك وهبتك
لأبيك.
قال مالك: وكذلك لو قال لأهلها: وهبتها لكم، قال ابن القاسم: إن قال وهبتك
طلاقك فهي البتة، ولا ينفعه أن يقول نويت واحدة وكذلك وهبت لك نفسك، أو
فراقك ولا ينظر فيه إلى قول المرأة: قبلت، أو لم تقبل، إلا عند خلع فتقبل
منه، وكذلك في العتبية من رواية أصبغ عنهم، وقال: ولا ينظر إلى قبولها، إلا
أن يكون قال: إن أعطيتني كذا، وهبتك طلاقك. أو فراقك فلا شيء عليه، حتى
تقبل، ويحنث بقبول أو فعل، وتنفعه/ النية إن أراد الواحدة، أو بسبب صلح، أو
خلع، وإلا لزمه الثلاث.
ومن كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم ولو قالت له بلغني أنك تريد فراقي فلا
تفعل، وهب لي ذلك، فقال قد وهبت لك طلاقك فلا شيء عليه، إذا كان هكذا، أو
قالت له هب لي نفسي هذه المرة أو قال ذلك له أهلها، فلا شيء عليه.
قال ابن القاسم: قال مالك: ومن قال لأهل امرأته: شأنكم بها فإن لم بين بها
فهي واحدة، إلا أن يريد أكثر، وإن بنى بها، فقد بانت، ولا نية له،
كالموهوبة.
وكذلك في العتبية من سماع ابن القاسم، وذكر ابن حبيب مثله عن ابن [5/ 154]
(5/154)
القاسم، وذكر عنه في التي لم يبن بها أنها
واحدة، على حديث ابن القاسم يراه في التي يبن لها، وذكر عن أصبغ انها ثلاث،
بنى بها أو لم يبن، إلا أن ينوي واحدة، كالموهوبة [انظر لعله يريد في التي
لم يبن بها وذكر ابن عبدالحكم وإن قال في المدخول بها نويت واحدة فذلك له]
وقال ابن الماجشون، عن مالك مثل رواية ابن القاسم، وروى عن أشهب وابن وهب
أنها البتة. قال وقال أشهب: إذا قال لأهلها شأنكم بها فهي ثلاث، لا ينوي
إلا أن يكون قبل ذلك كلام يدل أنه لم يرد به الطلاق، وأما إن قال لها: شأنك
بأهلك، إنه ينوي.
ومن العتبية قال عيسى عن ابن القاسم، قوله شأنكم بها وشأنك بأهلك سواء،
وينوي في التي لم يبن بها، وهي ألبتة في التي بنى بها، وقال ابن سحنون:
وكذلك قال ابن كنانة وسحنون.
ابن المواز: قال مالك: وإن قال اذهبي إلى بيت أقل. فلا شيء عليه، إذا لم
يرد طلاقا، وإن أراد، فهو ما أراد منه، مثل الحقي بأهلك: ويحلف/.
قال مالك، في القائل الحقي بأهللك فليس لك عندي سعة، فإلى أهلك لا إلي فليس
بالطلاق البين، ويحلف ما أراد طلاقا، ولكن أردت أن تذهب إليهم فتعيش، وكذلك
انتقلي إلى أهلك أو قال لأمها: انقلي إليك ابنتك، وزاد في العتبية، من سماع
ابن القاسم ثم لقيها بعد ذلك فأعطاها دنانير كانت لابنتها عنده، ثم قال
انقلي إليك ابنتك، قال في الكتابين: ثم سئل فقال: لم أرد طلاقا وأردت
تخويفا، حلف وصدق، وإن أراد طلاقا، فهو ما أراد منه ومن الكتابين، قال
أشهب: عن مالك: وإذا قال: اذهبي إلى بيت أهلك فقالت: على ماذا؟ فقال على
طلقة فقالت: لا فقال: علي طلقتين، فجلست، قال: فقد لزمه طلقتان. [5/ 155]
(5/155)
قيمن قال لأمرأته أنت علي حرام وما شاكل
ذلك من مسائل تحريمها
قال ابن المواز وغيره: قال علي بن أبي طالب وزيد من ثابت في الحرام: إنها
ثلاث.
ومن كتاب ابن حبيب، قال أصبغ: إذ قال: الحلال علي حرام. أو حرم علي ما أحل
الله لي أو ما انقلب إليه حرام، أو: انقلبت إلى حرام، فذلك كله تحريم لازم،
ما لم يحاش امرأته. وأما قوله: علي حرام فليس بشيء، وكأنه قال تقلبت في
حرام، وكأنه قال: زنيت.
قال ابن المواز: إذا قال علي حرام فلا شيء عليه، حتى يقول: الحلال علي حرام
فيلزمه في الزوجة ما لم يحاشها.
وفي/ كتاب الأيمان من هذا زيادة [قال عبدالعزيز بن أبي سلمة في كتاب ابن
سحنون في الاملاء إذا قال الرجل لامرأته أنت حرام وقوله حرم علي ما حل لي
منك فهي تطليقة واحدة إن لم ينو البتة وتكون له الرجعة].
قال ابن حبيب: وإن قال لامرأته: فرجك علي حرام أو دبرك علي حرام فقد حرمت
عليه، إلا أن يريد في الدبر حكاية ما جاء في ذلك، ولم يقصد التحريم فلا شيء
عليه.
ومن العتبية أشهب عن مالك، فيمن قالت له امرأته: مالي عليك حرام، فقال لها:
وأنت علي حرام، فإن أراد جواب قولها في تحريم مالها، يقول: وأنت علي حرام
أن أظلمك في مال أو عرض، فلا شيء عليه، وإن أراد تحريمها وفراقها، فقد بانت
منه قال ابن المواز: والقائل: علي حرام، فسواء حاشى زوجته، أو خص غيرها، لا
شيء عليه، ويحلف. ولو قال لغريمه ما أنقلب إليه من أهلي حرام [5/ 156]
(5/156)
لأقضينك وقال نويت من خدم ومال فليس ذلك له
ويحنث؛ كانت عليه بينة أو لم تكن. وإن قال: ما أعيش في حرام ولا نية له،
فلا شيء عليه.
ومن كتاب ابن المواز، قال مالك: ومن قال لزوجته أنت علي كالميتة أو كالدم
أو كالخنزير في يمين فحنث، فهي ثلاث، ولا يقبل منه أنه لم يرد طلاقا وقال
عنه أشهب، فيمن قال: رأسي من رأسك حرام، قال يلزمه الطلاق. قال عيسى عن ابن
القاسم، في العتبية وجهي من وجهك حرام فهي ألبتة؛ وكذلك قوله: أنت أحرم من
أمي علي فهي ألبتة.
ومن كتاب ابن المواز، قال أشهب: فيمن قال: كلامك علي حرام، فقد حرمت عليه،
ولا ينوي أنه لم يرد الطلاق قال ابن عبدالحكم، وغيره: لا/ طلاق في ذلك،
أرأيت من قال سعالك علي حرام أو بزاقك؟ وبهذا قال ابن المواز؛ وقال: حرم
الله النظر إلى أزواج النبي صلي الله عليه وسلم، ولم يكن الكلام منهن حراما
على من سمعه منهن وقال سحنون في الكلام والشعر لا شيء عليه في طلاق ولا
عتق.
ومن العتبية، روى عيسى عن ابن القاسم، فيمن قال: حلفت بالطلاق حتى أن
امرأتي تحتي حرام قال: يحلف ما أراد طلاقا ولا أن امرأته عليه حرام، ولا
شيء عليه. قال أصبغ: من استحلف غريمه بالحلال عليه حرام، فحلف، وهو جاهل
يظن أن الطلاق لا يدخل في ذلك، فيحنث، قال: يلزمه، ولا ينفعه جهله، وهو من
ألفاظ الطلاق. وذكر مثله ابن حبيب عن أصبغ وزاد: ألا ترى الأعجمي يحلف
بالطلاق، ولا يدري ما هو، ولا حدود فيلزمه ما يلزم العالم به: ومن كتاب ابن
سحنون عن أبيه: ومن حلف بالحلال عليه حرام، ونوى واحدة، وهو لم يبن بها،
فحنث بعد البناء، وقامت على يمينه بينة، فلا يقبل ما نوى [5/ 157]
(5/157)
بعد البناء؛ لأنها يوم الحنث من لا ينوي
فيها. قال ابن سحنون: قال بعض اصحابنا: إلا أن يعلم ذلك من البينة، فلا
يلزمه إلا طلقة، وله الرجعة، وإذا لم تقم بينة، وجاء مستفتيا، فله نيته
فيما وبين الله يريد: بعد البناء.
قال سحنون: إذا حلف قبل البناء بالحرام أو الخلية أو البرية ثم حنث بعد
البناء، وقال: نويت واحدة، أن ذلك له، وله الرجعة. وفي الباب الذي يلي هذا/
فيمن قال حلفت بطلقة بائنة قبل البناء، ثم حنث بعد البناء.
فيمن باع امرأته لضرورة أو لغير ضرورة
من العتبية قال عيسى عن ابن القاسم فيمن أصابته مسغبة فباع امرأته واقرت له
بذلك قال: يعذران بالجوع، ولا يحد، وتكون طلقة من زوجها بائنة، وبلغني ذلك
عن مالك، ويرجع عليه المشتري بالثمن. وروى عبدالملك بن الحسن، عن ابن وهب،
فيمن باع امرأته، قال: لا يكون طلاقا؛ فإن طاوعت، وأقرت أن المشتري أصابها
طائعة فعليها الرجم.
وفي رواية أسد عن ابن القاسم، أن بيعه طلاق، وقال سحنون، عن ابن نافع: طلقة
بائنة قال سحنون: غاب عليها المشتري أو لم يغب. وقال أصبغ: من باع زوجته
هازلا أو زوجها هازلا، فليس بطلاق، فإن كان جادا في الوجهين، فهو البتات
ومن كتاب ابن المواز: قال: ومن باع امرأته فقال ابن عبدالحكم، وأصبغ: قد
حرمت عليه، كالموهوبة وهذا أحب إليى من قول ابن القاسم. [5/ 158]
(5/158)
فيمن قال أنت طالق ولا نية له أو نوى ألبتة
أو قال نويت من وثاق أو شيئا يسمى به أو قال يا مطلقة أو طالق أبدا إذا طلق
من جعل بالربدة
من كتاب ابن المواز، قال مالك، فيمن قال أنت طالق، ولا نية له، فهي واحدة،
وإن قال: نويت واحدة. فلا شيء عليه. قال ابن القاسم/ وكذلك في قوله لها أنت
الطلاق فلا يمين عليه إن نوى واحدة قال مالك: وناس يقولون هي واحدة وإن نوى
البتة، وما ذلك بالبتة، وأنا أكرهه ورأى مالك إن نوى البتة أن تلزمه.
قال ابن سحنون، عن أبيه، فيمن قال: أنت طالق، ولا نية له، فهي واحدة إلا أن
يكون نوى شيئا ونسيه، فلا يقيم عليها، وليفارقها ولا يرتجعها إلا أن يذكر
في العدة أن ذلك أقل من الثلاث، فيحلف، وذلك له وإن قال: أنت طالق، تطلق من
حمل بالربدة فهي البتة ولا ينوي وإن قال: أنت طالق أبدا فهي ألبتة، ولا
ينوي وإن قال: أنت طالق أبدا، فهي ألبتة، وله نكاحها بعد زوج، ما لم يرد:
كلما نكحتك.
قال محمد لمن قال أنت طالق كل يوم أبدا وإن قال: أنت طالق ثم قال أردت من
وثاق، قال مالك: لا تنفعه، إلا أن يكون جوابا لكلام كان قبله.
قال ابن حبيب قال الزهري فيمن اسم امرأته مدينة، فقال: مدينة طالق، وقال:
نويت مدينة من المدائن، قال: لا يطلق الجدر. قال: وقال قتادة في قوله:
تعالي يا مطلقة فإن كانت قد طلقت مرة، طلقها هو أو غيره ونوى ذلك، فهي تلك،
وإلا فهي واحدة.
ومن كتاب ابن المواز قال أصبغ قال ابن القاسم وإن قال: يا مطلقة يريد أنها
في الكلام كالمطلقة فلا شيء عليه. قال أصبغ أو يريد كسوة لها، وعزل الطلاق،
أو ينوي أنها مطلقة مرة، وكذلك في العتبية عنه. قال أصبغ: وإن لم يقر [5/
159]
(5/159)
بها زوجها، إذا لم يعن طلاقا، أو عزل
الطلاق، فلا شيء عليه. قال ابن سحنون، عن أشهب/، فيمن قال: علي الطلاق إن
فعلت كذا، فحنث ثم قال: إنما نويت أن علي الطلاق كما هو على الناس لازم لهم
لم ينفعه، وهي طالق واحدة، ولو نفع من قال: أردت من وثاق.
ومن كتاب ابن حبيب ومن قال أنت طالق، ثم قال: أردت شيئا فأنسيت فهي ثلاث.
كذلك إن قال: ما أدري أردت شيئا، أو لم أرده؟ فإن قال لم أنو شيئا. فهي
واحدة.
فيمن قال لامرأته أنت طالق طلقة بائنة أو طلاق
الخلع أو الصلح أو طلاق الحرج أو طالق لا رجعة لي عليك أو اشترت منه
عصمته ومن قال لا عصمة لي عليك
من العتبية وروى يحيى عن ابن القاسم، فيمن قال أنت طالق واحدة بائنة فهي
ألبتة في التي بنى بها، وإن قال: هي طالق طلاق الخلع فهي واحدة بائنة،
وكذلك إن قال: خالعت امرأتي أو باريتها أو افتدت مني، لزمته طلقة بائنة.
قال أصبغ: وإن قال لها: أنت صلح أو: طالق طلاق الصلح، أو قد صالحتك، أو
يقول: اشهدوا أني صالحت امرأتي. وهي غائبة أو حاضرة، راضية أو كارهة، أخذ
منها عوضا أو لم يأخذ، فهي طلقة بائنة. وكذلك قوله: أنت مبارأة أو: طلقتك
طلاق المبارأة أو: قد بارأتك رضيت أم لم ترض والقائل: أنت طالق طلقة بائنة
قالوا: قوله: طالق طلقة. كأنه قال: أنت بائنة وكذلك قوله، أنت طالق طلاق
الصلح فإنه ما قبله وجعله صلحا.
وقال ابن حبيب قال مطرف فيمن قال أنت طالق طلاق الصلح، أو أنت صلح فهي
طلقة، وله / الرجعة، ولا يكون طلاق صلح إلا بعطية. وقال ابن [5/ 160]
(5/160)
الماجشون هي ألبتة وكذلك إن قال: أنت طالق
كما طلق فلان امرأته وقد كان فلان خالع امرأته.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: ومن قال أنت طالق، ولا رجعة لي عليك، فله
الرجعة، قال ابن عبدالحكم: إذا قال: أنت طالق، لا رجعة لي عليك. فهي ألبتة
محمد: كأنه قال طلاق لا رجعة لي عليك فيه، وإذا أدخل الواو، فقد أفرد
الطلقة، ولم يجعلها طلقة لارجعة فيها.
قال ابن سحنون عن أبيه فيمن قال لامرأته قبل البناء: أنت طالق طلقة بائنة
أو: أنت طالق بائن إن فعلت كذا وكذا ثم يبني بها ثم فعل ما حلف ألا يفعله:
إنه حانث بالثلاث ألبتة، ولا ينفعه قوله: كنت نويت واحدة. وفي الباب الذي
قبل هذا في الحرام والخلية يحلف بها قبل البناء ويحنث بعد أن له نيته وذكر
ما فيه من القول والاختلاف.
ومن كتاب ابن المواز، وإذا قال أنت طالق طلاق الحرج فقيل: تلزمه طلقة، إلا
أن يريدا ألبتة، قال محمد: بل تلزمه ألبتة، وقد رويت. وإن قال: أنت طالق
طلاق الخلع. أو: طلاق الصلح. فقال عبدالملك: هي البتة، قال ابن عبدالحكم؛
ثم رجع: فقال: واحدة بائنة. واختلف فيها ابن القاسم واشهب؛ فقال أحدهما: هي
ألبتة، وقال الآخر: هي واحدة. قال ابن سحنون، عن أبيه: هي ثلاث قال: وقال
في امرأة اشترت من زوجها عصمته عليها، ورضي بذلك، فهي ثلاث، لأنها ملكت
جميع ما كان يملك من عصمتها/ وقال بعض أصحابنا؛ ابن القرطي، وعبدالله بن
إبراهيم، في القائل لزوجته: لا عصمة لي عليك: إنها ثلاث إلا أن يكون معها
فداء فتكون واحدة، حتى يريد ثلاثا.
[قال أبو محمد: ذلك صواب؛ لأن ابن القاسم قال في المدونة] في القائل لعبده
مبتدأ: لا ملك لي عليك أنه عتق. وإن قال لزوجته: لا ملك لي [5/ 161]
(5/161)
عليك فلا شيء عليه إن كان الكلام عيانا
يريد ولو كان كلامه مبتدأ، لكان البتات، كما قال في العتق، وكذلك قوله: لا
عصمة لي عليك.
فيمن طلق امرأته طلقة كبيرة أو عظيمة أو طويلة
أو شديدة أو قبيحة أو أحسن الطلاق أو أقبحه ونحو هذا
من كتاب ابن سحنون، عن أبيه، ومن قال لامرأته: أنت طالق واحدة عظيمة. أو
قال: كبيرة أو شديدة أو طويلة، أو خبيثة، أو منكرة، أو مثل الجبل. أو مثل
القصر، أو انت طالق إلى الصين، أو إلى البصرة. فذلك كله سواء، وهي طلقة،
وله الرجعة حتى ينوي أكثر. وإن قال: أنت طالق خير الطلاق. أو أحسنه. أو
جميله، أو فضله. فهي واحدة حتى ينوي أكثر. فإن قال: أنت طالق أكثر الطلاق.
قال عددا أو لم يقل، فهي ثلاث. وإن قال: أنت طالق أقبح الطلاق. أو أسمجه،
أو قال أشره. أو أقذره. أو أنتنه، أو أبغضه فهي ثلاث.
قال سحنون: وأكمل الطلاق عندي مثل أكثره/، يكون ثلاثا، وإذا قال: أنت طالق
بخلاف السنة. أو: على خلافها. فهي واحدة، إن لم يكن له نيه، وكأنه قال لها:
أنت طالق إذا حضت، أو قال: في طهر، وطئتك فيه.
فيمن نوى الطلاق بقلبه ولم ينطق به أو أراد اللفظ به فلفظ بغيره أو تكلم به
ليحلف به أو ليطلق ثم أمسك ومن توسوسه نفسه، ومن قال لامرأته أنت حرة
ولأمته أنت طالق
ومن كتاب ابن المواز، قال مالك: ومن طلق بقلبه ثلاثا محجعا على ذلك، فلا
شيء عليه. قال ابن عبدالحكم: وقد قيل: إنها تطلق عليه، وليي بشيء. [5/ 162]
(5/162)
قال أبو محمد: وهي رواية أشهب عن مالك في
العتبية. ومن كتاب آخر: والإشارة بالطلاق طلاق، أشار بيده أو برأسه، وقال
الله تعالى: "أن لا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا". فجعله كالكلام. وقد
قال مالك، في الذي أشار برأسه، أن نعم في الإقرار يدين: أنه يلزمه، وطلاق
الأخرس إشارة.
ومن المجموعة قال أشهب فيمن أراد أن يطلق فلفظ بغير لفظ الطلاق فليس بشيء
إلا أن يريد أنها بذلك اللفظ طالق إذا قلته. وكذلك العتق، وإن كان إنما
يقول هذا اللفظ بعينه، هوعتيق، لا أراه عتقا، كما لو ظن أنه من دخل الدار
طلقت امرأته، أو من قبل امرأته صائمة طلقت، فقبلها صائمة فلا شيء عليه.
روى عيسى عن ابن القاسم فيمن توسوسه نفسه بالطلاق أو يتكلم به/ يريد تيقنه،
أو يتشككه، قال: فلا شيء عليه، ويقول الحبيب فعلت فلا شيء عليه. ومن كتاب
آخر وقال رجل لأبي حازم: إن الشيطان يقول إنك طلقت امرأتك، فقال: كما قال
لك. فقال: لا تفعل يا أبا حازم. فقال: قل هذا الشيطان.
ومن كتاب ابن المواز: ومن قال: أنت طالق. على أن يقول: ثلاثة. أو: ألبتة.
ثم سكت عن ذلك في يمين أو في غير يمين، قال: لا يلزمه الثلاث حتى يريد
بقوله: أنت طالق. يريد بتلك الكلمة: ألبتة.
ومن كتاب ابن حبيب، ومن قال لامرأته: أنت حرة. أو لأمته، أنت طالق. غلطا
فلا شيء عليه، حتى ينوي أنها بذلك اللفظ طالق في الحرة وحرة في الأمة. وقال
ابن الماجشون: إن قال لامرأته: أنت منى حرة ولأمته: أنت مني طالق. أو أنت
طالق لوجه الله. فأمته حرة، وامرأته طالق. فلا اسأله عن نيته. وبعد هذا باب
في تكلم بالطلاق معتذرا، فظن أنه قد لزمه. [5/ 163]
(5/163)
ومن العتبية، أراه من سماع يحي، قال ابن
القاسم، عن مالك، في من حلف؛ امرأته طالق. إن كلم فلانا وكان بدء كلامه
(على أن يقول:) أبدأ. فبدا له، وقال: شهرا. موصولا بيمينه، قبل يصمت، قال:
ذلك له.
باب مكني الطلاق وما لم يلزمه به الطلاق من الألفاظ المحتملة للطلاق وغيره
البتات في ذلك
من كتاب ان المواز قال أشهب وبيعع، فيمن قال لامرأته: لا سبيل لي إليك. فإن
أراد الطلاق، لزمه ما أراد منه، وإن لم يرد الطلاق دين. قال محمد: ويحلف.
قال: وإن قال: احتالي لنفسك/. فكذلك، يلزمه ما أراد من الطلاق، وإن لم يرد
الطلاق دين. محمد: ويحلف في ذلك كله إن رفع أمره، وإن قال: لا حاجة لي بك.
وقال: لم أرد طلاقا دين وحلف. وكذلك قوله: ليس بيني وبينك حلا، ولا حرام.
ومن قال: لست مني بسبيل ألبتة. فاختلف فيها، رأي عمر بن عبدالعزيز أن يدينه
ذلك. ومن قال: ما أنت لي بامرأة، أو: لم أتزوجك. أو قيل له: هل لك امرأة؟
فقال: لا. فلا شيء عليه حتى يريد الطلاق. قال أصبغ: فيكون البتات إلا ينوي
أقل. وكذلك: لا نكاح بيني وبينك. أو: لا ملك لي عليك. أو: لا سبيلي لي
عليك. إلا أن يكون الكلام عتابا فلا شيء عليه حتى ينوي الطلاق.
ومن كتاب ابن حبيب، قال مطرف، وابن الماجشون، وابن القاسم: ومن قال
لامرأته: جمعي عليك ثيابك، ولا حاجة لي بك. أو الحقي بأهلك. أو: لا نكاح
بيني وبينك. أو: لا سبيل إليك. أو: لست مني بسبيل. أو: اذهبي، لا ملك لي
عليك. أو: لا تحلين لي. أو: احتالي لنفسك. أو: أنت سائبة. أو:
(5/164)
مني عتيقة. أو: ليس بيني وبينك حلال ولا
حرام. أو: لم أتزوجك. أو تقنعي. أو: استتري عني. أو: لست لي بامرأة. أو: لا
تكوني لي بامرأة حتى تكون أمه أمرأته. أو: يا مطلقة. أو: اعتزلي. أو: تأخري
عني. أو: أخرجي. أو: انتقلي عني. وشبه ذلك، فذلك كله سواء، بني أو لم يبن،
لا شيء عليه، إلا أن ينوي طلاقا، فيكون ما نوى.
قال أصبغ: فإن لم ينو شيئا، أو نوى / الطلاق، فهو ثلاث حتى ينوي أقل. ومن
قال لامرأته: قد أذيتني، فقد حللت عقالك. قال ابن الماجشون: تطلق بالبتة.
ومن كتاب ابن المواز، وهو لمالك،
ومن قال لزوجته: أتحبين أن أفارقك؟ فقالت: ما شئت. فقال: قد شئت. وقال:
إنما شئت أن أحبسك. قال: هو طلاق، كقوله: قد فعلت. ويحلف ما أراد إلا
واحدة، قيل: هو يقول: لم أفارق. قال: تجعل واحدة. قال: وإن قال إن شئت أن
تقيمي، وإن شئت فالحقي بأهلك. فقالت: قد لحقت بأهلي، فإن أراد الطلاق، فهو
ما أراد؛ وإن قال: لم أرده، وإنما أردت تخويفا. حلف، ولا شيء عليه. وقال
ابن شهاب: هي واحدة، وإن أراد الطلاق، فهو ما نوى. وإن قال لها، في منازعة:
إجمعي عليك ثيابك. وقال: لم أرد طلاقا.
وإنما أراد تخويفا. حلف وصدق. وإن قال لأبيها: اقبل مني ابنتك. فقال: قد
قبلتها فقال: على أن ترد علي مالي. قال: قد بانت منه ولا شيء له ما لم تكن
ذلك منه نسقا. وإن قال لها: اعتدي. فهي طلقة، وله الرجعة حتى ينوي طلقة
بائنة، فتكون ألبتة. وإن قال لها: اذهبي وتزوجي، فلا حاجة لي بك. أو قال
لأمها: زوجيها ممن شئت فلا حاجة لي بها فلا شيء عليه ما لم يرد بلفظ ذلك
الطلاق.
وكذلك روى عيسى، عن ابن القاسم في العتبية. قال ابن المواز: قال أصبغ: فإن
هي زوجتها بعد تمام عدتها من يوم قال ذلك وهو حاضر عالم فقد [5/ 165]
(5/165)
بانت منه ولا يقبل قوله: إني لم أرد طلاقا،
فإن قال: أردت واحدة. دين، وحلف. قال محمد: وإن عرف أن ذلك ليس بطلاق فألزم
نفسه به الطلاق فألزمه ما ألزم نفسه منه، فأما إن ظن أن ذلك طلاق فتركها،
فاعتدت فلا يضره ذلك حتى يتزوجها غيره، فتعتد من الاثنين، إلا أن تتزوج
بعلمه وتسليمه فيلزمه الطلاق ويفسخ نكاح الثاني؛ لأني إذا لم ألزمه الطلاق
إلا بتزوجها، فإنما ألزمها العدة من يوم تزوجت.
وهذا باب آخر فيما يلزم به الطلاق من القول وما
لا يلزم وجامع مسائل هذا المعنى وما يشبهه ومن قال في لفظ الطلاق
كنت لاعبا، أو نذر الطلاق نذرا
من كتاب ابن المواز، قال أشهب عن مالك: ومن قالت له أم زوجته: إنك معها في
حرام. فقال: لا. قالت: بلى. قال: فاشدد يديك بها، فلا تزوجها إلا الخليفة.
وقال: لم أرد طلاقا. فيسأل؛ فإن أراد أن يثبت أن ما قالت حق، وأنه لم يرد
طلاقا حلف، ودين.
قال الشيخ أبو محمد عبدالله بن أبي زيد، رحمه الله: هكذا في الأم، وما أراه
إلا إن كان ما قالت حقا، كالمكذب لها. قال في العتبية: فإن لم يحلف، طلقت
بالبتة. قال في كتاب ابن حبيب: هي واحدة/. قال أصبغ وإن لم تكن له نية فلا
شيء عليه إلا أن يريد تصديقها، فيحنث. ومن العتبية قال سحنون، فيمن أراد
البناء بزوجته في ليلة، فامتنع أهلها، فقال لهم: لا حاجة لي بها. فإن لم
يرد طلاقا فلا شيء عليه. [5/ 166]
(5/166)
قال أبو زيد، عن ابن القاسم، فيمن دعا
امرأته إلى الوطء، فأبت، فقال: إن قمت ولم تفعلي ما دعوتك إليه فما أنت لي
بامرأة. يريد به الطلاق، فدق رجل الباب فقامت ولم ينو واحدة ولا أكثر، قال:
هذا يقبل، وكأنه يرى أن تلزمه البتة.
ومن كتاب ابن سحنون، عن أشهب، وهو في كتاب ابن المواز لأشهب، فيمن قال
لامرأته: قد شاء الله أن أطلقك. ولعبده: قد شاء الله أن أعتقك. فلا شيء
عليه، إن لم يرد بذلك عتقا، ولا طلاقا وقاله سحنون قال، في كتاب ابن
المواز: وهذا كاذب على الله سبحانه، ولو قال: قد شاء الله أنك طالق. فهي
طالق. وقاله أصبغ. وكذلك في العتبية.
ومن كتاب ابن المواز: ومن توجه إلى سفر، فقال لزوجته: هذا فراق بيني وبينك.
أراد: يفزعها، ولم يرد الطلاق؛ قال ابن القاسم: أخاف أن تكون قد بانت منه.
قال أصبغ: هذا للشر الذي كان بينها. [وبه استوت المسألة، وإن (كان) فيها
بعض الضعف. ولو أراد بذلك سفره] خاصة، وخروجه عنها، لم يكن عليه شيء.
ومن العتبية روى أشهب عن مالك، فيمن قال لامرأته: إن خرجت من بيتك فهو فراق
بيني وبينك، فخرجت، فقال له مالك: ما نويت؟ قال: لم أنو شيئا. قال: أحب إلي
ألا يقربها، وأن يدعها.
ومن كتاب ابن المواز، وإذا/ سألها الرجوع إلى بيتها وقد عصت، فأدبر عنها،
وهو يقول: طالقة البتة. لا يردد الطلاق، ولكن لتسمع فترجع، قال له ابن
القاسم: أعليك بينة [؟ قال: لا. قال: ولم ترد طلاقا؟ قال: لا. قال: لا شيء
عليك. قال أصبغ: ولو كانت بينة لدين] لأنه لم يقل: أنت. ولا [5/ 167]
(5/167)
سماها، ولا هو جواب لكلام لها. قال: يريد
ابن القاسم: وإذا قيل له: فارقت امرأتك؟ قال: نعم. فهي واحدة، ويحلف، فإن
نكل، فهي البتة. وقاله أصبغ، [ولو قال قد كان ذلك ثم قال كنت لاعبا فقد
لزمه ذلك] ولو قال: أجل.
وقال: أردت واحدة. أنه يدين، ويحلف. ومن قيل له: لا تريد فراق امرأتك؟
فقال: أتأمرونني أن أقيم على حرام؟ فلا شيء عليه إلا أن يريد ذلك. ومن قالت
له امرأته: قد فارقتني. فحلف أنه ما فعل، فحلفت أنك فعلت. فقال: أتحبين أن
أجعل ذلك إليك؟ قال: قد فارقتك، ثم قالت: ما كان طلقني. قال: ما أراه إلا
قد فارقها. ومن قال لامرأته: قد وليتك أمرك إن شاء الله. فيقول: قد فارقتك
إن شاء الله. وهما لاعبان لا يريدان طلاقا فلا شيء عليهما، وليخلف، وإن
أراد الطلاق على اللعب فهو طلاق. ومن قال له رجل في امرأته: من هذه؟ فقال:
مولاة لي أتحب أن أزوجك إياها؟ قال: نعم. ففعل: وكان يهزل فلا طلاق عليه
إلا أن ينوي ذلك.
وكذلك في العتبية من سماع ابن القاسم. وقال في السؤال، ففعل. وقال سحنون عن
ابن القاسم: ويحلف ما أراد طلاقا، ولا شيء عليه، ويؤدب/. وقال ابن القاسم،
في المجموعة تحرم عليه بالثلاث، بنى بها أو لم يبن.
ومن كتاب ابن المواز، ولو قال لرجل: مر امرأتي تعتد. وغاب، ثم قدم ولم
يأمرها الرسول، فإن أقر الزوج، ائتنفت العدة، ولا رجعة له، إن تمت العدة من
يوم القول، فإن أنكر أحلف والرسول كشاهد.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فيمن قال لرجل: أطلقت امرأتك؟ فقال:
نعم، كما طلقت أنت. يقول ذلك لاعبا، فإذا الرجل قد طلق امرأته ولم يعلم
بذلك مخاطبه، فإن لم يعلم ولم يرد طلاقا فليحلف ولا شيء عليه. [5/ 168]
(5/168)
قال ابن القاسم: إذا استوقن أنه لم يعلم.
وروى عنه عيسى، فيمن قال: علي أن أطلقك. فلا شيء عليه؛ لأن نذره الطلاق ليس
عليه الوفاء به. ومن سماع أشهب، وهو في المجموعة، قال مالك، فيمن كان بينه
وبين امرأته محاورة واختلفا، فقال لها زوجها: احلفي بالطلاق، فقالت أنت
الطلاق. وفي المجموعة: أنت طالق إن لم يكن كذا وكذا. قال: ليس للنساء طلاق.
فيمن أقر بالطلاق كاذبا أو معتذرا أو ظن أنه قد لزمه بظنه أو بلغط مفت أو
تكلم به غلطا ثم تذكر مخرجا ويقول نويت امرأة ماتت، أو قال زل لساني ولفظ
بالبتة ومرادي واحدة
من كتاب ابن المواز ومن قال لامرأته: قد كنت طلقتك ألبتة، ولعبده: قد كنت
أعتقتك/. ولم يكن فعل، فقال أبو الزناد: أما في الفتيا، فلا شيء عليه. وقال
مالك: ذلك يلزمه، كمن قال: أنت طالق. أو قال: أنت حر. لا يريد عتقا، ولا
طلاقا. وقاله ربيعة، وابن شهاب. قال ربيعة: إلا أن يأتي بعذر بين له وجه.
قال: ومن اعتذر في شيء، سئل فيه بأنه حلف بطلاف أو عتق ولم يحلف، قال مالك:
لا شيء عليه في الفتيا. ومن حكى للناس يمين رجل بالبتة، فقال: امرأتي طالق
آلبتة. وإنما أراد أن يقول: قال الرجل: فإن ذكر ذلك كلاما نسقا لم يقطعه
فلا شيء عليه.
قال ابن القاسم، في كتاب ابن المواز. وفي العتبية، من رواية أبي زيد وأصبغ
فيمن أفتى في يمين أن أمرأته قد بانت منه، فقال لها وللناس: قد بانت مني.
ثم علم أنه لا شيء عليه، قال: لا ينفعه، وقد بانت منه. قال ابن حبيب: [5/
169]
(5/169)
وقال ابن القاسم، وأشهب. وقيل عن مالك: لا
شيء عليه. قال سحنون ما في كتاب ابنه: إن قال ذلك على وجه الخير، يخبر بما
قيل له فلا شيء عليه، وإن قال ذلك يريد الطلاق، طلقت عليه.
وقال ابن القاسم، وأشهب من كتاب ابن المواز ومن العتبية من سماع أشهب، وعن
امرأة كتبت إلى ابنها ليزورها، فأبى، فقالت لزوجها: اكتب إليه أنك طلقتني
لعله أن يأتي. فكتب بذلك إليه ولم يرد طلاقا، قال: إن صح ذلك وجاء مستفتيا،
فلا شيء عليه. قال في كتاب ابن المواز: وإن أقيم عليه بخطه، وشهد عليه لم
ينفعه ما يدعي إلا أن يشهد قبل أن يكتب إليه بالذي/ أراد، فلا شيء عليه.
قال في العتبية: إن كان أشهد حين كتبه: أني إنما أكتبه لكذا فلا شيء عليه،
وإن لم يكن أشهد، وصدقت هي الزوج فأرى أن يستخلف إن كان مأمونا وإن قالت:
أردت خديعته. وأنكر هو ذلك، وقد علم ما ذكر من شأنهما، فلا شيء عليه، وإن
لم يكن إلا قوله وقد ظهر كتابه وثبت عليه لزمه الطلاق.
قيل: كم؟ قال: ينوي: وتكون واحدة. قال أبو محمد: انظر قوله: ينوي، وأعرف
لأشهب في نظرها: يحلف أنه لم يرد طلاقا، وتكون واحدة.
وروى عيسى عن ابن القاسم فيمن حلف بالطلاق: لا خرجت امرأته إلا بإذنه
فخرجت، فقال لها: قد كنت حلفت، فاعتدي، ثم ذكر أنه قد كان أذن لها، قال:
قوله: اعتدي، طلاق، فإن لم يرتجع حتى مضت العدة، فقد بانت منه. قيل: إنما
قال اعتدي. يريد من الطلاق الذي ظن أنه حنث فيه. قال: إذا اقنضت العدة، لم
أنوه، وكمن قال لامرته: أنت طالق، اعتدي. قال أبو محمد: يريد: فلو ذكر قبل
العدة أنه لمن يرد ائتناف طلاق، لم يلزمه غير الطلقة الأولى. [5/ 170]
(5/170)
قال ابن حبيب: يلغني عن أشهب في الرجل يقول
للقوم: طلقت امرأتي ألبتة. فيسألونه: كيف كان ذلك؟ فيخبرهم بسبب. لا يلزمه
به شيء، أن الطلاق لا يلزمه، وإن كان بين قوله وبين أن أخبرهم بالسبب صمات.
وقال أصبغ: يلزمه طلاقها بإقراره الأول، وهو متهم في السبب.
ومن كتاب ابن المواز، ومن حلف لسلطان، أو غيره، امرأته طالق، ينوي
امرأة/كانت له، يلغز بذلك بأمر كذب فيه، وجاء مستفتيا، فلا ينفعه ذلك، وقد
طلقت عليه. قال أبو محمد: يريد: ولو قال فلانا، ولم يقل امرأتي، لنفعه.
ومن غير كتاب ابن سحنون، قال سحنون، فيمن قال لزوجته: أنت طالق. فزل لسانه
فلفظ بالبتة، فقال ابن القاسم: تلزمه ألبتة، ولا ينوي في الفتيا، ولا في
القضاء. وقال ابن نافع: يدين فيما بينه وبين الله عز وجل. وكل ذلك من مالك.
فيمن شهد عليه بطلاق ألبتة وهو منكر فقضي عليه هل يمنعه نكاحها قبل زوج؟
وفي الحاكم يقضي في الطلاق بمذهب لا يراه المحكوم عليه
من كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم: ومن شهد عليه رجلان بالبتة، وهو منكر،
فقضي عليه، فله نكاحها قبل زوج، إن كان محقا، قال أصبغ: يريد إن خفي له،
وأنا لا أرى ذلك؛ لأنه لا يلبس عليه غيره، ولعله يقتدي به، ويعرض نفسه
العقوبة، فلا يسعه بينه وبين الله سبحانه، وإن خفي له، كالذي يرى هلال
شوال، فلا يفطر. يريد للتغرير بنفسه.
وروي عن سحنون، فيمن طلق امرأته ألبتة، فرفعها إلى قاض يرى البتة واحدة
فقضي له بالرجعة، والزوجان يريانها ثلاثة، فلا تحل له بذلك، ولا يحل لها أن
تمكنه من نفسها، ولا تحل له إلا بعد زوج، ولو خيرت فاختارت نفسها وهي ممن
يرى الخيار ثلاثا، والزوج يراه واحدة، فلا يحل لها أن تمكنه من نفسها. وإن
حكم له القاضي، قال: ولو قال لعبده اسقني الماء يريد: عتقه. والسيد لا يرى
أن/ ذلك مما يلزم، والعبد يرى أن ذلك يلزمه، فللعبد أن يذهب حيث شاء من غير
قضية حاكم. [5/ 171]
(5/171)
في الدعوى في الطلاق وكيف إن مات أحدهما ثم
أكذب نفسه وطلب الميراث أو طلب نكاحها قبل زوج، وكيف
من العتبية، قال سحنون عن ابن القاسم، في المرأة تدعي أن زوجها طلقها ولا
بينة لها، ثم مات الزوج فطلبت ميراثها منه وقالت: كنت كاذبة فيما ادعيت.
قال: لها الميراث. قال ابو بكر: قال سحنون: وكذلك إذا جحدت النكاح، ثم أقرت
بعد موته فلها الميراث. كتب بذلك، ثم سئل عنها، فقال: لا أرى لها ميراثا،
بخلاف المدعية للطلاق إن أكذبت نفسها بعد موت زوجها، ومدعية الطلاق، فلا
ميراث لها، وإن أكذبت نفسها في حياته ثم مات، فلها الميراث. وقال سحنون، في
التي تدعي طلاق زوجها البتة، ولا يثبت ذلك؛ ثم تفتدي منه، ثم تريد تزويجه
قبل زوج وتزعم أنها كذبت أولا؛ قال: لا يقبل، ولا تنكحه إلا بعد زوج، وليس
كالميراث.
وروى أصبغ عن ابن القاسم، في التي صالحت زوجها، وادعت أنه طلقها البتة، ثم
أرادت نكاحه قبل زوج؛ فإن قامت بذلك عليها بينة، منعت من نكاحه، وإن قام
بذلك شاهد واحد وهي منكرة حلفت، وإن نكلت لم يصنع به الحكم، وإن أقرت أنها
كانت قالت/ ذلك كاذبة، لم تصدق ومنعت منه بالحكم.
ومن سماع ابن القاسم، وعمن قامت عليه بينة أنه طلق امرأته البتة، وقد ماتت،
أيرثها؟ قال: لا يرثها، وإن مات قبلها، ورثته. قال سحنون: يعني أن الشهود
كانوا معها حضورا، فلم يقوموا عليه حتى مات، ورواها عيسى عن ابن القاسم عن
مالك، أن الشهود كانوا غيبا سنين، ثم أتوا بعد موته، فشهدوا، قال: [5/ 172]
(5/172)
ترثه، وما يدريك ما كان يدرا به عن نفسه؟
أرأيت لو كان حيا ولم يمت، أترثه؟ وقال يحيى ين عمر: لا ترثه.
من سماع عيسى، من ابن القاسم: وإذا ماتت امرأة، فقال أبوها لزوجها: قد كنت
طلقتها ثلاثا فلا ترثها. فقال الزوج وله الميراث. وكذلك لو اختلفا في موتها
في العدة أو بعدها، حلف الزوج، فإن نكل في الوجهين حلف الأب وصدق. وعن
امرأة قالت في مرضها: قد كنت تركت صداقي لزوجي. ثم ماتت فقال الزوج: صدقت،
وقد كنت طلقتها قبل تركها ذلك لي أو بعد، في يمين أو في غير يمين، وأكذبه
الورثة، قال: فالصداق عليه ولا ميراث له، ولو ثبت الطلاق لم يقبل قولها في
وضع الصداق أنها وضعته في الصحة.
قال مالك فيمن قال: كنت تصدقت على فلان في الصحة. أو كنت أعتقت في الصحة
فلانا عبدي. إلا أن يقول: فانفذوه. فينفذ الآن من ثلثه، ولو صحت لزمها (ما)
قالت، ولا تدخل الوصايا إذا ماتت فيما أقرت بوضعه في صحتها، فأبطلناه. وعن
امرأة/ أوصت لزوجها بثلث مالها وهو غائب، فقيل لها: لا وصية لوارث. فقالت:
قد كان كتب إلي بطلاقي وكتمت ذلك، ثم قدم فصدقها، ولم يصدقها ورثتها، قال:
يكون له الأقل من الثلث أو الربع، والفرق بينهما أن هذه أراد الثلث،
والأولى لم ترد ثلثا.
من كتاب ابن سحنون، قال: ورواه عيسى، عن ابن القاسم، فيمن قال لامرأته: كل
امرأة أتزوجها عليك طالق البتة. فتزوج عليه سرا ولم تعلم ثم مات، أترثه
التي تزوج عليها؟ قال: نعم، ترثه؛ علم الشهود أو لم يعلموا، قال سحنون:
لأنها طلقت حين تزوجها.
قال ابن عبدوس في المرأة تقول: طلقني زوجي في مرضه. وقال ورثته: بل في
صحته. فإن علم أن زوجها قد مرض، فالقول قولها، كالقائل: طلقت امرأتي [5/
173]
(5/173)
وأنا مجنون أو صبي. فهو مصدق إن علم منه
جنون. وكذلك الأمة تحت الحر، يموت سيدها، فتقول الأمة: أعتقت وأنا تحته،
وهو حي. ويقول: الورثة: أعتقتك بعد موت الزوج. فالقول قول الورثة، وأصلهما
واحد، إلا ما كانت في بيع الموارثة، فهي مدعية لزوال ذلك؛ والزوجة كانت في
إيجاب الموارثة في المرض، فالورثة مدعون. ومسألة المبتوتة تقول: تزوجت
زوجا، وبنى بي، ثم طلقني، هل تحل بذلك للأول في كتاب الإقرار.
في القضاء في الطلاق وشهادة الأنداد فيه
واختلاف البينات فيه والتداعي في غير شيء فيه
من كتاب ابن المواز، قال مالك: وإذا شهد شاهد أنه طلق/، وشهد آخر أنه طلق
في وقت آخر، فقضي بذلك، ووجب الطلاق، والعدة من الوقت الثاني لا يوم الحكم؛
وليس اختلافهم في وقت القول اختلافا، بخلاف الأفعال.
ولو شهد رجلان أنه حلف: لا ركب سفينة ولا حمارا. وشهد أحدهما: أنه ركب
سفينة، وشهد الآخر أنه ركب حمارا، لم يلزمه غير اليمين أنه ما ركب سفينة
ولا حمارا؛ وكذلك لو كان غيرهما، حتى يجتمع شاهدان أنهما رأياه ركب هذه
وهذا، أو أحد الركوبين.
قال عبدالملك: عن مالك: ولو شهد واحد بطلقتين، وآخر بالبتة؛ قال ابن سحنون،
عن أبيه: دكان في مجلس واحد، وإلا حلف، وكانت طلقتين. ابن المواز: ولو شهد
شاهد طلقة، ثم شاهد البتة، ونكل الزوج، فروى عبدالملك، عن مالك: تلزمه
البتة؛ ثم قال: يسجن وبه أخذ ابن القاسم؛ فإن طال سجنه سنة، خلي وترك. وقال
أشهب بقول مالك الأول.
وقال ابن حبيب: روى مطرف عن مالك أنه قال: إن شهد أحدهما بواحدة، وآخر
بالبتة، حلف مع كل واحد منهما، أن ما شهد به باطل، لا شيء [5/ 174]
(5/174)
عليه، بخلاف الثلاث؛ لأن البتة لا تتبعض.
وكذلك المملكين طلاق امرأة؛ إن طلق أحدهما واحدة، وآخر ثلاثا، لزمته واحدة؛
وإن طلق واحدة بتة، وآخر بواحدة، لم يلزم شيء، وفرق مالك بين الحكمين؛ يطلق
هذا بالبتة، وهذا بواحدة، أنه تلزمه واحدة. وقال المغيرة: في ذلك كله:
البتة، والثلاث سواء، ويلزمه ما اجتمعا عليه. وقال ابن الماجشون: وقال أصبغ
بقول مطرف. ورواه عن ابن القاسم. وقال مطرف، وابن الماجشون: إن شهد/ واحد
بالبتة، وآخر بالثلاث، مضت الشهادة. وقاله أصبغ.
وقال ابن سحنون قال عبدالملك وسحنون: ولو شهد بطلقة، وقال الآخر: طلقة
بائنة. فهي واحدة، وله الرجعة ويحلف. وكذلك إن قال واحد: إنه قال: أنت طالق
بائنة. وقال الآخر: أنت الطلاق. قال: وإن شهد واحد أنه قال: أنت بائنة.
وشهد الآخر أنه قال: أنت الطلاق واحدة. فيلزمه واحدة في المدخول بها،
ويحلف. وكذلك إن شهد واحد باثنتين، وأخر ببائنة، أو مبتوتة، لزمه اثنتان،
ويحلف، واسلك بالبرية والخلية مثل ذلك، إن شهد بها واحدة، وشهد آخر بواحدة،
قال سحنون: هذا قول جميع أصحابنا، إلا المغيرة، فإنه قال في شاهد بالبتة،
وآخر بواحدة: إن ذلك كله يبطل، وكذلك في خلية وبرية. وإنما يرى أن يلزمه
الأقل في شاهد بواحدة، وآخر بالثلاث.
ومن كتاب ابن المواز، في شاهد بطلقة، وآخر بطلقة بائنة، أنه يحلف ويملك
الرجعة. قال ابن شهاب، وأبو الزناد، في شاهد بواحدة، وآخر باثنتين، وآخر
بثلاث، فقضي باثنتين، ولو شهدا أنه طلق واحدة من نسائه، نسياها، لم تجز
الشهادة، ويحلف، ولو كان في العتق لبطلت الشهادة في الصحة وبعد الموت؛ وإن
شهد شاهدان أنه قال: أحد عبدي حر. فيفترق الصحة والموت؛ فابن القاسم يقول:
هو مخير في الصحة، وأما في الموت فليعتق نصف قيمتها بالسهم. وقال أصبغ:
يختار الورثة. [5/ 175]
(5/175)
وفي رواية عيسى في العتبية يعتق أحدهما
بالسهم لا نصف قيمتها. قال ابن المواز قال ابن القاسم: / وإن شهد شاهدان
بطلقة، وآخران بطلقة، في مجالس شتى، والزوج يقول: هي واحدة. فإنه تلزمه
ثلاث، وقاسه بالسلف. قال أصبغ: يعني شهد عليه كل اثنين منهم بمائة في مجالس
شتى: أنه يغرم ثلاثمائة. قال أصبغ: وأروى أنه أدينه في الطلاق فألزمه طلقة،
إلا أن يجدد عند كل شاهدين الطلاق، فيقول: اشهدوا أنها طالق لفظا. وتلزمه
الثلاث، ولا تقبل دعواه، وإن قال: اشهدوا أني قد طلقتها. دين، وترك، وأما
الحق، فإن كان في كل إشهاد كتاب على حدة، فهي أموال مختلفة، وإن كان كتاب
واحد فهو مال واحد، وإن كان لفظا بغير كتاب، فهي مائة واحدة، ويحلف، وذلك
إذا تقارب التاريخ، مثل أن شهد ها هنا، ثم يقوم فيشهد موضعا آخر، وكذلك بعض
الناس.
ومن كتاب ابن سحنون: وإن شهد شاهد أنه طلقها، وشاهد أنه صالحها على مال،
قال: لا يلزمه شيء، ويحلف على شهادة الشاهدين. وإن شهد واحد أنه طلقها
البتة، وشهد آخر أنه طلقها بائنة ولم يبن بها، قال: قد بانت منه، ولا يمين
عليه، إلا أن يريد أن يتزوجها قبل زوج فيحلف أن شاهده بالبتة ناكل؛ وأنه
أراد بقوله: بائنة، واحدة. وفي كتاب الإقرار ذكر المبتوتة تقول: تزوجت
غيرك، وطلقني هل تحل للأول؟ أو يطلق امرأة سماها، ويقول: هي امرأة لي
غائبة، أو يشهد عليه بطلاق زوجته طلقة، فيقول: كان ذلك في العصمة الأولى.
وقد كان طلقها أولا ثلاثا، وتزوجها بعد زوج، ونحو هذا.
باب جامع لمسائل مختلفة في الأيمان/ بالطلاق، وقد تكرر أكثرها في كتاب
عبارة الشروط وغيره
من كتاب ابن سحنون فيمن حلف بالطلاق ثلاثا لأقضينك حقك إلى كذا؛ ثم حلف عند
الأجل بالثلاث أن لا يقضيه، أنها تطلق عليه بالثلاث [5/ 176]
(5/176)
بيمينه الثاني ساعة حلف بها، وكانت يمينه
الثانية بواحدة، وقع عليه أقل الطلاقين، وهو واحدة؛ وقد حلف بها؛ فإن حل
الأجل وقد انقضت عدتها، فلا شيء عليه، وإن كانت في العدة، فإن قضاه قبل
حله، لم يلزم غير الواحدة، وإن لم يقض حتى جاء الأجل ولم تنقض العدة طلقت
بقية الطلاق، ولو كانت اليمين الأولى بواحدة والثانية بالثلاث، طلقت الساعة
بأدنى الطلاقين، وهي واحدة عجلت عليه، فإن جاء الأجل ولم يقض، لم يلزمه
شيء؛ لأنه حنث بذلك اليمين، قال سحنون: وإن حلف: إن لم أحج بك فأنت طالق.
ثم قال: إن حججت بك فأنت طالق، فإن رفعته، ضرب له أجل الإيلاء، فإن مضى
الأجل طلقت عليه، وإن لم ترافعه لم يطلق عليه. قيل: فله أن يكرهها على أن
يحج بها. فوقف عن إكراهها. وبلغني عنه أنه قال: له أن يجبرها على أن يحجها
ليبر.
ولو قال: أنت طالق إن لم أحج بك هذه السنة. ثم قال: أنت طالق، ثلاثا إن
حججت بل هذه السنة. إن خالعها، ثم تركها حتى تجوز السنة؛ ثم تزوجها، لم
يحنث في يمينه. قيل لسحنون: فمن قال لغريمه: إن لم تدفع حقي فامرأته طالق،
لاستعدي عليك السلطان. وقال نويت أبا جعفر البغدادي. قال له: عليك بذلك
بينة؟ قال: نعم. قال: أخاف أن يشهدوا عليك لقولك: السلطان. ولكن فاستعد
عليه السلطان لمكان/ البينة، استعد من عند أبي جعفر، لأنك نويته، وكتب له
في جوابه إلى البغدادي أن يكتب له عدوا على الرجل، فأما أن يقضيه أو يرفع
إليك ثم قد خرج من يمينه إن رفع إليك أو لم يرفع.
قال سحنون، فيمن حلف ألا يسأل فلانا حاجة أبدا، ثم ساله بعد أيام أن يجيبه
إلى طغام، قال: إن كان سبب يمينه أنه سأله سلفا أو عارية، فأبى، فلا يحنث
بهذا. قيل لسحنون: إن حلف بالطلاق أن لا يستعير من فلان شيئا ثم سأله في أن
يعيره شيئا، فقال له: قد أعرتك ذلك. فأخذه منه أو لم يأخذه، وكيف إن لم
ينعم له بشيئ وقد سأله؟ قال: هذا يستدل عليه بما كان عليه بساط كلامهما؛
فإن كان سأله مرة فمنعه فحلف لحنث سؤاله إياه، أعطاه أو منعه، وإن كان
أعطاه مرة، ثم من عليه، أو اغنم بكثرة عارية منه، فهذا لا يحنث [5/ 177]
(5/177)
حتى تصل إليه العارية، وإن كانت يمينه
مسجلة، فيأخذ العارية، يحنث. والله أعلم.
ومن العتبية روى يحيى بن يحيى فيمن حلف فقال: أنت طالق، لئن سألتني الطلاق
لأطلقنك. فسألته، وقال: أمرك بيدك فقضت بالطلاق أو تركته أنه ذلك لا يجزئه
من يمينه. وقال سحنون: إن طلقت نفسها، بر، وإن لم تطلق نفسها، حنث. وعمن
تعلق برجل ليبيت عنده، فحلف بالطلاق إن بات إلا في بيته، فحال بينه وبين
ذلك شيء، أو وال جائر، قال: إن لم يكن استثنى ذلك ولا نوى، فهو حانث. وروى
ابن القاسم، عن مالك، قال: ينهي الناس السلطان عن الحلف بالطلاق، فإن لم
ينتهوا، فليضربهم.
تم كتاب طلاق السنة من كتاب النوارد بحمد الله وعونه
يتلوه في الجزء السابع إن شاء الله
كتاب الشروط والتمليك في النكاح [5/ 178]
(5/178)
|