النوادر والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم

كتاب اللعان
ذكر ما يوجب اللعان وكيفية اللعان
وأين يكون ولعان المريض والحائض
من كتاب ابن المواز: قال مالك وأصحابه، وإنما يجب اللعان بوجهين، أن يقول رأيتها تزني كالمرود في المكحلة، أو ينتفي من حمل يظهر بها، وليس له أيضا نفي الحمل حتى يقول استبرأتها بحيضة فأكثر، أو يقول لم أطأها، وإنما له إنكار الحمل حين علم به أو علم بالولادة، فأما لو علم به ثم أقام يوما أو يومين لا ينكر فلا إنكار له.
وفي العتبية من رواية أشهب عن مالك مثل ما تقدم. وقال عنه: ويكشف في قوله رأيتها تزني مثل ما يكشف الشهود. وفي المدونة ذكر الاختلاف في اللعان في القذف.
ومن كتاب محمد ومن العتبية رواية أصبغ عن ابن القاسم قال: ويبدأ الرجل باللعان فإذا تم الخامسة حق عليها العذاب إلا أن تدرأه باللعان، وتقع / الفرقة بلعان ولكن لا تتم إلا بتمام لعانها، ويدرأ بذلك عنها العذاب، وهو الرجم في المدخول بها. [5/ 331]

(5/331)


قال مالك: يقول الرجل أشهد بالله، وقال أيضا أشهد بعلم الله، واستحب ابن القاسم أشهد بالله.
قال ابن القاسم: ويقول في الرؤية أشهد بالله إني لمن الصادقين لرأيتها تزني، يقول في كل مرة.
قال أصبغ: ويقول كالمرواد في المكحلة، ثم يقول لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ثم تقول: هي: أشهد بالله إنه لمن الكاذبين ما رآنى أزني أربع مرات ثم تخمس بالغضب.
قال ابن القاسم: ويقول في نفي الحمل أشهد بالله إني لمن الصادقين ما هذا الحمل مني، قال أصبغ وأحب إلي أن يزيد في كل مرة لزنت. قال أين القاسم: وتقول هي: اشهد بالله إنه لمن الكاذبين، وما زنيت، قال أصبغ: وأحب إلي [أن تزيد] في كل مرة، وإنه لمنه ثم تخمس بالغضب، قال أصبغ: وإن قال هو في الخامسة في مكان إن كنت من الكاذبين، وإن كنت كذبتها أجزأه.
ولو قالت المرأة في الخامسة في مكان إن كان من الصادقين، إنه لمن الكاذبين أجزأها، وكذلك لو استحلفها الإمام بذلك، وأحب إلينا مثل لفظ القرآن.
ومن كتاب محمد قال ابن وهب: يقول هو في الأربع أشهد بالله إني لمن الصادقين، وفي الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، وتقول هي: أشهد بالله إنه لمن الكاذبين والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين.
قال: ويكون اللعان دبر الصلوات، قال مالك / وفي أي ساعة شاء من النهار، وبإثر صلاة مكتوبة أحب إلي، وقد كانت ذلك عندنا بعد العصر ولم يكن سنة.
قال عبد الملك: لا يكون إلا في مقطع الحقوق بإثر صلاة، وقيل إن كان مريضا بعث إليه الإمام عدولا، وكذلك المرأة المريضة إن لم تقدر أن تخرج، وكذلك في العتبية عن أصبغ عن ابن القاسم. [5/ 332]

(5/332)


وذكر مثله ابن حبيب عن أصبغ وزاد: وإن كان الزوج هو المريض ورثته إن مات من مرضه، واللعان في المرض كالطلاق يتهم فيه قاله مالك وأصحابه وإن كانت حائضاً لاعن هو إن شاء تعجيل ذلك مخافة أن ينزل به ما يدفعه عن اللعان فيلزمه الولد، وتؤخر هي حتى تطهر لأنه من الطلاق.

في اللعان بالرؤية، وفي نفي الحمل بذلك
وحكم اللعان في نفي الحمل وذكر الاستبراء
ومن قال كنت أعزل أو لا أنزل
من العتبية قال أشهب: سئل مالك عن الذي يقول زنت امرأتي، فيقال له: أرأيت ذلك؟ فيأبى أن يقول نعم، ويمضي على اللعان. قال: لا يجب اللعان حتى يقول رأيت، ويوقف كما يوقف الشهود، أو يقول في نفي الحمل استبرأت، قال عنه ابن القاسم إذا قال رأيت مع امرأتي رجلا يزني بها لاعن ولم يسأل هل وطئها الزوج؟ ولا يضره إن أقر بذلك، إلا أن يقر أنه وطئها بعد أن رآها تزني فقد أكذب نفسه، ويلحق به الولد.
ومن كتاب ابن المواز: ابن القاسم عن مالك: وإذا وطئها ولم يستبرئ حتى رآها فليلتعن وينفي ذلك / الولد إلا أن يطأها بعد الرؤية فلا يلاعن ويحد، قال مالك: وإذا لاعن كما ذكرنا نفي بذلك الولد، وإن قال لا أدري هل هو مني أم لا لأني كنت أطأ ولم أستبرئ، فالولد إذا لاعن منفي، واختلف في هذا قول مالك، واختلف فيه أصحابه، فقال ابن القاسم وابن وهب: إنه ينفى باللعان بكل حال.
وروى ابن القاسم عن مالك إنه منفي باللعان، وإن كانت بينة الحمل وهذا إغراق والذي أخذ به ابن القاسم من الرواية: إنه إن كان ظاهرا بينا فلا ينفى بلعانه، وكذلك إن وضعته لأقل من ستة أشهر من يوم أنزل فهو به لاحق، وقال [5/ 333]

(5/333)


عبد الملك وابن عبد الحكم وأشهب: إذا لا عن برؤية ثم ظهر حمل فهو به لاحق، ولا ينفيه إلا بلعان يدعي فيه استبراء.
قال محمد: ولو ادعى مع الرؤية استبراء كان منفيا لاشك فيه، ولو لاعن لرؤية ثم ظهر حمل كان قبل لعانه، أو وضعته لأقل من ستة أشهر، فقال الآن: لم أطأها منذ ستة ونفي الولد.
قال أشهب: ينفي بذلك اللعان إذا ادعى الآن الاستبراء، وقال عبد الملك وأصبغ: بل ينفيه بلعان ثان.
قال محمد: ولو رآها تزني وهي ظاهرة الحمل، وقال: قد استبرأت، فإذا لاعن سقط الولد، وإن وضعته لأقل من ستة أشهر من الرؤية، فإن أكذب نفسه بعد ذلك في الاستبراء وأقر بالولد لم يحد لأنه قد نفى لعان الرؤية.
قال: ويلاعن الحامل إذا ظهر الحمل ولا يتراجعان إن انفش، ولا يحد الزوج وترد به الأمة في البيع، وإن انفش لم ترد إلى المشتري قال: وما وقف عن / لعانها في الحمل إلا عبد الملك، وإنه قال: حتى تضع في النفي خاصة، ولا يقع القذف عنده فيها حتى تضع، إذ لعله لا حمل بها.
قال محمد: وهذا الاستبراء الذي يقبل فيه قول الزوج في نفي الحمل حيضة في قول مالك المعروف إلا عبد الملك فقال ثلاث حيض ويرويه عن مالك.
ومن أنكر حمل امرأة بالعزل لم ينفعه، والولد به لاحق، وكذلك كل من وطئ في موضع يمكن وصول المني منه إلى الفرج. وكذلك في الدبر لأنه قد يخرج منه الماء إلى الفرج، وإذا قال: وطئت أمتي وأنزلت ولم أبل حتى وطئت امرأتي فكسلت لحق به، ولد الحرة، ولا لعان فيه لما يتقي أن يكون قد بقي فضل ماء في إحليله. [5/ 334]

(5/334)


في تصادق الزوجين على نفي الولد
بعد البناء أو قبل،
أو أقرت بالزنا ولم ينفه
واللعان في المغتصبة
وذكر اللعان قبل البناء
من كتاب ابن المواز: ومن أنكر حمل امرأته وادعى أنه رآها تزني فصدقته، فقول مالك قديما أنه لا ينفي إلا بلعان وبه أخذ المغيرة وابن دينار وعبد الملك وابن عبد الحكم.
وروى عند ابن القاسم، وكذلك أن قالت: زنيت، ولكن الولد منك: إنه ينفي الولد بلا لعان، وكذلك وروى عنه أصبغ في العتبية قال في كتاب محمد: إن ثبتت على قولها حتى تحد، ثم لا يقبل منها إن رجعت، ولو رجعت قبل أن تحد عاد اللعان بينهما، فإن نكل الزوج لحق به ولا يحد/، لأنها مقرة، قال وليس للزوج نفي ولد المغتصبة إلا أن يدعى استبراء فيلتعن وحده وينفي الولد ويبرأ منه، ولا تلتعن هي لأن الولد قد يكون من الغصب، ولو قال: رايتها تزني زني غير الغصب كان له أن يلاعن وينفي الولد إن ادعى استبراء، ثم تلتعن الزوجة، فإن لم تلتعن هي رجمت، وإن نكل هو حد.
ولا يسقط الحد عن المغتصبة بتقاررها مع الزوج بالغصب وان بان الحمل، إلا أن يعرف الغصب بأن تراها بينة حتى احتملها فغاب عليها فيدعي أنه غصبها، أو تأتي مستغيثة تدمى، ونحو هذا.
وروى ابن عبد الحكم فيمن أنكر حمل امرأته وقال غصبت، وصدقته في الغصب، فإنه يلاعن وتلاعن هي، وتقول: ما زنيت، ولقد غلبت على نفسي، وقال ابن القاسم في لعان المغتصبة، تقول: أشهد بالله إني لمن الصادقي، ما زنيت ولا أطعت وتقول: في الخامسة: غضب الله علي إن كنت من الكاذبين. [5/ 335]

(5/335)


قال ابن القاسم في الحامل تقول: استكرهت فلا ينفى الولد إلا بلعان الزوج، قال مالك: وإذا تصادق الزوجان قبل البناء على نفي المسيس، وظهر بها حمل فإنها تحد وينفى الولد، وإذا تقاررا بعد الخلوة على نفي المسيس ثم ظهر حمل فقالت: هو منه فإنه يلاعن، فإن نكل لحق به، وله الرجعة إن طلق، ويتم لها الصداق، وإن أقر به وتمادت هي على أنه من زني فهي تحد، والولد لاحق، ثم إن رجع هو فأنكره لم ينفعه ولم تحد.
وإذا أنكر حملها قبل البناء ثم مات فهو به لاحق، وقاله/ أشهب، قال: ولها جميع الصداق، ولا لعان عليها ولها الميراث، قال ابن القاسم: وإذا لم بين بها فأتت بولد لستة أشهر فادعاه ونفي المسيس فالولد به لاحق، ويحد، وكأنه قال: حملت من غيري ثم أكذب نفسه باستلحاقه.
وقال ابن القاسم: ولو طلق قبل البناء وتقاررا أنه لم يمس ثم مات وظهر حمل فقالت هو منه، فإنه لاحق به، ووارث له ولا ترثه هي ولا يتم لها صداقها، ولا حد عليها، ولو ظهر في حياته فاستلحقه لحق به ولم يحد، ويصير لها الصداق، وله الرجعة، وان تمادى على انكاره لاعن وزال عنه، وان نكل لحق به، وإن لاعن سقط عنه ولا رجعة له، ولا يزاد على نصف الصداق، وإن قبضت جمعيه ردت نصفه، قال محمد: وتحد هي أن لم تلاعن.
قال محمد: أما قوله لا ترثه ولم يتم لها الصداق، فالصواب، أن يتم لها للحوق الولد وإن كان الطلاق واحدة ومات قبل انقضاء العدة ورثته.
قال ابن القاسم: وان نفى حملا قبل البناء لاعن، ولا حد وإن نكلت هي بعد لعانه أو صدقته حدت مائة جلدة إن كانت بكرا.
قال عنه عيسى في العتبية وتبقى له زوجه ويبرأ من الحمل ولا يمسها حق تضع، وقال في كتاب ابن المواز: ولا تحل له أبدا، ولها نصف الصداق إلا أن يظهر حملها في أيام قريبة من العقد بها لا يشك أن الحمل قبل العقد، فلا صداق [5/ 336]

(5/336)


لها ولا لعان فيه، قال محمد: لا تحرم عليه لأن اللعان كان لغير زوجه، وقاله عبد الملك، وإذا وضعت لأقل من / ستة أشهر من النكاح فلا لعان فيه، وهو زني ولا صداق لها.
قال ابن القاسم وابن وهب: وإن قال الزوج عقدت منذ خمسة أشهر وقالت هي منذ أكثر من ستة أشهر وجاء حمل فلابد من اللعان، وكذلك روى أبو زيد عن ابن القاسم في العتبية يريد: ولم يطأ.

في اللعان بعد الطلاق
وفي الحمل يظهر بعد طلاق أو وفاة
من كتاب ابن المواز: قال: ولا لعان بعد طلاق بائن إلا في نفي حمل.
ولو قال في العدة من طلاق بائن رأيتها تزني فأراد أن ينفي ما يتقى من حمل، فهذا يلاعن، وإن لم يدع فيه استبراء، فإما إن لم يذكر رؤية ونفى الحمل، فإن إدعى الاستبراء هاهنا لاعن، ثم تلتعن هي أيضا، فإن تكلت رجمت.
قال ابن سحنون عن أبيه في الذي طلق امرأته البتة، ثم قال في العدة: رأيتها تزني فقال ابن القاسم، وروى مثله ابن وهب: إنه يلتعن، فإن مات يريد بعد لعانه قيل لها إلتعني، قال ابن القاسم: وعدتها ثلاث حيض، ولا تنقل؛ وقال المغيرة: لا يحد ولا يلاعن، وسحنون يميل إلى هذا.
قال ابن المواز: وإذا قذفها في العدة حد، ولم يلاعن.
قال سحنون في حر تحته أمة فابتاعها ثم ظهر بها حمل فتنكره، أيلاعن؟ قال: إن وضعت لأقل من ستة أشهر من يوم الشراء وقد أصابها بعد الشراء، فاللعان بينهما، لأنه زوج، وإن وضعته لستة أشهر من بعد الشراء والوطء لحق به لأنه إنما يشبه أن يكون من وطئه، إذا كان زوجا وذلك لخمس سنين فأدني، فاللعان/ بينهما والله أعلم. [5/ 337]

(5/337)


ومن كتاب أبي الفرج: وإن قال زوج امرأة رأيتها تزني قبل نكاحي، حد ولم يلاعن، وإذا أقر بحملها وقال رأيتها تزني قبل طلاقي فهو قاذف يحد وإن كان طلاق فيه الرجعة لاعن، وإن ثبت أنه قذفها قبل الطلاق ثم قامت بذلك وقد بانت منه فله أن يلاعن وينفي ولدا إن ظهر، وكذلك إن كانت تحت زوج فليلاعن لأنه قذفها في موضع كان فيه اللعان.
وأما الذي يدعي أنه كان رآها تزني قبل الطلاق البائن فهذا يحد إلا أن يظهر بها حمل قبل أن يحد فتنفيه ويدعي الاستبراء فيلاعن وينفيه ولا يحد.
قال مالك: وإن قذفها في العدة وهي حامل يقر بحملها، فإنه يحد، ولو نفاها لاعن ولم يحد.
قال محمد: أحب إلي أن ينظر، فإن تبين أن لا حمل بها حد لها وإن ظهر بها حما لاعن لأنه ممن لا لعان في الرؤية ومن خير امرأته ثم قال في المجلس: رأيتها البارحة تزني فإنه يلاعن، وإن اختارت هي نفسها قبل اللعان فلابد من اللعان. وأما إن حلف بطلاقها أن لا يفعل شيئا ثم فعله ثم قال رأيتها تزني قبل ذلك فهذا يحد ولا يلاعن. وإن قال: أنت طالق إذا قدم أبي فقدم، ثم قال رأيتها تزني قبل ذلك فهذا يلاعن فيما قرب لأنه لم يكن يعلم وقت نزوله ويخاف لحوق الولد.
وإن ملكها نفسها متى شاءت فجاءته يوما فقالت طلقت نفسي البتة فأجابها: كنت رأيتك تزني البارحة فله أن يلاعن، وكذلك إن قال: إذا تزوجت عليك فأمرك بيدك فتزوج عليها فاختارت نفسها فقال قد كنت رأيتها تزني فليلاعن.
قال مالك: ومن طلق امرأته فادعت حملا فقال اعترضت عنها ولا أعلم كان مني إليها شيئا، فإن كانت لهم بينة فالولد ولده ولا لعان له ولا حد عليه، لأنه لم ينف الولد، إنما قال لا أعلم أني وطئتها، وقد تحمل ولا يبلغ ذلك منها وإن لم [5/ 338]

(5/338)


تكن لهم بينة لاعن وفي العتبية نحوه من رواية أشهب، ومن لاعن ثم قامت بينة أنه أقر وطئ بعد الرؤية فإنه يحد.
قال: وما ظهر من حمل بعد العدة من وفاة أو طلاق إلى ما تلد له النساء، قال ابن القاسم: خمس سنين من يوم الطلاق أو وفاة فهو لاحق خرج الولد صغيرا أو كبيرا، إلا أن يلاعن المطلق، وكذلك لو حاضت ثلاث حيض، وقد تحيض على الحمل.
قال ابن القاسم: ولو كنت أعلم أنها حائض حيضة مستقيمة ويوقن بذلك وتعرفه النساء يقينا لرأيتهما زانيين، وسقط نسب الولد عن الميت والحي، ولكن هذا لا يحاط بمعرفته قال أصبغ: ليس هذا بقول، ولو عرف ذلك لم يوجب ذلك زني ولا حد وهو شبهة، والولد لاحق إلا أن يلاعن المطلق، ومن العتبية قال يحيى عن ابن القاسم: وإذا طلقها ثلاثا ثم ادعى أنه رآها تزني في العدة فليلاعن، وإن ادعى ذلك بعد العدة حد ولم يلاعن، ولو ظهر بها حمل في العدة لما يحمل له النساء لحق به إلا أن يلاعن.
في تمام اللعان وموت أحدهما
قبل تمامه أو رجوعه/ أو نكوله،
وكيف إن التعنت هي قبله
أو عفت الزوجة عن الزوج على أن لا يلاعن؟
أو زكاها بعد أن رماها
من كتاب ابن المواز: قال مالك: وإذا مات الزوج قبل تمام لعانه فلا لعان عليها ولا عذاب، وإن تم لعانه ثم مات ولم تلتعن هي ثم ماتت ورثته، وإن لم تمت هي قيل لها: وإلتعني، فإن التعنت فلا ميراث لها ولا عدة عليها للوفاة، وإن نكلت ورثته ورجمت. وروى البرقي عن أشهب أنها ترثه وإن التعنت لأنها الآن ماتت، [5/ 339]

(5/339)


قال ابن المواز قال ابن القاسم: وإذا إلتعنت قبله ثم ماتت هي فذلك مما لم يكن ينبغي، وأما إذا كان فإنه يقال للزوج: إلتعن ولا ميراث لك ولا حد عليك، وإن نكل ورثها وعليه الحد.
قال ابن القاسم: ولو لم تمت لم أعد اللعان عليها، وقال أشهب: بل تعيد اللعان بعد لعان الزوج، وكذلك في الحقوق إذا بدأ الطالب باليمين.
قال مالك: وإذا أكذب الزوج نفسه وقد بقي شيء من لعانها حد وبقيت امرأته.
قال ابن وهب قال مالك: وإن ماتت بعد تمام لعانه وقبل لعانها ورثها إذ لعلها كانت تصدقه، وروى ابن وهب عن ربيعة إذا التعن هو ثم ماتت هي قبل تلتعن، إنه يرثها، ولو مات هو لم ترثه.
قال مالك إلا أن لا تلتعن بعده فترثه، وذكر ابن حبيب عن مطرف عن مالك: وإذا إلتعن ثم مات قبل لعانها مثل ما ذكر ابن المواز وغيره، وقال: وقال ربيعة: يريد التعنت أو لم تلتعن، قال: وبهذا نأخذ. ألا تراه لو رجع قبل لعانها بقيت له زوجة وحد؟ أولا تري لو ماتت قبل لعانه لورثها عند مالك؟ /، ومن رمي زوجته بعد موتها لم يلتعن وهو قاذف، وإنما يلتعن من نفي حمل.
ومن كتاب ابن سحنون: وإذا وجب عليه اللعان فماتت قبل لعان الزوج قال سحنون: لا لعان عليه، قاله مالك، قال ابن سحنون في المطلقة قبل البناء تأتي بولد بعد موت الزوج فتقول هو منه أنه يلحق به ويرث أباه ولا ترث هي الزوج وليس لها غير نصف الصداق، وقال ابن القاسم وأشهب، ولو تقاررا بعد البناء أنه لم يمس ثم مات فظهر بها حمل، وإلا لو ظهر قبل موته لحق وأكمل لها الصداق، وله الرجعة، ولو نفاه لاعن ولو قالت ليس هو منه وقد زنيت به، وقال هو: الولد ولدي فإنها تحد والولد به لاحق.
قال محمد: فإن أنكره بعد استلحاقه لم يحد، لأنه رمي مقرة بالزني وقد كتبت هاتين المسألتين في باب الرجعة، وذكرنا عن أشهب إذا بنى بها وتقاررا [5/ 340]

(5/340)


بنفي المسيس ثم ظهر حمل بعد طلاق أن لها تمام الصداق وله الرجعة ويتوارثان بذلك.
ومن العتبية قال سحنون وإذا لاعن الزوج من نفي حمل ونكلت هي ووخر رجمها حتى تضع، ثم أكذب الزوج نفسه قبل أن تضع وبعد أن نكلت قال، لعانه قطع لعصمته ولا ميراث بينهما، وترجم إذا وضعت، وأنكر أبو محمد هذه المسألة.
ومن كتاب ابن المواز: قال ابن القاسم: وإذا بقي من لعان الزوج أقله، فقال المرأة قد عفوت عنك فلا تلتعن، فترك فلا حد عليه، ويلحق به الولد، ولو لم يعف ولكن أقرت ثم رجعت واعتذرت بما يعتذر به، لم تحد هي ولا يحد لها الزوج / والولد لاحق به إلا أن يجب أن يلاعن ينفيه، كما له ذلك في النصرانية والأمة، إلا أن هذا إذا التعن فلتلتعن هي وإلا رجمت، وإذا أشهدت امرأة يعدلها زوجها، ثم قال، رأيتها تزني قبل أن تشهد فِإنه يحد، لأنه أكذب نفسه بتعديلها، وكذلك لو عدلها بعد أن رماها، ولو رماها أجنبي فوكلت الزوج على طلب الحد ثم قال رأيتها تزني قبل ذلك فلا لعان له أيضا ويحد، وفي باب لعان الغائب من معاني هذا الباب.
في لعان الغائب إذا قدم
وكيف إن وأقرت هي في الولد أنه من زنا؟
أو قدم وقد ماتت فنفاه
من العتبية من سماع ابن القاسم: وإذا قدم الغائب وقد ماتت زوجته وتركت ولدا كان بعده فأنكره فإنه يلتعن وينفيه ويرث زوجته هذه، وكذلك ذاكر ابن حبيب عن ابن الماجشون وقال في سؤاله وادعى الاستبراء وزاد قال ولو قال [5/ 341]

(5/341)


إذا جاء: كنت رأيتها تزني وأراد أن يلتعن، فليس ذلك له ويحد، وهو كمن رمي امرأة طلقها، وكذلك في كتاب ابن المواز.
ومن العتبية قال عيسي عن ابن القاسم: وإذا غاب عشر سنين أو أكثر ثم قدم فوجدها قد ولدت أولاداً فأنكرهم، وقالت هي: منه، كان يأتيني سراً لم ينفهم إلا بلعان، ومن قذف ولده قبل قدومه فقال له رجل ليس أبوك فلانا، أو يا ابن الزانية أو يا ابن زنية فإنه يحد، وكما لو قذف قاذف/ بعد أن قدم أبوه ولا عن أمه بنفيه، ولو مات قبل قدوم الأب لحق به وورثه وحد قاذفه.
إذا ولدت امرأة الغائب ولدا وقالت هو من غير زوجي، ثم مات الزوج قبل قدومه فإنها ترجم، ويلحق به الولد، ويرث أباه، وكذلك في كتاب ابن المواز عن ابن القاسم.
ومن كتاب ابن سحنون قال أشهب في الغائب إذا قدم فوجد ولدا فقال ليس هذا ابني ولا ابنك: إنه يحلف ما أراد قذفا ولا شيء عليه، إلا أن يريد لعانا فيمكن من ذلك، وأما إن كان حاضرا مقرا بالولد ثم قال هذا، فليحد ولم يعجب سحنون جواب أشهب هذا.

فيمن لاعن زوجته ثم قذفها
أو أكذب نفسه أو استلحق الولد
ومن قذف الزوجة قبل اللعان
ومن رمى زوجتيه فقامت به إحداهما وأكذب نفسه
وفي طلب اللعان بعد إنكاره القذف
من كتاب ابن المواز: ومن لاعن زوجته ثم قال والله ما كذبت عليها، أو قذفها، قال محمد: يحد لأنه إنما لاعن لقذفه إياها وما سمعت فيها من أصحاب مالك شيئا. ومن قال لابن ملاعنة يا بن زانية، حد. [5/ 342]

(5/342)


قال ابن شهاب: من لاعن امرأته، ثم قال لها يا زانية أنه يحد لأنها ليست بزوجة له، قال محمد من لاعن ثم أقر بالولد لحق به فإن لاعن عن رؤية لم يحد، وكذلك على الرؤية وإنكار الولد، وإن كانت على إنكار الولد وحده فإنه يحد ويلحق به الولد إن كان حيا وإن كان / ميتا وترك ولدا فإن لم يترك ولداً لم يلحق به ولم يرثه وحده، قال ابن القاسم فإن لم يكن له ولد ولا مال له لم يلحق به.
قال أصبغ: إذا لم يدع ولدا لم يلحق به إن استلحقه ترك مالا أو لم يترك. وقال أشهب: وإذا ترك ولدا أو ولد ولد وإن كان نصرانيا صدق ولحق به وحد، وإن لم يدع ولداً لم يلحق به وحد، قال ابن القاسم: إذا لاعن ثم ادعى الولد بعد مدة رجعت عليه بنفقة الحمل وأجر الرضاع وبنفته بعد ذلك إن كان في تلك المدة ملياً، وكذلك روى عيسى في العتبية عن ابن القاسم.
قال محمد: قال مالك وإن كان عبد حد للحرة أربعين ولا يحد للأمة ويلحق به الولد، وإذا إستلحق الملاعن ولده بعد أن زنت الأم لحق به ولم يحد.
قال أصبغ: قال ابن القاسم ومن رمي زوجته فطالبته وانكر، فلما أقامت عليه البينة إدعى الرؤية فله اللعان بخلاف الحقوق، ويقول أردت الستر بإنكاري.
ومن قذف زوجتيه فقامت به إحداهما فأكذب نفسه فحد لها، فقامت به الثانية فلا يحد وذلك الحد الأول لكل حد مضى، ولو قال بعد أن حد قد صدقت عليك أو على صاحبتك فهذا يحد ثانية إلا أن يلاعن، وسواء فيمن قال ذلك لها منهما، قاله ابن القاسم، وقال عبد الملك: إنه يحد في الأولى ولا يلاعن، لأنه قذف ثان وقد أكذب نفسه فيها فلا يلاعن.
قال محمد: وهذا أحب إلي ولو قال للثانية إما عليك فصدقت، وإما صاحبتك فكذبت عليها، فهذا يلاعن، وإلا حد، وإما إن قال للثانية كذبت عليك/ وصدقت على صاحبتك فهذا قذف ثان فيه الحد ولا لعان فيه عند عبد [5/ 343]

(5/343)


الملك، وقال ابن القاسم يحد إلا أن يلاعن، ومن قال لزوجته رأيتك تزني، فقال لها أجني قبل اللعان قد صدق أو زناها فليحد ولا يؤخر لنكولها.
قال أشهب: وكذلك لو قال ذلك بعد لعان الزوج وقبل لعانها لعجل ضربه، فإن تأخر حتى نكلت أو ماتت فلا حد على الأجنبي.
وقال ابن القاسم في موضع آخر؛ لا أعجل عليه لأنه قد ثبت عليها بلعان الزوج حد الزنا حتى يخرج منه، قال ابن القاسم: ولو قذفها بعد لعان الزوج لوخرته حتى تلتعن هي أو تنكل فإن التعنت حد لها، وإن نكلت لم يحد، وكذلك لو قذفها أحد بعد موتها وبعد لعان الزوج وحده، وقاله عبد الملك، وقال أشهب من قذفها بعد لعان الزوج وحده عوجل بالحد، وقول ابن القاسم وعبد الملك أحب إلي، وأما لو قذفها قبل تمام لعان الزوج يحد ولم يؤخر وإن تأخر حتى التعن الزوج فلا يسقط الحد إذا التعنت.
باب في اللعان بالتعريض
وفي قذف الولد
من كتاب ابن المواز: ومن عرض لامرأته بما يحد فيه غيره، فقيل: يحد ولا لعان فيه إلا في صريح القذف، أو في تعريض يشبه القذف، فأما في قوله وجدتها مع رجل في لحاف عريانين، أو وجدتها تحته ونحوه، فلا يلاعن في هذا ويؤدب، ولو قاله لأجنبية لحد إلا في قوله رأيتها تقبل رجلا وقال ابن القاسم وأشهب / يحد الزوج في التعريض ولا يلاعن، وقال فإن رجع لها قيم عليه فقال رأيتك تزني فليلاعن وقال عبد الملك: وإذا أسلم الزوجان ثم قال لها الزوج رأيتك تزني وأنت نصرانية فإنه يحد ولا يلاعن كمن قذف امرأته ثم وطئها.
وكذلك قوله: زنيت وأنت مستكرهة، ولو وقف عنها منذ زعم أنه رآها، كان له اللعان.
ومن قال أقرت عندي امرأتي أنها زنت حد ولم يلاعن. [5/ 344]

(5/344)


قال ابن سحنون عن أبيه قال مالك: ومن قال لابن ملاعنة لست ابن فلان، الذي لاعن أمه. حد، فإن قال له أنت ابن ملاعنة: عزر، قال وإذا انتفى من حمل امرأته وقال ليس منى ثم انفش الحمل فلا حد عليه.

في اللعان في النكاح الفاسد
من كتاب ابن المواز: ومن العتبية من رواية أبي زيد عن ابن القاسم: ومن نكح ذات محرم أما أو أختاً ولم يعلم، ثم علم وقد حملت وأنكر الولد، فليتلاعنا لأنه نكاح شبهة حين لم يعلم، فإن نكلت حدت، وإن نكل هو حد للقذف ولزمه الولد.
قال في كتاب محمد: وكل نكاح يلحق فيه الولد ففيه اللعان وإن فسخ، ولو أخذا في زني ثم تناكحا فينحا اللعان يريد في نفي الحمل وإن أكذب نفسه لم يحد.
ومن حلف إن تزوج فلانه فهي طالق فتزوجها ودخل ثم ظهر بها حمل فنفاه فليلاعن، ويلاعن في الرؤية إلا أن يتأخر القول بالرؤية حتى يفسخ نكاحه فلا لعان له إلا في الحمل وحده، وكذلك كل نكاح يفسخ/ وإذا وضعت لأقل من ستة أشهر فلا لعان فيه وهو زنى، وقد تقدم في باب آخر إذا أختلفا في تاريخ النكاح أنه لابد من اللعان.

في اللعان والزوجة صغيرة
أو نصرانية أو صماء أو عمياء أو أمة
وكيف إن كان الزوج عبدا أو صغيراً
أو شيخا أو عنينا أو خصياً أو أخرس أو سفيهاً؟
من العتبية روى أبو زيد عن ابن القاسم في الزوجة التى لم تبلغ ومثلها يوطأ، إن قال رأيتها تزني وأراد اللعان خوف الحمل فليلاعن هو، ولا تلاعن هي فإن جاء حمل فلا يلحق به. [5/ 345]

(5/345)


قال سحنون في كتاب ابنه: وتبقى زوجة له إذا لاعن لأنه نفي عن نفسه الحد ولا تلتعن هي فتقع الفرقة.
ومن كتاب ابن المواز: ولعان الحر المسلم مع زوجته الأمة أو الذمية في نفى الولد لا في الرمي ولا في الرؤية، إلا أن يريد نفي الولد في الرؤية، فإن لن تلتعن النصرانية لم تحد، وبقيت له زوجة، وإن التعنت وقعت الفرقة، وكذلك إذا أسلم مجوسي عن مجوسية ثم قال رأيتها تزني فإنهما يتلاعنان، ولا يحلفان إلا بالله، ويقبل منها يمينها بالنار.
قال ابن حبيب: قال مطرف معنى قول مالك في المسلم تحته النصرانية فينفي حملها أنهما يتلاعنان يعني إن طاوعته ولا تجبر، ولأنها لو أقرت بالزنى لم تحد، وكذلك إن قال رأيتها تزني فشاء اللعان خوفا من ولد فلتلتعن، وترد هي في التكول في هذا إلي أهل دينها، وقاله ابن عبد الحكم وأصبغ، / ومن كتاب ابن سحنون قال: وإذا لاعن الرجل الصغيرة ليدرأ الحد لم تجب الفرقة بلعانه، وهي زوجته بحالها، وكذلك ولو لاعن النصرانية بنفي حمل إلا أن تلاعن هي فتقع الفرقة.
ومن العتبية روى أشهب عن مالك أن لعان العبد كالحر، في الحرة والأمة، يشهد أربع مرات ويخمس بالغضب، وإن أكذب نفسه حد للحرة أربعين، ولا يحد للأمة.
والمسلم يلتعن في نفي حمل زوجته النصرانية فإن نكلت إنتفى الولد وبقيت زوجة ولا شيء عليه.
قال ابو زيد عن ابن القاسم: وإن قال رأيتها تزني وهي أمة أو نصرانية فلا لعان عليه ولا حد إلا أن يريد لما ينفي من حمل أن يلتعن فله ذلك، وتلتعن الأمة، ولا لعان له على النصرانية. [5/ 346]

(5/346)


قال أصبغ عن ابن القاسم فيمن قال في زوجته رأيتها تزني وهي صماء بكماء لا تسمع ولا تفهم، قال يعمل فيها على ما تفهم ويفهم عنها من الإشارة، فإن صدقته حدث وإلا التعن ثم التعنت.

فيمن اشترى زوجته ثم نفى حملها
قال ابن حبيب: قال ابن أصبغ فيمن اشترى زوجته ثم ظهر بها حمل، فإن علم أنها كانت يوم اشتراها حاملا لم ينفه إلا بلعان إلا أن يكون وطئها بعد رؤيته للحمل فلا ينفيه، وإن لم يعلم أكانت حاملا يوم الشراء أم لا حتى ظهر الحمل واتت به لأقل من شتة أشهر؟ فالولد للنكاح ما لم يطأها بعد الشراء قوله، يطأها بعد الشراء يريد إذا أتت به لأكثر من ستة أشهر.
وقد روى ابن سحنون عن أبيه أنها إذا لم يطأها بعد الشراء بحيضتين قال: ولو وطئها بعد الشراء فلا ينفيه بلعان ولا بغيره، استبرأها بعد الوطء أو لم يستبرئها، إلا أن يدعي أنه استبرأها بعد أن وطئها، فهذا ينظر، فإن ولدته لأقل من ستة أشهر فهو للنكاح لا ينفيه إلا باللعان، وإن ولدته لستة أشهر فأكثر فله نفيه بغير لعان، إن ادعى استبراء بعد الوطء الذي هو بعد الشراء، وإن لم يدع استبراء فهو منه، قال ابن المواز: قال ابن عبد الحكم عن مالك فيمن تزوج أمة ثم لاعنها ثم اشتراها قال: لا تحل له أبداً.

في الولد يعتوره الفراشان من نكاح أو ملك
من كتاب ابن المواز: من وطئ أمته وهي تحت زوج، فالولد للزوج حتى ينفيه بلعان يدعي فيه الاستبراء فيلتعن هو دونها ثم يلحق بالسيد، وإذا حملت أمة رجل حدث إلا أن يدعي السيد ولدها، قال ابن القاسم: والمتزوجة في العدة قبل حيضة تأتي بولد أكثر من ستة أشهر من يوم عقد الثاني قال في العتبية ما بينها [5/ 347]

(5/347)


وبين خمس سنين من فراق الأول فهو للأول إلا أن ينفيه ويدعي استبراء فيلتعن هو ولا تلتعن هي، فإن نكل هو لم يحد ولم يلحق به، وإن التعن فهو للثاني إلا أن ينفيه بلعان، قال في العتبية ويدعي استبراء وتأتي به لستة أشهر فأكثر من يوم نكاحه فإنه يلتعن.
قال في الكتابين: فإن نكل لحق به ويحد وإن التعن قيل لها: التعني، فإن نكلت رجمت.
قال سحنون في كتاب ابنه: وإن وضعت لأقل من ستة أشهر من نكاح الثاني فقد انتفى من الثاني بهذا أو انتفى من الأول باللعان.
قال في كتاب ابن المواز: فإن استلحق الأول بعد لعان الثاني ولعانها لحق به ولا حد عليه، وإن استلحقه بعد لعانه وقبل لعان الثاني فليس ذلك له، ومن سبق إلى استلحاقه بعد التعانهما ولعان الأم لحق به ثم لا استلحاق لمن بعده كان الأول أو الآخر، وإلا أنه إن كان الآخر حد ولحق به إن كان أولهما استلحاقا، وإن استلحقاه معاً فالأول أحق به، قال في العتبية ومن استلحقه منهما لحق به وحد.
وروى ابن سحنون عن أبيه: أن من استلحقه أولاً لحق به وحد، ولو استلحقه الآخر بعد الأول لحد/ ولم يلحق به.
قلت: فمن لاعنها منهما وحده ولم تلتعن هي لأن الولد يلحق بالآخر أتحل للذي لاعنها ولم تلاعنه؟ قال: لا، لأنه لعانة قائم نفي به الولد، وروى بالإشارة، فإن نكلت فعليها الحد.
قال عنه عيسى فيمن نكح أمة على إن ولدها حر فلاعنها، فإن الولد حر، فإن صدقته على نفيه فهو رقيق، فإن استلحقه يوما لحق وصار حراً.
من كتاب ابن المواز: وإذا ظهر بزوجة الصبي حمل حدت ولا لعان برميه، والكبير يرمي زوجته الصغيرة يوطأ مثلها ولم يحض فيقول رأيتها تزني فليلاعن في [5/ 348]

(5/348)


الرؤية ولنفي الحمل، ولا تلتعن هي في رؤية ولا ولد رمي، ولأن من قذفها يحد ولا تحد هي إن زنت ولا لعان في نفي حمل امرأة المجبوب أو خصي لا يولد لمثله، وذلك والولد لزنى، وتلتعن/ في رميها، وإلا حدا وقد اختلف في الخصي فقال قوم: يولد له وقال آخرون لا يولد له، فلا بد من اللعان، ويلتعن العنين والشيخ والزمن في الرؤية لا شك، وأما في النفي فهو يقول يكافى فلابد من اللعان، ويلتعن الأعمى بما بدله على علمه، لأنه يقول مسست وسمعت وحسست وعلمت، ويلاعن الأخرس بما يفهم عنه ويلاعن المسخوط والمحدود لا يختلف أصحابنا في ذلك.
ابن سحنون عن أبيه: أنها لا يحرم عليه نكاحها، إلا ترى أن المغتصبة إذ لاعنها وهي لا تلتعن أنها لا تحرم عليه والولد منفي؟
وقال في الكتابين: وإن تزوجته بعد حيضة أو حيضتين وأنت بولد لستة أشهر فأكثر فهو للثاني إلا أن ينفيه، ويدعي استبراء قليلا عن هو، ولا تلاعن هي ثم لحق بالأول إلا أن يلاعن ويدعي استبراء، فإن لاعن وجب عليها للآخر اللعان فإن التعنت وإلا حدث.
قال في العتبية وإن أتت به لأقل من ستة أشهر فهو للأول إلا أن ينفيه بلعان.
ومن كتاب محمد: قال ابن القاسم وإذا وطئ البائغ والمبتاع الأمة في طهر تموت حاملا فهي من البائع.
قال أصبغ: وكذلك إن وضعت لأقل من ستة أشهر من يوم وطئ الآخر فهو للأول وضعته نافصا أو تاما.
وإن وضعت لأكثر من سنة أشهر فهو للآخر كان ناقصا أو تاماً إلا أن يكون حيا فيدعى له القافة، ولا يدعي القافة إلى ميت، وإنما يحسب من يوم يوطأ لآخر ستة أشهر وإن تقارب الوطئان. [5/ 349]

(5/349)


قال ابن القاسم: ولو وطئ هذا اليوم وهذا غدا، كان افتراقا، ويحسب من يوم وطئ المشتري، وقال أصبغ ذلك عندي كذلك، وهذه المسألة مكررة في البيوع.

فيمن قال لزوجته أو لأم ولده:
لم تلدي هذا الولد
وفي المرأة تستلحق ولداً
ومن كتاب ابن المواز: / قال ابن القاسم ومن قال لزوجته لم تلدي هذا الولد، ولا يعلم حملها وولادتها وقالت هي ولدته منك؛ فهو منه إلا أن ينفيه بلعان فإن نكل لم يحد.
قال أشهب: ظني إذا أقرأنه ولده، ونفى أن تكون هي ولدته، فالمرأة مصدقة ولا لعان فيه، وإن كان ذاك نفيا منه فليلاعن.
ومن العتبية روى أبو زيد عن ابن القاسم في امرأتين شهدتا أن هذا الولد ولدته امرأتي، وأنا له منكر، وهو صغير أو كبير، وأنا أقول ولدها ذلك قد مات أو حملها ذلك قد انفش، وكنت حاضراً أو غائبا والولد صغير أو كبير ولا لعان في هذا.
ومن كتاب محمد قال ابن القاسم وأشهب وعبد الملك: ومن أقر بوطء أمته فجاءت بصبي فقال لم تلديه، وقالت بل ولدته منك فهي مصدقة ويلحق به الولد إلا أن يدعي استبراء، وإقراره بالوطء إقرار أن ولدها في جوفها، فإذا قالت هو هذا صدقته قال ابن القاسم: كالحرة هو لو قالت امرأة في غلام: هذا ابني ويمكن أن تلد منه لم يثبت نسبه بذلك وإن صدقها الغلام، لأنه ليس ثم فراش قائم. [5/ 350]

(5/350)


في أربعة شهدوا بالزنى على امرأة أحدهم زوجها
من كتاب ابن المواز: قال مالك، وإذا شهد أربعة على زني امرأة أحدهم زوجها حد الثلاثة، ولا عن الزوج، فإن رجمها الإمام ثم علم بذلك لم يحد الثلاثة ويلاعن الزوج فإن نكل حد ويرثها إلا أن يعلم أنه تعمد الزور ليقتلها أو يقر بذلك فلا يرثها، وإن قال شهدت بالحق لاعن وإلا حد ولا دية عليه / ولا على الثلاثة ولا حد.
قال ابن القاسم: ولادية على الإمام لأنه مختلف فيه، وليس يخطأ صراح كشهادة العبد والنصراني وقاله أصبغ إلا الميراث، فقال: لا يرثها، لأنه يلتعن، وليس بشاهد، ولا يخرج من تهمة العامد لقتل وارثه.
تم بحمد الله وعونه
ويليه كتاب الصرف [5/ 351]

(5/351)


[5/ 352]

(5/352)