النوادر
والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على
سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
كتاب الصرف
في المراطلة والمبادلة بالذهبين
أو الفضتين، ومصارفتك لمن راطلك
من كتاب ابن المواز، قال: ووجوه المراطلة كلها جائزة، إلا في وجهين أحدهما
أن يأتي هذا بذهب وآخر بذهبين أحدهما أجود من المنفردة، والآخر أردأ.
والوجه الآخر أن يرجح ذهب أحدهما فيأخذ لرجحانها شيئا عرضا أو ورقا فلا
يجوز ذلك، وهو ذريعة إلى الربا، ولا يجوز أن يتجاوز له عن الرجحان، ويجوز
في المراطلة أن تكون ذهب أحدهما رديئة سكة أو مصوغة، وذهب الآخر أجود ذهبا،
بخلاف الاقتضاء؛ لأنه في المراطلة لم يجب لأحدهما قبل الآخر شيء، فيتهم
فيما ترك له لفضل ما أخذ منه، وفي الاقتضاء قد وجب له ذهب مسكوك أو مصوغ،
فإذا أخذ تبرأ أجود منه اتهم أن يكون ترك السكة والصياغة لفضل الذهب الذي
أخذ.
قال مالك: وكل ما لا ينبغي التفاضل فيه في جنس واحد من عين أو طعام فلا
ينبغي - وإن كثر - أن يجعل مع الصنف الجيد منه شيئا دنيا/ يستحل به
التفاضل. [5/ 353]
(5/353)
وقد خفف مالك في القطعة الذهب تجعل مع
الجيد من المالين، ليعتدل الميزان يكون فيها ثمن أو سدس أو ثلث، إذا لم
يعتدل بها فضل غيون التي معها. محمد: ما لم تكن القطعة رديئة. قال مالك:
وإن كان فيها قدر الدينار لم يجز إلا أن يكون مثل المنفردة وأجود. وهذا كله
في العتبية من سماع ابن القاسم. قال أصبغ عن ابن القاسم: إذا اتفق جودة
التبرين في المراطلة، جاز أن يجعل مع أحدهما ديناراً أو دنانير ليعتدل، وإن
كان أحد التبرين أجود فلا يجعل الدنانير مع الرديئة، وكذلك إن تراطلا
دنانير بدنانير متفقة العين، فيجوز أن يجعل مع أحدهما تبرأ. وإن كان أحدهما
أبخس فلا يجعل التبر مع الجيدة. وأما إن كان التبر في كفة والدنانير في كفة
فلا بأس بذلك كان التبر أفضل من تبر العين أو مثلهما إذا كان تبرأ كله
واحدا. وقاله أصبغ.
ومن كتاب محمد: وإذا راطلته دراهم لك سوداً بدراهم له بيض، وللسود عليها
فضل في عينها، لم يجز أن تجعل أنت مع السود فضة غير مسكوكة، مثل فضة البيض،
ولا تأخذ في الاقتضاء من دنانير ديناراً وقطعة ذهب وفاه؛ ويجوز في
المراطلة.
وإذا كانت دراهم بيض في كفة، وفي كفة دراهم سود أفضل منها، معها فضة كفضة
البيض لم يجز، لنقص السكة.
ومن/ العتبية أشهب، عن مالك ومن كتاب محمد: قال مالك ولا بأس أن يراطله
بالمثاقيل فيجعلها في كفة والذهب في كفة أخرى، فإذا اعتدلت أخذها صاحب
الذهب الأخرى، وجعل ذهبه في تلك الكفة حتى يعتدل بالمثاقيل فيأخذها الآخر.
وفي السؤال، وإنما تحروا العدل لئلا يكون عيب في الميزان. [5/ 354]
(5/354)
ومن العتبية ومن سماع ابن القاسم: وإذا
ورثت المرأة مع إخوتها حلي ذهب؛ دملجين، أو سوارين أو خلخالين، وسألتهم أن
ينظروا وزنه، وتعطيهم مثل وزن حصتهم منه دنانير فذلك جائز إن كان نقداً.
وقال أشهب، عن مالك في قوم باعوا دواب بينهم بدراهم، وفيها الناقص والوازن،
فاقتسموها عددا بلا وزن قال: أرجو أن لايكون بذلك بأس.
وروى أبو زيد عن ابن القاسم فيمن أعطي صرافا ديناراً قائما وأخذ منه
ديناراً بحبة وقطعة ذهب فيها حبة عينا بعين فلا بأس به، وإن راطله ثلاثة
قائمة ودينارا بخروبة بأربعة حبة حبة، فإن كان الذي يخروبته ليس في عينه
نقص عن التي أخذ، وكان لو كان قائما كان له فضل على التي أخذ لو كانت
قائمة، فذلك جائز.
ومن الواضحة ولا يجوز مع المراطلة بيع شيء يراطله على أن يبيعه الآخر شيئا.
وكذلك في بدل الطعامين اللذين لا يجوز التفاضل فيهما.
وإن راطلك رجل ورقا بورق، لم يجز إلا أن يبتاع أحدهما ببعض الورق عرضا أو
ذهبا.
ومن/ كتاب محمد: وإن صرفت دراهم بدنانير من رجل ثم صرفت بها دراهم غير
دراهمك منه بعد يومين، قال كرهه مالك، ووقف في أبعد من يومين.
وقال ابن القاسم: لا بأس به إن طال الزمان. وقال أشهب: إن كان كعيون دراهمك
جاز وإن لم يفترقا، كانت أقل منها أو أكثر، وإن أختلفت العيون لم يجز إلا
أن يطول الزمان طولا يعلم أنهما لم يعملا لذلك. [أنظر قوله: إذا اختلفت
العيون لم يجز، لعله يريد: إذا اختلف الورق أيضاً؛ لأنه أجاز مع اتفاق
العين اختلاف الورق، فكذلك يجوز مع اتفاق الورق اختلاف العين لارتفاع
التهمة لأنه أبدل جميعها لا يعضها] [5/ 355]
(5/355)
قال ابن القاسم: ويجوز بدل دينار ودينارين
وشبه ذلك بأوزن من ذلك من غير مراطلة، وأما العشرة وأكثر فلا خير فيه.
ولا يجوز ذهب وفضة بذهب وفضة وإن اتفق الجنسان، ولا يجوز في تبادل الطعامين
يداً بيد من جنس واحد أزيد كيلا. فأما الدنانير والدراهم، فيجوز بدل ناقصة
بوازنة يداً بيد إذا استوى العدد، ولا يجوز إذا اختلف، فإن كانت الأجود أقل
عدداً فهو حرام، وإن كانت الأجود أكثر عددا فإني أتقيه.
قال: وكره ربيعة ومالك بدل دينار ناقص بأوزن منه وأجازه ابن القاسم، وابن
عبد الحكم، وأشهب. محمد: ما لم يكن على الوزن.
ومن العتبية ابن القاسم عن مالك: ومن دفع إلى أخ له ذهباً، أو ورقاً ناقصة،
أو طعاماً؛ ليبدل له ذلك بأجود منه، فيما كان من المعروف من غير إلزام
فجائز يداً بيد، ولا بأس ببدل دينار بأنقص منه أو أوزن بغير مراطلة، ولا
يجوز فيه التأخير وإن كان على وجه المعروف.
قال مالك: ومن أبضع معه بدينار، / فلا بأس يبدله بأجود منه عيناً ووزنا.
قال في العتبية: وبعلم صاحبه، وفي باب تبادل الطعامين بدل مد دقيق ومد حنطة
بمثلهما، ونحو ذلك.
في مبادلة الصائغ وأهل بيت الضرب
من كتاب محمد: قال مالك فيمن يأتي بفضة إلى أهل بيت الضرب فيراطلهم بها
بدراهم مضروبة ويعطيهم أجرتهم قال: لا أحبه وما يفعله أهل الورع. ونرجو أن
يكون خفيفا لضرورة المسافر في احتباسه ولغير ذلك. [5/ 356]
(5/356)
قال في العتبية: ولخوفه وفي سماع ابن
القاسم، وابن وهب: وقد كان يعمل به بدمشق، وتركه أحب إلي. قال سحنون عن ابن
القاسم: هو للمضطر وذي الحاجة خفيف. قال عيسى: لا يعجبني. قال ابن المواز
في رواية أشهب عن مالك: وإنما كان هذا حين كان الذهب لا تنقش والسكة واحدة،
وأما اليوم فلا، قد صار في كل بلد سكة يضربون فيها، فليعطه جعله، ويضرب له
ذهبه. قال ابن المواز: فلما اتسع الناس بالضرب وزالت الضرورة لم يجز ذلك.
قال مالك: ولا خير في ذلك أيضا في الحلي إن تبادل الصائغ حليا بورقك وتعطيه
أجره.
قال في العتبية: ولم يره من الصرف. قال مالك: ولا يصلح أن يقول له إعمل لي
بفضة عن عندك حتى أعطيك أو يأخذ منه دنانير سلفا يعملها له حلياً يجعل
يعطيه إياه إلا أن يتفرقا بعد من السلف، ويصح / أنهما لم يعملا على ذلك.
وقال في الواضحة: ولا يجوز أن تراطل الصانع دراهم بفضة على أن يصوغها لك
بأجر، وهو كالذي وجدها مصوغة فراطله بها وأعطاه أجره، ولو بادله بها ولم
يذكرا صياغة ثم دفعها إليه في المجلس لم يجز إلا بعد التفرق وبعد ذلك
وصحته. قال: ولا بنبغي أن يعمل لك صائغ أو سكاك إلا فضتك أو ذهبك، وأما عمل
أهل السكة في جمعهم لذهب الناس فإذا فرغت أعطوا كل واحد بقدر ذهبه قد عرفوا
ما يخرج من ذلك فلا يجوز هذا. قاله من لقيت من أصحاب مالك.
وقالوا: ولا يجوز إذا أصاب دنانير مضروبة، فليأخذها بوزنها ذهباً، ويعطيه
أجره. وفي الدراهم مثل ذلك. وهذا أشد من الأول، ولا يجوز للمسافر ولا
للمضطر ولا لغيره. قاله لي من لقيت من أصحاب مالك المدنيين والمصريين. [5/
357]
(5/357)
قال في كتاب ابن المواز: وإن أعطيته خمسين
على أن يخرج من عنده خمسين ويعمل خلخالين ويأخذ أجره لم يجز، والخلجالان
بينكما، وعليك نصف قيمة عمله لا نصف ما سميت له، ولا خير في مثل ذلك في
تموين اللجام والسيف، إلا أن في هذا عليك مثل ما أسلفك، ولا يكون شريكا لك،
وعليك قيمة إجازته، ولا يجوز أن يقرضك الحداد رطل حديد على أن يعمل لك به
بدرهمين، وهو بيع وسلف.
[قال أبو محمد وقد ذكرها ابن المواز في كتاب الكراء والإجارات مثل ذلك إلا
أنه قال في مسألة الخلخالين. أعطاه خمسين درهما. وقال له اصنع لي خلخالين
بمائة درهم حتى آتيك بالخمسين الأخرى. ثم ذكر الجواب سواء وجعلهما شريكين
في السيف واللجام. قال أبو محمد: والفرق عندي بينهما أن الدراهم التي من
سلف في الخلخالين لم يقتضهما مسلفها ولا أمر الصائغ أن يجعلها له في عرض له
مثل لجام أو سيف أو يكون غزلا ففعله له في غزل يكون له عنده فيصبر هذا في
القبض ويصبر عليه في رد ما استلفه ولم يحصل له في الدراهم قبضا ولا ما أشبه
القبض. فمن أجل ذلك كانا شريكين وبالله التوفيق].
فيمن وجد فيما راطل به رديئاً
من كتاب ابن المواز/ قال ابن القاسم: وإذا راطله تبرا بدنانير فأصاب فيها
ديناراً ردياً، فإن كان كجودة الذهب فأرفع فلا رد له إلا في المغشوش فينتقص
بمقداره. وقال أشهب في الدينار: له رده، إذا لم يرض ببيع ذهبه إلا بدينار
جيد.
ومن الواضحة: وإن راطله خلخالين فضة بدراهم، فوجد فيهما عيبا أو كسراً، فله
ردهما، وكذلك إن وجد في الدراهم درهما لا يجوز، أو مكسوراً فلم يرضه، لا
نفسخ ذلك كله، ولو راطله فيهما بفضة فلا يردها لكسر إذا أنفقت الفضة، ولو
راطله دراهم بفضة أو بدراهم فوجد درهما قبيح العين أو مكسوراً فليس له [5/
358]
(5/358)
رده. يريد في مراطلته بالفضة. قال: وإن
وجده رديئا أو مغشوشاً فضته دون الفضة التي راطله بها فليرده ويرجع بما
قابله من الفضة.
فيمن اقتضى من المجموعة أزيد أو أنقص
وكيف إن ودى للزيادة شيئا أو أخذ للنقصان
أو يفعل ذلك في دينار لك ذا قضاء أو وازن
من كتاب ابن المواز قال: ومن لك عليه ثلث دينار أو نصف أو ثلاثة أرباع، فهو
كالمجموع، وكذلك إن كان لك دينار وكسر من بيع أو قرض فقضاك أكثر وزنا،
ورددت عليه لذلك ورقا أو عرضا فهو جائر، ولا ترد إليه ذهبا، ويجوز أن تأخذ
أنقص، وتأخذ ببقيته ما شئتما، وكذلك لو أخذت قراضات، ولا تأخذ من دينار لك
ينقص قيراطاً ديناراً وازناً / وتؤدي شيئا ولا أنقص منه وتأخذ بعضاً؛ وإن
لم تؤد ولا أخذت شيئا، فذلك جائز ما لم تكن عادة من السلف في أخذ الارجح،
أو يكون والوازن أردأ عيبا لمن كان منهما، ولا تأخذ في دينار لك صحيح قطعا
أقل وزنا أو أردأ، إلا أن تكون قطعة واحدة، فيجوز.
قال ابن القاسم عن مالك: وإذا قضاك دنانير مجموعة، قال في العتبية من بيع
أو قرض، فرجحت، فله الأخذ بالرجحان ما شئتما، إلا الذهب. قاله مالك. قال
ابن القاسم. قال مالك: ولا بأس أن يعطيه بها ورقاً أو عرضاً. قاله في
الواضحة.
قال في كتاب محمد: وإن نقصت، جاز أن تأخذ بالنقصان ما شئتما، أو تدعه في
ذمته فتأخذ به عند القضاء ما شئتما. واختلف قول مالك في أخذه النقصان في
مجلس القضاء، وأراه خوفا أن يتجاوز عنه في الصرف ليزده قال ابن القاسم: فإن
صح فلا بأس به قال محمد: هذا خفيف لا تهمة فيه إلا أن يكون في الدنانير شيء
يجاوزه في عينه، وأما بعد المجلس، فجائز ما لم يكن أخذه ذلك [5/ 359]
(5/359)
على ضمان أو طمع. وكذلك في العتبية نحو ما
ذكر محمد عن مالك وابن القاسم.
قال محمد: وكره مالك، في رواية أشهب أن يأخذ في الزيادة ورقاً كما كره
الذهب. وقال: يقطع من الدينار وإن كان يكره القطع، فإن لم تجد بداً فاقطع
منه قطعة. قال أشهب لا أحبه ولا أفسخه إن نزل، وأجازه ابن القاسم وأصحابه
إلا في أخذ الذهب في رجحان الذهب فلا يجوز، كان / من بيع أو قرض.
قال محمد: وهو في السلف أخف. وقد أجازه أشهب في السلف. قال ابن حبيب: لا
بأس أن يأخذ في السلف بزيادة الذهب ذهباً، وبزيادة الورق ورقا، ولا يحمل
على أنه أخذ الساعة ورقا بورق أعطاها منذ شهر، وبورق أعطاها الساعة لأن
السلف من أهله يحمل محمل الصحة، ألا تراه يقبض فيه عند الأجل من الذهب
ورقا؟
محمد: قال مالك: ومن ابتاع حنطة بدينار فوجد ديناره ناقصاً فلا ينبغي أن
يرد من الطعام بنقصه، ولا يعطية ورقا ولا عرضا ولا فلوساً، وكذلك إن وجد
أنقص مما شرط، وكذلك الدراهم. وإن باع بناقص نقصا معلوما لم يجز أخذ وازن
ويرد شيئا من الأشياء، وكذلك ف الدرهم [ولو لم يقع البيع وإنما كانت مراوضة
لجاز. قال: وكذلك في الدرهم] لا يعطى لزيادة، ولا يأخذ لنقص. وهذه المسألة
من أولها.
في العتبية من سماع ابن القاسم، وذكر في موضع آخر أنه لا يجوز أن يرد من
الطعام لنقص الدينار إلا أن يكون على المراوضة، ولم يقع الوجوب، وقال في
موضع آخر: إنه جائر. قلت: بعد الوجوب؟ قال: نعم كأنه حمله على المساومة،
فرد ذلك محمد إلى المعنى الظاهر في المسألة أنه لا يجوز بعد التواجب. [5/
360]
(5/360)
وذكر ابن حبيب أنه لا يجوز، وزاد في
تفسيرها ما ذكرته في باب الأخذ من ثمن الطعام طعاما.
قال ابن القاسم: وإن أقرضك درهما فيه نصف، فقضيته درهما نصفه قضاء، وتأخذ
بنصفه تمراً لم يجز، وإن ابتعت منه بنصف درهم منها لم يشترط فرداً، فلك أن
تعطي أكثر، وتأخذ / فضله أو أقل، وتقضيه بقيته، وكذلك بثلثين وبثلاثة
أرباع. وكذلك إن زدت على الدرهم ربعا أو سدسا فهو كالدرهمين، وذلك مجموع ما
لم يشترط الفراد. يريد ذكر الفراد عدداً.
قال: ولو اشترط – يريد في البيع – مع ذكر الفراد الكيل، فجائز أن يقضيه في
مثل الوزن أزيد عددا أو أقل، فإذا كانت مثل العدد أو أكثر، أقل من الوزن،
فجائز أو مثل العدد فأقل أكثر من الوزن، فجائز، ما لم يكن أردى عيوباً،
فإذا اجتمع فيما يؤخذ الجودتان؛ جودة العين وريادة الكيل والجودة وقلة
العدد، فجائز.
قال: وإذا باع بعدد، وشرط وازنة – يريد محمد: فرادا – أو شرط كل دينار ينقض
[إنه ينقص] شيئا معلوماً، فلا يأخذ مثل الكيل جملة، ولو شرط عددا وكيلاً
فليأخذ الكيل وإن خالف العدد، ومن شرط كيلا فلا يأخذ عدداً ومن شرط عدداً
فلا يأخذ كيلا. قال: وإذا كانت له أفراد فلا بأس أن يأخذ مجموعة مثل عددها،
زاد وزنها أو نقص.
قال أصبغ عن ابن القاسم، فيمن اشترى باثنين وعشرين قيراط ذهب فأعطي ديناراً
فيه أحد وعشرون، وأعطاه القيراط فاستقله، قال أصبغ: لا بأس به، إن ما دون
دينار كالمجموع يأخذ ببعضه ذهبا وببعضه ورقا. وكذلك ما زاد على الدينار.
[5/ 361]
(5/361)
ومن كتاب ابن المواز ومن العتبية رواية
أصبغ: قال أشهب: ومن ابتاع بثلثي دينار ونصف قيراط فدفع فيها ثلثا دينار
وبالباقي ورقأ فجائز. محمد: وقاله ابن القاسم؛ لأن ما دون الدينار مجموع.
في القائمة والمجموعة يقتضي بعضها من بعض
أو تبرأ من مسكوك أو حلياً من بيع أو قرض أو استهلاك
من كتاب ابن المواز، قال: ولا يأخذ مجموعة من فراد من بيع أو قرض إلا أن
يتفق العدد، ويجوز أن تغطيه عشرة أنصاف، أو تسعة أنصاف من عشرة صحاح ليست
بأجود عيناً، فإن زاد العدد حرم، ولا يجوز أخذك أحد عشر نصفاً أو ثلثاً،
ولك أن تأخذ من عشرة أنصافاً عشرة صحاحا، ما لم تكن أردأ عيونا، ولم تكن
عادة، ولا تأخذ تسعة وازنة، وإذا بعت أو أسلفت فراداً عدداً، ولم يعلم
وزنها، فلا تأخذ فيها مجموعة، إلا أن يتفق العدد نقص الوازن أو زاد. ومن
سلف عشرة مثاقيل، فكان يأخذها ديناراً ديناراً، فلا تعطيه مجموعة لاختلاف
العدد.
قال: والمجموعة ما جمع بالحديدة وإن عرف وزن كل دينار.
قال أشهب: فإذا عرف، صارت مجموعة وفراداً، فإن قضاه فراداً جاز وإن قضاه
مجموعة أو تبرأ جاز.
قال مالك: ولا تأخذ في دينار قائم ناقصاً خروبة، وتأخذ لنقصه قراضة ذهب،
ولا فضة، ولا سلعة. ومن لك عليه نصف دينار فرد، فبعث منه سلعة بعشرة مجموعة
وقضاك عشرة ونصفاً مجموعة فلا خير فيه. ولو تسلفت ديناراً بحربان وقضيت به،
فدخل فيه قطعتان أو دينار، وقطعة، فلا بأس بذلك، قال محمد: ومعنى أنه
حربان/ غير مثقال معروف، ولو وزن بمثقال معروف لم يكن فيه خير. [5/ 362]
(5/362)
ومن العتبية روى أبو زيد عن ابن القاسم:
ومن لك عليه دينار- يريد من سلف- فلا خير في أن يأخذ به منه نصفين إلا أن
يكون للدينار حرمان عندك تأخذ به، ولا تأخذ به، ولا تأخذ ديناراً إلا
قيراطا وقراضة، ولو كان لك عليه نصف دينار فأعطاك به نصف دينار قراضة فهو
خفيف.
ومن العتبية روى أشهب، عن مالك، فيمن لك عليه دينار قائم فأعطاك دينارا
ينقص خروبة بخروبة ذهب فيزتهما لك بدينار فإن كانا من عين واحدة فأرجو ولم
يجزه مالك في كتاب ابن المواز.
ومن سماع ابن القاسم: ومن اشترى بنصف دينار وثلث فدفع دينارا ينقص سدسا فلا
بأس به.
ومن باع بمائة دينار مثاقيل فرادا مجموعة، فلا بأس أن تأخذ بها أكثر عدداً
ومثل كيلها.
من سماع عيسى من ابن القاسم: ومن لك عليه ألف دينار [مجموعة، فلا بأس أن
تأخذ منه ألف دينار]، إلا دينار قائمة. وكذلك كل ما لا شك أن وزنه من
القائمة أكثر من كيل المجموعة وإن نقص العدد.
ومن كتاب محمد: قال ابن القاسم: ومن لك عليه عشرة دنانير قائمة، فقضاك تسعة
ونصفا ذهباً ونصف درهم لم يجز. وكذلك الدينار الواحد، إنما يجوز هذا في
المجموعة. محمد: ولما اشترط قائمة فقد اشترط فرادا. ومن لك عليه دينار من
قرض أو بيع، فلا يأخذ به ثلاث أثلاث، ولا نصفين، ولا دينارا ناقصا ومعه
قراضة. وكذلك / من لك عليه درهم، ويجوز هذا في المراطلة. فأما مبادلة على
غير وزن فلا لأنه لا ينفق. قاله ابن القاسم ويصير كمن دفع مثاقيل ناقصة
أكثر عددا من فراد والأفراد في العدد كالدينار الواحد. [5/ 363]
(5/363)
قال ابن القاسم عن مالك: ومن أسلف دينارين
بحبة حبة، فأخذ وازنا وناقصا حبتين حبتين فهو مكروه. مالك: وإن كان لك عليه
نصف دينار بحبتين، فأخذت دينارا بحبة ليأخذ منه نصف الحبتين ويرد ما بقي،
فهو مكروه.
قال أبو زيد عن ابن القاسم في العتبية، في هذه المسألة: إذا قال له انظر كم
صرفه، فخذ منه نصف دينارك ورد إليه ما بقي فلا خير فيه.
قال: ومن اشترى من صوف بعينه أربعة وعشرين رطلا بدينار قائم، فلم يجد إلا
اثنين وعشرين رطلا [فأعطى دينارا ينقص قيراطين، فلا ينبغي، ولو وجد ستة
عشر، أو عشرين رطلا]، فدفع دينارا فيه نصف أو ثلث أو ثلثان فجائز. وكذلك
روى أبو زيد، في العتبية، عن ابن القاسم، قال محمد: هو كله خفيف؛ لأن
المحاسبة وجبت بينهما إذا لم يكن فيه ما ذكر.
ومن كتاب محمد: ومن لك عليه درهم من قرض أو استهلاك فقضاك فضة مثل فضته
فجائز. وإن كانت أجود لم يجز، اتفق الوزن أو اختلف. وكذلك في الدينار في
أخذك تبرأ أجود منه فلا يجوز، ولا يجوز أن تأخذ من التبر حليا ولا مشكوكا
دون ذهبه.
قال ابن القاسم: ومن استهلك لك درهما فقضاك درهما فيه أربع دوانق فجائز.
وهذا / أحب إلي مما قال مالك في الدرهم الفرد وإن لم يعرف وزن الدرهم. وإذا
أعطاك مثل جودته؛ فإن كان أقل أو أكثر أو يعطيك ما يعلم أنه أدنى وأقل
وزناً، وقال أشهب: جائز صلحهما على درهم ما كانت؛ لأنهما لم يقصدا المخاطرة
لجهلهما بالأول، قال محمد: وما ذلك ببعيد، ولا فيه تكايس. وقول ابن القاسم
أحب إلينا. [5/ 364]
(5/364)
قال مالك: ولو استهلك لك درهمين مجموعين
فقضاك وزن درهمين فضة [جاز إن لم يكن أجود فضة]، وإن كانا درهمين فرادا، لم
يجز، إلا أن يعطيه من الفضة وزن كل درهم على حدته. قال ابن القاسم لأنه
لابد له أن يزيد وزن المجموعة على الفراد وقاله مالك.
ومن العتبية روى عيسى، وأبو زيد عن ابن القاسم فيمن أعطى عشرين درهما لصائغ
يعمل له بها سوارين فمطله فاسترد الدراهم فقبض عشرة ووخره بعشرة شهراً فأخذ
ثمانية وبالدرهمين تبرأ؛ فإن كان بعد أن وجب ذلك وتم حتى لا يرجع فيه لو
أراد فذلك جائز، وإن كانت مراوضة فلا خير فيه.
ومن ابتاع سلعة بمائة دينار قائمة وشرط في البيع أن يجمع له وزن مائة قائمة
يدخل في ذلك ما دخل، فلا خير فيه، كما لا يجوز في القضاء، ويفسخ في البيع
إلا أن يفوت فلا يفسخ.
ومن العتبية، وقال ابن القاسم عن مالك: ومن باع سلعة بمائة دينار قائمة أو
ناقصة نقصانا معروفا. قيراط أو نصف قيراط الدينار، ثم قال له المبتاع استعر
دنانير مثل التى لك على أن لك بها / دنانير أخرى مخالفة لنقصانها فيدخله
اختلاف في العدد؛ قال: لا. لا أحبه، ويدخله اختلاف في الوزن، وإنما تجوز
المراطلة بحضور الذهبين.
قال ابن حبيبت: ومن باع سلعة بمائة درهم عددا فلم يجد إلا نقصا، فسأله أن
يعطيه إياها مراطلة بمائة وازنة فلا يجوز ذلك. وكذلك لو أعطاه فضة هكذا؛
لأنه باع منه بدراهم ليس لها وزن معروف، حتى يبيع بدراهم كيلا، فيجوز هذا.
ومن كتاب محمد: قال مالك: ومن نكح بدنانير، ثم أعطاها فيها سواري ذهب؟ قال
في المختصر: لم يجز إلا مثلا بمثل، ويردهما ويأخذ الدنانير، وإن فاتا [5/
365]
(5/365)
فمثلهما، وإن كان كان بغير يعرف فقيمتهما،
وإن أخذت قلادة فيها ذهب قليل مما يبتاع مثلها بذهب، فذلك جائز.
جامع ما يجوز في الاقتضاء
من زيادة عدد أو وزن
أو تعجيل أو تنجيم
أو خلاف لما عليه من عين أو طعام
من كتاب محمد: ولم يجز ابن القاسم أن يأخذ في القرض زيادة العدد في طعام
ولا في عين إلا مثل رجحان الميزان.
قال مالك: ولو صح فهو ذريعة إلى الحرام، وأجاز أشهب أن يأخذ. يريد في
المائة أزيد أردبا، وفي الدراهم زيادة درهم أو درهمين على غير موعد. وقاله
ابن حبيب في كل شيء إن كانا من أهل الصحة، وكان عند القضاء أو بعد ولا يجوز
قبل القضاء. وقال ابن القاسم: ولا يجوز في الاقتضاء في / الطعام إلا ما
يجوز على البدل، ولم يجز أخذه محمولة أقل كيلا من سمراء له من بيع أو قرض،
وأجازه أشهب في القرض ما لم يكن أنقى من السمراء.
قال ابن القاسم: ولك أن تأخذ في القرض قبل الأجل سمراء من سمراء أجود جودة،
أو محمولة من محمولة أجود جودة، ولا تأخذ أدنى، ولا تأخذ أحد الصنفين من
الآخر حتى يحل الأجل. ومن لك عليه دينار من بيع أو قرض فعسر به، فنجمته
عليه ثلاثة أنجم فلا يجوز ذلك، تعجلت دراهم أو ذهباً أو عرضا. يريد على أن
يتعجل بثلث ما ذكر.
قال محمد، إن تعجل] عرضا فهو بيع، وسلف، وفي الدراهم صرف وسلف. وفي
الدنانير الزيادة في العدد ولو عجل له ثلاثة أثلاث، ولم يجز. وكذلك إلى
أجل، وإنما يجوز في المجموعة. [5/ 366]
(5/366)
ومن العتبية وكتاب محمد: قال ابن القاسم عن
مالك: ومن عليه لرجل ثلاثة أثلاث منجمة في كل شهر ثلث، فلا بأس أن يعطيه
بذلك ديناراً قبل الأجل. يريد دينارا قائما.
ومن لك عليه دينار- يريد حالا- فلا بأس أن تأخذ منه بالقيراط والقيراطين
دراهم لأنه جزء معروف من الدينار.
ومن كتاب محمد: ومن لك عليه دينار قد حل من بيع أو قرض فأخذت منه جزءاً
ثلثاً أو ربعاً دراهم أو من دنانير كذلك وأبقيت ما بقي ذهبا لا صرف فيه ولا
تنجيم، لجاز ما لم تأخذ بما يبقي ذهبا، وإن أخذت الجزء الأول ورقاً أو عرضا
فلا يصلح. وأجاز أشهب أن تأخذ الجزء الآخر ذهباً / مثل ذهبك وورقك لا أقل
ولا أكثر؛ لأنه الباقي لك.
محمد: ولو كان ما أبقيت شيئا غير الذهب، ما جاز أخذ ما أخذت أولا. قال: ولو
اختلفا فيما بقي لم يحكم له إلا بالورق. قال محمد: وقول أشهب أحب إلي لأن
من باع بنصف دينار إلى أجل فإنما له ذهب ولا يقضى له إلا بالورق، ولا يجوز
أخذك ورقا قبل الأجل.
قال ابن القاسم: وأكره أن يأخذ الجزء الأول ذهبا وإن أخذت بعده ورقا أو
عرضا أو ذهبا، وإنما يأخذ أولا عرضا أو ورقا.
قال مالك: ومن لك عليه نصف دينار حالا، فلك أن تأخذ منه بجزء منه ورقا
ويبقى باقيه ذهبا.
قال ابن القاسم: ومن حل لك عليه ثلثا دينار لم يجز أن تنجمه عليه أنجماً.
وكذلك من لك عليه قيراطان من ذهب. قال أصبغ: وخفف غيره التنجيم على
الأجزاء.
وروى أشهب عن مالك، فيمن له على رجل دينار من بيع أو قرض فنجمه عليه؛ في كل
شهر جزء، أنه أجازه. وروي عنه أنه كرهه. وقال ابن عبد الحكم: [5/ 367]
(5/367)
كرهه، وإن نزل لم أفسخه. محمد: بل، يفسخ،
وإنما يجوز عند ابن القاسم لو وقع به أصل البيع أن يقضي ثلثا كل شهر.
وأجازه مالك في أصل البيع. ومن حل له على رجل نصف دينار من شيء ونصف دينار
من شيء آخر، وجب له في الحكم أخذ دينار.
فيمن لك عليه دينار
فقضاك دراهم متفاوتة على غير صرف
من العتبية من سماع أشهب قال مالك: ومن له قبل رجل دنانير، فكان/ يعطيه مرة
خمسة دراهم، ومرة ثلاثة دراهم، ومرة أربعة، وقال اجمعها عندك، فإذا كملت
صرفناها ثم أوفيتك. قال: لا ينبغي أن تكون على يديه، ولكن بيد عدل، إلا أن
يختم عليها عند الطالب فيجوز.
وروى أبو زيد عن ابن القاسم قال: إذا دفع إليه عشرة دراهم، ثم قال له
الطالب كالغد: انظر كيف الصرف وقاصصني بالعشرة، وأعطني ما بقي. فهو جائز إن
كان أنفق العشرة، قال: وإذا قبضها على وجه القضاء من غير صرف يريد أن يأخذ
ما بقي ويحاسبه فلا خير فيه، ويرد الدراهم. قال: ولو فسخ الأمر بينهما حتى
تصير الدراهم ديناً عليه جاز أن يصارفه مكانه ويحاسبه بها وإن لم يردها،
هذا لو كان الفسخ قد ثبت بقضاء. [5/ 368]
(5/368)
باب في المناجزة في الصرف
وذكر التأخير فيه والموعد
أو قال له استورى وأنا أبدل لك الرديء
ومن باع ما صرف قبل ينفذ
ومن كتاب ابن المواز: قال مالك: ومن باع تبرا في المزايدة، فبلغ على رجل
مائة درهم، فأوجبه له، ثم ذهب معه إلي الصراف ليوفيه ثم بدا له، قال هذا
منتقض إذا لم ينقده مكانه، قال: وكذلك من اشترى حليا ثم تفرقا لليل غشا، أو
لنقد ما يوزن.
قال ابن القاسم عن مالك في الذين اشتروا قلادة من ذهب وفيها لؤلؤ على النقد
فلم ينقدوا حتى فصلت، وتقاوموا اللؤلؤ / وباعوا الذهب، فلما وضعها أرادوا
نقض البيع لتأخير النقد ولم يكن ذلك شرطا، قال: لا ينتقض ذلك. وقاله ابن
القاسم؛ لأنه باع على النقد، ولم يرض بتأخيرهم، وهو مغلوب. وكذلك في
العتبية من سماع ابن القاسم. وقال سحنون: إنها مسألة جيدة.
ومن اشترى ألف درهم بدنانير فوزن الألف وأراد أن يزن ألفا أخرى قبل أن يدفع
دنانير الأولى، فكرهه ابن القاسم إلا أن يقضيه كلما وزن له ألفا، وكذلك
رواها أو زيد عنه، في العتبية.
قال محمد: قال مالك ومن ابتاع ورقا بخمسة دنانير ونصف، فدفع ستة دنانير،
وتفرقا قبل يقبض منه نصف دينار، قال: فلا ينبغي ذلك. وكره مالك أن يواعده
في الصرف، يقول: احبس دراهمك حتى آتي أصرف منك، وإن لم يقاطعه وإن لقيه
فقال اذهب بنا إلى السوق، لتقلب دراهمك وتزنها، وقد أخذتها كذا. فلا خير
فيه؛ ولكن يسير معه على غير موعد. [5/ 369]
(5/369)
وذكر عن مالك، فيمن صرف منه دراهم بدنانير
وقال اذهب فزنها ووازنها أنه خففه إن كان قريبا. وكذلك في العتبية من سماع
أشهب: إذا قال له زنها عند هذا الصراف. وازنه إياها، أو قام إليه لذلك
وخففه إن كان قريبا، وقال أيضا في سماع أشهب فيمن صرف ديناراً بدراهم من
رجل، وقال له: إن وجدت رديئاً فرده فوجدها جيادا ً قال: أصل الصرف لا يصلح،
وليردها كلها، / قال محمد: وكره مالك أن يصرف منه الدينار، فيأخذه ويدفع
دراهم إلي إنسان يزنها له وهو واقف عند الصراف حتى يزنها له الآخر.
ومن المجموعة: روى ابن نافع عن مالك فيمن له قبل رجل مائة دينار، فأخذ بها
منه دراهم وقبض وقال له إني لا أبصرها، ولكن اسلفني مائة درهم، فإن كانت
جيادا رددت المائة، وما وجدت من رديء أبدلته منها فكرهه، وقال: ليأت بمن
ينتقد له.
ومن كتاب محمد والعتبية: أشهب عن مالك: وإذا قال له الصراف في دراهم صارفه
بها هي جياد. فأخذها بقوله، وهو لا يدري أجياد هي أم لا؟ فنهى عنه، قيل
فأنا لا أبصرها، وأنت تكره أن أفارقه. قال: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا).
ومن كتاب محمد، قال مالك: وإذا راضاه ثم أرسل معه من ينتقد الذهب ويقبض
الدراهم لم يعجبني، ولو أعطاه الذهب على غير صراف، فينتقد، ثم يصارفه. قال:
لا يعجبني؛ لأنه على سومه الأول، إلا أن يكون على غير سوم.
وكره مالك بيع الذهب على أن يذهب يقنه. ومن اشترى سوارين من ذهب بدراهم على
أن يريهما لأهله فإن أعجبتهم وإلا رده، فخففه مالك وكرهه، وكراهيته أحب
إلينا، إلا أن يأخذها على غير إيجاب، ولا على الشراء. [5/ 370]
(5/370)
وقال مالك في حلي أبيع في ميراث، فيشتري
منه بعض الورثة، وحصته في الميراث أكثر منه، فلا يجوز ذلك إلا بالنقد
كالأجنبي، إلا أن يحبس حصته من ثمن ذلك خاصة، وينقد ما بقي.
ومن العتبية من سماع / أشهب من ابن القاسم، وذكرها ابن المواز عن ابن
القاسم: وإن صرفت دراهم، ثم بعتها في مقامك قبل تقبضها، فذلك جائز إن
قبضتها أنت، فدفعها إلي مبتاعها منك. فأما أن تأمر الصراف يدفعها إليه فلا
خير فيه.
قال في كتاب محمد: وإن لم يبرحا، بعتها بعرض أو بدينار، ولك بيعها من
الصراف ببعض نقداً قبل أن تقبضها.
وقال في العتبية أصبغ: بما يجوز بيعها به منه.
ومن الواضحة ومن ابتاع حليا بدراهم فلا يقوم إلي صراف ليريه وينقده، فإن
نزل ذلك فهو مردود، وليس في الصرف مشورة، وليس فيه حوالة وإن عجل قضاه.
في الوكالة في الصراف
وصرفك أو بيعك مالك بيد من غصبك
أو رهنته أو أودعته أو أسلفته
من كتاب محمد، قال: وإن صرفت ديناراً بعشرين درهما، فقبضت عشرة، وأمرته
يدفع عشرة إلى رجل معك من ثمن سلعة فلا يعجبني حتى تقبض أنت.
ابن القاسم: وكذلك في جميعها، قال أشهب: وإن لم تفارق حتى يقبضها المأمور
فلا افسخ ذلك، وإن افترقا فسخ الصرف، ابتعت السلعة قبل الصرف أو بعده. [5/
371]
(5/371)
قال ابن القاسم في الرجلين بينهما دراهم
صرفاها بدينار، أو حلي أو تبر صرفاه بنقرة، فلا بأس أن يوكل أحدهما الآخر
بقبض ذلك ويذهب عنه، ومن لك عليه دراهم حالة، فبعتها من رجل بدنانير نقدا
قبل يقبضها؛ فإن انتقد مبتاعها منك وانتقدت أنت الدنانير مكانكما، وإلا لم
يجز. قال أشهب: فإن افترق أحد منهم قبل ذلك نقض الصرف، وإذا لقيت من غصبك
دينارا جاز لك أن تصرفه منه، وإن كان رهنا فصارفته فيه أو قضيته بعضه في
الدين وصارفته بعضة لم يجز. قاله مالك.
وكذلك في الوديعة. وقال عنه أشهب في الوديعة: إنه جائز وبرواية ابن القاسم
أقول. وإن غصبك جارية ثم أخبرك بمكانها فلا بأس أن تبيعها منه وينقذك، ولو
كان وديعة لم يجز. وقال سحنون: ولا يجوز في الغصب حتى يخير في تصمين
القيمة.
قال ابن القاسم: ومن لك عنده مائتا درهم وديعة فلقيك فأعطاك مائة وهضمت عنه
مائة لم يجز حتى يعطيك من دراهمك.
ومن العتبية، من سماع أشهب وذكرها محمد: وإن رهنت ديناراً في دراهم تسلفتها
ثم صرفته منه كالغد فلا خير فيه؛ وليأخذ ديناراً ويؤد ما عليه.
ومن كتاب محمد، ومن رهن ديناراً في دراهم ثم أتاه فصرفه منه فترك له حقه
وأخذ ما بقي فأجازه مالك إن لم تكن عادة، ثم كرهه وإن لم تكن عادة. وفي آخر
الكتاب باب دفع المأمور، فيه شيء من ذكر الوكالة في الصرف.
فيما يظهر بعد الصرف من نقصان
أو استحقاق، والتصديق في الصرف
من كتاب محمد: ولا يجوز أن يصارفه بسوارين، على أن يصدقه في وزنهما وينقض
البيع، وإن افترقا ووجدهما كذلك، فلابد أن ينقض، ولو وزنهما قبل [5/ 372]
(5/372)
التفرق فوجد نقصا فرضيه، أو زيادة فتركها
الآخر، فذلك جائز/. قال أشهب: إذا افترقا على التصديق ثم وجد زيادة أو
نقصانا وترك من له الفضل، فذلك جائز. قال: وكذلك الدرهم يجده رديئاً أو دون
الوزن فيتجاوزه. قال محمد: إما الرديء، ويسير النقصان فجائز إن لم يفترقا،
على أن يربى أو يزن. وكذلك لو طلبه بالبدل، فأرضاه على أن لا يبدل.
ومن العتبية، قال سحنون: لا يجوز التصديق في الصرف، ولا في تبادل الطعامين.
وقاله مالك في كتاب محمد.
قال مالك: ومن وجد في الصرف نقصا فتجاوزه فذلك له، وقد قال: ليس ذلك له،
وإن كان يسيرا قال قبل ذلك: أما في اليسير كالدانق ونحوه فذلك له وقال في
النصف درهم في الدينار لا يجوز، قال: وكذلك لو صرفه لك وكبلك نقصا نصف
درهم، فتجاوزته فلا يجوز.
وقال أصبغ عن ابن القاسم: إن نقصت الألف درهم مثل الدرهم فهو خفيف، وأما في
دراهم الدينار، فلا يجوز أن يتجاوز عن النقص وإن قل، وذلك فيما لا يكون من
نقص الموازين واختلافها، وإن وجد نقصا في بعضها أو وجد رديئا فأراد الرجوع
انتقص صرف دينار واحد.
قال مالك فيمن باع ورقا بذهب فنسي بعضها عنده أو خلفه، لم يخرجه من المأثم
إلا انتقاص الصرف.
وكره مالك أن يصرف منه ثم يستودعه الدراهم التي قبض، وله أن يتجاوز النقص
إن وجد بعضها ناقصا أو رديئاً. قال ابن القاسم: فإن أحب أن يبدل ويأخذ
النقص فليس له ذلك، إلا أن يناقصه الصرف، قلت؛ كم ينتقص؟ قال صرف دينار،
وإذا وجد في / الدنانير قبل يفارقه نقص دينار ثم افترقا على أن يأتيه به
فإن ينتقص صرف دينار. [5/ 373]
(5/373)
قال محمد: إذا فارقه على معرفة بالنقصان،
أو على أن يبدل ما وجد رديئا؛ فإنه ينتقص الجميع، قال: وإذا لم يجد معه من
مائة دينار إلا خمسين انتقص الصرف كله، إلا أن يشاء أن يأخذ ما وجد منها،
كمبتاع مائه قفيز لا يجد إلا خمسين، يريد ابن القاسم قبل التفرق، وافترقا
على إبقاء الصرف فيما لم يجد معه قال أصبغ: ينتقص الصرف كله، وليس ما ناظره
به ينتظر. وواجد النقص بعد التفرق من غير الصرف كالغيب، بخلاف الصرف الذي
لا يتأخر، ومن صارفته فلم يكن معه تمام الدراهم فتركت له ما عجز قب التفرق
أو حططته ما شئت فذلك جائز، وتأخذ بما عجز ما شئت نقدا. وهذا في العتبية من
سماع ابن القاسم قال مالك: وإن وجد الدنانير القائمة ناقصة بعد التفرق،
فتجاوزها فذلك جائز يريد نقصا في غير العدد.
قال أشهب: إذا وجد في الدراهم نقصا أو رديئا فردها ثم صارف بها مكانه بعد
أن أخذ دنانيره، فذلك جائز ما لم يكن فيه وأي، ولو رد الدراهم، ثم صارفه
ولم يقبض منه الدنانير، فلا بأس بذلك.
قال أصبغ: وله أن يؤخره بالدنانير وإن ثبت الفسخ؛ قال مالك: وله أن يأخذ به
منه بعد ذلك قمحا يريد نقدا، ولو كان الدينار في منزله فقال له أعطيك به
نقرة أو أبدل لك الدراهم فذلك جائز. يريد/ وقد تم الفسخ. وفي آخر باب من
وجد رديئا ما يشبه هذا.
من العتبية روى عيسى عن ابن القاسم، فيمن صرف دنانير بدراهم فذهب فوزنها
عند آخر فتقصت فرجع إلى الصراف فاستراب ميزانه فذهب معه إلي حيث وزن كما
ذكر، فوزن أيضا الصراف الدنانير هنالك فوجدها تنقص مثل نقص الدراهم، قال:
إن كانت الدنانير مجموعة انتقص من الصرف بقدر ما نقصت هذه. هذه المسألة
فيها نظر، ولا ينتقص من الصرف شيء لأن ما نقص [5/ 374]
(5/374)
من الذهب نقص حداه من الدراهم بذلك
الميزان، فلم يبق لأحدهما عند الآخر شيء.
محمد: قال ابن القاسم وإن صرف خلخالين فاستحقا بمحضر المتصارفين وحضور
الخلخالين فربها مخير أن يجيز ذلك ويأخذ الثمن من المتعدي أو يرد، وقاله
أشهب استحسانا، قال: والقياس الفسخ؛ لأنه صرف فيه خيار. قال محمد: ذلك
جائز، ولم يكن البيع الأول ببيع.
قال ابن القاسم: وإن غاب المتعدي، فالمستحق مخير البيع ويأخذ الثمن من
المبتاع ثانية إن رضي له المبتاع بغرمه ثانية، وإلا أخذهما منه ربهما، إنما
قال هذا محمد، لأن ليس على المشتري غرم الثمن ثانية إلا برضاه.
فيمن وجد فيما صرف رديئا
أو ظهر فيما قلب لغيره
من كتاب محمد قال مالك: ومن صرف دنانير بدراهم ثم وجد درهما زائفا أو ناقصا
فإنما ينتقص صرف دينار، وكذلك إن وجد دراهم رديئة مثل صرف دينار فأقل فلا
ينتقص إلا/ دينار، فإن كانت أكثر من صرف دينار، انتقص صرف دينارين على هذا
الحساب، وما فات من الجياد، رد مثلها، وإذا وجد رديئا بعد أن أنفق بقية
الدراهم رد مثلها.
قال ابن القاسم: ومن لك عليه ثمانية قراريط حالة فصارفته فيها بثمانية
دراهم ثم وجد منها درهما رديئا فرددته فإنك ترجع بقيراط ذهب فقط، يأخذ فيه
أقل من درهم أو أكثر ما بلغ يوم ترجع به عليه، وكذلك في درهمين لاينتقص غير
قيراطين. وإن كان لك عليه عشرة دراهم فأخذت بها منه عشر خراريب ذهب قراضة،
قراضة رديئة فينتقص صرف درهم وهذه المسألة من أولها رواها أبو زيد عن ابن
القاسم، في العتبية. [5/ 375]
(5/375)
ومن كتاب محمد قال ابن القاسم وأشهب فيمن
ابتاع طوقا من ذهب بألف درهم ثم وجد به عيبا فصالح البائع على دينار دفعه
إليه أو دراهم، فذلك جائز.
قال ابن القاسم: دراهم من سكة الثمن لايجوز على خلافها ولا على فضة، وقال
أشهب: يجوز على دراهم من غير صنف دراهمه؛ لأنه إنما ابتاع منه الرد عليه
بالعيب، وبيعهما الأول على الصحة.
وقال سحنون: لا يجوز فيه الصلح. وإما رصينه أو رده كدينار رديء.
ومن كتاب محمد، من العتبية من رواية أبي زيد عن ابن القاسم – ورواية محمد
أتم – ومن صرف نقرة فضة بوزن أو جزاف بعشرة دنانير، قال في العتبية / سمى
في الوزن لكل دينار شيئا أو لم يسم، ثم وجد في النقرة مسمار نحاس أقل من
دينار فإنما ينتقص صرف دينار من أصغر الدنانير.
من المجموعة قال: وكذلك إن كانت مقطعة انتقص أصغر ما لم يكن أصغر من حصة
وزن المسمار، وإن كانت أصغر قطعة فيها أكثر من حصة المسمار وأزيد من النقرة
الفضة إلى تمام ذلك، وإن كانت حصة المسمار أكثر من دينار انتقص من دينارين،
وإن كانت قطعا فأصغر ما يقدر عليه ما لم ينقص عن صرف المسمار.
وقال عيسى، في العتبية عن ابن القاسم: وإن كانت الدنانير قائمة والنقرة
جزاف وقد وجد درهما نحاسا في النقرة؛ فإن كان وزنها مائة درهم فلينتقص صرف
دينار، وإن كانت مجموعة انتقص منها أقلها وزنا ومن العتبية، ومن رواية أبي
زيد عن ابن القاسم.
ومن كتاب محمد: وإن ابتاع خلخالين أو سوارين من ذهب أو حليا كثيرا من ذهب
بدراهم، فوجد في الخلخالين أو في السوارين: قال في العتبية من أسورة [5/
376]
(5/376)
كثيرة بأحدهما عيبا؛ شقا أو كسرا أو في
رؤسهما نحاس – قال في العتبية في رأس أحدهما- فليردهما جميعا، بخلاف النقرة
التى لا يرد منها إلا ما وجد رديئا ولو وجد درهما في الثمن زائفا فرده،
انتقص بيع الحلي كله، وإن كانوا أسورة كثيرة، أو خلاخل قال في كتاب محمد:
ولو كان الذهب سبيكة أو قراضة لم ينتقص إلا حصة الدراهم/ من ذلك.
من العتبية من سماع عيسى من ابن القاسم: وإن اشترى أزواج أسورة من ذهب
بدراهم فوجد في زوج منها نحاسا فليرد الأسورة كلها ولو كانت مائة، وروى أبو
زيد عن ابن القاسم في الخلاخل: لا ينتقص إلا صرف زوج منها إذا وجد بأحدهما
عيبا، وذكر في روايته أنه اشتراها جزافا.
قال في رواية عيسى: فإن فات بعضها رد ما بقي بالقيمة وروى عنه أبو زيد،
فيمن اشترى ثوبا ودراهم بدينار، فوجد درهما زائفا فإنه ينتقص البيع والصرف
وهذه في باب البيع والصرف مستقصاة.
قال ابن حبيب كان ابن شهاب والليث، وابن وهب يجيزون البدل في الصرف.
ومن العتبية ابن القاسم، عن مالك فيمن واجر صرافا ينتقد له دنانير أو يزنها
في بيع ميراث فوجد فيها رديئا، فلا يضمن إلا أن يغره من نفسه وفي موضع آخر
لا يضمن وإن غر من نفسه وتحرم اجارته ويؤدب قال مالك وهذا معنى تضمينه قال
ابن القاسم: وإن لم يغر فله أجره ولا يضمن، قال سحنون: الأول أصح.
ومن العتبية سماع ابن القاسم: ومن ابتاع دراهم بمثقال ذهب فوجد رديئا فرده
فأراد أن يعطيه به دينارا مضروبا فلا ينبغي حتى يفسخ ذلك ثم يأخذ منه ما
راضاه عليه من مثقال ذهب أو دراهم. [5/ 377]
(5/377)
ومن كتاب محمد قال مالك: ومن لك عليه دينار
قائم فأعطيته دينارا فوجده ناقصا فصرفه ثم أعلمك فقلت له/: أعطني هذه
الدراهم، وخذ دينارك فذلك جائز إن لم يتأخر ذلك – يريد: ورصينا جميعا –
فليرد مثله إن فات، ويأخذ ديناره القائم.
قال: وإن صرفت دينارك بدراهم ثم عدت إليه فقلت له ألحقني بصرف الناس فقد
بخستني فزادك درهما فذلك جائز، فإن وجدت الدرهم بعد ذلك زائفا فليرده وحده،
ولا ينتقص الصرف، وإن وجد في الدراهم الأولى رديئا انتقص الصرف إن رددته؛
ولترد معه الدرهم الزائد قال في المدونة إذا استزاده بعد التفرق، فزاده
درهما فألفاه رديئا، فليس عليه بدله. فلعل محمداً إنما أوجب بدله بقوله:
بخستني من صرف الناس فألحقني بالصرف. فكأنه شيء أوجبه على نفسه بهذا القول.
باب في الشرك والتولية في الصرف
وفي صرف بعض دينار أو حلي
ومن صرف دراهم مختلفة
من كتاب محمد: ومن ابتاع دراهم بدنانير، فسأله رجل أن يشركه فينقد عنه لم
يجز إلا أن ينقد حصته فقط قبل التفرق، ولو قال له قبل الشراء اشتر وأشركني
وانقد عني لجاز على المعروف، وكذلك في الطعام المؤجل إنما يجوز قبل الشراء؛
ولو سأله أن يشركه ولم يذكر النقد فلما رضي سأله أن ينقد عنه لم يجز في
الصرف والطعام إن كان الأول قد نقد، وإن لم يكن نقد فلا يجوز في الصرف، ولا
ينقد إلا حصته، ويجوز في الطعام إن لم يكن يشترط في أصل الشركة، قال ابن
القاسم ولا يجوز في طعام بعينه أن يشترك فيه قبل قبضه قبل أن / ينقد عنه،
ولو تطوع بذلك بعد تمام الشركة جاز.
ومن سأل رجلا سلف ذهب واشتركا في شراء دراهم بها فذلك جائز إلا أن يجيز نفع
معونته، قال مالك: ولا يجوز بيع نصف دينار أو نصف نقرة من رجل [5/ 378]
(5/378)
وإن قبض المشتري جميع ذلك، وكذلك في
العتبية وقال فيها: لا يشرك رجلا في حلى اشتراه ودراهم، ويفترقا قبل
القسمة، وإن انصرف له كله ولا يجوز حتى يقاسمه.
ومن كتاب محمد: قال أشهب في شراء نصف خلخال بنصف وزنه: فإن سلم إليه جميع
الخلخال فذلك جائز، وروى أشهب في نقرة عن مالك خلافه.
قال ابن القاسم: لم يجزه مالك في ذلك ولا في دينار، قال مالك: ومن اشترى
سوارين على أن فيهما أربعين درهما فوجد قبل التصرف زيادة أو نقصانا، فإن
ترك الفضل من له الفضل، وإلا لم يجز صرف بعضها، وإن قبضها المبتاع، وكذلك
بعض دينار.
قال ابن القاسم في دراهم مختلطة سود وبيض وسعرهما مختلف فلا يجوز لرجل أن
يشترى جميعها بعضها ببعض، بسعر واحد حتى يعلم ما فيها من كل صنف، وكذلك لو
قال: أخذت السود على كذا، والبيض على كذا لم يصلح حتى يعرف ما في كل صنف،
ولا يجوز بمعرفة صنف واحد لا جزافا ولا وزنا.
في التصرف من رجلين
وصرف بعض دينار أو بعض نقرة أو بعض حلي
من كتاب محمد والعتبية أشهب قال مالك: ولا بأس بصرف دينار أو نقرة من
رجلين، ولو غاب أحدهما قبل قبض الآخر فلا بأس به، قال ابن / القاسم وكذلك
الحلي بخلاف بيع نصف دينار ونصف نقرة ومن عليه لرجلين لكل واحد منهما نصف
دينار، جاز أن يعطيهما جميعا ديناراً.
ومن كتاب محمد: ومن لك عليه نصف دينار ومن بيع أو قرض فصرفت من آخر نصف
دينار ودفعت إليهما دينارا بيهما لم يجر، وكذلك لو أن لرجلين عليك [5/ 379]
(5/379)
ثلثي دينار لكل واحد ثلث دينار فدفع أحدهما
إليك ثلث دينار دراهم ودفعت إليهما دينارا ليكون لهذا ثلثاه، ولهذا ثلثه لم
يجز لأن كل واحد صرف منك ما لم بين به، وهو حول في الصرف، وكذلك لو قبض
الدينار مصرف الثلث، وكذلك لو كان لأحدهما عليك نصف ولآخر ثلث فصرف منك
صاحب الثلث سدس الدينار ودفعته إليه أو إليهما، ولم يجز، ولو صرفت ذلك
الجزء منهما لجاز ذلك، قبضا الدينار أو قبض أحدهما.
قال محمد: إذا اشتركا في دراهم بقية الدينار قبل الصرف. وكذلك لو أسلف
أحدهما الآخر جزاه من الدراهم قبل دفعها، فأما بعد فلا يحل، وذكر العتبي
هذه المسألة من أولها عن أصبغ عن ابن القاسم، وقال: لا يصلح حتى يكون
القضاء فيه كله والبيع فيه كله بينهما.
ومن كتاب محمد: ولو كانوا ثلاثة لكل واحد عليك ربع دينار صرفت من أحدهم
ربعا ودفعت الدينار إليه أو إليهم قضاء، لم يجز، ولو صرفت من كل واحد
قراطين جاز ذلك قبض من كان منهم.
محمد: إذا تشاركوا في الدراهم التي تخارجوا قبل دفعها؛ فإما أن يشتري/ كل
واحد قراطين، ولا حتى يشتركوا في الدراهم بدءا.
قال ولو كان لك على رجلين ثلث ثلث أو ثلث ونصف، أو ربع، فدفعت إلى أحدهما
بقية الدينار دراهم، وقبضت منه أو منهما دينارا مكانك فهذا جائز، كما لو أن
لك على رجل نصف دينار فدفع إليك عن رجل دينارا، وكذلك ذكر أصبغ في العتبية
عن ابن القاسم.
قال محمد: يعجبنا قوله في أخذ الدينار من قابض الدراهم، وتحيله على صاحبه
بثلث، وكذلك لو دفعت عرضا إلى دافع الدينار إليك في الثلث؛ لأن دافع الثلث
يمكن أن يزيده ليضمن له عن الآخر الثلث الباقي فيدخله ضمان بجعل، ولا يجوز
ضمان مع صرف ولا مع بيع، ولو ضمن دافع الدينار ما على [5/ 380]
(5/380)
صاحبه قبل ذلك ومن غير شرط جاز أن يدفع
ديناراً ويأخذ بقيته مكانه؛ عرضا أو ورقا، وإن تأخر عليه على أنه ثلث دينار
كما هو جاز ذلك، ومن لك عليه نصف دينار فأعطاك دينارا على أن تحيله على
فلان بنصف لك فذلك جائز لأنك لم تأخذ منه ولم تعطه.
قال محمد: كما لو جعلت النصف الباقي في سلعة، ولو كان في ذلك زيادة من قابض
الدينار درهم واحد لم يجز أو قال: ونصفا قضاء عن فلان كان بينا أنه جائز،
وكلام محمد يدل على أن صحح السؤال نصف قضاء لك عنى ونصف قضاء لك عن فلان.
قال ابن القاسم: ولكن لو كان لك على فلان ثلث وعلى هذا نصف فدفعت أنت إلى
هذا بالسدس ورقا أو عرضا وأحلت على فلان بالثلث، وأخذت / منه دينارا، لم
يجز قال محمد: ويدخله في العروض أنه لم يرض الحوالة إلا بما زاده في العرض،
ولو كان بينهما سلعة من قابض الدينار معجلة أو مؤخرة إلى أجل لجاز، وإنما
أكره ذلك في الحول أن يكون معه شيء قال محمد: ولو دفع إليه أحدهما دينارا،
وإنما عليه ثلث، وعلى صاحبه ثلث، وسكت عن الثلث الباقي ولم يشترط فيه شيئا،
فهو خفيف إن صحت نياتهما. قلت وكيف إن علما أن لابد من دفع الثلث الآخر؛
إما دراهم أو سلعة؟ قال: لأنه لم يقع بيع وضمان، ولا صرف وضمان، ولا سلف
وضمان، وقد لزم ضمان دافع الدينار قبل تقع مبايعة ولا صرف ولا ضمان زاده
قابض الدينار في الصرف، أو في ثمن سلعة ما ضر ذلك؛ لأنه لو شاء ألا يزيده
ولا يخرج مما لزمه من الضمان.
قال مالك: وأن ابتعت من رجل ثوبا بنصف دينار ومن آخر ثوبا بثلث دينار
فأعطيتهما دينارا فيه نصف وثلث فلا بأس بذلك.
محمد: ولو دفع إليك دينارا وازنا وأخذ من صاحب الثلث بالسدس دراهم لم يجز
وإن أخذ الدراهم منهما، ليكون السدس بينهما على ما أخرجا جار، ولو تسلف من
هذا دراهم ومن الآخر دراهم، ودفع إليهما دينارا ليكون بينهما في دراهمهما
لم يجز، وإن اشتركا في الدراهم قبل يقبضها ثم أسلفاه إياها جاز أخذهما. [5/
381]
(5/381)
الدينار، وكانا بمنزلة رجلين اشتركا في
دراهم ثم صرفا بها دينارا فذلك جائز، وإن لم يشتركا حتى دفع أحدهما دراهمه
/ في نصف دينار بعينه ودفع الآخر دراهم في نصف الآخر لم يجز، وقال مالك:
ومن وهب نصف نقرة له فضة لرجل، وباع نصفها من آخر لم يجز وإن كانت الهبة
والبيع معا، قال مالك: ولا بأس أن يصرف نقرة من شريك، فيهما.
محمد: إن حضرت النقرة وإلا لم يجز وإن كانت عند المبتاع، ولا يجوز من غير
الشريك وإن حضرت إلا بعرض، وأجاز ابن القاسم الشريك في النقرة أن يعطيه مثل
نصف وزنها دراهم، وكذلك الحلي، وروى أشهب أن مالكا لم يجزه.
وقال أشهب: ويجوز في الحلي أن يعطيه نصف وزنه ذهبا إن كان ذهبا وفضة في
الفضة لضرر قسمته، ولا ضرر في قسمة النقرة وذكر في العتبية ابن القاسم عن
مالك أنه أجاز أن يعطي لشريكه في النقرة في نصفه دراهم، إن كان بالحصنرة
يدا بيد.
ومن العتبية عيسى عن ابن القاسم: وقال في دراهم لرجل سود ودراهم يزيدية
مختلطة في كيس فصرفها منه كلها على اثنين وعشرين بدينار، وأحد الصنفين يسوى
كذلك، والآخر يسوى ثلاثة وعشرين فلا خير فيه حتى يعرفا جميعا: كم فيها من
هذه، وكم من هذه؟ ولو عرفا: كم في أحدهما ولم يعرفا كم في الأخرى لم يجز
وقد ذكرت في البيوع.
باب في بيع سلعة ودراهم بدينار نقدا أو مؤجلا
وكيف إن وجد في الدراهم رديئا؟
من الواضحة: ومن باع عرضا ودراهم بدينار وذلك كله/ نقدا، فجائز؛ قلت
الدراهم أو كثرت في الدينار الواحد. [5/ 382]
(5/382)
فأما إن كان فيه أجل فإنما يجوز أن تكون
الدراهم قليلة درهمين أو ثلاثة، وإن يتأخر الدراهم والدينار، ويتعجل العرض،
فلا يجوز. فيه من وقوع الأجل غير هذا، والعرض كبعض الدراهم لا يتأخر إذا
عجلت، ولا يفارق الدراهم الدينار فيتأجل أحدهما. ومن ابتاع عرضا ودراهم
بدينار أو بدنانير؛ فإن كانت الدراهم أقل من صرف دينار فذلك جائز وسبيله في
تعجيل بعضه وتأخير بعضه مثل ما فسرت في الدنانير، وإن كانت الدراهم قد صرفت
بدينار فهو مكروه لأنه بيع وصرف كرهه ربيعة ومالك وأكثر أصحابه، واستخفه
بعضهم، ونحن نكرهه وليس بحرام بين.
ومن كتاب ابن المواز: وأجاز مالك في النقد بيع سلعة بدينار إلا خمسة دراهم
قال ابن القاسم: إنما جوزه في أقل الدينار، مثل أن يشتري بثلثي دينار أو
بثلاث أرباع دينار سلعة فيدفع بقية الدينار دراهم، فإن كان الورق أكثر
الدينار فقد كرهه مالك وغيره.
قال مالك: ومن ابتاع ثوبا بدينار إلا درهما لم يجز تأخير الثوب وإن تناقدا
إلا أن يتأخر لمثل خياطته، وحتى يبعث في أخذه وهو بعيبه فلا بأس به، وقد
أختلف قوله مالك في تعجيل الدينار والدراهم وتأخير الثوب، وخفف في رواية
أشهب/، وذكر عبدالله بن عبد الحكم أنه أجاز أن يشتري ثوبا بدينار إلا
درهما. الدينار نقدا، والثوب والدراهم إلي أجل، قال ابن القاسم: كرهه بعد
ذلك، وقال: إنما أرخص في صكوك الجار.
قال أصبغ في العتبية عن ابن القاسم، فيمن ابتاع ثوبا بدينار إلا درهمين،
فدفع الدينار، وتأخرت الدرهمان، فلا بأس بذلك.
وروى عن ابن عبد الحكم أن لا بأس بشراء ثوب بدينار إلا ثلاثة دراهم إلى
أجل.
ومن كتاب محمد: قال ابن القاسم وأشهب عن مالك: وإن عجل الثوب، وعجل الدينار
وحده، وتأجلت الدراهم لم يجر، وإن عجل الثوب وتأخر الدينار [5/ 383]
(5/383)
والدراهم إلي أجل واحد جاز ذلك. قال: وإن
كان بدينارين إلا درهما يتعجل الثوب وينقد دينارا ويبقى دينار إلا درهما
إلى أجل أو يكون هو المعجل، فلا خير فيه، وكذلك ما كثر من دينارين وكانت
إلا درهمين أو إلا ثلاثة، فلا يتأخر بعض الذهب، ولا يجوز أن يتعجل من
الدراهم بقدر ما ينقد من الدنانير، لأن لما يتأخر من الفضة نصيبا في كل
دينار.
ومن العتبية، من سماع ابن القاسم: ومن له قبل رجل طعام من قرض، فباعه
بدينار إلا درهما فيعجل الدينار والدراهم؛ فإن حل ذلك جاز، وإلا لم يجز،
وخفف ابن القاسم، وإن لم يحل وكذلك روى عنه أبو زيد، قال سحنون: قول مالك
أصح.
وفي كتاب محمد قال: وإن ابتاع مائة جلد كل جلد بدينار إلا ثلاثة دراهم،
وذلك كله نقدا فذلك جائز.
ومن كتاب محمد والعتبية أشهب عن مالك فيمن ابتاع خمسة عشر جلدا، / كل جلد
بدينار إلا درهما إلي أجل ثم تحاسبا بعد البيع فصارت أربعة عشرة دينارا فلا
خير في هذا البيع قال محمد: تحاسبا أو لم يتحاسبا لكثرة الدراهم في المؤجل.
قال مالك: ولو قطعوا صرف الدراهم قبل العقد ووقعت الصفقة بدنانير معلومة
جاز ذلك نقدا ومؤجلا.
قال محمد: مثل أن يقولوا إن وقع بيننا بيع بدراهم فيتبعوها كذا وكذا
بدينار، فهذا الجائز، وإلا لم يجز نقدا ولا إلى أجل، وهو صرف وبيع إلا في
دراهم يسيرة، وقاله مالك في العتبية إذا كان ذلك قبل البيع، ومن كتاب محمد:
ومن اكترى دارا أو دابة بدينارين إلا ثلثا فنقد دينارين، وأخذ ثلاثة دراهم
في العقد، [5/ 384]
(5/384)
فكرهه مالك، ثم أجازه، وإجازته أحب إلينا،
وروى أبو زيد في العتبية عن ابن القاسم أنه أجازه قال مالك: ومن اكترى دابة
بنصف دينار أو بدينار ونصف فلا بأس أن يدفع دينارا ويأخذ من المكري نصفا
دراهم، أو يدفع الراكب النصف دراهم إن كان الكراء على النقد أو شرطاه، وإلا
لم يجز، وإن اكترى دابة بدينارين إلا ثلثا فدفع دينارين، وأخذ ثلثا دراهم،
ثم أصيب الدابة ببعض الطريق فليرد الكري دينارين ويأخذ دراهمه، ثم يحاسبه
بحصة ما ركب من حساب ما أكرى كعبد بيع بعشرة دنانير إلا ثلثا، فنقد عشرة،
وأخذ ثلثا دراهم، ثم رد بعيب فيه، وقال مالك، فيمن ابتاع بنصف دينار قمحا،
فدفع دينارا، وأخذ نصفا دراهم مكانه ومضى ليأتي بحمال فلا خير فيه، عقد على
الصرف أو كان ذلك بعد التواجب.
وكذلك إن كان ثوبا فتأخر قبض الثوب لم يجر، ولو تعجل دفع الدينار وتعجل
الثوب والنصف الدينار الدراهم كان جائزا.
قال مالك: وإذا ابتاع ثوبا بنصف دينار فنقد دينارا وتعجل الثوب والدراهم في
نصف فذلك جائز، ولو تقابضا بما يجوز ثم وجد بالثوب عيبا أو درهما زائفا،
وانتقض كل ما بينهما من بيع وصرف إن أحب الرد، وكذلك إن وجد قابض الدينار
به عيبا فرده.
قال محمد: إن وجد في الدراهم درهما رديئا لم ينتقض إلا صرف الدراهم إلا إن
كان اشترى الدراهم والثوب في صفقة، وعلى ذلك الجواب الأول. ولو أخذ الثوب
بأقل من دينار فدفع دينارين وأخذ الثوب والدراهم فوجد درهما رديئا فليرد
الدراهم تمام صرف دينار ويرجع دينارا، وإن كان العيب بالثوب رده ورد معه
تمام صرف دينار وأخذ ديناراً، وإن كان الثوب بأكثر من دينار بخروبة انتقض
الجميع، وإن فات الثوب فلا يأخذ لعيبه قيمة، ولكن يرد قيمته ويرد معه بتمام
صرف دينار واحد، ويأخذ دينارا واحدا، وإن كان قيمته أكثر من دينار انتقض
الجميع فرد [5/ 385]
(5/385)
قيمته مع الدراهم وأخذ ديناريه وهذا في
فوته بقطع أو تلف. ولا تفيته حوالة سوق وليرده، وإن وجد درهما زائفا وقد
تغير سوق الثوب وقيمته أكثر من دينار، فهذا يرد قيمته مع الدراهم، ويأخذ
ديناريه، وإذا كان أحد الدينارين رديئا، فليردهما ويأخذ ثوبه كان أقل من
دينار أو أكثر، ويأخذ دراهمه، وإن فات الثوب هاهنا بتغيير سوق رد قيمته مع
الدراهم.
وذكر ابن حبيب في هذه المسألة من أولها مثل ما ذكر محمد، إلا أنه قال: إذا
وجد درهما رديئا وقد ابتاع سلعة ودراهم بدينارين، فليرد مع الدراهم الردئ
تمام صرف دينار من الدراهم. قال: وإن كان فيها أكثر من صرف دينار على قول
من يجيز بيعا وصرفا فليرد جميعها مع العرض ويأخذ دينارين، وإن كانت الدراهم
اقل من صرف دينار ردها مع تمام دينار من العرض إن تبعض، وإن كان لا تبعض،
رد جميعه، وانتقض ذلك كله.
ومن كتاب محمد: ومن ابتاع ثوبا بدينار إلا درهمين نقدا ودفع الدينار وقبض
الثوب والدرهمين ثم وجد درهما رديئا فقال مالك: يبدله، وليس بصرف واحتج
بصكوك الجار. وقال عنه ابن وهب: ينتقض ذلك كله. وخالف بعض جلسائه، فلم يرد
به بأسا.
فيمن باع بدينار إلا ثمنا أو إلا درهما
فتأخر ما يرد أو يعجل وتأخرت السلعة
قال ابن القاسم، وأشهب: وإن ابتاع بدينار إلا ثمنا ودفع دينارا وأخر قبض
الثمن فذلك جائز وإن كان بدينار إلا درهما وإلا درهمين فدفع الدينار وأخر
الدرهم فأجاز هذا أشهب ولم يجزه ابن القاسم وهذا صواب. وقال مثله أشهب في
كتبه أنه لا يجوز قال: ولعله إنما أجاز إلا قيراطا؟ وإلا قيراطين، فيوخر
القيراط، فهذا جائز فأما الدراهم فلا يجوز عند مالك / وجميع أصحابه، وكذلك
بدينار إلا درهما، الدينار والدرهم مؤخران، لم يختلفوا في إجازته، واختلف
قول مالك في تعجيل الدينار والدرهم وتأخير الثوب فأجازه وكرهه، وكره أيضا
ابن القاسم وابن وهب. [5/ 386]
(5/386)
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم عن
مالك فيمن باع سلعة بدينار إلا ثلثا على أن يدفع البائع إليه ثلثا إذا جاءه
بالدينار فلا خير فيه، وليتبعه بثلثين ولا يشترط شيئا ثم يتفقان عند القضاء
فإن تشاحا فليس عليه شرط، رجع ابن القاسم، فقال: ولا خير فيه بالنقد إلا أن
يشترط دراهم معدودة. يريد: وبعده قبل التفرق ويريد في أول المسألة على أن
يدفع إليه البائع دراهم وكره هذا الشرط.
باب بقية القول في البيع والصرف
أو عرض وفضة أو بفضة أو فضة وذهب بذهب
والأخذ من الدين عين وعرض وصرف الدين
من كتاب محمد: وخفف مالك أن يأخذ بالدرهم بنصفه من السقاط لحما، أو حاجة
وبباقيه فضة. وكره أن يأخذ من الفضة أكثر من نصف وخففه في رواية أشهب، أن
يأخذ منه بكسر لحما أو غيره، وبباقيه من الدراهم الصغار، قال أشهب: أما كل
بلد تجري فيه الفلوس فلا خير فيه، وكره مالك أن يأخذ بالدرهم بنصفه فلوسا
وبباقيته دراهم صغارا، وأجاز أن يأخذه ببقيته حنطة / [وقاله ابن القاسم،
وأشهب في الوجهين، وكره مالك والليث أن بثلثي دينار حنطة]،فتدفع دينارا،
وتأخذ. بالثلث قطعة ذهب منقوش.
ومن العتبية قال عيسى عن ابن القاسم، فيمن عليه ثلثا درهم فدفع درهما وأخذ
بثلث درهم فلا بأس به، وإن كان من قرض فلا يجوز، كما لا يجوز نقداً.
وروى عنه أبو زيد، فيمن ابتاع بنصف درهم سلعة فدفع درهما فيه ثلثان، وأخذ
بالدانق فلوسا، وقال: أكره أن أتكلم في هذا فأضيق على الناس وكأنه [5/ 387]
(5/387)
كرهه، قيل: فإن ابتاع بدرهم كيلا فدفع
درهما ودانقا كيلا، وأخذ بالدانق فلوسا قال: هذا أيسر في الكراهية.
ومن كتاب ابن المواز: ومن ابتاع ثوبا بدينار ودرهمين، نقد الدرهمين، وتأخر
الدينار، فذلك جائز، وروى عن عيسى فيمن ابتاع سلعة بثلثي دينار من رجل ثم
أتاه بعد ذلك فأسلف منه دراهم ثم قضاه في الجميع دينارا فجائز، لأنه يجوز
في أصل البيع، ولو كان ثلثا الدينار يبرأ سلفا لم يجز لأنه ورق وذهب بذهب
ومن سماع ابن القاسم: ومن اشترى من السقاط بالدانق والدانقين حتى يكثر
فيكون درهمين وثلاثة، فيعطيه دراهم فلا بأس به، ودين الله يسر.
ومن كتاب محمد: وإذا رهن عند السقاط سوار فضة فكان يأخذ الخبز والأفلس فصار
له عشرون قيراط فلوس، فباع من السوارين بما عليه وبأرطال خبر مؤخرة، يأخذ
كل يوم رطلين، لم يجز إلا أن يتعجل الخبز مكانه، قال محمد جائز أن يتأخر /
بالخبز إن حضر السوار.
قال ابن عبد الحكم، فيمن صرف ديناراً فبقي له ثلاثة دراهم فله أن يأخذ بها
فلوسا مكانه قال عنه ابن وهب وإن بقى له نصف درهم فله أن يأخذ به حنطة
مكانه.
قال مالك: ومن صرف دينارا، فلم تعتدل الدراهم إلا بزيادة نصف درهم من عند
رب الدينار، فلا خير فيه ومن له عليك نصف دينار، فقضيته دينارا؛ نصفه فضة
ونصفه في سلعة إلي أجل فذلك جائز ما لم يكن النصف الأول دراهم سلفا ليس
بنصف ذهب، وأما من ثمن سلعة فجائز إن حل أو كان حالا. قاله ابن القاسم، وإن
لم يحل لم يجز، وهو بيع وسلف، وضع وتعجل، قال مالك، ومن لك عليه نصف دينار
فلا تأخذ به دراهم، ولا يجوز أن تعطيه نصفا آخر دراهم وتأخذ دينارا، وإن
دفعت إليه عرضا فجائز، وكرهه ابن القاسم، وهو أحب إلي؛ لأن تعجيل الحق سلف
قارنه بيع، وأرى مالكا استخف لقلة ثمنه. [5/ 388]
(5/388)
ومن العتبية، ذكر أبو زيد عن ابن القاسم
قول مالك هذا وقول ابن القاسم، وزاد عن مالك: وإن كان لك دينار أو نصف لم
يحل فلا يجوز أن تأخذ دينارا وبالنصف دراهم، ولك أن تأخذ بالنصف سلعة، وليس
هذا بيع وسلف إذا أعطاه دينارا بالنصف سلعة، فلا تأخذ منه ديناراً وتؤدي
دراهم.
قال ابن حبيب: قال مالك: ومن اشترى تور نحار بدرهمين ودانق، فأكره أن يعطي
في الدانق فلوساً.
ومن العتبية من سماع ابن القاسم، فيمن يأخذ من السقاط/ بنصف دينار زيتا
وبربع تمرا ً فيدفع ديناراً ويدع عنده الربع الثاني على غير شيء، فلا بأس
به، وكذلك الدراهم.
في صلح الورثة الزوجة أو الشريك شريكه
من عين وعرض وغيره على مال
من كتاب محمد: ومن هلك عن زوجة وولد وترك عينا وعرضا لم يجز أن يصالحها
الولد على دنانير من عند نفسه، ولو ترك دنانير دينا وعروضا حاضرة فعجل لها
من عنده حظها من الدنانير وتركت ما بقي لم يجز، وإن ترك ثمانين ديناراً
عينا وديونا من طعام بيع، أو من عروض، أو من دنانير فأعطاها عشرة من
الدنانير وتركت ما بقي، فقال ابن القاسم: ذلك جائز، إلا أن تكون العشرة من
عنده فلا يجوز، وأجازه أشهب إن كانت مثل سكة الثمانين ووزنها، وإن خالفتها
لم يجز، وإن كان الثمانون دينا وترك غيره أشياء حاضره وفي الذمم لم يجز
صلحها على ذلك من عنده. [5/ 389]
(5/389)
ولو كانت الثمانون جميع التركة جاز أن يعجل
لها عشرة من عنده كانت الثمانون حاضره أو غائبة إذا كانت كسكة ما ترك في
جودتها ووزنها. وإن افتصل شريكان على أن يعطي أحدهما الآخر دنانير وفي
حانوتهما متاع ودنانير ودراهم وفلوس، قال مالك: لا خير فيه، وإذا كان في
الشركة، أو في التركة دنانير ودراهم وفلوس ومتاع وطعام، وذلك كله حاضر، لم
يجز صلح المرأة ولا الشريك على دنانير، إلا أن تكون ليس/ ثم دنانير غيرها،
والدراهم يسيرة لا تكون صرف دنانير، إلا أن تكون ليس/ ثم دنانير غيرها،
والدراهم يسيرة لا تكون صرف دينار.
في السيف المحلى يباع بذهب أو فضة
من الواضحة: وكل مفضض من الخواتم والمناطق والمصاحف الأسلحة فهو كالسيف،
وإن كانت فضته تبعا لثمن الجميع بيع بفضة نقدا [وإن لم يكن بيع بذهب نقدا
ويجوز بعرض نقدا] ومؤجلا، وكذلك كل ما فيه الذهب مركب من حلي النساء من
التاج والقرقف والنقارس، والسوادر، والخواتم، والأدلة يباع ما ذهبه تبع
بذهب نقداً، وما ليس بتبع بيع بفضة نقدا أو بعرض نقداً، أو مؤجلا، وما كان
ذهبا مع جوهر مجتمعا فانتظم من العقود والأقرطة والقلائد فلا يباع بذهب،
كان تبعا أو غير تبع، ويباع بالورق نقداً، وإن كان في الحلي المركب ذهب
وفضة هما تبع لما هما فيه فلك بيعه بذهب أو بورق نقداً، فإن لم يكن تبعا لم
يبع بشيء منهما نقدا ولا مؤخرا، وإن كان أحدهما تبعا والآخر أكثر من التبع
فليبع بالتي هي تبع نقداً، ولا يباع بالأخرى بحال، ويباع ذلك كله بعرض نقدا
وأجلا، وإن كان في حلي الرجال ذهب وفضة، فلا يباع بذهب وإن كان تبعا، ويباع
بفضة إن كانت تبعا، وإن جازت التبع، لم يبتع بعضه بحال، ولكن بالعرض كما
قلنا. [5/ 390]
(5/390)
وما فضض من قدح أو سكين ومذهنة وصحفة وسرح
ولجام فلا يباع بفضة وإن قلت، وكذلك الخرزة والخازرة، إلا مالا بال له
كحلقة في قدح أو صحفة أو يسير من الفضة في أطراف / السرج واللجام، فقد
استخف لمتخذه، وخفف بيعه.
ومن كتاب ابن المواز، قال مالك: وما حلي به السيف والخاتم والمصحف من
الذهب؛ فإن كان قدر الثلث فأقل فلك بيعه بدنانير، وكذلك ما حلي بفضة يباع
بالفضة على هذا، لا تأخير في ذلك.
قال أشهب: إن نزل بتأخير لم يفسخ، وهو كالعرض، وما حلي بذهب وفضة، قال ابن
القاسم، عن مالك: فليبع بأقلها إن كان الثلث فدون، يدا بيد، وإن تقاربا بيع
بالعرض أو الفلوس. ثم رجع مالك، فقال: لا يباع بذهب ولا بورق على حال.
وبهذا أخذ ابن القاسم، وبالأول أخذ ابن عبد الحكم. وكره مالك بيع السكين في
نصلها فضة يسيرة، أن تباع بفضة.
وقال ابن القاسم، في حلية السيف وهي تبع إذا نقضت، فلا تباع معه بفضة.
ومن العتبية، ومن سماع ابن القاسم من مالك: وكره أن يجعل في فضة خاتمه
مسمار ذهب، أو يخلط بفضته حبة أو حبتا ذهب تصدأ.
باب في بيع تراب المعدن أو تراب الصاغة
وفي بيع المعدن
من الواضحة وإنما يباع تراب المعدن، بخلافه من ذهب وفضة، وإن بيع تراب
الذهب بالذهب أو تراب الفضة بالفضة رد، فإن فات واستخرج فهو [5/ 391]
(5/391)
للمبتاع، وعليه قيمة التراب. ولا يجوز بيع
رماد الصاغة بشيء، فإن نزل وفات واستخرج، رد ما خرج منه إلى البائع وذا
أجره. هذا بخلاف تراب المعدن.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك في البيوت المبنية في المعادن، والدكاكين
يبتاع ذلك الردل ليهدمه ليصفي ما فيه؛ فهذا غرر بخلاف ترابه لأنه يرى ويميز
ويكال ويحرض فيعرف قدره أو قيمته، والدكان لا يقلب ولا يرى، وإنما هو شيء
يرجى، ولا بأس بقسم تراب المعدن كيلا.
ولا يجوز بيع أصل المعدن، وهو غرر لا منتهى له، وإذا مات أقطع لغيره قال
أشهب: وكذلك إن ضعف عنه، وهو كثيرا الماشية وذكر عن ربيعة فيه شيء.
في بيع الفلوس وقرضها وصرفها
وبيع الدراهم أو الفضة جزافا
أو بوزن لا يعرف أو عدد
أو بالبيع بالرديء وقطع الدراهم
من كتاب محمد قال مالك في الفلوس والتهامي من الرصاص في بيعها بالعين إلي
أجل: لم يبلغني تحريمه عن أحد، وليس بحرام، وتركه أحب إلي. قال أشهب: وكرهه
الليث. قال أشهب: ويفسخ إن نزل إلا أن تفوت الفلوس بحوالة سوق أو بمطل.
واتفق ابن القاسم، وأشهب، أنه يبدل الرديئة منها في الصرف بعد التفرق.
قال ابن القاسم: من اشترى رطل دراهم بدينار فجائز إن كان معروفا. قال عنه
عيسى، في العتبية: إن كان معروفا، كم فيه من الدراهم الجارية؟ ولا يجوز بيع
رطل فلوس. قال محمد: قال أشهب في الفلوس البصرية بفلوسنا هذه: اثنين بواحد،
إن ذلك جائز. [5/ 392]
(5/392)
ومن تسلف نصف دينار فلوس أو نصف درهم فلوس
إلى أجل/، فليرد عدة الفلوس التي أخذ، وإن شرط ترتيب نصف دينار عليه أو نصف
درهم فسخ ذلك، ورد فلوسا قبل الأجل؛ وإن لم يشترط ذلك، بقيت إلي أجلها، ولا
بأس ببيع فضة جزافا نقارا أو حليا بدنانير بوزن أو عدد، ولا يجوز في
المسكوك الجزاف، وإن اشترى بها عددا إن كان وزنها معروفا لا يكاد يخلف.
قال في المختصر: ولا خير في أن تباع الدراهم المعدودة جزافا، ويجوز بيع
الحلي المحشو بالذهب جزافا ما لم يعلم البائع وزنه فيكتمه.
ومن العتبية أشهب، عن مالك، فيمن ابتاع بعشرين درهما عددا، وهي تختلف من
عريض خفيف، وصغير ثقيل، قال: لا خير فيه. وروى أبو زيد عن ابن القاسم مثله
إن كان لا يختلف وزنها وإلا فلا خير فيه. قال: ولو كانت ببلد لا ميزان فيه
فلا تباع عدداً.
قال ابن نافع: كره مالك أن يعطى دينارا أو دراهم في فلوس إلى أجل إذا كانت
سكة جائزة بالبلد، وذلك عندي جائز، وهي كالعرض وكنحاس لم يضرب: قال يحيى بن
يحيى عن ابن القاسم: لا يجوز مراطلة الفلوس بالدراهم.
ومن سماع ابن القاسم: كره مالك للرجل أن يشتري بالدرهم، يقول كله، وأعطني
بما فيه، وما لكراهيته وجه، ولا بأس به عندي، قال أبو زيد عن ابن القاسم،
في القراريط التي لا يتبايع بها الناس أربعة وعشرون قيراطا بدينار، فكرهه
مالك، ولا أرى به بأسا.
ومن سماع ابن القاسم: ومن قدم بلدا يجوز فيه الدراهم النقص، فلا يقطع/
دراهمه، ويكره له ذلك. وكره مالك أن تقطع الدنانير المقطوعة. [5/ 393]
(5/393)
قال أصبغ قال ابن القاسم: كل ما ليس يسمى
درهما فلا باس أن يقطع منه. قال ابن القاسم، عن مالك: ولا بأس أن يقطع
الرجل الدنانير والدراهم حليا لنسائه. وقال ابن وهب مثله.
ومن كتاب ابن المواز: وقال – يعني مالكا- في جواز الذهب: أما كل بلد مثل
ملكة يجوز بها كل شيء، فلا بأس، وأما غيرها فلا أحب ذلك حتى يبين.
فيمن باع بجزء من دينار أو بجزء من درهم
أو باع بدراهم من صرف كذا
ومن تسلف نصف دينار ماذا يرد؟
ومن لزمه نصف ونصف أو أثلاث
ما الذي يقضى به في ذلك كله؟
من كتاب محمد قال: لا يجوز أن يبيع بنصف دينار بصرف يوم القضاء، وليبيع
بنصف دينار، أو بدراهم مسماة.
ومن كتاب محمد، ومن العتبية، من سماع أشهب من مالك: ومن عليه صك بعشرة
دراهم من صرف عشرين بدينار أو خمسة دراهم من صرف عشرة بدينار فإنما يقضى أن
له بنصف دينار ما بلغ من صرف يوم القضاء إن كانت من بيع، وإن كانت دراهم من
قرض فليس عليه إلا ما قبض. ولو قال في البيع بكذا وكذا درهم ولم يسم من صرف
كذا، ولو سمى من صرف كذا، كان جزءاً من الدينار على ما سمى بصرف يوم
القضاء. وكذلك روى يحيى بن يحيى، عن ابن القاسم، وفي العتبية، في البيع مثل
ما ذكر فيه، وقال: ولو قال بنصف دينار من صرف عشرين بدينار. فإنما عليه
عشرة دراهم. [5/ 394]
(5/394)
ومن كتاب محمد، قال ابن القاسم: ومن اشترى
بعشرين قيراطا من ذهب لم يقض عليه إلا بالدراهم بصرف يوم يقضيه، إلا أن
يشتري بدينار إلا قيرطا وإلا قيراطين فعله دينار، وأما بدينار إلا ربعاً
فبالدراهم يقضى.
ومن اتباع بدانق أو بربع درهم أو بثلث قضي عليه بالفلوس في بلد الفلوس،
وإلا فيما يجوز بينهم فيه من حنطة أو غيرها إلا أن يكون بها الأرباع
والأنصاف والقطع. قال مالك: ومن ابتاع بدينار وربع فدفع دينارا، وبقي الربع
فدفع فيه تبرا ذهبا فهو جائز إن رضي الطالب بمائة، إنما لزمه دراهم.
وكذلك في العتبية، من سماع أشهب من أولها، وقال: إن كانت عندهم دنانير صغار
أثلاثا وأرباعا وإلا قضي بالدراهم إلا أن يتفقا على التبر من الذهب.
ومن كتاب محمد، قال مالك: ومن باع من رجل بنصف دينار إلي أجل ثم باع منه
بنصف آخر إلي ذلك الأجل، قضى عليه بدينار ولا يجوز أن يشترط ذلك عليه في
البيعة الثانية.
قال ابن القاسم في العتبية: ويجبر المبتاع على أن يؤدي ديناراً قائما بقدر
وزنه. محمد: ابن القاسم: ولو اجتمع عليه ستة أسداس من كذا، قضى عليه
بدينار، وإن أعسر به فلا ينجمه عليه كسورا، فلا ينجمه عليه كسورا، وليتركه
دينارا، ويأخذ منه ما وجد أو يثبت عليه دينارا يأخذه به إذا كان قد حل كله
قبل يجمعه عليه، فأما أن يضم ما حل مع ما لم يحل/، فيجعله دينارا إلى وقت
واحد، فلا يجوز.
قال مالك: وإن باع منه ثوبا بثلثي دينار إلى شهر، ثم باع منه ثوبا آخر
بثلثي دينار إلى شهرين، فوخره في محل الأول ليأخذ عند آخر الأجلين دينارا
وثلثا فلا يجوز له تعجيل ما عليه في الأجل الأول إن شاء. وقاله مالك في
الذي عليه ثلاثة أثلاث بآجال مختلفة محلها، فذلك جائز. [5/ 395]
(5/395)
قال ابن القاسم: ومن تسلف نصف دينار من رجل
فأعطاه دينارا، فقال: صرفه وخذ نصفه، وجئني بنصفه فأحسب أن لا يلزمه إلا
مثل ما أخذ من الدراهم، وإذا قال له: خذ هذا الدينار فخذ نصفه وجئني بنصفه
لزمه نصف عينا. وروى أبو زيد عنه في العتبية في المسألة الأولى، أنه يلزمه
نصف دينار عين. وقال في كتاب ابن المواز أن أبا زيد قال: لا يعجبني قوله،
ولا يكون عليه إلا مثل ما أخذ لأنه لو تلف الدينار لم يلزمه في شيء. لقوله:
صرفه. فلم يعطه إلا بعض الصرف.
في المأمور أو الوكيل
يدفع ذهبا عن ورق أو ورقا عن ذهب،
أو لآخر أمره بالصرف والغريم يؤكلك على الصرف
من كتاب محمد قال مالك: من أمرته أن يقضي عنك نصف دينار فدفع دراهم فإنه
مخير أن يقضيه كما دفع، أو نصف دينار يعطيه الأول، إلا أن يكون دفع دينارا
فصرفه المحال، فليرجع بنصف دينار ما بلغ. ثم رجع فقال: بل يعطيه دراهم كما
دفع. وإلي هذا رجع ابن القاسم بعد أن اختلف قوله أيضا. وإن دفع طعاما، قال
مالك: فلا يعطيه إلا ثمن ذلك الطعام دراهم، قال ابن القاسم: بل عليه نصف
دينار ما بلغ. وكذلك روى ابن وهب عن مالك.
قال ابن القاسم: وإن أمرته يدفع عنك دينارا، فدفع دراهم فليس له عليك إلا
دينار. محمد: بخلاف النصف والقراريط.
قال أصبغ: لأنه لا يحكم في النصف والقراريط إلا بدراهم. [5/ 396]
(5/396)
قال ابن القاسم: ولو أمرته يقضي عنك قراريط
ذهب فدفع دراهم فيمثلها يرجع عليك. قال أصبغ: وقد أختلف قول ابن القاسم في
الدينار يأمره بدفعه عنه فقضى، فقال: الآمر مخير. ثم قال: ليس له ولا عليه
إلا الدينار، لأن ما فعل المأمور مع الآخر لم يكن له أن يمنعه منه من
مصارفته ومبايعته. ولا يبالي كان سلفا من الآمر أو قضاء لدين عليه، وإن كان
سلفا من الآمر للقابض فلا يرجع عليه إلا بدينار. لم يختلف في هذا قول ابن
القاسم، واختلف فيه قول مالك. وبقول ابن القاسم قال أصبغ: وكذلك روى عنه
أبو زيد، أنه يرجع بدينار، وكذلك يؤدي إلي الآمر، واختلف قول مالك فيه ثلاث
مرات، وإلى هذا رجع، وبه أخذ ابن القاسم.
قال ابن القاسم: وأما إن أمرت وكيلك بدفع دينار لمن استقرضه منك، فدفع إليه
دراهم من ماله فلا ترجع عليه إلا بدراهم لأن وكيلك بمنزلتك، وبخلاف
المأمور، إلا أن يعدم المتسلف فتكون أنت بالخيار على وكيلك إن شئت، / وادفع
إليه دينارا وخذ منه دراهم مثل ما دفع من ماله تعدياً، وإن شئت فسلم.
قال أصبغ: وذلك إذا لم يكن الآمر علم بما دفع وكيله، فرضي.
وذكر في العتبية، من سماع ابن القاسم قول مالك الذي تقدم في المأمور أن
يدفع نصف دينار يدفع دراهم، قال: وإنما الاختلاف إذا أمره أن يدفع دينارا
فيدفع دراهم، فإما أن يدفع إليه في النصف دينارا فصرفه فله نصف دينار ما
بلغ.
ومن كتاب محمد: ومن له عليك دنانير لم يجز أن تعطيه دراهم ليصرفها ويستوفي.
محمد: وليرد الدنانير أو مثلها، ويأخذ دراهمه إلا أن تقوم بينة حضروا،
صرفها عن الدافع، واستوفى، ولم يصرف من نفسه.
قال ابن القاسم، عن مالك: ومن له عليك نصف دينار فأعطيته دينارا وقلت له:
صرفه، واستوف، وجئني بنصفه. فكرهه مالك ثم أجازه، وبإجازته أخذ ابن القاسم،
ولو كان عليه دراهم، لم يجز. [5/ 397]
(5/397)
وذكر في العتبية، عن مالك من أولها. قال:
وهذا في الدينار، فأما فيما كثر فلا خير فيه. وبه قال ابن القاسم، وإن دفع
إليك رجل دنانير، وآخر دراهم للصرف، فصرفت من هذا لهذا، فأجازه مالك. وكرهه
ابن القاسم حتى يحضر أحدهما. وخففه محمد. وذكر أبو زيد، عن ابن القاسم في
العتبية، ما ذكر عنه محمد.
وقال مالك في سماع أشهب: من وكل على صرف دراهمه فعرضها وصرفها لنفسه ثم غنم
ربها، فلا خير فيه، أرأيت إن لم يرض؟ وكأنه صرف فيه خيار. ومن ابتاع ثوبا
بنصف دينار فأحال به على غريمه فدفع فيه دراهم ثم رد الثوب بعيب فليرجع
المبتاع على البائع بنصف دينار. رواه أبو زيد، عن ابن القاسم. وكذلك في
رواية عيسى. قال محمد: وقاله أصبغ، قال فيه ضعف.
في الدعوى في الصرف والتعدي فيه
ومن دفع إلي غريمه دينارين ليأخذ أحدهما فضاعا
ومن العتبية، من سماع ابن القاسم: ومن لك قبله ذهب، فأخذت منه دراهم مقطعة
فادعيت أنك صارفته فيها، وقال هو: بل تركتها بيدك حتى أصارفك فأنت مصدق إن
جئت بما يشبه من الصرف، وإن جئت بما لا يشبه حلف الآخر يريد: ويصدق. وقال
ابن القاسم: القول قول الدافع الدراهم مع يمينه، ثم يتصارفان الآن إن أحبا،
فإن نكل حلفت أنت وصدقك. وبه يأخذ سحنون.
من كتاب محمد: وإن صرفت دنانير عندك وديعة – يريد: لربها لا لنفسك – بغير
أمره، لم يجز، وتباع الدراهم بدينار فيما زاد لربها، وما نقص فعليك. [5/
398]
(5/398)
ومن كسر لك سواري ذهب، فلزمته القيمة فلك
تأخيره بها. قال محمد: بل يترك الحكم حتى يوجد ما يؤخذ منه. ومن لك قبله
دينار فأعطاك دينارين لتزنهما وتأخذ أحدهما، فضاعا أو أحدهما، فذلك منكما،
وإن كان لك نصف دينار فأعطاك دينارا، فقال لك: خذ نصفا وجئني بنصفه. فضاع،
فهو منكما.
قال: ولو أن لك قبله دراهم فأعطاك دينارا، فقال: اذهب/ فزنه فضاع، فهو من
المقتضي. قال محمد: لا يعجبنا هذا، وإذا كان لك نصف دينار فدفع إليك دينارا
فقال: صرفه وخذ نصفك. فهو من الدافع، وإن لم يقل: صرفه. قال خذ نصفه، وجئني
بنصفي. فهو منكما.
من سماع أصبغ، من العتبية، ومن اقتضى دينارا من رجل فقطعه فوجده رديئا
فليرد مثله ويرجع بديناره.
باب في ذكر الربا والكسب
ومعاملة من خبث ماله
من كتاب محمد: وقال ملك في قول الله عز وجر: (وذروا ما بقي من الربا) قال:
ذلك في أهل الإسلام، يقول: (وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم) ومن الواضحة قال
قتادة. هي فيمن أسلم وبقي له دين بربى، فله رأس ماله، وما قبضوا قبل
الإسلام حل لهم، قال الحسن: من باع في الإسلام بيع ربى فله رأس ماله فقط
قال ابن حبيب: هذا إن فات ولا يقدر على رده، وما لم يفت فليس فيه إلا
الفسخ. قاله مالك وأصحابه.
ومن في يديه ربا لا يقدر على رده، ولا يعرف مبايعة، فليتصدق به عنه، قال
الحسن: إن أسقيت ماء من صراف فلا تشربه. قال ابن حبيب: لأن الغالب عليه عمل
الربى. قال أصبغ: وكره أن يستظل بظله. [5/ 399]
(5/399)
ومن كتاب محمد: وكره مالك الصرف من صيرفي
يعمل بالحلال والحرام فيختلط ذلك، وكره لم يكري أرضه بالطعام الشراء من ذلك
الطعام، وكره الشراء ممن يسلم بغير صفة، إلى غير أجل، وقال: ولا ينبغي أن
يكون الربا بين العبد وسيده، ولا أن يشتري منه شاة أصابها السبع بشاة حية
سليمة.
وكره مال الصرف من الجار وإن كان نصرانيا، وقال الصرف من الباعة أحب
يتفقهوا في الدين. قال مطرف وابن الماجشون: يعني من لا يعرف تحريم الربا
وكراهة الصرف غير متأخرة، والدراهم بالدرهمين، وبيع الطعام قبل الاستيفاء،
وشبه ذلك من كبيرات الأمور، وظاهر الفقه، وأما خفيات الفقه والعلم، فلم
يرده.
وفي كتاب البيوع الفاسدة: ذكر إسلام المترابين، وفي كتاب العيون: ذكر البيع
بالدرهم الرديء، وهل يشتري به وبيين أو لا يبين؟
تم كتاب الصرف
بحمد الله وعونه
وصلواته على محمد وسلم
يليه كتاب البيوع الأول
(5/400)
|