النوادر والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات

بسم الله الرحمن الرحيم عونك اللهم

كتاب تضمين الصناع
باب في أكرية الصناع
من كتاب ابن المواز وغيره قال مالك: يضمن الصناع أم استعملوا، وإنما قال ذلك لمصلحة العامة؛ وإذ لا غنى للناس عنهم، كما نهى عن التلقي، وبيع حاضر لباد للمصلحة، وقاله علي بن أبي طالب وبين ذلك ضمن الأكرياء الطعام خاصة للضرورة والمصلحة قال محمد: قال مالك: ما أدركت العلماء إلا وهم يضمنون الصناع ذلك قال ابن حبيب وغيره عملوا بأجر أو بغير أجر، ولو عمل زرا أو طوقا بأجر أو بغير أجر، لضمن كراء العمل وقال كان الذي استعمله إياه حاضرا معهم أو غائبا إذا كان ذلك في قوانينهم، وقاله مالك قال في كتاب محمد: ويضمن ما يصلح فيه اليسير بغير أجر، مثل فص خاتم أو رقعة ثوب أو زرة إذا أسلم ذلك إليه، ابن حبيب: قال مالك: إلا أن يذهب الصانع إلى بيته، فلا يضمن ما أتى على يديه في بدنه من خرق كتاب أو قطع أو ذهاب جلس معه صاحب أو لم يجلس، بأجر أو بغير أجر، فالصانع مصدق في ذلك لأنه ها هنا أمر خاص، فإذا جلس في حانوته فهو مشترك، وقاله كله أصبغ، قال ابن القاسم، في كتاب ابن المواز: ولا يضمن الصانع ما عمل عندك في بيتك،
[7/ 67]

(7/67)


إلا أن يتعدى، ويصير كأجير الخدمة ينال الطعام بصحبة ربه. قال عيسى بن دينار في العتبية ومن دفع ثوبا إلى رجل يقصره أو يخيطه أو يرقعه، فضاع عنده، لم يضمنه إذا لم ينصب نفسه صانعا؛ لما ذكرنا، وهو كالأجير حتى ينصب نفسه لذلك، فيضمن. قال ابن المواز، عن ابن القاسم: وكذلك أجير القصار، لا يضمن، والقصار ضامن لما أفسد أجيره.
قال ابن حبيب: ولا يضمن أجير القصار والصناع شيئا.
قال أصبغ في كتاب ابن المواز، والعتبية قال أشهب: وإن كثر على الغسال الثياب، فواجر أجراء يبعث بهم إلى البحر بالثياب، فيدعون تلفه [فهم ضامنون وكذلك أجراء] الخياط ينصرفون بالثياب فتتلف، فهم ضامنون.
قال ابن ميسر: وذلك إذا واجرهم على عمل أثواب مقاطعة، ومن العتبية وكتاب ابن المواز: قال أشهب: إذا شرط الصناع ألا ضمان عليهم، لم ينفعهم، أو شرط على أجير الخدمة أن يضمن الثمن إذا سقط، أو هرب المتاع، أو فلس، فالشرط باطل، أصبغ: وله أجر مثله ممن لا ضمان عليه، وكذلك في الواضحة روى عن أشهب، إن شرط الصانع ألا ضمان عليه أن ذلك ينفعه، قال ابن حبيب: ومن قال للخياط: إذا خطته فادفعه لنا لمن يغسله، فزعم أنه ضاع، فإن ضاع قبل يتم خياطته وبعد فراغه، قبل يدفعه إلى الغسال، فهو ضامن، وإذا قال ضاع عند الغسال، صدق كما يصدق في قوله: رددته، على قول ابن الماجشون قال: ويضمنه الغسال إن أقر بقبضه. قال غيره: ولا يصدق أنه دفعه إلى الغسال إلا ببينة أو يصدقه الغسال فيبرأ؛ لأنه صار مضمونا، كمن أمر بدفع ثوب إلى صباغ، فأقر الصباغ بقبضه فإنه يبرأ المأمور كان الصانع مليا أو عديما، بخلاف المودع.
[7/ 68]

(7/68)


ومن العتبية قال عيسى: قال ابن القاسم، وابن وهب، في الصباغ، والقصار، ونحوه، يفسد الثوب بقطع أو بحرق: إنه ضامن غر من نفسه، أو لم يغر، إلا أن يذهب بالصانع إلى منزله، فيعمل عنده، فلا يضمن ما أحرق ولا ما أفسد، إلا أن يغر من نفسه، فيضمن، قال ابن القاسم: وإن جاءه في حانوته بثوب كمده له، فكمده بحضرته، فقطعه من غير تفريط ولا تعد، قال: يضمن غر من نفسه أو لم يغر.
وكذلك ذكر ابن حبيب، عن أصبغ، عن ابن القاسم، قال: ابن حبيب: ولو كمد معه صاحب الثوب، فأصابه حرق؛ فإن كان من قبل ربه، لم يضمن القصار نصف ما نقصه. وهو في كتاب محمد، قال ابن القاسم: وإذا كيل القمح على الطحان وأسلم ضمنه، وقال مالك فيه: أرجو أن يكون خفيفا أن يضمن، وما سمعت فيه شيئا.
قال ابن القاسم: ويعطى قدر مثله دقيقا على ما يعرف الناس، وله إجارته، قال محمد: عليه قمح مثله، وفي العتبية عن ابن القاسم، عن مالك، في القمح بنقص عند الطحان، فذكر نحو ما ذكر ابن المواز [ودقيق] عن ابن القاسم، في نقصان الدقيق، أن يضمن له دقيقا إذا عز.
ومن العتبية وكتاب محمد: قال أصبغ: قال أشهب، في الطحان يطحن القحم على أثر النقش، فيفسده بالحجارة، قال: يضمن لربه مثل قمحه وقاله أصبغ، قال أصبغ: إلا أن يعلم رب القمح بذلك، فصبه؛ لعلمه ورضاه، فلا يضمن من كتاب ابن المواز، ومن المختصر قال مالك: وإذا أفسد الخياط أو
[7/ 69]

(7/69)


القصار فسادا بسيرا، فعليه ما نقصه أن يرفوه، يقال: ما قيمته يوم دفعه إليه صحيحا، وما قيمته ذلك اليوم مرفوا؟ فيغرم ما بين ذلك، وإن كان كثيرا، ضمن قيمته كله يوم دفعه. قال ابن وهب عن مالك من دفع قميصا إلى خياط، فأفسده بخياطته، فله أن يتركها، ويضمنه قيمة ثوبه صحيحا.
قال ابن حبيب: وإذا أفسد الحائك الثوب، فضمن الغزل، فقال ابن القاسم: إن وجد مثل الغزل أتى به، وكان عليه مثل عمله، وإن تعذر عليه مثله، ودى قيمته يوم قبضه، وهو مصدق في صفته، ويحلف، وتنفسخ الإجارة بينهما.
وقال أصبغ: الإجارة قائمة، فيأخذ القيمة ويأتي بغزل مثله يعمله، وقال ابن حبيب: يقول ابن القاسم، قال: لأنه غزل بعينه، وقال ابن المواز قول أصبغ، وقال: ليس غرضهم تعسر الغزل، ولو كان ذلك على أن لا يعدوه إلى غيره، ولم نجز الإجارة.
ومن كتاب محمد، وابن حبيب: وإذا قال الصانع: ضاع الثوب، بعد فراغه ضمن قيمته يوم قبضه، ولا صنعة فيه، وليس لربه أن يقول: يؤدي العمل، ويأخذ قيمته معمولا، قال محمد: وكذلك لو قامت بينة بفراغه، ولا يعلم تلافه إلا من قوله، ولو قامت البينة بتلافه مفروغا، فهو من ربه، وعليه أجر عمله.
قال ابن القاسم، في / المدونة في كراء الرواحل: لا أجر عليه حين لم يسلم الصانع الصنعة إليه.
ومن كتاب محمد: وإذا قطع الشقة بمحضرك سرا ويلين ثم ضاعا، ضمن قيمة الشقة صحيحة، ولو ضاع واحد، ضمن نصف قيمتها صحيحة، قال أحمد: لا قيمة نصف صحيح، وقال سحنون، في كتاب ابنه: وإذا خرج القصار المتاع رديئا أسود، فليعده حتى يخرجه [جيدا]، فإن كان يفسد برده ويسترخي وينكسر وجهه، وخيف أن يحترق، فلا يرده، وينظر؛ فإن أفسده بذلك، ضمن قيمته أسمر وإن أن الفساد فيه يسيرا ودى قيمة ذلك العمل على رداءته يريد ما لم يتجاوز شرطه.
[7/ 70]

(7/70)


قال سحنون، في الخياط إذا جعل رجه الثوب إلى داخله، فإنه يفتقه ويعيده، فإن كان الفتق ينقصه، خير ربه بين أن يضمنه قيمته يوم قبضه، أو يأمره بفتقه وخياطته وقال ابن عبد الحكم، عن أشهب، في القصار يعلق الثوب على حبل في العمل، فحملته الريح، فألقته في قصرية صباغ، فإن زاده ذلك، فإنهما يتحاصان في الثوب؛ فإن نقصه، فعلى القصار ما نقصه، ولا شيء على الصباغ.
قال بعض أصحابنا: إذا ثبت ذلك ببينة، لم يضمن النقصان، إلا أن يعلقه في ريح شديدة. . .
قال سحنون، في ثوب ألقته الريح في قصرية صباغ، فإن زاده الصبغ، فهو شريك بالزيادة، ويباع لهما ويتحاصان هذا بقيمة ثوبه / أبيض؛ وهذا بما زاده الصبغ، وإن كان ينقصه، لم يضمن أحدهما للآخر شيئا، ولو سقط من يد ربه في قصرية الصباغ، لضمن ربه صبغ زاده الصبغ أو نقصه. ومن الواضحة وغيرها العبد المأذون له في الصنعة يضمن ما ضاع أو أفسد أو اختان، ويكون في ذمته.
قال ابن المواز: وإن دعاه إلى بيته ليعمل له عملا فاختان فقال ابن القاسم: يكون ذلك في رقبته ويخير سيده في إسلامه أو افتدائه بذلك.
وقال محمد: بل ذلك في ذمته بعد عتقه؛ لأنه اختان من موضع أذن له في دخوله. وفي سماع ابن وهب: وإذا وهبت الخبزة عند الفران، فأعطى ربها غير خبزته، فلا يعجبني أخذها، وليعطه مثل خبزته، ولا يأخذ أكبر منها، ولا بأس بأخذ أصغر منها، وكذلك في المختصر الكبير، وقال محمد بن عبد الحكم: لا يأخذ غير خبزته، في قول مالك، يريد؛ لأن الفران ضامن لرجلين.
روي عن سحنون، فيمن أتى بخبزة، فأسلمها إلى الفران يخبز له، فهو لها ضامن، وإن تركها ولم يعلم بها الفران، لم يضمنها.
ومن كتاب ابن سحنون، قال: وسأل حبيب سحنونا عن العبد القصار يضيع عنده الثوب، قال: هو في ذمته. قال: ولا يباع في ذلك حماره الذي يحمل
[7/ 71]

(7/71)


عليه المتاع، إلا أن يقول السيد: إن الحمار والأداة للعبد، ق يل: فهل يعمل بالأداة وبالحمار، وملكه لذلك ظاهر؟ قال: لا أملك للعبد في ذلك، وذلك للسيد حتى يقر أنه للعبد؛ لأنه ليس / بالمأذون له في التجارة، وقال في القصار يخرج الثوب أسود، قال: يرده حتى يخرج جيدا. فقيل: إنه إن رده أفسده، وأنكسر وجهه واسترخى، وخيف الحرق. قال: إذا كان هكذا، ضمن قيمته إذا كان أفسده فساد بينا، وإن كان الفساد يسيرا، فليعطه ربه قيمة ذلك العمل الردئ، ولا يعطيه الأجر الأول، يريد إن شاء، ولا يضمنه.

باب في تفليس الصناع
وجامع باقي مسائل الصناع
ومن العتبية ابن القاسم، عن مالك، وهو في المختصر، وقال في الصناع تسرق بيوتهم، فيزعم الصانع فيما بقي أن هذا متاع فلان، وقد ذهب متاع الآخرين، فليحلف أرباب الذي بقي، ويأخذونه.
وروى أشهب، عن مالك، في الصانع إذا فلس فقال: هذا غزل فلان، وهذه سبيكة فلان، فلا يصدق. وذكر في الواضحة رواية ابن القاسم، وقاله أصبغ، قال مالك: وإذا مات الصانع وقد استعمل في شيء يعمله هو بيده، فعمل بعضه حوصص بما عمل، وانفسخ ما بقي، وما كان مضمونا عليه من مقاطعة بناء أو غيره، فذلك في ماله يغدو فإنه قال علي بن زياد، عن مالك: وإذا شيء شرط عليه أن يعمله بيده فطلب تقديم أجره، فليس له ذلك حتى يبدأ في عمله، فيقدم حينئذ ... إليه أجره.
ومن العتبية من سماع ابن القاسم فيمن استعمل قلنسية من خياط، فباعها الخياط، فأراد ربهما أخذ ما باعها، فليس ذلك له؛ لأن الصانع ضامن
[7/ 72]

(7/72)


لها، وعليه مثلها قال ابن القاسم: وذلك أنها مضمونة، ولو كانت خرقة أتى بها ربها، فله الثمن أو القيمة إن كانت أكثر في قوتها، وقال ابن عبد الحكم: قال ابن القاسم: إن كانت بعينها اشتراها، فله أخذها أو ثمنها، وإن كان اشتراها من يود، فله مثلها.
ومن كتاب محمد: للصناع حبس ما عملوا حتى يأخذوا أجرهم، وكذلك للمكترين بعد الوصول حبس ما حملوا، ثم ذلك كله كالرهن في ضمانه، وإذا طلب الصناع بعد فراغ المتاع نقد يومئذ، لم يكن إلا النقد الذي كان جاريا يوم دفع إليه، وكذلك المكتري له نقد البلد الذي حمل عنه، ولا نقد البلد الذي حمل إليه، وإن لم يجر عنه ببلد حمل إليه.

ذكر ما يسقط به الضمان وما لا يسقط
من أمر غالب أو حادث أو ما تقوم به بينة
وضمان ما يوضع بالفناء
من كتاب محمد، قاله ابن القاسم، في العتبية، وقاله ابن حبيب فيه، وفي الغزل يحترق، قال: لأن احتراقه ليس من سببه، وهو من غلبة النار، وهو كالبينة على ذهابه، وذلك إذا بقي في الخبز من احتراقه، أو من الغزل ما يدل على أنه خبزه أو غزله، فأما لو ذهب أصلا، ولو يعرف إلا بقوله: إنه احترق لضمن، ولو احترق ذلك بتضييع منه، أو عنف في الوقيد، لضمن / ومن كتاب محمد، قال مالك: ولا يضمن من دفعت إليه لؤلؤة يتقبها، فتنكسر، قال أصبغ، في العتبية فتنحزم في موضع الثقب، فلا يضمن، ولو تعدى الثقب، لضمنها، عمل ذلك بأجر أو بغير أجر.
[7/ 73]

(7/73)


قال مالك، وابن القاسم، في كتاب محمد، وأصبغ، في العتبية: وكذلك القوس تدفع إلى من يغمزها، فتنكسر، والرمح يقوم مثله، وكذلك إن دفع إليه فصا ينقشه، فينكسر، لم يضمن، إلا أم يغر أو يفرط. قال أصبغ، في العتبية فإن قال أهل النظر: إنه أخذ اللؤلؤة والجوهرة من غير مأخذها، وظهر فيها ذلك، ضمن، وإن أخذها من مأخذها ولم يغر من نفسه لم يضمن ويصدق بلا بينة وربها مدع تعديا، وهو لم يظهر فيها من صنعته إلا ما كان يجوز له فعله بذلك، كشاهد وهو من له في العمل وكذلك كل صاحب صنعة على هذا المعنى.
قال ابن حبيب: وكذلك الدابة يصوغها البيطار فتنكسر، أو السيف يقومها فتنكسر، أو الختان يختن الصبي، فيموت من ختانه، أو الطبيب يسقي المريض، فيموت من سقيه، أو يكويه، فيموت من كبه أو الحجام يقلع الضرس فيموت صاحبها فيضمن أحد منهم؛ لأن الغرر في هذا كله الغالب وكان صاحبه عرضة ذلك قال: إلا أن يخطئ به الخاتن فيقطع الحشفة، فتلزم عاقلته الدية لأنه يعد خطأ منه وإن لم يوعبها فبحسابه فتضمن العاقلة قدر الثلث فأكثر وما دون ذلك / في ماله وإن كان الخاتن غر من نفسه وهو لا يحسن فهو ضامن لجميع ذلك في ماله وكذلك الطبيب وقالع الضرس والبيطار ويعاقبون وقاله مالك وإذا عرف قرض الفأر وتبين ذلك للناظر إليه ثم يضمنه.
وكذلك ما أصاب الثياب من [يحبس السوس في الصانع] والمرتهن، وإن أشكل ذلك، فهم ضامنون حتى تقوم بينة أنه نخس سوس أو قبض فأر. قال ابن المواز: تقوم بينة أنه قرض فأر ولم يكن ضيع.
[7/ 74]

(7/74)


قال ابن حبيب: وإذا عرف أنه قرض فأر أو نخس سوس وقال رب الثوب: إن الصانع ضيع الثوب وأنكر ذلك الصانع فهو مصدق وعلى رب الثوب البينة بالتضييع لأن قرض الفأر غالب والتعدي لا. فلزم الدعوى وكذلك قال لي من استوضحته وكله قول مالك. ومن كتاب ابن المواز ومالك: وإن سرق بيته وعلم ذلك، فقال: ذهب المتاع مع ما ذهب. لم يصدق وكذلك لو احترق بيته فرأى ثوب الرجل يحترق فهو ضامن وكذلك الرهن محمد: حتى يعلم أن النار من غير سببه أو بسيل يأتي أو ينهدم البيت فهذا وشبهه يسقط به الضمان وإن نشر ثوبا على طريق فمر به رجل بحمل فخرقه فهو ضامن دون القصار فكذلك يضمن المار ما كسر من قلالي في الطريق يعثر عليها ولو انكسرت رجله لم يضمن واضعها وضعها بموضع يجوز له أو ليرفعها مكانه ليعثر عليها أحد وكذلك / الدابة المحملة يوقفها في الطريق فيصدمها فيكسر ما عليها أو فيها أنه ضامن ولو سقطت أو ما عليها على أحد فذلك هدر. وقال ابن نافع في غير كتاب ابن المواز، في الثوب المنشور يخرقه المار بالحطب، وذلك إذا علقه في المكان الذي يعلق فيه وليس بممر الحطب، فأما إن علقه بمكان لم يكن يعلق فيه وهو معروف بمرور الحطب فهو ضامن.

في ضمان الظرف والمثال وأحد الخفين فيه عمل
وما جعل عنده للصنعة من غير مواجبه
من كتاب محمد: وإذا ضاع القمح بقفته عند الطحان ضمن القمح ولم يضمن القفة وكذلك الصيقل يضمن السيف ولا يضمن الجفن وإن لم يكن فيه وكذلك المنديل يلف فيه الثوب عند الخياط لا يضمن المنديل وأما المثال يعمل عليه فهو يضمنه.
[7/ 75]

(7/75)


ومن العتبية قال أصبغ: قال أشهب في المنديل: إن كان الثوب رقيقا يحتاج إلى وقاية ضمن المنديل، وإن كان غليظا لا يحتاج لفافة لم يضمن المنديل.
ومن الواضحة: لا يضمن الفران ما تلف من الصحاف إذا ضاعت فارغة ولو ضاعت بما فيها لضمن الخبز والصحاف؛ إذ لا غنى بالإقراض عنها بخلاف منديل الثوب فإنه لا يضمنه ضاع الثوب ملفوفا فيه أو قد زايله؛ إذ لا ضرورة به إليه مثل / الضرورة إلى الصحاف إلا أن يكون إنما يؤتى الفران بالعجين فيلي هو تقريصه فهو يضمن الصحاف كيف ما ضاعت بعجين أو بغير عجين، وكذلك الطحان إن أسلم إليه القمح يطحنه بغير محضر به فهو ضامن للأوعية كيف ما ضاعت بالقمح أو فارغة، وإن كان يطحنه بمحضر أربابه لم يضمن ظرفا إلا أن يخرج الناس عن الرحى؛ لزحمتهم أو يخرجهم الفران لكثرتهم فإنه يضمن القمح وظرفه والعجين وقصاعه ضاعت فارغة أو غير فارغة.
ومن العتبية: قال محمد بن خالد: قال ابن القاسم: ومن دفع إليه الصانع قطعة ذهب قال: اقطع لي منها مثقالا تعمل لي به خاتما فزعم الصانع أنها ذهبت قبل القطع أو بعده. قال: لا يضمن إلا المثقال الذي أمر بعمله وهو مصدق أنه ذهب قبل القطع أو بعده. قال ابن القاسم: قال مالك: وأما السوار يعطيه له مثالا يعمل عليه سوارين فإنه يضمن المثال لأنه لا غنى به عنه. وقال أصبغ: فيمن أتى بخفين إلى الخزاز فاستعمله في أحدهما فضاعا فلا يضمن إلا الذي فيه العمل. وذكر ابن حبيب فيمن أعطى سلعته إلى صانع ليستعمله فيها فيقول تكون عنده حتى آتي فأعاملك فيها. قال فتضيع، أنه ضامن؛ لأنه تركها على العمل لا لأمانة.
وروى عيسى عن سحنون أنه قال: لا يضمن المثال ولا الوراق الأم الذي يكتب منها.
[7/ 76]

(7/76)


فيمن ابتاع شيئا واشترط على البائع / فيه
صنعة فهلك ذلك
من العتبية روى عيسى بن ابن القاسم قال: كل ما يعرف وجهه بعد ما يخرج فلا بأس أن يشتري ويشترط عمله مثل النعل على أن يحذي أو القميص على أن يخاط والقلنسية على أن تعمل والقمح على أن يطحن وهذا كله قد عرف وجهه وقد مرض مالك القمح في بعض قوله واجازه ابن القاسم وأجاز النحاس أن يعمله تورا يصفه له ولم يره، كالثوب ينسج بعضه لأنه إن لم يخرج الثور على ما يريد قدر أن يعيده ولبس الثوب كذلك. قال سحنون: وإذا ضاع هذا كله الذي أجازه مالك لم يضمن ويحط عن المبتاع بقدر خياطة الثوب وطحين القمح من الثمن إلا أن يكون البائع ممن يعمل تلك الصنعة، فيضمنها كالصناع. قيل لسحنون: قد أجاز ابن القاسم وأشهب ما ذكرنا من شراء الشيء على أن يعمله والظهارة على أن يعملها جبة والحديد على أن يعمله قدرا وعودا لينحته سرجا ونحاس يعمله له قمقما وهو بيع وإجارة وقد جرى في مسائل مالك في الغزل على أن ينسجه والزيتون على أن يعصره أنه كرهه. قال: وإنما خففه مالك في الطحين وخياطة الثوب لأن خروج ذلك معروف وقد غمزه أيضا مالك والأصل قولهم في الغزل على نسجه والزيتون على عصره إلا ما ذكرنا حصته. وكل بيع مع إجارة في الشيء المبيع فامنع منه فإن كانت في غيره فأجيزه وكل بيع وشركة داخلة / في المبيع فأجزها وإن خرجت عنه فلا تجزها. وفي باب الإجازة معا في هذا الباب مكروه.
ومن الواضحة ولا بأس أن يقول: " اطحن لي هذا القمح بقفيز من دقيقه.
ولا يجوز أن يقول: ولك نصفه دقيقا، لأنه يجاعله بغرر، والأول أجرة بشيء معلوم
[7/ 77]

(7/77)


فإن قال من يقول يقول ابن القاسم في كراهيته: إن الدقيق إن ذهب [قبل] أخذه للقفيز [ذهب]
عمله باطلا. فإنا نقول: إن ذهب الدقيق بعد طحينه وقبل قبضه القفيز فله أجرته في طحنه وكما أجاز بيع قفيز من دقيق هذه الحنطة فكذلك الإجارة به فإن قيل: فتارة يصير أجره دقيقا وتارة دراهم. قيل: كذلك مع قفيز من دقيقه وأجاز مالك بيع القمح على أن يطحنه وقد قال لي هذا كله أصبغ. وفي المدونة أنه أجاز طحينه بقفيز من دقيقه ولم يجزه ابن المواز في روايته وفرق بينه وبين البيع. وهذا في باب الإجازة فيه أكثر ما في هذا الكتاب مذكورا مكررا.

في الصانع يستعمل غيره
وكيف إن هرب الأول؟ وفي الصانع يموت
وهل يقدم بعض الأعمال على بعض؟
من الواضحة، وما استعمل الصناع فهو عمل مضمون حتى يشترط عليهم عمل أبدانهم وإلا فلهم استعمال غيرهم إلا من عرف أنه يقصد لرفقه وفضل عمله، فلا يكون عليه مضمونا إن مات ولا يستعمل غيره ويكون كالشرط. وقال أصبغ: وهو معنى / قول أصبغ، قال أصبغ: ولا بأس على من لا يحسن يخيط أن يأخذ ثوبا على أن عليه خياطته بدرهم؛ لأنه عمل مضمون. ومن العتبية، أصبغ عن ابن القاسم في الخياط يدفع إليه الثوب بخيطه فله أن يستخيطه غيره ما لم يشترط عليه يده.
ومن سماع ابن القاسم، قال مالك في القصار يدفع الثياب إلى قصار غيره فيهرب الأول وقد قبض الآخر فلربها أخذها بلا غرم ويتبع الثاني الأول. بحقه وكذلك الخياط والغسال وكذلك قال ابن مسرور، وهذا إن قامت بينة أنه دفع الإجارة إلى
[7/ 78]

(7/78)


الصانع الأول فإنه يحلف الثاني أنه ما قبض إجارته من الهارب ثم يدفع رب الثياب إليه أجره فإن كانت أجرة الأول خمسة وهذا عشرة لم يدفع إليه هذا إلا خمسة ويتبع بما بقي الهارب ويأخذ هذا ثيابه وإن كانت إجارة الأول عشرة وهذا خمسة دفع إلى هذا خمسة وتبقى خمسة عنده للأول ثم إن قدم الأول فأقر بقبض إجارته فليرجع القادم على الثاني بما أخذ منه. وهذا الذي قال غير مستقيم ولا ثقيل دعوى غريم القادم على المقيم إذا كان الغارم عديما.
قال مالك: ومن مات ممن استعمل عملا فما كان يعمله بيده حوصص بما عمل وانفسخ ما بقي وما كان مضمونا من عمل أو قطاعة من بناء أو حفر أو صنعة من الصناعات فذلك ضامن في ماله يعمل من تركته وإن لم يدع وفاء حاص المستعمل بقيمة ما بقي من العمل يوم الحصاص. قال عيسى: قال ابن القاسم في الخياط يدفع إليه قوم بعد قوم /، فإن أحب أن يتبدئ الأول فالأول، ولعله أن يكون واسعا في الشيء الخفيف الرقعة ونحوها. وقال ابن حبيب: لا حرج أن يبدئوا من أحبوا ما لم يتعمدوا حيفا ومطلا. وكذلك سمعت أهل العلم يقولون.
ومن كتاب محمد: للخياط أن يدفع إلى غيره بخيط ما دفع إليه وليس لرب الثوب إلا أن يشترط عليه عمل يده فلا يفعل. قال محمد: ولا يصلح. وإن رضي ربه ودفع إليه مثله لا شك فيه. وهو كجابة بعينها تحول إلى غيرها فإن فعلها فللخياط الثاني قيمة عمله على رب الثوب، إلا أن يكون بأقل منه وتبقى الأجرة قائمة على الأول ثابتة بثوب مثله يخيطه له. وكذلك في الدابة الباقية عليه كراء مثلها ما بلغ ويبقى كراء الأول قائما. ومن كتاب ابن المواز، قال مالك، فيمن دفع إلى صانع غسال أو غيره ثوبا ودفع إليه أجره فدفعه الصانع إلى غيره يعمله فوجده ربه عند الثاني: إن له أخذه بغير شيء يغرمه ويكون للصانع الثاني
[7/ 79]

(7/79)


أن يتبع الصانع الأول بأجرته وكذلك الخياط وغيره ليس للثاني أن يقول: لا أدفعه حتى آخذ أجرتي. إذا كان ربه قد دفع إلى الأول أجره وليتبع الثاني الأول بأجرته.

في اختلاف الصانع والمصنوع له
وتعدى الصانع وغلطه
من العتبية من سماع ابن القاسم: وإذا قال الخياط في الثوب: إن ربه دفعه إليه ليعمله. وقال ربه: أعطيتك لترفعه أو تدفعه / إلى غيرك. فالصانع مصدق مع يمينه. وكذلك ذكر عنه ابن المواز قال ابن حبيب: القول قول رب الثوب وكذلك إن قال: سرق مني مع يمينه ثم له أخذ ثوبه مصبوغا أو مغسولا بغير غرم إلا أن ينقصه الصبغ ويفسده فربه مخير في أخذه، أو تركه وأخذ قيمته وإن زاده الصبغ فله أخذه بلا غرم.
ومن كتاب محمد، قال ابن القاسم: ومن لت سويقا لرجل وقال: أمرني أن ألته بعشرة. وقال ربه: ما أمرتك أن تلته بشيء فربه مصدق مع يمينه. قال محمد: وهذا غلط واللات مصدق، ويحلف إن كان أسلم إليه السويق، فإن نكل حلف ربه وأخذ منه مثل سويقه وليس لربه أخذه بعينه إلا أن يدفع ثمن السمن إن يشأ رب السمن أن يدفعه إليه بلتاتة. قال ابن حبيب: وإن قال رب الثوب: أمرتك بصبغه أصفر. وقال الصباغ: بل أحمر. وكذلك صبغه فالصباغ مصدق مع يمينه.
قال سحنون: وله الأقل مما سمى من الأجر أو أجر مثله. قال ابن حبيب: إلا أن يصبغه صبغا لا يشبه مثله فيصدق رب الثوب مع يمينه ثم يخير ربه في أخذه مصبوغا ويدفع إلى الصباغ أجرته أو يسلمه ويأخذ منه قيمته أبيض إلا أن يشاء الصباغ أن يسلم صبغه بلا ثمن وإن أبى أشرك بينهما؛ هذا بقيمته أبيض، وهذا بقيمة الصبغ وقد اختلف فيه وهذا أحسن ذلك.
ومن العتبية عيسى عن ابن القاسم قال مالك: إذا قال الحائك: أمرتني
[7/ 80]

(7/80)


أن أنسخ ثوبك في ست. وقال ربه: بل تسعا في أربع. فالحائك مصدق مع يمينه. وإن اختلف البناء / ورب العرصة؛ فقال البناء: أمرتني أن أبني بيتا خمسة في خمسة. وقال ربه: بل عشرة في عشرة. تحالفا؛ فإن حلفا فسخ ذلك وقيل للبناء: أقلع نقضك. إلا أن يشاء رب العرصة أن يعطيه قيمه مقلوعا وإن نكل البناء حلف رب العرصة وعلى البناء أن يبني له على دعواه وإن نكل وحلف البناء أجبر على ما قال البناء والفرق أن الحائك صانع حائز لما [في يديه قال محمد قال] ابن القاسم والحائك مصدق في الصنعة بخلاف البناء لأن الصانع حاز ما استعمل محمد: يريد ويتحالفان في البناء ويتفاسخان وكذلك الحائك وجميع الصناع قبل العمل وإذا عمل فهو مصدق ويحلف. وقال ابن نافع في كتاب آخر عن مالك في الصانع يقول: عملته بأربعة دراهم. وقال ربه: بدرهمين. فالصانع مصدق وأما البناء يقول: عملت هذا بدينار. وقال رب البناء: بنصف دينار. فرب البنيان مصدق مع يمينه لأنه حائز ذلك إلا أن يدعي ما لا يشبه والصانع حائز لعمله وكذلك في المختصر.
وروى عيسى عن ابن القاسم فيمن دفع جلدا إلى خراز ليعمل له خفين ولم يصفهما له فيعمل خفين قبل أن يصفهما له فيقول ربه: أردت غير هذه الصنعة. وقال الخراز: إنما عمله يصلح لك. قال: إن عمل ما يشبه أخفاف الناس ويشبه لباس الرجل لم يضمن وكأنه فوض إليه إذا لم يواجبه وكذلك الخياط في الثوب وعامل الفاسي بالظهارة وأما الصباغ يصبغه لونا بغير إذن ربه فهو ضامن كمن أمر رجلا شراء خادم أو جارية.
وقال ابن حبيب /، في كتاب الأحكام الأول عن مطرف وابن الماجشون في الصباغ يصبغ الثوب فيقول ربه: أمرتك بصبغ آخر أو أن تغسله أو استودعتكه ولم آمرك بشيء. فالصباغ مصدق فيه مع يمينه إذا صبغه ما يشبهه. ولو
[7/ 81]

(7/81)


قال ربه: لم أعطكه ولكن أخذته بغير أمري أو سرقته أو غصبته أو سقط مني.
فرب الثوب ها هنا يحلف والقول قوله ولكن هو مخير أن يعطيه قيمة الصبغ ويأخذه أو يدعه ويأخذ منه قيمة الثوب إلا أن يشاء الصناع أن يسلم إليه الثوب مصبوغا بغير شيء، فإن أبى، كانا شريكين فأقيم الثوب أبيض وأقيم مصبوغا ثم كان شريكين. وقاله أصبغ عن ابن القاسم.
ومن كتاب محمد: وإذا قطع الخياط الثوب قميصا وقال ربه: أمرتك بقطعة قرقلا. فالخياط مصدق وكذلك لو قال: لم تأمرني فيه بشيء. لم يضمن إذا حلف ربه ما أمره بشيء وكمن قال للخراز في جلد: اقطعه خفا. ثم قال: أمرتك بخراساني. وقال الخراز: لم تأمرني بشيء. ولم يضمن الخراز إلا أن يكون دافعه خراسانيا ممن لا يلبس إلا خراسانيا. محمد: يريد أو عمل العامل ما يشبه لبس الدافع لم يضمن حتى يبين له الدافع. قال ابن ميسر: وقد عرف ما يقطع الرجل فهو يشبه الجواب وإذا قال الغسال: هذا ثوبك. وكذبه ربه حلف الغسال وصدق فإن نكل حلف ربه ما هو ثوبه وأن قيمة ثوبي عشرة وغرمه ذلك. محمد: يريد يحلف على الصفة، ويغرم إذا ادعى / الصناع رد المتاع فعليهم البينة أخذوه ببينة أو بغير بينة علموه بأجر أو بغير أجر، وإلا حلف ربه وأخذ قيمته بغير صنعة ولا أجر عليه. ولو قال مكتري ما يغاب عليه: قد رددته. لصدق مع يمينه كما يصدق على تلفه أخذه ببينة أو بغير بينة بخلاف العارية والقراض. وقال أصبغ: الكراء والقراض والوديعة سواء يضمن في التلف وفي الرد إلا أن أجده ببينة فلا يبرأ في الرد خاصة إلا ببينة. قال أشهب: ومن دفع إلى صراف دينارا ليزنه له فقبضه ثم قال: رددته إليك. فأنكر فالصراف مصدق مع يمينه. قال محمد: وكذلك لو
[7/ 82]

(7/82)


غاب عليه إذ ليس بصناع. قال أحمد: إن غاب عليه بأمره فأما بغير أمره فيضمن لتعديه.
ومن الواضحة، قال ابن الماجشون: الصناع مصدقون في رد المتاع إلى أهله مع أيمانهم إلا أن يأخذوه ببينة قال ابن حبيب: إذا قال رب الثوب: دفعته إليك لنغسله. وقال الصباغ: بل لأصبغه بعصفر. وقد صبغه فإن كان مثل الثوب يصبغ بعصفر. وقال ابن عبد الحكم عن مالك: وإذا قال: أمرتني بصبغه. وقال ربه: أمرتك أن تبيضه. فالصباغ مصدق إلا بعمل ما لا يعمل مثله. وكذلك إن قال الخياط: أمرتني بقباء. وقال ربه: بل قميص. وقال محمد بن عبد الله: إن أشهب لا يصدق الصانع في هذا، ويرد إلى القيمة ربه، أقول: والذي حكى محمد عن أشهب لا يصح لأن ربه إن لم يصدقه وجب لربه ضمان إن شاء / فكان ينبغي أن يخبر في تضمينه أو غرم قيمة الصنعة. قال ابن نافع: وإن قال رب الثوب: دفعته بدرهمين. وقال الصباغ بأربعة. صدق الصباغ وحلف إلا أن يدعي ما لا يشبه فله القيمة يريد منهم تجاوز دعواه.
قال ابن القاسم عن مالك: وإذا قال الصباغ: أمرتني أن أصبغه بعشرة دراهم عصفر. وقال ربه: بل أمرتك بخمسة. فالصباغ مصدق إن كان ما فيه يشبه ما قال.
قال سحنون وقال غيره: يتحالفان ثم يكون له أجر عمله ما لم يجاوز عشرة وهذا أصل جيد. وقال ابن القاسم في قلع الضرس بأجر إذا قال له المقلوع ضرسه: إنما أمرتك بقلع التي تليها. فلا يصدق وعليه الأجر. قال سحنون: قال غيره: كل واحد مدعى عليه فلا يلزم الحجام ضمان بدعوى الآخر، ولا يلزم الرجل ما سمى من الأجر فليحلف ويغرم له أجر مثله ما لم يجاوز التسمية. قال أبو محمد: أخبرني أبو بكر قال: يحيى بن عمر فيمن دفع ثوبا إلى صباغ يصبغه أحمر بدرهمين فصبغه أحمر يسوي ستة دراهم ويدعى الغلط فربه مخير بين دفع
[7/ 83]

(7/83)


قيمة الصبغ وأخذ ثوبه أو أخذ قيمة ثوبه يوم دفعه وإن سوى ثلاثة دراهم أو أقل إلى رجل سوارين فعمل أحدهما ورده إليه ثم قال: قد دفعته إليك الذي قبضت.
وأنكر الصانع فإن كان دفعه إليهما معا إجارة واحدة فالصانع مصدق وإن / دفع إليه واحدا بعد واحد حلف ربهما وصدق إلا أن يعطيه إجارته بحدثان ذلك.
في الصانع يدفع الثوب إلى غير ربه غلطا
والبايع يدفع غير الثوب الذي باع غلطا
من كتاب محمد، روى ابن القاسم وأشهب عن مالك في الغسال يخطى فيدفع إلى غير ربه فيلبسه أن الضمان على الغسال دون اللابس [إلا أن سلبسه عالما وقال أشهب روايته إذا لبسه الأيام فلا شيء عليه، إلا أن يكون أبلاه.
وروى عيسى عن ابن القاسم فإن كانت قيمة الثوب الملبوس دينارين وقيمة الآخر دينارا نظر كم ينقص ثوبه هذا الثاني أن لو لبس ذلك في تلك المدة فإن كان ينقص نصف دينار وقد نقص من الملبوس دينار كان على اللابس الذي لم يلبس ثوبه نصف دينار ونصف آخر على الغسال فإن كان الملبوس نقص أقل من نصف دينار فليس على اللابس إلا ذلك الأقل ولا شيء على الغسال وإن كان قيمة الملبوس دينارا وقيمة الذي لم يلبس دينارين قيل: كم كان ينقص ثوب اللابس لو لبس ثوبه؟ فإن قيل: نصف دينار. وقد نقص الملبوس ربع دينار دفع دينارا إلى ما فوق ذلك في القيمة ما لم يجاوز نصف دينار فلا يغرم أكثر منه ولو لبسه
[7/ 84]

(7/84)


وهو يعلم أنه غير ثوبه غرم ما نقصه قال أو كثر فلا شيء على الغسال إلا أن يكون اللابس عديما فيتبع بذلك الغسال ثم يتبع الغسال ذمة اللابس / بذلك وإن لبس كل واحد منهما ثوب صاحبه وهو يعلم واختلف نقصان ذلك رجع من الفضل على صاحبه وإن لم يكن في القيمة فضل فلا شيء لواحد منهما على صاحبه.
وروي عن سحنون: إن لبسا جميعا ولم يعلما وفي ذلك فضل رجع من له الفضل بذلك على الغسال. قال ابن حبيب: فإن كان أحدهما عالما ولم يعلم الآخر فعلى هذا التفسير وقال فيما سوى ذلك مثل ما تقدم؛ قال: فإن تلف الثوبان عندهما وقد كانا عالمين حين لباسهما فهما ضامنان ويرجع من له فضل على صاحبه بفضل القيمة في ملائه فإن كان عديما طالب الغسال بالفضل وإن كان يجهل فالغسال خاصة يتبع بالفضلة وإن تلف أحدهما وبقي الآخر فعلى هذا التفسير في العلم والجهل وكذلك وضح ابن الماجشون وقال: إنه قول مالك: قال أشهب في الصباغ يدفع ثوب هذا [لهذا]، فإن لبساهما حتى خلقاهما ضمن كل واحد قيمة الثوب الذي لبس يغرمه لربه وإن لم يخلقاهما فعلى كل واحد قيمة ما نقص لبسه من الثوب الذي لبسه هو ولا شيء على الغسال، فإن كان أحدهما عديما رجع لصاحب الثوب على الصباغ.
ومن كتاب محمد، قال ابن القاسم: وإذا دفع القصار غلطا ثوبك مقصورا إلا من قطعة وخاطه ودفع إليه ثوبه رددت ثوبه ولك تضمين القصار ثوبك أسمر إن شئت أو تأخذه ويغرم خياطته وتعطي للقصار أجره ولا ترجع عنه بحق الخياطة فقال ابن القاسم: ولو نقصه القطع والخياطة /، فليس له أخذه وأخذ ما نقصه وقال غيره: إذا نقصته الخياطة فإن شاء أخذه ولا غرم عليه للخياط وإن شاء تركه وضمن القصار ثم يرجع العمل بين القصار وبين قاطعه.
[7/ 85]

(7/85)


ومن غير كتاب محمد، وروي عن ابن القاسم: إذا أبى أن يدفع أجر الخياط فللذي خاطه أن يعطيه قيمته صحيحا أو يسلمه إليك مخيطا فإن أسلمه إليك فأنت مخير بين أخذه أو تركه وتضمين القصار. قال سحنون: إذا أبيت مثل دفع الخياطة فليس لك إلا تضمين القصار فإن ضمنته قيل للقصار:
ادفع أجر الخياطة إلى الذي خاطه وحده، فإن أبى قيل للآخر: ادفع إليه قيمة الثوب، فإن أبى كانا شريكين هذا بقيمة الثوب وهذا بقيمة الخياطة.
ومن كتاب محمد ومن العتبية روى أشهب عن مالك في البائع يدفع إلى المبتاع أرفع من ثوبه فإن أدركه بعينه أخذه وأعطاه ثوبه وإن قطعه فهو للمبتاع بثوبه.
ومن العتبية: لأنه يقول: أردت ثوبا بدينارين ولم أرد ثوبا بعشرين.
قال ابن ميسر: لربه أخذه مقطوعا بلا غرم شيء.
وقال ابن ميسر: إن دفعه إليه ربه ولم يصدق إلا أن يعلم ذلك بقوم حضروا شراءه أو أمر يستدل عليه والثوب حاضر وإن كان رسوله دفعه إليه فالجواب على ما ذكر قال مالك: وإن أعطاه دون ثوبه فقطعه فالمبتاع مخير بين أن يرده وما نقص القطع ويأخذ ثوبه أو يمسكه بقيمته يوم / انقطع ويأخذ ثوبه أيضا. قال في العتبية: وله أن يدع ثوبه لأنه يقول: إنما أردت ثوبا ولم ارد ثوبين.
ومن الواضحة: وإذا اختلف الانع ورب الثو في دفع الإجارة فالصانع مصدق أنه لم يقبضها إن كان الثوب بيده أو بحدثان مما دفعه وليس له يجعلها قبل العمل إلا أن تكون له سنة فيحلفا عليه ومن هذا المعنى باب في آخر البيوع.
[7/ 86]

(7/86)


في صاحب الحمام وجميع الحراس والرعاة هل يضمنون؟
وفي الحارس ينام والدليل يخطئ الطريق
من العتبية من سماع ابن القاسم قال مالك: قد أمرت صابح السوق أن يضمن أصحاب الحمامات ثياب الناس فيضمنوها أو يأتوا بمن يحرسها وقد قال أيضا: لا يضمنوا. وهذا من كتاب آخر كذلك حراس القرى لا يضمنون وإن أخذوا الأجر.
ومن كتاب محمد: ومن استؤجر يحرس بيتا فينام فسرق ما فيه فلا يصمن، وإن غاب عليه وله جميع الأجر قال مالك: وكذلك حارس النخل والماشية لا يضمن وله أجره كله. قال محمد: لا يضمن جميع الحراس إلا بتعد كان مما يغاب عليه أو غيره من طعام وغيره وكذلك من يعطى متاعا يبيعه فيضيع أو يضيع ثمنه إلا أن هذا لا أجر له ويضمن. قال ابن وهب في قول ابن ربيعة: لا يضمن الراعي إلا أن يكو مشتركا، معناه أن يأخذ ما لا يقوى عليه. قال ابن حبيب /: ذهب ابن المسيب أن الراعي رعى لرجل خاص لا يضمن وإن كان مشتركا ضمن. وقال مكحول والأوزاعي والحسن قال: فمن أخذ ذلك فهو حسن.
ومن العتبية ابن القاسم عن مالك فيمن بعث معه بخادم يبلغها بجعل فنام في الطريق فأبقت فله من الأجر ما بلغ ولا ضمان عليه يريد إنها إجارة وليس بجعل. قال: وقد روى ابن القاسم عن مالك المبضع معه يبلغها فماتت في الطريق أن له الأجرة كلها وعليه أن يتم له بقية سعره وقيل: إن كان ممن يواجر نفسه فذلك له. وهذا في كتاب الوكالات.
[7/ 87]

(7/87)


وقال في حمال بعثت معه دنانير ليبتاع لك بها طعاما فيرجع فيقول: قد ذهب المال. قال: لا يضمن وعليه اليمين ولا أجر فيما عنا.
وفي باب الإجارة على المجيء بعيد من بلد فيخالفه العبد أنه يرسله في مثل ذلك والإجارة تامة قال مالك: والمستأجر يحرس بيتا فينام فيسرق من البيت فله أجره ولا يضمن وكذلك حارس الخيل والغنم له أجره ولا يضمن.
قال ابن القاسم: لا يضمن الأجير إلا ما ضيع أو فرط أو تعدى، ومن الضيعة أن يترك ما وكل به ويذهب إلى غيره حتى يذهب ما وكل عليه وليس النوم والغفلة من الضيعة. أشهب عن مالك في الدليل يخطئ الطريق فأما العالم بذلك فلا شيء عليه ولا كراء وأما الجاهل يغرهم فلا شيء له قال أشهب: لا شيء لهما. قال ابن حبيب /: وإذا أخطأ وهو عارف لم يغرهم من نفسه فله جميع الأجر إذا بلغهم عل ما كان من خطئه وإن لم يبلغهم فله من الأجر بقدر ما دل لهم إلى أن يستغنى عنه مما ظهر لهم من حكاية على غرمهم وهو غير عارف فلا شيء له وعليه الأدب.
في الخياط يقول للرجل: إن الثوب يكسو فيشتريه
أو الصيرفي يقول: إن الدينار جيد فيأخذه
أو يدله على جارية فلان فيغلط
من العتبية، ابن القاسم عنه مالك وعمن قال الخياط: أخرج لي من هذا الثوب قميصا أو ساجا. قال: نعم فأخذه أجه فقطع فلم يأت ذلك فيه فلا ضمان عليه ولو أفسد ذلك غرم قيمة الثوب إلا في فساد يسير. قال: ومن واجر قسطالا فانتقد له مالا ثم خرج فيها ردية فلا ضمان عليه.
[7/ 88]

(7/88)


قال ابن القاسم عن مالك: ومن قال لخياط: إن كسا هذا الثوب اشتريته. فقال له: يكسوه فاشتراه فلم يكس فالبيع لازم ولا يضمن الخياط. قال ابن القاسم: وإن غر من نفسه عوقب وكذلك الصيرفي يقول للرجل: هذه دراهم جياد. فلا تكون كذلك، فإن غره من نفسه عوقب وحرم أجره واختلف قول مالك في تضمينه إذا غر بجهله؛ فقال: يضمن. وقال: لا يضمن ولا أجر له وأما البصير فلا يضمن وله أجره. وكذلك قال ابن حبيب إذا جعل له على ذلك، فإن كان بصيرا فله أجره. قال /: ويعاقب الذي غر من نفسه ويحرم أجره ولا يضمن وروي عن سحنون تضمينه. وروي في أمين أمره القاضي يبيع على يتيم فباع وقال: قبضت دنانير جيادا. ثم توجد غير طيبة فإن كانت مشكوكا فيها لم يضمن، وإن كان رداها بينا ضمنها.
وقال مالك، في سماع ابن القاسم: إذا استوجر صيرفي ينتقد للورثة دنانير فوجد فيها ذهب قباح قال: لا يضمن إلا أن يكون [غر من نفسع أو يغرف أنه ليس] من أهل البصر، فيضمن. قال سحنون: وهذه أصح من التي تحتها حين قال: إن غر من نفسه فلا شيء عليه ويؤدب.
وقال ابن دينار المدني فيمن استأجر رجلا في انتقاد مال قال: فوجد فيه رديا فإن كان بصيرا وأخطأ فيما يختلف فيه لم يضمن، وإن كان مما لا يختلف في مثله لبيان فساده رأيته ضامنا؛ لأنه قصر فبما كان يدركه لو اجتهد ولو كان الأجير جاهلا لا بصر له والذي استأجره لا يعرف بجهله وذكر الأجير أن له بصرا ومعرفة وغر من نفسه، فإن قبض شيئا لا يختلف في مثله لسان فساده ضمن وعوقب، وإن قبض ما يختلف في مثله لم يضمن وأدى لكل واحد منهم أجرئه. قال غيره: هذا كله إذا تصادقا على أنها منها أو بينة معه لم تفارقه.
[7/ 89]

(7/89)


ومن كتاب محمد: ومن قال لرجل: دلني على جارية فلان أشتريها. فقال: هذه هي: فلما ابتاعها ألفاها غيرها وإنما طلبها / بعينها لصنعة أو سبب أو أرسل فيها، فإن كان الدليل تعمد فلا جعل له ويؤدب، وإن كان عارفا بها فشبه عليه فله جعله.
قال ابن القاسم فيمن قال لبزاز: أخرج لي قوارة ساسج فأخرج له طاقا وأمر الخياط فقور له منه ساجا ثم قال له الخياط: فيما بقي ساج مثل الأول. فاشتراه فقطعه وخاطه فجاء دون الأول فلا يضمن ويحلف أنه ما سرق منه شيئا. قال ابن ميسر: إلا أن يكون قطعه على شيء أراه إياه فغره وقطع دونه فيضمن الثوب وكذلك الخياط وإنما لا يضمن فيما ذكر حين ولي الشراء دافع المال نفسه فإنما كذبه هذا ولا يضمن بالكذب.
[7/ 90]

(7/90)