النوادر والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا المرسلين وعلى آله وصحبه

كتاب الرواحل والدوات
في الكراء المضمون والمعين والنقد فيه
وهل يجوز تعيين حمل متاع لا يعدوه؟
من العتبية روى أبو زيد عن ابن القاسم عن مالك ومن كتاب ابن المواز: وإذا اكتريت من رجل دابة أو سفينة على أن يحملك إلى بلد كذا على دابة أو سفينة لم يسمها ولذلك الرحل دابة أو سفينة قال في كتبا محمد: وقد أحضرها الكري قال في الكتابين: ولا يعلم له غيرها ولم يقل: إنك تحملني على دابتك هذه أو سفينتك. فهلكت بعد أن ركب فعلى الكرى أن يأتيه بدابة أو سفينة غيرها ويحمله وذلك مضمون حتى يشترط شرطا إنما أكري منك هذه بعينها فينفسخ / الكراء بهلاكها. قال محمد: أو يكري منه نصف المركب أو ربعها فيكون كشرط التعيين. محمد: ولو أحضر متاعا أكرى عليه فلا يكون ذلك على تعيين المتاع ولو شرط في المحمول أنه لا يعدوه ولا يأتي بغيره ولا يبدله لم يجز ذلك، فإن حمل فله كراء مثله ولا بأس بتأخير النقد في الكراء المعين في دابة أو عندما لم يتأخر الانتفاع مثل الشهر فأكره حينئذ تعجيل النقد ولا يؤخر في المضمون إلا أن يشرع في الركوب. قال مالك: وإن تكارى كراء مضمونا إلى أجل كالمتكاري إلى الحج في غير إبانة فليقدم مثل الدينارين ونحوهما ولا يجوز في غير المضمون يتأخر فيه الركوب تأخير شيء من النقد ووخر في هذا لما يقطع الأكرياء بالناس.
[7/ 91]

(7/91)


قال أبو زيد عن ابن القاسم فيمن اكترى كراء مضمونا ويقدم إليه الدينارين حتى يأتي بالظهر فلا بأس بذلك وكم من كري هرب الكراء وترك أصحابه.
ومن الواضحة: وإذا وقع الكراء بدابة عينها أو أجير أو دار بثوب بعينه أو طعام بعينه، فإن لم يكن للبلد سنة أو كانت سنتهم كلما عمل أو سكن أو سار أخذ بحسابه فلا يجوز في قول ابن القاسم والجواب عندي أن الكراء بهذا كله جائز كان سنة الله التأخير فيه أو غيره فهو على تعجيله حتى يشترط تأخيره تصريحا. وقاله من أرضى من أصحاب مالك.
ومن كتاب محمد، مالك: ومن اكترى إبلا إلى بلد على أن يوخره بالكراء إليها ولم / تحضر الإبل وهي غائبة، فان كانت بأعيانها فذلك جائز لأن النقد لا يصلح في شراء الغائب، وإن كان كراء مضمونا فكان مالك يكره ذلك إلا أن يتعدى أكثر الكراء أو ثلثيه ثم قال: قد قطع الأكرياء أموال الناس فلا بأس بتأخير النقد ويعربنهم الدينار وشبهه قال أرجو أن يكون خفيفا لهذه الضرورة ولعموم الضرر بالناس بفسد الأكرياء وأما على قياس البيوع فلا يتأخر النقد في المضمون وخففه في الكراء لهذه العلة وسواء بشرط أو بغير شرط ما لم يشترط أجلا بعد حمل الحمولة والبلوغ فلا خير فيه. قال مالك: من اكترى دابة يركبها إلى عشرة أيام وينقد الكراء فإن كان قريبا فلا بأس به. قال ابن القاسم: لا يعجبني إلى عشرة أيام.
ومن كتاب محمد: وإذا مرضت الدابة يريد بعينها فتركها واكترى غيرها فقد انقطع ما بينهما وليرد ما بقي ولا يصلح في ذلك رجوع وإن رضيا. قال: ولا يكري الرجل الدابة بعينها كراء مضمونا.
[7/ 92]

(7/92)


فيمن اكترى دابة على أنها إن ماتت ركب دابة له أخرى
وفي الدابة بعينها تموت أو تمرض أو يجد بها عيبا
فيعطيه غيرها والحوالة في الكراء أو يتحول من
دابة إلى أخرى أو إلى طريق أخرى أو إلى جمل من ركوب
من الواضحة: ومن تكارى من رجل دابة بعينها وشرط عليه إن ماتت فدابته الأخرى بعينها مكانها إلى مدى سفره / أو شرط أن باقي كرائه مضمون فلا يجوز.
ومن العتبية روى أبو زيد عن ابن القاسم عن مالك فيمن تكارى دابة إلى موضع فهلكت ببعض الطريق ـ يريد وقد نقده ـ فلا ينبغي أن يعطيه دابة أخرى يركبها بقية سفره إلا أن يصيبه ذلك بفلاة وموضع لا يوجد فيه كراء فلا بأس به. وكذلك في كتاب محمد عن مالك. وكذلك في الواضحة وزاد سواء تحول في كراء مضمون أو معين والكراء الأول غير مضمون، إلا أن يكون بفلاة، فلا بأس به في الضرورة إلى موضع المستعتب فقط.
ومن سماع أبي زيد من ابن القاسم قال مالك: ومن بقي له عند رجل بقية كراء وسأل الكري رجلا آخر أن يحمله بالكراء الذي له عليه ويزيده فهو مكروه وأرجو أن يكون خفيفا. قال ابن القاسم: وليس بضيق وفيه شيء، وإن سأل ذلك المتكاري أن يحتال على الكراء الأول ورضي بذلك الكري الأول أن يحتال عليه ويزيده فلا خير فيه. أنكرها سحنون ورآها من وجه دين بدين.
ومن العتبية روى أشهب عن مالك فيمن اكترى شق /؛ مالك ونقد الثمن ثم أراد التحول إلى زاملة ويرتجع فلم ير فيه بأسا. قال عيسى عن ابن القاسم: إن سأله أن يحوله من محمل إلى زاملة ويرد عليه دينارا ويرده من زاملة إلى محمل ويزيد عليه دينارا وقد ركب أو لم يركب فذلك جائز إلا أن يكون، نقده فلا يزيده
[7/ 93]

(7/93)


الحمال شيئا إلا أن يكون قد سار بعض الطريق فتزول تهمة السلف فأما / أن يزيده الراكب ويتحول إلى محمل فلا بأس به ركب أو لم يركب نقد أو لم ينقد. قال عنه أصبغ: ولا بأس أن ينتقل إلى محمل ويزيده وأما إن تكارى على حمل أحكام فأراد أن يتحول إلى محمل ويزيده فلا يجوز. قال أصبغ: لتباعد هذا من هذا.
ومن كتاب محمد: ومن أكرى دابة بعينها فلا يجوز أن يتحول منها إلى غيرها، فإن فعل فعليه في الثانية كراء مثلها ما بلغ ويبقى كراء الأول قائما بينهما، ولو كانت إجارة على أيام معلومة جاز ذلك بينهما إذا انقضت تلك الأيام، وأحب إلينا أن يكون عليه في تلك الزيادة الأكثر من كراء المثل أو من الكراء الأول.
ومن العتبية روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم فيمن اكترى دابة من مصر إلى برقة ثم باعها وشرط على المبتاع أن عليه تمام الحمل مضمونا عليه على أي دابة شاء فالبيع جائز هو بيع وكراء مضمون بخلاف الدابة تباع ويستثنى ركوبها مكانا بعيدا.
ومن سماع أشهب من مالك قال فيمن اكترى من مصر إلى الحج ولم يشترط المضي بالمدينة فبريد ذلك ويأبى الكري إلا أن يتساحل فذلك على الكرى إلا أن يخاف فوات الحج وكذلك في كتاب محمد قال ابن ميسر: ولا تراعى ها هنا سهولة الطريق؛ ولأنه واجب عليهم بدءا للإحرام.
ومن الواضحة: وإذا اكترى منه من مصر إلى مكة ذاهبا وراجعا فلما بلغا مكة سأله أن يرجع به في طريق غير التي أتى منها قال: قال ابن الماجشون: /
[7/ 94]

(7/94)


إذا كان رجوعه إلى مصر فذلك جائز كانت المسافة متفقة أو مختلفة بزيادة من أحدهما أو بغير زيادة، وأما أن يفسخ ذلك في سفر ينشره من مكة إلى غير مصر فلا يجوز بزيادة ولا بغير زيادة كان الكراء الأول مضمونا أو في دابة بعينها.
ومن كتاب ابن المواز: ومن اكترى دابة بعينها فالقاها بها دبرة يؤذيه ريحها فكرهها يقال: اركبها، فإن لم تواتك فعلى بدلها حتى أبلغك فإن كانت مما يقضي له بردها فلا خير في شرطه أن يبلغه؛ لأن الكراء في معينة، فإن نزل فعليه كراء ما ركب ولا خير أيضا في أن يحوله إلى غيرها، وإن لم يضمن لها وإن كانت الأولى في حقه أمرا الدابرة لا يقضي بردها فالكراء الأول لازم والشرط الثاني باطل. قال ابن القاسم وعبد الله: من اكترى دابة بعينها إلى بلد ثم أراد أن يتحول إلى دابة أوطى منها لم يجز ذلك لا بزيادة ولا بغيرها. وقاله مالك. وأجاز ابن القاسم أن يتحول إلى طريق أخرى إن كانت مثلها.
محمد: يريد في أمنها وسهولتها ولم يجزه عبد الملك ما لم يكن طريق من يراجعه إلى الموضع الذي اكترى إليها، أو طلب الاختصار فيجوز ما لم يكن زيادة.
ومن العتبية، أشهب عن مالك في المكتري يريد أن يركب الدابة إلى غير الموضع الذي تكارى إليه فقال: إن كان مثل الموضع الذي تكارى إليه في السهولة والجزولة فذلك له. وفي المدونة ذلك له برضاء ربها. وقال غيره: ليس ذلك له بجائز. والله الموفق.
[7/ 95]

(7/95)


في إلزام الكراء العاقد به
وفي تخلف الراكب أو الكري قبل الركوب أو بعده
وفي الكري لا يجد الوكيل فيكري الإبل أو لا يكري
ومن كتاب محمد، قال: ويوم يقع الكراء يجب الركوب حينئذ إلا أن لا يمكن لليل غشيهم أو غيره فيؤخر إلى مكانه إلا أن يسميا شيئا معروفا جائزا.
قال ابن حبيب: وليس لأحد المتكاريين أن يرجع عما عقد ولا ينقضه ولا له في الدابة بيع ولا هبة ولا صدقة، فإن فعل فالكراء أولى ولا ينقض الكراء بموت أحدهما.
ومن العتبية وكتاب محمد، أشهب عن مالك: ومن اكترى من المدينة إلى مكة فسار شيئا ثم أراد أن يرجع إلى المدينة فقد لزمه الكراء كله قال أحمد: وليكر بقية المسافة إلا أن يرجع على الدابة برضى منها على المقاواة.
ومن سماع أصبغ من ابن القاسم، من العتبية وعن كري حمل لرجل أحمالا من الشام إلى مصر أو الفسطاط فلما بلغ إلى الفرما قال له المتكاري: أعدل بأحمالي إلى الأشنوم احملها في البحر. فيفعل ثم قال: على الكري فيما بين الفرما إلى الفسطاط قال: ليس له ذلك إلا أن يكون استثنى ذلك فقال له: اخرج أحمالي ها هنا وحاسبني. وإلا فلا شيء له والكراء كله للكري أرأيت لو قال له: ضع لي بعض متاعي ها هنا. فوضعه ألم يكن له كراؤه كله؟ أو يحمل حتى فات الأمر فإن لم تكن أياما بأعيانها، وقد ضرب لمجيء الدابة أجلا أو لم يضرب فأتى بها فلم يقبل فالكراء قائم حتى ينظر السلطان ويكريها عليه ولو أخذها فاستعملها / في غير ذلك، فإن كان ليس في مثله فالكراء قائم وعلى
[7/ 96]

(7/96)


المكتري كراء ما في هذا العمل مع الكراء الأول وكذلك لو أبقاها فعليه كراء مثلها فيما أوقفها فيه والكراء ثابت يكريها المكتري في مثله وإن أكراها في أيام بأعيانها فأتى بها فلم يقبل الدابة فإن تركه ربها قد قيل: إن لم يرجع ذلك إلى السلطان حتى يكريها على المكتري حتى فات الوقت وقد انفسخ ما بينهما ولا شيء على المكتري. ابن القاسم، روى عن مالك أنه إن أمكنه منها ولم يأخذها حتى [ذهب الوقت]. وقد أشهد عليه فقد لزمه الكراء. وقد قاله ابن القاسم. وكذلك الأقل إن أمكنه منها. قال محمد: وذلك عندنا في أيام بأعيانها أو شهر بعينه، ولو قبضها فأوقفها حتى زال الوقت لزمه الكراء كاملا، وإن استعملها في غير ما أكراها له بغير إذن ربها وقيمة ذلك أكثر من قيمة ما اكتراها له فالفضل لرب الدابة، وإن كان أقل لم يكن له غيره. قال محمد: تفسيره أن يسقط الكراء الأول، كان أقل أو أكثر ولم يعجبني بل يكون له الأكثر من الكراء الأول أو الثاني وكذلك أجير السنة لو واجر الأجير نفسه فيها كان الفضل للذي استأجره أولا يأخذه منه. قاله أحمد بن ميسر: إذا أكرى الدابة أياما بأعيانها فقبضها فأوقفها أو استعملها في دون ما اكتراها له فالكراء الأول بمضي الأيام المعينة ويكون له كراء مثله في شدة ذلك العمل الذي استعملها فيه. وقال مالك مرة: إذا أكرى ظهرا / إلى أجل على حمولة ف لما حل الأجل أمكنه منها فأبى ورافقه إلى الإمام فلم يفصل بينهما فأكرى الإبل ربها، فإن كان بأكثر فذلك للمكتري / وإن كان بأقل فعلى المكتري ما بقي له عليه. وقال مالك فيما بلغني: بل هذا الكراء للكري وليرجع ثانية قال ابن القاسم: وإذا خرج الكري إلى وكيل المكتري ببلد آخر فلم يجده قال ابن حبيب: أو لم يجد المتاع، فإن رجع بعد إعلام الإمام أو بعد اجتهاده وتلومه وإشهاده إن لم يكن سلطان، فله كراه، وإن لم يكن ذلك رجع ثانية. محمد: وهذا هو القول، قال مالك: وإن لم يكن الكراء بالبلد موجودا أو رجع ولم يرفع إلى الإمام فلا يبطل عمله بجهله إن يدخل على الإمام. قال أحمد: هو مدع في الاجتهاد ولا بينة له ولو دخل على السلطان بأن عذره. وقال مالك:
[7/ 97]

(7/97)


وإذا اكترى الإمام الإبل أو المكري وقد اجتهد إن لم يكن سلطان، يريد فأشهد فذلك للمكتري قال أو كثر وعليه الكراء الأول ولو أكراها الحمال لنفسه وكان ما وصفت لك فله هذا الكراء وليرجع ثانية إذا لم يرفع إلى سلطان ولو أكراها الحمال للمكري بغير تلوم فإن رضي به المكتري وقد نقده فإن كان هذا الكراء أكثر لم يجز له أخذ الفضل، وإن لم ينقده فله أخذ الفضل، وإن لم يرض به فالكراء الأول قائم.
ومن العتبية، أبو زيد عن ابن القاسم عن مالك: وإذا لم يجد الوكيل فأكرى لنفسه / فالكراء له وليرجع ثانية، ولو تلوم وكلم الإمام وأشهد فليس عليه أن يرجع ثانية ولو لم يفعل ذلك وأكراها للمكتري ثم ذكر نحو ما في كتاب ابن المواز إلا أن ما في العتبية فيه إشكال يتغير به المعنى في ظاهره. قال سحنون: إذا أكراها المكتري على وجه النطر بأكثر من كرائه فالمكتري مخير إما أخذ رأس ماله وترك له الفضل وتكون إقالة، وإلا رده وكان جميع الكراء للكري، وإن أكرى بأقل لم يضمن وله كراؤه ويرجع ثانية إلا أن يتراضيا على شيء فيكونا على ما اصطلحا.
قال ابن حبيب: وإذا لم يجد الوكيل وترك أن يأتي السلطان وأن يتلوم ويشهد وأكرى لنفسه فالمكتري مخير إن شاء سلم الكراء ورده يحمل متاعه، وإن شاء أخذ الكراء فإن شاء أخذه فانظر فإن كان فيه فضل فالفضل للمكري أكرى كان ذلك للمكتري قال ذلك أو كثر.
ومن كتاب محمد: وإذا أخلفه الكرى حتى فاته فلقي رجل أو غيره ف لا ينفسخ الكراء بذلك إلا في الحج فقط لأن أيام الحج معينة فإذا فاتت انفسخ
[7/ 98]

(7/98)


الكراء وكذلك يمكن في أيام بأعيانها ولا يتمادى وإن رضيا وقد قال مالك: إن نقد في الحج أو غيره، فإن أحب أن يتأخر الكراء إلى عام قابل لا يؤمر بالرد، وإن لم / ينقد فجائز فسخه ثم رجع مالك في الحج فقال: يفسخ بينهما وكذلك إن اكترى دابة شهرا بعينه فحبس عنه فيفسخ ما حبست فيه ويصح بقية الشهر ويصير كالأجير يمرض أو يغيب في إجارة الشهر ولو لم يكر أياما معينة كأن يكري سلعة بعينها يدفعها من الغد أو مضمونة فمطله بذلك حتى فاته ما يريد فلا حجة له وإنما له السلعة. وقاله مالك في الأضاحي يسلم فيها فيؤتى بها بعد أيام النحر أنها تلزمه وإذا غاب الكري فلم يأت مع الوقت فإنما يتكارى عليه الإمام إن كان له مال معروف وإذا كان الحج خاصة ففات وقته فسخ بينهما ولا يفسخ غيره إلا في كراء أيام بأعيانها أو شهر بعينه فيخلفه فيه كذلك قال مالك. فأما كراء مضمونا أو دابة بعينها يركبها من الغد أو بعده وليس بأجل مسمى يبلغه وإنما سمى وقتا بمجئ الدابة يركبها فهذا لا ينفسخ بعينه الحمال ما لم يكر المشتري أياما بأعيانها قيل: أليس يكره الأجل في المسير؟ قال: ليس هذا من ذلك لأن هذا حيث ينقضي الأجل سلم الحمولة إلى ربها وإنما المكروه أن يسمى للبلوغ أجلا. قال مالك: في كتاب ابن المواز، ومثله لمالك في العتبية في سماع أبي زيد: وإذا تخلف الكري في بعض الطريق فأنفقوا على إبله أو مات بعير فأكروا عليه؟ قال مالك: يلزمه ذلك إذا كان ما يشبه. قيل: فاشتروا بعير ا؟ قال: لا أدري / ما الشراء أرأيت لو ماتت كلها أيشترون مثلها؟ إنكارا إن يكون عليه شيء.
[7/ 99]

(7/99)


في هلاك الراكب وكيف إن شرط المحاسبة بموته؟
وفي الحمولة تهلك أو يتعدى فيها الكري
وفي الطريق تعرض فيه
أو عرض للراكب ما منعه المسير
من العتبية من سماع أصبغ من ابن القاسم: وسئل عمن اكترى شق محمل فمات في الطريق فلم يجد وليه كراء فأراد أن يطرح في شقه حجارة؟ قال: ليس ذلك له، وهذا مضار إلا أن يكون له في تلك الحجارة نفع.
قال ابن القاسم في رواية عيسى: ولا خير في أن يكتري الدابة ويشترط أنه إن هلك ببعض الطريق قاصه بما ركب ورد الدابة. وروى أبو زيد عن ابن القاسم فيمن أكرى على قمح من الريف أخذ اللصوص القمح ببعض الطريق قال يرفع ذلك إلى السلطان فينظر فيه فإن لم يرفع ذلك حتى قدم فليرجع حتى يحمل مثله من الموضع الذي أصيب فيه.
ومن سماع عبد الملك بن الحسن قال ابن القاسم في الدابة تكتري إلى موضع فتقطع به اللصوص أو سرق له من متاع أو قطع به شيء لا يقدر معه على المسير قال: الكراء لرب الدابة فإن شاء المكتري سارة أو أقام وليكرها في مثل ذلك. وقال سحنون. وقال: وأما من تكارى دابة إلى موضع / فيبلغه شيء لا يقدر معه على دخوله ولا التخلص إليه فالكراء يفسخ بينهما. قال ابن حبيب: ومن تكارى على حمل متاع كراء بعينه أو مضمونا فسار بعض الطريق فبلغهم فساد الطريق، فإن كان في الطريق انفلاق بين وشدة لا يرجى كشفها إلى أيام فيها مضرة عليهما أو على أحدهما فلمن شاء منهما فسخ الكراء، وإن كان في غير موضع مستعتب فعلى المكري أن يرد به إلى المستعتب والمكان المأمون كان بين يديه أو خلفه، فإن كان بين يديه فله بحساب كرئه، وإن كان خلفه فيكري مثله
[7/ 100]

(7/100)


والأول بحساب. وقاله أصبغ: وإذا أصاب المرأة الطلق في الطريق لم يجبر كريها على المقام عليها في غير الحج وتقيم هي إن أحبت وتكري هي ما تكرات وإنما يحسن في الحج إذا نفست قبل تمام حجها لأنه كأنه أكراها إلى أن يتم حجها. قال مطرف وابن الماجشون وابن عبد الحكم أصبغ.
ومن العتبية من سماع أشهب وعمن تكارى ظهرا إلى الحج فلما كان من أمر حسين ما كان وأراد الخروج إلى مكة وتراجع الناس من الطريق جاءه الكري فدعاه إلى الخروج فأبى وخاف الفتنة فرفعه إلى السلطان فأمره أن ي خرج مع كريه فخاف أن يقضيي عليه فصالح الكري على أن يقيله ويؤخره بالكراء إلى الجذاذ هل يرجع فيما أخر؟ قال: قد لزمه التأخير وقد طاع بالصلح فيلزمه وذلك الكراء غير لازم لهما من هذه الفتنة فلذلك جاز تأخيره ولو كان الكراء لازما لم يصلح التأخير. ومن سماع أبي / زيد من ابن القاسم: ومن حمل جرة فانكسرت وهو قوي على حملها فلا أجر له ولا ضمان عليه وهو مصدق أنه عثر وإن لم يكن ربها معه فإن لم يكن كسرها معروفا فله الأجرة إذا ضمن. قال أصبع: قال ابن القاسم: ومن حمل شيئا فرماه أخذه وصدمه فانكسر ما عليه فالرامي أو الصادم ضامن وللأجير بقدر ما بلغ من الطريق.
قال أصبغ: وليس على ربه أن يأتي بمثله ويكمل له الأجر لأنه شيء بعينه مجهول وقد تقدم من رواية أبي زيد عنه في الطعام يأخذه اللصوص ببعض الطريق أنه يحمل مثله إذا رجع ولم يرفع إلى الإمام.
ومن الواضحة قال مالك: وإذا ذهب الطعام أو المتاع ببعض الطريق بأمر من السماء وعرف ذلك وليس معه ربه ولا وكيله فليرفع إلى والي الموضع ليكري الدواب للمكتري إن وجد وإلا فالمكري يطلب ذلك فإن وجد أكرى للمكتري، وإن لم يجد لم يضره وله كراه كله، وإن أتى بدوابه فرغ. ومن كتاب محمد: وإذا
[7/ 101]

(7/101)


تلف الراكب بما فيه وقد أكراه بعينه فلا كراء له، وإن بلغ البلد الذي أكرى إليه ما لم يخرجه من مركبه وكذلك الدابة تهرب بما عليها. وفي الباب الذي يلي هذا من معاني هذا الباب وكذلك في باب عطب المركب.

فيمن اكترى دابة إلى بلد
على أنه إن تمادى أو بلغ بلد كذا فبحسابه
أو على أنه إن وجد / حاجته دون البلد فعليه بحساب ذلك
أو أكرى منه إلى بلد وقال: إن رجعت فبمثل الكراء
أو أكرى منه للرجوع بعد العقد الأول أو فيه
من كتاب ابن المواز، ومن العتبية أشهب عن مالك: ومن تكاري دابة بدينار إلى بلد كذا على أن يقدر ربها بحساب ما تكارى منه فإن سمى موضع التقدم فجائز اون كان يعرف نحوه، وإن لم يسمه مثل أن يقول: أتلقى بها الأمير إلى الشجرة. فما تقدمت فبحسابه فهذا قد عرف وجهه فيجوز فأما أن يكتري إلى بلد فحيث ما بلغ من الأرض فبحسابه. هذا قد عرف وجهه فيجوز فأما أن يكتري إلى بلد فحيث ما بلغ من الأرض فبحسابه فلا يجوز حتى يكون إلى موضع معلوم يسميه أو أمر له وجه وإن لم يسمه قال عيسى في العتبية: قال ابن القاسم: ولا بأس أن يكتري إلى طرابلس كل حمل أو كل محمل بكذا وينقد كراء طرابلس على أنه أن يقدم إلى أفريقية فبحساب ذلك فيلزم ذلك الكري وللمكتري أن يدع ويحاسبه حيث شاء فأما أن ينقد الكراءين جميعا على هذا الوجه فلا يجوز ويدخله بيع وسلف. ومن كتاب محمد ومن العتبية من سماع ابن القاسم قال مالك ومن اكترى في طلب ماله أو آبق، فلا يجوز حتى يسمى
[7/ 102]

(7/102)


موضعا وقال: فإن / وجد حاجته دون ذلك رجع وكان عليه بحسابه فذلك جائز إن لم ينقده. قال في كتاب محمد: وإن قال: فإن تقدمت فبحسابه. لم يجز حتى يسمي موضعا ثم لا ينقده إلا كراء الغاية الأولى وكذلك في الواضحة في هذا كله.
ومن كتاب ابن المواز وهو في العتبية من سماع أصبغ قال ابن القاسم: ومن اكترى إلى مكة بخمسة على نه إن شاء الرجوع فبذلك الكراء فجائز [قال لا بأس بذلك إذ كان الوزن] والحمولة وكان الكراء واحدا غير مختلف قال أصبغ: ما لم يقدم شيئا من كراء الرجعة.
قال ابن القاسم، في كتاب محمد: ولو قال: إلى مكة بعشرة فإن بدا لي اليمن فبخمسة عشر لم يجز إلا أن يقول: فبحساب ذلك. قال محمد: وإن قال: فإذا بلغت مكة ووصفت أحمالها أو بعضها ثم أردت الكراء إلى اليمن فبحساب ذلك. لم يجز إذا كان ينقص من الحمولة ببيع أو غيره أو يزيد فيها. قال مالك: ومن تكارى من مصر إلى مكة بدينارين على أنه إن بلغ الطائف فنازعه لم يحز ولو قال: فبحساب ذلك جاز. قال عبد الملك، فيمن اكترى دابة إلى مكة بدينار وإلى الطائف بأربعة أنه جائز لأنه إنما وقعت الصفقة إلى الطائف بخمسة وصار ذكر مكة لغوا وإنما يفسد إذا قال: على أنه إن بلغ الطائف فبأربعة. ولم يجعل الطائف واجبا. قال مالك: ولو قال: إلى طرابلس بعشرة، وإن تماديت إلى أفريقية / فلكل حمل دينار لم يجز. ولو قال: فبحسابه جاز. قال ابن القاسم: إذا لم ينقده إلا كراء طرابلس. وقال عبد الملك: وقال: ما لم تكن الوجبة أقل من الذي فيه الشرط للمكتري أو يكون كثيرا، وإن استوى خوفا أن يرخص له في الوجبة؛ لطمعه بكثرة الكراء الباقي فهذا عنده فاسد في المسافة الأولى وفي الثانية. ولو قال له بعد تمام الفقد في المسافة الأولى: إن بلغت بلد كذا فبحساب ذلك
[7/ 103]

(7/103)


لكان جائز عنده، وأن كثرت الوجيبة الثانية لأنه سلم من الحديعة بذكر الزيادة على الوجيبة في العقد وذكر عنه ابن حبيب أنه لا يجوز من ذلك بعد الصفقة إلا ما يجوز فيها من أن يكون الكراء الثاني الأقل ويكون له حد معلوم ويكون بحسابه قال: وإذا استزاد ذلك المتكاري في مدة الطريق ومسافته بذلك له ما لم يدع تلك الطريق إلى غيرها فلا يجوز له ذلك بزيادة ولا بغير زيادة اتفقت المسافة أو اختلفت ويصيير كغيره ممن لا معاملة بينه وبينه. قال محمد: قيل لعبد الملك: فلم قلت: إذا أكرى إلى مكة دابة بدينار ثم قال بعد العقد: إن تماديت إلى الطائف فبدينارين أنه لا خير فيه حتى يقول: فبحسابه أو يعقد معه إلى الطائف عقدا ثانيا لازما لا يقول فيه: إن شئت أو: أردت؟ قال: لأنه من المكتري كأنه في صفقة ولا يجوز من غيره بحال وأنا لا أكره في العقد أن يقول له في المسافة الثانية: فبحساب / ذلك إلا لما أطمعه من تكثير المسافة الثانية فقد سلما من ذلك حين لم يكن في العقد نفسه. قال مالك وإذا عقد معه الكراء من مصر إلى مكة فلما توجه عقد معه الكراء من مكة إلى مصر ونقده فذلك جائز محمد: للمكتري الأول دون غيره بمثل الكراء الأول أو أقل أو أكثر [وكأنه من هذا كراء واحد].
ما لم يكن في الثاني بانحياز إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل لم يجز بسفرين ولا يجوز إلا على حساب الأول. قال مالك وإذا أكرى منه من المدينة إلى إبله فلما سار بعض الطريق اكترى منه من إبله إلى مصر ونقده فذلك جائز. قال مالك: ومن اكترى إلى بلد وشرط أن بدا له أن يقيم ببعض الطريق أو يرجع إذا وجد حاجته أو إذا شاء ويعطيه بحساب ما بلغ على ما أكرى منه فذلك جائز ولا أحب النقد في ذلك.
ومن العتبية من رواية أبي زيد عن ابن القاسم قال مالك فيمن اكترى دابة وقال: إن تأخرت بمتاعي عن يوم سماه فكل يوم بعد ذلك بدرهم. قال: وهذا
[7/ 104]

(7/104)


مكروه ويفسخ الشرط، فإن فات فتأخر عن ذلك فإنما له كراء ذلك لا ينظر إلى الشرط، وعمن تكارى دابة إلى الإسكندرية أو غيرها وضرب له في تلك أجلا وشرط إن وجد الرجل في الطريق رجع له بحساب ما بلغ على ما تكارى منه فلا بأس به إذا لم ينقد وكذلك لو أكراها منه على مجيب بزمن الإسكندرية؛ على أنه إن فاجأه في الطريق رجع وكان له بحساب ما سار من / كراء فجائز إذا لم ينقده. قال سحنون: كيف يجوز هذا وقد أكراه دابته بما لا يدري؟ قال ابن المواز: وإذا أكرى منه على أحمال مجلدة وأثقال من المدينة إلى مكة وإذا رجع بأحمال وركوب فهو جائز؛ لقرب بعض ذلك من بعض وكما يكتري في صفقة على أحمال أو محامل وأثقال. وقاله مالك وابن القاسم وعبد الملك: قال ابن ميسر: يعني إذا علم كم الأحمال من المحامل؟ وإلا لم يجز. وفي الواضحة مثل ما قال وسواء كانت الأحمال والمحامل في البدأة وفي الرجوع أحمالا فقط أو كانت الأحمال وحدها في البدأة إذا كانت الأحمال في الرجعة هي الأولى يريد: أو حملا معمولا. قال: سواء كان كراء نفسه أو مضمونا فجائز. وفي باب بعد هذا فيما يجوز من ضرب الأجل في كراء الدابة معنى من هذا.

فيما يضمنه الأكرياء وما يدعون من هلاك أو نقصان
وفيما يهلك من الحمولة هل ينتقض له الكراء؟
أو كيف بما تعدى فيه المكاري؟
قال ابن حبيب: وكل ما حمله الحمالون على دوابهم أو إبلهم أو في سقهم أو على رؤوسهم فإنهم يضمنون الأقوات من طعام وإدام غير ذلك من طعام أو عرض إلا أن يكون صاحبه معه فلا يضمن شيئا منه إلا بتعد مثل أن يغر من عثار الدابة أو نفارها أو ضعف أحيلة فيضمن بالتعدي الطعام وغيره وإنما ذكرنا أنهم يضمنونه من طعام أو إدام فلا يصدقون في هلاكه وإنما ذلك في الأقوات التي لا غنى عنها ولمصلحة / الناس بتضمينهم كالصناع وعلى ذلك يعملون بعدما
[7/ 105]

(7/105)


يضمنون القمح والشعير والسلت والدقيق والعلس والدخن والذرة والكرسنة ولم يجعل الأرز من ذلك ورآه مما يتفكه به ويضمنون الفول والحمص والعدس واللوبيا والجلبان ولا يضمنون الترمس، وإن كان يضم معها في الزكاة فإنما يتكفه به، ولا يضمنون من الإدام إلا السمن والعسل والزيت والخل فأما المري والرب والأشربة فلا، ولا من الفواكة من يابسها ورطبها إلا التمر والزبيب والزيتون، ولا يضمنون ما عدا ذلك من الفاكهة والخضر واللحمان ولا يضمنون شيئا من الأدهان كسائر العروض. وفي كتاب ابن المواز: ولا يضمن المكتري ما يحمله انكسر أو سرق إلا الطعام والإدام سلم إليهم حمله على دابة أو سفينة أو ظهر رجل أو راسية في بر أو إلا أن يشهد عدلان بهلاكه بغير تعد أو يكون مع الطعام ربه أو وكيله فلا يضمن ولربه أن يأتي بمثله يجعل من موضع ملك الأول. قال مالك: إلا أن يأتوا بأمر معروف؛ من انشقاق زق أو هلاك راحلة بما عليها وشبه ذلك ما يعرف هلاكه ولا يضمنها غيره وهم فيه مصدقون وكل ما هلك بسبب حامله؛ من سفينة تغرق أو تضل الدابة بما عليها أو ينقطع حبل الجمال فيذهب ما عليه أو ينشق أو يهراق من عثار الدابة أو الرجل الذي حمله من بلد أو من سوق فلا ضمان في ذلك كله ولا كراء ولا على ربه أن يأتي بمثله / ويرجع فيأخذ الكراء إن دفعه. قال ابن القاسم: وأما أن سرق المتاع أو مات الرقيق أو الراكب فالكراء قائم ولهم حمل مثل ذلك.
ومن الواضحة قال: وما ادعاه الأكرياء من هلاك ما استحملوه فإنهم مصدقون إلا في الطعام والإدام فلا يضمنون ما سواه.
قال مالك في كتاب ابن المواز: ولهم الأجر كاملا ولصاحبه حمل مثله عليهم بقية الطريق أو يكري ذلك في مثله. قال ابن حبيب: لهم من الكراء بحسابه إلى الموضع الذي ادعوا مبلغه قال: وكذلك إن كان إتلافه من سببه مثل أن يغر من عثار دابته أو ضعف أحبلة فضمن ذلك فإنما يضمن قيمة تلك العروض بموضع هلكت فيه لا بموضع حمله منها ولا بموضع يحمل إليه. قال: وأما ما يضمنون من طعام أو إدام فيدعي هلاكه بموضع فلا يضمنه في ذلك الموضع
[7/ 106]

(7/106)


لكن بالبلد الذي أكرى ليبلغه إليه كان تلغه بالطريق مجهولا أو كان معلوما إلا أنه عن تغرير منه؛ لضعف أحبل أو عتار دابة أو كان هو مستهلكه وأما إن هلك الطعام ببينة بسبب الدابة من غير أن يغر فيه من عثار أو ضعف حبال أو كان ربه معه فلا كراء على المكتري ولا ضمان على الكرى. وكذلك لو عثر رجل بجرة حملها فيها زيت فانكسرت فلا يضمن ولا أجر له وأما ما هلك من الطعام من لصوص أو غاصب وذلك ببينة فيضمن كغيره مما لا يضمنه ولربه أن يأتي بطعام مثله أو عروضا مثلها فحملها له من موضع هلك فيه أو تكارى الدواب لنفسه إلا أن يتفاسخا عن / تراض بما يحل ولو كان حمل الطعام أو العروض في سفينة فغرقت غرقا معروفا لم يجب لربه السفينة من الكراء شيء وذلك في السفن بخلافه في الدواب. وقال مالك في الدواب يهلك ما عليها في الطريق بأمر من الله عز وجل قد عرف ذلك وليس معها المكتري ولا وكيله قال. يرفع إلى والي البلد إن كان فيها فيكريها إن وجد وإلا فالكري يكريها أمامه إن وجد وإلا فالكراء له كامل.
ومن العتبية، أشهب عن مالك عن الذي يحمل الطعام بكراء فينتقص عليه قال: يترك لهم من ذلك ما ينتقص بين الكيلين. قيل: وإذا نقص أكثر مما يقع بين الكيلين فِأراد أن يحلفه ويغرمه فضل ذلك؟ قال: إن أراد أن يغرمه فلا يستحلفه. وكذلك في كتاب محمد، قيل: أرأيت إن تكارى منه على جمل مائة إردب من الفسطاط إلى القلزم فقال له: اضمنها. فقال: لا أفعل، المائة تنقص أربعة إردب. فيقول له رب الطعام: فأنا أعطيك الأربعة أرادب النقصان واضمن لي مائة أردب توفيها بالقلزم وأكتبها ثلاثة باطلا؟ قال عنه ابن القاسم في الذي يحمل مائة إردب بالقلزم سبعة وتسعين ويطرح عنه ثلاثة لما ينقص في المركب على ذلك يعقدون. قال: لا خير في ذلك.
[7/ 107]

(7/107)


وروى عيسى عن ابن القاسم قال: قال ملاك فيمن تكارى على حمل طعام إلى المدينة فتعدى الحمال فباعه ببعض الطريق ولم يحضر ربه قال: ربه مخير؛ فإن اختار الثمن فذلك له وإلا ضمنه مثله بالمدينة. وقاله ابن القاسم قال يحيى بن يحيى / قال ابن القاسم: وإذا باع الحمال الطعام أو صاحب السفينة ببعض الطريق فلربه أخذ الثمن إن شاء وليس له القيمة، فإن لم يأخذ السفينة ببعض الطريق فلربه أخذ الثمن إن شاء وليس له القيمة، فإن لم يأخذ الثمن فله مثله بموضع يحمل إليه، وإن أخذ الثمن فله أن يستحمله مثله من الموضع الذي باعه فيه حتى يبلغه إلى البلد الذي اكترى إليه ويؤدي الكراء كاملا.
من كتاب محمد: قال أصبغ: ومن أكرى على طعام فركب معه أو أرسل معه رسولا فكان يسأمه في بعض الطريق ويصحبه في بعضها فنقص فلا ضمان على حامله. محمد: يريد؛ لأن أصل حمله على غير التسليم إلى الحمال. قال مالك: وما نقص الزيت في الزقاق فقال له: رشحت. سئل أهل المعرفة؛ فما كان ينقص مثله لم يضمنه. قال: وإن شرطوا ألا ضمان عليهم في الطعام أو أن عليهم ضمان ما لا يضمن فشرطهم باطل والعقد فاسد؛ فإن فات ضمنوا الطعام ولا يضمنوا غيره ولهم كراء مثله بغير شرط. وقال مالك: وإذا حمل طعاما في مركب فأصابه بلل، فإن كان مفسدا ضمن وأما نداوة غير مفسده فليجففه ويحمل على الوسط من ذلك ويحلف المتولي. محمد: وهذا إذا لم يكن مه ربه؛ لأنه يتهم أن يسرق منه ويعرف ما بقي ليبتل فيزيد فيه، وإن كان بلل لا يزيد فيه فلا شيء عليه، وإن شك فيه أحلف ولم يضمن كما يضمن في البلد المفسد. قال مالك: ومن أكرى على حمل طعام فبعث معه ما لا يشتريه له به فادعى ضياع المال فلا ضمان عليه ولا أجر له فيما [عنا] وعليه اليمين لقد ضاع. محمد:: وإن اشترى الطعام وادعى أنه ضاع أو سرق، فإن حمله في سفيته صمن، وإن حمله على غيره صدق، يريد محمد: بأمر رب الطعام، إن حمله على غيره وروى أبو زيد عن ابن القاسم فيمن أكرى من نوتي على قمح بذهب فدفعه فنقص
[7/ 108]

(7/108)


الطعام فأراد أن يأخذ في نقصانه ذهبا فلا خير فيه إلا أن يكون لهم ينقده ولا بأس أن يأخذ منه إذا نقده قمحا أو شعيرا إن كان شعيرا. قال ابن حبيب: ومن استأجر نواتية في سفينة يحملون فيها الناس ويكرونها فذلك جائز والضمان عليهم فيما حملوا من طعام وكذلك لو واجر أجيرا في ظهر له يحملون عليه فهم الضامنون لما حملوا من الطعام وقاله كله مالك.

في المركب يقف لنقص الماء أو يرده الريح أو يرجعون
لخوف أو يحبس الريح عليهم أو يجاوز به الريح المرضع
وروى أبو زيد عن ابن القاسم فيمن تكارى من نوتي إلى الإسكندرية فلما بلغ ـ المكندس ـ وقف الماء قال: يحاسبه بقدر ما بلغ. قيل: فإن ظن النوتي إن ذلك يلزمه حملانه فأكرى عليه فبلغه. الإسكندرية. قال: لا شيء للنوتي؛ لأنه هلو شاء لم يفعل ولخاصم فيه قيل: فلو كان وقوف المركب في موضع ليس فيه أحد ولا يوجد فيه سلطان فخشى هلاك المتاع فأكرى عليه؟ قال: لعل هذا، ولا يشبه هذا الأول وروى عيسى عن ابن القاسم هذه المسألة في الخليج لا يكون فيه الماء قال / له بقدر ما سار ويفسخ ما بقي وسئل أصبغ في الذين يكترون السفن إلى بلدهم فتردهم الريح بعد شهر أو أكثر إلى موضع ركبوا منه وكيف إن كانوا لم يزالوا ملججين أو بلغوا قرية ثم قلدوا منها أو جازوا بها ولو شاءوا نزلوها؟ قال: إن. لم يزالوا ملججين منذ قلدوا حتى ردتهم الريح فلا كراء عليهم؛ لأنهم لم ينتفعوا بشيء ولا بلغوا مكانا انتفعوا به بوصولوهم إليه فليزمهم كراء إلى ذلك الموضع أما الذين أرسوا بقرية فقلدوا بعد ذلك فعليهم من الكراء بقدر ما بلغوا إلى تلك القرية وبمنزله لو انكسر المركب بها فسلم متاعهم أو بعضه
[7/ 109]

(7/109)


فيجب عليهم من الكراء بقدر ما انتفعوا به فأما إن حادوا قرية فلم ينزلوا قادرين على النزول أو غير قادرين؛ فإن قربوا من البر جدا حتى صاروا إلى موضع بأمن من الريح لا يخافون منه لقربهم من البر وتعلقهم بالمرسى فلو شاءوا لأرسوا ثم قلدوا فردتهم الريح فعلى هؤلاء من الكراء بقدر ذلك الموضع كما ذكرنا، وإن لم يكونوا من قرب البر وأمنه بهذا السبيل ولكن يرجون ويخافون فلا كراء عليهم. قال: وإن لم يبلغهم ريح يردهم ولكن خوف لصوص أو ردم أو طلب ذلك الركاب، فإن رجعوا بسؤال من الركاب فالكراء كله عليهم، وإن كان رب المركب هو ردهم وأكرههم فلا كراء له، وإن طلب ذلك الركاب / لخوف لصوص أو ردم أو تغير بحر فالكراء يبطل كمن لم ينتفع بشيء وذلك إذا لم يكن دون مرجعهم إلى حيث ركبوا منه مستعتب ينزلون له مما مر ومنتفع فيما خرجوا إليه، فإن كان ذلك فهذا له أن يقول إلى هذا المستعتب: إذا لم يقدر على التقدم وليس لهم الرجوع إلى موضع خرجوا منه ولصاحب المركب قدر ما انتفع به من انتفع بذلك في حمولته وتجارته، وإذا كان الركاب هم الذين مضوا بالمركب حين خافوا على أنفسهم إلى موضعهم الأول وأكرهوهم أن لا يطرحوهم دون فعليهم الكراء واجب وأحب إلي أن يكون كراء الذهاب إلى حيث انتهوا بقدره من الكراء الأول ومن كراء الرجعة بالقيمة، وإن كان الأكرياء هم الذين أكرهوا الركاب ولم ينزلوهم إلى مخرجهم الأول فلا كراء لهم أيضا.
ومن كتاب محمد، قال مالك: وإن اكتروا سفينة مسيرة ثلاثة أيام فحبستهم الريح عشرين يوما فأرادوا الفسخ والمحاسبة فليس ذلك لهم ولا ذلك للنوتي إن طلب ذلك منهم ومن مسائل لابن عبدوس في قوم اكتروا مركبا من الإسكندرية إلى أطرابلس فمالت بهم الريح إلى سوسة ومع المتاع ربه أو وعيله وه ومن أهل أطرابلس أو غيرها فذلك سواء؛ إن شاء أخرج متاعه بسوسة ولا كراء عليه، لزيادة المسافة، وإن شاء الرجوع إلى أطرابلس بالمتاع خاصة أو بنفسه خاصة أو بالأمرين فذلك له /؛ لأنه شرطه ولا ينظ إلى غلاء المتاع ولا إلى رخصه بسوسة.
[7/ 110]

(7/110)


في المركب يعطب أو يرده الريح أو يطرح بعض شحنته
وفي المركب يشحن فيه جماعة هل يأخذ بعضهم دون بعض؟
من العتبية، قال سحنون: قال ابن القاسم في السفينة تكترى على طعام فتغرق في نصف الطريق أو بعد أن بلغت الساحل قال: لا كراء لصاحب السفينة وكذلك في كتاب ابن المواز وهو في باب قبل هذا. قال سحنون: قال ابن القاسم: وإذا اكتراها من الإسكندرية إلى الفسطاط فغرقت في بعض الطريق فاستخرج نصف القمح فحمله في غيرها فلرب السفينة الأولى من كراء ما خرج من القمح بقدر ما انتفع به منه ربه وبلوغه إلى الموضع الذي غرقت فيه. وقال يحيى بن عمر وغيره من أصحابنا: وهو من قولهم معروف فيمن اكترى على أحمال من نوتي ودفعها إليه فحملها وتخلف ربها فأصابها بلل في المركب نقص من ثمنها قال: تقوم سليمة وتقوم بحالها؛ فإن نقصت القيمة سقط عنه ثلث الكراء، وإن ربع فربع. ومن غير العتبية وابن أبي جعفر في مسألة السفينة تعطب ببعض الطريق قال مالك: لا كراء لهم. قال ابن نافع: له بحساب ما سار. وروى ابن أبي جعفر عن ابن القاسم مثل قول ابن نافع. قال يحيى بن عمر: إن كان كراهم على قطع البحر مثل السفر إلى صقلية من / إفريقية أو إلى الأندلس فلا شيء له من الكراء، وإن كان كراهم مع الريف الريف مثل أن يكونوا من مصر إلى أفريقية وشبهه فله بحساب ما سار وكذلك إذا ردتهم الريح إلى الموضع الذي ركبوا منه وإلى موضع آخر من الحائط الذي ركبوا منه فعطبت المركب أو بدا لصاحبه أن يقيم وليس لهم فيما جازوا من الطريق منفعة فلا كراء عليهم إلا أن يكون مصيرهم على الريف الريف.
[7/ 111]

(7/111)


ومن العتبية روى أبو زيد عن ابن القاسم في المركب يخاف أهله الغرق فيطرح بعض ما فيه؟ قال هم فيه سواء فقيمته من موضع حملوه، وإن كان حملوه من موضع واحد مثل أن يشتروا كلهم من مصر فمن طرح له شيء شريك لأصحابه بما اشترى به وذلك فيما طرح وفيما لم يطرح، وإن كان شراؤهم من مواضع شتى مثل أن يشتري بعضهم من مصر وبعضهم من أسوان أو بعض نواحي الفسطاط فهذا بخلاف الأول وينظر من هذا كم ثمن ما طرح وما بقي لو اشترى من موضع حمل فيكون شركاء فيما طرح وفيما بقي، واختلاف الأزمنة كالبلدان؛ فلو اشترى هذا منذ سنة وهذا منذ أشهر [حسب ما [على] اشترى به ٍ] منذ شهر. قال مالك: ولا يحسب على جرم المركب شيء وليس فيما طرح كراء وإنما عليهم كراء ما بقي بحساب ما أكروا. قال يحيى بن عمر: وإذا طرح أهل المركب ما نجوا به حسب ذلك على جميع ما في المركب / مما يراد به من التجارة من جوهر وغيره مما تقل مؤنة حمله أو تكثر وأما رقيق المركب ممن يخدمه وممن ليس للتجارة فلا يحسب عليهم شيء ويقوم ما طرح وما لم يطرح بقيمته بموضع شحنوا منه ويكونون فيه شركاء، وإن ابتل بعض المتاع أو الطعام قوم صحيحا وقوم مبلولا؛ فإن نقص نصف قيبمه طرح عن صاحبه من كراء ونصف الكراء وكذلك فيما قل وكثر قال يحيى: وكذلك روى أبو زيد عن ابن القاسم في هذا كله. قال يحيى: وإذا عطب المركب فألقى البحر المتاع قريبا من موضع ركبوا فلا شيء لرب المركب من الكراء، وإن ألقاه وقد جرى بعض الطريق؛ فإن كان سيرهم على الريف الريف فله فيما سلم بحساب ما ساروا، وإن لم يطرح شيئا فلا شيء له. وكذلك إن خرج يريد المتاع سالما بقرب البلد الذي يريد إليه فله من الكراء بحساب ما انتفع ويقوم ذلك وقد يكون الكراء من موضع
[7/ 112]

(7/112)


عطب إلى الموضع الذي يريد إليه أرخص منه ها هنا بحساب ذلك بالقيمة، وإن كانوا قطعوا البحر من الموسطة؛ لأنه قد انتفع، وإن ابتل المتاع قوم ما نقص منه البلل فتسقط من حصته من الكراء بقدر ما نقصه البلل كما ذكرنا، وإن لم يكن فيما جرى من طريقه منفعة فلا كراء عليه. قال مالك: وإذا فسد بعض الطعام في المركب ولم يفسد بعض؛ فإن كان طعام كل واحد على حدة قد جرى [على حدته قد حجز بينهم بحواخز فمن ابتل له شيء أو فسد فهو منه]. ومن سلم له شيء كان له وإن انخرقت الحواجز حتى اختلط القمح / فهم في جميعه شركاء فيما فسد وفيما لم يفسد. قال: ويتراجعون فيما طرح على ثمن الطعام بالقلزم لا بالجار ولا بموضع طرح فيه إلا أن يكون أحد منهم اشترى بدين فليحسب له على النقد لا زيادة فيه وأن حوبى أحدهم بشيء الحق بتمام القيمة بالقلزم. قال سحنون: ويقبل قول كل واحد منهم في مبلغ ثمن طعامه بلا بينة ولا يمين إذا ظهر صدقه إلا أن يتهم فيحلف. واختلف قول مالك في المختصر في تقويم ذلك فيما يطرح؛ فقال: قيمته في موضع يحمله. وقال: في موضع يحمل إليه. وقال: في موضع طرح. وروى أشهب، عن مالك في موضع طرح في البحر [وفي سماع أبي زيد على. . وليس على جرم المركب شيء ولا على خدم المركب وقومته كانوا أحرارا أو عبيدا وأما عبيد للتجارة فعليهم. قال ابن القاسم: قال مالك في النفر يكرون السفينة لحمل طعامهم فلما بلغوا أخذ أول من يمر بمنزله مكيلة طعام ثم غرقت السفينة فلا رجوع لأصحابه عليه أذنوا له في أو لم يأذنوا، وليس عليه أن يبلغ معهم بطعامه ثم يرجع إلا نه أن نقص الكيل طولب بحصته منه، وكذلك في كتاب ابن المواز. وكذلك في كتاب الشركة باب من هذا وفيه زيادة من هذا المعنى. قال في سماع أبي زيد: ومن أشحن في سفينة خمسمائة أردب ثم مر بأخ له في قرية أخرى فحمل له مائة أردب صبها فوق القمح ثم ابتل من أسفل القمح
[7/ 113]

(7/113)


مثل خمسين أردبا ولم يصل البلل إلى قمح الأغلال قال: فذلك عليهما وهما شريكان في الذي ابتل؛ لأنه قد خلطه / وحمله على وجه الشركة. وفي كتاب الشركة في القوم يحملون الطعام مختلطا فيريد بعضهم بيع حصته ببعض الطريق.
ومن كتاب ابن سحنون وكتب إلى سحنون قاض أطرابلس في مركب عطب ببرقة فأتى منه ستة أحمال إلى أطرابلس زعم من جاء بها أنها من ذلك المرب وأن أحمالا تعرف أهلها وأحمالا لا تعرف أهلها قد اندرس أسماء أهلها فبيع من الأحمال المجهولة بدنانير فأكروا على هذه الأحمال فجمعت حبا فجيء من كان له في المركب متاع لينظروا فيها فأبوا من أخذها وقالوا: نتصدق بخطنا منها فبعتها؛ لأنه قد دخلها الماء فبعتها بكذا وكذا، ووديت منه بقية كراء الستة الأحمال وأوقفت ما بقي وجاء صاحب المركب يطلب كراءه فكتب إليه: إن كان أصل الكراء من مصر إلى أطرابلس فعلى قول مالك الكراء على البلاغ وابن نافع يرى له بحساب ما بلغ ولكن في مسألتك أن بعض الأحمال وصلت إلى أطرابلس كمسألة مالك في الجعل في البئر لما حفر بعضه وتركه ثم جعل لآخر فأتمه فليعط الأول بقدر ماه انتفع به رب البئر فكذلك يعطى ربب المركب بقدر ما انتفع به أهل هذه الأحمال من مصر إلى برقة من ثمنها الذي بعتها به وأما ثمن الأحمال فينبغي أن تكتب صفة كل عدل ومبلغ ثمنه خاصة ويوقفه، فإن طال المكث ولم يأت من يستحقها وأتى من طول الزمان ما يرى أن مثلها لا يستحق فليتصدق بثمنها.
فيمن اكترى دابة فادعى هلاكها أو أنها مرضت
/ بعض المدة أو أنه ردها أو سقط على الدابة حملها فهلكت
وكيف إن ضلت فودي في ردها شيئا؟
وكيف إن أكراها على أن ضمنها؟
من العتبية، روى أبو زيد عن ابن القاسم قال مالك فيمن اكترى دابة إلى موضع فأتى فزعم أنها نفقت، فإن كان في جماعة كلف البينة، وإن كان وحده أحلف ولا شيء عليه.
[7/ 114]

(7/114)


وروى عنه عيسى، قال: وإذا ادعى أنه قد رد الدابة أو شيئا اكتراه وأكذبه ربه قال: إن أخذ ذلك ببينة لم يبرئه إلا البينة، وإن أخذه بغير بينة قبل قبوله في رده، وإن قال: ذهب. فيصدق فيما يغاب عليه وفيما لا يغاب عليه.
وقال في العارية: ولا يقبل قوله أنه رده قبضه ببينة أو بغير بينة وأما ما لا يغاب عليه فيصدق في رده أنه قبضه بغير بينة، وإن قبضه ببينة لم يبرأ منه إلا ببينة. قال مالك، فيمن اكترى حمارا عليه سرج ولجام فزعم أنه سرق سرجه ولجامه فلا شيء عليه. قال ابن القاسم: والعاربة مخالفة للكراء فيا يغاب عليه، ولو كان عاربة لكان لا يضمن الدابة ويضمن السرج واللجام وإذا قال مكتري الدابة: وقفت بالطريق فتركتها فهو مصدق. قال ابن حبيب: مع يمينه إلا أن يعثر عليه بخلاف ما قال وعلى المكري أن يخرج إلى دابته إن شاء وقاله مالك. ومن العتبية من سماع عيسى قال ابن القاسم وابن وهب: وإذا اكترى دابة يحمل عليها خشبة فحملها عليها فانفلتت من يد المكتري فسقطت على رجل الدابة و / كسرت رجلها، فإن أبطلها ذلك ضمن قيمتها، وإن كان شيئا خفيفا فعليه ما نقص من ثمنها.
قال أصبغ عن ابن القاسم فيمن تكارى دابة مشاهرة فسافر عليها فاعتلت في السفر فلم يقدر فركبها، فإن كانت له بذلك بينة سقط عنه ذلك وحوسب بما قبله. قال عيسى: قال ابن القاسم: ومن اكترى دابة واستعارها فتضل منه فيجعل المكتري جعلا لمن جاء بها قال: فذلك الجعل يلزم ربها إلا أن يشاء أن يسلمها إليه بجعله.
ومن الواضحة: ومن تكارى دابة على شرط ضمانها فذلك فاسد، فإن فات فسخ الشرط وردت إلى كراء مثلها بلا ضمان وكذلك ولو أعارها على الضمان سقط شرط الضمان فله كراء مثلها وكذلك مشترط رفع الضمان في الرهن فيما يضمن أو إيجابه فيما لا يضمن بطل الشرط ورد إلى السنة. ومن كتاب محمد:
[7/ 115]

(7/115)


وذكر عن ابن القاسم في مكتري الدابة مشاهرة يزعم أنها اعتلت في شهر أنه يكلف البينة، قال محمد: وهذا عندي وهم عنه بل القول عنده قول المكتري حتى يأتي ببينة بخلافه كقوله نفقت أو أبقت. ورواه عن مالك. وذكر القول في الدار يختلف في مدة هدمها في أكرية الدور وذكر اختلافهم في بطالة الأجير في باب الإجارات.

باب فيمن اكترى دابة بعبد أو ثوب أو طعام فاستحق
من سماع أصبغ من ابن القاسم فيمن تكارى دابة بعبد أو بجارية فاستحق العبد أو الأمة وقد سار بعض الطريق فعليه فيما سار كراء مثله وكذلك لو بلغ الغاية كان له قيمة كرائه لا قيمة ما استحق من يده ولو استحق ذلك قبل الركوب بطل الكراء بينهما. قال أصبغ: ولو تكاراها بثوب ثم استحق نصف الثوب بعد أن ركب نصف الطريق فإن للكري نصف النصف الباقي من الثوب ويرجع بربع قيمة كراء المسافة وهو نصف ما مضى ويكون باقي الركوب بينهما.
وهذه المسألة فيه في الأم إشكال [والذي كتبت] هو الذي وضح لي وكذلك بحسب ألو كان الكراء كله بنصف ثوب فاستحق نصف ذلك الثوب على هذا.
ومن كتاب محمد: ومن تكارى بعبد أن طعام بعينه فاستحق وقد سار نصف الطريق فإنه يفسخ الكراء ويرجع عليه بقيمة كراء ما سار، وقد كان لابن القاسم قول غير هذا من ذكر القيمة في الطعام أو العبد وهو غلط.
[7/ 116]

(7/116)


في المكتري يزيد على الدابة أو يتجاوز المسافة
أو يحبسها فوق الشرط أو يكريها من غيره
أو يمضى بها إلى طريق آخر أو يضر بها فيكريها
والزيادة في الحمل والمسافة
من كتاب ابن حبيب قال عبد الملك: ومن قول مالك فيمن تكارى دابة إلى موضع فجاوزه فعطبت أو تكارى يوما فجاوزه / فعطبت أنه ضاممن، وإن سلمت فله في مجاوزة الموضع كراء الزيادة إلا أن تتغير فيكون مخيرا وأما مجاوزة اليوم، فإن جاوزه بيوم أو أيام يسيرة فمثل ذلك، وإن كثرت الأيام مثل شهر ونحوه فهو مخير، وإن لم تتغير الدابة من بين قيمتها والكراء الأول أو الكراء الأول وكراء ما حبسها له.
وإذا جاوز المكتري بالدابة أمد ما تكاراها إليه ثم رجع بها سالمة إلى الموضع الذي تكاراها إليه فماتت فيه أو في الطريق إلى الموضع الذي تكاراها، فإن لم يجاوز الأم إلا اليسير مما لا خيار لصاحبها فيه إذا سلمت فليس لربها إلا كراء ما زاد ولو زاد كثيرا مما فيه مقام الأيام الكثيرة التي تتغير في مثلها سوقها فهو ضامن لها كما لو ماتت في مدة الأمد فهي إذ سلمت خير ربها في أخذها وكراء ما تجاوز بها أو يأخذها ويدع ما يزيد قيمتها يوم تجاوز بها الأمد. قاله ابن حبيب، وقاله ابن الماجشون وأصبغ قال ابن القاسم: يضمنها وإن ردها إلى الموضع الذي تكاراها إليه، وإن لم يكن جاوز إلا بالأمد القريب ورواه عن مال وهو عندنا غلط من الرواية؛ لأنه روي عن مالك فيمن تعدى فتسلف من وديعة عنده ثم رد فيها ما تسلفه ثم سرقت أنه لبا يضمن فهذا مثله.
وذكر حبيب عن سحنون أنه رد مسسالة ابن القاسم قال سحنون: إذا رد الدابة إلى الموضع الذي أمر بالبلوغ إليه فماتت في الطريق / فلا ضمان عليه وجعله كمن رد ما تسلف من الوديعة ثم رده ثم تلفت وقال: كمكتري الدابة ليحمل عليها وزنا معلوما فزاد عليها ما تعطب في مثله ثم نزع الزيادة ثم ماتت أنه لا يضمن الدابة وإنما عليه كراء الزيادة.
[7/ 117]

(7/117)


ومن العتبية، روى أبو زيد عن ابن القاسم: ومن اكترى بعيرا يحمل عليه ثلاثمائة رطل فحمل عليه أربعمائة رطل فقدم وقد أعجفه فنحره ربه ولم يعلم بالزيادة ثم علم فرب البعير مخير أن يأخذ منه كراء ما زاد قط أو يأخذ منهه ما بين قيمته يوم تعدى عليه وبين قيمته يوم قدم به. وكذلك في كتاب ابن المواز إلا أنه قال: زاد عليه ما يعطب في مثله فلما خاف عليه ربه نحره وهو لا يعلم بالزيادة قال: ينظر إلى قيمته يوم نحره فيسقط من قيمته يوم التعدي ويغرم ما بقي إلا أن يشاء ربه أخذ كراء الزيادة مع كرائه الأول فقط، فذلك له. وكذلك في رواية عيسى عنه مثل رواية ابن المواز إلا أنه قال: وقيمته يوم قدم به كما روى أبو زيد.
ومن كتاب محمد، وقال في مكتري الدابة يزيد في المسافة فقيل: إنه ضامن ولو زاد خطوة. وروى ابن القاسم عن مالك أنه يضمن في زيادة الميل والميلين وأما ما يدل الناس إليه في الرحلة فلا يضمن فيه. قال مالك: وإن أكراها إلى موضع فحبسها فيه في غير ركوب فهو متعد يضمن الدابة إن هلكت، وإن سلمت فله كراء ما حبسها. قال ابن القاسم: إن حبسها أياما فأما الساعة واليوم وشبهه فلا يلزمه إلا / كراؤها على قدر ما حبسها. وقاله مالك في البريد والبريدين ثم يردها سليمة.
ومن الواضحة: ومن تكارى دابة فحبسها فوق شرطه الأيام اليسيرة فعليه كراء مثله فيها لا شيء له غيره إلا أن يأتي بها قد أنقصها وغيرها تغيرا شديدا فهو مخير بين أن يضمنه قيمتها بعد تمام الشرط وكرائه الأول، وإن شاء أخذ دابته وكراء ما حبسها له مع الكراء الأول، وإذا حبسها أياما كثيرة حالت في أسواقها فيها فالخيار لربها، وإن لم تتغير والعاربة مثله في حبسها في القليل والكثير. وقاله كله مالك، وأصحابه. ولو ركبها في الوجهين إلى غير الموضع الذي أكراها إليه أو اخترق غير تلك الطريق، فإن كان مثله في الغاية والسهولة والوعورة فلا شيء عليه عطبت أو سلمت، وإن كانت أوعر أو أبعد فسلمت فله كراؤها في مثل ذلك،
[7/ 118]

(7/118)


وإن عطبت فهو مخير بين القيمة أو الكراء. وقاله أصبغ: وكان ابن القاسم يجيزه في الوجهين إذا عطبت، استوى الموضعان أو اختلفا. وبالأول أقول: قال عبد الملك: وإذا زاد المكتري في الحمل على الدابة لم يضمنها إلا بزيادة تعطب في مثلها وإذا جاوز المسافة بقليل أو كثير ضمنها لأن مجاوزته الأمد تعد في كله وزيادة الحمل اجتمع فيه تعد وإذن، وإذا زاد عليها ما تعطب في مثله فعطبت؛ فإن شاء [فإن شاء قيمة الدابة ولا كراء له إلا الكراء الأول ولا غيره إن شاء] كرى ما زاد مع الكرى الأول، والمكتري والمستعير يضرب الدابة فيفقأ عينها أو كسرها فهو ضامن، ضربها كما / يضرب الناس أو غير ذلك، تعمد أو لم يتعمد لأنها جناية فذلك سواء إلا في العقوبة، فإن كان أبطلها فقيمتها، وإن لم يبطل فما نقصها. وقاله ابن القاسم وغيره من أصحاب مالك.
في ربح الكرى وهل يكري المكتري من غيره؟
ومن كتاب محمد، قال مالك: لم يختلف من أدركت من العلماء في إجازة ربح الكراء في الدور كذلك في الدوات والسفن والمتاع والصناعات في مثل ما اكتراه وقد استثقله مالك في الركوب إلا أن يقيم أو يموت ولم يختلف قوله في الأحمال الأول جائز. قال مالك: وإن أكراها الراكب من مثله وكان أمينا لم يضمن، وإن لم يكن مثله ضمن، وأما الثوب؛ فإن أكراه من غير ضمن إن تلف ولو أكرى الدار من غير فهدمها الثاني لم يضمن الأول. قال أحمد: إلا أن يكري ممن يعلم ظلمه وتعديه. وفي كتاب الصناع باب في الصانع يستعمل غيره نصيبه في هذا الباب.
قال ابن حبيب: ومن أكرى ليركب أو يحمل فأكرى من غيره في مثل ذلك فمنعه ربها؛ فإما في الركوب فله منعه وأما في الحمل فليس له منعه، وكذلك في المحامل قاله مالك. قال ابن حبيب: ومعنى ذلك في الحمل في الدابة التي يكريها معها يتولى سوقها في الحمل والحط عنها والحمل عليها، فأما لو أن إنما سلمها للمكتري له منعه من الكراء من غيره في الحمل؛ لاختلاف سوق الناس ورفقهم
[7/ 119]

(7/119)


وحياطتهم وتضييعهم لها وحبسها وتفقدها إلا أن يكون من شأن ربها لا يلي صحبتها وإنما يرسلها مع عبده وأجيره فلا حجة حينئذ إذا حمل عليها مثل / ما أكراها له. قال: فإن وقع ما ذكرنا فيمن يتولى سوق دابته فسلمها إلى غيره فحمل عليها شيئا آخر هو مثل ما اكتريت له أو حمل على الدابة التي أكرى لركوبه غيره، فإن كان الذي صارت إليه في الوجهين مثل الأول في أمانته وخفته ورفقه بالدواب في السوق وإليه فلا يضمن إن عطبت، وإن كان على خلافه فهة ضامن.
ومن تكارى دابة إلى موضع ثم بدل له عن الخروج فالكراء له لازم وله كراؤها في مثل ما اكتراها له.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم وفي في كتاب ابن المواز وقال في رجل يريد أن يعقب رجلا في شق محمل. فيأبى الجمال قال: ليس له منعه إذا حمل مثله. قال ابن ميسر: إذا كان عقبه لعقبة فذلك. قال أصبغ: إن أعقب راكبا مريحا فذلك له، وإن أعقب ماشيا فليس له ذلك لأنه يكون أضر وأثقل.
ومن كتاب محمد: ومن واجر أجيرا شهرا بعينه أو دابة فواجر الأجير نفسه في ذلك الشهر من آخر أو أكريت تلك الدابة ذلك الشهر من غير الأول، قال ابن القاسم: فالكراء للمكتري الأول إن كان أكثر مما واجره به، وإن كان أقل أخذ بقية حقه الذي كان أعطاه قال محمد: لأنه كان مخيرا في قبض الأجرة أو يحاسبه بقدر ما كان استأجره. قال ابن القاسم، فيمن اكترى دابة أو سفينة بعينها: فليس لربها حمل متاع عليها، ولا رديف على الدابة، فإن فعل فالكراء الأول إلا أن يكري على وزن معلوم أو كيل فلا شيء له في الزيادة.
[7/ 120]

(7/120)


فيمن يكري أو يؤاجر على أمرين مختلفين في عقده
أو يكري من رجل ثم من آخر
ومن كتاب محمد قال مالك: وإذا أكريت دابة بعينها يحمل عليها من الإسكندرية إلى الفسطاط، فإذا رجعت سقيت عليها جنائك شهرا لم يجز لأن هذين نوعان غير مشتبهين ولأنه لا يدري كيف برجع؟ ولو كان ذلك مضمونا لجاز. وفي باب هذا إذا أكرى منه على أحمال في مسيرة وركوب في رجوعه فأجازه لتقاربه. وفي الإجارات باب من هذا.
قال ابن حبيب: وإن تكارى منه ظهرا بعينه، يسقى بها زرعه أو شجره سقيا يقل أو يكثر ونقده لحج أو لعمة أو مبدوءا به وذلك في صفقة واحدة لم يجز لتباعد ذلك ويصير كرجل آخر عقد فيه وبعد وجيبة الأول في دواب بأعيانها فأما في المضمون فذلك عليه جائز. وكذلك لو أكريت منك إلى مكة كراء مضمونا عليك ثم أكرى منك غيري كراء مضمونا يشرع فيه بلغتني مكة فذلك جائز. وفي الإجارات تمام هذا المعنى.

في الجمال يغلط فيحمل غير الحمل الذي أكرى عليه
من العتبية من سماع أبي زيد فيمن اكترى على حمل متاع من أطرابلس إلى مصر فأخطأ الجمال فحمل غيره إلى مصر فربه مخير، إن شاء دفع الكراء وإلا ضمنه قيمة متاعه في البلد الذي حمله منه، وإن كان ذلك منه تعديا قربه مخير بين تضمينه قيمته أو يأخذ متاعه بالبلد الذي حمل إليه ولا كراء عليه. وقال أشهب: إذا حمل غير الحمل غلطا فأما الحمل الأول فعليه حملانه، وأما الذي حمله غلطا فلربه / أخذه بمصر ولا كراء عليه وإلا ضمنه قيمته بأطرابلس إن شاء وليس للحمال أن يقول برده إلى أطرابلس ولا ذلك لربه إن طلبه. واجتمع ابن القاسم وابن وهب على أن له تضمينه قيمته بأطرابلس إن شاء وإن شاء أخذه
[7/ 121]

(7/121)


بمصر وعليه غرم كرائه. وكذلك قال مطرف قالوا: ولا للجمال أن يقول برده إلى أطرابلس. وقال ابن حبيب: قال أصبغ: على الجمال رد الحمل إلى أطرابلس ثم هو في ضمانه في ذهابه به ورده إياه إلى أطرابلس وإن شاء ربه أخذه بلا كراء يغرمه ورده ليأتيه بالحمل الذي أبقى. قال: إلا أن يكون كان يعيبه أيضا حمل هذا الحمل الذي غلط به إلى مصر، فعليه حينئذ كراؤه إن اختار أخذه بمصر وذلك قيمة كرائه ليس على الكرى الأول ولا بد أن يرجع في مجيب الحمل الذي ترك. قال ابن حبيب: وهو قول حسن.
في تفليس الكرى أو المتكاري
وهل للجمال أن يدير الإبل بين المكترين؟
وهل له حبس المتاع حتى يأخذ حقه؟
من كتاب محمد ومن العتبية، قال ابن القاسم: قال مالك: وإذا كانت الإبل بين المكترين وكان يديرها عليهم للحمل قال في العتبية للركوب فيفلس وبيد أحدهم بعير منها فهو أحق به من أصحابه ومن الغرماء. قال العتبي: قال سحنون: وكذلك في الحمل أصحاب الأحمال أولى بما تحت أحمالهم من الإبل.
قيل: له فإن أراد الجمال أن يدير الإبل بينهم، وأبى ذلك أصحاب الأحمال والمحامل؟ قال: ليس ذلك للجمال إلا عن رضى منهم، والمحامل وغيرها في الكراء المضمون سواء وهم أولى بما في أيديهم. قيل له: فإن احتاج المال فتسلف من بعضهم وارتهنه ما في يديه من الإبل. قال: ذلك جائز، ورهن مقبوض.
ومن كتاب محمد: وإذا مات بيد أحدهم البعير الذي بيده لم يدخل فيها بيد أصحابه حتى ينقضي الكراء، وإن قام غرماء الحمال وهي إبل مكتراة بأعيانها فالمكترون أولى بها قبضوها أو لم يقبضوها، وإن كان الكراء مضمونان فهم أحق بها.
[7/ 122]

(7/122)


إن قبضوها، وإن لم يقبضوها بلم الحصاص بقيمة الكراء يوم الحصاص لا يوم الكراء فما صار لهم اكترى لهم به وما بقي أتبعوه به دينا.
قال محمد: سواء نقد أو لم ينقد إلا أنهم إن لم ينقدا غرموا الكراء ثم تحاصوا فيه وفي سائر ماله هم والغرماء؛ فإن صار لهم نصف الكراء أتبعوه بنصف الحمولة وليس بثمن. قال ابن القاسم: وإذا قبض المكري المتاع وإن لم يحمله فهو أحق به من الغرماء حتى يقبض كراءه ولهم ما فضل عنه ويكري الغرماء الإبل وكذلك الصناع، قال: وإن لم يقبضوا ما حملوا وهو بعينه أم لا، بيع للغرماء والكراء بينهما قائم. قال ابن حبيب: ولهم حبس الحمولة ما حلموا، وإن وصلوا حتى يأخذوا كراءهم وهم أحق به في الموت والفلس.
قال في كتاب محمد: ولهم حبس ما حملوا بعد الوصول حتى يأخذوا الكراء ثم هو كالرهن في ضمانه.
في الإقالة في الكراء في الحمولة وغيرها
وفي تأخيرها أو تعجيله بزيادة
وكيف إن باع منه الحمولة / على فسخ الكراء؟
من العتبية من سماع عيسى من ابن القاسم وعمن اكترى ظهرا ونقده الكراء ثم أقاله الكري على أن يؤخره بالثمن لم يجز سار ألم يسر. وقال ابن حبيب: قال ابن حبيب في الكراء المضمون وقد نقد الثمن وتفرق ولم يسر: لم تجز الزيادة من الكري بحال، وإن كانت من الكري وقد نقده فزاده دنانير أو دراهم فلا يجوز إلا مقاصة من الدنانير التي يسترجع، فإن زاده عرضا فجائز نقد أو إلى أجل، وإن لم يكن كان نقد وكان عليه الكراء إلى انقضاء المسافة أو إلى أجل لم يصلح بزيادة من المكتري نقدا ولا إلى أجل، لأنه إن زاده دراهم معجلة والذي عليه دراهم صار بيعا وسلفا وعرضا وفضة بفضة، وإن زاده عرضا معجلا.
[7/ 123]

(7/123)


فجائز ولا يجوز إلى أجل، وإذا ركب وسار ما لا يتهمان فيه جازت الإقالة بزيادة من المكري ما كانت ما لم تتأخر فيدخله دين بدين، وإن كانت من المتكاري حرم منها ما يحرم إذا لم يركب وجاز من ذلك ما جاز فيه.
ومن كتاب محمد: وإذا تقابلا بعد أن سارا بعض الطريق أو سكن بعض المدة أو عن الأجير بعض العمل وقد نقده ولم يجز في الدار ويجوز في كراء الدابة: محمد: لأنه قد يكره عشرة الجمال ولا عذر له في الدار؛ لأنه إن كان لها جيران سوء فهو عيب له به الرد إن لم يعلم.
واختلف قول مالك في الأجير؛ فقال: لا يعجبني. وقال: إن صح فلا بأس. وقاله ابن القاسم وقد يكرهه لخيانة أو عذر وخففه ابن القاسم في الخياط والطحان يقدم إليه / على عمل شيء معلوم ثم تقابلا في بعضه ولم يجزه في اللحم والرطب وسائر البيوع المضمونة.
ومن العتبية قال عيسى عن ابن القاسم: ومن أسلف في حمولة مضمونة إلى شهر ثم سأل الكري أن يعجل له الحمولة قبل الشهر من يده فلا يجوز ذلك ولو كان قد حل فقال للجمال. وخره عليك وأزيدك. لم يجز ولو سأله وقد سار بعض الطريق أن يقيم عليه أياما ويزيده فلا بأس بذلك.
قال أصبغ: ومن اكترى على طعام إلى بلد فما كال الطعام على الكري قال له الكري: بعه منى بنقد أو بتأخير وفاسخني الكراء، فإن كان الكراء بتأخير لم يجز؛ لأنه باع عرضا معجلا بدنانير معجلة وبدنانير مؤخرة فللعرض المؤخر وهي الحمولة من الدنانير المؤخرة حصة يداخله الكالئ بالكلي، وإن كان الكراء بنقد فانتقد فهو الزيادة في السلف ولا يجوز كان البيع بنقد أو بتأخير؛ لأن ما يزيده من ثمن الطعام فيه الزيادة في السلف وهو الكراء الذي يرد، وإن كان البيع بتأخير فهو أشد.
[7/ 124]

(7/124)


ومن كتاب محمد، قال ابن القاسم: ومن أكرى دارا سنة بدنانير لم يقل: معجلة ولا مؤخرة. فسكن ثم أراد أن يعطيه ما حل ويقيله مما بقي فلا بأس به ما لم يزده على ما حل ذهبا أو ورقا فيدخله ضع وتعجل ويجوز أن يزيده عرضا لا يتأخر. . قال ابن القاسم: ومن لك عليه حمولة حالة فسألت الكري تأخيرها ويزيده فلا خير فيه للضمان كعرض لك ممن سلم فدخل فزدته على أن أخرته عليه وإنه لضعيف / وما أحب العمل به، فإن نزل لم أفسخه إلا أن يطول الآمد مثل شهر أو شهرين فيفسخ. محمد: ويكون أقوى في الكراهية لخوف المراباة.
قال محمد: وقال ابن القاسم هو الفقه والصواب. قال ابن القاسم: ولو سار بعض الطريق ثم سأله أن يفيض عليه أياما ويزيده لجاز.
قال أصبغ: والأول مثله وهذا بين ضعفه. قال محمد: ليس كالأول قد فرق مالك بين أن يقيله بعد أن سار وتباعد فأجاز هذا في الرواحل دون الدور.
في اختلاف المتكارين في الدواب
قال محمد: وقد اختلف في اختلاف المتكارين في الدواب والذي أختار أنهما إذا اختلفا في البلد أو بعد المسير القريب كبئر عميرة كان ذلك في قلة الكراء أو كثرته أو في المسافة فإنهما يتحالفان ويتفاسخان في كراء الدابة بعينها وكذلك إن كان مضمونا إذا كان بقرب العقد في المضمون لم يمض الشهر ونحوه ويبدأ صاحب الظهر باليمين، وإن اخلتفا بعد طول السفر في المعينة أو بعد طول المدة في المضمون، وإن لم يبرحا فيه فالقول قول الكري في المسافة وقول المكتري في الثمن إن لم ينتقد وجا بما يشبه بعد التحالف فبلغ من المسافة ما يقول الكري لا يزيد ويغرم له الكري حصة ذلك من الثمن على ما يدعي الراكب، وإن انتقد الكري مائة درهم و / وبلغا إلى المدينة، فقال: إلى ها هنا أكريتك بمائتين. وقال الراكب: بل إلى مكة بمائة فليتحالفا ويفسخ ما بقي ولا يكون له غير ما قبض
[7/ 125]

(7/125)


ولا يرد منه شيئا بحيازته إياه ولا يكون عليه التمادى إلا أن يكون في الحج فعليه أن يبلغ مكة؛ لأن الحاج إليها يكترون. قال محمد: فيلزمه التمادي إلى مكة بما انتقد ولو لم ينتقد [فبالكراء الذي يقر به]. . المكتري. قال مالك: وسواء على جمل رجل أو جمل أحمال فالكري مصدق في الغاية إلا في أيام الحج كأنه يقول: فالقول قول المكتري. وإن كان ما سار قريبا لا ضرر في رجوعه ولم ينتقد تحالفا وتفاسخا كان اختلافهما في الثمن أو في الموضع أو في الحمولة والوزن وكأنهما في القرب سلعتهما بأيديهما لم تفت، وإذا فات ذلك ببعد السفر فهو كقبض المشتري وفوت ما في يديه في اليمين ثم يحلف المبتاع.
ومن العتبية من سماع عيسى: وإذا قال المكتري. اكتريت منك إلى المغرب. وقال الكري: بل إلى المدينة. فإنهما يتحالفان ويتفاسخان إن كانا لم يخرجا، وإن قال المكتري: إلى مكة. وقال الكري: إلى المدينة. ولم يخرجا تحالفا وتفاسخا إلا أن يشاء المكتري الركوب إلى حيث شاء الجمال، فإن سارا بعض الطريق، فإن قبض الجمال الكراء فهو مصدق، وإن لم يقبض تحالفا وتفاسخا وله من الكراء إلى حيث ركب على ما قال المكتري، وإن اختلفا في مقدار الكراء وقد سارا بعض الطريق / فالكري مصدق، وإن لم يسيرا تحالفا وتفاسخا، وإذا قال الكري أكريتك إلى المدينة وقال المكتري: إلى مكة. فإن كان في أيام الحج فالمكتري مصدق مع يمينه إذا كانت حمولته محامل وزوامل، وإن كانت أعكاما فالقول قول الكري إذا انتقد ويحلف، وإن اكترى منه كراء مضمونها إلى أجل ثم اختلفا بحضرة التعاقد في عدد الرواحل واتفقا في الثمن تحالفا وتفاسخا، وإن كان بعد محل الأجل فالكري مصدق ويحلف إذا أشبه ما قال. وكذلك في السلم إذا اختلفا في الكيل بعد الأجل صدق البائع مع يمينه فيما يشبه وإلا فقول المبتاع، فإن لم يأت بما يشبه حملا على سلم الناس. وقال مطرف: ومن أكرى من مصر إلى مكة فلما بلغا المدينة ماتت الدابة فقال الراكب: إنما أكريت تلك الدابة
[7/ 126]

(7/126)


بعينها. فاردد على ما بقي. وقال الكري: كان كرائي كراء مضمونا وإنما لك على ركوب. فالقول قول المكتري ويأخذ حصة ما بقي له. ومن قال: إن الكراء في غير الدابة الميتة فهو مدع ولو قال الراكب: مضمونا اكتريت منك. وقال الكري: بل تلك الدابة بعينها لكان الراكب مدعيا إلا تراه لو قال: أكريت منك هذه الدابة وحدها وقال المكتري: بل هذه الدابة ودابة أخرى أنه مدع ويتحالفان ويتفاسخان فكذلك المسألة الأولى كأن مدعي المضمون قال: هذه ودابة أخرى.
ومسألة مالك في الذي بلغ المدينة وقال: إليها أكريتك. وقال الآخر: إلى مكة / فذلك على هذه. قال ابن سحنون في رجلين اكتريا دابة من رجل يتعاقبان عليها فلما وصلا إلى قابس قال أحدهما كراؤنا إلى أطرابلس ذاهبا وجائيا. وقال صاحبه: بل كراؤنا إلى قابس ذاهبا وجايئا. ورب الدابة غايب أنه يقال لمدعي أطرابلس: أقم البينة
وتركب إلى أطرابلس، وإن لم نجد البينة حلف مدعي الكراء إلى قابس أنه إليها كان كراؤهما وقيل لصاحبك: إكر نفها الذي لك في الركوب إلى القيروان أو اركب إن شئت فإذا لقيت رب الدابة فأقر بما تدعي رجع عليه بما يصير له من القصاص في الكراء من قابس إلى أطرابلس ذاهبا وجائيا إليها، وإن قال رب الدابة: الكراء إلى قابس فهو مصدق مع يمينه إذا انتقد، وإن أراد مدعي قابس أن يأخذ مثل ما أصاب صاحبه قصاص الكراء الذي أقر لهما به فيما بين البلدين فذلك له إن شاء إلا أن يثبت على قوله الأول فلا يأخذ شيئا.
ومن كتاب محمد: وإذا طلب المكتري نقد البلد الذي وصل إليه فليس له إلا نقد بلد حمل منه فقبضه ببلد وصل إليه وأتى لم يخرج عنه بها ولو كان بعرض أو طعام أو صوف إلى أجل فله ذلك بموضع وقعت الصفقة.
[7/ 127]

(7/127)


ما يجوز من ضرب الأجل
في كراء الدابة وتبليغ الكتاب وما لا يحوز
وشيء من ذكر المجهول في الكراء
ومن أكرى دابته في الصايفة وغير ذلك من مسائل الأكرية
/ من الواضحة قال مالك: لا بأس أن يكري الرجل الدابة ليركبها في حوائجه أو ليحمل عليها حوائجه، وإن لم يسم كيلا ولا وزنا يحمله عليه.
ومن العتبية أشهب عن مالك: ومن تكارى دابة إلى مكة كل يوم بدرهم فليس ذلك من عمل الناس ولو ضرب لذلك أجلا لم يكن به بأس.
قيل لمالك: فإذا قال: أتكارى منك شهرا كل يوم بدرهم. قال: ذلك جائز. قال مالك: ومن اكترى منزلا شهرا بكذا فما سكن فبحسابه فذلك جائز، وإن أكرى أجيرا، ليحمل له كتابا إلى بلد ويشترط أياما مسماة قال: ما يعجبني وما هذا من أكرية الناس.
وروى أشهب عن مالك في كتاب محمد: ومن أكرى دابته في الصايفة ولا يدرون متى ينصرفون؟ قال: قد عرفوا وجه ذلك ونرجو أن يكون خفيفا. وروى عيسى عن ابن القاسم في رجلين اكتريا شق محمل واشتريا حمارا على أن يتعاقبا عليه هذا يوم وهذا يوم فأكرى أحدهما الحمار في يومه فأراد صاحبه أن يدخل معه في الكراء وقد مشى صاحبه أيضا ذلك اليوم وأجلا قال: ليس له أن يدخل معه في الكراء. وروى أبو زيد عن ابن القاسم في الكري يرريه المكتري غرايره ويسأله وزنها فيأبى ويحملها ثم يريد وزنها في الطريق قال: ليس له قد رضى حملها. وروي عن سحنون أنه قال: هذا إن حملها على الجزاف ولو كان على الوزن كان ذلك له. ومن كتاب محمد /، قال مالك: ومن اكترى إلى مكة بدينارين على أن يكون مسيره ومقامه ورجوعه في شهر، فإن جاء في أقل فله الدينارين، وإن أقام
[7/ 128]

(7/128)


أكثر فله بحسابه في الشهر لم يجز؛ لأنه لا يحاسبه بالنقصان مثل ما لو أكرى من مصر إلى المدينة، فإن رجع من بعض الطريق فله الكراء كله، ومن له دابة بالفسطاط وهو من أهل الريف فأكراها سنة على أنه إن قدم في جري النيل سكنها شهرين [فإن لم يقدم فالستة] للمكتري كلها. قال: لا يعجبني ذلك وهذه في الإجازات في باب: الأجير يعمل عملين.

في الوكيل على الإبل يتعدى في الكراء أو النفقة
من كتاب ابن المواز، قال مالك فيمن بعث بإبله مع أجير له إلى وكيله بالكوفة فقبضها منه ثم يكريها إلى المدينة فانصرف الأجير وقال: لم تقبله مني وقد أكريتها وأنفقت وبعت حملين في الطريق ورهنت الإبل من المكترين. فقال ربها: لم آمره برهن ولا كراء. قال مالك: ينظر فيما فعل من كراء ورهن؛ فإن كان سدادا ويشبه نفقة الناس وكراءهم لزم الكراء والرهن، وإن لم يكن كذلك [وإلا كل] الأول والآخر، فربها أحق بها ولا يتبعه المرتهن بشيء ويتعبون الأجير وليكتب الوالي إلى الكوفة حتى يعلم هل امتنع الوكيل من قبول الإبل؟ قال أحمد: فإن كان الوكيل لم يقبلها مضى السداد من فعل الأجير، وإن قال: لم أره.
فما كان مما لا بد منه من النفقة / على الإبل حسب له وما أكرى فأصيب منها شيء فهو له ضامن.
تم كتاب كراء الرجل والدواب
بحمد الله
يتلوه أكرية الدور والأرضين إن شاء الله
[7/ 129]

(7/129)