النوادر
والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام
على سيدنا المرسلين وعلى آله وصحبه
كتاب أكرية الدور والأرضين
في كراء الدار ومشاهرة ومساناة وهل لأحدهما الترك؟
وفي كرى المعين، وكيف إن زاده على المدة؟
من العتبية، من رواية عيسى عن ابن القاسم عن مالك: ومن اكترى دارا مياومة
كل شهر أو كل سنة بكذا أو قال: في السنة أو في الشهر بكذا. قال في كتاب
محمد: أو في الشهر أو في كل شهر. فلا يقع على معين وإنما يلزم من هذا ما
سكن وللساكن أن يخرج متى شاء وللمكري أن يخرجه متى شاء. قال مالك في
العتبية: إلا أن يقول: أكريك سنة بكذا أو شهرا كذا. فليزمها تمام السنة.
قال ابن القاسم في رواية عيسى: وأرى إن قال: السنة. إنه مثل ما قال مالك في
كل هذا.
ومن كتاب محمد: وإن قال: أكريك سنة أو سنتين بأعيانهما على، يخرج متى شاء.
فذلك جائز ما لم ينقد، وإن قال: شهرا بكذا. فسكن شهرا ودخل في ثان فخرج قبل
تمامه فعليه بحساب ما اكترى ولو كان بعينه كان عليه في الثاني كراء المثل
وقيل: إن كان أقل لم يبعض، وإن كان أكثر حلف رب الدار ويأخذه. وفي الواضحة:
وإن قال أكري كل شهر أو في / الشهر. وقال: الشهر
[7/ 131]
(7/131)
بكذا. فالشهر الأول لازم لهما في هذا وما
زاد عليه فلكل واحد منهما أن يخرج أو يخرج كان ذلك في أول الشهر أو في آخره
إلا أن يكون شرط إلا يخرج أولا يخرجه أو ينقد فيكون كالشرط وهذا قول مطرف
وابن الماجشون وروايتهما عن مالك.
وإن قال: سنة أو شهرا أو لم يسمهما أو قال: سنة كذا أو هذه السنة أو هذا
الشهر أو إلى شهر أو إلى سنة كذا. أو قال: كذا وكذا شهرا أو كذا وكذا سنة،
وهذا كله وجيبة لازم لهما أن يشترطا الخروج إن شاءا فلا يجوز فيه النقد
ويجوز في الأول النقد والتأخير ولم يختلف في ذلك مالك وأصحابه.
ومن العتبية، روى عيسى عن ابن القاسم فيمن اكترى دارا سنة فسكنها ثم تمادى،
ساكنا ستة أشهر فقد قيل: عليه بحساب الكراء الأول. وقيل: له في الزايد كراء
المثل وهو أحب إلي، وروى عنه أبو زيد أنه إن تمادى فسكن عشر سنين فعليه فيه
كراء التسع سنين قال: وإذا اكترى سنة بدينار فقال: دفعته. فهو مصدق، وإن
مضت السنة، وقال: وإن تكاراها بدينار؛ على أنه إن زاد فبحسابه، وإن نقص
فبحسابه ما لم ينقد.
ومن سماع ابن القاسم، قال مالك: وإن اكترى دارا سنة بدينار؛ على أنه إن شاء
خرج قبل السنة وحاسبه فذلك جايز ما لم ينقد، وإن تعدى فلا خير فيه وكذلك إن
اكترى سنين على هذا. ومن الواضحة: وإذا اكترى سنة ثم تمادى / في سكنى الدار
وحراثة الأرض ففي ذلك اختلاف والذي أختار قول ابن الماجشون أن ما كان يرجع
إلى ربه فيحوز ويغلق من دار وبيت وحانوت ورب ذلك ساكت عالم لا ينكر فله
بحساب الكراء الأول وما كان مثل المزرعة وما إذا فرغت الوجيبة بقي براحا لا
جدار عليه ولا غلق ولا آلة تؤدي إلى صاحبها فله فيما زاد الأكثر من القيمة
أو الوجيبة؛ لأنه تعدى عليه بغير أمره ولا علمه.
ومن كتاب محمد: لا بأس أن يكري الدار على أن تقبض بعد سنة، ابن حبيب: وإلى
سنتين وكذلك في البيع. محمد: ويجوز فيها النقد، وإن تباعد
[7/ 132]
(7/132)
قبضها فالكراء جائز ولا أحب فيها النقد ولا
ينبغي ذلك في الحيوان. ابن حبيب: ولا بأس أن يكري داره لسكنى دار أخرى
اتفقت السكنى أو اختلفت تعجل أحدهما السكنى أو تأخرت.
ومن كتاب ابن سحنون، عن أبيه وسأله حبيب عن الرجل يكري حانوتا ثم هرب ويدعه
وعليه قفله وفيه متاعه فيقيم أشهرا قال: يلزمه كراء الأشهر التي غاب فيها.
قيل: فإنه كان من دكاكين الخبازين. قال: لا يلزمه وليست كالحانوت، فإن ترك
فيها متاعا والحانوت عليه قفل وسأله عنه أيرفع إلى الحاكم أنه أكرى من رجل
حانوته شهرا بشهر فغاب الساكن وتركه مقفولا واحتاج هذا إلى حانوته وأقام
بينة؟ قال: يتلوم للرجل ويكتب إليه إلى الموضع الذي كان يظن أنه فيه؛ لئلا
تكون له حجة، فإن استقصى في ذلك وأعذر فليحل له حانوته ويضع متاعه بيد عدل،
وإن لم / يشهدوا أنه أكرى منه شهرا فشهرا فلا أدري لعله سنة بسنة.
فيمن اكترى دارا على أن ينفق فيها شيئا معلوما
أو ما احتاجت إليه أو عرصة على أن يبنيها أنه إن شاء بنى
فإذا خرج لم يكن له والقضاء في الكراء الفاسد وكيف بنى فيه
من كتاب محمد: ومن اكترى دارا على أنها إن احتاجت مرمة أنفق فيها من كرائها
من سنة أو مما لزمه فذلك جائز. قال ابن القاسم: وإن اكتراها بعشرة؛ على
أنها إن احتاجت [أنفق من] غير العشرة لم يجز. ولو قال: ارم من العشرة ومما
زادنا بينه وبين خمسة لم يجز حتى تكون الخمسة داخلة في الكراء وإلا فهي سلف
وكراء ويفسخ وله قيمة ما سكن وللساكن قيمة ما عمل. قال أصبغ: قيمته صحيحا
يوم عمله لا يوم عقد الكراء الفاسد ويكون عليه كالقبض في الكراء الفاسد.
قال مالك: وإن كان في الدار خراب وشرط أن يعمره من كرائها
[7/ 133]
(7/133)
ثم بدا لرب الدار في العمارة، فإذا أراه ما
يعمل فذلك جائز لازم. وكذلك في العتبية من سماع ابن القاسم. قال محمد: إذا
عرفا البناء؛ لأن البناء ليس كالمرمة. محمد: قال مالك: فإن أكرى منها عرصة
على أن ينفق وكراؤها كذا وكذا، فإن سمى ما ينفق ويكون من كراء ما يكريه من
السنين فجائز. وكذلك في العتبية عن ابن القاسم عن مالك قال: ويكون على
الآخر مثل أن تكون عشرين سنة بعشرين ويجعل نفقته عشرة فلكل سنة ونصف دينار
فعلى هذا يحسب. قال ابن المواز: وهذا إن كان البناء لرب العرصة ويسمى ما
يبنى ويكون / البناء من الكراء لا يزيد عليه، وأما إن كان البناء للمكتري
فلا يحتاج إلى تسمية ما يبنى ولا ما ينفق ولا أحب شرطه في أصل الكراء إلا
أنه إن بنى فمتى خرج فلرب العرصة أن يعطيه قيمته مقلوعا أو يأمره بقلعه.
قال مالك: ولا أحب أن يشترط من أكرى داره؛ إن يشأ بنى الساكن فإذا خرج ذلك.
قال مالك: وإن أكرى داره عشر سنين على أن يرم منها موضعا أراه إياه ويكون
ذلك كراء الثلاث سنين وأن لكل سنة من السبع خمسة دنانير فذلك جائز. ابن
القاسم: ومن أكرى كراء فاسدا بينا فبنى في الدار وارتفق بما بناؤه يفسخ
الكراء، فعليه كراء ما ارتفق به من ذلك. قال أصبغ: لأنه كرى الدار إن شاء
بقيمته نقضا. قال محمد: لا يعجبنا هذا وليس عليه إلا قيمة كراء العرصة يوم
قضبها على حالتها لا يوم عقد الكراء ولأن رب الدار إذا أعطى قيمة النقض
فإنما يعطيه ذلك اليوم وإنما ضمانه من الثاني فكيف يغرم كراء ما ضمنه ولا
يملكه رب العرصة إلا من يوم الحكم. ومن الواضحة، ومن اكتى دارا كراء فاسدا
فلم يسكن حتى انقضت؛ فإن كان قبض الدار لزمه كراء مثلها، وإن لم يسكن، وإن
لم يكن قبضها لم يلزمه شيء.
[7/ 134]
(7/134)
في المكتري يبني في
الدار بإذن ربها، والتداعي فيه عند خروجه
من الواضحة: وما أخذه المكتري من مرمة في الدار أو بنيان ارتفق به ثم تمت
الوجبية فما بناه فيها وأصلحه منها بإذن ربها فله قيمته منقوصا /، إن شاء
رب الدار حبسبه وما لم يكن له قيمة إن قلع فلا شيء له فيه. وقال ابن
القاسم: له قيمة ما بنى منقوضا في الوجهين بنى بإذنه أو بغير إذنه. فأنكر
ذلك مطرف وابن الماجشون ورويا القول الأول عن مالك وعن علمائهم وإذا رم في
الدار وأصلح بإذن ربها ثم اختلفا، وقال: اتفقت كذا. وقال ربها دون ذلك
فالمكتري مصدق ويحلف، وإن قال: قد أذنت لك لكن لم تبن ولا عملت شيئا، فإن
رئي أثر مرمة ظاهرة صدق وإلا لم يقبل قوله، وإن أشكل ذلك لطول الوجبية وزعم
أنه بنى وأصلح في أولها فالمكتري مصدق مع يمينه حتى يتبين كذبه؛ لأن ربها
قد أمره وائتمنه.
ومن العتبية، روى عيسى عن ابن القاسم فيمن اكترى دارا فسكن شهرين ثم أنها
انهدمت وبناها بما عليه من الكراء وصاحبها غائب ثم قدم بعد تمام السنة فله
من الكراء حصة ما سكن المكتري قبل الهدم، وله كراء العرصة بعد الهدم، وليس
للمكتري إلا نقض بنيانه إلا أن يعطيه قيمته منقوضا، وأما ما لا قيمة له إذا
نقض؛ من جض وتزويق وتراب فلا شيء له فيه. وفي الباب الذي قبل هذا ذكر
الكراء بالفاسد يبنى فيه.
ومن الواضحة: وإذا قال المكتري بعد تمام الوجيبة. وإنما بنيت هذا الجدار
سترة أو بنيت هذه السقيفة لوقد ناري أو جرشت الدار بهذا الصخر وطلب النقص
وقال رب الدار: بل ذلك كله كان في الدار يوم أكراه فالقول قول رب الدار في
ذلك وفيما كان منها مبنيا من خشب أو صخر أو غيره وأما ما كان مطروحا فيها
من صخر أو خشب أو عمود / أو لبن أو آجر أو باب ملقى فهو للمكتري إن ادعاه
مع يمنيه إذا أكذبه رب الدار.
[7/ 135]
(7/135)
في الدار تنهدم بعض المدة أو ينقطع ماء
العين
ثم يختلفان في مدة العمارة
وفي الدعوى في السكنى والخدمة
وفي انقطاع المدة
من كتاب ابن المواز، قال أشهب في الدار يقبضها المكتري ثم يدعي أنه لم يسكن
إلا ثلث المدة لانهدامها وكذبه ربها: فربها مصدق مع يمينه. وأما في الأجير؛
فالذي أجره مصدق مع يمينه أنه تبطل ما ذكر ولم يأته. محمد: كان انقطاعه
إليه أو كان إنما يعدو إليه وإنما قال ذلك في الدار؛ لأنها بين الناس لا
يخفى فيها الهدم، فإن لم يعرف ذلك أحد يصدق وكقول مالك في الدابة تكتري
فيدعي مكتريها أنها نفقت أو ضلت فإنه مصدق مع يمينه، وإن ادعى أنها ماتت
بموضع كذا وفيه من يقبل من الثقات فلا يعملون ذلك فإنه لا يصدق، وإن كانوا
غير ثقات وكذبوه لم يضره ذلك فهو مصدق مع يمينه. وكما قال في المكتري
الجفنة يدعي كسرها فقال مالك: فأين الفلقتان. محمد: وقال ابن القاسم في
الدار تبنى بعد الهدم ثم تسكن أو الرحا ينقطع ماؤها بعد السنة ثم يرجع
فيطحن بها ويدعي أقل مما يدعي ربها: إن ربها مصدق إذا اتفقا على أول السنة
ولا يعجبنا هذا بل المكري مصدق ويحلف؛ لأن ربها مدع / عليه لأمر مؤتنف بعد
الهدم وانقطاع الماء الذي تصادقا عليه. وقد قال مالك في المكتري يقول: لم
أسكن إلا ستة أشهر. وقال رب الدار: سنة: إن الساكن مصدق مع يمينه.
ومن الواضحة: وإذا ادعى مكتري الدار والرحا والحمام وانهدام ذلك في بعض
السنة وانحراف الرحا وبطالتها وانكسار بعض آلتها فالمكتري مصدق؛ لأن ذلك في
يديه قد أسلم إليه وأو تمن عليه وكذلك في [البعد] الأجير إن كان
[7/ 136]
(7/136)
مقيما عنده ليلا ونهارا، نقده الإجارة أو
لم ينقده فهو مصدق في كسوره وبطالته؛ لمرض أو غيبة، أو إباق، فإن كان العبد
يأتيه من عند سيده، فالقول قول السيد في الكسور مع يمينه، وأما الحر؛
فالقول قول الأجير الحر مع يمينه، كأن يختلف إليه لعلة، أو كان مقامه عنده،
كان قبض الإجارة أو لم يقبضها، قاله كله ابن الماجشون، عن مالك، وكان ابن
القاسم، وأصبغ يقولان: إن كان مأوى الأجير عند من استأجره، فالقول قول
الأجير في ذلك في الحر والعبد، وإن لم يكن مأواه إليه، فالقول قول من
استأجره، يريد مع يمينه وأنكر هذا ابن حبيب: قال ابن حبيب: وإن قال
المستأجر ومكتري الرحا والدار والحمام بعد انقضاء السنة المشترطة: لم أسكن،
ولم أختدم. وكذبه رباب ذلك، فهم مصدقون، ويصدق الأجير الحر، وسيد العبد مع
أيمانهم، وإن قالوا: انقضت الوجية، وقال المستأجر: لم تنقض فهو مصدق مع
يمينه، وقاله كله ابن / الماجشون، عن مالك. في الباب الذي يلي هذا شيء من
معاني هذا الباب.
فيما ينهدم من دار أو حمام أو رحاء
مما يوجب الفسخ أو لا يوجبه،
وكيف إن صلح قبل الفسخ؟
واختلافهما في مدة ذلك، أو في أصل الوجيبة
من الواضحة ومن اكترى دارا، أو حماما، أو رحا شهرا، أو سنة، فانهدم ذلك، أو
انخرق سد الرحا، فطلب الفسخ، وقال رب ذلك: أنا الأصلح، ولا أفسخ فإن كان
يضر به في تأخيره إلى إصلاحه، فله الفسخ، وإن لم يكن ذلك، مضرا لزمه
الكراء، أو قيل للمكري: عجل البناء والإصلاح، فأما الدار ينهدم منها يسير
مما لا يمنع سكنى سائرها، فلا يفسخ له، وإن انهدم أكثرها حتى يضطر إلى
الرحلة منها، فله الفسخ إذا شاء، وأما الحمام؛ فما انهدم منه من قليل أو
كثير، فهو مانع من حميمه، فإن قال ربه: أنا أبنيه وأرمه. فلا يوجب ذلك فسخ
الكراء إن كان يمكنه في مثل الأيام أو الشهر أو الوجببية سنة، وكذلك الرحا
ينهدم بناؤها،
[7/ 137]
(7/137)
أو ينخرق سدها أو ينكسر بعض أداتها، وهو
أوسع في الرحا والحمام من الدار التي يسكنها المرء بعياله، وهذا شأن
الأرحاء فيما يخترق من سد، وينهدم من بيت، وفي ذلك من بطالتها ما قد عرف،
فلو كان يفسخ كراؤها كلما اعتلت ببعض ذلك، ما تم لها كراء، ولكن إذا دعي
أهلها إلى إصلاحها، لزم المكتري الوجيبة ما لم يطل الأمر جدا، أو يعظم
الشغل به حتى يذهب أكثر الوجيبة /، فيفسخ في هذا وجيبة الكراء، قال: ولا
يفسخ في الأرحاء في عطلها لقلة الماء وكثرته، ومتى عاودها الماء، أو طلعت
من استعداده في بقية الوجيبة، فالكراء لهما لازم في بقيته، كقول مالك في
الأجير يمرض، ثم يفيق بقية المدة، ويسقط ما تعطل في هذا وهذا، والقول في
تعطل الرحا، والحمام قول المكتري مع يمينه؛ لأنه كالمؤتمن، وإذا قال
المكري: كانت الوجيبة، وقد انقضت، وقال المكتري لم تنقض فالمكتري مصدق مع
يمينه، ولو قال: الوجيبة سنتان وقال المكتري: بل سنة فإن انتقد فالمكتري
مصدق مع يمينه، وإن لم ينتقد، تحالفا، وفسخ ما بقي، وغرم من الكرا لما مضى
على حساب ما ادعى، وإن انهدمت الدار، أو بيت منها، أو جدار، فلا يجير ربها
على البناء، وهو مخير؛ إن شاء بنى، ولزم المكتري السكنى بقية الوجيبة، وإن
شاء لم يبن، فإن اختار إلا يبنى، قيل للساكن: اسكن إن شئت، فاسكن فيما بقي
من الدار، وإن شئت فاخرج إذا كان ما انهدم مضرا به في سكناه، أو منتقصا من
عدد مساكنها، فإن قال المكتري: أنا أبني ما انهدم بالكراء الذي على لم يلزم
ذلك ربها، إلا أن يشاء، وإما سكن أو خرج، فإن سكن، وضع عنه ما انتقصه الهدم
من منافعه، فإن لم ينقصه شيء، لم يوضع عنه شيء، فإن خرج إذا كان ما انهدم
مضرا به، قاصه بحساب ما سكن، وإن قال المكتري: أنا أصلح ما انهدم من مالي
فأسكن، فليس لرب الدار منعه، فإذا تمت الوجيبة، وكان الإصلاح بأمر ربها،
فعليه له قيمة / ما عمر (ع) في قوله لا قول ابن القاسم، وإن كان بغير أمره،
لكن أذن له السلطان في ذلك حين طلبه، فلربها أن يعطيه قيمته
[7/ 138]
(7/138)
مقلوعا، أو يأمره بقلعه، وإن أراد المتكاري
حين انهدمت أو ما انهدم منها الفسخ، وقال ربها: أنا أبني وطلب الكراء، لزم
الكري ذلك، إلا أن يكون عليه في ذلك ضرر، فله الناقضة والخروج، فإذا خرج
وأصلح الدار ربها، ولم يلزم المكتري رجوع في بقية الوجيبة، وهي بخلاف أرض
الزرع تهور أرضها بعد الزراعة، هذا يؤذن للمكتري أن يصلح بكراء سنة؛ لئلا
يهلك الزرع.
ومن كتاب ابن سحنون، وكتب سحنون إلى شجرة بن عيسى، في الذي يكري ذلك من رجل
سنة، ثم يهدمها أو بعضها بأمر المكتري أو بغير أمره لمصلحتها فيما يقول، ثم
يصلحها، ثم يبنيها قبل تمام السنة، أنها إن انهدمت أو هدمها ربها، وكان
الهدم مما يضر الساكن فيها، فهذا يفسخ به الكراء، وإن بناها في بقية المدة،
إلا أن يرضى الساكن، أن يثبت بما بقي إذا بقي أكثر الدار، ويحط عنه كراء ما
انهدم، ويكون الساكن أمره بهدمه وإصلاحه؛ ليسكن إذا تم إصلاحه، ومن كتاب
ابن المواز: وإذا انهدمت الدار وما يمنع السكنى من الهدم، فخرج المكتري
منها إلى غيرها، ثم يبنيها ربها، فلا يصلح الرجوع قال أصبغ: إلا أن يكون
ذلك البنيان مثل الأيام، وفوق ذلك قليلا مما لا ضرر فيه، فيلزمه ما بقي،
ويفسخ ما بين ذلك قال ابن ميسر: يريد أصبغ في العمارة لا في هدم البناء من
أصله.
ومن العتبية، من سماع عيسى، عن ابن القاسم: ومن اكترى حماما / برقيق فيه
سنة، فمات الرقيق في نصفها، فالكراء بحاله، ويحط عنه من الكراء فيما بقي
حصة كراء الرقيق بالقيمة، فإن انهدم الحمام والرقيق باقية، انفسخ الكراء في
الرقيق، والحمام، لزمه من الكراء ما مضى من المدة.
[7/ 139]
(7/139)
فيمن اكترى دارا أو أرضا وفيها شجر مثمر
فاشترطها
وكيف إن انهدمت الدار أو استحقت؟
من كتاب ابن المواز: ومن اكترى دارا أو أراضا، وفيها نخل أو شجر أو دوال،
فاشترط ثمرها، وليس فيها ثمر أو فيها ثمر لم تطب، فذلك جائز إن كانت تبعا،
تكون قيمتها فيما عرف من نباتها بعد طرح موقاتها الثلث فأقل. قاله مالك،
وروي عنه أنه لم تبلغ به الثلث، فكذلك في اشتراط البياض في المساقاة.
قال ابن المواز، وحب، وقاله أصبغ، في العتبية، وإنما يجوز استثناء الثمر
بالبيع في الكراء إذا كانت تطيب قبل انقضاء أجل الكراء، وإن كان طيبها بعد
أجل الكراء، لم يجز، ويفسخ قال ابن حبيب: فإن كان الكراء سنة أو سنتين،
فاشترط الثمر وهي تبع، فلا بأس به، وإن انقضى أجل الكراء وفيها ثمرة طابت
أو لم تطب. فهي للمكتري، وإن رجع الدار إلى المكري.
ومن كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم: قال مالك: وإن شرطا أن الثمرة
بينهما، لم يجز، ولا على أن يكون لربها شيء من ثمرتها. محمد: وإن كانت أكثر
من الثلث، فاشترط منها الثلث أو أقل، لم يجز. ابن القاسم: وكذلك حلبة
السيف، وهي تبع فلا يجوز اشتراط نصفها، بخلاف بياض النخل / في المساقاة،
وإن طابت الثمرة وهي أكثر من الثلث، جاز اشتراطها. يريد في عامة من هذه
الجائحة، وإن كانت الثلث، فأقل، فلا جائحة فيها، وإن كانت أكثر من الثلث
وهي لم تطب، فاشترطها، لم يجز، ويفسخ، وعليه قيمة كراء ما سكن، ويرد أخذ من
الثمرة، وله قيمة مها سقى وعالج.
ابن حبيب: ومن باع أرضا وفيها شجر فاسدا، ففسخ البيع وفي الشجر ثمرة، فهي
للبائع، أبرت أم لا، طابت أم لا، ما لم تجن، وأما في الشفعة والتفليس،
[7/ 140]
(7/140)
فما أبر قبل ذلك، فهي للمبتاع، وكذلك قال
مطرف، وابن الماجشون قال أصبغ: وكذلك إذا أبرت في البيع الفاسد، هي
للمبتاع، وفي كتاب الشفعة لابن المواز بقية القول في هذا.
ومن العتبية، من رواية أبي زيد، عن ابن القاسم: وإن اكترى دارا سنة، وفيها
نخل، فاشترط تمرتها وهي مما يجوز اشتراطها، فسكن ستة أشهر، ثم انهدمت
الدار، فإن كانت الثمرة قد طابت، فإن الدار تقوم بالثمرة، وتقوم بغير ثمرة،
فإن وجدت قيمة الثمرة الثلث، فإن الساكن يأخذ الثمرة، ويؤدي ثلثي الكراء،
وإن لم تطب الثمرة، فهي لرب الدار، وعلى المكتري ثلث الكراء. ونحوه في
رواية عيسى، عن ابن القاسم، قال: وينظر إلى قيمة كراء الستة الأشهر التي
سكن، وإلى قيمة كراء الستة الأشهر الباقية، فيقبض ما بقي من الكراء عليها
بعد إخراج قيمة النخل أو الثمرة المشترطة، قال ابن المواز: إذا كانت قيمة
الثمرة الثلث فأقل، فاشترطها في كراء سنة، ثم انهدمت الدار في وسط السنة،
فأحب ما في ذلك إلى أن تكون الثمرة راجعة إلى ربها، طابت أو لم تطب، ثم بعض
الكراء على الدار والثمرة /، فما وقع للدار لو أكريت بلا ثمرة، سقط عن
المكتري نصفه، ومن الواضحة، ومن العتبية عن ابن القاسم، ورواية أبي زيد،
وبعضها من رواية عيسى عنه: وإذا قاله في نصف السنة، وقد نقد أو لم ينقد،
ولم تطب الثمرة، فإن كانت الثمرة تبعا للستة الأشهر الباقية، جاز ذلك،
وكأنه كراء حادث أيهما استفاد، فذلك جائز، ابن حبيب: وإن كانت الثمرة أكثر
من الثلث، لم تجز الإقالة وقال ابن القاسم: قال عيسى عن ابن القاسم، في
العتبية: وإن كانت الثمرة قد طابت، فليصنعا ما أحبا، نقد أو لم ينقد، ولا
ينزل في النقد في الدور بيع وسلف.
[7/ 141]
(7/141)
ابن حبيب: ولو استحقها رجل إلا موضع الشجر
منها، وقد سكن ستة أشهر، رجعت الثمرة إلى رب الدار، طابت أو لم تطب جذت أو
لم تجذ، لأنه كمن باع ثمرة قبل أن تطيب حين ضمها إلى ما لم يكن له بخلاف
الانهدام.
قال يحيى بن عمر: ومن اكترى دارا سنة، وفيها نخلة، فاشترط ثمرتها، وهي دون
الثلث، فانهدمت الدار في نصف السنة، وقد طابت الثمرة، فإنه ينظر إلى قيمة
ما سكن خاصة، وقيمة الثمرة على المتعارف منها كل عام، فإنه كانت الثمرة من
ذلك الثلث، فأدنى كانت الثمرة للمكتري، وإن كانت أكثر من الثلث، كانت له
الدار، وفسد فيها البيع، فإن جذها المكتري رطبا، رد قيمتها، وإن جذها ثمرا،
رد مثلها وإن انهدمت الدار، والثمرة لم تطب، فلا بد من ردها إلى رب الدار،
كانت تبعا لما سكن أو غير تبع.
في الدار تكرى ثم يغصبها سلطان / أو يغصب سكناها
أو تستحق، ومن اكترى رحا فجلا أهل موضعها،
وغي ذلك من مسائل الأرحية
من الواضحة: من تكارى دارا سنة أو شهرا، فقبضها، ثم غصبه إياها سلطان،
فمصيبة ذلك على ربها، ولا كراء له فيما بقي وقاله مالك: في المسودة حين
أخرجوا المكارين وسكنوا كذلك في العتبية من سماع ابن القاسم: قال ابن حبيب:
وسواء غصبوا الدور من أهلها، أو أخرجوا أهلها منها وسكنوها، لا يريدون إلا
السكنى حتى يرتحلوا، وكذلك الحوانيت بأمر السلطان بغلقها.
وإذا استحقت الدار، فكراء ما مضى لمن استحقت من يديه، إلا أن يكون غاصبا أو
وارثا أو مشتريا ممن يعلم هو أنه غاصب، فيكون الكراء فيما مضى
[7/ 142]
(7/142)
للمستحق، ثم إن أجاز الكراء فيما بقي، فذلك
له، وإلا فسخه، ولو قدم وارث معه، ليرجع عليه فيما اكترى، ولا يرجع عليه
فيما سكن إلا أن يكون عالما.
ولو وهبها الغاصب لرجل غير عالم يغصبها، فاستحقت من يده أو يد ولده، وقد
أكراها، فالكراء له، وللمستحق أن يرجع به على الغاصب، فيغرمه إياها، ويرجع
عليه أيضا إذا باعها الغاصب، فاغتلها المشتري، ولا يعلم بالغصب، فليرجع
المستحق على الغاصب بما اغتل المشتري، وإن كان الغاصب عديما، رجع به على
الموهوب، أو على ورثته، وإن لم يعلم بالغصب، ولا يرجع به على المشتري، ولا
على ورثته؛ لأنه ضامن، وكذلك في غلة الحيوان والعبيد، وذكر / أنه قول مالك
وجميع أصحابه؛ ابن القاسم وغيره والذي ذكر ابن حبيب من ذلك، عن ابن القاسم،
إنما المعروف غيره، أن الغاصب إذا باعها لا يرجع على الغاصب بغلة ما سك،
ومن كتاب ابن المواز: ومن انتفع بأرض شبهة، ثم قام مستحق، فإن كان وارثا
معه، رجع عليه فيها اغتل، ولا يرجع فيها سكن، وهو في السكنى استحسان ولا
يرجع عليه غير الموارث في غلة ولا سكنى، إلا أن يأتي في أباس الرزع في ومن
اكترى رحا سنة، فأصاب أهل ذلك الموضع فتنة جلوا بها عن منازلهم، وجلا معهم
المكتري، أو أقام آمنا إلا أنه لا يأتيه طعام، فجلا الناس، كبطالة الرحا؛
لنقصان الماء وكثرته، وتوضع عنه مقدار المدة التي جلوا فيها، والرحا بخلاف
الدار تكتري، ثم تجلوا الفتنة، وأقام آمنا أو رحل لوحشة وهو آمن، فالكراء
له يلزمه، ولو انجلى للخوف، سقط عنه كراء مدة الجلاء، قال: والفنادق التي
تكرى الأيام في السنة؛ كأيام الحج وشبهه ذلك، مثل ما ذكرنا في الأرض إذا
أخطأها ذلك. وقاله كله أصبغ، وغيره، قال: ولا يجوز لرجل أن يتكارى الرحا
سنة طاحنة، لا يحاسب فيها ما تبطلت فيه ولا يؤاجر عبدا شهرا معلوما، أو سنة
معلومة، إلا الدار يشترط سنة مسكونة، إلا أن يتبرع المكتري في ذلك كله، ولا
يجوز في ذلك إلا سنة بعينها، فإن تبطل منها شيء رجع بحسابه، وقاله كاله ابن
الماجشون قال مطرف، وغيرهما / قالا: ولصاحب الرحا أن يقدم في الطحن
[7/ 143]
(7/143)
من شاء، وإن كان شأنهم من سبق طحن وكذلك
الصناع ما لم يتعن ظلما ومطلا، ولا بأس أن يتكارى الرحا بالقمح والشعير،
وإن كان الذي يأخذ مكاريه القمح والشعير وقاله مالك، وغيره. ولا ينبغي أن
يستطحن بمكيال مجهول قدره من القفيز الجاري. ومن اكترى رحا، فجميع أداتها
ومصلحتها إلا نقش المطاحن، ف سنتها بالأندلس على المكتري، ولا يشترط ربها
على المكتري شيئا من ذلك، إلا ما خف قدره من الشحم والمغازل وشبه ذلك مما
قيمته في السنة درهمين أو ثلاثة، وقد أجاز مالك أن يشترط على المكتري الدار
من مرمتها وتبطينها ما كان يسيرا، مثل الدرهمين والثلاثة في وجيبة السنة
وتحسبها، وما أحدث أهل الأندلس أن يقول: أكريك البيت ومعه الرحا، ولا أكريك
سافية ولا مطاحن، ولا أداة، فذلك اختيال لا يجوز شرطه، وإنما يغتر في أن
يكون عليه من بطلان شيء ويوقع الكراء على بعض ما اكترى احتيالا، وإذا وقع
بهذا الاحتيال، فسخ، وعليه فيها قبل الفسخ كراء مثلها، على أنها يوم وقع
ذلك طاحنة بجميع آلتها، وإنما يجوز هذا لو كانت يوم العقد عطلا من آلة
وأداة وبلا سانية فيجوز هذا أن يكري ما ذكرت، وعلى المكتري أن يقيم ما به
يطحن، ثم يأخذ ذلك إذا تمت الوجيبة ويدعها عطلا كما كانت.
ما يقضي به في الكراء إذا لم يذكره من يسكن،
وعدد الشهر وكنس الربل والمراحيض،
وما يستثنى / المكتري ومرافقه بالحمام وغيره
في الواضحة اكترى دارا لم يسم من يسكنها، فجائز أن يسكنها، أو يسكنها من
شاء، ما لم يدخل فيها من يضر ببنائها، أو يتخذ فيها ما لا يشاكلها من متاع،
ودواب، وسكان، فيمنع، وذكر فيمن اكترى شهرا، أوله أو في بعضه،
[7/ 144]
(7/144)
فنقص؛ ذكر ابن القاسم، أنه إن مضى بعضه،
أتم ثلاثين يوما، وكذلك في سنة بعينها يبدأ في بعض الشهر فيتم ثلاثين يوما
في آخرها، وما كان من ذلك على الأهلة، فعلى الأهلة، قال: ابن القاسم: ويقضي
بكناسة الدار والمرحاض على المكتري إذا لم يتشرط وقال مطرف، وابن الماجشون:
يحملان فيه على سنة البلد وبه أقول. والعرف فيها ببلدنا على رب الدار، وروى
أبو زيد، عن ابن القاسم، في العتبية مثل ما ذكر عنه ابن حبيب، إلا في دور
الفنادق، فإن كنسها على المكري ابن حبيب: فإن شرط رب الدار على المكتري كنس
مرحاض الدار، وكانت سنة البلد كنسه على رب الدار فابن القاسم يقول: إن ذلك
جائز.
ابن حبيب: أما في مرحاض نقي حينئذ، فجائز، فإن تقدم فيه رحاضه، فذلك مجهول،
لا يدري مبلغه، ومن أكرى حمامه، وشرط ما يحتاج هو وأصله من [يخدمه] فيه،
والنورة في السنة، فابن القاسم، يقول: لا يجوز حتى يشترط شيئا معلوما، وذلك
جائز عندنا إذا عرف عيال الرجل وعدتهم، وأجازه مالك، وأجاز أن يواجب الخياط
على ما يحتاج إليه هو وأهله من الثياب منه أو الفدان على ما يحتاج إليه من
طبخ خبزه / سنة أو شهرا، إذا عرفوا ناحية الرجل، وناحية ما يحتاجون إليه
ذلك كله.
في الاختلاف في نقد الكراء،
والتداعي في مدته وغير ذلك
من الواضحة: ويحملان في نقد الكراء على عرف الناس، وإن اختلفا في المدة،
فإن انتقد المكري، فهو مصدق مع يمينه، سكن أو لم يسكن، وإن لم ينتقد، وكان
بحضرة الكراء، وقبل السكن، تحالفا، وتفاسخا الكراء إذا حلفا أو نكلا، ومن
نكل منهما، فالقول قول من حلف، وإن اختلفا بعد أن سكن سنة أو
[7/ 145]
(7/145)
نحوها تحالفا، وفسخ باقي المدة، وعليه فيما
سكن بحساب ما أمر به وكذلك اختلافهما في عدد الكراء، أو فيه وفي المدة، فإن
قبض المكري الكراء، فالقول قوله في الوجهين، وإن لم يقبض، وكان ذلك في أول
أمرهما، تحالفا وتفاسخا، وغرم لما سكن ما أقر به الساكن، فإذا تمت المدة
التي أقر بها المكري، فالقول قوله في مبلغ كرائها مع يمينه، بلا تحالف (ع):
يريد لا يحلفان جميعا، وكذلك في الحمولة في ذلك كله، وقاله كله مالك، ومن
كتاب محمد، قال ابن القاسم: إذا اختلف رب الدار ومكتريها في قلة الكراء
وكثرته، أو قال هذا: بدنانير وهذا: بطعام [ونقد المدة] وسكن سنة أو لم
يسكن، فإنهما يتحالفان، ويفسخ ما بقي، وعليه لما سكن بحساب ما أقرب به، وإن
نقده البعض، فسخ ما بقي على السنة، فيكون عليه فيما سكن بقدر ما أقر به ورد
حصته ما لم يسكن بما انفسخ فيه، ولو نقد ثلاثة دنانير، وقال /: هي عن السنة
كلها. وقال رب الدار: أكريتك عن السنة بستة دنانير وقد سكن ستة أشهر،
تحالفا، ويفسخ ما لم يسكن، ويفسخ الثلاثة على السنة، فيكون عيه فيما سكن،
فيقع لما سكن دينار ونصف، ويرد دينارا ونصفا، والقول فيها قول الساكن مع
يمنه؛ لحيازته لما سكن، وكذلك لو لم ينقده إن قال: أكريتك تسعة أشهر بستة
دنانير. وانتقده منها ثلاثة، وقال [الساكن] بل، سنة بستة دنانير، وقد سكن
ستة أشهر، فلتحالفا ويفسخ ما بقي، ويرد دينارا واحدا، والساكن مدع في زيادة
المدة، والقول قول رب الدار في ذلك، فقسمنا ما قبض على تسعة أشهر، كما قال
لا على السنة التي ادعى الساكن، وإنما يقبض أولا ما قبض على قول رب الدار
في المدة، فما وقع لما قد سكن، فهو مدع لبقية ثمنه، والساكن مصدق فيما يقرأ
أنه منه، فإن وجدته يقع لما سكن حصة، يدعي الساكن أنه بقي له فيها طلب، فلا
قول له، إلا أن يقر به رب الدار، وإذا اكترى دارا سنة باثني عشر دينارا،
فنقده دينارا، وسكن شهرا،
[7/ 146]
(7/146)
فطلب رب الدار كراء الشهر، وتأخير الدينار
إلى آخر، وطلب الساكن أن يجعله لأول شهر، فأنه يقسم الدينار على شهور
السنة، فيوفيه ما بقي من الشهر الأول، ثم كذلك كلما سكن، ولو شرط نقد أربعة
دنانير بعد أربعة أشهر، ثم اختلفا، فهنا تكون الأربعة دنانير لما قد سكن،
ولو شرط نقد أربعة دنانير أول السنة، ونقد أربعة أخرى بمقدار تسعة أشهر،
فنقدها ثم اختلفا، فالأربعة الأولى تقسم على السنة /، ثم يتم على الثانية
كراء الأربعة الأشهر الماضية كلها، وذلك ثلاثة إلا ثلثا، ويبقى دينار وثلث،
يقسم على الثمانية الأشهر الباقية، فيقع لكل شهر سدس مع ثلث متقدم، فذلك
نصف مقبوض عن كل شهر منها، فكلما مضى شهر، أدى نصف دينار، وذكر أصبغ، في
العتبية عن ابن القاسم مثل ما ذكر محمد فمن أكرى سنة بأربعة دنانير، فانتقد
دينارين بشرط فبعد شهرين طلب تعجيل كرائهما، فإنه نقض الدينارين على اثني
عشر شهرا، فيقع كل شهر سدس، فعليه سدس آخر عن كل شهر مضى، وكذلك فبما
يستقبل، وكذلك لو نقد أقل من أربعة دنانير، ولم يذكر لأي شيء، كما يفعل في
التفليس.
فيمن اكترى دارا سنة
ثم سكن أكثر منها بغير عقد من ربها
من كتاب ابن حبيب وإذا تكارى دارا أرضا سنة، فسكن الدار، وحدث الأرض سنته
تلك، ثم بقيت بيده يسكن الدار، ويحرث الأرض، وربها حاضر، أو غائب، فقد سمعت
في ذلك اختلافا من ابن القاسم، وغيره فسألت عنه ابن الماجشون، فقال: القول
في ذلك، إن كان مثل الحانوت والدار والبيت إلى ربه مرجعه وغلقه وفتحه، فما
زاد في هذا على مدته الأولى، ورب ذلك حاضر، فإنما يجب في الزائد بحساب
الكراء الأول، وأما ما كان إذا تمت وجبيته فيه، بقي فضاء لا جدار عليه ولا
غلق له، وليس لربه فيه أن يرجع إليه /، فتمادى المكتري
[7/ 147]
(7/147)
فيه، فزاد على الوجيبة، فإنما له قيمة كراء
الزيادة إلا أن يكون ذلك أقل من حساب الكراء الأول، فلا ينقص منه؛ لأن
المكتري قد رضي به إذا تمادى قاله ابن حبيب: وهذا أحب إلي من كل شهر ما قيل
في ذلك.
في المكتري يدعى دفع الكراء
من العتبية من سماع عيسى عن ابن القاسم، في مكتري الدار سنة، يقول بعد تمام
السنة دفعت الكراء، قال مالك: لا يقبل منه، والقول قول رب الدار مع يمينه
إن قام بحدثان ذلك، وإن قام بعد تباعد ذلك، فالقول قول الساكن مع يمينه،
وسواء خرج من الدار أو أقام، ولو أكراه سنة بعينها، فتمادى، فسكن عشر سنين،
ورث الدار حاضر معه، لم يواجبه على شيء فقال الساكن، قد دفعت الكراء فلا
شيء للمكري في السنة الأولى، فإن قام بحدثان انسلاخ التسع سنين، فله
كراؤها، ويحلف، إلا أن يأتي الساكن فيراه، وإن قام بعد تطاول ذلك، فلا شيء
له إذا قام الساكن قد دفعت الكراء. ويحلف، ولو كان يجدد عليه الكراء كل سنة
من العشر بالبينة، ثم طلب كراء الجميع، فلا شيء له، ولو أكراه العشر سنين
بمرة، ثم طلب كراءها بعد انسلاخها بحدثانه، فله كراء العشر مع يمينه، وإن
قام بعد طول زمان، فلا شيء له، ويحلف المكتري، وإن اكترى منه سنة، فطلبه
بالكراء بعد ستة أشهر، فقال: دفعت إليك كراء جميع الأرض سنة فلا يصدق، ولا
بحدثان ذهابها ورواه أبو زيد، عن ابن القاسم، وقاله مالك، وابن القاسم،
فيمن اكترى / منزلا بعشرة دنانير، فسكن فيه ستة أشهر، ثم قال: إنما اكتريت
منه السنة بخمسة دنانير، وقد نقدتها قال يتحالفان، ويتفاسخان على عشرة في
السنة، ولا يتم تمام السنة (ع) هكذا وقع في الأم، على ما سكن وما لم يسكن،
فيرد حصة ما بقي، ولا يلزم الساكن فيما مضى إلا ديناران ونصف.
[7/ 148]
(7/148)
وروى ابن أبي جعفر الدمياطي، قال: سئل ابن
القاسم عن من اكترى من رجل منزلا سنة، ثم يوكل فيه سنين، ثم طلب المكرى
الكراء، وأنكر الساكن أن يكون عليه شيء، قال عليه أن ما بقي بالبراء للسنين
كلها، وإن كان اكتراه سنة سنة، إلا أن يحدد له كتابا في بعض تلك السنين،
فيهدم كل ما مضى قبله، ويلزمه ما كان بعد هذا الكتاب ولو أكراه سنة، وقال:
ما سكنت فبحساب ذلك، فهو أقوى.
في الإقالة في كراء الدور
من العتبية، من سماع ابن القاسم، قال مالك: لا تجوز الإقالة في كراء الدور
إذا نقد أو سكن بعض المدة، بخلاف الإقالة في الحمولة بعد المسير بعض
الطريق، قال ابن القاسم: لأنهما لا يتهمان في الحمولة إن يعملا على ذلك
وكراء الدور كسلعة باعها، فأقال من بعضها، إلا أن يكون لم ينقده. قال: وإذا
أكرى أرضا ثلاث سنين، ثم تقابلا بعد سنة وفيها زرع، فأراد ربها قلعهن فليس
ذلك له / وليقره ويسقي من الماء حتى يدرك، ويحسب ذلك من حساب الثلاث سنين
وكرائها قال ابن حبيب: لا يجوز إذا نقد أن يقيله في الدور ما لم يسكن، بنقد
ولا بدين، وهو في النقد كراء وسلف، وفي الدين دين بدين، وفي الحمولة يجوز
وقد صار مالا تهمة فيه بالنقد، ولا يجوز بدين: هذا قول مالك وأصحابه.
ومن العتبية، من سماع عيسى، ومثله في الواضحة، ومن اكترى دارا سنة باثني
عشر دينار، ولم ينقد، فسكن شهرين، ثم قال لرب الدار، أقلني على أن أعطيك في
الشهرين الماضيين سنة دنانير كراء نصف السنة، فلا خير فيه، وهو من باب: ضع
وتعجل قال أصبغ، في العتبية، فإن وقع، فسخ، قال ابن حبيب، في جوابه إن كان
الكراء عندهم مؤخرا إلى آخر السنة، لم يجز؛ لأن
[7/ 149]
(7/149)
المكتري يشتري سكنى قبل أجلها بما قد وجب
له إلى أجل، ويتعجل ما يحل مما وجب له فيما سكن المكتري، فهو بيع وسلف، وضع
وتعجل، ولو أقاله مما سكن منها بغير شرط تعجيل شيء من النقد ولا زيادة،
جاز، وكان له مما وجب له فيما سكن، إن شاء عجله وإن شاء أخره، ولو عجله
طوعا بغير إقالة، ثم حدثت لهم الإقالة، كان جائزا، ولو لم يسكن شيئا لم يجز
أن يقيله بزيادة يعجلها عينا ولو لم يكن الكراء مؤجلا، ولكن كان على قبض ما
حل منه، أو كان فيهما مما يصير إلى ذلك، فسكن بعضا، ثم أقاله بزيادة، فذلك
جائز؛ لأن ما حل من الكراء ليس من الزيادة في شيء ولو كانت له ما ضر / إن
يزيده على حقه، والزيادة بما لم يسكن يرتضيه بها ليقيله، كما لو لم يسكن،
لجاز أن يقيله بزيادة؛ لأنه: بيع لا تهمة فيه، أن يقيله بزيادة، ولم ينقده،
فكما لو أقاله من الحمولة بزيادة من الراكب قبل أن يركب ولم ينقده، فكان
كراه على النقد. وكله قول مالك وفي الإقالة في البيوع ذكر من الإقالة في
الكراء وأزيد من هذا المعنى.
فيمن أكرى أرضه أو داره مدة طويلة
من كتاب ابن المواز، قال مالك: ومن أكرى داره عشر سنين، فهلك ربها،
فالمكتري أحق بها من الورثة، وإن كان عليه دين يبعث للغرماء على أن لهذا
فيها سكنى إلى بقية الأجل، وقد قيل: إذا كانا في السنين اليسيرة كالسنة
والسنتين وشبه ذلك، فأما إذا كانت كثيرة، فقد كرهه مالك، وقال: لا ندري كيف
ترجع الدار إلى المشتري، لأن البناء يتغير وقال مالك، فيمن أسكن دارا
حياته، فأراد أن يكريها وينتقد الكراء، فالأحب أن يكريها المدة الكثيرة،
ولا بأس بالشيء الغريب، قال ابن القاسم: والغريب سنة وشبهها قال ابن ميسر:
لو أكراها ثلاث سنين أو أربعا، لم أر به بأسا، إلا أنه إن مات، انفسخ ما
بقي، ولو كرهته في هذا المقدار وأكثر منه، لكرهت أن يؤاجر عبده سنين؛ لأن
الحال
[7/ 150]
(7/150)
فيهما واحد، ولا بأس بالنقد فيه ومن
العتبية، روى حسين بن عاصم، فيمن أكرى أرضه عشر سنين، وانتقد وهي أرض مطر،
فإن تكن مأمونه، فهو كراء وسلف، وإن حرثها في القليب أو الزرع، فذلك فوت،
ويقاصه بكراء سنة بقيمتها من سائر السنين من الثمن الذي قبض، ويرد ما بقي،
وإن أدركت ولم يحرثها، فسخ ذلك، وردت إلى ربها، وإن كانت مأمونة، فذلك كله
جائز، قال: وإن أكراها عشر سنين بعشرة دنانير، فهي غير مأمونة، على ألا
ينقده إلا عن كل سنة ما ينوبها، فذلك جائز. وفي كتاب الإجارة باب، فيه ذكر
من أكرى داره ثلاثين سنة، وكثير من معاني هذا الباب.
فيمن اكترى بيتا بثوب ثم استحق، أو وجد به عيبا
من الواضحة ومن أكرى دارا بثوب، ثم وجد به عيبا، انفسخ الكراء، وله فيما
سكن قيمته، بالغا ما بلغ، وإن فات الثوب، ثم علم بالعيب؛ فإن فات ببيع، لم
يرجع بشيء إلا أن يرجع إليه، وإن فات بلبس أو بيع أو صدقة، رجع بقدر العيب
في السكنى إن كان لم يسكن، أو كراء الدار إن سن؛ وتفسيره إن يقوم الثوب
صحيحا، ثم يقوم العيب، فما نقص من قيمته صحيحا، فإن نقصه العيب الخمس، كان
رب الدار شريكا بخمس السكنى، ولهما قيمتها بتراض أو مقاواة، فإن كان العيب
ينقصه كثيرا يضر بالمكتري إذا رجع المكري إليه عليه في السكنى، فهو مخير؛
إن شاء سكن على ذلك، وإن شاء رده، ورجع ثوبه معيبا، وإن قام بذلك وقد نقص
نصف السنة، والعيب ينقصه الخمس، رج رب الدار بخمس السكنى ما بقي، وخمس /
كراء الستة الأشهر الماضية، وأن كان العيب كثيرا ـ كما قلنا ـ فإن أحب
المكتري سكن فيما بقي، أو كرى بجصته، وإلا رد، وكان على المكري للساكن قيمة
ثوبه معيبا يوم قبضه، وأخذ قيمة كراء الستة الأشهر الماضية، وإن كان قد سكن
جميع السنة، ثم اطلع على العيب، رجع بحصته العيب، قال أو كثر، وأخذ قيمة
كراء ما قابله من سكنى الدار، ما بلغ ذلك ع. وكلام ابن حبيب هذا حسن، إلا
قوله: إذا سكن بعض السنة، والعيب
[7/ 151]
(7/151)
كثير يضر به في بقية السكنى، فإن اختار رد
بقية السكنى، فإنه معلوم، لا قيمة كراء ما سكن، وأخذ قيمة ثوبه فليس هذا
بأصلهم، بل يرجع بقيمة نصف ثوبه معيبا فيما رد من السكنى، ويغرم فيه كراء
ما وقع لنصفا العيب في الشهور التي يسكن. وفي باب من زرع أرضا بغير إذن
ربها شيء من ذكر الإقالة.
في تفليس المكتري
من كتاب ابن المواز: وإذا اكترى دارا سنة باثنى عشر دينارا، وانتقد منه ستة
دنانير، وسكن ستة أشهر، فإنه يقسم ما قبض على اثني عشر شهرا، فأصاب ما سكن
ثلاثة، يحاص بها رب الدار، ويخير الغرماء فإما أعطوه ثلاثة دنانير؛ لبقية
السكنى، وكانوا أحق ببقية السكنى، وإلا أسلموا الدار، وأخذوا منه ثلاثة
دنانير حصة ما لم يسكن.
فيمن اكترى داره ممن يبيع فيها الخمر
ومن فعل ذلك فيما يملك، أو يكتري
ابن حبيب: ولا بأس أن يكري داره أو حانوته من ذمي كتابي، أو مجوسي، لم
يشترط أنه يبيع فيها الخمر والخنازير، كان يعلم أنه يبيع ذلك فيها أولا
يعلم، فإن وقع ذلك بشرط، فسخ، وإن لم يشترط، فله منعه من ذلك، فن لم يمنعه
وتمت المدة، فعليه أن يتصدق بالكراء إن قبضه؛ فإن أبى، فللإمام انتزاعه منه
أو من الذمي إن لم يقبضه، ويتصدق به، ويعاقبهما. وقد قال مالك فيمن باع
كرمة ممن يعصرها خمرا: فليتصدق بالثمن لغير الخمر، والدار للسكنى، فالثمن
سائغ، ولا يضره الشرط، إلا أن يكون زاد ذلك، فليتصدق بالزيادة، وإن أخذ
دابة رجل بغير أمره، فحمل عليها الخمر، أو داره، فباعه فيها، فعليه كراؤها
لما أبطلها عليه، لا على ما استعلها فيه، كان المتعدي مسلما أو نصرانيا،
وفرق بينهما ابن القاسم، ولا يفترقان إلا أن يكون المسلم ليس كسبه إلا من
الخمر أو شبهه فليتصدق مما
[7/ 152]
(7/152)
يؤخذ منه ومن اكترى دارا، فأظهر فيها
الدعارة، والطناير، والرقص، وشرب الخمر ويبيعها، فليمنعه الإمام ويعاقبه،
فإن لم ينته، أخرجه عن جيرته، وأكرى عليه الدار، ولا يفسخ الكراء، وقاله
مالك، في الفاسق يعلن بمثل ذلك في دار نفسه، أنه يعاقب على ذلك، وإن لم
ينته، باع الإمام عليه.
في كراء الأرض بما يخرج منها أو بطعام
ابن حبيب: قال مالك: وما نهى عنه من المحاقلة، هو اكتراء الأرض بالحنطة.
ابن حبيب: أو بكل طعام أو إدام، فكأنه طعام بطعام مؤجل، والمخابرة كراءوها
بجزء مما يخرج منها، والخبر حرث الأرض، ومنه سمي الأكار خبيرا؛ لأنه يرى
خبر الأرض. قال مالك، وابن القاسم، وأشهب، وابن وهب، وأصبغ، وابن عبد
الحكم، ومطرف وابن الماجشون: لا تكرى بجزء مما يخرج منها، ولا بشيء مما
يخرج، ولا بشيء طعام أو شراب، كان مما يخرج منها أولا يخرج قال كنانة: لا
تكري بشيء إذا أعيد فيها نبت، ولا بأس أن تكرى بغير ذلك من كل شيء من طعام
أو غيره مال ابن نافع: لا بأس أن تكرى بكل شيء يؤكل أولا يؤكل، يخرج منها
أو لا يخرج منها، عدا الحنطة وأخواتها إذا كان ما يكترى به خلاف ما يزرع
فيها. وبقول مالك أقول، وعليه جماعة أصحابه.
قال ابن الماجشون: وكراهة مالك كراءها بما تنبت وإن لم يكن طعاما؛ لأنه من
المحالقة، إلا أن تكون أرضا لا تنبت مثل ذلك الشيء مثل الكافور، والزعفران،
في أرض لا يكون ذلك فيها، وأجاز كراءها بالخشب؛ لأنه ليس الذي تزرع له
وأجاز كراءها بأصل شجرة لا ثمرة فيها.
ومن كتاب محمد: ولا بأس أن تكرى الأرض بالخضر يريد بالكلإ؛ لأنه ليس مما
يزرع، ولا من الطعام، ولا بأس أن تكرى بالماء والصندل، والعود، والبان
والحطب. محمد وإنما كره أن تكرى مما يخرج منها من هذه الأرض، أو من غيرها،
ومما يزرع ويؤكل ويشرب من الأشربة /، ويخرج بين الأرض أو لا يخرج منها، ولا
بأس بشرائها بذلك كله، ما لم يكن فيه يومئذ طعام، ولا بأس أن تكتري بئرا
إلى
[7/ 153]
(7/153)
جانب أرضها، تسقيها بمائها بما شئت من
الطعام، وإذا اكتريت أرضا تعجلتها بماء معجل أو مؤجل من بئر أو أسوقه إليه،
فإن كانت البئر أو العين مأمونة، فذلك جائز نقدا.
في النقد في كراء الأرض، وما يجوز من ذلك،
وشيء من ذكر العقود الفاسدة في كراء الأرض
ابن حبيب: قلت لمطرف، وابن الماجشون: إن أرض الأندلس لا تكاد يخطئها المط،
فهل ينقد في كرائها؟ فقالا: لا ينقد في كرائها حتى يأتيها المطر الذي تحرث
عليه، ولا ينتظر بها الري، وهي بخلاف أرض النيل والأنهار المأمونة قال ابن
عبد الحكم، وأصبغ: إن كانت تمطر مطر الري مأمونة، فلا بأس بالنقد فيها
وبالأول أقول وقد كره عمر بن عبد العزيز النقد في أرض النيل حتى تروى، فكيف
بأرض الأندلس وأجاز مالك وأصحابه النقد في أرض النيل والأنهار والآبار؛
لأنها مأمونة، ولا يخاف فيها إلا في الغب، ولا بأس بكراء أرض المطر عشرين
سنة، ولا ينقد إلا سنة بعد أن تروى، ولا بأس بكراء الآبار والأنهار عشر
سنين، ويكره فيها ما طال؛ لما يخاف من غور العيون، وأما أرض العيون، فتكره
الوجيبة فيها مدة كثيرة، إلا مثل ثلاث سنين وأربعة، ولا ينقد إلا سنة بعد
سنة، بخلاف أرض النهر والبئر، وأما أرض العين مخوفة التغيير، والوجيبة في
كراء الدار أطول وآمن، والنقد فيها جائز قال: وإذا استغزر / بعض الأرض قبل
الزرع، فلا يلزمه الكراء في بقيتها، إن لم يكن زرعه إذا استغزر فيها الكثير
أكرية.
ومن العتبية روى أبو زيد، عن ابن القاسم، فيمن اكترى من رجل مبذر أردب من
أرضه؟، قال لا خير فيه، ومن كتاب محمد: ومن اكترى أرضا على أن لا يزرع ف
يها إلا قرطا، لم يجز، فإن نزل، فعليه قيمة الكراء محمد: وذلك جائز عندي
وإن لم يسم ما يزرع، فجائز، ولا يزرع إلا ما يشبه مثلها.
[7/ 154]
(7/154)
ومن كتابه، قال ابن القاسم: قال مالك: لا
يجوز النقد في أرض المطر حتى تروى، فإن روي بعضها، لزمه بقدر حصته إلا في
القليل لا منفعة فيه، فلا يلزمه شيء محمد ابن القاسم: مثل خمسة فدادين أو
ستة من مائة، ولو روي قال قال: كالثلث، لزمه ما يخصه ما روي فقط، وكذلك
البئر غير المأمونة، فإن ذهب الماء منها، فسخ الكراء. ابن القاسم: وكراء
أرض غير مأمونة، يقل ماءوها، ويخاف ألا يكفي خطرا، إذ لو علم أنه يكفي، لم
يكرها بذلك، ولو علم الزارع أنها ألا تكفي، لم يبذر بذرة، والمأمونة لم
يدخلها على خطر، فإن حدث ما غارت له، فله إن شاء أن ينفق عليها كراء سنة،
وليس له ذلك في التي يبتدئان فيها على أنها قليلة الماء، إلا أن يشاء ربها،
فهو خطر، ويجوز كراء الأرض الغرقة، ولا ينقد فيها حتى ينكشف، وليس فيها خطر
بنقد ولا يدفعه، ولو كان انكشافها مأمونا، جاز فيها النقد، ولا بأس بكراء
أرض المطر سنين ما لم ينقد، فإذا رويتها، نقده كراء هه السنة، قيل وبكم
ذلك؟ قال: ينقده الآن ثلث الكراء، إذ لا يحاط بكراء، كل سنة معروفة إلا بعد
حلوله، وقد قال مالك، في الأرض ذات البئر والعين يزرعها / سنة، ثم تهور
البئر، وتغور العين فيقبض الكراء على كل سنة بقدرتها منها، وليس الشتاء
والصيف سواء، وهذا بخلاف الدور، لا نعرف في العين كراء كل سنة حتى تحل،
والدور، قد عرف نفاقها، وتسامح الناس فيما يتقوم على ذلك، ويجوز أن يكري
أرضه سنة، فقبضها قابلا بألف درهم يدفعها إلى عشر سنين.
[في الأرض المكتراة تغطس، أو تهور بئرها، أو تغور
العين [وكيف بذلك في المساقاة]
ابن حبيب: ومن اكترى أرضا للزرع سنين، ولها بئر أو عين، فتهور البئر، أو
تغور العين، فإن لم يكن له حينئذ زرع، انفسخ الكراء، وليس له أن ينفق في
ذلك إلى مبلغ ذلك العام على قيمة كراء تلك السنة من سائر السنن إن كان
[7/ 155]
(7/155)
ذلك لا يختلف، فينفق ما يصيبها من جملة
الكراء، ولا تقويم في ذلك وإن لم ينقده، فللمكتري إتفاق ما يقع لتلك السنة،
وإن أن فيه ما يصلح البئر والعين ويعمرها حتى يكفى بقية السنين، لزمهما
تمام الكراء، وإن لم يف ذلك بما يجبى به زرعه تلك السنة، قيل للزارع: فأنفق
ما زاد على أن رب الأرض مخير عليها بعد الوجيبة، إن شاء أعطى لما غادرت
فيها من خشبة أو حجر، أو أمرك بقلعه، ولو أنفق كراء سنة، فأحيا زرعه ودفعه،
وبقي من تلك السنة بقية، والماء فيها قائم، فزرع فيها ثانية، فأغورة وتهورت
البئر، فليس له أن ينفق فيها كراء سنة أخرى، تمت هذه السنة أو لم تتم، كان
ما زرع ما يكون، جزه قاعدة كالحبوب / أو حرز كالمقاتي، ولو كان له ذلك، كان
له في سنة ثانية وثالثة، ولم ينقص ذلك بانقضاء جميع السنين، إلا أن يكون
حين أنفق كراء سنة غزر ما البئر، ورأى أن فيها من الماء ما يكفى زرعه في
السنين الباقية، فزرع فيها على ذلك، ثم حدث فيها تهور، فهذا ينفق كراء سنة
ثانية، ليحيى زرعه، لأن هذا لمن يعمل على غرر كما عمل الأول.
ومن كتاب محمد، وذكر مثل ما ذكر ابن حبيب، أنه إن لم يزرع، فلا ينفق، ويفسخ
الكراء، وإن زرع، فله إنفاق كراء سنة، نقد أم لا.
قال أشهب: وإن أنفق فيها أكثر من كراء سنة، لم يلزم ربها ما زاد على كراء
سنة قال: فإن قبضه، ثم أتلفه فأعدم به، قيل للزارع: أخرج ذلك إن شئت،
وأنفقه سلفا عليه وكذلك لو انقطع الماء في السنة الثانية قبل أن يزرع،
فلاحجة له، وإن زرع لزم رب الأرض أن ينفق من كراء السنة الثانية، لا من
تأول، وإن لم كن زرع، فلم يكن يجب على رب الأرض، فأنفق المكتري، فلرب الأرض
كراه كاملا، ولا شيء عليه للمكتري فيما أنفق، إلا في نقص قائم؛ من حجر،
وآجر، وطوب، وخشب، فله أن يعطيه قيمته بعد قلعه، أو يأمره بقلعه قال: وإن
كان مساقي، فانقطع الماء قبل عمله، وقبل أن ينفق شيئا، فلا شيء على رب
الحائط، ولو كان بعد العمل، أو بعد إقبال الثمرة، كلف رب الحائط النفقة وقد
فسره عبد الملك تفسيرا حسنا؛ فقال: يتوخى قدر ما ينوب رب الحائط من الثمرة
بعد
[7/ 156]
(7/156)
طرح مؤقته فيها إلى وقت بيعها، فيكلف أن
يخرج ذلك معجلا، وينفقه / إن كان كافيا، فإن أعدم، قيل للعامل: أخرج مثله
من عندك، ويكون مصابته من الثمرة رهنا بيدك حتى يدفع إليك ما أنفقت، وإلا
فسلم الحائط إلى ربه، ولا شيء لك عليه ولا له عليها، وإن كان ذلك قبل يعمل
العامل شيئا، فتبرع وأنفق، فلا شيء له فيما أنفق، إلا ما للمتعدى من النقص،
وله حصته من الثمرة، قال: ولو كان أكرى الأرض منه ثلاث سنين، فعطبت البئر
بعد أن زرع قائما، يخرج كراء الثلاث سنين، وإن كان أكراها بالذهب والورق،
وإن كان ذلك أجرا ولا تقوم العين وإن كان العروض، فإنما يخرج قيمته كراء
تلك السنة من الصفقة على أن يقبض إلى أجله، كما لو بيع. قال مالك: وإن أحب
الزارع أن يدع زرعه، ولا ينفق، ويسقط الكراء عنه، فذلك له، وإن أحب أن ينفق
فيها إلى مبلغ كراء سنة، على أن تبقى منافع البئر لربها، فذلك له، وإن أنفق
ذلك، فلم يأت من الماء ما يكفيه، فحصد زرعه، فحصل جائحة، لم يكن فيه شيء
ولا شيء على رب البئر من النفقة، ولا شيء له من الكراء قال مالك: ومن اكترى
أرضا فزرعها، فلم يخرج زرعه شيئا؛ لإصابة العطش، فلا كراء عليه، وكل ما
أصابه بعد أن نبت زرعه من جميع الجوائح من غير سبب الماء، فلا يوضح عنه شيء
من الكراء، وكذلك لو لم ينبت أصلا، بخلاف ما يصيبه من العطش أو الغرق قال:
ولو أن المكتري لم يزرع، لأنه لم يجد بذرا، أو لأن سلطانا حبسه، فهذا لا
عذر له بهذا، وعليه جميع الكراء.
ومن العتبية، من سماع ابن القاسم: ومن تكارى أرضا، فزرعها، / وبنت الزرع،
ثم جاء سيل فأذهبه، فلا حجة للمكتري، وعليه جميع الكراء، وهو كالجائحة.
ومن العتبية، وكتاب و: قال أشهب، عن مالك: ومن اكترى بئرا سنة، فسقى بها
زرعه أو احتواه حتى يحصد زرعه، فأسقى به بعض السنة،
[7/ 157]
(7/157)
فانهارت البئر، فعليه حصة ما انتفع به قال
في العتبية بقدر ما تسقى من السنة، أو من الأيام التي حصد فيها زرعه، ثم
العبد يؤاجره شهرا، فعمل بعضه، ثم مات.
وإن اكتراها ليعمل صيفه وشتاءه، فسقى صيفه وحصد زرعه، ثم هارت البئر، فله
كراء الصيفة بحساب ما أكراه من الصيف والشتاء، وإن سقاه، ثم هارت ولم يحصد
زرعا، ولا انتفع به، فلا كراء عليه، وإن سقى زرعه وحصد في ستة أشهر من
السنة ثم هارت البئر، وقد كان أكرى السنة بعشرة دنانير، ورجع بخمسة، قال
سحنون، في العتبية فيمن اكترى بئرا أو عينا، فنقص ماؤها، فإن كان يسيرا مثل
ما يعرف من بعض الماء مع قلة المطر، وزيادته مع زيادتها، فذلك لازم لهما،
وأما إن جاء من بعضه ما يضر المكتري؛ لقلته ووعورته انتقضت به الإجارة،
وكذلك نقصان البئر من قلة الخصب، فذلك سواء ابن المواز: وإذا زرع مكتري
الأرض ذات البئر، ثم هارت البئر، فإنه يجير ربها على إصلاحها تلك السنة إلى
مبلغ كراء تلك السنة، إن كان إذا أنفق بلغ به إلا صلاح لسنته، وإن كان لا
يبلغ، فسخ، ولا كراء على المكتري، وبرتجعه إن دفعه، وإن لم يكن زرع، لم
يجبر على إصلاح، فإن أنفق فيها المكتري، فهو مصدق، ثم لا يلزمه ربها، / إلا
إن يشاء، فإن شاء ذلك وداه نقدا، وإن حبسه في الكراء، جاز ذلك، ولم يكن
دينا بدين.
في الزرع يحصد وقد بقى من الوجيبة شيء أو تتم الوجيبة
وفيها زرع أو غيره، وهل يكرى عاما ثانيا؟
من الواضحة ومن اكترى أرضا سنة أو سنتين، فنقدت، فلم يبق فيها إلا شهر أو
شهرين وما لا ينتفع فيه بالزرع، فإن [كانت من] أرض الزرع، فليس
[7/ 158]
(7/158)
للمكتري أن يحدث فيها زرعا إلا بكراء مؤتنف
ولا يحط عنه لما تقدم شيء، وليس لربها حرثها لنفسه، وليس للمكتري منعه؛
لأنه مضار، فإن زرعها المكتري وهو يعلم أن الوجيبة تنتقض قبل تمام الزرع
بالأمر البعيد، فربها يخير؛ إن شاء حرث أرضه، وأفسد زرعه، أو أجرة واحدة
بالأكثر من قيمة الكراء، أو كراء الوجيبة، وإن كان ظن أن زرعه ينقضي عند
تمام الوجيبة، فزاد عليها الأيام مثل الشهر ونحوه، فليس لربها قلعه، وله
فيما زادت المدة مثل كراء الوجيبة، وإن كانت من أرض المباقل، فله أن يعمر
وينتفع إلى انقضاء الوجيبة، وإن انقضت ولم يبلغ إناه فإن كان حين وضع البقل
في الأرض على رجاء من بلوغ إبانه وتمامه عند انقضاء والوجيبة، فجاوز ذلك
بأيام أو شهر، فله كراء ذلك، كما ذكرنا، فإن علم أنه لا يبلغ تمامه إلا بعد
الوجيبة، فربها مخير في قلع ذلك أو تركه، وأخذ الأكثر من كراء الوجيبة، أو
كراء المثل، ومن كتاب ابن المواز: وإن اكتريت أرضا سنة، فأكريتها من غيرك،
فتمت السنة وفيها زرع فليس لك ولا لغيرك كراها العام؛ لأن على ربها ترك
الزرع إلى تمامه / بكراها، ولا بأس بكرائها عاما ثانيا وإن كانت فيها أصول،
جاز كراؤها الآن؛ لأن على الغارس قلع أصوله، ولو كان فيها زرع لربه لم يتم،
لم يجز لربها شراؤه، ولو تم جاز ذلك، ولا يجوز له شراؤه بكرائها.
ومن اشترى زرعا أخضر على قصله، ثم اكتراها، لم يجز له أن يغيره، ولو
اشتراها، جاز له تركه ومن اكترى أرضا فزرعها، فله أن يكريها من غيره سنة
أخرى وينتقد إن كانت مأمونة، إلا أن يخاف أن يبقى فيه ذلك الزرع إلى دخل
السنة الثانية، فلا يجوز فيها النقد.
وفي باب الذي يلي هذا من معنى هذا.
ومن كتاب ابن المواز: ومن اكترى أرضا ثلاث سنين، ثم أقال منها وفيها زرع
الأول سنة أو شيئا، فأراد ربها أن يأمره بقلعه، فليس له ذلك، وعليه بقاؤه،
ويقبل مما بقي، وله بحساب ما أكرى في الثلاث سنين، وكذلك لو انقضت المدة
[7/ 159]
(7/159)
وفيها زرع لم يتم، يسقيه أو يسقى بمائه،
فعليه بحساب ما أكرى، ولأنه غير متعد، وبخلاف من زاد على مدة في كراء
الأرض؛ لأنه قادر أن يخرج، قال أصبغ: فليس عليه حساب ما يكري.
وفي خلفة الأرض لمن تكون؟
وما ينبت في أرض الكراء مما انتشر فيها
والسيل يجري حبا أو زرعا إلى أرض
ومن اكترى أرضا فنبت فيها مقتاة للمكتري
مع كمون كان قد هلك فيها
من كتاب ابن المواز، قال ابن عبد الحكم، عن مالك، في مقتاة في أرض مكتراة،
تطعم ثم تنقطع، ثم تخلف، فخلفتها لمن زرعها دون رب الأرض؛ لأنها لم تنقطع
انقطاع / هلاك، وذلك ما دام لها أصل، قائم لم ييأس منه صاحبه، ولا أتى
الوقت الذي اكترى إليه، ولو تم الوقت، وبقي المقتاة، وفيها طمع، قيل لصاحب
الأرض: إن شئت أن تأخذها وتحسب عليك كراء الأرض ما دام مقتاتك فيها، فذلك
لك، وإن كان قبل وقت انقطاعها المعروف، فإن كان أسلمها عن يأس منها لموتها
وانقطاعها انقطاعا بينا، ثم حييت بعد السقي والعلاج، فهي لرب الأرض قال:
وخلفة القرط والقصب لرب الزرع، ما دام وقت ما أكري إليه الأرض، فإن تم
وقته، فكما ذكرنا في المقتاة، يحسب عليه ما أقام قرطه أو قصبه فيما على
الكراء الأول، ولو باع القرط، فأكله المشتري، فخلفته لبايعه ما لم يشترطه
المشتري، ولا يجوز أن يشترطه إلا في الموضع المعروف، كيف تأتي خلفة
المأمونة، ما لم يشترط حبه.
ومن العتبية، روى عيسى، عن ابن القاسم، فيمن اكترى أرضا، فزرعها، فأصاب
البرد زرعه وقد استحصد، فانتشر، فنبت من قابل، فالزع لرب الأرض،
[7/ 160]
(7/160)
ولو بذرها فيها بذرا، فجره السيل إلى أرض
رجل، فنبت، قال مالك: فهو لمن جره السيل إليه، قاله سحنون، في كتاب
المزارعة وإن جره السيل إليه بعد أن نبت وظهر، فهذا يكون لربه، وعليه كراء
الأرض ما لم يجاوز كراءها الزرع، فلا يكون عليه أكثر منه.
قال في كتاب ابنه: وليس كالمخطئ والمخطئ كالعامد، ولا يكون أسوأ حالا من
المكتري للأرض سنة، فتنقضي المدة وله فيها زرع أخضر، وقد علم حين زرعه أنه
لا يطيب في المدة قال مالك: له الزرع، وعليه كراء زيادة المدة / يريد سحنون
فإن كان رب الزرع مكتريا، كان عليه كراء الأرضين جميعا. وروي أيضا عن
سحنون، أن الزرع لرب الأرض، وعليه للآخر قيمته مقلوعا، كما جره السيل، قال
أبو بكر: والقول الأول أحسن وقد قيل في البذر، وعليه الكراء. قال سحنون:،
في كتاب ابنه: ولو قلع السيل من أرض شجرا يصيرها إلى أرض آخر، فنبتت، نظر؛
فإن كانت إن قلعت وردت إلى أرضه نبتت، فله قلعها، وإن كانت إنما يقلعها
للحطب لا ليغرسها، فهذا مضار، ولها القيمة، وإن الشجر لو قلعت، لم تنبت في
أرض بها، وإنما تصير حطبا، هذا الذي مرت في أرضه نبتت، فله قلعها، وإن كانت
إنما يقلعها للحطب لا ليغرسها، فهذا مضار، ولها القيمة، وإن الشجر لو قلعت،
لم تنبت في أرض ربها، وإنما تصير حطبا، هذا الذي مرت في أرضه مخير، بين أن
يأذن لربها في قلعها، أو يعطيه قيمتها مقلوعة، فإن نقل السيل تراب أرض إلى
أرض أخرى، فإن وجد ربه نقله إلى أرضه، وكان معروفا، فله، ذلك، وإن أبى أن
يفعله وطلبه من صار في أرضه أن ينحيه عنه، ولم يلزمه؛ لأنه لم يجن، وكذلك
لو وقع شجر حاره، فأضر بها.
قال أصبغ، في العتبية فيمن زرع في أرضه كمونا، فلم ينبت وأبطأ، فلم يشك أنه
هلك، فأكراها ممن غرس فيها مقتاة، فنبت المقتاة، ونبت معها الكمون معا،
فالكمون لربها، ويقوم كراها الذي أكراها به على قدر ما انتفعا بها، هذا
بكمونه وهذا بمقتاته، ويسقط من الكراء ما ناب الكمون، وإن أضر الكمون
بالمقتاة حتى نقصها في حملها وتمامها، فليس له قلعه، ولكن توضع عنه حصته
[7/ 161]
(7/161)
من الكراء بقدر ما نقصت المقتاة؛ لأن هذا
من سبب الأرض وكذلك لو أبطلها، لرجع بجميع الكراء، ومصيبة / المقتاة منها
لو غرسها، فلم تنبت أصلا.
ومن كتاب المزارعة من العتبية، قال عيسى عن ابن القاسم، فيمن أعطى رجلا
أرضا له عارية، فزرع فيها قطنا، فأثمر في عامه، وجناه في عامه، وبقيت
أصوله، فرمى وأثمر في عام قابل، وتنازعاه؛ قال رب الأرض: لم تزرعه إلا
للعام الأول. وقال زراع القطن. وهو لي من زريعتي، قال: إن كان القطن بالبلد
يزرع كل عام كالزرع، فحكمه حكم الزرع، وهو لرب الأرض وقال بعد ذلك: أرى
القطن لمن غرسه، وعليه كراء ما شغل القطن من الأرض، إلا أن يكون الكراء
أكثر من القطن، فلا يلزمه أكثر منه، وثبت على هذا، وقال: لأنه أصول وقال
بعد ذلك في الزروع، إذا لم ينبت أول سنة، ونبت في السنة الثانية، أنه
كالغاصب في حاله كله، إلا أن يكون الكراء أكثر من الزرع قال: وإن كان القطن
أصولا تنبت في الأرض السنين الكثيرة، كما تنبت في السواحل، فأراه لرب
القطن، فإن أردا رب الأرض إخراجه، ولم تقم له بينة أنه أعاد سنة واحدة،
وحلف رب القطن على دعوى رب الأرض، فليعط رب الأرض لرب القطن قيمة الأصول.
وذكر هذه المسألة من أولها ابن سحنون عن أبيه ع: أراه جعل اختلافهما في مدة
العارية سنة، أوجب لربها قيمته أصولا لا مقلوعا بعد يمين المستعير، وكان
الغرس كالحيازة، بخلاف اختلافهما في مدة سكنى الدار.
فيمن زرع أرضا بغير إذن ربها
والأرض تستحق وفيها زرع للمكتري
أو لربها، / أو لا زرع فيها وقد كراها
وكيف إن قيم فيها بشفعة أو فساد كراء؟
من العتبية، قال أصبغ: ومن تعدى فزرع أرض رجل، فقام عليه، بعد إبان الحرث،
وقد كبر الزرع واشتد، فأراد قلع الزرع، وقال: أريد غرسها مقتاة،
[7/ 162]
(7/162)
أو زرعها بقلا، وهي أرض سقى يمكنه الانتفاع
بها، فليس ذلك له، وليس له بعد إبان الزرع إلا كراها إن كانت أرض سقى يتبع
بها؛ لما ذكرت، وإنما له ذلك إذا لم يفت إبان الزرع الذي فيها، ولا حجة له
أنه قلبها والكراء له عوض عن ذلك.
ومن الواضحة: ومن اكترى أرضا كراء فاسدا فكرمها وطيبها بالحرث، والرجل،
وقطع الشعراة عنها، فذلك فوت يصحح كراها تلك السنة يريد بالقيمة ـ ومن فعل
ذلك بأرضه ثم استحقت أو استشفعت أو فسخ بيعها بفساد قبل أن يزرعها، فله على
الذي يرجع عليه قيمة ما غادر فيها من المنفعة، ولا يبطل عمله فيها، إلا أن
يشاء من رجعت إليه الدار بأحد الثلاثة الأوجه؛ أن يقرها بيد من كرمها
وزبلها وقطع شعراها بكراها تلك السنة، ليجوز عمله فيها، فإن أبى ذلك الذي
فعل هذا فيها، فلا شيء له من قيمة ذلك؛ لأنه قد مكن من إحراز عمله ونفقته،
فأبى وقاله كله ابن الماجشون، وغيره، وهو منهاج مالك، في كتاب المزارعة،
ذكر من زرع أرض جاره غلطا.
في الأرض بين الشركاء يحرثها أحدهم بمحضر
من أشراكه أو بغير محضرهم / أو يحرثها هذا سنة
وهذا سنة، وفي الماء بينهم يتعدى فيه أحدهم
من كتاب محمد، قال ابن القاسم، في أرض بين أشراك أو ورثة، زرعها أحدهم
بمحضر من الباقين حين لم تكن لهم قوة على الحراثة، ولم ينكروا، ثم طلبوا
الكراء، فإن كانت لو لم يزرعها ولا أكراها وهي بلد كراء، وحلفوا ما سكتوا
إلا ليقوموا بحقوقهم، ثم لهم قيمة كراء حصتهم، وإن كانت بلادا لا كراء لها
إن تركوها، مثل أرض المغرب، لسعة البلاد، فلا كراء لمن بقي.
قال أصبغ في أرض بين رجلين: فلا بأس أن يزرعها هذا سنة وهذا سنة، فإن لم
يمكن فيها العمل في العام الثاني، رجع على صاحبه بنصف قيمة الكراء للسنة
الأولى، وإنما هذا في المأمونة، ولا خير في أن يكريها هذا سنة وهذا سنة، أن
[7/ 163]
(7/163)
يزرع هذا سنة وهذا سنة، لأنه أكرى من صاحبه
بنصف ما يكري قابلا، وهو مجهول وقال تسقى بينهما: فلهذا سقى الليل، ولهذا
اسقى النهار فأحل ماء صاحب الليل، فعليه قيمته، ولا يعوض ربه ماء النهار،
ولأنه مختلف وسقي الليل أفضل، ولو كان له سقي الليل، لأخذ منه سقي النهار.
وكذلك في العتبية، عن أبي زيد، عن ابن القاسم. محمد: وإن أحب أن يأخذ سقي
النهار بدلا من سقي الليل لحاجته، ويتوخى قدر مائه، فإن بقي له شيء وأخذ
قيمته، فلا بأس بذلك.
ومسائل الوكيل على أن يزرع فيغلط أو يتعدى، في كتاب المزارعة والشركة.
جامع مسائل مختلفة من الأكرية
من سماع ابن القاسم، قال مالك، فيمن سكن منزل رجل، فأنفق فيه مائتي درهم،
ثم أخرجه، فلم تكن معه دراهم، فقال له رجل: أنا أقضي عنك، فأعطاه بها ثلاثة
عشر دينارا، فقال: أنا آخذ هذا المنزل بدرهمين حتى ينفد مالي عليك فلا
يجوز، ويفسخ الكراء، وعليه قيمة الكراء ما سكن، وله على رب البيت ثلاثة عشر
دينارا. قال مالك: ومن سكن سنة بدينار، فلما سمك شهرين، أراد أن يأخذ ثلاثة
دراهم، فلا يجوز إلا أن يأخذ منه دراهم بقدر ما حل وسكن المكتري، وما لم
يسكن، فلا يأخذ به ورقا حتى يحل. ابن القاسم، في رجلين اكتريا أرضا؛ فأكرى
أحدهما حصته، فلشريكه في كرائة الشفعة.
قال سحنون: وقد قال مالك، في رجل: لا شفعة وقاله ابن القاسم، ومن بينهما
ثمرة تحبس، فباع أحدهم نصيبه منها، فللآخر فيها الشفعة.
وقال مالك، في رجلين سكنا في منزل من منازل الإمارة فبذل أحدهما للآخر شيئا
على أن يخرج عنه، فكرهه مالك، وقال: هو لا يدري متى يخرج عنه، وليس إلى
أجل، أو كان مؤجلا، لجاز، فأما منازل الإمارة، فلا ومن كتاب محمد،
والعتبية، من سماع ابن القاسم، قال مالك: ومن اكترى من أرض الجزية، فزاد
[7/ 164]
(7/164)
فيها، ويكتم ذلك، فكره أن يشتري من طعام من
يفعل ذلك، وكره هذه القطائع من أرض مصر لمن أقطعه، وكره إقطاعها، وكره شراء
قمحها، قيل: فمن أكرى أرضا بالحنطة فزرعها، أيشتري من ذلك القمح؟ قال: تركه
أحب إلي.
ومن كتاب محمد، قال مالك: وأكره للرجل / أن يحرث في أرض الخراج أو يقاربه،
وهي أرض مصر قاله مالك. محمد: كرهه؛ لأنها أرض جزية، ولدخوله في الذل
والصغار وروي في ذلك وجه آخر لم يثبته قيل لمالك: فإن اكترى رجل هذه الأرض
من رجل له مال من السلطان، يضع عنه تلك الوجوه المكروهة؟ قال: هي من أرض
الجزية، فأنا أكرهها، قيل ولما فيها من الذل قال: رب أشياء لا يستطاع
تفسيرها.
مسألة في الفدادين المنعزلة تختلط
وفي الشريك في الأرض يزرع جميعها لنفسه
من كتاب الشركة، من العتبية، قال عيسى عن ابن القاسم، في قوم زرعوا فدادين
متقاربة فاختلطت، فلا يدرى فدان هذا من فدان هذا، قال: يحلف كل واحد منهما
على ما يذكر، ثم يقسم الطعام على عدد ذلك.
ومن أشرك رجلا في أرض، ثم زرعها الشريك كلها تعديا، قال: عليه نصف كراء
الأرض، قال عيسى: حاضرا كان شريكه أو غائبا، ويحلف أن كان حاضرا ما كان
يتركه رضى بذلك الفعل.
تم الكتاب بحمد الله وحسن عونه
وتأييده وتسديده
[7/ 165]
(7/165)
|