النوادر
والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات بسم الله الرحمن الرحيم اللهم يسر
الجزء الثالث
من كتاب الوصايا
[ما تدخل فيه الوصايا من مال الموصي]
من كتاب ابن المواز، ونحوه في المجموعة، قال مالكٌ، وأصحابه: لا تدخل وصايا
الميت في ثلث ما علم من ماله، ولا تدخل في كل ما بطل فيه إقراره، في مرضه
لوارث، أو ما أقر في مرضه أنه كان أعتقه، في صحته، أو تصدق به، وأما ما كان
يُعلم به؛ من عبد آبقٍ، وجملٍ له شارد، وإن كان يُئس منه، ثم رجع بعد موته،
ولو بعد عشرين سنة، من يوم موته أو مرجع حُبسٍ حبسه هو أو أبوه أو أجنبي
وجُعل مرجعه إليه، وإن بعد السنين الكثيرة، فإنه تدخل فيه وصاياه؛ لأنه مما
عُلم بأصله.
وأما إن اشتهر عنده، وفي الناس غرقُ سفينته، وموتُ عبده، ثم ظهر سلامةُ ذلك
بعد موته، فروى أشهب عن مالك فيه قولين؛ فقال: لا تدخل فيه الوصايا. وقال:
تدخل فيه، وقد يُنعى إليه عبدُه، وهو يرجوه.
وكذلك في العتبية (1) من سماع أشهب، قال: وتدخل فيما رجع من آبقٍ وشاردٍ.
__________
(1) البيان والتحصيل، 13: 5.
(11/397)
روى عيسى، عن ابن القاسم، وذُكر في سماع
أشهب في الآبق يُنعى له والسفينة يشتهرُ غرقها ثم يأتي ميتا ... (1)، مثل
ما ذكر ابن المواز؛ قال: تدخل في ذلك الوصايا. وقد يُنعى له العبدُ، وييأس
من الشيء ... (3) لا تدخل فيه الوصايا؛ لأنه يئس منه./.
وروى عيسى، عن ابن القاسم، وهو في المجموعة: إذا شَهِدَت عنده بينةٌ بذلك؛
من غرق السفينة وموت العبد والفرس أو تلفه فطال زمانه ويئس منه فلا تدخل
فيه الوصايا. وإن كان تلفُه بلاغاً ثم مات بقُرب ذلك ولم يشهد عنده بذلك
أحد فلتدخل فيه الوصايا.
وكذلك ذكر ابن حبيب عن أصبغ عن ابن القاسم قال: ويدخل في العبد الآبق يرجع
بعد موته وإن طال زمانه، ويُئس منه.
ومن كتاب ابن المواز، قال مالك: ولا يدخل في مال ورثة عن ولي لم يعلم
بموته؛ مثل أن يكون ببلد مسافته شهرٌ، فمات قبله بيومين وشبه ذلك. وقاله
ابن القاسم وابن وهب وأشهب. وكذلك ديتُه في قتل العمد يوجد بعد موته.
قال ابن القاسم وكذلك لو قال: إن قَبِلتُمُ الدية فوصاياي فيها أو في ثلثها
وثلثُها وصية فلا يجوز ذلك، ولا ندخل له فيها وصية؛ لأنها كمالٍ لم يعلم به
أيكون أو لا يكون؟ إلا أن يعفو هو عن الديةِ أو يوصي بالعفو عليها، فتدخل
فيها وصاياهُ. وكذلك لو أوصى بثلث ماله منهما لدخلت هذه الدية في ذلك.
وكذلك في العتبية (2) في سماع أصبغ من ابن القاسم من أول مسألة الدية إلى
آخرها. ومثلُه في المجموعة وزاد عن ابن القاسم وعلي عن مالكٍ فيمن جُرح
جراحاتٍ خطأ، فخاف الموت، فأوصى لرجل بثلث ماله وثلث الدية؛ لأنه قد علم أن
الخطأ مالٌ. وقاله أشهب.
__________
(1) كلمات غير واضحة في الأصل تركنا مكانها بياضاً.
(2) البيان والتحصيل، 13: 181.
(11/398)
/ومن كتاب ابن المواز: وإذا أقر في أمةٍ
أنها ولدت منه ولا يعرف ذلك وهو يورث كلالة؛ فإنه يُتهم، ويكون ميراثاً،
ولا تدخل فيها الوصايا. وإن كان له ولدٌ فلا يُتهمُ؛ ذكراً كان أو أنثى.
ومن المجموعة قال علي، عن مالك: وإذا أوصى بوصايا، وقال: قد كنتُ تصدقت
بداري، وقد اجتمع عندي من كرائها خمسون ديناراً. قال: إن لم يكن بذلك بينةٌ
فذلك ميراث، ولا تدخل وصاياه في الدار ولا في كرائها.
وقال عنه ابن وهب: وإن قال: كنتُ أعطيتُ ابني أو زوجتي عطية. فلم يحزها،
وأبت الورثة أن تجيز ذلك. فإن ذلك ميراث، ولا تدخل وصاياه في الدار ولا في
كرائها قال عنه ابن وهب: ولو قال: [كنتُ في له الوصية] (1).
قال ابن كنانة، وعبد الملك: ولو تصدق بصدقة فحيزت، وقد أوصى بالثلث فيُعقبُ
الصدقةُ فإذا هي لا تجوز، فرُدت؛ إنه لا شيء لأهل الوصايا فيها. قال عبد
الملك: كان عطيةً أو حُبُساً فرُد ولم يُحز فهو كمالٍ يُعلم به أو ظن أنه
نافذٌ.
قال ابن حبيب: قال ابن الماجشون: إذا تصدق بصدقة، فلم تُحز عنه حتى مات
فرُدت، فإن كانت عنده فيما يُرى –وفي مذهبه أنها لأهله- لم تدخل فيها
الوصايا. وإن كان في حياته قد عمل على إبطالها فيما يُرى، فكان يرهنها،
ويسكنُها، ويفعل فيها ما يُرى أنه لا يجهل أن ذلك يبطلها، ولو كان أهلها
ممن يجوز لنفسه فتركها، فإن الوصايا تدخل فيها.
ومن المجموعة قال ابن وهب وعلي عن مالك: وإذا كان له مالٌ يُعلم/ أصله فتجر
له فيه قيم وهو لا يعلمُ، أو غلاتٌ اغتُلت له من شجر له غائبة لا يُعلم
مبلغُ ذلك وميراث عُلم ولا يُعلم عدده، فإن الوصايا تدخل في ذلك كله.
__________
(1) كذا في الأصل والظاهر أن في ذلك تحريفاً وحذفاً.
(11/399)
ومن المجموعة قال ابن وهب، وعلي، عن مالكٍ
قال: وإذا أعطى عطيةً، فلم تُحز حتى مات، وهو يرى أنها تُؤخذ من رأس ماله،
فإن الوصايا لا تدخل فيها، وهي ميراث.
ومن كتاب ابن المواز قال مالكٌ وابن القاسم وأشهب وأصبغ: وما ثبت من صداق
الصحة ببينة فلم يُحز حتى مرض لم تدخل فيه الوصايا ويدخل فيه المُدبر.
قال عنه ابن وهب: ولا تدخل وصاياه فيما بطل من عطاياه ولا فيما بطل من
إقراره لمن يُتهم عليه، أو غيره.
وقال ابن المواز، وقال ابن عبد الحكم، عن مالك، وهو في العتبية (1)، من
رواية عيسى عن ابن القاسم في المريض يقول: كنتُ أعتقتُ عبدي فلاناً في صحتي
أو: كنتُ تصدقت على فلانٍ بكذا أو: جعلتُه في سبيل الله. فإن قال في مرضه:
فأنفذوه. أنفذ في ثلثه وبُدئ من العتق بعينه. وإن لم يكن بعينه حوصص به مع
الوصايا. وإن لم يقل: فأنفذوه. فهو ناكلٌ ولا تدخل فيه الوصايا. والوصايا
في ثلث ما يبقى بعد إخراج ذلك.
قال ابن المواز: وقاله ابن القاسم وأشهب، وقاله ابن عبد الحكم عن مالك. وقد
قال أشهب: إن قال: فأنفذوه، بُدئ عن الوصايا مما في السبيل أو من صدقةٍ أو
غيرها.
قال محمد: وقول مالكٍ وابن القاسم أحب إلي أن يُبدأ من ذلك ما يُبدأ مثله.
/قال ابن القاسم في الكتابين: ولو لم يذكر ذلك، فذكر حتى مات فقامت فيه
البينة من صدقةٍ وعطيةٍ وحُبسٍ ونحوه. إلا أنه لم يُحز؛ لدخلت فيه الوصايا.
وزاد عيسى في روايته وإن ثبت العتق ببينة نفذ من رأس ماله. وأما العطايا
حين لم __________
(1) البيان والتحصيل، 13: 113.
(11/400)
يذكر حتى مات، وثبتت بالبينة فليُرد وتدخُل
فيه الوصايا. وقاله ابن الماجشون. انظر ما معنى قوله قبل هذا؛ فلم حتى مرض
فلا تدخُل فيه الوصايا. وقال ها هنا: فلم يذكر حتى مات أنه يدخل فيها
الوصايا. وقال في السؤالين: وقد ثبت بالبينة في صحته ولم يحز عنه. فالفرق
عندي أنه لما ذكرها، فإنما ذكر ما يصح ذلك لأهلها. وإن لم يقل فأنفذوها
صارت كما لم يعلم به لأنه نحا ناحية إخراجها حتى إذا لم يذكرها وكانت بيده،
فكأنه تقرر عنده إبطالها، فكانت كما عُلم به من ماله وكان الغالب عليها
أنها من تركته.
قال ابن المواز: وقد رُوي عن مالك في القائل في مرضه: كنتُ أعتقتُ فلاناً
في صحتي، وتصدقت على فلان بكذا أن يُعتق العبدُ من ثلثه وتبطُل الصدقةُ إذ
لو ثبتت بالبينة لبطلت ولو قامت بالعتق بينةٌ كان من رأس ماله.
قال محمد: وهذه الرواية غلط ويبطلُ ذلك كله. ولو قامتبه بينةٌ كان العتقُ
من رأس المال ويبطلُ العطايا ولا تدخل فيها الوصايا ويدخل فيها المُدبرُ
وكل شيء لا رجوع له عنه.
وقال أحمد بن مُيسر: وقد قال أشهب مثل قول مالكٍ وابن القاسم هذا في الصدقة
والحبس إذا أقر في مرضه أنه فعله/ في صحته. وخالفهما في العتق بقوله: في
مرضه أنه أبعده في صحته. وقال أشهب: هو نافذٌ لأنه لا يحتاج إلى حيازة وهو
يحوز نفسه. وقد ذكرنا هذا في كتاب العتق.
وقال مالك، فيمن أوصى أن كل مملوك له حر وقد ورث رقيقاً بالثمن لم يعلم بهم
فلا يدخل في ذلك. وقاله ربيعة. وقال ابن المواز: ولو حلف بعتق ما يملك لدخل
في حنثه في صحته من لم يعلم بهم من رقيقه. وأما حنثه في مرضه فلا يُعتقُ في
ثلثه إلا من علم به.
ومن العتبية (1)، ابن القاسم عن مالك: وإذا أقر في مرضه بدين لوارث أو غيره
مما يبطل فيه إقراره وأوصى بعتق وغيره فلا يدخل العتق في عتق ولا غيره من
__________
(1) البيان والتحصيل، 13: 237.
(11/401)
وصاياه في ذلك. وذلك في ثلث ما بقي من
تركته بعد عول الدين لأنه لو قال: أعتقوا عبدي بعد مائة تعطونها (1) لأبي
لم يعتق إلا فيما بعدها كما قال حاز أو لم يحز (2).
فيما بطل أو رد من الوصايا
هل يدخل فيه ما في الوصايا؟
وفيمن أوصى بثلثه
هل يدخل في ذلك بئر الماشية؟
من كتاب ابن المواز، قال مالك: ومن أوصى لرجل بثلثه ولقريب له بمائة دينار
وابن كنانة. وإن أوصى لرجلين بعشرة وثلاثة عشرة فردها أحدهما في حياته فإن
علم بذلك، فللآخر عشرة، وإن لم يعلم فله خمسة وتورث خمسة. وهذه في المدونة
واختلف فيها قول مالك.
وإن قال:/ عبدي حر إن شاء. ولفلان عشرة فلم يرد العبد العتق فهو كمال علم
به والوصية في جميع المال. وكذلك إن قال: لزيد عشرة إن قبل ولعمرو عشرة.
فلم يقبل زيد، فلعمرو العشرة كلها إن حملها الثلث، كأنه كمال يرجوه، ولو
قبِل زيد ورد عمرو تحاصا؛ فما صار لعمرو كان ميراثاً.
ولو قال: في كل واحد إن قبل فإنهما إن قبلا تحاصا، وإن رد أحدهما فالعشرة
للآخر بلا حصاص إن حملها الثلث.
وقال مالك، فيمن تصدق على بعض ولده برقيق في صحته، وحازوا ذلك فلما مرض
أوصى أن يعطى من بقي من ثلثه مثل ما أخذ الآخرون، وأوصى بوصايا، قال: لا
تدخل الوصايا إلا في ثلث ما بقي بعد أن يعمل لهؤلاء البنين __________
(1) في الأصل، يعطوها والصواب ما أثبتناه.
(2) في الأصل، جازت أو لم تجز.
(11/402)
ما أوصى لهم به ولا تدخل فيه وصايا من عتق،
وغيره. قلت: فمن أين يقول: للبنين ذلك؟ قال: أما أشهب، فقال: من رأس المال،
ثم الوصايا في ثلث صاف. وقال ابن القاسم: من ثلثه، ثم يكون ما عُزل من ذلك
بين جميع الورثة.
قال أشهب، عن مالك فإن أوصى ألا يُباع طعام منزله، وأن يعزل لعياله
يأكلونه. قال: لا يدخلُ فيه أهل الوصايا فإنما لهم ثلث ما سواه لأنه نزعه
منهم. وإنما الكلام فيه للورثة؛ لأن بعضهم يأكل أكثر من بعض.
ومنه ومن العتبية (1) من سماع أصبغ قال ابن القاسم فيمن أوصى بثلث ماله
لقوم وله بئر ماشيه قال: فلا تدخل في ذلك لأنها لا تباع ولا توهبُ ولا
تورث، فكذلك لا يوصى بها ولا شيء لهم في الشرب مع الورثة فإن للورثة الشرب
قبل الناس ثم الناس بعدهم/ ولا يدخل معهم هؤلاء. قال أصبغ: ولم يأخذه
الورثة بالميراث.
في اجتماع المدبر والوصايا
وكيف يدخل المدبرُ فيما لم يعلم به الميتُ ولا تدخل في الوصايا؟
وكيف من عليه دينٌ وظهر له مال لم يعلم به؟
ومن أعطته امرأته في مرضه خادماً
على أن يعتقها هل تدخل في ماله؟
من كتاب ابن المواز، وهو من قول مالك: وكل ما أقر به في مرضه لوارث أو لمن
يتهم عليه فإنه يُعزل من جملة ماله مما علم به ومما لم يعلم فلا يدخل فيه
الوصايا ويدخل فيه المدبر في الصحة. وقيل: وصداق المريض. ويبدأ المدبر على
صداق المريض على المعروف من قول ابن القاسم ولهو أحب إلي، وقد اختلف قوله
فيه.
__________
(1) البيان والتحصيل، 13: 265.
(11/403)
قال العتبي: إن قوله الثاني: يبدأ الصداق
في المرض. قال في كتاب ابن المواز: قلت: فالمدبر والدين لمن يتهم عليه؟
قال: المدبرُ؛ لا في أخرج الدين قبل كل شيء ثم أخرج المدبر من الثلث؛ من كل
شيء من الدين ومن غيره.
ومنه ومن كتاب ابن عبدوس قال ابن القاسم: ولو أقر بدين في صحته لمن يتهم
عليه، وأقر في مرضه لمن لا يتهم عليه، فكلهم مبدؤون. قال: والوصايا في ثلث
ما يبقى. وإن كان الإقرار لهم كلهم في المرض بدينهم أجمع؛ فإن فني المال
بطلت الوصايا؛ من عتق وزكاةٍ وتدبير في المرض وغيره؛ إلا المدبر في الصحة
فإنه يرجع في ثلث دين الدين بينهم فيهم كمال ظهر وثلثاه موروثٌ.
قال في رواية أبي في العتبية (1):/ فإن بقي بعد إخراج الدين كله شيء، كانت
الزكاة والوصايا في ثلثه.
ومن كتاب ابن المواز قال: وإن ترك مُدبراً قيمته مائة، وعبداً آخر أوصى
بعتقه قيمته مائة، ومائة عيناً، وظهرت له بعد موته مائة لم يعلم بها، فقال
أشهب: يخرج المدبرُ من ثلث جميع الأربعمائة يقع من كل مائة خمس وعشرون،
وباقي ثلث المائة الطارئة لا يدخل فيه عتق العبد الآخر ولا وصايا الميت
الأخر؛ فإنما يبقى للعبد الآخر بقيةُ ثلث المائة التي علم بها الميت، وذلك
خمسةٌ وعشرون، فيعتق ربعه فقط. ولو كانت وصايا كانت فيها.
قال ابن القاسم، وأصبغُ: بل يبدأ المدبرُ في ثلث المال الذي علم به فإن
استغرقه بطل العتق والوصايا، ولم يدخل في الطارئ كانت زكاة أو عتق ظهار أو
عتق بتلٍ في المرض أو غيره، وإن بقي من الملك الماضي شيء كان للوصايا
والعتق، ويبدأ منه ما يصلح، وإن عجز ثلث الماضي عن المدبر أتم من ثلث
الطارئ.
__________
(1) البيان والتحصيل، 13: 347.
(11/404)
وذكر ابن حبيب عن أصبغ عن ابن القاسم عن
مالك مثل ما ذكر ابن المواز عن ابن القاسم وأصبغ أنه إذا عُزل ما رُد من
إقراره في مرضه لمن يُتهم عليه بدئ بالمدبر في الصحة في ثلث ما بقي. فإن لم
يف به أتم من ثلث المعزول، فإن عتق في ثلث بقية ماله، وبقي من ذلك الثلث
شيءٌ، كانت فيه الوصايا على ما تقدم ذكره من التبدئة/ قال ابن القاسم:
والمدبرُ في المرض يدخل فيما لم يعلم به الميت ولا يدخل فيه البتل في
المرض.
وفي موضع آخر من كتابه قال ابن المواز: ويدخل المدبرُ في ثلث كل شيء، ما لم
يعلم به الميت، وما بطل من إقرار الميت. وفي غير ذلك؛ وكذلك يدخل في ذلك مل
ما يُئس للميت أن يرجع فيه.
ولو كان عليه دين محيط بيع فيه مدبره ثم ظهر له مال لم يعلم به لنقض البيع
وأعتقوا في ثلثه. ولو مات وله أموال مأمونة، كانوا أحراراً بموته يوم أوصى
يعتقُه بعينه ثم إن هلك المال بعد ذلك لم يردوا، ولو لم يكن له أموالٌ
مأمونةٌ إلا أنه واسع جداً فلم يقوموا حتى هلك المال، لم يعتق من ذلك شيء.
ولو قوموا وأخرجوا قبل تلفه ثم تلف بعد ذلك لم يردوا.
قال ابن حبيب: وروى ابن القاسم عن مالك أنه إن كانت له أموال مأمونة أن
المبتل في المرض تتم حريته مكانه والمال المأمون العقار. وأما الناض فلا
وإن كثُر.
وقال أشهب، وأصبغ: إن كان الناض كثيراً مأموناً فهو مثل العقار في أمنه.
ومن العتبية (1) قال ابن القاسم فيمن أوصى بوصايا وله مائة دينار، وعليه
مائة دينار ديناً فظهرت له مائة بعد موته، ولم يعلم بها؛ فليقض الدين من
المائة التي علم بها وتبطل الوصايا وكذلك في المجموعة، وعن أشهب وزاد: فإن
كانت كفاف الدين أو أقل من ذلك فلا وصية ويرجع بما في الدين في الطارئة،
وإن كان/ الدين لا يحيط بما علم من ماله، فالوصايا في ثلث ما بقي منه خاصة
وكذلك __________
(1) البيان والتحصيل، 13: 158.
(11/405)
لو لم يكن عليه دين، وله مدبرٌ في الصحة،
فإن خرج من ثلث ما علم وبقي شيء، دخل فيه الوصايا، وإن استغرقه المدبرُ فلا
وصية. وقال أشهب، وهذا مثل ما ذكر ابن المواز عن أشهب.
قال ابن القاسم: والدية في العمد كمال لم يعلم به.
قال ابن حبيب: قال ابن الماجشون فيمن حضره الموت فأعطته امرأته خادماً
فأعتقها، وقد طلبها أو لم يطلبها؛ إنه إن أعتقها لم تدخل في ثلثه وهي حرة.
ولو لم يعتقها حتى مات لعادت إليها رقيقاً ولم تدخل في ماله. وقاله أصبغ.
فيمن أوصى بوصايا وباقي الثلث
وقد ذكر باقي الثلث قبل بعض وصاياه أو لم يشترط
أو قال: يبدأ فلان، ولم يوص بباقي الثلث
من كتاب ابن عبدوس وكتاب ابن المواز، واللفظ لنا؛ قال أشهب فيمن أوصى أن
لفلان عشرة دنانير ولفلان ما بقي من ثلثي ولفلان عشرة؛ فإنما لصاحب باقي
الثلث ما حصل بعد العشرتين وبعد كل وصية. وقاله مالك.
قال ابن المواز: إلا أن يقول: وما بقي بعده لفلان. ويقول: ما بقي لفلان
يبدأ.
ومن كتاب ابن المواز: فأما إن قال: لفلان عشرة ولفلان ما بقي من ثلثي بعدها
ولفلان عشرة؛ فلينظر ما يبقى من ثلثه بعد العشرة الأولى، فيكون كشيء/ مسمى
أوصى له فيه فيحاص به صاحب العشرتين فما صار بعد من باقي الثلث أتم منه
لصاحب العشرة الأولى عشرته، ويصير الحصاص للأول، ولصاحب باقي الثلث لهما
جميعاً بالثلث، ثم يفضل الأول من ذلك بعشرة، وهذا إن كان الثلث أكثر من
عشرة، فإن كان عشرة فأقل، فلا حصاص لصاحب باقي الثلث. والثلث بين صاحبي
العشرتين؛ نصفان. وإن كان الثلث ثلاثين؛ فلصاحب العشرة الآخرة سبعة ونصف.
وللأول مثلها، غير أنه يرجع، فليأخذ تمام عشرة مما بيد صاحب باقي الثلث،
فيبقى منه اثنا عشر ونصف.
(11/406)
ولو قال: بدئوا صاحب باقي الثلث على صاحب
العشرة الأول أو قال: وما بقي فلفلان مبدأ على الأول أو لم يقل: وما بقي
بعده لفلان وإنما قال: وما بقي، فله مبدأ. فإنه يحاص لصاحب العشرتين
بالثلث. فما وقع لهما بدئ منها صاحب باقي الثلث، بمثل ما يبقى من الثلث بعد
إخراج عشرة منه وسلم ما بقي للأول ويكون للآخر الذي له عشرة مبهمة ما وقع
له في الحصاص. وإن كان الثلث هاهنا عشرة لم يكن لصاحب باقي الثلث شيء.
والحصاص بين صاحبي العشرتين.
قال محمد: وقيل في الوجهتين غير هذا وذكر لي عن أشهب، في القائل: لفلان
عشرة، ولفلان ما بقي بعدها أو: بعده، ولفلان عشرة. ولم يذكر تبدية؛ إنه
تخرج العشرة الأولى من الثلث. فإن بقي خمسة، تحاص فيها صاحب باقي الثلث
وصاحب/ العشرة المبهمة. فما وقع لصاحب الباقي أخذه، وما وقع لصاحب العشرة
المبهمة جمعه مع العشرة التي للأول، فاقتسما ذلك نصفين. والأول أحب إلينا
وقول أشهب محتملٌ. في المجموعة عن أشهب نحو ما ذكر.
قال ابن المواز: وقيل أيضاً فيه: إذا قال لفلان عشرة ولفلان ما بقي من ثلثي
مبدأ؛ فهو لفلان عشرة والثلث خمسة عشر؛ إنه يقسم الثلث صاحب العشرتين
نصفين، ثم يرجع صاحب الباقي على الأول، فيأخذ منه خمسة. وهذا أحب إلي.
قال: ولم يختلفوا في القائل: لفلان عشرة ولفلان عشرة وفلان مبدأ على فلان
وسكت عن الثالث؛ كان الثلث عشرة، فليُقسم بينهم أثلاثاً، فما صار للذي لم
يبدأ به، ولا بدأ غيره، فهو له، وما صار للذي لم يبدأ، إذاً منه للآخر،
مبلغ ما سمى له، وقد تقدمت هذه المسألة، أو شبهها في باب الموصي يقدم بعض
وصيته قبل بعض.
ومن العتبية (1) روى عيسى عن ابن القاسم فيمن أوصى لقوم بوصايا، ولرجل
بباقي الثلث ثم قام أياماً ثم أوصى بعتق وبوصايا ولم يغير الأولى، فليبدأ
الأولون __________
(1) البيان والتحصيل، 13: 148.
(11/407)
والآخرون وصاياهم. فإن فضل شيء أخذه صاحب
باقي الثلث وإلا فلا شيء له. وإن لم يف ما بعد العتق بوصاياهم تحاصوا فيه
وسقط باقي الثلث.
قال ابن القاسم: فإن مات أحد العبيد أو استحق فأخذ له قيمة أو لم يقتل أخذ
الموصى لهم الوصية؛ لم يدخل ذلك في الوصايا ولا يكون لطالب باقي الثلث /منه
شيء؛ كمال ظهر.
وقال عنه يحيى بن يحيى: إذا أوصى لرجل بعشرة ولآخر بعشرين ولآخر بباقي
الثلث، ثم أوصى بعد أيام بوصايا بمال أو بشيء بعينه من دار أو عبدٍ؛ فليس
لصاحب باقي الثلث إلا ما فضل بعد الوصايا الأولى والآخرة مما هو بعينه أو
بغير عينه؛ فما فضل كان له.
فيمن قال: لفلان ثلثي ولفلان دنانيرُ سماها
فقال: من ثلثي أو لم يقل بقية (1) الرسم
من المجموعة وكتاب ابن المواز واللفظ له، قال ابن القاسم: كان مالك يقول:
إذا أوصى فقال: لفلان ولفلان من ثلثي عشرة. إنه يُبدأ بصاحب التسمية، إن
قال فيها: من ثلثي. فإن لم يقل من ثلثي تحاصا. ثم رجع مالك، فقال: يتحاصان
قال من ثلثي أو لم يقل. وبه قال ابن القاسم. وروى القول الأول أشهب وابن
وهب بدءاً بالتسمية أو بالثلث؛ فهو أسوة تبدأ التسمية، إن قال فيها: من
ثلثي. وإلا لم تُبدأ ويتحاصان، وكذلك قال ابن الماجشون من رواية ابن حبيب،
وكذلك روى أشهب، في العتبية (2) عن مالك بدأ بالتسمية أو أخرها إذا قال في
التسمية: من ثلثي. أو قال: منه. بعد ذكره الثلث، فهي مبدأه؛ وإلا تحاصا.
__________
(1) كذا بدون نقط.
(2) البيان والتحصيل، 13: 354.
(11/408)
وقال أشهب، عن مالك: وإذا قال: إلى فلان
ثلثي، ولفلان ديناران، ولفلان ثلاثة. فليبدأ بالدينارين، والثلاثة، ثم يقسم
بقية الثلث. قال: وليس لفلان أن يأخذه بنفسه.
وهكذا المسألة في كتاب ابن عبدوس، وذكر ابن عبدوس هذه الرواية، عن مالك/
إلا أنه قال: إلى فلان ثلثي، ولفلان ديناران، ولفلان ثلاثة. فيبدأ بالتسمية
يأخذ فلان باقي الثلث، بل يسميه في سبيل الخير.
قال أشهب: وذلك أنه قال: إلى فلان ثلثي. فيخرج ذلك أن يلي إنفاذه. وأما لو
قال: ثلثي لفلان، ولفلان دينار، ولفلان ثلاثة. لتحاصوا إذا لم يقل من ثلثي.
وهذا أحب إلي. ولمالك قول أن يبدأ أهل التسمية. قال والقول الآخر إن لم
يقل: من ثلثي. تحاصوا. وإن قال، في التسمية: من ثلثي. بدئت.
وروى علي، وابن القاسم، عن مالك، في الموصى بثلثه في السبيل، أو لرجل.
ولآخر بمائة، ولآخر بكذا. قال: يتحاصون.
ومن العتبية (1) روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم، فيمن قال: لفلان كذا،
ولفلان كذا من مالي في ثلثي. ولفلان كذا. ثم قال: وعبدي حُر.
قال: يبدأ الأول والثاني في الثلث، ثم يعتق العبد فيما بقي منه، بعد ذلك.
فإن ضاق الثلث عن وصية الأول والثاني، تحاصا، ولم يبدأ منها الذي قال في
وصيته: له من ثلثي. على الذي لم يقل ذلك منهما.
__________
(1) البيان والتحصيل، 13: 195.
(11/409)
فيمن أوصى بمال وبعبد بعينه يعتق
أو لرجل وبباقي الثلث فمات العبد
أو مات أحد أحد الموصى لهم
من العتبية (1)، روى عيسى، عن ابن القاسم، فيمن أوصى لرجل بعشرة، ولآخر
بعشرة، وبعبده لرجل أو بعتقه، ولآخر بباقي الثلث. فمات العبد قبل النظر في
الثلث فإنه ينظر، فإن كان الثلث بالعبد قدر العبد والعشرتين فلا شيء لصاحب
باقي الثلث. وإن كان ثلثه قدر قيمته العبد فقط زال صاحب باقي الثلث ورجع
صاحب/ العشرين بأخذ وصيتهما من ثلث ما بقي بعد العبد أو ما حمل منها لأن ما
هلك من التركة كما لم يكن، وإنما اعتبرنا قيمته لصاحب باقي الثلث. ولو لم
يوص بباقي الثلث، كانت الوصايا في ثلث ما بقي وألغي العبد كأنه لم يكن، ثم
يحيا العبد الميت بالذكر، فتضم قيمته إلى ما ترك الميت، ثم يخرج منه ثلث
الجميع العبد والوصايا.
ومن المجموعة، قال علي وابن وهب وابن القاسم عن مالك: ومن أوصى بعتق عبده
ولرجل بباقي ثلثه، فهلك العبد قبل النظر فيه فقال: يقوم وتُضم قيمته إلى
باقي المال ثم ينظر ثلث ذلك فبطرح منه قيمةُ العبد. فما بقي فهو كله للموصى
له بباقي الثلث. وقاله ابن كنانة.
وقال المغيرة: ينظر إلى قيمة العبد صحيحاً فيطرح من ثلث ما بقي من مال
الميت سِن العبد. فإن بقي منه شيء، كان لصاحب باقي الثلث.
قال علي: ولو أوصى مع ذلك بعشرة لرجل حملت قيمة العبد على بقية المال ثم
أزلت من ثلث الجميع قيمة العبد ثم العشرة. فما بقي فلصاحب باقي الثلث. فإن
لم يكن فيه بعد العبد عشرة نظر إلى ثلث المال غير العبد، فأعطى منه صاحب
العشرة، وكان ما بقي للورثة.
__________
(1) البيان والتحصيل، 13: 173.
(11/410)
وقال عبد الملك: موت العبد في الوصايا
المسماة من رأس المال وفي الذي له باقي الثلث من الثلث.
قال علي عن مالك: وإذا أوصى لرجل بمال ولآخر بباقي الثلث. فمات الموصى له
بالتسمية قبل موت الموصي، ولم يعلم به فإنما لصاحب باقي الثلث ما يبقى بعد
إخراج التسمية/ من الثلث ثم تعود التسمية ميراثاً.
قال علي في التي أوصت بعتق أمة لها وبعشرة لفلان وخمسة لفلان وبباقي الثلث
لفلان. ثم صحت، فأعتقت الخادمة ومات الموصى لهم بالمال ثم ماتت هي، فلصاحب
باقي الثلث ما بقي من قيمة الجارية وبعد الخمسة عشر.
ومن كتاب ابن المواز، قال أشهب عن مالك: وإذا أوصت بتدبير أمتها وبوصايا
أخر وببقية الثلث لفلان منه كذا ولفلان كذا، ثم كتبت وصيتها بعد ذلك لفلان
كذا ولفلان كذا ثم ماتت المدبرة قبلها. قال: ينظر ثلثها، فيخرج منه قيمة
المدبرة، فإن أعتق يه فلا شيء لأهل الوصايا. وإن فضل شيء فلأهل التسمية
وللذين كتبت لهم في وصيتها؛ الإخوة يتحاصون هم والمبدؤون بالذكر في أول
وصيتها يبدؤون على صاحب باقي الثلث.
قال ابن المواز: إنما جوابه عندي على غير موت المدبر. فأما لو ماتت المدبرة
قبل موته أو بعده، فإنما الثلث ثلث ما بقي بعد المدبرة، ويعطى منه أهل
التسمية. فإن بقي بعد ذلك شيء فهو لصاحب باقي الثلث.
قال مالك: الموصي بعبده لفلان أو بحريته وبوصايا لقوم للآخر بباقي الثلث
فمات العبد قبل سيده أو بعده أو هلك بعض الموصى لهم، قبل الموصي؛ فإن
الوصايا في ثلث ما بقي بعد العبد. فإن بقي شيء رجعت، فقومت للعبد وأضفته
/إلى المال ثم عرفت الثلث، فبدأت فيه بالعبد، ثم بالوصايا. فإن بقي شيء كان
لصاحب باقي الثلث، وإلا فلا شيء له. ولو لم يوص بباقي الثلث كانت الوصايا
في ثلث ما بقي بعد العبد فيخرجُ أو ما حمل منها.
(11/411)
قال ابن القاسم عن مالك: قال: بعيري في
السبيل وباقي ثلثي لابن عمي. فيهلك البعيرُ قبل التقويم؛ فإنه يحسب قيمة
البعير فيخرج من الثلث، فما بقي من الثلث فلا بن عمه.
ومن المجموعة، قال ابن كنانة: إذا أوصى بعتق ثلث عبده وبوصايا وبباقي الثلث
فلا يحتاج إلى تقويم العبد في هذا.
ومن العتبية (1) قال عيسى عن ابن القاسم: إذا أوصى لفلان بعشرة ولفلان
بباقي الثلث فمات الموصى له بالعشرة، فإنه يحاص بها؛ مات الموصى له قبل
الموصي أو بعده علم بموته أو لم يعلم كما لو أوصى بعبدٍ فمات العبدُ،
لحُوصص به صاحب باقي الثلث.
وفي آخر الكتاب: في العبد يوصى بشرائه للعتق وبوصايا فيموت ذلك العبد.
فيمن أوصى لرجل بخدمة أو سكنى دار
ولآخر بباقي الثلث أو بمال أو دار
فضاق الثلث وقد بدأ المخدم
من كتاب ابن المواز والمجموعة عن أشهب: ومن أوصى لرجل بخدمة عبده حياته،
ولآخر بباقي الثلث، والثلث لا يحمل العبد، فليخير الورثة في أن يجيزوا ذلك،
وإلا قطعوا للمخدم بثلث الميت بتلا وتبطل/ الوصية بباقي الثلث، وكذلك لو
أوصى بعتق العبد بعد سنة ولآخر بباقي الثلث، فإن لم يجيزوا أعتق محمل الثلث
من العبد، فإن لم يوص بباقي الثلث مع ذلك، ولكن قال: لفلان من ثلثي كذا
وكذا ديناراً؛ قال في كتاب ابن المواز: أو هذه الدار بعينها أو عبدٌ؛ قال
في الكتابين: وبدؤوا المخدم، فليبدإ المخدم إن كان العبد هو الثلث. ثم
__________
(1) البيان والتحصيل، 13: 86.
(11/412)
يخير الورثة في إجازة الوصية للآخر، وفي
إسلام مرجع العبد؛ أي ذلك شاؤوا. فإن كان العبد أكثر من الثلث خير الورثة
في تنفيذ ما أوصى به من الخدمة ويقضون للموصى له ما أوصى له به أو يعطونه
(1) مرجع ما حمل الثلث من العبد من الخدمة- يريد: في جميعه- وفي أن يقطعوا
للعبد للمخدم بالثلث من جميع ما ترك الميت وتسقط وصية الآخر؛ لأن الميت بدأ
عليه غيره.
ومن كتاب ابن المواز والعتبية (2) من رواية عيسى عن ابن القاسم، قال مالك:
وإذا قال: عبدي حبس على فلان وإذا انقرض فهو رد على ورثتي وما بقي من ثلثي
لفلان والعبد هو الثلث. قال فلا شيء للموصى له بباقي الثلث، حتى يرجع
العبد، فيكون لصاحب باقي الثلث.
زاد في العتبية (3): وكذلك سكنى الدار. وزاد: ولو كان حبس ذلك على وارثه
فلم يجزه باقي الورثة فليحبس العبد على جميعهم فإذا انقرض الوارث، فهو رد
على الورثة، وليس لصاحب بقية الثلث شيء.
باب
/فيمن أوصى لرجل بجزء من ماله
ولآخرين بأجزاء متفقة أو مختلفة أو بمال مسمى
وكيف إن أجاز الورثة لبعضهم؟
من المجموعة عن أشهب وذكر علي عن مالك نحوه فيمن أوصى لرجل بثلث ماله ولآخر
بالنصف فليقسم الثلث بينهما على خمسة إن لم يجز الورثة. قال ابن المواز:
وكذلك روى ابن وهب عن مالك.
__________
(1) في الأصل، ويقضوا للموصى له ... أو يعطوه بحذف نون الرفع.
(2) البيان والتحصيل، 13: 144.
(3) البيان والتحصيل، 13: 144.
(11/413)
ومن المجموعة، فإن قيل: إنه قد أوصى لصاحب
النصف بسدسٍ لا يجوز؟ قيل له: وقد أوصى لصاحب الثلث بما لا يجوز حين أوصى
معه لغيره فإن أجاز الورثة لصاحب النصف وحده أخذ النصف وأخذ الآخر خمس
الثلث. وإن أجازوا لصاحب الثلث وحده أخذه، وأخذ الآخر ثلاثة أخماس الثلث.
قال أشهب في كتاب ابن المواز: يتحاصان فما أصاب الذي أجازوا له أكملوا له
من مواريتهم. قال محمد: وإن لم يجز له إلا بعضهم، نظر إلى خروجها بغير
إجازة فما وقع لمن لم يجزه أخذه وينظر إلى خروجها على أنهم أجازوا، فما وقع
للمجيز أخذه. وما فضل عن حظهم، فللموصى له.
قال ابن القاسم: فإن أوصى لرجل بماله ولآخر بنصفه ولآخر بسدسه ولآخر بمال
مُسمى، تحاصوا في الثلث أصحاب الأجزاء مع التسمية. وعليه أدركت الناس.
قال سحنون: لأنه قد انتقص كل واحد بما أدخل عليه من صاحبيه. ولو أوصى بماله
لرجل ولآخر بعشرة دنانير وماله ستمائة دينار وعليه دين خمسمائة دينار،
فمضى، فليحاصا/ في ثلث ما بقي؛ هذا بستمائة، وهذا بعشرة، وليس مجاوزته
لجميع المال بالتسمية يحيل الحصاص بالتسمية.
قال ابن وهب عن مالك: ومن أوصى لهذا بعشرة ولهذا بعشرين والثلث عشرة بينهما
على الثلث والثلثين.
قال أشهب: وإن أوصى بثلثه لرجل ثم أوصى بثلثه لآخر فليس برجوع، ويكون
بينهما نصفين. ولو أوصى لهذا بثلث عبد آخر كان كذلك.
ومن كتاب ابن المواز: ومن أوصى لرجل بماله ولآخر بثلثه فالثلث بينهما على
أربعة. ولو كان أوصى لرجل بثلثيه ولآخر بثلثه كان الثلث بينهما على ثلاثة.
ولو أوصى بماله لهذا ثم أوصى به لهذا؛ كان الثلث بينهما نصفين ولم يعد
رجوعاً.
(11/414)
ومن العتبية (1) روى أبو زيد عن ابن القاسم
فيمن أوصى بثلثه لثلاثة رجال ولآخر بماله كله؛ فالثلث بينهما على اثني عشر
سهماً؛ لصاحب الجميع تسعة، وللثلاثة سهم بينهم.
فيمن أوصى لرجل بمال ولآخر بعبد أو دار
كيف الفعل في ضيق الثلث؟ وكيف إن أجاز الورثة؟
وكيف إن لم يوص إلا بالأعناق ولا يحملها الثلث؟
من المجموعة، قال علي عن مالك فيمن أوصى لرجل بعبد ولآخر بثلث ماله
فليتقاويا فإن كان الثلث مثل قيمة العبد فالثلث بينهما شطران؛ فيأخذ هذا في
العبد نصفه، والآخر شريك للورثة بالخمس.
قال أشهب: ومن قال: إن كان العبد السدس وقد أوصى للآخر بالسدس؛ يكون له سدس
الخمسة الأسداس ويكون سدس العبد بينه وبين الآخر لأنه أوصى لهما جميعاً
بسدسه/ فقد أخطأ، وإنما يؤخذ في الوصايا بما يرى أن الميت أراده، كما قال
عمر: من وهب هبة يرى أنها للثواب ولو قلت هذا، لقلت: إن وصيته بالسدس رجوع
في سدس العبد عن الأول- يريد: ولا يكون رجوعاً عن شيء من العبد- قال أشهب:
وإن كان العبد هو الثلث، وقد أوصى لآخر بالسدس؛ فالموصى له بالعبد ثلثا
الثلث في العبد والآخر شريك للورثة بالسبع وما بقي من العبد وغيره، ولو كان
العبد السدس، وقد أوصى بالثلث؛ فلكل واحد ثلثا وصيته على هذا التفسير.
قال سحنون: فإن أجاز الورثة، كان العبد للموصى له به والثلث كاملاً للموصى
له به ولا يُحمل على أنه أدخل الموصى له بالثلث على صاحب العبد ولا يكون
رجوعاً عن العبد أيضاً.
__________
(1) البيان والتحصيل، 13: 327.
(11/415)
وروى يحيى بن يحيى في العتبية (1) عن ابن
القاسم قال: إن أجازوا، فليس عليهم تسليمُ العبد مع جميع الثلث، ولكن
يسلمون (2) العبد وثلث ما بقي، فيُقسم ثلثا العبد بينهما؛ لأنه أوصى لهما
به فيأخذ الموصى له بالثلث سدس العبد وثلث ما بقي سوى العبد ويأخذ الآخر
بقية العبد. وهو الذي أنكر أشهبُ وابن المواز.
ومن كتاب ابن المواز: ومن أوصى لرجل بعبد ولآخر بسدس ماله، وقيمة العبد
مائةُ دينارٍ، وترك خمسمائة دينار عيناً. قال: يأخذ الموصى له بالعبد جميع
العبد، والآخر مائة دينار. وذكر أصبغُ عن ابن القاسم خلاف هذا؛ وذلك: أن
يأخذ الموصى له بالعبد/ خمسة أسداسه، وللآخر سدسُ العبد ويكون سدسُ العبد
بينهما. ولم يُعجبنا هذا؛ لأن الوصايا إنما تُؤخذ بمعنى مقاصد الموصي لا
باللفظ. وذُكر مثلُ ما تقدم عن أشهب.
ومن العتبية (3) روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم فيمن أوصى لرجل بدارٍ
ولآخر بعبدٍ ولآخر بحائطٍ، فضاق الثلث، ولم يجز الورثة؛ وقال: يتحاصون في
الثلث بقيمة ما سمى لكل واحد، فما وقع لكل واحد أخذه فيما أوصي له به
بعينه. ولو أوصى معهم لرجل بمائة دينار، لقطع لهم بالثلث في جميع ماله، ولم
يأخذوا وصاياهم فيما سمى لهم خاصةً؛ لأن الوصايا قد حالت ولابد من بيع ذلك
أو بعضه لسبب الغير.
ومن المجموعة قال ابن القاسم: إذا أوصى لرجل بعبدٍ وهو أكثر من الثلث فلم
يُجز الورثة؛ قد اختلف فيه قول مالكٍ؛ فقال: يُجمع له الثلث في العبد.
وقال: يكون له الثلث من جميع المال إن لم يُجز الورثة. واختار ابن القاسم
أن يُجمع له في العبد، ويكون له الثلث من جميع المال إن لم يُجز الورثة إن
كان المال حاضراً. فإن كان له ديون فله الثلث من كل شيء إن لم يُجز الورثة.
وكذلك لو أوصى له بشيءٍ غائبٍ، فلا يُقطع له في ذلك الغائب، ولكن في كل
شيءٍ.
__________
(1) البيان والتحصيل، 13: 327.
(2) في الأصل، ولكن يسلموا بحذف نون الرفع وكثيراً ما يقع ذلك داخل الكتاب.
(3) البيان والتحصيل، 13: 206.
(11/416)
وكذلك في كتاب ابن المواز، وذكر رواية ابن
القاسم وأشهب القولين عن مالك.
ومن المجموعة ذُكر في الموصى لهم بوصايا لا تحملُ الحاضر من ماله وله مالٌ
غائبٌ فذُكر تخييرُ الورثة وخلعُ الثلث من الغائب/ والحاضر في هذا وشبهه.
قال: وقال عبد الملك: وإذا خلع الثلث لهم، فقد اختلف في أحدهم؛ في أعيان ما
أوصى لهم به؛ من دارٍ أو عبدٍ أو عرضٍ؛ فقال مالكٌ: يأخذ كل واحد ما أصابه
فيما أوصى له فيه بعينه كلهم. وقال غيره: يكونون شركاءَ في جميع الترك.
وقال عبد الملك، وابن كنانة. وروى ابن القاسم، وأشهب القولين، عن مالك،
واختارا أن يأخذ كل واحد ما أوصى له فيه بعينه. قالوا: كلهم. وإن مات العبد
المعتقُ قبل خلع الثلث، بطلت وصية صاحبه. قال أشهب: فذلك قلتُ: يأخذ في
الشيء بعينه؛ لأنه كان في ضمانه.
قال علي عن مالك فيمن أوصى له بعبد وعشرين ديناراً وله أموالٌ عريضةٌ، فقال
الورثة: لا يجب أن نُخلص له العبد. فليس لهم ذلك إلا فيما لا يسعه ثلثُه أو
يشكل ذلك الجملة، فيُخيرون بين الإجازة أو القطع بثلث جميع مال الميت.
قال ابن وهب، عن مالك: إذا أوصى لفلان بكذا، ولفلان بكذا، حتى جاوز الثلث،
فإما أجاز الورثة، أو قطعوا لهم بالثلث. وقاله عنه ابن القاسم: إن لم يكن
فيما ترك من العين ما يخرج ذلك من ثلثه خُير الورثة بين الإجازة أو القطع
بالثلث.
قال عبد الملك: إذا استأثر عليهم بالعين، وأبقى العرض والدين، فلهم الخيار
في خلع الثلث. قيل: فقد أجيز للميت أن يأخذ في وصيته ما أراد بقيمته. قال:
ليس كاستئثاره بالعين، وقد كانت الوصايا على عهد النبي- عليه السلام-
والخلفاء/ بالعروض والعقار فيما يُدعى فيه هذا وأنفذ إذا حمله الثلث بقيمة
عدلٍ والعينُ لا يُقومُ فيكون هذا فيه.
وبعد هذا بابٌ فيه خلعُ الثلث إذا كان له مالٌ غائبٌ.
(11/417)
وأما إن لم يكن له مال غائبٌ وكان عيناً لا
يفي بالوصايا، وعُروضاً تُباعُ، فقد اختُلف فيه، وقد بيناه في باب خلع
الثلث؛ بعد هذا.
ومما ذكر ابن عبدوسٍ –وأراه لعبد الملك، أو للمغيرة- إذا أوصى لرجل بعبد لا
يحمله الثلث؛ فقال الرجل: إنا نؤدي بقية ثمنه إلى الورثة، ويكون لي. وقال
الورثة: نحن نعطيك قيمة حقك فيه؛ ويبقى لنا. فليس ذلك للجميع، والعبد يبقى
بينهم يتقاوونه ويبيعونه.
ذكر ما يكون فيه خلع الثلث ممن يوصي بعتقٍ
أو بجزءٍ من ماله أو بأشياء بأعيانها أو بعتقٍ
ولا يحمل ثلث ما حضر وله مالٌ غائب
أو عروضٌ أو دينٌ
من المجموعة ونحوه من كتاب ابن المواز قال ابن القاسم وأشهب فيمن أوصى لرجل
بثلث ماله، ولآخر بربعه، ولآخر بسدسه، وله مالٌ حاضرٌ وغائبٌ؛ فإن لم يُجز
الورثة، تحاص الموصى لهم، في ثلث الحاضر والغائب – يريد: وليس في هذا خلع
الثلث لأنه مما يساوون (1) فيه؛ هو والورثة قال أشهب: فأما لو أوصى لهذا
بعبد بعينه، ولهذا بفرس بعينه، وهما حاضران؛ فإن خرجا من ثلث ما حضر مضى
ذلك، وإلا أنفذ منهما ما يخرج من الحاضر. فإن كان جميع الحاضر ثلاثمائةٍ،
والعبد منه، والفرسُ؛ فإن أنفذ نصفُ/ العبد لهذا، ونصفُ الفرس لهذا، وخُير
الورثة في نصفهما أن يُنفِذوا ذلك أو يقطعوا للرجلين بثلث الغائب فيتحاصان
فيه.
قال ابن المواز: وقد قيل: هذا إن حمل ثلثُ الحاضرِ، يأخذانه في الأعيان،
ويأخذان ثلث الغائب في كل شيءٍ إذا أبى الورثة. ونحن نستحسن أن يُخير
__________
(1) في الأصل، مما يساووا فيه بحذف نون الرفع.
(11/418)
الورثة؛ فإما أنفذوا الوصية كما أوصى، أو
قطعوا لهما بثلث الميت، في حاضرٍ وغائب؛ في كل شيءٍ منه.
وقال أشهب: ومن أوصى لرجل بعشرة دنانير، لم يخلف عيناً غيرها وله عروض
وسوارٌ، ورقيقٌ ودواب – يريد: حاضرةٌ- قال: تُدفع إليه العشرة وإن كره
الورثة سواءٌ أوصى بعشرة بعينها أو قال: عشرةٌ؛ هكذا. ولو لم يخلف من العين
إلا خمسةً لأخذها، وبيع له بخمسةٍ. قيل: فيُباع له من ساعته؟ قال: نعم؛ إلا
أن يكون ضرراً، فيُؤخر اليومين والثلاثة.
ومن العتبية (1) روى يحيى بنُ يحيى عن ابن القاسم فيمن أوصى لرجل بعشرة
دنانير، ولم يترك إلا مالاً غائباً أو ديوناً فأراد الموصى له تعجلها، وقال
الورثة: حتى نتقاضى ونعطيك. فليُخير الورثة؛ فإما عجلوها له أو قطعوا له
فيتعاطى لنفسه وينتظر ما غاب.
ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم فيمن أوصى بعدة دنانير مسماة بتلاً لا
تخرج مما خرج وله مالٌ غائبٌ فليُخير الورثة؛ فإما عجلوا له ذلك أو قطعوا
له بثلث الحاضر والغائب والعرض وغيره.
قال أصبغ فيه وفي العتبية (2): سواءٌ أوصى بدنانير بعينها أو بغير عينها
إذا لم يُخرج/ مما حضر؛ فهو سواءٌ عند أصحابنا، في قول مالك وأصحابه. وأنا
أتبعهم فيه، وأرى في الاستحسان؛ إن كانت دنانيرُ بعينها، أوصى بها، ولا
يحملها الثلث ويأبى الورثة، فليُعط الثلث من كل شيءٍ – يريد: على أحد قولي
مالكٍ- وأخذ ابن القاسم بقوله الآخر أن يأخذ مجمل الثلث، فأرى ذلك إما
فعلوا ذلك أو قطعوا له بالثلث من كل شيءٍ.
__________
(1) البيان والتحصيل، 13: 209.
(2) البيان والتحصيل، 13: 268.
(11/419)
قال أصبغ: فأما بدنانير غير معينة، فهي
جائزة في المال، وكشركه فيه، ويأخذ من كل ما حضر، من ثلثه، ومن ثلث كل ما
ينض؛ من تقاض أو بيعٍ حتى يتم ما أوصى له به ولا يكون له ثلث كل شيءٍ.
قال ابن المواز: ولا يعجبنا قوله، ولا أعجب أحداً من أصحابنا. والصوابُ
قولُ مالكٍ، وابن القاسم، وأشهب. وتفسير قول مالك في الموصى له بمائة، ولم
يقل: مُعجلة. على أنها على التعجيل أبداً، حتى يتبين أنها غير ذلك. ولو كان
له مالٌ حاضرٌ يباع منه بالمائة، إلا أن ثلث ما حضر لا يفي بها، وله مالٌ
غائبٌ، ودينٌ. ولم يحضر ما يمكن بيعه لذلك.
يقول أصبغ: يؤخذ من ثلث كل شيء مما حضر، ثم كلما نض شيء أخذ ثلثه إلى مبلغ
المائة، لا يعتدل لأن الملي أراد تعجيل المائة، فلم يُنفذ له ذلك، ولا
انتزع له من الورثة ثلثه، فصار للورثة أكثر من الثلثين، ولا يجتمع للورثة
هذا. وهذا ما أنفذوا وصية الميت على قوله. والآخر حاز من ثلث المائة كله،
ما عُلم منه وما لم يُعلم إلى الموصى له. وإن لم تكن لهم حُجةٌ أنفذ عليهم
ذلك، وإن كرهوا.
وقال ابن القاسم فيمن أوصى بدنانير،/ وترك عروضاً، وليس له مالٌ غائبٌ: إنه
لا يخسرها هنا وتُباع عروضه ويُعطى المائة من ثلثها. وإذا أوصى له بعبدٍ
بعينه فلا يُعجل له حتى يجتمع المال. وإذا كانت عروض الميت حاضرة يمكن
بيعها وفيها ما تُخرج الوصية من ثلثها بدأتُ الوصية، ولم أنتظر البيع.
قال ابن المواز: إذا كان ماله عروضاً أو حيواناً أو طعاماً، وذلك حاضرٌ فهو
كالعين الحاضر لا تخيير فيه؛ بخلاف الدين والمال الغائب. ولتُعجل وصية
الميت إن أوصى بشيءٍ. فإذا ترك مائةً عيناً، وقد أوصى بمائة وباقي التركة
عروضٌ وحيوانٌ حاضرٌ فلا يُنتظر بيعُ ذلك وليأخذ الموصى له المائة إن حملها
الثلث.
قال ابن القاسم: وكذلك إن أوصى لد بدنانير والتركة كلها عروضٌ حاضرةٌ، فليس
عليهم خلعُ الثلث، إن لم يصبر حتى تُباع العروض ويُعطى. وكذلك لو
(11/420)
أوصى له بعبدٍ ولم يُعجل له حتى يعرف
الورثة بحميل المال بالقيمة. محمدٌ: ليُعرف خُرُجُه من الثلث.
ومن المجموعة قال عبد الملك: وإذا أوصى بعشرة دنانير بعينها لم يدع عيناً
غيرها، وله أموال كثيرة، منها البعيد غيبته والأصل البطر بيعه، والدينُ
الميتُ، وإما دفعوا العشرة وإلا قطعوا له بالثلث من الجميع. وقد أعتق النبي
– علية السلام- ثلث العبيد الذين أعتق الميت جميعهم، فمنع بعضهم العتق
والميت قد أشاعه فيهم (1).
قال: وعلى هذا جماعة أهل المدينة. واحتج غيره في غير المجموعة بما وافقنا
عليه المخالف/ من جناية العبد ما يقل أرشه، فيأبى سيده أن يفديه ويُسلمه
فيُسلم كثيراً في قليل إذا أبى أن يفديه. فكذلك على الورثة للميت في إنفاذ
وصيته أو إسلام تركته.
قال ابن حبيب: قال مالك وابن الماجشون فيمن أوصى لرجل بعشرين ومائة دينار
وليس له حاضرٌ إلا مائة دينارٍ، وله مالٌ غائبٌ؛ فإنه يُخير الورثة؛ فأما
أعطوه المائة الحاضرة وأتموا له من الغائب باقي وصيته وإلا قطعوا له بثلث
جميع التركة من حاضر وغائب.
ومن العتبية (2) قال أصبغ عن ابن القاسم فيمن لم يترك إلا ثلاثة أدوار،
وأوصى بخمسة دنانير لرجل فأبى الورثة أن يعطوها له؛ فلابد أن يعطوه ذلك،
ويقطعوا له بثلث الميت؛ ولا يبيع السلطان من دوره بخمسة دنانير؟ قال: لا.
وقاله مالكٌ، فيه وفي المال الغائب والعين. وقال عنه عيسى، وذكره عنه ابن
المواز، وابن عبدوس، وابن حبيب، عن أصبغ عنه.
__________
(1) انظر: الموطأ كتاب العتق باب من أعتق رقيقاً لا يملك غيرهم.
(2) البيان والتحصيل، 13: 297.
(11/421)
وإن كان له زرعٌ أخضر أو ثمرة صغيرةٌ،
وأوصى بوصايا يضيقُ عنها ثلثُه، وترك رقيقاً، وأوصى بوصايا، فإن كانت
الوصايا بمال، فليُبع الرقيق، ولا توقف، ويُعطى لأهل الوصايا ثلث ما نض.
فإذا حان (1) بيعُ الزرع والثمر، بيع فأخذوا ثلث الثمن، وأما إن كان في
الوصايا عتقٌ وأوصى ببعض الرقيق لأحدٍ فلا يُباع من بقية وصيه منهم،
ويوقفون. وإذا حل بيع الزرع بيع، ولا يُقسم من المال شيءٌ؛ لا ثلث ولا غيره
حتى يُباع الزرع، إلا أن يجيز الورثة ذلك فيقتسمون بقية المال ويبقى لهم
الزرع.
ولو أوصى بعتق جميع الرقيق لم يُعتق منهم أحدٌ حتى يحل/ بيعُ الزرع فيباع
ويُعتق منهم محملُ الثلث.
قال العُتبي: وروى مثله أصبغ. قال أصبغ: إلا أن يطول أمرُ الزرع فيكون أول
ما بذره، ويتأخر الأشهر الكثيرة، وفي ذلك عنتُ الحيوان، والضرر على العبد،
فليُعتق منهم محمل ما حضر، ويُرجأ الزرع، ويلي هذا باب في الوصية بالعتق
وله مالٌ غائبٌ.
فيمن أوصى بعتقٍ أو ترك مُدبراً
وله مالٌ حاضرٌ لا يُخرج من ثلثه
وله مالٌ غائبٌ أو دينٌ مُؤجل يُخرج منه،
وكيف إن كان عليه دينٌ؟
من كتاب ابن المواز والمجموعة، روى أشهب عن مالكٍ إذا أوصى بعتق عبده وله
مالٌ حاضرٌ وغائبٌ ولا يُخرجُ من ثلث الحاضر؛ فإنه يوقف العبد لاجتماع
المال فيُقوم إذا اجتمع ويُعتق. وقاله ابن القاسم.
__________
(1) في الأصل، فإذا حاز.
(11/422)
وهذا فيما يُقبض إلى أشهر يسيرة، أو عرض
يُباع. وأما ما يبعدُ جداً وتبعُدُ غيبته فليُعجل العتقُ في ثلث ما حضر، ثم
إذا قُبض ما بقي أتم فيه.
قال ابن المواز: وقال أشهب: بل للعبد أن يُعجل منه عتقُ ثلث الحاضر حتى لو
لم يحضر غيره لعُجل عتقُ ثلثه ويوقف باقيه، فكلما حضر شيءٌ من الغائب زيد
فيه عتقُ ثلث ذلك حتى يتم أو يوأس من مال الغائب. قال: ولا أرى أن يوقف
جميعُ العبد لاجتماع المال، وإن كان قد قاله لي مالكٌ.
ومن المجموعة وقال سحنون: إنما يُعجل منه ثلث ما حضر إذا كان في ذلك ضررٌ
على الموصي والموصى له فيما يشتد مطلبه ويعسرُ جمعُه فيُعجل/ عتقُ ما حضر.
ولم يأخذ بقول أشهب؛ أنه يُعجل منه عتقُ ما حمل ثلث الحاضر ويوقف باقيه،
فكلما نض من الغائب شيءٌ زيد فيه عتق.
قال سحنون: لو كان هذا، لأخذ الميتُ أكثر من ثلثه؛ لأنه استوفى ثلث الحاضر
وصار باقي العبد موقوفاً عن الورثة. وقال عبد الملك: يُستأنى، ويجمعُ ما
يقدرُ عليه؛ فأما ما يعسرُ مطلبُه، ويشتد جمعه (1)؛ فليُعجل العتق في ثلث
ما حضر، ثم ما جاء أخرج فيه ثلثه.
قال ابن المواز: إن كان المال الغائب غير بعيدٍ، وكان مجيئه قريباً انتُظر
به كما يُنتظر بالميراث. وإن كان بعيداً مثل الأشهر الكثيرة والسنة فأكثر؛
نُفذ ثلث الحاضر وأنفذ الميراث. وكذلك لو يُئس من الغائب، ولو كان مع ذلك
وصايا؛ خُير الورثة في إنفاذ الوصايا أو القطع بثلث الحاضر والغائب فأبدئ
العتق فيما حضر. وفيما بقي فلأهل الوصايا. وإما إن أوصى بعتقٍ وجميعُ ماله
في عروضٍ حاضرةٍ، أو دورٍ حاضرةٍ أو غائبةٍ، والرقيق يُخرجون من ثلث ذلك لو
بيع، لعُجل عتقهم. وكذلك روى أشهب، عن مالكٍ إن أوصى بعتقٍ وله دورٌ، فطلب
الورثة التأخير حتى تباع الدور فليس لهم ذلك، ويُعجل عتقُ العبد إذا حمله
الثلثُ.
__________
(1) في الأصل، ويشبه وجهه واقتضى سياق الكلام أن يعوض ذلك بما أثبتناه.
(11/423)
قال ابن حبيب: قال أصبغ، فيمن أعتق عبده في
وصيته وعليه دينٌ محيط بالعبد وليس له غيره، وله مالٌ غائبٌ يُخرج من ثلثه
بعد الدين، وإن كان الدينُ ببلد بعيد مثل مصر من الأندلس بيع العبدُ في
الدين. فإذا قدم المال رُد البيعُ، وأُعتق/ في ثلثه أو مما حُمل منه ثلثه
بعد الدين. وإن كان قريباً لا يضر الغريم أخر العتقُ حتى يقبض الغريم دينه.
قال ابن القاسم في المجموعة: ومن ترك مُدبراً – يريد: ليس له مالٌ حاضرٌ
غيره- وله دينٌ مؤجل إلى عشرين سنة ونحوها فإنه لا يوقف وليُبع ذلك من
الدين بما يجوز بيعه ويُعتق في ثلثه. فإن كان المديان غائباً بعيداً، مثل
مصر من الأندلس، كُتب فيه، ووُكل عليه، وأوقف المُدبر، فإما يقبض إن حل، أو
يُباع المؤجل هناك، ممن معه بالبلد، وأما إن يُئس من الدين، أو عُدم
الغريمُ، أو طالت الغيبة منه، فليُعتق ثلث ما حضر، ويُرق ما بقي منه. ثم إن
جاء شيءٌ من الدين، زيد فيه من ثلثه إن كان بأيدي الورثة.
قال غيره: وإن كان باعوه، لرُد حتى يُعتق في ذلك، أو بعضه، ويُعطى المشتري
من ذلك الدين ثمن ذلك. وإن لم يُعتق كله، لم يكن له رد ما رُق منه إلى
الورثة.
وقال المغيرة: الموصى بعتقه، فلا يحمل الثلث عتق نصفه، فيعتقُ الورثة باقيه
ويصير حُراً كله، ثم ظهر للميت مالٌ يخرج فيه بعد أن مات العبدُ، فالمال
الطارئ للورثة، وليس عليهم أن يجعلوه في رقبة. وإن كان لو كان حاضراً.
لعُتق فيه العبد.
وقد تقدم في الباب الذي هذا عقيبُه مسألة من هذا، هي آخر ذلك الباب.
وفي باب بعد هذا، في الوصية بالغلة شيءٌ من معنى هذا الباب.
(11/424)
فيمن أوصى بخدمة عبده أجلاً أو حياة فلانٍ
ثم هو لفلان أو راجع إلى ورثته
أو قال: هو لفلانٍ بعد سنة
أو أوصى أن تُكرى داره من فلانٍ وأوصى بالوصية/
من كتاب ابن المواز، وغيره، قال مالكٌ وأصحابه: ومن أوصى بخدمة عبده، أو
سكنى داره، أو غلة حائطه عُمرى، أو أجلاً، ولم يبتل الرقبة. فإن حمل الثلث
الرقبة جاز ذلك. وإن لم يحملها خُير الورثة بين الإجازة أو القطع له بثلث
الميت كله. قال محمدٌ: لأنا لو وقفنا محمل الثلث منه فقطعنا منه ذلك إلى
الورثة؛ فلا وصية الميت نفذت، ولا استوعبنا له ثلثه. وإن أوقفنا أكثر ظلمنا
الورثة، فلابد لمن لم يرضوا من خلع الثلث الذي لا يدفع عنه الميت فيكون
لأهل الوصايا.
وكذلك لو قال: عبدي لفلانٍ، بعد سنة. أو قال: يخدم فلاناً سنةً ثم هو
لفلان. وهذا في كل ما يرجع إلى الورثة منه عاقبة نفعٍ. وأما ما يوصي ثابتاً
له بعينه فلم يحمله الثلث، فيقطع فيه بعينه بمحمل الثلث إن لم يجيزوا. وهو
الذي رجع إليه مالكٌ بعد أن قال: يأخذ الثلث من كل شيءٍ وهذا قد تقدم.
وإذا كان في الوصية مع هذه المعينات وصيةً بخدمة عبدٍ أجلاً، أو عمراً أو
قال: هو لفلانٍ بعد سنة. ولم يجيزوا، وضاق الثلث، فسلم الورثة الثلث،
فليتحاصوا أهل الوصايا، فيضرب أصحابُ المعينات بقيمة الأعيان. فما وقع لهم
أخذوه فيها، ويضرب من له خدمةٌ بقيمة الخدمة، ومن له مرجع رقبة بعد سنة
بقيمة مرجعها على ضررها فما صار لهما كانا به شريكين للورثة في جميع
التركة. وبه قال أشهب، وأصبغ، وابن المواز. وقال ابن القاسم: إذا صار مع
الأعيان/ وصايا في غير أعيان من خدمة ونحوها، وخلع الثلث؛ تحاصوا، وشارك
الورثة أهل الأعيان وغيرهم في جميع التركة. ولا يأخذ أهل الأعيان في
أعيانهم. وأنكره أصبغ. وأما الموصي بغلة حائطه للمساكين فهو كالتمليك لأنه
على التأبيد، فهذا يكون
(11/425)
للمساكين مالهم في رقبة الولد، كمن أوصى له
بالأعيان. وقد ذكرتُ لك هذا في باب بعد هذا.
قال ابن القاسم: ولو مات المُعين من عبد أو دابةٍ قبل خلع الثلث، فكأنه لم
يكن، ولا يدخل الموصى له مع من بقي من أهل الوصايا في ثلث ما بقي، ولا أن
يموت بعد أن قطع لهم بالثلث، وسُلم إليهم، فضمانُه منهم أجمع كالشركاء.
ويتحاصون فيما بقي، وكذلك لو تلف شيءٌ آخر مما أسلم إليهم. وقاله أصبغ.
قال محمد: وهذا من قول أصبغ كسرٌ للقول الذي خالف فيه ابن القاسم – يريد:
في الدنانير المعينة – وقد تقدم ذكره.
قال ابن القاسم: هذا إن كان مع المعينات وصايا مبهمة من عتقٍ ورقابٍ
وخدمةٍ. فأما إن كانت كلها معينة، فما مات فمن صاحبه؛ لأنه إنما يُضرب له
فيه بعينه في الحصاص.
قال ابن القاسم، وأشهب: ولو قال: عبدي يخدُمُ فلاناً سنةٌ ثم هو لفلانٍ، لم
يكن فيه تخيير على الورثة؛ لأنه بعينه لا يرجع. فما حمل منه الثلث بُدي فيه
صاحب الخدمة. وكذلك إن كان معه وصايا، وإنه يحاصص بقيمة رقبته، فإن وقع له
نصفه بُدئ فيه المُخدمُ بخدمة ذلك النصف أجلاً، أو عمراً ثم عاد إلى صاحب/
الرقبة. ولو مرض أو أبق حتى تمت المدة أخذ النصف صاحبُه وتبطُلُ الخدمةُ.
قال ابن القاسم في المجموعة: وللورثة نصيبهم منه. قال ابن القاسم في كتاب
ابن المواز: وما وقع لمن أوصى له بمال أو بخدمة فهو شريك للورثة في جميع
التركة. وإن أوصى لرجل بخدمة عبده سنةً، ثم برقبته لآخر، وبخدمة عبدٍ آخر
لرجل سنةً. وجميع التركة تبلغ ستين ديناراً، وقيمةُ العبدين ثلاثون، ولم
يُجز الورثة، فليضرب في الثلث صاحب مرجع الرقبة بقيمة رقبته، فما صار له
فيها بُدي عليه فيه صاحب الخدمة بخدمته، ويُحاص الآخر بقيمة الخدمة، فما
صار له كان شريكاً به للورثة. وإن أوصى لرجل بخدمة عبده سنةً ولم يحمله
الثلث، فقال
(11/426)
الورثة: نحن ندفع ما حمل الثلث منه، يختدمه
الموصى له ثلاث سنين، ليستوعب وصيته. فليس ذلك لهم؛ أرأيت لو كان يرجع إلى
حريةٍ، أيُؤخرُ؟ وإن أوصى لرجل بخدمة عبده ثم أوصى بعد ذلك لرجلٍ بغلته؛
فالغلة والخدمة سواءٌ، فإن حمله الثلثُ اختدماه، أو استعملاه بالسوية. وإن
لم يحمله؛ فإما أجاز الورثة، أو قطعوا لهما بثلث التركة، ولو أوصى بخدمته
لرجل كان له أن يستعمله.
ومن كتاب ابن عبدوس، قال أشهب: وإذا أوصى أن عبده لفلان بعد سنة، ولا يحمله
الثلث، فإما أجاز الورثة وإلا نطقوا له بثلث الميت من كل شيءٍ.
قال ابن وهب عن مالك: ومن أوصى أن يخدم عبده فلاناً حياته ولم يترك غيره؛
فإما أجاز الورثة أو قطعوا له بثلث العبد بتلاً.
قال ابن الماجشون:/ ومن أوصى لرجل بخدمة عبده حياته، ثم بخدمته من بعده
لآخر حياته ولآخر بمائة دينار، ولم يترك غير العبد فليتحاصوا صاحبا الخدمة
بالتعمير وصاحبُ المائة بالمائة، فإن كان تعمير العبد أو تعمير المؤخر أقل
من تعمير الأول أو مثله فلا حق للثاني إذا كان تعمير العبد أقل من تعمير
الأول لم تُبال بعمر الثاني، كان أقل أو أطول. فإنما يتحاص صاحبُ المائة،
مع الأول وحده، فيضرب الأول بالأقل من عمره، أو عمر العبد. وإن كان تعمير
العبد، أطول من الأول، ويبقى منه ما يدرك الثاني، ضرب الأول بتعميره،
والثاني بعده بالأقصى من عُمره وعمر العبد. وإذا كان عمر العبد أطول منهما
لم يضرب الثاني إلا ببقية عمره بعد الأول.
وإذا قال: ثم هو بعد الخدمة حر، تحاصوا في عمله. وإن قال: يخدم فلاناً
حياته عشر سنين، ولفلانٍ مائة دينارٍ. فإن كان عمر العبد مثل عمر الأول
فأقل، ضُرب للأول وحده بأقلهما. وإن كان أكثر من الأول ضُرب للأول بعمره
وضُرب للثاني بالأقل من عشر السنين ومن بقية عمر العبد بعد الأول. ولو بدأ
بصاحب الستين، فإن كان عمرُ العبد أطول منهما، ضُرب ذو الستين بسنيه،
والباقي ببقية عمره بعد الستين. وإن كان عُمرُ العبد يأتي على الستين وبعض
عمر الثاني،
(11/427)
ضُرب الأول بسنيه، والباقي ببقية عمر
العبد. ولو كان عمرُ العبد قدر الستين، فأقل، ضُرب ذو الستين بالأقل منها
أو من عُمر العبد وذو المائة بمائة وسقط الثاني.
ولو قال: يخدم عبد الله حياته،/ ويخدم خالداً عشرةً من بعد زيدٍ، ولا وصية
لزيدٍ فلينظر، فإن كان عمرُ العبد أقل من عمر زيدٍ فلا حق لخالدٍ. وإن كان
أكثر من عمر الثلاثة، بباقي عمره بعد الرجلين، وصاحب المائة بمائة. وإن كان
عمر العبد تأخر عن عبد الله (1) وزيد وبعض عمر خالد لم يضرب خالد إلا بما
يبقى من عمره بعد الأولين إلى مبلغ عمر العبد. وإن كان عمرُه أقل من عمر
زيدٍ ضرب عبد الله بعمره، والورثة بما بلغ العبدُ من عمر زيدٍ ورُد المائة
بهما، وإن كان عمر العبد مثل عمر عبد الله فأقل؛ لم يضرب إلا عبد الله
وصاحب المائة.
قال أشهب: وإن أوصى؛ أن عبدي يخدم فلاناً سنةً ثم هو لفلان بعد سنتين، فإن
حمله الثلث خدم الأول سنةً ثم الورثة سنةً ثم أخذه الآخر. وإن كان العبد
قدر ثلثي الميت، فلا أجعل نصفه يخدم هذا سنةً والورثة سنة ثم يأخذه الآخر،
فيكون الميت لم يُستوف ثلثه ولا وصية، ولكن يتحاصان في الثلث؛ هذا بقيمة
خدمته سنةً، وهذا بقيمة مرجع الرقبة على غررها، فيكونان شركاء للورثة بما
أصابهما في جميع التركة.
قال ابن القاسم: ومن أخدم عبده رجلاً حياته ثم مرض فأوصى لرجل بمرجعه
وبوصايا لغيره وضاق الثلث، فليتحاصا فيه؛ هذا بمرجع الرقبة على غرره،
والموصى لهم بوصاياهم ثم هم شركاءُ للورثة في جميع التركة.
وقال ابن كنانة: إذا خُلع الثلث نظرت إلى قيمة العبد؛ لأن على مرجعه يُحاص/
به في الثلث، فأخذ قدر مرجعه، فإذا رجع العبد كان من أهل __________
(1) في الأصل، سقطت عن من هذه الجملة.
(11/428)
الوصايا. إن كان ابن كنانة يعني أن قيمة
مرجعه ضم، إلى التركة إذا حالت الوصايا، فكذلك يكون مرجعه بين الورثة وأهل
الوصايا. وإن أراد أن يُضم إلى التركة ثم يُقرب مرجعه لأهل الوصايا يُحسب
عليهم، فليس عليهم ذلك؛ لأن الوصايا حالت وصاروا شركاء للورثة في جميع
التركة.
ومن كتاب ابن المواز: ومن أوصى بخدمة عبده حياته رجلاً، وأوصى بوصايا
لغيره، ولم يدع غير العبد، فأجاز الورثة الوصية بالخدمة، فليُبع ثلث العبد،
فيُحاص في ثمنه أهل الوصايا، وصاحبُ الخدمة بالتعمير، فما صار له أخذه
بتلاً، ثم يستخدم ثلثي العبد حياته، ثم يرجع إلى الورثة. وقاله أصبغ؛ انظر
بكم يحاصص، أبالخدمة من كلها؟ أم بثلث الخدمة؟ لأن ثلثي الخدمة حصا له
كاملاً. وإن أوصى؛ أن يخدُم عبده فلاناً، ولم يؤقت حياته، ولا أجلاً،
وبرقبته لفلانٍ، ولم يقل: من بعده. فقال ابن القاسم: يتحاصان؛ هذا بقيمة
خدمته حياته، وهذا بقيمة مرجع رقبته.
وقال أشهب: يُبدأ بالمخدم، فيخدمه حياته، ثم تكون رقبتُه للآخر. وإن لم
يُخرج، فما خُرج منه على هذا المعنى.
قال ابن المواز: وهذا الصواب في أصل مالكٍ. وقد قاله ابن القاسم، فيمن أوصى
لرجل بخدمة عبده حياته ولآخر برقبته وبوصايا؛ أنهما يُحاصان بقيمة الرقبة،
ثم يبدأ صاحب الخدمة.
قال ابن عبدوس: قال ابن القاسم، وأشهب: ومن أوصى، أن يُكري دارة من رجلين
سنين مُسماة بكذا. فإن حملها/ الثلث: أنفذ ما قال، وإلا خُير الورثة في
إنفاذ ذلك، وإلا قطعوا له بثلث جميع تركته بتلاً.
(11/429)
فيمن أوصى في ثلاثة أعبدٍ له برقابهم
لرجلٍ،
أو بأحدهم وبخدمة أحدهم لرجل آخر،
وبوصايا غير ذلك
من كتاب ابن المواز، المجموعة، قال أشهب، فيمن لم يترك إلا ثلاثة أعبدٍ؛
قيمتُهم سواءٌ، فأوصى برقبة أحدهم لرجل، وبخدمة الآخر لرجل حياته. قال:
يتحاصان في ثلثهم؛ يضرب المُخدم بقيمة مخدمته أقل العمرين على غررها، غير
مضمونة إن مات أحدهما قبل ما جُعل له من التعمير؛ فما صار له كان به شريكاً
للورثة. ويُحاص الآخر بقيمة الرقبة، فما صار له أخذه في العبد بعينه.
قال: والورثة مخيرون فيما صار لصاحب الخدمة في الحصاص بين أن يكون شريكاً
للورثة، ويُحاص الآخر بقيمة الرقبة، فما صار له أخذه في العبد بعينه.
قال: والورثة مخيرون فيما صار لصاحب الخدمة في الحصاص لهم، وبين أن يُسلموا
إليه العبد؛ يختدمه إلى أجله. وهذا التخيير للورثة إن شاءت بدأت به قبل
الحصاص أو بعده. وكذلك لو أوصى مع ذلك بالثلث، والثلث ثلاثون، والعبد
الموصى له قيمته ثلاثون، وقيمة الخدمة خمسة عشر؛ فالثلث بينهم على خمسة،
والمال كله خمسة عشر جزءاً؛ فلصاحب العبد جزءان، ولصاحب الخدمة جزءٌ،
ويُسهم لصاحب العبد بأحدهما في العبد فيصير له خمساه/ ويبقى ثلاثةً عشر
جزءاً من التركة في عبدين وثلاثة أخماس عبدٍ؛ للورثة عشرةٌ، ولصاحب الثلث
جزءان، ولصاحب الخدمة جزءٌ. وهم في الجميع شركاءُ.
ولو أوصى برقابهم لرجل، وبخدمة أحدهم لرجل حياته، فأثلاثهم لصاحب الرقاب؛
يبدأ منهم صاحب الخدمة بخدمة ثلث الذي فيه الخدمة، فإذا مات رجع إلى صاحب
الرقاب. ولو حملهم الثلثُ فعجل صاحب الرقاب اثنين منهما، وبُدئ المُخدم
بالثلث بخدمة، فإذا مات رجع إلى الآخر.
ولو لم يملك غيرهم، فأوصى بثلث كل عبد منهم بتلاً، ولآخر بثلث واحد بعينه
بتلاً؛ قال: فلكل واحد ثلاثة أرباع وصيته فيصير للموصى له بثلث كل
(11/430)
عبدٍ والموصى له بثلث العبد ربعُ ذلك العب،
ويصير نصفه للورثة مع ثلاثة أرباع الآخرين.
ولو أوصى لرجل بثلثهم، ولآخر بخدمة جميع أحدهم- يريد: حياته- فليُحاص
الموصى له بالخدمة بقيمة ثلثي خدمة ذلك العبد كله على حدة، وبقيمة ثلث
رقبته على حدة، ويُحاص الآخر بقيمة ثلث رقبة الباقين؛ فما وقع له منهما،
كان له بتلاً، وما وقع للنُخدم بثُلثي الخدمة، كان به شريكاً للورثة في
بقية التركة. وما وقع له بثلث رقبته، بُدئ فيه بالخدمة، فإذا مات رجع ذلك
الثلث إلى الموصى له به، فإن شئت حاصصت لصاحب الرقاب بأثلاثهم، فما وقع له
من ثلث المخدم بُدئ فيه صاحب الخدمة.
ولو أوصى لرجل بخدمة واحدٍ منهم، ولآخر بثلث ماله، كان الجواب سواءً، إن لم
يدع غيرهم.
قال محمد: وأحب إلي إذا أوصى/ له بالثلث، ولم يذكر العبيد، أن يُحاص هو
بالثلث، ثم يُحاصهم هو صاحب الخدمة. قال: ويُخير الورثة في جميع هذه
المسائل، وإما أسلموه، وإما أخذوه، وسلموا له الخدمة.
فيمن أوصى بخدمة عبده أجلاً أو عُمرى ثم هو حر
وأوصى مع ذلك بوصايا
أو أوصى بعتق عبده بعد كتابة وأوصى بوصايا
من المجموعة قال ابن القاسم في الموصي بخدمة عبده سنةً لرجل ثم هو حُر ولم
يترك غيره. وإن لم يُجز الورثة أُعتق ثلثه وزالت الخدمة. وقال أكثر الرواة:
قال أشهب: وكنتُ أقولُ: يخدُمُ ثلثه فلاناً سنةً ثم هو حُر إذ كانت الخدمة
مُبداةً في عتقه كله، وكذلك في عتق ثلثه، ثم رأيت أن يُبدأ العتقُ على
الخدمة، لما حالت وصيةُ الميت. وكان مالكٌ يقول القول الأول، ثم رجع إلى
هذا، وقاله ابن كنانة.
(11/431)
وقال أشهب: وإن شاء الورثة أن يجيزوا عتقه
كله إلى الأجل، ويكون للمُخدم من خدمته قدرُ محمل الثلث من رقيقه، فذلك
لهم.
وإذا أوصى أن يُكاتب عبدُه بكذا، وأوصى لرجل بمائة، والعبد هو الثلث،
فالكتابة مُبداةٌ كالعتق، ثم نظرنا فلم يبق من الثلث غيرُ مالها، فيُقال
للورثة: إما أديتم المائة للموصى له ثمناً ولكم الكتابة، وإما يعجز فيرق
لكم، أو يُعتق وولاؤه للميت. وإلا فسلموها لصاحب الميت.
ولو أوصى رجلٌ أن يُؤخذ من عبده كذا ويُعتق فلم يحمله الثلث/ فإما أجازوا
ذلك، وإلا عتقوا منه ثلث الميت بتلاً. وقاله علي عن مالك. وكذلك روى ابن
القاسم وأشهب عن مالكٍ؛ إذا أوصى أن يُكاتب بكذا. وذكر مسألة ابن القاسم عن
مالكٍ؛ إذا أوصى بعتق عبده بعد سنة وأوصى بوصايا وقينتُه أكثر من الثلث،
فإما أجازوا وإلا عُتق منه بتلاً محمل الثلث وزالت الوصايا.
قال سحنون: ولا أعلمُ في هذا اختلافاً بين الرواة.
قا أشهب، فيه وفي الموصي؛ أن يُكاتب ولا يحمله الثلث، فإن أجازوا ما قال
الميت في العبد من ذلك، قيل لهم: فأنتم مُخيرون أيضاً بين ظان تدفعوا ما
أوصى به الميت من مال ويبقى لكم ما بقي في العبد من خدمة أو كتابة. وإلا
فأسلموا من الخدمة أو الكتابة إلى الموصى له بالمائة قدر محمل الثلث من
رقبته.
قال في كتاب ابن المواز: فإن عجز المكاتب كان لهم ذلك.
وقال أشهب، في المجموعة: حُر إذا أبق. أما قال في الخدمة أو الكتابة؛ عجل
زمنُه عتق محمل الثلث، وبطلت الوصايا. وإن كان العبد أقل من الثلث أعتق إلى
الأجل ثم خُير الورثة بين إجازة الوصية بالمائة أو إسلام باقي الثلث مع
الخدمة أو الكتابة. وذكر مسألة ابن القاسم في الموصي بعتق عبده بعد خدمةٍ
لرجل وبمائة دينار لرجل آخر. والعبدُ هم الثلث؛ فذكر تبدية العتق إلى
الأجل، ومحاصة صاحب المائة وصاحب الخدمة في الخدمة.
(11/432)
قال أشهب: وتُقوم الخدمة غير مضمونة، فلا
مرجوع فيها بشيءٍ إن مات العبدُ في غدٍ. وكذلك لو أوصى/ أن يُكاتب عبدُه،
وأوصى بالكتابة لرجل، ولرجل آخر بمائة دينار، والعبدُ هو الثلث فتُبدأ
الكتابة، ثم يتحاص فيها صاحب المائة وصاحب الثلث، فما وقع لصاحب الثلث خُير
الورثة، فإن شاؤوا أخذوه ودفعوا إليه مائةً وإلا تركوه، ما وقع لهم. قال
ابن القاسم وأشهب: وإن كان العبد أقل من الثلث قُدم العتق ويُحاص صاحب
الخدمة بقيمتها وأهل الوصايا بوصاياهم في بقية الثلث وفي الخدمة، فيأخذ أهل
الوصايا ما صار لهم في التركة وفي الخدمة، ويأخذ أهل الخدمة ما صار لهم في
الخدمة، ولو كان أهل الوصايا أوصى لهم في شيءٍ بعينه أخذوا فيه ما نابهم.
قال ابن القاسم: يضرب المُخدم بقيمة الخدمة في الخدمة وفي بقية الثلث، ولا
يُجمع له حقه في الخدمة. وإن كان العبد أكثر من الثلث أُعتق منه محمل
الثلث، وسقطت الوصايا.
ومن كتاب ابن المواز قال أصبغ: ولو قال: هو حُر بعد سنة- ولم يوص بخدمته-
ولفلان مائة دينار؛ والعبد هو الثلث، أعتق إلى الأجل، ولم يبق من الثلث غير
الخدمة، فإما أخذها الورثة وأعطوا للموصى له بالمائة الدينار مائة دينارٍ،
وإلا أسلموا إليه الخدمة.
وإن لم يحمله الثلث، خُيروا بين إبتال محمل الثلث منه وتبطل الوصية. وإلا
أعتقوه إلى الأجل وسلموا خدمة ما حمل الثلث من رقبته إلى صاحب المائة أو
يعطونه المائة ويأخذون (1) تلك الخدمة. ولو كان مع المائة وصايا، كانوا
شُركاء في تلك الحصة من الخدمة إن لم/ يُعطِهم الورثة وصاياهم.
وإذا أوصى لرجل بخدمة عبده حياته ثم هو حُر، ولآخر بثلث ماله؛ والعبد قدرُ
الثلث، فليُبدأ العتقُ إلى مدتة، وتبقى الخدمة في بقية الثلث يتحاص فيها
صاحي الثلث بمبلغه، والمُخدمُ بقيمة الخدمة، فتكون الخدمة أو إجارتُه – إن
__________
(1) في الأصل، أو يعطوه المائة ويأخذوا تلك الخدمة بإسقاط نون الرفع في
الفعلين بغير موجب لذلك.
(11/433)
كان يُؤاجرُ- بينهما بقدر ذلك. فإن مات
العبدُ عن مالٍ قبل المُخدم فماله لأهل الوصايا دون المُخدم ودون الورثة؛
لأن وصية المُخدم في عينٍ قد ذهبت.
وإن لم يحمله الثلث، خُيروا بين أن يعتقوه إلى حياة المُخدم ويُسلموا إلى
الموصى له قدر خدمة ما يخرج من الثلث من رقبة العبد، فيتحاصان في خدمة ذلك
الجزء على ما وصفنا. فإن أبوا، أعتقوا منه بتلاً محمل الثلث، وتبطُلُ
الوصايا. وكذلك في الخدمة إلى أجل مُسمىً، وبوصية مائة دينار، فإن كان
العبدُ مع عشرة دنانير هو الثلث، أخذ العشرة الموصى له بالمائة، وهي عُشرُ
وصيته، فيُعطى أيضاً لصاحب الخدمة عُشر الخدمة، ثم يتحاصان في تسعة أعشارها
بقدر ما بقي لكل واحد من وصيته. فإن كانت قيمة الخدمة عشرة دنانير، فقد صار
عُشرها للمخدم، ويتحاصان في تسعة أعشارها على أحد عشر جزءاً؛ عشرة أجزاء
لصاحب المائة، وجزءٌ لصاحب الخدمة. ولو كانا في الثلث خمسين، أخذها صاحب
المائة في نصف وصيته، وأخذ صاحب الخدمة نصفها، ثم يتحاصان في نصفها بما بقي
لهما. فإن كان قيمة الخدمة كلها خمسين،/ تحاصا في نصفها على الثلث
والثلثين. وإنما تقوم الخدمة على أقل العمرين على غررها أيبلغها أو يبلغ،
فلا عهدة في ذلك ولا رجعة. قال أصبغ: فيأخذ صاحب الخدمة فيها، ويُخير
الورثة فيما ناب صاحب المائة أن يفدوه منه ببقية المائة، أو يدعوا ما أصابه
من الخدمة.
قال ابن مُيسر: واختلف إذا انكشف الأمر على خلاف ذلك التفسير؛ قال أشهب:
يُؤمر الخدمة. قال ابن مُيسرٍ: يُؤتنف الحصاص مرة أخرى. وقال ابن القاسم:
لا يُرد ذلك لحكم مضى. قال أصبغ: ومن أوصى بخدمة نصف عبده لرجل حياته، ثم
هو حُر مع نصفه الآخر، فلم يحمل الثلث إلا نصفه، فليُعجل عتقُ نصفه، وتسقط
الخدمة؛ لا تبالي أي نصفٍ عجلت.
وكذلك لو قال: يخدمُ كله حياته، ثم هو حُر، فلم يُحمل غيرُ نصفه، لعُجل عتق
نصفه إذا لم يُجز الورثة.
(11/434)
وكذلك لو أوصى أن يخدم عبده فلاناً حياته
ثم نصفه حر، فلم يسع الثلث إلا ثُلثيه (1) قال: فنصفه حر إلى الأجل، ويبقى
من الثلث سدس رقبته، وخدمةُ محمل الثلث منه، فيُخير الورثة بين أن يدعوا
جميع العبد يخدمُ إلى المدة ثم يُعتق نصفه. وإلا قطعوا للمُخدم ببقية الثلث
بعد نصف العبد؛ لأن نصفه قد أحاط به العتقُ وهو يختدمه. وبقية الثلث مع
تُسع ما يبقى للميت بعد نصف العبد وغيره، وهو قدر سدس قيمة العبد.
ومن العتبية (2) روى أبو زيدٍ عن ابن القاسم فيمن أوصى بخدمة عبده لرجل
سنةً ثم هو حُر، وعبدُه الآخر بعد سنة/ ولم يحملهما (3) الثلث؛ قال
يتحاصان، ولا يُبدأ أحدُهما.
وإن قال: عبدي ميمون يخدمُ فلاناً سنتين ثم هو حُر. ثم قال في العبد بعينه:
يخدُمُ فلاناً آخر سنةً. قال يتحاصان في خدمة السنين على الثلث لذي السنة،
والثلثين للآخر ولو بدأ بالسنة، ثم هو حُر لتحاصا في السنة ثم أُعتق إليها.
فيمن أوصى بخدمة عبده لابنه أمداً ثم هو حُر
وأوصى مع ذلك بوصايا هل يُؤاجرُ؟
وكيف إن مات الابنُ قبل الأجل؟ أو كان أجنبياً فمات؟
من كتاب ابن المواز روى ابن وهب عن مالك فيمن أوصى أن يخدُم ابنه عشر سنين
ثم هو حر، ولم يترك غيره ولم يُجز الورثة، فإن ثلثه يخدم جميع الورثة عشر
سنين- يريد: على المواريث- ثم يُعتق ثلثه. فأبى ذلك ابن القاسم وأشهب.
__________
(1) في الأصل، فلم يسع الثلث إلا ثلثاه بالألف عوض الياء.
(2) البيان والتحصيل، 13: 324.
(3) في الأصل ولم يحميهم الثلث.
(11/435)
وإن قال: أمتي تخدم ابني حتي يفطم ثم هي
حرة. فأجاز ذلك الورثة، ثم مات الصبي قبل وقت الفطام. قال: للورثة أن
يستخدموها؟ قال: لا. قال أشهب، فيه وفي المجموعة: من أخدم عبده أو أمته
ابنه أو ذا قرابة أو أجنبياً؛ فإن كان علي وجه الحضانة، والاختلاف فيه إلي
الكتاب والدخول والخروج ـ يريد: مسألة أدبه ـ أصبغ: إن لم يجز الورثة،
وقالوا: نعتق ثلثه بتلأ، وتبطل. قال أشهب: وقد رجع عنه مالك. فليس له أن
يؤجراه إلا في مثل ذلك من الحضانة والاختلاف.
محمد: إن وجد له مثل ذلك، وإن كان العبد ممن يصلح للغلة والتجارات فله أن
يستعمله فيما شاء مما يقوي عليه ويؤاجره ممن شاء. وإن كان / الموصي له ممن
لا يحتاج إلي حضانة، والعبد حاضر أو غائب، فله أن يؤاجره فيما شاء، ويختدمه
فيما شاء,
ومن المجموعة، قال ابن القاسم، وأشهب: وإن أوصي أن يخدم عبده فلانا سنة ثم
هو حر ثم مات وفلان غائب، فليؤاجر للغائب، إن خرج من الثلث حتي تتم السنة،
فيعتق. وإن قصد به الحضانة والكفالة لم يؤاجر، وليكاتب الرجل. فإن تمت
السنة ولم يقدم أعتق كما لو أبق فيها.
قال أشهب: توقف الإجارة للغائب، فإن ظهر أنه كان ميتاً يوم أوصي له بطلت
وصيته. وإن كان حياً أخذها. وإن لم يدر أحي هو أو ميت؟ أوقف ذلك حتي يأتي
عليه ما لا يعيش إلي مثله فيكون لورثة الموصي له، أو يأتي قبل ذلك بغير
موته، ولا يعلم مات قبل الموصي، أو بعده، فترد إلي ورثة الموصي، والعبد
بتمام السنة حر كان فيها يؤاجر أو لم يؤاجر أو أبق أو مرض.
قال أشهب: وإن أوصي بخدمة عبده لابنه أو لأجنبي سنة ثم هو حر، ولا مال له
غيره، ولا وارث له غير ابنه، فليعتق ثلث العبد وتسقط الخدمة، وكأنه قال:
نصف عبدي يخدم فلانا سنة ثم جمعيه حر ولا مال له غيره ـ يريد: بخلاف لو كان
وارثاً غيره ـ فتكون فيه الحصاص.
(11/436)
فاله في كتاب ابن المواز: ومن ترك ابنين،
وأوصي أن يخدم عبده أحدهما سنة ثم هو حر، ولم يدع غيره. فإن أجازا، وإلا
عجل عتق ثلثه. وإن أجاز المخدم وحده، عجل عتق نصيب الآخر، وهو السدس،
واستحق الثلث مكانة. ويخدم الآخر نصف العبد سنة ثم يعتق.
قال علي، عن مالك،/ فيمن أوصي بنصف ماله لقوم، وأوصي لآخرين من النصف
الباقي؛ لفلان بكذا، ولفلان بكذا، وما يبقي فللورثة. ثم قال: وعبدي فلان
يخدم ولدي عشر سنين ثم هو حر؛ قال ذلك نسقاً، فليبدأ بالعتق في الثلث، فما
فضل من الثلث فلأهل الوصايا وللولد؛ يتحاصون فيه بقدر وصاياهم، ويتحاصون
كذلك في خدمة المعتق إلي أجل، ويضرب الولد في ذلك كله بقيمة الخدمة.
قال ابن القاسم: وإن أوصي؛ أن أمته تخدم ابنه حتي يبلغ النكاح، ثم تخير في
العتق، فعتق إن شاءت. وأوصي بوصايا، وضاق الثلث، فإنها تخير الساعة، فإن
اختارت العتق وحملها الثلث؛ لا زيادة، أو ضاق عنها؛ عتقت إن حملها أو ما
حمل منها وسقطت الخدمة والوصايا. وإن كان الثلث أكثر من قيمتها، فإن أهل
الوصايا والورثة يتحاصون في بقية الثلث وفي خدمة الجارية أهل الوصايا
بوصاياهم، والورثة بقيمة الخدمة إلي مبلغ الولد النكاح. فإذا بلغت ذلك
خيرت، فإن اختارت العتق عتقت وسقط باقي الوصايا. وإن اختارت البيع بيعت،
فأتم لأهل الوصايا وصاياهم. وما صار للورثة، فإن أجازه له الورثة؛ وإلا فهو
بينهم علي المواريث.
ومن كتاب ابن المواز: ومن أوصي في عبد له أن يخدم ابنه خمس سنين، وابنته
سنتين ونصفاً، وهو بعد خمس سنين حر. فإن يخرج من الثلث كان حرا إلي سنين،
ولا تكون علي ما قال، ولكن علي الفرائض.
(11/437)
فيمن أوصي لرجل بغلة داره أو سكناها
أو بغلة نخله، ولآخر برقاب ذلك
وذكر النفقة علي النخل وغيرها
من كتاب ابن المواز، وأراه لأشهب: ومن أوصي لرجل بغلة داره، ولآخر بسكناها،
ولآخر برقبتها وهي الثلث، فالسكني والغلة سواء، ويبدآن صاحب الغلة وصاحب
السكني. فإذا انقرضا رجعت إلي صاحب الرقبة والمسكن، أم يكري وإن لم يحملها
الثلث، فما حمل منها عمل فيه هكذا. وإن كانت الثلث فهدمها رجل قبل موت
الموصي فعليه ما نقصها؛ يأخذه الموصي، ويورث عنه. وتبقي وصيته فيما بقي
منها. ولو هدمها بعد موته أدي ما نقصها فيلي منه ما بلغ؛ كان أكثر مما كانت
من الثلث أو أقل، ويكون لكل واحد من هذين أن يعمل، أو يسكن نصفها. فإذا
انقرضا صارت إلي صاحب الرقبة. وكذلك في البستان؛ يوصي لهذا بغلته، ولهذا
بتمرته، ولآخر برقبته علي هذا. قال: وللمخدم أن يختدم، أو يكري من غيره،
كالمكتري، وليس له أن يخرج العبد إلي بلد آخر، إلا أن يعلم الموصي أنه ممن
لا مقام له بالبلد. فإني أستحسن له أن يخرج به إلي بلده.
قال أشهب: وإن أوصي لرجل بغلة نخله، ولآخر برقابها، ولم يدرك، ولم يحمل،
فنفقتها ومؤنتها علي الموصي له بالغلة، كمن حبس علي رجل حائطا حياته،
فنفقته علي من له غلته لا علي من حبسه، ولا علي من له المرجع.
قال: وإن كانت النخل صغارا لم تدرك، لم يجز هذا، ويرد كأنه بيع بخطر أن
عليك نفقتها حتي يدرك. فإن مت أنت قبل ذلك رجعته إلي، فإن صحبت أنت إلي
بلوغها فلك غلتها / ما عشت فقد خاطره، وكذلك لو قال: أنفق علي هذا المميز
الصغير والطفل الرضيع، علي مثل هذا لم يجز ورد.
قال أشهب: وإن أوصي فقال: داري حبس علي فلان، ومرجعها إلي فلان، وعشرة
دنانير ـ يريد: وضاق الثلث ـ لم يكن عليهم إلا قطع ما حمل الثلث من تلك
الدار، فإن أوصي لغيرهما حاصهما في ذلك، فأما صاحب المرجع
(11/438)
فلا يحاص بالعشرة ـ يريد: إن لم تكن وصية
لغيره ـ وقال: لأن الميت استوعب ثلثه، ولم تحل وصيته في غير ما أوصي به.
قال ابن المواز: فيه من الحبس عليه حياته، ولا يكون لمن بعده إلا مرجع ذلك،
وإنما يحاص بالعشرة لأنه بدئ عليه غيره، فلما لم يبق بعد التبدية ما يوعب
وصيته لم يكن له ما بقي؛ لأنه مبدأ عليه ـ إنما أراد: لا يحاص صاحب العشرة
ـ إذا لم تكن وصية لغيرهما.
ومن ومن المجموعة لأشهب: ومن قال ـ يريد: في وصيته ـ: داري حبس علي امرأتي
حياتها، فإذا انقرضت فهي وعشرة دنانير لفلان بتلا. أو قال فهي لفلان بتلا
وعشرة دنانير ولم يدع غير الدار فذلك سواء، فإن لم يجز الورثة فليتحاصا في
هذا في ثلث، ثم يدخل معها الورثة في تلك السكني، إن شاؤوا، ويحاص لصاحب
المرجع أيضا بقيمة عشرة دنانير فقط، علي أن يؤخذ بعد موت المرأة، علي
الرجاء والخوف في تعمير المرأة. فما ناب العشرة تعجله الرجل في الدار وما
ناب المرأة بدأت فيه، ودخل معها الورثة في سكناه / علي الفرائض. فإذا ماتت
رجع ذلك إلي صاحب المرجع، فصار له مع ما نابه للعشرة، ولو أجاز الورثة
لبدئت هي عليه بسكني الدار، فإذا ماتت أخذها، ولا يكون له غير الدار؛ لأنها
بدئت عليه.
قال ابن المواز: وكذلك مسألة أشهب، في التي قبل هذه؛ لإحصاص لصاحب العشرة؛
لأن المرأة بدئت عليه، فلم يوص له بشئ إلا بعدها. وكذلك لو قال: داري حبس
عليها فإذا انقرضت، فهي لفلان. ولفلان آخر عشرة دنانير، ولم يحملها الثلث،
فإنها تأخذ محمل الثلث منها. فإذا ماتت رجع ذلك، فيحاص فيه صاحب المرجع
وصاحب العشرة؛ هذا بقيمة الدار كلها يوم المرجع، وهذا بعشرة دنانير نقدا.
(11/439)
وذكر ابن عبدوس هذا المسألة من أولها
لأشهب، إلا أنه ذكر عنه إن أجاز الورثة الوصية كلها حاص في الدار الموصي له
بعشرة؛ بقيمة مرجعها، فما نابه أخذه في الدار بتلا، وذكر عنه ابن المواز.
فيمن أوصي للمساكين بغلة حائطه، أو داره
أو بخدمة عبده هل منه تخيير للورثة؟
وعلي من النفقة فيه؟
وهلي يضرب في أعيان ذلك في الحصاص؟
وكيف إن أوصي لهم ببعض الغلة أو بعدة أو سق؟
من كتاب ابن المواز، والمجموعة، قال أشهب: ومن أوصي بغلة داره أو جنانه
للمساكين، أو في السبيل، أو في اليتامي والأرامل، فلا تخيير فيه إن لم
يحمله الثلث. ويكون ما حمل منها موقوفا تكون غلته فيما ذكر كالوصية
بالرقبة؛ لا مرجع له / إلي الورثة برجاء. ولو كان علي قوم بأعيانهم فلم
يسعه الثلث، ولم يجز الورثة، قطع لهم بتلا بثلث التركة، إذ له مرجع إذا
هلكوا.
ومن كتاب ابن المواز، قال: ولو أوصي للمساكين بعدة أوسق من بستانه، أو
بدنانير من غلة داره ـ يريد: كل عام ـ فإن يخير فيه الورثة؛ فإما أجازوا،
أو قطعوا بالثلث بتلا، بخلاف وصيته بالجميع لمن لا إقطاع له.
ومن كتاب ابن المواز، وهو في المجموعة لأشهب، وابن القاسم: ومن أوصي بظر
دابته، أو بخدمة عبده، أو بسكني داره للمساكين، فلينظر من جعل إليه النظر
فيه، فإن رأي أن يؤاجر ذلك ويقسمه في المساكين فعل، وإن رأي أن يوقفه؛ فمن
احتاج سكن أو ركب أو أخدم؛ فعل، كمن أوصي بعبد للمساكين، فإن رأي ولي النظر
فيه بيعه وتفرقه ثمنه فعل، وإن رأي أن يدفعه برمته يصنعون به ما شاؤوا؛
فعل، وإن لم يحمله الثلث، فما حمل منه صنع فيه مثل هذا، ولا يخير الورثة في
هذا؛ لأن الميت استوعب ثلثه فقطعه عنهم للأبد ـ يريد: لأنه لما أبده
(11/440)
للمساكين، فكأنه أوصي لهم بعينه، فلذلك
يكون لهم في عينه ما وقع لهم فيه، ولا يكونون شركاء في جميع التركة، بما
وقع لهم ـ كما تفعل فيما تجوز فيه وصية الميت. مما فيه مرجع إلي الورثة.
قال ابن المواز: وكذلك بغلة حائطه أو بثمرته لرجل عمره، وبرقيته لآخر. فإن
خرج من الثلث، أو ما خرج منه في الحصاص، بدئ فيه صاحب الغلة، ثم صار ملكا
لصاحب الرقبة. وسقيه وعلاجه وخراجه علي صاحب الغلة ما كان بيده. / وكذلك
لرجل بصوف غنمه، أو بلبنها. ولآخر برقابها؛ فنفقتها ومؤنتها علي صاحب
الغلة. وما كان عليها من صوف تام يوم يموت الموصي، وما في ضروعها من لبن،
وما في بطونها من ولد، وما بعد ذلك إلي مماته، ثم يكون لصاحب الرقبة. ومن
أوصي له بخدمة عبد صغير، فنفقته علي الموصي له. فإن كرهه لصغره فليرده ولا
يقبله.
قال ابن المواز: هذا علي البتل، وأما علي الحبس أو الخدمة فلا يجوز إن صغر
جدا كالرضيع وشبهه؛ لا يجوز في هذا إلا البتل، فأما حبسا حياته أو جلا فلا
يجوز إن كان صغيرا لا يقوم بنفقته.
فيمن أوصي لرجل بولد أمته أو غنمه وبرقبتها لآخر
أو لم يوص بالرقبة وأوصي بالولد
أو أوصي بتمرة حائطه ولم يؤجل،
أو يزرع أو بغلة حائطه أو ثلثها للمساكين
أو أوصي برقاب نخل فأثمرت قبل موته
من كتاب ابن المواز، وأراه لأشهب: وإذا أوصي بولد أمته لرجل وبرقبتها لآخر،
فهو كذلك؛ لهذا ما تلد ما دام حيا، وعليه نفقتها، فإذا مات فرقبة الأمة
للموصي له بالرقبة.
(11/441)
قال ابن المواز: وهذا إن لم تكن حاملا يوم
أوصي. فإن كانت حاملا يومئذ فليس له إلا حملها ذلك فقط.
ومن العتبية، قال أصبغ، عن ابن وهب، فيمن قال: أوصيت لفلان بما ولدت جاريتي
هذه أبدا. فإن كانت يوم أوصي حاملا فهو له، وإن لم تكن يومئذ حاملا فلا شئ
له. ولو حدث لها بعد ذلك حمل / لم يكن له فيه شئ، ولربها بيعها إن شاء.
ومن كتاب ابن المواز: ومن أوصي لرجل بما تدر غنمه، أو بصوفها ولبنها
وبرقبتها لآخر، فنفقتها علي صاحب الغلة، وله ما كان عليها من صوف تام يوم
مات، وما في ضروعها من لبن، وما في بطونها من ولد، وما تلد بعد ذلك إلي
مماته. ثم هي لصاحب الرقاب.
ومن المجموعة، قال عبد الملك: وإذا أوصي بما في بطن أمته أو غنمته أو بتمرة
نخله، وأوصي مع ذلك بوصايا؛ من حسن وقبح وبعض وتمام وصحة ومرض؛ فإن لم يضع
حوصص بعشر قيمة الأمهات, قال: وقال بعض أصحابنا: إن في الأمهات تباع ولا
تنتظر، ولا يكون أسوأ حالا ممن يعتق بما في بطنها أن يموت فيباع في دينه.
والأول أحب إلي. وقال نحو ذلك في تمرة النخيل؛ ينظر كم نسق لرجل بيعها.
وكذلك يحاصص في العبد الآبق يوصي به بقيمته علي غرره، ولا أفتي في حمل
الأمة والغنم وصية إلا أن تلد قبل موت الموصي.
قال مالك: ومن وهب ما في بطن أمته، منع من بيعها إلا أن يرهقه دين. قال ابن
القاسم في الموصي له بزرع لم يبد صلاحه؛ فليستأن به حتي يحل بيعه فيحاص به
في المال؛ فما نابه أخذه في الزرع. وإن جيح الزرع بطلت وصيته.
(11/442)
قال أشهب: إو أوصي بما في بطن أمته، فإن
حمل الأم الثلث حاملا، وقفت حتي تضع فيأخذه الموصي له، أو تعتق إن أوصي
بعتقه. وإن كان معه وصايا، بدئ عليها برقبة المعتق.
ومن كتاب ابن المواز، وهو لابن القاسم، فيه، وفي العتبية: ومن أوصي / فقال:
لفلان تمرة حائطي؛ لم يزد علي هذا، ولم يذكر أي تمرة، ولاكم من المدة. فإن
كان فيها يوم الوصية تمرة لم يكن له غيرها لسنته تلك. وإن لم يكن فيها
يومئذ تمرة؛ قال أصبغ: ولا حمل، قال ابن القاسم: فله تمرة ذلك الحائط
حياته.
قال أصبغ: وكذلك سكني الدار إذا حملها الثلث، يكون وقفا له.
ومن كتاب ابن المواز، والمجموعة، قال أشهب: وإن أوصي بتمرة في حائطه، ولم
يدع غيره؛ فإن أبرت قومت، وقوم الحائط. وإن خرجت من الثلث جاز، أو ما خرج
منها. وإن لم تؤبر، لم يلزمه إيقاف الحائط كله حتي يؤبر أو يجذ، فإما
أجازوا وإلا قطعوا بثلث التركة كلها للموصي له. وإن أوصي له بثلث غلة حائطة
أبدا، أو سنة؛ فإن حمل الثلث أنفذ ذلك، وإن لم يحمله خير الورثة في إمضاء
ذلك أو القطع له بثلث التركة. فأما إن أوصي له بغلة ثلث حائطه فبخلاف
الأول؛ هذا جائز لازم للورثة، كما لو أوصي له بغلة ثلث حائطه.
وأما قوله: ثلث غلة حائطي، فهذا إيقاف لجميع الحائط. والأول يصلح فيه القسم
في وصيته بغلة ثلث الحائط، ولا يصلح في هذا. وللورثة بيع ثلثيهم في الأول
بلغة ثلثه، وليس لهم ذلك في هذا ـ يريد: وإن خرج من الثلث.
قال سحنون، في المجموعة: إذا أوصي بغلة ثلث حمامه للمساكين، ثم أراد الورثة
قسمته فليس ذلك لهم إن كان الحمام يخرج من الثلث، ويبقي موقوفا كله مثل ما
لا ينقسم من العبيد والحيوان، / لأن الميت أولي من الورثة بثلثه من الورثة،
وإن لم يحمله الثلث خير الورثة فإما أوقفوه كله وإلا قطعوا بثلث مال الميت
للمساكين.
(11/443)
قال عبد الله: وإنما قال هذا سحنون في
الحمام؛ لأنه لا ينقسم، فلابد أن يبقي جميعه موقوفا. ولو كان دارا يحملها
القسم، لا فترق قوله بثلث غلة داري من قوله: غلة ثلث داري، كما أشهب في
الحائط.
ومن كتاب ابن المواز؛ وهو لأشهب: وإذا أوصي بتمره التي فيه لرجل، وبغلته
فيما يستقبل لآخر حياته. فإن خرج من الثلث فذلك جائز لهما؛ أبرت التمرة أو
لم تؤبر، أو طابت. فإن لم يخرج من الثلث، أو لم يترك غيره نظرت؛ فإن طابت
التمرة أو أبرت قومت، وقومت الغلة حياة الآخر، فإن كانت قيمتها سواء فلصاحب
هذه التمرة الثلث في تلك التمرة بعينها، وللآخر نصف الثلث؛ يكون به شريكا
للورثة في جميع التركة. وإن لم تؤبر التمرة كان ثلث التركة بينهما بتلا
بقدر قيمة وصاياهما إن لم يجز الورثة.
ومن أوصي لرجل ببستان له، فأغل قبل موت الموصي، فلا شئ له من الغلة. كذلك
للموصي برقبتها تلد قبل موت الموصي. وإن مات والتمرة مأبورة، فلا شئ له
فيها إلا أن يموت قبل إبارها فيكون للموصي له كالبيع. وأما الموصي له بغلة
حائطه فهذا له التمرة ما لم تجذ؛ مات الموصي وهي مأبورة أو غير مأبورة.
وإذا أوصي للمساكين بعدة أوسق من بستانه فقد تقدم في باب آخر.
ومن المجموعة، قال علي، عن مالك: ومن أوصي / بأوسق من غلة حائطه كل سنة
لرجل ـ يريد: فأنفذ ذلك ـ فليس للوارث ولا لغرمائه؛ إن لحق الوارث دين ـ
بيع الحائط. والموصي له مبدأ. وفي الثالث باب الوصية، بما في بطن أمته.
(11/444)
فيمن أوصي أن لفلان كل سنة كذا من غلة داره
أو حائطة أو قال: من غلة كل سنة
من كتاب ابن المواز، وهو لمالك من سماع أشهب في العتبية (1): ومن أوصي،
فقال: لفلان من غلة داري دينار كل سنة، أو ثلاثة أضؤغ أو أكثر، فلم يحمل
الثلث داره أو حائطه؛ فليخير الورثة، بين إنفاذ ذلك، أو قطع له بثلث
التركة. وإن حملها فأوقفت لذلك، فبارت سنة ثم أغلت، فليؤخذ مما أغلت السنة،
ويجبر به لما تقدم. ويحبس أيضا لما يخشي من بوارها، أو نقص غلتها عن
الوصية، فيوقف بيد عدل، إلا أن تكون كثيرة جدا فلا يحبس منها إلا بقدر ما
أوصي به من قلته وكثرته، وما يخاف في ذلك، ومن الحوائط ما لا يؤمن عليه،
ومنها المأمون كأرض خيبر؛ فلا يوقف في مثل هذا شئ.
ولو أوصي له بأصوع سماها، وبدنانير كل سنة من غلة حائطه، أو من كراء داره
أو أرضه عشر سنين، فلم تغل في هذه السنين، أو أغلت ما قصر عما سمي، ثم أغلت
بعد عشر السنين، فلا يستوفي مما أغلت بعد المدة عما نقص من الماضي.
وكذلك من سماع أشهب، قال في كتاب ابن المواز: ولو لم يؤقت سنين ومات الموصي
له فلا يجبر مما أغلت بعد موته عما مضي من بوار أو نقص. وإذا لم يحملها
الثلث في هذا، / خير الورثة كما ذكرنا؛ فإن أجازوا، فالجواب مثل ما ذكرنا،
إذا حملهما الثلث. وإن أبوا قطعوا له بثلث التركة.
ولو قال: أعطوه من غلة كل سنة دينارا، لم يزد من سنة عن سنة، ولم يوقف شئ
لخوف بوار.
ومن العتبية (2) من سماع أشهب: وإذا أوصي لرجلين؛ لكل واحد بعشرة دنانير من
غلة حائطة ـ يريد كل سنة ـ فلما كان عام أول، لم تبلغ غلتها وصيتهما ثم
أغلت العام كثيرا؛ قال: يؤخذ منه للعام ولما نقص من العام الأول.
__________
(1) البيان والتحصيل، 13: 301.
(2) البيان والتحصيل، 13: 142.
(11/445)
فيمن أوصي لرجل بغلة نخله أو عبده
ولآخر بأوسق من التمرة، أو بدرهم من غلة العبد
وكيف إن أوصي مع ذلك بالثلث؟
من كتاب ابن المواز، وهو في المجموعة لأشهب: ومن أوصي لرجل بثلثه، ولآخر
بدرهم كل شهر من غلة عبد له لم يدع غيره تحاصا؛ فيضرب صاحب الثلث بثلث قيمة
العبد، ويضرب الآخر بتعميره، فما بلغ؛ حسب لكل شهر درهم فما أصابه، وقف له
بيد عدل ينفق منه عليه. فإن مات قبل نفاذه، عاد الباقي إلي صاحب الثلث. وإن
فني وهو حي رجع علي صاحب الثلث بما يري أنه يفي له من عمره لو حوصص له بذلك
أولا.
قال عبد الله: قد اختلف في ائتناف الحصاص بعد التعمير إذا ظهر خلاف ما مضي.
وقد ذكرناه بعد هذا.
وإن أوصي أن يعطي فلان درهما من غلة داره كل شهر، فإن خرجت الدار من الثلث
/ أنفذ ذلك، وإلا خير الورثة بين إنفاذ ما قال، أو القطع بثلث التركة
للموصي له بتلا.
وإن أوصي لرجل بخدمة عبده، ولآخر بدرهم من غلة ذلك العبد كل شهر، والعبد هو
الثلث؛ فليبدأ صاحب الدرهم بدرهمه علي صاحب الخدمة ـ كمن أوصي بثلثه، ولآخر
بماثة من ثلثه، فليبدأ صاحب المائة ـ فإن شاء المخدم أدي كل شهر درهما وأخذ
الخدمة. وإلا استؤجر العبد فبدئ بالدرهم من إجازته.
وكم أوصي لرجل بتمرة حائطه، ولرجل بعشرة أصؤع من كل سنة. فالأصؤع مبداة كل
سنة، وما فضل فللآخر. ولو أصاب أقل من عشرة أصؤع، أخر تمام العشرة من العام
المقبل.
قال ابن المواز: إنما يؤدي من السنة المقبلة عما عجز في العام الأول إذا
أوصي أن يعطي كل سنة، أو في كل سنة عشرة أصؤع من تمرة حائطه.
وأما قوله: من تمرة كل سنة فلا يؤدي من عام عما قبله.
(11/446)
فيمن أوصي بتمرة حائطه لنفر أو حبسه عليهم
وكيف إن سمي لبعضهم كيلاً منه كل عام؟
وكيف إن مات بعضهم أو مات المعطي أو المعطي
وقد أبرت التمرة أو طابت؟
من كتاب ابن المواز، قال مالك: ومن حبس علي ولده، أو علي غيرهم من
الأجنبيين حائطا، وسمي لبعضهم ما يعطي من التمرة كل عام كيلا، وأسهم
الآخرين، فليبدأ بمن سمي لمن له. فإن فضل شئ فهو للآخرين، إلا أن يعمل فيه
عامل فيكون مبدأ بأجره علي أهل التسمية.
قال ابن القاسم: / مثل الأجراء والدواب والسقي وشبهه.
قال ابن القاسم: وكذلك في غلة الدار يحبسها إن سمي لواحد منهم دينارا من
ذلك فهو مبدأ به وإن لم يقل غيره.
قال مالك: ومن أوصي في نخل له الخمس أمهات أولاد له؛ فقال: لفلانة من ثمرها
عشرة أصؤع كل سنة، ولفلانه خمسة، ولفلانة ثمانية. حتي أتمهن، فكن يأخذن ذلك
كذلك، حتي مات أربعة منهن؛ فإن نصيب من مات منهن، لورثة الموصي؛ يحاصون به
الباقين، حتي يأخذ كما كانت تأخذ في حياتهن. فإن اخرجت النخل أكثر مما سمي
لهن، فقالت الباقية: احبسوا علي ما بقي لأني أخاف ألا تتمر في المستقبل
فذلك لها. وكذلك لوكن أحياء فذلك لهن، وليحبس لها منه قدر ما يري.
ولو قال للورثة: نحن نضمن مكيله. مالك: فليس عليها أن ترضي بذلك.
قال ابن المواز: ولو لم يسم ما لكل واحدة لكان نصيب من مات منهن لمن بقي
منهن، وكذلك إذا مات قبل طيب التمرة، فأما بعد أن يحل بيعها، فذلك لورثة من
مات منهن بالميراث؛ سمي لكل واحد أو لم يسم. هذا قول مالك وابن القاسم.
وإذا مات أحدهم بعد الإبار، فاختلف فيه؛ فقال أشهب: ذلك لورثة من مات
(11/447)
من المحبس عليهم. وقال مالك، وابن القاسم:
لا شئ لورثة من مات إلا بعد الطيب.
قال اشهب فيمن حبس تمر حائطه علي رجل حياته ثم مات وفي النخل تمر مأبور
فإنه لورثته. وكذلك لو كانت حبسا عليه حياة صاحبها فمات صاحبها وفيها تمرة
مأبورة فهي لمن حبست عليه.
قال ابن المواز: / ومن أوصي بتحبيس حائطه، ومات وفيه تمر مأبور فلا شئ
للمحبس عليه. وقال: هي بخلاف ما لو أوصي بإبتال أصل الحائط، أو هبته وبيعه.
واحتج بالعبد لا يتبعه ماله في هبة رقبته أو إخدامه.
قال محمد ليس تحبيس الحائط كتحبيس العبد وخدمته؛ لأن المحبس عليه العبد لم
يجعل له سبيل عل ماله، والعبد ينتفع به. والمحبس عليه الحائط له التمرة في
المستقبل، وأما ما فيها الآن فليس بتحبيس، فهي كما لو طابت، وكما لو تصدق
بالأصول، أو أوصي بها، فإن ما فيها من تمرة مأبورة لا يكون للموصي له،
ولمتصدق عليه. وليس ذلك لأنه لم يملك الأصل، وإنما يملك التمرة بطيبها.
وفي باب: من أوصي بولد أمته مسائل من التمرة تؤبر أو تطيب، في الوصية بها
أو بالأصول؛ وفي ذلك باب مفرد بعد هذا.
فيمن أوصي بنفقة أو سكني أو خدمة أوغلة
حياة الموصي لهم. وكيف إن مات بعضهم؟
وكيف بالتعمير في ذلك إن زاد أو نقص؟
من العتبية (1)، قال سحنون: قال ابن القاسم، في الموصي له من غلة عبد
بدنانير كل شهر، أو من غلة حائطه ـ يريد: حيلته ـ: فإن ضمن له الورثة ذلك،
وإلا أوقفوا العبد والحائط ـ يريد: والثلث يحمله، أو قد أجازوا ـ قال:
__________
(1) البيان والتحصيل، 13: 222.
(11/448)
وإن حالت الوصايا، ووقعت المحاصة له بقدر
تعميره، / ويكون في العبد علي أقل العمرين.
قال عنه أصبغ، وهو في كتاب ابن المواز: وإن أوصي بوصايا، وأوصي لرجل بنفقته
حياته من بقية الثلث، ثم مات، فلم ينظر في ذلك، حتي مات الموصي له؛ فليحسب
ورثته من بقية الثلث ـ إن بقي شئ ـ مقدار نفقة مثله، فيما عاش بعده.
والحساب من يوم مات الموصي، ليس من يوم يجمع المال. وكذلك العبد الذي عليه
خدمة وإن لم يخدم من يؤمئذ، كما لو أبق، أو مرض.
قال في كتاب ابن المواز: قال ابن القاسم: أولم يقل: ينفق عليه مما في ثلثي،
ولكن قال ينفق عليه حياته ولم يقل ما بقي. قال في الكتابين: فإذا حوصص له
وهو حي بتعميره فأنا به دفع إليه وأوقف له، فإن مات قبل ذلك رجع ما بقي إلي
أهل الوصايا يتحاصون فيه، ثم إن بقي منه شئ بعد اتمام وصاياهم فلورثة
الموصي، وإن فني ما أصابه وبقي حيا لم يرجع علي أهل الوصايا بشئ ولم يؤتنف
له تعمير، وهو كحكم نفذ. وهذا أحب إلي، والقياس أن يؤتنف التعمير فيرجع علي
أهل الوصايا كل واحد بما ينوبه، ولا يتبع الملئ بما علي المعدم؛ ولكن لا
أراه.
وقال أصبغ كله، وإلا قوله: إن مات قبل ينفق ذلك، رجع ما بقي إلي أهل
الوصايا؛ عل كل واحد ما ينويه، ولا يتبع الملي بما علي المعدم؛ ولكن لا
أراه. وقاله أصبغ.
وإن فني وهو حي لم يرجع عليهم. فهذا لا يعتدل وما أصابه فهو مال من ماله،
ولا يرجع فيه لأحد. ولا أشك أن ابن القاسم رجع إلي هذا. والقول الآخر في
ائتناف التعمير، في فناء / ما أصابه، أو بقائه أو موته، وقد بقي بيده شئ هو
قول أشهب. وبقول ابن القاسم أقول.
قال عبد الله: قول ابن القاسم مستقيم، وإنما معناه عندي في قوله: ينفق عليه
من باقي الثلث. فهذا لا حصاص فيه إن كات وقد بقي منه شئ؛ فهو
(11/449)
لأهل الوصايا، إن فني وهو حي؛ لم يرجع علي
أحد بشئ؛ لأنه شئ أوصي له به بقي. وأما المختلف فيه في ائتناف التعمير
بموته، أو بفناء ما وقع له، الذي يوصي بوصايا، ويوصي أن ينفق عليه حياته،
ولم يقل: فما بقي من ثلثي ينفق عليه منه. فهذا الذي يحاص، وما حصل له كحكم
نفذ في قول ابن القاسم.
قال ابن حبيب، عن أصبغ، عن ابن القاسم، في الموصي لهم بالنفقة والخدمة
أعمارهم فيعمرون، ويحاص لهم أهل الوصايا فتزيد أعمارهم؛ قال: كان يقول:
يرجعون إلي محاصة أهل الوصايا ما فيه. ثم رجع، فقال: لا شئ لهم وهو كحكم
نفذ وقاله أصبغ.
قال ابن عبدوس: قال عبد الملك: ما وقع له في الحصاص بالعتمير فليأخذه يصنع
به ما شاء. ولو زاد عمره لم يرجع بشئ. وقاله سحنون؛ لأن الوصايا لما حالت
فإنما يأخذ ما وقع له.
وكذلك بالسكني، وإن جاوز قيمة السكني. وقاله ابن نافع.
وقال بعض أصحابنا: إذا حالت الوصايا، وخلع الثلث، وفيها أعيان لقوم؛ فإنهم
لا يأخذون في الأعيان. واختلف فيه قول مالك.
قال ابن عبدوس: قال ابن القاسم: ذكره عنه عيسي في العتبية أن مانابه
بالحصاص، في / النفقة بالتعمير، يأخذه بتلا، ثم لمن مات بعد ذلك بيوم لم
يرجع عليه الورثة بشئ لأنهم خيروا فاختاروا خلع الثلث. وكذلك سائر أهل
الوصايا كحكم نفذ. ولو زاد عمره علي التقدير لم يرجع علي احد بشئ، ولو أنفذ
الورثة الوصية علي وجهها لرجعوا بما بقي [فيمن به قيل قياما أحد] (1).
وكذلك لو حمل الثلث النفقة وبقي من الثلث بقية بقدر ما أوقف، له في هذا
نفقة تعميره فهذا إن مات قبلها رد ما بقي، وإن قبلت وهو حي رجع في بقية
الثلث بقية عمره، وكذلك في الوصية بالسكني في التعمير إذا خلع الثلث، فلا
رجوع له ولا عليه؛ زاد عمره أو نقص.
__________
(1) كذا في الأصل وفي ذلك اضطراب وخلل ف يالتعبير.
(11/450)
قال ابن عبدوس وابن المواز عن أشهب والذي
في كتاب ابن المواز مختصرا، وإنما كتبت ماق كتاب ابن عبدوس؛ قال اشهب: إذا
عمر، فكان في الثلث مبلغ وصاياهم ووصايا عمرهم وفضلت فضلة أخذها الورثة.
فإن مات جميع أهل النفقة قبل فراغها، رد الباقي إلي الورثة. وإن فنيت وهم
أحياء، رجعوا بدءا في بقية الثلث حتي يفرغوا به. ولو أعدم الورثة لم يرجعوا
علي أهل الوصايا إلا بعد فراغ باقي الثلث. ولو وجدوا بعض الورثة مليئا
أخذوا منه مما بيده فضلة الثلث، ويرجع علي أهل لاوصايا فحاصوهم ـ يريد
يأتنفون حصاصاً بتعمير مؤتنف ـ ويحسب عليهم ما أخذوا أول، وما رجعوا فيه من
بقية / الثلث. إنما يحسن الاختلاف، فيما يخلع فيع الثلث، في أن ينقص، أولا
ينقص عند ظهور زيادة العمر أو نقصه. فأما والثلث واسع، وقد قدر لهم بعمر،
فعدل لهم قدره، وبقيت منه بقية، ثم عاش أكثر مما قدر له، فينبغي أن لا
يختلف أن له الرجوع.
قال أشهب: فإن وجدوا أهل الوصايا عدما، إلا واحداً منهم، فلا يأخذوا منهم
إلا ما يصيبه لمحاصتهم، بخلاف الورثة؛ أولئك لا ميراث لأحد منهم حتي يؤدوا
الوصايا كغريم ظهر علي ورثة فهم مع أهل الوصايا كغريم ظهر علي غرماء.
قال: وإذا كانوا قد حاصوا موصي له برقبة عبد وموصي له بخدمة عبد سنة، ففيما
يبدأ أهل النفقة؛ فلينظر الآن إلي قدر ما بقي من أعمارهم، فينظر ما كان
ينبغي أن يحاص لهم به، فينزع من الآخرين ما كان لبعضهم ذلك. فأما صاحب
العبد فيؤخذ من العبد حصة ذلك فيباع ويوقف لهم. وأما المخدم سنة فينظر فيه
بما مان يعمل فيه لو كان الثلث أول صنف (1)، وإنما كان يخير الورثة بين
إجازة ذلم أو خلع الثلث للحصاص، فما وقع لهذا المخدم أخذه في جميع التركة
لأن وصيته حالت، وصاحب العبد يأخذ غي عين العبد؛ فينظر الآن في هذا المخدم؛
فإن كان قد خدم السنة نظر إلي قيمتها، فاحبس منها ما كا يقع له في حصاصه،
فيرد
__________
(1) في الأصل، أول صنفا.
(11/451)
ما يوقف لهؤلاء، مع ما أخذ من صاحب العبد
فإن استوفوا بذلك في بقية أعمارهم وإلا أخذ العبد الراجع إلي الورثة ـ
يريد: لأنه بقية الثلث، فيوضع لهم ـ / فإن استغرقوه أيضاً، ائتنفوا حصاصا
مع أهل الوصايا، ورجعوا عليهم، ولا يرجعون علي الورثة إذا لم بأيديهم من
الثلث شئ. وإن انقضروا، أو بقي من ذلك شئ، رد إلي أهل الوصايا بقدر ما
انتقصوا.
قال سحنون: إنما ينبغي أن يجمع الثلث كله، ما استخدم المخدم، والعبد الموصي
به، والعبد الذي رجع إلي الورثة، بعد الخدمة، وما صار إلي هؤلاء بالنفقة،
ثم يتحاصون في ذلك كله؛ هؤلاء بالنفقة الأولي، وهؤلاء بقدر ما يري أنه بقي
من أعمارهم، وصاحب الرقبة وصاحب الخدمة بالخدمة.
قال في المجموعة: قال ابن نافع: ومن أوصي لرجل بعشرين دينارا، ولآخر بعشرة،
ولآخر بدينار كل شهر حياته، فعمر ذو الحياة، فكان عمر ثلاثين شهرا، فلذلك
ثلاثون دينارا. فإن كان الثلث أربعين دينارا، أخذ كل واحد ثلثي وصيته،
فينفق علي صاحب النفقة ثلثا دينار كل شهر مما اجتمع له بالحصاص، ولا يتم له
منه دينار لنقص الوصية. فإن مات وقد بقي من ثلثه شئ رد إلي أهل الوصايا
فتحاصوا فيه بقدر ما بقي لهم.
ومن المجموعة، وكتاب ابن المواز، وهو في العتبية (1)، ومن سماع ابن القاسم،
فيمن أوصي أن ينفق علي فلان عشر سنين فعزل ذلك له، ثم مات بعد سنة؛ إن
الباقي راجع إلي ورثة الموصي، كما لو أوصي له بالنفقة عليه حياته فعزل لذلك
مال ثم مات قبل نفاذه.
قال: ومن أوصي لرجل بأربعين دينارا ينفق عليه منها كل سنة، ثم مات الموصي
له؛ قال: فلورثته الموصي له نفقة السنة التي / عاشوا بعده، ويرد ما بقي إلي
ورثة الموصي.
__________
(1) البيان والتحصيل، 12: 432.
(11/452)
ومن هذه الكتب، وهو في العتبية (1)، من
رواية أشهب، وابن نافع، عن مالك، فيمن أوصي لخمسة نفر بنفقتهم حياتهم؛ قال:
يعمرون سبعين سبعين، ويجمع ما صار لهم بيد عدل فينفق عليهم منه، فكلما مات
منهم أحد رجع علي من بقي من الخمسة. فإن ماتوا كلهم، رجع ما بقي إلي أهل
الوصايا إن بقي لهم شئ، فإن استوعبوا، رجع ما بقي إلي الورثة. وإن فرغ
المال، وهم أحياء، فلا رجوع لهم بشئ علي أهل الوصايا.
قال ابن كنانة والمغيرة: وإن فاء بهم نصف وصاياهم لم يعطوا مما أوقف لهم كل
شهر، إلا نفقتهم كاملة، لا نصف نفقة كل شهر، ثم ذكر باقي الجواب كالأول.
قال غيرهما، عن مالك: وكذلك في الموصي له بدينار كل شهر فيجمع له فلا يعطي
منه كل شهر، إلا دينارا؛ لأن الميت قصد التوسعة عليه. فإن مات وقد بقي منه
شئ رجع إليهم، وإن عمر أكثر من ذلك فقد استوفي وصيته.
وابن نافع يري أن يعطي من نفقة كل شهر نصف دينار. وكذلك في كتاب ابن
المواز.
قال في المجموعة: وكذلك روي عنه علي؛ إذا كات وقد بقيت بقية رجعت إلي أهل
الوصايا يتحاصون فيها بما بقي لهم.
وفي باب: التعمير من معني هذا الباب، وفي باب بعده؛ الوصية بالنفقة،
والغلة، وفي موت بعض الموصي لهم بذلك.
ذكر تقدير التعمير في الموصي له بالنفقة عمره
أو بخدمة أو غيرها وفي المفقود وشبهه /
من المجموعة، وكتاب ابن المواز، والعتبية (2)، من رواية أشهب، عن مالك؛ ذكر
الوصية لنفر أن ينفق عليه أعمارهم؛ قال: يعمرون سبعين سبعين. قال
__________
(1) البيان والتحصيل، 13: 8.
(2) البيان والتحصيل، 13: 8.
(11/453)
غيره، عن مالك: يعمر ثمانين، فإن كان ابن
ثمانين عمر تسعين، وإن كان ابن تسعين عمر مائة. ويعمر في كل سنة بقدر ما
يري من الاجتهاد.
قال ابن المواز: والتعمير في المفقود وغيره من السبعين إلي المائة. وقال
عبد الله بن عبد الحكم: المائة. قال ابن المواز: المائة كثير.
ومن المجموعة/ قال ابن كنانة عن مالك، في أمهات أولاد أوصي أن ينفق عليهن
حياتهن، فعمرهن مالك ثمانين، وقد بعث بهن الإمام إليه، وحمل بعضهن علي بعض.
ولو كانت واحدة، لعمرها أكثر من ذلك. والصواب في مثل هؤلاء أن يعمرن أكثر
ما يظن أنهن يعشن؛ لأنهن إن متن دون ذلك رجع الباقي إلي الورثة. وإن قصر
لهن في التعمير فجاوزنه هلكن. والذي يعمر يحسب في تعميره ما مضي من عمره.
قال ابن كنانة: إذا كان المال ليس بالواسع أوقف لهن الثلث، فإن كان كثيرا
جدا أوقف لهن مالا يشك انه كفايتهن إلي أقصي أعمارهن؛ لأنه إن بقي شئ رجع
إلي الورثة.
قال ابن القاسم: أحب إلي في التعمير في مثل هذا سبعون (1).
قال علي، عن مالك: يعمر أعمار أهل زمانه، ويوقف له ما يكفيه في ذلك
التعمير، فإن هلك قبل ذلك رجع ما بقي إلي الورثة، وإن سمي له شيئا معلوما
كل عام أعطيه. فإن كات رجع باقية إلي الورثة، وإن فرغ ذلك وهو حي فلا شئ
له. /
__________
(1) في الأصل، سبعين بالياء لا بالواو والصواب ما أثبتناه.
(11/454)
بقية القول في الوصايا بالنفقات
والتعمير وتقدير النفقات
وذكر بعض الموصي لهم
وفيمن أوصي أن ينفق علي أم ولده
ما لم تنكح، وكيف إن؟ (1)
من كتاب ابن المواز، وهو في المجموعة، من رواية ابن نافع عن مالك، وقال في
الموصي لهم بالنفقة ما عاشوا، قال: يفرض لهم الطعام والإدام والماء والحطب
والدهن والثياب، ولا أدري ما ثياب الصون ـ يريد: التي تصان لمثل جمعة
وغيرها ـ قال عنه ابن عبدوس: روي عنه مثله علي بن زياد.
وقال عبد الملك: لا يفرض للموصي بالنفقة الخدمة، ولا يكون ذلك إلا بوصية.
وقال أشهب: إذا أوصي أن ينفق عليهم حياتهم، فيعزل لهم ثلث الميت، لا شك،
فينفق علي كل إنسان منهم بقدر حاله، وشدة مؤنته، وكثرة عياله. فإن مات
أحدهم كان ما أوقف بحاله ينفق علي بقيتهم، ولا يرجع إلي ورثه الموصي حتي لا
يبقي منهم احد إلا أن يعلم أن من بقي لا يستوعبون ذلك، فيحبس لهم ما يري
أنهم ينفقونه، ويرد إلي الورثة ما بقي، فإن ماتوا وبقي شئ رد إلي الورثة.
وإن عاشوا حتي نفذ الثلث فلا شئ لهم إلا أن يكون رد منهم إلي الورثة شئ
فيرجع فيه.
قال ابن المواز لمالك، فيمن أوصي لفلان بنفقته وكسوته سنين، فدفع إليه
نفقتة سنة، فمات قبل تمامها بأشهر، فما كان من خلق ثوب وشبهه فلا يرجع فيه،
وما كان من طعام، فإنه يرجع بما بقي منه.
__________
(1) الكلمة الأخيرة في العنوان غير واضحة في الأصل فتركنا مكانها بياضا.
(11/455)
وكذلك في المجموعة، وقال: ومعناه بباقي
النفقة قيل: ودفع باقي / كسوته من النفقة؟ قال: لا يرجع به. وكذلك رواه ابن
وهب، عن مالك.
ومن كتاب ابن المواز، ومن العتبية (1)، روي أشهب، عن مالك: ممن أوصي لخمس
أمهات أولاد له (2)؛ أن يعطين من على أعذق (3) من حائطه، في كل سنة ما عين؛
لفلانة خمسة أصؤع (4)، ولفلانة عشرة، ولفلانة كذا، حتي أتمهن فأخذن كذلك،
ثم مات منهن أربع. قال: يرجع نصيبهن إلي الورثة، دون الباقية؛ لأنه سمي لكل
واحدة، ما تأخذ، فلا تزاد. ولو قال: لكل واحدة خمسة أصؤع فبقيت واحدة، ولم
يقل: الأعدق إلا خمسة أوسق فليس لها منه إلا حصاصها. ولو أصابت النخل ستين
صاعا في حياتهن، فأخذن ما سمي لهن، فلهن إيقاف ما بقي إذا كانت النخل لا
تغل ما سمي لهن في المستقبل، فيتم لهن من ذلك، فإن لم يبق منهن إلا واحدة
لم يوقف لها ذلك كله، وليوقف لها منه ما يري. وليس لهم أخذ ذلك الفاضل وإن
ضمنوا لها إلا برضاها.
قال ابن المواز: ولو لم يسم لكل واحدة من الكيل، لكان نصيب من مات لمن بقي
منهن. وذلك إذا مات قبل طيب الثمرة، فأما بعد طيبها وحلول بيعها فذلك لورثة
من مات منهن بالوجهين؛ إذا سمي لكل واحدة، أو لم يسم. وقاله مالك وابن
القاسم.
وإن مات بعضهن بعد الإبار (5)؛ فاختلف فيه أصحاب مالك؛ فقال أشهب: لورثة من
مات ممن حبس عليه. وقال مالك، وابن القاسم:
__________
(1) البيان والتحصيل، 13: 56.
(2) في الأصل، كتبت هذه الجملة محرفة وصححناها من كتاب البيان والتحصيل.
(3) الأعذق جمع عذق بكسر العين وهو من الثمر كالعنقود من العتب ويسمي
الكباسة بكسر الكاف أيضاً.
(4) في الأصل، أصع عوض أصوع وكذلك وقع أثناء استعمالها عند المؤلف بعد أسطر
قليلة.
(5) في الأصل، الأبيار والصواب ما أثبتناه وقد سبق لتنبيه علي ذلك فيما
قبل.
(11/456)
لا شئ لمن مات إلا بعد طيبه وحلول بيعه.
وقال اشهب: سواء حبس حياة المحبس أو حياة المحبس عليه.
ومن / المجموعة، قال ابن كنانة، فيمن أوصي لرجل وابنيه بنفقتهم نفقة سماها
حياتهم، فطلب الورثة أن يأخذوا الثلث علي أن يضمنوا لهم والنفقة علي أنه إت
نقص فعليهم، وإن زاد أو نقص. ولا بأس أن يحمل لهم الورثة بأقل من الثلث،
ويتركوا لهم الزيادة، ويكون عليهم إن نقص حقهم من الثلث، أو يزيدوهم؛ لأنهم
تركوا لهم الزيادة، ويكون عليهم إن نقص حقهم من الثلث، أو يزيدوهم؛ لأنهم
تركوا نقص حقهم وأخذوا بعضه. ولا يحتاج في هذا تعمير لأنه ليس معه وصايا،
ولكن يقطع لهم بالثلث.
ولو أوصي أن ينفق علي رجل حياته، وأوصي بوصايا، فإن وسعها الثلث لم يحتاجوا
إلي تعمير إلا أن يشح الورثة فيريدوا أخذ فضل الثلث فيحتاج إلي التعمير ـ
عبد الله: يريد: والثلث كثير ـ يعلم أنه بقي بعمره، ويوقف. ولو ضاق كانت
المحاصة والتعمير.
ومنه من رواية ابن نافع عن مالك، وهي في سماع أشهب في العتبية (1)، ورواها
عيسي عن ابن القاسم، في العتبية، فيمن أوصي؛ أن ينفق علي أمهات أولاده،
ثلاث سنين، وأوصي بخادم يخدمهن حياتهن، قال فنفقة الخادم وأمهات الأولاد في
الثلاث سنين من مال الميت. فإذا انقضت السنون فنفقتها عليهن.
قال: ولو قال: أنفقوا عليهن كلهن في كل سنة عشرة، لم يكن للخادم من مال
الميت نفقة في ثلاث السنين؛ لنه سمي ما ينفق علي أمهات الأولاد. ونفقة
الخادم عليهن ـ يريد: في ثلاث السنين / وغيرها.
ولو قال: أنفقوا علي أم ولدي ما اقامت مقيمة علي ابنها ما لم تنكح ما عاشت؛
فمات الابن، فقالت: لا أنكح. قال: لا نفقة لها.
__________
(1) البيان والتحصيل، 13: 14.
(11/457)
وفي باب آخر من رواية ابن وهب؛ أنه روي
أيضا عن مالك أن لها النفقة منها ما عاشت.
واختلف قول ابن القاسم فيه؛ فقال بالقولين جميعا.
قال ابن أشهب عن مالك: إذا أوصي لأم ولده بالنفقة عليها ما لم تتزوج،
فصالحهما الورثة بشئ أعطوها ثم تزوجت، فلا رجوع لهم عليها؛ وإنما يرجعون
عليها لو لم يصالحوها.
وكذلك روي عيسي عن ابن القاسم؛ لا رجوع لهم والصلح جائز، ولو ماتت بعد يوم
أو يمين من الصلح لم يتبع بشئ.
ومن كتاب ابن المواز، قال مالك: وإن أوصي أن ينفق علي أم ولده عشرة دنانير
كل عام من غلة حائطة فأخذت عاما ثم باع الموصي التمرة في العام لثاني إلي
أجل، فإن كان قريباً تربصت، وإن كان بعيداً بيع لها منه حتي تستوفي.
قال: ومن أوصي بنفقة أم ولده عشر سنين علي أن تحضن ابناً له؛ فإن كان الولد
من غيرها لم يجز، وإن كان منها جاز.
قال محمد: هذا من مالك استحسان. وهما عندي سواء، وهي وصية للولد. وكذلك
الأحنبية، أو أن يشتري لابنه غلام تخدمه عنه سنين ثم تزوجت، فلينزع منها.
ومن أوصي أن ينفق علي امرأته، وله منها ولد، فإن كانت محتاجة وهي تكلفة (1)
وتخدمه، أنفق عليها من مال الصبي. وإن كانت مليئة، فإن كان إن عزل عنها ضاع
في حضانتها وخدمته، وتكلف/ له من يلي ذلك منه، أقر عندها؛ وهي أرفق به
وأنفق عليها من ماله.
قال عنه ابن عبد الحكم: إن كانت لو تركته لم يحتج إلي أن يؤاجر له من يحضنه
ويكفله (2) فأنفق عليها ثم علم ذلك فما مضي فلها ولا شئ لها فيما بقي.
__________
(1) في الأصل، وهي تكلفة والغالب أن ذلك القلب إنما وقع من الناسخ.
(2) في الأصل، ويكلفه والظاهر أن الصواب ما أثبتناه.
(11/458)
فيمن أوصي له بنفقة سنين
وعليه دين أو يفلس
من العتبية (1)، روي عيسي، عن ابن القاسم، فيمن أوصي له بمائة دينار ينفق
عليه منها كل سنة كذا وعليه دين، فقال أهل الدين: عمره لنا؛ فأعطنا الفضل
فليس ذلك لهم؛ لأن الفضلة ترجع إلي ورثة الموصي.
ولو أوصي له بنفقة دينار كل شهر فقالوا: أعطنا ما يفضل من الدينار، عن
نفقته، فذلك لهم؛ لأن هذا صار مالاً لهم.
وقال عبد الملك، في المجموعة، في الموصي له بالنفقة والخدمة يفلس، فإن سمي
له فضلاً بيناً مثل خمسة دنانير في الشهر، فهذه وصية بالنفقة وبعض النفقة.
وإن سمي مثل ما بين ضيق النفقة وستعها، فلا شئ فيه للغرماء، وكذلك في فضل
المسكن.
قال غيره: إذا قالت الغرماء: نخرحك من هذا البيت ونكريه، ونؤاجر العبد في
الخدمة، فليس ذلك لهم؛ لأن الموصي إنما أراد يسره. وإن كانت خدمة وسكني لها
غلة، وفيها فضل، فالفضل لغرمائه.
فيمن أوصي أن يسلف فلانا مائة سنة تم هي لفلان
ومن أوصي أن يوضع عن حميل له حمالته،
وضاق الثلث/
من كتاب ابن المواز: ومن أوصي أن تدفع مائة دينار إلي فلان يتجر بها سنة،
أو: ادفعوا إليه مائة بعد سنة فهو كما قلنا في الخدمة، إن حملها الثلث بعد
ذلك. وإن لم يحملها، أو لم يوصي بغيرها؛ خير الورثة؛ فإما أجازوا، أو قطعوا
له
__________
(1) البيان والتحصيل، 13: 189.
(11/459)
بثلث التركة بتلا. وكذلك إن قال: يتجر بها
سنة ثم هي لفلان بعد سنتين، فالجواب سواء. فأما لو قال: ثم هي بعد السنة
لفلان لم يكن تخييراً، وليس عليهم إلا ما حمل الثلث منها؛ يتجر به فلان
سنة.
قال مالك: ويكون لها ضامناً، ثم يكون لصاحب المرجع.
وكذلك روي عيسي، عن ابن القاسم، في العتبية، في هذه المسألة الآخرة. ورواها
عنه أصبغ في كتاب ابن حبيب.
قال: ويضمن ما نقص من ذلك.
قال، في كتاب ابن المواز: قال مالك: إن أوصي له بمائة يتجر بها سنة، وأوصي
بوصايا وضاق الثلث؛ نظر إلي قدر ما يربح في المدة فحاصص بها. وكذلك لو أوصي
لآخر بمال. وسواء قال: ادفعوا إليه سلفا سنة أو قال: يتجر بها سنة. فهو لها
ضامن.
قال محمد: وإنما يحاص الموصي له بمائة بعد سنة بقيمتها؛ بعرض أو طعام لا
يؤخذ إلا بعد سنة. فقال: كما يباع من الطعام أو العروض، بمائة دينار علي
مثله إلي سنة، فإذا عرف نظر ما قيمته نقداً فحاص به. وقاله ابن القاسم.
ومن العتبية، قال ابن القاسم، فيمن أوصي لرجل بمائة بتلا، ولآخر بمائة
سلفا؛ فلينظر إلي قيمتها معاينة يحاص بها، فكان له ما وقع له بتلا.
ومثله في المجموعة من رواية/ ابن وهب وعلي، عن مالك، قال: ويحاص بما ترك من
ربح المائة ومنفعتها. قال عنه علي: إلا أن يكون ذلك أكثر من نصف الثلث فلا
يرد، ولا يكون مائة سلفاً أكثر من مائة بتلا.
قال ابن القاسم، في العتبية (1): ولو أوصي أن يسلف عشرة دنانير لبعض ورثته
سنة، وبباقي الثلث لفلان، فكان ثلاثة عشر، فإن لم يجز الورثة انتفعوا بها
كلهم سنة، ثم كانت لصاحب باقي الثلث.
__________
(1) البيان والتحصيل، 12: 149.
(11/460)
وقال أشهب، عن مالك: وإذا أوصي له بخمسين
يتجر بها سنة، وله عليه مثلها، فقال له الورثة: أعطناها، ونحن نردها إليك
تتجر بها سنة، وإلا أخرناك بها سنة لوصيتك. قال: إن كان عديماً فليس لهم
ذلك، وليدفعوا إليه خمسين سنة، ويتبعوا ذمته بدينهم.
ومن كتاب ابن المواز: ومن أوصي أن يقضي عن فلان حمالته، وأوصي مع ذلك
بوصايا. وضاق الثلث عن ذلك. قال محمد: ما سمعت فيها بشئ إلا ما تكلمنا فيها
نحن وأصحابنا. وأحسن ما فيها أن يحاص للحميل بقيمة ما أوصي له مثل أن يتحمل
له بمائة دينار، فيقال: كم تسوي تلك المائة علي مثل فلان إلي أجلها؟ وكم
يسوي بلا حمالة؟ فما بين ذلك حاصص به أهل الوصايا حتي يصير له ما يصير بعد
ذلك. فإن استوفيت المائة رجع ما وقع لها في الحصاص بها فيما انتقض أهل
الوصايا.
قال محمد: ولم يختلف في هذا. واختلفنا في إذا لم يوجد من المائة إلا يسير
أو لم يوجد منها شئ؛ فقال أصحابنا: لا يرجع علي أهل الوصايا بشئ. وقلت أنا:
بل يرجع عليهم؛ لأن المائة كانت تلزم الحميل، فقد سقطت، فلا / بد أن يحاص
لها بها كلها باقية حتي يصير له ما صار، ويغرم الحميل ما بقي. وهذا بين.
(11/461)
صفحة بيضاء
(11/462)
|