النوادر
والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام
على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه
الجزء الثاني
من كتاب الوصايا
في المريض يريد أن يُعجل في مرضه صدقةً أو (نذراً) عليه
أو يحابي في بيعٍ أو يقضي بعض غرمائه
قال عبد الله بن أبي زيد ومن المجموعة قال علي عن مالك: ليس للمريض أن
يتصدق في مرضه بما بينه وبين ثلثه إذ لعله لا يموت حتى يذهب ما بقي بنفقة
أو مصيبة ولا له أن ينفق إلا على ما لا يُستنكرُ، قال عنه ابن القاسم: ولا
له أن يتصدق عن أبيه صداقاً أو ينحله فإن فعل فنكح بها أو ساق ذلك عنه ثم
مات فلورثته رده وتتبعُ المرأة الابن، ولا له أن يصل بعض ولده دون بعض.
قال أشهب: وإن بتل عتق عبده في مرضه وله مالٌ مأمون فله حُكم الرق حتى يموت
سيده فيعتق ويُبدأ على الوصايا وقد تخرب الرباع قبل موته.
ومن كتاب ابن المواز قال: وإذا باع المريض عبداً قيمتُه ثلثمائة دينار
بمائة ثم مات ولا مال له غيره؟ قال:/ فللمبتاع ثلثاه ثلث بالوصية وثلث
بالمائة.
ولو باع ديناراً لا يملك غيره بثلاثة دراهم نُقض بيعُه ويرد الورثة ثلاثة
الدراهم ويكون ثلثا الدينار لهم وثلثه للمشتري. قال: وله أن يقضي بعض
غرمائه في مرضه دينه إذا كان فيما بقي وفاءٌ لمن بقي، وجرى في كتاب العتق
في باب من أقر في مرضه أنه أعتق عبداً في صحته مسائل من معنى هذا الباب وفي
عتق عبده في مرضه وله دينٌ على سيده مثل قيمته.
(11/329)
في الموصي يُغير وصيته أو يرجع عنها
وما لا يرجع فيه من البتل والتدبير
وما يُفرق به بين الوصية بالعتق والتدبير
من المجموعة وغيرها قال مالكٌ: الأمر المجتمع عندنا أن للرجل أن يُغير
وصيته ويرجع عنها أوصى في صحة أو مرض أو عند سفر بعتق أو غيره. قال في كتاب
ابن المواز: يرجع في مرضه أو بعد صحته إلا فيما أبتل.
ومن المجموعة قال ابن القاسم: إن قال إن مت فعبدي حُر أو قال بعد موتي بشهر
أو إن مت فأعتقوه فذلك سواء -يريد وهي وصية- قال مالك: وإن قال: هو حُر يوم
أموت فإن أراد التدبير فهو مُدبرٌ وإلا فهي وصية، قال عنه ابن وهب: كل عتق
بعد فهو وصية حتى ينص على التدبير فيقول عن دبر مني وذكر/ قول أشهب: أن
فلاناً حُر وفلاناً حر قال إذا أجراها مجرى الوصية فله الرجوع فيها. قال
علي عن مالك: إذا قال غلامي حر متى مت فإن استيقن أنه أراد أن لا يغير ما
عقد له حتى يموت فهو مُدبرٌ.
قال ابن القاسم: وإن كتب في أمته أنها مُدبرةٌ إن لم يحدث فيها حدثاً فهذه
وصية. قال ابن القاسم: وإن قال: عبدي مدبر بعد موتي فهو كالوصية، ويفكر
فيها سحنون ولم يقل شيئاً قلت له: فيكون قوله هذا أكثر من قوله أنت حر بعد
موتي؟ قال: بما أحلفه ودعني حتى أنظر.
قال عنه ابن وهب: في الحامل أو المريض يعتق أو يتصدق فإذا كان بمعنى الوصية
يدل بعض ذلك على بعض فيُعلم أنه وصيةٌ فله أن يرجع فيها، فإن لم يُعلم وجهُ
ذلك فليس في ذلك رجوع وينفذ. قال عنه علي: في المريض يعتق أو يتصدق ولم يقل
إن مت ثم صح فقال: أردتُ إن مت وقالت البينة ظننا أنه أراد البتل قال:
يُنظر في ذلك بما يُستدل به على قصده، فإن رأى أنه أراد الوصية فهو وصيةٌ
يرجع فيها وإلا فلا رجوع له. قال عنه علي: في مريض قيل له: أوصِ فقال: فلان
حر ثم صح فقال: أردتُ بعد موتي فذلك له قيل: فهو
(11/330)
لا يتكلم فقيل له: اعتق فلاناً فأشار برأسه
أن نعم فإن عُرف أن عقله معه وإنما مُنع الكلام فذلك نافذٌ من ثلثه، وإن
رأى أنه غُلب على عقله فهو باطلٌ وما يُعرف به ذلك أن يسمي له غيره فيشير
بلا فإذا سمى له قال نعم.
ومن كتاب ابن المواز: ومن حبس داراً في مرضه/ ثم هي في السبيل ثم رجع عن
ذلك فذلك له، محمد: لأنها وصيةٌ ولم يبتل ذلك. قال ابن وهب عن المخزومي:
فيمن قال في وصيته لفلان عشرة دنانير صدقةٌ وعبدي فلانٌ حر وفلان مُدبرٌ ثم
رجع بعد أن صح فقال: لم أبتل ذلك فذلك له إلا في التدبير لأن العتق يمكن أن
يكون بعد الموت فحُمل أنه بتل تدبير للمدبر فإن بين فقال: مدبر بعد موتي
قال: فليس لذلك موضعٌ إلا أن يريد اللعب ويُحملُ على تدبير البتل قلت: إنه
عالمٌ غير جاهل فوقف. قال ابن القاسم: إن قال: إن مت من مرضي هذا فعبدي
مدبرٌ فلا يرجع فيه. قال أصبغ: ينزل منه على التدبير ولو دبره على غيره فله
أن يرجع، وبعد هذا مسألة ابن كنانة فيمن أوصى لرجل بأمته عن دبر منه في باب
مفرد.
ما يكون من أفعال الموصي رجوعاً عن وصيته
وما لا يُعد رجوعاً من تغييره الشيء
أو إحداثه صنعةً فيه أو زيادة فيه وشبه (ذلك) (1)
من المجموعة والعتبية (2) من رواية عيسى قال ابن القاسم: فيمن أوصى لرجل
بدينٍ له على رجل ثم اقتضاه في مرضه فأنفقه أو استودعه فهو رجوع ولا شيء
له. قال في العتبية (3): إلا أن يوصي له بمائة مبهمة أو عُرفت المائة
بعينها ولم يحرك.
__________
(1) كلمة ذلك ساقطة من الأصل.
(2) البيان والتحصيل، 13: 90.
(3) البيان والتحصيل، 13: 90.
(11/331)
قال ابن القاسم في المجموعة: وإن أوصى له
بزرعٍ ثم حصده أو بثمر ثم جذه أو بصوفٍ ثم جزه فليس برجوع/ إلا أن يدرس
القمح ويكتاله ويدخله بيته فهذا رجوع، وإن أوصى له بعبد فرهنه فليس برجوع
وليبدأ من رأس المال ولو أجره فالعبد للموصي، قاله مالك.
ومنه ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم وأشهب: فإن أوصى له بثوب فصبغه
فالثوب بصبغه للموصى له.
قال أشهب: وكذلك لو غسله أو كانت داراً فجصصها أو زاد فيها بناءً أو سويقاً
(1) فلته لأنه لم يتغير الاسم عن حاله. قال أشهب: ولو أوصى له بعرصة فبناها
داراً فذلك رجوع، ولو أوصى له بدار فهدمها حتى صارت عرصةً فليس برجوع فيها
كله لأنه موصى له بعرصة وبناءٍ فأزال البنيان وأبقى العرصة.
قال في كتاب ابن المواز: ولا وصية له في النقض الذي نُقض. قال: وأما الموصي
بعرصة فيبنيها فإنه لا يقع عليها بعد البناء اسمُ عرصة. وقاله سحنون في
العتبية (2).
قال ابن عبدوس: قال ابن القاسم: إذا هدم الدار فالعرصة والنقض للموصى له،
قال عنه أصبغ وأبو زيد في العتبية (3): وإذا أوصى له بعرصة ثم بنى بها
لكانا شريكين فيها بقدر قيمة البناء في العرصة، وقاله أصبغ. وكذلك لو أوصى
له بثوب فصبغه أو بسويق فلته كانا فيه شريكين بقدره من قدر الصبغ واللتات.
ومن المجموعة ونحوه في كتاب ابن المواز قال ابن القاسم: ولو أوصى له بغزل
فحاكه ثوباً أو دبراً فقطعه/ قميصاً فهو رجوع، وقاله أشهب. قال أشهب: أو
أوصى له بقميص ثم قطعه قباءٌ أو جُبة فردها قميصاً أو ببطانة ثم بطن بها
ثوباً أو __________
(1) السويق: الناعم من دقيق الحنطة والشعير.
(2) البيان والتحصيل، 13: 349.
(3) البيان والتحصيل، 13: 349.
(11/332)
بظهارةٍ ثم ظهر بها ثوباً أو بقطن ثم حشا
به أو غزله أو بغزل ثم نسجه أو بفضة ثم صاعها خاتماً أو بشاة ثم ذبحها ثم
مات فهذا كله رجوع وتبطل الوصية لأنه لا يقع عليه الاسم الذي أوصى فيه، قال
أشهب: وإن أوصى له بثوب أو عبد ثم باعه فإن مات قبل أن يشتريه فقد رجع ولا
وصية فيه، وإن اشتراه عادت الوصية فيه بحالها إن مات كان للموصى له وإذا
أوصى له بعبد في غير ملكه أن يشتري ثم صار ذلك العبد إلى الموصي بميراث أو
صدقة أو هبة ثم مات فالوصية فيه نافذة.
ومن العتبية (1) قال أصبغ عن ابن وهب: فيمن أوصى لرجل بمزودٍ جديد ثم لته
بعسل أو سمن فليس برجوع كما لو أوصى له بعبد ثم علمه الكتاب قال أصبغ: ليس
برجوع ويكون شريكاً بقدرها من قدر اللتات، وكذلك الثوب بصبغة والقاعة
بينهما. قال ابن القاسم: وإن أوصى بريطةٍ (2) فقطعها قميصاً قبل أن يموت أن
هذا رجوعٌ بخلاف وطئه للأمة.
وقال أبو زيد عن ابن القاسم: وإذا قال: ثوبي لزيد ثم قطعه قميصاً ولبسه في
مرضه فليس برجوع وهو للموصى له، ولو قال شُقتي لفلان ثم قطعها قميصاً أو/
سراويلاتٍ كان رجوعاً لتغير الاسم، وإذا صبغ الثوب صبغاً زاده فليضرب فيه
بقيمته أبيض.
قال ابن حبيب قال أصبغ: في امرأة أعتقت أمتها في مرضها فقال لها من يجهل لا
يجوز لها منها إلا الثلث، قالت: فإذا كان لا يجوز فأعتقوا ثلثها قال: هذا
رجوعٌ وزلا يعتق إلا ثلث الأمةِ لأنها صدقت من قال لها ذلك، ولو قالت: فإن
كان لا يجوز ذلك فاعتقوا ثلثها فهذه كلها تعتق في الثلث لقولها فإن كان
كأنها قالت وإن لم يجز ذلك.
__________
(1) البيان والتحصيل، 13: 299.
(2) الريطة: الملاءة إذا كانت قطعة واحدة ونسجاً واحداً ولم تكن بفلقين
والجمع ريط ورياط.
(11/333)
فيمن أوصى بشيء لرجل ثم باع ذلك أو انتفع
به
أو هلك بعضُه ثم أخلف مثله أو زاد في العد أو نقص
أو غير اسمه وقد عين أو أبهم
من العتبية (1) روى أشهب عن مالك: فيمن أوصى لرجل بثيابه ثم باع بعضها
وأخلف ثياباً أو بمتاع بينةٍ فتنكسر الصفحة ويذهب الشيء ثم يخلفه فذلك
للموصى له، وكذلك من أوصى لأخيه بسيفه ودرعه فهلك ذلك ثم يخلفه فهو للموصى
له كما لو أوصى له بحائطه فيكسر منه النخلات ويغرس فيه ودياً (2) أو يُنبتُ
فيه ودياً ويزرع فيه زرعاً فذلك له وهذا الذي أراد الميت وأما لو أوصى له
بعبد بعينه قال في كتاب ابن المواز: أو بعتقه فمات العبد فأخلف غيره فبخلاف
ذلك، ولو قال: رقيقي أو ثيابي لفلان فمات بعضهم/ وخلف بعض الثياب فأفاد
رقيقاً وثياباً فللموصى له جميع رقيقه وثيابه كما لو أوصى لرجل بسُدس ماله
فله سدس ماله على ما هو به يوم يموت، وكما لو قال: إذا مت فرقيقي أحرارٌ
فيبيعهم ويبتاع غيرهم فالوصية بحالها، وكذلك لو زاد إليهم غيرهم، ولو قال:
عبدي النوبي أو الصقلبي حر فباعه واشترى مثله صقلبياً أو نوبياً أو حبشياً
آخر فلا عتق له كما لو اشترى معه غيره لم يعتق ذلك الغير.
ومن كتاب ابن المواز: وإذا أوصى في عبد له بالعتق أو لفلان فمات العبد أو
باعه أو وهبه ثم اشترى عبداً غيره فإن كان الأول بعينه سماه أو قال: هذا من
رقيقي أو من إبلي لزيد فمات بعضهم ثم أفاد غيرهم من إبل أو عبيد فالوصية
ترجع فيمن أفاد كما كانت.
قال أشهب عن مالك: وكذلك قوله: ثيابي أو سلاحي أو متاعي فيذهب ذلك ويستحدث
مثله فإن الوصية فيما أفاد قائمةً، قال مالك: وكذلك لو كانت له دُورٌ
محبسةٌ حبسها هو أو أبوه أو أجنبي ومرجعها إليه وكذلك جمله __________
(1) البيان والتحصيل، 13: 24.
(2) الودي: صغار الفسيل والواحدة ودية سمى بذلك لأنه يخرج من النخل ثم يقطع
فيغرس.
(11/334)
الشارد وعبده الآبق يرجع ذلك كله إليه بعد
موته ولو بعد سنين وكذلك قوله: حائطي لزيد فانكسر نخلات منه وغرس مكانهن أو
زاد أو زرع، محمد: لأنه حائط بعينه باقٍ فأما لو ذهب الحائطُ فاشترى آخر
فلا شيء فيه للموصى له إذا عينه/ أو قصد تعيينه، وإن لم يقل هذا الحائط
بعينه ولكن وصفه بصفة ثم هلك الحائط أو باعه أو استحدث مثله في صفته فاختلف
فيه، فابن القاسم يقول: تسقط الوصية وروى هو وأشهب عن مالك: في التي قالت:
ثوبي الخز لفلانة فذهب ثوبها وأخلفت مثله أنه لا شيء للموصى له فيه وخالف
ذلك أشهب فيمن أوصى برقيقه فسماهم ووصف سلاحه وثيابه بصفة ذلك وجنسه ثم
استهلك بعض ذلك واستفاد مثله ثم هلك قال: فلا يكون ذلك للموصى له إلا أن
يوافقه في الاسم، مثل أن يقول: عبدي نجيح النوبي حر وقميصي المروي [الكدر]
(1) لزيدٍ أو سيفي العدني في السبيل أن الوصية تقع في الثاني الذي هو مثل
الأول في الاسم والصفة قال أشهب: فإن قيل فإن له إن حلف بحريته إن فعل كذا
فباعه واشترى مثله اسماً أو صفة ثم فعل أنه لا يحنث قيل له: ذلك يختلف، لأن
الوصية يُرجع فيها ولا يُرجعُ في اليمين، ولو حلف بعتق رقيقه فيحنث فإنما
يلزمه فيمن عنده يوم حلف.
وإذا أوصى برقيقه ثم بدلهم أو زاد أو نقص فإنما للموصى له من يكون عنده يوم
مات لا يوم أوصى، قاله مالك. وكذلك وصيتُه في جزءٍ من المال، ولم يأخذ
محمدٌ بقول أشهب حين جعل المبهم والموصوف بالاسم والصفة سواء، ومسألة مالكٍ
في التي أوصت في ثوبها/ الخز يُرد هذا، وقال ابن القاسم: في الذي أوصلى أن
غلامي النوبي أو الصقلبي حر فباعه ثم ابتاع مثله فلا يعتق إلا أن يشتريه هو
بعينه، ولأنه لو قال: رقيقي أحرارٌ في وصيته ثم زاد إليهم غيرهم لأعتقوا
أجمعون، ولو قال: عبدي النوبي ثم اشترى مثله لم يعتق إلا الأول فليس المبهم
كالمقصود بالاسم والصفة، وبهذا أخذ أصبغ.
__________
(1) بعد التأمل في الأصل قروناً كتابتها على الشكل الذي وضعناه وإلا فهي
غير واضحة تمام الوضوح.
(11/335)
قال محمد: وليس قوله عبدي أو ثلاثة أعبدٍ
كقوله عبيدي، لأن قوله عبدي أو ثلاثة أعبدي تعيينٌ لهم لا يعدوهم العتق،
وقوله عبيدي غير تعيين بالعتق فيمن عنده يوم مات زاد فيهم أو نقص قبل ذلك.
قال أشهب: إذا أوصى فقال: غلامي نجيحٌ الصقلبي حُر فباع واشترى من اسمُه
نجيحٌ وهو نوبي فلا وصية فيه حتى يوافقه في الاسم والجنس، ولو قال: غلامي
نجيحٌ حُر ولم يصفه بصفة فاشترى من اسمُه مبارك فسماه نجيحاً لأعتق قال
محمد: وقد أخبرتُك أنه إنما يُنظر إلى المعين فيكون خلاف المبهم، ولو قال:
غلامي نجيحٌ ثم سماه مباركاً لم تزل الوصية عنه لأنه عبد نفسه، وقاله أشهب:
ولو اشترى آخر فسماه باسمٍ غير الذي اسمُه لم يعتق إلا الأول، قال أشهب:
ولو قال في وصيته: عبدي حر ولم يُسمه وليس له غيره ثم اشترى غيره ثم مات
فلا لاستحسان أن يعتق الأول، وبه أقول، لأنه إياه أراد، والقياس أن يعتق
نصفها بالسهم/ قال محمد: لا يعتق إلا الأول. قال أشهب: ولو قال في وصيته:
عبدي حر ولم يسمه وليس له غيره ثم اشترى غيره ثم إن له عبدين فقال هما حران
فمات واشترى آخر فهما حران.
قال محمد: لا يعتق عندي إلا الباقي من العبدين كمن قال: عبدي حر لا كمن
قال: عبيدي. ولو لم يمت من العبدين أحد واشترى ثالثاً لم يعتق إلا الأول،
ولو قال: عبيدي دخل من اشترى في وصيته مات الأولان أو بقيا، ولو قال: ثلاثة
أعبدي كان كالتعيين لا يعتق غيرهم ممن يفيد.
قال أشهب: ولو قال: عبداي حران فمات أحدهما ثم اشترى اثنين فلا يعتق من
الذي اشترى إلا واحداً بالسهم نصف قيمتهما، ولو أعتق نصف كل واحد لجاز
والسهم أحب إلي ويعتق الأول. قال محمد: لا يصلح لأنه قد علم أن الميت أراد
الأول وصاحبه ولو كان أراد المبهم لزم أشهب: إذا اشترى غيرهما مناقصة لأنه
يقول في هذا لا يعتق إلا الأولان، ولو قال: عبدي حر وله عبدٌ واحدٌ فاشترى
آخر فقال: إن القياس السهم بينهما ولكني أستحسن عتق الأول، وقال في الاثنين
يموت أحدهما ثم اشترى اثنين أن يعتق الأول ويسهم بين الاثنين وكان ينبغي في
القياس عنده أن يعتق ثلثا الثلاثة. والصواب عندنا وهو قولُ مالكٍ وابن
(11/336)
القاسم أن قوله: عبدي حر أو عبداي (1) حران
أو ثلاثة أعبدي أنه تعيين لا ينصرف العتقُ إلى غيرهم كمسألة مالك في ثوب
الخز رواها أشهب./ قال محمد: وأما إن قال: عبدي حر وله عبيدٌ كمن يعتق أحد
عبيده وليس كمن له غيرهم.
فيمن أوصى لرجل بجاريته أو بالثلث عن دبرٍ منه
هل له رجوعٌ؟ وهل الوطء رجوعٌ؟
من المجموعة قال ابن كنانة: ومن أوصى لرجل بجارية عن دبرٍ منه أو بالثلث عن
دبر منه فإن له الوطء والبيع في الجارية ويحدث في ثلثه ما شاء ولا تنتقض
وصيتُه إلا أن تحمل الأمة من سنتها أو تخرج من ملكه أو شيء من ثلثه، وقاله
ابن القاسم في الوطء ليس برجوع، وقاله محمد وأصبغ وأبو زيد في العتبية (2)
قال عنه أبو زيد: وإن وُقفت الأمة بعد موته خيفة أن تكون حاملاً منه ولا
شيء للموصى له في قيمتها، وذكره عنه في المجموعة قال ابن عبدوس: انظر في
هذا هي إنما فيها القيمة والقيمة تدخل في المال وتدخل فيها الوصايا لو لم
يوصِ برقبتها فلما أوصى بها فالموصى له أحق بقيمتها لأن حكمها حكم الأمة
حتى يتبين حملُها وكذلك أمةً لعبدٍ كان يطؤها فأعتقه سيده ثم أعتقها العبدُ
فحكمها حكم الأمة حتى تضع.
ومن العتبية روى أصبغ عن ابن القاسم: فيمن أوصى لرجل بجارية له أو أوصى
بعتقها فإن له وطأها لأن له الرجوع والبيع وأما لو أعتق في مرضه أو تصدق
بتلاً فلا يطؤها وإن كانت من الثلث لأنه/ لو صح نفذ عتقه.
__________
(1) في الأصل، عبدي حر أو عبدي حران والصواب ما أثبتناه.
(2) البيان والتحصيل، 13: 35.
(11/337)
فيمن أوصى بوصية أو بعد وصية
أو أوصى في شيءٍ واحدٍ بأمرين مختلفين
من كتاب ابن المواز ومن المجموعة روى ابن وهب وابن القاسم وعلي عن مالك:
فيمن أوصى بوصية وأشهد عليها ثم أوصى بأخرى عند الموت ولم يذكر الأولى فهما
جائزتان إلا أن يتبين في الآخرة نقصُ شيءٍ من الأولى. قال في كتاب ابن
المواز: وإذا أوصى الميت بوصية بعد وصية فإن عجز ثلثه فلا تبدئة للأول ولا
للآخر كان في كتاب واحد أو في كتاب بعد كتاب، وإن كان بينهما سنون فإن كان
عتقاً بعد عتق فإنما فيه الحصاص إلا ما كان من تدبير أو عتق بتل فإنه إن
كان في وصية واحدة فهو كشيءٍ واحد لا تبدية فيه إلا أن تُدَبرَ أو يبتل ثم
يبدو له فيدبرُ فليُبدأ الأول.
ومن العتبية روى محمد بن خالد عن ابن القاسم: فيمن كتب وصية عند سفره ثم
حضره الموت في سفره فكتب وصيةً أخرى ولم يذكر وصيته الأخرى وأسند الثانية
إلى رجل فأنفذها عنه في سفره ذلك مما ترك في يديه قال: هو ضامن لما أعطى،
وقاله ابن نافع، وروى عبد الملك بن الحسن عن أشهب: فيمن عوتب في أقاربه أن
يصلهم وأوصى لهم بثلثه ثم أنه مرض فأوصى بثلثه – يريد في شيءٍ آخر- قال:
ليس لأقاربه شيءٌ.
قال يحيى بن يحيى عن ابن القاسم: فيمن أوصى بثلثه في سبيل الله سبحانه ثم
قال بعد يوم أو يومين:/ يُقسم ثُلثي أثلاثاً فثلثٌ في المساكين وثلث في
الرقاب وثلث يُحج به عني قال: يُقسم ثلثه نصفين فنصفه في سبيل الله ونصفه
يُقسم أثلاثاً على ما ينص في وصيته.
(11/338)
فيمن أوصى لرجل بعبد ولآخر بسدس ماله
أو لهذا بجزءٍ من ماله ولآخر بجزء أكثر منه أو أقل
من كتاب ابن المواز: وإذا أوصى لرجل بعبد ثم أوصى لآخر بسُدس ماله وترك
خمسمائة دينار وقيمةُ العبد مائة دينار قال: فلهذا العبدُ كله ولهذا مائة
دينارٍ لأن هذا وفاءُ الثلث.
وقال أصبغ عن ابن القاسم: أن يأخذ صاحبُ السدسِ سُدس العبد ولصاحب والعبد
خمسهُ أسداس العبد ويكون سُدسُ العبد بينهما، ولا يعجبنا هذا ولا تؤخذ
الوصايا باللفظ ولكن على ما يرى أن الميت أراده، قال عمر: من وهب هبةً يرى
أنها للثواب. وأخبرني أبو زيد أراه عن أشهب أنه عابه وقال: لو قلتُ هذا
لزمته رجوعاً ويكون سدس العبد للآخر وحده، قال أشهب: وكذلك لو أوصى لرجل
بثلث ماله ولآخر بعبده وهو سدس المال فإن لكل واحد ثلثي وصيته، لصاحب الثلث
ثلثا الثلث في كل شيءٍ وللآخر ثلث الثلث في العبد، ولو أوصى لواحد بالسدس
ولآخر بالعبد وهو الثلث فله ثلثا العبد وللآخر ثلثا الثلث من كل شيءٍ يكون
شريكاً للورثة بالسبعِ/، ولو كان العبد السدس كان كله له والآخر شريكاً
بالخُمس.
من المجموعة قال أشهب: ومن أوصى لرجل بثلث ماله ولآخر بنصفه فالثلث بينهما
على خمسة، وإن أوصى للثاني بجميعه فالثلث بينهما على أربعة. وقاله ابن
القاسم.
فيمن أوصى لرجل بعبده أو بعتقه ثم أوصى به لآخر
أو أوصى للأول برقبته أو خدمته وللثاني مثل ذلك
أو بأن يُباع منه ومن غيره
من كتاب ابن المواز: ومن أوصى أن عبده ميمون لزيدٍ وكتب في وصيته تلك أو في
غيرها أنه لعمرو فهو بينهما حتى يتبين أنه رجوع أو يظهر دليلٌ على
(11/339)
ذلك مثل أن يقول: عبدي الذي أوصيتُ به لزيد
هو لعمرٍو فهذا رجوع، فإن لم يقبله الثاني فلا شيء للأول، وذكره ابن عبدوس
عن ابن القاسم وأشهب وأنه قول مالكٍ.
قال أشهب: لأنه قد أوصى لهما به فتساويا وليس ما يبدأ به في اللفظ يوجب
التبدية وكذلك لو كانت داراً فذلك أو ما حمل الثلث منه فبينهما.
قال ابن القاسم وأشهب: فإن أوصى بعبده لوارث ثم أوصى به لأجنبي فهو بينهما
ويرجع نصيب الوارث ميراثاً إلا أن يجيز له الورثة، قال ابن القاسم: وإن
أوصى بعتقه ثم أوصى به لرجل فهذا رجوع وكذلك لو أجرى وصيةً بعتقه. وقال
أشهب/ في الوصايا الثالث مثله وقال في الثاني إن أوصى به لرجل بعد أن أوصى
بعتقه فالعتق أولى، ولو كان لرجل آخر لتحاصا فالعتق مبدأ.
ومن العتبية (1) روى يحيى بن يحيى عن ابن وهب: في امرأة أوصت لبني زوجها
بعبيد سمتهم حين خرجت من الأندلس ودفعتهم إليهم ثم كتبت من مصر إلى رجل أن
يبيع لها كل مالها بالأندلس من رأسٍ وغيره ولم تذكر أولياء الرقيق بذكر
ولها رقيقٌ وغيرهم فطلب الوكيل بيع الجميع وقال هذا رجوعٌ عما أوصت، وقال
بنو الزوج لو رجعت لسمتهم قال: يوقفون ويعاود بكتاب فيهم فإن مات قبل ذلك
نفذت الوصية ولم يُغير إلا بأمر بينٍ، قال ابن القاسم: كتابها بالبيع رجوعٌ
عن الوصية كما لو كتبت بصدقة كل مالها بالأندلس على رجل كان رجوعاً والصدقة
أثبتُ لهم من الوصية ويُقضى لهم، وكذلك لو أعتقت كل مالها من عبدٍ بالأندلس
كان العتقُ أولى.
ومن المجموعة وكتاب ابن المواز قال أشهب: ومن أوصى بعبده لفلان ثم أوصى
ببيعه أو قال: بيعوه من فلان وسمى ثمناً أو لم يُسم فهو رجوع والوصية للآخر
ويباع من الذي سمى ويحُط ثلث ثمنه إن لم يُسم وإن سمى ثمناً لم يُحط منه
شيءٌ، فإن قبله فذلك وإلا عاد ميراثاً، قال أشهب: حتى لو قال: عبدي
__________
(1) البيان والتحصيل، 13: 272.
(11/340)
لفلان وبيعوه من فلان فليبع منه بثلثي
ثمنه/ (و) يعطاه للأول فإن ترك الموصى له فابتياعه سواء، فالثلث الذي أوصى
به للورثة دون الموصى له به.
قال في كتاب ابن المواز: ويكون للموصى له بالعبد ثلثا ثمنه قال في
الكتابين: وكذلك لو قال: عبدي فلانٌ لفلان وهو لفلان فهو بينهما نصفان فإن
رد الآخر نصفه فنصفه للورثة.
قال ابن عبدوس عن أشهب وقال ابن المواز عن ابن القاسم: فيمن أوصى بعبده
لفلان وفي وصية له أخرى أن يُباع من فلان ولا مال له غيره فإن ثلث العبد
يكون بينهما أرباعاً للموصى له بالعبد ثلاثةُ أرباع الثلث وللموصى له ببيعه
ربع الثلث.
قال ابن عبدوس قال سحنون: ولو أوصى أن تُباع داره من فلان بمائة وأوصى بعد
ذلك أن تُباع تلك الدار من فلان بخمسين فإن حملها الثلث بيع نصفها من هذا
بخمسين ونصفها من الآخر بخمسة وعشرين وإن لم يحملها الثلث خُير الورثة فإما
أجازوا أو يُسلمون لهم من ثلث الميت في الدار فتكون بينهما نصفين.
قال: ولا أرى للمريض أن يوصي ببيع دار بعد موته ليس له غيرها وإن لم يحاب
لأنهم يملكون بموته الثلثين وإنما له ذلك في حياته. ومن المجموعة قال أشهب:
إذا قال في وصيته: علة عبدي لفلان ثم قال بعد ذلك لفلان آخر فليس برجوع
والغلة والخدمة سواء، فإن حمله الثلث اختدماه أو استغلاه جميعاً يكون
بينهما بالسواء، وإن لم يحمله الثلثُ خُير الورثة أن يجيزوا ذلك أو
يُسلموا/ إليهما ثلث الميت قال ابن القاسم: وإن قال: عبدي يخدم فلاناً
سنتين ثم هو حُر ثم قال يخدم فلاناً سنةً أنهما يتحاصان في خدمته سنتين
[فلصاحب السنة خدمتُه ثلثي سنة ولصاحب السنتين خدمتُه سنةً وثلثاً] (1) ولو
قال: يخدم فلاناً __________
(1) العبارة في الأصل جاءت على الشكل التالي: ولصاحب السنة خدمته ثلثا سنة
ولصاحب السنتين خدمته سنة وثلث والصواب ما أثبتناه.
(11/341)
سنة ثم هو حُر ثم قال يخدم فلاناً سنتين
فليتحاصا في خدمته سنة ثم هو حر لهذا ثلثاها وللآخر ثلثها.
فيمن له ثلاثة أعبد وأوصى بهم لرجل أو لرجلين
ثم أوصى بأحدهم بعينه لرجل ثالث أو لأحد الرجلين
وبالثالث لآخر أو أوصى بأحدهم غير مسمى لرجل
وبواحد بعينه لرجل
أو كانت الوصية بدين على هذا المعنى
من العتبية (1) أراه من سماع أصبغ أو عيسى قال ابن القاسم: ومن له ثلاثة
أعبدٍ أوصى بهم لرجل ثم أوصى بواحد منهم سماه لآخر فإن حملهم الثلث
فالعبدان للأول ويكون الثالث بينه وبين الآخر نصفين وإن حمل من كل واحد
ثلثاه فما حمل من العبدين للأول وما حمل من الثالث بينهما بجميع الثمن. قال
أصبغ: وتكون وصية كل واحد في المحاصة فيما أوصى له فيه لا في سائر التركة.
ومنه ومن العتبية: وإن أوصى بثلاثة أعبُدٍ لرجلين ثم أوصى لأحدهما باثنين
منهم سماهم وبالثالث للرجل الثالث فليضربا فيهما بأكثر الوصيتين فإن كان
قيمة العبد المنفرد أكثر من نصف قيمتها ضرب صاحبه فيهما بقيمته وإن كان/
نصفهما أكثر له صوب له بنصفهما وكذلك الموصى له بنصفهما وكذلك الموصى له
بالاثنين إن كان قيمتهما أقل من نصف الثلاثة ضرب له بذلك وإن كان نصفهم
أكثر ضرب له بذلك وكذلك يضربان فيما حمل الثلث منهم بأكثر الوصيتين، وروى
عنه عيسى: وإذا أوصى لفلان وفلان بالمائة التي له على فلان ثم أوصى بها
لأحدهما فليضرب فيها الواحد بمائة ويضرب الآخر بخمسين. ولو قال: عبدي ميمون
ومرزوق للموصى لهما وإن لم يدع غيرهم فثلث جائز بينهما وثلثا الاثنين
للآخر.
__________
(1) البيان والتحصيل، 13: 102.
(11/342)
ومنه ومن رواية عيسى ومن المجموعة: ومن ليس
له غير ثلاثة أعبد قيمتهم سواء وأوصى لرجل بأحدهم ولم يُسمه ثم أوصى لآخر
بعبد بعينه منهم فليُسهم بينهم أيهم يقع للذي أُبهم عبدُه فإن وقع له
المعينُ كان بينهما نصفين وإن وقع له الآخر فله نصفه وللورثة نصفه ولصاحب
المعين نصف المعين فحصاصُ هذا لصاحبه بقيمة المعين ويحاصه الآخرُ ثلث
قيمتهم.
فيمن أوصى لرجل بوصية بعد وصية من صنف واحد
مختلفي العدد أو من صنفين مختلفين
من المجموعة وغيرها روى ابن القاسم وابن وهب وعبد الملك وغيره عن مالك:
فيمن أوصى لرجل بدنانير ثم أوصى له بدنانير أقل عدداً أو أكثر فله أكثر
الوصيتين، قال/ عبد الملك: لأنه لما لم يتبين أنه يرجع عن الأولى واحتمل أن
يكون بسببها أعطيناه أكثرهما. قال عبد الملك فيه وفي كتاب ابن حبيب: وأما
إن كانت وصيةٌ واحدة فسمى له في أولها عشرةً ثم سمى له في آخرها أكثر من
عبدي فله الزائد على العشرة وله الآخرة فقط وكأنه يقبل الأولى فزاده فقال
له عشرون منها الأولى ولا يحسن في المسألة الأولى أن يقول أخر له عشرةً أو
تسعةً منها الأولى، ولو قال: لزيد عشرةٌ ولفلان كذا ولفلان كذا ولزيد عشرون
فإنما له عشرون وكانت واو النسق على ما قاربها من ذكر غيره ولأنه يحسن أن
ينسق (1) بذلك. ولو قال: وانظروا فلاناً فإنه فعل بنا كذا أو ظلم فلاناً
ولزيد عشرون فهذا لا يحسن أن ينسق (2) إلا على الأولى فكأنه قال: لزيد عشرة
وله عشرون وله ثلاثون ولو قال لزيد عشرة لزيد عشرون لم يكن له إلا عشرون.
قال عنهما ابن حبيب: وكذلك ما يوزن أو يكال في بدايته بالأكثر أو الأقل،
وكذلك العين لأنه صنف وأخذ الدنانير والدراهم بدأ بالذهب أو بالفضة ويُعتبر
الأكثر والأقل بالصرف، ورواه كله عن مالك.
__________
(1) كلمة غير منقوطة في الأصل.
(2) كلمة غير واضحة في الأصل.
(11/343)
قال ابن الماجشون: ولو كانا في كتابين أخذ
أكثر الوصيتين لا يُراعى فيها شيءٌ.
وقال مطرف: كانا في كتاب أو كتابين يراعى الأقل إذا بدأ به أو بالأكثر
فالأول إن كان عروضاً أو عرضاً وعيناً/ فله الوصيتان جميعاً تفاضل ذلك أم
لا في كتاب أو كتابين وساوى ابن القاسم في كتاب وكتابين إن كانت الوصيتان
عيناً أو يُكال ويوزن فله الأكثرُ منهما كانت الأولى والآخرة وجعل الدنانير
والدراهم صنفين في هذا وله الوصيتان، وقاله أصبغ قال ابن حبيب بقول مطرف
وابن الماجشون.
ومن المجموعة وروى علي بن زيد عن مالك: إن أوصى له بخمسة ثم أوصى له في
وصية أخرى بعشرة فله عشرة ولو كانت الأولى عشرة والثانية خمسة فله خمسة
عشر.
وقال أشهب ورواه عن مالك: إن كل ما كان من صنف واحد فله أكثر بالوصيتين
كانت الأولى أو الآخرة، قال أشهب كان ذلك مما يُكال ويوزن ومما لا يكال ولا
لايوزن كان حبوباً أو عروضاً أو غيرها ما لم يكن في ذلك شيءٌ بعينه، وكذلك
لو قال: لفلانٍ عشرة أعبدٍ أو أقواس أو أندر أو أثواب قال: من أندري أو من
عبيدي أو من دوري أو أقواسي أو ثيابي أو لم يقل ثم أوصى له بأكثر من ذلك أو
بأقل من ذلك الجنس فله الأكثر ما لم يكن شيئاً بعينه، وكذلك قال ابن القاسم
فيما يكال ويوزن وفي الحيوان والدور ويكون شريكاً فيما لا يُكال ولا يوزن
بذلك العدد إن كان عشرة وعند الميت عشرون فله نصفه ذلك ما بقي وقع له في
القسم أقل من العدد أو أكثر، وإن كانت دورٌ في غير ملك أُعطي النصف من كل
ناحية وهذا إذا حمل الثلث الوصية أو أجاز الورثة/ وإلا فبمقدار ما حمل
الثلث منها يكون به شريكاً.
قال أشهب: وهذا قول مالكٍ كله لي في غير عام ذلك كانت الولى هي الأكثر أو
الآخرة، وذكر ابن المواز عن أشهب عن مالك نحو ما تقدم أنه إذا
(11/344)
أوصى له بشيءٍ بعد شيءٍ في كتاب واحد أو
كتاب بعد كتاب ولم يذكر الأولى فما كان من نوع واحد من دنانير أو دراهم أو
طعام يُكالُ أو يوزن فله أكثرهما، وإن كانت أشياء مختلفةً دنانير وعبد
ودابة أخذ الجميع وحُوصص له به، محمد: وكذلك دنانير ودراهم وقمحٌ وشعير أو
دراهم وسبائكُ فضةٍ فله ذلك كله.
وفي العتبية (1) ذكر يحيى بن يحيى عن ابن القاسم مثل ما تقدم، إن أوصى له
في وصية بعشرة وفي أخرى بعشرين أخذ عشرين وإن كان في هذه مائة دينار وفي
هذه مائة درهم أخذ ما في الوصيتين، وإن كان في هذه فرسان وفي هذه ثلاثة أخذ
ثلاثة فأما في هذه فرسٌ وفي هذه جملان فليأخذ فرساً وجملين، وكذلك الدنانير
والدراهم والحيوان والثياب إذا اتفق الجنس أخذ أكثرهما، فإن اختلف فله
الوصيتان.
قال في المجموعة ابن القاسم وأشهب: ولو أوصى له بثلثي ماله ثم أوصى له
بثلثه لحاص بالأكثر، قال أشهب: ولو أوصى له في كل مرة بالثلث لحاص بثلث
واحد وإلا ثلاثاً كالدنانير ولا تُعرفُ بأعيانها، فأما إن أوصى له بالثلث
ثم أوصى له بعدة دنانير أو بعبد لحاص بالثلث والعدة الدنانير أو العتق.
وقال أيضاً/ أشهب: إن أوصى له بثلاثين ديناراً ثم أوصى له بالثلث أنه يُحاص
بالثلث من كل شيءٍ ويُنظرُ إلى ما ترك من العين فإن كان أكثر من الثلاثين
حاص به وإن كانت الثلاثون أكثر حاص بها.
قال ابن القاسم: إن أوصى له بثلاثين ديناراً ثم أوصى له بالثلث فليُحاص
بالأكثر، قال سحنون: معناه عندي أن ماله عين كله، وذكر ابن حبيب عن أصبغ
نحوه إن كان مالُه ناضاً أعطى الأكثر وإن كان ماله عرضاً كله أُعطي
الوصيتين إن أجازوا له وإن لم يجيزوا ومعه وصايا ضرب بالثلث وبالمال، وإن
لم __________
(1) البيان والتحصيل، 13: 199.
(11/345)
تكن وصايا فإنما له الثلث وإن كان ماله
عرضاً وناضاً فله ثلث العرض والأكثر من ثلث العين أو الدنانير المسماة –
يريد في الحصاص.
ومن العتبية (1) قال أصبغ عن البن القاسم: فيمن أوصى بثلثه لفلان وفلان
[وفلان] (2) ثم قال أعطُوا فلاناً مائة لأحد الثلاثة فإنه يضرب له بالأكثر
الوصيتين من المائة أو من ثلث الثلث.
قال أصبغ: وفيها شيءٌ ولنا تفسير.
ومن كتاب ابن المواز قال أصبغ: وإذا أوصى بمائة دينار ثم أوصى له بثلثه في
وصية أخرى فإن كان ماله كله عيناً ضرب بأكثر الوصيتين وإن كان عرضاً وعيناً
ضرب له بثلث العرض ونظر إلى ثلث العين، وإن كان أكثر من مائة أو كانت
المائة أكثر ضرب له بأكثرهما وقاله أشهب.
قال: وإن أوصى لرجل بألف دينار/ وأوصى لغيره بوصايا ثم أوصى لصاحب الألف
بخمسمائة دينار مُبدأة فإنه يُحاص له بالألف فإن صار له خمسمائة فأكثر لم
يكن له غير ذلك وإن صار له بحصاص الألف لأقل من خمسمائة تمت له خمسمائة
مُبدأة كما قال.
قال مالك: ومن أوصى لرجل بثلاثمائة دينار وبمسكن ويبدأ ذلك كله على الوصايا
ثم أوصى له بعد عامين في وصية أخرى بألف دينار ولم يقل مبدأة قال: يبدأ
بالمسكن بكل حال ويحاصص بألف دينارٍ فإن وقع له أقل من ثلاثمائة بُدئ ببقية
الثلاثمائة وإن وقع له أكثر من ثلاثمائة كان ذلك له، وذكر في العتبية (3)
من سماع أشهب عن مالك وهو في المجموعة (4): ثم أقام سنين ثم أوصى لفلان كذا
ولفلان كذا ولفلانٍ – يعني الأول- ألف دينار فإنه يبدأ للأول بالمسكنِ ثم
__________
(1) البيان والتحصيل، 13: 243.
(2) كلمة فلان الثالثة ساقطة من الأصل وزيادتها ضرورية لاكتمال الصورة التي
ذكرها.
(3) البيان والتحصيل، 13: 25.
(4) وقع في الأصل تكرار في بعض أجزاء هذه الفقرة وقد تلافينا ذلك أثناء
التصحيح والتصويب.
(11/346)
يحاصصُ أهل الوصايا بألف ومائة التي لم
يبدأ بها فإن صار له أكثر من ثلاثمائة فذلك له لأن له الأكثر.
قال في سماع عيسى عن ابن القاسم: وإن صار له/ الأقل من ثلاثمائة ثم له
ثلاثمائة مبدأ والسؤال في سماع عيسى عن ابن القاسم عن مالك: فيمن أوصى لرجل
بمائة مبدأ ويقوم بوصايا ثم قال بعد ذلك ولصاحب المائة المبدأ ألف دينار ثم
ذكر الجواز.
ومن المجموعة والعتبية (1) من رواية عيسى عن ابن القاسم: وإذا أوصى لواحد
بعشرة ولآخر بعشرين ولآخر بثلاثين ثم أوصى لهم بعد ذلك بالثلث فإنهم يُعطون
التسمية ثم يقتسمون ما بقي من الثلث أثلاثاً وقال أيضاً: بقدر ما بأيديهم.
ومن العتبية (2) قال سحنون وأصبغ عن ابن القاسم: إذا أوصى لرجل بدنانير
ودراهم أو بصيحاني (3) وبرني (4) في وصية أو وصيتين فله الصنفان. قال عنه
أبو زيد: إذا أوصى له في واحدة بعشرة وعبد وفي الثانية بخمسة وبرذونٍ (5)
أخذ عشرة والعبد والبرذون إن حمل الثلث وإن لم يحمل الثلث ولم يُجز الورثةُ
أخذ ما حُمل من ذلك كله، وإن أوصى له في واحدة بعبدين وفي الأخرى بعبد ولم
يعينهم فإنما له عبدان ولو عينهم كان له الثلاثة.
ومن المجموعة قال أشهب: إن أوصى لرجل بعبدٍ سماه ثم أوصى له بعبد فله
العبدان. قال عبد الملك: إذا أوصى له بعرضين مختلفين في وصيتين فله العرضان
ولو كانتا وصيتين في هذه دارٌ وفي هذه أصولٌ فله الأكثر من قيمتهما، قال
عبد الملك: فالدار والأصل لا يكون إلا شيئاً بعينه فهذا وجه قوله.
__________
(1) البيان والتحصيل، 13: 154.
(2) البيان والتحصيل، 13: 224.
(3) الصيحاني بسكر الصاد وتشديد الياء الأخيرة ضرب من تمر المدينة.
(4) البرني ضرب من التمر.
(5) البرذون: الدابة قال الكسائي الأنثى من البراذين برذونة.
(11/347)
/ذكر الكفن والوصية فيه وفي الوصية بما لا
يجوز
أو على الضرر
من المجموعة قال ابن القاسم وعلي عن مالك: والكفنُ أولى من الدين والميراث،
والرهن أولى من الكفن.
قال سحنون: وسكنى الزوجة في دار قد نقد الميت كراءها أولى من الكفن.
قال ابن القاسم: ومن نُبش فعلى ورثته كفنُه ثانيةً، وقد ذكرنا الاختلاف فيه
في كتاب الجنائز وفيه الوصيةُ في الكفن، قال علي عن مالك: ومن أوصى أن
يُكفن في كذا فلا يجوز من ذلك إلا ما يجوز في كفن مثله في فقره وغناه.
قال في كتاب ابن المواز: ومن أوصى بسرف في كفنه وحنوطه (1) ودفنه لم يجز
منه في رأس المال إلا ما يجوز لمثله، ورواه ابن وهب عن مالك، وقاله ابن
القاسم.
ومنه ومن العتبية (2) رواية عيسى عن ابن القاسم: ومن أوصى أن يُقام له في
عرس فلانٍ أو نياة على ميت لم يَجُز ولو كان بلهو يجوز في العرس مثل الدُّف
والكير فلا تَنفذ وصيتُه قال في كتاب ابن المواز: ويصير ذلك لأهل الميراث
دون أهل الوصايا.
ومن المجموعة وكتاب ابن المواز قال ابن القاسم عن مالك: ومن أوصى لرجل
بمالٍ على أن يصوم عنه لم يَجُز ذلك.
قال سحنون: وإن أوصى أن تُباع جاريتُه ممن يتخذها بنصف الثمن لم تجز وصيته.
قال ابن القاسم عن مالك: في وصية محمد بن سليمان أن جواريه أحرارٌ بعد
سبعين سنة؟ قال: لا تجوز وصيته وينظر السلطان، فإن رأى بيعهن/ __________
(1) الحنوط المراد به نوع من الطيب يستعمل غالباً لحفظ جثة الميت من
التعفن.
(2) البيان والتحصيل، 13: 139.
(11/348)
باعهُن وإن رأى تعجيل عتقهن فعل، واختار
ابن القاسم في كتاب ابن المواز أن يُبعن، وقال عبد الملك في مثل هذا العتق
باطلٌ فيما لا يبلغه عُمرُ العبد.
قال أشهب في المجموعة: فيمن أوصى بخدمة جاريته خمس سنين ثم هي حرة وأن يباع
ولدُها الصغير ويحج عنه بثمنه ومثله لا يُفرق من أمه؟ قال: يقرُّ مع أمه
فإذا بلغ بيع.
في المسلم يوصي للكافر بوصية أو بندرٍ أن يتصدق عليه
وفي الذمي يوصي بماله لك
من المجموعة روى ابن وهب عن مالك قال: وصية المسلم للكافر جائزة واحتج
بالجبة التي كسا عمر أخاه – وقاله ابن القاسم وأشهب. قال أشهب: كان ذا
قرابة أو أجنبياً، وقد أوصت صفية بنت حي إلى أخ بها كافر، وقال ابن حبيب عن
أصبغ: تجوز وصية المسلم للذمي ولا تجوز للحربي لأن ذلك قوةٌ لهم على حربهم
ويرجع ذلك ميراثاً ولا يُجعل في صدقة ولا غيرها وكل ذي أوصى بما لا يحل،
وأما الذمي فجعل الله في قتله، ديةً، وفي مُوطإٍ ابن وهب عن مالك: فيمن نذر
صدقةً على كافر أن ذلك يلزمه وفي موضع آخر [قال مالي] (1) صدقة على فقراء
اليهود أنه يلزمه صدقة ثلث ماله عليهم، وقد قال الله تعالى (ويُطعِمُون
الطَّعَامَ عَلَى حُبِّه مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً) [الإنسان:
الآية8] والأسير الكافر.
ومن المجموعة قال ابن القاسم: في نصراني أوصى بجميع ماله في الكنيسة ولا
وارث له قال:/ يدفع إلى أساقفتهم ثلثَ ماله لذلك وثلثاه للمسلمين، وفي
الباب الذي يلي هذا ذكرُ الوصية للحربي وهذه المسألة مكررة في آخر الكتاب
في باب مفرد.
__________
(1) ما بين معقوفتين غير واضح في الأصل.
(11/349)
فيمن أوصى لوارثٍ أو بما لا يجوز
فإن لم يُجزه ورثتي
فالعبد حر والمال في السبيل وتحج به عني
أو قال إن باع ورثتي داري فثلثها صدقة ونحو هذا
من المجموعة قال ابن نافع: قال الله سبحانه في الموصي: (غَيْرَ مُضَارًّ)
[النساء: من الآية12] فلا تجوز الوصية على الضرر.
قال أشهب وابن نافع وعبد الملك: فيمن أوصى لوارث وقال: فإن لم يُجز الورثة
فذلك في السبيل؟ فذلك باطل لأنه مضار بالورثة إذ منعوه ما لهم منعُه. وقال
ربيعة قال أشهب: إلا أن يجيز الورثة ذلك للوارث فيجوز. قال: فإن أوصى بذلك
لبعض أهل الحرب وقال: فإن أُجيز ذلك وإلا فهو في سبيل الله فلا يُجازُ هذا
في سبيل الله ولا في غيره ويُورثُ.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: ومن أوصى لبعض ورثته بغلام يخدمه إلى بلوغه
ثم هو حر فإن لم يُجز الورثة فثلثي صدقة على فلان قال: فالعبد حُر إلى
الأجل إن خرج من الثلث ويختدمه الورثة على مواريثهم إلى بلوغ من ذكر فيعتق،
محمد: وإن لم يسعه الثلث خُير الورثة بين إجازة ذلك أو عجلوا عتق محمل
الثلث منه بتلاً وهو من الضرر، وهو قول أصحاب مالكٍ أجمع ورواه ابن وهب
وأشهب عن مالك وروى نحوه ابن القاسم.
فإذا أوصى بعبده لابنه فإن لم يجزه الورثة فهو حر/ فهو ميراث وكذلك إن أوصى
بثلثه لابنه فإن لم يجيزوا فهو لفلان أو في السبيل فذلك باطلٌ وهو ميراثٌ
ولو قال: هو حر أو في السبيل إلا أن يجيزه الورثةُ لأبي فهذا يجوز قال:
وقال أشهب: لا يجوز وهو من الضرر كالأول، وقال ابن وهب مثل قول مالك وابن
القاسم، قال أصبغ: وهو رأي على الاتباع للعلماء وهو قول المدنيين يجتمعون
فيه، وقاله ابن كنانة وابن نافع.
(11/350)
قال ابن نافع قال ابن القاسم: إن بدأ
بالوارث لم يجز وإن بدأ بالسبيل جاز، قال أصبغ: وأنا أقوله استحساناً
واتباعاً للعلماء، وقاله غير ابن القاسم من المدنيين وفي بعض [المعمر] (1)
وأما القياس فهو كالأول.
قال ابن القاسم عن مالك: في التي أوصت في جارية لها أن تخدم ابنها حتى تسع
ثم هي حرة فقيل لها هذا لا يجوز فقالت: إن لم يجز فتحج هي عني قال: تعتق
الأمةُ إلى المدة وخدمتُها بين الورثة ميراثاً.
وإذا قال في صحته: غلة داري حبس على المساكين [تُفرقُ عليهم] (2) وهي في
يدي حتى أموت فإن ردها أحد من ورثتي فهي وصية في يدي. تباع فتُعطى للمساكين
فقال ابن القاسم: ذلك جائز وقال أشهب: لا تجوز فأما لو قال: على بعض ورثتي
وأنا أفرقها عليهم إلى آخر السؤال فهذه باطل عندهما ويُورث.
ومن المجموعة قال أشهب: فيمن أوصى بوصية من غلة داره أو عبده فخاف أن لا
يجيزها القاضي فاشترط إن ردها قاضٍ فقد أوصيتُ أن تُباع ويُتصدق بها قال:
أما إذا أوصى/ لمن يجوز له فذلك نافذٌ ولا شيء للمساكين قال علي عن مالك:
فيمن أوصى لفلان أجنبيًّ بكذا فإن لم يقبل فذلك في السبيل أو لفلان فذلك
جائز من ثلثه قال غيره: وإن قال: لفلان وهو أكثر من الثلث فإن لم يجز
الورثةُ فهو حر فذلك جائزٌ وهو حر قال أبو محمد: ما حمل الثلث منه.
ومنه ومن العتبية (3) رواية أبي زيد قال ابن القاسم: فيمن لم يترك غير دار
وأوصى إن باعها ورثتي فثلثها للمساكين ومن باع منهم فثلث نصيبه للمساكين؟
قال: هو على ما أوصى. قيل: إن لها عُلواً وسُفلاً فقوم علوها بزيادة أربعين
ديناراً __________
(1) كلمة كتبت هكذا في الصل لم ندر المراد منها.
(2) كتبت في الأصل على الشكل التالي (إلى تفريقها عليهم) وقد صوبناها حسب
ما أثبتناه لتنسجم مع الأسلوب السليم.
(3) البيان والتحصيل، 13: 343.
(11/351)
وأحب إلينا أخذه ويُودوا أربعين للورثة
قال: لا يترادوا بالدنانير وليأخذ النساء منها بجمعهن ولو ربع ثُلثٍ قيل:
إن القاضي قضى به أيكون ما زاد النساء بيعاً؟ قال: لا ليس (ببيع) ولا شيء
على الرجال في الأربعين التي أخذوا. قيل فإن شاء النساء البيع؟ قال:
فليتصدق بثلث ما بقي وإن باع الرجال أخرجوا ثلث ما باعوا وثلث العشرين التي
أخذوا قال: ولو باع النساءُ بتلك العشرين التي ردُّوها على الرجال فقط فلا
شيء عليهم ولا على الرجال.
في الوصية للورثة أو لبعضهم بمال أو سكنى أو خدمة
أو تُوفي وأوصى مع ذلك بوصايا أو لم يوص
وكيف إن أجاز بعض الورثة؟
من كتاب ابن المواز وغيره قال مالك وأصحابه: فيمن أوصى لوارث وأوصى بوصايا
لأجنبيين فإن كان مع الوارث وارث من زوجة أو غيرها/ فإنه يُحاص الأجنبي في
الثلث فما صار لوارث رجع ميراثاً إن لم يُجزه الورثة وإن لم يكن معه وارثٌ
غيرُه فللأجنبيين وصاياهم بغير حصاص للوارث وكأنه أوصى له بميراثه وإذا كان
معه وارث علم أنه أراد تفضيله عليه فحاص بذلك، وكذلك لو أوصى لجميع ورثته
مع الأجنبي ولأنصبائهم في الميراث والوصية [سواء فالأجنبي مقدم] (1) إلا أن
يكون الورثة ذكوراً [ ... ] بينهم في وصيته فقد علم أنه خص الإناث دون
الذكور بوصية فيُحاص الأجنبي، وقد اختلفا بماذا يُحاص، فروى أصبغ عن ابن
القاسم: في ابن وابنة أنه إذا أوصى لكل واحد بمائة وللأجنبي بمائة أن
الأنثى تُحاص الأجنبي بخمسين وهي التي زادها على مورثها بما [ ... ] للذكر
مائة كان يجب لها هي خمسون فوداها خمسين، وقاله أبو زيد وقال غيرهم من أهل
العلم: يُحاص بثلث الميت لأن مورثها من مائتين [ ... ] فيحاص بالزائد وهو
ثلث الميت، ولو __________
(1) ما بين معقوفتين غير واضح تمام الوضوح في الأصل.
(11/352)
أوصى لورثته بما جعله بينهم على سهام
مواريثهم كانوا كوارث واحد ولا حصاص لهم، وكذلك لو أوصى بشيءٍ سماه لجملتهم
ولم يحضرهم بعينه فلا حصاص لهم مع أهل الوصايا، وكذلك لو أوصى بوصايا وأوصى
بخدمة عبده لولده فإن لم يرثه غيرُه فلا حصاص له مع الأجنبي وإن كان يرثه
غيرُه وقع الحصاصُ، فما صار له من قيمة الخدمة شركةٌ فيما ورثه إن شاؤوا.
ومن المجموعة/ قال أشهب: وإذا قال: مالي بين ابني وابنتي- يعني نصفين-
ولفلان ثلثُ مالي ولا وارث له غيرهما فلهما الحصاصُ مع الأجنبي يحاصصانه
(1) بستة لستة أسهم وهو لسهمين فيقع له ربعُ الثلثِ وباقيه لهما على
الفرائض إلا أن يجيز الابن لأخته قيل: ولا يطرح قدر نصيب الابن والبنت
بالميراث وما زاد حوصص به الأجنبي قال: لا. قال: ولو أوصى لهما بقدر
المواريث لم يكن حصاص مثل أن يوصي للابن بعشرين وللابنة بعشرة ولا يُحاص
الأجنبي ويسلمان إليه الثلث فيأخذ منه وصيته وقال ابن القاسم مثله من أول
المسألة. ومن العتبية (2) وذكر أصبغ عن ابن القاسم مثله وقال: مثل أن يكون
له ابنان وابنتان فأعطى لكل واحد منهما مائة في مرضه أو في وصيته ثم مات؟
قال: فيُطرح حظ الذكرين مائة مائة وحظ الأنثيين خمسين خمسين فتبقى مائة
وصية للاثنين وإن لم يكن معهما أجنبي وأجاز لهما الذكران فذلك لهما وإلا
رجع ميراثاً، وإن أجازه أحد الابنين حصته وذلك ثلثا المائة بينهما وكان
للآخر ثلثهما، وإن أجاز الواحد لواحدة فبحساب ذلك، وكذلك في إجازة الآخر
لأحدهما أولهما وإن كان معهما أجنبي حوصص لهما بهذه المائة فما وقع لهما
كان لهما على هذا التفسير على الإجازة وعلى غير الإجازة، ولو أوصى مع ذلك
لورثته كلهم بوصايا على قدر مواريثهم فلا حصاص لهم مع الأجنبيين ويكون
الثلث للأجنبيين __________
(1) كذا في الأصل بفك الإدغام والقياس أن يقال يحاصانه.
(2) البيان والتحصيل، 13: 273.
(11/353)
في وصاياهم، قال أشهب في/ المجموعة: وأما
لو أوصى لعبد وارثه ولأجنبي ولا وارث له غيره فإنهما يتحاصان.
ومن كتاب ابن المواز بعد ذكر مسائل لأشهب وقال: من ترك وارثين وأوصى أن
ماله صدقةٌ على فلان وعلى أحد وارثيه وأجاز ذلك الوارث لآخر قال: فالمال
بينهما نصفان، قال محمد: إنما هذا لو أجازوا جميعاً فأما إن لم يجز إلا
الذي لم يُوص له ولم يجز لآخر فإنما له حتى عشرة من أربعة وعشرين وله من
الموصى له أربعة عشر لأنها لن تُخير كان للأجنبي من الثلث نصفُه ويرجع نصفه
بين الوارثين سهمان لمكان واحد فالذي أجاز رد سهمه على الآخر والذي لم يجز
للأجنبي يُحبَسُ (1) سهمه بالميراث ويقسم المخير الثمانية التي بيده
والميراث بين أخيه وبين الأجنبي فتصير للأجنبي عشرةٌ فلم يبق له من وصية
إلا السهمان الذي لم يجزهما الأخ الموصى له قال: فإن أجاز الذي أوصى له ولم
يجز الآخر فللذي لم يجز عشرةٌ وللمجيز ثمانية وللأجنبي ستة قال: وإن أجاز
الذي لم يُوص له للأجنبي ولم يجزه لأخيه فإنه يصير للأجنبي عشرةٌ ويبقى بيد
المجيز للأجنبي أربعةٌ لأن للأجنبي أربعةٌ بالمحاصة في الثلث فرد هذا إليه
السهمين من الثلث لإجازته له (2) [فأعطاه نصف الثلث الذي أخذ بالميراث] (3)
لإجازته له خاصة.
ومن كتاب ابن المواز: ومن له عبدٌ لا يملك غيره وصى بثلثه لابنه وبثلثيه
لأجنبي ومع الابن ورثة فليحاص/ الابن والأجنبي في ثلث العبد فيصير للأجنبي
ثلثُ الثلث وثلثاه للابن، ولو لم يكن معه وارثٌ فلا حصاص وثلثُ العبد
للأجنبي، قال أشهب: وكذلك لو أوصى له بنصفه فله الثلث إلا أن يجيز له
الابنُ.
__________
(1) كلمة كتبت على هذا الشكل في الأصل.
(2) ما بين معقوفتين كتب مكرراً في الأصل.
(11/354)
ومن العتبية (1) قال أصبغ عن ابن وهب: فيمن
أوصى بالثلث لإخوته ولم يدع غيرهم وهم أخوان لأبوين وأخوان لأم وأخوان لأبٍ
فليُتحاص في الثلث الشقيقان والكلالة مع أخوي الأب وهما لا يرثان فما صار
للذين للأب أخذاه ويصير كل ما بقي ميراثاً. قال أصبغ: يُقسم الثلث على ستة
فسهمان للذين للأب وتُضم أربعةٌ إلى ثلثي المال فيكون ميراثاً قال ابن وهب:
ولو أوصى لهم بذلك وله ابن ثم مات الابن قبله فالجواب سواء. قال أصبغ:
المسألتان سواء والجواب في التحاصص على غير ما قال.
قال أبو محمد: ما أعرف وجه قول أصبغ.
وقال أشهب عن مالك: فيمن أوصى بثلثه لقوم وأوصى في طعام أن يُحبس لعياله
كلهم أيأكلونه (2)؟ قال: لا شيء للموصى لهم بالثلث في الطعام ولهم ثلث ما
سواه، والكلام في الطعام للورثة لأن بعضهم أوفر حظاً من بعض وبعضهم أكثر
أكلاً فإن سلموا ذلك وإلا قسموه على مواريثهم.
قال أبو محمد: انظر معنى هذا وتقدم عن مالك أنه يُحاص الورثة الأجنبي عند
اختلاف أنصبائهم بما زاد القليل النصيب إلا أن يعني أوصى لعياله به بقدر من
إرثهم.
ومن العتبية (3) من سماع ابن القاسم: وعن امرأة أوصت أن تخدم/ أمتُها ابنها
حتى يبلغ ثم هي حرة فقيل لها إن هذا لا يجوز فقالت: فإن لم يجز فيحج عني
[بثلثي] قال مالك: تكون الخدمة بين جميع الورثة حتى يبلغ الولد فتعتق
الجارية. قال أصبغ: فإن مات الغلام قبل المبلغ نظر فإن كانت من [رقيق
الحضانة] عتقت بموته وإن كانت من [وغد] الرقيق خدمت الوارث إلى مبلغ الغلام
ثم عتقت. وإن ماتت الخادم قبل بلوغ الغلام وتركت مالاً فهو بين الورثة.
__________
(1) البيان والتحصيل، 13: 293.
(2) في الأصل، أيأكلوه بحذف نون الرفع بدون مبرر للحذف.
(3) البيان والتحصيل، 13: 374.
(11/355)
قال عيسى عن ابن القاسم: فيمن أوصى لزوجته
بسكن ما (1) بباقي ثلثه فكانت الدار الثلث فإن أجاز لها الورثة السكنى سكنت
فإذا ماتت كانت الدار لصاحب باقي الثلث وإن لم يجيزوا دخلوا معها على
المواريث، ولو أوصى مع ذلك بمائة دينار لرجل، والدار مع المائة تخرجان من
الثلث، فليأخذ المائة صاحبها وتخرج الدار فإن بقي شيء من الثلث أخذه صاحب
باقي الثلث مع الدار بعد موت المرأة وسلم لها الورثة السكنى وإلا سكنوا
معها على المواريث.
ومن كتاب ابن المواز: ومن أوصى أن عبده يخدم ابنه خمس سنين وابنته سنتين
ونصفا فهو حر بعد خمس سنين والثلث يحمله فهو حر بعد خمس سنين ويقسمان
الخدمة على لاثلث والثلثين، ويبطل ما ذكر من بقية الخدمة، يريد ولم يرثه
غيرهما.
في الوصية للوارث وكيف إن نفذت ثم قيم فيها
ولوصية (2) لبعض الورثة/ أو أن يحج عنه وارث
وغير ذلك من معنى الوصية للوارث (3)
من المجموعة قال سحنون: وما روى أن لا وصية لوارث (4) يقول: إذا لم يُجز
بقية الورثة ذلك، وأما إن لم يكن معه وارثٌ فلا تكون وصيةً بحال.
__________
(1) كلمة لم تظهر في صورة الأصل فتركنا مكانها بياضاً. هذا مع الإشعار بأن
الكثير من الكلمات التي تعذر التعرف عليها قد اقتبسناها من كتاب البيان
والتحصيل الذي استعنا به في مقابلة هذا الكتاب.
(2) كلمة غير واضحة في الأصل تركنا مكانها بياضاً.
(3) نظراً لكوننا لم نعثر على نسخة أخرى نقابل بها كتاب الوصايا ونظراً
لكون لوحات صورة النسخة الأصلية قد وقع فيها محو وطمسن تعذر معهما التعرف
على بعض الكلمات فإننا سنترك مكان تلك الكلمات بياضاً.
(4) انظر سنن ابن ماجة، كتاب الوصايا باب لا وصية لوارث.
(11/356)
قال أشهب عن مالك في كتاب ابن المواز
والمجموعة: فيمن أوصى لبعض ورثته فأنفذت وصيتُه ثم رجع بعض الورثة وقال لم
أعلم فليحلف أنه ما علم ورجع ويكون له ذلك.
وفي امرأة أوصت بمثل ذلك وقال الزوج كنتُ كاتب الصحيفة وما علمتُ أنه لا
وصية لوارث. قال: إذا حلفت أنك ما علمت لم يلزمك ذلك.
ومن كتاب ابن المواز: ومن أوصى بثلث ماله أو بأقل أو بأكثر وأوصى أن لا
تُنقص أمه من السدس فليعزل وصية الأجنبي ويقسم ما بقي على الورثة فما أصاب
الأم نظر ما بقي لها إلى تمام السدس حاصت به الأجنبي في الثلث، فما صار لها
فإن أجازه الورثة كان لها وإلا رجع ميراثاً، ولو أجازوا لها وللأجنبي خرجوا
لهما من النصف وقسم الورثة ما بقي على مواريثهم بعد طرح سهم الأم.
وإذا تركت امرأةٌ زوجها وأمها وأختين لأم وأختين لأب أو شقائق وأوصت أن لا
تُنقص الأم من السدس وأجاز الورثة فالفريضة بالعول من عشرة، للأم منها سهمٌ
فأسقطه فيبقى تسعة بعد نصيب الأم فاعط الأم السدس من أصل المال واقسم ما
بقي على تسعة للزوج ثلاثة/ وللأختين للأم سهمان وللأختين للأب أربعة. وكذلك
لو تركت الأم نصيبها لوارث أو قالت: نصيبي عندي ولم يُوص له بشيء، ولو ترك
أخاه وزوجته فقالت: حقي عندي أو تركت موارثها ... فإن القسم يرجع مما ...
على سبعة للزوجة لها فيه سهم منها وما بقي للأخ ولو كان مكان الأخ ابنٌ رجع
القسم على خمسة ... سهم منها وهو خمس الثلث وللابن ما بقي.
قال ابن عبدوس قال سحنون: وإن ترك ابنين وأوصى لرجل بثلث ماله على أن لا
ينقص ابنه فلاناً من النصف شيئاً فإن لم يجز الوارث ... ثلث الثلث وبقيةُ
المال بين الأخوين، وقيل غير هذا، وهذا أحسن.
قال أبو محمد: وبلغني أن سحنوناً قال في رجل تُوفي وترك ابنين وأوصى
للأجنبي بنصف ماله على أن لا يُنقص أحد ابنيه من النصف شيئاً ثم تُوفي.
فأما إن لم يُجز الابنان الوصية كان للأجنبي الثلثُ وذلك أربعةُ أسهم من
اثني عشر
(11/357)
سهماً، وإن أجاز له الوصية أحدُهما ولم
يُجزها الآخر، فإنه يعطيه الذي أجاز ذلك له بينهما مما في يديه فيصير بيد
الأجنبي خمسةٌ وبيد الذي أجاز ثلاثةٌ وبيد الذي لم يُجز أربعةٌ، وإن أجازا
له جميعاً وأجاز الأخ لأخيه أيضاً فإنه يعطيه كل واحد من الابنين مما في
يديه سهماً فيصير بيد الأجنبي ستةٌ ويبقى بيد كل ابن ثلاثةُ أسهم، فيقال
للأخ الذي أجاز للأجنبي ادفع إلى أخيك سهمين مما معك فيصير/ بيد الأجنبي
ستةٌ وبيد كل ابن ثلاثةُ أسهم فيقال للأخ الذي أجاز لأخيه افع إلى أخيك
سهمين مما معك فيصير في يدي الأخ الموصى له خمسةُ أسهم وقد أعطى سهماً
للأجنبي من الأربعة الأسهم الأولى التي كان ورث أولاً فيحسب عليه في وصيته
فقد استوفى وصيته ستة أسهم وهو يصف المال ويبقى في يدي الأخ الذي أجاز
الوصية الذي لم يُوص له سهم، والذي ذكر ابن عبدوس عن ابن سحنون أحسنُ من
هذا.
ومن العتبية روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم وهو عنه في المجموعة: فيمن
أوصى بثلثه لفلان ألا يصيب أمي منه فيبقى لها؟ قال: يُعزل الثلثُ ثم يُؤخذ
منه سهمُ الأم فيُرد إلى ثلثي المال فيُقسم ذلك بين جميع الورثة إلا أن
يجيز لها ذلك باقي الورثة.
ومن كتاب ابن المواز: ومن أوصى أن يحج عنه وارثٌ ويصوم عنه وله كذا وأن
يُنفذ باقي ثلثه حيث أراه الله فليرد ما كان للصوم، ولا يصوم أحدٌ عن أحد،
ولا يُعطى في الحج إلا قدرُ النفقة، وأما باقي الثلث فليقوم معه فيه باقي
الورثة حتى ينفذ.
قال مالك: في امرأة لها ناقة فقالت لزوجها: هي للآخر مني ومنك ثم ماتت
فباعها الزوج واشترى من الثمن أيضاً ثم جاء باقي الورثة فطلبوا الدخول في
الإيصاء معه فأبى، فذلك له، وإنما عليه حصتُهم من ثمن الباقية وليس لهم
بالقيمة إلا أن يحابي في البيع.
(11/358)
ومسألة من ضمن في مرضه صداق ابنته في
النكاح/ والاختلاف فيها وفيه مسألة الذي قال ... مع ولدي حتى يبلغ ...
ومن المجموعة قال مالك: فيمن أوصى ... في ... أما هذا ... قال ابن حبيب:
قال يحيى بن سعيد: ... باقي الورثة فإن ... كلهم ... فإن لم يكن له وارثٌ
غيره فذلك له.
فيمن أوصى لوارث فصار قبل موته غير وارث أو كان
غير وارثٍ ثم صار وارثاً ... لد بدين على هذا وفي
الموصى له ... (1)
من المجموعة والعتبية (2) قال سحنون ومحمد بن خالد عن ابن القاسم في امرأة
أوصت لزوجها ... ثم مات فإن علم بموته فالوصية له ... وارث وقال ذلك ...
وقال عنه أصبغ: فيمن أوصى لإخوته وله ولدٌ ثم مات ولدُه قبل موته فصار
إخوته ورثته فذكر ما معناه أن الوصية تمضي، وقد تقدم جوابُ هذه المسألة في
الكتاب الذي قبل هذا.
ومن كتاب ابن المواز: ومن أوصى لغير وارث ثم صار وارثاً فلا وصية له إلا أن
... فيجوزوه ... في هذا ابن القاسم وأشهب: ولو أوصى صاحبه وهو يرثه وارث ثم
مات فظهر له حمل فولدت له ولداً، حجته لم يكن علم ... / نافذة وذكره في
المجموعة عن ابن القاسم وأشهب ولم يذكر أنه لم يعلم به.
قال ابن القاسم: وبلغني عن مالك أنه قال: إن لم يعلم الميتُ بالولد فلا
وصية للأخ، قال في كتاب ابن المواز: فإن لم يمُت حتى مات الابن بطلت الوصية
للأخ لأنه وارثٌ.
__________
(1) يوجد في صورة الأصل طمس ومحو لبعض الكلمات داخل هذا الباب الشيء الذي
دفعنا إلى اللجوء إلى ترك مكانها بياضاً.
(2) البيان والتحصيل، 13: 250.
(11/359)
ومن المجموعة قال ابن القاسم: ومن أوصى
لامرأة ثم صح فطلقها – يريد بتاتاً – ثم مات فالوصيةُ لها نافذة.
ولو أوصت له في مرضها ثم طلقها البتة ثم ماتت من مرضها فإن كانت الوصية قدر
ميراثه فأقل فذلك جائز وإن كانت أكثر رد إلى ميراثه.
ومن الكتابين قال أشهب: ولو أقر لوارثه بدين أو وهبه هبة ثم قبله الموهوب
فلا شيء عليه، وإن قامت بينةٌ أن هذا قتل أباه – يريد عمداً – وأبرأه الأب
فلا يُقبل منه ويُتهم الأبُ ويجوز عفوُه عنه وهو لم يجعل ما يرث عنه وصيةً
له فيكون في ثلثه، ولو لم يُبن وجعل ذلك وصيةً له جاز ذلك من ثلثه لأنه غير
وارث، ومن أوصى لابنه وهو عبد أو نصراني فلم يمت حتى أعتق أو أسلم بطلت
الوصية، وكذلك لو أوصى لامرأة ثم تزوجها في صحته ثم مات، ولو كان أقر لها
بدين لزمه كإقراره لوارث في الصحة، وكذلك لو أقر لابنه النصراني بدين في
مرضه ثم أسلم أو لأخيه في مرضه وهو غير وارث ثم صار وارثاً فذلك كله جائزٌ.
قال أشهب: ولو وهب أخاه في مرضه هبةً وقبضها وللواهب ولد فمات/ وصار الأخ
وارثه فالهبة باطلٌ وإن خيرت لا تمس الثلث (كذا) لا ينظر فيها إلا بعد
الموت وقد صار وارثاً، ومن وهب لامرأته هبةً في صحته ثم تزوجها في صحته ثم
مات فإن أجاز لها في صحته فهي تأخذها من رأس ماله، فإن لم يُجزها فهي ميراث
وإن وهبها في مرضه وقبضت الهبة ثم تزوجها في مرضه ثم مات فالوصية جائزة في
(ثلثه) لأنها لامرأته.
ومن كتاب ابن المواز: ومن ... في مرضه فتزوج الابن بذلك ودخل أو زوجه هو
فذلك مردود إلى الورثة والنكاح ثابتٌ وتتبع زوجته ...
(11/360)
فيمن أوصى لابن وارثه أو لعبد وارثه
أو من يقرب من وارثه أو يتصدق به عليه في مرضه
أو أوصى لعبد نفسه أو لصديقه الملاطف (1)
من العتبية (2) روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم في امرأة توصي لابن زوجها
أو لإخوته أو لأخواته أو من قرُب منه من قرابته أو لبعض أخواته ... له ممن
يصير به أو يرجع إلى الزوج وقاله أصبغ، وكذلك لولد ولده الحي قال أصبغ: ولا
يمين على الموصى له لأنه ليس ... إلى الزوج كان ذا قرابة أو ...
وذكرت عن ابن حبيب عن أصبغ: في ... له بصدقة فالمهر على زوجها في مرضها،
فقيل لها هذا لا يجوز، فقالت: هو لأخيه وصية/ قال: ذلك نافذ ولا يمين على
الأخ أو غيره، ولو صرفه الأخ إلى الزوج لم يُنظر إلى ذلك، وله أخذُه أو
تركُه، وكذلك إلى غير الأخ ممن يُتهم برده إلى الزوج أو إلى وارث غيره، أو
ممن يرى أنه أراد به الميت صلة الموصى له أو ممن يرى أنه أراد فيه ذلك
لغناه، عنه والله يحكم بينهم فيما يعلم من التاليج (3) [وقدفا قائمة إن
فعل] (4).
ومن المجموعة روى ابن القاسم عن مالك وابن وهب في امرأة تصدَّقت عند الموت
بمهرها على ابن زوجها من غيرها؟ قال: ذلك جائز من ثلثها. قال يحيى قال ابن
القاسم: وإذا أوصى لأم ولده وله منها ولدٌ فذلك نافذٌ، وأجاز مالك الوصية
لابن زوجها، قال ابن القاسم: وأما لأم ولد زوجها فأما باليسير مما يُعلمُ
أنها أرادت به الأم فذلك ماضٍ وأما بالكثير فلا يجوز.
__________
(1) يوجد في صورة الأصل طمس ومحو لبعض الكلمات داخل هذا الباب الشيء الذي
دفعنا إلى اللجوء إلى ترك مكانها بياضاً.
(2) البيان والتحصيل، 13: 194.
(3) التأليج: أصله التوليج من ولج ماله توليجا إذا جعله في حياته لبعض ولده
فتسامع الناس بذلك فانقدعوا عن سؤاله.
(4) كذا في الأصل وفي التعبير اضطراب.
(11/361)
ومن المجموعة، ونحوه في كتاب ابن المواز
قال ابن القاسم وأشهب وابن كنانة وعبد الملك: إنما يجوز من وصيته لعبد
وارثه بالتافه كالثوب ونحوه يرى أنه نحا ناحية العبد، ورواه أشهب وعلي عن
مالك.
قال في كتاب ابن المواز عن ابن القاسم وأشهب: كالثوب والدينار.
قال أشهب في المجموعة: وكذلك لمكاتب وارثه بالتافه عاماً بالكثير فإن كان
المكاتب ملياً يقدر أن يؤدي فذلك جائز، وإن لم يكن بالواجد لم يجز، وإن
أوصى لعبد وارثه بالشيء الكثير وعلى العبد دينٌ يستغرقه أو يبقى منه ما لا
يُتهم فيه/ فذلك جائز.
قال أشهب: إن أوصى لعبد وارثه الذي لا يرثه غيره فذلك جائز قل ذلك أو كثر،
فإن أوصى مع ذلك لأجنبي تحاص مع العبد في الثلث إن ضاق [فهو مع العبد كان
له، وأما إن كان وارثه فننظر ما صار بعد تحاصه فإن كان تافهاً فهو له وإن
كان عنه مرأة إن لم يجز وارثه وليس وصيته لعبد وارثه لا يرثه غيره صار
وصيته ... ] (1) لأن ذلك للعبد حتى ينزع منه فذلك تحاصص به فيه، إذا كثر
صار كوصية وارث، فأما وصية الرجل من ... عبد أو مدبَّر أو مكاتب أو أم ولد
أو من يملك بعضه أو معتقه إلى أجل فذلك جائز ويحاص به الأجنبي.
قال ابن القاسم: وصيته لعبد نفسه جائزة ولا ينزعه الورثة، وتجوز وصيته لعبد
ابنه الذي لا وارث له غيره، وإن كان معه وارثٌ لم يجز من ذلك إلا ما لا
يتهم فيه العبدا ولو أوصى لعبد أجنبي كان للأجنبي انتزاعُ ذلك بخلاف عبد
نفسه. قال أشهب: لأنها وصية لعبد أجنبي، وأما عبده فلا يُنزع منه، لأنه إذا
انتزعه منه ورثتُه فكأن وصيته لم تنفذ، واستحسنتُ أن يقر بيده حتى ينتفع
بها ويتمتع به ويطول زمان ذلك، ولا ينتزعونه إن باعوه أيضاً قبل طول
الزمان. وأما بالتافه فله انتزاعُه واستحسنتُ في غير ما ذكرنا لأن القياس
إما أن ينتزعوه مكانهم __________
(1) ما بين معقوفتين كلام غامض ومضطرب.
(11/362)
أو لا يكون له انتزاعُه أبداً لأن الميت
نزعه منهم فرأيتُ ذلك لأنه/ نزعه على وجه الضرر، وقال النبي صلى الله عليه
وسلم (لا ضرر ولا ضرار) (1). قال أشهب في كتاب ابن المواز: والقياس في
اليسير نزعُه أيضاً. قال ابن المواز: وقول ابن القاسم أحب إلي، ولا أستحسن
أن لا ينزعوا من العبد وصيته يبيعونه به إن باعوه وقاله مالك.
قال مالك: وأما لعبد أجنبي فللأجنبي انتزاعُه منه ولو دفعها الوصي إلى سيده
وهي دراهم مختومة عن العبد ثم لقيه الوصي فقال ما دفعتُها إليه ولا نزعتُها
منه، ثم باعه فأعتق أو أعتقه، فإن انتزعه قبل ... فهي له، وإلا فللعبد
طلبه. وأما في البيع فهي للبائع إلا أن يشترط المبتاع ماله.
قال في العتبية: وإن انتزعه قبل بيعه فذلك له وليس ذلك بحسن.
ومن المجموعة قال علي عن مالك: إذا أوصى أن يُقضى دينُ ابنه وقد هلك أبوه
قبله فذلك جائز في ثلثه إلا أن يقول اقضوا فلانة امرأتي دينها على أبي أو
على بعض ورثته فلا يجوز ذلك إلا ببينة، وأجاز مالك وصيته لصديقه الملاطف.
قال أشهب: وهو حق من أوصى له بحقه وحُرمتُه عليه.
في المريض يتكفل عن وارث أو لوارث
أو يقر أنه قبض ديناً من وارثه
من كتاب ابن المواز: وإذا تكفل المريض عن وارث له بحق لغير وارث أو تكفل عن
غير وارث بحق لوارث لم يُجز مالك إلا أن تصح صحة ثلثه ثم يموت فيلزمه، أو
يولد له ولد يحجب ذلك الوارث ويموت من مرضه ذلك. ثم لو مات ذلك الولد قبل
أبيه وعاد الوارث الأول وارثاً/ لجازت الحمالة، مثل لو صح، لأن ذلك من رأس
المال، والذي مات ولدُه من الثلث، كمن تكفّل في المرض عن __________
(1) حديث حسن تقدم تخريجه، وهو في مسند أحمد، وسنن ابن ماجة عن ابن عباس.
وأخرجه أيضاً ابن ماجة عن عبادة. وفي الجامع الصغير للسيوطي.
(11/363)
أخته. وهذا كله قول أشهب، ونحوه لعبد
الملك. قال محمد: وكله صواب إلا قول أشهب إن لم تكن صحته بينةً خص الثلث.
ولو أن له على وارث دية بحمالة فأشهد له في مرضه أنه قبض ذلك فلا يُقبل
قوله. ولا تسقط الحمالةُ عن الأجنبي، ولو أوصى بذلك الدين وارثُه الذي عليه
لم تسقُط حمالة الأجنبي بذلك.
في المريض يبيع من وارثه شيئاً
أو يشتريه منه أو يوصى بذلك (1)
قال ابن المواز: أخبرني ابن عبد الحكم عن ابن القاسم وأشهب عن بيع المريض
عبده من وارثه أو شرائه منه؟ قال: أما ... فجائز. وأخبرني أبو زيد عن أشهب
في مريض يبيع عبده من الوارث أو وصية أن يبيع منه فإن كان من العبد ...
يرغب في ملكه فلا يجوز. قال محمد: وهذا أحسن، ومالك عندي في العبد ... حر
مرغوب فيه، فإن لم يكن كذلك فذلك نافذٌ من ... أو إذا كان ... ولا يوجد من
يُعطي به أكثر فإن باع عبده في مرضه من وارثه منه بأقل من قيمته أو اشترى
منه عبداً بأكثر من ... فقول الوارث أنه إن فضل من الثمن قيمة العبد وودى
... القيمة فيما ابتعت قال ابن القاسم لا نرى ذلك ويرى إن صح/ وقال أشهب:
ذلك له ويتم البيع، وهذا أحب إلينا ولا حجة للورثة، قال ابن وهب عن مالك
نحوه. ولو كانت المحاباةُ في مبايعته من أجنبي كانت في الثلث.
ومن المجموعة قال ابن القاسم: ويجوز بيع المريض عبده من ابنه بغير محاباة،
قال سحنون: إلا العبد النبيل التاجر منهم النافذ فيهم أن يميل به إلى بعض
ورثته قال ابن حبيب قال ابن الماجشون: إذا باع المريض عبده من ابنه بمحاباة
بينة ثمن مائتين بمائة، فطلب الابنُ أداء المحاباة وأبى الورثة إلا رد
البيع فذلك لهم وهي كوصية لوارث لا تجوز إلا أن يجيزوها، وإن أجاز بعضُهم
مضى من المحاباة بقدر حظه، إلا أن يأبى المشتري إلا رده أو أن يملك جميعه،
وقال بعض الناس: وإن له __________
(1) نظرا لمحو بعض كلمات هذا الباب في الصورة الأصلية فإننا سنترك مكانها
بياضاً.
(11/364)
إن شاء أن يملك منه بقدر مائة على أما
أحبوا أو كرهوا لأنه لو كان ثمنه مائة لم يكن لهم مقالٌ، ولا أقول به.
ومن كتاب ابن سحنون من سؤال حبيب: وعن مريض ليس له إلا دارٌ واحدة فيبيعها
من بعض ورثته ويستوفي الثمن ولا يحابي؟ قال: ينظر السلطان، فإن كان إنما
أراد أن يخص بها بعض الورثة دون ... أو حوزاً لينقض بيعه، وكذلك الأرض
والعبد.
ومن المجموعة ابن وهب عن مالك في مريض اشترى من وارثه عبداً فزاد في قيمته
رُدت. قال أشهب: وإذا أوصى أن يشتري عنه وارثُه للعتق فلا يزاد على ثمنه،
قاله مالكٌ قال أشهب: وإن قلت الزيادة كالدينار ونحوه لأنها وصية/ لوارث
قال وقد كان مالك ترد مثل الأجنبي ما لم يكن يعلم ذلك، ثم رجع فقال: لا
ترد. ولو مضى له بيع عبده ما أخذ ورثته وهو ممن يرغب في ملكه فلا يجوز ذلك
وإن أخذه بقيمته إلا أن يكون ... لأمر فيشتري كما يشتري سائر الناس. وأما
إن كان من جنس الرقيق فذلك جائز ولا يحط من ثمنه شيء. قال ابن نافع: وإن
أوصى ببيع عبده ممن ... فأحب العبد من وارث فليوضع عنه ثلث الثمن.
وفي باب بيع العبد ممن أحب أو شرائه في الجزء الثاني بقية هذا المعنى. وبعد
هذا باب فيمن ابتاع في مرضه أمة وأوصى بعتقها.
فيمن اشترى أباه أو أمه أو أخاه في مرضه
أو أوصى بذلك أو أوصى برقبةٍ هل يُشترى أبوه؟
من كتاب ابن المواز: ومن اشترى أباه في مرضه يرد مكانه ويرثه إن اشتراه
بثلث ماله ويبدأ على ما سواه من عتق وغيره، وعلى العتق ... والتدبير في
المرض وكل من له أن يستحسنه فهو أولى بالثلث، ويرث مع من يرثه ... باعه أو
اشتراه حر ويعتق ... يقوم
قال أشهب فيه وفي العتبية (1) عن مالك: إن اشتراه ... فهو جائز ويرثه.
__________
(1) البيان والتحصيل، 13: 87.
(11/365)
قال في العتبية (1): إن استوفى أنه اشترى
به يخرج من الثلث وفي سؤاله: ومن له ورثة غير ... ؟ قال: وإن ... يخرج من
الثلث ...
/له الدين والمال الغائب فليس له سواه بأكثر من ثلثه قال ابن المواز: فإن
فعل عتق منه محمل ثلثه ولم يرثه.
قال أشهب: وما أدري ما حقيقتُه، قال ابن المواز: وقد اختلف فيه قول أشهب
فقال في كتاب له شراؤه بماله كله إذا لم يكن معه وارثٌ يشاركه لكن ثم وارث
يرث في رق الولد ويحجبه لو كان حراً، قال: فلما ابتاعه ماله صار حراً لا
ميراث لأحد معه، فأما إن كان معه مشاركٌ في الميراث فليس له أن يشتريه إلا
بثلث فأقل، وكذلك يقول في كل من يعتق عليه إذا ملكه، وأنكر قول مالك.
وروى البرقي عنه جواباً كقول مالك واستقبل ابن عبد الحكم بورثته منه وإن
اشتراه في مرضه بثلث وقال: كيف يرث وهو لو أعتق عبداً بتلاً لم يوارث أحرار
ورثته حتى يقوم في ثلث العتق يوم موته إلا أن يكون له مالٌ مأمون؟ ولكنه
استسلم إلى قول مالك اتباعاً له.
قال أشهب: وإن اشترى ابنه وأخاه في مرضه، فإن كان ذلك واحداً بعد واحد بُدئ
بالأول في ثلثه وإن كانا في صفقة فعلى قياس قول مالك يتحاصان، وفي قولي،
أبدئ الابن وأعتقُه وإن كان أكثر من الثلث وأورثه. قال محمد: بل إن حمله
الثلث بُدئ به وإن بقي من الثلث شيءٌ أعتق فيه الأخ أو ما حمل منه، وإن
اشترى أخاه أولاً فإن لم يحمله الثلث أعتق منه محمل الثلث، وأعتق الابن في
بقية ماله وورثهُ إن خرج/ كله وإن لم يخرج كله لم يعتق منه إلا ... الأخ،
وقاله أيضاً أشهب.
وقال أشهبُ في رواية أخرى: إذا كانا في صفقة تحاصا. قال ابن سحنون: أو
يشتري ابنه جميع ماله، شركة وارث أو لم يشركه ويرث، كما له أن يستلحقه ...
__________
(1) البيان والتحصيل، 13: 87.
(11/366)
أن يشتري من سوى الابن من الآباء والأمهات
والجدود لأنه لا يستحلقهم. قال ابن حبيب: وهذا قول المدنيين ابن دينار وابن
نافع وغيرهم. وابن القاسم يروي عن مالك في الأب والابن وغيره ... وورثه
وقاله أصبغ.
ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم: ومن اشترى أخاه في مرض مات فيه ...
حمل ... قال أصبغ: ويرثه لأنه لهم حرمته إلا بعد موت ... أن يكون شيئاً ...
مأمونة من ... وغيره ... وورث.
قال ابن القاسم: وإن لم يسعه الثلث أعتق ما حمل الثلث منه ... قبل موته ...
قال ... أن من يعتق عنه عتق. قال أصبغ في المجموعة: في الثلث حتى يموت
الميت فيعتق في ...
قال محمد: ليس قول أصبغ في هذا كله بشيء ولا يعجبني قول ابن عبد الحكم،
وقول مالك أصوب، لأن حرمته أقوى من حرمة غيره من مثال في مرضه لأنه يملكه
... حر صار لو استحقه ...
وومن العتبية عن عيسى عن ابن القاسم: في مريض ... / ثم باعه للحق به وورثه.
ومن العتبية (1) روى عيسى عن ابن القاسم: في مريض اشترى أباه بأكثر من
الثلث ثم مات فالبيع جائزٌ، فإن خرج من الثلث عتق وورث وإن لم يخرُج عتق ما
حمل منه ورق باقيه، وإن كان الورثة ممن يُعتق عليهم ما رق منه عتق عليهم
وإن كان قيمتُه جميع ماله والورثة ممن يعتقُ عليهم فالشراء جائزٌ ويعتق
عليهم.
قال سحنون قال ابن وهب: إن كان المشتري يُحجبُ من يرث المشتري من الورثة
فإنه يجوز شراؤه بماله كله أو بما بلغ ويعتق ويرث باقي ماله وإن كان معه من
يشركه في الميراث فلا يشتريه إلا بالثلث ثم لا يرثه لأنه إنما يعتق بعد
الموت، وقاله أشهب لا يشتريه إلا بالثلث كان يحجب غيره أو يشركه غيره ثم لا
يرثه __________
(1) البيان والتحصيل، 13: 87.
(11/367)
بحال، وقال غيره: كل من له أن يستلحقه فله
أن يشتريه بجميع تركته ويرثه كان يشركه غيرُه من الورثة أو لا يشركه، وهذا
القول ذكره ابن حبيب عن ابن الماجشون.
ومن العتبية (1) قال ابن القاسم: إن اشتراه والثلث يحمله جاز الشراء وعتق،
وورث إن كان وحد، وإن شركه أحدٌ ورث حصته معه، قال لنا أبو بكر بن محمد
رُوي عن مالك أن له شراء ابنه بالمال كله ويرثه، وهو قول ابن الماجشون كما
له استلحاقُه.
ومن سماع ابن القاسم: ومن أوصى برقبةٍ فإن كان تطوعاً فلا بأس أن يُشترى
أبوه أو أخوه ويعتق وإن كان ظهاراً وشبهه فغيره أحب إلي.
وروى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم: فيمن أوصى/ أن يُشترى أخوه ولم يقل
واعتقوه فإن فرق (كذا) عتق لأنه ما قصد، وكذلك في كل من يعتق عتقوا لو ...
أن يتبعه فليرد قدر ثلث القيمة ... مرض ... أن يتبعه بنظر ... الثمن
ميراثاً إلا أن يشاء الورثة صرفه في ... وقال ... أكثر ولم يكن فيه مبلغ
ثمنه ورضي سيده ثم بيع بذلك ولا يحتمل ثلثه ما سمى ... أن يبيع منه بقدر
ثلث المبتاع ... ذلك وعتقه قال: نعم.
فيمن أعتق في مرضه أم ولده وتزوجها أو ضمن
عن أبيه صداقاً (2)
من العتبية (3) روى أشهب عن مالك فيمن أعتق أم ولده في مرضه فتزوجها فيه
فعتقُه جائزٌ لأنها بعد موته حرةٌ لا تُحسب في ثلث ولا رأس مال، ولا يجوز
نكاحها ... ولا صداق لها ولا ميراث في ثلث ولا رأس مال ... فلها صداقها منذ
__________
(1) البيان والتحصيل، 13: 87.
(2) نظرا لمحو بعض كلمات هذا الباب في الصورة الأصلية فإننا سنترك مكانها
بياضاً.
(3) البيان والتحصيل، 13: 79.
(11/368)
أعلن الوصايا وإن كان ... من صداق المثل.
وقال في مريض زوج أمته من ... أخ له صحيح وضمن صداقها وزوج الصحيح ...
المريض وضمن لها الصداق قال: فضمان الصحيح على أنه يلزمه ونكاحه صحيح تام
وضمان المريض على أنه لا يتهم، وأما النكاح فجائز والابن مخير إن شاء ...
أدى الصداق وإلا فارق.
قال أبو محمد: وفي هذه المسألة اختلاف وتأتي في النكاح.
فيمن أذن له ورثته في مرضه أو صحته أن يوصي
بأكثر من ثلثه أو يعطي عطية لبعض ورثته
والمديان يجيز وصية أبيه بأكثر من ثلثه (1)
من سماع ابن القاسم عن مالك قال مالك فيمن أذن له ورثته عند خروجه إلى غزوٍ
أو سفرٍ أن يوصي بأكثر من ثلثه ففعل ثم مات في سفره أن ذلك يلزمهم كالمريض،
وقاله ابن القاسم.
قال أصبغ وقال ابن وهب: كنتُ أقول هذا ثم رجعتُ أن لا يلزمهم ذلك لأنه
صحيحٌ، وكذلك لو أدى له أحدُهم في هبة ميراثه كالصحيح يأذنون له في العول
على ثلثه. قال أصبغ: وهو الصواب.
وذكر في كتاب ابن المواز عن ابن الحكم عن مالك مثل رواية ابن القاسم.
وروى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم فيمن أذن له ورثته في مرضه بالوصية بأكثر
من ثلثه ثم صح وأقر وصيته ثم مرض فمات فلا يلزمهم ذلك الإذنُ لأنه صح بما
يسغني عن إذنهم، فلا يلزمهم حتى يأذنوا في المرض الثاني وكذلك ذكر عنه في
المجموعة.
وقال ابن كنانة: ولكن يحلفون ما سكتوا عن تغيير ذلك رضىً به.
__________
(1) سنترك بياضاً في مكان الكلمات التي طمست في صورة الأصل نظراً لتعذر
معرفة حقيقتها من نسخة أخرى.
(11/369)
ومن كتاب ابن حبيب: ومن أوصى في مرضه بمائة
دينارٍ لرجل وبوصايا وعال على الثلث فأجاز له ورثته الوصية بالمائة ثم مات،
قال مطرف عن مالكٍ: يحاصص صاحب/ المائة أهل الوصايا، فغن نقص فعلى الورثة
ثمنه قال مطرف: ولو أوصى له بمائة وهي أكثر من ثلثه وأجازوا له ثم مضى
بوصايا بعد ذلك لغيره فيحاصهم الموصى له بالمائة ثم ينظر فإن علم الورثة
بما أوصى به لغيره ... حتى مات فيرجع عليهم بما انتقص من المائة، وإن لم
يعلموا أو علموا فقالوا لا نجيز ... الأمر ... وصيته على الثلث أول فذلك
لهم لا يرجع عليهم إلا بما كان ينقص المائة من الثلث قبل أن يوصي بما وصى
بعد ذلك، وقاله ابن الماجشون وأصبغ.
ومن المجموعة وهو في الموطأ (1): وإذا أذن الورثة لصحيح أن يوصي بأكثر من
ثلثه لم يلزمهم ذلك إن مات، لأنهم أذنوا في وقت ... قال عن مالك: وإذا كان
...
من المجموعة روى ابن القاسم عن مالك: وأما ... ورث المريض إذا كان ورثه عنه
... ومات ... ومن في ... فله الرجوع بعد موته، قال ابن الماجشون أنفذ ذلك
بعد الموت ... فلا رجوع لهم ... ولا ينكره. قال ابن كنانة: لا ... فيلزمها
وأما الزوجة ... وحرة أو ... / الإمام.
قال ابن القاسم وابن وهب عن مالك: وإذا استوهب وارثه ميراثه ففعل ثم لم
يقضِ فيه شيئاً فإنه رد إلى واهبه.
قال عنه ابن وهب: إلا أن يكون سمى له من يهبه له من ورثته فذلك ماضٍ، ولو
وهب له ميراثه فأنفذ بعضه فما بقي يُرد إلى معطيه ويمضي ما أنفذ، قال مالك:
وما يعجبني أن يسأل امرأته بهبة ميراثها منه، وكذلك في كتاب ابن المواز عن
ابن عبد الحكم عن مالك: إذا أذن له أن يوصي به لوارثٍ آخر فإن أنفذه مضى
وإن لم ينفذه فهو رد، وإذا أنفذ بعضه مضى ما نفذ ورُد ما بقي.
__________
(1) أي في كتاب الوصية باب الوصية للوارث والحيازة، ويوجد ذلك أيضاً في سنن
الدارمي في كتاب الوصايا باب الذي يوصي بأكثر من الثلث.
(11/370)
ومن كتاب ابن المواز ذكر مالك في إذن
الورثة والزوجة نجوماً تقدم وقال: ليس المرأة كغيرها. قا أشهب: وليس كل
زوجة لها أن ترجع، ورُب زوجة لا ترهب منعه ولا تهاب فهذه لا ترجع، وكذلك
ابنٌ كبير غير سفيهٍ وهو في عيال ابنه فلا رجوع له إذا كان ممن لا يُخدعُ،
وقال ابن القاسم: لمثل هؤلاء أن يرجعوا إذا كانوا في عياله ثم ذكر مرادتهم
في صحته أو عند سفره مثل ما تقدم من رواية ابن القاسم، وروى مثله ابن عبد
الحكم.
قال مالك: في امرأة تصدقت في مرضها على ابن ابنها بسدس دار لا تملك غيرها،
فأشهد ابنُها أني سكتُّ كراهيةً في سخطها، ثم حاز ابن الابن وقاسم عند ذلك
وجاز له عنده فضلٌ فأخذه منه ثم لم تزل الأم في الدار حتى ... / قال مضى
ذلك ولا ينفع ... فضلاً فلا ... ذلك، قاله ابن القاسم وقال أشهب إذا أشهد
فذلك ينفعه، ولا يضره ما قاسم، قالها لي عنه ابن عبد الملك.
ومن العتبية (1) روى عيسى عن ابن القاسم في مريض أوصى بجميع ماله وليس له
وارث إلا ابن مريض فأجاز أصبغ الأب وقال: لأنه ... صدقة على فلان ... دينار
ولا مال له غير ذلك قال: فالذي أوصى له ... المائة دينار ثم يحاص هو والذي
أوصى له الابن نصيب هذا مائتان ومن أوصى له بثلث المائتين قال عيسى: إنما
هذا إذا أجاز الابن وهو مريض ثم مات لأنها وصية، فأما إن أجاز الابن في صحة
ثم مرض وأوصى بثلث ماله فليس ذلك المال له بمال، إذا قبضه المتصدق به عليه
قبل موت هذا أو مرضه، فإن لم يقبضه حتى مرض الابن فلا شيء له لأنها صدقة لم
تُحزْ. قال أبو محمد: يريد تبطل إجازة الابن ما أجاز إن رضي أن يجوز من
وصية الأب الثلث.
من المجموعة قال ابن القاسم وأشهب: فيمن أوصى لذكرين بثلث ماله ووارثه عليه
دين محيط فأجاز ذلك فليس ذلك له وقال أشهب: لأنه وهب الثلثين وهي جائزة ...
فلم يردوها فلا ... قال ابن وهب عن مالك ... / رد الثلثين.
__________
(1) البيان والتحصيل، 13: 140.
(11/371)
في بيع المريض وشرائه وإقالته وهبته للثواب
ومساقاته ومحاباته في ذلك وفعل الحامل في ذلك (1)
من المجموعة قال ابن وهب عن مالك: لا يُمنع المريضُ أن يبيع ويبتاع إذا لم
يُعرف في ذلك محاباةٌ أو ضررٌ بالورثة. قال ابن القاسم وأشهب: وتجوز هبتُه
للثواب كبيعه. قالا: فإن باع عبداً فقبضه المشتري فأعتقه وهو عديمٌ فلا
يجوز عتقُه، قال أشهب: إلا أن يجيزه المريضُ ويخرج من الثلث. ولو قبضه
مبتاعُه ثم باعه بعد بيعه ويُتبعُ المبتاع الأول بالثمن الذي عليه. قال ابن
القاسم: وإذا كان الموهوبُ له عديماً فللورثة أن يمنعوه من بيع الهبة حتى
يؤدي قيمته.
قال ابن القاسم: وتجوز مساقاة المريض محله إلا أن يحابي في ذلك فتكون
المحاباة في الثلث، وكان سحنون ينكر هذا ولم أحفظ عنه فيه تفسيراً، والذي
يُعرف على مذاهبه إن كان زاد على سقاء مثله بأمرٍ بين فذلك مثل هبته وما
أنفذ من عطيته فهو في السقاء إلى غير ما يطول ولا يدخل على رب الحائط ضررٌ،
فإن صح فهما على شرطهما، وإن مات قبل يفسخُ. فإن حمل ثلثُه (الحائط) تم ما
صنع أيضاً، وإن لم يحمل الحائط ويحمل ما حاباه به من الثمرة لم يُنظر إلى
ذلك، وقيل للورثة أجيزُوا السقاء كما شرط وإلا فاقطعوا للعامل ثلث تركة
الميت ويفسخ/ السقاء، ولا يمكن العامل في الإنفاق من السقي، فإن طال ذلك
الإيقافُ وخِيف على الحائط أن تضيع قُسِمَ السقاءُ بينهما ولم ينتظر صحة
المريض أو موته.
قال علي عن مالك: وإذا باع غلاماً ليس له غيره فوضع منه، فإن كان قدر ثلثه
جاز، وإلا جاز منه قدرُ الثلث، وذكر ما له المريض من مقسم من سلم كما في
المدونة وأما إن كان الطعام ... ما له منه في مرضه ولا يملك إلا بهبة فأعرف
... لم تجز الورثة أن يبدأ بدينه وهو ... مما بقي ... للموصى له ثلثه ولم
يجز الورثة.
__________
(1) سنترك أيضاً في هذا الباب بياض فيما لم يظهر في صورة الأصل.
(11/372)
ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم: ومن
أسلم في ... مال منها في مرضه ثم مات ولم يترك غيرها فإن كانت تسوى رأس
المال لا ... فذلك جائز وإن ... أكثر خير الورثة بين أن ... كان مع ... حاص
المعل بما زاد منها على رأس المال مما صار له ... وضع له من قيمة ... كان
طعاماً أو غيره، وقال ابن دينار غير هذا. قال ابن القاسم: وهذا أحبُّ
إلينا.
ومن المجموعة قال عيسى عنه في مريض باع عبده بأقل من قيمته ... فإن شاء
المشتري عجَّل فسخ البيع وإن شاء المريضُ إلى ما لا يطول في وضع في القلة
ولمالك مسألة ... على شيء من هذا في الأمة في ... فتأخر حيضها ... فتوقف
خمسون ...
/ثم إن رضيا بعد ذلك إن بنوا فناءها فإن ذلك خطر ... قال: ولا إجازة للورثة
قبل الموت إذ لا يعلم لعل غيرهم يرثه.
قال سحنون: في المريض يبيع عبداً بمائة قيمته ثلاثون ومائة، ويقبض المائة
فينتقُها، ثم مات ولا شيء عنده فإن لم يُجز الورثةُ البيع بيع من العبد في
المائة الدين للمشتري، ثم للمشتري ثلثُ بقية العبد بلا ثمن، ولو قال
المبتاعُ أنا أؤدي الثلاثين تمام قيمته ويكون لي فليس ذلك له على الورثة هم
المُبدون في إجازة البيع أو القطع له بالثلث.
ومن العتبية قال سحنون: فيمن باع في مرضه داراً بمائتين قيمتها ثلثمائة
وأنفق المائتين ولا شيء له فذكر مثل ما ذكر في مسألة العبد إن أجاز ورثته
البيع بما فيه من المحاباة التي لا يحملها الثلث مضى ذلك، وإلا رده، وكان
للمشتري ثلثُ ما يبقى من الدار بعد أن يُباع له منها بالمائتين.
ومن المجموعة قال ابن القاسم: في مريض اشترى ثلاثة دراهم بدينار ليس له
غيره ثم مات فلتُرد الدراهم إلى صاحبها ويُؤخذ منه ثلثا دينارٍ.
(11/373)
قال ابن حبيب: إذا باع المريض فبت بيعه
وقبض مبتاعه وفيه محاباة فتلك المحاباة تُبدأ على الوصايا كالصدقة البتل في
المرض تمضي، قال أصبغ: وإنما يُنظر إن كان فيها محاباةٌ يوم البيع لا يوم
يموت، وإن لم يكن فيه البيع محاباةٌ مضى ولا ينظر إلى ما يجول من سوقه يوم
مات باع من وارث أو غيره، وإن باع في مرضه ورِقاً بذهبٍ/ أو ذهباً بورقٍ
وحائز في دار ما وأوصى مع ... محاباة إذ لا محاباة فيه فهو جائز ... بعد
الموت قيل قد قال قائل إنه من ملك ... الأخذ إلا لأنه لم يرد به التأخير.
قال ابن حبيب قال أصبغ: إذا باع المريض عبداً من أجنبي ... فهو كما لو أوصى
ببيعه منه إن كان قدر ثلثه- يريد بعد يموت- نفد ذلك ومضى ذلك، وإن كان أكثر
خُير الورثة بين ذلك أو يضعوا له بثلث العبد وليس له أن يعول إذا دفع لكم
خمس ثمن العبد بعد ثلثه وأخذ العبد. وقال عيسى بن دينار يمضي له منه مالا
محاباة فيه، ثم يُخير الورثة في باقيه ... له وإما قطعوا له بثلث مال الميت
في باقي العبد وليس للمشتري أن يعطيهم منه ثمنه وبادر هؤلاء لهم أن يردوا
ذلك.
ومن العتبية (1) قال عيسى بن دينار عن ابن القاسم: في الحبلى لا تفعل في
حملها شيئاً ... ستة أشهر حتى تصير منزلة المريض من يعولها يعرف ... مما
... قال: لا ولها ولا يسئل عن ذلك ... قال أصبغ: وما فعلها إذا أثقلت ...
قال مالك: في موضع آخر فذلك ستة أشهر وجعل ...
فيمن ابتاع من زوجته في مرضه جارية
بدار له وقيمتها أكثر من قيمة الجارية وأوصى بعتقها
/قال ابن حبيب قال أصبغ: فيمن ابتاع من زوجته في مرضه جاريةً بمنزل له
قيمتُه أكثرُ من قيمة الجارية وأوصى بعتقها وعليه دين محيط لا ... فإن لم
يبعها __________
(1) البيان والتحصيل، 13: 241.
(11/374)
على شرط العتق فهي مخيرة بين أن يؤدي قدر
ما حُوسب به في المنزل، وإلا ردته وتأخذ قيمة جاريتها من ماله تكون به
مبدأة في ثمن المنزل وإن باعها بشرط العتق خُيرت بين أن تحبس المنزل أو
تؤدي المحاباة ويتم بيعُ الأمة بقيمتها ويعطي دين الميت، فإن بقي شيءٌ أعتق
مقدار ثلثه من الجارية، فإن أبت المرأةُ ... ردت المنزل وخُيرت بين أن تمسك
من الجارية بما رق منها وتأخذ من ثمن المنزل ... ما عتق منها ومن قيمتها،
وبين أن يمضي بيعُها كلها ويرجع في مال الرجل بجميع قيمتها تكون مبدأة في
ثمن المنزل.
في الموصي بماله كله ولا وارث له
وفي الذمي لا وارث له يوصي بماله للكنيسة أو لا يوصي بشيء
من كتاب ابن المواز قال محمد: ومن ليس له وارثٌ وأوصى فقال: ثلثُ مالي
صدقةٌ علي، وثلثاه صدقةٌ على المساكين فلا يجوز له ذلك، لأن الوصايا مقصورة
على الثلث في السنة (1) ولو فعل ذلك الوصي على الاجتهاد جاز ذلك استحساناً.
قال أشهب: وبلغني عن علي وابن مسعودٍ وعُبيدة السلماني فيمن لا وارث له أن
يوصي بماله كله لأن له الثلث وكأنه أنفذ الثلثين فيما ينبغي أن ينفذ فيه إذ
لا وارث له، قال أشهب (2):
__________
(1) إشارة إلى الحديث النبوي الذي سبقت الإشارة إليه في هذا الكتاب حينما
قال الرسول صلى الله عليه وسلم لسعد الثلث والثلث كثير. إنك أن تذر ورثتك
أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس، وإنك لن تنفق نفقة تبغي بها
وجه الله إلا أجرت حتى ما تجعل في امرأتك وفي بعض الروايات عوض أن تذر أن
تدع، أخرجه البخاري في كتاب الجنائز ومسلم في كتاب الوصية ومالك في الموطإ
في باب الوصية بالثلث.
(2) من هنا إلى آخر الباب وهو مقدار صفحة من الأصل لم نستطع إخراجه ولم نجد
السبيل إلى استنساخه من نسخة أخرى لعدم توفرنا على نسخة للمقابلة.
(11/375)
فيمن عليه دينٌ لرجل لا يُعرف
فأوصى به له وأوصى له بوصيةٍ
من كتاب ابن المواز والعتبية (1) من سماع ابن القاسم قال مالك: ومن أوصى
لرجل بدين فلم يُعرف الرجل وطلب فلم يوجد فليُتصدق به عن صاحبه.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: فيمن أوصى لرجل بستة دنانير ولآخر بثلاثة
... الوصي فلم يعرفهُما وأقامت بيده سنين لا يُعرف لمن هي فلا يتصدق بها عن
أصحابها وقد أبلى عذراً، وكذلك فيمن قال: لفلان ثمانية دراهم من عملٍ عمله
فلم يُعرف الرجلُ.
ومن العتبية (2) قال أبو زيد عن ابن القاسم: فيمن أوصى بدين لرجل لا
يُعرفُ، قال: إن كان له ولدٌ فليُخرج الدين من رأس ماله فيوقف ويستأني به،
فإن لم يأت طالبُه تصدق به وإن كان لا ولد له والدينُ تافهٌ فعل به مثل
ذلك، وإن كان كبيراً مثل نصف ماله أو أكثر لم يجُز منه شيءٌ.
وفي الجزء الثالث في آخر أبواب الوصايا بابٌ فيه معاني هذا الباب مستوعبةٌ
وبعضُها قد يكون في هذا وهنا ما ذكرنا في ... إقرار المريض لمن يُتهمُ
عليه.
في تبدية العتق المُوصى به على الوصايا
وكيف أوجه التبدية فيه إن كان به عتقٌ دونه
أو معنىً من العتق وكيف بما يساوي من العتق (3)
من كتاب ابن المواز/ ...
/قال ابن وهب قال ربيعة: يتحاصان، قال: والرقبة بعينها مما في ملكه أو
تُشترى إن دخلها عولٌ أعتق منها محمل الثلث وكان حدودُها حدود عبد، والتي
__________
(1) البيان والتحصيل، 12: 461.
(2) البيان والتحصيل، 12: 461.
(3) سقط من أول هذا الباب نحو صفحة، هذا زيادة على عدم وضوح كثير من
الألفاظ في صورة الأصل فتركنا مكانها بياضاً مثلما فعلنا فيما سبق. وقد أدى
غموض بعض الكلمات إلى اضطراب المعنى في بعض الفقرات.
(11/376)
بغير عينها إن دخل العول اشترى بما بلغ لها
رقبة. فإن لم يبلغ أعين بها فيما يصير حُراً كله.
قال ابن القاسم عن مالكٍ: في الموصي بعتق عبده وبعتق آخر بعينه يشترى
فإنهما يتحاصان، وقال أشهب وعبد الملك يُبدأ بالذي في ملكه، قال عبد الملك:
ليتم حريته، ولعل الآخر لا يُتم شراءه بامتناع أو غيره.
قال أشهب: وأجمع العلماءُ إلا من سُرق الذي في ملكه يبدأ على الوصايا
وأكثرهم لا يبدئون الآخر على الوصايا.
قال ابن القاسم وأشهب عن مالك: إذا أوصى بعتق عبده وبأن يُكاتب الآخر
فالعتق مبدأ، وكذلك على أن يؤدي الآخر كذا فلم يعجله ولو عجله لتحاصا.
قال سحنون وقال أشهب: يُبدأ الذي يعتق على غير مالٍ، قال أشهب: فإن كان
معنى قوله يؤدي هذا إلى ورثتي كذا وهو حر بمعنى أنه حرٌ بتلاً وعليه المال
باقٍ فليعتقا في الثلث بالسهم فمن خرج سهمُه أعتق فإن بقي من الثلث شيءٌ
أعتق فيه الآخر أو ما حمل منه، وأنكر سحنون السهم في هذا وقال: يتحاصان،
والذي ذكر ابن المواز عن أشهب كقول ابن القاسم إن عجَّل إلا المال تحاصا
وإلا بُدئ الآخر إلا أن يعني أن ذلك بتلٌ على أن يبقى عليه المالُ
فيتحاصان، ولم يذكر.
/قال ابن القاسم في الكتابين: وإن أوصى بعتق عبد تاجر أو بعتق عبده الآخر
في سهم الخط الذي ... بعد الأجل بدئ معجل وقال أشهب: ... المعجل إلا أن
يكون الموصى ...
قال سحنون في المجموعة: قولي هذا أقوى من قولي في مسألة المال حين قال له
سهم ولا موضع سهم في ... قال ابن المواز وقاله أصبغ قال ابن المواز: فإن
كان ... معجل أو قريب من التعجيل والآخر إلى أجل عبد شرك، بالمعجل وأما إن
كان إلى ...
(11/377)
قال ابن القاسم: ولو قال يخدم فلاناً سنة
ثم هو حر، وفي الآخر يخدم فلاناً سنة ثم هو حر، فصاحب ... ولو قال في الأول
يخدم فلاناً سنة أو عمراً ثم هو حر تحاصا ولو كان الأجلان ... تحاصا.
ومن المجموعة قال عنه ... : في الموصى بعتقه مال مبدأ على الموصى ... لو
... إلى أجل. وإن أوصى إن كاتب ... أو عتق هذا إلى أجل المؤجل أولى، ولا
يدخل المكاتب في شيء من ... المؤجل.
قال أبو محمد: واحتج بشيء نظر أن معناه ولو ... مما لكان يبدئه من المكاتب
عنه. وقال ابن القاسم يحاص ولا يبدأ أحدهما على الآخر.
ومن كتاب ابن المواز قال أشهب عن مالك: وإن أوصى بعتق مكاتبه وبعتق عبد
عبده يحاص.
قال عنه ابن القاسم: وإن أوصى بعتق مُكاتبه وبمكاتبه/ عبدٍ آخر بُدئ بالذي
كان مكاتباً. وإن أوصى أن يكاتب عبدُه فلانٌ وأن يعتق الآخر بعد خدمة فلان
سنةً وضاق الثلث فليُسهم بينهما فمن خرج عتق في الثلث، وإن لم يحمله خُير
الورثة فإما أنفذوا قول الميت أو أعتقوا منه محمل الثلث بتلاً، فإن خرج
المعتق بعد خدمة سقطت الخدمةُ كالسنة والسنتين على الموصي أن يكاتب، وإذا
طال أجلُ الموصى يعتقه إلى أجل قال ابن المواز: وأحب إلي أن يبدأ المعتقُ
إلى سنة لأنه مثلُه ولا عجز فيه، وقاله عبد الملك.
قال ابن حبيب: قال ابن الماجشون: تبدأ الرقبةُ بغير بقيتها التي في مِلكه
على التي تُشترى، وتبدأ على التي تعتق إلى أجل، ويبدأ المُوصى بعتقها إلى
أجل غير طويل يحاص مع الموصى بكتابته، فيعتق من كل واحد منهما بقدر ما أوصى
له وتسقط الخدمة والكتابة، وهما مُبدآن على رقبة بغير عينها، والتي ليست
بعينها مبدأةٌ على الوصايا بالمال، كان ذلك كله في كلمة واحدة أو فورا بعد
فور فليبدأ الأوجب فالأوجب، وقال المغيرة وابن دينار ولا أعلم كثيراً منه
إلا قول مالك، قال ابن حبيب: وبه أقول.
(11/378)
ومن كتاب ابن المواز: وإن أوصى بعتق عبدٍ
له حاضرٍ وبعتق آخر أبق فإن كان إباق إياسٍ بُدئ الحاضرُ.
قال سحنون في المجموعة في المدبرة تلد فيأبق ولدها إباق إياس وتعتق هي في
الثلث كله، ثم يرجع الولد، إنه يُحاصها كالدين لحقها، وقال ابن القاسم:
وإذا قال: فلانٌ حر بعد موتي بسنة وفلان حر/ بعد موتي بعشر سنين، فهذا ...
يُعجل الذي إلى سنة حتى وتقارب مثل ثمانية وتسعة وخمسة تحاصا في الثلث.
وأما موصى بعتقه إلى سنة وموصى بكتابته فيتحاصان، ويقال للورثة إن لم
يسعهما الثلث إما أن يجيزوا، وإلا عتق محمل الثلث منهما ابتداء.
قال ابن وهب وعلي عن مالك: فيمن أوصى بعتق عبده معجلاً وأوصى لرجلٍ بخدمة
عبد له آخر ثم هو حر فيبدأ بالمعجل، قال عنه ابن القاسم: في عبد معتق إلى
أجل أوصى فيه بوضع خدمته وبعتاقة آخر فيتحاصان ويُحاص الذي فيه الخدمة بقية
الخدمة، وإن كان معه ... العتق ومدبر ... وكذلك في رواية يحيى بن يحيى عن
ابن القاسم.
وقال سحنون: فيمن أوصى لرجل بخدمة عبده سنةً ثم هو لفلان، وأوصى بعتق عبدٍ
له آخر إلى عشر سنين، ولم يحمل الثلث ... فيُبدأ المعتق إلى عشر سنين ثم
يجيز الورثةُ ذلك عشر العبد الآخر للرجلين وبرقبة صاحب خدمة ثم تصير رقبتُه
للآخر، فإن أبوا سلموا خدمة العبد الآخر إليهما فبُدئ فيه الموصى له
بالخدمة بقيمة خدمة الآخر ومن فضل فهو موصى له برقبة الآخر ثم أعتق هذا
العبد الآخر إذا حل الأجلُ.
قال ابن القاسم وأشهب عن مالك: وإن أوصى أن يُباع عبدُه للمعتق فإنه يوضع
من ثمنه ثلثُه ويبدأ على الوصايا.
(11/379)
ومن العتبية (1) وكتاب ابن المواز/ روى
أشهب عن مالك: فيمن أوصى أن تُشترى رقبةٌ مكفولة أو مُفدى نفسُها وأوصى
بوصايا فإنه يبدأ بالمكفولة لأنه إن دخلها العول لم تكن مكفولةً ولا تفي
نفسها، ومن كتاب ابن المواز: وكذلك لو قال: مستغنية محررة قيل لأشهب: فإن
قال مستغنية أتبدأ؟ قال نعم.
ومن العتبية (2) روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم: فيمن قال: ثلثي حر وعبد
فلان حر؟ قال: يبدأ العبد الذي سمى، فيما بقي من الثلث اشتُريت به رقابٌ
فأعتقت. ولو كان له رقابٌ لبدئ المسمى فإن بقي من ثلثه شيءٌ أسهم فيه بين
من بقي من رقيقها.
قال عنه موسى ابن معاوية: وإن أوصى بشراء عبدٍ من ثلثه- يريد بغير عينه-
فيعتق وما بقي من ثلثه ففي رقاب تعتق وأوصى بوصايا، قال: فإن ضاق الثلث
تحاصوا بالوصايا والرقبة الأولى، وإن اتسع جعل الفضل من الثلث في الرقاب
التي قال لأن من أوصى بشيءٍ بعينه وقال فما بقي من ثلثي في كذا وأوصى
بوصايا قبل ذلك أو بعد فإن لصاحب باقي الثلث ما يبقى بعد ذلك كله.
قال ابن عبدوس قال علي عن مالك: ويبدأ بالعتق على الوصية للقرابة. قال أبو
محمد: يريد العتق بعينه.
قال علي عن مالك: إذا أوصى بمال يُعالُ به في رقبة وبوصايا فقال على الثلث
فإنه يدخل فيها العول. ولو أوصى برقبة تامةٍ لم يدخل فيها العول إن كانت/
بعينها ويدخل في التي غير معالةٍ. وإذا أوصى بمثال يُعال به في رقبة فلا
يُعالُ به إلا فيما يتم فيه عتقُه.
__________
(1) البيان والتحصيل، 13: 69.
(2) البيان والتحصيل، 13: 193. ونص العتبية بالتأنيث: امرأة قالت في مرضها
...
(11/380)
وجه التبدية فيما بتل المريض
من عتق أو صدقةٍ أو عطية أو دبر فيه
مع ما أوصى به من عتق وغيره أو ما تقدم له من تدبير
وكيف بما يُبدأ من هذا بشيء بعد شيءٍ
من كتاب ابن المواز قال: اختلف قول مالك في تبدية عتق البتل في المرض أو
التدبير فيه على ما أوصى أن يعتق بعينه فقال: يبدأ المبتلُ والمدبرُ فيه
لأنه أيضاً بتلُ تدبير على الموصى بعتقه، وبه قال ابن القاسم وابن وهب وابن
دينار إن شاء الله، وقال أشهب: يتحاصان. قال: وبلغني أن مالكاً هذا آخر
قوليه.
أشهب وكأنه قال أنتما حران بعد إن مت، وإن عشتُ فأنت يا فلان لأحدهما حر
فلم يفضله عليه في موته ولكن فضله إن صح. وكقوله لرجلين: إن مت فبينكما
عشرة وإن عشتُ فلفلان منكما خمسةٌ. قال ابن المواز: ويقول ابن القاسم أقول،
ولو قال: إن مت فأنت حر وإن عشتُ فأنت حر ولم يعجل له العتق بتلاً لكان كما
قال أشهب فيه وفي الصدقة، إذ لو شاء باعه في مرضه. ولو ادان ديناً محيطاً
بيع فيه ولكان له أن يرجع فيه في حكم المريض، وينفذ قولُه فإن عشتُ فأنت حر
فيلزمه إن عاش، ولو كان (شك) / ولم يقرأها ولا علموا ما فيها فكتبوا
شهادتهم ثم مات فإن لم يشك الشاهدُ في الطابع فليشهد، وإن شك فلا يشهد إذا
لم يكن الكتاب عنده. قيل: أفلا يشك في الخاتم وقد غاب عنه؟ قال: إن شك فلا
يشهد، قيل: وإذا دعا بوصيته من عند أهله فأشهد قوماً على ما فيها أتقولون
له إقرأها فإنها كانت عند أهلك؟ قال: ليس عليهم ذلك وليشهدوا.
قال ابن المواز قال أشهب: ذلك جائز كانت مختومةً أم منشورةً قرأها عليهم أو
لم يقرأها، ولو قرأها ولم يأمرهم بالشهادة فليس بشيء حتى يقول إنها وصيتي
وأن ما فيها حق، وإن لم يقرأها. وكذلك لو قرأوها وقالوا نشهد أنها وصيتُك
فقال نعم، أو قال برأسه نعم ولم يتكلم فذلك جائز.
(11/381)
ومن كتاب ابن المواز قال –يعني مالكاً- وإن
لم يقرأها عليهم فليشهدوا، فإذا مات وعرفوا الكتاب فليشهدوا أنها وصيته
أشهدنا على ما فيها. وكذلك لو أشهدهم عليها مطبوعةً إذا عرفوها. قال: وإن
فُتحت فوجد فيها محو لا يُغير ما قبله ولا ما بعده لم يضر، وإن كان يحيل
بعض الوصية المغيرة فذلك الشيء لا يجوز إلا أن يعرفوا المحو. ولو وجدوا
لحقاً لم يُبينه لهم فلا يشهدوا عليه إلا أن يكونوا طبعوا عليها وعرفوا
خواتمه فاحملوهم ما تحملوا.
قال أشهب عن مالك: ومن شك منهم فلا يشهد إذا لم تكن الوصية عنده حتى يتبين
أنه خاتمه بعينه لم يُفض، وكان الناس قديماً يجيزون الخواتم في كتب/ القضاة
وغيرها، ثم حدث الإشهاد على الطابع، وأجوزُهم عندي شهادةُ الذي الوصية في
يديه، والآخرون يشهدون بمبلغ علمهم ويحملون ما تحملوا، وقال أيضاً: أما
الآخرون فلا أدري كيف يشهدون، وكذلك روى ابن القاسم عن مالك كما روى أشهب
من أول المسألة.
ومن المجموعة ابن القاسم عن مالك في الميت توجد وصيتُه في بيته بخطه ويشهد
عدلان أنه خطه فلا يجوز ذلك حتى يشهدهم عليها، وقد يكتب ولا يعزم، وكذلك في
العتبية (1) قال في المجموعة: وإذا أشهد جازت كانت بيده أو عند غيره.
ومن العتبية (2) قال أصبغ عن ابن وهب: في امرأة دعت قوماً إلى وصيتها
مكتوبةً فقالت: اشهدُوا على ما فيها لي وعلي وقد أسندتها إلى عمتي وما بقي
من ثلثي فلعمتي، ثم ماتت ففُتح الكتابُ فإذا فيه أن باقي ثلثي للفقراء
والمساكين والأرامل قال: فليُقسم الثلث بين العمة وهذه الأصناف، قال أبو
محمدٍ: يريد فللعمةِ نصفُه ولهذا الأصناف نصفُه، وقال ابن القاسم مثله.
__________
(1) البيان والتحصيل، 13: 300.
(2) البيان والتحصيل، 12: 471 - 472.
(11/382)
قال ابن المواز روى أشهب عن مالك: في مريض
حضره قوم فقالت امرأته أنه أوصاني في بقية ثلثه أن أنفق منه على بني فلانٍ
كل شهرٍ كذا وهو يسمع ووصيته حاضرةٌ ولم يُوقع ذلك فيها وقد كان قرؤوها
عليه وأقر بها ثم مات، فلا يجوز الذي قالت وذلك رد إلى الورثة إلا ما يصيب
الزوجة من بقية الثلث، يُعزل ذلك ويُنفق على من أقرت له في كل شهرٍ/ كما
قالقت.
وفي الباب الذي يلي تمامُ القول في الوصية تكون بيد غيره.
فيمن قال وصيتي عند فلان فصدقوه
أو قال قد أوصيته فما قال فأنفذوه
أو قال يجعل فلانٌ ثلثي حيث يراه الله
من العتبية وكتاب ابن المواز وابن عبدوس قال ابن القاسم عن مالك فيمن قال
عند موته: وصيتي عند فلان وأشهد على ذلك، وفي كتاب ابن المواز: فأشهدوا على
ذلك فلما مات أخرج الرجل وصيةً فيها عتقٌ وغيره قال: هي جائزةٌ، وأبينُ ذلك
إن كتب وصيتين وجعل بيد كل رجلٍ واحدةً فإذا أخرجاها جازتا إن اتفقتا. وفي
رواية ابن وهب في المجموعة في الوصية الواحدة بيد الذي ذكر قال مالك: على
ماذا شهد هؤلاء ما أرى إلا شاهداً واحداً وأراه يجوز في الوصايا دون العتق،
ثم قال بعد ذلك: أراها نافذةً وقاله أشهبُ.
وقال ابن القاسم في هذه الكتب عن مالك قال فيمن قال قد كتبتُ وصيتي
وجعلتُها عند فلانٍ فأنفذوها فأخرجها الرجل بعد موته ولا بينة فيها غير
البينة على قوله هذا، قال: إن كان الذي هي بيده عدلاً أنفذت، وقاله ابن
القاسم. قال العتبي قال سحنون: تنفذ كان الرجل عدلاً أو غير عدلٍ.
قال يحيى بن يحيى وقال ابن القاسم: هو كما لو قال: قد أوصيتُ بوصايا أعلمتُ
بها فلاناً فأنفذوا ما قال، إنه/ ينفذ، ولو قال: كنتُ أعامل فلاناً وفلاناً
فما ادَّعوا عليَّ فصدِّقوهم قال: فليُعطوا ما ادعوا بلا يمين.
(11/383)
ومن المجموعة وكتاب محمدٍ قال ابن القاسم
وأشهب: وإذا قال: قد أوصيتُ بثلثي فلاناً وأخبرتُه بوصيتي فصدَّقوه فهو
مصدَّق. وقال أشهب: فإن قال إنما أوصي بالثلث في ولايتي فهو مصدَّق، لأن
الميت أمر بتصديقه، وليس مثل الذي يوصي إلى فلانٍ أن يجعل ثلثه حيث يرى
فيجعلُه لنفسه أو لابنه، هذا ليس له ذلك لأنه يوصي إليه ليجتهد فلم يجتهد،
ولو أعطى لابنه وأقاربه كما يعطي الناس حسب الاستحقاق لجاز، وأكره أن يأخذ
منه شيئاً لنفسه، فإن فعل حسب استحقاقه لم آخذه منه، وقاله ابن القاسم.
وقال: فإن قال لولدٍ أوصى به جعلته كشاهد له، وكمسألة مالك إذ قال: فلانٌ
يجعل ثلثي حيث يرى. قال محمد وقال مالك في هذا إنه لا يأخذ هو منه وإن كان
محتاجاً، وإن أعطى ولده وكان ذلك موضعاً جاز. قال ابن عبدوس وروى علي عن
مالك في الذي أوصاه بجعل ثلثه حيث يراه الله لا يُجبر أن يُعطي ذلك أقارب
الميت، ولكن يعطيهم كما يعطي الناسُ. قال مالك: وإذا كان قد علم حين أوصاه
بجعل ثلثه حيث أراه [الله] أنه أراد أن يرده على بعض الورثة فلا يجوز
وليرجع كله ميراثاً.
وقال علي عن مالك: فيمن أوصى امرأته أن تجعل ثلثه حيث أراها الله فلم تفعل
حتى هلكت (1) / صحيح لفلان عشرة دنانير من مالي عشتُ أو مت فإن قام عليه في
صحته أخذها منه وإن مات المعطي لورثته القيامُ فيها فإن مات المعطي كانت في
ثلثه مبدأة وكذلك عتقُ البتل في المرض كما ذكرنا.
قال محمد: وإذا مات فصدقه البتل مبدأةٌ في ثلثه، ولو كانت له أموال مأمونةٌ
كان للمعطى تعجلها، ويكون من الثلث إن مات، وأما لو مات المعطي ثم مات
المعطى فلا شيء لورثة المعطى إذ لا تتم صدقةُ الصحة إلا بالحوز، فإذا رجعت
إلى معنى الوصية فقد مات المُوصى له قبل موت الموصي فبطلت، وحملها
__________
(1) الكلام هنا ليس تابعاً لما قبله مما يجعلنا نعتقد أن هذه الورقة في
الأصل لم توضع في مكانها المعتاد.
(11/384)
ابن القاسم محمل عتق البتل إذ لم يكُن له
أن يرجع فيها. وهو عندي مختلفٌ لأن العبد حائزٌ لنفسه بالعتق والصدقةُ لم
تُحز.
ألا ترى لو قال صحيحٌ لرجل لك عشرةُ دنانير من مالي إلى عشر سنين، وأعتق
عبده إلى عشر سنين، ثم مات السيدُ لبطت الصدقة وصح العتقُ، وقاله ابن
القاسم: إذا تصدق عليه إلى عشر سنين فمات قبلها بطلت الصدقةُ، ولو استحدث
ديناً قبل العشر سنين بطلت الصدقةُ، وإن كانت في شيءٍ بعينه إذ لم يقبض
والدين أولى بها. ولو أراد بيعها قبل عشر السنين من غير دين لحقه مُنع من
ذلك ولو كانت أمةٌ لم يطأها.
قال محمد: ولو قال: فإن مت قبل عشر السنين فهي لك لرجعت إلى ثلثه إن مات،
وإن مات المعطي قبله فلا شيء لورثته، وإن مات المعطي قبل المعطى رجعت إلى
عشر سنين، فإن مات/ المُعطى فيها قبل المعطي بطلت وإن بقي المعطى له حتى
تمت عشر السنين كانت له ولورثته إن مات فمن الثلث. قال أحمد بن ميسر: يعني
إن بقي المعطي تمت السنون كانت من رأس ماله في حياته للمُعطى أو لورثته ما
لم يمرض المعطي قبل يقبض ذلك مرض موته أو يموت فهي وصيةٌ إن كان المعطي حبا
أحدهما، وإن مات قبل ذلك بطلت.
وفي باب من أعتق عبيداً له عند موته من معنى هذا الباب.
جامع القول في الوصايا بعضها قبل بعضٍ
من المجموعة وغيرها قال ابن القاسم وأشهب: ولا ينظر إلى ما قدمه الميتُ
بالذكر في كتاب وصيته، إنما يبدأ الأوكدُ، إلا أن يقول: بدئوا كذا فيبدأ
على ما هو أوكد منه.
قال ابن حبيب قال ابن الماجشون: وإنما له ذلك في ماله أن يرجع عنه وأما ما
لا يُرجع عنه من عتق بتل وعطية بتلٍ في مرضه والتدبير فيه فلا يُبدأ بما
يقول، ولكن بما هو أولى.
(11/385)
ومن كتاب ابن المواز: وإذا أوصى بمثل صدقة
وعطيةٍ ونحوها مما بعضه أفضل من بعض فلا تبدية فيه وإنما هو في العتق.
قال مالكٌ: ومن قال ثُلثي في المساكين وفي سبيل الله وفي الرقاب ولفلان
مائة دينار نحاصوا، سواء بدأ بشيء من ذلك في كتابه أو بلفظه حتى يقول بدؤوا
كذا على كذا فيُبدأ. قال العتبي/: والتبدية في الوصايا بالأوكد، ويبدأ
عليها صداقُ المريض لأنه قد قيل إنه من رأس المال كالجناية، واختلف قولُ
ابن القاسم فيه وفي تدبير الصحة، فقدَّم المدبر مرةً وبدأ صداق المريض
مرةً. قال: ثم الزكاة الموصى بها مما فرَّط فيه، ثم عتقُ الظهار وقتل
الخطأ، واختلف فيه قولُه فقال: يتحاصان وقال: يبدأ بكفارة القتل إذ في
الظهار بدلٌ، ثم المدبر في المريض والمبتل فيه معاً ثم الموصى بعتقه بعينه،
والمشترى للعتق بعينه معاً، وقد قال يبدأ الذي في ملكه. قال: والموصى بعتقه
معجلاً والموصى بعتقه إلى شهرٍ وما قَرُبَ يتحاصان، وكذلك المعجل مع كتابة
عبده أو عبد عبده على غرم مالٍ، فإن عجل المكاتب الكتابة وأدى المال
تحاصوا، وإلا بُدي الذي لا مال له، ثم هما ثم الموصى بعتقه بغير عينه والحج
بوصاية معاً. وقد قال، يبدأ العتقُ بغير عينه على الحج.
ومن كتاب ابن حبيب ذكر قول ابن الماجشون الذي ذكرناه في باب التبدية فيما
بتل المريض، فذكر ما يبدأ شيءٌ بعد شيء إلى أن ذكر التسمية بغير عينها وذكر
أنها مبداةٌ على الوصية بالمال. قال ابن حبيب: وقد اختُلف فيما ذكر فيه ابن
الماجشون التبدية فقال ابن القاسم: المدبر في الصحة مبدأ على جميع ما ذكرنا
–يريد من بتل في المرض أو معتق بعينه أو زكاة أو كفارةٍ- قال: وبعد مدبر
الصحة/ الزكاةُ يُوصى بها ثم عتقُ الظهار وقتلُ الخطأ معاً، ثم البتل في
المرض والمدبر فيه معاً، إن كانا في كلمة واحدة وفور واحد، فأما في فور بعد
فور فالأول مبدأ، ثم الرقبة بعينها التي في ملكه والمشتراة معاً، ثم الموصى
بعتقه إلى أجل غير بعيد كسنة وسنتين ثم الموصى بكتابته، فإن طال أجل العتق
أكثر من السنتين فهو من المُكاتب يتحاصان، ثم الرقبة بغير عينها. وقال
مطرفٌ: البتل في المرض يبدأ على المدبر فيه والمدبر فيه والموصى بعتقه
يتحاصان، وذكره عن مالك.
(11/386)
قال ابن الماجشون: إذا أوصى بوصايا بزكاته
لعامه أو لعامٍ مضى وبزكاة فطره وكفارة ظهاره وقتل وجزاء صيدٍ وكفارة أيمان
فهذه الواجبات كلها لا يبدأ بعضُها قبل بعضٍ وتبدأ هي على الوصايا.
قال: وقال مالك في المدبر في المرض والموصى بعتقه يتحاصان، وقولي أن يبدأ
المدبر إذ لا يُرجع عنه ويُرجع عن الموصى بعتقه، وكذلك يبدأ على الزكاة
لأنه لو شاء قال لم يكن على زكاةٌ، ويبدأ المبتل في المرض من عتقٍ وعطيةٍ
على وصية العتق بعينه فيه، والعتقُ بعينه مبدأ على الوصايا، وقاله مالكٌ
كله ولا ينفعه إن قال: تبدأ الوصيةُ بالعتق على البتل، وإنما له ذلك في
الوصايا، فلو أوصى بهذه الكفارة أو بالزكاة وقال بدؤوا على ذلك عشرين
ديناراً أوصيتُ بها لفلانٍ لبدئت عليها، وقاله أصبغ كله قال: وهو القياس
إلا أنه قال في صدقة البتل إذا أجيزت/ في المرض.
قال أصبغ: والاستحسان أن تبدأ الوصية بالعتق على بتل العطية في المرض، قال
ابن حبيب: لا يُعجبني ما استحسن أصبغ من ذلك ولا ما ذكر من حيازة العطية في
المرض، ولا وجه للحيازة في العطية في المرض.
ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم: ويبدأ بما أوصى به من كفارة يمين
وظهارٍ وقتل الخطأ على الوصايا من عتقٍ بعينه وغيره، والزكاة –يريد يُوصى
بها- يبدأ على كل كفارة وعتق وإبتالٍ في المرض ووصيةٍ. قال: والمدبر في
الصحة مُبدأ على الزكاة، قاله مالك. قال محمد: وليس من شيءٍ في الثلث يبدأ
عليه.
قال مالك: وليس كل ما فرط فيه من زكاة وكفارة قتلٍ وغيره ثم أوصى به فلا
يكون إلا في ثلثه مبدأ، وكذلك ما كان نذره من صدقة وعتق وغيره، والزكاة إن
أوصى بها مبدأةٌ على هذا كله.
وروى البرقي عن أشهب: أنه يبدأ العتق –يريد بعينه- على الزكاة والزكاة على
الصدقة. محمد: وقولُ ابن القاسم أحب إلينا.
(11/387)
قال ابن المواز: ولو بتل عتق عبدٍ – يريد
في مرضه- ثم أوصى بزكاةٍ عليه لم يكن له ذلك، ولا يُحدث عليه ما ينقضه إلا
أن يكون ديناً، وكذلك المدبر، وإذا أوصى بكفارة قتلِ خطأٍ وظهار وضاق الثلث
فإن كان فيه ما يُعتق للقتل ويُطعم للظهار فعل ذلك إذ لا إطعام في القتل
ولو كان القتلُ عمداً لبُدئت كفارةُ الظهار إذ ليست بواجبة في العمد، وقاله
ابن القاسم في الخطأ، وإن لم يكن/ في الثلث غيرُ رقبةٍ واحدة أخرجها ورثتُه
عن أيها شاءوا، وقال أصبغ: أحب إلي أن يُخرج عن القتل لعله يتوب له مالٌ
فيكفر عن الظهار، فإن يئس من ذلك ففيما شاؤوا. قيل لابن القاسم: فإن لم
يُوص إلا بالقتل وليس في الثلث رقبةٌ أيورثُ؟ قال: لا. قيل: فيُعان به في
رقبةٍ؟ قال: عسى به.
قال أصبغ: يُعان به. قال ابن المواز: وإذا أوصى بزكاةٍ تقدمت ودبر في صحته
ثم دبر في مرضه وتزوج فيه وبتل عتقاً وأوصى بكفارات وعتق عبدٍ بعينه
وبوصايا، فقال مالك وأصحابه: المدبر في الصحة مبدأ على كل ما ذكرنا، ثم
صداق المريض، واختلف قول ابن القاسم في تبديته على المدبر في الصحة وبتبدية
المدبر، قال أصحابُه وقلنا: ثم بعد هذين الزكاةُ تبدأ على ما سُميت
الأشياءُ.
ذكر عن أشهب أنه يبدأ الزكاة على العتق بعينه، ولا نأخذ به.
ومن المجموعة ذكر قول ابن القاسم أن مدبر الصحة يبدأ على صداق المريض. وقال
عبد الملك: الصداق يبدأ عليه لأنه كالجناية، والمدبر يبدأ على العتق في
اليمين بعتق عبدٍ في صحته ليفعلن كذا فمات ولم يفعله كان المدبر قبل يمينه
أو بعد، لأن المدبر لا مخرج منه، وهذا يقدر على المخرج بالفعل.
ومن كتاب ابن المواز: وزكاة المال والحب والماشية سواء بالحصص في ضيق
الثلث، ويبدأ ذلك على زكاة الفطر لأنها سُنة ثم الكفارات ويبدأ منها ما
فيه/ عتق على الإطعام، ثم إطعام الظهار، ثم كفارة الأيمان. ورُوي عن مالك
في غير هذه الكتب أنه إنما تُبدأ كفارات الأيمان إن كانت عليه فيما علم،
وأما إن أوصى بها تحسباً وتحرجاً يخاف أن يكون عليه فلا يبدأ هذا وهو
كالوصية بالصدقة.
(11/388)
ومن كتاب ابن المواز قال: ومن يُعلم منه
أنه لا يُزكي ولعله قيل له في ذلك في مرضه فقال سأفعل إذا صححتُ فلا يلزم
ورثته إن مات إخراجُها، وأما إذا حلت في المرض فقد ذكرناه في كتاب الزكاة.
وكذلك ما عليه من كفارة في التفريط في قضاء رمضان وأوصى به فيبدأ على ما
أوصى به من نذرٍ في صدقةٍ أو صومٍ قبل أن يُفطر لسفر أو مرضٍ ثم يُقدم
فيعتق فلم يقضه حتى مات فعليه الإطعام إن صح ما يمكنه قضاؤه فيه. وكذلك إن
صح يوماً أو يومين – يريد وكذلك إن صح فلم يقضه- وقد أمكنه قضاؤه كله ثم
مات قبل رمضان آخر فتلزمه الكفارة إن أوصى بها، وكذلك إن دخل عليه رمضان
آخر ولم يقضه وقد أمكنه قضاؤه.
ومنه ومن المجموعة ابن القاسم عن مالكٍ: ومن عليه صوم شهرين متتابعين فأوصى
به فليُخرج عنه مُداً لكل يوم مبدأ على الوصايا وإن لم يذكره لم يلزم
ورثته.
ومن المجموعة قال ابن القاسم وابن وهب عن مالكٍ: وتبدأ الزكاة على كل كفارة
وعلى عتق البتل والمدبر فيه.
قال سحنون: هذا إن كانت الوصايا معاً وكانت الوصية/ والزكاةُ قبلُ، قال
أشهب: تبدأ الزكاة أن أمر بها على ما دبر ثم زكاة الفطر وكفارة اليمين،
والزكاة أولى من كفارة القتل والظهار، وقاله مالك.
قال ابن القاسم: وكفارة القتل والظهار تُبدآن معاً بعد الزكاة على كفارة
اليمين، فإن ضاق الثلث عن كفارة القتل والظهار أقرع بينهما وما كنتُ أبالي
بأيهما بدأتُ، وله قولٌ آخرُ: أن يبدأ بالقتل ثم يُطعمُ عن الظهار، فإن لم
يبلُغ أطعم ما بلغ وإن زاد على إطعام ستين مسكيناً أعين به في رقبةٍ.
قال ابن كنانة: إن أوصى بعتق عن ظهار لم يبلُغ ثلثه فليُطعم عنه. قال ابن
وهبٍ عن مالكٍ: تبدأ الزكاةُ والنذر يُوصى بهما على الوصايا. قال ابن
القاسم: يبدأ بكفارة اليمين على العتق وغيره. قال أشهب: إلا أن يوصي في
شيءٍ واجب مثل ذلك أو زكاةٍ مفروضة فيبدأ بذلك أو أوصى بذلك في فور واحدٍ
أو بشيءٍ بعد شيءٍ فلتبدأ زكاةُ المال ثم زكاة الفطر ثم كفارة الأيمان،
وليس هذا إذا أوصى
(11/389)
وأوصى بمدبر لأن المدبر لا يرجع فيه ويرجع
في الآخر فله أن يُدخِلَ معه ما شاء، ويبدأ بما أحب أن يبدئه. وإذا كان
المدبر مع الزكاة والكفارات في لفظ واحد أو كان المدبر بعد ذلك فالزكاة
والكفارات مبدأة عليه.
قال: والكلام المتصل لا ضمان بينه هو معنى قولنا في لفظ واحد. قال أشهب
والمغيرة: إذا أوصى في عبدٍ أنه مدبرٌ ثم أوصى بزكاة أو كفارات أيمان
فليبدأ المدبرُ،/ قال أبو زيد عن ابن القاسم في العتبية (1): إذا قال
مريضٌ: دبروا عبدي وأعتقوا رقبة عن ظهاري قال: يبدأ بالظهار.
وقال عنه أبو زيد: وإذا أوصى أن يُعتق عنه رقبة ولم يُسم واجبةً أو تطوعاً
فهي على التطوع حتى يُعلم أنها واجبة، وذكر مالك في سماع أشهب: في يتيم
عليه وصي أوصى بوصايا وكان قد أمر بضرب عبدٍ له حتى مات وأوصى عن ذلك بعتق
رقبة، فإن بين أنها من ذلك كانت مبدأة على وصاياه، قال أبو محمد: أراه يريد
مات من الضرب ولم يتعمد أن يقتله، وقد تقدم أن ما كان للعمد غير مبدأ إذ
ليس بواجب.
في الحج يوصي به وبوصايا غيره
وكيف التبديةُ في ذلك؟
من العتبية (2) من سماع عيسى عن ابن القاسم: ومن أوصى بعتق نصف عبد له
وبالحج بنصفه وإذا بت عتقاً بعينه يتم عتقُ جميعه وبطل الحج، وإن لم يبته
فنصفه حر ونصفه في الحج.
ومن كتاب ابن المواز: ومن أوصى بالحج وهو صرورة وبعتق بُدئ العتق إن كان
بعينه وإن كان تطوعاً على الحج، وهذا أحب إلينا، وقال ابن القاسم: يبدأ
العتقُ وإن كان تطوعاً بغير عينه على الحج. وقال أشهب: تبدأ الرقبة بعينها
على حج الصرورة، ورواه عن مالك. وإن ام يكن بعينها بدئ الحج إن كان صرورةً
وإن لم يكن/ صرورةً بدئ بالوصايا كلها على الحج.
__________
(1) البيان والتحصيل، 13: 325.
(2) البيان والتحصيل، 13: 142.
(11/390)
وروى أشهب عن مالك في الوصية بالعتق والحج
والوصايا، فإن كان عتق بعينه بدئ به وكان (العول) في الوصايا والحج، فإن
صار للحج ما يُحج به أنفذ وإن نقص بدئ بالحج على الوصايا، وإن لم تكن رقبة
بعينها فهي كالوصايا في الحصاص.
قال أشهب: إن كان صرورة، وإن لم يكن صرورة بُدئ عليه العتقُ وإن لم يكن
بعينه، وكذلك الوصايا.
وقال في مجالس البرقي: إن ام يكن صرورة لم يزد الحج على ما وقع له في
العول، قال ابن كنانة: يُبدأ العتقُ بعينه على حج الصرورة، وهو مع الوصايا
أسوة، فإن لم يبلغ في حصاص الحج ما يحج به لم يزد عليه ويحج به من حيث بلغ
ولو من مكة.
قال ابن المواز: وهو أحب إلي، وقاله أصبغ لأنه قال كان صرورة أو غير صرورةٍ
فهو أسوةٌ مع الوصايا والعتق وغيره، قال ابن المواز يبدأ كل شيء على الحج
إلا أن يكون صرورة، وقاله مالك وأصحابه. وقال ابن القاسم في مجالسه مثل قول
ابن كنانة. وروى أشهبُ عن مالك وقال به إلا ما ذكرنا من قوله فيما يقع له
في الحصاص.
وقال ابن القاسم في كتبه ورواه عن مالكٍ: أن عتق التطوع يبدأ على الحج
الصرورة. وقال ابن القاسم من رأيه: إن عبداً بعينه أو بغير عينه وكذلك
الوصايا عندي مبدأ على حج الصرورة. محمد: وقول ابن القاسم الذي وافق فيه
أصحابه أحب إلي أن يُحاص به مع الوصايا والعتق بغير عينه وحج الصرورة/ ويحج
بما وقع له من حيث بلغ وإن لم يكن صرورة فالوصايا مبدأةٌ عليه. وقاله أشهب:
وانفرد ابنُ وهب فقال: إن كان صرورة بُدئ بالحج على الرقبة بعينها.
قال ابن حبيب: وكان ابن القاسم يُبدئ الرقبة بغير عينها على الحج وكان ابن
وهب يبدئ الحج عليها. قال ابن حبيب: إن كان صرورة بُدئ الحج وإن كان تطوعاً
فهي وهو والوصايا في الثلث شرعٌ سواء.
(11/391)
فيمن أوصى بعتق عبده الآبق أو أن يكاتب
عبده
كيف التبدية فيه مع الوصايا وأوصى بعتق عبدٍ
هل يعتق من عبيده؟
قال ابن حبيب قال أصبغ: فيمن أوصى بعتق عبده الآبق أو غائب طالت عيبتُه
فلينظر إلى قيمته يوم غاب على أنه آبقٌ إن كان أبق، فإن حمل الثلث تلك
القيمة عتق، وإن أوصى بوصايا كانت الوصايا فيما بقي من ثلثه، وإن رجع العبد
فهو حر أو مات مات حراً وإن ثبت أنه مات قبل سيده كان كشيء لم يكن ورجع أهل
الوصايا إلى ثلث المال كله لا يُحسب فيه الآبق فأخذوا من الورثة ثلث
بأيديهم من ذلك وسقط قيمة العبد من المال، وإن ثبت أنه مات بعد موت السيد
قبل النظر في الثلث حاص الورثة أهل الوصايا بقيمته وتلوا ميراثه فصار لهم
ما وقع في المحاصة بقيمته.
قال ابن حبيب قال أصبغ: فيمن أوصى أن يكاتب عبدُه ولرجل بمائة دينار/ يحمل
الثلث قيمة العبد ويعطي المائة. قال: يُكاتب العبدُ بما سمى أو بكتابة مثله
إن لم يُسم، ثم يقال للورثة إما أعطيتم الموصى له المائة وخذوا الكتابة،
وإلا فأسلموا ما بقي من الثلث بعد قيمة المكاتب وسلموا إليه الكتابة فيكون
له، فإن ودى فولاؤه للميت، وإن عجز فرقبتُه للموصى له، ولو أوصى بالمائة
للمكاتب ولم يحملها الثلثُ خُير الورثة، فإما أمضوا له الكتابة والمائة
وإما قطعوا له بالثلث فتكون في رقبته حرية ويأخذ باقي الثلث.
قال ابن حبيب قال ابن الماجشون: ومن أوصى بعتق رقابٍ فأراد الوصي أن يعتقهم
من رقيق الميت وأبى الورثة إلا أن يُشترى غيرُهم وقالوا لم يرد هؤلاء، قال:
إن أعتق منهم رؤوسا وسطاً فمن له أن يشتري مثلهم فذلك له، وإن أراد أن يعتق
منهم ممن دونهم فليس ذلك له.
(11/392)
في الموصي يقدمُ بعض وصيته قبل بعض
وكيف إن قال بدئوا كذا وبدئوا فلاناً
أو فضلوه أو لا تُنقصوه من كراءٍ
من المجموعة وغيرها قال ابن القاسم وأشهب قال مالك: وليس ما بدأ ذكره
الموصي في وصيته مبدأ، وإنما يبدأ الأوكد فالأوكد وإن تأخر ذكره إلا أن
يقول بدئوا كذا فيبدأ وإن كان غيره أوكد منه، وكذلك إن بدأه على مالٍ أوصى
به من زكاة تقدمت أو كفارةٍ أو عتقٍ بعينه/ قال ابن القاسم: ولو أوصى لرجل
بمال وأوصى بحج وقال: بدئوا ذلك على ما أوصيتُ به من الزكاة لبُدئ لأنه لو
قال: علي مائة دينارٍ زكاة فأخرجوا عني نصفها لم يُخرج عنه غير ذلك، ولو
قال بدئوا النسمة التي أوصيتُ بعتقها بغير عينها على التي بعينها كان كذلك.
ومن العتبية (1) روى أصبغ عن ابن وهب: فيمن أوصى أن ثلثه لفلان ولفلانٍ
عشرة دنانير ولا تُنقصوا صاحب الثلث شيئاً قال: فالثلث له ولا شيء للآخرين،
ولو قال: ثُلثي لفلانٍ، ولفلان عشرةٌ لا يُنقص منها والثلث عشرةٌ فلا
يُنقصُ منها ولا شيء للآخر قدم العشرة في اللفظ أو أخرها، وقاله أصبغٌ.
قال عيسى عن ابن القاسم فيمن أوصى لفلانٍ بكذا ولغير واحد وقال: وفضلوا
فلاناً، قال يُفضل على أكثرهم وصيةً بقدر ما يرى من كثرة المال وقلته.
ومن كتاب ابن المواز وذكر ابن عبدوس لأشهب: فيمن أوصى أن لأحمد عشرةً
ولزيدٍ عشرة ولعاصم عشرة وبدئوا أحمد على زيدٍ وسكت عن عاصمٍ فوجدنا الثلث
عشرةً فلتُقسم بينهم أثلاثاً، فما صار للذي لم يُبدئه ولا بدأ عليه كان له
وما صار لزيدٍ رد إلى أحمد حتى يبلغ ما سمى له، ولو قال يُبدأ أحمد على زيد
ويبدأ عاصمٌ على أحمد قال: فلا يكون لزيد شيءٌ حتى يستوفيا قبله، ولا يكون
لأحمد __________
(1) البيان والتحصيل، 13: 295.
(11/393)
شيءٌ حتى يستوفي عاصم. إن كان الثلث عشرة
أخذها عاصمٌ وحده، فإن زاد على عشرة أخذ الزائد على عشرة أحمدُ حتى يُحاذي
عشرته فيكون ذلك/ لزيد حتى يبلغ عشرته أو ما أصاب منها، ولو قال يبدأ أحمد
على زيد وزيدٌ على عاصمٍ وعاصمٌ على أحمد، فلا تبدية لأحد منهم على أحد
وكأنه لم يذكر تبدئة ويتحاصون.
ومن المجموعة قال المغيرة: ومن قال: عبدي ميمونٌ يخدم زيداً عشر سنين ثم هو
حر، وعبدي مبارك حر بتلاً وخدمة زيد مبدأة عليهما جميعاً، ولا يحمل الثلث
إلا عبداً واحداً. قال: يُنظر إلى قيمة خدمة ميمون عشر سنين فيُباع ميمونٌ
ويُعطي من ذلك لزيد قيمة الخدمة ويُنظر ما بقي من الثلث فيُعجل من قيمة
مبارك لأن عتق البتل يبدأ على المؤجل. فلما شرط تبدية الخدمة عجلناها له
ثمناً وعجلنا للمبتل ما بقي، وقاله سحنون.
قال علي عن مالك: فيمن قال: لفلانٍ كذا مبدأ من ثلثي ولفلان كذا وعبدي
فلانٌ حر قال: يأخذ المبدأ ما سمى له ثم يعتق العبد إن بقي من الثلث شيءٌ
أخذ منه الموصى الآخر وصيته أو ما وجد منها وإلا فلا شيء له.
فيمن أعتق عبيداً له عند موته لا يسعُهُم الثلث
أو أعتق بعضهم بعد بعضٍ
وكيف إن كان عليه دينٌ؟
وما يجري في ذلك من السهم؟
هذا الباب مستوعب في كتاب العتق.
قال ابن القاسم وأشهب وابن وهب في المجموعة عن مالك: ومن أعتق عبيداً له
عند موته لا يملك غيرهم فليُقسموا أثلاثاً. قال عنه ابن القاسم وابن وهب:
ويجعل الخير مع الشرير، قالوا ثم يسهم بينهم فيعتق من أخرجه السهم.
(11/394)
قال عنه ابن القاسم وأشهب: فإن لم ينقسموا
أثلاثاً/ على تساوي القيمة نظر قيمة كل عبدٍ ويُسهم على أسمائهم، فمن خرج
اسمُه عتق إن كان كفاف الثلث أو أقل، وإن كان أكثر أعتق منه محمل الثلث،
وإن كان أقل أعيد السهم إلى مبلغ الثلث في عبدٍ أو بعض عبدٍ، وإن حلف غيرهم
وثلثه يحملهم عتقوا، وإن لم يحملهم فالقرعة على هذا التفسير في عتق محمل
ثلث ماله كله منهم، قال ابن القاسم: سواء بتل عتقهم في مرضه أو أوصى به.
قال عن مالك: ولو قال أنصاف رقيقي أحرارٌ أو أثلاثهم أو ثلثُ كل رأسٍ فلا
قرعة، ويعتق من كل واحد منهم ما قال أو ما حمل ثلثُه بالحصاص، وقال نحوه
أشهب.
قال ابن وهب عن مالك: ومن أعتق في مرضه رقيقاً في أيامٍ متفرقةٍ ثم مات فلا
يبدأ واحد منهم وهم في العتق سواء، وإن أعتقهم جميعاً في مرضه فقال: فلانٌ
حر وفلانٌ حر إن مت من مرضي هذا عتقوا في الثلث بالحصص.
قال سحنون: بغير سهم، وكذلك لو قال لخمسة أعبد له بأعيانهم هؤلاء أحرارٌ
بعد موتي فليعتق من كل واحدٍ ثلثُه، بخلاف قوله رقيقي أحرارٌ منهما بعد
موتي فهؤلاء يُسهم بينهم ويدخل في هؤلاء من أفاد من الرقيق ولا يدخل في
المسألة الأولى.
قال أبو محمد: وهذا الأصل فيه تفسيرٌ غير هذا وقد جرى منه في باب وجه
التبدية فيما بتل المريض وفي الأول من العتق تمامه.
قال ابن القاسم: فيمن أعتق رقيقه في مرضه أو بعد موته وعليه دينٌ يغترقهم،
أقرع بينهم من يُباع للدين ثم أقرع للعتق إلى مبلغ الثلث/ على ما ذكرنا،
وإذا خرج للدين لم يوعب الدين أعيد السهمُ حتى يوعب الدين، فيمن خرج في
عبدٍ أو نصف عبدٍ. ولا تكون القرعة عند مالكٍ إلا في وصيةٍ، ولو قال: بيعوا
رأساً منهم للدين وباقيهم أحرارٌ فليُقرع من يُباع للدين، فإن لم يف
(11/395)
كان الدينُ في بقية ماله سواهم ولو بيع
منهم بذلك شيءٌ، لأن فيهم وصيةً، ويُقرع بينهم فيعتق منهم مبلغ جميع ثلثه
بعد الدين.
قال: ومن كاتب رقيقه في مرضه ولا يسعهم الثلث فليقطع لهم الورثة الثلث إن
لم يجيزوا فيُسهم بينهم فيه كالعتق، قال ابن كنانة: إن قال في عبدين له
اعتقوهما فإن لم يبلُغ ثلثي أعتقوا منهما محمله بلا قرعةٍ فإن كان ثلثُه
مائة وقيمةُ أحدهما مائة والآخر خمسون فليعتق ثلثا كل واحدٍ (1).
__________
(1) هنا ينتهي الجزء الثاني من كتاب الوصايا. وجاء في النسخة الأصلية أنه
يتلوه في الجزء السادس عشر – من تجزئتها العشرينتة- إن شاء الله الجزء
الثالث من كتاب الوصايا والحمد لله وحده.
(11/396)
|